![]() |
🌺🌺روايه حدث بالخطأ🌺🌺
بقلم♥ دينا العدوي ♥
♥ البارت الثاني ♥
كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات
سبقهم سليمان ألى المشفى، وجد اشخاص من شركة شادي اعلمه بما حدث معه، ثم تركهم وتوجه للطبيب ما ان لمحه يخرج من غرفته مستعلمًا عن حالته، اخبره الطبيب أن حالته خطيرة تستدعي لجراحة قلب عجاله، اخبره برغبته برؤيته، فسمح له بذلك، ولج سليمان الى الغرفة التي بها شادي متوجه نحوه قائلًا:-
- ألف سلامه عليك شادي بيك، ولادي كلموني وعرفوني باللي حصل والسائق حاليًا بيجيب جودي لعندك، ابني رفض يسيبها لوحدها..
انتاب شادي الوجل على صغيرته، فقد علم سوء حالته، والآن ماذا سيحدث لها، لقد خُدع وخسر مالهُ كلهُ، كيف سيخضع للجراحة وكيف سيأتمن على ابنته، مع من وهو وهي وحيدين بتلك البلد الاجنبي، بينما سليمان كان
جلٌ تفكيره بأبنه وحياته التي قد يخسرها، شاعرًا بأن كل ما يحدث تخطيط من القدر، لذا لما لا يستغل ما يحدث لصالحه، خاصةٍ أنه قد لاحظ اعجاب ابنه بها، لذا لن يعترض وسيخنع له، لذا اردف قائلًا: -
- اسمع يا شادي ما تقلقش على بنتك، هي تمامًا زي بنتي انا ههتم بيها وكمان هبلغ المحامين يهتموا بموضوع الشركة وشريكك الخاين دا، وبالنسبة لمصاريف المشفى ما تهتم، المهم تكون بخير، ومن هنا لوقت ما تخف جودي هتكون ببيتي..
رمقه شادي بنظرة امتنان حتى اخبره بأخذه جودي لمنزله
وحقيقة علمه بوجود ابناء له، لذا هتف قائلًا بنبرة خافته نظرًا لمرضه خرجت منه الحروف متقطعة:-
- انت عندك ولد يا سليمان، ازاي جود هتقعد عندك!، ما ينفعش..
ها هو وصل للنقطه الذي يريدها، فتمهل متصنع الفكر، حتى هتف قائلًا:-
- بسيطة يا شادي، انا هطلب منك ايد جود لأبني ونكتب كتاب وبكده تأمن عليها ويكون وجودها طبيعي معانا لحد ما تقوم بالسلامة نعملهم احلى فرح...
استمع شادي لكلام سليمان، كأنه وجد وأخيرًا راحته واطمئنان قلبه على ابنته، ف سليمان شخص جيد واعماله ليس بها أي شبهه قانونيه ، كما انهم جيران منذ اكثر من عشرة اعوام، لم يرى منهم شيئًا سيئًا، كما ان ابنه جيد ويكبر جودي بأربع اعوام فقط، كان يعتقد أنه يقصد تيام، وهذا ما تركه سليمان يعتقده، لذا لم يكن هناك سبب للاعتراض، بل على النقيض سيجد وأخيرًا راحته...
لذا اماء له شادي موافقًا، فهتف سليمان قائلًا:-
- تمام انا هبعت للمحامي وانت توكلني لمتابعة القضية كمان توكلني بوصاية جود ،عشان اهتم بيها واقدر احضر الاوراق الازمه لكتب الكتاب، لأنك هتدخل العمليات خلال ساعات ...
كان الأمر سريعًا ومربكًا خضع له بخضم مرضه وقلقه على أبنته، ليومئ له موافقًا قائلًا:-
-مفيش داعي لتوكيل جود هتم ال الثامنة عشر يوم الخميس، يعني موافقه لشروط الجواز هنا ..
اماء له سليمان بابتسامه، فها هي ستكون وكيلة لذاتها وبأمكانها التوقيع على عقد الزفاف دون مشاكل، لذا عليه ان يستغل الأمر مسرعًا ويبدأ بأجرأت زواج أبنه منها...
كان هو بالسيارة طيلة الطريق مستمتعًا بقربها لأول مره، متمعنًا بملامح وجهها البريئة، جميله هي بل جميلة للغاية، بملامح ملائكيه، تستحق أن يلقبها بأميرة القصر، ويستحق أن يخشى والدها عليها بهذا المقدار، بالحقيقة لو كان والدها او شقيقها لفعل المثل بها، يخشى عليها من أمثاله، مما كان عليه سابقًا قبل تلك الحادثة..
بينما هي كانت تشعر بالقلق والوجل على والدها، هو كل ما لها، لا تعرف غيره بكل حياتها، كان والدها وأمها وصديقها دومًا يخبرها ان ما يفعله لأنه يحبها ويحميها، لا يريدها ان تتأذى، وهي تخشى من دونه البقاء، دون حنانه وعطفه، ولو أنها فقط رفعت رأسها لـ رأت نظرات والدها الحانية بنظرات آسر لها..
وأخيرًا وصلوا لوجهتهم، توقفت السيارة امام المشفى وترجل السائق لجلب المقعد المتحرك، بينما ترجلت انيلا وجود أيضًا، التي توقفت تنتظر هبوطه، حتى فعل وتحركوا ألي الداخل، استعلم تيام عنه وتجهوا له مستقلين المصعد، حتى الطابق المعني، كان حينها سليمان قد خرج يحادث المحامي للقدوم، تفاجئ بهم امامه، ظلا لوهله مندهش لرؤية أبنه معهم، حتى انقشعت الدهشة عن محياه
شاعرًا أن ما فعله كان الصحيح، لقد خرج ابنه وأتى لهنا من اجلها، تلك التي تكاد تبلغ الثمانية عشر من عمرها، والآن سيتابع ما يفعله، حتى يحيا أبنه معافيًا....
اوقفهما، ورحب بها مشيرًا لها بالدخول لغرفة والدها، مانعًا كلًا من ولديه بالولوج لأمرًا خفي عنهما، هتف آسر قائلًا:-
- هو عامل إيه دلوقت!.
اجابه قائلًا:-
- للأسف حالته خطيره يا آسر وهيخضع لجراحه خلال ساعات، غير ان اتضح ان شريكه خدعه هو ومحاميه الخاص وكان واخد قروض من الدولة هنا بضمان المشاريع وحالته المادية متأزمة دلوقت، وانت عارف الدولة هنا ما بتتنزلش عن حقها، خاصةٍ انه مش مواطن هنا عكس شريكه الهولندي ..
اومئ له بقلق قائلًا:-
- وأيه العمل دلوقت يا بابا
اخبره قائلًا:-
- مؤكد هيحجزوا على البيت وكل ممتلكاته، وانا طلبت منه توكيل لأدارة القضية واعماله محاولة حل الازمه دي وهبلغ رجلتنا يبحثوا عن شريكه الهولندي..
ثم صمت قليلًا وتابع قائلًا:-
- وكمان قررت أن جود بنته تعيش معانا، وأني اجوزها لحد فيكم...
صدمه، كلماته كانت صادمه له، جود تعيش معهم، تتزوج من أحدهما، مؤكدًا شقيقه هو المناسب لها ولعمرها، انما هو قعيد، لذا صمت بملامح واجمه متألمة، تابعها والده بدقه، وما كاد تيام الحديث، حتى رمقه بغمزه جعلته يتفهم ما يفعله والده، وتمنى هو الاخر السعادة لشقيقه، فقد تكون تلك الصغيرة سببًا له حتي يتابع علاجه ويحيا، فالجميع غافل عن أصابته بالسرطان، لم يعلم سوا والده الذي اكتشف منذ ايام ولم يخبرهم عنه، لذا هو كان عزم على زواج ابنه عاجلًا، والقدر هو من وضعها بطريقه، لتيسير الأمور.....
بقى هو موضعه بمقعده بلا حيلة، بينما ابتعد سليمان عدة خطوات مشيرًا لتيام ان يتبعه وهكذا فعل هو، تتبعه حتى توقفوا بمكان بعيدًا عنه نسبيًا...
تنهد سليمان وبدأ يخبره بما يخطط له قائلًا:-
- اسمع يا تيام، هتدخل تتعرف على والد جود على إنك اللي هتخطب جود وتتجوزها..
طالعه تيام باندهاش، فأستطرد سليمان قائلًا:-
- اكيد مش هعرفه بـ آسر ان هو اللي هيتجوز بنته، أكيد هيرفض، وأنا محتاج الجوازه دي تتم يا تيام، اللي حصل دا تمرد من القدر عشان اخوك انت فهمني!..
لم تنقشع صدمته وهو يستمع لحديث والده يطالبه بالكذب والخداع لا يصدق، فهتف متلعثمًا:-
- انت عايزني اكذب عليه واخدعه!..
لم يجد سليمان مفر من اخبار تيام بحالة شقيقه فأردف قائلًا ما بجوفه ويخفيه عن الجميع، يؤرق مضجعه ويرهقه دفعه وحده:-
- اخوك مصاب بسرطان وممكن يضيع مننا والحل الوحيد انه يتجوز ويخلف عيل من صلبه لأن لا انا بمقدوري اتبرع له بنقي العظام لمرضي ولا انت بمقدورك لأنك غير متطابق معه..
صدمات متتاليه، لكن هذا أقساها، الا يكفي شقيقه انه قعيد ليصاب بالسرطان وأنه قد يفقده، وأيضًا انه لا يمكنه هو التبرع له وانقذه، كل هذا كان كسياط ترجم روحه، فهو يحب شقيقه كثيرًا ولا يمكنه احتمال فقده، لبرهه لم يستعب لما هو غير متطابق معه، أُليس شقيقه وهو اولى بأنقاذه والتبرع له، ولم يفكر أيضًا كيف علم والده بهذا، لم يفكر غير انقاذه وان كان لا يمكنه والطريقة الوحيدة لإنقاذه الزواج والانجاب فليكن، سيفعل كل ما يلزم لأجله، لن يسمح للموت بسرقته منه، في ثورة مشاعره تلك اومئ لوالده وهو لا يفكر بغير شقيقه ونسى كلاهما تلك الصغيرة ووالدها الذي وثق بهما ...
****
بالداخل، ولجت جود مسرعة ألي الغرفة متوجه الى والدها المسجى علي الفراش بشحوب، ومن خلفها كانت أنيلا، فبينها وبين هذا الرجل عشرة عمر حوالي الثمانية عشر عامًا، كانت جود ما تزال رضيعه حينما جاء بها ألي تلك البلدة وقام بتسجيلها كمواطنه بها، حينها طلب منها ترك الدير والاهتمام بها، وهي فعلت واستجابت له، شيء ما بداخلها حينما رأت تلك الصغيرة جعلها تذعن له، وخاصةٍ من اجلها...
انحنت جود بنحيب تحتضن والدها شاعره بالألم لحالته الواهنة تلك، قائلة من بين عبراتها وشهقاتها:-
- بابي حبيبي ارجوك قوم، كون بخير عشاني، وانا مش هزعلك خالص ولا هطلب منك اخرج من البيت..
رفع ذراعيه بوهن يربت عليها بحنان قائلًا:-
- اهدي يا جود، أنا بخير، عايزك تسمعيني كويس
ابتعدت عنه تناظره قائلة بقلق:-
- خير يا بابي
هتف قائلًا بوهن:-
- جود انتِ كبرتِ وبقيتي آنسه، وأنا حابب اطمن عليكِ خاصةٍ أن أنا هدخل عمليه ومش عارف اذا هخرج منها عايش او لا...
- هتفت سريعًا قائلة:-
-- بعد الشر عليك يا بابي
بوهن وكلمات متقطعة هتف قائلًا:-
- دا عمر وقدر يا جود وانتِ عارفه دا كويس. عشان كده انا قررت انك تتجوزي عشان اطمن وكون مرتاح..
رمقته بنظره مندهشة مردده كلمته، تلك التي التقطتها اذنيها كجمره رجمت بها:-
- اتجوز!.
اومئ قائلًا؛-
- ايوة تتجوزي يا جود!، سليمان بيك جارنا اللي جيتي مع أبنه، هو طلب ايدك للجواز بأبنه وانا وافقت، خلال يومان وهتكونِ بالثامنة وهيتم جوزاكم بقانون البلد وكمان تكتبوا كتاب بأقرب جامع على يد مأذون وبعدها تنتقلي وتعيشي معاهم بالبيت ..
- كانت تشعر بتيهه، اي زواج وممن تحديدًا!، فهتفت قائلة باعتراض:-
-- بس أنا مش عايزة اتجوز يا بابتي انا عايزة اعيش معاك وبس..
زمجر بأعياء قائلًا:-
- جود حبيبتي اي بنت بالنهاية لازم تتجوز وانا عشت طوال عمري بحلم باللحظة دي، لما قلبي يطمن عليكِ واسلمك لعريسك وانا قدرت احافظ عليكِ، عارف أني حرمتك من حاجات كتير، بس غصب عني، خوفي عليكِ ومنك هو السبب، انا هسلمك لعريسك ورده هتفتح على ايده هو، هيفهمك ويعلمك كل اللي مقدرتش افهمه ليكِ، واللي مريحني ان سليمان بيك شخصيه محترمه وابنه كمان زيه شخصيه محترمه، اجتمعت بيه مره واتنين..
لا تدري لما خطر هو على بالها، فداهمها شعور بالراحة يتسلل بأعماقها، فأومئت لوالدها بصمت، كما اعتادت ان توافقه على كل ما يريد، بالنهاية هو محق كما يكون دائمًا وكما يقول أنه يحبها ويفعل ما يفعله لأجلها وأنه ادرى الناس بما هو افضل لها، لذا هتفت قائلة بخنوع:-
- اللي تشوفوا يا بابتي، بس أنا مش هسيبك، لو هتجوز يبقي اعيش معاك..
ابتسم لها رغم وهنه، شاعرًا بالوجل عليها من مستقبل مجهول، لا يدري أن كان به سيكون أم لا، يتمنى أن لا يكون أخطأ بحقها وأن كل ما فعله كان الأصح!..
بعد عدة دقائق، اشار لـ انيلا بأخذ جود الى الكافتيريا قليلًا مبعدًا إياها عنه حتى تكُف عن بكاءها..
استغل سليمان الامر ودلف هو وتيام تاركًا آسر بالخارج، بصره معلق بها وهي تبتعد بشجن، ما أن دخلا الغرفة حتى توجها الى فراش شادي واردف قائلًا بابتسامه متوترة:-
- ابني حابب يطمن عليك يا شادي
اردف تيام قائلًا:-
- الف سلامه عليك يا سيد شادي
بوهن ارتسمت بسمه على شفتيه مرحبًا به قائلًا:-
- الله يسلمك يا ابني، أنا كنت حابب اتعرف عليك فعلًا قبل الجراحة، واقولك أننا سعيد لمساندتك ل جود واقولك ان جود غير كل البنات، جود ما لهاش علاقه بحد، كل علاقتها بيا وبالمربية، ما كانتِ بتخرج منه غير معايا بس
من خوفي عليها من المجتمع الغربي اللي احنا فيه حبستها...
ابتسم تيام وهتف بدون وعي قائلًا:-
- عارف ان اميرة القصر عمرها ما خرجته غير معاك وان اقصاها حديقة البيت و ورودها..
انتبه تيام لمقولته تلك، وازاح بصره بارتباك
بينما جعد شادي حاجبيه معًا، من ذاك اللقب الذي انسبه لأبنته، لكن سرعان ما تبدلت لابتسامه، وهو يدرك مغزى حديثه، وشعر بالراحة كونه لم يرغم على ابنته بما أنه يعلم عنها جيدًا، ولا يدرك أن الاخر هو من لقبها به، ومن علم نمط حياتها، بل وينتظر رؤياها كل يوم وهي تهتم بحديقتها الصغيرة، لذا اردف قائلًا بنبره قلقه:-
- خد بالك منها وحافظ عليها اذا جرالي حاجه هي امانتكم..
ازدرد تيام ريقه بقلق وضيق من ذاته، سريعًا ما تلاشى وهو يتذكر نظرات اخيه وقلقه عليها، عالمًا انها أن كانت له سيعطيها كل الحب والحنان الذي تتمناه، لذا اومئ برأسه قائلًا بثقه:-
- ما تقلقش عليها، اوعدك هتكون بخير وهتلاقي كل الحب والحنان اللي تتمناه!..
اتسعت ابتسامة شادي وتسللت الراحة ألي اعماقه قائلًا:-
- على بركة الله يا سليمان، بعد وعد ابنك، انا مطمن على بنتِ معاكم..
ابتسم سليمان براحه هو الاخر، فقد اقترب من تحقيق هدفه وهو شفاء ابنه القريب، واردف قائلًا:-
ـ المحامي على وصول..
اومئ له، بينما طلب من تيام الخروج لرؤية جود والمربية، رامقًا اياه بغمزه قد فاهمها، وهي أن يذهب لشقيقه قبل أن يلاحظ غيابهم ويأتي إليهم، لذا اذعن له وخرج، وجد شقيقه شاخص البصر موضع ذهابها، فشعر براحة الضمير الذي كان يؤلمه منذ قليلًا متأكدًا ان وعده له سيكون، فشقيقه سيعتني بها وهي ستعتني به، لذا توجه نحوه قائلًا:-
- سرحان في ايه يا كبير، تعالى معايا نروح لأميرة للقصر الكافتيريا لأنهم طالبين منا جوا نروح لها وما نسبهاش لوحدها..
خفق قلبه بنبضه وهو يومئ له، ليحرك تيام المقعد ألي وجهتهما، حتى وصلوا الكافتيريا ووجدها جالسيه على احدى الطاولات برفقة مربيتها، يتناولان شيئًا ما، توجها نحوهما واردف تيام قائلًا بنبره مازحه:-
- لدينا اوامر عُليا بمكوثنا هنا والاهتمام بالفتيات خوفًا عليهن من المتربصين لجمالهن
بينما آسر كانت عينيه عليها، ملتقط ما تشربه، اتسعت عيناه دهشه لوهله، حتى انقشعت دهشته وابتسم بداخله حينما ادرك انه حليب، اذًا اميرة القصر تعشق الشوكولا التي دومًا ما تتناولها اثناء روي الازهار وايضًا تفضل الحليب، أنها كالأطفال تمامًا، بريئة..
بينما هي شعرت بالخجل، لم تجيبه ولم ترفع راسها عن مشروبها، شاعره بتوتر غريب من وجود كلاهما حولها،
حتى حاول تيام جذب حديث ومزاحتها مره اخرى، فهتف قائلًا:-
- ماذا تشربين حتى اطلب مثله!
اجابته بنبرتها الإنجليزية الخافتة قائلة:-
- حليب
اتسعت عيناه بصدمه، سريعًا ما تحولت لقهقهه عالية قائلًا:-
- حليب يا الهي لا اصدق انكِ ما تزالِ تشربين حليب يا صغيرة
هنا واردفت قائلة بنبرة شجن : -
- لستُ صغيرة، لكن الأمر انني فقط احبه، واعتاد شربه، انه يهدئ من توتري..
تضايق آسر من شقيقه، واردف قائلًا بابتسامه وبنبره حانيه:-
- انتِ محقه انكِ كبيره وان الحليب يهدئ من التوتر، لذا سأطلب مثلك أيضًا..
- ثم وجه حديثه لشقيقه قائلًا:-
احضر لي كاس حليب لي ولك تيام..
اردف تيام معترضًا قائلًا:-
- لك حسنًا ولكن لي لما!، انا لن اشرب حليب مثلكما، إذا رأني احد سأتبهدل مؤكدًا..
اردف آسر بتأكيد وحزم باللغة العربية، خضع له تيام:-
- هتشربه يا تيام وفورًا، زي ما زعلتها هترضيها وتشربه قدامها، كعقاب ليك مفهوم، يلا اتفضل قوم ..
اندهشت جود للحظات من حديثهم للعربية، ومحادثتها بالإنجليزية، لذا اردفت بهدوء وبراءه قائلة بتساؤل:-
- ليه مش بتكلموني عربي، أنا بتكلم عربي
توسعت نظراتهم بصدمه دامت لوهله، حتى اتسعت ابتسامة آسر قائلًا:-
- ما كنا نعرف أن أميرة القصر بتتكلمِ عربي زينا، حقيقي مفاجأة حلوه لينا وصوتك بالعربي حلو جدًا...
رفرفت بأهدابها بتوتر قائلة بتلعثم:-
- مين تقصد بأميرة القصر!..
بذات البسمة اردف قائلًا:-
- في هنا اميرة غيرك.!.
شعرت بالخجل الشديد يعتريها واشاحت ببصرها عنه، واختضبت وجنتيها بالحمرى مما جعلها جميلة وبريئة للغاية
ليهمس بداخله أنه طفلة لذيذة، تثير بداخله مشاعر لم يعرفها مطلقًا من قبل حماية ومسئوليه، وكأنه تخصه..
***
بينما بغرفة شادي كان سليمان والمحامي الذي أتى فور اتصاله ومعه الاوراق الازمه، وقع عليها شاد وانتهى، بينما آتى الطبيب وقام بفحصه واخبره أن عليه التجهيز لولوج العمليات خلال دقائق معدودة، فطلب من سليمان جلب ابنته حتى يراها قبلًا، اومئ له سليمان وتوجه لجلبها منهما، كاد آسر ان يلحق بهما، لكنه اخبره أن يبقى هو وتيام هنا، اذعن له مرغمًا، رامقًا أياه بنظرة حانيه مشجعه قائلًا:-
- ما تخافيش هيكون بخير أن شاء الله
اومئت له وذهبت معه الى عند والدها، الذي قام بتوديعها ويوصيها بالاعتناء بذاتها اذا أصابه مكروه واوصى سليمان بها مجددًا وأن يعجل من زواج أبنه منها حينها ولا يكيل بالانتظار، فقط ما ان تتم الثامنة عشر، حتي يعقد قرانهما، اومئ له سليمان بهذا، بالنهاية هو من يرغب بالتعجيل من اجل صحة ابنه، بينما اتى تيام الذي تسلل مدعيًا ولوج المرحاض وقام بتوديعه هو الاخر، وهكذا ولج سليمان غرفة الجراحة، لتنخرط جود بالبكاء الحاد خاشيه على والدها الحبيب كل ما لها، لذا توجه تيام لجلب آسر الذي تركه بالكافتيريا، حتي يكون هو برفقتها ومواساتها، حتى يتقربا معًا...
آتى اليها آسر الذي كان يتألم داخله بشدة لرؤية عبراتها، محاولًا مواساتها، حتى مر عدة ساعات وخرج الطبيب معتذرًا منهما، يخبرهم أن المريض فقد حياته، حينها انهارت جود بشدة، لا تستعب فقدانها لوالدها، وأنه غادرها تاركًا أياها وحيده، ظلت تبكي حتى اغشي عليها، فسقط قلب أسر حينها ولم ينتبه لذاته وحاول النهوض لالتقاطها، لكنه لم يستطع، فلعن حالته تلك، فتقدم تيام والتقطها وتوجه بها ألي احد الغرف وقام الطبيب بحقنها بمهدئ، لتغفو فورًا، بينما ظل آسر وأنيلا معاها بالغرفة، كانت عين آسر لا تحيد عنها بألم لرؤية ملامحها الحزينة وتلك العبرات العالقة بأهدابها، صغيره هي على كل ما تمر به، حتى تصبح وحيدة بلا أحد، لكنه اقسم على البقاء بجانبها هو وعائلتها، سوف يعينها على تخطي ما حدث، واكمال دراستها حتى تستطيع الاعتماد على ذاتها....
****
ليلًا في مصر، تحديدًا بقصر عائلة السيوفي، توقفت سيارة آدم، ترجل منها متعبًا بعدما واخيرًا انهى كل أعماله، دخل ألي الهول وجد امه وزوجة عمه جالستان فقط، القي السلام عليهما، ثم قام بسؤال والدته عن الجميع، اخبرته بأن سيدرا ونادر بغرفتيهما وامروا بإحضار العشاء لهما، بينما ميار بغرفتها تنتظر ظافر الذي لم يأتي عجج بعد، وكذلك نيرة التي عادت منذ عدة ساعات وتوجهت صوب غرفتها ولم تراها بعدها، امتعضت ملامح سناء من حديثها عن ابنتها، لترمقها صفيه بلا اهتمام، فهي لا يعجبها هذا الحال ان يخضعا كلا ولديها لزوجتهن بتلك الطريقة، بينما قطب ادم حاجبيه بضيق واستأذن منهم صاعدًا الدرج اليها، ما ان اوشك على الولوج ، حتى سمرت قدميه امام الباب حينما استمع لحديثها عبر الهاتف مع احدهم، جعل الصدمة تلجمه وتجمد جسده للحظات، حتى صك على نواجذه بغضب، وشعر بقلبه يتألم مما استمع له، كاد ان يلج الغرفة مستفهمًا منها والتأكد مما سمع، لكنه اختار الانتظار للغد حيث موعدها المنتظر وحينها سيفهم كل شيء، لذا عاود ادراجه
هابطًا ألى غرفة مكتبه محاولًا ضبط لجام غضبه عنها....
****
كانت ميار جالسه أمام مرآتها تصفف خصلاتها الفحمية بعنايه، تاركه اياه منسدلة، بينما ترتدي قميصًا بلون الأحمر
وصبغت شفتيها بذات اللون، ثم نثرت عطره المفضل غلى حسدها، ما ان انتهت حتى طالعت ذاتها برضى، ثم توجهت الى الطاولة تتأكد من أن كل شيء على ما يرام، الطعام والشموع، أيضًا هديتها له وتلك الكعكة الصغيرة المطبوع عليها صورة زفافهم والتي قد اوصت عليها بوقت سابق، فاليوم ذكرى زواجهم الأول وأرادت مفاجأته بتلك التحضيرات، لكنه تأخر ولم يُعد بعد!، ظلت على وضعها حتى مرت ساعه يليها اخرى، ألى ان باتت الحادية عشر، لذا حزمت قرارها بالاتصال به، جذبت هاتفها وفعلت، رنين يتصاعد وهي تنتظر....
كان هو حينها بمكتبه أمامه العديد من الاوراق يراجعها، انتبه للرنين لكنه تجاهله بالبداية، حتى تصاعد مرة اخرى، فنظر له بضيق لوهله ثم أجاب دون ان يزيح عينيه عن الاوراق قائلًا:-
- ميار أنا مش فاضي دلوقت عندي شغل كتير ولسه هتأخر، نامي انتِ ما تستننيش..
أنهى حديثه واغلق دون اهتمام بها وبمشاعرها، بينما هي شعرت بنيران تحرق قلبها وانسابت العبرات من مقلتيها والهاتف ما يزال على اذنيها، انزلته ببطيء وهي تتألم من جفاءه معها، لقد ارادت صُنع شيء مميز له بهذا اليوم، ارادته أن يتذكر ويجلب لها هديه وتسعد وتقضي ليلة رومانسية معه نثل اي حبيبين، لكنه يحرمها من كل شيء قربه وحبه وتلك اللحظات البسيطة معه التي تحلم بها، ظلت تبكي بصمت وهي تنهض تنظر لكل ما صنعته له بحب، طعامه المفضل التي صممت على تعلمها وصنعها بذاتها، وكعكة زفافهم وصورتهما المطبوعة عليها والتي توصف ما هما عليه، ابتسامه مرتسمه على محياها، بينما ملامح وجوه هو متجهمه، ظلت تتأملها للحظات ومازالت عيونها تذرف الدموع، حتى تلطخ وجهها ببقايا مكثف الرموش، ثم قامت بإشعال الشموع وهتفت قائلة بنبرة شجن وانكسار:-
- عيد جواز سعيد ميار، افضلي حاولي وانتِ من جواكِ واثقه انه عمره ما هيحس بيكِ، انتِ بالنسبة له جوازه وانغصب عليها وبس، ما تحلميش بأكثر من كده...
قالت ما قالت وهي تشعر بروحها تحترق، رفعت اناملها وقامت بإطفاء الشموع بها دون تأثر ، فالألم بداخلها اضعافًا، ظلت تدور بالغرفة تطفئ كل الشموع التي أضاءتها بذات الانامل المحترقة الى ان انتهت، ثم توجهت ألي الفراش تتمدد عليه متخذه وضع الجنين، تاركه لدموعها حرية الهطول والتعبير عن حزنها، ملوثه وسادتها، ظلت على حالتها تلم لبعض الوقت، حتى غفت هاربه من هذا الألم
***
بينما هو أنهى واخيرًا عمله، ثم صعد سيارته واتى الى المنزل، ما ان دلف حتى وجد ضوء المكتب منشغل، لذا طرب بابه، اذن له ادم بالدلوف دلف إليه بخطى مثقله فهو متعب من ارهاق العمل الكثير هذه الايام لأنشاء المصنع، وجده هو الاخر يعمل، لذا ارتمى بجسده على المقعد قائلًا:-
- أنت لسه بتشتغل يا ادم، انا فكرت انك بترتاح وتفاجئت بضوء المكتب شاعل..
اردف آدم قائلًا:-
- انت عارف الضغط، بس أنت ليه برا البيت لدلوقت يا ظافر...
اردف قائلًا:-
- لسه مخلص الشغل اللي في ايدي دلوقت وجيت على طوال، عايز ارتاح بجد مش قادر..
هتف ادم جبينه بانزعاج منه قائلًا:-
- انت فاكر النهاردة ايه في الشهر يا ظافر
اماء له ظافر بعدم فهم قائلًا:-
- النهاردة تسعه ابريل على ما اعتقد يا ادم ليه!.
ابتسم آدم بسخريه قائلًا:-
- والتاريخ دا مش بيفكرك بحاجه!.
ظلا يطالعه بعدم استيعاب دام للحظات، حتى طرق آدم المكتب بغضب، أجفل ظافر وهو يستعب ما نسى، فهتف قائلًا بتفاجئ:-
- النهاردة عيد جوازنا!..
ثم طالع ادم البادي الحزن على ملامحه قائلًا:-
- نسيت خالص يا ادم من ضغط الشغل، انا هطلع اشوف ميار بسرعه..
- قال ما قال وهو ينتفض متوجه الى غرفته مسرعًا، بينما تبقى آدم موضعه يطالع صورة زفافه هو ونيرة بنظرات مبهمة، فلم يسبق له نسيان عيدهم يومًا دائمًا ما يدللها ويأخذها للعشاء بالخارج واحضار الهدايا لها، بينما أخته هي الاخرى تسعى لنيل عشق زوجها بكل الطرق، يبدو أنه هو واخته يمتلكان ذات القلب الفياض بالمشاعر واللذان يتألمان بسببه...
" فهذا هو العشق يا ساده، ليس إلا جحيم ، لكنه جحيم من قوس قزح "...
**
وصل الى الغرفة وتوقف أمامها يأخذ شهيق يليه زفير، قبل ان يقوم بفتحهُ والولوج الى الداخل، صُدم من رؤية الطاولة مقابله، بحث بعينيه بالغرفة وجد ميار متخذه وضع الجنين غافيه، شاعر بغصة تعتمل قلبه وهو يتوجه للطاولة يطالع كل ما حضرته له، ثم اتخذ عده خطوات الى الفراش حتى هالهُ ما رأى وجهها الباكي الملطخ بدموعها، شعور مغزي شعر به، وهو يرى صنيعة يديه بها، تلك الصغيرة التي تعشقه وتمنحهُ اياه بكل رضا، لا تكل او تمل من محاولة جذبه اليها، لكنه يمتلك قلب قاسي، قلب من صقيع لا يشعر بها!، يكذب أن ادعَ أن العمل هو من انساه، بل للحقيقة هو كاره لهذا اليوم، ذاك اليوم الذي شعر وكأنه كُسر به شيء، هو يجبر على زيجه لا يرغبها، زيجه جعلته يخسر الفتاة الوحيدة الذي عشقها، لا يزال يتذكر نظراتها المنكسرة له وهي تحادثه بأنه خذلها، وهو قد فعل، اختار سعادة ميار على سعادته وسعادتها، خشى ان يُكسر قلب صغيرته وكسر قلبه وقلب معشوقته، لذا هذا اليوم يترك له الكثير من الذكريات السيئة والذي لا يرغب بتذكرها، واهمها أنه لم يتمكن حتى من أسعادها ومنحها ما ترغب به، قلبه العاصي الأبي لعشقها!..
جثى على ركبتيه امامها، يمد انامله بارتجاف اتجاه وجهها يزيح خصله الصقتها دموعها، ثم مسح وجنتيها منها هامسًا لها بالأسف، لحظات ونهض ينزع عنه سترته، ليلقي إياها بإهمال، ثم نزع حذائه، وتمدد بجانبها يجذبها ألى احضانه ضاممًا اياها ألي صدره بقوه، حتى تأوهت شاعره به، لتفرج جفونها عن مقلتيها حتى تطالعه، لتتفاجئ بوجهه يميل عليها مُقبل كلتا عيونها الباكيه هامسًا بالأسف، لم يعطيها الفرصة للحديث والاعتراض وهو يقبل كل ما يقابله بوجهها هامسًا بذات الكلمة حتى انهاها بأرتشاف رحيقها، والذي أخذه للحظات كثيره من الاسف والتي جعلت جروح قلبها تلتئم من مجرد قربه منها، فتقبلته منه ومنحته الغفران والعشق الذي لطالما منحته له دون ملل، وهكذا انتهت ليلتهم سويًا، تستقبل منه الأسف وتمنحه مشاعر محمومة بالعشق من قبلها..
ببنما في هولندا ظلت جود نائمه بفعل المهدئ، وكلًا من انيلا وآسر برفقتها، رغم تعبه وارهاقه الواضح ألا أنه رفض تركها وحدها، حتى اصر والده حجز غرفه جانبيه له للانتقال بها ومعه تيام شقيقه ، حتى تكون انيلا معها بحريتها، واذا استيقظت جود، حينها يساعده شقيقه للذهاب لها، وهذا ما حدث، بينما بدأ هو بأجرأت اخراج الجثمان من المشفى لمباشرة دفنه، وقرر تجاهل البحث عن اي افراد عائله لهما، حتى لا يمنعه احد عن زواجها بأبنه، حتى انتهى من كافة الاجرأت
مقررًا دفن الجثمان بالصباح.....
ينبع