القائمة الرئيسية

الصفحات

حورية بين يدي شيطان الفصل الثامن حتي الفصل الرابع عشر بقلم رحمه سيد كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات

 

حورية بين يدي شيطان 

الفصل الثامن حتي الفصل الرابع عشر 

بقلم رحمه سيد

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات


بدا الزمـن كأحدى الأطلية الصلبة التي غطت على حياتهـا.. ظلت متصنمة مكانها تحاول إستيعاب ما اخترق اذنيهـا كالرعد.. أيُعقل عاصي سيتزوج ؟!!... 

ستشاركها أخرى به...؟؟ 

ولكن شيء داخلها سخر منها وبقوة.. ومنذ متى وعدك هو بغير ذلك !!؟... هل معاملته اللينة التي يغدقها بها فطريًا تعني حبًا.....ام غيرته الرجولية الشرقية على من يخصونه تعني حبًا..!! 

ربمـا معانيهم الحب فعليًا... ولكن أماكنهم خطأ.. ووقتهم اكثر فداحة وخطأ !!.... 

قطـع ذلك الصمت الذي خيم على عقول الجميع كاتمًا رنين افكارهم صوت والد ريهام الذي قال بصوت رخيم :

-ولكنهم لم يتعارفوا بشكل جيد يا سيدتي.. لذلك لا أحبذ فكرة عقد القران الان ابدًا 

حينهـا تدخل عاصي ساخرًا :

-وأنت لم تعطني الفرصة يا سيد زاهر، أنا كدتُ أكمل كلامي أنني أريد ذلك ولكن أفضل الانتظار قليلاً... 

اومأ زاهر موافقًا... وريهام كانت تنظر بصمت.. وكأنها تود سبر أغوار عاصي الذي كان كاللغز الصعب لها.... !! 


غادرت حور سريعًا بمجرد ان سمعت موافقته المبدئية على عقد القران ولم تستمع لباقي حديثه الذي ربما كان يرطب جروح روحها الغائرة ولو قليلاً...! 

انتهت تلك الجلسة اخيرًا وغادر الجميع ليبقى عاصي مع والدته... فظهرت مشاعره الحقيقة التي كانت مغطاه بقناع الجمود.. ليغوص الغضب بين حروفه وهو يزمجر فيها بانفعال :

-ألن تكفي عن أخذ قرارات تتعلق بحياتي يا أمي ؟؟ إلى متى ستتحدثين على لساني وانا اجلس امامك !!؟

هزت والدته رأسها بتوتر مستنكرة :

-ولكنك كنت مؤيدًا لي عندما سألتك عاصي 

تأفف وهو يسير مبتعدًا ثم تابع بنفس العصبية :

- لن اتمالك اعصابي في كل مرة يا والدتي العزيزة.. أنا احبك نعم احترمك نعم لذلك لم ابدي رفض حتى لا اعرضك للاحراج وحتى لا يعتقدوا أنني مجبر على تلك الزيجة ولكن في المرة القادمة التي تكررين بها نفس الشيء أقسم أنني لن أصمت...

هزت كتفاها بيأس أسف :

-حسنًا يا بُني لم اكن اقصد ان ألغي وجودك ابدًا... 

هز عاصي رأسه ثم غادر دون كلمة اخرى.. لتجلس هي على الأريكة تتنهد بصوت مسموع وسؤال يطير بين ثنايا عقلها المخدرة فنطق به لسانها 

" لمَ أشعر أنكِ بدأتي تؤثرين في أبني يا ابنة ابراهيم " ؟!!! 


بينما في الأعلى دلف عاصي الى الغرفة ليجد حور تتسطح بسرعة حتى دون ان تخلع فستانها أكتفت فقط أن رمت حجابها وتمددت على الفراش... 

فك ربطة عنقه وألقى بها يليها الچاكيت ليقترب من الفراش هامسًا بأسمها :

-حور !؟ 

لم ترد بل أغمضت عيناها بقوة.. وكأنها في بقعة سوداء.. بقعة ازداد سوادها من كثرة الغل الذي يتغلغل داخلهـا فجعلها كالمعزولة لا تتفاعل معه بأي شكل من الاشكـال....!! 

رأى بوضوح رعشة جفناها التي تفضحها مهددة بهطول امطار من الدموع في أي لحظة... فتمدد خلفها ببطء.. مرت لحظة واثنان بصمت قبل ان يقترب بجسده منها ثم جذبها له برفق حتى اصبحت ملتصقة به... حينها شعرت بالنفور حرفيًا وقد كان خلفية واضحة لمشاعرها الحالية.... فهدرت فيه بعنف :

-اتركني لا تلمسني ابدًا يا عاصي 

تجاهلها تمامًا وهو يشدد من يداه التي أحاطت خصرها في محاولة منه لجعل اعصابها ترتخي عندما بدأ يتحسس خصرها ببطء... ولكنها نفضت يداه بعيدًا عنها دون تردد ليخرج صوته الاجش حاد وهو يجذبها مرة اخرى له ولكن بطريقة اشد نوعًا ما :

-اصمتي ودعينا ننام انا مرهق جدًا... ثم لا يجب أن اذكرك في كل مرة انني انا الذي احدد كل شيء وأي شيء حتى أنني احدد أين ستنامي وكيف وأنكِ مجرد فصلية لا قيمة لها في هذا المنزل !! 

سمع صوت أنفاسها الحادة بوضوح فأدرك أن لكلماته اثر واضح في ملامحها التي بدت وكأنها تنزف.... 

ثم قولها الخشن وهي تخبره :

-ربما تتحكم الان وتحدد ولكن اعدك سيأتي يوم يا عاصي انا التي ستحدد وتتحكم .. انا التي ستُدمي قلبك وكيانك ورجولتك 

تجاهل كلاهما ليدفن وجهه عند رقبتها وانفاسه تلفح رقبتها البيضاء الناعمة.. ويداه تحيط بها وكأنها ستمنعها من الهرب... ومن دون مقدمات كان يغرق في النوم كنوع من الهرب الذي يريحه نوعًا ما !!...... 


                                   *****


كان علي في ورشة الحدادة التي يعمل بها كالعادة يوميًا... كان غارق بعمله تمامًا عندما اقتربت منه شابة ما.. لم يعيرها اهتمام ظنًا منه انها لم تأتي له ولكنها خيبت ظنونه عندما وقفت جواره تمامًا وهي تردد بابتسامة هادئة :

-السلام عليكم 

رد دون ان ينظر لها :

-وعليكم السلام، صاحب الورشة ليس موجود الان يمكنكِ المجيء في وقت اخر 

إتسعت ابتسامتها التي تخفي خلفها الكثير والكثير وهي تخبره :

-ولكني لم آتي له.. أتيت لك أنت يا وسيم 

حينها نالت كافة انتباهه.. ثم بنظرة حادة ثاقبة كادت تهز كيانها الذي هدأته بمهارة سألها :

-وبمَ تريديني يا سيدة ؟؟ 

عندما رأت نظرته الحادة ولهجته الخشنة التي تخوي بين جفونها رفضًا مبطنًا... قالت مباشرةً متساءلة :

-أنا رأيتك أنت وأسيل صديقتي القديمة،، هل تعرفها ؟!

للحظة كاد يتوتر وتتخبط أفكاره ولكنه حزم لجام افكاره وهو يومئ مؤكدًا ببرود :

-نعم ولكن لمَ السؤال ؟! ثم .... 

صمت..لتجيب هي بمكر هادئ حينها :

-أنا صديقة قديمة لأسيل وثامر وعلى حد علمي أنها كانت لا تخطي خطوة خارج البصرة الا مع ثامر وعندما رأيتكم تفاجأت ولكن وسط الزحام لم استطع اللحاق بكم لأحدثها وها أنا رأيتك صدفة فجئت لأسألك عنها 

كان علي مدقق النظر لعينـاها التي كانت تخفي شيئًا ولكنه لا يدري ما هو تحديدًا....!! 

ولكنه لا يستطع الوثوق في أي شخص..اطلاقًا ! 

في اللحظة التالية كانت تقترب منه جدًا حتى أنها كادت أن تلتصق به... حينها فقط أنتبه لملابسها الفاضحة التي تكشف ملامح جسدهـا المُغري... لترفع إصبعها تتلمس صدره الذي ظهر أوله من القميص المفتوح اولى ازراره وهي تهمس مقتربة من وجهه الرجولي الخشن :

-هل تعلم أنك وسيم... جدًا !!! 


..................................... 


في نفس الوقت كانت أسيل في الفندق كالعادة تجلس بملل.. تلقت اتصالاً هاتفيًا من شقيقها فأجابت بسرعة بابتسامة ناعمة :

-عاصي.. اشتقت لك كثيرا 

شعرت من نبرته انه يبتسم وهو يبادلها المودة مرددًا :

-وانا ايضًا اشتقت لكِ يا ماكرة كيف حالك 

ردت اسيل برقة :

-بخير أخي، انت كيف حالك ؟ وأمي؟؟؟ لم تكن بالمنزل عندما اتصلت وردت عليّ فاطمة 

-بخير جميعنا بخير

سألته مرة اخرى :

-هل أتممت خطبتك بـ ريهام كما اخبرتني؟؟ 

سمعت زفرته الحادة وهو يقول :

-نعم.. والان يكفي ثرثرة أنا اتصلت لأخبركِ أنني قادم لكِ على الفندق الذي تقيمين به 

صرخت فيه بفزع دون وعي :

-ماذا ؟!! ولمَ تأتي ؟

سمعت حشرجته الخشنة بوضوح مستنكرًا :

-كيف يعني لمَ... هل اصبح حرام او عيب أن أتي لأطمئن على احوال شقيقتي 

هزت رأسها نافية بسرعة :

-لا لا لم اقصد ذلك ولكن... يعني... عاصي أنا اخبرتك أنني اود الاختلاء بنفسي قليلاً 

ولكن قال بحزم :

-يكفي.. تركتك لأيام كما اردتي ولكن كفى.. انا حجزت وانتهى الامر سأغادر مساءًا واصبح عندك قريبًا 

استسلمت بيأس :

-حسنًا يا اخي في انتظارك 

-الى اللقاء 

-مع السلامة 

وبمجرد ان اغلقت الهاتف ركضت ترتدي ملابسها بأسرع ما يمكن وهي تحاول الاتصال بـ علي ولكن هاتفه كان مغلق... فأغلقت الباب وهي تسبه بغضب جلي :

-لعنك الله يا علي.. 

ركضت تستقل أول سيارة اجرة قابلتها وهي تخبره بعنوان مقر عمل علي الذي اخبرها به..... 

وبالفعل بعد قليل وصلت وهي تترجل بسرعة بعدما اعطت السائق اجرته.... دلفت باندفاع نحو الورشة ولكنها توقفت مصدومة... ساكنة... اُثلجت مشاعرها والمشهد يُكرر للمرة الثانية.... يُكرر ولكن مع التكرار يزداد حصار القلب حتى يفقد رونقه تمامًا..!!!! 

صدرت شهقة لم تستطع منعها من الصدور عندما رأت علي يحيط خصر تلك الفتاة وهي تقبله بلهفة وهو لم يبدي اعتراض.....!!!! 


                                  *****


في نفس النهـار....... 


كان ظافر في مكتبه يُنهي بعض أعماله عندما صدح هاتفه يعلن عن وصول اتصال من والدة ريم.. رد ظافر بهدوء قائلاً :

-السلام عليكم عمتي.. 

ولكنه لم يتلقى الرد الذي توقعه بل صوت عمته تجيب بحروف شبه منهارة :

-ظافر... أغثنا يا ظافر نحن في مستشفى "....." لان ريم.......

ثم صمتت ليصرخ بها ظافر بقلق كاد يذيب اعصابه :

-ما بها ريم ماذا حدث ؟!! 

-ريم حاولت الانتحار دلفت لغرفتها لاجدها غارقة وسط دماءها 

لم يعد يعي ما حوله... صغيرته حاولت الانتحار !!! 

حاولت الموت وبسببه ؟!.... شعرت بوغزات حادة مؤلمة تخترق صدره المحفور بحروف ذهبية من عشق متيم... 

لم يتخيل يومًا أن تصل الامور لذلك الحد.. لم يكن يتخيل ان يصبح يد تدفع صغيرته لحافة الانهيار !!!! 

ألف آآهٍ وآآه تحشجرت داخله تود الانفجار في العلن... اغلق هاتفه وهو يسمع اخر جملة من عمته :

-ولكن لا تخبر عمك ابراهيم لانه مشغول جدًا وقد يكون مشغول ونقلقه دون جدوى 

اغلق الهاتف راكضًا من الشركة دون ان يهتم بأي شخص... ركب سيارته وهو يقود بسرعة البرق متجهًا للمستشفى التي اخبرته باسمها عمته ... 

وما إن دلف حتى ركض لموظفة الاستقبال يسألها :

-غرفة ريم الزبيدي اين هي ؟؟ 

نظرت الموظفة للجهاز ثم سألته :

-هل جاءت لقسم الطوارئ ام كشف عادي ؟؟ 

حك رأسه بأرهاق وهو يتمتم :

-اعتقد قسم الطوارئ 

هزت رأسها نافية وهي تخبره :

-لا يوجد 

لم ينتظر اكثر بل ركض وهو يتصل بعمته التي اخبرته اين هم بالتحديد.... دلف للغرفة التي يقطنون بها ليجد ريم ممدة على فراش صغير ومُركب لها "محاليل" ملامحها الصغيرة مسترخية وهي تغط في نوم عميق.... 

نظر لعمته التي أسرعت تغادر من امامه وهي تهمس ببعض التوتر :

-سأذهب للطبيب كان يريد محادثتي بشيء مهم 

ثم غادرت ليقترب هو من ريم حتى جلس على الفراش.. كانت انظاره مُعلقة بملامحهـا التي يحفظها عن ظهر قلب... مجرد التخيل أنه ربما كان يخسرها اصابته بحالة من الجنون الهيستيري....!! 

رفع يدها الصغيرة يلثمها بعمق هُيء له انها ارتعشت استجابة له ثم همس :

-آآه يا صغيرتي كدتُ اموت شوقًا لأراكِ واضمكِ لأحضاني... لا اتخيل أن تفارقيني يومًا.. لا بل هو غير مسموح لكِ من الاساس 

ثم احتضنها بقوة يضم رأسها الصغيرة لصدره الذي كان يهدر بعنف لقربهـا... ثم اعادها لمكانها وهو يتابـع بصوت أجش :

-اقسم انني لم اؤذيكِ ابدًا... لم أقربك.. لم استطع.. لم يكن الامر متعلق بشوقي لكِ لأنني سأجن لأجعلك امرأتي.. لأروي ظمأي لكِ.. ولكنني لم استطع أن اكسر كبرياءك وعنفوانك الذي اعرفه.. لم استطع ان ادمر طفلتي وإن دمرتني هي مُسبقًا....!! 

هبط ببطء يدفن وجهه عند خصلاتها يسحب رائحتها داخله بعمق... ثم اتبعها بقبلة عميقة طويلة لرقبتها وهو يهمس بصوت خشن مثخن بالعاطفة القوية :

-اعشقك... أنا اعشقك حد الهوس يا صغيرتي 

ثم رفع رأسه ينظر لوجهها متوسلاً :

-انهضي ارجوكِ يكفي 

وفجأة وجدها تتحدث بعفوية مؤكدة :

-حسنًا معك حق يكفي هذا... 

ثم تنهدت اكثر من مرة بارتياح غائر وهي تخبره بخبث :

-لم احقق انتقامي كاملاً نعم ولكن شفيتُ غليلي مؤقتًا يا سيد ظافر لأثبت لك أنك لا تستطيع أذيتي ابدًا.....! 

وبلحظة شهقت بعنف عندما وجدته يطل ليصبح فوقهـا بجسده العريض... يقرب وجهه الذي نبض بشتى المشاعر واولهم الغضب المُخيف منها وهو يستطرد بنبرة مُقلقة : 

-هكذا اذن.... 

ارتجفت بعنف وهي تسأله بنبرة متوترة بينما هو يقترب اكثر حتى اصبح ملتصق بها تستشف سخونة جسده الخشن على جسدها الرقيق :

-ماذا ستفعل... ابتعد ظافر !!!! 

ولكن هيهـات.......... 


                                    *****


تأفف عاصي اكثر من مرة وهو ينهي اعداد حقيبته التي سيسافر بها... ورغمًا عنه بدأ يفكر بحنق كاد يستوطن ملامحه... إن كان يظن أن حور في السابق كانت تتجاهله فهو احمق.. لأنها منذ تلك الليلة التي اصبحت فيها ريهام خطيبته رسميًا وقد اصبحت تتجاهله تمـامــًا......!! 

حتى انه لا يراها سوى مرة يتيمة باليوم وعندما تجبرها والدته على النزول لتناول الغداء معهم.. 

هبط بهدوء متجهًا لوالدته.... اليوم لم يراها ابدًا لذلك فقط سيسأل عنها ويتخلى عن كبرياؤه قليلا.... 

اقترب من والدته وهو يسألها بصوت هادئ ولكنه جاد :

-امي.. هل رأيتي حور ؟؟ 

اومأت والدته مؤكدة ثم سرعان ما رفعت حاجباها وهي تسأله مستنكرة :

-ألم تخبرك أنها ذهبت للطبيبة ؟؟؟ 

بدأ القلق يتسرب لملامحه وهو يسألها :

-أي طبيبة ولمَ تذهب ؟؟ 

مطت شفتاها بلامبالاة وقالت :

-وما ادراني أي طبيبة.. هي اخبرتني أنها ستذهب لطبيبة النساء التي اخبرتها عنها فاطمة لانها تشعر بألم في بطنها 

عقد ما بين حاجباه بحدة :

-هل ذهبت بمفردها ؟ 

-لا،،، السائق معها وقد اخبرته الا يتركها بمفردها ابدا 

ردت بنبرة مختصرة باردة وهي تعود لتتابع التلفاز باهتمام.... كاد عاصي يندفع نحو فاطمة ولكن اوقفه رنين هاتف المنزل ليجيب بجدية :

- نعم مَن ؟؟...

أتاه الصوت هادئًا من الجهة الاخرى :

-اريد السيدة حور الشهاوي 

-انا زوجها... هل يمكنني معرفة السبب ؟ 

رد الاخر بما جعل عاصي كأحدى اصنام الزمن القديم المنحوتة باحترافية :

-انا سكرتير الطبيبة **** وكنت اتصل لأن السيدة حور تأخرت عن موعدها فأردت سؤالها هل تخلت عن فكرة الاجهاض ام ماذا ؟؟!!!! 

وقد نفذت حور كلامها بالحرف الواحد... أدمت قلبه... ورجولته.... وكيانه !!!! 


                                    *****


يتبـع... 


رأيكم مهم ؟؟ 😍😍❤


حورية بين يدي شيطان 


الفصل التاسـع :- 


" ارادت صنـع قناع للقوة... فأدمت ملامح الروح والقلب بنفسهـا.. " !! 

واثنـاء الطريق فجأة توقف السائق بالسيارة فحدقت به حور تسأله بقلق واضح :

-ما الذي حدث ؟؟ 

كان يفحص السيارة وهو يجيبها بصوت هادئ :

-لا ادري ولكن يبدو أن السيارة تعطلت سيدتي 

حينها صرخت بجزع :

-ماذا تعني بـ تعطلت !! 

-لا ادري ما الذي حدث لها لم تتعطل مسبقًا..! 

أجابها بصوت متوتر وكأنه ينفي عنه التهمة التي ستُلصق به حتمًا... 

بدأت حور تنظر حولها لتجد أنهم بمكـان مظلم.. شبه خالي من السكـان... مُوحش ومُخيف لقلب صريع للظلمة في كافة تواريخـه..!!! 

فعادت تنظر للسائق وهي تسأله بصوت مبحوح :

-وأين نحن من الأساس ؟؟ لا اعتقد أن هذا طريق العودة للمنزل !! 

هز السائق رأسه بيأس مغمغمًا :

-ومن الواضح أيضًا أننا فقدنا الطريق الصحيح سيدتي !!!! 

كادت تبكي وهي تزمجر فيه بانفعال :

-لعنك الله أنت وسيدتك في يوم واحد 

وبدأ شيء يُردد داخلهـا... هذا غضب الله عليكِ لأنكِ اردتي قتل روح بريئة...!! 

ولكن ماذا عساها تفعل ؟!! تنجب لتدمر كيانها هي وطفلهـا ايضًا ؟!.... المعادلة خاسرة من البداية ولكن ربمـا خسارة واحدة اهون من اثنـان يُنهيـا أي محاولة لنقطة جديدة....! 

ولكنها ايضًا تراجعت عن امر الاجهاض قبل ان تصل للطبيبة وأمرت السائق بالعودة للمنزل..!!! 

وعندما مر الوقت ولم يستطع السائق إصلاح السيارة.. هبطت حور بتردد علها تجد أي شيء يساعدهم او شخص....!! 

سارت بشرود وهي تبحث بعينـاها عن أي شيء يدل على وجود الحيـاه في تلك المنطقة.. ولكن خاب أملها وبشدة عندما وجدت نفسها سارت مسافة ملحوظة عن المكان الذي كانت فيه... حتى أنها لا تدري كيف العودة !!!! 

بدأت تنظر يمينًا ويسارًا بقلق وهي تنادي على السائق.. ولكن لم تجد أي شخص.... 

وفجأة وجدت شخص ما يقترب منها، لوهله ظنته نجدة إلهية اُرسلت لها.. ولكنها على العكس صفعة قاسية من القـدر.... حيث كان الشخص يبدو أنه ثمل ! 

ما إن اقترب منها حتى قالت بلهفة :

-هل يمكنك مساعدتي يا سيد أنا أريد أي طريقة للعودة لأنني ضللت طريقي 

ظل يقترب منها ببطء وهي تعود للخلف... حتى قال بنبرة واهنة :

-أجل ولكن فلتساعديني أنتِ اولاً.. أنا اريدكِ... اريدكِ وبشدة 

إتسعت حدقتـاها بفـزع حقيقي وهي ترتد للخلف بعنف ولكن قبل ان تستطع الهرب كان هو يقبض على ذراعها بقوة ليجذبهـا له... بدأت هي تدفعه وهي تصرخ ولكنه احكم قبصته حولها ليطرحها ارضًا وهو فوقها يحاول خلع حجابهـا... ثم بدأ يمزق باقي ثيابهـا..... تعالت صرخاتها المستنجدة ولكن لم تسمع سوى صداهـا المتحشرج.... السكون يعم المكان لا يقطعه سوى لهاث ذلك الحقيـر وصراخهـا المتناغم مع أنين الروح.. تشعر أنها ستختنق فعليًا... بدأت دموعها تهبط دون توقف وهي ترجوه بضعف :

-ارجوك أنا حامل لا أريد خسارة طفلي ارجووووك 

ولكن الشهوة عمت عينـاه فلم يكن يعير اهتمام لما تقوله بل ظل يردد بصوت أجش لاهث وقذر :

-لم اعد استطيع الاحتمـال..... 

ظلت تحاول وتحاول دفعه عنها..  تبكي وتنوح وتستنجد وتتوسل ايضًا.... ولكن المقابل كان الصمت وإكمـال عملية قتل روحها تلك !!!!!! 

في تلك اللحظات لم يأتي بعقلها سوى عاصي... آآهٍ من عاصي وعشقه.... لو لم تتمرد عليه لما كان حدث هذا... لو لم تحاول أن تقتل طفلها لما حدث هذا... ألف لو و لو خلقها الشيطان بعقلهـا..... 

ولكن النتيجة واحدة !! 


                                    *****


قبل ذلك بفتـرة..... بمجرد ان ابتعدت حور عن مرمى عينـا السائق الذي لم ينتبه لمغادرتهـا.. اخرج هاتفه وهو يتمتم بصوت يكاد يسمع :

-اقسم سيقتلني سيدي عندما اعود سيقتلني حتمًا 

اتصل بعاصي وداخله يرتجف بخوف من القادم.. خاصةً عندما اتاه صوته الهادر بعنف :

-أين أنتم يا ***** 

اجابه السائق بتوتر مسرع :

-لا أعلم أين نحن سيدي.. ضللت الطريق عندما كنا نعود والسيدة حور آآ....... 

سأله عاصي بلهفة لم يخفيهـا :

-أين حور ؟؟؟!!!! ما بها أنطق ايها اللعين 

رد حينها دفعة واحدة :

-السيدة حور كانت تتفحص المكان وسارت دون ان اشعر وابتعدت عني حتى انني لا اعلم اين ذهبت في ذلك المكـان المظلم وحاولت البحث عنها ولكني لم اجدها ولا ادري ماذا افعل 

 سمع صراخ عاصي الهيستيري وهو يأمره :

-سأقتلك... اقسم بالله سأقتلك أيها ال****.. أفتح هاتفك اللعين هذا وارسل لي موقعك حالاً.. إن تأخرت ثانية واحدة ستكون حياتك الثمن 

اومأ بسرعة وكأنه يراه وبالفعل بدأ يعبث بهاتفه إلى أن ارسل لعاصي موقعه بالفعل وحينها أغلق عاصي الخط بسرعة وهو يركض ليركب سيارته.... 

أدار السيارة بانفعال وهو يردد بصوت ثقيل مُتعب :

-لن اسامحكِ يا حور إن حدث لكِ او لطفلي شيء.. لن اسامحكِ..... 


                                    *****


الصدمـة جعلت أسيل جامدة... شاحبة... صامتة تستجدي الصراخ ان يخترق مسام صمتها المؤلم للروح والقلب....!! 

انتفض علي مُبتعدًا عن تلك الفتاة ليتجه نحو أسيل وما إن هم بالنطق مدافعًا عن نفسه بالطبع،، إنتفضت أسيل تبعده عنها قبل ان يلمسها وكأنه وباء لتزمجر فيه بعصبية مفرطة :

-ابتعد لا تحاول لمسي حتى.. أيها ال.... قذر !! هل هذا عملك الذي تأتي له يوميًا ؟!! 

هز رأسه نافيًا بسرعة وهو يخبرها باختصار :

-أسيل أنتِ اسأتي الفهم اهدئي قليلاً لنتحدث 

حينها تدخلت تلك الفتـاة بابتسامة باردة تتمتم :

-اعتذر حقًا يبدو أنني سببت مشكلة.. 

تعالت ضحكـات أسيل الساخـرة يتبعها قولهـا الحـاد كعينـاها التي تنذر بحالة الحرب :

-أنتِ منذ دخلتي لحياتي وأنتِ تسببين بها المشاكل يا سارة هانم !! 

ازداد الوضع توتـر خاصةً عندما استدارت أسيل بكل كبرياء تتشدق بـ :

-اكملا القذارة التي كنتما غارقـان بهـا، أنا سأرحل 

وكادت تغادر بالفعل ولكن يد علي التي قبضت على يدها منعتهـا... لينظر لـ سارة متمتمًا بنبرة جادة :

-غادري الان يا سارة رجاءًا

اومأت سارة بسرعة لتغادر بالفعل.. حينها سار علي نحوها ليُغلق الورشة ويعود لأسيل مرة اخرى... اسيل التي كانت وكأن احدهم وضعها على جمـر ملتهب..!!! 

لم يكن ذاك الجمر مكنونه الغيـرة... ولكنه كان الشعور بالغدر للمرة الثانيـة..... ذلك الشعور الذي يُولد داخلهـا ذبذبات من نوع اخر تؤكد لها أن المشكلة فيها هي.. أنها ليست أنثى كاملة كما اخبرها ثامـر....!!!! 

انتبهت لعلي الذي اقترب منها لتعقد ذراعاها وهي تردد بجمود مشمئز :

-هل يمكنك الاسراع في الحديث لاني فعليًا لا أطيق ذلك المكان 

امسك علي وجهها بين يداه رغم اعتراضهـا الحاد... ليقترب منها ببطء وهو يهمس بصوت أجش :

-اقسم انني لم اخونك أسيل، لقد .... آآ لقد كانت ... 

ولكن أسيل قاطعته عندما دفعت يداه عنها بعنف وهي تصيح فيه بهيسترية :

-كانت ماذا ؟!!! كانت مُغرية أكثر مني أليس كذلك ؟؟ 

جذبها له مرة اخرى حتى اصبحت ملتصقة به.. تستشعر نبضاته الهادرة وسخونة جسده التي كانت دليلاً واضحًا على همسه الرجولي الخشن وهو يتحسس جانب وجهها بطريقة مُذيبة للجليد :

-لا توجد امرأة على وجه الارض تثيرني وتشعل جسدي كما تفعلين أنتِ... 

حاولت التملص من بين ذراعـاه بضعف متابعة بصوت قارب على البكاء :

-اتركني علي... انا لا اريد غزلاً كما فعلت تلك الليلة.. انا اريد حقيقة واضحة ! 

وبالفعل تركهـا ليمسح على شعره ببطء وهو يزفر بصوت حاد... إلى أن خرج صوته جادًا مغموسًا بشراسة فطرية :

-لقد جاءت لتخبرني أنها صديقتك أنتِ وذلك اللعين، ثم بدأت تتحدث بتهديد مُبطن... أن ثامر كان يغار بجنون ولا يتركك تذهبين لمكان بمفردك وعن رد فعله إن علم وعن معرفتهـا الاصيلة بكِ وبه وبأهلك... لا ادري ولكنها كانت مريبة لذلك فكرت أن اطاوعها قليلاً لأرى نهاية ما تريده ولكني تفاجأت بتلك القبلة 

ثم بدأ يقترب منها ببطء لتعود هي للخلف تلقائيًا.. اقترب اكثر حتى حاصرها عند الحائط.. وضع يداه حولهـا حتى لا تستطع الفرار.. ثم اقترب اكثر... نظراته تلاقي نظراتها المتوتـرة... وأنفاسه تضرب وجهها الشاحب فتُعيد له رونقه....!! 

اصبح على بُعد سنتيمتر واحد منها... يكاد يلامس وجهها وهو يسألها بهدوء :

-هل تصدقينني أسيل ؟؟ 

ثم اقترب اكثر وهو يحيط خصرها ببطء.. ذقنه النامي يحتك بنعومة وجنتها وهمسه المثخن بعاطفته اللاهبة  كالنغمـان تلحن تلك الأجواء :

-لا توجد سوى حقيقة واحدة.. أنني أعشقك.. ولستُ كأي رجل في عشقك يا معشوقتي 

لأول مرة يعترف علي صراحةً بعشقه امامهـا... لطالما كان عشقه متواريًا خلف أفعاله التي تنم عن عشقًا نهم يتراقص خلف حدقتـاه.... ولكن تلك المرة كان صريح.. صريح جدًا.... نابـع من أعماق ذلك القلب الذي لم ينبض سوى لهـا... 

تنفسـه السريـع أصبح واضحًا لها جدًا واقترابه المُهلك الذي تتلاشاه كان على وشك الحدوث عندما امسك وجههـا بين يداه وكانت شفتاه الجائعة على بُعد خطوة واحدة من شفتاها.... 

ولكنها دفعته فجأة وهي تهز رأسها نافية وتردد بصلابة :

-لم اصدقكك.. وبالمناسبة عاصي قادم في الغد وسأغادر معه.. الافضل لك أن لا تأتي خلفي 

ثم ركضت دون أن تنتظر اكثر... ليضرب علي الحائط جواره اكثر من مرة بعنف مزمجرًا بجنون :

-لن اترككِ يا أسيل الا عندما اكون في قبري.. أنتِ لي وستظلي لي.....! 


                                     *****


كانت محاولات حور مستمـرة في الدفاع المُستميت عن نفسهـا... بالرغم من الضعف البدني الذي بدأ يغزو كيانهـا المرتجف من الخوف.....!! 

وانتهت اخر محاولة بإمساكهـا لحجر كان جوارهـا وبصعوبة لتضرب رأس ذلك اللعين الذي كان يهجم عليهـا... فابتعد هو منتفضًا يمسك برأسه صارخًا من الألم وهو يسبهـا..... 

حينها ركضت هي بسرعة وهي تبكي كالطفلة الشريدة... لم تعد تدري أين تركض ولا كيف... كل الذي كانت تدركه أنها كانت تهرب من ذلك الذئب..... 

وفجأة وجدت نفسها تصطدم بصدر عريض فصرخت تلقائيًا :

-لا اتركني...

ولكن يده الحانية التي أسرعت تضمهـا له بقوة وهو يهمس بأسمها متأوهًا :

-حــور.... 

وما إن اخترقت نبرته الحانية أذنهـا حتى إنفجرت في بكاء عنيف اشتد وهي تحتضنه بلهفة هيسترية وتردد من وسط شهقاتها :

-تأخرت.. تأخرت كثيرًا يا عاصي كدتُ أموت.. اقسم انني كنت أموت لو نجح ذلك اللعين... كنت اعلم انك ستأتي.. ستأتي وتنتشلني من الظلمة لن تتركني اغرق بغبائي !!! 

رفعهـا له بحنيـة تناقض الوحوش التي هاجت بداخله متناغمة مع النيـران التي كانت تحرق أوردته ليقتل ذلك الحقير وقد وصله بطريقة ما مقصدهـا.... دفن وجهه عند رقبتهـا يستنشق عطرهـا الانثوي عله يهدئ من لوع روحه قليلاً... ثم استطرد برقة :

-هششش اهدئي.. انا هنا... معك .. لن يجرؤ احد على اذيتك !! 

ابتعدت عنه ببطء وهي تنظر له... حينها فقط أنتبه لملابسهـا الممزقة والتي تظهر بعض الاجزاء من جسدهـا... جن جنونه وهو يفكـر.... ماذا فعل بها ؟!! هل اقترب منها... رأى جسدهـا الذي حُرم على غيره..؟!!!! 

أظلمت عينـاه بقسوة مخيفة وهو يضم قبضتـاه معًا ويسألها بصوت هادر عنيف :

-هل لمسك ؟؟؟ 

هزت رأسها بلهفة تخبره :

-لا لا اقسم لك لم اتركه يفعلها.. ضربته على رأسه بحجر وركضت 

أبعدها عاصي فجأة عندما سمع صوت ذلك الحقير يقترب منهم.. لتصبح خلف ظهره فشعرت هي بالأمـان فعليًا.... ولكن وسط تلك الضوضاء كانت حيرة فطرية تؤرق روحهـا... لمَ لم يسأل عن طفله الذي يقطن في احشائها ؟!!! اكتفى بالسؤال عنها فقط.....!! 

اشتبك عاصي مع ذلك اللعين ما إن رآه لينقض عليه كالوحش الهائج يضربه بكل قوته كلما تذكر أنه لامسها.. رأى جسدهـا وحاول الاقتراب منها.....!!! 

ظل يضربه ويضربه بعنف وهو يسبه إلى أن فقد الرجل وعيه تمامًا... حينها تركه عاصي وهو يلهث ليسحب حور من ذراعها دون كلمة اخرى متوجهًا بها نحو سيارته والسائق يسير خلفهم ببطء ينظر يمينًا ويسارًا.......... 


                                   *****


كان ثامر في منزله عندما اتـاه اتصالاً هاتفيًا من سارة ليجيب بسرعة متمتمًا بصوت لم تخلو اللهفة منه :

-ماذا حدث سارة ؟؟! 

شعر بابتسامتها وهي تجيبه :

-حدث كما طلبت تمامًا... اقتربت منه والرجل إلتقط الفيديو بنجاح... بل وحدث شيء اخر سيُسعدك كثيرا

سألها بسرعة :

-ما هو ؟؟ احكي لي كل شيء وبسرعة سارة 

ردت بهدوء :

-أتت أسيل فجأة لتراني وأنا أقبله فصٌدمت وجن جنونها بعد ذلك 

إتسعت ابتسامة ثامر الشيطانية وقد شعر أن الحظ يحالفه وبشـدة....!! 

عاد لسارة يردد مرة اخرى :

-ارسلي لي الفيديو الان يا سارة وسأتصل بكِ لاحقًا 

-حسنًا... 

اغلق الخط وبالفعل خلال دقائق معدودة كان الفيديو يصله... فتحه وهو يشاهده بانتشاء متخيلاً رد فعل عاصي عندما يـراه.... فهمس بصوت اشبه لفحيح الافعى :

-لنرى رد فعلك سيد عاصي عندما ترى وتعلم أن شقيقتك متزوجة من ذلك الرجل الذي يخونهـا !!!!! 


                                    *****


ظلت تتراجـع للخلف بقلق من مظهـره الذي دب الخوف في باطن روحهـا.. تناست القوة التي كانت تدعيهـا.. تناست الانثى الشامخة التي كانت تحاول رسمها بريشة ضعفها الدموي....!! 

وعادت لفطرتها الضعيفة وهي تسأله بقلق :

-اهدأ وسأشرح لك كل شيء 

إنفجر البركان الثائر داخله وهو يصرخ فيها بجنون :

-تشرحين لي ماذا !! أنكِ اوشكتي على قتل أبني مرتان ؟؟ مرة بكامل ارادتك ومرة اخرى بتهورك وغبائك ؟؟؟ 

وفجأة جذبها من خصلاتها بعنف يقرب وجهها منه حتى استطاع سماع أنفاسها اللاهثة... ليقول بصوت مبحوح مجروح رغمًا عنه :

-تخبريني أنكِ تعشقيني وتذهبين لتقتلي طفلي بكل دم بارد !! 

لم تستطـع النطق.. فقدت معالمهـا الشراسة التي كانت محفورة بها مؤخرًا...! 

خاصةً عندما نهض وبدأ يخلع حزام بنطاله وهو يهمس بصوت ناعم كجلد الثعبان :

-ولكن لمَ تبذرين الاموال عند الاطبـاء.. هناك طرق اخرى يمكنها أن تُخلصك من ذلك الطفل الذي تكرهيه !! 

اتسعت حدقتـاها بجزع عندما بدأ يقترب منها فخرجت حروفها مرتجفة مرتعبة وهي تسأله :

-ماذا ستفعل !!!!! 

لف الحزام حول يداه واتخذ وضع الاستعداد للانقضاض عليها وهو يجيب بصوت قاسٍ جامد :

-سأساعدك لتتخلصين منه.. ولكن بطريقتي أنا !! 

ولم يعد للحديث بقيـة...........!

حورية بين يدي شيطـان 


الفصل العاشــر ( الجزء الأول ) :- 


أصبحت تشعر أن الهواء إنسحب من حولهـا حتى بات الاختناق رفيقهـا.. كادت تصرخ وهي في انتظار الجلدة الحتمية ولكن على العكس سقطت الضربة على الأريكة جوارها فصرخت حور بفزع..... 

فتحت عيناها ببطء لتجد عاصي كما هو.. عينـاه حمراء حادة وعروقـه بارزة بجنون وكأنه سيقتلها... ولكنه ألقى الحزام من يده ارضًا ليقترب منها فتراجعت هي تلقائيًا ليمسكها هو من ذراعهـا يهزها بعنف صارخًا بصوت قوي مُخيف :

-أنا لستُ سادي لأضرب امرأة كالبهيمة بالحزام وأتلذذ بعقابهـا... 

اومأت حور موافقة بسرعة ثم همست بنبرة طفولية مرتعدة :

-أعلم.. اقسم بالله أعلم ذلك 

كادت تظهر ابتسامة خبيثـة مترافقـة بشظايا عبث وهو يهمس لها بصوت خشـن أثار شيء داخلها رغمًا عنها :

-ولكني بالتأكيد سأعاقبك حور.. 

ثم سحبهـا معه بقوة ليجلس على الأريكة الصغيرة ثم مددهـا على بطنهـا على قدمـه... فتخبطت هي بقلق وهي تسأله مستنكرة :

-ماذا تفعل !! أي عقاب هذا ؟؟ 

أمسك بالحزام يلفه على يداه ببطء... وبحركة مباغتة أصبح يضربهـا به على أردافهـا ولكن برفق نوعًا ما.. بدأت حور تتلوى على قدمـاه بألم وهي تهمس بأسمه ولكنه لم يُعيرهـا اهتمام وبدأ يعد الضربـات من الواحد حتى العشـرون.... 

وما إن لفظ بالعشرون وتوقف، رفـع جسدها له لتصبح جالسة على قدمـاه ليجد عينـاها ممتلئة بالدمـوع اللؤلؤيـة... وشفتاها الصغيرة ترتعش بضعف كالأطفال بينما هي تهمس بصوت مبحوح :

-أتركني.. ابتعد أريد ان أنهض 

-اصمتي

قالهـا وزفـر بصوت مسمـوع... وداخله شيء لا يستوعب حتى الان ما كاد يحدث !!!! 

قلقه وخوفه أصبحـا كالأشواك ينغـزان صلابته وقسوته التي أحكم لجامها حول ترانيم مشاعـره كافة....!! 

رفـع أنظـاره لحـور لتتعلق عينـاه بحركتها التي تثير جنونه وهي تعض على شفتاها الصغيـرة لتمنع بكاءهـا بصعوبة.... ومن دون تردد كان يمسك رأسهـا بيداه واليد الاخرى تجذبهـا له ليلتهم شفتاها بنهم دون أن يعطيهـا فرصة الاعتراض... يشعـر بعاطفة عنيفـة تتفجر داخله بأبسط حركـة منها... وتنفجـر براكين صبره لينقض عليها فيتذوق طعم شفتاها الذي يستكشفه في كل مرة يأكل فيها شفتاه.... واخيرًا ابتعد يلتقط أنفاسه اللاهثة فنطقت هي ومازالت مقتربة منه تشاركه لهاث أنفاسه :

-ماذا فعلت !!!! 

رد بصوت خشن مثخن بالرغبة والشوق الحارقان :

-أعاقبك.... ولكن هذه المرة لأتلذذ بذاك العقاب 

أحمرت حور على الفور من غزله الخفي بين ظلمة كلماتـه... فغطت شفتاها تلقائيًا بيدها وهي تهمس :

-أريد النهوض أرجوك 

ثم حاولت أن تنهض بالفعـل ولكنه أحكم قبضته حول خصرهـا ليجذبها له فتجلس على قدمـاه مرة اخرى.. كان تنفسه سريع وعالي وهو يردد بصوت آمر :

-قبليني

حدقت به بذهـول مُحرج :

-بالطبع لا.. ماذا تقول 

ضغط على خصرها بيـداه بقوة وهو يعيد بصلابة تخفي خلفها ثوران مشاعره :

-قبليني... الان !! 

ابتلعت ريقها بتوتر ثم اقتربت منه ببطء لتقبله برقـة وما إن كادت تبتعد حتى جذبها هو له يلصقها به ثم إنقلب الوضع ليضعها على الأريكة ويصبح هو فوقهـا.. فاستطرد بصوت حاد متحشرج :

-تبًا لكل شيء.... 

وفي اللحظة التالية كان يُقبلها بجنون... بقوة... عل شوقه المضني لها يخف ولكنه كلما تذوقهـا يشتعل اكثر وبجنون اكبر... اصبحت هي تأن بألم لتشعل رغبته بها اكثر..... 

مد يده ليخلع فستانها عنهـا فلم يجد ازراره.. لذا ومن دون تردد كان يمزقهـا بعنف بحركة مباغتة لتشهق هي بحسـرة فابتلع هو شهقتها داخل فمه وهو يعاود تقبيلها بشغف يزداد ويزداد............. 


بعد فتـرة طويلة..... 

كان يتنفس بصوت مسموع وهو ممدد على الفراش وهي جواره تنام على صدره العاري بأنفاس لاهثة مثله من عنف المشاعر في اللحظات السابقـة... كان يداعب خصلاتهـا الناعمة وهو يقول دون مقدمات بنبرة حادة غيورة :

-لو كان لمسك أقسم انني كنتُ قتلته وقتلتك بعده لأنكِ مَن أتاحت له الفرصة

رفعت رأسها له تستند على صدره وهي تهمس بينما تنظر لعيناه بعاطفة خاصة له وحده :

-لو لمسني رجل غيرك لكنت قتلت نفسي بنفسي سيد عاصي ! 

تأوه بعنف وهو يجذبهـا له يحيطها بعاطفته القوية اللاهبة مرة اخرى و يُقبلهـا بجوع لا يقـل بينما يهمس بأرهاق زاد على مشاعره وروحه فعليًا :

-آآه يا حورية تصر على جنون السيد عاصي !!!..... 

فسحبهـا معه لدوامة مجنونة عاطفية لا يعرف كلاهمـا اولها او آخرتها الحتمية.....! 


                                 ******


كان "ظافر" في مكتبـه كالعادة صباحًا... يمسك القلم بين اصابعه الخشنة يتلاعب به وهو يتذكـر ذلك اليوم الذي كاد أن يفقد به عقله فعليًا.....

تذكر قبلته المحمومة لها في المستشفى وهو يعاقبها بطريقته على خداعهـا.... تلك الماكرة الصغيرة لا تعلم أنه يتهافت لأي فرصة لينقض على شفتاها المكتنزة التي تؤرق ليله......!! 

لا ينكر أنها عادت لخصامها الصامت بمجرد ان خرجوا من المستشفى فأصبحت لا تتحدث معه وتتجاهله تمامًا... ولكن يكفيه أنها بخير فقط وهو سيتكفل بالباقي......!! 

استفاق من شروده على رنين هاتفه العالي فأمسكه بملل لتتجمد عينـاه المُهيمة بعشق صغيرته لقسوة جادة وهو يرى رقم "اطياف" على شاشة هاتفه... 

رد ببرود كعادته عندما يتحدث معها :

-نعم ؟؟ 

وبصوت متوتر قالت :

-ظافر ارجوك هل يمكنك المجيء لشقتي ؟؟ 

صرخ مستنكرًا :

-ماذا ؟!!!! 

تلعثمت وهي تكمل بتوتر :

-لا تُسيء فهمي.. اقسم ان عمار مُتعب جدًا لا ادري ما أصابه يكاد ينفجر جسده من السخونية وانا بمفردي ارجوك تعالى بسرعة 

اتسعت حدقتاه بخوف وهو يهمس :

-عمار !!!! ومنذ متى وعمار يعيش معك بمنزلك ؟

-انا جلبته امس من عند والدتي.. ارجوك انا خائفة وبشدة 

نهض بسرعة وهو يلتقط سترته مرددًا :

-حسنًا انا قادم انتظريني 

ثم ركض بخطوات ملتهفة نحو منزل "أطيـاف" جاهلاً  يُحاك له دون درايته !!..... 


وصل بالفعل امام منزلها فترجل من سيارته بسرعة يصعد السلم بخطى واسعة.. حتى وصل فبدأ يطرق الباب بسرعة.... فتحت له أطياف ليتصنم محدقًا بملابسها.... ! 

عفوًا هذه لا تعد ملابس اصلاً.. تقريبًا تغطي اجزاء بسيطة جدًا من جسدها فقط... تنحنح بحرج وهو يعود لخشونته قائلاً بتساؤل :

-أين عمار ؟؟ 

أجابت بهدوء وهي تشير له نحو الداخل :

-في غرفته.. تفضل يا ظافر 

وبالفعل دلف بتردد فأشارت له على الأريكة وهي تهمس مبتسمة برقة غير معهودة :

-أجلس سأجلب لك شيء لتشربه واذهب لأجعل عمار يرتدي ملابسه.. لا تقلق والدتي اخبرتني أن اعطيه دواء ما وذهب في نوم عميق...  

كاد يعترض ولكنها ذهبت للمطبخ بالفعـل.. امسكت بالكوب وسكبت به بعض العصير ثم اخرجت من جيبها حبوب صغيرة لتضع بعضها في الكوب ثم بدأت تحركه ببطء.... 

وما إن انتهت اتسعت ابتسامتها الخبيثة وهي تهمس لنفسها بمكر :

-لنرى ماذا ستفعل يا سيد ظافـر.. فلينقذك عشقك لتلك الصغيرة الان.... 

خرجت بالكوب له وهي ترسم التوتر على ملامحهـا ثم قدمته له هامسة :

-تفضل 

اخذه منها وهو يومئ برأسه على مضض :

-اسرعي احضري عمار وهيا الان 

سارت بالفعل نحو غرفة عمار فبدأ ظافر يشرب العصير بهدوء عله يهدئ توتره وقلقه...... 

مر وقت قصير وبدأ ظافر يشعر بدوار حاد يداهمه.. خرجت أطياف في تلك اللحظات ولم تبدل ملابسها... فسألها بصوت واهن وهو يمسك برأسه :

-ماذا يحدث؟؟ 

إتسعت ابتسامتها الشيطانية وهي تقترب منه مستطردة :

-كل خير... يحدث كل خير يا طليقي العزيز !!!!! 


                                    ****


قبل ذلك بفتـرة..... 


كان علي يركض خلف أسيل وكأنهم في دائرة لا تنهي من الدوران المُهلك... وصل الفندق خلف أسيل يركض وهو يناديها بحدة :

-أسيل انتظري 

ولكنها لم تنتظر اطلاقًا.. كانت شبه تركض وهي تدلف للغرفة فدلف هو الاخر واغلق الباب خلفه وهو يزفر بعمق وحدة مسموعة... 

فأشارت له أسيل محذرة بصلابة :

-اخرج يا علي والان... لا أطيق رؤيتك حتى !! 

هز رأسه نافيًا وهو يقترب منها مرددًا بأصرار :

-لا.. لن ابتعد ماذا ستفعلي ؟؟؟ 

ظلت تتراجع للخلف بتوتر ثم نطقت بحدة عدائية تنبع من جوفي عينيها الزرقاء :

-سأصرخ وسأخبر عاصي بكل شيء... كل شيء حتى اضمن انه سيقتلك كما قتلت شقيقي !!! 

وفي اللحظة التالية كان يحيط بخصرهـا بيداه بينما هي تحاول التملص من بين قبضتـه بعنف.. ولكنه وبحركة مباغتة كان يضرب رأسها بعنف برأسه فتأوهت بألم لتفقد وعيها ببطء بين ذراعيه..... 

تحسس وجنتها بشرود وهو يهمس بصوت غريب :

-اعتذر يا زرقاء ولكنني لن اتركك لتهدمي كل ما فعلته ببساطة ...!! 

ثم حملها بين ذراعيه بليونـة ورشاقة.......... 


                                     ******


كان عاصي في مكتبه الصغير بمنزله ينهي بعض الاعمال الخاصة بعمله... عندما سمع صوت هاتفه يعلن عن وصول رسالة على "الواتساب" فتأفف بضيق وهو يمسك هاتفه ليجد فيديو مُرسل له.....!! 

فتحه بهدوء ليُصدم من رؤية علي الجبوري وهو يُقبل فتاة ما في ورشة للحدادة....!! 

ثم وفي اللحظة التالية وصلته رسالة مكتوبة 

" شقيقتك أسيل تطلقت من زوجها وتزوجت من علي الجبوري وهي تعيش معه بفندق وليس بمفردها، وليس هذا فقط بل انه يخونها مرارًا وتكرارًا لينتقم منك لأجل شقيقته " !!!!!!! 

بدأ عاصي يشعـر بغليان في اوردته... جنون... وقسوة كادت أن تُذاب تجاه "حور" عادت تُبنى من جديد وشيطانه يهمس له 

" بالتأكيد هي مَن شجعت شقيقها على ذلك " ! 

نهض بسرعة يركض نحو غرفتهم ليفتح الباب دون مقدمات وهو يصرخ باسمها :

-حووور... أين أنتِ 

خرجت من المرحاض تحدق بهيئته المشعثة بقلق وهي تسأله :

-ما بك عاصي !! ماذا حدث 

جذبهـا من رأسها بعنف يقربها من هاتفه وهو يزمجر بجنون أفقده ثباته تمامًا :

-أنتِ على علم بكل ما يُحيكه شقيقك اللعين أليس كذلك ؟؟؟ بالتأكيد اخبرك عندما جاء لرؤيتك يا ***** !!!!!!! 

حاولت حور التملص من قبضته التي تؤلمها وبدأت الدموع تتجمع بعينـاها.. وشيء داخلها يُنذرها بعودة الشيطـان....... 

ولكن هيهـــات....!! 


                                    *****


يتبـع...


حورية بين يدي شيطان 


الفصل العاشـر ( الجزء الثاني ) :- 


سُرقت الحروف من بين شفتاها ولم تعد تدري بأيًا منها تبدأ وصلة الدفاع عن نفسها...! 

كادت تصرخ والفزع يجعل قلبها متحجرًا بأنين مكتوم.. ثم همست بحروف متقطعة :

-لا.. لم آآ.... 

ولكنه بدا كالذي تحركه الشياطين متخليًا عن كل ما يملك من ثبـات او تعقـل لتشتعل بوصلة الجنون بعقله فتقوده لحاقة مجهولة...!! 

قبض على ذراعاها بعنف وهو يسألها مستنكرًا :

-لا ؟!!!! أوتكذبين ؟؟ انا متأكد انه اخبرك.. بالتأكيد هو جاء ليراكِ خصيصًا لذلك السبب 

بدأت تهز رأسها نافية بهيستريـا وهي تخبره :

-لا لم اكن اعلم اقسم بالله.. صحيح انه كان يود اخباري بشيء ولكنه لم يفعل 

ترك ذراعها بتلقائية مباغتة وهو يمسح على خصلاتها مخللاً فيهـا اصابعـه بانفعال واضح... لتدور هي للحظة تكاد تسقط ارضًا من قوة اعصار الدوار الذي لفح بكيانها الركيك....!! 

ليركض هو لها يحيط خصرها تلقائيًا قبل ان تسقط.. فاستندت هي على صدره تتنفس بشكل ملحوظ وكأنها تحاول تنظيم ما بعثره التوتر..! 

فسألها هو دون تفكير :

-هل أنتِ بخير ؟؟ 

كان يسألها وهو يتجه بها نحو الفراش لتجلس جواره... بينما هي تشعر بالخدر في كل اطرافهـا... تشعر به وبعجزه وبالنيران التي تهز كيانه ولكنها لا تملك ما يرمم ذلك الاقتناص في كيانه وروحه..... 

كان رأسها ارضًا وخصلاتها حول وجهها بضعف.. ليبعد هو خصلاتها برقة وهو يلامس وجنتهـا بحنان فطري وصوته يخرج هادئًا متغللًا ايـاه نغمات مضطربة وهو يهمس :

-حور... هل أنتِ بخير ؟؟ 

هزت رأسها بضعف ثم بدأت ترفعهـا ببطء لترفع إصبعها بتلقائية تتحسس ذقنه النامية وهي تردد بصوت مبحوح :

-اقسمتُ لك أنني لم اكن اعلم ولو علمت لكنت منعته بالتأكيد.. هل تصدقني عاصي ؟؟؟ 

كاد يرتعش من تأثيرها المُهلك عليه... تأثيرها الذي يجعله في اشد حالات ضعفه..... وشوقه امامها !!! 

أبعد يداها عنه بقليل من الحدة وهو ينهض زافرًا انفاسه بعمق... لا يدري فعليًا هل يصدقها ام لا ؟!!! 

ولكنه يدري أن جزء كبير داخله يخضع لسيطرتها الساحرة في سحب شظايا الشك داخله.....!

كانت تقف خلفه في اللحظة التالية... تتنفس ببطء وكأن روحها ستُزهق.... وتسأل السؤال الذي تعلم أن اجابته لن تُرضيهـا بل ستهدم شيءً وتزرع شوكًا قاسيًا داخلها :

-لو أراد علي أن تطلقني ليترك شقيقتك أسيل.. هل ستطلقني عاصي ؟؟؟ 

اهتز فكه بعنف عندما صفعه سؤالهـا بقسوة... الاجابة يحفظها عقله ولكن داخله شيء يرفض صكها ونطقها بصوت عالي وكأنه حينها سيقتل شيء كاد ينمو !!!... 

داخله نيـران ملتهبة تحرقه بقسوة ولا يدري لها علاج... نار تحرق كرامته لأنه نقض وعده بالقسوة الدائمة معها ونار اخرى يجهـل مصدرهـا ولكنها اشتعلت حول قلبه الذي بدأ ينبض بخوف من ذلك اليوم......!! 

استدار لها اخيرًا بعد صراع تغلب فيه العقل كالعادة ليرد بصوت قاسي قاطع :

-هذا شيء مؤكد.. أنتِ لا تعني لي شيء أمام حبي لشقيقتي يا حور،،، لا اود تذكيرك أنني تنازلت وتزوجتك من اجل اشقائي من الاساس !!! 

ثم استدار مرة اخرى يكمل مزمجرًا بعنف :

-ولكني لن استسلم لذلك اللعين بتلك السهولة

حينهـا كانت حور تبتسم بسخريـة.... يا الهي... تشعر بنزيف روحها وكرامتهـا... كرامتها التي رممتها نوعًا ما قبل فترة ولكنها عادت تُدميها بطريقة أسوء واقسى !!! 

إلى متى ستضعف امامه ؟!!!... إلى متى ستبرر له وتتحجج فقط لكي لا تقسو كما يفعل هو...!! 

وفجأة انفجرت تلطم نفسها بعنف وهي تصرخ بصوت شبه هيستيري :

-اللعنة عليّ وعلى ذلك العشق... إلى متى سأظل هكذا إلى متى... في كل مرة اعتقد انني اكتفيت وأقسو... اعود لألين كالبلهاء وانا ابرر لك فتعود الصفعة لي بطريقة اقسى واعنف...!!! 

ثم بدت كمن أدركت شيء مهم كان مغلف بالظلام وفجأة اُنير بفجاجة..... فعادت تزمجر كالمجنونة وهي تمزق اطراف ملابسها وتضرب جسدها بقوة وكأنها مشمئزة منه :

-أتعني أن كل ما حدث كان مجرد رغبة صحيح ؟؟؟ رجل امامه زوجته فلم يستطع تمالك نفسه!! هل اصبحت حالتي ميؤس منها لتلك الدرجة حتى بدأت اتهيئ أنه كان شيء أكثر من الرغبة بكثير.... !!؟

كان يضم قبضتـاه معًا يضغط عليها بعنف...يشعر بالعجز يتملكه فلا يستطع الانسجام مع انجراف مشاعره او حتى التمسك بقناع القسوة والصلابة.....

اقترب منها واخيرًا ليرفعها عن الارض ثم امسك يداها بيد بقوة محاولاً السيطرة على انفعالها وباليد الاخرى كان يغطي ما تبقى من جسدهـا وهو يقول بنبرة تصارع الحنان حتى لا يسيطر عليه فيغير مجرى حواره :

-اهدئي... لم يكن بيننا سوى الانجذاب الجسدي حور ! ولن يكن.. لن تجدي مقابل لذلك العشق الذي يضخ داخلك فيُستحسن أن تقنعي نفسك بذلك 

ثم تركهـا ببساطة ليغادر الغرفـة وكأنه يهرب من تواجده امامها اكثر من ذلك..... 

بينما هي كالعادة أنهارت في وصلة بكاء عنيفة تعبر عن الألم الذي تشعر به..........! 


                                   ****


بدأ ظافر يفتح عينـاه رويدًا رويدًا.... ضربه ضوء قوي جعله يغلق عينـاه مرة اخرى بانزعاج واضح...!!!! 

عاد ليفتحها مرة اخرى ببطء لتقع عينـاه على آخر شخص كان يتوقع رؤيته في تلك الدنيـا... 

بينما الاخر وضع قدم فوق الاخرى وهو يبتسم ابتسامة بادرة قائلاً :

-اهلاً بك سيد ظافر... اشتقنا لك يا رجل ! 

كز ظافر على أسنانه بعنف... بدأت الرؤية المشوشة تتضح امامه شيءً فشيء ولكن حتى الان هناك نقطة مفقودة.....!! 

حاول تهدأة نفسه وهو يرد مستنكرًا :

-اشتقت لي ؟؟!!! اعتذر ولكني لم اشتاق اطلاقًا بل لم اكن اتمنى رؤيتك لباقي حياتي سيد عزيز 

حينها نهض المدعو بـ عزيز ليقترب منه بخطى بطيئة اشبه بخطى الذئب ثم تشدق بخبث دفين :

-وانا لم اكن اتمنى ذلك ولكن للضرورة احكام سيد ظافر.. بالتأكيد لم اكن اتمنى رؤية قاتل والدي !! 

قال اخر كلماته بسخريـة ولكنها محترقة... ليرد ظافر نافيًا دون تردد :

-لقد اخبرتك أني ليس لي علاقة بموت والدك، هذه اقدار !!! 

انفجر الاخر صارخًا فيه بجنون :

-ولكنك مَن تسببت في خسارته كل ما يملك!!! وإلا لما كانت أتته الازمة القلبية وتوفي !! 

لم يهتز لظافر جفن وهو يخبره :

-كان مجرد رد فعل على قتله لزوج عمتي وإلصاق التهمة فيّ بكل بساطة وتفجج !!! 

أنقض عليه عزيز يمسكه من ياقة قميصه وهو يصرخ فيه بعصبية مفرطة :

-سأقتلك.. سأريك الجحيم في الدنيا يا ظافر... ولكني لن اقتلك بتلك السهولة.... سأعذبك واجعل روحك تتلوى من الالم قبل ان اقتلك !! سأُصيبك في مَن تُحب حتى تزهق روحك من الالم...... 

ولم يأتي في عقل وقلب ظافر في تلك اللحظات سوى صغيرته التي يرتجف قلبه متخيلاً أي مكروه قد يحدث لها فيقتله وهو على قيد الحياه فعليًا.....!! 

حينها اتسعت ابتسامة ذلك الشيطان وهو يومئ مؤكدًا :

-نعم نعم.... هي مَن تُفكـر بها الان.. تلك الصغيرة التي تزوجتهـا.. وفي المقام الثاني طفلك الحبيب عمار ! 

كاد ظافر أن يظهر القلق الذي استوطن ملامحه بتجبر ولكنه حافظ على ثباته وحروفه الباردة وهو ينطق بهدوء تام :

-الاثنان لن تستطع الاقتراب منهم.. لأنني لن اقف مُكتف الأيدي يا سيد !!! 

كاد عزيز ينفجر في الضحك وهو يقول :

-ولكن يجب أن تعلم أين هو طفلك في البداية يا ظافر،، اما بالنسبة لزوجتك.... ريم ! أعتقد أن علاقتك بها متوترة بقدر كافي فلا تكن واثقًا أنك تستطع السيطرة عليهـا....

ثم ابتعد وهو يحك ذقنه مفكرًا ببرود مُهلك :

-أتخيل مظهرك عندما تراه ذات يوم هنا... بين أحضاني وفي فراشي... مؤكد ستُصاب بأزمة قلبية كوالدي تمامًا أليس كذلك ؟؟؟! 

حينها نطق ظافر هادرًا بعنف وقد برزت عروقه بانفعال مُخيف :

-ريم ليست تلك العاهرة أطياف يا عزيز... ريم ماسة لن اسمح بأي قذر مثلك ان يُدنسهـا !

اقترب بوجهه من ظافـر حتى تقابلت الأعين في طريق طويل ملغم بالحقد والبغض... ليهمس بنبرة ناعمة كجلد الافعى :

-لا يهمني إن كان بأرادتها او لا... المهم أن ذلك اليوم سيأتي أعدك !!!!! 

ثم ابتعد وهو يشير لرجاله بجدية :

-فكوه واتركوه... انا لم أتي بك لهنا لأي سبب اخر سوى أنني أردت اخبارك انني قادر على كل شيء.. قادر على جلبك هنا دون ارادتك وجعلك تحت سطوتي... لأثبت لك أنك الاضعف في تلك الحرب يا ظافر !

بينما ظافر كانت اعصابه مشدودة بقسـوة... وقلبه مُحترق بفتيل كلماته الملعونة.... وغيرته الحمقاء الدموية سيطرت عليه تمامًا حتى كاد أن يقتله بمجرد ان تحرر.....!! 

ولكنه غادر بالفعل وهو يحاول إقناع نفسه بالانتظار..... واول ما فعله هو التوجه لريـم.....! 


..................................

طرق الباب عدة مرات بسرعة ولهفة لم يستطع اخفاءهـا... ففُتح له الباب بالفعل بعد دقيقـتان.. وجد الخادمة امامه وصوت ضجة يأتي من الداخل فنظر للخادمة متساءلاً بهدوء ؛

-هل يوجد ضيوف ؟؟ 

اومأت مؤكدة بهدوء :

-نعم.. ضيوف لريم هانم ! 

عقد ما بين حاجباه وهو يفكـر بعدم فهم... أي ضيوف هؤلاء ؟!!!.... 

دلف بهدوء للداخل ليقف متجمدًا مكانه يحاولوالاستيعاب عندما سمع صوت سيدة ما تقول :

-أتينا اليوم لنطلب الانسة ريم للزواج من ابني حسن 

حينها أدرك ظافر أن تلك الليلة لن تنتهي إلا بجريمة فعليــة........!! 


                                     *****


بعد يومــان........ 


طيلة اليومان وعاصي لم يغمض له جفن... يبحث عن علي وأسيل في كل مكان في البصـرة ثم عاد ليبحث في بغداد ايضًا.... بدأ يفقد اعصابه تمامًا وهو يتخيل ما قد يفعله علي بـ شقيقته الوحيدة !!!....... 

وصل منزله اخيرًا فركضت والدته نحوه بلهفة تسأله بقلق واضح :

-هل وجدتهم يا بني ؟؟

هز رأسه نافيًا وهو يتخطاها مغمغمًا بجمود :

-لا لم اجدهم... ولكنني سأجدهم أعدك

ثم وبخطى سريعة كان يتجه لغرفة حور.... فتح الباب دون مقدمات بعنف لتشهق حور بفزع متمتمة :

-عاصي !!! أفزعتني..! 

جذبها من ذراعها بعنف له وهو يُخرج هاتفه مرددًا بصوت أجش :

-سأفزعك فعليًا إن لم تفعلي ما أقوله لكِ

سألته بقلق :

-ماذا تريد ؟؟؟!!! 

أعطاها هاتفه ثم قال بحدة جامدة :

-مؤكد علي أعطاكِ رقمًا له لتتصلين به إن اضطررتي له.. أتصلي به الان واخبريه أنكِ يجب أن ترينه وبأسرع وقت... وحينها سأتصرف انا معه رجل امام رجل دون ان يتخفى مني كالفئران !!!! 

ومن دون تردد كانت حور تدفع يده بعيدًا عنها وهي تستطرد بإباء :

-لا... لن افعل.. لن اسلمك شقيقي على طبق من ذهب !! 


وبكل الانفعال... بكل ذرة شعور بالعجز... بكل الشعور بالقهر الذين تملكوه تلك الفترة كان يقبض على خصلاتها بيداه بعنف وهو يصيح فيها بصوت مُقلق :

-ستفعلي... اقسم بالله الذي لا اقسم به كذب.. إن لم تفعلي يا حور اؤكد لكِ أنني سأفعل بكِ ما يجعلك تتوسلينه المجيء لينقذك من بين يداي فعليًا !!!!! 

هزت رأسها نافية رغم القلق المتدافع داخلها :

-لن افعل مهما فعلت بي... لن اعطيك رقبة اخي ! 

ودون أن يشعر بنفسه كان يصعفها بعنف وهو يصيح بجنون :

-ستفعلين... لن أترك شقيقتي لتصبح ضحية جديدة لجرم علي الجبوري !!!! 

ثم دفعها على الفراش بعنف حتى تأوهت بألم تحتجز تلك الدموع داخلها.... بينما هو لا يرى امامه سوى صورة شقيقـاه وهما غارقـان بدماؤهم.... والشيطان لا يرسم له سوى صورة اسيل وقد بدأت تغرق بدماءها مثلهم تمامًا وعلى يد نفس القاتـل............!! 


           حورية بين يدي شيطان 


الفصل الحادي عشر (الجزء الأول) :- 


كانت دموعهـا كجريـان الأمطار على نهر من الكبت والألام.. كان ساكنًا فحركها هجوم الامطار....! 

ظلت دموعها تهبط بصمت بينما هو يحدق بها بشراسـة ولكنه لم يتحرك إنشًا واحدًا.. بدا وكأنه يقنـع نفسه ويحاول عكس تيار فطرته ليأذيها !!!!... 

اقترب منها حتى اصبح قريبًا جدًا فظنت أنه سيضربها حتمًا... فأغمض هو عينـاه والغل يتوحش داخله شيءً فشيء ليخرج صوته أجش جامدًا وهو يخبرها :

-للمرة الاخيرة أقول لكِ أخبريني حور... أنا لا أريد اذيتك لا تجبرينني على ذلك !

ظلت تهز رأسها نافية بهيستريـة... يضعها بين فكـي كالمخالب القاسية من تخطيط القدر المُهلك !!! 

رفعت عيناها له بنظرة راجية وهي تهمس :

-عاصي ارجوك أفهمني.. أنت تحاول حماية شقيقتك، هل تريد مني أن أرمي شقيقي في النيران ؟؟ 

كلماتها كانت كلكمة لذلك الثبـات الذي يحـاول بثه داخله.... ليمسكها من ذراعاها يضغط عليهما وهو يهزها بعنف :

-وهنا تكمن المصيبة يا حور،،، أنكِ لا تستعبين حتى الان أنني أنا وعائلتي في وضع المجني عليه وليس الجاني.. إن شقيقاكِ قتلا شقيقاي ورغم ذلك أنا لم أمس أي شخص من عائلتك بسوء.... بغض البصر عن معاملتي السيئة الجارحة معك والتي تعد شيء هين جدًا امام قتل الارواح المتعمد.. القتل الذي لا يغفره الله والقانون فيه فمن أكون انا لأسامح بتلك السهولة ؟ !!!! 

والكارثة كانت بالنسبة لحور أنها تدرك كل ذلك.... تدرك الألم الذي ينبض داخله مستوطنًا ما تبقى من إنسانيته لتصبح شظايا فتتها الألم.... 

ولكن فطرتها الانثوية تغلب عقلهـا فتجعلها تندب حظها وضعفها وتضحيتها تلك....!!! 

فتحت عيناها مرة اخرى لتجده ينهض مبتعدًا عنها وهو يهز رأسه وكأنه على وشك الجنون..!! 

نهضت ببطء تنظر له لتجده فجأة يمسك برأسه ويهتز نوعًا ما وكأنه على وشك أن يفقد وعيه !!! ... 

ركضت حور بفزع نحوه تسأله :

-عاصي ما بك ؟؟ 

ولكنه نفض يداها عنه باشمئزاز صارخًا :

-ابتعدي لا تحاولين حتى لمسي !! 

حينها بدات تشير له بيداها متمتمة :

-ارجوك اهدأ.. سأفعل ما تريد ولكن اهدأ لا تنفعل أكثر عاصي 

-اتصلي به الان 

قالها وهو يمد يده لها بهاتفه لتأخذه هي بيد تحمل رعشة واضحة لتطلب رقم علي الذي أملاه عليها ولكن وجدته مغلق.... فحدقت بعاصي بسرعة وهي تتشدق بــ :

-هاتفه مغلق الان.. 

اقترب من الفراش ببطء مغمضًا عينـاه لأول مرة يهاجمه ذلك الدوار.... وتلقائيًا ركضت هي تجاهه تحتضنه بفزع وكأنها تخشى شبح فقدانه الذي يلوح لها :

-ارجوك لا تفعل هذا.. لا تُخيفيني عاصي.... انا لا استطع تخيل تلك الدنيا بدونك !!! 

نطق بصوت واهن بعض الشيء ولكنه مازال محتفظ بخشونته :

-ابتعدي حور... لا تدعين العشق رجاءًا.. مَن يعشق يشعر بمعشوقه يا زوجتي العزيزة... اما أنتِ تُشعريني أحيانًا انني ظالم متجبر سادي اعشق العنف والمعاملة الجارحة اعشق الاهانة واعشق انقلاب حياتي هكذا !! أ آآ 

ولكن في اللحظة التالية وجدت نفسهـا تكتم باقي حروفه بشفتاهـا.... لا تدري من أين اقتحمتها الجرأة فأقحمتها في دائرة اخرى دون نهاية !!.... 

شعرت برجفته الخفيفة ورفضه الواضح عندما قطعت القبلة وابتعدت عنه.. ظلت مقتربة منه تسمع أنفاسه السريعة الخشنـة... لتهمس بصوت مبحوح امام وجهه :

-أنت روحي عاصي.. هل يوجد مَن لا يشعر بروحه ؟؟! لو لم اكن اشعر بك لما تحملت تلك الحياة ولو ساعة واحدة... اقسم انني لم اكن لأهتم بعشيرة او غيرها !! ولكنني ابرر لك دائمًا بجراحك الغائرة 

وبحركة مباغتة كان يجذبهـا من خصرهـا ليجعلها تتمدد على الفراش وهو فوقهـا.... أنفاسه تضرب عنقها الذي يتوق للمساته ومشاعره مهتاجة تتصارع مع فوران عقله في تلك اللحظات... 

ليطبع قبلة عميقة على جانب ثغرهـا الذي يفجر بحور من الشوق والرغبة داخله ثم ردد بصوت هائج من فرط العاطفة :

-وبرري لي شوقي لإلتهامك الان لأني احتاج ذلك المبرر جدًا....!!!! 

وفي اللحظة التالية لم تستطع النطق امام هجومه الشغوف عليها وهو يلتهم شفتاها في قبلة عميقة شغوفة محملة بالرغبة والعاطفة القوية التي هزت كيان كلاهمـا ويداه تعرف طريقها لجسدها المشتاق.........! 


                                    *****


إنتبهت ريم على الفور لـظافر الذي كان كمن تلبسه شيطان يرفض الخروج منه الا بعد ارتكاب ابشع الجرائم...!! 

فنهضت على الفور وهي تنطق بحروف متفرقة كالشرق والغرب :

-انتهى حديثنا يمكنكم المغادرة حتى لا نعطلكم اكثر !! 

سار عاصي يلتهم خطوات سريعة متهورة نحو ريم ليقبض على ذراعها بعنف وهو يصيح في الجميع :

-ليس لدينـا بنات للزواج يا سيدة 

ثم سحب ريم خلفه ليصعد بها نحو الأعلى بخطى مجنونة أشعرت ريم بفاجعة ما حدث فبدأت تتحدث بصوت خافت :

-ظافر رجاءًا انتظر لأشرح لك 

ولكنه لم ينطق بحرف واحد... الغضب الذي بداخله مَحى الأبجدية داخله فبدا كرجل محترق بدائي في عالم العشق والغيرة....!! 

وصل بها للغرفة وأغلق الباب خلفهم بالمفتاح ليضعه في جيب سرواله... عادت ريم للخلف بسرعة حتى اصبحت ملتصقة بالحائط وكأنها تحتمي به.. بدأ ظافر هو الاخر يقترب منها حتى اصبح على بُعد خطوة واحدة واخيرًا انفجر طوفان جنونه الهيسيتري وهو يصرخ مزمجرًا فيها :

-كيف تجلسين مع رجل يطلبك للزواج وأنتِ متزوجة ؟؟ كيف؟؟؟ اجيبي ؟!! 

ظلت تهز رأسها نافية بلهفة :

-ولكني لم أقابله لأنني موافقة بل.... آآ... 

قاطعها وهو يقترب منها فهزت رأسها نافية وهي تشير له بيدها كالأطفال تمامًا :

-ابتعد... لا تقترب ابتعد وإلا..... 

رفع حاجبه الأيسر ساخرًا :

-وإلا ماذا ؟؟؟ 

كادت تبكي فعليًا وهي تهمس بنبرة بريئة كطفلة مرتعدة :

-سأبكي... 

رغمًا عنه ابتسم وكاد ينفجر ضاحكًا ولكنه تماسك بصعوبة على براءتها التي تطلق افواجًا من العشق الدفين داخله متناغمًا مع لحن براءتهـا فيشكلا أعزوفة رائعة من العشق المتكامل....!! 

اقترب منها اكثر فاكثر حتى اصبح شبه ملتصقًا بها يبعد خصلاتها بطرف إصبعه عن وجهها الناعم وهو يهمس :

-لمَ لا تقدرين تلك الغيرة التي تحرق احشائي ريم ؟؟ أنا اغااااار وبجنون 

ثم رفع وجهها فجأة بقوة وهو يهدر فيها بعنف فاحت منه الغيرة :

-أنتِ لي ولن تكوني لسواي... أنتِ ملكِ ريم ولا يحل لكِ الجلوس حتى مع رجل غريب !! 

كانت ريم تومئ موافقة عدة مرات بسرعة.. ليرفـع حاجباه بمكر وهو يغمغم :

-ولكنني سأعاقبك بالتأكيد 

ثم رسم الخشونة مغموسة بالشراسة على خلفية ملامحه الخشنة... لتتابـع ريم بلهفة :

-سأخبرك بشيء مهم تذكرته يجب أن اخبرك به ولا تعاقبني

وبالرغم من أنه متيقن أنها تحاول إلهاءه عن عقابه الذي سيتلذذ به حتمًا... إلا انه ابتسم وكأنه يجاري ابنته البلهاء وقال :

-أخبريني صغيرتي 

ابتلعت ريقها وهي تستطرد بوهن :

-أنا لم أتفق ابدًا مع أطياف.. حتى أنني لا ادري ما الذي كانت تفعله عندنا ذاك اليوم !! ولكن عندما قلت ما قلته حينها ظننت أنني أرد لك الصفعة

زفـر ظافر بعمق أكثر من مرة... ليقترب اكثر حتى بدأت انفاسها تضطرب وهي تحدق به بتوتر لتشعر بكهرباء تضرب جسدهـا عندما لثم رقبتها البيضاء بعمق وهو يردد دافنًا وجهه عند رقبتها :

-أعلم... ولكنني ادركتٌ ذلك متأخرًا.... 

ولم يقوى على الابتعـاد... يشعر بوحوش داخله تطالبه بها... تطالب امتلاكهـا تتهافت شوقًا لصك ملكيته على كل إنش بهـا....!! 

اصبحت القبلة عدة قبلات متطلبة حارة على رقبتها وكتفها تكاد تذيبهـا... ويداه تحيط خصرها بتملك حتى لا تهرب منه فيُشبع جوعه المضني لها.....

كان يود التوقف... يود الابتعاد ولكنه كان طلب صعب المنـال خاصةً عندما لامست شفتاه شفتاها المكتنزة فنفذت كل ذرة كانت تحثه على التوقف...... 

سحبها له اكثر يلصقها به وهي كانت منصهرة بين يداه لا تستطع سوى الاستجابة.... 

إلى أن لاح سؤال بعقلها فجأة فحاولت الابتعاد وهي تردد لاهثة :

-ظافر.... هل لك علاقة بموت والدي فعلاً؟؟؟؟ 

استطاعت انتشاله من حالة الشجن والتعمق التي كان يغرق بها ببساطة بسؤالها الجامد.... فكان رده هو الاخر لا يقل تأثيرًا عليها :

-نعم.... كان لي علاقة يا ريم !!!


                                    ******


بعد يومـان..... 


دلفت "حور" إلى الغرفة بهدوء قاتـل... منذ اخر مرة كل الذي تعلمه أن علي هاتفه مغلق حتى تلك اللحظة... فشعرت أنها فرصة اخرى من القدر لفض ذلك الاشتبـاك الدموي الذي كان على وشك الحدوث... 

جالت بنظرها في إنحاء الغرفة لتجد عاصي مازال نائمًا... عقدت حاجباها بقلق وهي تقترب منه هامسة بصوت متوجس :

-عاصي... 

ولكن لم تجد رد... جلست على طرف الفراش جواره لتشهق بخوف حقيقي عندما وجدت جسده ينتفض بشكل ملحوظ... فمدت يدها تلقائيًا ترفع عنه الغطاء لتجد وجهه متعرق بكثرة وهو ينتفض ويردد عدة كلمات بهيستيرية جعلت تيقن أنه مُصاب بـ حمى !!! 

مدت يدها تتحس وجهه بفزع وهي تهمس :

-عاصي... عاصي هل تسمعني ؟!!! 

ولكنه بدا وكأنه في عالم آخـر... يغمغم ببضع كلمات ويزداد تعرقـه... اقتربت بلهفة حانية تطبع قبلة امومية رقيقة على جبينه لو كان متيقظًا لكان ردها لها عدة قبلات متلهفة يلتهم فيها ثغرهـا.....!! 

كادت تنهض بسرعة لتجلب له طبيب او ما شابه ذلك ولكنه امسك يداها بضعف وهو يغمغم بشيء غير مفهوم تمامًا....

فاقتربت حور من فمه لتسمع واردفت :

-ماذا تقول اخبرني حبيبي ؟؟ 

سمعت صوته الواهن الذي جمدها مكانها وهي تحاول استيعاب تلك التعويذة التي اُلقيت على مسامعها :

-أنا أعشقك... أنتِ... أنا... حور... أنا أموت عليكِ حد الهوس حبيبتي !

 

...................................... 


وفي الخارج عندما كان هاتف عاصي يرن باسم علي ظنًا منه أنها حور لان عاصي ارسل له رسالة بأسم حور.... 

امسكت والدة عاصي الهاتف لتغلق الاتصال ثم بدأت تكتب له رسالة مختصرة ولكن نتائجها تعلن بداية حرب لم تنتهي بعد 

" لا يمكنني الحديث... ولكن مهما حدث لا تأتي ولا تجيب على اتصالاتي الفترة القادمة يا علي....... حور " !!!!!!! 

تنهدت وهي تحدق بالرسالة قبل ان تضغط ارسال ثم رمت نظرة مترددة نحو الغرفة وهي تهمس بصوت متوتر بعض الشيء :

-اعتذر حور ولكن لا يمكنني ان اسمح لأبني أن يقابل ذلك القاتل علي ليصبح قاتل مثله !!!!!!! 


                                     ******


يتبـع...

حورية بين يدي شيطان 


الفصل الحادي عشر (الجزء الثاني) :-


ظلت "حور" طوال الليل تفعل له "كمادات" لتنخفض حرارته... ترعـاه بقلبها الملهوف قبل يداها.. تقبل جبينه كل لحظة وكأنها تتأكد أنه جوارهـا.... وأن هاجس الخوف مجرد ذبذبات لا يمدها الواقـع بدعمه..!!! 

بدأ عاصي يفتح عيناه رويدًا رويدًا وهو يحرك يداه بتلقائية لتصطدم يده بخصلات ناعمة... فتح عيناه بسرعة ليجد حور تنام على جانب الفراش وتضع يداها اسفل وجهها وكأنها كانت تراقبه ولكنها غفت ولم تشعر....!! 

للحظة ماجت عينـاه بالشفقة منصهرة وسط لفائف عشق متناثـرة... ليمد إصبعه برقة يبعد خصلاتها عن عينـاهـا.... يبدو أنه ظلت طوال الليل جواره !

قالها لنفسه وهو يقترب بعقل مُغيب ليرفع رأسها ببطء ويضعها على صدره فتصبح نائمة على صدره..... 

أنفاسها كانت تداعب رقبته فتجعله يود احتضانهـا... يود زرعها بين احضانه ولا يُخرجها ابدًا......

وبالفعل لف يداه حول خصرها برقة حتى لا يوقظها ثم ضمهـا له بحنان ينعم بذلك الاحساس الذي يُنعش خلايـاه.... 

ظل يتحسس رأسها بحنان كطفلة صغيرة وهو يهمس بصوت حمل شجن واضح :

-آآه من قرب أهلكني... ومن بُعد أحرقني !! 

بدأت حور تفتح عيناها رويدًا رويدًا وما إن شعر بها هو حتى دفعها ولكن برفق نوعًا ما ليردف وكأنه غاضب :

-ماذا تفعلين هنا ؟؟ 

للحظات امتلكها التوتر فبدأت ترد بتلعثم :

-كـ آآ... أنت كنت مريض ! 

كان ينظر لها بصمت... وكأنه يستجدي ملامحها الطفولية لتسحب حروف الشكر من بين شفتاه،،، ثم همس بالفعل :

-شكرًا... وقريبًا سأرد لكِ معروفك هذا 

رفعت حاجبها مستنكرة بشدة :

-ولكنه لم يكن معروفًا يا عاصي.. لقد كان واجب عليّ لانك زوجي ورفيق دربي ! 

منحنى الحديث بدأ يأخذ مجرى اخـر لا يريده... لذلك نهض ببطء وهو يزفر متمتمًا بملل :

-لا تبدأين تلك الاسطوانة رجاءًا... 

لملمت خصلاتها المبعثرة وهي تخبره بتردد :

-والدتك أتت اطمئنت عليك واخبرتني أن أسيل اتصلت وطمأنتها انها بخير.. ومعنى أنها استطاعت الاتصال انها بخير بالفعل، ولكنها لم تستطع انتظارك حتى تخبرك بنفسها لانها غادرت صباح باكر 

ثم نهضت هي الاخـرى عندما وجدته يقابل كلامها بالصمت البارد...تنهدت بصمت... بدأت تعتاد على قانون الشد والجذب ذاك..... مرة يلين ومرة يعود أقسى من الاول...!! 

وفجأة وجدته يسحبهـا من يداها له لتصبح بين احضانه... وقبل ان تنطق كان يستند عليها بيداه وكأنه مُتعب ويستطرد بصوت أجش :

-ستعاونيني لأخذ حمامًا باردًا.. الدوار مازال يداهمني !! 

لمجرد الفكرة استوطن الاحمرار وجهها الصغيـر لتهز رأسها نافية بصوت مبحوح :

-لا... ماذا تقول !! بالطبع لا 

جذبها من خصرها ببطء وهو يسيـر... يحدق بعيناها التي تهتز بعنف لامعة ببريق يعلمه جيدًا.... ليهمس بصوت كسحـر يخضعها له :

-نعم... 

رمشت ببلاهة هامسة :

-ماذا ؟!!! 

عاد يكرر بنفس النبرة :

-نعم... قوليها 

همست كالبلهاء :

-نعم 

اصبحوا امام المرحاض فخلع التيشرت برشاقة وبحركة سريعة لتبتلع ريقها بتوتر وهي تشيح بنظرها عنه... فوجدته يقترب اكثر لاثمًا وجنتها بعمق وهو يردد بعبث :

-لا تقلقي سأستحم بأدبي ! 

حينها لم تستطع سوى ان تطلق ضحكة صغيرة خافتة على ذكر سيرة "الأدب" ثم تبعته بخجل كاد يحرقها بينما هو يستمع لنداء قلبه قليلاً ثم سيعاود الخضوع لعقله ايضًا بعد قليل بالتأكيد....... ! 


                                    *****


كانت أسيل تقف خلف باب الغرفة التي يحبسها بها علي منذ أن اختطفها ذاك اليوم... نعم اختطفها وماذا يُسمى ما فعل غير ذلك !!!.... 

سمعت صوت خطواته القريبة فعلمت أنه وصل... امسكت المزهريـة التي كانت موضوعة ووقفت خلف الباب استعدادًا لما ستفعله الان.... 

لازالت تتذكر عندما اعطاها هاتفها لدقائق تتصل بهم بشقيقها فقط ثم عاد يأخذه منها...!! 

وربما هذا ما زادها اصرار على الهروب.. على الفكاك من بين قبضتـا ذلك القاتل بأي طريقة كانت....... 

وبالفعل فُتح الباب وعلي ينادي باسمها بقلق :

-اسيل

وفي اللحظة التالية كانت تضربه على رأسه بالمزهرية بقوة جعلته يسقط ارضًا وهو ممسك برأسه يتأوه بألم واضح وسرعان ما كان ينزف.... 

لوهله ألمهـا قلبه غارزًا ذلك المشهد بمخيلتها الحمقاء التي أمرتها أن تفعل تلك الفعلة الشنيعة..... ولكنها نفضت اللوم عن قلبها بأصرار على الهرب وبالفعل سحبت حقيبتها التي حضرتها واخذت المفتاح ولم يكن هناك وقت للبحث عن هاتفها فخرجت مسرعة متجاهلة أنين علي الذي يهمس بأسمها قبل ان يغيب عن الوعي....... 

خرجت من ذلك الفندق الصغير وهي لا تعلم حتى أين هي... ظلت تركض وتركض مبتعدة عن الفندق... تركض ولا تفكر سوى بالهرب فقط.... 

لا تعلم ما ينتظرها بعد الهرب ذلك وماهو اسوء منه... !!!!!!

ظلت تركض إلى ان وجدت من يسحبها له بعنف ويكتم شهقتها قبل ان تصرخ و....... 


                                   *****


دلفت والدة ريهام إلى الغرفة بهدوء لتجد ابنتها تلقي الهاتف بغضب على الفراش.. فجلست على طرف الفراش وهي تردد بحنق :

-مازال لا يجيب على هاتفه ايضًا ؟؟؟!! 

اومأت مؤكدة ثم انفجرت تصرخ مزمجرة بعصبية مفرطة :

-منذ خطبتنا وهو يتجاهلني من الاساس.. يجيب على اتصالي مرة ويتجاهله ألف مرة.. لا يتصل بي ولو مرة واحدة... لا يعزمني على عشاء في الخارج كأي اثنان تمت خطبتهم 

مطت والدتها شفتاها بأسف وهي تردف :

-والدك يعتقد أن علاقتكمـا جيدة.. لذلك لم ينهيها !! 

إحتدت نظرات ريهام وهي تحذر والدتها بجدية تامة :

-ولن يعلم.. لن تنتهي خطبتي بـ عاصي يا أمي،،،، عاصي دخل عقلي ولن يخرج منه !!!! 

ضيقت الاخرى عيناها وهي تسألها متوجسة :

-يعني ؟؟؟ ماذا ستفعلين الان!!؟ 

رفعت ريهام رأسها وهي تنظر للاشيء.... وداخلها شيء يردد بصوت جمهوري سيطر على زمام العقل والروح 

" عاصي لها... اصبح لها وانتهى الامر "!!! 

لم تنظر لوالدتها وهي تتابـع بشرود :

-بالتأكيد زوجته هي سبب ذلك الجفاء 

ثم نظرت لها بهدوء متشدقة بـ :

-انا سأتصرف.. اتركيني الان يا امي رجاءًا 

هزت والدتها رأسها بقلة حيلة ثم نهضت بالفعل لتغادر فأمسكت ريهام بهاتفها تتصل برقم ما ثم وضعت الهاتف على اذنها منتظرة الرد.. دقيقة وجاءها الرد بصوت رجولي اجش :

-مرحبًا 

ردت بابتسامة غريبة :

-مرحبًا حسين.. احتاجك بشيء مهم 

سألها الطرف الاخر :

-بالتأكيد ريهام.. انا بالخدمة دائمًا 

-سأخبرك ولكنه شيء في غاية السرية وايضًا لا يحتاج تردد... هل ستستطع ام أرى شخصًا اخر ؟!!!! 

-لا تقلقي.. اخبريني 

اخفضت صوتها ثم بدأت تسرد له ما تفكر به رويدًا رويدًا وبحروف متقنة وعقل ماكر متيقظ مدبر.....

حورية بين يدي شيطان 


الفصل الثاني عشر :- والثالث عشر والرابع عشر


صباح يوم...... 


كانت حور تقف في الحديقة امام بعض الزهور والأشجار لترويهـا بابتسامة ناعمة ووجه ابيض متورد مبتسم للحيـاة التي أظهرت له جانبًا من التقبل !!... 

وفجأة وجدت من يحيطها من الخلف ليمسك بـ رشاش الميـاه وهو شبه محتضنها من الخلف.... ثم ردد بصوت هادئ ولكن لاح به بعض المرح :

-لا تُمسك هكذا.. بل هكذا !! 

عضت حور على شفتها السفلية بحـرج... قُربه منها بهذه الطريقة يُسبب حالة من الهذيـان لثنايا العقـل التي تحاول التدرج تحت حالة التصنم الاجبـاري.....

فحاولت اخراج صوتها الذي خرج متوترًا مبحوحًا :

-حـ... حسنًا أنا سأفعلها اتركها عاصي 

هز رأسه نافيًا وهو مازال يحيطها من الخلف.. فتابـع بعبث دغدغ حواسها :

-لا.. الوضع جيد جدًا هنا 

همست بحروف مشتتة كحالتها المثيرة للشفقة :

-عاصي !!! 

تأوه عاصي بصوت مكتوم... يا الهي.. مجرد همسة منها تفعل به الافاعيـل... تجعله يود دفنها بين احضانه فلا يسمع صوتها الناعم هذا ولا يراها سواه.....!! 

عاد لرشده وهو يحاول سحبها منه :

-اعطيني اياها انا سأسقيهم 

هزت رأسها هي الاخرى بعناد :

-لا لا.. أنا مَن بدأت بها وانا مَن ستُنهيها اتركها 

-قلتُ لكِ اتركيها وتخلي عن هذا العِند قليلاً... 

ظل يحاول جذبها من بين يداها وهي تحاول الحفاظ عليهـا.... والمياه تتناثر عليهم نوعًا ما... ولكن عندما ازداد الشد والجذب بينهم ارتمى رشاش المياه لأعلى فغرقهم تمامًا بالمياه مما جعل حور تشهق من المفاجأة وملمس المياه على جسدها..... 

وعاصي تجمد مكانه للحظة مبهوتًا يحدق بها وبه بأعين متسعة ثم وفي اللحظة التالية التي كانت خيط رفيع ينساب من بين جوانح عشقه المتخفي كان ينفجر ضاحكًا على مظهرهمـا لتشاركه حور الضحك بأريحية... كلاً منهما يتعامل بتلقائية في تلك اللحظات.... دون ان يفكر هو انها شقيقة القتلة... ودون ان تفكر هي انه مَن أهانهـا بكثرة في الفترة الماضية !!!! 

بدأا يتوقفا عن الضحك تدريجيًا... فكادت حور أن تسير بهدوء ولكن قدماها اهتزت وسط الارض المبللة لتترنح في وقفتها ثم كادت تسقط صارخة بألم :

-ااااه... عاصي !!! 

نطقها لأسمه كان بمنتهى التلقائية ورد فعله المتهافت للحاق بها كان تلقائي ايضًا..... 

امسك بها ليحيط خصرها بحركة عفوية قبل أن تسقط... ليظل الاثنـان على حالتهم الساكنة.... والأعين تتلاقى في طريق مظلم أضاءه وميض العشق !!... 

تحركت إصابع عاصي دون ارادة منه لتتحسس وجنة حور التي اغمضت عيناها بتلقائية تستمتع بملمس يداه على وجنتها..... لتسمع همسه الذي أطرب اذنها بعدها :

-أنتِ جميلة،،، جميلة جدًا حور ! 

حينهـا بدأت تفتح عيناها ببطء... لتطل عيناها البندقيـة الطفولية.... فأعادته رشده وهي تذكره لمَن تنتمي.. هب منتصبًا في وقفته ليبعدها عنه فتنحنحت هي الاخرى بحرج ثم هتفت :

-شكرًا لك 

اومأ برأسه دون رد فكادت حور أن تسير ولكنه قاطعًا صارخًا بصوت مستنكر :

-انتظري.. هل ستدخلين هكذا ؟؟؟

قالها وهو يشير لملابسها التي اصبحت ملتصقة بها بسبب المياه.... فعقدت هي حاجباها بعدم فهم يليه همسها ببلاهه :

-نعم.. لماذا ؟!! 

كز على أسنانه بغيظ واضح تفجر في اورته لمجرد تخيله ان رجل اخر يمكن ان يراها بهذا المنظر الذي جعله يكاد يحترق شوقًا لها.....!!

فاقترب منها بخطوة سريعة مما جعلها ترتد للخلف بقلق... ودون تردد كان يحملها بين ذراعاه كريشة خفيفة فشهقت هي معترضة برقة :

-ماذا تفعل عاصي اتركني !!!! 

نفى بصوت حازم خشن :

-ليست زوجتي مَن تسير بملابس ملتصقة هكذا ويراها مَن يراها من الخدم 

ورغمًا عنها ارتسمت ابتسامة تلقائية على ثغرها... ودقات قلبها تهتز بعنف مجنون.... يغار... عاصي يغار...!!!! 

امنية ثانية من امنياتها تحققت... وكم أنت كريم يا الله !! 

همستها لنفسها وهي تلف يداها حول رقبته.. وبصوت عذب رقيق تهمس دون ان تعير صدمته المرتعشة وتصلبه اهتمام :

-انا اعشقك عاصي.......


                                    *****


حاولت أسيل أن تفتح عيناها ولكن شيء صلب كان يربط عيناها فيجعلها عير قادرة على تحريك جفناها حتى... منذ شعرت بمن يكبلها حينها ولم تشعر بأي شيء بعدها وفقدت الوعي !!..... 

كادت تبكي وهي تهمس بصوت مبحوح :

-مَن أنت وأين انا ؟؟! 

سمعت صوت رجولي خشن وأجش يأمرها :

-اصمتي.. سيأتي الان

وبالفعل صمتت.. تشعر بالرعب يتسلل لجميـع خلاياهت مسببًا لها حالة من الاضطراب والهرج والمرح الاجباري....!!!! 

وبعد دقيقتان تقريبًا سمعت صوت باب يُفتح ثم يُغلق.. ابتلعت ريقها بتوتر وداخلها تدعو الله أن لا يكون ما جال بخاطرها صحيحًا.... 

وفجأة شعرت بملمس اصابع خشنة باتت تكره لمستها وهي تتحسس وجهها ثم صوته القذر يهتف بسماجة :

-نعم... انه انا.. زوجك العزيز يا أسولتي ! 

حينها زمجرت فيه بحدة كقطة شرسة :

-أنا لستُ زوجتك أيها اللعين أنا طليقتك !! 

تأوهت بألم عندما جذبها من شعرها يضغط عليه بعنف وهو يصرخ بها في المقابل :

-بلا... أنتِ ستظلين زوجتي شأتي ام أبيتي 

كادت دموعها تخونها لتهبط على وجنتها ولكنها تماسكت بصعوبة ورغم ذلك خرج صوتها صلبًا جامدًا وهي تسأله :

-ماذا تريد ثامر ولماذا اختطفتني ؟!! 

رد عليها بكل جرأة وفجاجة :

-أريدكِ أنتِ أسيل... اما لماذا اختطفتك فلا يجب أن تسألين هذا السؤال لانه يُثير جنوني زوجتي العزيزة.. اختطفتك لانكِ ترفضين الحديث معي او حتى رؤيتي وذلك المعتوه يظن انه له كامل الحق فيكِ ليمنعني رؤيتك تمامًا 

تلوت شفتاها بألم وهي تخبره :

-لمَ لا تريد أن تفهم يا ثامر ؟؟؟!!!! أنا تحملتك اكثر ما يمكن ان يتحمل بشر،،، وانتهت تلك القدرة على التحمل.. نحن انتهينا ثامر ارجوك افهم ذلك 

زمجر فيها بجنون شياطين مُخيف تلبسه بلحظة :

-لا لم ننتهي... لم ولن ننتهي أسيل، أنتِ لي ولن اسمح لكِ أن تكوني غير ذلك 

لم تترد وهي تصرخ به هي الاخرى :

-ستتركني وشأني شأت ام ابيت...!!! 

وجدته يحيط وجهها بين يداه برفق.. ثم تابـع بمكـر رن بوضوح مصطدمًا بطبلة اذنها :

-ما رأيك أن نُعيد المحاولة ربما أنجح وتُغيرين رأيك..؟! 

إتسعت حدقتاها ورددت مستنكرة،، مصدومة :

-نُعيد ماذا ؟؟؟؟ 

كانت شفتاه تنتقل على وجهها ببطء بدا لها مثير للاشمئزاز واستطرد بخبث :

-محاولة لمسك حبيبتي... المحاولة التي فشلت مسبقًا ربما استطع الان واكون شُفيت ؟!!!!! 

هزت رأسها نافية بسرعة هيستيرية :

-بالطبع لا هل جُننت يا ثامر انا متزوجة الان ؟!! 

بدا لها مجنون فعليًا وهو يردف بصوت غريب ولكنه شيطاني كفحيح افعى :

-لا يهمني،، سأنفذ ما اردته ربما انجح وتكونين الاولى أسيل...........!! 


                                  ******


كانت ريم بغرفتها تضم ركبتاها لصدرهـا وتحدق بالأرضية بشرود تام... لازالت تتذكر ما حدث بوضوح.. حديث ظافر الذي كان واهي بالنسبة للاتهامات التي وُجهت إليه بعدهـا.... 

كلامه مازال يتردد بأذنيها للتو 

" كان لي علاقة ولكن بغير عمد يا ريم.. أنا مَن تسببت أن يصعد والدك في السيارة التي مات بها لانها كانت سيارتي انا.. وأنا مَن خلقت العداوة بيني وبين الرجل الذي قتله " !!! 

ولكن كلما حاولت تصدقيه يعود كلام والدتها التي انفجرت فيها تصرخ 

" لا تصدقيه انه كاذب يحاول التبرير امامك.. ولكنه لم يخبرني بذلك ابدًا قبل ان تعلمي أنتِ،،، انا اخاف عليكِ حبيبتي هو سيدمرك كما دمر والدك انا متأكده " !!!! 

ولكن "ريم" ليست متأكده من أي شيء... تصدق والدتها التي يجب ان يكون كلامها شيء مُسلم به.... ام تصدق التصرفات المغموسة بالحنان والحب التي اغدقها ظافر بها منذ أن وعت لتلك الدنيـا....؟!!! 

تحتاج "حور" تحتاجها وبشدة في تلك المواقف... ولكن تحذير زوج والدتها وهو يأمرهم بعدم الذهاب لها حتى لا يثيرون المشاكل بين العائلتان منعها....!! 


مسحت على رأسها اكثر من مرة وهي تتنهد بصوت مسموع... ثم نظرت لهاتفها وهو يرن للمرة التي لا تذكر عددهـا.... تأففت وهي تمسك به مرددة :

-ماذا يوجد يا ظافر حتى تتصل بي اكثر من 15 مرة ؟!! 

سمعت صوته الهادئ وهو يخبرها :

-انتظرك اسفل البناية معك عشر دقائق لتصبحي امامي والا سأصعد انا وأحضرك رغمًا عنكِ 

قال كلماته ثم اغلق الخط بكل بساطة وسلامة نفس... كزت ريم على أسنانها بحدة ثم نهضت لترتدي ملابسها وداخلها يتوعد له...... 

وبالفعل انتهت وهبطت له بسرعة لتجده ينتظرها في سيارته.... صعدت السيارة وهي تزمجر فيه بعصبية :

-ماذا يوجد هل قامت القيامة يا سيد ظافر ؟!!! 

هز رأسه نافيًا ببرود :

-لا ولكنني أعددتُ لكِ شيء اردت أن ترينه الان 

كادت تنطق بشيء اخر ولكنه اشار لها بيداه محذرًا وعيناه تقدح شرارة :

-يكفي الان ستعلمين ما إن نصل ... 

وبالفعل تذمرت بصمت وهي تمط شفتاها لتبتلع باقي حروفهـا وتصمت..... 

وصلا المكان المجهول ليترجل ظافر اولاً ثم توجه ليجلب ريم بهدوء ويسيرا معًا للداخـل.... كان المكان واسع جدًا وخالي لا يوجد به سواهم !!! 

وفجأة وجدت ريم نفسها تقف امام مساحة واسعة جدًا من الخضـار.... زهور واشجار تحيطها من كل جانب.. وفي الارض بالونات بعدد كبير جدًا يملأ الارض... كانت لوحة مرسومة بتخطيط فنان اودع فنه كله للعشق... لعشق تلك الصغيرة خصيصًا......!! 

تلقائيًا امتلأت عينـا ريم بالدمـوع وهي تسير وسط البالونات... يحدث ما تمنت يومًا.... أن يعد لها حبيبها مفاجأة ويحضر لها البالونات... ولكنها لم تتوقع ان يتحقق الحلم ليجعل قلبها يخفق بتلك الطريقة !!!.... 

انخفضت ببطء تمسك بـ احدى البالونات لتجد مكتوب عليها 

" أنـا.... " 

تركتها وهي تسير قليلاً لتمسك بالونة اخرى وجدت مكتوب عليها 

" أسف... " 

تركتها ثم امسكت اخرى لتجد 

" يا ريم " 

اتسعت ابتسامتها وهي تتحرك لتمسك اخرى فوجدت 

" أنـا...." 

فركضت تمسك الاخيرة بلهفة ووجدت 

" أعشقك صغيرتي " !! 

استدارت لتحدق بظافر الذي كان يراقبها واضعًا يداه في جيب بنطاله... ودون تردد كانت تركض تجاهه وبكل الجرأة التي خُلقت داخلها من قلب ينبض بعنف ولاول مره.... وعينـان تضخ سعادة ووميض اُنير لاول مره كانت تقبله بشغف برئ طفولي...!! 

في البداية تصنم هو بصدمة ولكن سرعان ما كان يلتهم شفتاها بلهفة وشغف وجنون اكبر... وكأن عاصفة ضربت بكلاهمـا.... 

لم يترك شفتاها الا عندما شعر بحاجتها للهواء.. وما إن ابتعد حتى همست هي بصوت لاهث :

-وانا اعشقك ظافر... اعشقك بجنوووون !!!!! 


.......................................


وفي الطرف الاخر كانت عينان تراقبهم بغل واضح وترقب أسد يود الانقضاض على فريسته ليقضي عليها تمامًا.... 

رمى سيجاره ارضًا وهو يردد بصوت اجش يحمل حقدًا دفينًا :

-عش سعيد قليلاً يا ظافر.... فالجحيم ينتظرك بعد قليل "..... 


                                     *****

 

في يوم اخر..... 


الأيام تمر وعاصي لا يستطع الوصول لأسيل او علي اطلاقًا... واكتملت الكارثة عندما لم يستطع الوصول لثامر ايضًا.....!! 

بدأ يشعر أن تيارت القدر تعارضه وبعنف... تعارضه بقوة بدأت تُشعره بالاختناق الحقيقي يقبض على صدره فتجعله يتلوى من مرارة العجز والألم...!!!! 

كان جالسًا على الاريكة في المنزل يقلب في هاتفه بجنون عشوائي... ولسوء الحظ وجد تلك الرسالة فبدأ يقرأها مرة واثنان وثلاثة وكأنه غير مصدق 

" لا استطيع الحديث ولكن لا تجيب على مكالماتي ولا تأتي ابدًا يا علي.... حور " ! 

احمرت عيناه بطريقة مُخيفة وهو يضغط على الهاتف بين يداه بعنف حتى برزت عروقه بشدة.... في نفس اللحظات التي كانت حور تسير فيها باتجاهه بحسن نية وبابتسامة هادئة ارتسمت على ثغرها بمجرد ان رأته و................ 


                                    ******


يتبـع.... 


حورية بين يدي شيطان 


الفصل الثالث عشر :-


بمجرد أن اصبحت حور امامه نهض ليسحبهـا من يدها بحزم متجهًا بها نحو غرفتهم وحور تتبعه بصمت يحوي بين ثناياه قلق واضح.... 

دلف الى الغرفة ثم اغلق الباب فسألته حور حينها بتوجس :

-ماذا حدث عاصي ؟ 

رفع الهاتف امام عيناها بهدوء تام يسألها بصوت لا ينتمي للأتهام بأي صلة :

-هل أنتِ مَن أرسلتي تلك الرسالة يا حور ؟؟؟ 

اتسعت حدقتاها بفزع حقيقي... بدت لها وكأنها صفعة اخرى قاسية ستسقط عليها من حظها الحالك فنطقت بلهفة دفينة :

-لا.. ابدًا اقسم لك لم آآ..... 

ولكنه قاطعها عندما وضع إصبعه على شفتاها لتصمت... كانت عينـاه مستكينـة.. هادئة تنبض بحنان يملك زمامهـا.... ولكن يكمن خلفهـا شيء من القسوة.. شيء كالنيـران التي تختبيء خلف مقلبات الثلج !!! 

ثم نطق بصوت خشن هادئ :

-أنا اصدقك حور، ثم أنني سألتك سؤال وحيد وواضح 

دق قلبهـا بعنف مائة دقة بالثانيـة... وعقلها لا يستوعب تلك الثقة التي أعادتها لطفولتها عندما كان يفاجئها والدها بشيء ما....!! 

ابتسمت تلقائيًا وهي تقول مستنكرة :

-ولكن هل وثقت بي فجأة هكذا ؟؟؟ 

هز رأسه نافيًا وراح يخبرها بصدق :

-لا.. ولكن أي ابله يصدق أنكِ ترسلين رسالة كـهذه ومن هاتفي وتتركينها دون ان تمسحيها واسمك مكتوب بها ؟!!! حركة غبية مثل الذي فعلها 

شهقت حور بعنف وهي تضع يدها على فاهها :

-هل تقصد أن احدهم حاول توريطي ؟؟!!! ولكن لمَ ؟ 

جذبها له برفق حتى جلسـا على الفراش معًا... ثم بدأ يربت على يدها وهو يردد بنبرة واثقة صلبة :

-أنا لم اتأكد بعد،،، ولكن أعدك ستأكد قريبًا جدًا.... 

وبشكل صادم مفاجئ سألها وهو ينظر لعينـاها التي ترجعه لقرون لم يعهدها من العشق مغموسًا بالحنان الفطري :

-هل تثقين بي حور ؟؟ 

اومأت دون تردد بابتسامة طفولية :

-اكثر من اي شخص.. 

ابتسم تلقائيًا على ابتسامتهـا التي جعلت ضخات قلبه تزداد سرعـة وجنونًا لتثبت له أنه خاسر في مارثون العشق بلا منازع حتى !!.... 

مد يده يتحسس جانب وجهها برقة ثم همس برقة :

-استمري في تلك الثقة ولا تفعلين أي شيء دون علمي، اي شيء حتى لو كان صغير يا حور... ارجوكِ 

كلمته الاخيرة جعلتها تومئ دون ان تفكـر حتى... لانه وببساطة مس جوهـر قلبهـا الخاضـع لجبروت حبه فلا تملك سوى الايماء والموافقة...... 

وهو الاخر كان مأخوذ بسحر تلك اللحظة.. فاقترب منها ببطء... يود تذوق شفتاها مرة اخرى واخرى واخرى.... يود استكشاف طعم شفتاها في كل وقت فيشعر بمذاق كالعسـل بين شفتاه..... 

ولكن بمجرد ان لمس شفتاها وجدها تدفعه بعنف لتركض نحو المرحاض وتفرغ ما في جوفها.. عقد ما بين حاجبـاه بقوة ونفورها الواضح يطعنه في رجولته بعنف.....!! 

ولكن على الرغم من ذلك نهض بسرعة يلحق بها.... خرجت هي الاخرى في نفس اللحظة بوجه شاحب.. مذعور كقط صغير وما إن رأته سارعت تهمس بتوتر رهيب :

-انا آآ... اعتذر.. حقًا لم يكن بأرادتي أنا آآ.... 

ولكن قاطعها عندما زفر بقوة مغمغمًا :

-ليس هناك داعي للتبرير حور.. اقدر أنكِ شعرتي بالاشمئزاز مني !!! 

هزت رأسها نافية بسرعة وهي تخبره :

-لا لا اقسم بالله انني لم اشعر بالاشمئزاز منك ولكني لم اشعر بنفسي سوى وانا اتقيء اعتذر ارجوك لا تسيء فهمي عاصي 

اقترب منها خطوة ليعيد تصفيف خصلاتها بيداه وهو يردف بحنان احتضن كافة حروفه :

-عندما اعود سأذهب معك للطبيبة التي تتابعين معها لنعلم سبب ذلك... والان...... 

ابتسم ثم رفـع حاجباه بمكر وهو يهمس لها :

-اثبتي لي كلامك اذن ؟!!! 

سألته ببلاهه :

-وكيف اثبت لك ؟؟ 

-اقتربي وقبليني

هزت رأسها نافية بسرعة :

-لا لا مستحيل 

ولكنه شدد على حروفه وهو يكرر بمكر رجولي :

-حور... تعلمين جيدًا أنكِ ستفعلينها بالنهاية، هيا لأني سأغادر مساءًا لأكمل البحث عن أسيل واحتاج للراحة كثيرًا...... 

اقترب منها خطوتان ونظراته تحمل عبثًا مغموسًا بجرأة واضحـة... جرأة ولهفة حارة تنبـع من اعماق عاطفته التي ترتبط بها ارتباطًا متأصلاً فتطلبها وبشدة...... 

عضت على شفتاها بخجل فطري وبالفعل ضغطت على نفسها واقتربت منه بتردد... لترفع نفسها وتقف على قدمه حتى تصبح في طوله ثم قبلته برقـة بدائية هادئة على شفتاه.. ولكنه بلمح البصر كان يقترب منها وهو يقبلها بجنونه المعتاد... يأخذها في قبلة اذابت روحها قبل شفتاها... دغدغت جوراحها وجعلتها كالعادة مسلوبة الارادة في ملكوت العشق..........!! 

وبالطبع لم تنتهي الليلة بقبلة بريئة بل بمشاعر لا تنتمي للبراءة بصلة.... 


                                      ****


دلفت حور من الحديقة للمنزل لتجد المنزل هادئ تمامًا بلا صوت.. فنظرت للخادمة التي فتحت لها الباب لتسألها بنعومة :

-هل لا يوجد سواي في المنزل ؟؟ 

فأجابتها الاخرى بجدية عملية :

-لا سيدتي... السيد عاصي مع الأنسة ريهام بغرفة مكتبه في الاعلى 

كزت حور على أسنانها تلقائيًا... وبدأت مخالب الغيرة تنهش ثباتها المزيف الذي تجتهد في رسمه.... لتصعد بخطى شبه راكضة نحو مكتب عاصي..... 

ومن دون ان تطرق الباب حتى كانت تفتحه لتدخل وهي توزع انظارها بحثًا عنهم.. فصُدمت عندما وجدت ريهام تحتضن عاصي وابتعدت عنه ما إن دخلت حور..... اقتربت ريهام من حور تصيح فيها بعصبية مفرطة وكأنها وجدت الحُجة لتخرج الغل الدفين داخلها :

-كيف تدخلين هكذا فجأة دون ان تطرقين الباب حتى ؟؟؟ هل اعتقدتي أنكِ اصبحتي سيدة هذا المنزل فعليًا ؟؟!!! ولكنني أعتذر يجب ان اذكرك انكِ مجرد فصلية ذليلة في هذا المنزل....!! 

ومع اخر حرف لها كانت حور تصفعها بعنف صفعة دوى صوتها في الارجاء الساكنة.... بجرأة لم تدري هي نفسها من أين أتتها ولكن ربما الغيرة الحارقة تفعل اكثر من هذا بكثير......!! 

وقبل ان تتحرك ريهام بأي رد فعل كان عاصي يقترب باتجاه حور... اغمضت حور عيناها بقهر تحاول الثبات وداخلها يخبرها أنه سيرد لها الصفعة بالتأكيد ولكن خاب ظنها عندما وجدته يضع يداه حول كتفاها يضمها له ويلومها برقة شديدة :

-لمَ فعلتي هذا حبيبتي ؟؟ رد فعلك كان قاسي قليلاً...!! 

ذٌهلت ريهام حرفيًا.... لم تتوقع رد فعله البارد الذي كان خلفية واضحة وقاسية لرفضه لها !!!! 

بينما كانت حور في عالم آخـر وكلمة "حبيبتي" تتردد بأذنها بلا توقف....  

انتبهت لصراخ ريهام المجنون وهي تردف متسعة الحدقتان :

-هل هذا ما ستفعله فقط يا عاصي ؟؟ ألن تأخذ لي حقي ؟!!! 

رفع عاصي كتفاه بقلة حيلة مصطنعة :

-ماذا افعل ريهام ؟؟ أنتِ التي أهانتها في منتصف منزلها بكل بساطة

ظلت ريهام تهز رأسها نافية بعدم تصديق ثم حملت حقيبتها وهي تغادر مرددة بنبرة عاصفة :

-ولكني لن اصمت على تلك الاهانة يا عاصي فلتعلم ذلك لن اصمت....... 

حينها شددت حور من احتضانها لعاصي بقوة شديدة وهي تشعر بكيانها كله يرقص من الفرحة....! 


                                   *****


ترك "ثامر" أسيل كما هي لفتـرة كبيرة بحجة أنه سيتركها تتهيء نفسيًا وجسديًا لما سيحدث... ولكن على العكس كل دقيقة تمر تشعر أسيل أنها تسحب روحهـا المتأججة نارًا بجسدهـا....!! 

تبكي بانهيار وتلعن نفسها ألف مرة لأنها هربت من علي، فالان تأكدت أن " نار علي أهون من جنة ثامر الف مرة " !!!.... 

دلف ثامر بخطى بطيئة باردة وهو يقول بهدوء تام :

-كيف حالك أسولتي ؟؟؟ 

لم ترد عليه بل انزلت رأسها ارضًا وهي تتمنى أن تنشق الارض وتبتلعها افضل من الحديث معه... لتجده فجأة اقترب منها ليرفع رأسها بحركة مباغتة وهو يستطرد بتنمر :

-أنا اعد لكِ مفاجأة يجب أن تنتبهي لي جيدًا الان ! 

توقفت عن البكاء وهي تسأله بخوف : 

-ماذا ستفعل اكثر ؟؟؟؟ 

تلاعب بحاجباه بسماجة وهو يخبرها بنبرة بطيئة متمهلة :

-سأتصل بزوجك الحبيب وأخبره مكاننا ليشهد على الحدث العظيم الذي سيحدث 

إتسعت حدقتاها بفزع حقيقي ولكن رغم ذلك شيء من الاطمئنان انتشر مسيطرًا على كل خلية بهـا... لتهمس تلقائيًا :

-علي..... 

جذبها من خصلاتها بعنف يصرخ بها بانفعال :

-لا تتجرأين وتذكري أسمه امامي، سأدمره كليًا اعدك 

ثم نهض بالفعل يمسك بهاتفه ليتصل على الفندق الذي كان يقيم به علي وأسيل ثم طلب منها أن يتحدث مع علي وبالفعل اجابه علي بصوت حاد :

-خيرًا ؟؟؟ 

رد ثامر ببرود قاتل :

-هو خيرًا بالفعل يا علي، أسيل معي... في مكانها الطبيعي وبين احضاني.. ولكني أنتظرك هناك ما يجب أن تراه بعيناك 

حينها سمع زمجرة علي التي كانت كزمجرة ليث حبيس :

-أين أنت أيها ال**** أخبرني بمكانك إن كنت تملك ولو قدر طفيف من الرجولة 

-نحن ننتظرك بـ "......" لا تتأخر لانني لن انتظرك كثيرًا... 

ثم اغلق الخط وهو ينظر لأسيل التي عادت تبكي مرة اخرى بابتسامة مستفزة....... 


مر بعض الوقت ولكنه قصير وبالفعل كان علي قد وصل وهو ينادي باسم أسيل.... لترد أسيل بلهفة صارخة من وسط شهقاتها :

-انا هنا علي... تعالى ارجووووك 

وخلال لحظات معدودة كان علي امامهم ولكن بمجرد ان دلف كان رجلان يمسكان به بإحكـام بينما هو يحاول التملص من بين يداهم وهو يهدر بصراخ عالي يصم الاذن :

-أمرهم يتركوني إن كنت رجل وواجهني رجل لرجل ولكنك لا تعرف معنى الرجولة من الاساس 

بالرغم من الاحتراق الذي نشب داخل "ثامر" ولكنه قال بصوت اشبه لفحيح الافعى :

-اعتذر سيد علي ولكني سأكون مشغول بشيء اخر،،،، وهذا الشيء تحديدًا سيُثبت لك أنني رجل فعليًا !!! 


ثم اقترب من أسيل التي كانت تهز رأسها نافية بسرعة مذعورة تردد بهيسترية :

-لا لا اياك أن تقترب... لا تلمسني ابتعد اتركني 

ولكن لا حياة لمن تنادي.. ثبتها على الارض جيدًا ثم بدأ يمزق ملابسها بعنف بينما هي تصرخ بأسم علي الذي كادت أن تنفجر اوردته العصبية وهو يحاول تحرير نفسه من بين يداهم و............ 


                                   ******


بعد فتـرة....... 


أرسل "ظافر" أحد الموظفين لمنزل ريم ليجلب ملف هام خاص بعمله قد نساه مع ريم عندما أوصلها لمنزلها.... كان ذلك الرجل يكاد يصعد ولكن فجأة وجد من يكتم فاهه ويخدره فسقط ارضًا بعد أن فقد وعيه تمامًا.... ليقترب رجل اخر ويحمله بكل سلاسة بينما الثاني يصعد لمنزل ريم بدلاً من الموظف الاساسي....!!! 

بدأ يطرق باب منزل ريم بهدوء تام لتفتح له بابتسامة هادئة وهي تقول :

-أنت الموظف الذي ارسله ظافر بالتأكيد  كذلك ؟؟ 

اومأ الرجل مؤكدًا بخبث :

-نعم أنا هو... 

-انتظر هنا دقيقة سأذهب لأجلب ذلك الملف 

قالتها ريم وهي تستدير لتجلب الملف بالفعـل وهي تتذكر توصيات ظافر العشر عن المحافظة على ذلك الملف وعن اهميته الكبيرة له ولشركته.... 

عادت ثم مدت يدها له بالملف وهي تحذره بجدية يشوبها مرح :

-تفضل ولكن كن حذر لأن ذلك الملف مهم جدًا

اومأ الرجل مؤكدًا ولمعت عيناه بنصر لم تلحظه ريم البريئة وهو يهتف :

-لا تقلقي يا سيدتي في عيناي !!!........ 

وبالفعل اخذ ذلك الملف وغادر فتنهدت ريم بارتياح ظنًا منها أنها سلمت الملف بنجاح ولكنها لم تعلم أنها تودي بمستقبل للتهلكة !......


                                   *****


وبعد رحيل عاصي كانت حور تجلس في المنزل بملل امام التلفاز... عيناها على التلفاز بالفعل ولكن عقلها وقلبها مشغولان بـ شقيقها علي الذي على حسب ظنها لا يجيب على اتصالاتها المتكررة بالرغم من انه اخبرها بوضوح ان تتصل به إن واجهت أي مشكلة !!..... 

استفاقت من شرودها على صوت الخادمة وهي تخبرها بنبرة هادئة :

-سيدتي هناك مَن يريدك ؟؟ 

عقدت حور ما بين حاجباها وهي تسألها :

-مَن ؟؟ 

رفعت الخادمة كتفاها بجهل فأومأت حور موافقة وبالفعل نهضت تسير نحو الباب فوجدت "حسين" الذي تراه لأول مرة.... 

حدقت به بتركيز وهي تسأله بتهذيب :

-تفضل يا سيد... انا هي حور ماذا تريد ؟؟ 

اقترب قليلاً واخفض صوته وكأنه يخبرها بسر خطير وهو يتابـع :

-أرسلني شقيقك علي يا سيدة حور ويخبرك أن تأتي معي لترينه ! 

للحظة داهمها الشك بعنف وهي تستطرد مستنكرة :

-ولكن لمَ لم يحدثني على الهاتف اولاً ؟؟؟!!! 

بدا وكأنه متلهف وهو يتشدق بسرعة :

-انا لا اعلم شيء ولكن ارجوكِ سيدتي اسرعي ليس لدينا وقت

وبالفعل بكل سلامة نية خرجت مع حور بعد أن اخبرت الخادمة أنها ستعود سريعًا ولن تبتعد..... ولكن يبدو أنها ستبتعد.... ستبتعد كثيرًا................!! 


                                   *****


يتبـع...


حورية بين يدي شيطان 


الفصل الرابــع عشـر :- 


وقبل أن تخطو معه خطوة واحدة خارج بوابة المنزل كانت تقف متجمدة مكانهـا... والعهد الذي قطعته لعاصي يمر على عقلها كشريط للذكريـات التي تُحيي او تُميت نبتة الحيـاه....!! 

بدأت تهز رأسها نافية وهي تنظر لذلك الرجل :

-لا، لا لن افعل... انتظرني هنا 

ثم استدارت وكادت تذهب ولكنه اوقفها متساءلاً بحروف قلقة متوجسة من تلك الاجابة التي تنتظرها :

-إلى أين تذهبين سيدتي ؟؟ 

تنهدت وهي تخبره ببراءة :

-سأذهب لأخبر زوجي ثم اعود لك سريعًا... 

لم تلحظ نظرة عينـاه التي خلعت عنها ستـار البراءة لتتمركز الشياطين في محوريه.....!! 

وقبل ان تتركه حور كان يُخرج من جيب سرواله "مُخدر" وقطعة قماش صغيرة ثم كمم فاهها قبل ان تستطع الصراخ لتسقط حور بعد دقيقة فاقدة الوعي بين ذراعـاه.... 

لتتسـع ابتسامته الساخرة وهو يهمس جوار اذنها:

-هل تعتقدين أن دخول المرحاض كخروجه يا سيدتي !!؟

ثم حملها بين ذراعيه برشاقة ليغادر حاملاً اياها وهو ينظر حوله يمينًا ويسارًا خوفًا من عودة حارس المنزل وبدقائق معدودة كان يضعها في احدى السيارات لينطلق السائق بهما الى مكان مجهول....... 


بعد فترة عادت والدة عاصي إلى المنزل تنظر هنا وهناك بحثًا عن "حور" ولكن لم تجدهـا فنادت الخادمة التي أتت بسرعة لتسألها مستفسرة :

-أين السيدة حور ؟؟؟ 

عقدت "فاطمة" ما بين حاجبيهـا ثم رددت مستنكرة :

-كيف !!؟ أنا رأيتها عندما خرجت مع احدهم واخبرتني أنها لن تتأخر... وذهبت أنا للمطبخ واعتقدت انها عادت لا ادري اين هي تحديدًا !!!؟ 

إتسعت حدقتـاها بقلق وهي تحدق بها... فـر السكون هاربًا... وبقي الثبات خاضعًا لسطوة التوتر رغمًا عنها.... لتقول بسرعة وهي تسير باحثة عنها :

-ابحثي عنها معي بسرعة، واسألي الحارس إن كان رآهـا.. هيا بسرعة يا فاطمة

وبالفعل ركضت فاطمة تفعل كما امرتهـا... لم تستطع سوى أن تظهر قلقها وذعرهـا الذي سيطـر على خلفية روحهـا المعهودة بالصلابة..... بالرغم من عدم حبها لحور ولكن تبقى الفطرة هي مكنون الفعل ورد الفعل... 

إلى أن ذهبت للحارس الذي اجابها بجدية :

-لم ارها سيدتي اطلاقًا... 

زمجرت فيه بانفعال :

-بالتأكيد لم تخرج بطائرة، مؤكد خرجت من تلك البوابة اللعينة وأين كنت أنت ؟؟؟ 

ابتلع ريقه وهو يجيب بتلعثم :

-لقد آآ كنت أشتري بعض احتياجات فاطمة للمطبخ كما طلبت مني، وعندما عدت لم يكن هناك شيء مُريب..!!! 

سارت بسرعة وهي تضرب الحائط بانفعال صارخة :

-اللعنة عليك وعلى ارتيابك... ماذا افعل الان اين ذهبتي يا حور... كيف سأخبر عاصي كيف ؟!!!!! 


                                  ******


وعلى الطرف الآخـر...... 


إنفعـال "علي" الذي أحرق اوردته وقوته الجسمانية تفاعلا بشكل قاسي ليصبح كالأعصار الذي انفجر بوجه هذان الرجلان ليدفعهما علي بعنف وهو يركض تجاه ثامر الذي انتبه له للتو ثم دفعه عن أسيل وهو يضربه بكل الغل الذي اشتعل داخله.... بكل الحُرقة الذي أهدرت شظايا من روحه العاشقـة... بكل الغيـرة التي زادت من نسبة الادرينالين بعقله فجعلته كالفتيل.....!! 

وقبل ان يصل ان يستطيعا الرجلان التحكم به مرة اخرى كان عاصي يقتحم المكان هو ورجال الشرطة التي دوى صوتها في ارجاء المكان مما جعل الجميع يقف متصنم بقلق عدا علي الذي كان كالثور الهائج وأسيل التي لم تكن تدري في تلك اللحظات المُعتمة الا البكاء كمعنى..... 

ركض عاصي يضرب ثامـر وهو يسبه بأبشع الألفاظ مزمجرًا فيه بجنون :

-أنا تفعل بشقيقتي كل هذا يا حقير ؟؟؟ تفعل بـ أسيل ؟؟؟ أسيل التي قبلتك رغم عيوبك ووقفت ضدنا جميعًا لأجلك... يا **** يا **** اقسم انني سأقتلك.. سأقتلك أيها اللعين.... 

بينما "علي" ركض نحو أسيل ودون ان يفكر مرتان كان يخلـع سترته ليغطيهـا بها بسرعة وهو يدفنهـا بين احضانه.... يا الله..... كلما تخيل أن ذلك اللعين رأى جسدها وتقرب منها ولمسها وامام عينـاه ود لو يقتله في التو واللحظة لتلتقط روحه انفاسها بارتياح....!!! 

بينما ازدادت شهقات أسيل المتقطعة التي تقطر ألمًا وهي تلف يداها حول ظهره وتردد بهيسترية :

-علي... اعتذر علي... اعتذر ارجوووك خذني من هنا اتوسل اليك اعتذر لن افعلها لن اهرب منك مرة اخرى ولكن لا تتركني هنا ارجوووووك.. 

كان قلبه يتلوى بقسوة مع كل حرف يخرج منها... ولكن رغم ذلك رد بصوت مبحوح حنون :

-لن اتركك لن اتركك يا روح علي... أقسم بالله أنني سأجعله يدفع الثمن غاليًا، بحق تلك الرعشة المرتعدة التي تصدر عنكِ بين احضاني وشهقاتك التي تصم اذني !!!! 

وفي اللحظة التالية كان عاصي يقترب منهما مناديًا بأسم أسيل بلوع متألم :

-أسييييل... 

انتفضت أسيل ترتمي بين احضانه وهي تنجرف في بكاء عنيف متشبثة بملابسه وتستطرد بنبرة متحشرجة :

-آآهٍ يا عاصي... 

ظل عاصي يهز رأسه نافيًا بأسف وهو يهمس :

-يا وجعي منكِ يا حبيبة قلب عاصي....! 

استمر الوضع كما هو لدقائق حتى بدأت أسيل تهدأ نوعًا ما وهي تدرك أنها بين راحتي مَن تحب... !!! 

رفعت عيناها الحمراء من كثرة البكاء لتسأل عاصي :

-من أين علمت مكاننا عاصي ؟؟

حينهـا تنحنح بحرج متذكرًا لينظر لـ علي الذي كان يراقب حديثهم بصمت :

-أنا لن اشكرك لأنك السبب وأنت الذي وضعها في ذلك الوضع 

حينهـا إنفجرت كل خلية مشحونة مضغوطة داخله كان يحاول كتمانها ليصرخ مزمجرًا بعصبية :

-لستُ أنا مَن جعلتها تضربني على رأسي بالمزهرية لتهرب فتقع بين مخالب ذلك الذئب.. لستُ أنا مَن جعلت ذلك الندل يتجرأ عليها !!! 

اشتدت يدا أسيل على سترة عاصي وهي تؤيد علي بصوت واهن :

-نعم.. هو معه حق فيما يقوله عاصي، يكفي أنه أخبرك بمكاننا ولم يخاطر ويأتي وحده !!! 

عقد عاصي ما بين حاجبيه وكان الشك متغلغلاً حروفه وهو يتابـع متساءلاً :

-ولكن حتى تلك اللحظة لا اعلم اي شيء.. كيف تزوجتي علي الجبوري وما الذي دفع ثامر ليفعل ما فعل !!!؟؟؟؟ 

كانت تسبل اهدابها الكثيفة وهي ترد بأرهاق :

-سأخبرك بكل شيء عاصي ولكن ارجوك خذني من هنا

بدأ يربت على خصلاتها بحنانه المعتاد وهو يخبرها :

-اهدأي اسيل، اصبح بين قبضتا الشرطة ولن اسمح بالأفراج عنه ابدًا.... 

وقفت أسيل مع عاصي بالفعـل ولكن حينهـا تدخل علي متمتمًا بصوت أجش وهو يمد يداه لأسيل :

-زوجتي لن تبتعد عني يا سيد عاصي 

كز عاصي على أسنانه بغيظ حقيقي حتى اصدرت صوت صكيك عاليًا ولكن أسيل تدخلت بسرعة وهي تردف كقطة وديعة :

-اهدأ ارجوك يا عاصي... قسمًا بالله أن علي لم يمسني بسوء منذ ان تزوجته بل على العكس تمامًا اعطاني كل النقوص التي كانت تملأ حياتي وعاملني وكأني ملكة متوجة على عرش ! 

هدر بعنف بينما عيناه تقدح شرارة تود إحراق علي حيًا :

-تزوجك لأجل انتقامه الحقير مني فقط يا أسيل !!! 

هزت رأسها نافية بسرعة :

-ربما ذلك... ولكنه لم يستطع اذيتي.. لم يتغلب شيطانه عليه اقسم لك!! 

للحظة إنتفض قلب عاصي متأوهًا بألم حقيقي.... لحظة انتفاضة أسيل وهي تلقي بنفسها بين احضان علي رغم انها ترى شقيقهـا لا تذهب من باله ابدًا.... تنغر وتؤرق جذور ممتدة رسمها منذ دخول "حور" لحياته !!! 

تُرى إن كانت حور مكانها لكانت ارتمت بأحضانه كما حدث الان ام فرت نفورًا منه من معاملته التي أرهقت روحهـا بكل الطرق والعصور....!! 

انتبه لتوسل أسيل الخافت :

-ارجوك اخي.. لا تجعله يدخل المنزل ولكنه سيأتي معنا لحين تقرير ما سيحدث ارجوك أنا اقف على قدماي بصعوبة 

ضغط على كرامته المتلوية ارضًا وغضبـه الدفيـن الذي يغلفه من كل جانب ليومئ موافقًا على مضض..... 


                                    *****


توجهت ريم للباب الذي كان يُطرق عدة مرات بسرعة فبدأت تزفر انفاسها بملل وهي تصيح بحنق :

-يكفي أتيت ها أنا اتيت انتظر ... 

وبمجرد أن فتحت الباب وجدت إعصـار أمامه تشكل على هيئة ظافر المنفعـل الذي كان صوته كـتراتيل ترسم غضبه وهو يهتف :

-ريم... أين الموظف والملف ؟؟ هل أتى لكِ ؟!!! 

رفعت كتفاها وهي تخبره بتوتر بدأ يزحف لأعماقها رويدًا رويدًا :

-وما ادراني يا ظافر... نعم لقد أتى ولكن لا اعلم اين ذهب وماذا فعل !!! 

بدأ ظافر يمسح على خصلات شعـره والتوتر يحتل خلية بعد خلية داخله... ليسأله بعدها :

-متى جاء وماذا حدث ؟؟ اخبريني بكل شيء ريم.. اخبريني حتى ماذا كان يرتدي 

وبالفعل بدأت ريم تسرد له ما تتذكـره وكل ما يحدث ضمن خانة المجهـول بالنسبة لها :

-جاء الساعة الثانية ظهرًا تقريبًا... ولم يحدث شيء فقط احضرت الملف واعطيته اياه واوصيته ان يهتم به لحين وصوله لك لأنه مهم... و آآ..... 

عند تلك النقطة صمتت... وهنا تقريبًا كانت فجوة المشكلة التي يتهافت ظافر للأمساك بطرف خيطهـا فحثها بلهفة على الاكمال :

-اكملي ريم ماذا حدث ؟؟؟ 

ابتلعت ريقها بتوتر ثم همست :

-كان يرتدي ملابس عادية

قالتها ولم تتوقـع أن تنفجر قوقعة غضب ظافر بهذا الشكـل... خرج صوته كالرعد على اذنيها وهو يصرخ فيها :

-ماذاااااا ؟؟؟!!! ملابس عادية؟!! ألم اخبرك أنه سيأتي لكِ من الشركة يا ريم وبملابس الشركة ؟؟ كيف تنسين ذلك كيف.... !! 

عضت على شفتاها بأسف ونظراتها تنحسر ارضًا دون رد... بينما ظافر كان كمن تسقط صفعات القدر على وجهه وروحه فتدميهم بقسوة وعنف.....!!!! 

ظل يدور حول نفسه وهو يردد محدثًا نفسه :

-لمَ لم أتي بنفسي لمَ ؟!!! كيف أنساه من الاساس عندها.... يا الله ! 

همست ريم مستطردة بتردد :

-ظافر..... 

فحدق بها ظافر بنظرة مُخيفة جعلت أطرافها ترتعش قلقًا ثم هدر فيها بعنف كذئب يعلن مخالبه :

-اصمتي اللعنة على ظافر واليوم الذي عرفك به ظافر... بدأ العد التنازلي للنهاية يا ريم.....!!!!! 

ثم استدار ليغادر وهو يصفع الباب خلفه بعنفًا مصدرًا صوت قاسي وقوي جعلها تنتفض وهي تحدق بأثـره بذهـول.... 

وقد بدت لها اهمية ذلك الملف واسعة.... كبيـرة حتى تمحورت كحفرة تود ابتلاعهم في جوف سوادهـا...!! 


مرت دقائق معدودة ووجدت الباب يُطرق... نهضت ولكن ببطء صامت لتفتح الباب فوجدت ورقة مطوية ارضًا... هبطت عاقدة حاجبيها لتفتحها فوجدت في حروف قليلة شخصًا ما يخبرها 

" أظن أنكِ علمتي اهمية ذلك الملف بالنسبة لزوجك.. إن كنتي تريدينه يمكنكِ المجيء على ذلك العنوان ..... " 


وشيء واحد كان يتردد بعقلها في تلك اللحظات.... هي من كانت سببًا في ضياع ذلك الملف.... وهي التي ستكون سببًا في عودته..... لذلك ومن دون تردد كانت تفتح الباب وهي تنطلق بسرعة لمصير مجهول.......! 


                                   *******


بعد فترة وصلوا جميعهم لمن لمنزل عاصي... بما فيهم علي الذي كان متذمرًا ضاجرًا ولكن ثباته يحتضن ثورة غصبه الجنونيـة بإحكام.... 

وقبل ان يدلفا وقف عاصي امام علي يسأله مباشرةً :

-ماذا تريد لتترك أسيل ؟؟؟ 

وعلي هو الآخر بالرغم من اعتراض وارتجاج قلبه العاشق المهووس داخله الا انه قال بوضوح :

-شقيقتي حور !! 

صمت عاصي كان يحمل رفضًا واضحًا لكلام علي الذي كان سهام مُصوبة لنقطة كان يظنها عاصي مخفية.... ليخرج من شروده على صوت علي الساخر :

-اترك ابنة القتلة يا عاصي انها لا تهمك بشيء 

حينها أتاه رد عاصي الذي كان دون تفكير كافي :

-ابنة القتلة لن تخرج من منزلي الا على قبرها يا ابن الجبوري !!!!!؟ 

وقبل ان يرد علي كانت والدة عاصي تخترق المكان وهي تصيح بشوق باسم أسيل التي سارعت ترتمي بأحضانهـا باكية هي الاخرى.....

دقائق معدودة وكانت والدته تعود لرشدها وهي تنظر له.... ومن ثقل التوتر على كاحلها لم تعير تواجد علي اهتمام فتابعت تخبر عاصي :

-يجب ان آآ.... تعلم شيء مهم يا عاصي ؟؟؟ 

عقد عاصي ما بين حاجبيه وهو يسألها :

-وما هو يا امي ؟؟؟

-حور لا نعلم مكانها... اختفت تمامًا ولا نستطع الوصول لها !!! 

قالتها بسرعة وهي تغمض عيناها بتوتر متوقعة جنون عاصي الذي سيهدد كل شيء بثورته التي تنجم عن صمت وصمت وصمت مُرهق لروحه......!! 

وبالفعل قد كان ما توقعت ولكن لم يكن عاصي وحده الذي جن جنونه بل كان علي هو الاخر يردد بعدم تصديق وهو يسير يمينًا ويسارًا :

-ماذا تعني ؟؟؟ هل كانت تعيش بغابة ؟!! كيف يحدث ذلك كيف.... 

ووسط تلك الضوضاء اصدر هاتف عاصي صوت يعلن وصول مكالمة فأجاب بلهفة لم يستطع اخفاءها :

-نعم مَن ؟؟!!! 

لم ينطق المتصل سوى بسؤال واحد جامد ومُخيف :

-امرأتك ام طفلك يا سيد عاصي ؟!!!! 

ورد عاصي كان صادم للجميع.... ذاهـل ويحوي داخله الكثير والكثيـر من علامات الاستفهام...........!!!!

 

تكملة الرواية من هنا                     

تعليقات

التنقل السريع
    close