القائمة الرئيسية

الصفحات

نور ( أنثي لا تُهزم ) الجزء_الأول حتي الثامن والاخير بقلم ناهد خالد كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات

 


نور ( أنثي لا تُهزم )

 الجزء_الأول حتي الثامن والاخير  

بقلم ناهد خالد

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات 

-يانور الحقي اخوكِ بيتضرب ..

ركضت خارجه من ورشة الميكانيكه الخاصه بها علي صراخ إحدي فتيات منطقتها , لتري ذلك البغيض ( المعلم مسعد صاحب القهوه الموجوده بالحاره ) يعنف أخيها الأكبر ذو العشر سنوات , همست بفحيح وهي تتجه ناحيتهم :


-ورحمة أمي لأطلعه علي جتتك يا مسعد الك*لب 


اقتربت منهم لتهتف بغضب وهي تجذب أخيها من بين يديه :


-أنت اتجننت ياراجل أنت ! بتضرب عيل قد ركبتك ياراجل يا مخبول أنت .


تمسك أخيها بها بخوف وهو يقف خلفها ..


رد مسعد بصوت غليظ :


-مخبول ياقليلة الربايه , بتشتمي راجل قد أبوكِ .


ارتفع صوتها في شجار يومي معتاد بينهما وهي تقول :


-قطع لسانك أنا متربيه أحسن تربيه , عالأقل مش مكرهه فيا طوب الأرض بلساني الي عاوز قطعه , ولا بمشي أرازي في العيال وأعمل عقلي بعقلهم .


-أخوكِ الي مش متربي .


-أخويا متربي غصب عن عين أي حد , تربيتي وأنا عارفه أنه عمره ما يغلط .


-طب ما تسأليه عمل ايه؟! ولاهو جعجعه وخلاص .


كبتت غيظها وهي تلتفت لأخيها قائله :


-في اي يا وليد , اي الي رماك علي الراجل ده ؟


نظر لها الصغير وهو يقول :


-أنا كنت راجع من الدرس وهو ناداني مردتش عليه وكملت مشي , بعدين لقيته قام وجه ورايا مسكني من هدومي وقعد يشتم ويقولي لما اناديك ترد ...مش أنتِ الي قايلالي مردش عليه ؟!


التفت علي صوت الأخير يقول :


-شوفتي , في عيل متربي راجل كبير قدي ينادي عليه ميعبروش .


احتدت ملامحها وهي ترد :


-أنت مسمعتش آخر كلامه ولا ايه ؟ , بيقولك أنا الي قيلاله , أصل أخويا مش مرمطون عشان تناديه وتسيبه درسه ومذاكرته ويروح يجيبلك طلبات قهوتك ولا يوصل طلبات لبيتك !


نظر لها بسخريه وهو يقول :


-صحيح هعيب علي عيل صغير والعيب كله علي الكبيره العاقله ..


رفعت إصبعها في وجه وقالت :


-ابعد عن اخويا يا معلم , ملكش صالح بيه , أنت عارف الي بيقرب من اخواتي باكله بسناني .


أنهت حديثها وأخذت بيد الصغير متجهه لورشتها التي تقبع في بيتها الصغير ...


_______( ناهد خالد )_______


دلفت للداخل تاركه يده بعدما أغلقت باب الشقه المتهالك , رأته يتجه للداخل لتناديه بحزم :


-خد يالا هنا ...


توقف بخوف وهو ينظر لها كأنه يعلم ماذا تريد, اقتربت منه حتي أصبحت أمامه وقالت بحده :


-أنا كام مره قولتلك تسيبك من الخوف الي فيك ده ها ! , أنت كل ما حد يشخط فيك شخطه تترعب في جلدك ! , سايبه يضربك وحتي مش عارف تنادي عليا ولا تجري منه , وساعات ماكنت بسألك كانت ايدك بتترجف ليه ! ..اومال سيبت ايه لعُمر الصغير ..


انخفضت لمستواه وهي تقول بتحذير :


-لو مظبطش نفسك وقويت قلبك ده هتزعل مني يا وليد .


أومئ سريعًا موافقًا , فزفرت بضيق وهي تستقيم وقالت :


-ادخل يلا غير هدومك وذاكر الي خدته علي ما اخواتك يصحوا .


دلف للغرفه لتقف تنظر لآثره بشرود تعلم أنها تقسو عليهِ وهو مازال طفلاً صغيرًا , لكن ماذا تفعل وهم يواجهون الدنيا بمفردهم , هو الأخ الكبير من بعدها لأخوته الصغار ( عُمر و رنا ) , إن كانوا جميعًا يتعلقون برقبتها من بعد وفاة والديهما فعمر ورنا يتعلقون برقبته إن حدث معها شئ , هي أيضًا صغيره علي تحمل كل هذا ... هي نور مصطفي صاحبة الثانيه و العشرون عامًا , توفي والدتها منذُ كانت بالرابعة عشر وهي تلد أخويها التوأم ( عمر ورنا ) , وكان وليد حينها في الرابعه من عمره , توفت تاركه حمل البيت والصغار علي فتاة الرابعة عشر , ومنذُ عامان وهي بالسادسه عشر توفي والدها هو الآخر في حادث سير , لتجد نفسها تتحمل أعباء المعيشه أيضًا , منذُ كانت في العاشره وكان أبيها يعلمها صنعته وكم هي شاكره له الآن علي هذا , حينما توفي استلمت الورشه الخاصه بهِ متحمله سخرية الجميع منها وعاونها مساعد أبيها ( محمود ) صاحب السبع وعشرون عامًا الآن , لكنه انفصل عنها منذُ عدة أشهر حينما عمل بأحد شركات تصنيع السيارات فهو بالأساس مهندس ميكانيكي , وقد ساعدها كثيرًا في دراستها , فقد التحقت بكلية الهندسه مثله , بعد تعب وجد شاق منها للموازنه بين مذاكرتها وأعبائها , بشرتها قمحيه بفعل الشمس وشعرها أسود يصل لأكتافها لكن دومًا يتواري تحت القبعه الخاصه بحجب الشمس عنها , أو حجب شعرها عن الجميع ! , لم تضع يومًا مساحيق التجميل ولا تمتلكها من الأساس , دومًا ترتدي سراويل الجينز وقمصان أسفالها تيشرت يمكن ارتداءه لكلا الجنسين بجسدها الرفيع لحد ما وطولها المتوسط , اتخذت الصرامه مبدأها لتستطع العيش بسلام بعيدًا عن ما يمكن أن تتعرض له من سخافات أو تجاوزت من قبل الرجال .


_______( ناهد خالد )_________


فرد ظهره بتعب من كثرة الأعمال عليهِ ونظر للساعه ليجدها الثامنه صباحًا , زفر بتعب فهو يعمل من الأمس ولم يرتاح , فُتح الباب ودلف صديقه ( زيد ) وهو يقول :


-أنت لسه مروحتش يا ظافر ؟ 


رفع عينيهِ بتعب وقال :


-لسه يا زيد مخلصتش تقفيل حسابات السنه .


-يابني مقولتلك سيب الشغل ده للسكرتيره الخاصه بيك وابقي راجع سريعًا وراها , بعدين الحسابات تمام ومسؤل الحسابات معانا من زمان وبنثق فيه .


نفي برأسه وهو يقول بأعينه السوداء القاتمه :


-مبثقش في صوابع ايدي نفسها , النفوس بتتغير , وأنا مبحبش أدي حد فرصه حتي أنه يستغفلني , جرد كل سنه لازم يتم وعلي ايدي مش حد تاني الي يعمله , بكره راس السنه وعاوز اقفل كل القديم مش عاوز اسيب حاجه عشان نبدأ السنه الجديده علي نضافه .


تنهد باستسلام وقال :


-ماشي قوم طيب روح ريح شويه وارجع ع العصر .


أومئ بإيجاب وهو يقول :


-هعمل كده , المهم قولي المهندس الجديد الي اسمه محمود شغله عامل ايه ؟


-لا تمام , شغله كويس جدًا وفاهم الدنيا بتمشي ازاي ومجتهد , بس هو كان كلمني في حاجه كده ..


ضيق حاجبيهِ بتساؤل :


-ايه؟


-في تقريبًا حد تبعه مهندس برضو بس لسه في آخر سنه في كلية الهندسه وكان عاوز يجيبه يدرب هنا , فكان بيستأذني وبيقول أنه شاطر وفاهم كويس في شغله .


-في عندك مكان ؟


-آه موجود .


-خلاص يبقي متقطعش رزق حد خليه يجيبه , بس عرفه يجيب الأول ال C.V بتاعه , وبعد ما أشوفه هبقي أبلغه يجيبه ولا لأ ..


-ماشي قوم بقي روح .


-تمام .


( ظافر محفوظ ) صاحب شركة هندسيه ل تصنيع وتجميع السيارات , ورغم صغرها إلا أنها تتلقي نجاح باهر ويعرفها الكثيرون , شيدها منذُ سبع سنوات هو ورفيقه ( زيد ) , ولن ينكر أنه اعتمد في جزء من تشيدها علي تمويل مالي من والده ( صاحب شركات تصنيع أغذيه معروفه ) , ولكن أعاد له أمواله فيما بعد واعتمد علي نفسهِ هو ورفيقه واستطاعوا تكبيرها أكثر في السنوات السابقه ... صاحب الثلاثون عامًا , بشرته بيضاء قليلاً يغطي وجهه لحيه سوداء خفيفه , بشعر أسود وأعين سوداء مماثله وطول لا يُستهان بهِ , وجسم رياضي متناسق , يركز في عمله بشده , شخصيته متقلبه بين الجديه الشديده واللين الرفيق ....


_________( ناهد خالد )_________


-يلا بسرعه هتتأخروا علي الدرس .


قالتها وهي تركض هنا وهناك لتجهز الصغيران بعدما أفطرتهما , وضعت الكتب بحقيبة كل منهما وأخذت بأيديهما متجهه للخارج وهي تمتم بضيق :


-ولا كأنهم في أولي ثانوي مش أول ابتدائي دي أبدًا .


أوصلتهما لمكان درسهما الذي يبعد قرابة شارعين , فوجدت رنا تقول :


-نور ..


-نعم يا عيوني.


-ماتجيبي خمسه جنيه .


رفعت حاجبها بسخريه :


-وده ليه إن شاء الله ! 


-عشان أجيب عصير أنا وعُمر , صحابي بيجيبوا بعد الدرس يرضيكي احنا منجبش .


ضيقت عيناها بيأس من تلك الصغيره الماكره التي تعرف نقاط ضعفها جيدًا وأخرجت المال وهي تعطيهِ لهما :


-ماشي , بس متتحركوش من مكانوا لحد ما ارجع اخدكم.


-ماشي .


قالها عُمر بسعاده لتنحني تقبلا كليهما وتعود لورشتها ....


______( ناهد خالد )_____


في اليوم التالي ...


-شركه ؟ وهسيب الورشه لمين ؟


-افتحيها بليل يا نور أصلاً شغل الشركه آخره 4 العصر مش متأخر .


ضيقت حاجبيها بتفكير وقالت :


-ايوه بس ليه مقولتليش ؟


-مانا مكنتش عارف هيقبلوا ولا لأ فقلت اشوف الأول بدل ما اعشمك , يابنتي دول 4000 جنيه مرتب ثابت غير الحوافز ممكن تدخلي في 5000 وكل ما هتقدمي هيزيد , هي الورشه بتجيب نصهم! 


ردت بتوتر :


-طب المطلوب مني اعمل ايه ؟


-متقلقيش أنا عملتلك ال C.V وقدمته النهارده واشوف ايه الي هيحصل بعدها وهبلغك .


-تفتكر هيقبلوا يشغلوا بنت في شركة ميكانيكه ؟


توترت ملامحه وهو يقول :


-م...ااصل ....


-في ايه يامحمود ؟


-اصل أنا مكتبتش أنك بنت , وعارف أنهم هيفكروكِ ولد , قولت عشان لو كتبت أنك بنت ده ممكن يأثر علي قرارهم فلما يقبلوكِ يبقي يتفاجئوا بيكِ .


هتفت بغضب:


-أنت ازاي تعمل كده ؟ , ولما اروح ويرفضوني في وشي عشان بنت هتبقي حلوه ؟


-عالأقل هتكوني عرفتي أنك اترفضتي لمجرد أنك بنت مش عيب فيكِ ولا في ال C.V بتاعك ..عيب في عقولهم .


-وطبعًا بما إنك عملت كده يبقي الشركه مفيهاش بنات ..


-فيها بس في قسم الإداره والمحاسبه فوق , لكن المصنع تحت لأ .


زفرت بضيق وهي تنظر أمامها بتفكير , ماذا ستفعل إن رفضوها لمجرد أنها فتاه ؟هل ستصمت وتتقبل ؟ أم ستثور وتغضب ....


_________( ناهد خالد )_________


انتهي من تفحص السيرة الذاتيه الخاصه بالمهندس ( نور مصطفي ) كما اعتقد وقال لزيد :


-آثار إعجابي بصراحه , يعني رغم سنه الصغير لكن متحمل مسؤليه كبيره , اخواته وكليته والورشه , وكمان متحمل المسؤليه دي من وهو عنده 14 سنه وقدر يدخل هندسه , واضح أنه راجل يعتمد عليه .


-بصراحه مبفهمش أنك بتشترط أن ملف المهندس يبقي في تفاصيل حياته الشخصيه أكتر من مؤهلاته !


رد بعقلانيه :


-خو ممكن يكون واخد الهندسه من جامعة كاليفورنيا , بس مهمل ومبيتحملش المسؤليه , يبقي استفدت ايه لما أعين مهندس شاطر بس مش مسؤل ويطلع عيني , كمان بتفرق بين الي بيشتغل ترفيه وهو مش محتاج وبين الي حالته الماديه صعبه ومسؤلياته كتير فبيبقي بيتلهف علي ساعه شغل زياده يطلع بيها بمبلغ , احنا عاوزين نكبر يا زيد عشان كده محتاجين ناس تشتغل بجد وتتحمل المسؤليه حتي لو مستواهم متوسط هيتحسن مع الوقت واحنا معاهم وبنعلمهم .


اقتنع الأخير بحديثه :


-معاك حق .. طب ايه هتجيبه للانترفيو ؟


ردت بتأكيد :


-طبعًا هجيبه ...


رفع سماعة مكتبه الخاصه ليحدث السكرتاريه وقال :


-ابعتي للشئون العاملين هاتي رقم المهندس محمود عزت الي في قسم الآلآت وكلميه قوليله يجيب معاه بكره المهندس نور مصطفي عشان الانترفيو ...


________( ناهد خالد )_____


صباحًا ....


وقفت بتوتر بعدما ذهب أخوته للمدرسه تبحث بين ثيابها عما يلائم للمقابله من أجل الوظيفه , زفرت بضيق وهي تنظر لثيابها الظاهر عليها القدم قليلاً وتشابهها جميعًا في شكلها المتقارب ...ثواني واستفاقت لنفسها لتهتف :


-ايه ده ! أنا محتاره ليه ! هو أنا راحه اتجوز ! هو ده لبسي إن كان عاجبهم .


أخرجت بنطال أسود من الجينز وقميص أحمر ساده أسفله تيشرت أسود مماثل للبنطال وارتدت حذاء رياضي أسود لا تمتلك غيره من الأساس , وقفت أمام المرأه لتفكر هل تضع القبعه أم لا ! ؟ , وأخيرًا قررت ألا تضعها ومشطت شعرها وعقدته علي شكل كعكه وأخذت حقيبتها الصغيره وخرجت لتقابل محمود وتذهب معه .


_________( ناهد خالد )______


وقفت بتوتر حين قالت لها السكرتيره أنها يمكنها الدلوف الآن , وقفت أمام باب المكتب ثم أخذت نفس عميق وزفرته بمهل وشدت جسدها بثقه تلبستها قبل أن تدير المقبض دالفه للداخل ..


رأت رجل يرتدي بذله رماديه غامقه يجلس فوق مقعد المكتب الأنيق , وينظر في الأوراق أمامه بتركيز , هتفت بتنبيه :

-السلام عليكم ..

رفع رأسه باستغراب لسماعه لصوت أنوثي واستغرب أكثر من ثيابها الغير ملائمه للشركه إطلاقًا لكنه لم يهتم وقال 

-وعليكم السلام , أنتِ مين ؟

#نور ( أنثي لا تُهزم ) #الجزء_الثاني 


_ أنا المهندس نور مصطفي .


-أنتِ بنت ؟!


قالها بدهشه وهو ينظر لها بفاه شبه مفتوح لم يتوقع أبدًا أن ذلك المهندس من الممكن أن يكون فتاه! كيف ! وهل هي من تحملت كل هذه الأعباء كيف لفتاه أن تتحمل كل هذا وبعمرها الصغير , لقد كان مبهورًا بالمهندس الفتي نور مصطفي أما الآن فهو لايجد كلمه مناسبه يصف بها إنبهاره بالمهندس الفتاه نور مصطفي ...


-طبعًا حضرتك هترفضني ..


أخرجته من أفكاره علي صوتها فهتف باستغراب :


-ليه ؟


-عشان حضرتك مكنتش متوقع أني بنت ويمكن لو كنت عرفت أني بنت من ال C .V كنت رفضتني من قبل المقابله دي .


ابتسم ابتسامه جذابه وهو يقول :


-طب اهدي بس يا بشمهندسه مالك داخله سخنه علينا ليه , اتفضلي اقعدي وقولي تشربي ايه الأول وبعدين نشوف حكاية الرفض دي .


خفضت رأسها بخجل من اندفاعها بالحديث وجلست وهي ترد :


-شكرًا مش عاوزه اشرب حاجه ..


رفع سماعة هاتف مكتبه وهو يقول :


-اطلبي فنجان القهوه بتاعي وعصير ليمون يا هبه .


أغلق الهاتف وهو ينظر لها :


-قولت اطلبلك ليمون يهديكِ واضح أنك جايه وأعصابك مشدوده حد قالك أننا بنرفض البنات؟


-أنا أعصابي مش مشدوده ولا حاجه كل الحكايه أن محمود قالي أن مفيش معاهم بنات والبنات الي في الشركه في قسم الإداره بس وأن ممكن ترفضوني عشان هبقي البنت الوحيده بينهم .


-هو فعلاً مفيش بنات تحت في المصنع , بس ايه المانع أنه يبقي فيه .


قطع حديثهم دلوف الساعي بالمشروبات , وضعها أمامهما وخرج فقالت هي بدهشه :


-يعني حضرتك معندكش مانع ؟


ابتسم قائلاً :


-طبعًا معنديش , تعرفي لما قرأت الملف بتاعك انبهرت بالمهندس نور الي شال مسؤليات كتيره في سن صغير وقدر عليهم , وكمان قدر يحقق حلمه ويبقي حاجه كبيره , ما بالك بقي لما يبقي المهندس ده بنت تخيلي انبهاري بيكِ واصل لفين ...بس أنا حابب أسمع منك عندي فضول أعرف الحكايه علي لسان صاحبها .


-حكاية ايه ؟


-حكايتك .


طالعته باستغراب وقالت :


-مفيش حكايه ولا حاجه كل الموضوع أني لاقيت نفسي أنا واخواتي لوحدنا ومكنش قدامي حل غير إني أكمل حياتنا وأكون ليهم الأب والأم أكيد يعني مكنتش هرميهم ...اعتقد أي حد في مكاني كان هيعمل زيي ..


نفي برأسه برفض وهو يقول :


-لأ , مش أي حد في مكانك كان هيعمل زيك , ياما في رجاله كتير اتنازلت عن مسؤلياتها تجاه عيلتها بعد وفاة أبوهم مثلاً وبقي وجودهم زي عدمه , وحتي لو حد في مكانك واختار يربي اخواته ويتحمل مسؤلياتهم مكنش هيفكر في تعليم ولا كان هيقدر ينجح بمجموع عالي يدخله كلية الهندسه وعرفت أن تقديراتك في الكليه كويسه , وكان ممكن يتخلي عن الورشه ويشوف شغل تاني غيرها , لا يابشمهندسه مش اي حد كان مكانك كان هيعمل الي عملتيه .


صمتت ولم تجد شئ تجيبه بهِ فأكمل هو :


-الي يخليكِ تقفي في الورشه مع الرجاله يخليكِ تقفي في المصنع , جاهزه تستلمي شغلك من دلوقتي ؟


رفعت حاجبيها بدهشه تفاجئًا وقالت :


-بجد ؟ دلوقتي ؟


ابتسم ابتسامته الساحره وقال :


-لو وقتك فاضي .


وجدت نفسها تبتسم باتساع وهي تقول :


-ايوه فاضي ..


______( ناهد خالد )______


مرَّ شهر علي عملها بالشركه وتحديدًأ بالمصنع , لم يكن هناك شئ غريب سوي شئ واحد " ظافر " لم تفهم نزوله يوميًا للمصنع ليتابع العمل , عرفت من محمود أن هذه عادته ولكن ما آثار تحفظها هو ذهابه لها هي خصيصًا والتحجج بأي شئ ليفتح حديث بينهما ...وللحقيقه الأمر أصبح لا يعجبها حتي محمود تحدث معها حول الأمر وهو يقول " نور كده الناس ممكن تفهم غلط ويفكروا أن في بينكوا حاجه أو يفكروا أنك بتلفي عليه عشان توقعيه أو أنك بنت سهل يتاخد حوار معاكِ وكل الحالات مؤذيه ليكِ , حاولي توصليله أنك متضايقه من الوضع ده من غير ما تقوليها مباشره " 


وقد حاولت بالفعل ولكن لم تنجح , لا تعرف أن كان لم يتفهمها أم أنه يدعي هذا , ولم يبقي أمامها سوي الحديث المباشر ...


تركت عملها وقررت الصعود له والتحدث معه بصراحه فسمعتها فوق كل شئ , لا تنكر مساندته لها ورفعه لمرتبها الذي تتقاضاه شهريًا وتقديره لها الذي تراه في عيناه قبل أن تستمع له في كلماته , ولكن كل هذا لا يعطيه الحق كي يتصرف كما يشاء غير مراعيًا لأحاديث من حولهم , لم تعتاد أن تصمت عن الوضع الذي لا تحبذه ولن تفعل هذه المره أيًا كانت نتيجة حديثها .


______( ناهد خالد )________


-ظافر أنا مش عاجبني تعلقك بالبنت دي ..


قالها زيد بعدم رضا وهو ينظر لظافر الذي احتدت ملامحه دلاله علي رفضه لحديث رفيقه وقال :


-زيد أنا مش مراهق عشان تقعد تقولي اتصرف ازاي ولا أقرب من مين وابعد عن مين !


-أنا مش بقول أنك مراهق بس يا ظافر أنت كده بتعلق نفسك بيها اذا كان ده محصلش أصلاً , من أول يوم وأنا ملاحظ إعجابك بيها في كلامك معايا عنها بس قولت إعجاب بقوتها واجتهادها لكن الموضوع زاد عن حده .


زفر بضيق وهو يستند علي ظهره كرسيه وقال :


-أنت صح , أنا في الأول كنت معجب بتحملها ومبهور بالي عرفته عنها , بعد كده حسيت عندي فضول أشوفها هتتعامل ازاي في شغلها وهتتصرف ازاي وهي البنت الوحيده وسط أكتر من 30 مهندس تحت غير العمال , بس لاقيت نفسي بنجذب لشخصيتها وانبهرت أكتر بيها وحسيت أني مستحيل أقابل بنت زيها تقدر تجمع بين كل الحاجات دي , ولما بدأت اتكلم معاها والمسافات قربت شويه وفهمت طريقة تفكيرها حسيت أنها أكتر واحده مناسبه ليا .


اتسعت عيني الآخر بصدمه وهو يقول :


-أنت بتقول ايه ؟ مناسبه ليك يعني ايه ؟


تنهد وهو يقول :


-يعني زي ما فهمت , زيد أنا راجل عملي طول عمري , وحاليًا أنا عندي 30 سنه معنديش وقت للتجارب والحب والكلام ده , أنا محتاج اختار شريكة حياتي بناءً علي معايير معينه وبالعقل عشان مفيش وقت أني أتجوز واطلق واشوف دي واشوف غيرها , أنا محتاج استقر , والحقيقه نور فيها كل حاجه تأكدلي أنها مناسبه , لو سبيتها في أي وقت لأي سبب كان هبقي مطمن عليها ومتأكد أنها تقدر تمشي حياتها , وعارف أنها هتكون أم يعتمد عليها وهتربي ولادي صح وهتكون سند ليهم من بعدي , اختياري لنور بالعقل يا زيد مش بالقلب .


-وعقلك ده مقلكش مستحيل أبوك يوافق عليها ! , مقالكش هتعمل ايه مع اخواتها التلاته ! هتربيهم وتتحمل مسؤليتهم ؟


رفع منكبيهِ ببرود :


-وايه المانع ؟ أنا عندي فيلتي الجديده قربت تخلص والفيلا فيها جناحين منفصلين يعني مكانهم موجود , وبالنسبه لأبويا فأنا عارف أنه هيرفض بس أنت كمان عارف أني لما بصمم علي حاجه محدش بيقدر يمنعني .


رد زيد بصدمه :


-أنا مش مصدق الي بتقوله , متوقعتش أنك واخد الموضوع جد كده !


_____( ناهد خالد )______


-لو سمحتي ممكن اقابل البشمهندس ظافر ...


أومأت لها السكرتيره وهي ترفع سماعة الهاتف :


-بشمهندس , المهندسه نور عاوزه تقابل حضرتك .


أغلقت الهاتف وهي تقول :


-تقدري تتفضلي 


دلفت بعد أن دقت الباب لتجد زيد يقف خارجًا وألقي تحيه سريعه لها , اقتربت من المكتب فأشار لها بالجلوس وهو يقول :


-اتفضلي يابشمهندسه .


جلست بتوتر داخلي لكن لم يظهر عليها سوي الثبات وقالت :


-شكرًا , كنت عاوزه حضرتك في موضوع مهم .


هتف بفضول :


-معاكِ اتفضلي .


تمسكت يدها بيد المقعد أسفل المكتب تهدأ نفسها المتوتره وبدأت في الحديث:


-بصراحه أنا كنت عاوزه أكلم حضرتك في ...


صمتت ولم تعلم كيف تشرح الأمر , تشعر بالحرج ولا تعرف كيف تبدأ الحديث وماذا تقول !؟


-سكتي ليه ؟


رفعت نظرها له فوجدت أنظاره متعمقه بها فبعدت نظرها بتوتر وقالت :


-أقصد حضرتك كل يوم بتنزل تباشر الشغل تحت ..


حثها علي الحديث فقال :


-آه , وبعدين ؟


أخذت نفس عميق وقالت بثبات وجديه :


-ياريت يابشمهندس لو ميبقاش في كلام بينا بشكل منفرد .


تفهم ما تريد قوله ولا ينكر أن هذا زاده تمسكًا بموقفه تجاهها , ابتسم بهدوء وقال :


-بس أنا بسألك علي الشغل مش بتكلم في حاجه شخصيه .


-أولاً في ناس غيري ممكن تسألهم زي رئيس المهندسين مثلاً او أي شخص تاني اشمعنا أنا ؟ , ثانيًا الي شايف حضرتك بتتكلم معايا ميعرفش أحنا بنتكلم في ايه , وكل يوم ! الموضوع ملفت مش أنا الي مأفوره والدليل علي كده أن محمود نفسه معجبوش الوضع وكلمني , وبصراحه أنا لو مكانهم هشك زيهم .


اقترب بجسده مستندًا علي المكتب وهو يقول :


-ومحمود ماله ؟ واشمعنا أنتِ الي يكلمك مجاش يكلمني أنا ليه ؟


نظرت له باستغراب وهي تري نظراته الجده المسلطه عليها فهتفت :


-يكلم حضرتك ازاي يعني ؟ , قصدي أنه قريب ليا عشان كده كلمني .


تجمدت ملامحه وهو يسألها :


-قريب ليكِ ازاي يعني ؟


رفعت حاجبها باندهاش وقالت :


-هو احنا هنسيب الموضوع الأساسي وندور محمود قريب ليا ازاي ؟!


عاد بظهره للوراء وهو يقول بخبث :


-آه فهمت , في بينكوا حاجه شخصيه يعني .


انتفضت واقفه وهي تهتف بضيق :


-ايه بينكوا حاجه دي يا بشمهندس ياريت تنقي ألفاظك أنا مسمحلكش تلمح بحاجه سخيفه زي دي .


اعتدل في جلسته بتفاجئ لردة فعلها وقال بجديه :


-أنا مقصدش حاجه وحشه أنتِ فهمتي غلط أنا أقصد يكون في بينكوا ارتباط أو ناويين تتجوزوا .


ردت بضيق :


-ميخصش حضرتك , أنا الي كان عندي قولته , بس للعلم بشئ أنا مش بتاعت ارتباط وكلام فارغ لو كان في بينا اي حاجه كنت هتلاقي دبلته في ايدي غير كده لأ , بعد اذنك .


التفت ذاهبه والغضب يتملك منها لتتوقف حين استمعت لصوته يهتف بأسمها مجردًا :

-نور .


التفت بملامح غاضبه لتتجمد ملامحها وهي تراه قد اقترب منها وقال مباشرةً :

-تتجوزيني ؟


#نور(أنثي لا تُهزم) #الجزء الثالث #ناهد_خالد


-تتجوزيني ؟


جحظت عيناها بصدمه بعدما أنهي كلمته , وتصلبت ملامحها بعدم استيعاب , ويتردد برأسها سؤال واحد هل يريد حقًا الزواج بها ؟ أخذت ثواني قليله حتي استفاقت من صدمتها فسكنت ملامحها وهي تقول بملامح خاليه من المشاعر :


-والسبب ؟


رد بهدوء وصدق :


-بصرف النظر عن إعجابي بيكِ من أول ماشوفتك , ألا أني شايفك مناسبه جدًا ليا ..وخليني أقول أن ده السبب الرئيسي .


احتلت السخريه وجهها وهي تردد :


-مناسبه؟ وجدًا كمان ؟! , وياتري ايه المناسب الي أنت شايفه فيا ؟


تغاضي عن سخريتها وهو يقول بتوضيح :


-شخصيتك مناسبه ليا يانور , اختياري لزوجه بيعتمد عندي علي شخصيتها ومبيهمنيش لا شكل ولا مستوي اجتماعي لأن عارف أن سخريتك دي بسبب كده , شخصيتك قويه و تقدري تتحملي مسؤلية بيت وأولاد وأكون مطمن علي بيتي واولادي معاكِ , وتقدري تواجهي أي مشكله أيًا كانت أي هي , بتقدري توزني الأمور صح ومبتخديش خطوه غير لما بتكوني واثقه منها , يمكن متكلمتش معاكِ بالشكل الكافي بس قدرت أكون نظرة عن شخصيتك الي الناس مش شايفنها , ومتأكد زي ما في نور القويه الي بتحمي نفسها وبتحمي اخواتها , في نور تانيه عندها مشاعر الأم والزوجه , أنا عندي 30 سنه , وخلال الفتره الي فاتت كل الي بقابلهم أو بترشحهملي أمي بيبقوا مهتمين أكتر بنفسهم بالموضه والخروجات والسهر , رغم أني قابلت شخصيات محترمه وكويسه بس برضو حسيت أني لو ارتبط بواحده منهم واتجوزنا هيبقي بيتها مش من أولوياتها , محستش حد فيهم يصلح أن يتحمل مسؤلية حياه زوجيه , ودي مش مسؤليه سهله أبدًا ده بيت بيتبني وجيل جديد بيتولد كل تربيته وتقوميه عليكِ يايصلح يا يفسد , وحاليًا معنديش استعداد أدخل تجربه وتفشل , لأني معنديش وقت أفضل أجرب كتير وياعالم أطلع من التجربه بطفل يتبهدل معانا , زي ماقولتلك يانور أنا عندي 30 سنه يعني سنيني الي جايه أيًا كان عددهم محتاج أستقر فيهم وأكون أسره وبيت أحارب عشان يبقي ناجح , وكل ده هيترتب علي اختياري يايكون صح يايكون غلط , وأنا شايف أن اختياري ليكِ هيكون أكتر اختيار صح اخترته .


أنهي حديثه فنظرت له قليلاً وكأنه تستوعب مجمل الحديث كي تستطيع الرد , ووجدت نفسها تقول :


-طب دي معايير اختيارك أنت , الي بتتلخص في أنك بتختار بعقلك وبالورقه والقلم , طب بالسنبالي مش يمكن معاييري في الاختيار مرتبطه بقلبي , مش يمكن محتاجه حد يحبني مش يخترني عشان مناسبه !


ابتسم بهدوء وهو يقول :


-يمكن , بس أعتقد أنك مش كده , لو رؤيتي لشخصيتك صح يبقي أنتِ زيي محتاجه حد يكون مناسب ليكِ وميتعبكيش , محتاجه اختيار ميطلعش غلط عشان أنتِ مش حِمل تختاري شخص غلط يبعدك عن أخواتك أو تتجوزوا وتخلفي وتلاقي نفسك في الآخر راجعه لاخواتك بفرد زياده ويبقي الحِمل زاد بدل ما يخف , ممكن تكوني محتاجه الحب في حياتك بس ده هتدوري عليه بعد الجواز , بعد ماتختاري بعقلك الشخص المناسب , وعلي فكره أنا كمان محتاج أحس بالحب والدفي في بيتي متبقاش مراتي مجرد إسم مبكنلهاش أي مشاعر أو تبقي مشاعر عِشره مش أكتر , لأ أنا كمان محتاج نفس الي أنتِ محتاجه أن مراتي تكون حبيبتي وتكون هي الي جوه قلبي مش مجرد أنها مراتي وبس .


أخذت نفس عميق بتوتر من حديثه ثم قالت :


-ووالدتك الي بترشحلك الي بيهتموا بالموضه واللبس والخروجات هتقبل بيا ؟


-والدتي ميهماش غير أني اتجوز واستقر وتشوفني مرتاح في اختياري , بس ....


ضيقت عيناها بتساؤل وهي تقول :


-بس ايه ؟


تنهد بهدوء وقال :


-والدي هو الي هيعارض شويه , بس متقلقيش أنا عارف هتصرف ازاي وهو عارف أني لما بصمم علي حاجه بعملها فمش هيعارضني كتير .


-لي بتتكلم كأني وافقت؟


قالتها بسخريه وأكملت بجديه :


-معاك حق في تحليلك لشخصيتي , وبما إني هختار بالعقل زيك , فعقلي مش شايفك مناسب ليا أبدًا , بعتذر يا بشمهندس بس مش هقدر أقبل عرضك .


أنهت حديثها وهي تتجه للخروج غير آباهه لهذا الذي تسلل الغضب لأوردته فهتف وهو يحاول التحكم بغضبه :


-أنا لسه قايلك لما بصمم علي حاجه بعملها , وأنا مصمم عليكِ يا نور .


وقفت عند الباب والتفت تقول ببرود :


-بشمهندسه نور يا بشمهندس , وتصمم أو متصممش دي حاجه ترجعلك , بعد إذنك .


خرجت وأغلقت الباب خلفها فهتف ظافر بتنهيده غضب :


-كنت متأكد أنك هترفضي , ماشي يانور أما نشوف نفس من فينا أطول .


_________(ناهد خالد )___________ 


-رفضتي ؟ طب ليه ؟


قالها محمود وهي يجلس مع نور في ورشتها ليلاً , تنهدت وهي تترك السياره التي تعمل فيها وقالت :


-عشان مش من توبي يا محمود , عشان مش هستني هو أو حد من أهله يعايرني بعدين بأني مش من مستواه وهو الي نضفني واهتم بيا وباخواتي .


-نور ده فيلم عربي ده ! 


-اهو الأفلام دي بتحصل في الواقع وأسوء , هو نفسه قال أن أبوه مش هيوافق ليه بقي أدخل في حرب مع ابوه ولا هو يخسر أبوه بسببي ويرجع بعدين يشيلني الذنب , أنت فاكر أني هيعش معاه مرتاحه ؟ , بالعكس في حاجات كتير هتواجهني ..طريقة حياته مختلفه ومطلوب مني أتأقلم , وارد تحصل مشاكل كتير بيني وبين أبوه أوأهله عمومًا لأنه ببساطه هيحس أن ابنه لوي دراعه وأجبره أنه يدخلني عيلته فعمره ما هيتقبلني , ولما ميتقبلنيش أنا هيتقبل أخواتي ؟! , مش هقدر اشتغل لأنه ببساطه مش هيقبل مراته تنزل وسط العمال في المصنع وأنا متأكده من ده ووقتها هيبقي كل اعتمادي أنا واخواتي عليه وهحس أننا عبئ عليه , حياتنا كلها هتتغير يا محمود , لبسنا وبيتنا وطريقة كلمنا وطريقة عيشتنا كل حاجه , واخواتي دول أنا هنا عارفه أتحكم فيهم وأعلمهم الصح من الغلط لأننا في مكان محدود له مبادئ وعادات , لكن لما يتنقلوا من هنا المكان هناك واسع والدنيا فاتحه علي بعضها ومش هعرف أخد بالي منهم زي هنا , هنا المنطقه كلها عارفه بعض لو وليد ده كبر ووقف يشرب سيجاره بعدنا ب3 شوارع هعرف وهيجيلي الخبر , لكن هناك الوضع مختلف والبيئه مختلفه , ودول آمانه في رقابتي ولو حد منهم ضاع في طريق وحش هتحمل أنا ذنبه .


هتف محمود بدهشه :


-ياخبر كل ده بتفكري فيه يانور , ده أنتِ قفلتيه علي نفسك خالص !


تنهدت بتعب وقالت :


-عشان هي متقفله يا محمود , وكمان أنا قررت حاجه .


-ايه ؟


-أنا شفت في عنين ظافر أنه مش هيسبني في حالي وهيحاول بأي شكل لحد ما أوافق , عشان كده قررت أني أسيب الشركه .


رد محمود باستنكار :


-بتهربي ؟


-مش عيب نبعد عن الي ممكن يأذيني , مسموش هروب لأني مش جبره أني أفضل , الهروب ده بيبقي أنك تسيب مكان هو في الأصل مكانك عشان تبعد عن حاجه فيه , لكن الشركه مش مكاني وفي ألف شركه غيرها ممكن أقدم فيها بعد ما اخلص .


تنهد محمود باستسلام :


-ماشي يانور زي ماتحبي , أنا بثق في قرارتك .


________( ناهد خالد )_________


بعد أسبوع ..


صدح صوته الغاصب وهو يقول :


-لا مانا عاوز أفهم هو ايه الي بقالها أسبوع مبتجيش بدون أي عذر وكمان مش مقدمه علي اجازه ولا حتي استقاله ! هي شركه دي ولاسوق خضار !


ارتجفت السكرتيره من صراخه بها وردت بتعلثم :


-يا ..فندم , انا والله روحت الشئون وسألت وهم قالوا أنها اختفت فجأه ومبقتش تيجي ومبتردش علي الرقم الي في الملف بتاعها .


ضرب بأصابع يده علي مكتبه بخفه يحاول كبت غضبه كي لا يفجره في من تقف أمامه , دلف زيد وهو يقول :


-في ايه يا ظافر صوتك جايب آخر الشركه .


ردت السكرتيره سريعًا قائله :


-يافندم البشمهندسه نور بقالها أسبوع متغيبه عن الشركه بدون عذر ومش عارفين نوصلها عشان كده البشمهندس متعصب .


رد زيد بتفهم يقول :


-نور آه , طيب اتفضلي أنتِ يا هبه .


خرجت من المكتب فورًا تلوذ بالفرار , والتف زيد لظافر الذي أعطاه ظهره ويقف في شرفة المكتب قائلاً :


-في ايه ياظافر مش طريقه دي ! ما يمكن تعبانه ولا عندها ظرف ايه الي حصل يعني لكل ده ؟! 


جز ظافر علي أسنانه بضيق وقال :


-لأ , مش تعب ولا ظرف , أنا عرضت عليها الجواز وهي رفضت ومن وقتها مجتش .


هتف زيد مستنكرًا :


-رفضت ؟ رفضت ده ايه هي طول أنك تبصلها !


-زيد !


صرخ بها ظافر وهو يلتف لها وقال بغضب حقيقي :


-مش عاوز أسمعك بتتكلم عنها بالطريقه دي تاني , نور مش أقل من أي بنت نعرفها بالعكس هي أحسن منهم , لو اتكلمت كده تاني هتزعل مني .


التوي فمه بسخريه وقال :


-أهلاً هي من أولها هتزعلني عشانها !؟


أغمض ظافر عيناه بغضب يحاول التحكم بهِ ثم فتحها بهدوء وقال :


-طول ما أنت مبتجبيش سيرتها مش هيبقي في زعل .


زفر زيد بضيق وقال :


-ماشي يا ظافر , عالعموم خلينا في شغلنا أفضل في حاجه مهمه عاوز أناقشها معاك .


_______( ناهد خالد )______


ليلاً ...


كانت تستعد لإغلاق الورشه فقد بلغت الساعه الحادية عشر وسكنت الأجواء , اتجهت لباب الورشه لتغلقه بعدما أطفئت الأنوار لكنها توقفت حينما استمعت لصوت خلفها يقول :


-معلش يابشمهندسه بس عربيتي فيها مشكله لو ينفع تشوفيهالي .


التفت لهذا الصوت الذي تعرفه فوجدته ظافر يقف أمام سيارته ويبتسم لها ببرود ...أصابتها الدهشه من وجوده فكيف عرف مكان سكنها ؟!

💙💙💙💙😘💛

#نور (أنثي لا تُهزم ) #الجزء الرابع #ناهد_خالد 


-وياتري البشمهندس مش عارف أيه الي في عربيته وجايلي أنا ! ده حتي الورشه متجيش حاجه في شركة سعادتك .


تنهد بهدوء وقال :


-شكلك هتطلعي عيني البشمهندس ..ممكن اعرف مبقتيش تيجي الشركه ليه ؟


زفرت بضيق وقالت :


-حسيت أنك مش هتتقبل رفضي بهدوء قلت ابعد بدل المشاكل ووجع الراس .


ابتسم بخبث وقال :


-قصدك حسيتِ أني مش هسيبك غير لما توافقي صح ؟


لوت فمها بضيق وقالت :


-مش هتفرق , أنت جاي عاوز ايه دلوقتي ؟


تنهد بهدوء وهو يستند علي مقدمة سيارته وقال :


-لما عرضت عليكِ الجواز سألتيني عن أسبابي وقلتلك , بس أنتِ لما رفضتي مقولتيش أسباب وأنا من حقي أعرف .


-مش هتفهم أسبابي ..


-مش مهم , قولي الي عندك وخلاص .


نظرت حولها بتفكير هل تبيح له بمكنونات صدرها ومما تخشاه لذا ترفض الزواج منه ؟ ولكن هو من حقه أن يعرف أسباب رفضها كما أخبرها بأسباب طلبه للزواج , زفرت باختناق وبدأت بالحديث وهي لا تنظر له :


-حياتك مختلفه , بيئتك مختلفه , عاداتكوا ولبسكوا وطريقة عيشتكوا كل حاجه مختلفه عننا , لو وافقت هضطر اتغير أنا واخواتي 180 درجه , هيتغير طريقتنا وحياتنا , أنت هتجبر والدك يوافق وهو هيضطر يوافق عشان ميخسركش لكن عمره ما هيتقبلني ودايمًا هيكون مستنيلي علي غلطه , مش هينسي أبدًا أني بنت مش من مستواكوا ولا هينسي أن ابنه عارضه ووقف قدامه عشاني , في اي مشكله هتحصل هيفكرني بأصلي , وعارف وارد أنت نفسك في مشكله بينا تقول كلمه من غير قصد تجرحني بيها , وارد بعدين تحس أنك غلطت لما اخترتني لما تلاقيني مش عارفه اتواكب مع طريقة حياتك , واخواتي ..أنا عندي اخت صغيره , اختي دي هنا بتشوف كل البنات الي أكبر منها لبسهم محترم ازاي وهي لما تكبر طبيعي هتطبع بطبعهم وهتبقي عارفه المفروض تلبس ايه وتتعامل ازاي وايه الصح وايه الغلط حتي من غير كلامي ليها , لكن لو اتنقلت في مكان تاني , هتشوف هناك العكس تمامًا وبرضو هتبقي زي الي بتشوفهم وزي صحابها الي هتقابلهم ساعتها مش من حقي اجي اقولها ابقي ضد كل دول والبسي كويس ومتخطليش بولد و... , واقرب رد هترده عليا مالكل كده اشمعنا انا , ده في حالة أنك مقولتليش اسيبهم هنا وابقي اجيلهم شويه كل يوم , وفي حالة أن أهلك يتقبلوا أنك تتجوزني باخواتي معايا , أنا دايمًا هبقي قلقانه وخايفه وحاسه أني مش من مستواك وأنك هييجي وقت وتندم علي اختيارك ليا , كل الي في دماغي بيرفض تمامًا أني أقبل , مفيش حاجه واحده في صفك تخليني حتي أفكر في الموضوع .


أنتهت من حديثها وهي تزفر بعنف تشعر بالاختناق كلما فكرت في الأمر وفي نتائجه المحتمله ...


ابتسم بتفهم لمخاوفها وقال :


-هو أنتِ شيفاني مراهق ؟ 


قطبت حاجبيها باستفهام وهي تنظر له بصمت فأكمل :


-طب تيجي ناخدها واحده واحده .


ردت باستغراب :


-هي ايه دي؟


-مخاوفك ..


قالها بجديه وأكمل :


-أولاً أنا مش مراهق عشان اخد قرار دلوقتي وارجع اندم عليه بعدين , أنا واثق أنا عاوزه ايه , وأنا عاوزك يانور وشايفك أنسب واحده تكون مرات ظافر محفوظ ...


صمت قليلاً ينظر لملامحها الغير مفهومه لكنها هادئه ..


-ظافر محفوظ بكل حياته الي أنتِ شايفها جديده أو غريبه عليكِ , مين قالك تتغيري ؟ , طبيعي الشخص بيغير بعض صفاته بانتقاله لمكان جديد بس مش بيغير نفسه 180 درجه زي مابتقولي , بتتكلمي عن لبسك ...لبسك ده مش اختيارك أصلاً يانور , أنتِ لبستيه عشان عيشتك وظروف حياتك فرضته عليكِ , وعلي فكره لو اتجوزتي حد من المكان هنا برضو هتغيري لبسك بعد ماتلاقي نفسك مبقتيش محتاجه للورشه ولا محتاجه تلبسي كده عشان تحمي نفسك من نظرات الناس , مقولتش هتلبسي مفتوح وضيق بس هتلبسي لبس يناسبك ك بنت , اللبس الي نفسك تلبسيه مش قميص وبنطلون مش لايقلك , ومفيش حاجه هتتغير غير لبسك لو حبيتي تغيريه , لكن كلامك مبادئك محدش هيطلب منك تغيريهم ولا المفروض يتغيروا أصلاً , بالنسبه لاخواتك ...


أخذ نفس بهدوء وأكمل :


-مسمعتيش عن واحده اتجوزت وسافرت مع جوزها لأمريكا ولا كندا ولا غيرها ..واستقروا هناك وخلفوا , ياتري ولادهم طلعوا فاسدين !, هناك الغلط واللي مجتمعنا هنا كله بيرفضه بتعمل عندهم وهو ده العادي , عمرك ماسمعتي عن ولاد بيتربوا هناك وبيتمسكوا بعادتنا هنا الي أهاليهم بيعلموهالهم , طب بلاش كده عمرك ما سمعتي عن ابن شيخ بيطلع فاسد وبيشرب وبتاع بنات , رغم انه خارج من بيت دين واكيد البيئه الي حواليه كانت محترمه وبيحولوا يطلعوا شاب كويس , قوليلي يانور منطقتك دي الي متمسكه بتربية اخواتك فيها مفيهاش حد خرج عن المألوف , مفيهاش حد بتقولوا ده طالع لمين ! كلهم مش عليهم غبار ! 


-لا عليهم .


التف ظافر علي صوت محمود الذي جاء من خلفه فوجده واقفًا بالقرب منه وقال :


-آسف لو ادخلت , أنا كنت جاي أخد محفظتي عشان نسيتها وسمعت كلامك ليها , ولأني مش موافق علي أفكارها الي تعباها دي بقولك فيه , فيه الي طلع بلطجي وأهله مش عارفين يعملوا معاه ايه , وفي الي بيشرب مخدرات , وفيه الي بتتعرف علي ولاد وسلوكها مش كويس , مفيش منطقه كامله ولا كل الي فيها محترمين , وده الي كنت عاوز اشرحهولك من شويه بس كنت عارف أني مهما قلت مش هتقتنعي بكلامي , بس يمكن تقتنعي بكلامه .


أنهي حديثه مشيرًا لظافر الذي أعاد التحدث :


-بالنسبه لأهلي , مفيش بيت فاضي من المشاكل يانور , واي بيت بيحصل في مشاكل وده طبيعي في الأول بس بحكمتك تعرفي تحتوي المشاكل دي وتكسبيهم لصفك وأنا واثق من ده , وبالنسبه لاخواتك أنا عمري ما هسيبهم هنا وحياتهم جاهزه هناك وواقفه علي موافقتك .


رأسها تتطوف بحيره , لقد هدم كل حواجزها التي بنتها حولها لتغلق التفكير في عرضه , كل مشكله لديها وجد لها مبرر قوي وحطمها , إذًا أين مشكلتها الآن ؟!


شعر ظافر بحيرتها وقربها للميل للموافقه فأراد تعزيز موقفها فكاد يتحدث , لكن قطعه محمود وهو يقول :


-فكري يانور وابقي بلغيني قرارك وأنا هبلغ البشمهندس .


التف لظافر وقال بمغزي:


-اتفضل معايا يابشمهندس هوصل حضرتك لأول الشارع .


ذهبوا بسيارة ظافر وتركوها واقفه محلها تائهه في أفكارها ..


__________( ناهد خالد )_______-


-مكنش ينفع نضغط عليها أكتر , نور عنيده ولو حست أننا بنرغمها عمرها ماهتوافق .


رد ظافر بغيظ :


-شكلك عارفها كويس .


ابتسم محمود بمكر وقال :


-طبعًا , أنا أعرف نور من وهي عندها 6 سنين وقتها كان عندي 11 سنه وكنت رايح اشتغل مع الحاج مصطفي الله يرحمه في الورشه .


-اممم .


اكتف بها ظافر وهو ينظر أمامه فاستمع لصوت محمود يهتف :


-اعتقد أنها لو وافقت هتقولها متعرفنيش تاني صح ؟


رد ظافر بتهكم :


-ياراجل ده كلام , أنا هخليها تقطع علاقتها بيك بس ..


ضحك محمود بيأس وهو يقول :


-طب نزلني هنا بقي ومع السلامه أنت .


____( ناهد خالد )_______


بعد اسبوعان ...في مكتب ظافر ..


دلف محمود بابتسامه واسعه فانتفض ظافر واقفًا وهو يقول بغيظ :


-عارف لو قلت لسه مفكرتش هطلع بروحك في ايدي .


ضحك محمود وهو يقول :


-الله وأنا مالي هو أنت مستني موافقتي أنا !


هتف ظافر بلهفه:


-اخلص في جديد؟


جلس محمود فوق المقعد باسترخاء وهو يقول بتكبر :


-حدد ميعاد معايا يلا عشان تيجي تطلبها مني , بس ميعاد يناسبني عشان أنا مش فاضي .


هتف ظافر بلهفه :


-أنت بتتكلم جد يعني وافقت ؟


تأفف محمود بملل وقال :


-أنت شايف ايه ؟!


تنهد ظافر براحه وسعاده , ثم نظر للذي أمامه وقال :


-اتعدل يامحمود لأعدلك ...


رفع الأخير أصبعه وهو يقول :


-عمي...هتيجي تطلبها مني وتقولي ياعمي ولو سمحت ياما هرفض وأنت حر بقي ..


التقط ظافر دباسة الأوراق وهو ينوي قذفه بها , فصرخ محمود وهو ينتفض راكضًا للخارج :


-لا الدباسه لأ ..


اصطدم بزيد الذي هتف :


-ماله الأهبل ده .


دلف للداخل وهو يقول لظافر :


-ماله ده بيجري ليه ..


رد ظافر بلامباله :


-سيبك منه , المهم أنا هكلم بابا النهارده واحدد معاه ميعاد عشان نروح نتقدم لنور .


امتعضت ملامح زيد وهو يقول :


-هي وافقت؟


أومئ ظافر وهو ينظر للورق أمامه فتنهد زيد واضطر التزام الصمت ..


____( ناهد خالد )____


عام كامل مرَّ بمرهِ وحلوهِ ,أيام تتابع وأحداث تتوالي لتنقص من أعمارنا وتمر كما مرت الباقيه ..


كانت تقف في مطبخ الفيلا تعد الإفطار بضيق حتي أن الأطباق لم تسلم من ضيقها ..


شعرت بمن يحيطها بذراعيهِ يطوق ذراعيها من الخلف وهو يقول بهمس :


-ممكن أعرف نور قلبي مضايقه ليه دلوقتي ؟


أبعدت ذراعيهِ عنها لتلفت لها بملامحها الغاضبه وقالت :


-لا بقي مهو مش كل مره يا ظافر هتضحك عليا بكلمتين .


ابتسم بهدوء وقال :


-اضحك عليكِ في ايه بس ! , ياحبيبتي ماهو من حقه يعيش سنه زيه زي صحابه , مينفعش تضييقك عليه ده يانور , كده غلط وراعي أنه ولد مش بنت وكمان مش صغير ده ماشاء الله قرب يبقي طولك .


ردت بغضب :


-هو ايه الي مش صغير ! ده عنده 11 سنه هو عشان ماهو طويل وهايف فكر نفسه كبر !


ضحك بخفه وقال :


-هو الي طويل ولا أنتِ الي قصيره !


شهقت واتسعت عيناها تقول :


-أنا قصيره يا ظافر ! 


اقترب يحيطها بيده وقال :


-يانور افهمي هو من حقه يشوف الدنيا ويعيش سنه , وبعدين أنا لو مش واثق في الرحله دي وفي المشرفين مكنتش هوافق أبدًا , أنا واثق في المدرسه وواثق أنهم هيحافظوا علي الولاد , أنتِ بقي مضايقه ليه ؟


قطبت حاجبيها بضيق طفولي وأفصحت عن السبب الحقيقي لضيقها :


-لما بيطلبوا مني حاجه وبرفض بييجوا يطلبوها منك وبتوافق وفي الآخر كلامك الي بيمشي , لدرجة أنهم مبقوش يهتموا لرأيي , امبارح رنا كانت عاوزه تروح الملاهي وقالتلي لما بابا ظافر ييجي هقوله يوديني , رفصت عشان عارفه أنك بتيجي مرهق وقولتلها وقت تاني , وأنت لما جيت وقالتلك وافقت وروحنا فعلاً , وهم عشان كده بقي بقيت بحسهم بعاد عني ومبقوش يحبوا يتكلموا معايا زي الأول .


ابتسم بهدوء وقد تفهم حالتها وقال:


-مشكلتك ياحبيبتي أنك مبتديهمش فرصه تسمعيهم , يعني كان ممكن بدل ما ترفضي طلب رنا تقوليلها لو الظروف سمحت هنروحها , بدل ما ترفضي رحلة وليد تقوليله هتأكد الأول أن الرحله دي آمنه وبعدين نبقي نشوف , رفضك المطلق ده غلط وبيزعلهم وبيخليهم مبقوش عاوزين يقلولك علي حاجه عشان عارفين أنك هترفضي , حاولي تهدي معاهم شويه وتسمعيهم وهتلاقي كل الأمور بقت تمام .


ابتسمت عيناها قبل شفتيها وهي تنظر له بحب وتقدير :


-هو أنا قولتلك النهارده أني بحبك ؟ .


ابتعد يرمقها بضيق مصطنع وقال :


-لا ماهو ظافر بيجي آخر حاجه في أولويات المدام .


شهقت بدلال وهي تقول :


-اخص عليا ....


اقتربت منهِ وهي تكمل حديثها في حين عانقت ذراعيها رقبته :


-عيب لما تقول كده , ده ظافر ده روحي روحي .


ضحك بشده علي جملتها الأخيره وطريقتها وهي تقولها وقال وهو ينحني عليها ويقرب رأسه من رأسها أكثر :


-ونور دي قلب قلبي .


كاد يقترب أكثر لينتفضا الأثنان علي صوت رنا التي دلفت تركض وهي تقول :


-بابا ظافر .


ابتعد عن نور بامتعاض ونظر لرنا بابتسامه بغيظ وقال :


-نعم ياحبيبتي .


ركضت تتعلق بجسده ليرفعها بين ذراعيهِ فقالت :


-عاوزه شوكليت .


ابتسم بحنو وقال :


-عنيا هجيبلك وانا جاي ..


-هتتأخر ؟


-لا ياحبيبتي مش هتأخر إن شاء الله .


________( ناهد خالد )______


كانت شارده بحياتها في العام الذي مضي ..وافقت عليهِ وتمت الخطبه لثلاثة أشهر وبعدها تم الزواج وأنتقلت هي وأخواتها للعيش معه , وللحقيقه ظافر لم يخيب آملها بهِ للآن ... والده يظهر امتعاضه لوجودها ولكنه يصمت مضطرًا . ووالدته للحق تعملها جيدًا لحد ما , توسعت أعمال ظافر وفتح فرع للشركه في الاسكندريه , ويديره زيد هناك ..


تنهدت بعمق تدعو الله أن يبقي الوضع كما هو وأن تبقي الأحوال مستقره كالآن .


استفاقت علي صوت الهاتف فرفعته لتجده ظافر , لقد كان يحادثها منذُ نصف ساعه وأخبرها أنه في الطريق للعوده لماذا يحادثها مجددًا ؟


-الو ..


قطبت حاجبيها وهي تستمع لصوت غريب يجيبها فقالت :


-ايوه ..مين حضرتك ؟ وظافر فين ؟


-حضرتك صاحب الموبايل عمل حادثها بعربيته وهو حاليًا في مستشفي ... 


انتفض قلبها وهي تستمع لحديثه ووجدت نفسها تصرخ بفزع :


-ظااافر ...اا أنت بتقول ايه ؟

♥️♥️♥️♥️♥️♥️

#نور(أنثى لا تُهزم) #الجزء_الخامس #ناهد_خالد


-للأسف المريض دخل في غيبوبه بسبب النزيف الداخلي , الحادثه مكنتش سهله .


كانت هذه كلمات الطبيب التي ألقاها علي مسامعها حين وصلت للمستشفي لتقف متصنمه أمامه وهي تستمع لكلماته , لم تصدر أي رد فعل حتي لم تستفسر عن حالته أكثر , وجاء الاستفسار من والده الذي وصل للتو واستمع لآخر كلمات الطبيب :


-يعني ايه الحادثه مش سهله , ابني حصله ايه يا دكتور ؟


تنهد الطبيب قبل أن يوضح تفصيل حالته :


- المريض عنده نزيف داخلي في المخ آثر الاصطدام القوي وبعض الكدمات والكسور دي أمرها سهله , بس المشكله أنه دخل في غيبوبه بسبب النزيف , احنا بنحاول نسيطر علي النزيف وإن شاء الله نقدر نوقفه قريب بس الله أعلم هيفوق من الغيبوبه امتي .


أنهارت والدته في البكاء وهي تتمتم :


-ابني ...ظافر , يارب قومهولي بالسلامه يارب .


هنا فقط أستفاقت من صدمتها وانفصالها عما حولها , وهي تستمع لأسمه يخرج من شفتى والدته , ظاافر ! , أين هو ؟ هل سيبتعد عنها ! هل سيتركها بعدما وجدته ؟ , سيتركها بعدما جاء عوضها بهِ!, عوضها عن كل ماحدث لها في حياتها سلفًا , ظافر لا يجب أن يتركها , لن يحدث ..


نفت برأسها بقوه حينما توصل عقلها لحديثها الأخير , يتركها ! حتمًا لن يحدث ...


انتبهت علي يد توضع علي كتفها فالتفت لتجده محمود الذي هتف :


-ظافر عامل ايه ؟


لم تجيب فقط تنظر له بصمت كأنها لم تسمعه , فأكمل :


-نسيت أسلمه ملف مهم قبل ما يمشي اتصلت عليه عشان أبلغه أني هسيبهوله مع المساعد لقيت حد بيرد عليا وبيقولي أنه عمل حادثه وفي المستشفي ..هو كويس؟


قال الأخيره وهو ينظر لحالة والدته التي لا تنم عن خير .


اكتفت نور بالصمت وهي تستند علي الحائط بشرود ..وكأن عقلها قد توقف عن العمل , وجسدها تاليًا توقف عن التحمل فسقط في هدوء كهدوئها منذُ قليل .


________( ناهد خالد )_______


" حامل "


كلمه يتردد صداها في أذنها منذُ أستفاقت وسمعتها من محمود , هل تحمل طفلاً بأحشائها الآن ! , ولمَ الآن تحديدًا وهي لا تستطيع الفرح بهِ , لمَ كل شئ يعاندها ويأتي في غير موعده ! ...


استفاقت من تفكيرها وخرجت من صمتها أخيرًا منذُ أتت ورددت :


-استغفر الله العظيم , استغفر الله العظيم .


رددت الأخيره وهي تستند بظهرها علي سرير المستشفي بضعف , انتبهت لدخول والدة ظافر ووجهها منتفخ من البكاء , اقتربت حتي جلست أمامها وقالت بصوت مبحوح متألم :


-أنتِ حامل يانور ...أخيرًا هشوف ولاد ظافر .


أنهت كلماتها وأنهارت في نوبة بكاء مرير , وهي تتذكر وضع ابنها الآن .


أغمضت نور عيناها لثواني تستدعي القوه والصمود , ثم فتحتها واقتربت من والدته تمسد بكفها فوق كتف الأخري وقالت بهدوء :


-اهدي يا ماما , اهدي ظافر هيكون بخير إن شاء الله , هيقوم منها متقلقيش , هيقوم عشانك و عشاني وعشان ابنه الي جاي .


ابتلعت تلك الغصه المريره في حلقها بعد أن انهت حديثها وصمتت تعيد حديثها علي مسامعها هي رُبما تقنع نفسها بهِ فيقل وجع قلبها قليلاً ...


_____( ناهد خالد )_____


ليلاً ..


جلست علي أحد المقاعد القريبه من غرفة العنايه المركزه رافضه كل محاولات محمود ووالدة ظافر بإقناعها للعوده للمنزل كي تستريح قليلاً خاصةً مع حملها الذي أخبرها الطبيب أنه مازال في بداية الشهر الثاني ويحتاج للحذر والراحه , ولكنها رفضت رفض قاطع , فقال محمود :


-طب واخواتك هتسبيهم لوحدهم؟


ردت بجمود:


-لأ , أنا كلمت الداده وهتفضل معاهم مش هتروح النهارده , ريح نفسك يا محمود أنا مش همشي .


تأفف زيد الواقف بعيدًا والذي أتي من الاسكندريه فورًا بعدما عرف بما حدث لرفيقه , زفر بضيق وهو ينظر لمحاولتهم معها كي تذهب وهي تأبي بكل إصرار , اقترب منهم بضيق بالغ رُبما هو لا يطيقها ولكنها الآن تحمل ابن رفيقه وهذا ما يهمه في الأمر ...


توقف أمامها ليقول باقتضاب :


-ياريت تروحي وجودك ملوش لازمه .


رفعت أنظارها له بحده وقالت:


-اعتقد أنا أكتر واحده وجودي له لازمه , أنا مراته لو حضرتك ناسي .


كانت تعلم جيدًا موقف زيد منها , لطالما أظهر رفضه الصريح لوجودها في حياة رفيقه في كل المناسبات التي جمعتها بهِ .


رد بغيظ :


-لا مش ناسي , بس واضح أن أنتِ الي ناسيه أنك حاليًا مش لوحدك وفي روح مرتبطه بيكِ , وبصراحه هو ده الي يهمني ابن صاحبي الي في بطنك والي معنديش استعداد أخسره بسبب إهمالك .


وقفت والغضب يشتعل بها وارتفع صوتها وهي تقول :


-مش هتخاف على ابني أكتر منى , وأنت بالزات تبعد عنى دلوقتى عشان أنا فيا الي مكفيني .


وقف محمود بينهما وهو يقول :


-خلاص ياجماعه ميصحش كده صلوا علي النبي .


-عليه أفضل الصلاة والسلام .


تمتم بها الجميع بخفوت , فأخذت نور نفس عميق قبل أن تقول لمحمود :


-كلمت الدكتور ؟


-ايوه يانور بس مش راضي , بيقول ممنوع أي زيارات حاليًا ولحد آخر الأسبوع لو الحاله فضلت علي وضعها .


_________( ناهد خالد )_______


أسبوع كامل مرَّ ولم يحدث جديد , استطاعوا السيطرة علي النزيف ووقفه ولكن لم يفق من غيبوبته بعد ومن حديث الطبيب يبدو أنه لايوجد أي مؤشرات لإستفاقته ...


ارتدت ثيابها مقرره الذهاب للشركه , يكفي بقاءها كل هذا بدون مدير , فزيد اضطر منذُ ثلاثة أيام العوده للأسكندريه من أجل صفقه مهمه جدًا ستعقدها الشركه ولأن الفرع هناك نشئ حديثًا يحتاج للمراقبه فمن الصعب أن يتركه ويبقي في فرع القاهره , فقررت هي تولي إدراته , وبالطبع لقت المعارضه من والد ظافر وزيد , ولكنها وقفت أمامهما وهي تذكرهم بكونها زوجته وهي الأولي بإدارة الشركه في غيابه خاصًة مع جهل والده بمجال عمل ظافر ..


دلفت رنا يتبعها عُمر الصغير فالتفت نور تنظر لهم بابتسامه باهته :


-حبايبي صباح الخير .


-صباح النور .


ردداها بهدوء وقالت رنا متسائله بحزن :


-هو بابا ظافر هيخلص شغله امتي ؟ وحشني اوي .


أتبعها عُمر بتأييد لحديثها :


-وكمان هو عمره ما اتأخر في الشغل كل ده , ده بقاله أسبوع مجاش البيت .


تنهدت بتعب وانحنت كي تكن في مستواهما وقالت بابتسامه تخفي خلفها الكثير :


-أنت قولت اهو عمره ما اتأخر كل ده , معني كده أنه غصب عنه , عنده شغل كتير اوي ومش عارف هيخلصه امتي بس أول ما يخلص هيرجع علي طول , اتفقنا ؟


-طب ممكن نكلمه في التليفون ؟


قالتها رنا برجاء فنور تتحجج كل مره كي لا يحدثناه .


-احنا قولنا ايه , المكان الي هو فيه معندوش شبكه فمش عارف يكلمنا , المهم أنا نازله متتعبوش الداده واعمل الواجب واللعب ساعه واحده ,مفهوم ؟


هزوا رأسهم بتفهم ووجهما يظهر عليهِ الحزن .


_______( ناهد خالد )______


-أنا مش عارفه أحزن يا محمود , مش عارفه أعيط ومش عارفه أفرح , تخيل أني منزلتش دمعه من وقت الي حصل لظافر !, رغم الوجع المميت الي جوايا بس مش عارفه أعبر عن وجعي , ومعرفتش أفرح بابني , أنا حاسه أني مش مستوعبه أني حامل أصلاً ! 


تنهد محمود وهو يقول :


-منكرش أن حالتك غريبه , أنا كنت متخيل أنك هتنهاري بعد الي حصل لظافر بس اتفاجأت بحالتك دي , موضوع أنك مش عارفه تفرحي بابنك فده طبيعي لأنك في وضع ميسمحش بأنك تفرحي بأي حاجه , بصي يانور للأسف حاليًا الحزن حتي مينفعش تحزنيه , كان ممكن تحزني وتنهاري في أول ماحصل كده لظافر , لكن حاليًا لأ أنتِ عليكِ مسؤليات كتير , اخواتك , ابنك , الشركه , وظافر الي في أي وقت ممكن يفوق وهيحتاجك جنبه .


انتفخت أوادجها غضبًا وهي تقول :


-مسؤليات , مسؤليات , أنا قرفت من الكلمه دي , أنا حياتي كلها مسؤليات وناس متعلقه في رقبتي ويوم ما حسيت أن خلاص جه الي يشيل عني كل ده يقوم يقع هو كمان وارجع لنقطة الصفر لأ ومسؤلياتي تزيد .


-وأنتِ قدها يانور وظافر هيقوم منها , وكل الي بيحصل ده اختبار وهتعدي منه . 


التوى فمها بسخريه وهي تردد بهمس :


-هي نور هتستحمل ايه ولا ايه بس ! 


_________( ناهد خالد )_______


شهر كامل مرَّ دون جديد , لم يستفيق من غيبوبته وكأنه أحبها ! , ولم يسمح الطبيب بالزياره لعدم استقرار الحاله , أدارت الشركه بكل براعه وأثبتت قدرتها في السيطره علي الأمور , وها هي تقرر الذهاب للطبيبه أخيرًا لمتابعة حملها بعد رفضها طوال الشهر المنصرم في أن تفعل , كانت تنتظر أن يفيق ظافر , لم ترد أن تكون أول مره تذهب فيها لمتابعة حملها وهو ليس معها , لم ترد أن تري ابنها وهو ليس معها , ولكن ما باليد حيله فيبدو أن ظافر سيطيل في نومته وهي بدأت تشعر بالتعب مؤخرًا وتريد الاطمئنان علي جنينها ...


_____( ناهد خالد )____


-يعني ايه؟


-زي مابقولك كده ياعمي , الشخص الي عينته يراقبها في الشركه كل الي بيقولهولي عن الي بتعمله ميدينهاش بالعكس ده في صالح الشركه , وكمان مدير الحسابات بلغني أن الحسابات ماشيه تمام ومفيش أي تلاعب فيها وهي بنفسها بتراجع الحسابات وراه زي ماكان ظافر بيعمل , وفعلاً الشركه مفيش حاجه فيها اتغيرت , حتي آخر صفقه مشيت تمام وجابت مبلغ كويس اوي وحطته هي في حساب الشركه الي في البنك .


-اومال البت دي أصرت تنزل الشركه ليه مادام مش غرضها انها تسمسر فلوس لحسابها ! 


تنهد زيد وهو يقول :


-نزلت عشان دي شركة ظافر , عشان لم يقوم ميلقيش شركته وقعت , نزلت عشان تساعد جوزها وتسنده في محنته , اعتقد أننا ظلمناها وظافر الوحيد الي كان عارفها صح .


استند محفوظ علي مكتبه بتفكير , هل ظلمها بالفعل! , هل تسرع في الحكم عليها وكان ولده علي حق في تعلقه بها ؟


_______( ناهد خالد )______


-بس ده اسمه استهتار يامدام نور , يعني ايه تبقي في نص التالت ولسه جاي تكشفي لأول مره ! 


تنهدت نور بتعب وردت باقتضاب :


-ظروف .


اومأت الطبيبه باستسلام واصطحبتها لغرفة الكشف , دقائق وكانت تشير لها علي الشاشه وقالت :


-شايفاهم , الحمد لله صحتهم كويسه بس هكتبلك علي فيتامينات كان ضروري تاخديها الشهر الي فات بس مش مشكله تاخديهم دلوقتي و....


قاطعتها وهي تردد بدهشه : 


-لحظه بس , هم مين انتي بتتكلمي بصيغة جمع !


ابتسمت الطبيبه وهي تقول :


-عشان هم اتنين , تؤام .


-تؤام !


رددتها بصدمه وهي تطالع الطبيبه بعدم تصديق ...هل تحمل في أحشائها إثنان ! رُبما تعجبت من بروز بطنها الواضح وهي مازالت في الثالث ولكن لم تتوقع أبدًا أنهما اثنان ! .

 💚💚💚💚💚💜

#نور(أنثى لا تُهزم ) #الأخير #ناهد_خالد 


-يادكتور لو سمحت أنا مسافره وهغيب مش أقل من شهر , ممكن تخلينى أدخل أشوفه خمس دقايق بس مش هتأخر .


كانت هذه كلمات " نور " التى ألقتها على الطبيب الواقف أمامها بعد رفضه لجميع محاولاتها بالدلوف له .


-يامدام نور لو سمحتِ افهمينى , أنا مش خسران حاجه لما أدخلك , بس حاليًا احنا في فتره مليانه أمراض زي ما أنتى شايفه , وهو مناعته ضعيفه جدًا دلوقتى وأقل فيروس لقدر الله حتي لو انفلونزا هيدهور الحاله لأنه مش هيستحمل .


تنهدت بحزن دفين وهى تقول :


-يادكتور ظافر بقاله 3 شهور هنا وأنا في كل مره احترمت رغبتك ومدخلتش له بس حاليًا أنا مسافره ومحتاجه أشوفه قبل ما أسافر حتي لو دقيقتين أرجوك .


تنهد الطبيب باستسلام وقال :


-ماشي يا مدام نور , بس قوليلى هتقدرى تتعقمى عشان ريحة التعقيم ممكن تضايقك وأنتِ حامل .


نفت برأسها بلهفه وقالت :


-لا هقدر متقلقش .


أومئ باستسلام مُجبر وأشار للممرضه وهو يقول :


-خدى المدام عقميها كويس ودخليها لجوزها 5 دقايق بالضبط مش أكتر من كده .


أومأت الممرضه بموافقه وهي تصطحب نور التى رفرف قلبها فرحًا أنها ستراه أخيرًا ..


_______( ناهد خالد )_________


انتهت من حزم أمتعتها ووقفت تنظر من نافذة الغرفه بدموع فشعرت بدخول أحدهم الغرفه ولم يكن سوى زوجها الذى قال :


-خلصتِ حاجتك ؟


التفت له وأومأت بصمت فاقترب منها حين رأى دموعها وقال :


-طب بتعيطى ليه دلوقتى ؟


ردت بصوت مختنق :


-صعبان عليا أسيب ابنى فى الظروف دى وأسافر .


تنهد محفوظ بضيق وقال :


-هو يعنى بمزاجك ! , الدكتور قال لازم تعملى العمليه في أسرع وقت .


جلست علي الفراش وهي تقول :


-ونور ذنبها ايه تسيب جوزها وتتذنب معايا هناك .


-نور أولاً كانت رايحه عشان تتمم صفقة الإستيراد الجديده , ما أنتِ عارفه أن زيد أبوه لسه متوفى من يومين ومش هينفع يروح , ثم إن هى الى أصرت تفضل معاكِ هناك بعد ما تخلص شغلها , وأنا لولا أنى مينفعش أسيب ظافر لوحده كنت جيت معاكوا .


-لأ , خليك هنا جنبه , بس طمنى عليه كل يوم ولو حصل أى حاجه متخبيش عليا يا محفوظ أرجوك .


-متخافيش إن شاء الله خير .


_________( ناهد خالد )__________


دلفت بخطى بطيئه وهى تنظر لجسده المُمد فوق الفراش بلا حراك , وصوت الأجهزه هو الصوت الطاغى علي الأجواء , امتلأت عيناها بالدموع حين توقفت أمامه تمامًا , تغير ...تغير مظهره بشكل ملحوظ , لحيته قد نمت أكثر بكثير ووجه يظهر عليهِ الشحوب والضعف , رُبما قل في الوزن أيضًا ...لا هو بالفعل كذلك , امتدت يدها بارتعاش لتحتضن يده وحين تلاقت أيديهم أغمضت عيناها باستمتاع للشعور الذى فقدته لثلاثة أشهر وسبعة أيام كاملين , فتحت عيناها وهوت دموعها متساقطه فوق وجنتيها ... وأخيرًا سمحت لدموعها بالسقوط , تأوهت بوجع من بين دموعها ..وجع على ما أصاب حياتها ليقلبها رأسًا علي عقب بين ليله وضحاها , وجع على حياتها التى لم تنعم بها منذُ كانت صغيره , وحين شعرت بقرب الاستراحه وجدت المباراه تمتد أكثر لتبتعد استراحتها لشوط غير معلوم التوقيت , همست شفتيها من بين دموعها الغزيره :


-ظا..ظافر .


ابتلعت ريقها لتستطع المواصله وهى تحاول البقاء مبتعده عنه قليلاً كما نصحتها الممرضه وقالت بصوت خافت كى لا تزعجه :


-أنت طولت أوى .. هتقوم أمتى بقى أنا مبقتش قادره أتحمل , حاسه..حاسه أني بتيم من أول وجديد ..نفس شعورى لما بابا سبني فجأه ولاقيت نفسى لوحدي ومضطره أواجه ...مضطره أفضل صامده ومضعفش عشان في ناس هتغرق لو أنا ضعفت , ودلوقتِ زادوا اتنين ..


قالتها وهي تمسد على بطنها البارزه بوضوح فهى قد أصبحت فى منتصف الشهر الخامس من حملها ..


-فى مفاجأه مستنيك لما تفوق مش هقولك عليها دلوقتى ..بس أرجوك تفوق بسرعه أنا مش عاوزه المفاجأه دى تيجى علي الدنيا وأنت مش جنبى ده الى هيكسرنى بجد يا ظافر ... أنا محتاج جنبى الفتره دي أوي يا حبيبي , محتاجك وفي ناس تانيه محتاجك ومحتاجه تحس بيك , كلنا محتاجينك يا ظافر كلنا ...


رفعت كف يده لشفتيها لتطبع قبله طويله عليهِ ...طويله جدًا , تريد الشعور بهِ جوارها تريد الإحساس بأنه يحاوطها وأنه مهما ابتعد سيعود وتشعر بهِ مره أخرى ...حتمًا سيعود , أنزلت كف يده لتملس بها على بطنها , تريد لصغارها الشعور بهِ مثلها , وللعجب شعرت بتحركهما وكأنهما يخبرنها بأنهما قد شعرا بهِ بالفعل ! 


ابتسمت من بين دموعها ابتسامه واسعه وهي تشعر بحركتهما , وتمتمت وهي تعيد بنظرها لظافر :


-شوفت قولتلك في ناس مستنيه تحس بوجودك ...


تنهدت بحزن وهي تُكمل :


-أنا آسفه ياحبيبي بس مضطره أبعد غصب عنى , لازم أسافر , بس متقلقش مش هتأخر وهرجعلك علي طول بإذن الله , بس أرجوك يا ظافر عاوزه أرجع الأقيك فوقت , عشان خاطرى قاوم وأرجعلى .


______( ناهد خالد )______


-طب ماكنتِ تخلصى شغلك وترجعى عشان تبقى جنب ظافر .


قالها محمود وهو يقوم بإيصالها للمطار بعدما سبقها والد ظافر ووالدته كى ينهون بعض الإجراءات حين تأخرت هي بالمستشفى :


-مينفعش يا محمود أولاً الدكتوره قالتلى مينفعش أنى أسافر وأرجع بعد 3 أيام , لازم استريح من ركوب الطياره عالأقل أسبوع عشان ميبقش فى خطر علي الحمل , فأنا كده هضطر أفضل هناك أسبوع , فمفرقتش أسبوع من شهر , كمان أنا مش حابه أسيب ماما لوحدها عمو محفوظ حتي لو جوزها بس برضو مش هيعرف يخدمها كويس الفتره الى هتقعدها في البيت , بعدين دى أم ظافر يا محمود وهو لو كان فايق مكنش هيسبها لوحدها وأنا مكانه لحد ما يقوم .


-هي هتعمل العمليه امتي ؟


-احنا هنروح علي المستشفى على طول وهتفضل يومين تحت الملاحظه ولو صحتها كويسه هتدخل العمليات تالت يوم , بعدين هتقعد أسبوع في المستشفي ولو الحاله كويسه هتخرج وهتعقد في الفندق 10 أيام وهتبقي متابعه مع الطبيب برضو ولو بقت كويسه هيسمحلها بالسفر وهنرجع .


-ربنا يقومها بالسلامه .


همست بتمنى :


-يارب .


-هو ليه ظافر مفاقش لدلوقتي ؟ 


زفرت بثِقل وقالت :


-الدكتور بيقول أن المخ بيستعيد نشاطه ولما يتسعيد نشاطه كامل هيفوق , الإرتجاج الى حصل مع النزيف الى استمر كام يوم أثروا علي نشاط المخ .


-طيب هو فى أدويه بياخدها عشان تساعد المخ ولا المحاليل بس ؟


-المفروض آه , الدكتور بيقول أن فى محاليل بتبقى فيها أدويه بتساعد الحاله , وإن الأدويه دى هى الى مخليه حالته مستقره , وفي تحسن بس ببطئ .


-إن شاء الله خير يانور , وربنا هيقومه بالسلامه قريب .


-يارب . 


___________( ناهد خالد )__________


-يانور كفايه والله ماليا نِفس .


-ياماما مفيش حاجه إسمها مليش نِفس , لو سمحتِ يلا كملى أكلك الدكتور قايل ومنبه إن الأكل والدوا في مواعيدهم .


قالتها نور وهي تقرب لها معلقة الطعام بإلحاح فقالت الأخيره :


-يابنتى مانا كلت أهو .


-لأ ده مش كفايه , يلا بقى عشان خاطرى .


أومأت باستسلام وهى تستقبل الطعام منها ثم قالت :


-طب هاتى أنا هاكل كفايه تعبك في الأكل وأنتِ مصممه تعمليه هتأكلينى كمان ؟


-أولاً أنا متعبتش ولا حاجه , ثانيًا الدكتور مانع أى أكل من بره , ثالثًا وده الأهم أنا عاوزه أدلعك ياستى شويه حد يرفض الدلع ! 


ضحكت الأخيره بخفوت وهي تقول :


-لا ده عبيط مين الى يرفض الدلع ... قوليلى كلمتى أخواتك ؟


ردت بتذمر :


-لأ , عمو مرضيش يخلينى أكلمهم , بيقولى ده وقت أكلهم أبقى اتصلى لما يخلصوا .


ضحكت مره أخرى وهي تقول :


-محفوظ عمره ما هيتغير , كان كده مع ظافر وهو صغير كان وقت أكله ميسبوش غير لما يخلص الأكل وممنوع أى حاجه تقطعه .


ابتسمت وهى تقول بحرج :


-أنا بس قلقانه يكونوا تاعبينه , خصوصًا أنه صمم يقعده معاه في الفيلا.


نهرتها بخفه وهى تقول :


-أنتِ عبيطه يا نور ! , قولتلك أخواتك مبقوش غُرب عنا , وبعدين مكنش ينفع يفضلوا في فيلتك حتى لو معاهم الداده , أخواتك بقوا أحفادنا زي ولاد ظافر كده بالضبط ربنا يقومه بالسلامه ويوصل ولاده علي الدنيا بخير .

ابتسمت باشتياق وهى تردد :

-يارب , أنا إن شاء الله كمان يومين هحجز التذاكر علي أقرب رحله آخر الأسبوع .

-علي خيرة الله .

________( ناهد خالد )_______

في نفس اللحظه مع فرق التوقيت ...في القاهره ..

ركضت الممرضه من غرفة العنايه وهي تتجه لمكتب الطبيب المختص بالحاله , فتحت الباب سريعًا بعد دقه أسرع وهتفت بأنفاس متهدجه ....

♥️♥️♥️♥️

#نور ( أنثى لا تُهزم ) الخاتمه #ناهد_خالد


-الحق يادكتور المهندس ظافر فاق ...


قالتها الممرضه وهى تقتحم غرفة الطبيب الذى هب واقفًا واتجه سريعًا لغرفة العنايه ..


دلف ليجد ظافر يتململ فى نومته وصوت همهمه خافته تصدر منهِ ..


اقترب يراقب مؤشراته الحيويه ليجدها جيده جدًا , اقترب يحاول جذب وعيه فقال :


-بشمهندس ظافر .. حضرتك سامعنى ؟ ... 


كانت رأسه تتحرك يمينًا ويساره بخفه وشفتيهِ تتحرك بهمس لم يصل لهما , وأخيرًا بدأت عيناه تُفتح تدريجيًا وأخذ بضع ثوانى كى يستطع الرؤيه جيدًا , نظر حوله ليجد شخص يرتدى معطف أبيض وبجانبه فتاه ترتدى زي أزرق , وصوت الأجهزه يصل لمسامعه كل هذا أنبأه أين هو ..


تحركت شفتيهِ بهمس مسموع قليلاً وهو يتمتم :


-نور ..نور فين ؟


استمع الطبيب له فقال :


-مدام نور مش موجوده حاليًا , آخر مره قالتلى أنها مسافره لأمر ضرورى , المهم طمنى أنت حاسس بإيه ؟


نظر له بإرهاق وأغمض عيناه يحاول استعادة توازنه ...


بعد خمسة عشر دقيقه ..


استعاد وعيه تمامًا واعتدل في جلسته واستمع من الطبيب عما مرَّ بهِ طوال فترة مكوثه هنا من أول يوم جاء بهِ ..


اقتضب حاجبه بتفكير وقال متسائلاً :


-ايوه يعنى أنا بقالى هنا قد أيه؟ أنت حكيت أحداث كتير أوى , يعنى بقالى شهر ولا إيه؟


هز الطبيب رأسه بنفى وقال :


-لأ , شهر إيه ! حضرتك بقالك 4 شهور هنا ..


اتسعت عيناه بذعر وصدمه فى آنٍ واحد وقال :


-4 شهور ! 


التفت برأسه للطبيب قائلاً بلهفه :


-فين تليفونى ؟


-حاجتك الممرضه أدتها للمدام يوم الحادثه .


زفر بضيق وقال :


-طب أنا عاوز أكلم حد منهم ..


رد الطبيب وهو يُخرج هاتفه :


-معايا رقم والدك كنت خدته منه عشان لو حصل أى حاجه تحب اكلمهولك ؟


أومئ بلهفه وهو يفكر كيف قضت نور تلك الأشهر الماضيه بدونه !؟


___( ناهد خالد )____


-ظافر ..


رددها والده بسعاده ولهفه وهو يدلف من باب الغرفه ومعه زيد الذى كان معه حين هاتفه الطبيب ..


وبعد الكثير من الأحضان والسلامات والإطمئنان على صحته , دلف الطبيب بابتسامه هادئه وهو يقول لمحفوظ :


-حمداً لله علي سلامة البشمهندس .


ابتسم محفوظ براحه وقال :


-الله يسلمك يا دكتور , أنا مش عارف أقولك أيه تعبناك معانا الفتره الى فاتت ..


-متقولش كده ده واجبى , المهم أنه أخيرًا فاق وبقى بخير , شكلك كده كنت حابب الغيبوبه يا بشمهندس .


أنهى حديثه بجملته المرحه , فابتسم ظافر ابتسامه صغيره وهو يقول بأسى :


-حابب أيه بس يا دكتور ده إن كان بأيدى كنت فوقت من أول يوم .


هتف محفوظ وهو يربط على كتف ولده :


-خير يا بنى المهم أنك فوقت وبقيت بخير . 


تمتم بخفوت وهو يومئ برأسه :


-الحمد لله .


هتف زيد سائلاً الطبيب باهتمام :


-وهو حالته دلوقتى إيه يا دكتور ؟ ويقدر يخرج امتى ؟


رد الطبيب بعمليه :


-حاليًا حالته كويسه جدًا بس زيادة اطمئنان هيفضل معانا يومين وبعدها يقدر يخرج ويستريح فى البيت كام يوم وبعدها يقدر يمارس حياته عادى جدًا لأن مؤشراته الحيويه كويسه جدًا ومفيش أى قلق .


تنهدوا براحه ما إن استمعوا لحديثه , وخرج هو ليلتفت ظافر لوالده يسأله بلهفه وقلق :


-هى نور مسافره فين يابابا وليه ؟


-متقلقش يا حبيبي , هى بس مسافره تخلص شغل كان المفروض زيد الى يسافر بس والده اتوفى قبلها ب 3 أيام فسافرت هى , وهترجع آخر الأسبوع .


اكتفى محفوظ بهذا ولم يتطرق لأمر والدته عالأقل ليس الآن سيخبره قبل عودتهم بالتأكيد ولكن ليس فى يوم إفاقته ...


نظر ظافر لزيد بتفاجئ من معرفته بموت والده وقال بمواساه :


-البقاء لله يا زيد ربنا يرحمه ويغفر له .


ابتسم زيد ابتسامه هادئه ورد :


-ونعم بالله , أنا آسف إن نور اضطرت تسافر مكانى بس أنا والله ا..


قاطعه ظافر بضيق وهو يقول :


-بطل هبل ياض أنت احنا في بينا اعتذرات والعبط ده !, بعدين ظروف زى دى أكيد مكنتش هتسيب أهلك وتسافر ..


صمت قليلاً ثم قال بحيره :


-بس هى نور معايير الجوده فى البضاعه الى بنشتريها , وكمان بنود العقد مع الطرف التانى ..يعنى قصدى ممكن تقبل ببنود احنا رافصينها في الشركه خصوصًا إنها مش بدراية كافيه بشغلنا هى ليها في الى يخص شغلها هى .!


رد محفوظ بدلاً عن زيد وهو يقول :


-آه ده كان قبل ماتنزل الشركه وتمسك الإداره فبقت على دراية بكل سياسات الشركه وشغلها ..


ارتفع حاجبيهِ بدهشه وهو يردد :


-نزلت الشركه ! مش فاهم ...


رد زيد موضحًا :


-أنا مكنش ينفع اسيب فرع إسكندريه وهو لسه مفتوح جديد وكان عندى شغل كتير فيه فكان صعب أسيب الفرع هناك وابقى هنا في القاهره , ونور اقترحت تنزل هي الفرع هنا ...


صمت قليلاً ثم أكمل متلجلجًا :


-بصراحه يعنى أنا عارضت , ورفضت أنها تمسك الشركه بس موافقتش غير لما لاقيتها مُصره ووقفت فى وشى وقالتهالى صريحه كده , أنا نازله في مِلك جوزى ... وقتها اضطريت اسكت لإنى كمان مش لاقى حل للوضع الى كنا فيه ومكنتش مآمن اسيب الشركه للمدير المساعد .


كانت ملامح ظافر هادئه ولم تتغير رغم ما يُعتمر بدواخله :


-ودلوقتى ؟ ايه الى جد عشان تقبل أنها تسافر تتمم الصفقه ؟ أصرت المره دى كمان ؟ ولا عشان ظروفك فاضطريت ؟


نفى برأسه وهو يوضح :


-بصراحه يعنى أنا موثقتش فيها غير لما ...


صمت ولا يعرف ماذا يقول؟ أيخبره بالحقيقه ؟ وبما فعله ؟! رُبما سيغضب ويثور عليهِ وهذا حقه ...


أكمل محفوظ حين صمت زيد :


-موثقناش فيها غير لما خلى حد من الشركه يراقبها واتأكدنا أنها فعلاً مش عاوزه غير مصلحة الشركه مش مصلحه شخصيه لها ...


تنهد بخجل طفيف ثم قال بصدق :


-أنا عارف أننا كنا غلطانين , بس احنا كنا خايفين عليك وكنا فاكرين أنها مش مناسبه ليك , بس هي أثبتت لينا العكس وكسفتنا قدام نفسنا , أنا بنفسى قولتلها الكلام ده قبل ما تسافر بفتره واعترفتلها باحساسى ناحيتها في الأول ودلوقتى بقى ازاى , وهى سامحت عشان بنت أصول وقلبها طيب ..وربنا يعلم أنى دلوقتى بعتبرها زيك بالضبط وبعتبر اخواتها زى أحفادى ... 


ابتسم بتهكم وهو يقول :


-يعنى كان لازم أقع وهى تعمل الى عملته عشان تثقوا فيها وتصدقوا إن اختيارى ليها مكنش غلط ؟!. 


هتف محفوظ بتبرير :


-يابنى مفيش حد مبيغلطش , وأنا نظرتى فيها كانت غلط والحمد لله أن اكتشفت ده بدرى قبل ما كنت أظلمها أكتر من كده .


تابعه زيد بتبرير هو الآخر :


-ظافر أنت صاحبى وأخاف عليك وعلى مصلحتك عشان كده كنت قلقان من اختيارك لنور وكنت حاسس أنك هتندم علي اختيارك ليها , بس حاليًا أنا مبسوط أنها خالفت توقعتنا وطلعت زي ما أنت قلت عليها بالضبط وأكتر .


رن هاتف محفوظ قاطعًا حديثهم فأخرجه من جيبه ونظر لشاشته ليجد المتصل " نور " فنظر لولده وقال :


-دى نور ... هتفرح أوى لما أقولها أنك فوقت .


نفى ظافر برأسه سريعًا وهو يقول :


-لا يابابا متقولهاش حاجه أنت قولت أنها جايه أخر الأسبوع وأنا حابب أعملهالها مفاجأه .


أومئ والده بموافقه وهو يفتح المكالمه فأشار له ظافر كى يشغل مكبر الصوت .. يريد الإستماع لصوتها الذى اشتاق له كثيرًا..


-ايوه يانور ازيك ؟


أتاه صوتها الهادئ وهى تجيب :


-ازيك ياعمو , أخبارك حضرتك إيه ؟


أغمض ظافر عيناه وهو يتنهد بإشتياق , الآن فقط شعر أن غيبوبته كانت أربعة أشهر بالفعل , فهو حين استمع لصوتها شعر أنه لم يستمع له منذُ زمن طويل ...


-الحمد لله يابنتى وأنتِ عامله ايه ؟


تنهدت قبل أن تجيب :


-كويسه الحمد لله , طمنى في أخبار عن ظافر ؟


قالت جملتها الأخيره بلهفه .. لهفه لم تخلو من صوتها وهى تسأله يوميًا نفس السؤال على أمل أن تختلف إجابته ويقول ما يُطمئن قلبها ..


نظر محفوظ لظافر بعتاب فأشار له بأن يُكمل الحديث ولا يخبرها , فتنهد باستسلام وهو يقول : 


-الدكتور قالى أن في تحسن النهارده في حالته .


استمع لنبرتها المبتهجه وهى تقول :


-بجد ؟ هو قال كده فعلاً ؟


-آه قال كده هو أنا هكدب عليكِ ليه ! 


رددت بخفوت وصل لمسامعهم :


-الحمد لله , طيب مقالش ممكن يفوق امتى ؟


تردد محفوظ أمام نظرات ظافر المحذره ثم قال :


-لا , بس بيقول قريب .


انتهت المكالمه سريعًا حينما تحجج محفوظ بأنه لديه بعض الأعمال وأغلق معها .


نظر له ظافر بحنق وهو يقول :


-ماكنت تقولها إنى فوقت بالمره !


زجره محفوظ وهو يقول :


-أنت تسكت خالص كفايه إنى وافقتك على الهبل ده , البت من وقت ما سافرت وهى كل يوم تتصل وتسألنى ونفسها أرد عليها بحاجه تفرحها .


لوى شفتيهِ جانبًا وهو يقول بخفوت :


-آه ده شكل تحالفكم هييجى على دماغى ...


رفع محفوظ صوته وهو يسأله :


-بتقول حاجه ؟


نظر له وقال بابتسامه :


-لا يا حاج تسلم , المهم أنت عامل ايه ؟ وماما عامله إيه ؟ هى فين صحيح ؟


توتر قليلاً ثم قال :


-مامتك .. هى راحت لخالتك أصلها تعبانه شويه .


رفع حاجبه باستغراب :


-راحت لخالتو فين يابابا ! دى خالتو في سويسرا ! بعدين هى حالتها وحشه لدرجة أنها تسبنى وتسافرلها ! .


بدى غير مقتنعًا بحديثه فاضطر والده لإخباره بالحقيقه .. بعد دقائق ..


هتف ظافر بقلق بالغ :


-بابا أنت بجد مش مخبى عنى حاجه وماما كويسه !؟


هز والده رأسه بإيجاب ثم قال :


-تحب اكلمهالك تسمع صوتها .


أومئ برأسه وقال :


-ياريت .


______( ناهد خالد )_______


دلفت لجناحها الخاص فى فيلتها بتعب وإرهاق بعدما مرت علي منزل محفوظ لتجلب إخوتها من هناك لكنه رفض معللاً ذلك بحاجتها للراحه فأصرَ أن تتركهم يبيتون عنده , ولأنها بالفعل مرهقه فلم تجادل كثيرًا وتركتهم هناك .


تركت حقيبة سفرها بجوار الباب وخلعت حذائها بإرهاق لتلقيه جانبًا وهى تتأوه بتعب واضعه يدها فوق بطنها وهى تشعر ببعض النغزات أسفل بطنها , خلعت سترتها السوداء وهى تشعر ببعض الحراره تغزو جسدها , وبقت بكنزه صيفيه بنصف كم , ارتمت فوق الأريكه بإرهاق وهى تغمض عيناها مقرره المبيت في محلها فهى لا تشعر بقدرتها على دخول الغرفه حتى .


بالداخل ...


استمع لصوت إغلاق باب الشقه فتحمس كثيرًا وهو يقف خلف باب الغرفه من الداخل منتظرًا دلوفها في أى وقت لكنها تأخرت ومرت دقائق ولم يستمع فيها لأي صوت يأتى من الخارج ..وقف يفكر بحيره أين ذهبت ! 


قرر أن يصدر صوتًا ليسترعى انتباهها ففعل بعض الضجه فى الغرفه كى تضطر الدلوف إليها ..


انتفضت بفزع علي الأصوات المنبعثه من غرفة نومها هى وظافر وقفت وهى تبتلع ريقها بقلق مع تزايد الأصوات ..


نظرت حولها بتوتر لتقع عيناها على صاعق البعوض فاتجهت له دون تفكير والتقطته متجه نحو الغرفه , فتحت بابها بحذر وهى تمشط الغرفه بعيناها , دلفت بخطى بطيئه لتشعر بعد ثوانى بأحد خلفها كاد يطوقها فالتفت سريعًا تضربه بما في يدها دون النظر لموضع الضربه وهى تُصدر صرخه خافته ..


تأوه بخفوت وصدمه حين اقترب ليطوقها من الخلف فوجدها تلتف في لحظه تضربه بشئ لم يدرك ماهيته ليصطدم بذراعه ..


وقفت تنظر له بصدمه وهى تراه أمامها علي الضوء الخافت الدالف من الشرفه , هل حقًا أمامها ! هل فاق ظافر ويقف أمامها الآن وبغرفتهما ! أم أن اشتياقها له جعلها تتوهم !


-ياشيخه حسبنا الله , أنتِ مينفعش معاكِ مفاجئات .


قالها وهو ينظر لها أخيرًا فوجد ملامحها المصدومه فأدرك أنها لم تفق من صدمتها بوجوده , ابتسم باشتياق وهو يتجه لأزرر الإناره لينير الغرفه كى يراها جيدًا .


أُنيرت الغرفه بالكامل والتف ينظر لها لتكن الصدمه من نصيبه هذه المره وهو يرى بطنها البارزه بوضوح , تصلبت قدماه محلها وهو ينظر لها ببلاهه , وعقله يتسائل ما هذا ! نور حامل ! هل تحمل ابنه الآن !؟ لمَ لم يخبره والده عن الأمر ؟ أم أنه أراد أن تكون مفاجئه له ؟


كانت نور أول من استفاقت من صدمتها لتردد بهمس :


-ظافر ..


ابتسمت باتساع وهى تتجه له بسرعه كما يسمح لها وضعها لتلقى نفسها بين أحضانه باشتياق تغلب عليها وأغمضت عيناها بقوه كأنها تريد لكل مشاعر العناق أن تصل لها كامله .


استفاق من صدمته علي وجودها في أحضانه فالتفت ذراعيهِ تتوقها باشتياق بالغ وأنزل رأسه ليستند بها علي كتفها يزيد كم عناقها أكثر , تأوه بداخله على شعوره بها الآن فكم اشتاقها في تلك الأيام التى عقبت استفاقته وعدم وجودها بجواره وهذا جعله يتسائل إلى أين وصل أشتياقها وهو يغيب عنها لأربعة أشهر كاملين ؟


مرت ثوانى قبل أن يشعر باهتزاز جسدها بين ذراعيهِ وهى تدفن رأسها بصدرهِ أكثر فأدرك كونها تبكى , لا لم يكن مجرد بكاء بل كان إنهيار ..


إنهيار كان ينتظره ليعلن عن وجوده الذى كانت هى على حافته ...


مرت دقائق حتي بدأ بكائها يخفت تدريجيًا فأبعدها برفق ناظرًا لملامحها التى اشتاقها كثيرًا لكنه رأى الإرهاق واضحًا عليها , اصطحبها للفراش بقلق وأجلسها عليهِ برفق وجلس أمامها ممسكًا بكفيها وهو يقول بحنو :


-أنا آسف , آسف عشان سيبتك وأنا وعدتك أنى عمرى ما هسيبك .


ابتلعت ريقها بهدوء وقالت بدموع محتجزه:


-بتعتذر وكأن ده كان بمزاجك .. أنا بس كنت في ضغط كبير الفتره الى فاتت عشان كده خرجت الكبت الى كان جوايا لم شوفتك , حسيت أنى دلوقتِ بس مسموحلى أنهار .


اقترب محتضنًا إياها بقوه وهو يهمس لها :


-أنا دلوقتِ معاكِ ومسموحلك تعملى كل الى عاوزه تعمليه , وأنا جنبك . 


_______( ناهد خالد )________


وقد كان حديثه يومها أذنًا لها بالإنهيار والخمول والإبتعاد والإنفراد بنفسها ! ! , فقد قضت أسبوعان لا تبرح من الفراش سوى القليل من الوقت تحت ضغط ظافر عليها لتعود وترتمى فوقه حين تتيح لها الفرصه وتغوص فى نوم عميق كأنها لم تنم يومًا ! .


دلف للغرفه بخطى حذره وهو يراها نائمه , تنهد بيأس , لا يعجبه حالها إطلاقًا , تقضى معظم يومها في النوم حتى الطعام لا تأكل إلا القليل , بدأ جسمها بالنزول في الوزن وظهر الإرهاق جليًا عليها .


اقترب منها ليفيقها فنظرت له بأعين ناعسه , تنهد بعدم رضا وهو يقول :


-أنا قولتلك تنهارى آه بس مقولتش تفضلى طول الوقت نايمه ومهمله في نفسك وأكلك بالشكل ده يانور !


اعتدلت جالسه وهى تفرك عيناها بخمول يتملك منها ثم قالت :


-أنا كويسه يا ظافر , أنا بس حاسه أنى مرهقه مش أكتر .


نظر لعيناها وهو يقول :


-إرهاق ! , أنتِ مش شايفه عينك حزينه ازاي بس أنا شايفها , وعارف أنك لسه مش قادره تخرجى من الحاله الى كنتِ فيها فترة غيابى وكبت مشاعرك وقتها هو الى وصلك كده , بس أنتِ كده بتأذى نفسك وبتأذى ولادنا وأنا خايف عليكوا , مش طالب منك غير أنك تهتمى بأكلك وتساعدينى أخرجك من الحاله الى أنتِ فيها .


كانت تستمع له بهدوء لشعورها ببعض الآلآم الحاده تضرب أسفل بطنها , حينما انتهى من حديثه كادت تجيبه ولكن خرج صوتها بصرخه فجائيه مصدرها ذلك الوجع العنيف الذي أصابها فجأه .


انتفض مقتربًا منها أكثر وهو يقول بقلق بالغ :


-نور مالك فى ايه يا حبيبتي ؟


أمسكت أسفل بطنها بوجع وهى تقول :


-مش عارفه ياظافر فى وجع رهيب ف......آآآه


قطعت حديثها بصرخه أخري , فتوتر ظافر أكثر وهو يمسد بكفه على ظهرها وقال :


-أنتِ شكلك بتولدى , الدكتوره كانت قالت أنك ممكن تولدى فى السابع وشكلها كان عندها حق .


اتسعت عيناها بذعر وهى تنظر له وتهز رأسها بنفى :


-لأ , لأ أولد ايه ! لأ مش بولد أنا النهارده تاني أسبوع في السابع لسه مش هولد دلوقتى أنا .


زفر بضيق وهو يتحرك من أمامها بتوتر وهو يرى سوء حالتها :


-هو بمزاجك يانور !


رأته يبدل ثيابه سريعًا لتهتف وهى تبكى :


-لأ , أنا كويسه يا ظافر صدقنى بس أنا مش هولد دلوقتِ .


كانت تخشى على طفليها أن يصيبا بمكروه وأدرك هو مخاوفها فاقترب منها وهو يساعدها على الوقوف لتبدل ملابسها وهو يقول :


-متخافيش ياروحى هتبقى كويسه وولادنا هيبقوا كويسين إن شاء الله , متقلقيش يا حبيبتي .


__________( ناهد خالد )_____


-يعنى هم بجد كويسين يا دكتوره ؟


قالتها نور للمره العاشره وهى تسأل الطبيبه عن صحة طفليها رغم أنها تحتضن أحدهم والآخر يحمله زوجها الواقف بجوارها .


ضحكت الطبيبه بمرح وقالت :


-يعنى بين ايديكوا اهم أعمل ايه تانى عشان تصدقي أنهم بخير الحمد لله .


ابتسم ظافر بهدوء وقال :


-معلش يا دكتور أصلها كانت خايفه أوى من الولاده في السابع .


-لا هم بخير الحمد لله اطمني , عن اذنكوا .


ذهبت الطبيبه ليجلس ظافر بجوارها علي الفراش ويحتضنها بيده الحره والأخرى تحمل طفله ..


ابتسمت نور بسعاده وهى تقول :


-شكلهم حلو اوى يا ظافر .


ابتسم ظافر بحب وهو يرد :


-عشان ولادك يا حبيبتي .


ابتسمت بدورها وقالت :


-هنسميهم ايه ؟


سألها بحنو :


-أنتِ عاوزه تسمى ايه ؟ 


ردت بحماس :


-أنا نفسي أسمي نوح اوي .


ابتسم بسعاده وقال :


-يبقى الباشا الى في ايدك ده نوح ...أما الباشا ده ..


قالها وهو يشير للذى بين يده وأكمل :


-هيبقى مصطفى .

التمعت عيناها بحب ودموع تقديرًا لهذا الرجل وهمست له :

-أنا بحبك أوى يا ظافر , أنت عوضى من الدنيا عن كل المُر الى عشته .

اقترب مقبلاً جبهتها وقال :

-وأنا بعشقك يانور قلب ظافر .

ابتسمت له وتنهدت بسعاده بالغه وهى تعود بأنظارها لطفليها بأعين تلمع حبًا وشغفًا ..لتبدأ رحله جديده في حياة بطلتنا , رحله ستثبت فيها نور ثانيةً أنها " أُنثى لا تُهزم " .

وها قد انتهت رحلتنا مع نور آراكم في حكايه جديده بأبطال جُدد , دمتم في حفظ الله ♥️💙

ناهد_خالد

تعليقات

التنقل السريع
    close