![]() |
فُتنـــــة .
منى_أحمد_حافظ
الفصل الاول
كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات
[1] لِما هي؟
🔺🔺🔺🔺
-أسيقظت متأخرة لتنتفض من مكانها وهي تُسب سهرتها بالأمس مع شقيقتها هنيدة، أخذت تجري هنا وهناك حتى أرتدت ثيابها وهرولت إلى الخارج عابسة الوجه وكادت تصطدم بوالدها الذي أحتواها وهو يحدق بها يعلم بأنه لا يستطيع منع نفسه عن الاطمئنان عليها ولكنه حزين بسبب ما حدث منها فقال محاولا أن يبدو طبيعيا معها:
-"إيه مالك بتجري كدا ليه".
-حاولت رسم إبتسامة واهية فوق شفتيها ولكنها فشلت تماماً وحدقت بساعة الحائط وقالت وهي تراقب ملامحه تتمنى لو يعطيها إشارة لمسامحته إياها ولكنه بدا أمامها ثابتا بعيناه البعيدة عنها:
-"أنا اسفة بجد يا بابا بس أنا متأخرة على الكلية وزمان المحاضرة بدأت وأنا لسه هنا، وأكيد دكتور عطية ما هيصدق إني مش موجودة وهيكتبني غياب، ما هي الفرصة جات له لحد عنده بسبب الهانم اللي سهرتني إمبارح معاها للفجر علشان خايفة ومصممة إني أقعد أتكلم معاها، بابا أنا أنا.. عن إذنك علشان يادوب إلحق أروح الكلية دا على ما أوصل هتبقى المحاضرة التانية قربت".
-أراد أن يبقيها قليلاً بجواره ولكن ملامحها العابسة وزفراتها المتتالية جعلته يحررها من بين يداه وهو يشيح بوجهه عنها وقال:
-"أتفضلي يا فُتنة بس ياريت تخلي بالك من نفسك وإنتِ ماشية وبلاش جري فالشارع، ولو حابة أجري إلحقي أخوكي سهيل هو خرج دلوقتي وممكن ياخدك على طريقة".
-أدركت ما أن أستدار والدها عنها بأنها لا يزال على موقفه منها، فازداد عبوسها وأكملت سيرها وهي تعلم علم اليقين بأنها تزيد الموقف سوءً بينهما، غادرت المنزل لترى شقيقها يتحرك بسيارته فصاحت بصوتٍ عال وأوقفته، فتطلع إليها وقال:
-"خير يا فُتنة بتوقفيني ليه، إيه لسه في كلام جواكي محسناش بيه وعاوزانا نعرفه ونحس بيه".
-صفعها بكلماته الفاترة فأغمضت عيناها وكادت تلزم الصمت ولكنها تذكرت محاضرتها فأتجهت صوب سيارته وجلست بجواره وقالت بوجه جامد:
-"متأخرة على الكلية والمحاضرة الأولى فاتتني، وبابا قالي ألحقك علشان توصلني على طريقك".
-رفع حاجبه ساخراً ثم أشاح بوجهه عنها وأدار سيارته وأنطلق بها وهو ملتزم الصمت، لزمت فُتنة هي الأخرى الصمت وحدقت بالطريق وهي تسترجع أحداث الأسبوع المنصرم والذي كان عاصفاً بمنزلهم لرفضها إبن صديق والدها الذي رأها صدفة واراد التقدم لخطبتها ليفاجئها والدها بقوله:
-"فُتنة يا ريت تعملي حسابك إنك ترجعي بدري شوية وتجهزي علشان في ناس معزومين على فنجان قهوة عندنا بالليل على الساعة تمانية". بقلمي منى أحمد حافظ
-نظرت إليه بحيرة وهي تتسائل وما شأنها بهؤلاء، فأستدارت إلى والدتها وسئلتها بهمس:
-"ماما وأنا دخلي إيه بالناس اللي جاية دي، وبعدين ما إنتم عارفين إني النهاردة بخلص متأخر، ومينفعش إني أقول للدكتور عن إذنك هروح علشان في ناس هتشرب قهوة فبيتنا ولازم أكون هناك".
-ازدردت سوار لعابها ورمقت زوجها بعيناها تناشده مساعدتها، ولاحظتها فُتنة ولم يستغرق عقلها إلا ثوان لتدرك مغزي تلك النظرات، فأستدارت إلى والدها ونظرت له بعبوس وقالت:
-"بابا على فكرة أنا محاضراتي بتخلص على الساعة تسعة بالليل، وعلى ما أجي هنا هتكون الساعة بقت عشرة ونص، أما بخصوص الناس المعزومة على القهوة هنا فأظن إن ماليش أي دخل بيهم ولا حتى صلة، ولو على واجب الضيافة فماما بتعمل القهوة أحسن مني ومن هنيدة مليون مرة".
-تبدلت ملامح ظافر وغامت عيناه حين لمس تمرد إبنته في حديثها معه، فحدجها بنظرات قاتمة وقال:
-"فُتنة أظن إني قولت اللي عندي واللي مفروض سيادتك تسمعيه وتلتزمي بيه، وطالما قولت تكوني هنا قبل الساعة تمانية يبقى حضرتك تكوني هنا على الساعة السابعة فاهمة".
-حاولت فُتنة أن تعترض ولكن ملامح والدها الصارمة جعلتها تتراجع وتستدير لتغادر إلى جامعتها وهي تفكر في كلمات والدها وأسلوبه المتغير معها.
-أندمجت فُتنة بيومها ومحاضراتها لتنتبه إلى تأخرها فقد تخطت الساعة الثامنة وهي لاتزال بكليتها، وحين أخرجت هاتفها من حقيبتها تفاجأت بالعديد من الإتصالات من والدها ووالدتها، تطلعت حولها بعيون دامعة وأحست بها ثراء فربتت فوق يدها وهمست بتواري حتى لا يلحظها المُحاضر:
-"مالك يا فُتنة وشك اتغير مرة واحدة، وشكلك زي ما هتكوني هتعيطي".
-كافحت لتتمالك دموعها وأجابتها بصوت متحشرج:
-"أنا نسيت الميعاد اللي بابا قالي عليه وأتأخرت وزمانه دلوقتي فاكرني عاندت معاه وقصدت إني أتأخر علشان محضرش المعياد معاه".
-لوت ثراء شفتيها وعيناها تتابع المُحاضر وقالت:
-"يعني متلاقيش إلا والدك وتنسي الميعاد، حقيقي أنا مشفقة عليكي يا فُتنة علشان عمو ظافر هيعمل منك النهاردة بيان رسمي لكل متمردة على كوكب الأرض".
-لم ترسم كلمات ثراء أي إبتسامة فوق شفتي فُتنة، وإنما زادت من توترها فأحتقن وجهها وسالت دموعها رغم محاولتها لمنعها وما أن سمعت إعلان المُحاضر إنتهاء المحاضرة حتى أسرعت وهرولت إلى الخارج ليحدق بها العديد من زملائها بدهشة فهي لأول مرة تسرع بمغادرة المدرج بتلك الطريقة.
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
-أسرعت فُتنة بخطواتها وأشارت إلى إحدى السيارات وما أن جلست حتى صدح هاتفها معلناً عن إستلامها لرسالة ضغطت عليها سريعاً لتقرأ كلمات شقيقتها المحذرة تقول:
-"الوضع فالبيت ناري حاولي إنك تسكتي ومتتكلميش علشان الناس مشيت وبابا من وقتها وهو ساكت ووشه أحمر لدرجة إن ماما هربت من أدامه ودخلت أوضتها وأخوكي سهيل ورياد بيحاولوا يتكلموا معاه وهو مش بيرد على أي حد وعينيه على الساعة".
-فركت فُتنة كفيها وأخدت تدعو الله بأن تمر تلك الساعات على خير، فهي تعلم إلى أي مدي قد يصل بها غضب والدها، إنتبهت فُتنة بذعر لتوقف السيارة فمدت يدها إلى سائقها بحفنة من المال وغادرتها وهي ترتجف، وقبل أن تصل يدها إلى مقبض الباب حتى أجفلها والدها الذي فتح لها الباب بنفسه وهو يحدق بها ليستدير بصمت عنها حتى توقف أمام مقعده وجلس فوقه وعيناه مسلطة بحدة بإتجاهها، ازدردت فُتنة لعابها وأختلست النظرات إلى شقيقيها، ولكنهما غضا البصر عنها، لتنتفض على صوت والدها يقول بهدوء غريب:
-"الساعة فإيدك كام يا فُتنة".
-خافت أن تدير عيناها عنه لتتبين الوقت ليرجفها صياح والدها الغاضب يقول:
-"بقول الساعة فإيدك كام، ردي يا أستاذة الساعة كام".
-سلخت عيناها عنه ونظرت إلى ساعة يدها وقالت بصوت متلعثم:
-"الســـ الساعة عـــشــ عشرة وو ربـــــ".
-أعاد والدها كلماتها بصوتٍ صارم:
-"عشرة وربع، وأنا قايلك تكوني هنا الساعة كام".
-أجابته وهي تبرر موقفها قائلة:
-"أنا سهيت غصب عني عن الوقت، ومعرفتش أستأذن من الدكتور و".
-إبتلعت كلماتها بخوف حين صاح والدها ليمنعها عن إكمالها بقوله:
-"أنا مسئلتش عن مبررات يا أستاذة، أنا بسئل أنا قولت لك تكوني هنا الساعة كام، يبقى الجواب هو إنك تقولي كان المفروض تكوني هنا على كام".
-صمت وهو ينظر إليها ينتظر إجابتها، تمنت لو تنقذها والدتها، ولكنها أختفت من المكان، حتى شقيقيها لازما الصمت وتطلعا إليها بحزن، خفضت فُتنة رأسها وقالت:
-"حضرتك قولت أكون هنا على الساعة سابعة، بس أنا معرفتش أجي فالوقت علشان الدكتور كان بيشــر".
-منعها من إكمال حديثها للمرة الثانية حين إنتفض واقفاً أمامها ليحدق بعيناها بصرامة وقال:
-"تمام وأنا وافقت على خطوبتك من عادل ابن خاطر صاحبي".
-إتسعت عيناها بصدمة ما إن ألقى والدها قوله بوجهها، فهزت رأسها بالرفض وقالت:
-"وافقت على إيه، خطوبتي من مين من ابن صاحبك، بس أنا موافقتش ومش هوافق، أنا أنا مش عاوزة أتخطب ولا حتى بفكر فالموضوع دا، وبعدين حضرتك إزاي توافق على حاجة مصيرية زي كدا من غير ما تسئلني".
-أكفهر وجه ظافر وأستدار عنها وقال:
-"كلامي خلص يا فُتنة، وأعملي حسابك على".
-قاطعته تلك المرة بصياحها المستنكر:
أنا مش هعمل حسابي على حاجة يا بابا، والموضوع مخلصش علشان أنا مش لعبة فأيد حضرتك، أنا إنسانة وليا حق ورافضة أتجوز بالأسلوب دا". بقلمي منى أحمد حافظ
وقف سهيل ورياد وحدقا بوجه فُتنة بصدمه فهي ولأول مرة تصيح بتلك الطريقة بل هي المرة الأولى التي تثور فيها، ادار ظافر وجهه إليها وسئلها:
أنا هعمل نفسي مسمعتش كلامك، وهتغاضى عن الأسلوب اللي أتكلمتي بيه معايا و".
-زفرت لتوقفه بقولها:
-"بس أنا مش هتغاضى إني رافضة ومصممة على رفضي".
-أعتدل ظافر ليدرك شقيقيها بأنه يحاول منع نفسه عن صفعها فترقبا الموقف، بينما غادرت والدتها غرفتها حينما وصل إليها صياح إبنتها ووقفت هنيدة ترتجف بخوف على شقيقتها فغضب والدها وضغطه على فكيه يخبرها بأنه على وشك البطش بها، تماسكت فُتنة فهي أحرقت سُفنها بالفعل أمام والدها ولم يعد بإمكانها التراجع، بل عليها الإصرار على موقفها برفضها تلك الزيجة.
-إنتبهت فُتنة للإقتراب والدها منها وعيناه التي كادت تقتلها فازدردت لعابها وهي تحث نفسها على الصمود لتسمعه يقول:
-"واضح إني إتساهلت معاكي كتير يا أستاذة فُتنة، ودا اللي خلاكي تقفي أدامي وتتبجحي وتقولي لأ وكمان تقاطعيني بقلة إحترام".
-خفضت عيناها حرجاً وقالت بإستماتة وهي تدافع عن حقها:
-"أنا مستحيل إقل من إحترامي لحضرتك أو لأي حد فالبيت يا بابا وحضرتك عارف كدا ومتأكد، بس أنا من حقي أرفض إني أتجوز بالأسلوب دا، أنا أسفة إن دي أول مرة أعصاك فيها بس حقيقي أنا مقدرش أبداً أوافق إني أتجوز بالغصب والإجبار زي ما حضرتك عاوز تعمل معايا".
-صمتت لتلتقف أنفاسها ورفعت عيناها ونظرت إلى والدها، الذي بدت لها نظراته غامضة فواصلت حديثها رغم قرأتها لتحذير شقيقها:
-"بابا أرجوك حاول تفهمني وتقدر مشاعري أنا فعلاً مش عاوزة أرتبط، ولا بدور على إرتباط، مينفعش أشغل نفسي بحاجة متأكدة إنها هتعطلني عن هدفي اللي بسعى له، أنا نفسي أخلص دراستي وأحضر ماجسيتر ودكتوراه ومش فدماغي الكلام الفاضي بتاع الجواز واللي شافني ومشافنيش واللي جايين يشربوا قهوة، ما يروحوا يشربوها فأي مكان تاني ويبصوا لواحدة غيري".
-أسرع سهيل ليحول بينها وبين والدهم بعدما أفسدت كلمات فُتنة الأمر، فوقف وقال:
-"روحي أوضتك يا فُتنة دلوقتي، ولما بابا يروق إبقي إتكلمي معاه ووضحي له هدفك وطموحك".
-حرص رياد على التحرك هو الأخر ولمس يد شقيقته ليشير إليها بالإبتعاد ولكنها لزمت مكانها وزفرت بحنق وصاحت:
-"على فكرة أنا مش ههرب من أدام بابا ومش هستخبى علشان أنا مقولتش حاجة غلط ولا عيب، أنا بتكلم فحقي أنا مش فحق حد تاني، وبعدين أنا أساساً رافضة أسلوب ابن صاحبي شافك ولا ابن الجيران ولا حتى واحد شافك فمكان وجه يتقدم، أنا مش حابة كدا، وقبل ما حد فيكم دماغه تروح لبعيد، فأنا مش بحب ولا حتى ناوية أحب، علشان مش معترفة بحاجة أسمها حب أساساً، الحب دا للناس الضعيفة اللي عاوزة عذر علشان توقف حياتها ويبقى عندها شماعة تعلق عليها أي فشل تقابله فحياتها، عموما أنا بعتذر أنا مكنش قصدي نهائي إني أتأخر ومقصدتش إني أتأخر لان فعلا الدكتور دخل بدري ومعرفتش أستأذن منه وأول ما خلص جيت على طول، وكل اللي أقدر أعمله إني أعتذر للتأخير وبس".
-ودت هنيدة لو تطبق بكفيها على شفتي شقيقتها ولسانها لتمنعها من الحديث، فكلماتها زادت من غضب والدهم، وهي لا تدري بأنها أثارت حفيظته بكلماتها عن رفض الإرتباط والحب لخشيته عليها من البقاء دون زواج، ومرور سنوات عمرها لتبقى بمفردها، ولطالما سمعته يبوح بخوفه إلى والدتها لتخبره بأن يأمل الخير دوماً.
-إستدارت فُتنة لتغادر ولكن قبضة والدها القوية التي قبضت على معصمها أوقفتها فنظرت إليه بتخوف لتسمعه يقول:
-"سبتك لحد ما تخلصي كل كلامك براحتك، علشان مش هقبل إنك تقاطعيني فالكلام تاني، ودلوقتي أنا عاوزك تسمعيني كويس، كل الكلام اللي قولتيه عن دراستك وهدفك وأحلامك أنا عمري ما أعترضت عليه ولا منعت حد فيكم إنه يحلم بالأحسن، لكن زي ما إنتِ عاوزة تحققي حلمك ويكون لك شأن، لازم تفكري فحياتك ودورك اللي أتخلقتي علشانه، إن يكون لك أسرة وبيت وزوج وأولاد تراعيهم وتعلميهم ويكونوا الخلف الصالح ليكي، ودا اللي شايفك بتحاربيه، كل ما تيجي سيرة الجواز والإرتباط تختفي وتجري تهربي بعيد، حتى يوم ما مُعز أتقدم لأختك حاولتي بكل الطريق إنك تمنعيها وكنتي بتحرضيها إنها ترفض الجواز وتكمل دراستها الأول وبعدين تبقى تفكر فالبيت والعيال، تقدري تفهميني ليه رافضة تقابلي أي حد، ولاد عمك ورفضتيهم كلهم، أي قريب من بعيد أو من قريب أتعاليتي عليه وحسستيه بأنه أقل منك لما الكل بقى واخد موقف، فهميني ليه كل ما نفتح سيرة الجواز تهربي، أنا عاوز أعرف بنتي الكبيرة رافضة الجواز ليه، علشان أقدر أرد على الناس اللي بتسئلني".
-سحبت أنفاسها بتوتر وأجابته:
-"أنا معنديش أسباب غير إني مش مقتنعة بفكرة الحب والإرتباط، ومعنديش حاجة أقولها علشان ترضي فضول الناس، اللي من السهل إن حضرتك تقول لهم ملكمش دعوة حياتها وهي حرة فيها تعيشها زي ما هي عوزاها".
-تمالك ظافر أعصابه إلى أبعد مدى وأشار إلى سهيل بالإبتعاد عنه وقال:
-"دا كلامك للناس، تمام وبالنسبة لكلامك ليا ياترى هيبقى نفس الجواب ماليش دعوة ولا دخل".
-أحتقن وجهها حرجاً فهي لم تقصد أبداً أن تبدو كلماتها مهينة بتلك الدرجة، فأطرقت برأسها أرضاً وهي تلوم نفسها لإنفلات الأمر منها هكذا.
-حمحم رياد لينبهها فرفعت عيناها إلى والدها وهي تبكي رغماً عنها وقالت:
-"أنا أسفة واضح إني عكيت الدنيا معاك بكلامي وقولت كلام ميصحش إني أقوله بالطريقة دي، عموماً يا بابا أنا وضحت لك إني لا قصدت أعاند وأجي متأخر ولا حتى أقلل منك أدام الناس اللي جت النهاردة، وأتمنى إن حضرتك تتراجع عن قرارك اللي أنا رفضاه، لإني مش هقدر فعلاً أنفذه ولو أجبرتني عليه، فأنت كدا تبقى بتظلمني وبتقلل مني".
-إنسحب ظافر بعدما غادرت فُتنة المكان ملتزماً الصمت ليغادر المنزل بأكمله، فأندفع سهيل إلى غرفة شقيقته ووقف يحدق بها بعتاب لتهاجمه قائلة:
-"لو جاي تفتح معايا كلام فموضوع العريس فوفر كلامك وأحتفظ بيه لنفسك علشان أنا معنديش أي أستعداد أسمع أي حاجة عنه".
-رفع حاجبه مستنكراً أسلوبها في الحديث معه فقال:
-"دا واضح إنك ماشاء الله كبرتي وبقيتي رافضة تسمعي أي كلام مننا، إيه يا فُتنة تكونيش خلاص فاكرة نفسك الكبيرة فالبيت هنا، وبقيتي تقرري كل حاجة على هواكي، عموما أنا جيت علشان أنبهك إن حتى لو معاكي الحق بالرفض مكنش المفروض إنك تتكلمي بالأسلوب دا مع بابا وترفعي صوتك عليه وتقاطعية أكتر من مرة، يا أستاذة فتنة قبل ما تدافعي عن حقك مفروض إنك تلتزمي بواجبك فالبيت دا ومع الكل، مش تاخدي جانب لوحدك وتمنعي نفسك عن الكلام معانا والقعدة معانا، ولا إنتِ مش واخدة بالك إنك بتتجنبي تجتمعي معانا".
-أشاحت بوجهها عنه وزفرت بضيق وقالت:
-"أنا عارفة واجبي كويس ومقصرتش فيه، أحترام وبحترم الكل برا البيت وجواه، إنما كلامك عن التجمع فإنتم كلكم عارفين إني بحب أقعد لوحدي، وبعدين أنا لا بتصنع دا ولا بمثله يا سهيل".
-عقد حاجبيه بعصبية لرفضها تفهم الأمر، فصاح بها:
-"يا بنتي أفهمي إحنا عوزينك معانا تقعدي تتكلمي تخرجي من القوقعة اللي حابسة نفسك فيها وملازمة بيها أوضتك، دا إنتِ لحد دلوقتي متعرفيش خطيب أختك شكله إيه وكل ما بيجي تختفي، يا فُتنة إحنا مش أعدائك علشان تخافي وتقفلي على نفسك، إحنا أخواتك وعاوزينك تشاركينا الحياة".
-أجابته بنفس عصبيته قائلة:
-"وأنا مش عاوزة أجتمع، أنا برتاح لوحدي يا سهيل برتاح وأنا لوحدي مش مع حد فياريت تحس بيا وتفهمني وتبطل تفرض نفسك عليا بالطريقة دي وسبني أعيش زي ما أنا عاوزة، وأظن إن محدش هنا بيعدل عليك فحاجة وسيبينك تعيش حياتك على مزاجك وهواك تخرج تقعد تنام تتكلم تسكت محدش بيقولك حاجة، وزي ما إنت بتعمل اللي على هواك، سبني أنا كمان أعيش زيك ودلوقتي لو سمحت أنا محتاجة أرتاح شوية علشان ورايا مذاكرة كتير".
-غادرها لتربت والدته فوق كتفه بتروي وتقول:
-"متزعلش منها يا سهيل، إنت عارف أختك إنطوائية وإحنا كتير حاولنا معاها إنها تخرج وتندمج وبعد ما يأسنا إنها هتفضل من غير صحاب أتعرفت على ثراء وو.
-ابتلعت سوار إسم ريوان بداخلها حين تجهمت ملامح سهيل وأكتسى وجهه بالحزن ليسرع بمغادرة المكان هو الأخر ليقترب رياد من والدته ويضمها إليه قائلاً:
-"بكرة الأمور تتعدل يا أمي وحال فُتنة يتصلح، وسهيل ينسى ريوان ويعيش حياته، المهم بس حضرتك تخلي بالك من صحتك ومن بابا، وسيبي فُتنة عليا هديها يومين وهتكلم معاها وهخليها تصالح بابا وسهيل".
-قبلت سوار جبين رياد وهي تدعو الله بأن يصلح حال أبنائها.
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
-إنتبهت فُتنة إلى صوت سهيل يقول:
-"فُتنة إحنا وصلنا مش هتنزلي الكلية ولا إيه".
-إلتفتت إليه ونظرت بتمعن إلى عيناه الداكنة لترى الحزن يسكنهما فخفضت رأسها وقالت:
-"أنا أسفة يا سهيل، بجد أسفة وحقك عليا صدقني أنا مكنش قصدي أبداً إني أتكلم معاك أو مع بابا بالأسلوب دا، وحياتي يا سهيل بلاش تزعل مني، إنت عارف أنا مقدرش على زعلك وزعل بابا فنفس الوقت".
-لان قلبه لسماعه صوتها الحزين فمد يده ورفع وجهها لينظر إليها ومسح دموعها وقال:
-"هسامحك بس بشرط".
-اومأت بصمت بالموافقة، فأبتسم قائلاً:
-"لما تروحي تعملي لي كيكة شيكولاتة". الموناليزا
-قبلته فوق جبينه وغادرت السيارة وهي تبتسم له وتلوح.
-وعلى الجانب الأخر من الطريق وقف يحدق بتلك الفتاة التي لم تراعي وجودها بالطريق لتقبل رجلاً وتقف تبتسم له بوله، لم يدري لما تملكه الغضب منها فزجر نفسه بقوة وأكمل سيره ولكنه تلفت مرة أخرى إلى الخلف ليراها تسرع إلى داخل الجامعة.
-مرت الأيام عليها وهي تحاول إصلاح الأمر مع والدها، ولكنه لزم الصمت معها طويلاً ولم تدك فُتنة بأنها ستستيقظ على فاجعة تغير حياتها كلياً وتبدد صفوها.
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
-تبكي منذ قرأت الخبر بالصحيفة لا تصدق أن صديقتها ريوان قُتلت بتحريض من زوجها، شعرت وكأن قلبها سينفجر من الألم الذي أحتشى بداخله، فصديقتها لم يمر على زواجها عام بعد، تسائلت فُتنة لما لم يطلق مهاب ريوان كما أرادت وطلبت منه، ولما حرض على النيل منها.
-قرأت فُتنة أعترافات القاتل بشأن أتفاق مهاب معه ودفعه له مبلغاً من المال نظير أن يخيف ريوان ويهددها ويجعلها توقع على إيصال أمانة بمبلغ كبير يستطيع من خلاله مساومتها حتى لا تحصل منه على شيء، فصعد ذلك الرجل الشقة أثناء نوم ريوان كما أفهمه مهاب وبعدما مده بنسخة عن مفتاحه لينفذ، ولكن شاءت الظروف أن يتفاجيء القاتل بأستيقاظ ريوان ورأها تغادر مطبخها تأكل بعدما أيقظها الجوع، فلم تنتبه له ولا لنظراته التي ألتهمت جسدها، ليتسلل من خلفها مكمماً فمها حتى لا تستغيث بأحد، ودفعها أرضاً لينحصر ردائها عن جسدها، فازدادت رغبة الرجل بها، فهاجمها وشرع بتتحسس جسدها الذي جمده الذعر والخوف، وقبل أن تمسها شفتيه أستفاقت ريوان من صدمتها وهمت بالصراخ طلبا للنجدة، فما كان من القاتل إلا أن أغمد سكينه بصدرها ليمنعها من الصراخ وكشف أمره، لتنفذ طعنته ما بين قلبها ورئتها، ليتجرد قاتلها من إداميته وينزع ثيابه عنه ويغتصبها مغمضاً عينه عن نزيفها وصراعها مع الحياة، وحين أنتهى منها وقبل أن يفر الرجل من موضعها، تناهى إلى سمعها المغيب صوت رنين هاتف لتستمع إلى صوت الرجل يقول:
-"أنا أتفاجأت بيها يا مهاب باشا صاحية وكانت هتصوت وتلم عليا الجيران والله ياباشا كان غصب عني بس السكينة فلتت مني وهي بتعافر معايا ودخلت فصدرها وملحقتش أمضيها على حاجة".
-خرجت شهقة فُتنة الباكية وعيناها تستكمل ما ذُكرته الصحيفة أنه لم يشعر أحد بحالة ريوان أو يكتشف ما حدث لها، إلا بعد مرور ساعة حين لمحت جارتها باب شقتها مفتوحاً فدلفت وهي تناديها لتتفاجيء بها ممدة أرضاً وسط بركة من الدماء، فصرخت جارتها وأسرعت وسحبت مفرش الطاولة، وألقته فوق جسد ريوان العاري تسترها عن العين، ليتجمع البعض من جيرانها وأبلغوا الشرطة، حاولت الجارة كبح دمائها عن النزيف، فمالت فوقها لتسمعها تهمس وهي تنازع الحياة وتخبرها بأمر المحادثة التي سمعتها بين قاتلها وزوجها، لتفارق ريوان الحياة هي وجنينها، فأبلغت الجارة الشرطة بما أخبرتها به ريوان، لتلقي الشرطة القبض على زوجها الذي حاول إيهام الجميع بصدمته، ليعترف في نهاية الأمر بعدما وقع القاتل بين يدا العدالة ووشى به.
-إنتحبت فُتنة بشدة وهي تمزق الصحيفة وتلقي بها أرضاً، لترتمي بجوارها وهي تضم إلى صدرها صورة ريوان، لتمر أمام عيناها مشاهدهما سوياً، لمعان عيناها الزرقاء وصخبها المرح وضحكاتها ومزاجها المتقلب، حتى عبوسها الذي لم تكن فُتنة تتحمله شعرت بأنها تفتقده كثيراً، أغمضت فُتنة عيناها وهي تتذكر ذلك الإتصال من ريوان بها بعد مرور أسبوعان فقط على زواجها وهي تبكي وتقول:
-"أنا مش مصدقة يا فُتنة اللي أنا فيه واللي بيحصل لي، والله ما في حد هيصدق لما يشوفني إني ليا إسبوعين بس متجوزة، دا أنا حاسة إني هموت من القهرة على حالي، منه لله جوز ماما ربنا ينتقم منه هو السبب فاللي أنا فيه دا، ولولا تهديده ليا إنه هيطلق ماما ويرميها فدار مسنين ويرميني فالشارع ويبيع الشقة اللي خلى ماما تمضي له على تنازل عنها، مكنتش هوافق أبداً إني أتجوز مهاب دا، أنا بنتهي يا فُتنة ومحدش حاسس بيا".
-صدمت فُتنة حين أعترفت أخيراً ريوان بسر موافقتها على الزواج من مهاب، وهو الأمر الذي لم تجد له فُتنة أي تفسير أو إجابة، بعدما رفضت ريوان الحديث معها عن أي تفاصيل سابقاً، ليحدث أمر زواج ريوان شقاً بينهما بسبب موافقة ريوان على زواجها السريع من مهاب، وذلك بعد أيام من رفض زوج والدتها لطلب شقيقها سهيل الزواج منها، نحت فُتنة يومها حزنها على شقيقها سهيل الذي لم يتقبل زواج ريوان من غيره حتى الأن، وشعرت بأن كارثة ستحل على الجميع إن علم سهيل بحقيقة الأمر، فهو لن يقبل أبداً أن تعيش ريوان حياة كهذه، ازداد شعور فُتنة بالحزن على ريوان حين زاد نحيبها، وشعرت بالشفقة عليها كونها ضحت بنفسها وبقلبها وكذلك بقلب شقيقها، كي تنقذ والدتها من ظلم زوجها فقالت:
-"أنا مش عارفة أقولك إيه، علشان أنا بجد مصدومة يا ريوان من الكلام اللي سمعته منك، أنا مش عارفة كان فين عقلك علشان تقبلي بمهاب، وليه محكتيش الحقيقة واللي حصل وسهيل كان أتصرف مع البيه اللي هددك وهدد ولدتك دا، إزاي يا ريوان تقبلي تهيني نفسك بالشكل دا وتضحي بحياتك، بجد أنا مش قادرة أستوعب مش قادرة".
-زاد نحيب ريوان وشاركتها فُتنة البكاء هي الأخرى ليأتي صوت ريوان يقول:
-"أنا مكنتش متخيلة إن الوضع هيبقى بالبشاعة دي يا فُتنة، أساساً أنا مهما أحكي لك عمرك ما هتتخيلي أبدا اللي أنا عيشاه وبمر بيه ليا إسبوعين، واللي مش عارفة أنطق بحرف منه لماما لتروح فيها بحسرتها عليا".
-تمالكت فُتنة أعصابها وسئلت صديقتها عما بها لتأتي إجابة ريوان الصادمة كلياً لها وهي تقول:
-"مهاب طلع الجواز عنده هواية يا فُتنة، يعني لما بيشوف واحدة وبتعجبه بيروح يتجوزها شهر وأتنين وتلاتة، وبعدين يزهقها فحياتها ويساومها على الطلاق ويجبرها تتنازل عن كل حقوقها الشرعية والشقة وكل حاجة، يا أما يحول حياتها لسواد وعذاب، ويطلع هو اللي كسبان فالأخر أتجوز ببلاش ومن غير ما يخسر ولا مليم وأتمتع مع اللي اتجوزها كام شهر". بقلمي منى أحمد حافظ
-إنهمرت دموع فُتنة بغزارة كرباً وحزناً على حال صديقتها ليأتي صوت ريوان يضيف:
-"المشكلة يا فُتنة إني بعمل كل حاجة غصب عني، عيشتي معاه وكلامي حتى أنفاسي كلها غصب، عارفة إن من يومين جات لي واحدة من اللي كان متجوزهم وهي اللي حكت لي ووصفت لي كل كلمة بيقولها وكل حركة بيعملها لما مصدقتش كلامها، ومن ساعتها وأنا مش عارفة أعمل إيه، أطلب منه الطلاق ولا أسكت".
-صاحت فُتنة بخوف وقالت:
-"بس واحد بوصفك دا ممكن لما تطلبي منه الطلاق يقول عنك حاجة ويسوء سمعتك وإنتي عارفة الناس مبقتش بترحم أي حد وهيقطعوا فسيرتك ويتكلموا عليكي، وطبعا جوز طنط مش هيتوصى وما هيصدق، وهيمسكها لك ذلة، بصراحة يا ريوان أنا خايفة أقولك أطلبي الطلاق يعمل فيكي حاجة، وبردوا مش قادرة أقولك أستني شوية".
-كفكفت فُتنة دموعها وهمست بألم تلوم نفسها وتجلدها:
-"ياريتني شجعتك تطلقي منه وتسبيه على الأقل مكنش حصل اللي حصل وكان زمانك معانا دلوقتي".
-جرفت الذكري فُتنة مرة أخرى لتتذكر محادثتها الكتابية مع ريوان بعدما أُغلق هاتفها لفترة ولم تستطع التواصل معها لتخبرها ريوان بحملها وعذابها الذي تعيشه منذ علم مهاب بأنها حامل، وعلمت فُتنة أن صديقها حاولت كثيراً مع مهاب بالرجاء والتوسل أن يطلقها، ولكنه رفض بإصرار وتعنت خشية أن يطالبه زوج والدتها بالمنزل وبكامل مستحقاتها كونها تحمل ابنه، فلم يتوان مهاب عن إهانتها وضربها وسبها ليل نهار، وأخبرتها بأنه سحب منها الهاتف حتى لا تتحدث مع والدتها وتخبرها بأي شيء، يومها شاء القدر أن تترك هاتفها ليقع بيد شقيقها سهيل، الذي قرأ الرسائل المتبادلة بين شقيقته وريوان، فعادت إلى غرفتها لتراه يجلس أرضاً ويبكي وهو يحتضن صورتها مع شقيقته، لتجلس فُتنة بجواره بعدما مزقتها رؤيتها له بتلك الحالة، لتقص عليه كل ما أخبرتها به ريوان حين ناشدها معرفة الحقيقة.
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
-عادت فُتنة من ذكرياتها المؤلمة، حين سمعت صوت والدتها سوار وهي تتجه صوبها وبيدها كوب الليمون فجلست بجانب إبنتها وقالت:
-"وبعدين يا فُتنة هتفضلي على الحالة دي كتير، يا حبيبتي مينفعش اللي بتعمليه فنفسك دا، خدي يا حبيبتي أشربي الليمون هيهدكي، وبعدين قومي أتوضي وصلي ركعتين وأدعي لريوان إن ربنا يرحمها ويغفر لها، وأجهزي علشان نروح لوالدتها نعمل الواجب معاها". بقلمي منى أحمد حافظ
-حاولت فُتنة أن تكف عن البكاء، ولكنها لم تستطع، فصوت ريوان مازال يتردد في أذنيها فهي منذ يومين فقط إتصلت بها لتخبرها بسعادة بأنها أخيراً عثرت على محامي بارع سيرفع لها دعوى الطلاق، ووعدها إنه سينال لها حكم الطلاق من الجلسة الأولى، أغمضت فُتنة عيناها لتشعر سوار بالخوف والقلق على إبنتها، فوقفت سريعا وغادرت وهي تبحث عن زوجها ظافر، والذي وجدته يتحدث مع إبنهما رياد فنظرت له بحزن وقالت:
-"ظافر قوم إنت شوف لك صرفة مع بنتك دي مش عاوزة تهدا خالص ومنهارة وبالشكل دا أنا مش هقدر أخدها ونروح لعليا نعزيها".
-هز ظافر رأسه بأسف فنظر له رياد وقال:
-"خليك يا بابا أنا هروح أتكلم معاها وهحاول أهديها".
-طرق رياد باب غرفة فُتنة وولج إليها ووجدها تفترش سجادة الصلاة تصلي وصوت نحيبها واضح، فأتجه إلى شرفتها وفتحها على مصرعيها وهو يشعر بالحزن يزداد بداخله، فأنتظرها حتى أنهت صلاتها ودعائها، رفعت فُتنة عيناها وحدقت بوجه شقيقها رياد ليشير إليها بالتوجه إليه، وما أن وقفت فُتنة إلى جواره حتى أشار بيده إلى شقيقهما الأكبر سهيل والذي جلس خارج المنزل يحاول أن يخفي حزنه عن الجميع، ليتمزق قلب فُتنة أكثر على حال شقيقها فجذبها رياد بعيداً عن الشرفة وقال:
-"شايفة حال سهيل أهو على الحال دا من وقت ما عرف، وطبعا إنتي عارفة السبب، فأرجوكي تحاولي تمسكي نفسك يا فُتنة وتبطلي عياط، لإنه لو شافك بالحالة دي هينهار، وإنتي عارفة كويس سهيل لو إنهار إيه اللي هيحصل فالبيت".
-ازدردت فُتنة لعابها وكفكفت دموعها بعدما وعت كلمات شقيقها، فضمها رياد إلى صدره وقال:
-"إسمعيني كويس يا فُتنة وحاولي تفهمي كلامي، اللي حصل لريوان دا أولاً وأخيراً أمر ربنا ومكتوب عليها، وعلينا إحنا إننا نرضى بحكم ربنا ونحاول إننا نثبت، صحيح الموت بيحرمنا من اللي بنحبهم وبيكون فراقهم لينا صعب نتحمله، لكن إحنا مطلوب مننا واجبات ناحية اللي بيموت مننا سواء كان قريب أو صاحب أو حتى حد غريب، والواجب دا إننا نكون بمثابة الولد الصالح اللي بيدعي للمتوفي وإننا نعمل له صدقة جارية، ودا المطلوب منك ناحية صاحبتك يا فُتنة إنك تدعي لها كتير بدل ما تستسلمي للشيطان وتعيطي، وزيارتك لوالدتها ورعايتك ليها صدقيني هيبقى بمثابة صلة رحم لأم فقدت كل اللي ليها فالحياة ومبقاش فاضل لها حد خصوصا بعد ما جوزها طلقها وهرب".
-صمت رياد ليقرأ عينا شقيقته التي إبتعدت قليلاً عنه وأستمعت إليه بإهتمام لتهز رأسها بالإيجاب وتقول:
-"إنت معاك حق يا رياد، أنا فعلا لازم أكون أقوي من ضعفي وأحاول إني أعوض طنط عليا عن حرمانها من ريوان، علشان هي دلوقتي ملهاش فالدنيا غير ربنا وأنا".
-ربت رياد على ظهر شقيقته وقبل جبهتها وقال:
-"هي دي أختي فُتنة القوية اللي بتقدر تحول ضعفها لقوة".
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
-منذ أخبرته بما حدث وألحت عليه بالعودة، وهو يحدق بوجه والدته يشعر بالسخط، فهو اطلع على كامل تحقيقات النيابة وقرأ كل ما ورد عن أقوال الشهود، بل وإستمع بنفسه إلى إعترافات القاتل، والذي أكد أن مهاب دفع له مبلغ كبير من المال نظير اقتحامه لمنزله والنيل من زوجته الحامل وأخافتها، ليتحول الأمر إلى مذبحة، زفر براء أنفاسه وهو يحاول التهرب من عتاب والدته له ليقف أخيرا ويقول:
-"أمي أرجوكي، لو سمحتي أعفيني من الموضوع دا حقيقي أنا مش قادر أتولي القضية وحاسس إني لو بقيت محامي مهاب فأنا هجيب له أعدام هو واللي أجره علشان يقتل ريوان مراته".
-عقدت أمتثال حاجبيها وهي تستمع لرفض إبنها تولي قضية مهاب فوقفت وحدقت به بحنق وقالت وهي توشك على مغادرة مكتبه:
-"أنا مكنتش عارفة إنك هتصغرني بالشكل دا أدام خالتك، بس هقول إيه يا خسارة عشمي فيك يا براء، عشمي اللي مطلعش فمحله وأنا شيفاك عاوز تتخلي عن ابن خالتك وتسيبه يتسجن علشان خاطر واحدة زي دي، عموما شكرا يا براء شكرا ليك على خذلك ليا أدام أختي الوحيدة اللي أترجتني علشان أخليك تدافع عن إبنها اللي أتظلم".
-تابع مغادرة والدته بدهشة بسبب كلماتها، فجلس مرة أخرى إلى مقعده وهو يهز رأسه بأسف لموقف والدته الغريب والمنحاز كلياً لمهران الذي سعي ورتب لأغتيال زوجته، ازداد ضيق براء فما علمه من أحد رجال المباحث جعله يتمنى لو يتنصل من معرفته لمهاب بسبب زيجاته المتعددة وخداعه للفتيات بتلك الطريقة المهينة.
-أعتدل براء وتطلع إلى باب مكتبه ليرى شقيقه سيف يلج إليه فنظر إليه بريبة ليبتسم بسخرية أمام تردد سيف أمامه ليقف براء ويتجه صوب شقيقه وهو يقول:
-"متقولش إن ماما بعتتك علشان تحاول تقنعني مسبش القضية". بقلمي منى أحمد حافظ
-اومأ سيف بحرج وقال:
-"بصراحة أنا حاولت أقنعها إن مينفعش أنك تمسك قضية مهاب، بس هي مصممة بتقول أختى طلبت وأنا مقدرش اتخلى عنها".
-اوقف سيف كلماته ليتنهد بحزن ويضيف:
-"أنا مش عارف بجد اللي إسمه مهاب دا ازاي جاله قلب يعمل كدا فمراته".
يتبع
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
تكملة الرواية من هنا 👇👇👇
تعليقات
إرسال تعليق