فُتنة.
البارت الثاني والثالث
بقلم مني أحمد حافظ
كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات
{2} للحب ثمن ..
🔺🔺🔺🔺🔺
-واجم الملامح بعيون محتقنة تتوارى خلف إنطفائها الدموع، أنفاسه حبيسة خلف ثلوج صدره المستعرة بنيران الغضب الأعمى الذي تفجر بداخله ولم يهدأ، وكيف يهدأ فخسارته لها لن تعوض أبداً، كاد يبتسم بسخرية لظنه السابق حين ضاعت منه لأخر بأنه لن يستطيع الحياة، فالأن بدون أنفاسها التي كانت تهون عليه غيابها، وبدون رؤيته لها خلسة بين الحين والأخر، كيف له بأن يستمر في تلك الحياة.
-إلتقط صورتها وحدق بها لتنهمر دموعه بصمت، فأدنى الصورة من شفتيه وقبلها وهو يغمض عيناه، يتذكر كيف كانت تضحك له ببراءة حين تلتقي عيناهما، وهمساتها الخجلة وهي تسئله عن حاله، لقد وقع سهيل في حبها منذ اليوم الأول الذي رأها فيه، ليزداد حبه مع مرور الأيام، طالت الأيام وطال صمته لتبقى أحاديث العيون حتى حانت لحظة الأعتراف بينهما.
-جلست بعيداً بغرفة فُتنة تبكي بينما وقفت فُتنة أمامها تغلي غضباً وصاحت بحدة:
-"بطلي عياط وسيبك من الضعف اللي إنتِ فيه دا، الموضوع كدا أستفحل ومعدش ينفع تسكتي، إنتِ لازم تتكلمي وتقولي لوالدتك".
-إلتفتت ريوان بعيون متسعة من صدمتها وهزت رأسها نفياً وقالت:
-"مقدرش يا فُتنة، مقدرش أتكلم ولا أقول حاجة من اللي بتحصل، ماما لو عرفت حاجة مش هتتحمل وهتروح فيها وهبقى أنا السبب، وهو عارف كدا كويس علشان كدا بيلاعبني وبيعمل اللي بيعمله، وأدامها بيبقى حمل وديع وصدمة زي دي هتقضي عليها".
-ازداد عبوس فُتنة وغضبها فأشاحت بوجهها عن صديقتها حتى لا تُضرم فيها نيران غضبها بلا ذنب ولكنها لم تتحمل أن تبقى ساكنة وتلزم الصمت عما يحدث فعادت بعيناها إلى صديقتها وقالت:
-لو مش هتقدري تصارحي طنط يبقى روحي لعمك وقوليله على اللي بيحصل وهو اللي يتصرف معاه، إنما إنك تشوفي اللي بيعمله وتقفي ساكتة وخايفة مش هينفع وهتبقي شريكة له فكل حاجة لإنك عارفة وساكتة ومش بعيد يتطاول عليكي طالما عارف إنك مش هتتكلمي وضامن خوفك ولسانك فإيده".
-إنتفضت كمن لدغتها حية ما أن اتت فُتنة على ذكر عمها وشحب وجهها لتنهار مرة أخرى باكية لينفطر قلب فُتنة عليها فأقتربت منها وقالت بصوت حزين:
-"أرجوكي كفايا يا ريوان، عياطك مش هيفيد ولا هيغير أي حاجة، مش هيغير إنك شوفتي خيانة نصار لوالدتك على سريرها وفبيتها، ومش مرة ولا أتنين لأ دول مرات وكل مرة يبص لك بإستهزاء، علشان متأكد إنك مش هتقولي".
-جثت فُتنة على ركبيتها وأحاطت وجه صديقتها بكفيها وقالت:
-"ريوان أنا خايفة عليكي أحسن نصار يضايقك وإنتِ أغلب الوقت بتبقي قاعدة فالبيت لوحدك، صدقيني مهما كان موقف عمك فهو إستحالة هيقبل إنه يسيبك تتأذي وهيعرف يساعدك من غير ما طنط تعرف حاجة، وحتى لو عرفت هيبقى الموضوع أخف، أرجوكي يا ريوان فكري كويس وبلاش تقبلي بالأمر الواقع". بقلمي منى أحمد حافظ
-ما أن أنهت شقيقته حديثها حتى إستدار سهيل وهو يشعر بالغضب من نصار الذي يهدد فتاته ويأذيها نفسياً هكذا، ما أن إبتعد سهيل عن باب الغرفة حتى إنتبه إلى صوت شهقة فأستدار مرة أخرى ليواجه ريوان التي فتحت الباب لتغادر بصحبة شقيقته فُتنة، فرسم إبتسامة واهية فوق شفتيه حتى يشتت إنتباهها وقال:
-"إنتِ هنا يا ريوان، وأنا اللي بسئل ياترى فُتنة مختفية فين ومش طالع لها صوت، كان لازم أفهم إنك موجودة وأثرتي بهدوئك عليها".
-فركت كفيها بحرج وعيناها تتبدل بين النظر إليه وإلى وجه فُتنة التي أسرعت وقالت:
-"إنت هنا من بدري يا سهيل".
-نفى برأسه التي هزها يميناً ويساراً وقال:
-"أنا لسه واصل من برا، بس هخرج تاني علشان نسيت ورق مهم مع واحد صاحبي مضطر أروح له البيت أخده منه وأرجع، بس إنتِ بتسئلي ليه عوزاني فحاجة ولا محتاجة توصيلة إنتِ وريوان".
-أمائت فُتنة برأسها وقالت:
-"بصراحة كنت طمعانة إنك تاخدني أنا وريوان تودينا المول، يعني محتاجين نلف لفة هناك نشوف الجديد اللي نزل وكمان علشان نشتري هدية ثراء ما إنت عارف عيد ميلادها قرب".
-وافقها قائلا وعيناه تلاحق عينا ريوان:
-"تمام أنا هتصل بزميلي أأخر ميعادي معاه، وهاخدكم المول وأرجعكم تاني بعد ما تخلصوا، يلا لو جاهزين".
-كادت ريوان ترفض ولكن عينا فُتنة التي حدجتها بنظرات صارمة جعلتها تتبعهم في صمت وقلبها يرجف لوجود سهيل برفقتهم.
-ما أن قاد سهيل سيارته وأبتعد عن منزلهم حتى ناشدته فُتنة قائلة:
-"معلش يا سهيل ممكن توقف أحسن أنا نسيت موبايلي والمحفظة فالبيت، بص خد ريوان للمول وأنا هرجع على السريع أجيب المحفظة والموبايل وأحصلكم".
-أسرعت فُتنة بمغادرة سيارة شقيقها دون أن تترك لهما الفرصة للأعتراض لتحدق ريوان بأثر صديقتها التي أخذت تهرول إلى المنزل بعيون زائغة، تود لو تغادر هي الأخرى لتلحق بها، لتعود بعيناها إلى سهيل حين عاد لقيادة سيارته وأحمر وجهها بشدة حين قال:
-"ممكن تهدي وتطمني أنا مش هخطفك".
-ازداد وجهها إحمراراً وتسارعت أنفاسها فأوقف سهيل سيارته إلى جانب الطريق وألتفت إليها وقال:
-"تعرفي إن دي أول مرة نبقى أنا وإنتِ لوحدنا، يعني كل مرة بتيجي البيت لفُتنة بتختفوا إنتم الأتنين سوا، وأول ما بتظهري بتجري علشان تروحي ويادوب بسلم عليكي ومش بلحق حتى أتكلم معاكي، يمكن حاولت كتير إني أتصل بيكي لكن كنت بتراجع لكن مش عارف ليه المرة دي حابب إني أتكلم وأقولك على اللي جـــو".
-توقف حين رأى وجهها قاني الحمرة فزفر بغضبٍ من نفسه وأستدار عنها وقال بهمس:
-"أنا أسف مكنش المفروض أقول الكلام اللي قولته دا ولا حتى أقف بالعربية، هو مكنش المفروض أساساً إني أسيب فُتنة تنزل وتسيبك لوحدك معايا، أنا أسف يا ريوان".
-ازداد رجيف قلبها حين إستدار سهيل بسيارته ليعود إلى منزلهم وأحست ريوان بأن صمتها وخوفها أضاع منها فرصة الحديث معه التي تمنتها طويلاً ولم تدري بأنها بكت بصوتٍ عال إلا حين توقف سهيل مرة أخرى فألتفت وحدق بها بألم ولام نفسه بقوة لحديثه وتهوره، فأشاح بوجهه عنها ليسمعها تقول بصوت متحشرج:
-"كنــ كنت عاوز تقولي إيــه".
-قبض بقوة على مقود سيارته، ليمنع نفسه من النظر إليها من جديد، زفر وقلبه يرجوه أن يخبرها بمكنونه، ليطلق سهيل صراح أنفاسه وكلماته ويقول:
-"كنت عاوز أقول كتير يا ريوان، بس خايف يكون مش من حقي أعترف لك باللي جوايا". الموناليـزا
-تلاقت عيناهما فلمح تساؤلها وفضولها لمعرفة ما يود إخبارها به، أعترف بعيناه فرأى خجلها يطفو فوق ملامحها فأبتسم لتشرق شفتيها عن إبتسامة خجولة جعلت قلبه ينبض بقوة ليستدير إليها ويهمس:
-"خايف أصدق اللي قريته جوا عيونك، لأكون بحلم، فتفتكري لو قولتها هتبقى من حقي ومش هطلع إني بحلم".
-ازدردت لعابها وأمائت برأسها ليفاجئها سهيل بمغادرته لسيارته وإلتفافه حولها ليفتح لها باب وهو يشير إليها لتجلس إلى جواره وما أن جلست بالمقعد الأمامي حتى عاد إلى مقعده ونظر إليها وقال:
-"كدا بقى أعرف أتكلم وأقول كل اللي جوايا براحتي ريوان أنا من أول يوم شوفتك فيه وأنا مشغول بيكي وبفكر فيكي على طول، وبقيت بستنى إنك تيجي لفُتنة علشان بس أشوفك وأطمن عليكي".
-إتسعت عيناها بدهشة فسئلته وهي تخفض رأسها حرجاً:
-"أنا أنا".
-صمتت وأحست بقلبها يكاد يغادرها من قوة ضرباته، فعلمها بأنه كان يترقبها وينتظرها كما كانت تراقبه وتتابعه، أطار بعقلها، لاحقها بنظراته ليرى أملاً بداخلها فتنهد وهو يحدق بها بحب وقال:
-"مكنتش أتخيل إني أفضل خمس سنين أبص عليكي وأتابعك من بعيد لبعيد، كنت مرعوب لتيجي فيوم وتقولي إنك هترتبطي بحد غيري أو إنك بتحبي، حاولت كتير أعترف لك بمشاعري لكن خوفت متكونيش حاسة بيا فتبعدي عن فُتنة وأخسرك".
-أعتدل سهيل وسيطر على يداه حتى لا يختطف يداها التي شبكتهما ريوان سوياً وأضاف:
-"ريوان أنا هفاتح والدي إني عاوز أرتبط بيكي، وهخلي ماما تتصل بوالدتك وتحدد معاها ميعاد علشان نيجي نطلب إيدك، لإني بصراحة مقدرش أضيع يوم تاني وإنتِ بعيد عني".
-لم تصدق بأن تتحقق أحلامها دفعة واحدة هكذا وأحست بأنها تحلق في عالم الأحلام كما كانت تعيش تلك السنوات الماضية، فحدقت به وقالت:
-"إنت بتتكلم بجد، يعني إنت عاوز ترتبط بيا وو".
-اومأ ليؤكد لها وقال:
-"طبعا بتكلم جد، يا ريوان أنا بحبك ومقدرش أسيبك تضيعي مني أو حتى أهينك وأهين نفسي بإن علاقتنا وحبنا يكون فالسر، إنتِ تستحقي إن كل حاجة ليكي تبقى فالنور".
-عاد سهيل إلى واقعه ليكفكف دموعه وعيناه تحدق بصورتها ليكفهر وجهه ويعقد حاجبيه ويقول بصوت جليدي:
-"هنتقم لك منهم يا ريوان، هقتلهم مكان ما هما موجودين، أنا خلاص حكمت وهنفذ حكمي عليهم ومش هستنى لامحكمة ولا دفاع، أوعدك يا ريوان إني هرد لك حقك خصوصاً من نصار اللي فاكر إنه لما يبيع كل حاجة ويختفي مش هقدر أوصل له، لأ دا أنا هجيبه وهخليه يبكي بدل الدموع دم قبل ما أدفنه حي".
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
-جلست فُتنة إلى جوار عاليا لا تدري بما تواسيها، فوجهها المكلوم الشاحب يخيفها ويقلقها، نظرت إلى والدتها التي حاولت السيطرة على دموعها ولكنها لم تفلح فملامح عاليا دلت على تعبها بل وأضحت تهدد بإنهيارها، غامت عينا فُتنة بحزن وهي تفكر كيف ستُخبر عاليا بما ينتظرها، إستندت عاليا إلى كتف فُتنة ودموعها تنساب بلا توقف فأحاطتها فُتنة بساعدها وأغمضت عيناها، وهي تشعر بأنها تضم صديقتها إليها، لتنتبه كلتاهما إلى صوت غليظ يقول:
-"السلام عليكم يا حجة عاليا، أنا أسف إني جيت كدا من غير ميعاد بس".
-ازدردت فُتنة لعابها بخوف وعيناها تناشد ذاك الرجل بأن يتركها يملها الوقت لتحزن ولكنه أشاح بوجهه عن عينا فُتنة وقال:
-"أنا أسف غصب عني بس صاحب الشقة عاوز يستلمها، وطلب مني أجي أبلغك إنك على بكرة الصبح تكوني مفضياها".
-رفعت عاليا عيناها وحدقت به وهي تشعر بعدم الفهم، فعن أي صاحب يتحدث، وقفت سوار وأقتربت من مقعد عاليا، لتبعد الأخيرة عيناها عن ذلك الرجل وتنظر إليها وتقول بصوت مخنوق:
-"هو هو بيتكلم عن إيه أنا أنا مش فاهمة، هو يقصد إيه يا فُتنة". بقلمي منى أحمد حافظ
-بادلت سوار نظراتها مع إبنتها لتخفض رأسها بحزن وهي تشعر بالعجز، ليعفيها الرجل ويقول:
-"يا حجة عاليا الموضوع وما فيه إن الأستاذ نصار باع الشقة وقبض تمنها وكان مفروض يسلمها من أسبوع ودلوقتي صاحب الشقة عاوز يستلمها، رغم إني والله فهمته الظروف بس هو مصمم إنه يستلمها وبيقول إنه لو الصبح مكنش جواها هيبلغ وإنتِ عارفة لو الشرطة جت هتتبهدلي بحاجتك وهما بيخرجوكي منها".
-جحظت عيناها من هول صدمتها فكيف باع نصار شقتها دون علمها ودون توقيعها، تسارعت أنفاسها وأحست بأنها لا تستطيع التنفس، ولاحظتها فُتنة فوقفت سريعاً واخرجت هاتفها من حقيبتها وهاتفت شقيقها وهي تحدق بوجه عاليا الشاحب بخوف وقالت:
-"سهيل أرجوك تعالى ألحقنا، طنط عاليا شكلها تعبان قوي، وصاحب الشقة عاوزها تفضيها، تعالى يا سهيل بسرعة أبوس إيدك".
-في صباح اليوم التالي وقفت فُتنة تجول بعيناها فوق أرجاء المكان الخالي وهي تبكي لتغادر، فسئلها رياد بوجه مقطب:
-"أتأكدتي إن مافيش حاجة فالشقة يا فُتنة".
-اومأت وهي تسيطر على دموعها وقالت:
-"كل حاجة سهيل شحنها على البيت عندنا، ودلوقتي هنستنى صاحب الشقة يستلمها ونمشي، يادوب نروح المستشفى علشان نطمن على طنط عاليا، أنا مش عارفة هي هتتحمل كل دا إزاي، موت ريوان وضياع الشقة وطلاقها، وإنها فجأة كدا تلاقي نفسها لوحدها ومن غير لا بيت ولا عيلة ولا أي حد معاها".
-ربت رياد فوق كتفها وأدارها لينظر إليها وقال:
-"طنط عاليا مش لوحدها يا فُتنة ولا عمرها هتبقى لوحدها، علشان إنتِ معاها وإحنا كلنا، يا فُتنة محدش فينا هيسيبها أبداً وبعد ما هتخرج من المستشفى هتيجي تقعد معانا زي ما ماما وبابا قالوا، دا حقها علينا يا فُتنة وزي ما قولت لك، ريوان محتاجة إنك تراعي والدتها من بعدها ومتسيبهاش لوحدها أبداً".
مضت الدقائق ليظهر العديد من الرجال فأحست فُتنة بالقلق من هيئتهم وإلتصقت بشقيقها ليتقدمها رياد ويستقبلهم ليعلم هوية المشتري والذي أتي ببعض أقاربه ليتمكن من إستلام شقته، فمد رياد يده بمفتاحهها وهو يقول بسخرية:
-"مفتاح الشقة يا أستاذ وبعدين متخافش قوي كدا الست اللي إنت لميت قرايبك علشان يجيوا معاك فالمستشفى متحملتش تعرف إن الحرامي طليقها سرق شقتها وبعها من وراها وهرب بفلوسها وهي بتاخد عزا بنتها الوحيدة اللي أتقتلت غدر".
-أحس الرجل بالحرج حين زجرته الأعين ليعقب أحدهم ويقول:
-" إحنا أسفين ومكناش نعرف بالظروف دي ولو".
-سارعت فُتنة وقطعت حديثه وقالت:
-"ولا لو ولا أي حاجة أنتم أخدتم الشقة وطنط ليها ربنا هيرد لها حقها من اللي غدر بيها وببنتها".
-غادرت وهي تستند إلى ساعد شقيقها فربت رياد فوق كتفها ليخفف عليها مصابها، وللمرة الثانية يراها ولكن تلك المرة مع شاب أخر، وقف يتابعها بعيناه وهو يشعر بالضيق من نفسه أكثر كونه سمح لها بأن تشغل تفكيره وهو لا يعرف عنها شيء.
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
-صف سيارته أسفل البناية وغادرها وصعد إلى الأعلى لتستقبله والدته بوجه عابس، فزم شفتيه وقال:
-"هتفضلي مكشرة فوشي كتير يا أمي، رغم إني وضحت لك أسبابي أكتر من مرة".
-أشاحت بوجهها عنه وقالت وهي تجلس بعيداً عنه:
-"أنا ماليش كلام معاك يا براء إلا لما ترجع عن قرارك وتمسك قضية مُهاب، يا كدا يا هفضل مقطعاك ومش راضية عنك وأتحمل بقى غضبي عليك".
-رفع وجه إلى السماء وهو يحاول أن يحافظ على هدوئه، ليستدير إلى والده الذي وقف خلفه يقول:
-"مزعل أمتثال ليه يا براء، بقى في حد عاقل فالدنيا دي يزعل أمتثال منه وهو عارف إنها لا هتهدا ولا هترتاح إلا لما تنول اللي هي عوزاه".
-أجابه براء بعدما فهم محاولة والده ليدعمه:
-"يا بابا أنا ليا يومين بحاول أفهم ماما إن مينفعش أمسك قضية مُهاب بسبب أعترافه اللي صرح بيه أدام النيابة لما أتواجه مع شريكه، وفهمتها إنه مهما مُهاب حاول إنه يسحب أعترافه ويتراجع ويقول إنه أتعرض للضرب والتعذيب علشان يعترف بالإكراه أنا مش هقدر لإني مقتنع إنه مذنب وأقتناعي زاد بعد ما عرفت اللي مُهاب كان بيعمله البيه الجواز عنده كان هواية يتجوز بنات الناس ويعيش له يومين على حسابهم يتمتع ويخلع من غير ما يدفع ولا مليم".
-وقفت أمتثال وصاحت بوجه براء بغضب:
-"متقولش على ابن خالتك الكلام الفارغ دا، حرام عليك تفتري عليه بالشكل دا، مُهاب بري ومراته هي اللي غلطت هي اللي شنعت عليه وأفترت، خالتك قالت لي على كان بيحصل بينهم، هو أتجوزها وأتستر عليها لما عرف إنها مش بنت ومرضاش يفضحها ويرجعها لأهلها وقال خلاص ولية وغلبانة وإنضحك عليها، لكن هي مصانتش المعروف ورجعت تلعب بديلها وتخونه، والواد اللي قتلها دا كان عشيقها لما أتخانقوا سوا قال يورط مُهاب معاه وينتقم منه، وهو يا كبدي من الصدمة وكسرته أعترف على نفسه".
أحتقن وجه براء حين سمع كلماتها، ونظر إلى والده بعيون جاحظة من صدمته بوالدته، ليسارع ثابت ويقول بحدة:
-"إتقي الله يا أمتثال اللي بتخوضي فسيرتها وعرضها، دي واحدة ماتت وأتقتلت غدر، وهي بين أيادي الله دلوقتي، فحذاري يا أمتثال تصدقي كذب أختك وتمشي وراها وتعومي على عومها، وأفتكري إن ربنا عز وجل قال:"إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون"، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال"إياكم والفحش؛ فإن الله لا يحب الفاحش المتفحش".
-أسود وجه أمتثال حين أنهى زوجها قوله ونظرت إليه بسخط وقالت:
-"أنا مش بفتري عليها يا ثابت ولا أختي كمان، ولو مش مصدق روح أسئل جوز أمها وجيرانها وهما يقولولك على عمايلها".
-هز ثابت رأسه بيأس وهو يرمق زوجته بعيون أسفة على إصرارها الكاذب، وأستدار عنها ونظر إلى براء وربت فوق كتفه وقال:
-"أعمل اللي إنت شايفه صح يا براء، ولو ولدتك مصممة إنها تقاطعك علشان خاطر أختها وابن أختها، فخليها تقاطعك إنت فالحالة دي مش بتعصاها".
-زفر براء بإرتياح لدعم والده له، وحاول أن يتفاهم مع والدته ولكنها غادرتهم وهي تصيح بغضب:
-"خليك ماشي ورا أبوك وأعصاني يا براء، بس بكرة لما أثبت لك إنك غلطان متبقاش تيجي تعيط وتقولي سامحيني يا أمي".
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
-لم تصدق عيناها أنه يقف أمامها، أسرعت بخطواتها إليه وتوقفت وهي تلاحق ملامحه بعيناها وقالت بصوت مفعم بالحب:
-"مُعز مش معقول إنت جيت أمته، وليه مقولتليش إنك هتنزل أجازة، علشان كنت أستناك فالبيت و".
-إلتقط يدها وقبلها فأحمر وجهها بشدة وسحبت يدها منه ونهرته بمحبه:
-"مُعز إحنا فالشارع إيه اللي بتعمله دا".
-إبتسم وألتقط يدها وبين أصابعه وسار إلى جوارها وقال:
-"مراتي وحبيبتي ووحشاني أنا حر أبوس إيدها أحضنها أعمل اللي أعمله ومحدش له عندي حاجة، وحشاني يا ناس وهتجنن عليها ليا تلت شهرين مشوفتهاش".
-تلفتت هنيدة حولها بحرج وقالت:
-"مُعز أرجوك وطي صوتك الناس بتبص علينا، وحياتي بقى". بقلمي منى أحمد حافظ
-زفر وعيناها تلاحقها بنهم وضغط بأصابعه فوق أصابعها وسحبها إلى سيارته التي صفها بعيداً عن الجامعة كي لا تراها وتعلم بمجيئة وقال:
-" أمري لله هوطي صوتي وهبطل علشان وشك ميفضلش أحمر كدا طول ما إنتِ معايا".
-جلست إلى جواره وقلبها ينبض بقوة وأتكأت إلى المقعد لتحدق به وهو يقود سيارته، فألتفت إليها وقال:
-"شوفتي إنك إنتِ كمان مش قادرة تبعدي عينيكي عني علشان واحشك، يااه يا هنيدة لو تعرفي قد إيه أنا مشتاق لك، عارفة أنا المرة دي لازم أحدد مع عمي ميعاد فرحنا لإني معدتش قادر على بعدك أكتر من كدا".
-تلاشت إبتسامتها وعبست قائلة:
-"وتفتكر بابا هيوافق ما أنت كل أجازة تتكلم معاه إنت ووالدك وهو على رأيه لما أخلص الكلية نبقى نتجوز".
-صف مُعز سيارته إلى جانب الطريق ونظر إليها بتمعن وقال:
-"لا ما أنا المرة دي يا قاتل يا مقتول، أنا مش هقدر أستنى تلت سنين أشوفك فيهم مرة ولا مرتين بسبب الجيش والدراسة، عمي مفروض يوافق إننا نتجوز خصوصاً إن شقتنا جاهزة ومش ناقصها أي حاجة، وأنا والحمد لله مرتبي كويس، يعني مش هقصر معاكي وهسيبك تكملي دراستك وحتى لو حابة تحضري دكتوراه هسيبك تكملي، أنا بجد مش فاهم سر أنه رافض جوازنا بالشكل دا".
-أمتعضت ملامح هنيدة وأشاحت بوجهه عنه ليدير وجهها بأصابعه ويقول:
-"متديريش وشك عني أنا ما صدقت نزلت أجازة وعاوز أشوفه فكل لحظة وثانية، هنيدة أنا بحبك ومحتاج لك أكتر من الأول بكتير، حبيبتي الحياة فالصحرا صعبة والضغط العصبي اللي إحنا عايشين فيه مخليني مش قادر أتحمل بعدك عني، أنا نفسي أقعد معاكي براحتي ومبقاش خايف إن والدك يدخل علينا ويبص لنا كأننا بنسرق لمجرد إني ماسك إيدك ومقرب منك، أنا من حقي يا هنيدة أكون معاكي زي ما أنا عاوز، أرجوكي ساعديني وحاولي تتكلمي معاه خلينا نقنعه سوا خصوصاً إن أجازتي المرة دي أربع أيام بس ومش عارف هقدر أنزل تاني أمته".
-لمعت عيناها بالدموع فهي حاولت إقناع والدها بتقديم موعد زواجهم، ولكنه رفض رفضاً قاطعاً وحين سئله شقيقها سهيل أجابه بأنه لن يقبل بأن تتزوج ابنته الصغيرة قبل فُتنة فهي الكبيرة ويجب أن تتزوج أولاً، زفرت بحزن فكيف ستبلغه بسبب رفض والدها، وتضع شقيقتها بموقف محرج أمامه، مد مُعز يده وكفكف دموعها وربت فوق وجنتها وأقترب منها وهمس:
-"هنيدة يصعب على قلبي إني أشوف دموعك وأبقى بعيد بالشكل دا، حبيبتي تعالي نروح شقتنا نقعد ساعة نتكلم ونهزر زي ما إحنا عاوزين من غير خوف من نظرات والدك وتحكماته المبالغة، يا حبيبتي هو أنا موحشتكيش، معقول مش مشتاقة ليا زي ما أنا مشتاق ليكي، يا هنيدة إنتِ مراتي يعني وجودنا لوحدنا مش حرام، علشان خاطري يا هنيدة وافقيني المرة دي وتعالي نروح شقتنا، أهو على الأقل نفكر بصوت عالي سوا ونشوف طريقة نخلي والدك يوافق على جوازنا الأجازة الجاية".
-ازداد إحساسها بالصراع، فهي ترغب وبشدة بالتواجد معه تتحدث كما تريد دون خوف وترقب لحضور والدها، وفي نفس الوقت تخشى أن يعلم أحد فينالها غضب والدها وشقيقها.
-لاحق عيناها ورأى حيرتها، فزفر وأستدار عنها وتابع قيادة سيارته لتمد هنيدة أصابعها المرتجفة وتلمس يده فوق المقود وقالت بصوت مضطرب:
-"أنا موافقة نروح يا مُعز بس بشرط، هي ساعة ونروح علشان بابا وكمان علشان ماما وفُتنة فالمستشفى مع طنط عاليا وأنا مش عاوزة حد يتكلم أو يضايقك بالكلام".
-صاح مُعز بفرح وبدل إتجاه سيارته سريعاً ليسير صوب شقته، بينما ازدردت هنيدة لعابها وقلبها يرجف في حين زجرها عقلها لتهورها.
-أحترم مُعز المسافة التي فرضتها هنيدة بينهما وجلس أمامها يشاغبها بحديثه وهو يقص عليها ما حدث معه طوال الفترة السابقة، لتتناسي هنيدة خوفها وهي تستمع إليه بشغف، فوقفت فجأة ونظرت إليه وقالت:
-"أنا هقوم أعمل لنا حاجة نشربها وبالمرة هتصل أطمن على طنط عاليا وأبلغ فُتنة بمكاني علشان تأمن عليا لو في حاجة حصلت وتقولي".
-أومأ مُعز وزفر وعيناه تتبعها بحب ولكنه عبس حين أرتفع رنين هاتفه، فسحبه من جيب بنطاله ليعقد حاجبيه حين قرأ إسم زميله بالوحدة فأجابه وسمعه يقول:
-"أنا أسف يا مُعز إني بتصل بيك، بس صدر أمر بإلغاء كل الأجازات، والقيادة طلبت إن كل اللي نزل أجازة يسلم نفسه الساعة سابعة الصبح فالوحدة، سامحني يا صاحبي إني ببلغك بالخبر الوحش دا، بس دا أمر عسكري وأنا خوفت إن محدش يبلغك وقولت أأكد عليك".
-أكفهر وجهه فصاح رغماً عنه بحدة:
-"هو لعب عيال ولا إيه، دا أنا حتى ملحقتش أغسل وشي من تراب السفر أقوم راجع تاني، يا عالم أنا ليا شهرين مخدتش ساعة راحة، ووقت ما رضوا عني يادوب أدوني أربع أيام بالعافية، ودلوقتي تقولي الأجازة أتلغت".
-حاول زميله أن يهون عليه فقال:
-"طب أحمد ربنا يا مُعز علشان إنت حالك أهون من الرائد مصطفي، اللي دخلته الليلة وأتبعت له إستدعاء، يعني هيسيب مراته فالكوشة ويرجع ييسلم نفسه وبدل ما يدخل هيصبح علينا وعلى الوحدة".
-زفر بحنق ولكنه يعلم بأنه لا يستطيع الإعتراض فقال بصوت ساخط:
-"لله الأمر من قبل ومن بعد، ماشي يا زميلي عموما كتر خيرك إنك أتصلت أنا يادوب هروح أسلم على الوالد وأبوس إيد الوالدة وأجي أصبح عليكم أنا ومصطفي لما يبان لكم صحاب".
-أنهى الإتصال وأستدار ليراها تقف بوجه باك، فهز رأسه بيأس وقال:
-"ما باليد من حيلة يا هنيدة، لو مكنش والدك يوقف لنا يبقى القيادة، عموماً قدر الله وما شاء فعل، يلا بينا علشان ألحق أوصلك وأروح أشوف الحج والحجة قبل ما أسافر".
-أقتربت منه بخوف لتفاجأة بإحتضانها له وهي تجهش في البكاء وتقول:
-"بس أنا ملحقتش أشوفك ولا أقعد معاك يا مُعز، دا ظلم حقيقي ظلم إني أتحرم منك بالشكل دا، حتى إتصالك بيا بيبقى كل فين وفين، أنا أنا مش عوزاك تسيبني يا مُعز، أرجوك خليك معايا وبلاش تسافر".
-أبعدها عنه قليلاً وأحاط وجهها بكفيه وقال:
-"ياريته كان ينفع يا هنيدة، بس دا أمر عسكري ولو عصيته هتحبس، يرضيكي جوزك حبيبك يتحبس".
-هزت رأسها بالنفي وعيناها تحدق به بخوف تسلل إليه ليعبس ويقول:
-"مالك يا هنيدة، أول مرة أشوف نظرة الخوف دي جواكي بالشكل دا".
-سالت دموعها فدفنت وجهه بعنقه وقالت بجزع:
-"مش عارفة يا مُعز أنا خايفة أسيبك تسافر، خايفة تبعد عني، قلبي بيوجعني من ساعة ما سمعتك بتوافق إنك هترجع".
-إبتلعت شهيقها المؤلم داخل صدرها وتشبثت به، لتزيد من ضم مُعز إليها وهو الأمر الذي جعله يشعر بالتوتر فهي وللمرة الأولى تقترب منه إلى هذا الحد، أحاطها بقوة بساعديه وقلبه يرجف وحين أبتعدت لتحدق بوجهه، لاحق عيناها الدامعة وحمرة وجنتيها لتتوقف نظراته فوق شفتيها المرتعشة، فأقترب منها لتغمض هنيدة عيناها حين لثمتها شفتاه، ولم يدري مُعز متى تفجرت حاجته إليها، فتحولت قبلاته من مجرد لثيمات رقيقة إلى قبلات عنيفة عبرت عن إشتياقه إليها، لتزيد هنيدة الأمر وطأة عليهما، حين أندست أكثر داخل صدره ويداها تجول بخصلاته وهي تبادله القبلات، فحملها مُعز وولج بها إلى غرفتهما مغلقاً بابها وباب عقله الذي حاول أن ينهاه ويحذره من مغبة تهوره لينهره بقوة مذكراً عقله بأنها زوجته، ليغيبا سوياً بدوامة عشقهما.
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
-أسرعت فُتنة لتغادر المشفى حتى تعود إلى المنزل قبل أن ينتبه والدها إلى تأخر شقيقتها، فلم تلحظ تلك السيارة التي أتت صوبها مسرعة لتتوقف قبل أن تمسها بإنشات، فلزمت فُتنة مكانها وهي ترتجف، ليغادر سائقها وهو يحدق بها بغضب وما أن تبين ملامحها حتى صاح بصوت جهوري:
-"ما أنا كان لازم أعرف إن واحدة مستهترة زيك دايرة من إيد لإيد من غير لا رابط ولا ظابط، نهايتها إنها تنتحر، بس لو سمحتي اختاري لك عربية تانية غير عربيتي وأنتحري تحت العجل بتاعها علشان أنا مش ناقص مصايب". بقلمي منى أحمد حافظ
-ازداد إرتجافها ولكنه لم يكن بسبب الخوف بل بسبب الغضب الذي أضرمته كلمات ذاك الشاب فيها، فرفعت عيناها ونظرت إليه بحدة فرفع حاجبه بتكبر وسخرية، زادتها غضباً فما كان من فُتنة إلا أن رفعت كفها وصفعته بقوة وتستدير لتبتعد عنه، فوقف يحدق بها لتسود عيناه وأستسلم لغضبه ولحق بها ومد يده وأدارها بعنف ليرد إليها الصفعة التي نالت من وجنتها وجانب أذنها، فترنحت فُتنة حين تملكها الدوار لتسقط بين يداه مغشياً عليها فضمها مسرعاً قبل أن تسقط أرضاً، وهو يلوم نفسه لصفعه إياها، لينتفض فجأة حين لمع ضوء مبهر أمام عينه فنظر إلى مصدر الضوء ليراه يقف مستنداً إلى سيارته وبيده كاميرته يوميء إليه مبتسماً بشماته.
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
#فُتنة.
{3} إتقاءً للفِتنة.
🔺🔺🔺🔺🔺
-أختفى خلال لحظات من أمامه وإبتسامته تتسع بشر لتسرع يداه وتضغط فوق أحد الأزرار ليرسل إلى هاتفه محتويات الكاميرا، وما أن رأها بحوذته حتى فتح موقع التواصل وحمل الصور التي إلتقطها من زاويته وضغط ليرسلها إلى العديد من الصفحات في آنٍ واحد، قاد سيارته وأبتعد عن المكان وهو يهمس بشر:
-"أبقى وريني النزاهة هتوصل معاك لفين يا براء لما تشوف نفسك مشرف على كل المواقع وإنت حاضنها وسلم لي على الشريف فهد".
-سارع براء بالعدو بها إلى المشفى المواجهة له، فأخذها منه أحد الأطباء ليقف براء أمامه مرتبكاً ويقول:
-"أرجوك تشوف مالها وخليها تفوق".
-أختفى الطبيب ومساعدته بها داخل إحدى الغرف، لتنظر إليها الممرضة وتقول:
-"دي الأنسة فُتنة اللي تبع الحالة اللي فأوضة 809 يا دكتور".
-زفر بضيق وهو يحقنها في وريدها وقال:
-"طيب على ما تفوق إبعتي حد من التمريض يشوف إن كان في حد فوق وخليه يجي علشان يكون معاها".
-اومأت سريعا وغادرت الغرفة ليوقفها براء بقلق وسئلها قائلاً:
-"لو سمحتي هي الأنسة اللي جوا فاقت ولا لسه".
-حدقت به بحيرة ثم إبتسمت لتطمأنه وقالت:
-"الأنسة فُتنة بخير أطمن هي الظاهر مأكلتش حاجة طول اليوم وضغطها وطي، عموما أنا هبعت حد لأوضة قريبتها يشوف إن أخوها ولا ولدتها لسه موجودين، إنما حضرتك تبقى مين".
-ازدرد لعابه بحرج وقال:
-"أنا لاقيتها واقعة فالشارع فجبتها". بقلمي منى أحمد حافظ
-ربتت فوق كتفه وقالت:
-"كتر خيرك يا أستاذ بجد إنت عملت معاها معروف، عموماً حضرتك تقدر تستنى فالأستقبال لحد ما تفوق وهديلك خبر علشان تطمن".
-إتجه صوب أحد المقاعد وهو يلوم نفسه لكذبه، وما أن جلس حتى أرتفع رنين هاتفه فزم شفتيه وهو يجيب على شقيقه فهد ليصم أذنه صوت فهد العالي وهو يصيح بغضب ويقول:
-"إنت فين يا براء".
-أبعد الهاتف عن أذنه وعقد حاجبيه ليعيده ويقول:
-"أنا فالمستشفى يا فهد".
-أتت صيحة فهد التالية لتصعق براء حين قال:
-"فالمستشفى ولا أخدت الهانم اللي كنت حاضنها فالشارع وبتبوسها وطلعت على شقتك، عموما أنا أدام الشقة ومعايا أخوك سيف أتفضل أفتح ولا مكسوف".
-إنتفض براء ووقف وهو يحدق بهاتفه بصدمه، ليقول بعصبيه مجيباً إتهام شقيقه:
-"فهد على فكرة أنا مش بكذب أنا فالمستشفى، ولو مش مصدقني ففي نسخة من مفتاح الشقة تحت عتبة الباب خده وأفتح وفتش براحتك، ولما تتأكد إني مش كذاب تعالى لي على المستشفى".
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
-ضمها بقوة بين ذراعيه وقبل جبينها ليهبط بشفتيه فكفكفاً دموعها التي أنسابت فوق وجنتيها، فأندست هنيدة بين ذراعيه تخفي وجهها بصدره بعدما شعرت بالخزي بسبب إستسلامها له، زفر مُعز ليطلق صراح أنفاسه المهتاجة وهو يستغفر الله ويحمده بأنه عاد إلى رشده قبل أن فوات الآوان وأنه منع نفسه، همس وهو يحتويها بين أكثر:
-"مكنش لازم أستسلم وأضعف بالشكل دا، بس الحمد لله إني لحقت نفسي، أنا أسف يا هنيدة حقيقي أسف بس كان غصب عني إشتياقي وإحتياجي إنك تكوني فحضني وأحسك جوايا ومعايا غلبوني، سامحيني يا حبيبتي سامحي حبيبك اللي بسبب شوقه وعشقه ليكي خلوا دموعك تنزل بسببه".
-إرتجفت هنيدة بين ذراعيه وأحس بإرتجافتها تؤلمه، ليدرك مُعز حالتها من نحيبها المكتوم بصدره، فشدد من إحتضانه لها وقال:
-"أنا عارف إنك بتلومي نفسك علشان ضعفتي معايا علشان كدا أنا عاوزك تسمعيني كويس يا هنيدة، يمكن كلامي تكوني عرفاه بس أنا هعيده عليكي علشان أوصلك اللي جوايا، حبيبتي إحنا مهما حصل بينا فأنا مش عاوزك تقلقي وتخافي علشان إحنا متجوزين بشرع ربنا وأي حاجة وكل حاجة تحصل بينا حلال، وإن كنت أستغفرت ربنا وحمدته إني لحقت نفسي، فدا علشان إحنا لسه معملناش فرح وزفة وهيصة وعرفنا الناس كلها إننا خلاص بقينا متجوزين وفبيتنا رغم إنهم عارفين إن مكتوب كتابنا، وعلشان الناس وصورتك وسمعتك وسيرتك ومكانتك العالية فقلبي، مكنش ينفع أبداً إني أحطك فموقف مُخزي أو يسيء ليكي، وصدقيني أنا مستحيل أقبل أخليكي تخجلي من نفسك إنك سبتي لي نفسك، يا هنيدة أنا بحبك ومشاعري اللي عبرت عنها كنت محتاج أعيشها معاكي لإني جوايا ليكي أكبر وأكتر وأغلي منها مليون مرة، حبيبتي أوعي فيوم توطي راسك أو تنزلي عينيكي علشان إنتِ معملتيش أي حاجة حرام".
-إبتعدت عنه ولاحقت عيناه بعشق وإمتنان، فأبتسم لها ومد يده وجذب قميصه وألبسها إياه وقال:
-"وعدتك أكون أمانك دايما ولا يمكن هنسى وعدي ليكي ولا هخلفه، بس بعد اللي حصل بينا النهاردة أنا خلاص معدتش هقدر أصبر ولا أتحمل أفضل بعيد عنك أكتر من كدا، وهعمل المستحيل قبل ما أسافر النهاردة لحد ما أقنع والدك وأخليه يوافق إننا نعمل فرحنا فأجازتي الجاية، بصراحة أنا مشتاق أكمل معاكي اللحظات اللي عشتها ومش قادر ومانع نفسي بالعافية ولو والدك موافقش أنا هخطفك وأتجوزك واللي يحصل يحصل".
إنتفضت هنيدة حين صدح هاتفها برنة والدها الخاصة فنظرت إلى هاتفها بخوف ليبتعد مُعز عنها ويرتدي ثيابه وقال وهو يدير بصره عنها:
هروح أجيب لك عصير على ما تلبسي هدومك وتردي على والدك وبعدها هاخدك أوصلك، ولو سئلك عن مكانك قوليله إني جيت لك وأخدتك وقاعدين فكافيه ومش هنتأخر". بقلمي منى أحمد حافظ
اومأت وهي تلتقط هاتفها بأصابع مرتجفة وأجابت على والدها ليأتيها صوت صرخاته العالية يقول:
-"إنتِ فين يا أستاذة دايرة على حل شعرك، ما خلاص معدش ليكم رابط ولا حاكم وكل واحدة فيكم بتعمل اللي على مزاجها، عموما كل دا هيتغير ودلوقتي أنا عاوزك تكوني أدامي حالاً فاهمة".
-لم يترك لها الفرصة لتقول شيئاً، وأنهى الإتصال لتسرع هنيدة وتغادر الفراش وترتدي ثيابها بوجل وهي ترتعش، ولج مُعز ورأى وجهها الشاحب فترك كأس العصير من يده ووقف أمامها لتشيح هنيدة بعيناها بعيداً عنه وهي تبكي، فمد مُعز يده ولمس وجهها وأداره لتنظر إليه فأنتحبت هنيدة فزفر بحنق وقد أدرك بأن لوالدها علاقة بحالتها تلك، فضمها وأخذ يهون عليها الأمر حتى هدأت وأبتسم لها وقال:
-"تعرفي إني عشقتك أكتر ما بعشقك ".
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
-ساد هرج مفاجيء رواق المشفى ومن مكانه لمح براء أحد الشباب يهرول بإتجاه وخلفه رأى شقيقيه فهد وسيف يتجهون صوبه وقبل أن يدرك أي شيء نال منه الشاب بلكمة مباغته فترنح على أثرها براء وقبل أن يهاجمه الشاب مرة أخرى كان شقيقه فهد قد أسرع ووقف بينهما أما سيف فأحاط الشاب بذراعيه ليصيح بهم بصوت هجوري بغضب:
-"سيبوني عليه أنا لازم أقتله وأشرب من دمه السافل".
-تجمع بعض الأطباء وأفراد التمريض ليصيح أحدهم بهم بحدة ويقول:
-"إنت إيه اللي بتعمله دا يا أستاذ إنت ناسي نفسك إنك فمستشفى، وفي مرضى حواليك، عموماً الغلط مش عليك الغلط على الأمن اللي سيبنيك هايج بالشكل دا من غير ما يقبضوا عليك".
-تهدجت أنفاس سهيل ورمى الطبيب بنظرات نارية وقال بصوت حانق:
-"وماله نادي لي الأمن ووريني هيقبضوا عليا إزاي".
-وأشاح بعيناه عن الطبيب ليرمق براء بنظرات متوعدة وصاح:
-"أما أنت فأنا مش هسيبك حي وهدفنك فمكانك ولو مستقوي باللي حواليك فأنا ميهمنيش".
-غادرت سوار غرفة الأستقبال حين وصل إليها صوت سهيل الغاضب وحدقت بصدمه بما يدور بينه فأقتربت منه وقالت:
-"في إيه يا سهيل، مالك يا إبني صوتك عالي كدا ليه ومالهم ماسكينك كدا ليه".
-إلتفت براء إليها بدهشة وسئلها حين سمعها تسئله بإهتمام:
-"هو حضرتك تعرفيه".
-نظرت سوار إلى براء وأجابته قائلة:
-"دا سهيل أبني الكبير، هو إنتو كنتم بتتخانقوا ولا إيه".
-صاح سهيل بحدة وهو يدفع ذراعي سيف عنه:
-"وهو حضرتك تعرفي الأشكال الواطية دي منين يا أمي". بقلمي منى أحمد حافظ
-أحتقن وجه براء وزفر بحدة وهو يحدج سهيل بنظرات نارية، ليسرع فهد ويقول:
-"ممكن نتفاهم بعقل عن كدا على فكرة إنتم رجالة كبار واللي بتعملوه دا مش كويس وهيزود الفضيحة أكبر".
-شحب وجه سوار وحدقت بصدمة بوجه فهد وقالت مستنكرة:
-"فضيحة إيه والعياذُ بالله، ربنا ما يجيب فضايح".
-تخلص سهيل من ذراعي سيف وأقترب من والدته وسئلها بعصبية واضحة:
-"فُتنة فين".
-أشارت سوار إلى غرفة الإستقبال وقالت:
-"أختك جوا تعبانة والدكتور معلق لها محلول، إنما إنت بتسئل ليه ما أنت أساساً عارف إننا فالمستشفى هنا مع عاليا".
-مرر سهيل أصابعه بين خصلات شعره وأستدار إلى براء وقال:
-"تعرفوا بعض من إمته، ولما إنت بتحبها وفي بينكم غرميات مجتش زي الرجالة المحترمة ولاد الأصول وطلبتها من بابا ليه، ما ترد ولا إنت متعود على العك واللف الشمال مع بنات الناس ومسلط صحابك يصورهم ويفضحوهم على النت".
-شهقت سوار ما أن أستقر كلام سهيل بعقلها ولطمت صدرها بصدمة وقالت:
-"إيه الكلام اللي بتقوله دا يا سهيل، إنت يا إبني جرالك حاجة فدماغك ولا إيه، وهو الأستاذ هيعرف أختك منين، يا إبني أختك وقعت فالشارع والأستاذ وصلها كتر خيره لهنا و".
-هز سهيل رأسه بالنفي وقال وهو يسحب هاتفه من جيب بنطاله ليفتحه على إحدى الصور ووضعه نصب عين والدته وقال:
-"وقعت إيه يا أمي، دا مجرد كلام البيه قاله علشان يفلت من اللي حصل، أتفرجي وشوفي فضيحتنا اللي بقت على كل لسان، البية متصور مع فُتنة فوضع مخجل والصورة نازلة هي وغيرها على كذا موقع وللأسف بابا شاف الصور ولولا رياد كلمني وفهمني ألحق أجي علشان أشوف إيه اللي بيحصل، بعد ما نزل خبر بعد الصور بيسئل ياترى هما بيعملوا إيه فالمستشفى، ولعلمك كلها دقايق وبابا يكون هنا وهتبقى مجزرة خصوصاً إن البية مشرف مع فُتنة".
-صوت صرخة جزعة صدرت من داخل غرفة الأستقبال جعلت الطبيب يسرع إلى الداخل ليندفع خلفه سهيل وبراء وسوار، ليتوقفوا على مشهد فُتنة التي نزعت عن يدها أنبوب المحلول، وأخذت تلطم وجهها وهي تحدق بهاتفها، فأتجه إليها الطبيب وحاول تهدأتها، ولكنها دفعت يده لترفع عيناها فوقعت على براء، فجحظت لتبدو حمراء قانية وكذلك وجهها الذي أشتعل بغضب عارم، لتصيح فُتنة وهي تندفع نحو براء لتصفعة بقوة وتخمش وجهه ليبعدها سهيل عنه بينما إنهارت سوار جانباً تبكي ما رأته، إنتحبت فُتنة بين ذراعي شقيقها ففطرت قلبه بنحيبها وإرتجافها فشدد من ذراعيه حولها ليسمعها تقول بصوت جزع:
-"سبني يا سهيل، دا مش بني أدم أبداً، دا مكفهوش إنه كان هيدوسني بعربيته وشتمني وضربني بالقلم فالشارع صورني يا سهيل صورني ونزل صوري على النت، أنا مش عارفة هو عمل فيا كدا ليه".
-رفع عيناه ونظر إليه ليرى علامات الصدمة على وجهه فتغضن جبينه بحيرة، فعاد بإنتباهه إلى شقيقته التي حقنها الطبيب بمهديء فحملها ومددها فوق الفراش وأبتعد عنها وسحب براء من يده إلى الخارج بعد أن طلب من والدته أن تراقب فُتنة وتلازمها، أقترب منهم فهد بينما إبتعد سيف ليجيب على إتصال والدهم، أشار سهيل إلى براء ليجلس وجلس إلى جواره وقال:
-"أنا عاوز أفهم كل حاجة، أظن إنت سمعت أختي قالت إيه جوا، ومن حقي أعرف في إيه بينك وبينها".
-زم براء شفتيه وقص عليه ما حدث بينهما ليسئله فهد بحدة قائلاً:
-"مين اللي صوركم".
-أدرك براء بأنه ما أن يفصح عن هويته سيثور شقيقه ولكن ما بيده من حيلة فما حدث مسه ومس تلك الفتاة بضرر شديد، فهو نفسه رأى الصور على هاتف سهيل وأدرك بأنها تسيء إليهما سوياً، زفر أنفاسه عدة مرات وقال:
-"فيصل خاطر هو اللي صورنا يا فهد".
-أحتقن وجهي فهد وسهيل، فوقف فهد فسارع براء وقبض على ساعده وقال:
-"بلاش يا فهد أرجوك إنت عارف وفاهم إن فيصل عمل كدا مخصوص علشان يخلينا أنا وإنت نروح له، وأظن إنت فاهم ظهورنا من تاني عنده هيتسبب فإيه".
-حاول سهيل أن يتمالك أعصابه ولكنه أخذ يفكر رغماً عنه في فيصل وتسائل لما فعل ذلك وهو يدرك هوية فُتنة جيداً، عاد فهد إلى جوار شقيقه وألتفت إلى سهيل وقال:
-"أنا شايف إن مافيش إلا حل واحد علشان نخرج كلنا من الموقف اللي إتحطينا فيه، وعلشان نمنع كلام الناس هو إن براء يخطب أختك والأفضل إنه يكتب كتابه عليها ولو لفترة لحد ما الموضوع يتنسي".
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
-ولجت هنيدة إلى داخل منزلهم وبجوارها مُعز ليجذبها والدها بقوة من ذراعها ورفع ساعده إلى الأعلى وهبط بقوة ليصفعها، أغمضت هنيدة عيناها وأنكمشت بإنتظار ضربة والدها ولكنها شهقت حين أبعدها مُعز لينال وجهه الصفعة عنها، تراجع ظافر مجفلاً وحدق بيده وبوجه مُعز، بينما وضعت هنيدة كفها فوق شفتيها تكتم شهقتها، خطى رياد صوب والده ونظر إليه مصدوماً مما حدث فلمس ذراع والدع وقال:
-"بابا لو سمحت إهدى شوية عن كدا، حضرتك مُعز ووالده فهمونا ليه هنيدة خرجت معاه، وأعتذر منك إنه أخدها من الكلية وبصراحة هو معاه حق واحد واخد أجازة ساعات من حقه يشوف خطيبته، أنا أسف يا بابا بس اللي حضرتك عملته دا مبالغ فيه".
-تعالت أنفاس ظافر بحدة وأستدار عنهم وقد تهدلت كتفاه بحزن، لينتبهوا جميعاً إلى صوت سهيل يقول:
-"معايا ضيوف يا بابا عاوزين يقابلوا حضرتك".
-أشار سهيل إلى رياد بأن يرافق فُتنة بعيداً عن والده فلحقت به سوار وهنيدة بعدما طلب منها سهيل الذهاب برفقتهم، ليجلس براء ووالده وشقيقيه أمام ظافر الذي رمقهم بنظرات نارية، فتولى ثابت دفة الحوار ووضح ما حدث ومن تسبب وأثار تلك الفضيحة ليحدق ظافر بوجه براء بكراهية ويقول:
-"وإنت عاوزني أصدق الكلام الفارغ دا، وأوافق على الأمر الواقع بإن ابن سيادتك يخطب بنتي علشان نلم الفضيحة اللي حصلت بسببه مش كدا". بقلمي منى أحمد حافظ
-أجابه فهد بضيق حين لمس تعنت ظافر ورفضه:
-"يا أستاذ ظافر أظن إننا ناس كبيرة وناضجة كفايا إن كلماتنا تتصدق، وبعدين براء أخويا محامي مشهور وله وضعه ومركزه رغم سنه الصغير، حتى سيف أخويا رغم إنه لسه بيدرس إلا إنه والحمد لله يعتبر رجل أعمال شق طريقه بنفسه وله إسمه فالسوق واللي حصل دا غصب عننا كلنا ولازم نتدارك الموقف ونصلحه ومنديش أي فرصة لفيصل إنه يلوث سمعة براء وسمعة بنت حضرتك".
-أيد سهيل قول فهد حين اومأ برأسه لوالده وقال:
-"فهد والأستاذ ثابت معاهم حق يا بابا، وعموماً أنا أتأكدت فعلا من إن فيصل خاطر هو اللي نزل الصور على النت وبعتها على إيملاتنا، وأنا شايف بعد إذن حضرتك إننا نوافق على الخطوبة الشكلية لفترة وبعدها ننهيها".
-وقف ظافر وفتح هاتفه ووضعه أمام الجميع وقال:
-"إنت شايف يا سهيل الصور شكلها إيه، الأستاذ واخد أختك فحضنه، أنهي خطوبة دي اللي تسمح لخطيب يحضن خطيبته بالشكل دا، يا ابني حتى لو إتخطبوا الناس هتتكلم علشان الصور بتقول إنهم أكتر من كدا بكتير".
-تلاقت نظرات ثابت وفهد معاً ليهز فهد رأسه بأسف فحديث ظافر صحيح، ففيصل إلتقط الصور من زاوية جعلتهم يبدون بوضع مخجل ومهين، ازدرد براء لعابه وهو يتابع ما يدور ليقرأ ألم ظافر وحرج سهيل، فقال لينهي الموقف:
-"يبقى نخليها كتب كتاب وبالشكل دا محدش هيقدر يقول حاجة، وبكدا لو حد إتكلم هيتقال إنها مراتي".
-من مكانه تابع مُعز عقد قران فُتنة التي وصل إلى سمعه صوت نحيبها ورفضها لما يدور، ليصمت صوتها فجأة ويغادر والدها بوجه محتقن فأدرك مُعز بأنه تطاول عليها بالضرب كما كاد يفعل مع هنيدة، تألم من أجلها فظافر يبدو من الوهلة الأولى لمن يراه أباً حنوناً ولكن من يعرفه حق معرفته يدرك قسوته وخوفه الدائم من أحاديث الناس التي جعلته يوقف حياة الجميع على أثرها.
-غادر براء ووالده وشقيقيه بعد عقد القران دون أن تتاح لهم أي فرصة لرؤية فُتنة أو الأعتذار منها، وقف مُعز وأتخذ خطواته إلى مكان ظافر وأزدرد لعابه وقال:
-"عمي أنا كنت حابب إتكلم معاك فموضوع، وأعذرني إني هفتحه مع حضرتك فالظروف دي، بس أنا معدش أدامي وقت على سفري".
-نظر إليه ظافر بتمعن فعلم ما يجول بداخله فمُعز لم يكل ولو لمرة بتجديد طلب تحديد موعد مبكر لزواجه من هنيدة، زفر بضيق من نفسه حين لمح أثر صفعته على وجهه وأحس بالحرج من نفسه ومن إنفعاله غير المبرر بعدما أعتذر منه عاشور والد مُعز بنفسه فأومأ له ليسمح له بالحديث، فجلس مُعز أمامه وقال:
-"أظن حضرتك فهمت أنا عاوز أقول إيه، يعني علشان أنا كل أجازة أنزلها بطلب نفس الطلب لكن المرة دي عندي إحساس إن حضرتك مش هتكسفني وهتوافق إننا نحدد لفرحي أنا وهنيدة ونخليه على أجازتي الجاية، حضرتك عارف إن شقتنا جاهزة ومفروشة وكاملة من كل حاجة ومش ناقصها غير إننا نروح نعيش فيها، دا غير إني حقيقي بقيت حاسس بضغط كبير بسبب المسئولية اللي بتزيد كل يوم فالوحدة ومحتاج إن هنيدة تبقى جانبي بشكل أكبر من الكام دقيقة اللي بشوفها فيهم كل أجازة".
-بادل ظافر نظراته بين إبنيه وبين مُعز، ليرى ترحيب سهيل ورياد وموافقة، فوقف وقال:
-"تمام أنا موافق شوف هتنزل أجازة أمته ورتب مع سهيل ورياد علشان يجهزوا لفرحكم".
-إنهى ظافر قوله وصاح منادياً إبنته هنيدة التي غادرت غرفة شقيقتها بخوف فأشار ظافر إلى إبنيه بالمغادرة، وحين أقتربت هنيدة من والدها بترقب، ضمها ظافر وقبل جبينها وقال:
-"أنا وافقت على طلب مُعز إن فرحك إنتِ وهو يكون الأجازة الجاية، ياترى موافقة ولا تحبي تأجلي".
-إبتعدت وحدقت بوالدها بعين متسعة لا تصدق بأنه وافق أخيراً فأرتمت بين ذراعيه مرة أخرى وقبلته قائلة:
-"أنا أكيد موافقة يا بابا، أكيد موافقة".
-إبتسم ظافر لجرأة إبنته التي لم تخجل لعلن موافقتها فتنهد بأسف وقال:
-"أنا عارف إنك شيفاني قلبي جامد وقاسي عليكم، بس صدقيني يا بنتي بكرة لما تخلفي ويبقى عندك ولاد هتحسي بمشاعري وخوفي عليكم وهتلاقي نفسك بتحميهم بكل قوتك، عموما ألف مبروك يا هنيدة".
-ضمها مُعز بقوة حين غادرهم والدها وحملها ودار بها وهو يصيح:
-"أنا مش مصدق إنه وافق وحاسس إني بحلم، معقول يا هنيدة معقول حلمنا هيتحقق وهنتجوز، ياه أنا أنا بيتهيء لي أطير حالا وأسلم نفسي للواء وأنا ماسك فإيدي الطلب وأقدمه واترجاه يوافق عليه".
-ابتسمت بسعادة وهي تكفكف دموعها بعدما ابتعدت عنه وقالت:
-"كنت متأكدة إن ربنا مش هيسيبني وهيتمم لي سعادتي معاك يا مُعز".
-اومأ وتنهد بارتياح وقال:
-"أول ما أوصل الوحدة هتصل أقولك عملت إيه، المهم أنا عوزك ثابتة وقوية زي ما اتعودت إني أشوفك، ومتقلقيش يا هنيدة أنا معاكي خطوة بخطوة ومش هسيبك حتى لو روحي سابتني وفارفتني".
-وضعت اصابعها المرتجفة فوق شفتيه لتمنعه من قول المزيد وعيناها تلاحقه بشغف وخوف وضمته إليها وهمست:
-"أنا مش خايفة وعارفة إنك أماني وسندي فالدنيا يا مُعز، بس أرجوك علشان خاطري بلاش كلامك دا، خلي دايما أجمل ما بينا هو آخر حاجة بينا قبل ما تمشي".
-حاوطها بذراعيه وضمها بقوة وهو يتنفس رائحتها ليختزنها بداخله وقال:
-"بحبك".
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
-إتخذت فُتنة من غرفتها محبساً إنفرادياً لها، أوصدت غرفتها عليها ومنعت دخول أشقائها، باتت دموعها هي سبيلها الوحيد، أغلقت هاتفها لتمنع عنها لإتصالاته، ورفضت الحديث مع والدها الذي حاول عدة مرات الحديث معها، لتسمح لنفسها بمجالسة عاليا التي غادرت المشفى وسكنت برفقتهم، سبعة أيام كاملة ظلت بما بين غرفتها وغرفة عاليا لتتفاجأ بشقيقها يقتحم غرفتها بعدما تناست إغلاقها، وقف يحدق بها بحزن وأقترب منها وقال:
-"وأخرة حبستك دي إيه ممكن أفهم، فُتنة لو سمحتي بلاش إسلوب الإنطواء والبعد اللي بتهربي بيه من مواجهة أي مشكلة أو موقف يمر عليكي". بقلمي منى أحمد حافظ
-رفعت عيناها ونظرت إليه بألم وقالت:
-"وإنت عاوزني أعمل إيه غير كدا، سبتوا لي إيه غير البعد بعدما كتبتوا كتابي لواحد غريب أول ما شافني أهاني ومد إيده عليا، عاوزني أقوم أرقص وأفرح إني أرتبطت بالكذب علشان خاطر حاجة ماليش ذنب فيها، طيب حتى لو خرجت وقعدت معاكم تقدر تقولي هبص فوشك إزاي إنت ورياد وبابا وإنتم أول ناس صدقتوا عليا الصور، أنا متصدمتش من زمايلي فالكلية وتقبلت تريقتهم عليا فالردود على النت علشان ميهمونيش فحاجة دول حيالله زمايل مافيش بيني وبينهم أي صلة، إنما إنت يا سهيل ورياد وبابا إزاي تصدقوا إني أكون على علاقة بحد لأ وكمان أقف معاه فالشارع وأسمح له إنه يحضني، إزاي تصدقوا وإنتم أهلي ومن دمي ومفروض إنكم عارفين اخلاقي كويس، للأسف يا سهيل أنا متهنتش ومتكسرتش إلا بإيدكم إنتم وخصوصاً من بابا اللي لما رفضت المهزلة اللي حصلت، ضربني ومضاني بالعافية على قسيمة جوازي من واحد بحتقره وقالي إني لازم أوافق علشان أمنع عن نفسي كلام الناس، الناس اللي بابا بيعمل لهم مليون حساب على حسابنا إحنا ولاده، أرجوك يا سهيل أخرج وسبني لوحدي أنا مش عاوزة أقعد مع حد ولا أتكلم ولا حتى أشوف حد".
-يعلم بأن لديها كل الحق لتغضب منهم، هم خزلوها وصدقوا عنها ما ليس فيها، ولكن ما حدث حدث وأنتهى الأمر وعليها أن تستأنف حياتها لا أن تهرب هكذا بضعف، جثى أمامها وإلتقط يدها وربت فوقها وقال:
-"أنا أسف يا فُتنة حقيقي أسف وصدقيني إني ندمان بجد على ظني بس الصور والكلام ساعتها من غيرتي عليكي مشفتش أدامي، لكن بعد ما عرفت وفهمت كل حاجة، كنت بفكر أحل الموقف بدون أرتباط لكن فعلاً مكنش في غير الحل دا علشان محدش يتكلم عنك، فُتنة كل واحد مُعرض إنه يُختبر فنفسه بأي شكل وإنتِ أختبارك للأسف كان إبتلاء جامد عليكي وعلينا، صحيح ملكيش أي ذنب ولا دخل بيه، لكن بقيتي جزء منه ومينفعش تهربي من إنك تقبلي بيه، يا فُتنة إنتي لازم تخرجي وتواجهي الناس زمايلك اللي أتريقوا عليكي والحاقدين، وحتى فيصل اللي أستغلك ومهتمش بسمعتك لازم تثبتي له إن ضربته قوتك مضعفتكيش، وبعدين يعني حتى براء إنتِ لازم تتعرفي عليه وتقعدي معاه، أعتبريه فرصة جت لحد عندك علشان تشوفي هل ممكن تتقبلي فكرة إنك تكوني مرتبطة ولا لأ، أخرجي من عزلتك معاه، وصدقيني ليكي كلمتي ووعدي إنك فأي وقت حبيتي تنسحبي من الموضوع كله أنا هدعمك وهقف معاكي وهخليه ينفصل عنك ويلتزم بإتفاقه معانا، أرجوكي يا فُتنة قومي وأخرجي علشان حبستك دي سرقت فرحة أختك هنيدة اللي مُعز إتصل بينا وقال إنه نازل على نص الشهر الجاي أجازة ومفروض إننا نجهز لفرحها".
-أدارت كلماته بخُلدها وأخذت تفكر فيها، فأيقنت بأن حبستها تلك هتزيد من الهمسات حولها، وهي صاحبة حق، كذلك لامت نفسها لإنها الأدرى بحاجة شقيقتها للفرح بعدما أسرت لها بما حدث سابقاً بينها وبين مُعز، فزفرت لتطرد سحابات الحزن عنها وربتت فوق كتفه وقالت:
-"على رغم من إني مش قادرة أتقبل موقفكم الغريب من اللي إسمه براء دا إلا إني هسمع كلامك يا سهيل بس مش هديلك أي رأي فموقفي منه بقبولي لوجوده فحياتي من الأساس إلا لما أفكر كويس وأشوف هل أنا مستعدة أقبل الفرصة دي ولا مش هقدر أقبل".
-اومأ سهيل ووقف ومد يده إليها لتمد فُتنة يدها إليه هي الأخرى فأوقفها سهيل وأحتضنها وقال:
-"على فكرة بابا اللي بعتني ليكي وكل الكلام اللي قولته دا كلامه هو، فُتنة بابا بيحبك وخايف عليكي، فبلاش تفكري فقسوته وشوفيها على إنها خوف وحب ممكن".
-حاولت فُتنة تقبل ما يدور حولها ولكنها لم تستطع منح براء أي فرصة فرفضت مقابلته عدة مرات ليفاجأها في النهاية بمجيئه، أسرعت هنيدة إلى غرفة عاليا التي أحتضنت فتنة بحب إليها، فنظرت إليها فُتنة بحيرة وقالت:
-"مالك واقفة زي ما تكوني منادي السلطان ومستنيه تقولي خبر مهم".
-جلست هنيدة فوق طرف فراش عاليا وقالت:
-"هو خبر بس مش عارفة إن كان مهم ليكي ولا لأ، بس قولت أقولك وأكسب فيكي ثواب".
-قطبت فُتنة حاجبيها وسئلتها بريبة:
-"ما تتكلمي في إيه يا هنيدة"
-وقفت لتغادر الغرفة لتقول وهي تغمز لها:
-"براء جه وطلب يشوفك".
-أسرعت هنيدة بالمغادرة، فوقفت فُتنة وهي تفرك كفيها لتقف عاليا وتضع كفها فوق كتف فُتنة وقالت:
-"أخرجي قابليه وأقعدي معاه، هو خلاص يا بنتي بقى زيك ومعاكي فمركب واحدة، روحي يا فُتنة ومتقلقيش أنا كويسة عن الأول كتير، وجودي معاكم هون عليا، رغم إن اللي راحت متتنسيش".
-منعت فُتنة دموعها حين تذكرت صديقتها وغادرت سريعاً لتصطدم بوالدها الذي وقف يتطلع إليها فخفضت فُتنة وجهها أرضاً فسمعته يقول:
-"براء فالصالون مستنيكي، روحي أقعدي معاه على ما أبعت لك أخوكي يقعد معاكم".
-اومأت بحرج وتجاوزته وراقبها ظافر بحزن ليستدير ولج إلى غرفته، بينما ولجت فُتنة إلى مكان براء فوقف ما أن رأها، زفرت بسخط وأتجهت إلى أبعد المقاعد عنه وجلست وأشارت إليه ليجلس بوجه متجهم، فزم شفتيه وجلس ليراها تضع ساقاً فوق الأخرى بغرور وقالت:
-"ياترى إيه الموضوع المهم اللي خلاني أتبلى بمجيك لهنا يا أستاذ إنت".
-رفع حاجبه بسخط وأعتدل بجلسته وقال:
-"أتبليتي بيه، وماله هحتفظ بالجملة علشان فوقتها هحاسبك عليها".
-إبتسمت بسخرية وقالت:
-"تحاسبني عليها، لا بجد أنا كدا خوفت وأترعبت منك".
-وقفت فُتنة وتبدلت ملامحها ليبدوا غضبها وسقمها منه وأستكملت كلماتها وقالت:
-"بقولك إيه إنت تاخد بعضك كدا زي الشاطر وتوريني عرض كتافك وتمشي من هنا، علشان أنا العفاريت حالياً بتتنطنط حوالين مني وبتقولي أرد لك اللي قولته وعملته فيا المرة اللي فاتت، وبعدين مش إنت اللي مفروض تحاسبني يا أستاذ، أنا اللي مفروض أحاسبك وأحكامك كمان وأحكم عليك علشان اللإبتلاء اللي أنا فيه دا بوجودك فحياتي بسببك إنت ويا عالم باللي عملته ووصل واحد زي فيصل دا ينتقم منك بالطريقة الهمجية اللي مفيهاش أي ذرة أخلاق".
-زم شفتيه وقد أكتسى وجهه بالحرج فما قالته لا مبرر لديه فما بينه وبين فيصل لا يستطيع براء أن يخبر أياً كان عنه حفاظاً على سر الأخرى، وقف براء وكاد يغادر ولكنه تفاجيء بسهيل يقف أمام الباب يقول:
-"مقولتش ليه إن ولدتك جاية يا براء علشان ماما كانت تستناها هي وهنيدة".
-أفسح سهيل المكان لتلج أمتثال إلى الداخل ووقف تحدق بوجه إبنها الذي تفرس في ملامحها بريبة وقلق، بينما تابعت فُتنة ما يدور بينهما، لتدير أمتثال وجهها وتشيح به صوب فُتنة وتقول بصوت فاتر:
-"هي دي بقى مراتك اللي خلتك تسيب بنت خالتك علشانها يا أستاذ براء".
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
تعليقات
إرسال تعليق