" ارمله اخي "
الفصل الثاني عشر والثالث عشر
بقلم فاطمه الالفي
تلألأت الدموع داخل عسليتها البراقه منما جعله يكف عن الضحك .
هتفت بغضب : هعمل ايه أنا دلوقتي ؟ عجبك كده
رفع احدي حاجبيه باستنكار : انتي بجد كل همك على التورته اللى اتفرمت تحت عجل العربيه ومش هامك انتي نفسك عامله ايه كويسه ، الخبطه اثرت عليكي طيب ؟
تحدثت بطفوله : أنا كويسه المهم التورته دلوقتي ، اتفضل أتصرف بقى وهاتلي غيرها
ابتسم بخفه : لا واضح فعلا ان الخبطه اثرت على مخك ههه ، تعالي يا بنتي اجبلك غيرها
هم بمسك كفها ولكن ابتعدت عنه بتحذير : اتفضل قدامي بدون لمس من فضلك
- حاضر يا ختي بدون لمس اتفضلي قدامي
سارت جانبه وهى تكفكف دمعتها الهاربه من بركة العسل خاصتها الى ان استوقفته امام المتجر ثم نظرت له
- اتفضل هاتلي ميني تورته بطعم المانجه وميني بطعم الشوكولاته
دلف المتجر وهو يخبط بكفه على الاخر وتقدم من الشاب الواقف خلف الفاترينه الزجاجيه وهمس له : ممكن تورته مانجه وتورته شكولا
ربتت على كتفه برفق لينظر لها بجديه : ايه عايزه حاجه تانيه
اشارت بكفها ليهبط لمستوي طولها ثم همست له : ٢ ميني تورته مانجه وشكولاته
عاد ينظر لشاب بابتسامته العذبه : زي ماسمعت حضرتك
اؤمي براسه ودلف ليحضر طلبهم .
ظل يتابعها بصمت وعينيها تجوب بالمكان هنا وهناك وعندما التقت بعينيه البنية طأطت براسها خجلا من نظراته .
أحضر الشاب العلبه التى بها الكعكه واعطاها اياه ، ألتقطها منه ثم اعطاه مبلغا من المال ثم غادر المتجر وهو يعطيها العلبه وعندما همت بالتقاطها ، لم يعطيها اياه وضحك بخفه
- لا بلاش احسن تقع بيهم تاني ، أنا أفضل اوصلك البيت بسلام امن ولا ايه
اجابته بقوه : ماحضرتك أكيد هتوصلني بالاجبار كمان عشان انت اللى عطلتني وكمان وقعت تورتي
- يا بنتي من غير اجبار ، هوصلك عشان الوقت وعشان أنا جينتل مان ماينفعش اسيبك من غير مااطمن عليكي ، اتفضلي بقى وبطلي ثرثره
شهقت بصدمه وهى تشير الى نفسها : انا بثرثر وكمان ايه بنتي دي يا حضرة ، أنا عمري 18 سنه وست شهور وعشر ايام كمان
رفع حاجبيه بدهشه : لا بجد كبيره اوي على كده هههه ، اتفضلي اركبي بدل ما تجنيني
فتح لها باب السياره لتجلس بالمقعد الامامي ثم اعطاها العلبه لتحملها اعلى ارجلها ودار الى حيث الباب الآخر ليستقل امام مقعد الوقود وقبل ان ينطلق فى طريقه نظر لها بتسأل : على فين سياتك
- "الدقي "
نظر لها بغرابه : الدقي....! وايه جابك المهندسين ؟ هو عندكم مافهيش محل حلويات ولا ايه
اجابته بضيق : لا مافيهاش عند حضرتك مانع توصلني وتبطل ثرثره
ضحك باعلى طبقات صوته على تلك الجنيه الصغيره ثم قاد سيارته لكي يصلها الى منزلها بسلام قبل ان تفقده صوابه ...
______
بعدما اوصلها قاسم الى حيث مسكنها ، ترجلت من سيارته وهى تتمتم بكلمات من الشكر ، جعلت الابتسامة تنير صفيحه وجهه وقبل ان تبتعد عنه صرخ بقوه :
- أستني بس ما عرفتنيش اسمك
- ورد
ابتسم لها بود وردد : اسمك جميل يا ورد ، وأنا اسمي قاسم الفقي
ودعته ثم ابتعدت عنه لتدلف لداخل البنايه التى تقطن بها ، عاد قاسم يقود سيارته ومازالت الابتسامة لا تفارق محياه ..
______
انتفض من نومه فجأة لينظر لساعة يده ثم نهض من الفراش برفق خشيتا فى ايقاظها ، دلف لداخل المرحاض ليتوضى ثم افترش سجاده الصلاه ليصلي فرضه وبعد ذلك غادر غرفته ليجد والديه يستعدان للرحيل ، اقترب فارس يقبل يد والدته وفعل المثل مع والده وهو يلقى عليهما الصباح
ثم تنهد بضيق : خلاص نويتو تمشو ؟ كنتو تقعدو يومين كمان
همست والدته بحب : يومين زي ثلاته يا ولدي ، لازمن نعاود لمطرحنا وانت دير بالك على حالك يا ضناي
اقترب من والدته يقبل جبينها : اتوحشتك من دلوك يا ست الناس ، قدر ماتعرفش انكم هتمشو ، هدخل اصحيها تسلم عليكم
هتفت والدته : بلاش يا ولدي خليها مرتاحه مش عاوزينها تبكي ،دير بالك عليها بس واسمع كلام امك
ابتسم لها بحب واشار الى عينيه : من العين دي قبل دي يا ست الكل ، ماتحمليش هم واصل
- يريحك جلبك يارب ويهدي سرك وينور طريجك جادر يا كريم
- اللهم امين .
ربت يونس على كتفه : خيك اتصل وهو على وصول ،رايدك فى كلمتين اكديه
ابتعدت والدته لاكمال ارتداء ملابسها ، فى حين اقترب يونس من فارس يهمس له بصوت خافت :
- وجت ماتحس بالخطر محاوط بيك وبمرتك ،هاتها تجعد وسطينا لم القضيه الشؤم دي تخلص منيها ،بلاش يمسكوك من يدك اللى توجعك ، لا ماتدلهمش فرصه ، عندينا امان ليها وانت خلى بالك من نفسك وضلك على موجفك انت الصح يا ولدي وعلى حق ومعاك ربنا واللى معاه ربنا مايخفاش ، الشر يا ولدي بيفضل جوة البني ادم بس عمر الشر مايغلب الخير ، انت الطرف الجوي وعشان اكديه عاوزين يستغلو مرتك عشان يكسروك بيها لكن انت جدهم واجوي كمان منيهم واللى بيدخل الحريم فى النزاع اللى زي اكديه بيكون مش راجل وضعيف وانت الجوي وعشان اكديه خايف منيك ، مش هوصيك يا ولدي قدر امانه فى رجبتك تحميها وتحافظ عليها بروحك يا ولدي ولو حسيت بالخطر مش تتردد تبعتها البلد
تنهد فارس واؤمي بالايجاب : حاضر يا بوي ، اطمن انت مخلف راجل ويقدر يحمي مراته , أنا افديها بحياتي
عانقه يونس بقوه وهو يودعه بعد أن اتى شقيقه ليطحب والديه الى حيث بلدتهم ، ثم عاد فارس الى غرفته مدد جسده اعلى الاريكه وظل ينظر لتلك الصغيره التي جعلته لأول مره يشعر بالخوف والقلق بسبب وجودها الان جانبه ، لا يريد ان تكون نقطه ضعفه ليستغلوه بها ، ظل شارده تهاجمه الافكار خوفا من القادم ..
_____
ظل شاردا وعيناه تتطلع إليها لا يريد ابعاد مقلتيه عنها ، ولكن عندما شعر بانها على وشك الاستيقاظ أغلق عينيه متصنعا للنوم .
فتحت عينيها ثم نهضت من الفراش لتتسمر مكانها ، عندما وقعت عينيها على وجوده غافلا اعلى الاريكه ، ابتلعت ريقها بتوتر ثم همت بالتوجه الى المرحاض لتنعش جسدها بالماء وتصلي فرضها .
عندما انتهت من الاستحمام غادرت المرحاض وهى ترتدي ( ثوب رصاصي بنصف كم يصل الى كاحلها ومنقوش أعلاه شفاه باللون البينك ذات فتحه طويله تصل الى ركبتيها )
اقترب من المرآة تمشط شعرها بعنايه ثم عقدته على هيئه كعكه وعندما انتهت التقطت اسدالها ترتديه لتصلي ، افترشت السجاده ثم بدءت فى صلاتها تحت انظاره المترقبه لها وهى لم تشعر بتلك العيون المصوبه اتجاها ..
بعدما ختمت صلاتها توجهت الى الفراش لترتبه واثناء انشغالها بترتيب الفراش وجدت دفتر اسفل الوساده التقطته تنظر له بغرابه ، لينتفض فارس على حين غفلته يلتقطه من بين يديها وهو يهتف باضطراب :
- دي تخص شغلي ، شكرا يا قدر ،يظهر كنت ناسيها هنا
ابتعدت عنه بتوتر وهى تؤمي بالايجاب وسارت من جانبه لمغادره الغرفه ولكن استوقفتها كلماته الصادمه :
- الحاج والحاجه رجعو البلد مع رحيم انهارده الفجر
نظرت له بصدمه وهمست بصوت يملئه الحزن : رجعو البلد بالسرعه دي ، طب ليه ماحدش قلي ؟
اقترب منها بود ومد انامله يمسح دموعها الهاربه التى جاهدت فى اخفائها : عشان ماحدش عايز يشوف دموعك دي ويتسبب فى نزولها ، كمان شكلك كان مجهد اوى ، ممكن بقى ماتعيطيش وكلها كام ساعه ونتصل بيهم نطمن ماتقلقيش ، ايه رايك نخرج نقضي اليوم بره ،وفى مشوار مهم لازم نروحو
- مشوار ايه ده ؟
- دكتور ايمن خدلنا ميعاد مع استشاري نفسي وهو بيشكر فيه جدا ،ولازم من انهارده تتابعي معاه
نظرت له بصدمه : ليه لازم ؟ أنا كويسه
زفر انفاسه بضيق ونظر لها بحب وهو يهز راسه نافيا : لا يا قدر مش كويسه خالص وحالات التشنج والاغماء اللى بيحصلك ده نفسي ولازم متابعه واهتمام ، عشان تعدي المرحله دي بخير وتتجاوزي أي صعب وانا معاكي مش هسيبك ابدا
التقطت كفيها البارد بين راحه يده وهمس لها بصوت حاني : ايدي مش هتسيب ايدك ومش عايزك تخافي ،الدكتور النفسي هيساعدك كتير وده مش عيب ولا غلط لم اعصابنا تتعب شويا وتحتاج نتكلم مع حد متخصص فاهم كل حاجه وهيقدر يسمعك ويقدم لك النصيحه وياريت تتقبليه وتتعاملي معاه بدون تحفظ يعنى اللى عايزة تتكلمي فيه اتكلمي بدون قيود ، اي شي يخطر ببالك اتكلمي فيه ولازم يكون عندك ثقه فيه واطمني ان الدكاتره النفسين من المستحيل يطلع سر مريض عنده ..
هزت رأسها بتفهم ولكن ابتعدت عن الغرفه والحزن يسكن مقلتيها ، لحق بها فارس وحدها تقف بالمطبخ حائره وكانها تائه لا تعى بشئ حولها .
وقف خلفها وشعر بتخبطها ، تنهد بضيق ثم أمسك بذراعيها ليجعلها تلتفت اليه ، تقابلت اعينهم بحيره داخل كل منهما ، زفر بقوه ثم همس برقه : بلاش تعملي حاجه أنا قولت هنخرج ،اتفضلي غيري هدومك
ابتعدت عنه بصمت ودلفت الى حيث الغرفه اخرجت جيب بيضاء واسعه يعلو خصرها حزام اسود عريض وانتقت بلوزه سماوي هادئ وبلزر ابيض وقررت ارتدائهم ..
______
أغلق الهاتف بضيق وهم بقياده سيارته متوجها الى طريقه المنشود وهو عازم النيه على الخلاص من ذلك الكابوس الذي يورق منامه ويقلق مضجعه ..
صف سيارته امام الفيلا المنشوده ثم ترجل منها ليسير بخطواته المضطربه لداخل ، يبحث عنها بعينان حاده .
وجدها كعاده كل يوم تتناول افطارها بالحديقه ، اقترب منها يبتسم لها بمكر لتتفاجى به الاخيره بصدمه وهى تهتف بقلق : ايه جابك يارشدي
ضحك بخفه وهو يقترب منها بتصنع التقط كفها يطبع قبلات متتاليه وينظر لها بمكر : بقى دي مقابله تقابلي بيها رشدي حبيبك يا سوسو ، الحق عليا ان مش قادر اتحمل بعدك عني وعشان كده جاي اعتذر واقدم السماح يا روح قلبي ونرجع تاني لبعض
جذبت يدها بقوه من قبضته : بعد ايه يا رشدي ،انت عارف عملت فيه ايه وتهديداتك ليه ولبنتي ولا الورقه اللى قطعتها ، جاي دلوقتي تعتذر عن ايه ، انت عايزني افضل مراتك فى السر وبس وقت مزاجك لم تكون مخنوق وبس ، يعنى انا عمري ماكنت زوجتك رسمي قدام الناس تاخد مراتك الوجهه المشرفه لكن أنا لنزواتك والليل وبس ، انت دمرت علاقتي ببنتي ومن وقت اللى حصل مش عارفه اخدها فى حضني ولا اعوضها عن غيابي وتقصيري فى حقها ، مشيت ورا قلبي ونسيت بنتي وضيعتها معايا ،امش يا رشدي عشان خلاص رنيم فوقتني من الوهم اللى كنت عايشه فيه .
جلس امامها وكأنه لم يستمع لكلماتها ثم اخرج من جيب سترته علبه قطيفه زرقاء اخرج منها خاتم الماس وضعه بين اناملها : سمسمه حياتي أنا بجد عايزك تفضلي فى حياتي بس مش فى السر تاني زي ماانتي فاهمه ، لا هعلن جوازي والدنيا كلها هتعرف ، جهزى حفله خاصه بينا الليله لوحدنا وهجيب المأذون ونكتب الكتاب وبكره الخبر هينزل فى كل الصحف وهنعمل حفله تانيه نعزم فيها كل حبايبنا ، أنا حياتي من غيرك مالهاش طعم وخلاص ثريا عرفت بكل حاجه ومش مستعد اخسرك أنا متمسك بيكي وهي بقى اللى يعجبها عايزه تطلق أنا ماعنديش مانع لكن بعد عنك تاني لا يا روح قلبي
ارتسمت الابتسامة على محياها وهى تهتف بفرحه : بجد يا رشدي ، بتتكلم جد هنعلن جوازنا والدنيا كلها تعرف
- البسها الخاتم وطبع قبله رقيقه وهو ينظر لها بخبث : طبعا يا قلب رشدي ، بس زي ماقولتلك حفله الليله خاصه لينا احنا الاتنين وبس ، وبلاش تعرفي بنتك بحاجه خليها تتفاجي وتفرح ليكي وأنا هثبت لها أن مستعد أكون والدها وهقف جنبها فى ازمتها ، اللى كنت خايف منه خلاص حصل ومش مستعد تفضلو فى السر ،انتو عيلتي مهما كان وانتو مسئولين مني ، أنا هحاول اعوضها ماتقلقيش يا سمسمه قلبي
ارتمت باحضانه ونست كل شيء مضي .
غمرتها السعاده بسبب تلك المكيده التى يريد الايقاع بها وهى كالمغيبه تنصاغ لاوامره وتسير خلفه وعينيها مغمضه ومازالت تجهل نظراته الخبيثه الماكره ...
________
تخلى فارس عن حُلته الرسميه وارتدي قميص أزرق وبنطال ابيض ثم مشط شعره ونثر عطره الأخذ ثم غادر الغرفه وهو يحمل مفاتيح سيارته ويدس هاتفه داجل جيب بنطاله ، لتقع عيناه على مظهرها الجذاب بملابسها الهادئه ونظراتها البريئه الرقيقه ، كأنها حوريه هبطت من السماء لاجله ، ظل لحظات يتطلع إليها الى ان انصبغت وجنتها بحمره الخجل وطأطت براسها تنظر ارضا ، منما جعله يبتسم على هيئتها تلك .
اطلق تنهيده قويه تخرج من بين اضلعه كانها تحرق صدره ثم اقترب منها بخطوات بطيئه وقف امامها يحدثها بمشاكسه : فى حاجه بتدوري عليها فى الأرض
هزت رأسها نافيه وهى مازالت تتطلع لاسفل
رفع وجهها باطراف انامله برفق والابتسامه تنير وجهه : فى وجهه حسن على فكره قدامك تقدري تبصي فيه بدل الشوذ اللى مركزه فيه هو مش عاجبك ولا ايه
نظرت له بصدمه وهمست ببراءة : ابدا والله مابصيت على الشوذ
كتم ضحكته ورفع حاجبيه بتسأل : امال بتبصي تحت على ايه ؟
- ولا حاجه ، مش هنخرج ولا ايه
- لا لم اشوف ضحتك الاول وبعدين أنا كنت بحاول اخليكي تفكي وتضحكي وبلاش توتر
- حاضر
نظر لها بغرابه ثم همس بتسأل : هو انتي دايما مطيعه كده ، ولا أنا بتهيالي
ابتسمت برقه : لا على فكره أنا مش دائما كده على حسب الموقف وكده
بادلها الابتسامة ومد كفه ليعانق كفها : ايوه كده طمنتيني هههه
سارت قشعريره عندما تشابكت أيديهم ،شعر فارس بشعور لذيذ وكانه الصقر الذي يحلق فى السماء بسعاده ، غمرته المشاعر وشعر برجفتها بين ضمة يده ولكن شدد اكثر خوفا من خجلها وافلات يدها من بين قبضته ، شعر بانها كنزه الثمين لا يريد الابتعاد عنه لحظه ، فكل ما حدث له بالايام الماضيه كانت من تدبير القدر له ليجعل قدره مرتبط بتلك الفتاه ويصبح قدرهم واحد ، فهى قدر فارس وسيظل اسمها مرتبط باسمه حتى تفارق الروح الجسد ...
_______
أغلق فهد هاتفه بغضب بعدما أستمع لتأخير موعد الشحنه الخاصه بسامي الحديدي وهذا ما جعله يشعر بالنيران تحترق بجسده ، نزع عنه سترته وفتح ازارر قميصه وكان جسده الان كالجمر ، توجه الى المرحاض ليطفئ لهيب جرحه الذي ينزف على فقدان عائلته تحت المياة البارده ، ظل على تلك الحاله داخل البانيو يكتم انفاسه أسفل المياه ويرفع راسه ثانيا لاعلى يلتقط انفاسه اللاهثه ولم يشعر بمرور الوقت ، اخرجه من تلك الثوره المشتعله داخله رنين هاتفه الذي يصدح بالغرفه باستمرار ، جعله ينهض من مكانه ويلف جسده بالمنشفه ثم غادر المرحاض ، جلس اعلى الفراش ثم التقط الهاتف ينظر لشاشته بدهشه عندما وجد عدد المكالمات الفائته تجاوزت العشرون ، فتح الهاتف على الفور لتحجض عيناه بصدمه عندما وقعت على اسم المتصل " جودي "
زفر انفاسه بضيق وهو يعاود الاتصال بها ، ليعلم ما سبب كل هذه الاتصالات ...
_______
فى المساء اصطحبها الى حيث عياده الطبيب النفسي الذي اخبره به ايمن ، عندما ترجلت من السياره وخطت بقدمها لداخل البنايه شعرت بانقباض داخل صدرها وكانها تشعر بالاختناق ، حاولت التنفس بهدوء لتجد ذراعيه تحاوط بها ، هدئت نوبتها عندما أستمد الأمان من داخل مقلتيه الحانيه ، تنفست بهدوء وسارت جانبه الى حيث الطابق المنشود ..
- اقعدي انتي وانا هشوف السكرتريه وابلغها بميعادنا
جلست بهدوء اعلى المقعد وعينيها تتابع فارس .
وقف يتحدث قليلا مع سكرتيرته ثم دون عده ملحظات بخط يده ، سحبت منه السكرتريه الورقه الذي املاها بالبيانات الخاصه بقدر لتدلف غرفه الطبيب وتعطيه اياها وبعد عده لحظات عادت إليه .
- اتفضل الدكتور محتاج يتكلم مع حضرتك الاول بخصوص تفاصيل عن الحاله
- تمام ،بس ثواني وراجع
تقدم من قدر : هدخل لدكتور محتاج يسألني فى كام حاجه كده ، ماتقلقيش ايه
هزت رأسها بالايجاب وظلت تهز بارجلها باضطراب الى ان غاب فارس عن انظارها ، شعرت بوحدتها بدونه وتذكرت ما حدث طوال اليوم جعلها تبتسم على وجود هذا الشخص بحياتها ، شعرت بمدا حبه لشقيقه فهو يفعل كل ما بوسعه من اجل رؤيه ابتسامتها ، احيانا تنظر له وكأنه ترا وجه سند بدلا عنه ،فملامحهم متشابها الى حدا ما ولذلك تشعر بالأمان بقربه ..
اما عن فارس فقد كان يقص على الطبيب كل ماحدث لقدر منذ وفاة والدها والتقائها بسند والزواج الذي حدث بينهم ، كل ما يعرفه عنها وما حكاه له شقيقه من داخل مذكراته الخاصه .
اؤمي له الطبيب بخفه : أنا فهمت الحاله ومحتاج اتكلم معاها عشان نحدد مواعيد الجلسات وماتقلقش فى اقل من شهر هتتعالج وتبقى زي الفل
صافحه فارس وهو يشكره : ان شاء الله الشفا هيكون على يدك يا دكتور بعد ربنا سبحانه وتعالى
غادر فارس الغرفه وطلب من قدر الدخول ، نظرت له بقلق :
- هدخل لوحدي
ابتسم لها بحب عندما شعر بقلقها : أكيد مش هكون معاكي ، دي جلسات خاصه وقت لم تحتاجي لوجدي معاكي ، الدكتور هيطلب مني أحضر معاكي ، ماتقلقيش يلا ، هستناكي .
سارت بجانب السكرتريه ، بعدما فتحت لها الاخيره الباب دلفت قدر وحدها واغلقت السكرتريه الباب خلفه ، انفزعت قدر بصوت انغلاق الباب وظلت متسمره مكانها تنظر بخوف لذلك الرجل المسن الذي يبلغ من العمر خمسون عام ، لديه بعض الخصلات البيضاء وتجعيد خفيفه اسفل عينيه الزرقاء التى تلمع كعيون القطط.
نزع الطبيب عوينته الطبيبه ونهض من اعلى مقعده يتقدم بخطواته لتلك المذعوره يتفحصها بقوه من رأسها الى اسفل قدميها ، جذبها من يدها بقوه يجعلها تجلس اعلى الاريكه ويجلس هو جانبها يقبض على كتفها بذراعه يقربها اليه ويهمس بفحيح كالافعى : ماتخفيش احنا هنبدء علاجنا بحاجه هتعجبك وتريحك خالص ، هنسيكي كل اللى مر فى حياتك .
ازدادت دقات قلبها منما جعل انفاسها تلهث وكانها تركض ، تنظر حولها كالفأر المزعور ، جسدها يرتجف وحلقها جف تماما وأصبحت لم تقدر على الصراخ ، فقد شل لسانها عن النطق ،و لم تقدر على الهروب من قبضته المتوحشه ..
لافح وجهها بانفاسه الكريهه وهو يقترب منها يريد الانقضاض على شفتيها تحت نظراتها الصادمه لتستمع لصوته المقذذ بجانب اذنها : أنا هعالجك بالحب والاحتواء والحضن اللى انتي مفتقداه هتحسي بيه معايا ،انا زي والدك وهعوضك عنه وعن جوزك كمان .
" ارمله اخي "
الفصل 13 .
عندما هم بتقبيلها بقوه تحت انظارها الصادمه ، هزت رأسها بهستريه ودفعته بكل ما اوتيت من قوه ليبتعد عنها ، جاهدت فى التحامل على قدميها وركضت من تلك الغرفه اللعينه بذعر .
كانت عيناه متسلطه على تلك الغرفه التى توجد بها قدر ، يتابعها بقلق ونبضات قلبه تتسارع داخل صدره ، يكاد قلبه يخرج من بين ضلوعه ، ولا بعلم لما راودة ذلك القلق ، حاول التنفس بهدوء ومازالت سودويته مصوبه اتجاه ذلك الباب ، ليقف فجاه عن مقعده عندما راءها تغادر الغرفه ركضا ، سار بخطوات سريعه يهتف باسمها بقلق ولكن هى كالمغيبه تريد الهروب فقط من ذلك المكان .
جذبها من ذراعيها بقوه عندما كانت تهم بمغادره العياده ، شعر بارتجاف جسده بين ذراعيه واصوات انفاسها اللاهثه ، انتابه القلق وجذبها لصدره وهو يهمس لها بصوته الدافئ : اهدي انتي معايا دلوقتي
ظل جسدها ينتفض بقوه ، ضربته بقبضه يدها اعلى صدره لتبتعد عنه ، جحظت عينه بعدم تصديق وهمس بحنان وهو ينظر لعينيها الحائره : ايه اللى حصل بس ؟ الجلسه خلصت ؟
سارت مبتعده عنه ونظراتها ترمقه بعتاب ، لحق بها وهو يتنهد بضيق ،اراد احترام صمتها ، الى ان فتح لها باب السياره لتستقل بمقعدها وتوجه هو الى حيث مقعده وبدء فى شق طريقه للوصول الى شقتهم لمعرفه ما حدث معها واثناء انشغاله بالقياده أستمع لصوت انين قوي ، نظر لها بقلق ليجدها تحتضن جسدها بذعر ويخرج من فاها انين عال ،حاول إيقاف السياره بمكان ماء ، ثم اقترب منها وحاول وضع كفه علي ذراعها بهدوء ولكن عندما شعرت بانامله انذوت بعيده عنه ،ترفض لمساته ،عاد يكمل طريقه بضيق ولكن أسرع فى قيادته لكي يصل الى منزلهم فى غصون دقائق .
اخترقت اذنيه صوت انينها الذي مزق نياط قلبه وهو عاجز عن فعل شئ ، كلما نظر لها وهى بتلك الحاله يشعر بالعجز والضيق ولا يعلم بماذا يفعل لها لكي يخرجها من تلك الحاله ، صفا سيارته امام البنايه وترجل على الفور ليساعدها على الترجل هى الأخرى ولكن يبدو بانها بحاله يرثا لها وكانها لم تستمع له ،حملها بين يديه وهى كالتائهه ، شارده ، لا يصدر منها سواء الانين الذي يحرق قلبه
دلف بها داخل الشقه ثم أغلق الباب خلفه بقدمه ، ثم توجه بها الى حيث غرفتها وضعها برفق اعلى الفراش لتتقوقع على نفسها كالجنين واصوات انينها فى تزايد ، نظر بقوه داخل عينيها ليجد الدموع متحجره داخل مقلتيها ترفض السقوط ، اشفق عليها ، ثم غادر الغرفه ليهاتف ايمن اولا ليقص عليه وضعها الان ، كان يظن بانه يسعى لمعالجتها والان يراها تنهار امامه ..
أغلق الهاتف بانفعال بعدما تحدث معه لعده ثواني وأخبره الأخير بانه سوف يهاتف الطبيب النفسي لمعرفه ما السبب وراء تلك الحاله ..
ظل يجوب بالشقه كالاسد الجريح واصوات انينها لا تفارق اذنيه .
لم يعد التحمل اكثر من ذلك ، دلف لغرفتها ثانيا وجدها كما تركها ، حاول التقرب منها ، مسح بانامله على حجابها برفق وعندما هبط كفه ليمسح على ظهرها بحنان ، دفعته بقدمها بقوه جعلته يتأوه بالم ، ونظر لها بصدمه ، منما اتاتها بتلك القوه رغم تلك الحاله .
اخرجة من صدمته رنين جرس المنزل ، علم بانه ايمن القادم ، غادر الغرفه ليفتح له ، وعندما تقابل معه اخبره ايمن :
- دكتور ثروت مابيردش على تليفوني
قاطعه فارس بصرامه : حالتها مش كويسه وازاى دكتور زيه مايردش على المرضى بتوعه لم يحتاجو ، طب أعمل ايه أنا دلوقتي وأنا مش فاهم حصل ايه ولا هى مالها ، قولتلك عايز دكتوره نفسيه مش دكتور تقدر تفهمه
زفر ايمن بضيق : يا بني افهم أنا لم سالت عندي فى المستشفي الكل قالي على دكتور ثروت هو استشاري كبير ومش صغير فى السن يعني يقدر يعالجها ، لكن البنات فى المجال النفسي مش متمرسين لسه ، يعني لسه هيجربو فيها وعشان كده رشحت دكتور" ثروت منيب "
- ودكتور زفت اهو مش بيرد وحالتها زي الزفت جوه
- طيب ممكن تهدي وخليني اشوفها
- ما تقوليش اهدى ، اتفضل شوف حالتها بنفسك
سار خلفه ودلفوا سويا لداخل الغرفه ، تسمر ايمن مكانه عندما أستمع لانينها القوي ، نظر لها باشفاق وعندما حاول التقرب وعيناه مصوبه بعينيها كانت نظراتها خائفه ، مذعوره بذلك القرب ، توقف مكانه يتطلع إليها فقط ، حاول فهم حالتها دون ان يلمسها وهمس بصوت عال نسبيا لكى يصل إليها أثناء صدورها لذلك الانين ولكن عينيها تنظر له بهلع وتنكمش على نفسها وكانها تخشي شي ماء .
ابتعد عنها ووقف بجانب فارس يهمس له بجديه : اتصل بقاسم يجيب دودي ويجي
- دودي ليه ؟ قولي مالها فيها ايه ؟
ربت على كتفه : اسمع الكلام ماما بس هتقدر تقرب منها وتكلمها وان شاء الله قدر تسجيب ليها ، واضح ان قدر خايفه مننا ومرعوبه كمان ،حتى نظرة عنيها كلها خوف وهلع ، لم تهدى هنفهم ايه اللى وصل حالتها لكده وكمان هتواصل مع دكتور ثورت افهم منه انطباعه عن حالتها .
تنهد بحزن ثم غادرو الغرفه واخرج هاتفه ليهاتف قاسم ويخبره باحضار خالته دلال والده ايمن ومثابه والدته هو الاخر ...
________
بعدما أغلق هاتفه مع جودي التى كانت تتحدث معه بانفعال وتريد مقابلته والتحدث معه ، وعدها بتحديد موعد ولكن فى المساء ، بعد منتصف الليل ، لأنه يخشي ان يراه احد ..
عندما دقت الساعه الثانيه عشر ، ارتدي ملابسه واستعد لمغادره المنزل .
استقل سيارته وقادها الى المكان المنشود ..
مكان هادئ اعلى جبل المقطم ، فهو يفضل ذلك المكان المنعزل عن الجميع ، عندما اقترب بسيارته لمح سياره جودي مصفوفه امامه وجودي تجلس اعلى وجه السياره من الأمام وتعطيه ظهرها ، ترجل هو الاخر من سيارته وتقدم بخطواته الثابته منها ووقف امامها وهو يضع يديه داخل بنطاله وينظر لها بحب والابتسامه تعلو ثغره : ازيك يا حبيبتي
ارتمت بين ذراعيه ليحاوطها بحنان وهو يتسأل بقلق :
- مالك يا بنتي ؟ ايه اللى حصل لكل ده ؟
ابتعدت عنه بهدوء :واحشتني
قرص وجنتها برفق : انتي اكتر ، بس قوليلى ا
مين مزعلك وطلعتي نرفزتك عليا انا فى الفون
قضمت شفيتها بحزن : أنا اسفه اتعصبت عليك بجد والله كنت مخنوقه من فارس وتصرفاته
اغمضت عيناه ثم اخرج تنهيده قويه : تاني فارس ، ماله سي فارس ؟
- أنا وهو خلاص فركشنا مع بعض
ضحك باعلى طبقات صوته وهو يتطلع إليها : فركشتو هو أنتم كنتو مرتبطين اصلا عشان تفركشو ، يا حبيبتي أنا فاهم دماغك وقولتلك قبل كده ميت مره بلاش فارس يا جودي ، أنتو الاتنين مختلفين ماصدقتيش كلامي .
تحدثت بغرور : ايوه فعلا انت صح ، احنا الاتنين مختلفين هو همجي وصعيدي قفل كمان وفرق السماء من الأرض بيني وبينه
همس بحده : لا يا جودي مش ده اللى اقصده ، فعلا فى فروق بينكم بس مش فرق ثقافه خالص ،ولا فرق طبقات ، فارس شخص محترم جدا وعقلاني جدا جدا ،ونجاح فى شغله وماعندوش يأس وراجل شهم وجدع عشان صعيدي ماتعبيش فيه وتقولي عليه همجي متخلف لان بجد شخص مافيش زيه كتير اليومين دول ، أنا لم قولت أنتو مع بعض مختلفين عشانك انتي يا جودي ، حاسس انك شوفتي فارس حد بعيد عندك كل البعد فحبيتي تجربي قربه ، جودي انتي طيبه جدا وقلبك كبير كمان بس عندك عيب واحد بس وهو الغرور وأنا سبق وحذرتك من العيب ده هيخسرك كتير وانتي لسه بتقاوحي ، انتي ماحبتيش فارس ولا هو كمان حبك هو شافك كويسه رغم عيبك وحاول معاكي بس واضح ان فشل ، بصي يا جودي نصيحه من اخوكي انسي فارس خالص وفكري فى حياتك ومستقبلك وحاولي تتنازلي عن غرورك وتعاملي مع كل الناس بكل الطبقات وكل الاختلافات هتستفاده من ناس كتير ، نفسي اعرف انتي مش زي لوما ليه
هتفت بانفعال : انت كمان هتقولي مغروره ، ليه كلكم شايفني مغروره وحد وحش
ربت على كتفها برفق : حبيبتي ماحدش قال عليكي وحشه ، والغرور مجرد عيب بسيط تقدري تغيريه
- وفارس أنا بجد بحبه وقولتله لا كده بس عشان كرامتي ، حسيت برفضه ليه ، لكن أنا حبيته بجد ونفسي يكون هو شريك حياتي ، فعلا فارس شخصيته حلوه بس أنا متغاظه منه
- لو على ظروف فارس فمحدش فينا بيختار ظروفه وكل واحد لازم يتحمل نتيجه قراراته واختياراته ، بصي سيبي الايام تنسيكي حب فارس ، زي مابتقولي حب ، أصل انتى يا جودي مش هتتخلي عن غرورك ده اللى لو حبيتي بجد وساعتها هتنسي غرورك وكمان هتحبي عيوب حبيبك قبل مميزاته ، يلا اتفضلي اركبي عربيتك عشان تروحي الوقت متأخر وانا همشي وراكي لم توصلي البيت عشان اطمن عليكي
نظرت له بحزن : انت لسه عايز تفضل لوحدك بعيد عننا
جاعد فى رسم ابتسامته وهو يربت على كتفيها بحنان : معلش يا حبيبتي ، ظروف شغل ، المهم دلوقتي توعديني تخلي بالك من نفسك وماتفكريش فى جرح فارس ليكي ، واعرفي انك خدتي القرار الصح وهو انتهاء العلاقه دي من قبل ما تبدء وانا واثق ربنا هيعوضك بالشخص اللى يسعدك
ضمها بحنان ثم طبع قبله حانيه اعلى جبينها ، استقلت سيارتها تقودها الى حيث منزلها وهو خلفها يتابعها الى ان دلفت لداخل الفيلا ثم اشارت له تودعه ، ودعها بابتسامته الحانيه التى لا تظهر الا لها هي فقط ،وبعدما اختفت عن انظاره اكمل قيادته للسياره ليشق طريقة فى العوده الى حيث منزله ..
_________
حضر قاسم وبرفقته خالته ، استقبلها فارس بترحاب شديد وطبع قبله اعلى رأسها مرحبا بوجودها داخل منزله ، ثم جلسوا جميعا ، اخبر ايمن والدته بوضع زوجه فارس وانها الان بحاجه الى قلب عطوف حنون كقلب والدته لتضمها لصدرها وتحاول اخارج الذعر التى تشعر به الان وسوف يكون جانبهم ليراقب رد فعلها ، هل تتجاوز لوالدته اما لا ...
شعرت دلال بالحزن بعدما قص عليها ايمن وفارس ما حدث لقدر ، فلم تكن تعلم بزواج فارس حتى الان .
رمقت قاسم بنظرات غاضبه : حسابك معايا بعدين ، لم نطمن على المسكينه دي ؟
ابتلع قاسم ريقه بتوتر ثم رفع ذراعيه باستسلام : بريئه والله يا دودي ، الموضوع يخص فارس وماكنش ينفع اخون صاحبي ، ترضاهالي يا دودي
همت من مقعدها : لا يا عيون دودي ، بس بردو مش هعدهالك .
نظرت الى كلاهما : فين مراتك
نهض هو الاخر وتقدم من باب الغرفه فتحها برفق لتدلف خلفه دلال وايمن معا .
ظل ايمن وفارس مكانهم وتقدمت دلال من فراش قدر والدموع تتساقط من عينيها بسبب انين تلك الصغيره الذي يقطع نياط القلب ، جلست برفق جانبها وهى تمد كفها الحنون تمسح به على رأسها وتهبط به على سار جسدها لترتجف قدر بقوه والانين يتزايد .
لم تبتعد دلال ولم تستسلم نظرت لخضرويتها التائهه وهمست بصوت عطوف : يمكن مش تعرفيني يا بنتي واول مرة تشوفيني بس سبحان الله اول لم شوفتك دخلتي قلبي وربنا شاهد على كلامي ، اعتبريني زي والدتك وتعالي فى حضني ، أنا ماخلفتش بنات بس ربنا رزقني بايمن ابني هو وحيدي ورزقني بيه بعد عشر سنين حرمان ، هو أول فرحتي وكانت الدنيا مش سيعاني وقتها وبعدها بسنه واحده بس رزقني كمان بقاسم ابن اختى الله يرحمها ، وبقي عندي بدل الولد اتنين ، عارفه مين ابني التالت دلوقتي
هدئ صوت الانين تدريجيا واصبح خافت ، نظر ايمن الى والدته واشار إليها بان تستمر فى حديثها :
أكملت دلال حديثها بابتسامه بشوشه : اول لم ايمن دخل الثانوية العامه والده اتوفي وأنا كنت لازم أكون الاب الحازم والام الحنون مع بعض ، وعندي والدين مش ولد واحد وفى مرحله حرجه كمان بس ربنا قواني ووقف جنبي والحمد لله المرحله دي مرت على خير وايمن دخل طب وقاسم دخل شرطه واتعرف على ابني التالت فارس ،هو كان مغترب بس لم دخل بيتي دخل قلبي كمان قبل بيتي ورفضت يقعد لوحده وبقى عندي تلات صبيان زى الورد ، نفسي أفرح بيهم بقي ، اهو ربنا استجاب لي وواحد فيها اتجوز عبقال الاتنين الباقين ، تعالي بقي فى حضن "ماما دودي " انتي من هنا ورايح بنتي أنا وهبيع التلات صبيان عشان عيونك وهقولهم مش عندي غير قدر حبيبه قلبي .
لم تتحرك قدر ساكنأ ، ابعدت دلال ارجلها التى كانت تضمهم بقوه الى بطنها وجاهدت فى افلات ذراعيها التى تطوق بها نفسها ، لتجذبها برفق لداخل احضانها وهى تمسد على ظهرها بحنان وتهمس بصوت هادئ وهى تمسد على رأسها من الخلف بايات من الذكر الحكيم ، علت أصوات شهقاتها وانسابت دموعها التى كانت تأبه السقوط ليخرج صوت بكاءها المرير .
بعدما انتهت من تلاوه الايات همست بحنان : عيطي يا حبيبتي عيطي ، خرجي كل اللى جواكي فى حضني أنا ، وماتخفيش انتي مش لوحدك كلنا جنبك وكلنا اهلك وانتي خلاص بقيتي مني.
عيطي لم كل اللى جواكي من هموم يخرج ، الدموع دي بتغسلنا من جوانا وبتطهرنا من الحزن والهم وكل حاجه مضيقانا ، عيطي واشكي همك للذي لا يغفل ولا ينام عن عباده ، هو وحده العالم بحالك وقادر يخفف عنك ويبدل حزنك لفرح ، عيطي لم الدموع تخلص وجواكي يرتاح .
اقترب ايمن فى ذلك الوقت وهو يحمل بيده ابره مهدئه يريد حقنها ، ساعده فارس بمسك ذراع قدر وفى لحظه كان ايمن يعطيها الابره لتشعر قدر بوخذه خفيفه وكفت عن البكاء بداخل احضان تلك السيده الحنون
اراحت دلال جسد قدر برفق ولكن ظلت قدر متشبثه بها ، ربتت على كفها بحنان :
- هفضل جنبك مش هسيبك
اشارت دلال بيدها لكي يغادرون الغرفه ، انصاغ كلاهما لاوامر دلال وغادرو الغرفه .
ظلت متشبثه بكفيه دلال وعينيها تحدق بها ،انتاب دلال القلق ، عندما ظلت قدر على هيئتها تلك ، إذا كانت هدءت ثوره الدموع والانين لم يعد مسموع ولكن جحوظ عينيها والنظر للفراغ اقلقها ، ارادت ان تفتح فاها لتحكي لها ما تشعر به ولكن عجز لسانها عن النطق .
اما عن ايمن فنظر الى فارس بقلق : فارس ادخل شوف قدر نامت ولا لسه
بالفعل توجه فارس الى الغرفه برفق وسار على اطراف اصابعه ، شعرت به دلال ليهمس فارس بصوت هامس : نامت
- هزت دلال رأسها بالنفي ، غادر فارس الغرفه بهدوء كما دخلها .
ثم زفر بضيق واخبر ايمن بانها مازالت مستيقظه
تحدث ايمن بصدمه : مش معقول دي واخده مهدئ قوي ينيم فيل يا بني
همس فارس بقلق : طيب وبعدين ؟ ولسه الدكتور مابيردش ومش عارفين ليه جتلها الحاله دي ؟
زفر ايمن انفاسه بهدوء : بصراحه يا فارس حاله قدر دي نتيجه خوف ، عندها حاله هلع وذعر يخليها حتى خايفه تنام رغم المهدي قوي ، بس عقلها بيصدر لجسمها اوامر بانها تفضل صاحيه ما تنامش عشان لو نامت هتحس بخطر فعشان كده اشارت المخ مدي اوامر مافيش نوم تفضل صاحيه عشان لو الخطر هاجمها تقدر تدافع عن نفسها ، بس مش قادر افهم ايه سبب خوفها ده وماحدش يجواب على السؤال غير قدر نفسها .
فجاه استمعو لصراخها القوي وهتاف دلال العال تحاول تهدئتها ليسرع ثلاثتهم باقتحام الغرفه ومحاوله تثبيتها ، ضمها فارس بقوه ،وظلت تحاول ابعاده ولكن كان محكم بذراعيه عليها بقوه ، الى ان افرغ ايمن ابره اخري بذراعيها ليتهاوى جسدها بعد لحظات بين ذراعي فارس ، وضعها بالفراش ودثرها بالغطاء جيدا فقد كان جسدها ينتفض رغم استسلام عينيها
نظرت دلال الى ايمن وقاسم : استنو أنتو بره ، سيبو فارس عايزاه
غادر كل منهما الغرفه وداخلهم الشعور بالحزن على تلك الصغيره التى لا حول لها ولا قوه وعلى صديقهم وشقيقهم الذي يعاني من اجلها هو الاخر.
_____
امسكت بيده ،خلاص نامت الحمد لله
نظر لها بفارس بقلق : كلمتك ؟ قالتلك سبب حالتها ايه ؟
نظرت دلال له بحزن وهبطت دمعه خائنه ،مد فارس انامله ليمحي تلك الدمعه وهو ينظر لها برجاء : عشان خاطري قالتلك ايه ؟
تنهدت بحزن وربتت على كتفه بحنان : توعدني الاول تتصرف بهدوء
هز راسه بالايجاب وهمس بقلق : اوعدك
ابتلعت ريقها بتوتر وهمست بصوت منكسر : اللى ربنا ينتقم منه دنيا واخره الدكتور الزباله اللى وديتها عنده ، ده لا يمكن يكون دكتور ابدا
قاطعها بقلق : عملها ايه الزفت ده ؟
- كان عايز يقرب منها وقالها كلام غريب كده هعوضك عن حضن الاب واحتواء الزوج وكان عايز اكتر من كده
جحظت عيناه بصدمه وفتح فاه بعدم استيعاب : نعم ،، عاوز ايه ، قرب منها الحقير ده ، اتكلمي ارجوكي
- لا يابني هو حاول وهو ربنا قواها عليه وصدته وجريت سابت العياده ده كل اللى قالته
تحدث بعصبيه وصرخ بانفعال الى ان أستمع ايمن وقاسم لصراخه الحاد
- أنا اللى ودتها بنفسي للاشكال دي وكمان سبتها ، كانت خايفه تدخل لوحدها وأنا اتخليت عنها دلوقتي فهمت نظراتها وخوفها مني أنا كمان ، أنا هدفعه التمن غالي اوي ،وديني لاخلص عليه ويكون عبره
امسكته من ذراعه تحاول منعه من الخروج : يابني انت عودتي ، حل الموضوع بعقل بلاش جنون يا فارس ، بلاش تضيع نفسك يا بني
وقف ايمن وقاسم على اعتاب الباب ليستمعو لاخر كلمات نطق بها فارس
- قولتي انها بقت بنتك ترضي حد يعمل كده فى بنتك وتسكتي وماتجبيش حق الرعب اللى عشته والخوف اللى لسه حاسه بيه ، حق ان حد يغتصب منها حق مش حقه ، أنا هدفعه تمن النظر ليها غالي اوي ، اللى عمله مع مراتي مش هيعدي كده ، أكيد المجرم الحيوان اللى مراعاش ربنا فى مهنته ليه ضحايا كتير ساكتين ومابيتكلموش خوف ، أنا بقى هرجع حق كل ضحيه من ضحايا وهيدفع تمن قذارته حياته كلها
اندفع كالفهد وحاول كل منهما جذبه لكي يقف عن ما ينوي فعله من تهور وجنون ولكن لم يكترث لاي منهما ، الى ان وقفت دلال امام وجهه تتحدث والدموع تنساب بغزاره تغرق صفيحه وجهها : بلاش عشان المسكينه اللى نايمه جوه دي لا حول ليها ولا قوه ، عايز تخسرها ليه ، انت دلوقتي امانها الوحيد فى الدنيا عايز ليه تخسرك أنت كمان ، انت وكيل نيابه وحل الموضوع بعقل ، جبلها حقها وحق كل بنت الحيوان ده جنى عليها ، لكن مش بالتهور يا بني
صرخ بحزن : مش هقدر ده عرضي وشرفي أنا ، ارجوكي يا أمي ابعدي من قدامي ، لازم اجبلها حقها عشان اقدر ابص فى وشها تاني ، عشان ماتبصليش وعينيها كلها لوم وعتاب ان سبتها لوحدها وان أنا اللى ودتها بنفسي
ربت ايمن على ذراعه من الخلف وهمس بحرج : أنا السبب يا فارس ، أنا اللى قولتلك عليه لكن اقسملك بالله ماحدش يعرف حقيقته الوسخه دي والكل شايفه راجل وقور ورمز الأخلاق وده واضح ان بيختفي ورا قناع الاحترام والاخلاق الحميده ، أنا بجد آسف ، أنا من بكره الصبح هقدم فيه شكوه فى النقابه وهنبلغ وزاره الصحه هتاخد اجراءات ضده
- لم اشرب من دمه الاول
- بس انت عارف هتلاقيه فين دلوقتي ، أكيد خلص مواعيد العياده
- هعرف الاقيه فين ولو فى بطن الحوت هجيبه
نظر الى دلال برجاء : خلى بالك من قدر وماتسبهاش
هزت رأسها بالايجاب وغادر فارس الشقه ليلحق به قاسم فلم يقدر على تركه وحده ولحق بهم ايمن أيضا ، وقبل ان ينطلق فارس بسيارته وجد كل منهما يفتح باب السياره ويستقلوا داخلها .
نظر لهم بغضب : وده ايه بقي
همس كلاهما بصوت واحد : مش هنسيبك لوحدك ده حقنا كلنا
ربت قاسم على ارجل صديقه : لنعيش عيشه فل ، لنموت احنا الكل ، احنا وراك يا صديقي ..
______
استيقظت من نومها بقلق لتجد الظلام الدامس ، اشعلت هاتفها لتجد الساعه الثانيه بعد منتصف الليل ، نهضت من فراشها على ضوء اناره هاتفها لتغادر الغرفه متوجه الى غرفه والدتها ، طرقت الباب عده مرات ثم دلفت لداخل ولكن لم تجدها بالغرفه ، فقررت البحث عنها لتعلم ما سبب انقطاع التيار الكهربائي الان .
عندما هبطت الدرج وجدت اعلى مائده السفره عشاء وشموع مشتعله كادت ان تنتهي فهتفت مناديا لوالدتها
- مامي ... مامي..
سارت بخطوات مضطربه وهى تهتف باسم والدتها لتتعثرقدمها بشئ ماء اسفلها جعلها تصرخ بخوف وهوت بجسدها بذلك الشئ بعدما انفلت منهاهاتفها ظلت تتحسسه تبحث عن هاتفها لتجد يديها تلتخط بشئ لزج شعرت بملمسه ثم تحسستبالجسد الصلب الذي تعثرت به لتعلم بانها والدتها ، ظلت تهز بجسدها بعدم فهم وتناديباسمها الى ان وقعت يدها على هاتفها على الفور التقطته لتنير اضاءته وتصوبه اعلىجسد والدتها لتجحظ عيناها بصدمه وتنساب دموعها دون توقف ولا زالت تنادي بهستريهعلى والدتها ولكن لم تستجيب لها فقد كان جسدها ممدد دون حراك وبركه دماء محاطه بها، مشهد يدمي له القلب قبل العين ....
تكمله الروايه من هنا 👇👇👇
بداية الروايه من هنا 👇👇👇
تعليقات
إرسال تعليق