مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم
كانت قريش ترضع أبناءها عند نساء البادية ..حيث انهن أكثر حليباً و لكي يكبر الرضيع فيها بصحة جيدة ، حين أمر أن يُؤتى بالمرضعات للنبي ، قدمت العشرات منهن، ليختار عبدالمطلب واحدة لحفيده الميمون، فلم يقبل الوليد نبينا ﷺ أن يرضع من ثدي أية امرأة منهنّ، حتى لم تبق منهن سوى امرأة واحدة وهي السيدة الطاهرة حليمة السعدية فرضع نبينا منها..
فلمّا جاءت إلى عبد المطّلب بعد إرضاعه سألها عن اسمها، فقالت حليمة السعدية فتفاءل بذلك وقال: حلم وسعد، فأخذت نبينا إلى البادية وأرضعته وكبر رسولنا وهو يراها أمه وسنده ومعلمته ومن يتكأ عليها في كل اموره..
حليمة كانت تقول قدمنا منازل بني سعد ومعي يتيم عبد المطلب، ولا أعلم أرض أجدب من أرضنا، وكانت الأغنام تبقى جائعة لقلة الطعام، فلما سكن محمد عندنا في البادية فكنا نحلب منها ونشرب ويتدفق الخير علينا،وأصبح جميع من حولنا يتمنى ذلك اليتيم الذي يسر لنا الله ببركته الخير ودفع عنّا الفقر.
مكث الرسول عامين كاملين في بني سعد، إلى أن فطم، و استطاعت اقناع امه امنه بإبقاءه عندها حتى بلغ النبي الخامسة ..فعاد الى امه ..
غابت حليمه عن أنظار رسولنا وأخذت تتنقل في أرجاء الجزيرة العربيه طوال هذه السنين لكنها لم تنساه ابدًا ولم ينساها،
حتى جاء ذلك اليوم كان رسولنا يتحدث مع سيدتنا خديجة زوجته فجاءت خادمتها تقول لها: مولاتي إن السيدة حليمة بنت عبد الله بن الحارث السعدية تودُ الدخول عليك فهل تأذني لها؟
الرسولﷺ ما أن سمع بإسم حليمة حتى خفق قلبه الشريف حناناً وراحت الذكريات الحانية تطوف في مخيلته، تلك ذكريات طفولته الجميلة التي عاشها في بيداء بني سعد حيث ترعرع وإخوته في الرضاعة كانت لحظة مفعمة بالمشاعر الجياشه لحظة أحيت في لمح البصر أيام طفولته بين ذراعي حليمة وفي أحضانها..
وعلى الفور قامت أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها لِتُدخِل حليمة التي طالما حدثها النبي عنها حديثاً يقطر حباً وحنانا وعندما وقع بصره الشريف عليها وشاهدها تدخل من الباب أقبل عليها وهو يجري في لهفة منادياً "أمي أمي".. وأخذ يحتضنها وعينيه تفيض منها الدمع..
السيدة خديجة رضوان الله عليها نظرت الى رسولنا فوجدته وقد فرش لها رداءه لتجلس عليه" ثم أخذ يُسامِرُها وقد ترقرقت في وجهه الشريف سعادة غامرة، وتألق في عينيه فرح عارم وسرور، وكأنه يغمرُ في أحضانه أمه آمنة وقد بُعثَت من مرقدِهَا..
وخلال اللقاء الحَّار بين رسول الله وحليمة سألها عن أحوالها فراحت تشكو إليه قسوة الحياة ومرارة الفقر، في بادية بني سعد ففاضت عينيه الشريفتين بالدموع تأثُّراً لِحالتهَا، لكن خديجة رضي الله عنها عندما أدركت ذلك وعلمت ما ألم بحليمة وقومها، من شظف وضيِق فاض قلبها بالعطف والرحمة..
فأعطتها عن طيب خاطر 40 رأساً من الغنم ووهبتها بعير يحمل الماء والطعام وكل ما تحتاجه في طريق رجوعها الى باديتها، هكذا كانت خديجة دوماً مُتأهبة لتجود بمالها، إرضاء لله ورسوله، الرسول شكر للسيدة خديجة فعلها ثم إنطلق ليودع السيدة حليمة ويضع بين يديها ما جادت به خديجة..
وودعها ودعا لها،وبعد أن اصبحت الدعوة للاسلام علانيه جاءت حليمه معلنة اسلامها هي وزوجها وتوفيت على الاسلام عام 8 للهجرة وبكي حبيبنا ﷺ عندما بلغه خبر وفاتها، وكيف لا يبكي وهي أمه وسنده بعد الله في طفولته رضي الله عنها..
تعليقات
إرسال تعليق