القائمة الرئيسية

الصفحات

متى تخضعين لقلبي الفصل الاول والتاني



 متى تخضعين لقلبي

الفصل الاول والتاني


 هو يوم عطلتها....
استيقظت من أحلامها كعادة كل عطلة على صوت صياح آتيًا من خارج غرفتها، تنهدت بألم وهي تضغط على عينيها بقوة رافضة تقبل أمر استيقاظها أو التحرك من فراشها ألا بعد خروجه، ولكنها تعلم جيدًا أن أمنيتها تلك دون جدوى فهو مقيم في المنزل ما يقارب الأربع وعشرون ساعة، وبالرغم من انتظارها كل عطلة أسبوع بفارغ الصبر حتى يتسنى لجسدها الارتياح قليلًا ألا أنها تكرهها بسببه!!....
شعور غريب ينتابها وهي تستمع إلى كل ذلك الصياح والانتقاد والسخط الخارج من فمه عليهم جميعًا!، كانت كل صرخة تخرج منه مقتحمة أُذنها تشعر بأنها مرت أولًا على قلبها تاركة به ندبة دائمة لا تزول... تنهدت بألم مرة أخرى تتمنى لو أن لها منزل خاص، لو تستيقظ ذات يوم فتجد كل تلك التقاليد العقيمة قد اختفت فجأة فتستطيع التحرر من قبضته والاستقلال بعيدًا عنه، التقطت أذنها اسمها يُلفظ من قبل والدتها فعلمت أن كل سخطه الأن سيتحول إليها، تنهدت بألم للمرة الثالثة على التوالي تستعد لاستقبال ما لا يسرها كالعادة، بينما تحدثت والدتها برجاء تستجديه :
-ماشى يا عبد السلام.. بس وطى صوتك شوية ملهوش لازمة زعيقك ده.. خلينا نتكلم بالراحة.. وبعدين حياة نايمة جوة سيبها تنام شوية النهاردة أجازتها..

صاح بها بصوت يرج أركان المنزل من قوته :
-متقوليييش وطي صوتك أنا حر اعمل اللي أنا عايزه.. اللي عايز ينام هينام في الطبل.. الساعة كام والهانم اللي أنتِ خايفة منها لسة نايمة!..

تنهدت آمنة يائسة تعلم أنه لا سبيل للنقاش معه بهدوء :
-أنت عايز منها إيه.. النهاردة أجازتها من الشغل وده اليوم اللي بتنام فيه سيبها ترتاح شوية!..

عقد عبد السلام حاجبيه معًا وهو لايزال محافظًا على نبرته الساخطة بصراخ :
-ايوة ياختى دلعيها مانتي عينوكى المحامي بتاعها.. وبعدين محدش قالها تشتغل.. هو أنا كنت مستفاد إيه من شغلها ده.. مبتصرفش عليا منه ومش بتحوش يبقى تقعد احسن..

هزت آمنة رأسها بحزن قبل أن تجيبه ونبرة الضيق ظاهرة عليها :
-يا حول الله يارب.. أنت عايز منها إيه ماهى شايلة نفسها بنفسها ومبتطلبش منك حاجة وكل اللي عايزاه بتجيبه لنفسها ده غير دراستها مش مكلفاك حاجة وأي حاجة بتحتاجها بتجيبها على طول.. عايز إيه تاني ناقص تحاسبها على اللقمة اللى بتأكلها يا عبد السلام!!!..

اهتزت نبرته قليلًا ولكنه عاود الحديث بنفس السخط :
-أنا مش عاوز منها.. بس أنا خلاص الحمل تقل عليا.. أنا مش هفضل اصرف عليهم طول عمري.. وعشان يكون في علمك أنا مش هصرف على جوازة حد تاني.. اللى عايز يتجوز يحوش ويجوز نفسه كفاية عليا قاعدة لدلوقتي.. أنتِ أهلك رموكي عليا من وأنتِ عندك ١٨ سنة وبتك أهي عدت ال٢٥ ولسة قاعدالي!

متى تخضعين لقلبى - الفصل ٢

وقفت خارج أبواب المشفى تستنشق بعض الهواء النقي عل ذلك يُعدل من مزاجها ولو قليلًا، ثم استأذنت مريم في الذهاب إلى منزلها، بينما أصرت صديقتها على الذهاب معها ولكنها رفضت بشدة مصرة على السير بمفردها لتنقية أفكارها وإعادة ترتيبها...

تحركت نحو الشاطيء تجلس على إحدى المقاعد الخشبية الموضوعة هناك، ظلت فترة تنظر إلى مياه البحر وأمواجه المتلاطمة بصمت، أثر هذا المشهد علي نفسيتها بشكل كبير حتى فاضت جميع مكنونات قلبها ومشاعرها المكبوتة بداخلها...
كانت روحها هي التي بحاجة إلى الدموع لذلك تركتها تنساب بحرية، لم تكن تعلم لم كانت تبكي بكل تلك الحرقة، ربما لأنها غير مستعدة لرد فعل والدتها التي ما أن تعلم حقيقة ما حدث ستخبرها كم كانت محقة وكم نبهتها من طيشها وشدة عنادها معه!...
أو ربما لأن محمود كان يمثل لها الأمل بالهرب من ذلك السجن المسمي منزلها!، أو ربما لأنها هيأت نفسها للخروج من تحكم ذلك المسمى والدها الذي ربما لو اعتنى بحيوان أليف لكان اهتم لمشاعره أكثر من مشاعرها!!!...
أو لأنها خسرت معركتها أمام ذلك المتجبر واستطاع في النهاية تنفيذ ما يريده!..
فريد!!... ظل اسمه يتردد في ذهنها بقوة، فكرت بحسرة كم أن الحياة قاسية معها!، حتى الشخص الوحيد الذي اعتبرته صديقها المقرب سلبته منها الحياة ليتحول إلى إنسان دون قلب وتتحول مشاعرها معه ليصبح أكثر الناس بُغضًا لقلبها..

*********

بينما عاد هو إلى مكتبه والتقط هاتفه بغضب، عبث به قليلًا في عنف قبل أن يُخرج اسم شخصًا ما ويجري معه اتصالًا هاتفيًا :
-أنا قلت بما أنك مش بتسأل عليا اسأل أنا!..

ارتبك الرجل على الطرف الآخر خر من نبرته فتحدث مبررًا :
-فريد بيه.. صدقني مفيش حاجة مهمة تعرفها..

عقب على حديث الرجل بهدوء ساخر :
-لا يا راجل!.. أومال ترقية بكره دى إيه؟!.. وبعدين أنا هنا اللي يحدد إيه اللي مهم وإيه لاء..

تعلثم الرجل في نبرته قبل أن يجيبه بارتباك :
-هو حضرتك عرفت؟!..

اجابه فريد ساخرًا :
-لا قاعد نايم على وداني مستني لما أنت تقرر إيه مهم عشان أعرفه وإيه مش مهم..

تنحنح الرجل من الطرف الاخر محاولًا تنقية حنجرته ثم أجابه مبررًا :
-يا فريد بيه هي مجتهدة وموهوبة وتستحق الترقية.. وأنا قلت دي حاجة اكيد هتبسط حضرتك..

قاطعه فريد بحدة :
-أنا عينتها عندك بس عشان تكون تحت عيني.. وأنا اللي اقولك تعمل إيه معاها وأمتي وفين!.. وبعدين بكرة قبل الاجتماع تبلغها أنك استغنيت عن خدماتها..

تذمر الرجل معترضًا :
-بس يافريد بيه دي من أكفأ الموظفين عندي!!..

صاح به فريد ناهرًا :
-رؤوف!!!! متنسااش نفسك!!.. أنا اللي طلبت منك تعينها عندك وأظن إنك قبضت تمن ده وأكتر كمان.. ودلوقتي لما أقولك أرفدها تنفذ وأنت ساكت يا أما استثمار الشركة الفرنسية هيروح لحد تاني.. فاهمني؟!

تعليقات

التنقل السريع
    close