القائمة الرئيسية

الصفحات

الطريق الي النور ( الحلقة/ 40 ) قريش والعناد والجدل والتشكيك بأمر الإله !!

 


الطريق الي النور

( الحلقة/ 40 ) قريش والعناد والجدل والتشكيك بأمر الإله !! 

وتمر الأيام، وتتكرر ساعات التعرض والتعدى بالرسول صلى الله عليه وسلم، كلما مرَّ أمام الملأ إن لم يكن بالأيدي فباللسان والتطاول بالسباب، ويخشى أبو طالب على ابن أخيه أن يحدث له جراء ذلك حدثاً . ويزداد قلقه عليه، وهو حريص على إنامة الفتنة وتجنب المجابهة مع قريش، كما أنه ليس سهلاً عليه أن يرى محمداً يُؤذى من قريش ولا يدفع عنه، فقد أوصاه أبوه ـ عبد المطلب ـ به وصية خاصة، ولم يطل صبر أبى طالب كثيراً، عمد إلى دار الندوة، وجلس إلى كبراء قريش، وانتزع منهم اتفاقاً بعدم التعرض لمحمد قط، أما أصحابه فلا تشملهم الحماية . 

وارتضى أبو طالب بما توصل إليه من اتفاق يضمن له حماية ابن أخيه، بعدما أيقن أن محمداً مُصرٌ كل الإصرار على المُضي قدماً في هذا الأمر، وتجنبت قريش بهذا الاتفاق مواجهة مع بني هاشم، قد تُسفر عن صراع، تهلك فيه أطراف عدة . فارتأت فيه مخرجاً من ذلك، لكنهم ربطوه بشرط يحد من نشاط محمد  مستقبلاً . أن لا يحادث، ولا يجالس الغرباء عن مكة، أرادوا بذلك عزل دعوته عن العالم الخارجي، لخشيتهم من استشراء الدعوة في القبائل العربية المجاورة لمكة، وما قد ينجم عن ذلك من استنصارهم له، فتكون الطامة الكبرى، فهم على يقين من قوة منطقها، وعلو حجتها، والتزم الرسول صلى الله عليه وسلم بشرطهم، ونزل في ذلك لما ارتأى عمه أبو طالب .

فحُجب صلى الله عليه وسلم عن أغراب مكة الوافدين إليها، وإذا رأت عيون قريش غريباً يجالسه، كان مصير الغريب، الضرب والطرد، ونادى المنادون في حجيج مكة      ( عليكم ألا تجالسوا محمد بن عبد المطلب، ولا أحداً من أصحابه، إياكم والاقتراب منه ) وخشي الوافدون بعد سماعهم من الاقتراب منه . 

وتنحصر الدعوة داخل مكة في نطاق ضيق، ورغم ذلك يتسامع الناس بين الفينة والأخرى بدخول جدد في هذا الدين، وأمَّلت قريش في التضيق على محمد عله يدفعه لترك هذا الأمر، لكن إصراره عليه زادهم غضباً، فراحوا يكيدون له المكائد، بعدما كفت اتفاقية عدم التعرض أيديهم عنه، فدفعوا بورق التشويش والتشويه والمجادلة، لبلبلة عقول الناس، وإشاعة الشكوك في شأن الدين الجديد، فطلبوا محاورة النبي، لا للوصول إلى الحقيقة، وإنما لتصيد العثرات، ونزل محمد صلوات ربى وسلامه عليه لطلبهم، فهو لا يدع فرصة للحوار ويتركها، مهما كانت نوايا محاوريه، فقد أُمر بالتبليغ، ومحاورة المشركين آملاً في هداية بعضهم . فقالوا : قد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق بلاداً، ولا أقل مالاً، ولا أشد عيشاً منا، فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به، فليُسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا، وليبسط لنا بلادنا، وليجر فيها أنهاراً كأنهار الشام والعراق . وليبعث لنا من مضى من آبائنا، وليكن فيما يبعث لنا منهم ـ قصي بن كلاب ـ فإنه كان شيخاً صدوقاً فنسألهم عما تقول . أحق هو، أم باطل ؟ . فإن فعلت ما سألناك وإن صدقوك صدقناك، وعرفنا به منزلتك عند الله، وأنه بعثك رسولاً كما تقول . 

قال لهم النبي : ما بهذا بُعثت، إنما جئتكم من عند الله بما بعثني به، فقد بلَّغتكم ما أُرسلت به إليكم، فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوا عليِّ أصبر لأمر الله حتى يحكم بيني وبينكم .. وكأنهم لم يسمعوا أو يعوا ما قال، عاودوا طرح ما في الأذهان من خبال قالوا : فإن لم تفعل لنا هذا فخذ لنفسك، فسل ربك أن يغنيك عما نراك تبتغي، فإنك تقوم في الأسواق، وتلتمس المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف فضل منزلتك من ربك . إن كنت رسولاً كما تزعم !!

قال النبي : ما أنا بفاعل، ما أنا بالذي يسأل ربه هذا . إنما جئتكم بشيراً ونذيراً . قالوا : نذيراً !! . فإن كان إعراضنا عنك يجلب لنا العذاب الذي تنذرنا به، فعجِّل لنا بذلك العذاب حتى نراه . 

أحس الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم يجادلونه، وليس هناك طائل من وراء استئناف الحديث، فقام عنهم، وتركهم وانصرف، وبينما هو سائر أتى خلفه عبد الله بن أبى أمية بن المغيرة . يتبع خطاه، حتى إذا أدركه أمسك بيده وقال له : يا محمد، عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله، ثم سألوك لأنفسهم أموراً ليعرفوا بها منزلتك من الله فلم تفعل، ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من العذاب، فوالله لا أومن لك أبداً حتى تتخذ إلى السماء سلماً، ثم ترقى منه وأنا أنظر حتى تأتيها وتأتي معك بنسخة منشورة، ومعك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول، وحتى لو فعلت فلن أصدقك . ونظر إليه الرسول متعجباً !! . ألهذا الحد من العناد أوصلتكم عقولكم ؟ . وانصرف إلى داره حزيناً آسفاً ما فاته . فقد تمنى أن يهدي الله بعضهم حينما أرادوا الحوار سبيلاً إليه، لكنه لم يكن حواراً، كان جدلاً واستهزاءاً برسالته، فما أبعد هؤلاء عن الحق، ولا يغيب وحي السماء عما يدور في مكة، مكة التي تكبرت وتجاسرت على الله. يأتيه جبريل ليخيره بين أمرين قال : إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن شئت أصبح الصفا لهم ذهباً . فمن كفر منهم بعد ذلك أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين، وإن شئت فتحت لهم باب الرحمة والتوبة . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " بل التوبة والرحمة " . 

وتتنزل الآيات ( وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا ) وقوله تعالى ( وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً ) وبعد أن نزلت الآيات التي ترد على مطالبهم، وبعد أن وصل لمسامع قريش ما كان يتلوه محمد من هذه الآيات، التي حكت أخبار الأولين، وكيف أنها شبهتهم في عنادهم بما حل عليهم غضب الله وأنزل بهم عذابه .. احتاروا في أمره، فهم عاجزون أمامه، ولا يستطيعون مقارعته الحجة، وليس عندهم من الأدلة ما يسقونه للناس على كذب محمد كما يزعمون، فبعثت قريش (النضر بن الحارث)، (وعقبة بن أبى معيط) – إلى أحبار يهود بالمدينة – فقالوا لهما : سلاهم عن محمد، وصفا لهم صفته، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم علم ليس عندنا من علم الأنبياء . 

وانطلقا الرجلان – النضر بن الحارث وعقبة بن أبى معيط – حتى وصلا المدينة وجلسا إلى أحبار يهود وقالا : إنكم أهل التوراة، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا . وبعد أن استرسلا في قص أحواله وما بدا منه قال الأحبار : سلوه ثلاث نأمركم بهن فإن أخبركما بهن فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل فهو رجل متقول . فروا فيه رأيكم، سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم. فإنه قد كان لهم حديث عجب، وسلوه عن رجل طوّاف ويبلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه، وسلوه عن الروح ما هي ؟ . وإن أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي، وإن لم يفعل فهو رجل متقول، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم . 

ويعود الرجلان إلى مكة ومعهما ما يستبين به الحق من الباطل، وفي دار الندوة تجتمع قريش وتسمع لسفيريها . قالا : يا معشر قريش، قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد . قد أخبرنا أحبار يهود أن نسأله عن أشياء أمرونا بها، فإن أخبركم عنها فهو نبي، وإن لم يفعل فالرجل متقول . فروا فيه رأيا .

ويذهب وفد من قريش على رأسهم النضر بن الحارث، وعقبة بن أبى معيط إلى الرسول وهو جالس في صحن المسجد، يسألونه فصل القول في الأسئلة الثلاث . الفتية الذين ذهبوا في الدهر الأول . وعن الرجل الطوَّاف الذي بلغ مشارق الأرض ومغاربها . وعن الروح ؟ . 

قال الرسول : أجيبكم بما سألتم غداً . فانصرفوا عن الرسول، ومكث الرسول صلى الله عليه وسلم ينتظر الوحي أن يأتيه، حتى إذا جاء الغد وكان القوم في انتظاره خرج إليهم الرسول وقال لهم : لندع الأمر في الغد . ويعود الرسول إلى داره حزيناً حرجاً ينتظر نزول جبريل، وبدت الشماتة على وجوه المتربصين به .  ويأتي الغد ويرجئ الرسول موعده إلى غد آخر، وظل الرسول صلوات ربى وسلامه عليه ينتظر الوحي على أحر من الجمر، خمسة عشر يوماً كادت فيها مكة تشك في دعوته، فبدا أمامهم وكأنه يتهرب من السؤال . وقال الناس : وعدنا محمد غداً ليجيب على ما سألناه، ومر خمس عشرة ليلة ولم يخبرنا بشيء مما سألناه . 

وازداد قلق الرسول صلى الله عليه وسلم، وبات مكروباً مهموماً ينتظر الوحي ليرد على القوم، وقريش أوشكت على التشهير به، وصار الأمر بالنبي في غاية الخطورة، فقد أصبح الآن في محك صعب، وأمهلته قريش، وتمنت أن يطول عجزه عن الإجابة حتى تعلنها صريحة على الملأ، أنه يتقول ويزعم أنه نبي، وهو ليس كذلك . 

وفي ليلة مباركة ينزل جبريل ومعه القرآن الكريم، الذي حوت آياته على كل ما سألوه، وفصَّلت الأمر بجلاء لا لبس فيه، وحملت عتاباً للنبي على حزنه وقلقه . وفي الصباح يبرز إليهم النبي صلى الله عليه وسلم، ويتلو عليهم قول الفصل ليكون الجواب شافياً . 

بسم الله الرحمن الرحيم ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ) : يعني محمداً  إنك رسول مني تحقيقاً لما سألوه عنه عن نبوتك . ( وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا * قَيِّمًا ) : أي معتدلاً، لا اختلاف فيه . ( لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ ) : أي عذاباً أليماً في الآخرة من عند ربك الذي بعثك رسولاً . ( وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ) : أي دار الخلد لا يموتون فيها الذين صدقوك به مما كذبك به غيرهم، وعملوا بما أمرتهم من الأعمال . ( وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ) يعني قريش في قولهم، إنا نعبد الملائكة وهي بنات الله . ( مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ) الذين أعظموا فراقهم وعيب دينهم . ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ) أي قولهم : إن الملائكة بنات الله . ( إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا * فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ ) يا محمد . ( آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ) : أي لا تحزن عليهم حين فاته ما كان يرجو منهم . 

ثم استقبل التنزيل قصة الخبر الذي هم سألوه عنه . شأن الفتية الذين ذهبوا في الدهر الأول ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ) أي قد كان من آياتي فيما وضعت على العباد من حججي ما هو أعجب من ذلك .  

ويتلو النبي صلى الله عليه وسلم على مسامعهم آيات الذكر، وفيها السياق المبدع الذي يروي قصة الفتية ( إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ) ثم قال تعالى ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ) أي بصدق الخبر عنهم ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ) أي لم يشركوا بي كما أشركتم بي ما ليس لكم به علم . 

{هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} أي بحجة بالغة لم يأتوا . {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا * وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا * وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ}، {ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} أي الحجة على من عرف ذلك من أمورهم من أهل الكتاب . أحبار يهود بمن  أشاروا على عقبة بن أبى معيط والنضر بن الحارث أن يسألا ويتحرا عنك في صدق نبوتك بتحقيق الخبر عنهم . { مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا * وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} . 

{لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} واستمرت الآيات تروي خبرهم حتى قوله {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ} أي لا تقولن لشيء سألوك عنه كما قلت في هذا : إني مخبركم غداً ودع هذا الأمر لمشيئة الله {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} أي قل عسى أن يهدين ربي لخير مما سألتموني عنه رشدا، فإنك لا تدري ما أنا صانع في ذلك . 

ويأتي قول الله تعالى فيما سألوا عن أمر الرجل الطواف في تلك الآيات {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا } حتى انتهى إلى آخر قصة – ذي القرنين – الذي أوتى ما لم يؤت أحد غيره فمُدت له الأسباب، حتى انتهى من البلاد إلى مشارق الأرض ومغاربها، إلى ما ليس وراءه شيء من الخلق . وقال تعالى فيما سألوه عن الروح {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}. 

صلوات ربى وسلامه على سيد الخلق والمرسلين .. وإلى الحلقة القادمة من كتابنا الطريق إلى النور .

ملحوظة:

هذا الكتاب الذي بين أيدينا والمكون من جزئين، نقدمه للأمة فى عصرنا الحالى، ولأجيال قادمة، والمُسمى ( الطريق إلى النور فى سيرة الرسول .. صلوات ربى وسلامه عليه ) قد تم طبعه فى عام 2007 والناشر له "مؤسسة حورس للنشر والتوزيع"، وقد نفذت نسخه من دور العرض، لذا جاري الآن إعداد طبعة جديدة بإضافات لم تكن موجودة في الطبعة السابقة ..  هذا الكتاب هو ما نعرضه لحضراتكم في حلقات هنا علي صفحتنا للمرة الثالثة، وعلي الله قصد السبيل.

محمد مصطفى

تعليقات

التنقل السريع
    close