الحلقة ( 14/15 ) الصراع بين أبرهة وأرياط علي حكم اليمن
من كتاب الطريق الي النور
للكاتب الكبير ا/ محمد مصطفي
بعد أن استقر الأمر فى اليمن للأحباش، خضعت اليمن كلها لسلطان الرجلين ( أرياط ، وأبرهة ) قائدا حملة الانتقام لضحايا الأخدود ـ نصارى اليمن ـ الذين نكل بهم ذو نواس قائد اليهود بها .. كان أرياط قائدا مهيب المنظر، شديد الشكيمة، قوى العزيمة، فارع الطول، على وجهه أمارات الهمة، وفى هيئته علامات الحدة، ونظرات الجد تشع من عينيه، فى خطواته وثب الفرسان، وفى حديثه حسم القواد، إذا أطل على الجند ثبتت الأقدام، وإذ همَّ بالتحدث أصغت الآذان، وكان يُمسك بزمام الجيش فى قبضة واحدة، حوَّل البلاد من حكم القبيلة والعشيرة إلى حكم الدولة المركزية، وكان ـ أبرهة مساعده ـ رجلا بدينا قصير القامة، عالما بالنصرانية، حتى إنهم كانوا يطلقون عليه ( القس العسكرى) غير حسن المنظر، لا يحبه الكثيرون من حوله، لدسه الفتن فى الصفوف، وتحريك المؤامرات بين الناس، وكان مولعاً بنصب الحيل والشراك وتصيد عثرات الناس، والتقاط الفرص من هنا وهناك .
فإذا كان أرياط بارعاً فى فنون القتال فى الميدان، فإن أبرهة كان حاذقاً فى فن إدارة المدن وتعميرها، وكان على قدر كبير فى تصريف الأمور المدنية، بشكل جعله يتحكم فى تسيير حياة العباد، وإدارة شؤونهم .
ظل الرجلان يبذلان قصارى جهدهما لصالح الجيش، وانطلقت التقارير إلى النجاشى فى الحبشة بثبات الأمور فى اليمن، واستقرارها على الحالة التى كان يتمناها .. ومرت الأيام ، واستمر الرجلان فى تعاونهما، كلاهما يسعى فى ميدانه بكل ما أُتى من جهد، وبعد أن كان أبرهة فى بداية الحملة معاوناً لأرياط، صار الآن يضاهيه فى المرتبة، وأصبح كلاهما على عاتقه مهام يلزم الأمر لإقامتها قراراً مركزياً لا يرجع فيه أحدهم إلى الثانى .
وتطورت الأمور فى اليمن، وأدى تعاقب الأحداث إلى انفصال الرجلين، لتباين الآراء، وبروز الخصوصية الذاتية لكل منهما، وبعد أن كانت كلمه الأحباش فى يد رجل واحد ( أرياط ) صارت فى يد رجلين، وتعاظم الخلاف بينهما، وصار لكل واحد منهما ميليشيا خاصة به تحميه، وبدأ الانشطار فى جيش الأحباش، وبدأت سيرة الرجلين تلوكها الألسن، بعدما رأى الناس التناقضات فى سلوكهما . ( فأرياط ) استغل منصبه كقائد للجيش، وأثقل كاهل اليمنيين أصحاب البلاد بالضرائب، وسنَّ لها القوانين، وأفرد لها التفريعات، فابتدع ضريبة الحدود، تحت دعوى أنها تنفق على جنود الحدود لحماية اليمن من هجمات الأغراب، ولكنها تدخل فى خزانة أرياط، حتى السفن التى حملت الجنود فى حملتهم، خوَّل أرياط لنفسه صلاحية تأجيرها للتجار ويدخل عائد الربح خزانته، أخذ الأراضى من أصحابها وضمها إلى ممتلكاته، ثم شرع فى بيعها تحت ذريعة خدمة الحكم والاستقرار، فبعد أن كان أرياط قائداً مغواراً شجاعاً، جاء لإنجاز مهمة سامية، انتكس الرجل وركن إلى نهب الدور والضياع والأموال، والتجبر والسطو على أى شيء تطاله اليد ـ وهكذا تفعل الجيوش إذا انحط بها الدرك، من مهام نصرة المظلوم إلى البغى والعدوان ـ
وفى الناحية الأخرى لم يكن ( أبرهة ) أفضل حالاً منه، بل كان الأسوأ، غير أن أبرهة كان رجلاً ماكراً يخفى أموره، ولا يفصح عن تدبيره وتخطيطه، وأمكنه من خلال حنكته ومكره الوقوع على صيد ثمين، فكان يعمد إلى بناء الكنائس والأديرة، ويتخذها ذريعة لجمع التبرعات من المؤمنين فى أنحاء المعمورة، واستطاع الرجل بدهائه المعهود أن يعبث بعقل الامبراطور البيزنطى ( يوشكا فونيس ) حين همَّ ببناء بعض الكنائس على الطراز البيزنطى، على غير ما تصنع الحبشة والإسكندرية فى بنائها للكنائس، وكأنه يريد إيصال رسالة مفادها ـ أننى داعية لمذهبكم الدينى فى اليمن ، وأنا على ما تعتقدون ـ وأجزل الامبراطور ( يوشكا فونيس ) له العطاء، وأخذ أبرهة أموال التبرعات من بطارقة قسطنطين والإسكندرية والحبشة، بعد أن ألقى فى روعهم أنه قائم على نصرة عقيدتهم بجيشه فى اليمن، وتحولت تلك الأموال والعطايا والهدايا إلى خزانته الضخمة، التى علم بأمرها أرياط، وبدأ الرجلان يتنافسان على التهام اليمن ..
ومن داخل بيت أبرهة، تأتى الضربة الموجعة، زوجته ( شيارة ) كانت على علاقة مريبة ( بأرياط ) تهامس البعض عنها، ووصلت بعض الإشارات إلى أبرهة، الذى دفعها بعدم التصديق، وصرفها عن نفسه دونما تحقيق فى مدى صحتها، ولما ازادت حمى التنافس بين الرجلين، وانقلب إلى صراع أراد فيه كلاهما الدخول على نصيب الآخر، بدأت الشكوك تفور فى رأس أبرهة، فقد زاد تهامس الناس فى تلك العلاقة السرية التى بين ( شيارة وأرياط ) وتحول التهامس إلى حديث يُتداول بين الناس، وسرعان ما وصلت الأخبار إلى أبرهة، الذى أضمر ذلك بداخله، فهو فى شغل عن هذا الذى يحدث بين زوجته شيارة وأرياط فيما هو أعظم، فأجل البت فيه إلى مرحلة مقبلة، فالرجل يعبد المادة، ولا يعبأ كثيراً بالمبادئ والقيم، وكانت تلك دواعيه النفسية السيئة، فهو يؤثر السلطان على ما سواه، وإن كان على حساب السمعة، والشرف، والكرامة، وشيارة درست شخصيته جيداً وعرفته عبداً للمال، ولا يدين إلا للسلطان، وأمسكت نقاط ضعفه بيدها حتى تساومه إذا عنَّ له المفاتحة فيما يقوله الناس، عن علاقتها بأرياط خصمه اللدود، وأعدت شيارة الرادع المناسب لإسكات أبرهة عند اللزوم، فهى تلميذته فى الدهاء، لكنها كانت مولعة بشخصية أرياط، مبهورة بهيئته ورجولته المتدفقه عن زوجها أبرهة، وتتمنى فى نفسها أن ينتهى أمر أبرهة لتكون شريكته كما تهوى.
وبدأ الصراع بين القطبين من بعيد، وانطلقت الحملات الدعائية لاستقطاب المعاونين فى الجانبين، فأبرهة يتهم أرياط بأبشع التهم التى تصل لحد خيانة المسؤولية، وتسخير موارد الحملة لصالحه، وأرياط يتهم أبرهة بالتعدى على سلطان النجاشى والاتصال بالامبراطور البيزنطى دون إخطار النجاشى، وتحفز كلاهما بالآخر، حتى إذا كان ذات مساء، تسللت شيارة إلى قصر ـ أرياط ـ دون علم زوجها لتكون فى جبهة أرياط ضد زوجها أبرهة، ودخلت عليه وقالت : جئتك فى أمر هام، وددت أن أطلعك عليه، لأننى كما تعلم أريدك أن تقضى على زوجى، ويخلص لنا ملك اليمن دونه .
قال أرياط : وأنت ياشيارة قد علمت عنى حبى لك، وإنى أكن لك كل تقدير، لمعاونتك لى دائماً على هذا الرجل الذى جعله القدر زوجا لك، ومنافساً لى، فإننى لم أنعم بالراحة منذ أن عينه الملك النجاشى مساعداً لى، لما أعرفه عنه من إثارة الفتن، ونقل الأخبار بصورة مقلوبة مشوهة للنجاشى، وترددت كثيراً فى إرسال كتاب إلى النجاش لإعادته للحبشة، وتعرفين ياشيارة السبب، أبرهة ذو حيل كثيرة، ويمسك علىَّ بعض الأوراق التى لو علم بها النجاشى لاقتص منى، وعاقبنى عقاب العصاة .
قالت شيارة : أعرف تماما أمركما، وكلاكما يُمسك على الآخر فعله، ولكن ما أدهشنى أن أموال أبرهة وكنوزه صارت لا تُحصى ولا تُعد، ويسأل أرياط شيارة : ولكن ما هو هذا الأمر الذى جاء بك إلى هنا رغم ما فى ذلك من مخاطرة لك ؟ .. قالت شيارة : يا أرياط ليس أمامنا إلا أن ننهى هذا الصراع بالطريقة الودية، وأقترح أن تعرض على أبرهة تقسيم اليمن إلى شطرين دون علم النجاشى – قال أرياط : وهل سيوافق أبرهة على ذلك ؟ لو وافق يا شيارة، أريد من اليمن الشطر الجنوبى الذى به ما أعرفه ويجهله أبرهة .
قالت شيارة : وما ذاك الذى تعرفه ؟ قال أرياط : أرض الجنوب كلها كنوز من الذهب والفضة، وقد أطلعنى بعض المستشارين لي من أهل اليمن على أماكنها، آه .. لو وافق أبرهة بالتقسيم ، والله إنها لمخرج لنا ياشيارة، فامهلينى للغد حتى أقابله رغم ثقل هذا على قلبى، وأطلعه على هذا العرض .. صلوات ربى وسلامه على سيد الخلق والمرسلين .. وإلى الحلقة القادمة من كتابنا الطريق إلى النور .
ملحوظة:
هذا الكتاب الذي بين أيدينا والمكون من جزئين، نقدمه للأمة فى عصرنا الحالى، ولأجيال قادمة، والمُسمى ( الطريق إلى النور فى سيرة الرسول .. صلوات ربى وسلامه عليه ) قد تم طبعه فى عام 2007 والناشر له "مؤسسة حورس للنشر والتوزيع"، وقد نفذت نسخه من دور العرض، لذا جاري الآن إعداد طبعة جديدة بإضافات لم تكن موجودة في الطبعة السابقة .. هذا الكتاب هو ما نعرضه لحضراتكم في حلقات هنا علي صفحتنا للمرة الثالثة، وعلي الله قصد السبيل.
# ***تكملة الحلقة ( 14 ) أبرهة يستبد بحكم اليمن !!***
> ***من كتاب الطريق الي النور للكاتب الكبير ا/ محمد مصطفي***
وفى الغد أرسل أرياط لأبرهة، ودعاه للقاء هام عظيم الأهمية لما بينهما، وحضر أبرهة اللقاء، وأنصت لعرض أرياط، وأحس أبرهة منه أن شيارة تقف وراء هذا التدبير، ويرفض أبرهة، فهو يرى فى اختيار أرياط للشطر الجنوبى إجحافاً له، ويخيب ظن أرياط، الذى توهم أن أبرهة لا يعلم شيئاً عما فى أرض الجنوب من كنوز، فلا تخفى على أبرهة خافية فى أرض اليمن، فقد نثر عيونه فى أرجائها، وأتوا له بأخبار القاصى والدانى فيها .. وغادر أبرهة قصر أرياط دونما حل ،وراح يعد للأمر عدته، وزادت الهوة بينهما واتسعت، واستنفر كل رجل رجاله استعداداً للحرب المرتقبة التى صارت قاب قوسين أو أدنى بين الأحباش وكلما مر يوم تفاقمت الأحداث، ويهتدى أبرهة بعد مكوث فكر إلى حيلة لا قبل لأرياط بها .
ذهب إلى معسكره ذات صباح، دون أن يصحبه أحد من حرسه ومساعديه، فإذا كان أمام خيمته التى نصبها أرياط فى مقدمة جيشه تحسبا للقتال، تعجب أرياط لجسارة خطواته فى تلك اللحظات التى استعد فيها الطرفان للنزال بعدما أوصدت كل الأبواب أمام الحل الودى ، قال أرياط : من ؟؟ أبرهة منفرداً أمام خيمتى ، ما وراءك ؟ حيلة أخرى جئت تحكيها ؟
قال أبرهة : دعك مما فى رأسك يا أرياط، وتذكر حلو أيامنا، وما كان فيها من ود وتعاون – قال أرياط : عجباً أبرهة الذى يتحدث بهذا الحديث .. !! ما عهدناك وفيا، هات ما عندك دون محاورة . قال أبرهة : أنت تعلم ما نحن صائرين إليه من اقتتال، بين رجالى ورجالك، وكلانا لا يقبل بوجود الآخر، ولا النزول له عن شيء، فإذا نشبت الحرب سيكون الأحباش هم ضحاياها، فعندى رأى لا أظنك ترفضه يا أرياط، يحسم ما بيننا . قال أرياط : وما ذاك ؟ أخشى أن تكون مكيدة أحكمت صنعها كى تنال مأربك – قال أبرهة : لا يا أرياط، لا تظن بى ما ليس فى نيتى، ولكنى سائلك، ماذ يفعل قومنا فى بلادنا الحبشة إذا نشب النزاع بين قبيلتين، ولم يكن بداً من القتال ؟
قال أرياط وقد تملكه الضحك المتصل : آه تقصد المبارزة إذن يا أبرهة بينى وبينك . قال أبرهة : نعم فلِمَ لا نتبارز أنا وأنت دون أن نقحم الأحباش فى قتال يلحق العار بالأحباش، ويمزق البلاد إرباً ، أينا قتل الآخر له اليمن كلها ..
قال أرياط فى سخرية : نتبارز أنا وأنت، إنه والله لنعم الرأى ما أشرت، رغم إشفاقى عليك، أراك نسيت يا أبرهة فروسيتى التى أشاد بها الأحباش، قال أبرهة : لم أنس، ولكنى أردت التأكد من ذلك، ودع اللقاء فى الميدان يقول هذا – قال أرياط فى سخرية : حسناً أنت وما تريد، فلنجعل المبارزة بينى وبينك تحسم هذا الخلاف ، ولكن والله أشك أن وراء مسعاك – هذا شئ تدبره كما تعودناك، ولسوف أحتاط لأمرك يا أبرهة ولن أكون أبداً صيداً سهلاً، وما أظنك إلا تمكر غير مفصح، ولندع هذا لساعة الحسم ..
غادر أبرهة معسكر أرياط، وكعادته فى نصب الكمائن والخدع، استدعى عبداً من عبيده المخلصين له يُدعى ( عتودة ) ووعده بمكافأة عظيمة وعتقه إذا فعل ما يريده منه، قال أبرهة له : يا عتودة إذا التقيت بأرياط عند ساحة المبارزة، سوف أتقهقر ناحية المرتفع الجبلى الذى فى نهايتها لأقود أرياط نحو الصخرة التى فى نهاية المرتفع، حتى إذا حال الجبل دون رؤية المشاهدين لنا أثناء الاقتتال، سأوهمه بأنى لست قادراً عليه حين يرانى أتقهقر، عندها تخرج أنت من مكمنك خلف الصخرة حين تراه ينزل من فرسه ليلاحقنى وأنا على الأرض وتضربه بالرمح المسموم فى قدمه ثم تعود لمخبئك مرة أخرى، ساعتها لن يلبث أرياط السير إلا خطوات معدودة ويخر صريعا على الأرض إثر السم ثم أنقض عليه واذبحه .
وعى العبد عتودة الدور المنوط به، ولما جاء موعد اللقاء ، كمن ( عتودة ) خلف الصخرة وتوجه أرياط وأبرهة إلى الساحة أمام حشود المجتمعين من القادة والجنود وعامة الأحباش، وأخذ الرجلان مكانهما، ولما دقت طبول البدء، انطلقا الفارسان تجاه قلب الساحة، واشتبكا، وانطلقت ضربات السيوف، ولمع بريقهما، وغطى الغبار الرجلين، ووسط الضربات المدوية بدأت فصول المؤامراة .
أبرهة يتراجع ناحية الجبل، وصار أمام الصخرة التى يختبئ (عتودة العبد) خلفها برمحه المسموم، وحدث ما لم يتوقعه أبرهة ! هوت ضربة سيف جانبية صوب وجهه مست شفتيه فأحدثت بها جرحاً وشرمتها، وهنا سقط أبرهة من فرسه، وراح يزحف بيده وقدميه ليدنو من الصخرة، وما أن هم أرياط بالنزول من الفرس لينقض على أبرهة، حتى كان الرمح المسموم قد أصابه فى قدمه اليسرى على حين غرة، وعلى فوره نهض أبرهة المُلقى على الأرض ليبتعد عن أرياط القادم نحوه فى ترنح من أثر السم، وإن هى إلا خطوات معدودة وكان السم قد سرى فى جسد أرياط، فسقط على الأرض، ونهض أبرهة بصعوبة بالغة، وأمسك بسيفه وأخذ يكيل الطعنات لأرياط الذى كان موته قد تم بفعل السم .
نُقل الرجلان إلى قصرهما، أرياط جثة هامدة لا حراك فيها، وأبرهة أصابة بالغة فى وجهه، دخلت (شيارة) على زوجها أبرهة وهو مُلقى على الفراش جريحاً، قالت له : قتلته بحيلة بعد أن كاد يصرعك يا أبرهة . قال أبرهة : ويحك إنها المبارزة العادلة ، وحُسمت لى، ومن قال لك أنها حيلة ؟
قالت : لقد علمت من العبد ( عتودة ) بكل شيء، وفزع أبرهة وثار وقال وهو فى هياجه : والله لأقتلن العبد الزنيم . قالت شيارة : لقد اعتقته وأبلغته مأمنه، فلن تصل يدك إليه – قال أبرهة : أنا أعلم أنك حزينة عليه، الآن تأكد لى ما كنت أشك فيه، ودورك قد أتى أيتها الزوجة الخائنة – قالت : أى دور يا أبرهة، إنك لا تستطيع أن تفعل شيئا، نعم كنت أحبه ولكن انتهى الأمر الآن – وفى غضب وحدة صوت يقول أبرهة : وتعلنينها أمامى يا خائنة فو الله لأرجمنك على رؤوس الأشهاد لأتخلص من بقايا أرياط – قالت فى استهزاء : بحيلة كما فعلت بأرياط !! تذكر يا أبرهة أنك لا تستطيع فعل ذلك، لأن النجاشى لم يعلم بقتل أرياط حتى الآن، وإذا أقدمت على الخلاص منى ستفضح نفسك عنده، وستشيع الناس أمر علاقتى به، ولن يكون لك مصير سوى القتل – قال أبرهة بصوت عال : أخرجى أيتها الخائنة، أغربى عن وجهي .. صلوات ربى وسلامه على سيد الخلق والمرسلين .. وإلى الحلقة القادمة من كتابنا الطريق إلى النور .
هذا الكتاب الذي بين أيدينا والمكون من جزئين، نقدمه للأمة فى عصرنا الحالى، ولأجيال قادمة، والمُسمى ( الطريق إلى النور فى سيرة الرسول .. صلوات ربى وسلامه عليه ) قد تم طبعه فى عام 2007 والناشر له "مؤسسة حورس للنشر والتوزيع"، وقد نفذت نسخه من دور العرض، لذا جاري الآن إعداد طبعة جديدة بإضافات لم تكن موجودة في الطبعة السابقة .. هذا الكتاب هو ما نعرضه لحضراتكم في حلقات هنا علي صفحتنا للمرة الثالثة، وعلي الله قصد السبيل.
محمد مصطفى
( الحلقة/ 15) أبرهة الحبشى يحشد لهدم الكعبة !!
من كتاب الطريق الي النور للكاتب الكبير ا/ محمد مصطفي
وصلت الأخبار إلى النجاش عن طريق مبعوث أوفده أبرهة إليه ومعه كتاب التبرير، فيه تبرير فعلته ـ قتل أرياط ـ ضمَّنه اعتذارًا، عله يصرف غضب النجاشى، إلا أن النجاشى لم يقبل هذا الاعتذار وغضب غضبًا شديدًا، وقال لموفد أبرهة : قتل أرياط، كيف يحدث هذا وأنا على عرش الحبشة ؟ قال رسول أبرهة : ما أقدم القائد أبرهة على ذلك إلا بعد أن سار أرياط سيرة خبيثة فى الناس، ثم أنها قتلة فى مبارزة عادلة تجنباً لإراقة دماء الأحباش، وكانت على مشهد الجميع من قادة الجيش – قال النجاشى : وكيف أوصلتم الأمور إلى هذا الحد ؟ ولِمَ لم يخطرني أبرهة بما كان يحدث قبل هذا ؟ لا .. لا .. لا أقبل هذا، لن تمر فعلة أبرهة دون عقاب، والله لنؤدبن هذا الأحمق أدباً تتسامعه الدنيا، فو الله لأطأن أرض اليمن، ولأسفكن دم أبرهة بنفسى، ولن أنعم بنوم حتى أكون على رأس جيش كبير إلى اليمن .
ويعود مبعوث أبرهة إلى اليمن، ومعه من الأنباء السيئة القدر الوافى لترويع سيده، وينصت أبرهة لسماع ما قاله النجاشى، وما أقسم عليه، ويستبد به الحزن والهم بعدما علم بقدوم النجاشى وعزمه على القصاص منه .. وتدخل شيارة على زوجها أبرهة وهو فى حالته تلك، ويغرب أبرهة وجهه المصفر اللون المكروب عنها وهو يقول : أما سمعتى ما جاءنا من الحبشة من أخبار ؟ قالت شيارة فى لهجة تشفى وشماتة : نعم سمعت وعلمت، فقد سويت نهايتك بيدك يا أبرهة، ولا نجاة لك من غضب النجاشى – قال أبرهة : أتشمتين فىِّ ياشيارة ؟ ألهذا الحد تكرهيننى، حقاً، ليس بغريب أن تكون تلك هى مشاعرك ، فامرأة مثلك تخون زوجها، لا يُرجى من ورائها خير .
قالت : لا يا أبرهة، ليست بشماتة ولا تمنى نهايتك، فمصيرنا واحد أين كان مستقر العواطف، هذا الذى حلَّ بك لو قُدِّر له أن يسير كما عزم النجاشى، لهى النهاية لى ولك – قال أبرهة : فماذا ترين إذن ؟ قالت : عندى ما يُخرجك مما أنت فيه – والتفت إليها أبرهة، وزالت عبوسة وجهه وتمعضها بسماع صوت العقل، فقال بصوت خافت : إلي به ياشيارة – قالت شيارة : ليس قبل أن تكتب لى نصف ما عندك من أموال وكنوز مخبأة وأملاك – قال فى نبرة حادة : هذا كثير ياشيارة – قالت : ليس هذا بالكثير إذا ما قورن بحياتك – قال أبرهة بعد أن أحس بعدم جدوى المناورة مع شيارة الماكرة : لك ما تريدين ولكن إلي بالحل .. قالت : لا أثق فى وعدك، لن أدلك على المخرج قبل أن تكتب لى – وينزل أبرهة لشرط زوجه شيارة، ويخط كتابا فيه إقرار بنصف ما لديه لشيارة، عندها قالت : النجاشى رجل مُتدين، ويكره إراقة الدماء، وفعلتك بأرياط أثارت غضبه، وأوصلته لما وصل إليه من قسم، عهدنا فيه الإبرار به، فلو أننا بعثنا إليه بالإعتذار والندم وطلب الصفح والتوبة لأمكن أن يسوى هذا الأمر –
قال أبرهة فى تلهف : وكيف ياشيارة وقد أقسم ؟ قالت : أما أمر القسم فهو أقسم على أن يطأ بقدمه تراب اليمن، ويسفك بنفسه دمك، فلنرسل إليه جرابا به تراب من أرض اليمن، ومعه قارورة بها بعض من دمك، وليطأ بقدمه تراب الجراب ويسفك الدم الذى بالقارورة، ونكون بذلك أعناه على الإبرار بقسمه، ولا يمنع من أن نرفق مع المبعوث بعض الهدايا الثمينة، ووعد بالعمل على تكفير الذنوب – ويندهش – أبرهة من ذكاء زوجه التى فاقت ألاعيبه فى ضربة واحدة فقال : آه والله ، إنك لماكرة أكثر مني حيلة ، كنت لا أظنك على هذا القدر من التدبير، هذه فتوى الشيطان ياشيارة ، والله لأفعلن .
قالت : إذن استدعى حاجمك، واجعله يفصدك فى ذراعك، وما يخرج من دم ضعه فى القارورة، وعجّل قبل قدوم النجاشى بتنفيذ الأمر .
وقبل أن يشرع النجاشى بتنفيذ وعده، والإبرار بقسمه، وصله مبعوث أبرهة ومعه الجراب الذى به حفنة من تراب اليمن وقارورة دم أبرهة وكتاب الاعتذار، ونفيس الهدايا، وانتظر أبرهة عودة مبعوثه من الحبشة، وطال انتظاره ، وظل القلق يساوره، والشكوك تداهمه خشية ألا يقبل النجاشى اعتذاره، وبينما هو كذلك إذ جاءه مبعوث غير الذى أرسله، جاءه مبعوث النجاشى وقال له : أيها القائد القس، جئتك من النجاشى بما يسرك، لقد رضى عنك، وأقرك على ملك اليمن، ويريدك أن تجتهد فى التوبة من ذنبك، وتكثر من الصلاة، وتغزو كل أرض تدين بغير النصرانية .
قال أبرهة فى سرور : لقد نجوت من الموت، فو الله لأتقربن إلى النجاش وأحقق له ما تمناه من غزو البلاد التى لا تدين بالنصرانية، فالأرض شمال هذه البلاد وشرقها وغربها كلها كافرة، يعبدون آلهة متعددة ، منهم من يعبد النار، ومنهم من يعبد الحجارة والأشجار والشمس والقمر، وأكثرهم يعبدون أصناما لا تضر ولا تنفع، ومع هذا فهم يقربون إليها، ويسجدون لها ـ قال مبعوث النجاش : وهل تجد أيها القائد فرصة لك أفضل من ذلك تنال بها رضا مولاك النجاش ؟ قال أبرهة : انطلق إلى مولاي النجاشى، وقل له إننى عندما يرضيه هذا، سيسمع منى ما تقر به عينه .
وكانت (شيارة) على مقربة مما يدور من حديث، بين أبرهة ومبعوث النجاشى، تقف خلف الحجرة تسمع دون أن يشعر بها أحد، فما إن انصرف المبعوث إلا ودخلت على زوجها قائلة : ما الذى وعدت به مبعوث النجاشى، أحقاً تريد أن تحرك الجيوش صوب الصحراء الشاسعة، وتترك اليمن وما تملك فيها، بعد أن دانت لك لتحارب عبدة الشمس والقمر والأصنام . قال أبرهة : وماذا أفعل بعد أن قطعت على نفسى هذا الوعد ؟ قالت شيارة : هذا ليس بعهد، ولكن هناك ما هو أفضل، لو فعلته لرضى عنك النجاشى، ونسى ما وعدت به، أنت تعلم يا أبرهة أن النجاشى ديّان بطبعه فلو بنيت كنيسة ضخمة ليس على الأرض مثلها، ولا حتى كنيسة قسطنطين، وجعلتها باسمه، لو فعلت ذلك لرضى عنك كل الرضا، ولملأت خزائنك بالتبرعات التى ستأتيك من المؤمنين حولك، طالما رفعت هذا الشعار، وعندها لن يعبأ النجاشى كثيرا بما وعدت .
قال أبرهة : الآن ياشيارة للمرة الثانية تنقذينني، لقد نسيت لك خيانتك ولنبدأ عهداً جديداً، نجتمع فيه على ما هو فى صالحنا .
شرع أبرهة فى بناء أضخم كنيسة عرفتها النصرانية فى ذلك العهد، بعد أن سام أهل اليمن الذل والسخرة لبنائها، ونقل إلهيا العدد، من الرخام المجزّع، والحجارة المنقوشة بالذهب، من (قصر بلقيس) الذى كان بجوارها، ونصب فيها صلبانا من الذهب والفضة، وجعل منابرها من العاج والأبنوس، وما أن أتم تشيدها، وصارت تحفة الزمان المعمارية، أرسل كتابا إلى النجاشى قال فيه : إنى قد بنيت لك أيها الملك، كنيسة لم يبن مثلها لملك قبلك، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب – وجاء رسول النجاشى، ومعه كتابا ، فيه يكرر النجاشى طلبه الأول ( غزو البلاد التى لا تدين بالنصرانية ) ويغضب أبرهة، لعدم تقدير الملك لإنجازه، وتشييده هذا العمل الكبير، ويشعر أبرهة أن النجاشى غير راضٍ عنه كامل الرضا، فلا زال هناك فى النفوس ما يشوب .. ويقول لزوجته : ياشيارة لم يقنع النجاشى بالكنيسة العظيمة التى شيدتها باسمه فى صنعاء، ويحثنى على غزو بلاد العرب، ودون علمى أرسل لقيصر الروم رسالة أخبره فيها « أن جيش الأحباش فى اليمن ، سينطلق شمالا مكتسحا بلاد العرب ليلتقى مع جيش الروم وتصبح الأرض كلها تحت النصرانية » قالت شيارة : فليس أمامك الآن من خيار، سوى التحرك لغزو بلاد العرب، تنفيذاً لرغبة النجاشى، وما ينتظره قيصر الروم من التقاء الجيشين .
قال أبرهة : هذا أمر يحتاج المزيد من إمعان الرأى، وطول النظر، ذلك أن الامبراطور البيزنطى – قيصر روما (يوشكا فيونيس) لا يهمه إخضاع بلاد العرب للنصرانية قدر ما يهمه أن يكون جيش الأحباش معه فى غزو فارس، وإنى أخشى ياشيارة إن سار جيشى واتصل بجيش قيصر، يذوب الأحباش فى بوتقة الدولة البيزنطية، ولا آمن أن ينحدر قيصر إلى الحجاز، ويأخذ البلاد التى فتحتها غنيمة باردة، فكأنى بذلك حققت للروم رغبة، عجزوا هم زمنا طويلا عن تحقيقها، لهذا لن أتسرع فى التحرك لغزو بلاد ( الحجاز ونجد )
قالت شيارة : وهل سيتركك النجاشى تعصى أمره ولم تسكن العلاقة بينك وبينه بعد من توترها .
قال أبرهة : سأضلل عيون النجاشى بأرض اليمن، حين استنفر الناس للتحرك حتى أُلقى فى روع من ينقلون له الأنباء، أن عزمى على غزو بلاد العرب أكيد، وسأرسل للنجاشى بأننى أعد للأمر عدته، ريثما يعرض لنا عارض .
ويتلكأ أبرهة فيما أمره النجاشى، ويستنفر جيشه، ويرفع درجة استعداده دون أن يصدر الأمر بالتحرك .
فى هذه الأثناء تتواتر الأنباء إلى مكة، يصلهم أن أبرهة شيد كنيسة ضخمة يريد بها أن يصرف حج العرب عن كعبتهم، وفى مجلس ( بنى فقيم بن عُدى ) أصحاب النسيء (1)ـ الذين يوقتون ميقات الأشهر الحرم ومن بيدهم فتوى العرب كلها ـ يأتى من يُطلعهم على كتاب أبرهة للنجاشى فى وصف كنيسة ـ القليس ـ بصنعاء ، ويعتبرون ما حدث فى اليمن، مساساً بسيادتهم الدينية، فهم أهل النسيء، يؤخرون، ويجيزون للناس الأشهر الحرم، ويفتونهم فى المناسك عند البيت، فأرسلوا إلى ـ عمرو الكنانى ـ فى اليمن، أن يرد على إهانة النجاشى لهم .
ويتسلل ـ عمرو الكنانى ـ الذى شاء القدر أن يكون باليمن فى تلك الأيام، يتسلل إلى أن اقترب من مكان ( القليس – الكنيسة الضخمة ) بعدما آتاه كتاب ـ بنى فقيم بن عدى ـ ويرى رجال أبرهة يُعدون لحفل افتتاح الكنيسة، يعلقون الزينات، ويتمون الخط والنقش بالألون الزاهية على جدرانها، ويسعون فى تسوية الأرض بالمشافر، ويرمقهم دون أن يلفت انتباههم لحال تربصه، فلما انصرفوا من عملهم، بعد قضاء يوم شاق، دخل الكنيسة وهى خاوية، ليس بها أحد، فركن إلى جدار من جدرانها، وجلس مكانه وقضى حاجته فيها، ولما فرغ أمسك بعصا طويلة، ووضعها فى برازه، وراح يلصق ما بها من قاذورات على حوائط الكنيسة التى لم يجف بعد طلائها الملون، وغادر المكان دون أن يشعر به أحد .
ويصل الخبر إلى أبرهة، يدخل عليه راهب من رهبانه، وفى وجهه فزع شديد قال : كارثة يا مولاى، كارثة يا مولاى، مصيبة يا سيدنا – قال أبرهة: ماذا حدث، تكلم، هل أصاب النجاشى شيء فى الحبشة ؟ – قال الراهب : بل أصاب الدين شيء جلل يا مولاى – قال أبرهة وهو منزعج : ويحك تكلم الدين !! قال الراهب : دُنست كنيستُك يا مولاى، مرَ بها رجل من العرب فقذفها بالطوب ولما لم ير لها حراساً، دخل فيها مع بعيره، ثم لطخ جدرانها بالقاذورات .
صاح أبرهة : ويلكم : عربى يفعل هذا بكنيستى وأنتم تنظرون، من أى العرب هو ؟ قال الراهب : لا نعلم ، ولكننا سمعنا الناس يقولون « إن له هيئة القرشيين » قال أبرهة فى غضب : آه ، هم أولئك الذين يعظمون البيت الذى تحج إليه العرب، إنما أرادوا بهذا الفعل إهانتى، وإهانة ملك الأحباش، وحق المسيح ما أخلع ثياب الحرب حتى أغزوهم فى بلدهم وأهدم كعبتهم، هذه التى يتيهون بها على الناس .
واستدعى أبرهى قائد شرطته، وقال له : فوراً تحرَ لى الفاعل ، فتلك فعلة لها ما وراءها .
انطلقت شرطة أبرهة تحقق حول المكان، وأمكنهم معرفة الفاعل دون الإمساك به، وذهب قائد الشرطة إلى أبرهة وقال له : الذى فعل بكنيستنا القليس رجل من أهل النسيء ، اسمه – عمرو الكنانى من بنى فقيم بن عدى – ويسأل أبرهة من حوله : ومن هم أهل النسيء ؟ قالوا : هؤلاء أيها الملك ، أشد أهل العرب تقديساً للكعبة، وهم أهل الفتوى فى أشهر القتال، يُحلون الأشهر ويُحرمونها، والعرب كلها تنزل على فتواهم الدينية –
وتتحرك العاطفة الدينية فى قلب القس العسكرى، الذى أثارته فعلة القرشى فصاح غضباً : لن تحج العرب إلى القليس كنيستى، إلا إذا هدمت الكعبة، ولأصرفن العرب عنها، ولأجعلن حج الناس جميعا إلى ( القليس ) فلنهدمن هذا البيت الذى يحول بيننا وبين الناس فى الأرض من حولنا، استعدوا من الغد للغزو .
ولا يقطع أبرهة أمرًا دون مشورة زوجته الداهية ـ شيارة ـ وأشارت عليه بأن يستشير النجاشى ( كالب) ملك الحبشة قبل تحركه، وينزل على رأيها كعادته ويرسل إلى النجاشى (كالب) ، ويأتيه الرد « اجعل على هؤلاء العرب ملكا منهم ، شديد البأس ، يَذلُهم لك ويُذلُ لنا » .. صلوات ربى وسلامه على سيد الخلق والمرسلين .. وإلى الحلقة القادمة من كتابنا الطريق إلى النور .
هامش (1) النسيء : بدعة ابتدعها العرب على دين إبراهيم الحنيف ، وهى تأخير شهر المحرم إلى صفر من أجل استحلال القتال فى الشهر الحرام ، وأصحاب هذه البدعة يقال لهم – النسأة – والنسيئ فى اللغة ( التأخير ).
ملحوظة:
هذا الكتاب الذي بين أيدينا والمكون من جزئين، نقدمه للأمة فى عصرنا الحالى، ولأجيال قادمة، والمُسمى ( الطريق إلى النور فى سيرة الرسول .. صلوات ربى وسلامه عليه ) قد تم طبعه فى عام 2007 والناشر له "مؤسسة حورس للنشر والتوزيع"، وقد نفذت نسخه من دور العرض، لذا جاري الآن إعداد طبعة جديدة بإضافات لم تكن موجودة في الطبعة السابقة .. هذا الكتاب هو ما نعرضه لحضراتكم في حلقات هنا علي صفحتنا للمرة الثالثة، وعلي الله قصد السبيل.
محمد مصطفى
Comments
Post a Comment