القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية ضراوة ذئب الفصل الأول حتى الفصل العاشر بقلم الكاتبه ساره الحلفاوي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج

 رواية ضراوة ذئب الفصل الأول حتى الفصل العاشر بقلم الكاتبه ساره الحلفاوي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 



رواية ضراوة ذئب الفصل الأول حتى الفصل العاشر بقلم الكاتبه ساره الحلفاوي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 


لفِت الحجاب على شعرها بهدوء، بتتأمل وشها في المراية المشروخة قُدامها، إبتسمت إبتسامة بسيطة بتتأمل إشراقة وشها المتوسط الحجاب الوردي اللي لاق جدًا لبشرتها الفاتحة و للشامات المتوزعة بشكل يخطف الأبصار على وشها، و عينيها العسلي متحاوطة برموش كثيفة و حواجب مظبوطة، خدت شنطتها اللي جلدها متقشّر، و علّقتها على كتفها، طلعت لجدتها النايمة بسلام على كنبة مُتهالكة في الصالة، و مالت عليها و باست راسها بحنان، إعتدلت في وقفتها و هي بتتجه لباب الشقة عشان تمشي على شغلها اللي عُبارة عن تدريس لأطفال إبتدائي، إلا إنها تسمرت مكانها و هي بتسمع جلبة برّا، جريت على الشباك وبصت من خلاله و إتصدمت بأسطول عربيات فخمة مُتراصين ورا بعض، بينزل من عربية فيهم راجل حواليه هالة غريبة، كان كإنه طالع من فيلم أكشن! دقات قلبها تسارعت من الخوف، فـ بعدت عن الشباك بتحاول تطمن نفسها إنها مالهاش دعوة و إنه أكيد مش جايلها، إلا إن طرقات على الباب بشكل عنيف خلّاها تشهق بـ رُعب، و جدتها صحيت على الصوت بتقول بنبرة بخضّة:

- يا ساتر يارب .. أستر يارب، شوفي مين يا بنتي!


و من قبل ما تاخد يُسر خطوات عشان تفتح الباب، الباب متحملش الأيدي القاسية اللي بتضرب فوقه، و وقع على الأرض مُصدر صوت عالي جدًا، يُسر بصِت لـ التلات رجالة اللي واقفين قُصادها زي الضُرف اللي على هيئة بشر، و فجأة أفسحوا المجال عشان يمُر كبيرهم، اللي كان واقف بينفث سيجارتُه ببرود، و عينيه بتتأمل اللي واقفة قُدامه بنظرات ذئب، حاولت يُسر تجمع شتاتها و قالت بصوت كلُه خوف:

- في إيه! إنتوا مين!!!


و كملت و الكلام بيهتز على لسانها:

- إزاي .. إزاي تقتحموا شقة ست كبيرة و حفيدتها بالشكل ده!! 


أخرسها صوت شخص جهوري، غير اللي واقف في النُص و إتحولت نظراته من متفحصة لـ ساخرة!:

- إخـرسـي يـا بـت!!


- أُصبر يا ماجد!!

قال اللي واقف في النُص و هو بيشاور بسيجارته البُنية لـ اللي كان بيزعق فيها، و إتقدم منها خطوات فـ صدح صوت الجدة بـ خوف كبير منهم:

- إنتوا مين يابني! دة إحنا في حالنا يا بيه! معملناش حاجه!


بصلها زين و مردش عليه، عشان تثبت عينيه على اللي واقفة قُدامه و قال بصوت خاوي:

- عليكوا إيجار خمس شهور! إنتوا فاكريين إني نايم على وداني ولا إيه؟!


بصتلُه بصدمة و قالت بعدم تصديق:

- إنت .. إنت صاحب الشقة دي؟!


مرَدش و إنما نفّث دُخان سيجارتُه ببرود، فـ قالت و الغضب بدأ يتشكل على ملامحها:

- كل ده عشان إيجار خمس شهور؟ هُما دول ييجوا حاجه في الجزمة اللي لابسها واحد من الـ ضُرَف اللي وراك!! 


مقدرش المدعو ماجد يمسك نفسُه، و هو حاسس إن البنت دي قضت على المُتبقي من الصبر عندُه فـ تقدّم منها و رفع إيدُه و لطم وشها بقسوة لدرجة إن وشها إتلف للنِحية التانية تحت صرخات جدتها الملكومة و هي بتردد بـ قهر:

- تتقطع إيدك ربنا ينتقم منكوا يا بُعدة!!


زين غمّض عينيه بيحاول يتمالك نفسُه و بَص لـ ماجد بعيون بـتطلع شرار و قال بضيق:

- أنا طلبت منك تضربها؟!!


و على الفور نزل ماجد عينيه في الأرض و قال بأسف:

- آسف يا باشا! 


و إتراجع خطوات لـ ورا!! فـ رِجع زين يبُص في وشها اللي بقى أحمر، و لـ الدموع اللي إتكونت في عينيها، و قال بصوت قاسٍ:

- 4000 جنيه يبقوا على مكتبي بُكرة! يا إما تفّضوا الشقة من سُكات!


و شاور لواحد من اللي واقفين وراه وقال:

- طلّع ورقها و إكتبلها عنوان شركتي!! 


فعل الأخير فورًا، فـ بَص ليها للحظات و عينيه إبتدت تنزل على جسمها المتغطي بـ عباية واسعة خافية تفاصيلُه، و رغم إن عبايتها فضفاضة إلا إن جسمها كان مُهلِك! إترسم الخُبث في عينيه وآآ


الفصل الثاني

 فتَّحت عينيها لقِت نفسها نايمة على كنبة وثيرة، مُمددة بشكل مكانش يصح بالنسبة ليها، شهقت وهي بتنزل طرف العباية اللي إترفع من على كاحليها فـ ظهر بياضُه، إتحسست راسها بتتأكد من وجود حجابها، بصِت للي قاعد قُدامها ساند ضهرُه و ماسك في إيدُه كاس خمر و عينيه اللي أشبه بالذئب بتتفرس جشمها بشكل خلّاها تنكمش، قامت وقفت و لأول مرة تزّعق فيه، لأول مرة تظهر مخالبها:

- إنت قاعد كده ليه؟! و إيه اللي جابني على الكنبة دي! إزاي نمت عليها!!


إزاي ممكن الضعف و الشراسة يجتمعوا في شخص واحد، و ده ميمنعش إنه حابب الشخصيتين! إلا إن صوتها اللي إترفع على صوتُه دايقُه، فـ قام في مواجهتها و قال بإبتسامة صفرا .. و نبرة باردة:

- هيكون إزاي؟ شيلتك و حطيتك على الكنبة و جبت دكتورة تشوفك!!!


صُعقت، و جحظت بعينيها و هي بتردد كلامه بصدمة:

- شيلتني! شيلتني يعني إيه!!! طب ليه!!! ليه قولي!!!


مردش عليها و فضل باصصلها من غير أي تعبير على وشُه، لحد ما صرّخت هي فيه و هدرت:

- إنـــت إيـه!!! معندكش حاجه إسمها حلال و حرام!!! بتعمل أي حاجه تعوزها بغض النظر عن اللي قدامك و عن ربنا!!!


- وطـــي صـــوتـــك!!!!

صرّخ فيها بحدة لدرجة إن جسمها إتنفض لمُجرد صُراخُه العالي فيها، قرّب منها خطوتبن و هتف بقسوة:

- و آه أنا بعمل أي حاجه عايزها و محدش يقدر يقولي تلت التلاتة كام!!!


بصتلُه بـ بُغض حقيقي، لدرجة إنها قالت من قلبها:

- حسبي الله و نعمة الوكيل، ربنا ينتقم منك!!!


جمدت أنظارُه عليها إلا إن نبرته المتعصّبة كانت ظاهرة بوضوح لما قال بقسوة:

- تصدقي أنا غلطان! كان المفروض أسيبك مرمية على الأرض و مخليش حد يسأل فيكي!!! إمشي إطلعي بــرا!!!


ضمت الشنطة لحُضنها، ومشيت من قُدامه عدة خطوات، فـ هدر بقوة:

- إستني عندك!!!


وراح وقف قُدامها، لاقاها دموع غزيرة على وشها، إزداد غضبُه فـ قال بعدم رحمة:

- لو عايزة متابتيش في الشارع و على الإرصفة إنت و سِتك يبقى تيجي بكرة مع مع السواق اللي هبعتهولك!!


بصتلُه بإنكسار، و لفِت تاني من غير ما ترُد عليه، سابها تمشي بتجُر في رجلها ضامة الشنطة لصدرها، و أول ما طلعت حدَف الكوباية في الأرض و الغضب متمكن منه، و بعد دقايق لقى نَفسُه بينزل وراها، نزل و خرج من الشركة كلها و دوّر بعينيه عليها، مش لاقي أثر ليها، بس همهات بكاء و تآوهات خارجة مت وراه خلوه بلف، إتصدم لما لاقاها قاعده بتفرُك رجليها و بتعيط بقهرة كإنها طفل تايهة من أبوها و أمها، لما شافها بالشكل ده حَس بنغزة في قلبه قاومها بالعافية، مشي ناحيتها و رفع مناخيرُه وبص قُدامه و قال بقسوة:

- قاعدة بتعيطي ليه! فاكرة نفسك فين! قـومـي! 


بصتلُه و بكل تعب قالت وسط بُكائها:

- رجلي! مش قادرة أمشي والله م قادرة! هقوم حاضر دقيقة بس


إتقبض قلبه، منظرها عايز حُضن! محدش يسأله إزاي بس للحظة حس إنه عايز يُحضنها، و عشان كان شعور لحظي، رجع بعدها و قال بقسوة:

- قومي بقولك! هوّصلك بعربيتي عشان Prestige شركتي و شكلي!!


و لإن صدى ألم كلامه في عضمها كان أقوى من الألم الجسدي، فـ إتحاملت على رجلها، و قالت و هي بتترعش و بتمشي بـ بُطء:

- أسفة على إني مبوظة مكانة شركتك و مكانتك! و متشكرة أنا مش عايزه حاجه! مش لازمني توصيلتك!!!


و رغم إنها عارفة كويس إنها هتاخد المشوار مشي من شركته لـ بيتها و ده شبه مستحيل في الحالة دي!، إلا إن كرامتها كانت أكبر و مشيت خطوات صغيرة، و في لحظة حسِت بـ قبضة قاسية على دراعها وبتتشد لعربية فخمة، وإتزقت فيها لدرجة إنها إتخبطت في دماغها، حطت إيديها على جبهتها بتبُصلُه بصدمة، و شهقات مُتتالية من أول ما مسكها لحد ما زقها في الكرسي اللي جنبه، ركب هو و رزع الباب، إرتعش بدنها و صرّخت فيه:

- نــزلــنــي!!! بـقـولـك نزلني عايز إيه مني!!!


و فجأة لقته بيهدر فيهاو هو بيخبط الدريكسيون و بيمشي بالعربية:

- هـعـوز مـنـك إيـــه يا زبــالــة!!!! ده إنتِ متسويش في سوق النسوان تـعـريـفـة!!! ده إنتي لو قالعه هدومك قدامي مستنضفش أبُصلك!!!! فــوقــي!!!!!


إتشكلت الصعقة على وشها، و كتمت آهات متتالية من اللكمات اللي إتوجهت لأنوثتها ضربتها في مقتل، سكتت، بس نزيف قلبها مسكتش، دماغها اللي إبتدتت توجعها مش بتسكت، بصِت لـ أناملها و دموعها بتنزل بصمت، يعني هو شايفها وحشة للدرجة دي؟ مع إن جمالها ملحوظ بين الناس، سكِتت عقلها، وحاولت تشتتُه و بصتله، لقِتُه باصص قُدامه و مافيش تعبير على وشه، صدره بيطلع و بينزل من كُتر غضبُه و زعيقه فيها، قرّبت لبيتها، وقف قدامه، فـ نزلت بتجُر رجلها، و بتجُر معاها خيبة أملها و كسرتها و ضعفها و كرامتها اللي مسح بيها الأسفلت، بصلها و هي بتمشي بـ بُطء، و فضل متابعها لحد م إختفت عن عينيه، فـ مشي بعربيتُه، و هي قعدت على السلم بتحاول تمسح دموعها و تبين إنها كويسة عشان جدتها متقلقش، و فعلًا طلعتلها، لقتها قاعدة بتصلي، و أول ما دخلت قالت بهفة:

- يُسر! تعالي يا حبيبتي! تعالي إحكيلي اللي حصل!


مشيت ناحيتها بعدم توازن فـ صوّتت حنان و خبطت إيديها بصدرها و قالت بصدمة!:

- مالك يا بت! ماشية كدا ليه!! هو الجدع ده عمل فيكي حاجه كدا ولا كدا؟


أسرعت يُسر:

- بتقولي إيه يا تيتة، مافيش حاجه من دي أنا كويسة وقعت بس و رجلي وجعتني!!


و قرّبت منها و طبطبت على كفيها و قالت بحنان في عز إحتياجها للحنان:

- متقلقيش يا تيتة! هشتغل بكرة عند الراجل ده .. آآ خدامة!! لحد م تدبّر .. مؤقتًا يعني!!!


قالت حنان بصدمة:

- قولتي إيه؟!!! خدامة!!!! بقى بنت إبني تشتغل خدامة بعد م درست أربع سنين في كلية مُحترمة عشان تطلع مُدرسة مُحترمة تشتغل خدامة و تـمـسـح في البـيـوت!!!!


حاولت تفهمها وقالت:

- يا تيتة إفهميني أرجوكِ!!!!


صرّخت فيها:

- بـس إخـرسـي!! إنسي إنك تشتغلي خدامة و كمان عند الراجل الزبالة ده!!! 


و تابعت تستطرد مصدومة:

- يكونش عجبك يا بت؟!!!


جحظت يُسر عينيها و قالت:

- تيتة!!! بتقولي إيه!!!! تعرفي عني كدا يا تيتة!!!


و فجأة إنهارت في العياط و قالت و هي بتُلطم على وشها:

- حــرام عـلـيـكـوا بـقــى!!!! بتسموا بدني بالكلام لـيـه!!! بتقطّعوا في قلبي بعِز ما فيكوا لـيـه!! إنتِ فاكراني مبسوطة و أنا رايحة أشتغل خدامة عند واحد لا عنده ضمير و لا يتآمنلُه؟ أنا بعمل كل ده عشانك!!! عشان متتمرمطيش على كِبر! عشان أوفرلك حق الدوا!! عشان متتحوجيش ولا تتذلي لحد يا تيتة!! ليه كدا يا تيتة ليه! ليه ده أنا مش ناقصة شايلة هم أكبر من كتافي، حرام .. حرام الضرب في الميت حرام والله!!!


حضنتها حنان بتضمها لصدرها و هي بتحاول تهدي من عياطها لحد م هديت يُسر و نامت في حضنها!!


• • • • • •


قامت يُسر من النوم، غطت جدتها و دخلت تتوضى و تصلي فرضها و بسرعة لبست عبايتها، بصِت من الشباك لقت السواق بتاعه، و عشان من ريحته بصتلُه بقرف، لفِت الطرحة بعشوائية إلا إنها كانت جميلة، راحت لجدتها و ميلت عليها و مسكت إيديها و باستها و همست بحنان:

- يا تيتة! همشي أنا ماشي؟


صحيت جدتها وقالت بألم على صغيرتها:

- مصممة يا بنتي؟ 


- مش بمزاجي يا تيتة!

قالت بإبتسامة مُتألمة، فـ أومأت لها جدتها و قالت و هي بتربت على كتفها:

- ربنا يوقفلك ولاد الحلال في طريقك يا ضنايا .. و يحميكي و يبعد عنك أي سوء!!


- اللهم آمين!!

قالت بإبتسامة شاحبة، و مشيت على رجليها ناحية الباب، و كانت رجليها متحسنة عن إمبارح كتير!


نزلت على السلم المهترئ، و وصلت للسواق و قالت بخفوت:

- السلام عليكم و رحمة الله! أنا يُسر آآآ!!


إتحرجت تقول الخدامة لإن عمرها ما كانت كدا، فـ إبتسم الراجل الكبير في وشها و رفع الحرج عنها و قال بهدوء:

- إتفصلي يا يُسر هانم إركبي!! معايا أوامر أجيبك و أوديكي سليمة!!!


قالت بضيق:

- بس أنا مش هانم!! أنا يُسر بس .. أنا أد بنتك يا حاج، بتقول لبنتك في البيت يا هانم؟!!


قالت بلُطف:

- خلاص تبقي يُسر بس، إنتِ فعلًا أد بنتي و هتعامل معاكي على الأساس ده!! إركبي يا يُسر!!!


إبتسمت و ركبت يُسر ورا! و بعد ساعة و نص تقريبًا وصلت، دخل الحاج محمد من البوابة و ركن العرببة فـ نزلت، و كان فاكر إنها زي كل الخدم هيلفوا يبصوا على الشقة بدهشة و قليل من الطمع، إلا إنها أصلًا مكانتش واخدة بالها و كانت ماشية بصمت رقبتها لتحت، طلع معاها و خبط هو الباب فـ فتحتله واحدة من الخدم  قالها بكل هدوء:

- البنت اللي هشتشتغل معاكوا يا دينا! طلعيها لـ البيه الأول بكوباية القهوة زي ما بيحب!!


بصتلها دينا من فوق لتحت بغيرة، و قالت و هي بتلوك العلكة في فمها:

- إدخلي يا سنيورة، أصل هي المشرحة ناقصة قُتلة!!!


نهرها عم محمد و قال:

- بت يا دينا إتعدلي!!! 


بصتله يُسر بإمتنان و متكلمتش، دخلت الڤيلا و إتجهت ناحية المطبخ بإرشادات دينا اللي كانت بتتعامل معاها ببرود، و أول ما دخلت نادت دينا على رئيسة الخدم  و قالت:

- يا حاجّة رحاب، الجديدة شرّفت!


نظرت لها رحاب و بدى على مِحياها الطيبة، فـ قالت بهدوء:

- تعالي أقولك!!


راحتلها يُسر على إستحياء، فـ سألتها رحاب:

- إسمك إيه؟


- يُسر!


- إسمك حلو، طيب خدي يا يُسر الشنطة دي فيها الـ uniform بتاعك و إدخلي أوضتك غيّريه، دِليها يا دينا!!


تأففت دينا بضجر و قالت بحدة:

- حاضر يا حاجّة لَجل عيونك بس!!


مشيت يُسر وراها و دخلت الأوضة اللي كانت رغم حجمها الصغير إلا إنها كانت على قدر عالي من الرُقي، سابتها دينا و مشيت فـ قفلت هي الباب و خرّجت اليونيفور، كان عبارة عن بنطلون و فوقية مريلة المطبخ مغطية لحد رُكبتها و جامعة بين اللونين الأبيض و الأزرق، لملمت خصلاتها تاني و أعادت لَف حجابها، كانت هي الوحيدة اللي لابسة حجاب فيهم بعد الحاجّة رحاب


خركت من الأوضة و راحت تباشر شغلها، فـ قالت الحاجّة رخاب بصرامة فور دخولها:

- ميعاد قهوة البيه، بسرعة يا يُسر!


جريت يُسر و قالت:

- حاضر أنا أسفة، طيب فين القهوة و السكر!


شاورتلها واحدة من الخدم داخل ضرفة، فـ خرّجتهم و لمحت كنكة خدتها و قالت بهدوء:

- قهوته إيه؟


- مظبوط!! زيُه كدا! 

قالت دينا بحالمية، فـ ضحكت الحاجّة رحاب عليها بينما يُسر  ملتها ماية، و طبختها بهدوء، و لما حان ميعاد صبّها صابتها في الفنجان، حطته على صينية غالية و حطت جنبه كوباية مايه باردة، سألت على مكان أوضته فـ قالت رحاب:

- جناح مش أوضة يا يُسر، و هتطلعي السلم هتفضلي ماشية لحد م يقابلك آخر جناح!


أومأت يُسر بهدوء و طلعت على السلم، و كل خطوة بتخطيها كانت بتفكّرها بـ أد إيه هو أذى نفسيتها، فضلت ماشية و هي سرحانة لحد م لقت آخر جناح، خبّطت عليه، و أول ما سمعت صوته الجهوري بيسمحلها بالدخول قلبها وقع تحت رجليها، و بإيد بتترعش لوت مقبض الباب و دخلت، لقِت الصالة في وشها و أول حاجه عينيها وقعت عليها كان جسمه العريض و هو واقف صدرُه عريان لابس بنطلون إسود و قميص إسود مفتوح، و في إيده سجاره، إتفاجأ إنه شافها، مكنش متوقع إنها تيجي، كان بيتمنى لو مكانتش جات، مجيها أكد ظنون في قلبه إنها بتجري ورا الفلوس و بس، و رغم الذل و الكلام اللي سمعته منه إمبارح جات تخدمه النهاردة، إلتوى نصف ثغره بإبتسامة ساخرة، و قال بإستنكار:

- شرّفتي!



الفصل الثالث

- عقابًا ليكي .. هتقعدي قدامي و تاكلي الطبق ده!!!!

بصتلُه بصدمة، حسِت للحظة إنها لا تنتمي للمكان ده، و إن اللي حواليها كلهم وحوش، و إنها الفريسة اللي كُل العيون عليها، مسحت دموعها بعُنف و قرّبت منُه لحد م بقت واقف قُصادُه و هو قاعد، فـ قام من على الكُرسي في مواجهتها بكل قسوة و هي يادوب واصلة لصدرُه، أول ما شافت طوله الفارع قُصاد قِصر قامتها تراجعت خطوتين، تمتمت بحدة:

- اللي بتقوله ده مش هيحصل، قولتلك أنا محطتش ملح في الرُز أنا مش غبية عشان أعمل حركة زي دي و أكُب علبة الملح كلها كدا، و إنت كمان مش غبي عشان تصدق حاجة زي دي! 


بصلها بـ قسوة و مردش، بصِت لعينيه بتحاول تلاقي ذرة حنان واحدة .. ذرة واحدة تدُل على إنه من بني البشر زيها، ملقتش، فـ نزلت عينيها بيأس و قالت بصوت أكثر خفوتًا من السابق:

- لو تستناني عشر دقايق أكون دخلت عملت رُز تاني، يمكن ده يخليك تصدق إنه مش أنا!!


إلتوى ثغرُه بإبتسامة ساخرة، هي فاكرة إنه صدّق إنها هي؟ قعد على الكُرسي و بَص لـ ساعتُه و رجع بصلها وقال بصوتُه الرجولية:

- عشَر دقايق، لو دقيقة زيادة عدت إعتبري نفسك مطرودة!!


مدتش أي ردة فعل، مشيت ناحية المطبخ و أول ما دخلت باقي الخدم كانوا هيتحركوا وراها إلا إنه هدر فيها بصوتُه العالي:

- أنــا قــولـت لـحـد يـتـحـرك!!!! محدش يخّطي خطوة غير بإذني!!!!


بصولُه برعب، و رجعوا نزلوا راشهم بخوف من غضبه اللي منكن يوديهم كلهم لجحيم على الأرض!!!

أول ما دخلت المطبخ إبتدت تطبخ رُز جديد و الدموع في عينيها بتمسحها كل دقيقة بـ طرف ياقة اليونيوفورم اللي هي لابساه عشان متأثرش على رؤيتها، خلّصتُه في تمن دقايق بالظبط، و من سُرعتها و من غير قصد مسكت الحلَّة بإيديها فـ أطلقت تآوه خرج منها من سخونة الحلَّة اللي لهبِت بواطن صوابعها، ضمت إيديها لصدرها و رددت و وشها أحمر:

- اللهم لك الحمد .. اللهم لك الحمد!

من وهي صغيرة و هي عارفة كويس إن الجملة دي لما بتتقال لو إتلسعت بتبقى زي البلسم، و مبتحسش بعدها بأي حاجه، مسكت بسُرعة الإيد السيليكون و لبستها و مسكت الحلة بإيد و بقت تغرف في الطبق بالإيد التانية، شالت الإيد السيليكون و مشكت الطبق بإيديها السليمة و طلعت برا المطبخ، مشيت ناحيتُه لقتُه باصص للساعة، حطت الطبق قُدامه تحت أنظاره اللي بتراقب كل تفصيلة فيها، لاحظة رعشة إيديها الشمال بس مهتمش، بَص للخدم وراها و قال بهدوء:

- روحوا على المطبخ، و قسمًا بـ ربي .. أي حاجه زي دي تتكرر تاني هعرف اللي عملت كدا و مش هرحمها، ســامـعـيـن!!!


أومأوا برجفة و فروا هاربين للمطبخ، وقفت هي مصدومة و قالت بصوت بيرتجف:

- يعني .. يعني إنت عارف إن مش أنا؟


بصلها و حط رجل على رجل من غير ما يتكلم، فـ نزلت دموعها قُصاده و قالت بقهر:

- طب ليه؟! ليه عايز تذلني؟! ليه من أول ما شوفتني و إنت عايز تثبتلي إني حشرة تدوس برجلك عليها في أي وقت! 


- عشان إنتِ فعلًا حشرة، أدوس عليها و أفعصها برجلي في أي وقت!

قال بنفس البرود، فـ بصتلُه و جميع معالم الألم إتشكلت على وشها، مرَدتش، و ياريتها ردت .. سكوتها و النظرة اللي كانت بتبُصهاله كانت أقوى من أي رد، لفِت ضهرها و سابته و مشيت!!!


• • • •


الليل جه، و ميعاد ذهابها جه، فـ قالت لـ رحاب بصوت ضعيف مكسور:

- عن إذنك يا حجّة رحاب، أنا همشي!!


قالت رحاب بإستغراب:

- تمشي!! على فين يا بنتي! 


- لازم أروح أشوف جدتي! 

قالت بهدوء، و قبل ما رحاب تتكلم كانت دينا بتقول ساخرة:

- إنتِ يا قُطة محدش قالك إن الخدم اللي زيك و زيي بيباتوا هنا في إوَضهم!


بصتلها يُسر بصدمة وقالت:

- لاء محدش قالي، إزاي أساسًا! أنا جدتي متقدرش تقعد من غيري .. كفاية إني طول اليوم سايباها!!!


رحاب ربتت على كتفها و قالت:

- خلاص يا بنتي إهدي، طيب إطلعي لـ زين بيه قوليله و لو سمحلك إمشي!!


بصتلها و قالت بكُره:

- مش عايزة أطلعلُه، ولا عايزه أشوف وشُه!!!


شهقت دينا و ضربت على صدرها و قالت مُستنكرة:

- إنتِ إتجننتي يا بت إنتِ ولا إيه! هو إنتِ تطولي أصلًا تطلعيلُه جناحُه و تقفي تتكلمي معاه، ده إنتِ هبلة بقى!!!


بصتلها يُسر و قالت بحدة:

- أنا مش زيك يا دينا، مش بفرح بوقفتي معاه في أوضته ولا بـ كلامي معاه، الرُخص ده لايق عليكي إنتِ بس!!!


إحمّر وشها من شدة الحقد، و لولا إن يُسر قالت كلامها و مشيت من قدامها كانت دينا هجمت عليها زي الكلب الصعران، طلعت يُسر لجناحُه و هي مُتضررة جدًا، خبّطت على الباب و بعدت خطوتين، فتحلها الباب و جسمُه كلُه عرَق، لابس كنزة سودا بحمالات عريضة مُلتصقة بجسمُه اللي كلُه عضلات، و على كتفه منشفة سودا، إتفاجأت من مظهره فـ بصت في الأرض و قالت بصوت خافت:

- عايزة أمشي!!


قال و هو بينهج:

- تمشي تروحي فين؟!


قال بنفس النبرة:

- هروح لجدتي! قالولي إن الخدم بيباتوا هنا بس أنا مينفعش أبات عشان جدتي بتبقى قاعدة لوحدها!!! 


بصلها، عينيه بتتأمل هيئتها الضعيفة، راسها المُنكسّة و جسمها الضئيل و حجابها المُحكم على راسها من غير ما شعرة تبان، إيديها اللي لاحظ على واحدة منهم حرق و شكلُه جديد، و هنا فهم ليه إيديها كانت بتترعش الصبح، عبايتها البالية وجزمتها المقشّرة، رجع بَص لوشها الأبيض و كإن في نور غريب طالع منُه، سرَح في ملامحها و لما طال صمتُه رفعت بؤبؤ عينيها له و قالت:

- أمشي؟ 


فاق على كلمتها، فـ قال بهدوء:

- إمشي!!


أول ما خدت الإذن لفِت ضهرها و مشيت بخطوات شبه سريعة، فـ سند على إطار باب جناحُه و هو بيتأمل تفاصيل جسمها اللي مش باينة أصلًا تحت عباية اللي المفروض تلبسها جدة جدتها - من وجهة نظرُه - إلا إنه مُتأكد إنها لو قلعت العباية دي هيلاقي أنوثة مُتفجرة و هو عارف، و حتة القُماشة اللي على راسها - من وجهة نظره أيضًا - لو شالتها هينساب شعر حريري بين أيديه، و للحظة الشيطان صورهالُه و هي في حُضنه، بضعفها و قلة حيلتها دي، هنا عِرف إن خياله سرَح لنُقطة هو مش حاببها، غمض عينيه و داس على جفونه بأصبعيه، و دخل جناحُه رزع الباب وراه!!! لما دخل خَد تليفونه و إتصل بـ رقم، و أول ما إتفتحت السكة قال هو بهدوء:

- محمد .. البنت اللي جبتها هنا الصبح هتلاقيها طالعة من الڤيلا، وصّلها البيت اللي جبتها منُه!!


- تؤمر يابيه!


قفل معاه، و حط التليفون على جنب و دخل يكمل تمرينُه..


 • • • • •

- بس أنا عايزة أروّح لوحدي يا عمو محمد!

قالت يُسر بإستغراب من وقوفه قدامه و فاتحلها باب العربية، فـ قال عم محمد بلُطف:

- يابنتي إحنا نُص الليل، مينفعش بنت جميلة زيك تمشي في الشارع لوحدها!


إبتسمت يُسر ببراءة و هي بتفتكر أبوها اللي كان بيعاملها بنفس الطريقة، فـ قالت بهدوء:

- حاضر يا عمو محمد .. هركب!!


• • • • 


فتحت باب الشقة بمفتاحها الخاص، و عَلى الذهول وشها و هي شايفة عمها قاعد و بيستشيط غضب، و جدتها قاعده بتعيط، و أول ما شافوها جدتها هتفت بـ لهفة:

- يُسر!!! كنتي فين يا بنتي كدا تحرقي قلبي عليكي!!!


و لسه كانت هتتكلم لقِت عمها بيمشي ناحيتها بسرعه فـ إتخضت ورجعت خطوات لورا، إلا إنه و بكل عُنف، رفع إيدُه الضخمة و لطم وشها لدرجة إنها وقعت على الأرض مصدومة من فِعلته، رفعت وشها ليه وهي حاطة إيديها على جنب وشها و شفايفها بتنزف، صرّخت جدتها وراحت ناحية عمها مسكت إيده بتحاول تهديه إلا إنه صرّخ في يُسر بكُل قسوة:

- راجعالي آخر الليل يا فــاجـرة!!! بتمشي من الصبح و راجعة في إنصاص الليالي! و يا ترى نمتي مع كان راجل يا بنت أخويا!!!


بصتلُه و الصدمة متشكلة في عينيها، و صرّخت فيه فجأة بصوت حاد:

- إيه اللي إنت بتقوله ده!!! إنت إزاي تتكلم عليا بالشكل ده!!! أنا كنت في شُغلي و لسه راجعة!!!


صرّخ فيها بحدة أكبر:

- شُــغــلـك!!! إنتِ فاكرة إني أهبل هتضحكي عليا بكلمتين زي جدتك و تقوليلها أصلي بشتغل خدامة!! مختوم أنا على قفايا؟ 


قامت وقفت على رجليها و صرّخت فيه بقوة:

- لو مش عايز تصدق إنت حُر دي مش مشكلتي، بس ملكش الحق تيجي لحد بيتنا و تضربني بالقلم بالشكل ده؟ ليه إنت كنت فين و أبويا بيموت؟ فكرت تقف جنبنا؟ لما كلمتك و قولتلك عايزة فلوس فكرت تساعدني؟ جاي عايز مننا إيه؟! رُد عليا عايــز إيـــه!!!!!


دفع حنان بكُل جبروت، و مسك يُسر من حجابها و هزّها بعُنف فـ صرخت الأخيرة و هي حاسه إن جذور شعرها هتطلع في إيدُه:

- و ده يخليكي تدوري على حل شعرك يا بنت الـ**** يا ****!!!! 


و من شدة الألم الذي شعرت به أُغشى عليها بين يداه، فـ لطمت حنان على وجهها و هي تُبعده مُلتقطة حفيدتها بين يداها تصرخ بـ ولدُها:

- إمشي يا عزيز إمـشـي!!! أنا الغلطانة إني إستنجدت بيك و جيبتك إمشي يا ابن بطني قلبي وربي غضبانين عليك ليوم الدين!!!


نظر لها عزيز بحدة و رجع بَص لـ يُسر التي تشبه الأموات، و سابهم و مشي، حاولت حنان تفوقها بكُل الطُرق و مافيش فايدة، معرفتش تعمل إيه غير إنها تستنجد بـ جارتها اللي جات و عرفت تفوّق يُسر بعد مُحاولات عديدة، و أول ما فاقت خدتها حنان في حضنها بتُعيد ترتيب خُصلاتها المُبعثرة، و بتقول بكُل لهفة:

- الحمدلله إنك فوقتي يا حبيبتي .. وجعتي قلبي عليكي يا يُسر يا بنتي!!!


كان وجهها خاليًا من المعالم، خاليًا من كُل شيء، ،حتى أنها أبعدت ذراعيّ جدتها بهدوء و تركتها لتدلف لغُرفتها مُرتمية على فراشها و عيناها تفيض دموعًا، إلى أن نامت بعُمق و دموعها لسه مغرّقة وشها!!


• • • • •


صحيت من نومها حاسة بـ كُل إنش في جسمها واجعها، وقفت قُدام مرايتها و إتفاجأت بشحوب وشها كإنها ميتة، و بـ صوابع لسه معلمة على جنب وشها، و بـ تجلُط الدم في جنب شفايفها، حاولت تتغاضى عن منظرها و لبست عبايتها و لفت طرحتها و خرجت من غرفتها، بصت لجدتها اللي قاعدة بتصلي، و لما شافتها لابسه قالت بـ ألم:

- رايحة الشغل ده بردو يا بنتي؟ 


بصتلها يُسر بهدوء و مردتش عليها و إتجهت ناحية الباب، وقفتها حنان بصوت حزين:

- أنا أسفة يا يُسر، أنا اللي جيبته هنا، حقك عليا يا بنتي!!


تساقطت دمعات يُسر فـ مسحتها بعُنف، و خرجت من الشقة و جسدها يرتجف من نحيط بُكاء مكتوم في صدرها، و أول ما خرجت وجدت عم محمد واقف مستنيها، إبتسمت في وشه إبتسامة خفيفة بينما هو بصلها بصدمة و قال بقلق عليها:

- يُسر!!! إيه اللي في وشك ده يا بنتي؟ 


قالت يُسر بتحاول تختلق كذبة:

- إتخبطت يا عمو محمد! خبطة خفيفة عادي!!


قال بتوجس:

- خبطة خفيفة! لاء ده ضرب يا بنتي! إنتِ شايفاني كبرتة خرفت و هتعرفي تضحكي عليا بكلمتين يا يُسر!!


قالت يُسر بحُزن:

- والله أبدًا يا عمو محمد مكانش قصدي كدا! حقك عليا!


و فتحت الباب وركبت في محاولة إنها تمنعُه من أي أسئلة إضافية!! ترجل هو العربية بقلة حيلة منُه! 


بعد ساعة و شوية خرجت من العربية و مشيت بخطوات سريعة إلى حدٍ ما للقصر، فـ إتنهد الأخير و ضرب كف بكف، خبطت يُسر على الباب فـ فتحتلها واحدة من الخدم اللي بصتلها بإستغراب من شكلها، دخلت يُسر المطبخ و قالت بخفوت و هي منزلة وشها عشان محدش يفتح معاها أي أسئلة:

- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!


- وعليكم السلام و رحمة الله!

قالت رحاب بـ ترحاب و مخدتش بالها من وشها، إلى إن يُسر لما رفعت وشها عشان تبص على أنحاء المطبخ و تستنبط المطلوب منها إتصدمت رحاب وقالت بخضة:

- مالك يا يُسر؟ إيه العلامات اللي على وشك دي!!


إلتفتت دينا بإستغراب و علت إبتسامة شماتة على وشها لما لقت يُسر بحالة وشها دي، فـ ردت بسُخرية:

- مين ضربك يا يُسر؟ لاء بس الشهادة لله تسلم إيدُه! 


بصتلها يُسر بضيق و مردتش، فـ نهرتها رحاب و قالت بحدة:

- ديــنا!!! مالكيش دعوة إنتِ و شوفي شغلك من سُكات!!!


بصتلها دينا بـ مقت و كملت شغلها بالفعل، فـ قرّبت رحاب من يُسر و خدتها من إيديها و وقفوا في جنب منزوي من المطبخ الكبير:

- تعالي يا بنتي! 


و لما وقفوا إسترسلت رحاب بحنان:

- مين يا حبيبتي اللي عمل فيكي كدا! إحكيلي يا يُسر أنا زي أُمك!!


بصتلها يُسر و إنهمرت الدموع من عينيها و قالت بضعف:

- عمي .. فاكرني بشتغل في حاجه مش كويسة!!!


و رغم إن جملتها كانت مُختصرة جدًا إلا إن رحاب شعرت بالأسف عليها، و ربتت على كتفها و قالت برفق:

- إهدي يا يُسر، مدام مش بتغضبي ربنا يبقى تحُطي صُباعك في عين التخين!!


أومأت لها يُسر، فـ الذي أصابها هذا كان لأنها دافعت عن نفسها، كملت رحاب بهدوء:

- يلا يا حبيبتي .. إنسي اللي حصل و تعالي نكمل شُغلنا!!


و بالفعل عملت يُسر شغلها و حمظت ربنا إن هي متصادفتش بيه، لإنها مش ناقصة تشوف شماته في عينُه هو كمان! و لما كانت بتوظي الأكل مخدتش باله و هي منزلة راسها و خبطت فجأة في حيط بشري قاسي رجعت غلى أثار الخبطة خمس خطوات لورا و رجعت فوقيهم خطوتين من صدمتها، رفعت وشها ليه فـ لقته هو واقف بجمود شديد و حل مكان جمودُه إستغراب و هو شايف وشها اللي إتطبعت عليه علامات صوابع غليظة، و نزل بعينيه لشفايفها اللي على نفس الناحية تجلُط دم، و مكانش فيه غير سؤال واحد بيتردد في دماغه .. مين إتجرأ و عمل فيها كدا؟


بصتلُه يُسر بعيون ضعيفة وقالت بخفوت:

- أنا أسفة


الفصل الرابع

- الحقيرة اللي بتقولي عليها دي أشرف من واحدة كانت بتجيب عشيقها بيت جوزها اللي واكلة شاربة نايمة في بيتُه .. و تنام معاه قُدام إبنها!!!!!


شُحِب وشها و إهتز بصرها و هي بتبُصله مصدومة، رفعت إيديها تلمس كتفُه إلا إنه بِعد خطوتين و لسه الإبتسامة الساخرة على وشُه، فـ نزلت إيديها جنبها و قالت و الدموع بتترقرق في عينيها:

- لسه فاكر!! لسه يا زين مش قادر تسامحني؟!


أطلق ضحكة رجولية مكانش فيها ذرة مرح واحدة، و قرّب منها و قال و عينيه بتشُع كُره:

- و هي دي حاجه تتنسي بردو يا ريَّا هانم! و بعدين أسامح مين؟ أسامحك إنتِ! أسامحك على أنهي غلطة فيهم؟ أسامحك على الخيانة؟ و لا على القذارة؟ و لايمكن أسامحك إنك خدتي فلوس أبويا كلها و سبتيه يمون بحَسرته لما عرف إن مراته خاينة و حرامية! إنتِ فاكرة إنب مقعدك معايا هنا حُب فيكي؟ ده أنا مقعدك عشان أشوف ذُلك بعيني! و أوريكِ الإمبراطورية اللي إبنك عملها بعد م خدتي فلوس أبوه و هربتي! 


و إتحولت ملامحه لقسوة غريبة و هو بيقول:

- مقعَّدك عشان الشارع هيبقى أرحم عليكِ مني! 


بصتلُه بقهر و قالت بألم:

- زين! أنا أمك يا زين! ليه كُل الكُره ده!!


- أهي دي غلطة أبويا الوحيدة! إنه أختار بني آدمة زيك عشان تشيل إسمه و تربي عيالُه!!

قال وهو غارز إصبعُه السبابة في صدرها، و كمِل و هو بيزود وجعها أكتر:

- واحدة زيك .. مينفعش تبقى أُم!


و إسترسل بقسوة:

- و البت اللي بتقولي عليها حقيرة دي .. شغّالة هنا عشان تصرف على جدتها .. عشان مترميش نفسها في حُضن الرجالة زي ما كُنتِ بتعملي يا ريَّا هانم!! شرَفها واجعك ولا إيه؟!


إنهارت في العياط و هي حاسة بقلبها بينزف من كلامُه، بص لدموعها بعدم تأثُر، بِعد عنها خطوتين و بصلها بإستحقار و طلع بعدها جناحُه، حرر أزرار قميصُه و هو حاسس بـ حجر جاثم فوق قلبُه، شرب سيجارة ورا التانية، حاسس إن في وجع بينهش في جسمُه، طرقات على الباب هي اللي خلتُه يفوق من دوامة كان بيتسحب فيها، سمح للطارق بالدخول، دخلت يُسر بخطوات بطيئة، أول ما شافها حَس بموجة غضب جواه وهيطلّعها فيها هي، قـ قال بصوت قاسي:

- إيه اللي جابك؟!!


و كإنه مستنكر دخولها لجناحُه، هي مش عارفة إنها دخلت قفص الذئب برجليها؟ مش عارفة إن وجودها هنا خطر عليها و عليه؟! صوتها الدافي الحزين كان بيرّدد:

- مش عايزة أكمل هنا!


قطب حاجبيه بيستوعب جملتها الصغيرة، لحد مـ أدرك اللي بتقوله فـ قال بإبتسامة ساخرة:

- و هتقعدي فين؟ في الشارع؟ 


قالت بـ ألم:

- مظُنش يهم حضرتك هقعُد فين! المهم إنك تاخد شقتك و اللي هتطلع منها أنا و جدتي الصبح بدري، يعني هتيجي مش هتلاقينا!!


حَس بـ نار بتاكُل في قلبُه، فـ إتجرأ ومسك دراعها و قال بعُنف:

- و الست الشريفة الخضرة رايحة فين!


بعدت إيديه بضيق و حدة و قالت بحدة:

- متمسكنيش بالشكل ده تاني!!!!


و رفعت صوتها عليه و هي بتقول:

- و بعدين أنا مسمحلكش تتكلم معايا بالشكل ده!! و لو يهمك أوي فـ أنا هتجوز و هاخد جدتي تعيش معايا!!!


إتصدم .. إتصدم لدرجة إن حَس بالأصوات حواليه بتقِل، هتتجوز! نفَسُه تقل و قال ولأول مرة تظهر صدمة في عينيه اللي مكانتش بتحمل أي مشاعر:

- هتتجوزي إزاي!


قالت و دموعها بتنزل على خدها:

- زي م أي بنت بتتجوز!!


بَص للعلامات اللي على وشها و قال ساخرًا:

- و الضرب ده كان عشان توافقي؟


بصتلُه و رجعت بصت للأرض و معرفتش ترُد، فعلًا عمها هو اللي عايز يجبرها تتجوز إبنه عشان تبقى تحت عينه هي و أمُه، و جدتها عيطت في التليفون عشان توافق لحد م قالتلها إنها موافقة .. موافقة تدفن نفسها بالحيا بس هي ميجرالهاش حاجه! قرّب منها زين و قال بقسوة:

- عايزه الجوازة دي؟!!


هنا إنهارت في البكاء و هي بتنفي براسها بقوة و جشمها كلُه بيتنفض، لان قلبُه ليها و قال بصوت أهدى:

- و إنتِ مش عارفة إن كدا جوازتك تبقى باطلة؟


قالت ببكاء و هي بتترعش:

- أنا مُجبرة، مبقاش عندي غير الحل ده، مش هقدر أكمل وصلة الإهانة هنا، و لا حتى قادرة أتجوزُه، أنا لو عليا عايزه أموت النهاردة قبل بُكرة .. و بدعي ربنا ياخدني عندُه عشان خلاص أنا مبقتش قادرة أستحمل!!


إتأمل إنهيارها و قال بهدوء:

- مدام مش عايزاه متتجوزيهوش!! 


قالت و هي بتنفي براسها وسط بكاءها باصّة للأرض:

- هيموتوني .. لو متجوزتهوش هيموتوني!!!


بصلها للحظات و الشيطان همسلُه بأذنُه بـ سبب خلّى قلبُه يتقبض و هو بيقول:

- إنتِ غلطتي معاه؟


توقفت عن البُكاء و رفعت عينيها العسلية اللي بتلمع ليه بصدمة، و قالت و جسمها بقى يترعش أكتر لدرجة إنها إنكمشت محاوطة نفسها:

- والله العظيم محصلش! ده إبن عمي و أنا مشوفتوش غير مرة واحدة من سنتين و من ساعتها و أنا كارهاه!!!


زفر نفس عميق، و قال بقوة:

- يبقى محدش يقدر يُجبرك!! أقفي في وشهم و قوليلهم لاء!!!


- عمي .. عمي صعب و ممكن حقيقي يموتني!

قالت بيأس حقيقي، فـ قال بحدة:

- و لا يقدر! هتقدي في البيت مع جدتك و هحُط حراسة على الشقة و محدش هيعرف يُدخُلكوا!!!!!


بصتلُه بإستغراب و مسحت دموعها و هي بتقول بخفوت:

- ليه كُل ده؟ مش إنت عايز الشقة دي! و عايزنا نمشي و آآآ


بـتر عبارتها و قال بقوة:

- من غير أسئلة ملهاش لازمة، عندك دلوقتي إختيارين، يا تتجوزي إبن عمك ده و تعيشي طول عمرك خدّامة في بيت عمك، أو تعيشي خدامة هنا في البيت و أنا مش هخلي حد يدايقك و لا يتعرضلك تاني!


 

بصتلُه بحيرة من تصرُفاته الغريبة بالنسبالها، عايز يوصل لإيه باللي بيعملُه ده!!، إلا إنها قالت:

- مش عايزه أتجوز غصب عني، و حتى لو في بهدلة هنا أنا مُضطرة أستحملها!!!


قالت كلامها و سابتُه و مشيت، خد نفَس عميق و عشان يخرّج الغضب اللي جواه رمى فازة بطول دراعُه فـ إتهشمت مية حتة! 

رجعت يُسر على أثر صوت الإرتطام مخضوضة، و فتحت الباب من غير م تستأذنُه، لقتُه مديها ضهرُه العاري العريض و صوت انفاسُه عالية، بصِت للمزهرية المسكينة و قرّبت منها، قعدت على ركبتها ولملمت القطع الكبيرة بحذر، لَفلها بيحاول يسيطر على نفسُه، راقبها بعيون ثاقبة و هي بتلملم قطع الزجاج، بَص لإيديها اللي بتترعش و هو حاسس إن ممكن تكون مريضة بـ مرض ما عشان كدا إيديها بتترعش طول الوقت، غمّض عينيه و قال بصوته البارد:

- إبعتي حد يلمُهم ملكيش دعوة إنتِ!!


بصتلُه للحظات و رجعت تلملمهم بهدوء و قالت:

- مالوش لزوم، أنا لميتهُم خلاص!!


مرّدتش عليها، راقب خروجها بهدوء زي دخولها بالظبط، و كل ما تيجي في مُخيلته إنها ممكن تبقى في حضن حد وميبقاش هو الحد ده بيبقى عايز يطلّع روحها في إيديه!!! 


رجعت بمقّشة و جاروف و لميتهم و هي واقفة، و قالت بهدوء:

- أنا هرجع البيت!


قال بقوة:

- رقمي معاكِ؟


نفت براسها و قالت:

- رقم الشركة بس!!


قرّب منها و خطف تليفونها الصغير من إيدها، سَجل رقمُه و بصعوبة، و مدُه ليها تاني و قال بضيق:

- كلميني لو حصل حاجه!


أومأت بهدوء و هي بتاخد منه تليفونها، و سابتُه و مشيت، الليلة دي منامش، الأصوات اللي في عقله مكانتش بتسكُت، عدت ساعة بالظبط و لقّى رقم غريب بيرن عليه، فتح الخط بسُرعة فـ سِمع صوتها الباكي بيهمس:

- زين بيه .. مُمكن تيجي؟!!


- جاي!!!

قال من غير تردُد و صوتها مبيروحش من دماغُه، لبس قميصُه و نزل على السلم تلات درجات ورا بعض، ركب عربيته و ساق على سُرعة عالية جدًا، وصل بيتها في زمن قياسي، و من غير تفاهُم رزع باب بيتها بقسوة لدرحة إنه وقع، عينيه مشيت على مكان فا لاقاها واقفة في رُكن في الشقة ضامّة إيديها اللي بتترعش لصدرها .. وشها أحمر و شفايفها بتنزف دم، راجل كبير واقف و على وشُه ملامح غاصبة وشاب واقف جنبُه بيبُصلها بخبث، و جدتها واقفة قدام الراجل الكبير بتحاول تهديه!


و بمجرد دخولها كل الأنظار إتجمّعت حواليه و أولهم هي، مش قادرة تفسّر شعورها بالأمان أول ما شافته، و لا قادرة تفهم ليه إنزوت في أوضتها و كلمتُه، كل اللي فاهماه إن دلوقتي بس عمها مش هيعرف يضربها!! 

صوته صدح في الشقة و هو بيقول:

- إيــه اللي بيحصل هـنـا!!!


- إنت مين يا أفندي!!

قال عمّها و هو بيستطرد بحدة و بيقرّب منُه، فـ رد زين بحدة مُماثلة وقال:

- أنا صاحب البيت ده! و اللي بتشتغل عندُه بنت أخوك!


ضحك عمها بسُخرية و قال:

- بتشتغل!! قول بتصيع .. بتتسرمح!!! إنما بتشتغل دي كبيرة شوية!!!


إبتسم زين بجمود و قال:

- لاء أنا بتكلم عن يُسر! مش بنتك!!!


إتدخل إبنه و صرّخ فيه بصوته الحاد المُزعج:

- إنت إزاي تتكلم كدا يا جدع إنت على أختي!!!


- بس يا حيلتها إنت كمان!!

ردّ زين و هو بيشاورله بعينه، و رجع بَص لـ عزيز اللي رجع خطوتين لـ ورا و هو بيحاول يستوعب قوة اللي قُدامُه ده، فـ قال زين بهدوء:

- بنت أخوك تخُصني!!!


شهقت جدتها و هي بصتلُه بصدمة و الدموع و قفت على أعتاب عيونها، فـ رد عزيز مذهول:

- تخُصك إزاي يعني!!


- يعني هتجوزها!! و مش بستأذنك .. ده أنا بعرّفك! من باب العلم بالشيء يعني!!!

قال بإبتشامة صفراء، حَست يُسر بـ لسانها بيتلّجم، و منطقتش حرف، فـ قال حازم إبن عزيز بحدة:

- تتجوز مين إنت إتجننت!!! أنا اللي هتجوزها!!!


رَد زين بعد م فقد آخر ذرة صبر كانت جواه:

- لاء م هو مش مزاد يا روح أمك!!


بصلُه عزبز و الخبث إترسم في عينيه و قال:

- عايز تتجوزها .. يبقى تدفع!!


إبتسم زين و قال:

- كدا إنت إبتديت تفهمني!!


و كمل بـ خُبث أكبر:

- بس إيه اللي يخليني أدفع لواحد زيك و أنا ممكن أخدها من إيديها دلوقتي و نطلع على أقرب مأذون؟


قال عزيز مُبتسم:

- و مين هيتوكلها؟ إنت متعرفش إن بنت أخويا بِكر ولا إيه! لازم وكيل عشان الجوازة تبقى مظبوطة!!!


- عايز كام؟!

قالها بإختصار!


فـ قال عزيز ببجاحة:

- مليون!!


بكُل برود قال:

- هبعتلك حد بالشيك! بس هنكتب دلوقتي!


- إنتوا إيه اللي بتعملوه ده إنتوا مجانين!!!! بتبيعوا و تشتروا في البت!!!!

صرخت حنان و هي بتضرب على رجلها، تجاهلها عزيز تمامًا و قال و عينُه بتلمع بالجشع:

- مافيش كتب كتاب غير لما آخُد الشيك!!


طلّع زين تليفونه و عمل مُكالمة سريعة، ورجع قال بجمود:

- شوية و الشيك هيبقى في إيدك!


- كدا إتفقنا!!

قال والإبتسامة شاقة ثغرُه، فـ همس حازم بضيق بيقرّب منُه بعد ما زين خرج من البيت:

- بس أنا يابا كنت عايز أتجوز البت بجد!!


- تغور البت! بقولك مليون جنيه!!

قال عزيز و هو بيضرب على كتف إبنه من حماقته، فـ هدر عزيز بحُزن:

- كل ده ولا حاجه قُصاد العسل اللي الأفندي ده هينام فيه مع بنت عمي!! 


• • • • •


إتحركت يُسر بخطوات بطيئة بالكاد عارفة تصلُب طولها، خرجت من الشقة لقِته واقف بضهره و بيشرب سيجارة، قرّبت منه و وقفت قُدامه و وشها إزداد إحمرارُه، و قالت بصوت شِبه عالي رغم الإرهاق اللي هي فيه!:

- عملت كدا ليه!!! ده إنت أول واحد جيت في بالي لما شوفت عمي في البيت و قولت هستنجد بيك إنت!!


مبصلهاش، و بمُنتهى البرود رد:

- أنا هتجوزك!! أي واحدة مكانك تتمنى اللحظة دي!!!


بكت من قلبها و قالت:

- مش عايزه!! مش عايزه اللحظة دي و مش عايزه أتجوزك!!!


مسك دراعها بقسوة وقال:

- أومال عايزة تتجوزب مين؟!!! الو** اللي جوا ده؟!!


حاولت تبعد إيدُه و هي حاسّه إن لمسته ليها زي النار اللي بتكوي روحها، نفت براسها بتنفي حديثُه و هي بتقول بإنهاك:

- إبعد إيدك لو سمحت!!!


نفضها بعيد فـ كانت هتُقع لولا تشبُثها في العمود جنبها، غمّضت عينيها و قالت بألم:

- لا عايزه أتجوزه ولا أتجوزك ولا عايزة أتجوز خالص، أنا عايزه أعيش في هدوء!


مرَدش عليها، فـ قالت و دموعها بتنزل:

- كان إيه إحساسك و إنت شايفُه بيبيع ويشتري فيا و إنت موافق! إيه إحساسك و إنت مِشتريني بفلوسك دلوقتي؟!


بصلها للحظات و قال بنفس النبرة الباردة:

- جهزي نفسك عشان المحامي بتاعي زمانُه جاي و هيديلُه الشيك، و أول ما يمسك الشيك هنكتب الكتاب!!!


نفت براسها و إترجتُه، لدرجة إنها قرّبت منُه و ضمت إيديها المُرتعشة لصدرها و قالت:

- أرجوك!! أرجوك متعملش فيا كدا! إنت كدا بتكتب عليا الحُزن طول عُمري!! مش إنت .. مش إنت قولتلي إنك بس هتعين حراسة عشان محدش ييجي جنبنا!!


هل هي بريئة أم أنها تصتنع هذا الكم من البراءة؟ نظر لـ إيديها اللي بتترعش و رجع بص لعنينها المليانة دموع و وشها اللي إختلط بياضُه بحَمار مش مُحبب ليه، و كل ما يتخيل إن عمّها ضربها بيبقى عايز يدخل يكسّر عضمُه، شفايفها اللي بتنزف .. عايز يرفع إبدُه و يمسح الدم ده و يسيب لإبهامُه حُرية تحسُس ملمس شفايفها الناعمة المُكتنزة، أخد نفس عميق و بَص بعيد عنها ورجع قال بنفس قسوته:

- إنت فاكرة إني هعمل حاجه كدا لله و للوطن؟ و هستفيد إيه لما أحُطلك حراسه و خلاص! م تبقي في بيتي و مراتي و محدش وقتها يعرف يمس منك شعره!

- بس أنا مش عايزه! 

قالت بألم، فـ رد بجمود:

- مش مهم .. أنا عايز!!


وصل المُحامي بدفتر الشيكات، مضى زين إمضته بعد م المحامي حَط المبلغ، و سلم المحامي الشيك لعزيز، اللي قال بفرحة:

- على بركة الله، كدا نكتب الكتاب!!


المأذون وصل بالفعل بعد دقايق، و قعد زين قُدام عزيز ماسك إيدُه و يُسر قاعده جنبُه بتحاول تكتم شهقاتها، ردد زين ورا المأذون و مضى، و هي مضت بأصابع بترتجف و جدتها قاعدة حزينة على حالها، زفر زين براحة أول ما إتكتبت على إسمه، مشي المأذون و المحامي فـ قال زين بعد م وقف موجه كلامه لعزيز و إبنه:

- مش عايز أشوفك وشك ولا وش إبنك تاني!!!


قال عزيز مبتسم بسماجة:

- مقبولة منك يا جوز بنت أخويا! 


و شد حازم و قال بإصفرار:

- هنستأذن إحنا بقى!!!


و بالفعل مشيوا، لفت حنان لـ زين و قالت بـ بُكاء:

- إنت عايز إيه مننا يابني، ده إحنا غلابة و طول عمرنا ماشيين جنب الحيط!!


رد زين موجه كلامه لجدتها:

- مش عايز حاجه، هنطلع دلوقتي على شقة في الزمالك دي اللي هتقعدي فيها! و الشقة دي هتتقفل لإنها مبقتش صالحة إن حد يعيش فيها!! و متقلقيش الشقة هتتكتب بإسمك عشان محدش يعرف يطلّعك منها!!!


بصتلُه يُسر مصدومة من كلامه، و حنان قالت بفرحة:

- بجد يابني؟


ندَه زين على ماجد اللي لسه واصل و إستشاط غضبًا لما شاف المأذون خارج من البيت، إلا إنه أطاع أمر سيدُه و دخل و هو بيقول بصوت مشحون موطي راسه:

- أمرك يا زين باشا!!


- خُد الحجَّة وصَّلها للشقة اللي في الزمالك، و إبتدي في إجراءات نقل الملكية بإسمها! 


- تؤمر يا بيه! إتفضلي معايا يا حجّة!!

قال بهدوء، فـ بصت يُسر لجدتها و مسكت إيديها و همست برجاء:

- تيتة .. متسيبينيش لوحدي معاه!!!


ربتت حنان على كتفها و قالت بهدوء:

- ده جوزك يا بنتي!!!


بصتلها بصدمة وقالت:

- مكنش ده رأيك من دقيقتين يا تيتة!!


حزنت جدتها على حالها وقالت:

- إقبلي الأمر الواقع زي ما كُلنا قبلناه يا يُسر!!


و سابتها و راحت مع ماجد اللي كان بيبُص لـ يُسر بإحتقار، فضلت يُسر عينيها ثابتة على نقطة فراغ مكان جدتها، مافيش تعبير محتل وشها غير الصدمة و الخذلان، بصلها زين و نزل بعينيه لإيديها و أخيرًا بقى قادر يحاوط الإيد اللي كُلها رجفة، و بالفعل مسك إيديها و آآ


الفصل الخامس

سمعت صوت قفل الباب فـ إتقبض قلبها أكتر، لفِت لقتُه بياخد إيديها و بيمشي بيها ناحية أوضة في آخر الشقة، دخلت وقعدت على السرير بتفرُك صوابعها، فـ فتح الخزانة وخرّج بيچامة كانت إلى حدٍ ما مُحترمة لإنه عارف إنها مش هتقبل تلبس حاجة من الحاجات الفاضحة اللي في الدولاب، بيچامة بـ نُص كُم و برمودا!، ياريتُه إكتفى بالبيچامة، ده خرّجلها طقم داخلي راقي جدًا باللون الأبيض و حطه جنبها و قال ببرود:

- قومي خُدي شاور دافي و إلبسي البيچامة دي!!


إتصدمت من جرائتُه و قالت و وشها إستحال للأحمر:

- على فكرة مينفعش كدا!! إنت .. إنت بتعمل حاجات قليلة الأدب و آآ!!


- أنا جوزك! وبعدين قلة الأدب لسه جاية!!!!

  بصِت للأرض و رجعت بصتلُه و قالت بحرج: 

- و يا ترى ده لبس مين؟ 


- لبسك!

قال ببساطة، فـ قطّبت حاجبيها و قالت:

- يعني قرار إنك عايز تتجوزني ده مجاش صُدفة! دي خطة بقى!!


قال بنفس البرود:

- متسأليش أسئلة مالهاش لازمة، قومي غيّري!


و خرج من الأوضة كلها، فـ مسكت البيچامة و الطقم الداخلي بتبصلُه برهبة حقيقية، دخلت المرحاض و قفلت الباب على نفسها كويس، نزعت كُل ملابسها و دخلت تحت الدُش، بتحاول تلغي أي أفكار تيجي في دماغها تزود الرعب في قلبها، ليه دونًا عن كل البنات هي تبقى زوجة للوحش اللي برا ده!!

خرجت من تحت الدُش و لبست الهدوم، نشفت شعرها بالفوطة و سابتُه ينزل على ضهرها اللي كان واصل لآخرُه، إرتجفت و هي مش مصدقة إنها هتطلع كدا و لسه مش مستوعبة فكرة إنه بقى جوزها، خرجت من الحمام بصعوبة بعد تردد كبير خرجت و حمدت ربنا إنه مش في الأوضة، و بعد مرور ساعة و هي ضامة رجليها لصدرها منزوية في آخر الفراش العريض، قامت و فتحت الباب دورت عليه في الصالة و المطبخ و لما ملقتهوش إبتسمت بسعاده و دخلت الأوضة بسُرعة قفلت كل الأنوار و نامت و دثرت نفسها بالغطا من رأسها لأخمَص قدميها!!!

صحيت اليوم اللي بعدُه و أول حاجه دورت عليها بعينيها كان هو، قامت ودوّرت في الشقة كلها وملقتهوش، لحد م فقدت الأمل و دخلت تعمل حاجه تاكُلها و لحُسن حظها التلاجة كانت مليانة بأكل يشهي الأنفس، أكل لأول مرة بتشوفه، و أكل حُرمت منُه، أكلت لحد ما شبعت و بعدها حشِت بالخجل لإنها كلت كتير و همست لنفسها بحُزن:

- ليه كلتي كُل ده؟! دلوقتي ييجي يشوفك واكله ده كلُه .. هيقول إيه عليكِ!!


و إسترسلت بغرابة:

- هو راح فين!!!


 • • • •

يومان .. ثمانية و أربعون ساعة من دون حتى أن ترى طيفُه، كُل م تصحى و متلاقيهوش تنام تاني، للحظة حسِت بإهانة فظيعة، إتجوزها ليه مدام مش عايز حتى يقعد في المكان اللي هي قاعدة فيه، عينيها وارمة من شدة البكاء، مش عارفة هي بتبكي ليه، بتبكي إنه مش موجود! دي مُستحيلة! جايز بتبكي لإنها حسِت إنها لوحدها مش معاها حد بين أربع حيطان كاتمين على نفَسها، حضنت مخدتها و إنهارت في العياط أكتر، من إمبارح و هي بتحلم بكوابيس غريبة، و تصحى مخضوضة متلاقيش حتى حد يناولها كوباية مايه، فـ تعيط شوية زي الأطفال و ترجع تنام تاني، لحد م صحيت في صباح اليوم التالت سمعت صوت كركبة برا، خافت جدًا و ضمت الغطاء لصدرها بتغطى جسمها الظاهر من منامية حرير باللون الأحمر حمّالات واصلة لأعلى رُكبتها، قامت بسُرعة ولبست روب القميص اللي كانت لابساه فـ غطَّى الروب لحد آخر رجلها، طلعت من الأوضة و الذُعر باين على وشها، لقتُه واقف في المطبخ مديها ضهرُه بيفضي حاجات من الكيس، و صوته الرجولي قال بهدوء:

- متخافيش! ده أنا!


إزاي عرف إنها واقفة وراه؟! زفرت نفس عميق إلا إن الضيق إحتل ملامح وشها و هي بتقول بحدة:

- كُنت فين؟


إبتسم ساخرًا و هو لسه مشافهاش و قال:

- وحشتك؟


قرّبت منُه و صرّخت فيه و هي بتقول بصوت يشوبه البُكاء:

- رُد على سؤالي!!! جيبتني هنا و رمتني زي الكلبة و سيبتلي شوية أكل في التلاجة عشان عارف إنك هتغيب!! و مدام إنت مش عايز تقعد معايا لييه تتجوزني من الأول!!!


لفِلها ولسه كان هيتكلم إلا إن لسانه إتكبل بسلاسل من حديد لما شاف أُنثى مُبهرة فاتنة واقفة قُدامه، لابسة روب أحمر إتفتح شوية من عند نهديها فـ ظهرهم بـ سخاء، شعر بُني كستنائي نفس لون عينيها مُبعثر شوية إلا إنه مازال مُحتفظ بنعومته، ملامح ملائكية و وش أحمر من أثار النوم، عيون بتلمع من العياط اللي على وشك إنها تعيطُه، عينيه بتشرب تفاصيلها، تفاصيل مُهلكة، إزاي حد ممكن ياخد كل القدر من الجمال ده لوحدُه، إزاي سابها اليومين دول أصلًا!! عينيه ثبتت على شفايفها اللي بتترعش و هي بتقول بصوت مخنوق غافلة تمامًا عن نظراتُه اللي بتاكُلها:

- إنت عارف أنا شوفت إيه في اليومين دول؟ عارف كنت بحلم بكام كابوس في اليوم و اقوم مخضوضة معيطة عشان قاعدة لوحدي و آآآ


مقدرش يتحمل، في لحظة كان محاوط وشها بين إيديه بيُقبل شفتيها المُكتنزة بنهم، قُبلة جامحة مُتعدية على حُرمة شفتيها مُنتهكة عُذريتها إنتهاك كامل، بيخطف شعور أول قُبلة و أول لمسة، يُسر إتصدمت، مقدرتش تتجاوب معاه وفي نفس الوقت مكانش عندها القوة الكافية عشان تبعدُه، صوابعه اللي بتتغلغل خُصلاتها و اللهفة اللي كانت في قُبلته و إيده التانية محاوطة خصرها بقوة بتقرب جسمها من جسمُه، حطت كفيها على صدرُه بتحاول بضعف تبعدُه و كل اللي عملتُه إنها زودت لهيب الشوق في قلبُه أكتر، مكانتش عارفة إن بلمسة إيديها على صدرُه و الضعف اللي إتملك منها هيخلوه يفقد السيطرة على نفسُه أكتر، لما حَس بنفسها بيروح بِعد، فـ لهثت بتحاول تاخد أكبر قدر من الأكسچين تاني، و هو كذلك، إتفاجئت بيه ساند جبينه على جبينها مغمض عينيها و هي غمضت عينيها و حاسه برجفة في قلبها، فـ هي بتختبر لأول مرة في حياتها لمسة راجل ليها، حَست بإيدُه بتحرر عُقدة رُباط الروب، فـ همست بخوف حقيقي و هي لسه مغمضة عينيها:

- أنا خايفة!!


نزل بعينيه لجسمها و زي م توقع الأنوثة الفتّاكة اللي كانت مخبياها ورا العباية، و لما سمع جُملتها بهدوء وقّع الروب الحريري من على كتفها و قال بهدوء:

- مش هأذيكي!!


هو عايز يصارحها إن هو نفسُه خايف، خايفه عليها منُه، خايف من رغبته فيها و شهوته تإذيها، فـ سمعها بتقول برجفة و حُزن:

- من أول ما شوفتني .. و إنت بتإذيني!!!


ميّل و شالها بين إيديه و آآ


الفصل السادس

- يُسر قولتلك سيبي الإزاز!! ولا مش قادرة تنسي إنك كُنتِ خدّامة هنا!!!!

رمى جُملته في وشها زي القُنبلة الموقوته، إتصدمت من كلامُه، و رفعت وشها بتبصلُه بذهول، أدركت الجُملة بعد لحظات و أدرك هو صعوبة اللي قالُه بعد لحظات مُماثلة، إبتسمت بألم و هي بتكمل لملمة الإزاز وقالت:

- و دي حاجه تتنسي؟!


و رمت الإزاز في الباسكت، إتجهت للسرير و نامت على طرفُه بهدوء مديّالُه ضهرها، حاسة بقلبها بينزف، و روحها مميّلة لقُدام من شدة الألم اللي حاسه بيه!


ضلِّم الأوضة و لأول مرة في حياتُه يندم على حاجه قالها، غمّض عينيه لما قعد على السرير مميِّل لقُدام، مشبك صوابعه في بعض بيسب نفسُه في سرُه على اللي قاله، و بعد دقايق إستلقى على السرير و لَف لـ ضهرها اللي في مواجهتُه، مسك دراعها برفق وشدّها عشان تبقى قُريبة منُه و لفها في مواجهته فـ بصتلُه بعيون خالية من المشاعر، مسح على شعرها و وشه قريب جدًا من وشها، همس قُدام شفايفها وقال:

- متزعليش، مكنش قصدي أقول اللي قولتُه ده!!


قالت بهدوء:

- مش زعلانة! بس تعبانة و عايزه أنام!


إتنهد و همس:

- و أنا تعبان و عايزك!!!


قبل ما تنطق كان بيلتهم شفايفها بـ قُبلة رقيقة مُشتاقة، مقدرتش تبعدُه لإنها عارفة إنه محتاجها، مقدرتش توجعُه و تبعدُه عنها زي ما وجعها و بعّدها عنُه بجُملة مكانش قاصدها زي ما بيقول!!


• • • • • 


صحيت يُسر حاسه بعطش شديد، بصتلُه و هو نايم بعُمق، فـ مسحت على خُصلاته برفق، و قامت لبست الروب بتاعها و خرجت من الغرفة لمطبخ الجناح ملقتش فيه مايه ساقعة فـ إضطرت تنزل للمطبخ الرئيسي، الڤيلا كانت ضلمة جدًا، فـ بصعوبة وصلت للمطبخ و فتحت أنوارُه و مافيش أي حد فيه كلُهم كانوا نايمين، فتحت التلاجة و طلعت إزازة مايه ساقعة، شربت بعَطش رهيب ، إلا إن جسمها إتنفض والإزازة وقعت من إيديها لما سمعت صوتها القاسي بيقول:

- نازلة بتتمشي في الڤيلا و لا أكنها ڤيلة أبوكي!!!


بصتلها بهدوء و مرَدتش، جابت الإزازة من على الأرض و غطتها ودخلتها التلاجة تاني، و عدت من جنبها عشان تمشي من المطبخ إلا إنها لقت قبضة على ذراعها بكُل قسوة بتغرز ضوافرها فيها و بتقول بحدة:

- مش أنا بكلمك يا زبالة إنتِ!!!


بصتلها يُسر بتحاول تتحامل على ألم دراعها و قالت بهدوء:

- حضرتك عايزه إيه؟! 


زقتها ريَّا على الرُخامة فـ تآوهت يُسر بألم من حرف الرُخامة اللي إرتطم بضهرها، عشان بعدها تحِس بـ ألم أقوى من ألم ضهرها و هو ألم كلامها و هي بتقول بقسوة:

- إنتِ فاكرة إيه يا بت إنتِ؟ فاكرة إنه إتجوزك عشان حبِك؟ فوقي! زين إبني مبيعرفش يحب حد! ميعرفش حاجه إسمها حُب أصلًا! زين متجوزك عشان حلوة شوية! عشان شكلك و جسمك! و أول ما هيزهق منك أوعدك إنه هيرميكي بطول دراعُه و هيسيبك جنب أوسخ حيطة!!!


بصتلها بعيون مافيهاش ذرة شعور، حاطة إيديها على ضهرها، إتعدلت في وقفتها و مرّدتش عليها بل سابتها ومشيت، طلعت على السلم درجة درجة و بتفكر في كلامها، هي عارفه إنه محبهاش، جايز يكون فعلًا متجوزها رغبة مش أكتر ، إتنهدت و دخلت الجناح و الألم العاصف بضهرها مش بيخِف أبدًا، نامت على السرير بصعوبة بتبُصله بألم، و خايفة يكون فعلًا مبيحبهاش، قرّبت منُه و حطت راسها على صدرُه العاري محاوطة خصرُه، صحي على حُضنها ليه فَ مسح بإيدُه على ضهرها، أنِّت هي بألم فـ غمغم بإستغراب بصوته الناعس:

- في إيه؟!


قالت و أنفاسها عالية من شدة الألم:

- مافيش حاجه! إتخبطت في ضهري بس!!!

قام قعد نُص قعدة و قالها بضيق:

- إتخبطي إزاي يعني! لفي!!


نفت براسها و قعدت قُصاده و قالت بخجل:

- لاء مافيش داعي أنا كويسة!!!


- لفي يا يُسر!

قال بحدة، فـ إتنهدت و لفت مديالُه ضهرها و هي قاعدة، رفع القميص لقى كدمة حمرا خلتُه يتصدم، تحسسها برفق و قال بحدة:

- دي بقت كدمة! مبتاخديش بالك من نفسك ليه يا يُسر!!!


قالت بحُزن:

- اللي حصل حصل يا زين خلاص!!


زفر بضيق و فتح دُرج الكومود خرّج منُه مرهم للكدمات، رفع القميص تاني و مسكُه بإيد و بالإيد التانية فضّى القليل على الكدمة و وزّعُه بصُباعه برفق عشان متتوجعش، لحد م جلدها إمتصُه، نزل القميص و سند دقنُه على كتفها بيمسح على طول دراعها و بيقول:

- خُدي بالك بعد كدا!!!


أومأت بهدوء، فـ تسائل:

- إيه اللي نزلك المطبخ أصلًا؟!


- كنت عطشانه!

قالت بهدوء، فـ ضمها لصدرُه من ضهرها و قال برفق:

- ماشي! 


و إسترسل فارد رجلُه حوالين رجلها:

- خليكِ نايمة كدا بقى عشان ضهرك!!


قالت بخجل:

- لاء لاء!! هنام على بطني و مش هيوجعني إن شاء الله!


إبتسم على خجلها و قال بهدوء:

- خلاص اللي يريحك!!

و بعّد إيدُه عن جسمها فـ قامت بحذر و نامت على بطنها، خافت روب القميص يتحرك فـ قالت لـ زين اللي كان بيراقب كل تفصيلة صغيرة بتصدر منها:

- زين مُمكن تغطيني؟


إبتسم و فرد الغطا على جسمها، سند بـ مرفقه على السرير جنبها و حط راسه على كفُه المقفول و غلغل أنامله بشعرها و هو بيقول:

- لسه مكسوفة مني!!!


شعرها كان على وشها بمنظر خلّى قلبُه يدُق دقات عنيفه، و إبتسامتها و هي بتقول:

- محسسني إننا متجوزين من عشر سنين!! أكيد بتكسف أنا ملحقتش!!!


مرَدش عليها و مسح على خدَّها و قال بفتون:

- جايبة الجمال ده منين؟!


كانت هترُد إلا إنها شردت بحُزن و تمتمت:

- مكنش ده رأيك من أسبوع، قولتلي لو شوفتني قدامك عريانة .. مش هتبُصلي!!


قرّب منها وباس راسها و تنهد، و مسح على ضهرها من فوق الغطا و هو بيقول:

- كلام يا يُسر! كنت بكدب عليكِ، من أول لحظة شوفتك فيها .. شدتيني!!!


- طب ليه كل مرة كنت مصمم توجعني بكلامك!!

قالت بحُزن لدرجة إن عينيها لمعت بدموع مكبوتة، فـ قال بهدوء:

- مش يمكن عشان أنا أصلًا موجوع!!


قالت بلهفة:

- مين وجعك؟!


- يلا يا يُسر عشان تنامي!


قال و هو بيمسح على شعرها، و طفى ضوء الأباچورة اللي جنبُه، فـ إتنهدت و غمغمت بلُطف:

- أُحضني!!


إبتسم و هو حاسس إن بنتُه اللي نايمة جنبُه، حضنها فعلًا من ضهرها و قبّل كتفها العاري و خلف رقبتها بعد ما جمّع شعرها كلُه على هيئة كعكة، لما إتأكد إنها نامت نام هو كمان .. بس الخوف اللي في قلبُه من إنه يتعلق بيها أكتر من كدا منامش!


• • • • •


- قوليلي .. حاسه بإيه دلوقتي؟

قال و هو واقف قُدام المرايا بيشمّر عن قميصُه الأبيض المُلتصق بـ عضلاتُه، زمت شفتيها بحُزن و قال بضيق:

- زعلانة!!! 


لفِلها و قال بإستغراب:

- ليه مالك؟ 


هتفت حزينة:

- ملحقتش تقعد معايا يا زين! 


إبتسم و قرّب منها، مسك دقنها و رفع وشها ليه و ميّل طبع قبلة على شفتيها و هو بيهمس أمام وشها:

- شُغلي يا يُسر! بحبُه و مقدرش أعيش من غير ما أشتغل!


- بتحبني؟!

قالت بتلقائية بريئة، إتصدم من سؤالها! بتسألُه ليه دلوقتي! بتسألُه سؤال هو نفسُه ميعرفش إجابتُه، سِكت، معرفش يقولها إيه، هو عارف إنه مبيحبهاش لإنُه متأكد إن قلبُه إسود مبيحبش حد، هو متجوزها جواز رغبة، رغبة فيها و الرغبة مينفعش معاه تبقى حُب!!!


إرتجف بؤبؤ عينيها و هي بتبُصله وسكوته خلّاها تعرف الإجابة، قامت وقفت قُدامُه و قالت و الحُزن كلُهم متشكل على ملامحها:

- طب ليه إتجوزتني؟!


- يُسر أنا هتأخر!

قالها و هو بيمشي من قدامه إلا إنها مسكت دراعُه و قالتلُه بإنكسار:

- مش هعطّلك! أنا عايزة إجابة على السؤال ده و هسيبك تمشي!!


بصلها بضيق و قال:

- يعني إيه إتجوزتك ليه يا يُسر؟! الناس بتتجوز ليه؟


قالت بألم:

- عشان بيبقوا حابين بعض!!


قال ساخرًا:

- إنتِ فاكرة إن السبب اللي بيخلي أي إتنين يتجوزوا هو الحب؟ 


أومأت دون رد، فـ قال بهدوء:

- عشان بريئة .. أسباب كتير تخلي أي إتنين يتجوزوا!


- طب قول متجوزني ليه!

قالت و في نبرتها رجاء يجاوب! فـ قال بهدوء:

- إتجوزتك عشان مش عايز أوسّخك! مش عايز أعمل معاكِ حاجه غلط!!!


جحظت بعينيها بتترجم كلماتُه، فـ قالت مصدومة:

- رغبة يعني؟!


- أيوا يا يُسر!

قال و هو بيتأمل صدمتها اللي على وشها، فـ تمتمت بصوت بيرتعش:

- مبتحبنيش يعني؟


- أنا مبحبش حد!!

قال بكل برود مش واعي لأثر كلماته على قلبها، نزلت إيديها من على دراعُه و قعدت على السرير، و أومأت براسها شاردة في نقطةٍ ما:

- تمام!!!


بصلها للحظات، و مشي! مشي و هو مُتأكد إن اللي قالُه ده هو الصح حتى لو وجعها، دي الحقيقة و الحقيقة مينفعش توجعها! 


• • • • •


نزلت على السلم بعد م لبست عباية تشبه عباية الإستقبال، و سايبة شعرها، مافيش تعبير على وشها غير الجمود، قعدت على السفرة لما خدامة من الخدم قالتلها إن الفطار جاهز، كانت ريّا بتترأس السُفرة و بتاكل من غير ما تبُصلها، أكلت يُسر هي كمان و مبصتلهاش، لحد ما قطعت ريَّا الصمت و قالت:

- مالك يا عروسة! إبني مزعلك ولا إيه! قوليلي لو مزعلك مش هسكُت .. هروح أشكُره!


قالت ساخرة في آخر كلماتها، فـ بصتلها يُسر و إصتنعت الإبتسامة:

- متقلقيش يا حماتي!!! إبنك معيشني في هنا!! 


- موقتًا!

قالت بجمود و هي بتاكل بهدوء، فـ بصت يُسر لطبقها بضيق، كملت ريّا مُبتسمة:

- هيزهق منك قريب، و هيرميكي!!!!


حسِت إن كلامها حقيقي خصوصًا لما إعترف النهاردة إنه متجوزها رغبة و الرغبة تنطفئ، و الشوق يخمد، و اللهفة تتلاشى، لمست ريّا في يُسر نقطة واجعاها أساسًا، مقدرتش يُسر تتحمل كلامها و سابت الأكل بعد م أكلت يادوب معلقتين و قامت!


طلعت جناحها و من غير م تحس إنهارت في العياط، إترمت على الأرض و خبطّت بإيديها مُنهارة في البكاء و الصراخ بتحمد ربنا إن جناحه عازل للصوت، عياط مُستمر مش قادرة تتحكم فيه، ساعة ورا التانية لحد م نامت مكانها، نامت لساعات بتهرب من واقع واجعها، دخل زين بالليل بعد م رجع من شغلُه، و لاقاها على الحالة دي، نايمة على الأرض خُصلاتها مبعثرة و إرتجافة صغيرة تضرب جسدها بين الحين و الآخر، إتخض و ميّل عليها شالها بين إيديه، حطها على السرير فـ صحيت و لما أدركت إنه قريب منها بعدت عنُه بتزحف لورا لآخر السرير، إستغرب و قال:

-إيه اللي كان منيمك على الأرض؟ و بتبعدي عني ليه؟!


- ولا حاجه!! بس .. إتخضيت!!

قالت و هي بتبصلُه بتوتر، فـ هتف بهدوء و هو بيفتحلها دراعُه:

- طب تعالي!!!



الفصل السابع

و للحظة حسِت بحاجه بتسحبها لتحت، حتى الصريخ مكانتش قادرة تصرّخُه، موجة سودا بتبلعها لجوا و هي مُستسلمة تمامًا، و للحظة مشي شريط حياتها قُدامها، غمّضت عينيها و تساقطت دمعاتها و هي بتُدرك إن دي النهاية، زين مُندمج في السباحة و مش واخد بالُه منها، و شوية الهوا اللي باقيين في رئتيها على وشك النفاذ، إستسلمت لمصيرها لكن أكتر حاجتين كان نفسها تعملهم تشوف جدتها .. و تُحضنُه قبل ما تموت! حُضن أخير!

لحد م حسِت بإيد قوية محاوطة خصرها بتشدها لـ فوق، و صوته بيصدح بإسمها، ضربات خفيفة على وشها عشان تفوق و قلق بتمسُه لأول مرة في صوتُه، شفايفه اللي قرّبت من شفايفها عشان تمِدها بالأُكسچين، فضل كدا عشر دقايق لحد ما فاقت و فضلت تكُح، أول ما فاقت تشنُج وشُه إرتاح تمامًا و الهوا اللي كان حابسُه في رئتيه خرَج، لما بطلت تكُح إتفاجأت بيه محاوط وشها و بيهجم على شفايفها بيُقبلها مُنفثًا عن كُل مشاعر القلق و الغضب و الخوف عليها، كانت الرُخامة وراها و في رُخامة بشرية قُدامها، سابها بعد دقايق و ضمها لصدرُه بقسوة بيخبط على الرخامة وراها و بيقول بحدة:

- مصرّختيش ليه!!!!


غمّضت عينيها بتتنفس بسرعةو حاوطت بإيديها خصرُه ساندة خدها على صدرُه و محسِتش بنفسها غير و هي بتعيط! لما عيطت بعدها عنُه و حاوط خصرها و مسح دموعها و لانت نبرتُه و هو بيقول:

- ششش إهدي!! خلاص إهدي!!!


- كنت هموت!

قالت جملتها بعد مـ حاوطت عنقه دافنة وشها في رقبته، ضمها لجسمه أكتر و قال بضيق من تخيُل الفكرة:

- بعد الشر!

غمّض عينيه بيمسح على شعرها برفق، و رفعها على الرُخامة عشان تُقعد و مسك الروب حاوط بيه جسمها و ربت على كفيها بحنان لأول مرة و قال:

- خليك قاعدة هنا إرتاحي و خُدي نفسك!!

إبتسمت لنبرة الحنان اللي لمستها في صوته فـ أومأت،  ربّت على خدها و راح يكمل عوم، عينيها فضلت عليه مُبتسمة، لقِتُه بينزل في المايه يعوم فـ ضاق نفسها من اللي بيعملُه لحد م طلع، أول ما طلع قالت بإعجاب:

- إتعلمت السباحة فين؟


- أبويا الله يرحمُه!

قال بإبتسامة، فـ ضمت الروب لجسمها و قالت مُبتسمة:

- نفسي أبقى كدا!! بس أديك شوفت لو سيبتني في المايه دقيقتين بيجرالي إيه!!


قال بهدوء:

- أنا هبقى أعلِمك! 


أومأت بحماس:

- ياريت!!


- نطلع؟


- لاء عوم شوية كمان لو عايز ..

قالت بإبتسامة، فـ عام فعلًا و غاص لتحت خالص، خرج بيتنفس بسُرعه و عام نِحيتها و طلع على السلم، فـ قامت لبست الروب كويس و ربطتُه، و بصتلُه بضيق وقالت:

- نسينا نجيب فوطة ليك!


- عادي!

قال و هو بيلبسها العباية فـ ضحكت بقلة حيلة وقالت:

- بردو العباية؟!


و كملت بحُزن:

- زين إنت كدا هتبرَد والله!


مسك إيديها و دخلوا القصر من غير ما يتكلم، دخلوا لقوا ريَّا قاعدة بوجوم، بصلها زين ببرود و كملوا طريقهم ناحية السلم، طلعت يُسر و أول ما طلعت غيّرت لبسها في الحمام و خدت شاور، طلعت لقتُه أخد شاور هو كمان في الحمام التاني، قرّبت منُه و هي بـ روب الحمام الأبيض و حطت إيديها على وشُه و هتفت بلهفة:

- زين .. إنت سُخن!!

قالت مُتداركة إرتفاع درجة حرارتُه، فـ قال بهدوء:

- مش سُخن ولا حاجه! ننزل ناكُل؟


قالت بضيق:

- والله سُخن!


- يلا إلبسي و ننزل!


تننهدت بيأس و قامت غيّرت هدومها لـ عباية إستقبال باللون الأبيض، و لملمت خُصلاتها بـ كعكة أنيقة، لمسات خفيفة من مُستحضرات التجميل برزوا جمال ملامحها، طلعت فـ بصلها بإبتسامة و مد إيده عشان تمسك إيديه و مسكت إيديه فعلًا، نزلوا مع بعض و ريّا كانت قاعدة لوحدها بتتغدى، كانت مُترأسة السفرة و لما شافتُه قامت قعدت على كُرسي تاني، قعد هو على الكُرسي و يُسر قعدت على الكُرسي اللي جنبُه، مسكت المعلقة و إبتدت تاكل، لكن لإن بطنها كانت وجعاها مكلتش كتير، هو أكل بنهم، و لأول مرة ريَّا متعكرش صفوهم، إكتفت بإنها بتاكُل و بتبصلها هي بالذات بنظرات خبيثة، إدايقت من نظراتها فـ بصلها زين و قال و هو بيربت على كفها:

- مبتاكليش ليه؟!


- شبعت الحمدلله!

قالت بإبتسامة خفيفة، فـ هتفت ريّا بخبث:

- كملي أكلك يا يُسر!! دي مش أكلتك! اللي يشوفك دلوقتي ميشوفكيش و إنتِ بتنزلي تتسّحبي كُل يوم للمطبخ و تاكلي!!!


بصتلها يُسر بصدمة و شاورت على نفسها وقالت مدهوشة:

- أنا!!


- أومال أنا!

هتفت ريَّا مُستنكرة سؤالها، كانت يُسر على وشك الرد إلا أن زين إبتسم لـ يُسر بهدوء وقال:

- ألف هنا يا يُسر! بيت جوزك و تاكلي فيه زي ما إنتِ عايزه!


نظرت له يُسر و غصب عنها إبتسمت بحُب، لو بإيديها كانت قامت باستُه، بصت لـ كفُه و هو بيربت على كفها فـ هتفت بإبتسامة صافية:

- ربنا يخليك ليا يا زين!!


و نهضت و هي بتبُص لـ وش ريَّا المكتوم بإحمرار غاضب و عينيها متثبتة على إبنها، وقفت ورا زين وميّلت باست خدُه برقة و قالت بلُطف:

- هطلع أنا يا زين!!


رغم إستغرابه من فعلتها إلا إنه قال برزانة:

- إطلعي!


و مشيت، و هو كمل أكلُه، ريّا بصتلُه و قال بقسوة:

- إنت فاكر إن ربنا هيسيبك و إنت بتيجي على أمك عشان مراتك؟


بصلها زين ببرود و قال و هو بيسند ضهره على الكرسي:

- إنتِ بالذات مينفعش تجيبي سيرة ربنا! 


خبطت على السُفرة و قامت و هي بتصرّخ فيه:

- مينفعش طول عمرك تفضل تحاسبني على غلطة أنا عملتها و ندمت عليها!!! حرام عليك يا زين!! حرام عليك دة أنا أُمك!!!


بصلها من فوق لتحت و إبتسامة إرتسمت على ثغرُه لما شاف إنهيارها بالشكل ده، و بهدوء تام قال:

- خلّصتي؟!


قعدت على الكرسي و إنهارت في العياط، هو عارف كويس الدموع دي! و يكاد يجزم إن دي تمثيلية من تمثيلياتها!، كمِل أكلُه و لأول مرة تتهزم قُدامه وتطلع أوضتها، و أول ما طلعت رمى المعلقة على الطبق بعُنف و طلع جناحُه، طلع للوحيدة اللي هتعرف تداويه، دخل جناحُه و منُه للأوضة فتح الباب لاقاها مرمية على الأرض ضامة قدميها لصدرها بتتآوه بألم:

- آآآآه!! بـــطـــنـــي آآآه!!!


ولإن الأوضة كانت عازلة للصوت مسمعش صوتها غير لما دخل، إتصدم ووقف لجزء من الثانية كإن قدميه فيها مسامير، لحد م ميل عليها بيقول و الخضة ظاهرة في صوته:

- فــيــكــي إيـــه!!! رُدي عــلــيــا!!!


مسكت في قميصه بتتلوى من الألم و بتصرّخ و هي بتقول:

- بطني يا زين بطني!!!


مستناش، مسك إسدال حطُه عليها بسرعه و لف حجابها بإحكام و شالها بين إيديه بيجري بيها على السلم، إتحركوا حُراسه أول ما شافوه و فتحوله باب العربية و واحد منهم ساق العربية لما زين زعّق فيه، حطها ورا و قعد جنبها، حَط راسها على رجلُه و وشها المُتعرق و آهاتها و تشبُثها في قميصُه خلوا لأول مرة إحساس الرعب يخالج قلبه، مسح على وشها و هو مش عارف ينطق، وصلوا للمستشفى فـ فتحوله الباب و نزل بيها بسُرعة، جري على بوابة المستشفى و صرّخ في إحدى المُمرضات:

- هـاتـي تروللي هنا .. بـــسُـــرعــة!!!


الفصل الثامن

ضرب المقود بقسوة و صرّخ بحدة:

- يُــــســـر!!!!!

- أنا أسفة!!

قالت و هي بتفرك أناملها برعشة و بتبصلهم، أخد نفس عميق و لما وصلوا نزل و رزع الباب وراه، نزلت هي كمان و مشيت وراه بخوف من ردة فعلُه الجاية، فتحتلُه دينا الباب فـ شهقت يُسر مصدومة لما جابها من شعرها و بقسوة كان بيسدد لها قلم خلّاها تُقع على الأرض!!! وقفت حاطة إيديها على فمها من الصدمة و مافيش في ودنها غير صوت صراخ دينا!!!!


ركضت على زين اللي مسك دينا من شعرها عشان تقوم و إداها قلم تانب و صوتُه الجهوري هزّ أرجاء الڤيلا:

- بــتــسِــمــي مـراتـي يا بنت الــ***** يا رِمَّة!!! بتحُطيلها سم في الأكل و بتعُضي الإيد اللي إتمدتلك يا و****


أمسكت يُسر بدراعُه و دموعها بتتساقط بتقول برجاء:

- زين عشان خاطري كفاية أرجوك، كفاية يا زين هتموت في إيدك!!!


لفِلها زين بـ وشُه و هدر فب وشها بقسوة:

- إبعدي إنتِ دلوقتي!!!!!


خدت خطوتين لـ ورا برُعب من وشُه الجديد عليها، إتجمع القصر كلُه حوالين زين و دينا و ريّا واقفة مصدومة بتجحظ بعينيها مذهولة من وجود يُسر، و متأكدة إن زين عرف الحقيقة، قرّبت من زين و صرّخت فيه بتصتنع عدم المعرفة:

- في إيه يا زين البت عملت إيه!!!!


صرّخت دينا فيها و هي راكعة تحت رجلين زين بتبوس جزمتُه و بتقول برجاء باكي:

- أبوس رجلك يا زين بيه سامحني، والله العظيم ما ليا ذنب ريَّا هانم اللي قالتلي أعمل كدا!


رفع زين عيونه لـ ريَّا مُبتسمًا بخُبث، ريَّا اللي من شدة خوفها صرّخت في دينا بعنف:

- إبه الهبل اللي بتقوليه ده إنتِ إتجننتي يا بت إنتِ!!!


لفتلها دينا و صرّخت فيها بقهر:

- حرام عليكِ كفاية كدب!!! إنتِ اللي قوليتيلي أجيبلك السم و أحكه في الأكل و بمقدار كبير عشان عايزه تموتيها!!!


ولفِت لـ زين رافعة وشها لبه بتترجاه:

- و رحمة أمي يا بيه هي اللي قالتلي، و إدتني فلوس كتير أوي أوي يا بيه عشان أعمل كدا أبوس إيدك إرحمني الله يخليك!


- تقولي اللي قولتيه ده في القِسم؟!

قال بهدوء و هو بيطلّع سجارة من جيبُه، و بيشعلها بقداحتُه، أومأت دينا بهيستيرية:

- أقول .. أقول اللي حضرتك عايزه بس متعملش حاجه فيا!!!


إنكمشت ريَّا من شدة خوفها، و قالت بذهول:

- هتسجن أمك يا زين!!!!


مهتمش زين بكلامها و مدَّاش أي ردة فعل، بَص لـ دينا بإبتسامة وقال بنفس نبرته الهادية:

- قومي!! 


نهضت دينا و السعادة المختلطة بالدموع تعُم وجهها، و قالت بفرحة ظهرت في صوتها:

- يعني سامحتني يا بيه!!


- يا حُــــراس!!!!

زعّق بصوت عالي جدًا، إنتفضت على أثرُه دينا و يُسر، أتوا حُراسُه فـ قال و هو بينفث دخان سيجارته في وش دينا اللي إبتدت ملامحعا تتحول من سعادة لصدمة و رعب:

- خدوها! إعملوا معاها اللازم!!!


ذهب ناحيتها إتنين مسكوها من دراعها و جرّوها لـ برا وسط صراخها و بكاء رحاب عليها، هنا تدخلت يُسر و وقفت في وش الحُراس و بقوة أمرتهُم:

- سيبوها!!!


أحد الحراس اللي ماسك دراعها قال بضيق:

- إحنا مبناخُدش أوامرنا غير من زين باشا!!!


صرّخت فيه يُسر بقسوة:

- و أنــا حــرم زيــن بــاشــا و بـقـولـكـوا سـيـبـوهـا!!!!!


لـف زين ليهم فـ بصلُه الحارس فـ شاورله زين بعنيه يسيبها، سابوها بالفعل فـ إترمت على الأرض و مسكت إيد يُسر بتقول بصوت باكي مُترجي بذُل حقيقي:

- أنا بشكُرك!!! بس أرجوكي .. أرجوكي قوليله حاجه!!! 


نفضت يُسر إيدها منها و بصتلها بضيق و مشيت من قُدامها، وقف قُدام زين اللي كان بيبصلها بجمود بيدخن سيجارتُه، فـ قالتله بصوت عالي إلى حدٍ ما:

- إرفدها .. رجّعها لأهلها مكان ما كانت، لكن متسيبش رجالتك يعملوا فيها كدا!


و تحولت نبرتها لمترجية بتقول:

- لو سمحت يا زين!! 


بصلها للحظات بنفس البرود، و نفث دخان سجارته بعيد عن وشها، بَص لـ رجالتُه و هتف بهدوء:

- بـرا!!


طلعوا برا بالفعل، و بَص لـ دينا و قال بقسوة:

- مش عايز أشوف وش أهلك هنا تاني!! و لو قابلتيني في مكان .. لفي وشك النِحية التانية!!!


أومأت دينا و هي حاسة إن هيُغمى عليها من فرحتها، و ركضت للخارج بأقصى ما عندها، فـ بصتلُه يُسر بإمتنان، إلا إنه نظر لها بنظرات جامدة،  لف وشُه لـ ريّا اللي وشها بقى شاحب زي الأموات، و قال بإبتسامة ساخرة:

- رحاب!!!


أسرعت رحاب بالرد وسط ضحكتها المختلطة بدموع حزنًا على دينا اللي مستقبلها كلُه كان هيضيع:

- أؤمر يا زين باشا!!


- جهزي عيش و حلاوة لـ ريّا هانم!! بس يكونوا نُضاف!!

قال بسُخرية، بصتلُه ريّا و إتملت عيونها بالدموع و قالت بقوة زائفة:

- ده بُعدك!!! أنا مش هقعُد لحظة واحدة بس في السجن!!!


خطى نحوها خطوات غاضبة بأول مرة فـ رجعت لـ ورا من خوفها فـ صرّخ فيها بعُنف:

- إنــتِ لــو مــش  هــتقــعُــدي لـحظـة واحـدة في السجن فـ ده هيبقى بـ فـضـلـي أنـــا!!!


بصتلُه بضيق يتغلغله إبتسامة من رؤيته متعصب، تعشق كونه غاضب و لا يستطيع التحكم بإنفعالاتُه، و هنا حسِت بـ غرورها إتراضى، أول ما زين شاف إبتسامة خفية على وشها رجع لبروده فورًا، و قال بإبتسامة قاسية:

- إنتِ مكانك مش وسطنا .. مكانك و سط قتّالين القُتلى يا ريّا هانم!!


و إقترب منها هامسًا بأذنها:

- وسط النسوان النِجسة!!!!!


متحملتش الإهانة اللي وجهها ليها، و في لحظة هوجاء كانت بتضربُه على صدرُه بقسوة ألَّمتُه، و لم تؤلمه لأنها ضربة عنيفة، مصدر الألم كان لإنها أمُه، يُسر غمّضت عينيها و هي حاسة إن الضربة دي إتوجهت ليها هي، و مش هتبقى بتبالغ لو قالت إنها حسِت بوجع في قلبها مكان الضربة اللي خدها، فتحت عينيها و شاورت لـ رحاب بالمغادرة، و بالفعل أخدت رحاب باقي الخدم و دخلوا المطبخ، و تابعت يُسر المُناقشة الحادة بينهم!، زين بَص لمكان ضربتها و لسه إبتسامة السُخرية مُرتسمة على ثغرُه، و رجع بصلها و قال مُبتسمًا ببرود:

- لمي هدومك، هترجعي تقعُدي في شقة إسكندرية!!!


جحظت عينيها بصدمة و صرّخت فيه بقوة و قالت:

- ده بُعدك!!! فاهم يا إبن قاسم الحريري؟! و رحمة أبوك ما همشي و أسيب البيت ده غير و أنا ميتة!!!


 وبجنون إتجهت نِحية يُسر اللي وقفت في وشها ثابته و هي بتصرُخ بعنف:

- مش هسيب الڤيلا للخدامة دي تعيش و تبرطع فيه!!!


و كادت أن تمسك بـ ذراع يُسر لولا إيديه اللي سحبت يُسر وراه و كإنه خايف تتلوث، و قف قُدامها وقال بقسوة:

- معمدكيش غير إختيارين، يا شقة إسكندرية يا السجن!! إختاري!!!


هتفت بثقة و إبتسامة:

- مستحيل!! إنت مش هتحُط أمك في السجن!!


ضحك بسُخرية و قال:

- أنا زين إبن قاسم الحريري يا ريَّا هانم! يعني أحُطك .. و أحُط عيلتك واحد واحد في السجن!!!!


خافت!! لاء إترعبت و هي شايفة الصدق في عينيه، و للحظة عينيها جات في عين يُسر اللي كانت بتبُصلها مش مصدقة إن في أم بالجحود ده، و بكل غباء و قسوة قالت:

- طب و رحمة قاسم أبوك يا زين .. لهخلي عيشتها سواد!! مش هرحمها و مش هعيشكوا إنتوا الإتنين في هنا أبدًا!!


إبتسم زين و قرّب منها و قال:

- طيب جربي! جربي تمسي شعرة منها! جربي بس تقربيلها، و إنتِ هتشوفي مني وش وسخ عمرك ما شوفتيه قبل كدا!!!


بصتلُه بحدة و مردتش عليه بعدت عنُه و طلعت لجناحها، أخد زين نفس عميق و بعُنف مسك إيد يُسر و شدّها وراه، طلعت معاه على الجناح، أول ما دخلوا ساب إيدها و قلع قميصُه و فضل عاري الصدر و كإن الخنقة كانت محاوطاه من كل جنب، فضلت بصّالُه و جواها شفقة على حالُه، كان واقف في نُص الأوصة بيتنفس بصعوبة مغمض عينيه، إتجهت ناحيتُه و وقفت قُصادُه، و بحنان رفعت إيديها لـ مكان الضربة اللي خدها، و مسدت عليها بكُل رفق، بتسألُه بصوتها الحنون:

- وجعاك؟


فتح عينيه و مرَدش عليها، إتفاجئ بيها بتُقف على أطراف أصابعها و بتطبع شفايفها الغضّة على صلابة صدرُه بتُقبل ناحية قلبُه، غمّض عينه بيستشعر ملمش شفايفها على مكان الخبطة، مسكت إيدُه و فتحت كفُه الغليظ اللي مليان عروق و بحنان باستُ باطنُه، و رجعت رفعت عينيها فـ لقتُه بيبُصلها و عينبه هادية و أنفاسه بقت مُنتظمة بعد تبعثُرها، رفع إيدُه التانية لـ حجابها و فكُه، فـ تهدل شعرها، غلغل أناملُه في خصلاتها، ميل عليها و إلتقط شفتيها بقبُلة رقيقة تُضاهي رقتها و رقة قلبها، رفعها عن الأرض بدراع واحد و بِعد عنها يديها فُرصة تتنفس، و شالها حطها على سريرُه، فتحت عينيها و مسدت على ذقنُه برقة و همست أمام شفايفه اللي تتوق لقبلة أخرى منها:

- زين!!


- ممم!!!

غمغم بينزل بشفايفُه لـ دقنها بيطبع قبلة عميقة عليها وكإنه بيتنفسها، غمّضت عينيها و همست مُمتنة:

- شُكرًا!


بتشكُره على إيه! هو اللي عايز يشكُرها على وجودها، على كل مرة بتحتوي فيها غضبه و حزنه و لخبطتُه، على إنه خلته يدوق لأول مرة طعم الحنان بيبقى عامل إزاي!! عانق شفايفها بـ شفايفه و إيديه بتشيل عنها الإسدال بالراحة!!!


• • • • •


فتّحت عينيها، لقِت نفسها نايمة على صدرُه العاري، رفعت وشها لـ وشُه لقتُه نايم بعُمق، طبعت قبلة على آخر عنقه و قامت لبست هدومها، نزلت من الجناح عشان تشرب، بس إتصدمت لما لقِت همهمات خافتة و صوت باكي، فتحت الأنوار و رفعت حاجبيها بدهشة لما لقت ريَّا قاعدة على أحد المقاعد جنبها بتبكي بألم و جسمها بيترعش، رقّ قلب يُسر ليها و إتجهت ناحيتها و قالت بتردد:

- حضرتك كويسة؟!


بصتلها ريَّا بنظرات حزينة و مسحت دموعها و قالت:

- أنا كويسة!!!


قعدت يُسر جنبها و قالت بصوت حزين:

- مش باين! لو عايزاني أتكلم مع زين معنديش مُشكلة!


هتفت ريّا بنبرة راجية لأول مرة تطلع من صوتها:

- ياريت .. ياريت تعملي كدا!!! 


أومأت يُسر بهدوء، و رجعت قالت بضيق:

- هو حضرتك عملتي إيه فيه و هو صغير خليتيه بالجحود ده عليكِ!!


إنهارت في العياط و قالت بألم:

- - معملتش حاجه!! معملتش حاجه تخليه يبقى كدا!!!


إتنهدت يُسر و قالت:

- طيب .. هحاول أتكلم معاه عشان متمشيش!


أومأت لها ريّا و بصتلها بإمتنان و قالت:

- شكرًا يا يُسر!!


إصتنعت إبتسامة و أومأت لها، راحت للمطبخ تشرب و طلعت الجناح تاني، لقتُه صحي جالس نُص جلسة على السرير ضهر السرير مُلاصق لضهرُه، أول ما دخلت الأوضة سألها بضيق:

- كُنتِ فين! 


إتجهت ناحيتُه و مشيت على السرير بإيديها و رجليها و قعدت قُدامه و قالت ببراءة:

- هكون فين! كنت بشرب!!


قال بضيق أكبر:

- هبقى أخلي رحاب تطلَّع كولدير هنا عشان تبقي تشربي من غير ما تنزلي!!


مسكت إيدُه و قالت مستغربة:

- ليه؟ مش عايزني أنزل تحت؟


قال بيبُص لعينيها الحائرة بهدوء:

- مش عايزك تبعدي!!!


إبتسمت و بلُطف مسدت على وجنتُه و قالت:

- مش هبعد عنك يا زين!!


و بتلقائية مد خدُه ليها و قال بصوتُه الخشن و نبرتُه الآمرة:

- بوسيني!


ضحكت لدرجة إن وشها رجع لـ ورا، ،و بحُب كانت بتُقبل وجنته برقّة، فـ لَف وشُه الناحية التانية فـ عملت المثل، و بعشق طبعت قبلة صغيرة على شفايفُه فـ إبتسم و أد إيه بتحب إبتسامتُه، فضل باصصلها للحظات ومسك دقنها و قال بعد تنهيدة:

- طلعتيلي منين؟


الفصل التاسع

-  و رحـمـة أبـويـا لو قولتي كلمة كمان فيها سيرتها مش هتتخيلي اللي هعملُه فيكِ!!!

غمّضت عينيها بخوف من هيئتُه، هي حتى لو عايزه تتكلم مش هتقدر ،لسانها كإنه مربوط! فتّحت عينيه على هيئتُه المُبعثَرة، للحظة ضعفت، ضعفت و كانت عايزه تاخدُه في حُضنها و متوجعوش أكتر من كدا، رفعت إيديها لـ وشُه و قبل ما توصل لـ بشرتُه كان هو سابها ومشي .. و رزع الباب وراه، و جسمها كله إرتجف، حسِت بـ قبضة في قلبها و نبضاته سريعة، جريت على البلكونة لما سمعت صوت إحتكاك كاوتشات عربيته بالأسفلت، شهقت بخوف عليه بما لقتُه بيجري بعربيتُه على سُرعة مهولة خلتها تموت قلق عليه، مسكت تليفونها و حاولت تكلمُه، مكانش بيرُد، رمِت التليفون في الأرض و نزلت لـ ريَّا تحكيلها اللي حصل و تعرف منها ليه بقى كدا، راحت لجناحها لأول مرة بعد م بقت مراتُه، دخلت الجناح و وقفت ورا الباب و لسه كانت هتخبّط إلا إن قلبها وقع في رجليها لما سمعت صوت همهمات و و أصوات جنسية قذرة صادرة منها و بتقول بـ سفالة:

- مش هينفع كدا بقى يا عمّار هجيلك البيت النهاردة بليل! مش هنقضيها على التليفون كدا و خلاص!!


إرتفعا حاجبيها مصدومة و هي بتدرك اللي بتسمعُه، حسِت بـ مغص إشمئزاز في بطنها فـ حطت إيديها عليها و جريت بسُرعة على جناحها و دخلت الحمام إستفرغت كل اللي في معدتها مش قادرة تصدق قذارة حماتها!!!! هي دي الست اللي وقفت في وش جوزها عشانها؟! هي دي اللي حطت زين في ضغط عشان خاطرها؟! هي دي اللي خلتها تعمل فجوة بينها و بين أكتر شخص بتحبُه؟!، غسلت وشها وطلعت برا الحمام، مسكت تليفونها وإترمت على الأرض بتحاول تتصل بيه و مبيرُدش، إتنهدت بدموع و حسِت إنها محتاجة تكلم حد قريب منها، فـ إتصلت على جدتها تطمن عليها كعادتها يوميًا .. و تتكلم معاها، ردت جدتها اللي هتفت بإبتسامة:

- يُسر! عاملة إيه يا حبيبتي!!!


- الحمدُلله يا تيتة! وحشتيني أوي!!

قالت و إنهمرت دمعاتها، فـ قلقت جدتها عليها وقالت:

- مالك يا بنتي!! فيكي إيه؟!


- تعبانة أوي يا تيتة، حاسة إن روحي هتطلع مني!!

قالت و هي بتشهق بالبكاء، قالت جدتها بخوف عليها:

- قوليلي في إيه! زين بيه بيعاملك وحش؟ بيضربك؟؟


بكت يُسر أكتر و قالت بألم:

- ياريتُه ضربني عشان يفوّقني من اللي كُنت بعملُه، زين بيعاملني كويس أوي يا تيتة و أنا .. أنا اللي وجعتُه، وجعتُه و خرّجته عن شعورُه!!!


شهقت حنان بصدمة وقالت:

- ليه يا بنتي كدا! يعني هو حنين عليكي  يبقى ده جزاتُه!!


هتفت بحُزن:

- عشان غبية .. غبية أوي!!


و سألتها برجاء:

- أعمل أيه؟ قوليلي يا تيتة أعمل إيه حاسة إني تايهة بجد!


هتفت جدتها بحُزن على حالها:

- قومي يا حبيبتي إغسلي وشك و راضي جوزك و متسيبهوش ينام زعلان منك!!


شهقت ببكاء و قالت:

- حاضر!!


أغلقت معها و سندت راسها على الحائط ضامة ركبتيها لصدرها مُنتظرة دخوله، ساعة و إتنين و تلاتة لحد م عدى أكتى من عشر ساعات و الليل ليّل عليها، وشها بقى شاحب من كُتر العياط و عيونها ورمت،و من كتر إرهاقها غفِت على الأرض و صحيت بردو ملقتهوش، لحد م جات الساعة إتنين بعد مُنتصف الليل، إنتفضت من فوق الأرض لما لقتُه دخل الأوضة، كان فاتك قميصُه و عينيه حمرا و باين عليه الإرهاق، دخل و مبَصش عليها حتى، وضع مفاتيح سيارته مع هاتفُه على الكومود فـ مر من جنبها، و هي واقفة بتبصلُه بحُزن، دخل بعد كدا الحمام عشان ياخد شاور، قعدت على السرير بتفرُك في إيديها من شدة حُزنها المختلط بحيرة منُه، خرج لافف منشفة حول خصره و دخل غرفة تبديل الملابس، طلع لابس بنطال قُطني إسود و عاري الصدر، و أول ما طلع وقفت يُسر قُدامُه حطت إيديها على دراعُه القاسي و همست:

- زين!


بصلها بنظرات باردة، فـ هزت راسها رافضة نظراتُه اللي كُلها جمود و قالت برجاء و عيونها بتنهمر منها الدموع:

- لاء يا زين .. متبُصليش كدا! أنا أسفة .. حقك عليا أنا!!


حاولت تحاوط وشُه فـ مسك إيديها الإتنين بـ قبضة عنيفة و عينيه بتستوحش من شدة الغضب، تآوهت بألم من قبضتُه القاسية فـ نفَض إيديها بحدة، و سابها و نام في السرير، وقفت شاردة في الفراغ و هي حاسة إنها كسرت حاجه جواه مش هتتصلح تاني، تنهدت بألم و راحت ناحيتُه، قعدت جنبُه و بصتلُه و هو نايم على ضهرُه حاطت دراعُه على عينيه، خدت نفس عميق لرئتيها و قالت بهدوء:

- قولي أعمل إيه عشان متزعلش مني!


و غمغمت بحُزن:

- أنا لما نزلت الصبح لاقيتها مُنهارة و بتعيط و كانت عايزاني أكلمك عشان متخليهاش تمشي! صِعبت عليا يا زين .. غصب عني!!


إبتسم ساخرًا و شال إيدُه من على عينيه و بصلها، فـ قالت برفق:

- سامحني يا زين، أنا ضغطت عليك .. 


- إطفي النور عشان عايز أنام!

قال بصوت آمر لا يقبل النقاش، فـ سبَلُت عينيها بحُزن و غصب عنها أجهشت في البُكاء زي الأطفال محاوطة وشها بإيديها الإتنين، إدايق لما شافها بتعيط فـ قام من على السرير بيطوي الأرض تحت رجليه و قفل هو النور، فـ توقفت عن البُكاء و فضلت شهقات خفيفة بتخرج منها، رجع نام على السرير النِحية البعيدة عنها و إدالها ضهرُه، فـ إستلقت هي كمان بتحاول تسيطر على شهقاتها الخفيفة، و نامت بعد عناء كبير!!!


• • • • •

فاق من نومُه قبلها، بصلها لاقاها نايمة على ضهرها إلا إن جسمها كان بينتفض و وشها و جسمها يتصببا عرق، إتفاجئ و حَط إيدُه على وشها لاقاها سُخنة جدًا بدرجة مش طبيعية!، مسح على شعرها اللي إلتصق بجبينها بيبعدُه و قال بصوت قلِق:

- يُسر! سامعاني؟!


كانت بتغمغم بكلام مش قادر يفهمُه ولا يسمعُه، لأول مرة يحِس إنه مش عارف يعمل إيه، قام من على السرير و حط شوية تلج في طبق و عليهم ماية ساقعة، و أخد فوطة صغيرة غسلها كويس و غمرها في الماية، قعد جنبها و عينيه بتشُع قلق عليها، أخد الفوطة عصرها كويسة و حطها على جبينها، و بإيدُه التانية مسح على رقبتها و بداية صدرها من حبات التعرق اللي عليهم، مشي بالفوطة على وشها بعد مـ غمرها في الماية مرة تانية، حَط إيدُه على جبينها بيتحسس حرارتها فـ لاقاها زي م هي، زمجر بغضب و مكنش عندُه غير حل واحد، سابها و قام دخل الحمام، جهز البانيو بـ ماية ساقعة جدًا، و رجعلها، بصلها للحظات و مسك بلوزتها قطّعها بإيديه و شالها عن جسمها، و شالها بحذر، ضرب باب الحمام برجليه و دخل، ميّل بجسمه و برفق حطها في الماية، و لإنها كانت ساقعة جدًا إنتفضت و مسكت رقبتُه بتصرّخ بشهقات خوف:

- زين!!! زين!!!


حاوط خصرها بإيدُه تحت المايّة، وقرب جسمها من جسمه وهو بيمسح على خدها برفق هامسًا:

- ششش إهدي!! متخافيش .. سيبي جسمك و متخافيش!



الفصل العاشر

- البقاء لله يا يُسر، جدتك .. إتوفت!!!

- إيه؟!!!

قالتها و الصدمة إحتلت معالم وشها و إتملكت من جسمها لدرجة إنها رجعت لـ ورا خطوتين و سابت إيدُه، فـ قال و هو بيراقب ملامحها المصدومة:

- إتوفت .. من ساعة!!!


محستش بنفسها غير و هي بتصرَّخ فيه بعُنق و ضمت قبضتيها بتضربُه في صدرُه بـ غل غريب:

- إسـكـت!!!! إنـت كـداب!!! كـــداب!!! مماتش!!! مماتش لسه كنت بكلمها!!! إنت بتكدب عليا عشان عايز توجعني!!! 


ولأول مرة يسيبها تضرب في صدرُه و هو مُدرك إنها واصلة لأعلى مراحل إنهيارها، فضلت تضرب فيه و هي بتصرّخ إنه بيكدب عليها و هو ساكت تمامًا ملامحه هادية و واقف بثبوت، و فجأة بقت يدب م تضرب بقت تضرب نفسها! لطمت على وشها لطمتين فـ مسك دراعها بعُنف حقيقي بيمنعها من أذية نفسها .. تإذيه هو لكن نفسها لاء! صرّخ فيها بصوتُه الجهوري:

- يُـــســر!!! فــوقــي!!!!


إتلوت بجسمها بين إيديه و صراخها بقى أعلى و عياطها و نحيبها وصل لـ برا فـ دخلت فريدة بدون إستئذان مصدومة من اللي بيحصل، زعّق زين فيها بـ إنفلات أعصاب:

- إطـــلــعــي بــرا!!! 


طلعت فورًا بحرج، فـ صرّخت فيه ببكاء:

- سـيـبـنـي!!! حـرام عليك إبـعـد!!!


هزّها بعُنف و هو بيصرّخ في وشها بقوة:

- إهــــدي!!! 


للحظة سكتت و بصتلُه بعيون حمرا د.ـموية، و  بطلت عياط و عينيها بس اللي بتنزل دموع، صدرُه عِلي و هبط و بَص لـ محياها و في لحظة كان شاددها في حُضنه بيعتصر جسمها مغمض عينيه و هو حاسس إنه نفسُه ياخد ألمها كلُه و يحطُه في قلبه! أول ما حضنها إنهارت في العياط ماسكة في قميصُه من ورا وشها عند صدرُه بتبكي بشكل خلّاه يحِس بـ نخور في عضمُه!! مسد على حجابها و هو بيهدهدها بحنان، فـ تقطّعت الحروف على لسانها و هي بتقول بألم قوي:

- هي الوحيدة اللي كانت فضلالي من ريحة أبويا و أمي، حتى هي سابتني زيُهم؟!


أخد نفَس و هو بيدخّلها في حُضنه أكتر و لو عليه هيدخلها بين ضلوعه، غمغمت برجاء:

- عايزة أروحلها .. عايزه أغّسلها أنا بإيدي!!


طلّعها من حُضنه و حاوط وشها و قال:

- هنروح .. حالًا!


و مسك مفاتيحُه و چاكت بدلتُه و خرج معاها و هي ساندة على دراعُه، بَص لـ فريدة و قال بوجوم:

- إلغي كل مواعيد النهاردة و بُكرة!!


- حاضر يا مستر زين!


دخلوا الأسانسير و نزلوا، فتحلها باب العربية لأول مرة فـ ركبت و ركب جنبها، و عمل مكالمة سريعة يعرف من البواب جدتها فين دلوقتي، و قالُه إنها في المستشفى اللي جنب البيت، مشي بالعربية على سرعة عالية إلى حدٍ ما و وصلوا للمستشفى، نزل من العربية وراح ناحيتها فتحلها الباب فـ نزلت و هي حاسة إن رجليها مش شايلاها، دخلوا المستشفى و وقف زين عند موظفة الريسبشين و هي واقفة ساندة على دراعُه و شاردة في نقطة ما:

- فيه ست كبيرة متوفية جات هنا .. إسمها حنان! جات من شوية!


- موجودة يا فندم، هي في أوضة 507 و كُنا باعتين ست تغسِلها!


قال بهدوء:

- لاء خلاص ملوش داعي حفيدتها موجودة!


- تمام يا فندم!

قالت بهدوء و عينيها على يُسر اللي مش بتنطق و كإنها مش واعية للي حواليها، مشي بيها و طلعوا الأسانير عشان يروحوا للأوضة، وقف قُدامها و لَف لـ يُسر، مسك كتفها بقبضتيه و قال بقوة:

- أنا عايزك تِقوي .. إفردي ضهرك!!


بصتلُه و أومأت بحُزن و حاولت تفرد ضهرها اللي حاسة إنه إنحنى من التقل اللي عليه، دخلت الغرفة و هو فضل مستنيها برّا، يُسر دخلت لقت الممرضة جنبها و هي نايمة على سرير متغطية من راسها لأخمص قدميها بـ ملاية بيضة، إنهمرت دموعها فـ مسحتهم و قالت للممرضة بصوت بيرتجف:

- عايزاكِ تساعديني .. نغسِلها!!


• • • • •


بعد ما يُقارب الساعة خرجت من الأوضة، لقتُه قاعد مستنيها و أول ما خرجت قام وقف قدامه و كوّب وشها بين إيديها و مسح دموعها و هو بيقول:

- خلاص؟


أومأت بتتحاشى تبُص في عينيه، و غمغمت بصوت مُحمّل بالبكاء:

- هكلم أعمامي ييجوا عشان يقفوا في الدفنة!!


- ماشي!

قال بهدوء، وخدها من إيديها قعّدها على الكرسي و قعد جنبها، فتحت تليفونها و عملت مكالمات سريعة و كل مرة تقولهم الخبر كانت دموعها بتنزل!، لحد ما قفلت، ميلت لقُدام و حاوطت وشها بإيديها بتبكي بحُرقة، قام زين و قعد تحت رجليها على ركبتيه و أصابع قدميه و مسك إيديها شالها من على وشها فـ إتصدمت من إنه قاعد قدامها و تحت رجليها بالشكل ده، و صوته اللي كلُه لين و رفق و هو بيقول:

- كفاية عياط يا يُسر! 


مسكت إيده المحاوط بيها كفيها و سندت على باطن كفُه وشها بعد م طبعت قبلة عليه و دموعها بتنزل على إيدُه، مسح على حجابها و إتنهد و هو لأول مرة يحِس بألم عشان حد بعد أبوه، النغزة الليوفي قلبه دي مجاتش غير لما دفن أبوه، ليه جات دلوقتي! ليه دموعها و عياطها و وجعها ليهم القدرة على بعثرتُه بالشكل ده! إتعدل و وقف و من ثم قعد جنبها، لحد م دخل عليهم إعمامها و في مقدمتهم عزبز و كلهم في حالة يُرثى لها، حضروا الجنازة و وقفت هي بتشوفهم بيحفروا في الأرض و زين معاهم، و حطوا جسمها و غطوه بالتُراب، كادت يُسر أن تنهار لولا إيد مرات عمها سيد اللي سندتها و هي بتقول بشفقة على حالها:

- إسم الله عليكي يا بنتي! متعمليش في نفسك كدا ده عمرها يا يُسر!!


و قالت برفق و هي بتبص لـ زين:

- و إحمدي ربنا إنه رزقك بـ راجل زي جوزك! ده إيدُه بإيد إعمامك و كإنها كانت أمُه، راجل بجد ربنا يباركلك فيه!!


بصِت لـ زين بحُب، و ردت بصوت مخنوق:

- هو الحاجة الوحيدة المهونة عليا موتها!


إلا إنها قالت بترتجف بألم:

- بس مكُنتش معاها يا مرات عمي! مكُنتش جنبها و ماتت و هي لوحدها!!


ربتت على ظهرها بهدوء و قالت:

- متعمليش كدا يا بنتي و متحمليش نفسك فوق طاقتها!!


خِلصت مراسم الجنازة و كلُه إبتدى يروّح بيتُه بعد ما قالُهم زين إن عزاها هيبقى بليل في أكبر مسجد في المكان، ربتت مرات عمها على ضهرها و قالت:

- هجيلك بليل يا حبيبتي .. نامي و إرتاحي دلوقتي!!


أومأت لها يُسر بهدوء، كلهم خرجوا من المكان إلا هي و زين، قعدت على القبر جنبها و هو وقف وراها، مسحت بإيديها على تراب القبر و قالت بصوت يقطّع القلب:

- بحبك أوي يا تيتة، ليه مشيتي بدري كدا؟ مش طول عمرك كُنتِ بتقوليلي إنك مش هتسيبني؟ ماما و بابا وحشوكِ يا تيتة صح؟ طب و أنا .. أنا مش هوحشِك؟


قالت و إنهارت في العياط، غمّض زين عينيه و صوتها وكلامها سكاكين بتقطَّـ.ـع في قلبُه، و ببكاء قالت:

- بس إنتِ هتوحشيني أوي! و كُل يوم .. هدعي ربنا يعجِل في يومي عشان أجيلك و آجي لماما و بابا!!


- طب و أنا؟

سمعت صوتُه من وراها فـ بصتلُه و أول مرة تشوف حُزن في عينيه بالشكل ده، مقدرتش ترُد فـ كمِل بصوت بيتهز لأول مرة في حياتُه:

- عايزة تسيبيني؟


قامت وقفت وراحت ناحيتُه، و حاوطت وجنتُه بإيدها بتبُصله و وشها كله دموع، و بحنان همست بصوتها المبحوح:

- مش هسيبك!


- متدعيش على نفسك .. أبدًا!!

قال بألم، فـ أومأت سريعًا و هي بتمسح على بشرتُه و دقنه النامية برفق:

- حاضر!!


و وقفت على أطراف صوابعها و حاوطت رقبته فـ دفن وشه في تجويف رقبتها المتغطي بالحجاب محاوطًا خصرها، مسدت على كتفُه و أواخر شعرُه بحنان فـ غمّض عينيه، إزاي عايزه تحرمُه من الحُضن ده؟ الحُضن اللي عوّضه عن حُضن أمه اللي كان محروم منُه، إزاي و هي صغيرة و مش أُم بس حُضنها دافي كدا؟ إزاي بتحتويه كإنه طفل بين إيديها بالشكل ده؟!!


• • • • • • •


رجعوا شقة الزمالك عشان يبقوا قريبين من المسجد اللي هيتاخد فيه العزا، لما دخل معها طلّع هدوم ليها من الدولاب و قال برفق:

- إدخلي خُدي دُش، و لو حسيتي إنك مش قادرة تستحمي قوليلي و أنا هسحَّمك .. و متتكسفيش!


بصتلُه بهدوء و أومات و دخلت الحمام، طلّع هو هدوم ليه و دخل خد شاور في الحمام التاني، طلع و لبس بنطلون و كنزة كت سودا إلتصقت بجسمُه، و لما دخل الأوضة لاقاها قاعدة على بـ روب الإستحمام ماسكة الهدوم بين إيديها و شاردة في الفراغ قُدماها، مشي ناحيتها و وقف قُدامها و رفع دقنها برفق لحد م بصت في عينيه، فـ قال بهدوء:

- كُنتِ سرحانة في إيه؟


- مش فـ حاجه!

قالت بخفوت، و قامت وقفت قُصاده و إدته لبسها و هي بتقول بإرتجاف:

- مش قادرة ألبس يا زين .. ينفع تلبسني؟


إتصدم من طلبها لإنه عارف كويس إنها بتتكسف، إلا إنه رحّب جدًا .. فـ حَل رُباط روب الإستحمام و شالُه عن جسمها العاري تمامًا سوى من ملابسها الداخلية، ميّل شوية و لبسها البنطلون و هي سانده على كتفه بإيدها، و لبسها الكنزة الحمالات، و سُبحان من خلَّاه يسيطر على نفسُه قُدام مظهرها، إلا إنه مستحيل يبقى أناني لدرجة إن و هي في عز تعبها النفسي يقرّبلها، شالها وإكتفى بإنه ينيمها في حُضنُه فـ حضنتُه زي الطفلة، فضل صاحي و إيدُه بتمشي على شعرها عشان تنام و متفكرش في حاجه، و لما إتأكد نام هو كمان بعُمق!

 • • • • • •

قاعدة في العزا الحريمي في الشقة وهما في المسجد تحت بياخدوا عزاها، عماتها وخلاتها كانوا جنبها و معاها وهي قاعدة في المقدمة محاوطة كتفيها و كإن صقيع البرد بياكل في جسمها، لحد م العزا خلص و وسلمت عليهم و مشيوا، فضلت قاعدة مستنية الرجالة اللي تحت يمشوا عشان يطلعلها و تترمي في حُضنه، قعدت على الكرسي مستنياه لحد مـ حسِت بإيدين بتحاوط كتفها من ضهرها، إبتسمت وحطت إيديها على إيدُه بس إتصدمت لما إكتشفت إن دي مش إيد جوزها!!!

إنتفضت من على الكُرسي و لفتلُه لقتُه .. حازم!!! إبن عمها اللي عاشت طول عمرها تخاف من نظراتُه واللي كان هيبقى جوزها لولا ستر ربنا!! صرّخت فيه بكل قوتها:

- يا حيوان!!! إزاي تتجرأ و تحُط إيدك الزبالة عليا بالشكل ده!!


هجم عليها بيكمم فمها و عينيه بتاكل جسمها بيقول بشهوة دنيئة:

- بس إخرسي! سيبيني أمتّع عيني بيكِ! أخيرًا بقينا لوحدنا، محدش هيعرف ينقذك من بين إيديا يا بنت عمي!!!


رفعت ركبتها و بحدة سددت له لكمة أسفل معدته فـ إترمى على الأرض يتآوه بألم و هي بتصرّخ فيه:

- زين لو عرف إنك طلعت لمراته في غيابُه والله العظيم هيموِّتك!!


صرّخ فيها بعنف:

- و رحمة أبويا ما هسيبك .. هدفعك التمن غالي، راحت ناحيتُه و بجرأة خبطتُه في وشُه بـ كعب جزمتها فـ صدحت صرخات مُتألمة منه، و قالت هي بقوة:

- خُد بعضك و إمشي عشان مخليش جوزي ييجي يكمل عليك!!!


قام وقف و هو بيبُصلها بحقد و قال بغل:

- هحسّرك على نفسك .. و على جوزك!!!


بصتلُه من فوق لتحت بسُخرية و قالت:

- طب أصلب طولك الأول و بعدين إتكلم!!!


إتحرك بصعوبة و خرج من البيت، قفلت الباب وراه كويس و راحت للبلكونة عشتن تشوف زين، لقتُه واقف بيسلم على الناس قبل ما يمشوا، بس شهقت لما شافتُه لاحظ حازم اللي نازل من الشقة متبهدل فـ مسكُه من ياقته و صوته العالي واصل ليه بس مش قادرة تسمع بيقول إيه، خافت عليه و عمها واقف بيهدي فيه لحد م سدد لكمة لـ حازم و رغم إنها مبسوطة فيه إلا إنها خايفة من تهور زين، كانت هتنزل لولا إنها لاحظت إنه واخدُه من ياقة قميصُه و طلع بيه العمارة، نبضات قلبها إرتفعت بخوف و هي عارفة الخطوة الجاية، خدت قرار إنها مش هتقولُه عشان لو عرف لا محالة هيقتلُه بإبدُه و هي مش مستغنية أبدًا عن وجود زين في حياتها! سمعت خبطات عنيفة على الباب فـ فتحت برجفة، كان ماسكُه من ياقة قميصُه و عمها عزيز وراه بيترجاه يسيب إبنه، و أول ما زين شافها هدر بحدة:

- الوسخ ده طلعلك؟!!!


نفت بسُرعة من غير تفكير، فـ بصلها حازم بخبث رغم جسمه اللي واجعُه، هزُه زين بحدة و هو بيبصله و بيزعق في وشه:

- أومال كنت نازل من العمارة ليه يا روح أمك!!!


هتف حازم بألم زائف:

- كنت عايز أعمل تليفون يا زين بيه و ملقتش حتة هادية غير مدخل العمارة!!


- إحنا أسفين يا زين بيه!

قال عزيز برجاء و هو بيبعد إبنه عن مرمى إيده، فـ هتف زين بقسوة:

- لو لمحت بس خيالك قريب من مكان هي فيه هطلّع روحك في إيدي!!!


و رزع الباب في وشهم فـ إنتفض جسمها، أنفاسُه عالية بياخد الصالة ذهابًا و إيابًا و لفِلها فجأة و هدر بعُنف:

- و رحمة أبويا لو كان طلعلك لكُنت طلعت روحُه في إيدي!!!


إزدردت ريقها و رغم إنها مبتحبش الكدب و هي كدبت عليه إلا إن اللي عملتُه كان الصح، كان فعلًا هيقتلُه و هيودي نفسُه في داهية! قرّبت منُه و طمنتُه و هي بتربت على كتفُه:

- إهدى يا زين! هو مش هيجيله الجُرأة يطلع هنا أساسًا!! هو عارف إنه لو طلع هيبقى آخر يوم في عُمره!!!


حاوط وشها و قال و هو بيتفحصها:

- طمنيني عليكِ إنتِ .. حد دايقك من اللي كانوا هنا؟


نفت براسها بإبتسامة هادية و قالت:

- متقلقش عليا!!


و إسترسلت:

- زين!


قال و هو بيقعُد على الكُرسي:

- نعم!


قعدت على رجلُه و قالت بحُب:

- تعبتك .. بقالك يومين مبتنامش ولا بتروح شُغلك!!!


إبتسم من جلوسها على قدمُه، فـ حاوط خصرها و قال بهدوء:

- سيبك من الهبل اللي بتقوليه ده و تعالي في حُضني!



الفصل الحادي عشر حتى الفصل العشرون من هنا



لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم 



جميع الروايات كامله من هنا 👇 ❤️ 👇 



روايات كامله وحصريه



اعلموا متابعه لصفحتي عليها الروايات الجديده كامله بدون روابط ولينكات من هنا 👇 ❤️ 👇 



روايات كامله وحديثه



❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺💙🌹❤️🌺





تعليقات

التنقل السريع
    close