رواية مابين الموده والرحمه الفصل الاول بقلم آلاء محمد حجازي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
![]() |
رواية مابين الموده والرحمه الفصل الاول بقلم آلاء محمد حجازي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
أنا هتجوز تاني...وحبيت أقولك عشان ما تعرفيش من بره.
الجملة خرجت مِنُه بهدوء غريب،
الهدوء اللي بيكسر قبل ما يشرح.
كنت واقفة قدامه، الباب ورايا ولسه قلبي بيدق من الفرحة.
كارم رجع بعد شهرين غياب.
أول مرة يبعد عني من يوم ما اتجوزنا.
كنت بحسب الأيام زيه،
بحط صورته جنبي وأنا بنام،
بحس صوته في ودني كل ما الموبايل يرن.
كنت مستنية اللحظة دي،
اللحظة اللي هرجع فيها أشوفه، أحضنه، وأقول لنفسي رجع بيتي.
لكن أول كلمة نطقها… كسرتني.
أنا هتجوز تاني.
كنت حاسة إني سمعت غلط.
يمكن بيهزر؟
يمكن بيجربني؟
لكن نظرته كانت ثابتة…
باردة…
الفتور اللي كان في عينيه أكد الكلام كله.
خلاني أعرف إن مفيش هزار.
الدنيا حواليا سكتت.
الصوت الوحيد اللي كنت سامعاه هو دق قلبي، اللي بقى تقيل، كأنه بيتخبط فيّي مش في صدري.
كنت ببصله، لكنه مكانش بيبصلي زيه الأول.
كان بعيد… غُربة بيني وبينه، مش بين بلدين.
------------------------
شُفت الصدمة على وشها.
الدمعة اللي كانت محبوسة، الأنفاس اللي اتقطعت قبل ما تقول حاجة.
وقتها قلبي وجعني.
بس خلاص... كنت نطقت.
كنت ببص لها وأتمنى أشوفها زي زمان،
اللي كانت بتضحك من قلبها، تخلي كل تعب اليوم يهون.
بس بقالنا فترة… كل حاجة بينّا بقت بردة.
الضحك اختفى.
الكلام قلّ.
هي بقت ساكتة، وأنا كمان.
كانت أول ما تفتح الباب، عينيها مليانة فرحة وسعادة،
كانت مبسوطة جدًا إني رجعت،
كنت حب عمرها انا عارف، كانت الساعة اللي هاجي فيها محجوزة في قلبها…
بس كلمتي كسرت كل الفرح ده.
بقيت بشوفها كأنها مهملة…
مش مهملة في نفسها، في البيت، فينا، حتى في وجودها ليا.
مش زي الستات اللي بشوفهم في الشغل، مهتمين بنفسهم وبيحافظوا على روحهم.
كنت بحاول أفهم،
ليه البعد ده غيّرها؟
ليه البسمة اختفت من وشها؟
ليه كل حاجة بقت تبعدني عنها، بدل ما تقربني؟
كنت نفسي أشوفها تاني زي زمان،
نورا اللي كنت بحبها بكل تفاصيلها،
نورا اللي كانت كل حاجة في حياتي…
بس دلوقتي… صدمتها كانت واضحة،
وهي، من جواها، موجوعة…
بس برودها قصاد عني، بيجرح قلبي أكتر.
--------------------------------
قول لي يا كارم…
قصرت معاك في إيه؟
سؤال طلع من لساني بهدوء غريب، كأن قلبي نسي يصرخ.
يمكن كنت خايفة لو عليّت صوتي أبان ضعفي، وأنا مش عايزة أبان مكسورة.
كنت عايزة أفهم… بس بكرامة.
كارم وقف، وشه اتغير للحظة.
شُفت التوتر في عينيه، والنَفَس اللي بيحاول يطلعه وما بيطلعش.
اتكعبل في الكلام كأنه أول مرة يتكلم معايا.
– أنا… يا نورا، الموضوع مش كده…
ده حقي، الشرع قال كده…
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ، فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ، مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ…
الكلمة وجعت وداني قبل ما توصل لقلبي.
اللي بيني وبينه بقى قرآن بيتقال كتبرير.
كنت ببصله، وكل كلمة بتنزل زي سكينة في روحي.
قلتله وأنا ببصله بثبات غريب:
– هو ده بس اللي فاكر من الشرع؟
باقي الآية يا كارم…؟
ولا نسيتها عشان مش على هواك؟
اتلخبط لحظة، حاول يرد، بس أنا كملت قبله:
– فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً.
ولا دي مش عاجباك؟
سكت.
الصمت كان تقيل بينّا لدرجة إني كنت سامعة نفسي وأنا بتنفس.
وشه اتبدّل، كأنه اكتشف إن الجرح اللي عمله مش سهل يتلم.
قلتله وأنا لسه محافظة على هدوئي:
– أنا مش هوقفك، ولا هعيط، ولا هسألك تحبني ولا لأ.
اللي عايز يتجوز، يتجوز.
بس قبل ما تعمل اي حاجه في الجوازة التانية… طلقني.
كانت الكلمة طالعة من قلبي… قوية وواضحة.
مش تهديد، ولا تحدي، كانت بس نهاية حكاية كنت أنا فيها لوحدي.
هو وقف مكانه، وشُفت في عينيه وجع، بس ما اتكلمش.
يمكن كان عايز يشرح، يمكن ندم، يمكن لأ.
بس خلاص… الكلام بعد أنا هتجوز تاني ملوش معنى.
رجعت خطوتين ورا، مسكت مقبض الباب،
بس ما فتحتوش.
قلتله وأنا ببصله آخر بصّة:
– كنت فاكرة إن السفر بعد، لكن طلع البعد الحقيقي بدأ وانت لسه هنا.
وسبت المكان،
وسبت ورايا كل حاجة كانت بتربطني بيه،
إلا وجع كبير…
----------------------
دخلت الأوضة بخطوات هادية… وبنتي نايمة، ووشها صغير ولطيف، كانت بتضحك في نومها كأنها مش حاسة بحاجة حواليها. وقفت كده لحظة، وبصيت ليها، وبعدين وقفت على باب الأوضة، سامعة صوت الرزعة…و قلبها وقع.
قعدت على طرف السرير، حطيت إيدي على كتف البنت الصغيرة، وقلت لنفسي بصوت واطي:
– تعرفي يجوري… انا بدعي دايما ان ربنا يحميكي… وتعرفي كمان أنا كنت بحبه… والله كنت بحبه من قلبي…
سكتت شوية، وبعدين رفعت راسها وبصت ناحية الباب، مكانه، كأنها عايزة تتأكد إن كلامه اللي قاله كارم صح ولا حلم. قالت لنفسها بصوت شبه همس:
– يعني… هو أنا كده قليلة في عينيه؟… كل الحب ده… وكل اللي عملته… كله راح؟…
سكتت شوية، وبعدين بدأت تحكي بصوت أعلى شوية، كأنها بتفضفض لنفسها، مش لأي حد تاني:
– كنت فاكرة… كنت فاكرة إنه بيحبني زي ما أنا بحبه… كنت مستنية اللحظة اللي هرجع فيها أشوفه… أحضنه… وأقول لنفسي… رجع بيتي… بس… لا… الكلام ده كله وقع في دمي… قلبه متغير… نظراته… حتى صوته… كله بقا بارد.
بصت على البنت الصغيرة، وابتسمت ابتسامة ضعيفة، دموعها لسه سايبة على خديها:
– بس ماشي… مش هخلي حد يشوف دموعي… مش هخلي وجعي يمسها…
وقفت من على السرير، ومشيت ناحية الباب، سامعة صوت قلبها اللي لسه بيدق بسرعة… وقالت لنفسها:
– أنا كنت بحبه… وأنا هفضل بحبه… بس… مين فاهم… مين حاسس باللي جوّا قلبي دلوقتي؟…
وقفت لحظة، وبصت حواليها، البيت ساكت… غير صوت نوم البنت… قالت لنفسها بجدية:
– هتشوف يا كارم… هتشوف أنا مين… ومين اللي كان حقيقي… ومين اللي استاهل كل ده.
وطلعت قاعدة على الكرسي في الصالة، قلبي لسه موجوع من اللي حصل مع كارم، ودموعي سايبة على خديّ، وفجأة رن جرس الباب. قلبي اتجمد لحظة، ومشيت أفتح… لقيت جدتي واقفة، وشها كله حنية، وعينيها مليانة فضول وقلق.
–نو.........اي ده مالك يا بنتي؟ ليه عينيكي حمراء كده؟ في إيه؟
رفعت راسي، وحاولت أسيطر على دموعي، وقلت بصوت واطي:
– ما فيش يا جدتي… انتِ عاملة إيه؟ بخير؟
ابتسمت وقالت: الحمد لله… بس إنتي إيه اللي حصل؟ شكلك تعبانة قوي.
تنهدت، وحسيت ما ينفعش أكتم حاجة تاني، حكيت لها كل اللي حصل… كل كلمة خرجت من جوّا صدري، والدموع نزلت على وشي. جدتي بصّتلي بعمق، وبعدين قالت بحزم، بس مش قاسية،قالت بكل خبرة السنين:
– يا بنتي… انتم الاثنين غلطانين. أنتِ أهملتي جوزك… ما سمعتيهش كويس… وما خليتيش نفسك معا… وكمان مهملة... بس هو كمان غلطان لأنه بقا بارد وبص برا علي طول. مفيش حد كامل، وكل واحد فينا بيغلط، بس المهم نتعلم ونصحح.
وقفت قدامها، وحطت إيديها على كتفها، وقالت:
– شوفِ يا نورا… الواحد لما يكون عنده بيت…و لما يكون عنده جوز وأولاد… لازم يبقي واعي. مش بس بالكلام، لأ… بالأفعال. لازم تعرفي تحافظي على جوزك… تعرفي تدي له اهتمامك… تحسسيه بحبك ووجودك ليه… متخليش أي حاجة برا البيت تخليه يبص يمين وشمال.
كملت الجدة كلامها، كل كلمة ليها وزن:
– انتِ عارفة يا بنتي… النظافة مهمة… مش بس جسديًا، لأ… روحك كمان… لبسك، شعرك، ريحتك، كل حاجة فيكي لازم تحسيه إنه ليه الأولوية في حياتك… لما مراته تهمل نفسها، أهو طبيعي يبص بره. مش حاجة غلط… بس هو بيحس بنقص… ومفيش ست حابة تحس كده.
– ولازم تعرفي يا نورا… النفسية مهمة… لما تكوني تعبانة أو مضايقة، مش معناه تهمل نفسك… اهتمي بنفسك، بحاجاتك الصغيرة… حتى لما تكوني متعبة من البيت أو أولادك، حطي لنفسك وقت… شعرك، وشك، لبسك… حتى ضحكتك… كل حاجة بتفرق مع الجوز… بتحافظ على شعوره بيكي.
– وعليكي يا بنتي… لازم تعرفي إمتى تهدّي، إمتى تتكلمي، إمتى تتحملي… البيت محتاج منك صبر… والأولاد محتاجين حضن… والجوز محتاج حنية واهتمام. ما ينفعش أي حاجة تبوّظها تيجي تقول الطلاق… لا… الحياة محتاجة صبر وفهم… ومفيش حد كامل.
– واسمّعي مني الكلام ده: الحب مش بس كلام… مش بس دموع… مش بس شعور… الحب فعل… اهتمام… نظافة… ضحك… اهتمام بالبيت… حتى أكلك، ترتيبك، شغلك… كل حاجة… كل حركة بتحسسه بحبك… حتى لو مش قايل كلمة.
– خدي بالك من بنتك كمان… لازم تحافظي على قلبها… على روحها… على ابتسامتها… ما تخليش وجعك يوصل لها… لو شافت دموعك كل يوم… هتتعود على الحزن… ومين عايز كده لبنته؟ لازم تكوني قوية… لأجل نفسك… ولأجلها.
– وأنا هقوللك حاجة مهمة… الناس ساعات تشوف إنه الجوز بيبص بره… مش كل مرة خطأه هو سبب… مرات الست اللي قدامه تهمل نفسها شوية… تهمل بيتها… تهمل نظافتها… تهمل نفسها… أهو طبيعي يحس بنقص… ويدور على اللي يكمّلها… مش دايمًا حاجة كبيرة… ساعات بس الاهتمام البسيط… نظافة بسيطة… ابتسامة… كلام… كل ده بيخلي الرجل يفتكر البيت كله حب ودفا.
– ولازم تعرفي يا بنتي… لما يكون عندك جوز، خلي بالك من قلبه… مش بالكلام بس… بالعينين، بالوجود… بالضحكة، باللمسة، بالنظرة… مش معنى إنك تعبانه أو متضايقة تهمليه… لازم تحسيه إنه مهم… إنه الأولوية… ولو حسيته كده… مش هيبص بره… ومش هيفكر في حد غيرك.
– وفهمي يا نورا حاجة كمان… الإنسان اللي بيحبك… محتاج يشوفك سعيدة… محتاج يحس بالدفا… محتاج يشوفك مهتمة بنفسك… حتى لما يكون بعيد عنك… كل كلمة بتقوليها، كل حركة بتعمليها… كل ده بيرجعلك… وبيخلي قلبه مستريح معاكي…
سكتت شوية، وبعدين ضحكت ضحكة خفيفة، وقالت:
– شوفِ يا بنتي… الحياة مش سهلة… كل واحد بيغلط… بس المهم نتعلم… ونحافظ على اللي عندنا… ما تسمحيش لدموعك تضيعك على الفاضي… وما تخليش وجعك يمس بنتك… خليكي قوية… وتعلمي من غلطك… تعرفي مين يستاهل قلبك ومين مش يستاهل…
وفضلت كده شوية معايا، وحطت إيديها على كتفها، وكل كلمة كانت بتدخل قلبي… كانت صعبة… بس مليانة حكمة. وكل نصيحة كانت بتحسسني إني لسه قادرة أرجع أكون قوية… أرجع أكون أم كويسة… وأرجع أكون زوجة حقيقية لو لسه فيه
---------------------------
كارم خرج من عند نورا وهو مش مركز، خطواته تقيلة وكل حاجة حواليه ضبابية. الشارع كان ساكت بالنسبة له، كل صوت بيعديه من غير ما يسمعه، كل حاجة حوالينه ضايعة قدامه، غير قلبه اللي كان بيتوجع بشدة.
مشى فترة طويلة، كل خطوة تقيلة عليه، وكل مرة يفكر يرجع لكن رجليه ما كانتش راضية تمشي في أي اتجاه. الوقت مر وهو ماشي بلا هدف محدد، لحد ما لمح الجامع من بعيد. وقف شوية قدام الباب، خد نفس عميق، وحاول يلم نفسه.
بعد لحظة، فتح الباب ودخل جوه الجامع. وقف هناك في الصفوف الأمامية، ساكت، قلبه متلخبط، خطواته جايه مع صدى صوته وهو يمشي على الأرضية. رفع رأسه شويه وبص حواليه، ثم وقف ساكت، يحاول يثبت قدامه قبل ما يكمل أي حاجة.
-------------------------
يتبع.
(1)
يترا نورا هتعمل اي؟
وهل هتسمع كلام الجدة؟
وكارم كمان هيعمل اي؟
كل ده هنعرفه في البارت الجاي باذن الله ♥
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم


تعليقات
إرسال تعليق