القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية غنيمة عشق الفصل الاول والثاني والثالث والرابع بقلم الكاتبه نورا عبد العزيز حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج

 

رواية غنيمة عشق الفصل الاول والثاني والثالث والرابع بقلم الكاتبه نورا عبد العزيز حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 



رواية غنيمة عشق الفصل الاول والثاني والثالث والرابع بقلم الكاتبه نورا عبد العزيز حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 


ماذا لو كانت الأميرة الصغيرة هي ولية العهد

وريثة كل شيء، وعدوة الجميع.

حين انقلب الجميع ضدها، ورفعوا سيوفهم في وجهها، لم تجد ملجأ سوى في ظل حارسها الغليظ والمتعجرف، مفرّها الوحيد قلبًا أقسم ألا يعرف الرحمة

رجلٌ جليديٌّ لا يعرف الرحمة، بارد الملامح، يُخفي خلف صمته عاصفة لا تهدأ،

وطفلة عنيدة لا تعرف الخوف، تقتحم جليده كأنها خُلقت لتكسره

كيف يجعل القدرُ صبيةً صاخبة، نقطةَ ضعفٍ لوحشٍ لا يلين؟

ماذا لو تحوّل واجب الحراسة إلى قيدٍ من نوعٍ آخر...؟؟ 

قيدٍ يُشبِه الحب، ويُخيف أكثر من الموت؟» ♥🙊

الفصل الأول 


داخل قصر "اللؤلؤ" قصر ملكي كبيرًا جدًا ويملك ساحة كبيرة من المساحات الخضراء يزينها نافورة المياه أمام بوابته وصوت مياهها مع زقزقة العصافير الملونة الجميلة يعطوا نغمة صباحية عاذبة تسرق القلوب وتريح الذهن من أى ضغوطات، خرجت الخادمة تحمل فنجان القهوة حتى ولجت به إلى غرفة المكتب وكان صوت رجولى يملأ الغرفة والسيد "أنيس الهوارى" على الشاشة يتحدث عن قيمة اللؤلؤ مع المذيعة قائلًا:-

_ اللؤلؤ يعتبر من أحد أقدم مصادر الجمال والفخامة فى العالم، مش مجرد حجر كريم ، بل يحمل تاريخيًا غنيًا بالأساطير والقصص الرومانسية فاللؤلؤ قطعة مميزة فى عالم المجوهرات والزينة للنساء ودا أحد أهم الأسباب اللى خلتني أهتم باللؤلؤ لأنه شيء نادر جدًا وثمين ....


أغلق "أنيس الهوارى" الرجل العجوز صاحب الخمسة وثمانين عامًا الشاشة بالريموت وأستدار بوجهه الملأ بالتجاعيد وشعر رأسه الأبيض الخفيف مُرتدي عباءة رمادية وفوقها قفطان رجالي أسود اللون بينما يده الضعيفة مُتكأة على العكاز، يتحدث إلى أبنته الشابة ذات الثلاثين عامًا قائلًا:-

_ أحسنتي الصنع يا مريم، لكن فريق العمل عندك مش قد كدة مش مجرد حلقة فى التلفزيون هى اللى هتزود المبيعات للشركة، وأنا بتكلم عن شركة اللؤلؤة الملكية، الشركة رقم واحد فى صناعة المجوهرات


_ متقلقش يا بابا أنا عاملة خطة إعلانية هتكتسح المجال وهتعجب حضرتك جدًا

قالتها "مريم" فتاة ذات البشرة البيضاء وعيني عسلية واسعة بشعرها القصير الأسود الذي يصل لعنقها تصففه على الجانب الأيسر مُرتدية بدلة نسائية زرقاء، نظرت "مريم" إلى الخادمة "مديحة" بوجهها الحاد يحمل غضب ولدت به يشير على خباثتها ومكرها، قالت بنبرة هادئة:-

_ ميرسي يا مديحة 


أخذت فنجان القهوة ثم نظرت إلى والدها الرجل الكبير مغرم باللؤلؤ والمجوهرات مُنذ شبابه، قد أنفي عمره كله فى اللؤلؤ والبحث عن أندر اللؤلؤات وأغلاها، حرك يده اليمني بعكازه الأسود وأعلاه تاج ملكي يملك لؤلؤة سوداء وهى أغلى لؤلؤة قد رآها فى عُمره، تحدث بهدوء شديد قائلًا:-

_ أتمني تعجبني لأن لو فشلتي فيها يا مريم هتبقي فشلتي فى الكرسي اللى أخدتيه مني وبعدها متلومنيش، المهم أفتتاح المتحف جاهز


تأففت من طريقة والدها الحادة فى الحديث وكلما تحدث معها فى العمل أشعرها بالذُل وسيطرته المُفروضة عليها كأنها جارية لديه، أومأت إليه بنعم ثم قالت:-

_ محمود هناك من بدري وأكد على المنهدسين والمصممين بنفسه 


وقف من مكانه بصعوبة بفضل سنه الكبير مُتكئ على عكازه بظهر منحنى قليلًا للأمام ثم قال بتهكم ساخرٍ من كلماتها :-

_ ههه محمود والله ضحكتني، أخوكي اللى أيرادات الشركة نزلت 3% الشهرين دول بسبب سخاءه على مراته المدللة وكأنه نسي أن كل اللى هو فيه وكل اللى معاه دا ملكي أنا وهو ميملكوش حاجة أبدًا بس معلش خليه يصرف براحته بكرة الحساب يجمع


تنحنحت "مريم" بضيق شديد جدًا واضح فى ملامحها رغم أنها تكبح الكثير من الكلام فى جوفها، بسبب معاملة والدها لها هى وأخاها ثم قالت:-

_ أكيد طبعًا وفى الأول وفى الأخر كله ملك حضرتك


ألتف إليها بغلاظة من أبناءه وقال:-

_ ودى أهم حاجة ، أن كله ملكي وأن أنتوا بدوني مالكوش لازمة ولا تملكوا شيء نهائيًا، حتى الهدوم اللى عليكي ملكي يا مريم


تنهدت بضيق ثم قالت:-

_ أكيد عن أذن حضرتك


خرجت من الغرفة وهو خلفها لترى أمامها فتاة جميلة جدًا تملك وجه بريء ونادر كاللؤلؤ بشرتها البيضاء الصافية كصفاء اللؤلؤ العاذب وعينيها الرمادية اللامع كبريق اللؤلؤة التي تسحر العيون لكل من يراها،وشعرها أسود طويل يصل لمنتصف ظهرها حرير تتركه حرًا بلا قيود مُرتدية فستان وردي اللون يصل لأسفل ركبتيها بأكمام وأسفله جوارب سوداء طويلة تصل لأعلى الركبة تخفي أقدامها عن النظر، تشبه أميرات ديزني من جمالها، ركضت الفتاة إلى "أنيس" بحماس وبسمتها المُشرقة تنير وجهها وتقول بحب:-

_ صباح الخير يا جدو 


ضمها إليه بسعادة وبسمة دافئة تنير وجهه مع قبلة تركها كتاج على جبين فتاته الصغيرة:-

_ صباحك ورد وفل يا آيلا


نظرت الفتاة إلى "مريم" وقالت بلطف:-

_ أزيك يا عمتو


رمقتها "مريم" بضيق شديد نابع من حُب "أنيس" القوي لها كالمسحور بها وتفضيله لحفيدته عليهما وهم أطفاله ثم قالت:-

_ كويسة، عن أذنك يا بابا هروح أخلص اللى ورايا قبل الحفلة بتاعت بليل


غادرت القصر مُشمئزة من رؤية "آيلا"، نظر "أنيس" إلى حفيدته الجميلة وهو لا يبالى بهذا الكره لأنه يعرفه جيدًا وقال:-

_ جهزتي اللى اتفقنا عليه


رفعت حاجبها الأيسر إليه ويدها اليمني تحط خصره وهو يضع ذراعه خلف ظهرها بدلل وقالت بفضول يُقتلها من غموض جدها:-

_ هو أنا مش فاهمة سبب أصرار حضرتك على وجودي فى حفلة بليل ولأول مرة حضرتك تشاركني فى حاجة تخص الشغل وخصوصًا أن طول الوقت حضرتك بتدارني عن عيون الكل وخصوصًا المعارف بس أنا كلمت البيوتي سنتر وهيجوا على العصر زى ما حضرتك أمرت بس الفستان...

قالتها "آيلا" بجدية ليقول بحزم وغموض شديد:-

_ الفستان عليا قُلتلك، يلا روحي إنتِ جامعتك ومتتأخريش زى ما أتفقنا ومعاكِ أدم أوعي تسيبيه


أومأت إليه بنعم وفُتح باب القصر بواسطة الخادمة ليدخل "أدم" شاب فى منتصف الثلاثينات كان يعمل ضابط عمليات خاص فى الجيش حتى تقاعد وقرر العمل كحارس شخصي لدى "أنيس الهوارى" بجسد رياضي ممشوق وعضلات صدره وذراعيه واضحة فى بدلته السوداء، عينيه الحادة بسوادها الشديد وشعره الأسود الكثيف من الأعلى وقصير من الجانبين مع بشرته القمحاوية التى تزيد من جديته وحدته، قال بهدوء:-

_ صباح الخير يا أنيس بيه


_ صباح النور يا أدم، يلا خدوها وصلها الجامعة وزى ما أنت عارف، آيلا متغبش عن عينيك لحظة 

أومأ إليه بنعم ثم نظر إلى "آيلا" التى تحولت بسمتها إلى العبوس فور رؤيتها لوجهه الحادة ثم حملت حقيبتها وخرجت أمامه مُتمردة على وجوده معها والحرج الذي تشعر به أمام أصدقائها من وجوده كالظل لها، هز "أنيس" رأسه بالموافقة إلى "أدم" وقال بجدية:-

_ معلش تحملها وهى مع الوقت هتتعود، أنا عارف أنها عنيدة وعنيفة طالعة لجدها لكن آيلا جواها حتة براءة وطيبة ودا اللى مخليني متمسك بوجودك معها، أحميها كويس يا أدم دى أمانة معاكِ مش عاوز أخسرها زى ما خسرت أبوها 


أومأ إليه بنعم وخرج إلى الخارج ليري "آيلا" تقف بجوار السيارة عابسة ومنتظرة أن يفتح لها الباب بغرور وكأنه خادم لها، فتنحنح بهدوء من تمرد هذه الفتاة وغرورها المتغطرس ثم فتح الباب الخلفي لها كي تصعد بالسيارة فى هدوء وكأن الملاك الذي كان بداخلها تبدل حاله الآن، تأفف "أدم" بغيظ من طريقتها وألتف كي يصعد بالسيارة مُنطلقٍ بها....

رمقت "مريم" سيارة "آيلا" وهى تغادر القصر فأتصلت بالهاتف أثناء وقوفها فى الحديقة وقالت:-

_ خلصت اللى بتعمله


سمعت صوت"محمود" أخاها الأكبر ورئيس مجلس الإدارة لشركة الهواري فاشون التابعة إلى شركة اللؤلؤة الملكية الشركة الأم ، تحدث مُجيب عبر الهاتف بصوت خشن قائلًا:-

_ اه فى الطريق طالع على الشركة أهو، عندي ميتينج مهم جدًا 


تحدثت "مريم" بنبرة غليظة وملل شديد:-

_ قال يعني الشركة بتاعتك وخايف عليها، أبوك لسه مسمعني كلامه المعتاد وذله لينا أننا لا نملك شيء ومجرد موظفين عنده


أجابها "محمود" بنبرة ساخرة مع قهقهة بسيطة:-

_ يا ستي خديه على قد عقله، أبوكِ خلاص بيودع وبعدين هو عنده غيرنا يورثه، بكرة يموت ونورث كل حاجة ونبقي أصحاب الملك كله


_ يا خوفي يا محمود، يا خوفي من بكرة مع أبوك ومكره

قالتها "مريم" بحدة صارمة، جلست على المقعد الخشبي فى الحديقة تتحدث فى الهاتف لترى سيارة "عثمان" المحامي تدخل من بوابة القصر فأتسعت عينيها على مصراعيها بدهشة من قدوم المحامي وقالت بتلعثم:-

_ هو أبوك طلب منك تبعتله المحامي؟


_ لا، أشمعنا

قالها بهدوء شديد لتقول "مريم" بفضول يقتلها الآن:-

_ المحامي وصل، أقفل لما أشوف الموضوع دا 


أغلقت معه الخط ووقفت تسير خلف سيارة المحامي بتعجل ..


__________________________ 


داخل الجامعة، جلست "آيلا" فى المدرج بتأفف شديد وشعور الحرج يجتاحها من جلوس "أدم" على المقعد المجاور لها داخل المدرج فى المحاضرة كأنه ظل لها لا يفارقها أبدًا، تأففت "آيلا" من الخنق الذي تشعر به وقالت بهمس فى أذنه:-

_ هو مينفعش تستناني فى العربية يعنى، لازم الإحراج اللى الواحد فيه دا 


_ اه لازم

قالها "أدم" وهو ينظر فى هاتفه بملل ولا يهتم لحديثها مما جعلها تشعر بحرج أكثر وغيظ فضربت قدمه بقدمها غاضبة وهى تقول مرة أخرى:-

_ لما أكلمك تسمعني، ولا ناسي أنك شغال عندي


رفع رأسه للأعلى بكبرياء شديد وغرور لم تراه فى وجه أحد من قبل كأنها هى خادمته ثم حول نظره إليها و قال ببرود شديد:-

_ يمكن تكوني الأميرة المدللة فى القصر لكن أحب أوضح لحضرتك أني بشتغل مع أنيس بيه الهواري مش إنتِ يا أنسة آيلا، يعني مش شغال عندك للعلم بس


كزت على أسنانها من الغيظ ثم وقفت تمر من أمامه مغادرة المحاضرة قبل أن تنتهي فدفعت قدمه بقوة فى مرورها حتى سقط هاتفه أرضًا مما جعل "أدم" يبتسم على أنفعالها ونجاحه فى إغاظتها التى لم تستطيع كبحها، ألتقط الهاتف وغادر المدرج تحت أنظار الجميع، بسمته لم تفارق وجهه بخباثة على أثارته لغضبها، سارت فى الجامعة كالجمر المُلتهب تضرب الأرض بقدميها جاءت صديقتها "نيرة" توقفها أثناء السير فى منتصف الجامعة وقالت:-

_ أي رايحة فين؟ أوعي تقولى المحاضرة خلصت


لم تجيب عليها وكانت غاضبة تحترق من الداخل، متمردة على بروده ورغم مكانتها لكن هو المنتصر دائمًا عليها، ضحكت "نيرة" وهى تقف أمامها ناظرة إلى "أدم" الواقف خلفها مُبتسمًا ويضع يديه فى جيوبه وقالت بهمس:-

_ أحم هو اللى مزعلك كالمعتاد، يا بنتى بطلى تلمضي معاه مش طريقة تحطي نقرك من نقره، ثم يعنى دا بالنسبة ليك راجل عجوز ولا مش واخدة بالك


_ أنا بس أكمل العشرين ووالله لأطرده من الشغل دا، لأن قرفت وحقيقي فكرة أنهم طول الوقت بيعاملوني على أني لسه طفلة بقيت مملة ومرهقة، مش قادرين يقبلوا أو يفهموا أنى خلاص دخلت الجامعة


تنحنحت "نيرة" بهدوء عن حديث صديقتها أثناء سيرهما معًا وقالت بهدوء ساخرة منها:-

_ أيوة فعلا، كبرتي ... دا إنتِ لسه فى أول جامعة يا بنتي، أمال لما تتخرجي وتمسكي إدارة شركة من بتوع جدك هتعملى أي؟


جلست "آيلا" على الأريكة الخشبية الموجودة فى أستراحة الجامعة مُتذمرة وقالت:-

_ إدارة أى؟ أنا عايزة أتخرج عشان أسافر وألف العالم وأتفسح وأعيشي المغامرة بجد، لا عايزة شغل ولا شركة ولا مال ولا أى حاجة من الثروة دى 


ضحكت "نيرة" بسخرية على صديقتها ثم قالت أثناء عقد ذراعيها بأحكام أمام صدرها:-

_ والله أنك هبلة يا آيلا، إنتِ لسه بس متفهمش الفلوس والمكانة بيعملوا أى ؟ دا أنا مستنية اللحظة اللى أتخرج فيها عشان بس أروح الشركة مع بابا ويضرب ليا تعظيم سلام يا بنتي ويقوله المديرة جت والمديرة راحت


وضع النادل العصير أمامهما لتأخذه "آيلا" بحيرة ثم قالت بنبرة عابسة:-

_ أيوة بس إنتِ قُلتي أهو الشركة مع بابا، لكن أنا هروح الشركة مع جدو.. ليه ما هو عنده عمي محمود وعمتي مريم ولاده


_ وإنتِ كمان يا آيلا ليكي نصيب ولا مش واخدة بالك أنك بنت أبنه زيهم بالظبط 

قالتها "نيرة" بمكر شديد لتترك "آيلا" العصير من يدها وهمت بالوقوف من مكانها تستعد للمغادرة بضيق واضح جدًا فى ملامحها لتقف "نيرة" بتعجل مُعتذرة عما قالته:-

_ أستني يا آيلا، أنا آسفة بس حقيقي مش قصدي، أنا عارفة أنك مبتحبيش سيرة باباكي تيجي لكن أنا كان قصدي أوعيكي لأن الزمن دا الواحد بيأكل أخوه عادي 


تنهدت "آيلا" بضيق يحتل ضلوعها وقلبها يخفق بجنون من الغضب والألم تعتصر قلبها الصغير من الماضي الذي ترك أثره بداخلها وتجمعت الدموع فى عينيها الرمادتين تتلألأ ببريقهما الدافئ، أقتربت "نيرة" منها أكثر وقالت بلطف وهى الصديقة الوحيدة إلى "آيلا" وتعرف كما يوجعها الحديث عن والدها المتوفي:-

_ أهدئي يا آيلا، أنا حقيقي أسفة جدًا ليكي 


هزت رأسها بنعم ونظرت فى الهاتف مصطنعة التأخير ثم قالت:-

_ عن أذنك لازم أمشي دلوقت يا نيرة عشان متأخرش على جدو


أومأت إليها بنعم فتركت صديقتها ومرت من جوارها لترى "يزن" ابن عمها "محمود" الشاب المتغطرس المغرور صاحب الـتسعة وعشرون عامًا يقترب منها بكبرياء شديد مُرتدي بنطلون أسود وقميص أسود يفتح زرين من الأعلى يظهر عنقه وصدره صاحب البشرة البيضاء ويضع نظارة شمسية على عينيه يخفى لونهما البني مع لحيته البنية بجسده الممشوق وطويل القامة، كلما مر بمكان لفت أنظار جميع الفتيات بوسامته وكبرياءه، همست "نيرة" فى أذنها بملل:-

_ جه عاشق الغرام


تمتمت "آيلا" بحدة وعينيها ضيقة من الغضب قائلة:-

_ بعينه، أنا مستحيل أحب واحد زي دا 


_ بس هو ولهان فى الأميرة

قالتها "نيرة" وهى تنكز صديقتها فى كتفها بعفوية، وصل "يزن" أمامهما ورفع نظارته الشمسية يكمل أستعراضه فى ساحة الجامعة وقال:-

_ مقولتليش أنكِ جاية الجامعة النهار دا


_ نسيت أخد الأذن منك

قالتها بضيق ومرت من جانبه ليمسك يدها يمنعها من الرحيل قائلًا:-

_ أستني يا آيلا


جذبت يدها بقوة من قبضته وتحدثت بحدة صارمة شبه صارخة به أمام الجميع:-

_ متلمسنيش ولو عندك كلام قوله بلسانك


أقترب خطوة منها ليُصدم بوقوف "أدم" أمامه بالمنتصف بينهما ويخفي "آيلا" خلف جسده العريض حادقًا به بحدة صارمة وبدأت النيران تتطاير فى أعين الأثنين وكلا منهما مُشمئزًا من الأخر فقال "أدم" بحدةٍ مُحذرٍ إياه:-

_ للمرة الكام بلغتك متظهرش قصادها 


دفع ذراع "أدم" بخفة متغطرس بوجوده الدائم كأنه ظل إليها وقال بعنادٍ وبنبرة خشنة:-

_ وأنا فى كل مرة أقولك متتدخلش بينا، إحنا عائلة فى بعضينا


تبسم "أدم" بسخرية ونظر إلى "آيلا" الواقفة فى صمت خلفه ليرى وجهها الغاضب وعينيها ما زالت الدموع مجتمعة بيهما فتنهد بضيق وقال:-

_ وهى رافضة تقابلك أو تلمحك بعينيها فعشان نحافظ على مظهرك الجميل ونخليك بنفس برستيجك الغرورى قصاد بنات الجامعة ومقلش منك، متظهرش قصادها تاني عشان تفضل بنفس الانتباه وتفضل نظرات الإعجاب فى عيون البنات اللى حواليك


كز "يزن" بأسنانه على شفتيه من الغيظ و"أدم" يخبره أنه يعرفه جيدًا ويعرف كما يهتم بالبنات أكثر من أى شيء، ألتف "أدم" إلى "آيلا" بغرور يقتل من يقترب منه وأشار على الطريق بجدية يعزز من قيمتها ويرفع من شأنها أمام الجميع قائلًا:-

_ أتفضلي


ألتفت "آيلا" تغادر غاضبة وكلما رأت "يزن" شعرت بشيء من الخوف والمكر والأشمئزاز........


________________________________

 

[[ قصر اللؤلؤ ]]


تحدث "أنيس" مع المحامي بنبرة هادئة وخافتة مُدركًا أن هناك من يسترق السمع لهما، فليس لديه ثقة بأحد من حوله:-

_ زى ما أتفقنا


_ والورق كله جاهز زى ما حضرتك أمرت ودا نسخة منه

قالها "عثمان" بجدية ليقول "أنيس" بقلق من القادم قائلًا:-

_ لا، خلي النسخة معاك، وزى ما أتفقنا محدش يعرف حاجة وتنفذ كلامي بالحرف 


أومأ إليه بنعم ثم قال بهدوء:-

_ تحت أمرك يا فندم


دلفت "مديحة" تضع القهوة على المكتب ليصمت الإثنين حتى خرجت وأغلقت الباب وراءها فسحبتها "مريم" من ذراعها بسرعة بعيدًا وقالت:-

_ ها سمعتي حاجة؟


_ لا سكتوا أول ما دخلت

قالتها بجدية مما أربك "مريم" وجعلها تنظر حولها بقلق من غموض والدها لتقول بحيرة:-

_ طب ما شوفتيش أى ورق على المكتب أو لمحتي أى حاجة؟


_ لا مفيش ورق خالص

قالتها "مديحة" بهدوء لتضربها "مريم" على ذراعها بهدوء ثم قالت:-

_ ما إنتِ لو بتشوفي شغلك كويس كنتِ عرفتي، واللى 

طلبته منك حصل ولا لسه؟


_ آيلا مرضتيش تفطر الصبح وأكيد مش هغصب عليها لأن على طول هتشك أن فى حاجة فى الأكل 

قالتها "مديحة" بضيق من فشلها فى المطلوب مما جعل "مريم" تفقد أعصابها على الخادمة وقالت:-

_ إنتِ هبلة يا بت، ركزي معايا بدل ما والله أدفنك حية، آيلا لازم أخلص منها لآنها واقفة ليا زى اللقمة فى الزور وأنا بحذرك تنجزي بسرعة 


أومأت إليها بنعم لتدفعها "مريم" بعيدًا بأشمئزاز شديد وكل ما يشغل فكرها الآن هو وجود المحامي مع والدها العجوز، نظرت فى ساعة يدها وكانت الرابعة لتأفف بضيق وغادرت القصر من أجل الأستعداد إلى الحفل مساءٍ.....


_________________________________ 


داخل قاعة اللؤلؤة السوداء الخاصة بالحفلات والمؤتمرات بالشركة، قاعة بساحة كبيرة مليئة بالطاولات والمقاعد الذهبي، يملأها حشد كبير من أكبر رجال الأعمال فى العالم وبدأت عارضات الأزياء تتقدم واحدة تلو الأخرى على المنصة، تعرض كلا منهن فستان مصنوع داخل شركة [ الهوارى فاشون] الشركة الخاصة بالأزياء تحت إدارة "أنيس الهوارى"، كل فستان مرصع بالألماظ واللؤلؤ كما ترتدي كل عارضة طقم من المجوهرات المصنوع فى شركة [ اللؤلؤة الملكية] كان العرض مميز جدًا بأجواءه الهادئة والدخان الباردة المضئ على الجانبين من المنصة حتى أنتهي الحفل وصعد "محمود" الأبن الأكبر إلى المنصة، رجل فى منتصف الخمسين لكن ليس يبدو عليه العمر، يرتدي بدلة زرقاء وقميص أبيض، يصفف شعره الأسود للأعلى ولحيته السوداء الكثيفة ليحمل الميك فى يده وقال:-

_ سيداتي سادتي الحضور بعد أن قدمنا لكم جزءً من عملنا النادر فى البداية يُسعدني أن أشكر هايدى الهواري اللى هى زوجتي طبعًا المصممة الأولي للإبداعات اللى شوفنا من شوية .... أتفضلي يا هايدي


تبسمت زوجته بكبرياء وفخر ثم صعدت المنصة مع تصفيق الجميع لها مُرتدي فستان أزرق اللون كزوجها مرصع بالألماظ الأبيض اللامع من الصدر وضيق جدًا يظهر فتانتها ونحافة جسدها، كعبها العالي يزيد من أنوثتها الجذابة وتصفف شعرها الذهبي على هيئة كعكة على الجانب الأيسر وغرتها الطويل على الجانب الأيمن وتحيط عنقها بعقد على شكل ثعبان مرصع بالألماظ وحلق أذن يكمل أناقتها، ليقدم لها المقدم الذي يحي الحفل باقة من الورد.

كانت "مريم" تقف فى الأسفل جانبًا تتصل بوالدها الذي لم يظهر بعد وحان وقت عرض المتحف على الجمهور وهو من سيفتتحه، لكن والدها لم يجب عليها مُنذ الصباح، حركت أناملها على جبينها بلطف تخفي توترها من غياب والدها وهو ينتظر هذا الحدث مُنذ الإتفاق عليه وبداية العمل به، تقدم الشاب الذي يقدم الحفل وقال:-

_ الآن ضيوفنا الكرام نقدم لكم الملك، أنيس الهواري رئيس مجموعة شركات اللؤلؤة الملكية 


فتح باب القاعة الخشبي على الجانبين ليدخل "أنيس" مُتكئ على عكازه وفى يده الأخر يمسك بيد "يزن" حفيده الأكبر والولد الوحيد لأبنه، كان مُرتديًا بدلة سوداء ويمشي على السجادة الزرقاء ببطيء شديد، تبسم "يزن" بخبث إلى والدته بينما يساند جده ، تبسمت "هايدي" إلى ابنها بفخر أمام الجميع حتى قاطع بسمتها همس "محمود" إليها فى أذنيها:-

_ أي اللى جاب يزن مع أبويا


_ ما أنت ماشي وراء أختك اللى عاملة فيها ذكية وهى أغبي الناس

قالتها "هايدي" بهدوء وبسمتها تنير وجهها مُصطنع السعادة ثم تابعت بذكاء امرأة:-

_ أختك بتفكر أزاى تخلص من آيلا، لكن أنا بفكر أن أبني يقش لأن خلاصها من آيلا معناه أنها هتورث وتتشارك معانا ودا إذا عرفت تعمل دا لأن أبوك مش هيسمح بحاجة زي دى وأنت عارف حمايته لآيلا عاملة أزاى ، لكن لما الولد يقش مفيش بعدها مشاركات


وصل "أنيس" إلى المنصة ثم تركه "يزن" ونزل إلى مقعده فبدأ الحديث قائلًا:-

_ مساء الخير، عشان مطولش عليكم وكمان مطولش على نفسي وأنا راجل عجوز 


ضحك الجميع قليلًا على كلماته ثم قال بنبرة خافتة:-

_ أنا هسيبكم مع محمود ابني يقدملكم المتحف، متحف فيه من أثمن المجوهرات اللى موجودة فى العالم وكمان فيه مجوهرات تاريخية، أفنتُ عمري كله فى تجميع المجوهرات اللى هتشوفوها دلوقت، مجوهرات تتخطي المليارات فى ثمنها ولأول مرة تُعرض على عيون حد غيري


تبسم "محمود" بفخر متكبر بعد أن تولي الأمر بأمر من والده ونظر إلى أخته الحقودة التى تسعي للتفرقة بين والده وبينه بحديثها السم كالحية التي تنشر سمها فى عقل أخاها وتقدم إلى والده ليأخذه من يده وأستداروا معًا ليقص شريط الستان الأحمر ويسقط الستار عن الباب الزجاجي الخاص بالمتحف وكانت اللؤلؤات كلاً منهم فى صندوق زجاجي مُأمن بأشعة الليزر للحماية من السرقة وسار "أنيس" مع ابنه والجميع فى الخلف يسيرون داخل الغرفة التى أطلق عليها متحفٍ للهواري، ودُهش الجميع من شكل المجوهرات ومنهم تاج صُنع لأحد ملوك العالم وقد أستردوا "أنيس" بعد الوفاة حسب العقد الذي باع به التاج، لطالما كان خبيثًا مع عملائه المميزين حتى يسترد لؤلؤاته النادرة، وصل إلى نهاية الغرفة ودُهش الجميع من وجود مقعد من الذهب كمقعد العرش ووقف "أنيس" أمام المقعد ليقول:-

_ دا كرسي عرشي وعُمري اللى أفنته فى الشركة دى، أتفضلوا أرتاحوا


جلس الجميع فى المقاعد المخصصة لهم وأولهم "محمود" وبجواره ابنه وزوجته ثم "مريم"، لم يجلس "أنيس" على المقعد رغم ضعف قدميه وتابع الحديث الذي وقع على الجميع كالقنبلة الذرية:-

_ الحدث المميز دا مش هكمل ولا هيكون أكثر تميزًا غير بولي عهدي، أنا خلاص زى ما بيقولوا على حافة الموت وعمري خلاص خلص بعد ما الدكاترة أكدوا على إصابتي بالكانسر


صُدم الجميع من خبر مرضه وهكذا أولاده، وقف "محمود" من مقعده بصدمة قاتلة ألجمته وهو لا يعلم شيء عن مرض أباه، نظر إلى أخته التى دُهشت هى الآخرى بهذا المرض، نظر "أنيس" إلى أبناءه مُستمع إلى ضجيج الجميع الذي يتهامسون بعد كلماته فى هدوء فقال بجدية:-

_ حتى أولادي ميعرفوش بالمرض لكن مش موضوعنا، أنا موضوعي الحقيقي فى ولي عهدي، ومن موقعي دا ومفاجأتي أنا الكبير بالحدث العظيم دا اللى حبت أنه يكون أخر أعمالى فى مسيرتي العملية بعلن التنحي عن منصبي وعرشي فى اللؤلؤة الملكية لوريثي وولي عهد ..


صمت لدقائق بينما تحولت الصدمة على وجه "محمود" إلى بسمة خافتة ووالده الآن على وشك أعلنه كوريث له وينقل كل الأملاك إليه، تبسم "أنيس" بمكر خبيث بعد أن لمح البسمة الخافتة على وجه أبنه وكأنه ينتظر هذه اللحظة وللحظة مر الماضي بسرعة البرقق أمام عيني "أنيس" وقتل أبنه الأصغر فأشتعلت نيران الفراق والحسرة بداخله وقد بدأ أنتقامه الآن حين أشاح نظره عن ابنه بنظرة أنتصار والأنتقام يحرق الجميع الآن بينما يشير إلى رجل الأمن على الباب ويقول بجدية صارمة:-

_ آيلا محمد الهواري


الفصل الثاني (2 ) 


صُدم الجميع من الخبر الذي وقع عليهما كالقنبلة التى سحب صمامها الآن ، صدمة ألجمت "محمود" وأسرته وأختاه "مريم" بينما تسائل جميع الحضور وهكذا أعضاء مجلس الإدارة عن الحفيدة المجهولة المُلقبة فى مملكته بالأميرة المجهولة، أتسعت عيني "يزن" على مصراعيها بينما فُتح الباب فألتف الجميع يحدق بالباب وكانت "آيلا" تقف فى مكانها و"أدم" بجوارها يمسك راحة يدها اليسري بأمر من "أنيس"، دُهش الجميع من جمال الأميرة وهى تتقدم بصحبة "أدم" بفستانها الأسود اللامع الضيق يظهر نحافة جسدها وضألتها الرقيقة، مُرتدية كعب عالى يُزيدها أنوثة وتصفف شعرها على هيئة ذيل حصان وغرتها الناعمة على الجانب الأيسر وتحمل بعنقها الناعم عقد لم يظهر من قبل على أعين أحد، دُهشت "هايدى" من إطلالة "آيلا" وفستانها الثمين وهكذا مجوهراتها بينما تتقدم "آيلا" على السجادة الحمراء والضوء الأبيض ثابتًا عليها، كانت الأميرة جميلة وجمالها الغلاب أذهل الجميع حتى غلب صدمة توريثها الأملاك كلها، بينما "يزن" و"محمود" يحملقون بها بصدمة قاتلة وهما على وشك قتلها بالنظرات.. 

همست بتوتر شديد من أنظار الجميع قائلة:-

_ كان لازم العرض دا 


تحدث "أدم" بنبرة جادة قوية رغم هدوءها حتى لا يسمعه غيرها:-

_ أستقيمي فى مشيتك يا أنسة آيلا وأفرضي ظهرك بكبرياء وأرفعي رأسك بتعالي، العرض دا عرض تتويجك على العرش،  الأميرة المدللة لأنيس بيه أتحولت للملكة صاحبة السمو ، دلوقت إنتِ الملكة 


دُهشت من كلماته وهى لا تعرف شيء عن هذا الحديث ثم حملقت بجدها فى خطواتها إليه وعقلها يستوعب سبب أمره لها بالحضور وزينتها، جدها الذي أمكر والآن قد سحب السيف لقتلها دون أن يُدرك ، وصلت أمامه والصدمة تحتل وجهها ليأخذ يدها من "أدم" وقال بجدية:-

_ ولية عهدي ورئيسة مجلس الإدارة الجديدة آيلا محمد الهواري ، وريثتي اللى نقلت لها كل أملاكي


نظرت إلى جدها بصدمة قاتلة وهى لا تهتم للحضور والآن قد فهمت سبب إصراره على حضورها وإناقتها التى غلبت الجميع وسبب أمره لتصميم فستان خاص لها من الألماظ، الآن قد أدركت سبب تخطيطه لكل شيء وأمرها بألا تدخل معه إلى القاعة حتى يأمر بهذا، أقترب أحد الموظفين يحمل تاجًا صُنع خصيصًا إليها ليحمله "أنيس" بين يديه ووضعه على رأسها وأومأ إليها بنعم فأستدارت إلى الجميع حتى وقف الجميع يصفقون بحرارة شديدة خوفًا من "أنيس"، وقع نظرها على "أدم" الذي تبسم بلطف إليها وصفق بأحترامٍ أجلها وهى لا تعرف أحدًا فى الحضور سواه فهز رأسه إليها بخفى مُطمئنٍ لها، سمع أحد من الخلف وكان شاب مهندس يعمل فى الشركة يهمس إلى صديقه قائلًا:-

_له حق يخبيها عننا، البت جميلة أوى، تخطف القلب بجمالها


أدار "أدم" له بنظرة ثاقبة وعينيه حادة ليقول:-

_ البت دى رئيستك، أسمها جنابها


تنحنح الشاب بحرج من "أدم" ليعيد نظره إليها ولأول مرة ينتبه إلى جمالها، فقد أصدق هذا الشاب هى جميلة جدًا تخطف القلوب، فتاة جميلة يتمناها أى رجل فى الكون، حدقت بهؤلاء الناس الواقفين أمامها بذعر وهى لا تعتاد على هذا الشيء رفع "أدم" يده اليمني خلسًا ليرفع أبهامه لها للأعلي بأعجاب يخبرها بأنها على صواب فتبسمت بخجل من فعلته بينما لفت نظرها مغادرة "محمود" وزوجته القاعة بغضب ناري يأكل قلوبهما وعقولهما وهكذا "مريم" التى عبرت عن رفضها وغضبها بالمغادرة هى الآخري، أقترب "يزن" من "آيلا" بضيق شديد:-

_ مبروك عليكِ يا آيلا هانم ويارب تكوني قد اللى جاى


أرتعبت "آيلا" من كلمات "يزن" وقبل أن تعبر عن قلقها من القادم، أخذ "أنيس" يدها فى يده وقال بحزم شديد:-

_ حصل أبوك وعمتك يا يزن

قالها "أنيس" ببرود شديد سعيدٍ بتصرفه الذي أمكر للجميع وقد نجحت خطته ....


________________________________ 


خرج "محمود" من القاعة غاضبًا وهو يتحدث بأنفعال ووجهه أحمر كالدم من الغضب بعد أن ورثت "آيلا" كل شيء:-

_ والله لأندمه على كل حاجة وعلى جثتي آيلا تأخذ جنيه واحدة من مالي وتعب عُمري


جاءت "مريم" من الخلف لا تقل شيء عن غضبه ومسكت ذراعه بقوة تُديره إليها ثم قالت:-

_ أستن هنا، مش دى آيلا اللى منعتني أقتلها وأخلص منها عشان دى بنت أخوك


نظر "محمود" خلفه بحذر من أن يسمعهم أحد وقال بضيق أكثر:-

_ بقولك أى، اللى طالك طالني وخسرنا سوا ، أهدي بقي ومتكمليش علينا وتخسرينا الباقي من عمرنا بلسانك الفالت دا


_ أنت جبان ليه؟ تكونش أول مرة

قالتها بنار يحرقها من الداخل فوضع "محمود" يده على فمها يمنعها من الحديث وقال بتهديد:-

_ لو فتحتي بوقك عن الماضي هتحصليه يا مريم فاهمة


دفعته بانفعال وعقلها على وشك أن يُجن من مكانه فقالت:-

_ والله اللى المفروض يحصله بنته مش أنا وأبوك عارف دا ودا السبب الوحيد اللى يخليه يمنعنا من الورث ، أبوك كان خبيث وكان عارف أننا قتلنا محمد وعمل نفسه مصدقنا لحد ما يضرب ضربته القاضية ويحرمنا من الورث كله لكن أنا مش هسكت والله ما هسكت ...


تأفف "محمود" من تصرف أخته وألتف لكي يغادر الشركة فصعد بسيارته وغادر المكان...


________________________________ 

[[  قصر اللؤلؤ ]]


جلست "آيلا" على السفرة تتناول الإفطار مع جدها بعد تفجير قنبلة الأمس ووجهها عابس ولم تتحدث معه بعد فعلته ليقول:-

_ وبعدين يا آيلا هتفضلي مخاصمني كدة لحد أمتى ها ؟


تركت الخبز من يدها بضيق فى تنهيدة قوية سمعها "أدم" مع دخوله من الخارج لتبدأ بالحديث مُنفعلة قائلة:-

_ حضرتك عارف كويس هم بيكرهوني قد أي؟ تفتكر بعد قرار زى دا هيسيبوني فى حالى ولا هحصل بابا، أنا لحد دلوقت متخطيتش حتى صدمة موته وبنهار لمجرد ذكر الماضي، ليه حضرتك تحكم عليا أني أعيش نفس مصيره، ليه أجرب نفس الكره اللى كرهوه لبابا ونهايته كانت الموت 


_ لأنهم لازم يدفعوا ثمن اللى عملوا فى أبوكي، أنا أديكي السلاح اللى تنتقمي بيه يا آيلا لموت أبوكي وتأخدي حقه من كل اللى أذاه وحرموكي منه 

قالها بجدية صارمة، وقف "أدم" يستمع لحديثهما الحاد وكلاهما يصرخ بالأخر، ألتفت "آيلا" حزينة وعينيها على وشك البكاء لترى "أدم" واقفًا فى صمت نظرت بعينيه بحزن  لأول مرة، حدق بوجهها الحزين رغم جمالها الذي يجعل الحزن لا يليق بها نهائيًا، غادرت فى صمت وهدوء حتى سمع "أنيس" يقول:-

_ دلوقت مهمتك بقت أصعب بكتير يا أدم، أعداء آيلا أول قرار هيأخدوا يخلصوا منها


_ مش وأنا موجود معاها يا فندم

قالها "أدم" فأخذ "أنيس" عكازه من جانبه ووقف مُتكيء عليه وتقرب من "أدم" الشخص الوحيد الذي يثق بوجوده جوارها، رمق عينيه بترجي يقول بهدوء:-

_ آيلا أمانة عندك يا أدم، أمانة فاهم، حتى لو جرالي حاجة أوعى تهمل الأمانة دى قبل ما تكبر وتنضج وتعرف تتصرف صح مع أعدائها


رمقه "أدم" بقلق من كلماته والآن لم تكن مجرد عميلة لديه، بل أمانةفقال بهدوء:-

_ بعد الشر عنك يا فندم ربنا يطول فى عمرك


 تابع "أنيس" الحديث الأكثر جنونًا حين قال:-

_ أنا عارف أنك هتصون الأمانة وهتصون كل حاجة انا عملتها معاكِ بس لما تبقي مراتك هتفديها بروحك


أتسعت عيني "أدم" على مصراعيها بصدمة ألجمته وشلت جميع أطرافه حتى تجمدت فى الأرض، تحدث "أنيس" بجدية وعينيه مُعلقة بوجه "أدم":-

_ تتجوزها ؟!، أنا بطلبك للجواز لآيلا، معنديش حد أثق فيه آتمنه على آيلا من الذئاب اللى حواليها ... غيرك


أبتلع "أدم" لعابه بتوتر من هذا الطلب، لم يفكر للحظة بأن العلاقة بينهما ستتخطي الحارس والأميرة لكن الآن يُفتح باب الزواج، الأميرة الجميلة التى لطالما أخفاها "أنيس" عن أعين الجميع ودللها بعمره كاملًا يُقدمها إليه حتى تكون قطعة من روحه وتُكتب على أسمه لتكن ملكه وحده، تحدث "أنيس" بهدوء بينما لاحظ توتر "أدم" ودهشته حين قال:-

_ فكر فى الموضوع لحد بليل يا أدم وتأكد أنى منتظر جواب واحد وبس، حصلها 


أومأ إليه بنعم ليغادر القصر فرآها جالسة فى السيارة تبكي فى صمت تعبر عن رفضها للعرش كما قال جدها، وقف "أدم" خارج السيارة بهدوء تاركٍ لها مساحتها الخاصة فى البكاء لنص ساعة ومع ذلك لم تهدأ أبدًا فطرق على باب النافذة بلطف وأشار إليها بأن يقود السيارة، رفعت "آيلا" يدها وجنتها تجفف دموعها أثناء هز رأسها بنعم تسمح له بالركوب، صعد إلى السيارة وأنطلق بسيارتها إلى الجامعة فى حين أنها لم تكفي عن البكاء، تحدث ببروده المعتاد معها قائلًا:-

_ عجبته لك يا زمن، واحدة تورث كل الأملاك دى ويبقي عندها كل الفلوس والمجوهرات دى وقاعدة تعيط


كزت على أسنانها بغيظ منه وهو يساكشها بمكره وقالت وسط بكاءها:-

_ تحب تأخد كل الأملاك دى، أنا مش عايزاها


كان يساكشها وهو يعلم كم هى طفولية والجدية فى الحديث لن تفيدها بقدر المشاكسة التى تغيظها لكن ردها صدمه جدًا فنظر فى المرآة بصدمة من ردها ورفضها القاطع لقبول الورث، قال بهدوء:-

_ إنتِ بتتكلم بجدية؟! أنسة آيلا إنتِ ورثتي مال يسد ديون البلد كلها 


_ الأملاك دى معاها موتي ، وأنا مش عايزة أموت... لسه نفسي أعمل حاجات كتير فى حياتي، ليه يتحكم عليا بالموت زى ما أتحكم على بابا بالموت 

قالتها بصراخ وهى تترك العنان لوجعها وتبوح بما تحمله فى باطنها، صمت "أدم" وهو مُشفقًا عليها فتاة لم تكمل العشرين من عمرها والآن تصارع الخوف من الموت وهى لا تعرف الرصاصة القاتلة من أين ومتى ستحصل عليها؟، وصلوا إلى الجامعة لتبدأ يومها الدراسي المعتاد لكنها تهربت اليوم من المحاضرات والدراسة وظلت حزينة فى حديقة الجامعة .....


_______________________________ 


[[ شركة الهواري فاشون ]]


كان "محمود" جالسًا فى مكتبه وبركان غضبه لم يخمد للحظة من الأمس، ما زال لا يستوعب ما فعله والده حتى ولجت إلى المكتب "هايدى" زوجته تقول:-

_ أنت لغيت الميتنج ليه ها؟ لتكون فاكر أنى ممكن أتخلي عن عمري اللى قضيته فى الشركة للأستاذة آيلا وقررت أنك توقع الشركة


ضرب المكتب بيده بغيظ شديد وقال:-

_ على جثتي تحط رجلها فى الشركة هنا، أنا بس معنديش دماغ للأجتماعات عايز أفكر فى اللى جاي 


جلست بضيق شديد على المقعد المقابل للمكتب وقالت بعبوس:-

_ أبوك لعبها صح أوي، عمل نفسه عبيط وأنه سامح وعدي موت محمد ومراته وهو كان بيخطط صح للضربة القاضية، ويا عالم هو علم آيلا إيه وهو خافيها فى القصر عن الجميع


كان يهز مقعده بشرود مُستمع إلى حديث زوجته حتى أنهت كلماتها فأوقف المقعد بدهشة وسأل بفضول مرتبكًا:-

_ قصدك أى؟


وضعت قدم على الأخر بمكر ورفعت يدها على المكتب تتكأ برأسها على يدها وتابعت الحديث بضيق شديد:-

_ قصدي تفتكر أبوك هيرمي كل اللى تعب فيه العمر دا كله كدة تحت رجل آيلا من غير ما يعلمها أزاى تحافظ على دا 


شرد "محمود" فى التفكير بحديث زوجته وحقًا بعد أن ملكت "آيلا" كل هذا كيف ستُدير هذه الشركات والحسابات والصفقات؟، أستغلت "هايدي" شروده ولحظة هزيمته لتقف من مقعدها وألتفت خلف المكتب وجلست عليه، أنحنت للأمام قليلًا حيث زوجها ووضعت يدها خلف رأسه بأثارة وهمست بنبرة خافتة:-

_ أنيس بيه مش هيرمي كل حاجة كدة فى البحر

هز رأسه بنعم ورفع نظره إلى زوجته الجميلة التى تسيطر عليه بسحر جمالها وأنوثتها، لطالما كان خادمًا إليها ولا يرفض طلب منها بسبب ضعفه أمام عشقها ورغبته بها، أقتربت أكثر تعانق عينيه بعينيها الجميلتين وأنفاسها تضرب وجهه مع الحديث، قالت بنبرة دافئة:-

_ أسمع كلامي يا روحي وسيبني أعمل اللى فى دماغي وهتشوف هايدي تعرف تعمل أى؟


كاد أن يعارضها وهو يعرف أنها ستفكر فى قتل "آيلا" أو أفتعل مصيبة أكبر من مخيلته ليقول:-

_هايدي أنا مش عايز جنان، أخر مرة أقترحتي قتل محمد وشوفى وصلنا لفين؟


قربت وجنتها الناعمة من وجنته تداعب لحيته بنعومتها حتى تذيب قلبه وتشعل فتلة العشق بقلبه، همست بنبرة خافتة جدًا بسبب قربهما من بعض قائلة:-

_وصلنا للكرسي اللى أنت قاعد عليه يا روحي، وبكرة أوصلك للكرسي الأكبر، خليك بس معايا 


لم يتحمل أثارتها ونعومتها أكثر ليجذبها من خصرها حتى سقطت عن المكتب إلى قدميه وأغرق في عنقها بقبلاته الناعمة، تبسمت على سيطرتها عليه رغم هذا العمر الذي مر عليهما معًا لكنه يعشقها كما كان من قبل وأكثر، ربما لانها امرأة جميلة وجذابة لم تتيح له الفرصة بالتفكير فى امرأة أخرى، بل نشوة العشق بداخله تزداد مع كل دقيقة تمر عليهما، همست فى أذنه رغم أنشغاله بتقبيلها وضمها إليه قائلة:-

_المهم نوقف مريم عن اللى فى دماغها


توقف عما يفعله بعد أن سمع كلماتها ورمق عينيها فأخذت وجهه بين يديها الناعمتين وقالت:-

_ مريم ممكن تخرب كل اللى بنخطط له لأن النار طالتها زينا بالظبط ومش هتستنانا


أبعد زوجته عن قدميها سريعًا ووقف يخرج من مكتبه بتعجل شديد، وقفت "هايدي" من مكانها مُستغربة إلى أين ذهب بهذه السرعة وتركها لأول مرة يهرب من أحضانها ويقاوم أنوثتها وفتانتها....


__________________________ 


أنتفضت "نيرة" من مكانها فى ساحة الجامعة بعد أن سمعت حديث "آيلا" وهى تصرخ بدهشة:-

_ ورثتي كله


جذبتها "آيلا" من يدها لتعود إلى الجلوس جوارها بتوتر ثم قالت:-

_ فضحتيني


_ أنتِ مجنونة يا آيلا، أنتِ عارفة ثروة الهواري كام عشان ترفضي وتبوزي كدة أنكِ بقيتي الوريثة الشريعة، لا وريثة أي أنت بقيت صاحبة الملك كله دلوقت

قالتها "نيرة" بحماس شديد وهى أول شخص يتحمس لهذه القنبلة التى فُجرت بالجميع، تأففت "آيلا" بضيق ثم قالت بنبرة عابسة:-

_ مش عايزة أموت يا آيلا، عندي أحلام عايزة أعيشها وأحققها فى حياتي


نظر "أدم" إليها مع جملتها بينما يقف خلفها، فتاة فى سن المراهقة تتمني عيش حياتها ولحظات سنها البريء كبقية زملائها فتابع سماع الحديث بأهتمام لأول مرة يسترق السمع لحديثها:-

_ أنا كان أقصي أحلامي فى المال دا أكبر وأتعلم وأفتح جاليري للوحاتي ونجاحي


ربتت "نيرة" على كتف صديقتها وقالت بحماس وجدية:-

_ صدقيني يا آيلا، أنتِ ملكتي فلوس تخليكي تحققي كل الأحلام دى بإشارة واحدة من صبعك


هزت "آيلا" رأسها بنعم ثم وقفت من مكانها بهدوء وقالت:-

_ أنا هقوم أروح


_ بدري كدة يا لولي

قالتها "نيرة" بقلق على صديقتها الحزينة والخوف يحتل ملامحها البريئة ووجهها الشاحب فقالت "آيلا" بتعب مُنهكة من قلة النوم وقنبلة الأمس سرقت النوم منها:-

_ حاسة أنى دايخة وتعبانة شوية 


أومأت "نيرة" إليها بنعم ثم تركت صديقتها تغادر فسار "أدم" خلفها بخطوة واحدة يتابع خطواتها البطيئة والأرهاق واضح فى ملامحها وحركة جسدها، فتح لها باب السيارة لتصعد بها، عادت بظهرها للخلف تسترخي بتعب مُستسلمة لأرهاقها البدني، قاد السيارة بها إلى خارج الجامعة فأنطلقت سيارة سوداء رباعية الدفع خلفهما على بُعد مناسب....


________________________________  

[[ قصر اللؤلؤ ]]


وقفت "مديحة" فى المطبخ مع "مريم" ولأول مرة ترى هذه المرأة الماكرة بهذا القدر من الغضب فقالت:-

_ أعمل أي حطت فى العصير الصبح الجرعة الثانية زى ما طلبتي لسه 4 جرعات عشان ميبانش أن فى جريمة وأنه قضاء وقدر


نكزتها "مريم" بضيق وهى لا تطيق الأنتظار حتى تنهي حياة "آيلا" وتحدثت بحدة صارمة:-

_ بكرة، سمعتي يا مديحة، بكرة أخلص منها وألا أنا اللى هخلص منك أنتِ 


أومأت "مديحة" لها بنعم لتغادر "مريم" المطبخ وعقلها ما زال لا يستوعب الخسارة التى حلت بها وبفضل مكر والدها خسرت منصبها الصغير فى الشركة ومالها واللحظة التى أنتظرتها لموت والدها حتى تصبح الملكة لن تأتي أبدًا، لم تنتبه "مريم" إلى الخادمة التى سمعت حديثهما وركضت تختبي منها خلف الدرج قبل أن تراها وتنهي حياتها......


_____________________________ 

____ فـــــلاش بـــــاك ____

داخل مكتب القصر ، كان يقف "أنيس" يحدق بأولاده حين صرخ "محمود" بوالده غاضبًا:-

_ يعنى أيه؟ يعنى أي أنا أتعب وأجتهد وتيجي تقولي محمد يأخد كله على الجاهز، الشركة دى أنا اللى بنيتها وأساستها وأنا اللى أقترحت فكرة إنشاءها متجيش بكل سهولة تقولى محمد هيديرها، دا ظلم


_ ظلم!! وأنك تصرف مالى على مراتك دا يبقي أسمه أيه، عارف أسمه أي .... سرقة، بتسرقني فى مالي وعايزني أديهولك 

قالها "أنيس" بغضب شديد فنظرت "آيلا" إلى هذا الشجار العنيف بينهما أثناء جلوسها على الأريكة فى زواية المكتب، تحدث "محمد" بهدوء شديد قائلاً:-

_ أنت واخد من إيرادات الشركة فوق 300000 جنيه الشهر دا وحطتهما فى التألف يا محمود


ألتف إلى أخاه بدهشة وقال:-

_ أنت بدور ورايا بقي؟


وقف "محمد" من مكانه بهدوء شديد وقال:-

_ أنا بدور على مالى ومال أبويا ومال بنتي من بعدي اللى أنت بتأخده وترمي تحت رجل مراتك لأنك ضعيف الشخصية وهى اللى ممشياك


مسكه "محمود" من لياقة قميصه بغضب شديد وقال بعيني يتطاير منها الشر:-

_ أحترم نفسك وأنت بتتكلم عن مراتي وأفتكر انى أخوك الكبير، ولا عشان أنا بحبها مش زيك أتجوزت واحد أختارها ليا أبويا عشان المصلحة


رفع "محمد" حاجبيه وقال بإهانة بنبرته الحادة:-

_ قصدك عشان بتريل عليها زى العيل الصغير، أسترجل شوية معها مش كدة بقيت جوز المدام


كاد "محمود" أن يضرب أخاه من الغضب الذي شعر به فضرب "أنيس" المكتب بحزم شديد يمنعه وهو قال:-

_ بس أنتوا الأثنين، هتتخانقوا قصادي، أنا خدت القرار وأنتهي الأمر محمد من بكرة هيدير الشركة 


_ على جثتي، محمد لو حط رجله فى شركتي وتعبي هقتله 

قالها "محمود" بغضب جنوني وغادر الغرفة بينما "محمد" نظر إلى والده وغادر المكتب لتحدق "آيلا" بجدها وهى لا تفهم شيء عن هذا الشجار لكنها تعرف عناد جدها وكلمته التى يُصدرها تحقق لكن ما كانت تجهله أن يحقق عمها هذا التهديد ويقتل أخاه عمدًا بالرصاص، ظلت مصدومة جدًا وهى ترى والدها جثة هامدة أمامها وأثر الرصاصات فى جسده البارد ولم يكتفي عمها بقتله بالرصاص، بل ترك جثته فى النهر لأشهر يأكلها البرد والمياه، تركه لأشهر دون أن يرحم قلوبهما بالأطمئنان عليه أو دفنه ....


فاقت من شرودها فى الماضي على وقوف السيارة فجأة حين ضغط "أدم" على المكابح دون سابق إنذار، عندما وقفت السيارة السوداء أمامه تقطع طريقه، حدقت "آيلا" بالطريق وجسدها يزداد خمولًا وضعفًا، إدرك "أدم" أن الحرب التي تحدث عنها "أنيس" صباحًا قد بدأت الآن ففتح حزام الآمان بجدية صارمة وقال بلهجة الأمر مُحذرًا إليها:-

_ إياكِ تنزلي من العربية


تجاهل الرسمية بينهما الآن، أومأت إليه بنعم بخوف وما تفكر فيه قد بدأ، أخبرتهم أن هذا القرار سيقتلها والآن بدأ أول هجوم عليها، ترجل "أدم" من السيارة بعد أن رأى أربع رجال مُلثمين يترجلون من السيارة الأخرى، فور رؤيتهم لـ "أدم" يغادر السيارة ركضوا نحوه بعصا البيسبول الحديدية وبدأت المشاجرة بينهم وهو يصد الضربات المتتالية بجسده القوي، فحاصره ثلاثة من الرجال وأوشك على هزيمتهم بقوته البدنية وقبضته القوية ليهرع رابعهم إلى السيارة حتى ينفذ ما طُلب منه بقتل "آيلا" أو التخلص منها فبدأت تصرخ بخوف وهذا الرجل يحاول فتح السيارة، سمع "أدم" صرختها فلكم الرجل بقوة فى بطنه ووجهه وأسقطهم بتعجل وألتف كي يذهب إليها، وقف أحدهم وأخرج من جيبه سكين ليهرع خلف "أدم" وغرس السكين فى خصره ليكتم صرخته من الألم، مسك الرجل من لياقته ولكم وجهه ثم سحب السكين من خصره فخرجت الصرخة قوية منه مما جعل "آيلا" تنظر على صرخته بفزع فهزيمته تعنى موتها الآن، أستغل الرجل الفرصة وفتح الباب ثم سحبها وعينيها تحملق بوجه "أدم" الذي نحر عنق الرجل بالسكين بلا خوف ودون أن ترجف له عين، صرخت والرجل يحاول سحبها معه فمسك "أدم" السكين من مقبضها وألقي بها بمهارة لتغرس فى صدر الرجل ويسقط قتيلًا، أتسعت عيني "آيلا" على مصراعيها من هول الصدمة والسكين كان على وشك أصابتها هى، ألتفت إلي "أدم" الذي وقف بجوار سيارتهم مُتكئ عليها بيده ويده الأخرى تضغط على الجرح الذي ينزف بغزارة فهرعت "آيلا" إليه بخوف ورؤيتها بدأت تشوش تمامًا، أرتطمت بصدره القوي وتلف ذراعيها حول خصره فتألم بشدة من قوة أرتطامها لكنه تحمل من الدهشة وقلبه يتسارع بجنون من الربكة والتوتر، لم يحلم يومًا بلمس يدها والآن هى بين ذراعيه مُلتصقة بجسده كقطعة من جسده، هذه الأميرة التى تمناها الجميع، أدهشته من فعلتها وضربات قلبه تتسارع كالمجنون فكاد أن يتوقف هذا القلب أو ينفجر بين ضلوعه من قوة النبضات التى أوقفت أطرافه لطالما كانت الفتاة عنيدة ومتكبرة معه فحرك يديه بصعوبة مُحاولة تطويقها لكنه شعر بجسدها الصغيرة يسقط من بين ذراعيه أرضًا ، طوقها بقوة مُحكمة وهو يناديها :-

_ أنسة آيلا


تمتمت بضعف شديد وعينيها تغمض:-

_ مش عايزة أموت يا أدم 


فقدت وعيها تمامًا فتشبث بها "أدم" جيدًا وجلس بها أرضًا بسبب نزيفه ليمدد قدميه على الأرض يحدق بالرجال وهم جثث أمامه وقميصه الأسود مبلل بالدماء التى نزفها وبين ذراعيه الفتاة الصغيرة، حدق بوجهها الملاكي وتردد فى أذنه كلمة "أنيس" صباحًا  ( تتجوزها؟! ) و خوفها من الموت كما حدث لوالدها مقابل الثروة، فأغمض عينيه بحيرة ويده تضم رأسها بقوة إلى صدره عالقًا فى التفكير وأتخاذ القرار ..........


الفصل الثالث  (3) 


فتح "أدم" عينيه من التعب ليفزع من فراشه حين تذكر ما حدث باحثًا عنها، وجد نفسها على سرير حديدي أبيض فى المستشفي وبجواره "أنيس" مُتكئ على عكازه فى صمت مُنتظر إفاقته ليقول بهدوء:-

_ متتحركش، جرحك مفتوح 


نظر "أدم" إليه بقلق وقال:-

_ أنسة آيلا


بعد "أنيس" بنظره للخلف فى هدوء ليراها نائمة فى السرير المجاور وعلى أنفها التنفس الصناعي وجسدها عاري عليه غطاء أبيض يخفي جلدي الأبيض عن الأنظار ومن أسفل الغطاء يمدد الأنابيب المتصلة بالجهاز الطبي وصدرها ، دُهش "أدم" من حالتها وعاد بنظره إلى "أنيس" وقال بتلعثم:-

_ حصلها أى؟ أنا خلصتها منهم، صدقني مقصرتش فى شغلي ولا فى حمايتها


تنهد "أنيس" وهو يمد له تقارير المستشفي وقال بحزم:-

_ لكن معرفناش نحميها من المكر اللى جوا بيتي، آيلا جسمها فى نسبة من السموم تموت بالبطيء بعد ما بتقتل نبضات القلب


لم يفهم " أدم" ما يحدث ونظر إلى التقارير ليقول:-

_ فى ناس كدة؟


_ فى، في ناس بتلتغد أكثر من الحية

قالها "أنيس" بنبرة حادة صارمة، فتابع حديثه بعد صمت لدقيقة قائلًا:-

_ آيلا مش لازم ترجع البيت، لازم تختفي لحد ما أخد حقي وحقها وحق ابنى منهم وعلمهم درس عُمرهم ما هينسوا


نظر "أدم" إلى "أنيس" بعدم فهم وقال:-

_ دى مهمتكم يا أدم.. .أتجوزها، أنا بأمرك تتجوزها حتى لو سنتين أتنين


لم ينطق بكلمة واحدة حينما فتح الباب ودلفت الممرضة تطلب من "أنيس" الذهاب إلى الطبيب فغادر قبل أن يسمع من "أدم" الجواب، ألتف إليها وترجل من الفراش ذهابٍ إليها، تطلع بوجهها الملاكي وكلمتها الأخيرة تتردد فى أذنه (مش عايزة أموت يا أدم) محاولة قتلها صباحًا والسم الذي يحيط بقلبها، مسح على رأسها بلطف وأخذ يدها التى بها الكانولا الطبية في راحة يده ثم قال:-

_ مش هتموتي


وضع يدها مكانها فى هدوء حتى لا يقظها من نومها أثناء المرض، وضع يده على خصره بتعب وأتجه إلى الأريكة الموجود عليها بدلة جديدة له ثم ولج إلى المرحاض يبدل الملابس المتسخة بالدماء و خرج من الغرفة بقميص أسود وبنطلون أسود وألقي بسترته على الفراش ، ألتقط الهاتف من فوق الكمودينو وأتصل بصديق له فى الجيش

_ أزيك يا عمرو ، عامل أي؟


أجابه صديقه بنبرة مرحة قائلًا:-

_ بخير الحمد لله، أنت عامل أى؟ 


_ بخير الحمد لله، بقولك أي، أنت سبت الجيش صح؟

قالها "أدم" بنبرة هادئة تحمل القليل من الجدية ليُجيب عليه  صديقه:-

_ من سنتين بعد ما مراتي خلفت، مكدبش عليك انا عندي توأم ومحتاج أربيهم


تبسم "أدم" بهدوء من هذا الجواب وسأل من جديد:-

_ حلو ، فى مصلحة وفلوسها حلوة متقلقش وزى ما أنت لسه قايل الدنيا صعبة وعايز تربي العيال، ليك في المصالح


تحمس صديقه من هذا الرزق الذي طرق بابه وقال بحماس واضح أسعد "أدم":-

_ عيني، أنا فى أى حاجة بسد وأنت عارف ، أي الموضوع


_ لا الموضوع لما أشوفك مينفعش فى التليفون، بس المهم أنك معايا هحدد ميعاد وأقابلك ونتفق على كل حاجة، أشطا 


_ أشطا فى أى وقت 


أغلق الهاتف مع صديقه ونظر إلى "آيلا" ثم غادر الغرفة ليرى رجلين من الحراس يقفوا أمام باب الغرفة فقال بجدية:-

_ ممنوع حد يدخل أو يخرج حتى الفريق الطبي ممنوع لحد ما أرجع 


أومأ إليه بنعم وذهب إلى حيث "أنيس" يبحث عنه....


___________________________ 


[[ قصـــر اللؤلــؤ ]]


صرخت "هايدي" بغضب سافر فى الهاتف قائلة:-

_ عشان أغبياء، أمال لو مكنتش معرفاك أنه كان ضابط فى الجيش تبعتله شوية عيال يبلعبوا ملاكمة وأنت عارف أنه متدرب تدريبات الجيش


تأففت بضيق وهى تضع يدها فى خصرها واقفة فى شرفة غرفتها ثم قالت بتحذير:-

_ لا مفيش داعي تكررها دلوقت، العيون هتركز أوى معانا والحماية هتزيد عليها، خليها تحت عينيك بس لحد ما أقولك تنفذ 


أغلقت الهاتف وألتفت بضيق حتى تدخل إلى غرفتها، رأت زوجها غارقًا فى زجاجة النبيذ على الأريكة من همومه وخوفه من خسارة كل شيء، ألقت بالهاتف على الفراش وأقتربت من زوجها بدلال تقول:-

_ حبيبي


رفع "محمود" نظره بها ليراها تتقدم إليه بخطوات دلالية مُرتدية خف فى قدميها من الفرو بكعب عالي يزيد من دلال خطواتها، وقدميها العارتين من قميص نومها الطويل مفتوح من الفخذ الأيسر للأسفل وتضع الروب الحريري على أكتافها مفتوح، جلست قربه على الأريكة مُلتصقة به وقالت:-

_ متشلش هم حاجة أبدًا وأنا موجودة معاك


رفع كأسه ليرتشف كل ما به ووضع يده خلف ظهرها يجذبها أكثر إليه ثم قال:-

_ خليكِ معايا دايمًا يا ديدي


تبسمت بدلال ويديها تداعب صدره من فوق تيشيرته القطني ثم قالت بهمس:-

_ أنا معاك طول الوقت بس ليا طلب عندك


نظر إليها بهيام غارقٍ فى جمالها ويديه لم تتوقف عن لمس كل أنش فى جسدها، أقتربت أكثر منه تقبل شفتيه بحنان ليغرق تمامًا فى قبلتها، فصلت قبلتها حين وقفت تسحبه من يده إلى الفراش فأخذ بيده الأخرى زجاجة النبيذ يرتشف ما بها غارقًا فى الثمالة مع زوجته الجميلة الساحرة، وأقترب أكثر منها حتى أسقط عنها الروب فدفعته بقوة على الفراش وهو شبه مُغيبًا وفتحت درج الكمودينو وأخرجت منه دفتر الشيكات وجلست فوق قدميه لينهل بقبلاته على عنقها فهمست بحب ونبرة ناعمة بينما يديها تعتقل صدره بعناق:-

_ عايزة فلوس يا محمود 


تمتمت ورأسه مُدفونة فى عنقها ويديه تسلل أسفل ملابسها:-

_ أنا كل اللى عندي ملكك، أنا روحي ملكك يا بنت قلبي وعمري كله


تنفست بهدوء وعينيها ترمقه حين وضع جبينه على جبينها وقال:-

_ بحبك يا هايدى، بعشقك يا روحي، وعمر ما ست هزتني ولا وهمتني قدك يا روحي 


داعبت وجنته بوجنتها قائلة بخفوت:-

_ وأنا بحبك يا روحي، أمضيلي على الشيك دا عشان نطفي النور وأخدك لعالم تاني خالص أنسيك فيه كل همومك 


ألتقط القلم من يديها ووقع على الشيك دون أن يقرأ المبلغ الذي دونته زوجته الخبيثة التى تستغل حُبه لها دون أن يُدرك، تبسمت بسعادة حين وقع الشيك فألتهمت شفتيها بحُب ويديها تسلل إلى الريموت الألكتروني تغلق الضوء تهرب به إلى عالم أخر لا يعرفه سوى العشاق ......


_______________________________ 


فى حي الزمالك داخل بناية سكنية كان "يزن" جالسًا مع صديقه مُنفعلًا بعد ما حدث وخسارته لكل شيء وكل فرد فى هذه العائلة كان منتظر لحظة موت "أنيس" حتى يحقق أحلامه وطموحاته، تحدث صديقه "مختار" بنبرة جادة قائلًا:-

_ يعنى كدة خلاص، كله بح


صرخ "يزن" بضيق شديد قائلًا:-

_ لا طبعًا، مستحيل أخسر وأتنازل عن مالى وحقي 


رفع "مختار" حاجبه بهدوء وحيرة ثم قال:-

_ أمال هتأذي البنت الوحيدة اللى بتحبها 


صمت "يزن" للحظة وقلبه حقًا غارق بحب "آيلا" منذ ولادتها، بعد أن كبرت وأصبحت فتاة شابة جميلة وعشقها سكن قلبه، لطالما كان يتمني اللحظة التى تبادله العشق لكنها لم تفعل، عشقها قائم فى قلبه وبسببها رفض جميع الفتيات ليقول بهدوء:-

_ آيلا


هز "مختار" رأسه بحيرة وقال:-

_ آيلا!! ، هتأذيها يا يزن


_ محبتنيش ولا حتى فكرت تضحك فى وشي، آيلا قاعدة فى قلبي لكن أنا ولا حتى بتشوفني بعينيها

قالها بحسرة على برودها معه ومعاملتها الجافة له لتقول الفتاة الموجودة فى الشقة معهم:-

_ آيلا، هى دى بقي اللى مخلياك مش شايفني بعينيك ولا حاسسني


مسك فك وجهها بقوة غليظة وعينيه يتطاير منها الشر وقال بتهديد:-

_ إياك تجيبي أسمها على لسانك مرة تانية، أنتِ فاهمة؟ مبقاش ألا حثالة زيك تتكلم عنها


دفعت الفتاة يده بقوة خائفة من نبرته وتهديده وقالت "مروة" بمكر:-

_ أنا لو مكانك وخدت ورثي وبحبها الحُب دا كله أسحبها بالقوة وأعمل معها الصح ووقتها مش هيبقي قدامها غير الجواز عشان متتفضحش وأهو يبقي جاتلك الفرصة تأخد حبيبتك فى حضنك 


صفعها بقوة على وجهها بسبب تفكيرها الخبيث فى "آيلا" وتحريضها له على جريمة لن تغتفر نهائيًا ثم قال:-

_ كلمة تانية وهدفنك حية مكانك.... أنا ماشي


غادر الشقة غاضبًا بعد أن فتحت "مروة" باب عقله للشيطان، وبدأ يتخيل شعوره حين يضمها وتلتصق أجسادهما معًا وتتحدي أرواحهما معًا فى جسد واحد، عطرها وعبيرها مما جعله يفقد تركيزه وقلبه يتسارع بجنون فى نبضاته ....


___________________________ 


فتحت "آيلا" عينيها من التعب ووجدت جدها جالسًا جوارها يهتم بها رغم سنه الكبير فقالت بتعب:-

_ جدو


_ آيلا!!

قالها بسعادة من يقظتها ووقف يقترب منها بصعوبة بسبب ضعف جسده من السن والمرض الذي لا تعرف عنه شيء، أخذ وجهها بين يديه المُرتعشتين بحُب وقال:-

_ حمدالله على سلامتك يا نن عيني


_الله يسلمك يا جد.... أدم

أنتفضت بفزع حين تذكرته وكيف طُعن بالسكين لتقول:-

_هو فين؟ أدم أتعور .....


قاطعها جدها بلطف قائلًا:-

_ أهدئي يا آيلا هو كويس


تنهدت بأريحية، جلست تنظر إلى جدها فقال بهدوء:-

_ آيلا، أنا عايز منك طلب؟ بصراحة حاسه أمر قبل ما يكون طلب


نظرت " آيلا" إلى جدها بقلق وهو هذه الأيام لا يطلب سوى ما هو مُخيف قالت بخوف:-

_ أى؟


اخذ يدها فى راحتي يديه  وقال بمكر:-

_ أنا قررت أجوزك لأدم


أتسعت عينيها على مصراعيها وسحبت يدها من قبضته بدهشة ألجمتها ثم قالت بخوف:-

_ قررت!! أي قررت دي، أنا مش قابلة وجوده بودي جارد ليا تقولي أجوزهالك؟، أدم مين دا اللى أتجوزه ؟ مقررتش بالمرة أموت أمتي؟، قررت تورثني الثروة وقررت تحبسني فى القصر عمري كله عايشة زى المسجونة عشان بتداريني على الناس، قررت تعين حارس ليا، ودلوقت قررت تجوزني ... فى أى فى حياتي لسه مقررتهوش


صمت "أنيس" للحظة مُندهشٍ من أنفعل حفيدته وهى تخبره أن حياتها معه كانت رهن أعتقال قراراته وقد أغتصاب حياتها منها بالقوة وسرق عُمرها وطفولتها والآن يسرق مُراهقتها، ألتفت "آيلا" بضيق من تصرفه ونزعت عن يدها الكانولا الطبية بالقوة فنزفت الدماء من يدها ووقفت لكي ترى "أدم" واقفًا أمام الباب أستمع لحديثها كاملٍ وهكذا كرهها الشديد له، رمقته بأشمئزاز رافضة هذا الزواج وغادرت الغرفة رغم تعبها وأثر السموم ما زال فى جسدها المُنهك، دمعت عيني "أنيس" من قسوة حفيدته عليه رغم أنه فعل كل شيء لحمايتها بعد موت والدها فتحدث بنبرة خافتة وصوت مبحوح:-

_ وراءها يا أدم متسبهاش لوحدها


خرج خلفها يكمل عمله رغم رفضها له وبالرغم من كرامته كرجل الذي تمنعه من رؤيتها الآن خصيصًا بعد الحديث عن الكره الكامن له بداخلها لكنه مُجرب على العمل، رآها تفتح باب الطوارئ ثم صعدت الدرج باكية بحزن شديد حتى وصلت إلى سطح المستشفي الفارغ جلست أرضًا فى الهواء الطليق وجهشت فى البكاء فى هذا المكان المهجور دون أن يسمعها أو يراها أحد، تحول بكاءها لصراخات خافتة ويدها التى تنزف تضرب صدرها من الوجع والحزن الذي تعيش به، ظل يراقبها عن كثب ولا يُصدق أنها تكره حياتها بهذا القدر، ظل هكذا رغم برودة الهواء وملابسها الخفيفة مُرتدي زي المستشفي للمرضي حتى أنه يشف جسدها ويظهر تفاصيل ملابسها الداخلية، أقترب بهدوء لينزع سترته السوداء ووضعها على ظهرها فرفعت رأسها للأعلي ورمقته فى صمت، جلس على ركبتيه بهدوء أمامها وقال:-

_ أهدئي يا أنسة آيلا مفيش حاجة هتحصل غصب عنك، لأنك أنتِ حسبيتها من نظرك أنتِ، مفكرتيش تحسبيها من نظر أنيس بيه، هو عمل كل دا لحمايتك من الخطر المُحيط بيكِ، مش ذنبه ولا ذنبك أنك اتولدتي فى عائلة الهواري 


_ ليه أعيش حياة مش عايزها، ليه أتجوز واحد مبحبهوش


تنحنح "أدم" بهدوء شديد من كلماتها الحادة عنه وقال بحزم:-

_ متقلقيش مش هتتجوزيه اللى مبتحبهوش لكن دا مش مبرر لكلامك وطريقتك معاه 


وقف لكي يغادر من أمامها لتقول بضيق شديد صارخة بوجهه:-

_ موافقة ... موافقة، طول الوقت وأنا معرفش أقول غير حاضر ونعم وبس


توقف محله بدهشة من موافقتها على الزواج منه رغم رفضها الشديد لكنها قبلت به، ظل واقفًا بعيدًا تاركها تبكي كما تُريد حتى تفرغ طاقة الوجع الكامن بداخلها.....


______________________________ 


[[ شركة الهواري فاشون ]]


كان "محمود" واقفًا فى قسم التصميم يتابع بنفسه التصميمات الجديدة للخطة الصيفية القادمة حتى رن هاتفه يقاطعه وكان موظف البنك فتحدث بقلق:-

_ أيوة


_ أستاذ محمود كنت حابب أعرفك أن في شيك بـ 10 مليون جنيه اتسحب من رصيد الشركة وطبعًا البنك هيبلغ أنيس بيه لأان صاحب الحساب


أتسعت عينيه على مصراعيها من ضخامة المبلغ وأنزل الهاتف عن أذنه ليري الرسالة المرسلة من البنك بالمبلغ فأغلق الخط مع الموظف دون سلام وأتصل على زوجته لكنها لم تجيب، تنحنح بهدوء وترك المصممين كي يصعد لها المكتب، كالمجنون وهو لا يعرف كيف تجرأت "هايدي" على سحب هذا المبلغ وبالتأكيد والده العجوز سيعلم أو بالأحري ربما الآن قد علم قبله من البنك، كان يصعد بسرعة مُتعجلًا حتى وصل إلى مكتبها وكانت جالسة مبتسمة مع رئيس المصممين فقال بجدية صارمة:-

_ سيبنا لوحدنا لو سمحت


غادر المصمم و"هايدي" تحملق بزوجها وقد فهمت سر غضبه الآن بعدما فاق من ثمالته الدائمة لكنها تصطنعت البرود التام ليقول بحزم وكاد صوت أن يصرخ بها:-

_ أي اللى عملتيه دا ها؟ أنتِ أتجننتي يا هايدي، دا أنا أختلفت مع محمد على 300000 وكلفه حياته تسحب 10 مليون 


وقفت من مكانها بهدوء لتسير نحوه كأنها لم تفعل كارثة حتى وقفت أمامه وقالت بدلال زاد:-

_ اهدأ بس يا حبيبي عشان أفهمك


_ أي


وضعت يديها على صدره برفق وعينيها عالقة مع عينيه بنظرة ناعمة بينما شفتيها تتحدث بمكر:-

_ كان لازم أسحب مبلغ للأمان، السيد الهواري قلب علينا وورث كل حاجة لآيلا، وأمبارح أختك المصونة هجمت آيلا وأتحجزت فى المستشفي وربنا سترها، تفتكر أول خطوة البيه الكبير هيعملها أي بعد محاولة قتل آيلا؟


فكر قليلًا بهذا الحديث وهو ترمي التهمة على أخته رغم أنها من خططت ونفذت لهذا الجُرم، تحدث بقلق:-

_ هيطردنا؟


_ هيسحب مننا كل حاجة ويخلينا عبيد عن آيلا، لكن دلوقت على الأقل فى 10 مليون أتشاله فى الأمان نتسند عليهم

قالتها بدلال وكأنها تصطنع الذكاء بنجاح خطتها، هز رأسه بقلق لتتابع "هايدى":-

_ السيد الهواري مش هيسكت، اللى عرفته أن آيلا فضلت فى غيبوبة 8 ساعات وأدم أتصاب بعد ما قتل كل المجرمين، دا جريمة هتكلفنا كتير يا محمود، مش هيكون فاضي يحاسبنا على الفلوس قد ما هيتسلي علينا بسبب اللى حصل لآيلا...


هز رأسه بنعم ثم أخرج من جيبه دفتر الشيكات مُقتنع بحديث زوجته وكتب واحد أخر بضعف المبلغ ثم أعطاه لزوجته وقال:-

_ ألحقي أصرفي دا يا هايدي وبسرعة ......


تبسمت بمكر على خباثتها التى سيطرت على عقله ونظرت إلى الشيك بسعادة مُفرطة......


بنفس اللحظة التى أتجهت بها "هايدي" إلى البنك كان "أنيس" جالسًا فى المستشفي مع حفيدته و"أدم" وبالمنتصف المأذون الذي يعقد قرآنهما، كانت تحملق بالنافذة وهى لا تبالي بهذا الزواج وتسمع جدها يردد حديث المأذون ثم "أدم" وحينما أنهى كلماته بالمباركة أنتفض جسدها خوفًا وأرتجفت أطرافها من القادم والآن قد باتت الصغيرة زوجة لهذا الرجل المغرور قاسي القلب، غادر المأذون ليبتسم "أنيس" بمكر وكأن الآن قد بدأ حربه حين قال بسعادة مُفرطة:-

_ خلى بالك من مراتك يا أدم


هز "أدم" رأسه بهدوء ليشير "أنيس" إلى رجل الأمن الأخر حارسه هو الشخصي المسئول عن سلامته وقال بجدية صارمة:-

_ خلي رجالتك تنفذ يا جابر 


أومأ إليه بنعم ثم خرج من الغرفة بتعجل، أقترب " أنيس" من حفيدته وقال بهدوء:-

_ سامحيني يا آيلا، سامحيني على كل حاجة وأى حاجة بعملها أو عملتها عشانك، صدقيني غرضي الأول والوحيد هو حمايتك وبس


دمعت عينيها بضعف وتحدثت بنبرة واهنة تكاد تخرج منها قائلة:-

_ أنا خايفة، خايفة علي نفسي، وخايفة عليك منهم


ضحك بعفوية على كلماتها البريئة ووضع يده على وجنتيها ثم تحدث بمرح قائلة:-

_ عيب لما تخافي عليا منهم، أنا الكبير يا بنت، هم اللى لازم يخافوا يا آيلا... مع علينا تعال يا أدم


أقترب "أدم" منهم خطواته البطيئة وعينيه تخجل من النظر إليها ، ما زال لا يُصدق أنها باتت زوجته الآن، قال "أنيس" بجدية صارمة:-

_ خدها، زى ما أتفقنا الدبان الأزرق ما يعرفلهاش طريق 


سحبته "آيلا" من ذراعه بدهشة وهى تتلعثم فى الحديث وتقول:-

_ أنت بتقول أي؟ أنا مش فاهمة حاجة؟


_ تعالي على نفسك يا آيلا لأخر مرة وأسمعي كلام أدم المدة دى بس، أنتِ لازم تختفي عن عينيهم لحد ما أصفي حسابي معاهم

قالها بهدوء شديد لتتشبث بذراعه بقوة خائفة من القادم وجدها ليس بخصمٍ سهل؛ بل هذه الحرب ستكون نارية ومُميتة، تحدثت بخوف:-

_لا، أنا مش هسيبك هنا ومش هسمع كلامك أنا خايفة وأنت معايا ما بالك لو بعدت عني، أنا ماليش فى الدنيا دى غيرك


قاطعها بالحديث حين أشار إلى "أدم" بنعم ليهمس إليها بقلق وهو يقول:-

_أسمحيلي يا أنسة آيلا


نظرت إليه بعدم فهم لكن حركته كانت أسرع من كلماتها لتشعر بوخزة الأبرة فى ذراعها فرفعت عينيها بـ "أدم" بخوف وقد بدأ تأثير المخدر يُسيطر عليها حتى فقدت وعيها ليتشبث "أدم" بجسدها بين ذراعيه ورأسها مُستكينة على صدره، أقترب "أنيس" منها يتأمل وجهها الملاكي والدموع تتساقط من جفنيها فقال بهمس:-

_ سامحيني يا لؤلؤتي الغالية 


وضع قبلة على جبينها بحزن كأنها قبلة الوداع .........


الفصل الرابع 


خرجت "هايدي" من البنك مُنفعلة وجهها يحترق من الغضب الكامن عليه، صعدت بسيارتها كالمجنونة وأتصلت على "محمود" تقول بضيق:-

_ أبوك لغي التوكيل وجمد كل الأرصدة بعد ما سحب منها كل الفلوس، شُفت اللى خُفت منه حصل أزاى


أتسعت عيني "محمود" بصدمة ألجمته ووقف من محله يتلعثم بالحديث قائلًا:-

_ لا، مستحيل ، أزاى


صرخت بجنون وتكاد تفقد عقلها قائلة:-

_ زى ما بقولك، رفضوا يصرفولى الشيك، الحمد لله أني أتصرفت وسحبت الـ 10 مليون جنيه، أنا هأخدهم دلوقت وأطلع على شقة زايد بتاعت أمي وأحطهم هناك مش هأمن أبوك، هخاف أحطهم فى البنك


هز رأسه بنعم وكاد أن يتحدث لكنه سمع صوت رجل يتحدث مع "هايدي" فأسترق السمع لهما، كانت تحدثه بغضب سافر حتى قاطعها دقات خافتة على زجاجة النافذة، فتحت "هايدي" النافذة وكان "جابر" يقف أمامها وخلفه رجاله، قال بحزم:-

_ مدام هايدي ياريت تسلمينا مفتاح العربية وتنزلى منها


رمقته "هايدي" بذهول وسألت بصدمة قاتلة:-

_ أنت بتقول أى؟


_ بقول لحضرتك ان أنيس بيه أمر بسحب كل العربيات والفيزا كارت منكم وأنا عبد المأمور


ترجلت من سيارتها غاضبة وتحدثت بنبرة قوية جدًا:-

_ أنت أتجننت، أنت أزاى تتكلم معايا كدة؟


لم يُجيب عليها، بل أشار إلى أحد رجاله بنعم فتصرف الرجل سريعًا وصعد إلى السيارة ليأخذها وينطلق من أمام "هايدي" المصدومة، وقد سُحب منها سيارتها وأموالها فماذا القادم؟....


_____________________________ 


فتحت "آيلا" عينيها بتعب شديد بعد أن بدأ تأثير المُخدر يتلاشي من جسدها، شعرت بثقل فى جسدها من الخمول المستحوذ عليها وكانت فى غرفة صغيرة ضيقة بحجم مرحاضها فى القصر ، أثاثها بسيط جدًا ولم ترى مثله من قبل، الهواء يحمل به الأتربة التى تثير حساسيتها، غادرت "آيلا" فراشها ولم تجد الخف أسفل الفراش كالمعتاد ولا كوب العصير على الكمودينو، تأففت بضيق من هذا المكان وخرجت من غرفتها بتعجل لتجد امرأة فى الستينات تجلس على الأرض أمام طاولة الطعام الصغيرة وبجوارها طفلة صغيرة تبلغ الخمسة عشر عام، لم تعرف منهم أحد ولا تدرك أين هى؟، بحثت حولها وهذا المنزل الصغير يقع بأكمله تحت أنظارها، تحدثت السيدة بهدوء قائلة:-

_أخيرًا صحيتي، تعالي كُلي لقمة معانا 


أشمئزت "آيلا" مما تراه، أتجهت نحو الباب لتغادر المنزل فوقفت السيدة بسرعة من قرار مغادرتها وقالت:-

_ تعالى هنا، أنتِ رايحة فين؟


_ أبعدي عني، أوعي تلمسيني بأيدكِ دى

قالتها بغضب سافر وخرجت من المنزل لتصدم من المكان بأكمله، قرية صغيرة على البحر للصيادين ومنازلهم مصنوع من الخشب كالمراكب المصفوفة على الشاطئ، لم تفهم سبب وجودها فى هذا المكان النائي لتترجل الدرج الطويل حتى تتصل للأرض وبدأت تسير على الرمال الباردة باحثة عن أى شيء فى اللاشئ الذي وقعت به، ألتفت السيدة بسرعة جنونية إلى الطفلة وقالت:-

_ أجري يا فريدة نادى على أدم 


ركضت الفتاة بسرعة جنونية إلى منزل شيخ الصيادين، تحدث "حسن" الشيخ الكبير بجدية:-

_ ما دام مراتك يبقي هتتشل فوق الرأس يا ولدي


أومأ إليه "أدم" بنعم وقبل أن يتحدث دلفت "فريدة" تقول بتلعثم من ركضها:-

_ أدم، صحيت وخرجت لوحدها


هرع من مكانه بسرعة جنونية وهو يتساءل إلى أين خرجت؟ خصيصًا أنها لا تعرف شيء عن المكان هنا...

كانت تسير على الشاطيء وجسدها يرتجف من البرد عاقدة ذراعيها بأحكام من الهواء الشديد بسبب الشاطيء والرمال المبللة أسفلها، شعرها الأسود يتطاير مع الهواء، عقلها توقف عن التفكير من هول الدهشة والمكان الموجودة به، تذكرت أخر شيء وحديث جدها عن الرحيل فكيف يرسلها إلى مكان كهذا دون أن يشعر بالقلق أو الخوف عليها، قاطعها صوت "أدم" من الخلف يقول:-

_ أنسة آيلا


أسرعت فى خطواتها تهرب منه ليركض خلفها حتى امسك بها فقالت بصراخ:-

_ أبعد عني، سبني أمشي من هنا


مسك ذراعيها بأحكام وهو يقول:-

_ هتروحي فين؟


_ هروح للمكان اللى شبهي 

قالتها بعنادٍ وتحديٍ فقهقه بسخرية قائلًا:-

_ المكان اللى الموت مستنيكِ فيه


حدقت به بخوف وقلبها ينبض بجنون من الفزع الذي أصابها والمكان الغريب الموجودة به، تحدثت بتلعثم خافت:-

_أنت وعدتني أنك مش هتسبني أموت


حدق بعينيها الرمادتين وقال بهدوء:-

_ فعلًا وعدتك، لكن أنا مش هخمن وجود السم فى الأكل ولا الهواء اللى بتتنفسيه، أسمعي كلامي وهنخلص من الحوار دا كله بسرعة


دفعته فى صدره بقوة وقد جن جنونها من كلمته الأخيرة وقالت بصرخ شديد مُنفعلة:-

_ بسرعة!!، ما تبص على المكان اللى رميتوني فيه ها، هعيش هنا أزاى وحياتي وكليتي ومستقبلي، يغور كل دا قصاد الثروة والمال، أنتوا حسبتوها من انهي جهة؟


أنهت حديثها وظلت ترمقه فى صمت شديد، وضع يديه خلف ظهره بهدوء يتمعن النظر إليها

 صامتًا حتى تفرغ كل ما بداخلها فقالت مُتابع الحديث:-

_ أنا الوحيدة اللي بتتأذي فى العيلة دى، سوى بقتل بابا أو بهروبي دلوقت 


قالتها ثم غادرت من أمامه هاربة من رؤيته والوجع فقط من يحتلها حتى سمعته يقول:-

_ لكنك الوحيدة القوية فيهم


توقفت قدميها عن السير مُسترقة السمع إليه فتابع "أدم" بجدية ونبرة عالية تسمعها بوضوح:-

_ دلوقت كلهم خايفين منك ويمكن دا اللى مخليهم بيحاولوا يخلصوا منك، فى الحرب دى أنتِ القوية والقوي المفروض ميخفش


أستدارت إليه بحزن شديد ثم قالت بتلعثم خافت:-

_ قوة بوحدة ووجع، بلاها 


سألها "أدم" بجدية صارمة:-

_ أنتِ رايحة فين؟


_ ماشية لتكون فاكر أنى هقعد فى المكان الزبالة دا

قالتها بتذمر شديد لينفد صبره عليها وحديثها عن المكان وتقليلها منه ومن سكانه جعل جنونه يجن عليها؛ ليسرع فى خطواته حتى وصل إليها ومسك يدها بقوة لتنظر إليه بصدمة من لمسه إليها لكن "أدم" لم ينتظر كثيرًا على مفاجأتها وصدمتها حين قال بخنق:-

_ مفيش خروج من هنا


_ هتمنعي

قالتها بعنادٍ وعبس طفولي يليق بعمرها الصغير فقال بضيق:-

_ بالتأكيد ولو منفذتش برغبتك يبقي غصب عنك


قهقهت ضاحكة ساخرة منه وهى تقول بدهشة :-

_ والله طب وريني هتمنعني أزاى 


دفعت يده بعنف بعيدًا عنها وتقدمت خطوة ليكز على أسنانه بقوة غيظٍ منها وأقترب منها ليحملها بسرعة البرق على أكتافه فصرخت بذهول من فعله بينما هو يسير بها نحو المنزل:-

_ أنت مجنون، نزلنى حالًا


_ مجنون!! وأجن منكِ كمان ومعنديش طول بال على الأطفال اللى زيك

قالها بغضب سافر وهى تضرب وتضرب ظهره بقبضتها الصغيرتين بقوة لعل يستجيب وينزلها أرضًا، نظر الجميع عليهم وضحكات النساء تملأ المكان، وصل للمنزل ودلف إلى الغرفة ليلقي بها على الفراش بقوة دون أن يهتم إلى مكانتها وكأنها جارية لديه فقالت بغضب:-

_ أنت


أوقفها عن الحديث بنظرته الحادة حينما صعد على حافة الفراش بركبته ومد سبابته أمام وجهها بتهديد واضح قائلًا بحزم شديد:-

_ إياك تفكري تعارضي كلامي هنا، لأنكِ هنا مش الأميرة أنتِ هنا مراتي


أبتلعت لعابها بخوف من حزمه الذي أرعبها من نظرته القاتلة لكنها لم تقبل الهزيمة أمامه فوقفت على ركبتيها أمامه بتحدٍ وقالت بعناد مُتذمرة على كلماته:-

_ مستحيل، نجوم السما أقرب لك يا أدم 


_ آيـ.....


صرخت فى وجهه بتهديد سافر ترفض لفظ اسمها منه دون لقب وقالت بتحذير واضح:-

_ إياكَ، إياكَ تفكر تلفظ أسمي من غير أنسة، والله أقطعلك لسانك بإشارة مني 


تبسم بخفوت على كلماتها والآن باتت للقطة مخالب تخدشه بها، رفع حاجبه بغرور شديد ثم حدق بها من الرأس لركبتها بأشمئزاز وقال:-

_ أنتِ واثقة أنها أنسة أصلي شايف عيلة صغيرة رغم أنها قانونًا بقيت مدام أدم 


ألتف لكي يغادر الغرفة بعد أن قلل من شأنها كأنثي، كزت على أسنانها من الغيظ وألقت الوسادة عليه من الغضب الذي يجتازها، ضحك "أدم" وهو يغلق باب الغرفة ورأى خالته السيدة "وفاء" جالسة على الأريكة الخشبية الوحيدة الموجودة فى المنزل بجوارها ابنتها "فريدة" فقال بهدوء:-

_ معلش يا خالتي تحمليها شوية 


أومأت إليه بنعم ثم قالت بلطف:-

_ عادى يا ابني المهم دخلها أكل عشان مأكلتش حاجة من الصبح 


نظر على باب الغرفة وقال بهدوء:-

_ سيبها على راحتها، عن أذنك 


خرج من المنزل وذهب إلى المنزل المجاور خلسًا دون أن يراه أحد وكان بداخل المنزل بعض الحرس الذي جلبهم معه لحمايتها من بعيدًا وكان بالمنزل شاشات كثيرة لكاميرات المراقبة الموجودة فى كل أرجاء المكان لتأمينه، دلف "حمزة" أحد رجاله متنكر فى شاب قروي فقير يقول:-

_عمرو وصل


تبسم "أدم" بجدية مُتحمسٍ لوصول صديقه فقال:-

طب تعال أقعد مكاني هنا يا حمزة وخلى بالك


أومأ "حمزة" بنعم وذهب ليستلم فترة مراقبته للكاميرات، خرج "أدم" إلى البهو وكان "عمرو" جالسًا مُتعجبًا من هذا المنزل الفارغ من كل شيء فقط مقاعد للجلوس وركن مخصص للقهوة فقط، صافح صديقه بحب شديد ثم قال بلطف:-

_ واحشاني يا أبو الصحاب


أجابه "أدم" بعفوية يقول:-

_ أنت أكتر، عامل أي؟ وعيالك أخبارهم أي؟


تبسم "عمرو" الشاب ذو الثلاثين عام، أصلع الرأس وبشرته بيضاء بعينين بنيتين واسع ولحية بسيطة سوداء وقال:-

_ بخير الحمد لله، أخبارك أنت أي؟ لسه متجوزش برضو


رمقه "أدم" بنظرات ثاقبة وقد شرد بكلمته بعد أن بات الآن زوجًا لها، تزوج من فتاة تصغره بكثير وما زالت بعقل المراهقات، لوح "عمرو" بيديه أمام وجهه ليفوق من شروده على كلمة "عمرو" يقول:-

_ أى يا عم السؤال خدك لفين؟ ما إحنا كلنا عارفين أنك مش عايز تتجوز مش جديد يعنى 


أشعل "عمرو" سيجارته ليقاطعه "أدم" بنبرة هادئة:-

_ أتجوزت


صُدم "عمرو" من كلمته وألقي بالسيجارة من يده ليصرخ "أدم" بفزع قائلًا:-

_ الله يخربيتك هتولع فينا


دهس  "عمرو" السيجارة بقدميه بينما يقول:-

_ أتجوزت بجد؟ مين سعيدة الحظ دى؟ ها ، أحكيلي شوفتها فين ولا حبتوا بعض أزاى


أخذه "أدم" إلى غرفة المراقبة ليري "آيلا" على شاشة المراقبة بينما تقف فى التراس أمام المنزل تنظر على البحر فى صمت والحزن يُخيم على وجهها البريء، تحدث بنبرة خافتة:-

_ آيلا محمد الهواري 19 سنة أولى كلية فنون جميلة فى الجامعة البريطانية ، وريثة مجموعات شركات اللؤلؤة الملكية


أتسعت عيني "عمرو" بدهشة بينما يحملق فى الشاشة بأندهاش وهو لا يفهم شيء، فتابع "أدم" قوله:-

_ أتعرضت لمحاولات قتل من عائلتها بسبب الورث والمطلوب تأمنها وحمايتها مهما كلف الأمر، وهنا هى مجرد فتاة ريفية أسمها آيلا وزوجة الرائد أدم الصوان سابقًا


ألتف "عمرو" مُندهشًا من جملته الأخيرة وقال:-

_ مراتك


أومأ "أدم" إليه بنعم وقال بجدية:-

_ اه، ملاقتش غيرك يكون قد مهمة حمايتها لأن عندي حاجات تانية مهمة وهى أني أخلص من أعدائها وأرجعها لحياتها الطبيعية


_ أنا معاك بس شفتات، أنا لأزم أرجع لمراتي وعيالي

قالها "عمرو" بجدية صارمة ليقول "أدم" بهدوء وطمأنينة:-

_ وأنا مش عايز غير وجودك هنا الصبح من الساعة 10 لساعة 6 بليل والباقي عليا


اومأ "عمرو" إليه بنعم وصافحه برحب ثم غادر المكان فتنهد "أدم" بهدوء وقال:-

_ هسيبكم أنتوا واى حاجة كلموني على طول

قالها ثم غادر المنزل ليذهب إلى منزله، صعد الدرج الطويل حتى وصل إلى التراس فوجدها جالسة فى صمت على الأرض الخشبية تمدد قدميها الباردتين أمامها وتحملق فى السماء، تجاهل وجودها ودلف إلى الداخل بدل ملابسه وأرتدي بنطلون أسود وتي شيرت أزرق بنصف كم وخرج من غرفته لكنه رآها بالخارج كما هى فأخذ الغطاء الصوفية وخرج ليلقي به بتحجر وقلب قاسي أمامها ثم قال بحدة:-

_ نصيحة متمرضيش هنا، لأن مش مسموح لكِ تروحي مُستشفي


ألتف ليغادر من أمامها لكنها أخذت الغطاء وألقت به من فوق التراس أسفل المنزل بغيظ من طريقته فى التقديم لها وهو يعاملها كجارية، أغمض عينيه يكبح غضبه من تمردها الطفولي ولا يفهم كيف كبح غضبه ويتحمل طفوليتها الساذجة هذه، وقفت "آيلا" من مكانها لتدخل إلى المنزل ودفعته فى كتفه بقوة عندما مرت من أمامه، حك جبينه بغيظ قبل أن يقتلها فى الحال.......


_____________________________________


خرجت "هايدي" من الشقة بحقيبة الأموال التى جمعتها بعد أن أخذ "أنيس" سيارتها وصعدت بسيارة أجرة مُتجهة إلى شقة "زايد"، كانت تنظر فى الهاتف بشرود تام حتى توقفت السيارة على سهو بعد أن ضغط السائق على المكابح فصرخت به قائلة:-

_ مش تخلى بالك


أبتلعت كلماتها حين رأت وجه "جابر" أمام السيارة ووضع مسدسه فى رأس السائق وقال بنبرة خشنة وقوية:-

_ أفتح الشنطة


أتسعت عيني "هايدي" وترجلت من السيارة غاضبة جدًا عندما قالت:-

_ أنت مالك ومال......


وضع مسدسه فى عنقها بتهديد وقال بحزم:-

_ كلمة تانية وعندي أمر أخلص عليكِ 


أبتلعت لعابها بخوف وتنفست بصعوبة من المسدس الموجود على عنقها بينما الرجال يأخذون المال من صندوق السيارة وهى تكاد تفقد عقلها من خسارتها للمال، أخذوا المال ورحلوا ليتركوها فى الشارع بلا مال ولا شيء، ليرحل "جابر" إلى الشركة وكان "أنيس" وصل للشركة مع رجاله، تقدم رجال الأمن يفتحوا أبواب الشركة له فأخذ المصعد للأعلي حيث غرفة الأجتماعات، كان "يزن" يعرض مشروعه على أعضاء مجلس الإدارة والصمت يعم المكان حتى فُتح الباب ودلف "جابر" مع "أنيس" الذي قال بنبرة قوية صارمة:-

_ أرمي الزبالة دول برا شركتي يا جابر


وقف الجميع بصدمة ألجمتهم وهكذا "محمود" و"يزن" الذي جُمد مكانه على المنصة بجوار الشاشة فتقدم "جابر" إليهم وقال:-

_ مفتاح العربية والفيزا


نظر "محمود" إلى والده بصدمة وهو لا يُصدق أن والده يقف أمامه ويطرده بعد أن أمر بتجريدهم من كل شيء، سحب "جابر" المفاتيح والبطاقات البنكية من "محمود" و"مريم" وهكذا "يزن" ثم قال بحدة صارمة:-

_ أطلعوا برا، أرميهم برا يا جابر وممنوع يحطوا رجلهم فى أى مكان ولا الشركات ولا المصانع 


غادر الجميع ليظل "محمود" يحملق بوالده وهكذا "مريم" فقال بصدمة مُتلعثمًا:-

_ أنت بتطردنا


_ دا أقل حاجة ممكن أعملها بعد عملتكم السوداء مع آيلا، سواد قلبكم اللى خلاكم تفكروا أنكم هتعرفوا تخلصوا منها زى ما عملتوا فى أبوها، أخوكم ولحمكم ودمكم، ولا فاكرين أنه هيهون عليكم هو بنته وأنتوا اللى هتعزوا عليا يا ذرية عار

قالها بغضب سافر،عينيه يتطاير منها الشر وتطلق رصاصات الأنتقام عليهم فأقتربت "مريم" منه وقالت بأنفعال:-

_ وأنت فاكر أنك كدة بتحمي آيلا، أنت كدة هتخلينا نعملها .....


قاطعها فى الحديث "محمود" قبل أن تكمل وقال بهدوء:-

_ اللى تشوفه يا حج ، أمشي يا مريم


نظرت إلى أخاها بصدمة وهو يتخلي عن كل شيء لأجل "آيلا"، فسحبها من يدها وهو يقول بغضب:-

_ بقولك يلا، أمشي يا يزن.... بس أفتكر يا حج أنا راجع والدنيا هتدور وبكرة هنشوف مين اللى هيخرج من الشركة دى حافي


قهقه "أنيس" وقال بسخرية :-

_ طب غورى من وشي قبل ما أطلعك حافي بجد يا حافي


دفعهم "جابر" بقوة خارج الشركة وأصدر أمرًا بألا يدخل أى منهم سوى بأذن من "أنيس"، لكنه لم يدرك أن بفعلته لم يكن يعاقبهم، بل كان قد سحب صمام قنبلة الأنتقام بعقلهم، ونشب الحرب بينهم على أن ينتصر أحدهم ......


يُتبـــــــع.


لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم 



تعليقات

التنقل السريع
    close