القائمة الرئيسية

الصفحات

أحببت مربية ابنتي حصريه وجديده وكامله جميع الفصول على مدونة النجم المتوهج

 أحببت مربية ابنتي حصريه وجديده وكامله جميع الفصول على مدونة النجم المتوهج 



أحببت مربية ابنتي حصريه وجديده وكامله جميع الفصول على مدونة النجم المتوهج 


الساعة كانت سبعة الصبح، و"سليم" واقف قدام المراية بيحاول يظبط رابطة الكرافته، وعينه كل شوية تروح على باب الأوضة اللي بنته جواها.


سليم:

 يا تااااااليا! استغفر الله العظيم البنت دي لو مصحيتش دلوقتي مش هلحق الشغل.


دخل الأوضة بهدوء، لقى "تاليا" بنت التلات سنين نايمة وملفوفة بالبطانية نصها برا السرير.


سليم (بصوت واطي): تاليا... يا حبيبتي يلا قومي الله يخليكي هتاخر على الشغل.. 


البنت فتحت عين واحدة، وبصت له بنص وعي.

تاليا: ماليش دعوة عايزة ماما…


اللحظة دي بتجيله كل يوم زي خنجر في قلبه، بس بيرسم ابتسامة بالعافية.


سليم: ماما بتبعتلك بوسة من السما، يلا بقى عشان نفطر.... 


بعد نص ساعة من مفاوضات ولبس ودموع وبسكوتة في الإيد، كان سليم شايلها نازل على السلم وهو بيكلم نفسه.


سليم: بالمنظر دا. أنا كده هترفد، الشغل محتاج دماغ فاضية مش حفاضات وبكاء ولبن ساقع!


ركبها في العربية وربط الحزام.


تاليا: انت هتسبني في حضانة تاني؟


سليم تنهد: لما ألاقي واحدة تقعد معاكي في البيت وتفهم دماغك… وقتها مش هتنزلي حضانة خالص.... ماهو لو كنتي عاقله ومش بطفشي كل اللى بجبهم كان زماني فى الشغل فى معادي وانتى نايمه ومتهنيه... 


وصل على الشغل بالعافية، أول ما دخل المكتب، مديره بص له من فوق النظارة.


المدير: اهلا بالأستاذ سليم، انت داخل علينا الساعة كام؟


سليم بابتسامة بايظة: سبعة ونص... يكمل كلام مع نفسه: يعني بدري بالنسبة للي حصل الصبح.


المدير: بص يا سليم إنت محتاج تظبط حياتك، بنتك على عيني وراسي بس الشغل أهم.


سليم: اه طبعا... ماشي يا فندم… أنا بحاول.


في آخر اليوم، كان قاعد على المكتب بيشوف إعلانات الأونلاين عن مربيات.


سليم: يعني إزاي واحدة تبقى بتعرف تتعامل مع أطفال وماتكونش غالية؟! كل اللي بيكلموني عايزين مرتب وزير!


الموبايل رن، رقم غريب.

سليم رد: أيوة؟


صوت بنت هادي: مساء الخير، أنا شفت إعلان حضرتك عن إنك محتاج مربية طفلة… لسه مطلوب؟


سليم (قام وقف): آه طبعا! حضرتك اسمك إيه؟


هي: اسمي "فرح".


سليم: طيب تقدري تعدي بكرة الصبح البيت نتكلم؟


فرح: أقدر أعدي النهارده لو مناسب.


سليم اتفاجئ وبص لساعة الحيط.


سليم: آه… تمام، أنا راجع كمان ساعة، العنوان… (قاله).


فرح: تمام، هكون هناك.


قفل الخط وبص للسقف: اللهم اجعلها مش كارثة جديدة.... وتعمر فى الشغلانه يارب... 


رجع البيت قبلها بشوية، دخل على تاليا اللي كانت قاعدة ترسم على الحيطة بالقلم الشمع.


سليم: تاليااا! إيه ده؟! البيت ولا كانه مقلب زباله.... حرام عليكى يا شيخه... 


تاليا مابتبصش حتى: فى ايه يابابا كنت بعملك بطة.


هو مسك راسه: يا رب استر، المربية دي لو شافت الوضع ده ممكن تهرب قبل ما تبدأ اصلا. 


سمع جرس الباب.


سليم أخد نفس طويل وفتح…

لقى بنت في نص العشرينات، شعرها بني ولبسها بسيط، وباين عليها مش متصنعة.


فرح بابتسامة مؤدبة: مساء الخير، أنا فرح.


سليم وهو بيزيح علبة اللبن من تحت رجليه: اتفضلي… البيت مش دايما كوارث بس انتي جيتي على لحظة غافله والكتكوتى الصغيره كانت عايزه تعمل بطه....


فرح ضحكت من غير إحراج: ولا يهمك، أنا متعودة على الأطفال.... وعلى فكره البطه بتاعتها حلوة اوى.... 


تاليا خرجت تبص من ورا الباب.


تاليا: مين دي يا بابا؟ هتقعدي معايا ولا هتمشي زي اللي قبلك؟ بجد عجبتك البطه بتاعتي؟ 


فرح بصتلها بلطف: على حسب… انتي عايزاني أمشي ولا أقعد؟


تاليا بصت لسليم: هي بتعرف تعمل بان كيك؟


سليم: بان كيك ايه بس... يا بنتي اسكتي!


فرح: ايوا أعرف… وبعمله بالفراولة كمان.


تاليا بصت لها بتركيز… وبعدين قالت: هممم خلاص سمحتلك تقعدي.


سليم ابتسم على خفيف لأول مرة من فترة طويلة.

وحس إن اليوم ده كان بدايته مختلفة.


تاني يوم الصبح بدري، سليم كان نايم على الكنبة ومرمي جنبه البنطلون وشنطه الصغيرة بتاعة تاليا. خبط خفيف على الباب خلاه يفوق وهو بيحاول يفتح عينه.


سليم (مبحوح): ها.... مين؟


فرح من بره: أنا فرح… قلت أجي قبل ما تنزل الشغل.


سليم قام بسرعة، بص في المراية وارتعب من شكله.


سليم: ايوا حاضر..... ثانية واحدة!


دخل الحمام يغسل وشه بسرعة وفتح الباب.


فرح واقفة بلبس مريح وجايبة شنطة صغيرة.


فرح: صباح الخير.


سليم: صباح النور، اتفضلي… أنا آسف لو شكلي يرعب، الليل كان طويل.


فرح بابتسامة: ولا يهمك… تاليا فين؟


سليم: نايمة، ودي معجزة بصراحة.


فرح: طب ممكن أصحيها أنا؟ عشان آخد عليها من الأول؟


سليم اتفاجئ: آه طبعا… دا لو تعرفي تتعاملي مع الوحش الصغير.


فرح دخلت أوضتها بهدوء، قعدت جنب السرير.


فرح بهمس: يا تاليا… يا جميلة.


تاليا فتحت عينها نص فتحة وبصت لها:

 انتي لسه هنا؟ انتى جيتى تاني؟ 


فرح: ايوا لسه… ولو قمتي بسرعة هعملك بان كيك قبل بابا ما ينزل.


تاليا اتشقلبت وهي بتكتم ابتسامة:

 وبالفراولة؟


فرح: بالفراولة والعسل كمان.


تاليا قامت وهي شايلة بطانيتها فوق دماغها: انا اصلا قمت خلاص وهلبس اهو. 


خرجت من الأوضة، وسليم كان واقف متابع من بعيد.


سليم بإعجاب خفيف: إنتي عملتي إيه؟ دي بتصحى بالعياط والصريخ كل يوم.


فرح: البنات بتحب اللي يسمعها مش اللي يشيلها على كتفه وخلاص.


في المطبخ، فرح بتسخن البان كيك، وسليم قاعد على الترابيزة بيشوف ورق شغله.


سليم: عايزاك بس تتأكدي إنها تاكل وتنام الظهر ساعة، وماتسيبش الحيطان ترسم عليها.


فرح: ماشي… والمواعين؟


سليم: لأ سيبيهم، أنا اللي بخبطهم في الخلاط آخر اليوم.... كفايه عليكى الوحش الصغير... 


تاليا جات جارية وقعدت على الكرسي.


تاليا: ها هتاكلي معايا؟


فرح: دا لو انتي سمحتيلي.


تاليا هزت راسها وهي بتزوم: هممم...بسمحلك بس الطبق الكبير بتاعي.


سليم: معلش اصلها فاهمة إننا تحت حكمها رسمي وهى الملكه... 


فرح: عادى أنا بحب الأطفال الديكتاتوريين.


بعد الفطار، سليم قام يلبس جاكيته.


سليم: لو احتجتي حاجة كلمني… موبايلك معاه شحن؟ ولا اشحنه انا؟! 


فرح: آه فيه شحن، بس متقلقش، أنا اشتغلت قبل كده.


سليم وهو لابس الجزمة: ربنا يستر… أنا سايب أهم حاجة عندي في الدنيا مع واحدة شوفتها من 12 ساعة.


فرح ببساطة: وأنا شايفة أهم شغلانة في حياتي قدامي دلوقتي… فكل واحد مرعوب بطريقته.


الكلمة وقفت سليم لحظة، وبعدين فتح الباب ينزل.


تاليا جريت عليه: بابا هتسبني؟


سليم ركع قدامها: خمس ساعات وهرجع يا ملاكي… وهتلاقيني جايب معايا عصير خوخك.


تاليا بعد تفكير: هممم بس لازم تبقى جيبلي المفاجأة الجديده.


سليم: تاني تفاوض…  حاضر ماشي.


خرج، وساب الباب يتقفل وراه.

أول مرة يحس إنه مش مرعوب قوي.


في نص النهار، سليم كان قاعد في مكتبه ادامه ورق الشغل، ورن الموبايل.

بص بسرعة… "فرح".


سليم فتح الخط بسرعة: في حاجة حصلت؟ تاليا كويسه؟! 


فرح بهدوء: اهدى محصلش ولا حاجة، دي بس بتسأل هو العصير الخوخ اللي بتحبه بتجيبه منين.


سليم بعد ما قلبه وقع رجع مكانه: بقالك دقيقتين في البيت وبدأتي تشتاركي فى  المؤامرات بتاعتها؟


فرح: لأ دي بتهددني وبتقول مش هتاكل لحد ما تتأكد انك فعلا هتجيب عصير الخوخ... 


سليم: قولي لها بابا بيجيبه من عند عمو العطار، هطير أجيبه دلوقتي وارجع اهو... 


فرح: خلاص اتطمنت… قالتلي ممكن نعمل عصير مانجه لحد ما تيجي أنت.


سليم: تمام، لو حاولت تقف على الكرسي عشان تشاركك… اربطيها بالحبل... احسن تعمل كارثه فى المطبخ ولا تحط راسك فى الخلاط انا عارفها... 


فرح بضحكه خفيفه: حاضر يا باشا.... متقلقش كله تحت السيطره 


قفلوا، وسليم لأول مرة من شهور ضحك لوحده.


بعد الشغل، رجع البيت وفتح الباب على صوت اتنين بيغنوا "بابا جاي بابا جاي".


لقى تاليا لابسة فوطه على راسها وفرح واقفة بتسقف.


سليم: إيه اللي بيحصل هنا؟ انتى لابسه كدا ليه؟ 


تاليا: بنغني لك… وعملت عصير مانجه!


فرح: وماغيرناش شكل الصالون غير مرتين بس.


سليم وقف يبص حواليه: الصالون مكنش شكله كده الصبح؟


تاليا: لأ…بس هو شكله كدا أحلى دلوقتي.


فرح:اه وبالمرة عرفت إنك هتنسي تشتري عيش. وشكلها معاها حق.. 


سليم رفع حاجبه: يعني قدرتوا تكتشفوا إني ناسي العيش قبل ما ما ارتاح دقيقة؟


فرح: أحيانا البنات الصغيرة بتبقوا مراية لحياتك.... وحافظين التفاصيل اكتر.. 


بص لتاليا، وبعدين لفرح، وبعدين قال في سره: واضح إن الموضوع مش هيبقى سهل… ولا ممل.


سليم دخل الأوضة بعد ما البنات خلوه يذوق العصير غصب عنه، حاول يفضي دماغه شوية قبل ما يشوف الكارثة الحقيقية اللي مستنيا.


صوت تاليا جاي من الصالة: فرح! بابا جعان!


سليم ندها وهو بيخلع الجاكيت: أنا سامعتك يا تاليا… مش كدا ضغط على فرح من أول دقيقة! وبعدين انا مقولتلكيش انى جعانى يا شقيه انتى... 


فرح بصوت عالي: لا مفيش ظغط ولا حاجه... طب حضرتك عايز تتعشى؟ ولا سيادتك هتفضل ترسم لنا خطة دفاع؟


سليم طلع تاني: أنا بتكلم مع طفلة! إنتي ليه بتردي كأني ظابط تحقيق؟!


فرح واقفة حاطة إيدها في وسطها: علشان طفلتك كانت بتكلمني أنا… مش أنت.


تاليا بتاكل من طبق فشار: أنا جوعت اجلو الخناق لبعدين... 


سليم بص لها: طب يا بنتي ما تقولي انك جعانة مش تصرخي كدا!


تاليا: أنا قلتلك من بدري وانت كنت بتشم هدومك في الأوضة.


فرح كتمت ضحكها.


سليم: يا بنتي أنا كنت ببدل هدومي مش بشمها واللى كنت بشمه هو هدوء نفسي! بس دا يحصل ازاى وانتى موجوده فى حياتى... 


دخلوا المطبخ، سليم فتح التلاجة.


سليم: هو في إيه هنا ينفع يتاكل؟


فرح: أنا عملت مكرونة بالوايت صوص، وتاليا ساعدتني… بطريقة تدميرية خفيفة الحمد لله... 


سليم بص لها: يعني متسممتوش؟


فرح: شوف بنفسك...(لقى تاليا بتجري وبتلعب) 


فتح الحلة، لقاها شكلها حلو.


سليم (منذهل): هو انتي بتعرفي تطبخي؟!


فرح: آه مش بشتغل ساحرة… ده مبدأيا يعنى... 


تاليا: خلى بالك أنا رشيت ملح كتير.


سليم: وأنا كنت هموت بدري… الحمد لله إن ربنا نجا الوايت صوص من إيدك.


وهم قاعدين ياكلوا على الترابيزة:


سليم: انتي كنتي شغالة فين قبل كده؟


فرح: في بيت أسرة عندهم ولدين… بس سافروا الإمارات.


سليم: وليه قبلتي الشغل هنا بسرعة؟ أغلب البنات بتفكر كتير قبل ما تثبت نفسها في بيت حد.


فرح: لأن اللي بيحتاج فرصة بيخبط أسرع من اللي بيستنى عزومة.


سليم سكت شوية وهو بيبص لتاليا اللي بتاكل بودانها.


سليم: وتاليا… شكلها ارتاحت لك.


فرح: وأنا كمان… بس هي بتحب تتحكم.


تاليا: أنا ملكة.


سليم: بالظبط… وأنا الوزير الأسير، وانتي حاليا وزيرة التموين.


بعد العشا، تاليا قعدت قدام الكارتون، وفرح لمت الصحون.


سليم: سيبيهم وأنا هغسلهم.... كفايه عليكى العشا والوحش الصغير... 


فرح: لا أنا اللي مستخدمة المطبخ.... يبقى لازم اسيبه نظيف. 


سليم: لا لا السيستم هنا: اللي يطبخ يتدلع.


فرح: والسيستم عندي: اللي شال الشغل يوم كامل يستريح وانت لازمك راحه. 


سليم رفع حاجبه لأول مرة باهتمام: إنتي جايه تشتغلي ولا تديري البيت؟


فرح: اللي يختارني لازم يتوقع اتنين في واحد.


تاليا من الكنبة: انتو بتتخانقوا تاني؟!


سليم بسرعة: لأ يا حببتي… دي… مناقشة خفيفة.


فرح: خناقة أولى… ودي علامة إننا هنشتغل سوا.


بعد ما نامت تاليا، سليم كان بيقفل نور الصالة وفرح بتجمع ألعابها.


سليم: إنتي بتأخدي أجازة يوم إيه؟


فرح: على حسب ظروفك وامتحانات الكائن الصغير.


سليم: طب المرتب؟


فرح: زي ما قولتلك في التليفون… أيا كان اللي كنت بتدفعه في الحضانة، نصه عندي وأنا هعمل أكتر منها.


سليم بص لها بثبات: انتي شكلك بتتكلمي بثقة زيادة.


فرح: وأنا شكلي هغلبك في كل حاجة لحد ما تصدق.


سليم وقف عند الباب: ما تنسيش إن البيت ده بيغربل اللي بيدخله.


فرح: وأنا بشتغل في أماكن محتاجة غربال أكبر.


وقفوا لحظة بصيص صمت بينهم…

وبعدين قالت: تصبح على خير يا أستاذ سليم.


سليم رد تلقائي: وانتي من أهله… يا وزيرة التموين.


تبسمت وهي خارجة…

وهو لأول مرة من سنين حس إن البيت مش فاضي.


تاني يوم الصبح، سليم نازل يركب عربيته، ولابس هدومه بسرعة وهو بيزق تاليا اللي لسه بتلبس جزمتها بالعكس.


تاليا: مش هتسيبني للمدرسة تاني صح؟


سليم: يا بنتي نروح المدرسة… وبعدين  فرح.


تاليا: فرح أحلى من المدرسة.


سليم: وأنا نفسي أسيب الشغل وأقعد مكانك.... واتامر كدا وادلع.. 


صوت ست من البلكونة فوقهم: صباح الخير يا أستاذ سليم… البنت لسه مش بتلبس لوحدها؟!


سليم رفع راسه وبص بتعب: صباح النور يا مدام نجية.


مدام نجية… الجارة اللي تعرف عدد مرات عطسه في اليوم.


مدام نجية: أنا قلتلك مليون مرة البنات في السن ده لازم ست معاهم في البيت… مش كفاية اللي حصل لأمها!


سليم اتنفس بالعافية: إحنا كويسين يا مدام، و… عندنا مربية جديدة.


مدام نجية شخطت عينيها: جديدة؟! وتفضل قد إيه؟ أسبوع وتخلع زي اللي قبلها؟


صوت فرح طالع من وراهم وهي شايلة شنطة تاليا الصغيرة: لأ، المرة دي اللي هتخلع تسلم الكارنيه الأول.


مدام نجية اتفاجئت: وانتي بنت مين يا حلوة؟


فرح بابتسامة: بنت اللي هتعلم حضرتك تقول كلام يفرح بدل ما ينكد.


تاليا ضربت كف بكف: الله! دي بترد زيي!


سليم ماسك ضحكته بالعافية.


مدام نجية اتكتمت لحظة، وبعدين قالت:

 طب لو احتجتي سكر ولا حاجة أنا تحت أمرك.


فرح: لا، أنا بشتغل بسكر قليل.


سليم بص لفرح وهو فاتح العربية لتاليا:

 انتي حرفيا فعلتي "نجية سكوت مود".


فرح: لو عايزني أشغلهالك طول اليوم زود المرتب.


بعد ما سليم مشي، فرح قفلت الباب وقعدت مع تاليا تفطر.


تاليا: انتي زعقتي في نجية؟


فرح: لأ يا حبيبتي… أنا زعقت للجو العام.


تاليا: هي كانت دايما بتقول لماما إني بلعب في الشقة كتير.


فرح: وده أمر يخصك إنتي مش هي.


تاليا رفعت راسها بثقة لأول مرة: أنا هكبر وأبقى شبهك.


فرح: تكبري تبقي شبه نفسك… والباقي هنولع فيه.


على الساعة 11، الجرس رن.

فرح فتحت الباب افتكرت الدليفري… لقت مدام نجية واقفة بطبق محشي.


مدام نجية بصوت حنين مصطنع: قلت أتعرف عليكي رسمي… أنا جارتك اللى فوق.


فرح بتلقائية: وأنا فرح… اللي تحت.


مدام نجية دخلت ومقعدتش.


مدام نجية: الأستاذ سليم تعب مع البنت قوي، ربنا يعينك عليها.


فرح: هو اللي تعب… ولا الناس اللي فضلت تنظر عليه؟


مدام نجية اتوترت.


فرح كملت وهي شايلة الطبق: على العموم شكرا على المحشي… ولو محتاجة مني حاجة خشي على طول، الباب بيتقفل بس مش مقفول على الناس اللى زيك. 


مدام نجية اتلغبطت بين الخروج ولا الكلمة.


قبل ما تطلع، سألت: طيب، هو انتي متجوزة؟


فرح: لأ، بس بصدع لما حد يسألني السؤال ده بعد المحشي.


مدام نجية طلعت وهي مش فاهمة هي اتشتمت ولا اتكرمت.


تاليا كانت واقفة من بعيد بتتفرج.


تاليا: فرح انتي شريرة حلوة.


فرح بضحكه: لأ أنا شريرة مرتاحة.


على العصر، سليم رجع بدري شوية، فتح الباب وشاف تاليا قاعدة تلزق استيكرز على هدوم فرح.


سليم: إيه ده؟ فرح اتحولت لسبورة؟


فرح: بنتك قررت أكون دفتر ملاحظاتها.


تاليا: كتبت عليها "فرح بتاعتي ومش هتمشي".


سليم بص لفرح: اطمنتلك؟


فرح: بصراحة… أه.


سليم حط الشنطة وقال: على فكرة… نجية ما اتصلتش تشتكي النهارده مش عوايدها. 


فرح: ده لأن ثلاث دقايق شغل معايا حسسوها إنها مش محتاجة تتدخل تاني.


سليم ضحك أول مرة من قلبه: شكلها بداية حرب منظمة.


فرح: سيب الحرب عليا… وإنت افتح الدرج وهات عصير الخوخ.


سليم بص بدهشة: إنتي عارفتي الدرج من فين؟


فرح: أنا عارفة اللي في الدرج… واللي تحت الدرج… واللي سايب الدرج سايب الحياة.


تاليا: يعني هتقعدي كتير؟


فرح بصتلها وقالت بهدوء: لو باباكي ماطفاش النور بسرعة… أيوه.


سليم رفع حاجبه و قال فى سره:

واضح إن قلبي كمان محتاج مربية.


الساعة 7 بالليل، تاليا نايمة بدري على غير العادة وفرح قاعدة في الصالة بتطبق الغسيل، وسليم داخل من المطبخ شايل كباية شاي.


سليم: إيه المعجزة اللي خلت تاليا تنام الساعة دي؟!


فرح: قلعتلها الجزمة وقالتلها إن اللي بيصحى بعد العشا العفاريت بتسرق من مناخيره النوم.


سليم خنق ضحكته: يا ساتر! بتستخدمي الترهيب من أول أسبوع؟


فرح: لأ، بستخدم الطبيخ الكويس والنفس الطويل… هي نامت من الشبع.


سليم قعد قدامها على الكنبة: أنا لاحظت إنها مبقتش تلزق فيا زي الأول… ودي حاجة مريحة ومقلقة في نفس الوقت.


فرح: لأنكم كنتوا قاعدين في زنزانة عاطفية… البنت كانت محتاجة حد غيرك تسمعه.


سليم شرب من الشاي وبص لها: إنتي فاهمة الدنيا أكتر مما توقعت.


فرح: لأ، أنا فاهمة التعب لما يبقى ساكن بني آدم.


سليم سكت ثانيتين، وبعدين قال فجأة: أومال… لو احتجت يومين في الشهر لنفسي… تقدري تباتي هنا؟


فرح وقفت بتطوي تشيرت صغير: لو لقيتني مبيتة عندك يبقى أنا اتجوزت، مش بشتغل.


سليم شرد: اتجوزتي!؟


فرح ضحكت: يا راجل ده أنا هعتق نفسي لو حد فكر يخطبني دلوقتي.


سليم بص لها شوية بتأمل غريب: إنتي عندك كام سنة؟


فرح: خمسة وعشرين… وبقايا ٤١ حلم اتنسفوا.


سليم ابتسم ابتسامة صغيرة: وإزاي بتقدري على بنت زي دي؟


فرح: تقدر عليها لما تبطل تسميها بنت وتعاملها كروح صغيرة مش لاقية مكان تحط قلبها فيه.


الكلام وقع في دماغه.


بعد لحظات صمت، الموبايل رن. سليم بص على الشاشة، وشه اتغير شوية.


فرح وهي بتكمل تطبيق الغسيل: مين اللي بيكلمك خلى وشك مش مطمن كده؟


سليم رد وهو مخنوق: أخت مراتي… كانت بتيجي تشوف تاليا قبل ما تختفي فجأة.


فرح: طب افتح رد عليها ولا هتهرب؟


سليم: لا هفتح… عشان أخلص.


فتح الخط وهو بيبعد شوية.


سليم: أيوه يا ريم…


صوت من سماعة الموبايل عالي: سليم! ليه مش بترد من شهر؟ أنا عايزة أشوف بنت أختي.


سليم ببرود: تاليا مش لعبة كل لما ما تعوزو تفكركم بيها تجولي.


ريم: ما تتكلمش كده! أنا حقي أشوفها، وبابا هيزعل!


سليم: باباكي مات من سنتين ولسه بيزعل؟ غريب.


فرح بتكتم الضحك من بعيد.


ريم بصوت حاد: أنا جايه بكرة!


سليم: لأ يا ريم… لما أعوز أنا اللي هكلمك.


ريم: انت فاكر نفسك مين؟


سليم: الأب… اللي مش محتاج وصاية من عيلة كانت موجودة وقت العزاء واختفت بعده.


قفل المكالمة ورمى الموبايل على الكنبة.


فرح من غير ما تبص له: طيب كنت هتسيب ليها البت لو رجعت فجأة؟


سليم: مش هسيبها لحد… بس هي بتحب تغير شكل البيت لما تيجي.


فرح: وأنا بكره الناس اللي بتدخل مكان مش بتاعها وتقلبه كأنها في سبوع.


سليم بص لها بتوتر: ريم دي مشكلة… بس أنا مش عايز أزعزع حياة تاليا تاني.


فرح قامت تشرب مية من المطبخ: سيبها تيجي… وأنا هخليها تمشي لوحدها.


سليم: مش عايز خناق.


فرح: الخناق فن… وأنا فنانة أساسا. 


قبل ما تمشي، وقفت عند الباب وبصتله.


فرح: عايز نصيحة ببلاش؟


سليم: قولي.


فرح: ابعد عن أي حد يحسسك إنك لوحدك… لأنك مش لوحدك طول ما البيت فيه نفس.


سليم وقف مكانه مش عارف يرد، وقال بهدوء: شكرا.


فرح: أنا قولت نصيحة مش مجاملة… تصبح على خير.


سابت الباب يتقفل وراها،

وهو لأول مرة بقاله سنين… حس إنه محتاج يفهم نفسه قبل أي حد.


تاني يوم، سليم كان في الشغل وفرح قاعدة مع تاليا بترسم على الأرض.


تاليا: هتيجي الست اللي صرخت في التليفون؟


فرح: آه… اللي صوتها شبه صفارة الإنذار.


تاليا: هتضربك؟


فرح: لو رفعت صوتها عليا… هخلي ودانها تعيط.


الساعة 2 الظهر… الجرس رن.


فرح فتحت الباب، لقت ريم واقفة بكعب عالي وميكب كامل وكأنها رايحة تخطب عريس، مش تزور طفلة.


ريم ببصص من فوق لتحت: انتي المربية؟!


فرح بابتسامة باردة: وأنا كمان خريجة "الباب يتفتح ويتقفل فى وش المتطفل".


ريم دخلت من غير ما تستنى دعوة.


ريم: تاليا فين؟!


تاليا كانت مستخبية ورا الكنبة… فرح ندهت بهدوء: تعالي يا بطة… الضيفة وصلت.


تاليا طلعت وبصت لريم بحذر.


ريم انحنت تبوسها… تاليا رجعت راسها لورا.


ريم: ليه مش عايزة تبوسي خالتك يا حبيبتي؟


تاليا: إنتي خالتي بجد؟!


ريم اتوترت: طبعا… إنتي نسيتيني ولا ايه؟


تاليا: لأ أنا فاكرة إنك كنت بتخلي ماما تبكي.


ريم اتسمرت.

فرح وقفت جنب الصغيرة وقالت بهدوء: الطفل ما بيكذبش… اللي بيكذب هو اللي مش عايز يفتكر الحقيقة.


ريم لفت عليها: انتي متعرفيش حاجة! متدخليش في اللي مالكيش فيه!


فرح نبرتها ولا تهزت: اللي يعلي صوته هنا يبقى ماعرفش إن البيت مش بيت أهله.


ريم صوتها بقى أعلى: أنتي إزاي تسمحي لنفسك—!


قبل ما تكمل… الباب اتفتح وسليم دخل فجأة.


سليم: فيه إيه؟!


ريم بسرعة قلبت المود: أخيرا جيت! بنتك مش عايزة تحضني! والبنت دي بتكلمني بوقاحة!


سليم بص لفرح: حصل إيه؟


فرح وهي هادية: ولا حاجة… بس الضيفة فاكرة نفسها جاية تعمل تفتيش مفاجئ.


ريم: أنا قريبتك! من حقي أشوف دم أختي!


سليم شد نفسه وقال: ريم… تفضلي اقعدي. وفرح… كملي لعب مع تاليا.


تاليا مسكت إيد فرح: لو مشيتي أنا هعيط.


فرح بصتلها وركعت لمستوى وشها: أنا مش همشي غير لما تقوليلي.


ريم بصت لسليم بغل: إنت سايب المربية تحكم البيت؟!


سليم بهدوء متعمد: لأ… أنا سايب المربية تحافظ على أعصابي.


ريم اتنفضت: أنا هرفع قضية أشوف البنت بشكل رسمي.


سليم: شوفيها لما تبقى بني آدم مش قنبله متنقله. 


ريم شهقت: أنا ماشية دلوقتي… بس راجعة قريب.


فرح وهي فاتحة الباب: ثاني مرة تعالي بفورمة بيت مش فورمة فرح عرايس.


ريم خرجت وهي بتبص لسليم بعيون نار.


سليم قفل الباب ونفخ: إنتي صعبتيها عليا.


فرح: لأ… أنا وريتها الباب اللي مش بتدخل منه تاني.


سليم لأول مرة بص في عينيها بتركيز…

وفي لحظة، حس إن وجودها أكبر بكتير من مجرد "مربية".


تاليا: أنا جوعت، يلا نعمل فشار؟


فرح: نعمله ونص، وهنسميه فشار ريم.


سليم ضحك… ضحكة حقيقية،

وكان واضح إنه من اللحظة دي… البيت اتغير للأبد.


بعد ما ريم مشيت والدنيا هديت، تاليا كانت قاعدة على الكنبة ماسكة كيس الفشار وبتحط حبة في بوقها وحبة في شعرها.


سليم كان واقف في المطبخ بيتمتم: فشار ريم إيه يا بت؟! 😂


فرح وهي بتحط عصير في كوبايات:  ده أقل رد فعل على زيارة زلزال زي دي.


سليم بص لها من غير ما ياخد باله إنه مركز قوي:  إنتي ازاي قلتلها الكلام ده من غير ما تعلي صوتك؟


فرح ببرود شيك:  اللي بيعلي صوته ده بيحاول يقنع نفسه قبل ما يقنع اللي قدامه.


سليم رفع حاجبه: فلسفة ولا تهديد مغلف؟


فرح مالت بخفة على الرخامة:  اسأل ريم… هي أكتر واحدة فهمت الدرس.


تاليا قطعت الجو:  باباااااا، المربية علمت ريم تبكي في قلبها.. 


سليم ضحك:  انتي سمعتي قلبها ولا إيه؟


تاليا فخورة بنفسها:  آه… كان بيقول "اااع" بس مقالش "هي".


فرح خنقت ضحكتها، وسليم بص للبنت وقال: يلا غيري هدومك بسرعة قبل ما أبو قلب اععع يرفع قضية.


تاليا جريت على أوضتها.


سليم بص لفرح وهو لسه شبه مبتسم: بجد… إنتي أقوى مما كنت فاكر.


فرح شالت الكوبايات وقالت ببساطة: وأنا مش شايفة إني محتاجة أثبت ده كل يوم.


سليم وهو بيلحقها من غير ما يحس: لأ… بس واضح إن وجودك فرق.


فرح اتفاجئت بالكلمة، بس استخبت في الهزار:  يعني أخدت منك تقييم خمس نجوم ولا لسه في نجمة بتزوغ؟


سليم:  لأ… في نجمة وقعت من السما وجاية تشتغل عندي.


فرح ببصة جانبية:  وبتدفعوا باليورو ولا قلوب ارمله؟


سليم اتكعبل في الكلام ومردش.


في اللحظة دي، تاليا خرجت من أوضتها لابسة تيشيرت سليم!


فرح ببسمه: انتي جايباه منين ده يا بطة؟!


تاليا:  من الدولاب… ريحته وناسة.


فرح بتحاول تمسك ضحكتها:  طب ما تروحي تلبسي بتاعك.


تاليا: لأ… ده واسع ومش بيقرصني.


سليم بص لفرح بخبث ساكت: خلاص حتى هدومي حلال عليها.


فرح رفعت حواجبها:  وإنت بقى بتربي ولا بتدلع؟


سليم:  أنا جبتك عشان تربي… وأنا أتفرج.


فرح بوقار تمثيلي:  ماشي يا باشا المتفرج اللي فاهم التربية بالفرجه.


تاليا: أنا عايزة فشار ريم تاني.


فرح:  لا المرة دي هنسميه فشار الست اللي كانت بتعيط جوا قلبها.


سليم انفجر ضحك وحاول يخبي.


وهو بيحاول يسيطر على نفسه… عينه وقعت عليها بشكل مختلف. مش مجرد مساعدة… مش مجرد مربية.


دي ست ماشية في البيت كأنها واحدة منهم. وهو… لأول مرة، ما اعترضش.


الصبح بدري… الساعة كانت 7 وربع، وسليم خارج من الأوضة بشعر منكوش وكوباية قهوة في إيده.


لقى فرح واقفة في المطبخ لابسة ترينج واسع وشعرها ملموم .


سليم فجأة وقف وقال بنبرة مش متوقعة:  إنتي صحيتي بدري؟


فرح وهي بتحرك اللبن على النار:  أنا بصحى قبل العصافير… وبنام بعد الأزمات.


سليم شاور على شعره: وأنا نايم في قلب الأزمة.


فرح بصت له بضحكة مكتومة:  شكلك كان بيقول كده وأكتر.


هو شرب رشفة من القهوة… وبص تاني:

 على فكرة… التيشيرت اللي كانت لابساه تاليا امبارح… كان شكله حجه علشان تتنام معاكي مش معايا.


فرح ردت بثقة:  وده يثبت إني مأثرة أكتر منك.


سليم اتكلم تلقائي:  إنتي مؤثرة فعلا.


الكلمة خرجت أسرع من تفكيره. أول مرة يقول حاجة شبه كده بوضوح.


فرح لمحته بعينها بس ردت بالهزار: آه أصل أنا متخرجة من كلية التخشيبة والتأثير المباشر.


قبل ما يكملوا… تاليا دخلت وهي شايلة لعبتها وبتقول:  باباااااا… فرح بتسخنلي اللبن وتنفخ فيه علشان ميلسعش بوقي.


سليم مد إيده لها: تعالى يا بطة.... 


تاليا اتجهت له بس فجأة غيرت اتجاهها وجريت على فرح ومسكتها من رجلها.


سليم قال بنبرة متفاجئة: لااا انتى كدا خدتي مكاني رسمي.


فرح وهي بتناول البنت الكوباية:  الطفل بيرتاح مع اللي بيسمع مش اللي بيأمر.


سليم سكت… كأنه جتله كلمة في دماغه ووقف عندها.


بعد ما تاليا خلصت، فرح قالت:  أنا نازلة أجيب شوية حاجات من تحت… محتاجة حاجة؟


سليم:  أيوه.


فرح استعدت تكتب:  اتفضل.


سليم: متتأخريش.


فرح رمقته بنظرة فيها لمعة: ده أمر ولا قلق ولا عادة التحكم شغالة بدري؟


سليم:  لأ… دي ملاحظة من واحد لسه بيفهم إنتي بتعملي إيه في البيت ده.


فرح ردت ببساطة تقيلة:  البيت ده محتاج حد يدخل من الباب… مش يامر ويتحكم فيه. 


نزلت… وسابته واقف مكانه يفكر وهي ماشية.


بعد نص ساعة… سليم كان بيغير هدوم تاليا وهي بتسأله:  بابا… فرح هتتجوزك بعدين؟


سليم اتخنق في التيشيرت: إييييه؟!


تاليا: يعني هتبقوا عيلة في نفس الصور؟


سليم فضل ثانيتين ساكت… بعدين قال بهدوء غريب:  اللي زي فرح… بيتخطفوا بسرعة.


تاليا: طب ماتخطفوهاش بعيد… أنا همشي معاها.


في اللحظة دي… الجرس رن.


سليم فتح الباب… ولقى ريم واقفة تاني! بس المرة دي من غير ميكب… ومن غير كعب… وملامحها بايظة.


سليم اتفاجئ:  إيه تاني؟!


ريم بصوت مكسور:  أنا… محتاجة أتكلم معاك لوحدنا.


قبل ما يرد… فرح طلعت من السلم شايلة كيسين وخبطت بعدها في كتف ريم وهي بتعدي.


ريم بصتلها بصدمة.


فرح رمت جملة سريعة وهي داخلة:  أنا رجعت… والبنطلون واسع مش لايق عليكى هتعرفي تجري بيه...


سليم حس بحاجة ما تتقالش… بس بتكبر.


ريم دخلت الصالون من غير ما تستنى إذن، قاعدة على الكرسى وشها باهت وشعرها مربوط .


سليم وقف قدامها بنبرة متحفظة: قولي اللي عندك قبل ما تاليا تشوفك وتعيّط تاني.


ريم أخدت نفس طويل وقالت:  أنا مش جاية أعمل خناقة… ولا آخد البنت.


سليم ما ردش، بس عينه بتقيم.


ريم كملت بصوت مكسور:  أنا… اتجوزت واحد من ورا الكل… وطلع نصاب. وسابني بعد ما أخد فلوسي.


سليم اتشدت ملامحه:  وده يخصني في إيه؟


ريم: اتكسرت… ومفيش باب أعرف أخبط عليه غيرك.


في اللحظة دي… تاليا جريت من أوضتها ونادت: فرح! الحقيني، اللعبة اتكسرت!


فرح دخلت الصالون ووقفت لما شافت ريم قاعدة.


ريم قامت واقفة بسرعة:  أنا مش جاية أعمل قلق للبنت… ولا أقعد مكان مش ليا.


فرح ردت بهدوء غريب:  المكان مش بيبقى بتاع اللي يحجزه… المكان بتاع اللي يستاهله.


ريم اتبصتلها باستغراب… ولسانها وقع للحظة.


تاليا دخلت  وهي سحبة فرح من إيدها:  سيبي الشريرة وتعالي نلعب.


سليم قال بسرعة: تاليا، ادخلي الأوضة وأنا هاجيلك.


طلعت وهي ممدودة شفايفها اعتراضا.


سليم بص لريم:  لو جاية تعتذري… فده مش على هوايا. ولو جاية تدوري على دور… فدي مش خشبة المسرح.


ريم دمعتها نزلت وهي مش باصة فيه:  أنا جاية أقولك… أنا غلطت فيك. وغلطت في البنت. وغلطت في نفسي أكتر.


قبل ما سليم يرد… فرح قالت من غير ما تبص عليهم:  مش كل اللي بيغلط وحش… بس اللي يكمل غلط وهو عارف… ده اللي مايتصلحش.


ريم ابتلعت ريقها وقالت:  أنا… قدمت طلب جلسة رؤية في المحكمة… بس مش علشان آخدها… علشان أشوفها من بعيد… أحس إني مشيت صح مرة واحدة.


سليم سكت… النفس اللي خرج منه كان شبه هدنة.


ريم وقفت وقالت بهدوء مر:  أنا ماستاهلش اكون أختها… بس هي تستاهل يكون عندها هدوء.


سابت شنطتها على الترابيزة وقالت:  ده ملف القضية… لو مش عايزني أشوفها… أنا مش هظهر تاني.


قبل ما تمشي… بصتلهم هما الاتنين وقالت:  المربية اللي بتقف ضد العاصفة… دي مش مربية. دي أمان.


طلعت وقلبت في الجو كلام كتير.


سليم بص لفرح… بس أول مرة من غير هجوم ولا تحفظ.


فرح مسكت الملف وبصت عليه وقالت بخفة:  لو عايز تحرقه… استنى لما أجيب كباية شاي.


سليم ضحك نص ضحكة وهو مش مصدق نفسه:  إنتي… مش شبه أي حد قابلته في حياتي.


فرح ردت من غير ما ترفع عينها:  عشان أنا مش جايالي نسخة قبلي ولا بعدي.... 


من غير ما يحس… قرب منها خطوة زيادة.


ومن غير ما تفكر… هي ما بعدتش.


تاليا دخلت فجأة:  باباااااا! فرح...... عايزة اعمل فشار ريم تاني؟


سليم رد تلقائي:  لأ… المرة دي هنعمل فشار الاعتراف.


فرح بصت له بسرعة:  اعتراف بإيه يا أستاذ؟


سليم ببساطة غريبة:  إني بدأت أخاف اليومين دول… أخلص الشغل وارجع ملاقيكيش هنا.


اللحظة دي كانت أجرأ حاجة اتقالت من يوم ما دخلت البيت.


بس زي العادة… تاليا قطعت الجو:  أنا لو فرح مشيت… همشي معاها!


سليم: ولا إنتي هتمشي… ولا هي هتمشي… احنا اللي هنقعد.


فرح حاولت تاخدها هزار:  ده تهديد ولا وعد ولا بداية فيلم هندي؟


سليم: ده أول مشهد من فيلم… لسه ماحدش سماه. 


الليل نزل، وتاليا نامت بعد ما عملت معركة مع الملاية وكسبتها.


فرح كانت قاعدة في الصالة بترتب اللعب وتلم قصاصات ورق كانت تاليا عاملة بيها “شجرة عيلة من خيالها”.


سليم خرج من أوضته وهو لابس ترينج وشعره مكركب، ووقف يتفرج وهي مش واخدة بالها.


سليم: كل يوم بتشيلي وراها ونفسي ما تشيليش مني؟


فرح من غير ما تبص: مبدئيا أنا بشيل زباله بريئة… إنما حضرتك زباله سابقة التجهيز.


سليم قعد على الكنبة وقال:  إنتي دايما جاهزة تردي.


فرح: عشان اللي مايردش… بيتاكل هوا.


سليم سكت لحظة… وبص على الأرض وهو بيسأل: إنتي بتفكري تفضلي هنا قد إيه؟


فرح رفعت راسها… لأول مرة تحس إن السؤال مش هزار: يعني إيه هنا؟ هنا في الشقة… ولا هنا في حياتكم؟


الجملة وقعت تقيلة من غير ما تقصد.


سليم رد بوضوح صادم لنفسه:  اللي اتنين.


فرح شالت كارتونة اللعب ونزلت قاعدة على الأرض:  هو انت مستوعب إن حياتك مش باب بيت؟ إن حياتك بنت… وماضي… وناس بتدخل فجأة؟


سليم: وإنتي مستوعبة إنك أول واحدة تدخل المكان ده وماتبوظهوش؟


فرح ابتسمت بخفة:  لأ أنا بوظته… بس بوظته على بالي مش على بالك.


سليم اتنهد وقال:  أنا من يوم ما مشيت مراتى… والبيت كان بيت جدران. أول مرة أحس إن فيه روح… كانت لما اتخانقتي مع ريم قدامي.


فرح اتفاجئت من الصراحة:  أنت بتقول كلام كبير على واحد لابس شبشب.


سليم ضحك من قلبه:  أهو ده اللي مخليني عايزك تفضلي.


فرح رجعت تبص في اللعب:  تاليا أولا… مش أنا. وأنا مش بدخل حياة حد غير لما أكون عارفة إن وجودي مش مؤقت.


سليم قالها ببساطة مخيفة: ومين قال إني عايزك مؤقت؟


الكلام وقع جواها… بس قبل ما ترد، الجرس رن للمرة التانية في نفس اليوم.


فرح: لو دي ريم… أنا هفتح بقنبلة دخان.


سليم قام وهو بيعدل التيشيرت:  لو ريم رجعت دلوقتي… يبقى بتدور على وظيفة انتحار.


فتح الباب… واتفاجئ بحد تاني خالص.


كانت أم سليم.


ست كبيرة، شيك، ملامح قوية ومفيهاش هزار.


دخلت من غير استئذان كأن المكان باسمها، وبصت حواليها لحد ما عينها وقعت على فرح.


الأم: مين دي؟


سليم:  فرح… المربية.


الأم رفعت حاجب وقالت بحدة:  مربية ولا ساكنة؟!


فرح قامت واقفة بتلقائية : لا يا طنط… أنا إعلان رسمي في البيت بس مش جواز عرفي.


الأم بصتلها من فوق لتحت: كمان لسانها طويل.


سليم: ولسانها ده اللي مخلي البيت متقلبش جنازة.


الأم بصت له باستنكار:  وبتدافع عنها كمان؟


فرح رفعت حاجبها وقالت بكل هدوء:  أنا مش محتاجة دفاع… أنا واقفة كويس من غير دفاع.....انا معنديش حاجه اخاف منها ولا اخبيها علشان ادافع.. 


الأم: إنتي شكلك مش بتسكتي.


فرح:  لما يكون الكلام غلط… السكوت بيبقى مشاركة.


سليم كان واقف بين الاتنين وعارف إن الشرارة مولعة.


تاليا صحت فجأة وقالت بنعاس:  تيته جيتي تزعقي كالعاده ولا تحضنيني؟


الأم قلبها اتلطف للحظة… بس عينها لسه على فرح.


سليم حسمها:  بقولك إيه… اتعرفي عليها قبل ما تحكمي عليها.


الأم قالت وهي قاعدة:  أنا مش بحكم… أنا بقرأ.


فرح رمت جملة ع السريع:  يا رب تقري سطر صح الأول.


اليوم اللي بعده… الجو أهدى، بس الكلام اللي حصل بين سليم وفرح وأمه عايش في الهوا.


الصبح… فرح كانت بتحضر الفطار، وتاليا قاعدة على الترابيزة بتلون في علبة زبادي فاضية.


تاليا:  هو ليه تيته بتبصلك كأنك واكلة حقها في الورث؟


فرح:  يمكن عشان ممكن تكون فعلا حاسه بكدا... 


سليم ضحك وهو داخل:  فرح الورث اللي بيكون غالي وصعب يتعوض.


فرح:  صباح الواقعية.


سليم:  صباح الخضة.


دخلت الأم فجأة من أوضة الضيوف، لابسة طرحه شيك وريحة برفان تقلب صحوة أي حد.


الأم: أنا هروح أشوف المحامي… ولازم تتجوز.


سليم شرب القهوة بالعافية:  ايييييه؟ مين اللى يتجوز يا ماما؟


الأم:  إنت طبعا… البنت محتاجة ست في البيت.


فرح وقفت مكانها… وتاليا قالت بشقاوة: آه ست زي فرح.


الأم بصتلها بحدة، وفرح قالت بهدوء: هو مين العروسة  في دماغ حضرتك؟


الأم:  بنت صاحبتي… مهندسة ومحترمة.


تاليا رفعت حاجب: بتعرف تعمل فشار؟


الأم:  إيه التفاهة دي؟!


فرح:  دي مش تفاهة… دي شروط إقامة.


سليم وقف فجأة وقال لأمه:  أنا مش هتجوز حد أنتي تختاريه.


الأم اتصدمت:  ليه؟!


سليم اتكلم وهو باصص ناحية فرح من غير ما يسمي:  عشان في حد في البيت… وجوده قلب كل المعادلات.


فرح حست قلبها وقع… وكتمت نفسها.


الأم: تقصد المربية؟! دي تعيش هنا لحد ما البنت تكبر وتمشي.


سليم لأول مرة بص لأمه بوضوح وقال:  لأ… دي تعيش عشان البيت يفضل عايش.


تاليا صقفت: يعني هتبوسها؟


فرح خدت تاليا في حضنها بسرعة:  ياختي ليه القفزات دي؟


الأم بصت لسليم بحدة:  إنت مجنون؟ هتتجوز واحدة أقل منك في كل حاجة؟!


سليم: أقل مني في إيه؟ في التعب؟ في التربية؟ في الأمان؟!


الصمت بقى تقيل… والأم سكتت وهي مش مصدقة.


فرح ماقدرتش تستحمل وقامت تدخل المطبخ.


سليم راح وراها.


وقف عند الباب وقال:  إنتي عارفة إن اللي بينا مش هزار.


فرح مرفعتش عينيها:  وإنت عارف إن اللي زيي مش بيدخل علاقة تتقفل عليها الباب وتتفتح بكلمة الأم.


سليم قرب خطوة زيادة:  وأنا عمري ماخفت من حد زي ما بخاف تخافي… وتمشي.


فرح قالت بصوت واطي: سليم… الكلام ده كبير، وأنا مش لعبة حنين وبطولة.


سليم:  وأنا مش مراهق… أنا راجل بيقول إنه لقى اللي بيحسها قبل ما يطلبها.


فرح سكتت… كان واضح إنها بتحارب رد فعلها.


دخلت الأم المطبخ فجأة.


الأم:  أنا مش مقتنعة… بس لو البنت مرتاحة ليها… ولو أنت مصمم…


سليم قطعها:  مش مصمم… أنا مقرر.


الأم:  وأنا ليا شرط.


سليم:  قولي.


الأم:  لو اتجوزتها… ماتطردنيش من حياتك.


سليم ابتسم لأول مرة من قلبه:  دي اللي رجعتك لحياتي… مش اللي هتخرجك.


فرح اتفاجئت من الجملة.


تاليا دخلت بينهم وقالت:  خلاص اتجوزوا بقى… عايزة ألبس فستان أبيض أنا كمان.


سليم بص لفرح:  مش لازم دلوقتي… بس لازم تعرفي إني اخترتك.


فرح ردت بخفة بحرج:  طب استأذن الأول… يمكن أكون مخطوبة من البواب.


تاليا:  لأ دي مخطوبالي أنا.


ضحكوا… والجو اتفك.


لكن سليم قال الكلمة اللي قفلت الموقف:

 من النهارده… مش هقولك مربية. هقولك اللي مخليانا نعيش.


فرح بصت له وملامحها لأول مرة فيها رهبة وارتياح في نفس اللحظة.


تاليا:  يعني هتبوسو بعض ولا لأ؟


سليم:  لأ… ده لحد ما تجيبلنا الفستان الأبيض.


النهاية… وبداية قصة تانية جوه نفس البيت.


لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم 



اعلموا متابعه لصفحتي عليها الروايات الجديده كامله بدون روابط ولينكات من هنا 👇 ❤️ 👇 



روايات كامله وحديثه




تعليقات

التنقل السريع
    close