القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية وكر الملذات الفصل السادس والعشرين حتى الفصل الثلاثون والاخير بقلم الكاتبه ياسمين عادل حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج

رواية وكر الملذات  الفصل السادس والعشرين حتى الفصل الثلاثون والاخير بقلم الكاتبه ياسمين عادل حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 



رواية وكر الملذات  الفصل السادس والعشرين حتى الفصل الثلاثون والاخير بقلم الكاتبه ياسمين عادل حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج


   وصل أسفل البنايه ثم ترجل عن السياره حاملاً بيده باقة من الزهور البيضاء ذات الرائحه الذكيه،  أقترب برأسه نحو الباقه ثم أشتم رائحتها وهو يردد


آمير : ياريت تعجبها 


   _ صعد لأعلي ليجد باب منزله مفتوح فقطب جبينه وتقدم نحوه ليجدها ملقاه علي الأرضيه تلطخ الدماء ملابسها وجانبها والدتها تبكي وتنتحب وهي تقول


فاطمه : سامحيني يابنتي ،  كان لازم أطهرك من ذنوبك ..  سامحيني ،  ليه يابنتي تعملي في نفسك كده وفيا ليه ،  ليه كده يابنتي ،  ياريتني كنت موت ولا عرفت وشوفت بعيني 


 _ ألقي باقة الزهور أرضا ثم ركض نحوها والفزع يتقافذ من عينيه ،  شعر وكأن الظلام قد غمر داخله والسواد أنتشر حوله ..  أمسك برأسها ثم هزها عدة مرات عسي أن تتحرك بين يديه ولكن دون جدوي ..  تفحص نبضها الغير منتظم ليجد الروح ما زالت بداخلها فصرخ بذعر وهو يقول


آمير : أنتي عملتي فيها أيه ،  لييييييه تعملي كده ليه 

فاطمه بصراخ شديد صدح بالمكان : أنت السبب ،  أنت اللي غويتها وجرتها لسكتك ،  انت اللي مفروض تموت مش هي أنا هقتلك وأخد حق بنتي منك 

آمير بنبره متوعده وقد تجمعت الدموع بعينيه : ده انا هوديكي في داهيه ،  هسجنك ورحمة أبويا لأسجنك


   _  ركض آمير للخارج ثم صاح مناديا علي حارس البنايه ليصعد الأخير مسرعاً إليه


الحارس : تحت أمرك ياآمير باشا 

آمير مشيرا بيده : أتصل بالبوليس حالا ،  الست دي حاولت تقتل مراتي ،  اتصل حالاً وخليهم ييجوا يخدوها لحد ما أروح للمستشفي ،  أوعي تهرب منك أحسن والله أدفنك مكانك

الحارس وقد أنتابه الخوف : حح حاضر ياباشا

فاطمه وهي تضرب علي كفها بحسره : سامحيني يابنتي ،  كان هو اللي المفروض يموت ..  سامحيني


   _ أنحني بجسده ليحملها ثم أنطلق سريعا للأسفل حيث أسندها علي صدره ليفتح بابا السيارة الخلفي ثم أجلسها به ونظر إليها مره أخيره قبيل أن يغلق الباب ويستدير ليستقل مكانه خلف المقود ..  أنطلق بسيارته بسرعة البرق نحو أحد المستشفيات المعروفه بالتخصص في امراض النساء والتوليد  ،  كان ينظر إليها في المرآه وقد غمرت الدموع وجهه وهو يهتف بندم


آمير : قومي يانور،  قومي ياحبيبتي ،  أرجوكي متعمليش فيا كده ..  متعيشنيش بندم طول عمري   ،  قومي عشان أبننا اللي في الطريق أوعي تستغني عننا أرجوكي ..  أنا بحبك ،  عارف إني أول مره أقولها وانها أتأخرت اوي بس سامحيني ..  أول مره أحس بجد إني بحبك ..  سامحيني يانور..  قومي عشان خاطري مش هستحمل فراقك أرجوكي 


   _ وصل أخيراً بعد معارك مروريه ومخالفات أُخذت عليه إلى المشفي حيث ترجل عن السيارة ثم ركض للداخل وهو يصرخ بهم طالباً المساعده لأنقاذ زوجته وطفله حتي لبي الجميع ندائه وأنتقلوا بالسرير النقال للخارج ليقلوها لأقسام الطوارئ والتي تفحصتها جيدا و..... 


آمير وهو يهز بذراع الطبيب : أرجوك طمني عليها 

الطبيب بنبره متعجله : لازم تدخل عمليات فوراً ،  ويأما هنلحق ننقذ الجنين ونحاول ننقذ حياتها ياأما..... 

آمير بذعر جلي : ياأما ايه !!   أنت لازم تتصرف وتنقذها ده انا هوديكوا في داهيه لو جرالها حاجه 

الطبيب : الأعمار بيد الله ياأستاذ،  والمدام جايه حالتها متدهوره خالص ..  المهم ان حضرتك هتمضي علي أقرار موافقه بدخولها العمليات قبل ما نتخذ إي خطوه

آمير بتوتر شديد ممزوج بالحيره والتوتر : اا ا انا ..  موافق ،  بس أتصرفوا أرجوك 


   _ أقر آمير بمسؤليته الكامله والموافقه علي دخول زوجته لحجرة العمليات ..  في هذا الحين وصلت والدته عقب أن هاتفها لمشاركة همه معها ..  حيث جاهدت لتحمل عنه تلك الحاله التي وصل لها 


عثمت : ياحبيبي أهدي وهي هتقوم بالسلامه صدقني 

آمير محاولا السيطره علي شلال الدموع الذي أنفتح بعينيه : مش هسامح نفسي لو جرالها حاجه ياماما هي وأبني

عثمت مطرقه رأسها بأسف : مش هيحصلها حاجه إن شاء الله ،  سيبها علي الله ياحبيبي 

آمير رافعا بصره للسماء : ياااااارب،  أرجوك يارب لو ده عقاب بلاش هي وأبني ،  أتوسل إليك 

عثمت : لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم  ،  ربنا ينجيها يارب 


................................................................. 


    _ أطاح بالمزهريه بطول ذراعه ثم ألتفت وهو يردد بنبره ثائره منفعله


شهاب : أنتي شكلك كبرتي وخرفتي ،  من أمتي وأنتي بتدخلي في الأمور دي ياهانم

زيزي واضعه يدها في خصرها : أنت عارف كويس السبب ،  أنت عملت معاه كده عشان عرفت ان هو اللي كشفك قدامي

شهاب رافعا أحد حاجبيه مدعيا عدم العلم : يعني بتعترفي ان هو اللي جه وقالك

زيزي بعدم أكتراث : ايوه هو،  وزي ما وقعته في المصيده بتاعتك هتطلعه تاني منها ياشهاب 

شهاب مرددا بنبره خشنه : ده لما تشوفي حلمة ودنك ياحياتي

زيزي بنبره واثقه : خلاص متطلعهوش ،  ساعتها بقي أنا هبيع نصيبي في شركتك لآمير ..  زي ماأنت أشتريت نصيبه بالنصب في الشركه بتاعت أبوهم

شهاب محملقا بها : أنت بتهدديني أنا يازيزي! ؟

زيزي وهي ترفع رأسها بتعجرف : أنت مبتجيش غير بالأسلوب ده ،  وانا هنفذ كلامي لو مطلعتوش 

شهاب محاولا التملص منها : مش هعرف ،  خلاص الحكايه لبساه 

زيزي ببرود : عادي ،  أشتري المعمل الجنائي بالدكاتره والممرضين بتوعه ،  أنت مش هتغلب في السكك الشمال ياشهاب ..  وأنا مستنيه ..  ماشي 

شهاب وهو يجز علي أسنانه  :.......... 


.............................................................. 


   _ ظل واقفا علي قدميه لساعات عديده أبىَ فيها أن يهنأ بالجلوس ..  حيث ظل ناظرا لعقارب الساعة التي تتحرك بثبات وتوازن منتظراً خروج الطبيب بفارغ صبر ،  حتي خرج أخيراً وهو يزيل الكمامه المعقمه عن أنفاسه فتوجه نحوه بسرعه وهتف بعجاله


آمير : طمني أرجوك قول أي حاجه

الطبيب مبتسماً بعذوبه : الف مبروك  ،  جالك ولد ربنا يحفظه والمدام نقلناها لأوضتها في الدور التاني

آمير ملتقطا أنفاسه : طب وهي جرالها حاجه!؟ 

الطبيب قابضا علي شفتيه  : ممكن مع الأسف الجرح اللي اتصابت بيه يتسبب في عدم قدرتها علي الخلفه تاني

آمير متعلثما : ا اا.... 

الطبيب واضعا يده على كتفه ثم هزه بخفه : انا بقول ممكن ،  يعني مش أكيد ،  وبعدين حتي لو ده حصل أحمد ربنا انها قامت بالسلامه هي والجنين 

عثمت بتلهف : طب والجنين فين !؟ 

الطبيب : أتنقل للحضانه لأنه محتاج رعايه مكثفه ،  متنسوش أنها ولدت في السابع 

آمير وقد تنفس الصعداء : الحمد لله يارب

الطبيب :عن أذنكوا

عثمت مربته علي كتفه : الف مبروك ياحبيبي ،  انت لازم تدبح حاجه لله

آمير : أكيد ياماما ،  أكيد إن شاء الله 


................................................................ 


    _ لقد حشرته بالزاوية ولن يستطيع التخلص من سلطتها ،  فهي تملك أكثر من نصف شركته بحكم ميراثها من والدها مما يعني أن الجبهه القوية هي جبهتها وليست جبهته..  لذا وإن أراد مرور الأمر مروراً كريما سيضطر أسفاً للخضوع لرغباتها التي تكاد تقتل غروره أو بالفعل قد قتلته 


شهير محملقا به : معقول اللي بتقوله ده ياباشا !!  بعد كل اللي عملناه وما صدقنا خلصنا منه عايز تخرجه بأيدك!؟ ..  طب أزاي أفهمها دي 

شهاب متأففا بضيق : أنت هتفتحلي تحقيق ولا أيه خلصني وأتصرف مع الرجاله بتوعنا ..  خليهم يبدلو العينات اللي خدوها ويظهر أنها صالحه للأستخدام


  _ قوس فمه مستنكرا أفعال رئيسه ولكن ليس بيده حيله ،  فعليه الأنصياع له وبدون تردد حتي لا يكون الحساب من نصيبه في نهاية الأمر ..  وبالفعل أستطاع فعل ما أمره به ،  فأن بعض الأوراق النقديه الملونه كفيله بفعل المعجزات في زمننا هذا ..  أجل!  ،  أشتري ضمائرهم وباعوا له بعض النتائج المزيفه الغير صحيحه حتي يعود الوضع لأصله . 


................................................................. 


    _ جلس علي المقعد المعدني المقابل لها يتأمل ملامحها التي شحبت ووجهها الذي طغي عليه الأصفرار والضعف ،  فرك كفيه بتوتر ثم ذفر أنفاسه التي أستنشقها بعمق ليراها قد شرعت في الأفاقه ..  أندفع نحوها ثم أمسك كفها المغروز به أبره طبيه تنقل إليها بعض المحاليل المنشطه في حين بدأت هي تستجمع عقلها لتتذكر ما حدث 


نور وقد أمتلئت نبرتها وهناً : في أيه ! 

آمير ممشطاً خصلاتها المبعثره : مفيش حاجه ياحبيبتي ،  حمدلله علي سلامتك

نور وقد بدأت في الأستذكار : ماما ،  ماما فين ..  وأيه  اي ... 


   _ تقطعت نبرتها لتبتلع ريقها الجاف بصعوبه ثم حاولت الأعتدال في جلستها ولكنها لم تستطع بفعل الألم الذي أجتاح أسفل معدتها فجأة ..  ضغط علي كتفها بخفه و... 


آمير : نور ،  أهدي وخليكي مكانك وأنا هعملك اللي أنتي عايزاه

نور وقد تجمعت الدموع بعينيها: ماما كانت عايزه تموتني ،  مم م ما.... 

آمير ماسحا علي بشرتها بدفء : ششششش ،  أهدي عشان خاطري ..  أنتي كويسه وبخير 


   _ تحسست بطنها التي تؤلمها بشده فشعرت أن حجمها قد تقلص ولم يعد كما كان.. مر بمخيلتها فكرة فقدان طفلها فتشنجت علي حين غره ثم هتفت صارخه 


نور : أبني ،  أاا 

آمير : نور أهدي أرجوكي وكفايه حركة ،  البيبي في الحضانه متقلقيش عليه هو كويس

نور وقد شعرت بالراحه بعض الشئ : عايزه أشوفه ،  أرجوك خليهم يجيبوه ياآمير 

آمير وهو يهز رأسه أسفا : مش هينفع يانور ،  متنسيش أنه أتولد قبل معاده ومحتاج رعايه 

نور بنبره مشتاقه متلوعه : طب وديني انا ليه ،  عشان خاطري 


   _ كانت عاطفة الأمومة هي المسيطره عليها ،  لم يستطيع التأثير عليها بل الأحري أنه أيضاً أراد أرضاء عينيه برؤية طفله ..  القطعه البشريه التي تحمل دمه وأسمه ،  فأنصاع لرغبتها وبمساعدة الممرضه تم نقلها عن طريق المقعد المتحرك للحجره التي يمكث بها الطفل ..  وما أن حملته وتحسست بشرته الناعمه والصافيه حتي أتسعت أبتسامتها وأغرورقت عيناها بالدموع ..  ما هذا الشعور الذي يجعلك وكأنك تطير عن الأرض فاقداً للجاذبيه لتحلق بالسماء ،  في حين نظر له هو بأعين مشتاقه قد أنهكها الحرمان ..  فأمسك بأصابعه الصغيره ليزقزق قلبه فرحاً  ،  فمدت له يدها به ليحمله ولكنه تراجع للوراء عدة خطوات وهتف بذعر


آمير : لالا ،  خليكي أنتي شيلاه أنا مش هعرف 

نور : متخافش ياآمير ده حلو أوي 

آمير مبادلا نظراته بينهما : ما انا عارف ،  بس خليكي شيلاه أضمن أحسن يقع ولا يجراله حاجه 

نور بلهجه مُلحه : عشان خاطري شيله ،  أمسكه بقي مش قادره أناهد 


   _ حمله برفق متوجساً ثم راح يحركه بهدوء شديد والأبتسامه تغزو مبسمه ..  فهتفت قائله 


نور : هتسميه أيه؟ 

آمير وقد تلاشي الخوف من عينيه : فارس ،  هسميه فارس

نور متمعنه النظر إليه : ليه الأسم ده بالذات؟ 

آمير بنبره حانيه : عشان غالي عليا ،  ميستهلوش غير أبني

نور وقد باغته بأبتسامه راضيه : وأنا موافقه ،  حلو أسم فارس


................................................................ 


    _ بعد قرار النيابه بالأفراج عن فارس ،  كانت ملامحه لا توحي بالأنهاك فقط ،  بل أمتلئت عينيه بالغيظ وأكتظ عقله بالمكائد الذي سيعدها من أجل ذلك الرجل ..  كانت لحيته قد نبتت وملابسه تأثرت بالجلوس عدة أيام بالحجز ،  في حين كانت رغد ملازمه له وعامر ووالدته بجانب المحامي 


مكرم : حمدلله علي سلامتك يابشمهندس

فارس بلهجه جافه : الله يسلمك

عامر وقد قرأ ما يدور بخلده : فارس ،  خلصنا وخلينا نفكر في شغلنا 

فارس بنبره محذره : لو مش عايزنا نخسر بعض ياعامر متقوليش كده تاني ،  أنا هدفعه تمن الأيام والليالي اللي قعدتها جوه الحجز ده 

عثمت بلهجه راجيه : ياحبيبي المره دي كان في أيدك الكارت اللي هتمسكه بيه ،  لكن مش كل مره هتعرف تطلع منها

فارس بنفاذ صبر : ....... 


   _ شبكت أصابعها بأصابعه ثم قبضت علي كفه وهتفت بنبره مهتزه 


رغد : فارس ،  أنا محتاجاك أنا وأبنك اللي جاي ،  أرجوك كفايه

فارس مطبقا علي جفنيه : حاضر 


   _ لاحظ غياب آمير وعدم وجوده فأعتراه الفضول حول غيابه ،  لعله مازال غاضبا منه لأتهامه بأنه المتسبب بذلك أو ربما قرر الأبتعاد عن ساحته حتي لا يتم الأحتكاك بينهم..  جاهد لمنع نفسه من السؤال عنه ولكنه لم يستطع  و...... 


فارس : أمال فين آمير؟ 

عثمت وقد أشرقت ملامحها : في المستشفي مع مراته

فارس منقبضا بخوف : ليه جرالها حاجه؟ 

عثمت وهي تهز رأسها نافيه : لالأ ،  دي مراته ولدت الحمدالله

عامر مربتا علي كتفه بحده : مرات آمير خلفت فارس الصغير


   _ هز رأسه بعدم إدراك ما قيل للتو فأقرت والدته المعلومه التي تلقاها وقالت له 


عثمت : أيوه ياحبيبي ،  سمي أبنه علي أسمك

فارس وقد أمتلئ قلبه فرحا ليتناسي ألمه : بجد

عثمت وهي ترمق رغد بنظرات متفحصه : عقبال ما أشوف ولادك ياحبيبي 


   _ طوق زوجته بذراعه وضمها لصدره ثم قبُل رأسها بحنو وهو يشتم عبيرها الذي أشتاق إليه ثم همس 


فارس : إن شاء الله قريب


................................................................ 


    _بعد مرور العديد من الليالي ،  أنتقلت نور للمكوث في القصر تحت رعاية والدة زوجها ،  وعندما علمت ما فعله آمير نزعجت وتلون وجهها بالحُمره بعد أن علمت منه بسجن والدتها وهي علي قيد التحقيقات لمحاولة قتلها ،  فهدرت به بنبره مرتفعه أشبه للصراخ 


نور  : أنت أكيد بتهزر ،  أزاي تعمل في أمي حاجه زي دي؟ 

آمير بنظرات مستنكره : دي كانت هتقتلك وتقتل أبني اللي لسه مشافش الدنيا 

نور بعنف : بردو مكنش ينفع تبلغ عنها وتخليهم يحبسوها ..  أنت لازم تخرجها ياآمير 

آمير مشيحاً بصره عنها  : مش هطلع حد ،  وياريت تقفلي علي الموضوع

نور بنبره ممزوجه بالأختناق : ليه عايز تضيع فرحتي ياآمير وتخليها ناقصه

آمير بنظرات مستنكره : ....... 

نور موجهه بصرها نحو طفلها : مش هكون فرحانه وأمي في السجن ياآمير ..  أرجوك بقي تبطل أنانيه وتعمل حاجه واحده عشاني 

آمير بتنهيده : طيب

نور بترقب : هتطلعها ! ؟

آمير : حاضر يانور ،  خلاص بقي 

نور محاوله التهدئة من روعه : شكراً ،  ربنا يخليك لينا

آمير بنظرات صامته معبرة : ................. 


.................................................................. 


   _ بداخل قصر مهران السيوفي_ تم أقامة حفلاً بسيطاً مبهجاً بمناسبة أول حفيد لعائلة مهران ..  حيث مر أسبوع علي ميلاد الصغير فارس وقررا الأحتفال به بشكل يليق بحفيد آل مهران ،  كانت ملامح الصغير قد بدأت تتشكل وتظهر يوما عن يوم ..  فسبحان من أبدع خلقه ،  وقد شددت عثمت علي ضرورة وجود أبنها الأصغر التواجد جانب أخيه بفرحه ولم يرفض فارس ذلك ولو لبرهه .. حيث أصطحب زوجته بعد محاولات عديده لأقناعها وذهبا سويا إلي القصر ..  كانت الفرحة مزدوجه لكليهما ''  فارس،  آمير  ''  ولكل منهما أسبابه ،  فعندما لمحه آمير ترك الجميع وتوجه إليه 


فارس باأبتسامه مشبعه بالحب : الف الف مبروك ياآمير ،  إن شاء الله يتربي في عزك

آمير ضاربا على كتفه بخفه : عقبالك يافارس 


  _  أحتضنه وشد علي ضلوعه بشوق في حين ربت الأخير علي ظهره بخفه وكان المشهد مراقب من والدتهم التي حمدت الله أخيراً علي عودة صفو النفوس وهدوئها لهم ..  تقدمت نور وهي تحمل وليدها بين ذراعيها ثم مدت يدها به نحو فارس لينظر له بفرحه ثم حمله عنها وهو يقول 


فارس : بسم الله الرحمن الرحيم ،  جيبت الحلاوه دي منين ياواد ،  أبوك وأمك مش حلوين خالص علي فكره

رغد وهي تلكزه بخفه : حرام عليك يافارس ،  مامته زي القمر 


   _ صافحتها نور بحراره ثم تبادلا القبل والأحضان لأول مره وكأنهما تعارفا حديثاً ،  بينما حضرت تفيده من وسط الحشد لتأتي جوارهم وتحمل الطفل وهي تقول


تفيده : شوفت فارس الصغير يافارس ،  صوره طبق الأصل منك وأنت صغير 

فارس بلهجه مرحه : حرام عليكي ياعمتو لأ ،  ده أحلي مني بكتير 

تفيده وهي تهز رأسها نافيه : لأ ،  أنا عندي الصور بتاعتك وانت صغير نفس العينين الخضرا ونفس تقاطيع الوش ركز كده في عينه


  _ دقق فارس النظر بالصغير ثم مسح علي وجنته بحنو وهو يهتف


فارس : لا ياعمتو لأ ،  وبعدين ملامحه لسه هتتغير كمان 

تفيده وهي توجه حديثها لرغد : هشهد عليك مراتك اللي عينها الحلوه شبه عينك بالضبط ،  وبكره أفكركوا كلكوا لما فارس الصغير يكبر هيطلع شبه مين 

آمير بأبتسامه عذبه : هو أحنا نطول يطلع لعمه

فارس مربتا علي كتفه : حبيبي ياكبير 


    _ في هذه اللحظه خطت  ''  راندا  ''  بقدميها بهو القصر لتتفحص الحفل المقيم بمناسبة مولود العائلة الجديد ..  جابت بعينيها المكان جيداً وكأنها تبحث عن شئ ما  حتي لمحته أخيراً ..  أجل  كانت تبحث عن فارس وبالتالي ستري زوجته ،  وعندما وقعت عينها علي تلك الفتاه تفحصتها بعينيها جيداً لتشعر تجاهها بشعوراً غريبا لا تعلم ماهيته ..  كانت تفاصيل وجه رغد بعيده كل البعد عن ملامحها ..  فهي أكثر جمالاً وبساطه من والدتها  ،  تقدمت بخطي حذره نحوهم ثم ........


~   وكر الملذات   ~


    ( الفصل السابع والعشرون ) 


  _ لمحتها عثمت تقف بأحد الزوايا ومسلطة البصر علي ولدها وزوجته ..  فنظرت للمحيطين بريبه خوفا من أن تفسد تلك السيده هذه الليلة السعيده عليهم ،  فتوجهت ناحيتها بنفس الوقت الذي تحركت فيه راندا صوبها حتي ألتقيا في نقطة الوسط ..  فحدجتها بنظرتها المهينه المعهوده بها ثم رددت قائله بلهجه مستنكره


عثمت : جاية لحد بيتي يابجحه ،  أيه اللي جابك هنا وأزاي تجرؤي تخطي جوه بيتي ؟ 

راندا بنبره بارده جافه : أنا جايه أبارك لأبنك،  بقيتي جده ياعثمت 


  _ ألقت عباراتها ثم تركتها بمفردها قبل أن تحاصرها بالحديث وذهبت بإتجاههم وهي تتأملها عن كثب كلما أقتربت حتي أنتبهت لها  ''  رغد  ''  ولنظراتها الغير مطمئنه ،  وما أن لمحها فارس حتي تقلصت عضلات وجهه وكاد يتحرك عن وقفته ولكن كانت قبضة آمير هي الحاكمه لها حيث بث له فيها أمراً بعدم التسرع في أفعاله


آمير بلهجه حكيمه متريسه : أهلا راندا هانم ،  خير 

راندا وهي تسلط نظرها علي رغد : جيت أباركلك ،  ولا بلاش!؟ 

فارس وهو يمط شفتيه بعدم تصديق : أممم 

آمير وقد طوق خصر زوجته التي شعر بتغيير مزاجها للأسوأ : شكرا ،  عقبالك


   _ أبتلعت ريقها بصعوبه شديده حيث أستشعرت من كلماته أنه قد يعلم بالأمر وقد يكون يلقي أمامها بالكلمات متعمدا ذلك ..  فتوترت نظراتها ثم مدت يدها بترقب لتصافح رغد ،  ولكن أسرع فارس وأمسك كفها حتي لا تلمس راحة يدها البريئه وهو يهتف


فارس : نورتي الحفله ياراندا هانم 

راندا مبتسمه بحذر : Thanks for you   ، مش هتعرفني ؟

فارس متأففا بحنق : دي مراتي ،  رغد

راندا وقد أتسعت إبتسامة وجهها : أهلا بيكي ،  لايقين علي بعض أوي يافارس

رغد وقد شعرت بمعرفه سابقه تجمعها بتلك السيده : شكرا


    _ تفحصت ملامحها التي لا تشبهها البته في حين لاحظ فارس ذلك وخشي أن تضمر لها هذه السيدة إي نية سوء قد تؤذيها ..  لذا قرر الأنسحاب بزوجته بهدوء وهو يهتف


فارس : أنا هشوف حاجه وراجع ياآمير ،  عن أذنكوا 

راندا :........ 

آمير وقد رسم بسمه مزيفه على وجهه : نور ،  روحي أستريحي ياحبيبتي بدل ماأنتي واقفه كده ،  وأنا هوصل راندا هانم وراجعلك

نور متوجسه : حح حاضر


    _ ذهبت نور تجلس علي أحد المقاعد وهي تضم وليدها لصدرها بحنو ،  تشعر بالسوء إذا أبتعد عن أحضانها ،  في حين قرر آمير ضبط الأمور لتسير في مسارها الصحيح عقب شعوره بالريبه من تواجد راندا بقصره في هذه الليلة 


آمير وقد خلت ملامحه من التعبيرات : لو جايه عشان حاجة تخص نور أحب أبلغك إن أمها عرفت كل حاجة ومفيش سبب يخليكي تيجي هنا .. أما بالنسبة لنظراتك اللي عارفها كويس واللي منزلتيهاش عن مرات أخويا فاأحب أبلغك بشئ مهم جدا ،  فارس مش هادي زيي ولا أعصابه بارده ..  وإي حاجه تخص مراته بالذات مش بيعديها ،  يعني لو نيتك زباله أنصحك بلاش  ..  لأنه مش هيسامح في حقها

راندا وقد شعرت بالراحه قليلاً : أنت فسرت زيارتي غلط ياآمير ،  عموما أنا باركت ولازم أمشي

آمير بعدم إكتراث : هيكون أفضل ..  نورتي


    _ عادت بخطواتها نحو باب القصر وقد آلمها قلبها ولاتعلم ما السبب ،  هل أستيقظت أمومتها التي ضربت بها عرض الحائط منذ سنوات !؟  لا تعلم ..  كل ما تعلمه أن الراحه سكنت عقلها قليلاً عقب أن رأت الحب بعين فارس لأبنتها ،  إذا فسيكون خير حامي لها ولن تخشي شيئا عليها ،  ولكن لابد من إيجاد حل لتلك المعضله التي أنحشرت بها ..  وهي ظهور إبنه لها بعد كل تلك السنوات ،  فقررت اللقاء بهذا الرجل الذي كان سبباً في تخليها عن قطعه من روحها لعل قلبه يشفق ويلين ولكن .... 


   ( بأحد المقاهي الشهيره ) 


  _ جلست قرابة الساعة في أنتظار حضوره حتي حضر وكأن شيئا ما أرغمه علي الحضور..  فكان محتقن الوجه غير مكترث بها حتي شرعت بالقص عليه ما حدث معها


هادي وقد تجبر وجهه : أنتي هتهزري معايا ولا أيه!!  بنت أيه وبتاع أيه اللي بتتكلمي عنها 

راندا وهي تجاهد للنطق :  اا ان انا مكنتش أعرف ،  صدقني أتفاجئت و..... 

هادي بلهجه متوعده : أسمعي ياراندا ،  أنا مش هسمحلك تهدي الأسم والكيان اللي بنيته لنفسي ..  ولا هسمح أنك تهدي الأسرة اللي رجع شملها تاني بعد ما بعدت عنك ..  أنا ماصدقت علاقتي بعيالي رجعت تتحسن بعد الفضايح اللي حصلت 

راندا وهي تهز رأسها بعنف : أنت فاهم غلط!!  أنا جايه أقولك اللي حصل عشان تتصرف معايا و.... 

هادي وهو يتلوي بشفتيه : أت..  أيه ،  أتصرف !!  وأنا مالي بالحوار اللي قولتيه ده ..  انا مش مصدق ولا حرف من اللي قولتيه ولا داخل دماغي بقرش ساغ ..  وحتي لو كان كلامك صح وده أحتمال ضعيف ،  عايزاني أعمل إيه !! ؟ أروح أقولها تعالي في حضني وأعرفها علي أخواتها ولا أعملها أيه

راندا وهي تغرز أصابعها في خصلاتها بتوتر : دي بنتي ،  أنا حسيت بيها لما شوفتها

هادي وهو يرمقها بنظرات محتقره : مش مسؤليتي ،  أنا ماليش عيال غير من مراتي ..  وإي نذوه عشتها معاكي رميتها في الزباله عشان أكمل مع الأسرة اللي بنيتها تاني بعد ما أتهدت بسبب وجودك في حياتي ،  وأحذري تلعبي معايا اللعبه دي لأني عمري ماهعترف ببنت جت من ...  جت منك ،  ويوم ما تفكري تجيبي سيرتي مش هسمح لنفسك يخرج تاني 

راندا وهي تطبق علي جفنها بقوه : شكلي غلطت لما قابلتك 

هادي بنظرات مشمئزه : فعلا غلطتي


   _ نهضت عن مكانها ثم ألتقطت حقيتها وأورت عينيها بالنظارة الشمسيه وصارت في طريقها  في حين لمح هادي من يقف خلف جزع أحد الأشجار الضخمه وكأنه يراقبهم ..  فتحرك من مقعده بهدوء حتي لايلفت أنتباه هذا المجهول الذي سلط بصره علي راندا وتوجه صوبه ليأتي من الخلف ويصتدم بإنها فتاه


هادي ممسكا بذراعها بعنف : بتعملي أيه هنا يابت؟ 

رنيم وقد أصابعها الذعر : هااا  ،  مم مش ب بع..  بعمل حاجه ..  اا ن

هادي بنبره متوعده : لو كدبتي عليا هيكون تصرفي معاكي عنيف

رنيم وقد سيطر الرعب علي كيانها : والله ياسعات البيه ما عملت حاجه أرجوك تسيبني والله ماعملت حاجه 

هادي مشيراً بأصبعه : ششششش  ،  أنتي تعرفي الست اللي لسه ماشيه دي؟ 

رنيم بلهجه متعلثمه : لل لاا لا ،  معرفهاش

هادي بنظرات ثاقبه : يبقي تعرفيها !!  متخافيش وقوليلي الصراحه وأنا هساعدك ولو أذيتك هجيبلك حقك منها

رنيم بعيون زائغه :...... 


    _ أستطاع هادي أن يستنبط سبب مراقبة  ''  رنيم  ''  لها ،  فهو يعلم جيدا ما كانت تفعله بالفتيات وأستغلالها لهن للإيقاع بفرائسها من الرجال والزج بهم داخل مصيدتها بكل سهوله ..  ولعل تلك الفتاة ضمن من أستخدموا لتحقيق أغراض دنيئه متدنيه فقرر نصب الفخ لها ''  راندا  ''  بدون أن يظهر  بالصورة وبإستخدام هذه الفتاه التي يبدو عليها الأنكسار 


هادي : أحكيلي كل حاجه وأنا هساعدك،  ولو ليكي طار عندها هخليكي تاخديه كمان 

رنيم :............ 


................................................................. 


      _  وطبقاً لرغبتها التي ألحت عليه في طلبها كثيرا قام بالتنازل عن المحضر الذي رفعه ضد والدتها لمحاولة قتلها ومن ثم قررت زيارة والدتها لكي تقص عليها ما مرت به طيلة السنتين الماضيتين وخداعها من قبل تلك السيده التي كانت تعمل لديها ..  كانت موافقة آمير علي ذهابها ووليدها لتلك الزياره أمر شاق للغايه ،  حيث خشي علي طفله أن يصيبه مكروه من هذه المجنونه كما دعاها


نور وقد أستشاطت غيظا : آمير أحترم نفسك ،  مين دي اللي مجنونه ؟ 

آمير وهو يحدجها بنظراته الجامدة : لأ مش أنا اللي أتجننت ،  أمك هي اللي دماغها ضربت وكانت عايزه تموت إبني وهو لسه في بطنك

نور وقد أصابتها الدهشه : يعني كل اللي همك أبنك مش أنا ! 

آمير متفرسا النظر لشفتيها متعمداً توترها : أكيد أمه كمان فرقت معايا 

نور بنظرات زائغه :........... 


   _كانت خصلات شعرها تتدلي علي كتفيها لتحجب الرؤيه عن نحرها ..  فمد أصبعيه السبابه والوسطي لأزاحتهم للخلف ثم مرر أصبعه علي العرق النابض بنحرها ليقشعر بدنها وتطبق علي جفنيها في إستسلامٍ له ..  في حين علت الأبتسامه ثغره وهو يقترب من أذنيها ليردد 


آمير : هقولك حاجه مكنتش هعرفها لولا اللي حصل 

نور بصوت هامس مستسلم : أيه ؟ 

آمير مطلقاً أنفاسه لتلفح عنقها : بحبك


    _ أرتجفت بنشوة بين يديه ،  تلك الكلمة المكونه من أربع حروف كم تمنت أن تسمعها منه ..  كانت رغبتها بمثابة الحلم الذي تمنته في منامها وصحوها وها قد تحقق الآن ،  أبتعدت خطوة للوراء ثم تمعنت النظر في عينيه لتستشف فيهما الصدق فلم تتردد في التعلق برقبته والألتصاق بأحضانه فبادلها نوبة الحب التي غمرته بها ..  بينما صرخ الوليد الصغير وظل يركل بقدميه في الهواء فأنتزعت نور نفسها من بين أحضانه وركضت لفراشه الصغير  ..  فألتقطه بحنو وظلت تقبله كثيراً وهي تدلله في حين أقترب هو لينظر له بحب ثم هتف بنبره مرحة


آمير : من أولها كده هنقطع علي بعض ياعم فارس

نور بقهقهه خفيفه : أبني حبيبي يعمل اللي هو عايزه

آمير ممسدا علي رأسها : لو عايزه تروحي لمامتك معنديش مشكله ،  بس بشرط

نور قاطبه جبينها بتساؤل  :........... 


.............................................................. 


     _ أجتمع فارس بالمحامي الخاص به ''  مكرم  '' والمحامي الخاص بالسيدة ''  زيزي '' والذي جاء نيابة عن موكلته كما حضر عامر أيضاً في منزله ..  كان شاغله الأكبر هو القضاء علي شهاب قبيل أن يفكر هو في رد الصفعه له 


أنور : مدام زيزي لغت التوكيل اللي كانت عملاه لشهاب وعندها أستعداد تحولك أنت الوكاله دي 

مكرم : بشمهندس ،  الوكاله دي لو أتحولت ليك هيكون حقك تقاضيه وتحاسبه علي كل الفلوس اللي حولها لحسابه

فارس وهو يخط بشكل كروكي علي الورق الموضوع أمامه : يعني الوكاله دي هتسهل علينا كتير !!  جميل جدا ، أنت تبلغها بموافقتي ياأستاذ أنور 

أنور بإبتسامه معجبه : يبقي متفقين ،  من بكره هتكون الوكاله من حقك 

عامر ممكسا بهاتفه علي أذنيه : وأنا هبلغ المستشار المالي دلوقتي أنه هيتولي مهمة فرز الحسابات اللي هتحولهاله عشان ننجز في الوقت 

فارس بنبره مؤكده : عايزين كل واحد يقوم بدوره علي أكمل وجه وبسرعه

عامر : سيبها علي الله وعلينا ياأبو فراس 


.................................................................


    _ أسترخت علي الفراش مسلطة البصر لأعلي ثم مدت يدها لتمسح علي بطنها برفق ..  ثم بدأت تتحدث لطفلها الذي تحمله بداخلها وكأنه يسمعها ،  كانت تتودد له في الحديث وتقص عليه ما مرت به في سنوات طفولتها الضائعه حتي دخل فارس للحجرة في هذه اللحظة ثم أبتسم لها بعذوبه وهو يتقدم نحو الفراش ثم أردف


فارس  : بقيتي أحسن ولا لسه دايخه ؟ 

رغد وهي تعتدل في جلستها : أنا كويسه ياحبيبي ..  المهم أنت خلصت الأجتماع بتاعك 

فارس وهو يفرك وجهه بكفيه  : ايوه ،  رغد عايز أسئلك عن حاجه ،  فاكره يوم سبوع فارس الصغير

رغد : اه فاكراه ،  ماله! ؟

فارس مطقطقاً أصابع يده بتفكير منشغل : الست اللي جت سلمت علينا وفضلت بصالك كتير دي فاكراها


    _ حاولت أستجماع عقلها ثم رفعت حاجبيها فجأه وكأنها تذكرت ذلك اليوم ،  ثم بادرته قائله


رغد : اه اه ،  فاكراها ..  كنت عايزه أسئلك مين دي بس نسيت

فارس جاذباً أنفاسه بعمق : دي business  women  ( سيدة أعمال )  معروفه أسمها راندا رشيد ،  بالتحديد تعتبر ضل شهاب الفتره اللي فاتت و.... 


   _ شردت أثناء حديثه لها عقب سماع أسمها الذي لم يكن غريباً علي أذنيها..  لقد أستمعت لهذا الأسم من قبل ولكنها لا تعلم أين ..  ضغطت علي عقلها لتتذكر ولكنها لم تستطيع ،  ثم أفاقت علي ملمس راحة يده لوجنتيها وأنتبهت له وهو يقول 


فارس : روحتي مني فين ياماستي! 

رغد وهي تهز رأسها : معاك معاك  ،  كنت بتقول أيه؟ 

فارس بترقب : كنت بسألك شوفتيها قبل كده أو تعرفيها؟ 

رغد وقد أنتابها الذهول من سؤاله : وأنا أعرفها منين؟ 

فارس بحيره شديدة : نظراتها ليكي مش مريحاني ..  حاسس كأنها تعرفك أو بتوصلك رسالة ،  وعشان كده أستغربت وفضلت اننا نمشي 

رغد : أحسن برده أنك فكرت كده ،  انا كمان حسيت بحاجه مش طبيعيه بس مش عارفه هي ايه

فارس وهو يضغط علي كفها برفق : رغد  ،  مش عايزك تخطلتي بحد منعرفهوش  ولا تتواصلي مع حد ملناش علاقه بيه ..  ولو حسيتي بحاجه غريبه زي دي لازم تبلغيني

رغد وهي تهز رأسها موافقة : حاضر ،  انت عارف اني مش بحب الاختلاط عموما

فارس ببسمه دافئه : ربنا يبعد عنك شر الناس ياماستي


................................................................ 


     _ كانت تعلم والدتها جيداً  ،  فكان موعد صحوها مبكراً في العاده لذا قررت الذهاب إليها بوقت مبكر حتي تتسني لها الفرصه للحديث معها بأريحيه ،  فأصطحبها زوجها لهناك وكان هذا شرطاً له حتي يشعر بالراحة لوجوده بالقرب منها في حالة حدوث إي شئ ..  كانت خطواتها مترددة ولكن لابد من اتخاذ هذه الخطوة لتكتمل حياتها السعيده الآمنه ..  وبأحد المناطق الشعبيه القديمة صف آمير سيارته أسفل أحدي البنايات العتيقة التي تظهر عليها أثار مرور الزمن ..  فهبطت نور عن السيارة ومعها طفلها الصغير بينما رفضت صعود آمير معها حتي لا يتأزم الوضع أكثر معها


آمير متأففا : ليه مصممه كده يانور 

نور بلهجه حكيمه : حبيبي مش لازم تشوفك دلوقتي ..  أصبر بس أهيألها الجو من نحيتك شوية

آمير ناظرا للبنايه بتوجس : طب لو أتأخرتي هطلعلك ،  ماشي! ؟

نور : متقلقش ،  أن شاء الله هعرف أتناقش معاها وأكيد لما تشوف فارس الصغير قلبها هيحن شوية

آمير ممسكا بأصابع الرضيع : طب خلي بالك منه

نور : حاضر


  _ ترجلت عن السيارة فأنتبهت لنظرات المّاره لها..  منها نظرات الفضول والتساؤل ومنها نظرات مستحقره وأخري مشفقه ،  لم تعبأ بهم بل صارت لداخل العقار القديم وبدأت تصعد الدرج الغير متساوي بحذر شديد حتي لا يتأذي الطفل ..  حتي وصلت للطابق الثاني ووقفت أمام باب المنزل ،  تأملته لبرهه ثم أزدادت ضربات قلبها وقررت العدول عن قرارها ولكن لا يجوز ..  طرقت الباب بأصابع مرتجفه ثم أنتظرت ثوانِ معدوده حتي فتحت لها والدتها ..  حملقت بها بقوه ثم أجفلت بصرها علي الصغير الذي يلوح بيده الصغيره في الهواء ..  أرادت أن تغلق الباب بوجهها ولكن شيئاً ما منعها عن ذلك لاتعلم ماهيته ..  بينما أغرورقت عيني نور بالدموع وهي تقول


نور : مش هتقوليلنا أتفضلوا 

فاطمه بنظرات معاتبه حزينه : ........ 

نور وهي تشير ببصرها علي الصغير : طب مش هتشوفي فارس الصغير 

فاطمه وقد شعرت بالشغف لحمل ذلك الصغير  :........ 


    _ تقدمت خطوه واحده دون عبور عتبة المنزل ثم مدت يدها بطفلها الرضيع لكي تحمله عنها ،  نظرت له ''  فاطمه  ''  نظرات متلهفه معبئه بالشوق ثم مدت أذرعها بتردد وحملته عنها لتقربه نحو صدرها بحنو 


فاطمه بنبره معاتبه : أيه اللي جابك يانور !؟ 

نور  : ............................


...........................................................


    _ أشتد عليها المرض وزحف عليها الوهن زحفاً ،  كانت تشعر بسكرات الموت تقترب منها لتستخوذ علي روحها التي هي أمانة ملك العباد لديها ..  فشعرت بالرجفه تسري بجسدها والخوف من مواجهة الجبار لها ،  كان أخفاء الحقيقه لسنوات ليس بالأمر الهين عليها ولكنها أُجبرت علي ذلك لحماية هذه البريئه ،  ولكن يبدو أن الوقت قد حان لتفيض بما لديها لعلها تعرف طعم الراحه وتذهب للعالم الآخر بنفسِ غير آثمه 


راضي : يعني خلاص قررتي ياصباح

صباح بنبره ضعيفه أستهلكها المرض : اا ايوه ،  خ خل اص مش ق قادره يا راض ي  ( ايوه،  خلاص مش قادره ياراضي) 

راضي مسيطراً الحزن علي ملامحه : طب أهدي ومتتكلميش كتير ..  الدكتور قال لازم ترتاحي

صباح وهي تهز رأسها : مين فعش ،  لازم أقول اللي عندي ..  يمكن أرتاح ياراضي ..  روحلها ب بسرعه قبل ما يجرالي حاجه  ااه

راضي : حاضر ،  متقلقيش هجيبها لحد عندك ،  متقلقيش

صباح بنبره هامسه : لازم أتخلص من ذنبها اللي عاش معايا سنين ياراضي ،  عشان أقابل ربنا مرتاحة ..  لازم أحكي لرغد علي كل حاجه 

راضي وهو ينهض عن مكانه ببطء : هروح أجيبها هنا حالاً ،  متقلقيش ..  حالا ياصباح ،  بس أستحملي شويه بالله

صباح : ياااااارب ،  ارجوك تمد في عمري لحد ما أتخلص من السم اللي جوايا وأعرفها كل حاجه ..  ارجوك يارب ....


~  وكر الملذات  ~


    ( الفصل الثامن والعشرون ) 


   _ كان هدوئها وبرودة ملامحا مؤشراً سيئا بالنسبه لها ،  فقد ظنت أنها سوف تنفعل وتعنفها ومن المحتمل أن تقوم بطردها وسبها بأقذع الألفاظ ..  ولكنها لم تفعل إي شئ من ذلك ،  فقط أحتوت الصغير بين يديها وتأملته لوقت طويل وظلت مابين الحين والآخر تلقي عليها نظرات اللوم والعتاب..  لم تكن تعرف من إين ستبدأ وماذا ستقول ..  كل ما تعرفه أن الموقف الذي أنحشرت به موقفاً لا تحسد عليه ،  نهضت عن المقعد ثم توجهت صوب والدتها لتجلس جوارها ورددت بلهجه مختنقه


نور : أنا عارفه إني غلطت ،  وعارفه إن غيابي أكيد سبب مشاكل كتير و.... 

فاطمة : انا مش عايزه أسمعك 

نور وهي تقبض علي ساعدها بخفه : لأ لازم تسمعيني ..  لازم أتكلم وأحكيلك اللي حصلي في السنتين اللي فاتوا .. أنا أتظلمت وأتخدعت ..  كنت سلم يوصل لفوق وبعدين يترمي بس دلوقتي الوضع أتغير ياماما ،  أنا عارفه إني غلطت غلطة كبيره صعب تسامحيني عليها لكن صدقيني إن كل حاجه أتصلحت وبقت كويسه  ..  أنا دلوقتي متجوزه آمير ياماما ،  وجواز شرعي مش حاجه تانيه 


  _ قوست فمها ثم رمقتها بإستهزاء وهي تهتف


فاطمه : يافرحه ماتمت ،  عاشت مع راجل سنتين من غير جواز وبعدين كتب عليها لما بقت حامل ،  أنتي شكلك جايه تحرقي دمي

نور وهي تهز رأسها نافيه : لالا ،  اا انا كنت متجوزاه ،  بببس بس عرفي 

فاطمه بعينين متسعتين : عرفي !!   وأيه اللي يجبرك علي كده يابنتي ليه ..  ليه تعملي كده في نفسك وفيا ليه !!  هو أنا قصرت في تربيتك ولا حاجه ؟!  ده انا عمري ما خليتك محتاجه حاجه ..  كنت بستخصرها في نفسي عشانك..  ليه يابنتي ترديلي الجميل بالشكل ده 

نور وهي تبتلع غصه مريره بحلقها : ا انا اسفه ..  والله ماكنت عايزه حاجه من دي تحصل بس غصب عني


  _ نهضت فاطمه عن مكانها ثم وضعت الصغير بأحضان أمه وراحت تجلس علي الأريكة الأخري مبتعده عنها ،  ثم هتفت بحنق


فاطمه : جايه ليه يانور ،  أيه اللي رجعك لبيتي الفقير تاني؟ 

نور : أنتي اللي رجعتيني ،  ابوس ايدك تسامحيني ياماما أرجوكي ..  انا كنت ناوية أجيلك وأعرفك كل حاجه لكن في الوقت المناسب والله 

فاطمه بقهقهه خافته ساخره منها : وقت مناسب!!  اللي هو كان أمتي إن شاء الله ..  قفلي علي الكلام عشان مش طايقه أسمعه ،  الحمد لله أنك نجيتي من تحت أيدي ..  مش عشانك لأ ،  عشان العيل اللي حرام أشيل ذنبه ده


   _ وضعت الوليد علي المقعد ثم راحت تجلس بوضع القرفصاء أسفل قدميها وتقدم لها التوسلات والأعتذارات في حين كانت والدتها تشعر بالألم والضيق


نور : أرجوكي تسامحيني ،  أنا وجودي مع آمير كان أكبر عقاب قبل ما يتجوزني ..  أرجوكي تسامحيني

فاطمه مطبقه علي جفنيها بقوه لتقاوم شعور الحنين لأبنتها  :........... 


.............................................................. 


   _ كانت تراقب المكان وتتفحصه بدقه لأيام عديدة حتي أستطاعت الوصول لمواعيد وجودها ومواعيد خروجها ،  وعندما حانت الساعه وأوشكت علي الوصول ،  وقفت أمام (الڨيلا)  وكأنها تتطلع علي المكان فسألها الحارس بأقتضاب


الحارس : عايزه أيه يابت أنتي؟ 

رنيم وقد أنتابها الخوف قليلاً ولكنها جاهد للتغلب عليه : لو سمحت انا بدور علي شغل ،  مفيش شغل هنا 

الحارس بلهجه متعجله : لأ مفيش أشغال هنا 

رنيم وهي تعض علي شفتيها بحرج شديد : طط طب أسأل أصحاب الڨيلا لو عايزين خدامين أنا مستعده و.... 


  _ في هذه اللحظه أستمعت لبوق سيارة راندا وقد أعلنت وصولها أمام ( الڨيلا)  ،  فأنتبهت لهذه الفتاة الغريبه التي تقف مع حارس البوابه ،  فترجلت عن السيارة ثم رمقتها بتفحص من أخمص قدميها وحتي رأسها وتحدثت متسأله


راندا : أنتي مين وواقفه ليه هنا؟ 

رنيم وقد أختلج شعور الخوف بداخلها : اا ن انا أصلي ... 

الحارس بلهجه رسميه : جايه تسأل علي شغل ياهانم وأنا قولتلها مفيش

راندا وقد أشغلها التفكير : شغل !!   وأنتي بتعرفي تعملي أيه؟ 

رنيم وقد رأت أمامها نقطة أمل جعلتها تنطق بلهفه : اي حاجه ياهانم ،  حتي لو خدامه

راندا وهي تهز رأسها بموافقه : ماشي ،  أدخلي ورايا 

رنيم وقد لمعت عيناها بمكر : أمرك يا..  هانم


  _ أستقلت سيارتها ثم دلفت للداخل لتمرق الرواق المتعدد الأمتار ثم توقفت أمام البوابه الكبيرة المؤديه لداخل ( الڨيلا)  ثم ترجلت وحدجتها بنظرات ثابته وأشارت لها لكي تعجل من خطاها ..  لم تنتظرها بل دلفت للداخل لكي تلحق هي بها


راندا بلهجه غير مباليه : المطبخ عندك من الناحيه دي ،  والدور اللي فوق في أوض النوم والضيوف والحمامات  ،  وهنا في المكتب وأوضة السفره و living  

رنيم وهي تتأمل المكان وتحتفظ بمعالمه في رأسها  : طيب

راندا وهي تلتفت إليها : أهم حاجه عندي نضافة الڨيلا دايما ومبحبش الأخطاء 

رنيم وهي تهز رأسها موافقه : حاضر

راندا مشيره لحواسها : طول ماانتي في بيتي هتكوني طرشه وعاميه وخرسا ،  يعني ملكيش علاقه بأي حاجه تحصل هنا ومتدخليش في اللي ملكيش فيه

رنيم وقد بدا عليها الحنق : حاضر 

راندا وهي تدير ظهرها لتتجه نحو المصعد : أنتي جيتي في الوقت المناسب ،  لأن الخدامه اللي كانت موجوده سابت الشغل من فترة..  مش عايزه أستغني عنك

رنيم بنبره خبيثه :متقلقيش، مش هستغني عني أبدا


  _ شعرت بنشوة الأنتصار بالجوله الأولي ..  أنتوت علي الأنتقام أنتقاماً يليق بحق والديها اللذان حُرمت منهما بفضل هذه اللعوب ..  كما كانت الفرصه قد سنحت له ''  هادي  ''  للتخلص من الأزمة التي تسببها له هذه المرأة ..  لا يستطيع إنكار أن الخطأ خطأه منذ سنوات طويلة،  ولكن حان الموعد للتخلص منها بشكل نهائي ،  فقرر أستخدام عنصر الكراهية الذي نمى بداخل هذه الفتاه وأشعال فتيل الأنتقام داخلها لتكون هي أداةً لتحقيق أنتصاره 


................................................................ 


   _ وبالرغم من عدم رغبتها في الأنصات إليها ،  إلا أن شغفها أجبرها علي ذلك ..  كانت تتوق لمعرفة كل ما مرت به بهذه السنوات التي مضت ،  كانت تشعر بالحنق والغيظ من آمير تارة وتشعر به رجلاً أميناً علي أبنتها تارة أخري ولكن .... 


فاطمة : يعني متأكده أنه حبك؟ 

نور وقد أمتلئت مقلتيها صدقاً : اللي شوفته جوا عينيه بيقول كده

فاطمة بتنهيده مستسلمه : ماشي يانور 

نور بنبرة فضوليه : هو أنتي عرفتي البيت أزاي ياماما؟ 


  _ أبتسمت فاطمة بسخريه ثم سردت عليها ما حدث عندما ذهبت لإصطحاب جارتها رتيبه من مقر عملها لدي عائلة مهران ليذهبا لمسكنهم سوياً .. حينها لمحت فاطمة  ''  نور  ''  وهي تترجل من سيارة زوجها ويتبعها هو للداخل ..  أصابها الذهول والذعر بآن واحد ثم تسائلت من جارتها رتيبة عن هوية هذه الفتاه لتقص عليها 


رتيبه : دي بقي مرات البيه الكبير آمير باشا ،  شكله كده متجوزها من ورا أمه عشان لسه جايبها تعيش هنا من قريب

فاطمة وهي تبتلع ريقها بمرارة : يعني من أمتي كده؟! 

رتيبه وهي تفرك رأسها بتفكير : مش فاكره يافاطنة ،  ليه بتسألي هو أنتي تعرفيها

فاطمة وهي تقبض علي جفنيها بحسرة : دي نور ،  بنتي اللي غايبه ليها أكتر من سنة ونص

رتيبه بشهقه عالية : هااا ،  بنتك ! ؟

فاطمة وهي تهز رأسها بخيبة : أيوه بنتي

رتيبه وقد شعرت بشئ غريب بداخلها : ازاي مخدتش بالي من الشبه اللي بينها وبين الصورة اللي وريتهالي ليها قبل كده 

فاطمة متهكمه : عشان شكلها أتغير وبان عليها العز

رتيبة بنبره أسفه : مش عارفة أقولك أيه يافاطنة ياختي قلبي عندك


    _ أضطربت نور قليلاً عقب أن حدثتها والدتها عن كيفية وصولها إليها ..  ثم رددت 


نور : ومين رتيبه دي؟ 

فاطمة مشيره بيدها للجانب الأخر : دي جارتي الجديدة اللي سكنت هنا بعد ماأنتي ...  مشيتي ،  كانت دايما تقعد معايا وتواسيني ربنا يباركلها

نور رامشة بعينيها عدة مرات : طب وعرفتي شقتي أزاي؟ 

فاطمة وهي تهز رأسها بإستهزاء : سيبت الشغل وفضلت مرقباكي لحد ما عرفت أنك فوق لوحدك ..  وساعتها مترددتش اني..... 


  _ أستمعا لصوت طرقات غليظه علي زجاج المنزل فضربت نور مقدمة رأسها وقد تذكرت زوجها الذي كان بإنتظارها بالأسفل وبالكاد قد علق بذهنه حدوث شئ غير طيب لها ..  فنهضت سريعاً لتفتح الباب وإذ به يقف أمامها منتصباً وحدقتيه مشبعتان بالغيظ ثم هتف بلهجه مرتفعه قليلاً 


آمير : أنتي بتعملي أيه كل ده !! 

نور وهي تشير بعبنبها للداخل : طب أدخل ،  أنا نسيت خالص أنك تحت 


  _ تقدمت فاطمة بخطوات ثقيله نحو الباب ثم حدجته بنظرات شرزه وهي تردف


فاطمة : أنت بتزعق ليه!!  أنت تزعق في بيتك مش هنا 

آمير وهو يقضم أهانتها علي مضض : براحتي ياحماتي

فاطمة وهي تتلوي بشفتيها : كتك حمى 

نور غامزه له : أدخل ياآمير 

آمير واضعا يده بجيب بنطاله : لما صاحبة البيت تأذن ،  أحسن تطردني ولا حاجة


  _ شبكت أصابع يديها سويا ثم غمغمت  مستنكره بخفوت 


فاطمة : علي أساس أنك تعرف الأصول أوي! 

آمير ممسكا بطرف أذنيه : بتقولي أيه ياطنط ،  سمعيني 

فاطمة ملوحة بيدها للداخل : أتنيل أدخل 

آمير وقد أستشف بها الطيبه والحنو : ربنا يخليكي 

نور بإبتسامه هادئه : .......................... 


.................................................................


   _ كانت تجلس وحيدة غرفتها فقط ترتشف الكثير من مشروب القهوة الساخنة ..  كوباً يليه الأخر وهكذا  ،  حتي آتي هو وفتح الباب علي مصرعيه ليجدها هائمة ليست منتبهه له ..  أغلق الباب ثم توجه نحوها وألقى بثقل جسده علي الأريكة جوارها ثم هتف


شهتب : مالك ياراندا !!  مش بتردي علي تليفونك ليه 


  _ نظرت للجهه الأخري لتلقي نظرة علي هاتفها الذي وضعته علي الوضع الصامت ثم هتفت


راندا : مسمعتهوش ،  أنت فين بقالك أسبوعين مختفي ليه

شهاب ماسحا بكفه علي ذراعها : كان في شوية حجات برتبها عشان قررت أسافر


  _ أعتدلت في جلستها ثم ألتفت بجسدها لترمقه بنظراتها المتسائله عن قرب 


راندا : مسافر؟؟  رايح فين وراجع أمتي 

شهاب بجديه وحزم : مش راجع ..  هفتح بيزنس خاص بيا  بره وأنتي هتكوني معايا

راندا وقد أنعقد حاجبيها بذهول : انت قررت من نفسك كده؟  أفرض مش عايزه أجي معاك

شهاب مضيفاً عينيه : مش عايزه!  متهيألي أنك هتصممي على كده خصوصا لما أعرفك إني هبعد عن زيزي

راندا بتهكم : طبعاً بعد ما تقلبها

شهاب بإبتسامه ساخرة : بحبك وأنتي لماحة

راندا وقد شعرت بعدم الأرتياح : بس أنا مش عايزة أسيب مصر 

شهاب محدقا بها : غريبه ! ده أنتي كنتي بتتمني ده..  وأنا رتبت نفسي علي كده ..  وشهير زمانه خلص كل حاجه 

راندا مبتلعه ريقها بصعوبه : غيرت رأيي و.... 


  _ على صوت هاتفه بالرنين فأشار لها لتصمت لحين الأنتهاء من أتصاله ..  كان منتظراً الرد من ساعده الأيمن شهير علي ما أمره به ولكنه نهض عن مكانه فجأة وأحتل الغضب ملامحه ..  حتي عينيه بدت قاتمة أكثر وأكثر وهو يهتف


شهاب : أززززاي ده يحصل وأنت نايم علي ودانك ،  أزززاي يابهيم 

راندا وقد شعرت بالريبه  :............... 


........................................................... 


    ''  ههههههههههاههههههههاااهههههههههههههها  '' 


كانت تلك صوت قهقهته العالية عندما علم بنجاح مخطته ،  كان شعوره بالظفر مسيطراً علي صوته وحواسه ..  ثم كبح حالة الهيستريا التي أصابته وهتف


فارس : يعني الراجل بتاعة كان عايز يتمم بيع نصيب زيزي وأكتشف أن التوكيل أتلغي 

عامر : نفسي أعرف رد فعل شهاب لما يعرف أن الوكالة راحت ليك وأننا بنخرب ورا الحسابات عشان نمسك عليه البلاوي بتاعته

فارس وهو يحك طرف ذقنه : ربنا معانا لحد ما تكمل علي خير ..  عايز أفوق شوية وأخد أجازة طويلة مع رغد 

عامر غامزاً بعينيه : أيوه بقي ياأبوفراس ،  طمني المولود السعيد هيوصل أرض مصر أمتي 

فارس بقهقهه خفيفة : لسه شويه ،  هي في الشهر السادس وقربت تخلصه..  ولو عدي السابع علي خير يبقي هتولد في التاسع إن شاء الله 

عامر مربتا علي ذراعه بحدة : يتربي في عزك ياأبو فراس


   _ بعد أن نعماً بجلستهم الحميمية أنصرف عامر ليختلي فارس بزوجته ،  حيث كان أغلب حديثهم عن طفلهم القادم وتفاصيل حياته ..  أسلوب تربيته ملابسه وطعامه وشرابه ..  مدرسته وتعليمه وكل ما يخصه ،  كانت من أسعد اللحظات لديها عندما يضع رأسه علي بطنها ويُحدث الصغير ويقص له عن والدته التي يعشقها عشقاً بلا نهاية ..  كان يسرد عليه رواية الحب التي جمعتهم سوياً منذ اللقاء الأول ..  وكيف آسرته وأمتلكت قلبه ،  ود لو تخترق عيناه جدار بطنها ليراه ويشتم رائحته ،  فهو يتوق لرؤياه أكثر من إي شئ..  حتي بادرها بأقتراحه الذي بدا لها وكأنه الجنون


رغد محدقه به : نسافر شهر عسل تاني  !!  وأنا بالشكل ده؟ 

فارس بقهقهه علي مشهد بطنها المنتفخ كالبالون : والله هتبقي زي عسل وأنتي ماشية علي البحر ببطنك كده

رغد وقد أستحت من رؤية الناس لها : لأ لأ ،  مقدرش أعمل كده شكلي هيبقي وحش أوي

فارس غامزا بعينيه : عشان خاطري بقي ،  هوديكي بساطة تاني

رغد وقد شعرت بالأغراء في عرضه : أنت بتغريني وعارف إني مش هقاوم

فارس : حاجه زي كده ،  بصي أنا خلاص قررت وهنسافر يعني هنسافر


   _ مسحت بأناملها علي ذقنه الغير حليقه والتي بدأت تنمو حديثاً لتضفي علي وجهه وسامة أكثر فأمسك بكفها ثم راح يقبل أصابعها أصبعاً أصبعاً علي حدة ثم أنهي حديقة قبلاته بقبلة عميقه ببطن كفها ، فطوق خصرها بيده لتستند علي صدره ويشتم عبيرها عن قرب ،  ثم يغوصان معاً بنوبة نومٍ دافئ وعميق


..................................................................


   _  كان صباحاً مشمساً وجوه دافئ ..  فهو فصل الخريف المعروف بهواءه الطيب الرطب ،  كانت صوت حفيف الأشجار وصوت سقوط أوراقها نغماً يسقط علي الآذان ،  حيث أصر فارس علي أصطحابها في جولة لمدينة بساطة مرة أخري ولكن بوجود الضيف العزيز الذي بأنتظاره. 

كانت رغد تنتقي بعض الملابس وتضعها بالحقيبه فيأخذ منها هو ويخبئها أسفله ..  ولكنه لاحظت شئ غير طبيعي بالأمر ،  فالحقيبة لم تمتلئ بعد كل ما وضعته ..  فوقفت أمام الحقيبه ورمقتها بذهول وهي تهتف


رغد : هي الشنطة بتسرب الهدوم ولا أيه؟ 

فارس بصفيرا خافتا : فووو فوو فوووفوفو

رغد وهي تحك جبينها : يمكن الشنطة أكبر مما توقعت

فارس : أنا عايش ومش عايش ومش قادر علي بعدك ،  ولاعايز حبيب قبلك ولا عايز حبيب بعدك


   _ حدجته بنظرات مغتاظه في حين كان ينظر هو لها بزاوية عينيه فعلمت بالبديهة أنه سبب نقص حجم الملابس الموضوعه في الحقيبه ،  فمدت كفها لها ثم صاحت وهي تقول


رغد : فااارس ،  طلع اللي خدته من هنا

فارس مدعياً عدم المعرفه : أنا ،  مخدتش حاجه خالص علي فكرة 

رغد مضيقة عينيها : طالما قولت علي فكرة يبقي بتضحك عليا ،  طلع الهدوم وحطها في الشنطة


  _ نهض عن مكانه ليزداد أتساع فمها بعد أن رأت الملابس أسفل منه ثم هتفت قائله


رغد : أنت قاعد علي الهدوم ،   طب أوعي بقي


 _ ضربت بخفة علي  ذراعه ثم جذبت القميص القطني الذي يرتديه ليبتعد فجذب كفها لتجلس علي حافة الفراش بجانب الحقيبة ثم طبع قبلة جانب صغيره شفتيها وهتف بنبره دافئة


فارس : ماأنا قولتلك أقعدي وأنا هظبط الدنيا وأنتي مش واثقه في قدراتي

رغد بنصف عين : ماأنا مش خايفة غير من قدراتك دي

فارس بقهقهه عالية : لالا عيب عليكي ده أنا محترف 


   _ أستمعا لصوت قرع علي الباب فزفر فارس أنفاسه بحنق ثم أشار لها وهو يقول 


فارس : خليكي هنا أوعي تتحركي ،  فيمتو ثانيه وراجعلك

رغد وهي تدفعه للخارج : طب يلا بسرعه وأنا مستنياك أهو 


  _ دلف للخارج وهو يدندن بصوته مغنياً حتي وصل للباب وأدار المقبض لفتحه فتفاجأ بوجود  ''  راضي ''  أمامه ..  ويبدو علي وجهه الحزن والقلق ..  فجذبه للداخل بهدوء ثم نطق بتوتر قائلا


فارس : مالك ياراضي ،  حصل حاجه ولا أيه؟ 

راضي مطأطأ رأسه للأسفل : في موضوع مهم قوي يابشمهندس وعايزك فيه أنت والست رغد

فارس عاقدا مابين حاجبيه : أنا ورغد؟! 

راضي بإرتباك ملحوظ : موضوع مهم جدا ،  حياة أو موت 

فارس وقد أرتجف قلبه وأنقبض داخل ضلوعه  : في أيه ياراضي !؟ 

راضي وقد توقفت الحروف بحلقه : .....


~  وكر الملذات  ~


    ( الفصل التاسع والعشرون ) 


    _ تندى جبينه بقطرات العرق وزاد شحوب وجهه عندما تسائل  ''  فارس  ''  عن سبب رغبة زوجته المميته برؤية  ''  رغد  ''  بماذا سيجيبه فالأمر برمته صعب الأستيعاب والتعقل ولكنه جاهد للتملص منه علي أن زوجته تود رؤيتها لكثرة حديثه عنها..  وانها طريحة الفراش لا تقوى علي الذهاب إليها ،  فما كان من فارس إلا الموافقه علي رغبته بمضض. 


رغد بعدم إكتراث  : خلاص يافارس مش مشكلة نأخر السفر ساعة زمن

فارس بلهجه متذمره : طيب يارغد ،  ألبسي ويلا بينا نخلص المشوار اللي مكنش علي البال ده عشان نرجع


   _ أرتدت ثوب فضفاض واسع حتي لا يبرز تفاصيل بطنها المنتفخه والتي أستحت الظهور بها أمام العامه ،  فقد أرتدت فستان خريفي ذات ألوان خضراء زيتونيه تتناسب مع لون عينيها ،  ذات فتحة صدر بيضاوية ليست واسعة ،  كما زُين الأطار فصوص الجُعران الأخضر الصغيره وكذلك أكمام الثوب ..  أصطحبها فارس ورافقهم ''  راضي  ''  حتي يستطيعان الوصول للعقار القديم الذي يقطن به راضي وزوجته  ،  حيث كانا يعيشان بالطابق الأرضي من العقار ..  كانت رائحة المنزل طيبه وكأنها المسك والعود وبخاصة حجرة السيدة المريضه  ''  صباح  ''  أستشعرت رغد الراحة بهذا المكان وأتسع صدرها من رائحته ..  جلست رغد وجوارها فارس علي الأريكة القديمة التي تقابل فراش السيدة في حين سلطت ''  صباح  ''  بصرها عليها لدقائق مما جعل رغد تشعر بشئ مريب في الأمر في حين بادرتها صباح بصوت متقطع


صباح  : ماشاء الله عليكي ،  مكنتش متخيله أنك كبرتي كده 

رغد وقد أنعقد ما بين حاجبيها :.... 

فارس محاولا التخفيف عنها : ربنا يشفيكي يارب ياست صباح ،  متقلقيش هتعدي إن شاء الله 

صباح بإبتسامة من زاوية فمها : خلاص يابني ،  الأجل علي الباب ،  عشان كده طلبت أشوفكو ..  عشان أخلص ضميري قدام ربنا 


  _ ظن فارس أنها تهذي وتتحدث بحديث ليس له قيمة علي حين كانت رغد عكسه تماما ..  حيث طغى عليها الأحساس بوجود لغز بهذا المنزل ..  سينكشف لها لا محاله ولكن تتوق لمعرفته سريعا ،  لذا فأردفت تقول... 


رغد مترقبه : حضرتك عايزه تقولي حاجه معينه !!  أحنا سامعينك


   _ أدمعت عينيها ثم أبتلعت ريقها بصعوبه وكأنه يأبى المرور من حلقها ..  ثم تابعت بنظرات نادمه


صباح : عايزاكي الأول توعديني ،  آآ..  أ أوعديني تسامحيني 

رغد وقد شعرت بالريبه : أسامحك!!   أسامحك على أيه هو أنتي تعرفيني من قبل كده؟ 

صباح وهي تطبق بقوه علي جفنيها : أيوه ،  أنا جزء من ماضيكي ،  أنا المفتاح يابنتي


   _ نظر فارس صوب  ''  راضي  ''  نظرات فضوليه متسائلة ولكن قابله راضي بنظرات منكسره يملأها الحزن ..  في حين نهضت رغد عن مكانها وجلست علي فراش السيده بحذر ثم هتفت بنبره متألمة


رغد : أرجوكي تتكلمي بوضوح ،  تعرفيني أزاي ومنين؟ 

صباح : أعرفك وأعرف أمك كمان 

رغد بتلهف شديد : تعرفي أمي!!  مين هي فين ..  تعرفي مكانها !!  هي مين وفين مكانها

فارس بتوجس : قولي ياست صباح ،  مين أهلها! 

صباح بنبره خافته  : راندا ،  أمك تبقي راندا محمد رشيد 

رغد وقد شعرت بهاله من السواد تغطي ناظريها : م مين!؟ 


   _ تشنجت عضلات وجهه وعبست فجأه ثم نهض عن مكانه بأندفاع وهدر بنبره صادحه وهو يهتف


فارس : قومي يارغد عشان نمشي،  مش ناقصه تخريف علي الصبح

راضي وهو يضغط علي ساعده بخفه : فارس بيه ،  ده مش تخريف أسمع منها للآخر

فارس نازعا ذراعه من قبضتة بعنف : أسمع أيه وزفت أيه ،  علي أخر الزمن الست ال.....  دي تبقي أم مراتي وجدة أبني أنت خرفت ياراضي علي كبر ولا أيه 

رغد وهي تهز كفها بأنفعال : أمي أزاي ،  قولي كل اللي تعرفيه

فارس بلهجه منفعله : أنتي صدقتي أنتي كمان 

صباح وقد أصابها الآلم : اا انا ،  أنا كنت الخدامه بتاعتها ،  انا اللي سلمتك بأيدي للشرطه..  انا

فارس مبتلعا ريقه بصعوبه وقد سيطر عليه الذهول  :... 

رغد وقد أدمعت عينيها : طب ليه عملتي فيا كده  !!  ليه ؟

صباح وقد آلمها قلبها : كنت عايزه أحميكي ،  كنت ببعدك عن جبروتها وقسوتها

رغد وهي تهز رأسها بعدم تصديق : مش مصدقاكي

صباح وهي تلتقط أنفاسها بصعوبه : لازم تصدقيني ،  أمك كانت عايزاني أرميكي في النيل ،  كانت خايفه من جوزها يرجع ويلاقيها كانت حامل وخلفت كمان ..  مكنش قدامها حل تاني غير انها تخلص منك وانا مكنش قدامي غير اني أخدعكوا كلكوا وأفهمها أنك موتي 

رغد وهي تتحسس بطنها التي أنقبضت فجأة : ايه كمان!؟ 

صباح وهي تسترجع ذكرياتها : وديتك القسم وقولت إني لقيتك ،  وهما حولوكي علي دار الرعايه اللي كان شغال فيها راضي ساعتها بس أستريحت واطمنت أنك هتفضلي تحت عينا ،  هتكبري واحنا شايفينك..  كنتي بنتي اللي مخلفتهاش ،  مكنش يعدي عيد ميلادك غير لما ابعتلك الهديه ولا كان يعدي شهر الا لما أبعتلك الصندوق ..  مكنتش عايزاكي تحسي أنك اقل من اي حد 

رغد وقد شعرت بصعوبة خروج الكلمات من فوهتها : يعني أمي كانت خاينه!! ؟ يعني أنا بنت زنا 

فارس : رغد !! 

رغد وقد أنهمرت الدموع كشلالٍ لا ينقطع : يعني أنا جيت من الحرام !!  طب وأبويا مين؟  هو فين ..  وأزاي سمحلها تعمل فيا كده 

صباح وهي تهز رأسها بأسف : معرفش هو مين ،  اللي أعرفه أنه هو نفسه اللي هدد أمك عشان تنزل الحمل وهددها تاني لو مخلصتش منك

رغد وقد أطلقت تأوه : ااااااه 


   _ خطي نحوها ثم جذبها عنوة لكي يخرجها من هذا المكان علي الفور فقد وصلت لحالة لا يرثي لها ..  كانت تقاومه بكل ما أوتيت من قوة فهي لاتزال تحتاج لبعض الأجابات علي أسئلتها 


فارس : رغد كفايه أمشي أرجوكي 

رغد وقد أمتزج صوت بكاؤها بحديثها :وهي عارفه أني عايشه !!  تعرف أني أتربيت في دار بأسم مش أسمي وعشت مش معروف مين أهلي ،  تعرف كل ده!؟ 

صباح وهي تضغط علي صدرها الذي شعرت بوغزه به : معرفش يابنتي ،  أنا عملت اللي عليا وحافظت عليكي أنا وجوزي من بعيد ،  لحد ما ربنا عوضك بجوزك

فارس وهو يجذبها بهدوء : لو مش هتمشي معايا هضطر أشيلك يارغد


   _ تركت قدميها تتحرك لجاذبيته لها حيث خرج بها سريعاً ثم توجه لسيارته المصفوفه أمام العقار وأجلسها بالسيارة ثم أستقل مكانه خلف المقود وقادها بسرعة ..  حاول مراراً التحدث إليها ولكنها رفضت الأستماع لحديثه ،  لم تكن الصدمه لها فقط بل له أيضا ، أيعقل أن هذه الملعونة هي والدة زوجته وأمها !!  كيف يحدث ذلك ..  لقد تعدي ما حدث الكابوس بمراحل متعدده ..  كابوساً لا يقوى إيا منهم علي مجابهته ،  كيف سيعيشيون بهذه الحقيقه المُره..  كيف!!  كاد عقله يحترق في حين كان قلبها هي قد أحترق بالفعل من هول الفاجعه التي تلقتها ..  لقد عاشت سنوات عمرها تمني نفسها بلقاء والديها يوماً  ولكن لم تتمني أن تكون هذه هي الحقيقه ،  فالتنشق الأرض لتبتلعها الآن ..  هكذا تمنت. 


............................................................... 


   _ تلقي الأمر بصعوبة بالغه ..  شعر بالأهانه وإنه علي وشك السقوط للهاوية..  كل شئ يتحطم أمامه ،  فماذا هو بفاعل ؟ 


شهاب وقد أحتل الغضب نبرته : بقولك العقود أتسرقت مني ومفيش حاجه تثبت إني مالك نص الشركه ياغبي

شهير وقد أنتابه الذعر : ياباشا أزاي بس الكلام ده ،  مش أنت قولتلي هتسجل العقد في الشهر العقارى 

شهاب وهو يضرب الحائط بقبضته : متنيلتش ،  أتشغلت بألعاب ولاد مهران ونسيت أوثق العقد 

شهير وهو يبتلع غصه علقت في حلقه : يبقي حلال عليهم ياباشا 

شهاب بصراخ : أنت بتقول أيه ياحيوان ،  شوفلي صرفه ..  النهارده الأمن رفض يدخلني الشركة بأوامر من آمير يعني هو عارف أن العقد مبقاش معايا يبقي هو اللي وراها 

شهير وهو يحك مؤخرة رأسه : طب والعمل؟ 

شهاب بنبره متوعده : لو هتوصل أني أجيب أهل بيته تحت رجلي عشان العقد ده هعمل كده ، ويبقي يوريني نفسه 

شهير بتوجس : اا أهل بيته !!  دي كده هتخرب خالص !! 


......................................................................


    _ حبست نفسها بغرفتها وأوصدت الباب حتي يبتعد عنها ..  كيف لها أن تواجهه بعد أن كان يسب هذه السيدة أمامها ،  فهي الآن أم لها ،  فكيف ستواجهه وتنطر لعينيه ..  كيف تكون زوجة له وهي أبنتها ..  

أطاحت بكل أدوات الزينه ومتعلقاتها التي تأخذ موضعها أعلي منضدة الزينه ثم أخرجت كل ثيابها من الخزانه وألقتها علي الأرضيه وهي تصرخ بأعلي صوت لديها وتبكي بكاءا حاراً يدوي صوته بالغرفه ..  ثم توجهت نحو حقيبة السفر وأفرغتها علي الأرضيه فوقعت عينيها علي زجاجة عطر زوجها فأمسكت بها وقذفتها لترتطم بالمرآه الكبيرة الملتصقه بمنضدة الزينه وتسقط المرآه قطعا صغيرة ..  بينما ظل هو يصرخ بها لتفتح الباب ولكن دون جدوي ..  جاهد لكسر الباب ولكنه لم يستطع فقام بأحضار آله حادة من المطبخ لتساعده علي أختراق الباب وكسره حتي نجح بذلك ..  وجدها تجلس علي الأرضيه وسط هذه الحالة المزرية التي عليها الغرفه،  تقطع بالثياب وتمزقها بأظافرها وهي تصرخ بقوه فأندفع نحوها ليجذبها بعيداً ولكنها قاومته بقوه ..  وفي النهاية خارت قواها أمامه 


رغد وهي تصرخ به : أبعد عني ،  متلمسنيش سيبني ..  سيبني بقولك

فارس بنبره مرتفعه : أهدي يارغد أرجوكي ،  أهدي مش كده

رغد بصراخ : ليييييه تعمل فيا كده أنا ذنبي أيه ،  ذنبي أيه أعيش مجهول نسبي وهي عايشه ليه

فارس محتضنا رأسها بين راحتيه : أهدي ياحبيبتي ،  اللي أنتي عايزاه هعمله بس أرجوكي تهدي ونتكلم بعدين وحياتي 

رغد وهي تدفع يده عنها : أبعد عني ،  أحنا مش هينفع نعيش مع بعض ..  مش هنقدر نبص في وش بعض تاني

فارس جاحظا عينيه : بتقولي أيه!؟  أنتي أكيد مش مدركه لكلامك دلوقتي أهدي و.... 

رغد وقد على صوت بكاؤها : أنا مش مجنونه ،  أنا مش عايزه أكمل معاك ومش هقدر ..  أنا تعبت ،  والله العظيم تعبت واللي بيحصلي فوق طاقة إي بشر ..  أنا أتولدت عشان بس أحارب الدنيا اللي دايما جايه عليا وكأن مفيهاش غيري ،  والله تعبت ومش قادرة خلاص .. أنا بستسلم وبعلن أنها قدرت توقعني وتهدني 

فارس متمسكا بذراعيها : رغد!!  أنتي بتتخلي عننا!؟  أزاي خطر علي بالك إني ممكن أستغني عنك مهما كان السبب

رغد وهي تقبض علي رأسها من شدة الآلم : أنا بستغني عنك وعن نفسي ،  لو بأيدي أستغني عن الدنيا دي كنت عملتها ..  مش عايزه الدنيا دي ،  دنيا كله بيستني الفرصه عشان ينهش في التاني ..  الأخوات واقفين في وش بعض والأم بترمي بنتها عشان تعيش دنيتها بحرية ..  كله ماشي بمبدأ أناني وجشع ،  كله بيضحك ويكدب علي التاني ،  وكله بيكره بعضه ومحدش بيتمني الخير للتاني ..  ليه بيحصل كل ده ،  أنا بكره الدنيا دي ..  دنيا الملذات والشهوات وكله عايش عشان نفسه ومش مهم غيره ..  اااااااااه 


   _ جذبها عنوة عنها لتندفن رأسها بصدره وتبلل عبراتها صدره ،  ليخترق آلمها صدره لعله يخفف عنها ،  أراد لو يمتص كل ما داخلها من وجع ولكنه لا يستطيع ،  دمعت عيناه من أجلها وشعر بالعجز لأول مرة بحياته .. شعوراً بقلة الحيله يسيطر علي كيانه فماذا سيفعل من أجلها لا يعلم ! 


................................................................... 


   _ نظرت حولها بأرتباك ملحوظ ثم نظرت لشاشة هاتفها الصغير التي تضئ معلنة عن أتصال هاتفي فضغطت عليه للرد ثم تابعت مراقبة خلو المكان من حولها 


رنيم : ألو ،  هنفذ النهاردة .. مش هينفع أستني تاني ،  سمعت أنها ممكن تسافر وساعتها كل اللي عملته هيضيع،  أنت ملكش علاقه بالموضوع به ..  أنت يدوب بس عرفتني مكان البيت وأنا نفذت كل حاجه..  انا هقفل دلوقتي عشان هي نازله 


   _ أغلقت هاتفها لتجدها تهبط الدرج ببطء فتوجهت صوبها بملامح جامده خاليه من التعابير في حين تحدثت الأخري قائله


راندا : رنيم ،  في إي تليفون جالي ؟ 

رنيم وهي تهز رأسها نافيه : لأ ياهانم

راندا وهي تنظر لساعة يدها : طب أنا هاخد شاور ومتنسيش القهوة بتاعتي معادها بعد ساعتين من دلوقتي

رنيم وهي تومئ رأسها وقد لمعت عيناها بمكر خفي : حاضر 


رنيم في نفسها : أخيراً بيني وبين حلمي خطوة واحده بس ،  النهاردة بس هنام مرتاحة وهتناموا مرتاحين ياأغلي ناس عندي


.................................................................. 


    _ كانت تتألم بقوة لرؤية هذا الحال الذي عليه أبن أخيها ولا تستطيع مساعدته ..  ربتت علي كتفه ورددت ب..... 


تفيده : ياحبيبي متعملش، في نفسك كده 

فارس دافناً وجهه براحتي يده : أطمنتي عليها ياعمتي! 

تفيده وهي تطلق تنهيدة مشتعله : أيوه أطمنت عليها ،  لسه نايمه بس ياحبيبتي عينيها زي ما تكون صاحيه ..  مش مبطله دموع

فارس قابضاً علي عينيه : أعمل أيه أنا دلوقتي ،  راندا!!  راندا ياعمتو ..  مش مصدق اللي بيحصل أزاي دي أم دي ..  الكائنه البريئه دي أزاي تكون الشيطانه هي أمها

تفيده و هي تهز رأسها بأسف : طب ناوي علي أيه!  مراتك حامل والزعل وحش علي اللي زيها

رغد : أنا عايزه أروح لم.....  لراندا


  _ نطقت بعبارتها وهي تقف علي أعتاب غرفتها ويبدو علي وجهها الضعف الشديد وقد وهنت عينيها من كثرة البكاء ،  فنهض عن مكانه وخطي نحوها وهو يردف


فارس : تروحي لمين!!  أنا مقدرش أسيبك تروحي لواحدة زي دي برجلك

رغد مبتلعه أهانته لوالدتها بضيق : مينفعش ،  لازم أواجهها لأول مرة ..  يمكن تقول حاجه تشفعلها عندي ،  يمكن تقدر تخليني أسامحها 

فارس بعدم تصديق : ناقص تقوليلي هتخلي علاقتك بيها علاقة أم وبنتها

رغد وهي تبتسم من زاوية فمها بسخرية  : مستحيل حاجه زي دي تحصل ..  ولو فكرت أعمل كده هيمر قدامي شريط واحد وعشرين سنة مروا من حياتي وأنا بتوجع كل يوم

تفيده : خليها تروح يافارس 

فارس بأنفعال : أزاي بس ياعمتي؟!  مش هتقدر تعمل كده مش هتتحمل ..  أنا كده بوديها للأنهيار بأيدي


   _ جذبت كفه وكادت تقبله لكي يوافق علي ذهابها ولكنه جذب كفه فجأة ونظر لها بعدم تصديق ..  رأي بعينيها أشباه روح ،  نعم ..  فهي حية وليست حية ،  عليه تنفيذ ما طلبته لو كلفه الأمر ماذا 


رغد وقد أمتلئت عينيها بالدموع : هتسيبني أروح؟ 

فارس وهو يهز رأسه :.......... 

تفيده وهي مطرقة رأسها للأسفل : لاحول ولا قوة إلا بالله 


    _ أستجاب لها ورافقها حيث  ( ڨيلا)  راندا رشيد ،  كانت تجلس في مقعدها بإنكماش علي نفسها في حين قاوم هو رغبته في ضمها لأحضانه..  كان يري بضعفها مرضاً يأكل من زهرة شبابها ونضرة وجهها ،  لم يتحدث بل رغب بتركها تهدأ قليلا ..  حتي توقف فجأه أمام أحد البوابات الرئيسية فخفق قلبها بشدة ..  حيث شعرت بقرب لحظة المواجهه ،  كم خشيت منها ولكن لابد منها وحتما ستقوم بها ..  ألتقطت نفساً عميقاً ثم ترجلت عن السيارة وأستدارت لتجده ترجل هو أيضا


رغد : أنا هدخل لوحدي 

فارس : مقدرش أسيبك لوحدك

رغد وهي تهز رأسها بأعتراض : مش هينفع النهاردة بالذات ،  مش هينفع يافارس ..  سيبني أعمل اللي يريحني

فارس : وبعدين يارغد! ؟

رغد بنبره ضعيفه : معلش ..  أخر طلب

فارس : .....  


   _ بدأت تخطو للداخل عقب أن سمح لها الحارس بذلك ،  فكان لديه الأمر بترك الزائرين للدخول إليها طالما هي متواجدة بالمكان ..  كانت تشعر بثقل حملها وثقل خطواتها ،  كان الجنين يركل بطنها من حين لآخر وكأنه يرجوها لعدم فعل مثل هذا الشئ ،  فمسحت علي بطنها بهدوء وتنفست بعمق قبيل أن تضغط علي مفتاح الجرس ..  حتي أعتلت الصدمة ملامحها عندما رأت رفيقتها بالدار مسبقاً هي التي تقف أمامها ..  في حين أرتجفت الأخري وشعرت بالذعر من هول تلك المفاجأة 


رنيم : رر رغد!!  بتعملي أيه هنا!؟ 

رغد بلهجة متسائله : أنتي اللي بتعملي أيه هنا يارنيم،  وخرجتي من الدار أمتي؟ 

راندا وهي تأتي من الداخل : مين يارنيم! ؟ 


  _ وقفت محلها ولم تتحرك خطوة واحده عندما رأتها ..  ثم تقدمت خطوتين وهي تهتف بلهجة مُرحبه


راندا : أهلا يارغد أهلا ،  قصدي يامدام رغد 

رغد وهي تتأمل ملامحها : .... 

راندا مبتلعه ريقها بصعوبه : هتفضلي واقفه كده! 

رغد : عايزاكي في موضوع

راندا مشيره للداخل : طب أدخلي نتكلم جوه..  رنيم حطيتيلي القهوة فين؟ 

رنيم بتوتر : في المكتب ياهانم

راندا مشيره بأصبعها : طب انا هجيبها وأعملي للهانم حاجه تشربها

رغد :مش عايزه ،  ياريت نتكلم علي أنفراد دقايق ومش هأخرك


   _ أشارت لها نحو حجرة الجلوس ثم أستأذنتها لتحضر قهوتها ..  أرتشفت البعض منها ثم تركته علي المنضده الخشبيه الصغيره ثم نظرت لها بعاطفه  وهتفت 


راندا :أؤمري يارغد

رغد وهي تقبض علي أصابعها  بقوة : ليه عملتي كده فيا؟ 

راندا وقد بدأ الأرتباك يظهر عليها : عملت فيكي أيه!؟ 

رغد وقد تغرغرت عيناها بالدموع : أنا متأكده أنك فهماني وتعرفي كل حاجه ..  عشان كده جيتي يوم حفلة السبوع 


   _ ألتقطت كوب القهوة بتوتر ثم تجرعت منه الكثير وتركته مرة أخري ورددت 


راندا : أنا مش فاهمه بتكلمي عن أيه؟ 

رغد : لا فاهمه ،  ليه رمتيني ،  ليه مشوفتيش حل تداري بيه أثمك غير أنك تموتيني

راندا بتعلثم : اا ن انا ...  

رغد بنبره ممزوجه بالبكاء : أنتي أيه !! ؟ أنتي مستحيل تكوني بني أدمه

راندا وقد ترقرقت عبرة من عينيها : سامحيني يابنتي ،  انا ... 

رغد بصرخة مدويه : أخررررسي ،  متنادينيش بنتي..  أنا مش بنتك مستحيل 

راندا : ....  

رغد : ليه تعيشيني حاسة بالنقص عن كل اللي حوليا دايماً ..  أزاي تعملي كده 

راندا بنبره نادمه أختلجها صوت البكاء : كنت عاميه ولهياني الدنيا يابنتي ،  فوقيني من غفلتي يمكن ربنا يسامحني وأنتي تسامحيني

رغد : أزاي هنت عليكي ،  أحنا كنا بناكل سوا ونشرب مع بعض لمدة تسع شهور   ،  كان أكلنا وشربنا واحد ،  أزاي قدرتي تنسي وترميني..  أزاي كنتي عايزة تخطفي أنفاسي وتسرقي عمري وأنا لسه حتت لحمة صغيره ..  أزاي هنت !! 

راندا وقد على صوت نشيجها : ...... 

رغد : سنين وأنا عايشه في مجتمع قذر ،  بيحاسبني على أخطاء ناس معرفهاش ..  وكأني أنا المذنبه عشان بس معرفش مين أبويا ومين أمي ..  وكأني وصمة عار علي المجتمع ده ..  ميعرفوش إني المجني عليها مش الجانية ،  ميعرفوش إني جيت الدنيا بذنب أم ربنا شال من قلبها الرحمة وقلبها كأنه حجر 

راندا بشهقات عاليه : أرجوكي أسكتي ،  أرجوكي 

رغد بنبره متشنجه : بيوجعك كلامي أوي ،  أتوجعتي!!  هو أنتي بتحسي زينا كده عشان تتوجعي ..  طب كان فين أحساسك واحد وعشرين سنه ،  كاااان فين !! 

راندا وهي تدفن رأسها بكفيها : .......... 

رغد وهي تطبق بقوة علي جفنيها لتنهمر منهما الدموع : ياريتني عشت معرفش مين أهلي ..  كان هيكون أهون عليا من أن واحده زيك تكون هي .....  مش قادره حتي أنسبك ليا بأي صفه ،  مش قادره

راندا  : ....... 

رغد ساخره منها : بتعيطي!!!  

عيطي  ، يمكن الدموع دي تغسل ذنوبك ،  يمكن ربنا يسامحك ..  لكن أنا مش مسامحاكي ،  مش مسامحاكي لحد موتي


   _ كانت رنيم تستمع لحديثهم وهي تشعر بمرارة الآلم ،  لا تصدق ما سمعته ..  هل وصل بها الامر للتخلي عن أبنتها ،  في كل يوم يمر عليها الوقت بهذا البيت يزداد إيمانها بأن الموت هو الحل الأسلم للتخلص من هذه الوباء الذي يسير علي الارض في هيئة بشر ..  تحركت رغد ببطء لتدلف خارج حجرة الجلوس فتحركت رنيم للخلف قليلاً حتي لا تراها ،  فخرجت خارج ( الڨيلا )  لتجده أمامها.. 

أرتمت بأحضانه وأجهشت بالبكاء ،  فطوقها بذراعيه وجذبها لخارج هذا المكان  ..  في هذا الحين خطت رنين داخل حجرة الجلوس لتجد راندا مازالت بمكانها وتنسال دموعها بصمت علي وجنتيها فأبتسمت بتهكم ورددت


رنيم : مكنتش متخيله أنك زبالة أوي كده

راندا وقد أنعقد ما بين حاجبيها : أنتي أتجننتي ،  أنتي أزاي تكلميني كده

رنيم متهكمه : لسه بتأوحي ،  الموت حلال فيكي يا..... 

مش ندمانه ولا عمري هندم إني أخدت منك باقي عمرك

راندا رامشه بعينيها :...... 

رنيم وهي تهز رأسها مؤكده : أيوه ،  أنا اللي جيت أسرق منك حياتك ..  زي ما سرقتي مني حياتي وسرقتي مني حلم إني أعيش جوه أسرتي زي إي بنت طبيعيه

راندا وقد شعرت بتجمد الدماء في عروقها : اا انتي بتقولي أيه!! ؟

رنيم ونيران الأنتقام تقفذ من عينيها : بقول أنك هتموتي دلوقتي ،  القهوة اللي شربتيها دي ..  كلها سم


   _ أطاحت راندا بفنجان القهوة ثم نظرت لها بعدم إكتراث ،  وكأن هذا ما أرادته ،  في حين هتفت رنيم بلهجه متشفيه


رنيم  : حالا مش هتحسي بالدنيا من حواليكي ،  هتحسي بس برحلة العذاب اللي هتشوفيها قدام ربنا وهو بيحاسبك علي كل أفعالك


   _ شعرت بروحها تتهرب منها تدريجيا ،  وكأنها تنسحب من بين أصابع قدميها ..  كان الآلم مسيطر عليها ولكنها تماسكت لكي لا تظهره ..  فأنتشلها الموت بلا رحمه ليسكن جثمانها بلا حركه  و....... 


.................................................................. 


   _ كان مسلطا بصره علي الطريق تارة وتارة أخري يراقبها وهي تجلس جواره ..  فمد يده نحو يدها وشبك أصابع كفه بأصابعها لتنتشل هي كفها بهدوء ولكنه قبض عليه متمسكاً به وهتف 


فارس : متشيليش أيدك من أيديا 

رغد  : فارس أرجوك

فارس ملتفتا إليها : ياريت تسكتي بقي شوية ،  أنا عملتلك اللي أنتي عايزاه أظن كفاية كده ..  أنا عارف أن اللي حصل مش هيتنسي وأنك موجوعه منه ،  وعارف أنك خدتي صدمه مش قدها ،  بس اللي بتعمليه في نفسك مش هو الحل يارغد ..  أنا عايش وأنتي عايشه وأبننا بيتنفس جواكي ،  حطي ده في دماغك يارغد ..  متتخليش عن حياتنا أرجوكي

رغد وهي تومئ رأسها بحزن : ....... 


    _ تنهدت بقوة ثم أستندت برأسها علي المقعد لتضرب رأسها ذكري رؤيتها لرنيم في منزل راندا،  حملقت عينيها بقوة حين تذكرت ذلك الأسم الذي كثيراً ما أطلقته رنيم علي أذنيها ..  أذن هي التي تنتوي الانتقام منها وقد جاءت إلي حيث هي لتنفيذ مخططها للنيل من هذه السيده ..  خفق قلبها بشده ثم قبضت علي ذراع فارس ورددت بلهجه مرتعشه


رغد : فارس ،  أرجع بسرعه علي بيت الست دي ،  بسرعه 

فارس : ........


~   وكر الملذات  ~


     ( الفصل الثلاثون_ الأخيرة ) 


الجزء الأول /


    _ شعرت بنشوة غير عادية ،  لقد مرت عليها سنوات وسنوات أنتظرت بهم لتعيش هذه اللحظه ..  لحظة الثأر لوالديها اللذان فقدتهم علي حين غرة ،  نزعت عنها ''  المريله  ''  ثم خطت بهدوء وحذر حتي لا تفسد شيئا وألتقطت حقيبتها الصغيرة التي قد أعدتها مسبقاً ثم توجهت صوب الباب لتفتحه وتتفاجأ برجوع رغد مرة أخري. 

نظرت لها رغد بريبة وكأنها تسألها بعينيها فطأطأت الأخيرة رأسها للأسفل ،  توجهت نحوها ثم هزتها بعنف وهي تهتف


رغد : أنتي عملتي أيه!!  عملتي فيها أيه

رنيم والبسمة تعلو ثغرها : قتلتها ..  خلصت الدنيا كلها منها

رغد وقد شعرت بساقيها و لم تعد تقوي علي حملها :..... 

فارس بنظرات زائغه : أنتي بتقولي أيه،  قتلتيها ازاي وليه؟! 

رنيم بقهقهه غير مدركه : ماهي كان اا لازم تموت..  بعد ما حرمتني من أهلي ورمتك في الشارع وبهدلت أسر وعائلات

كان لازم تكون نهايتها شبهها


   _ دفعتها رغد بعنف ثم دلفت للداخل ورمقتها من بعيد ،  ترقرقت عينيها بدموعاً ساخنة ثم رددت بخفوت 


رغد : ربنا يسامحك ،  ربنا يسامحك 

فارس ممسداً علي رأسها : يلا يارغد ،  لازم نمشي من هنا بسرعه


   _ سارت معه وهي تشهق شهقات مكتومه ثم وقع بصرها عليها وهي مسلطة البصر عليها ..  فهتفت ب..... 


رغد : أمشي من هنا بسرعه ،  أمشي وكأننا متقابلناش 

رنيم محدقه بها غير مصدقه : اا نتي .... 

رغد بنبره مرتفعه : قولتلك أمشي من هنااا ،  يلا


   _ جابت المكان بناظريها ثم توجهت صوب المطبخ لتخرج من خلاله في حين دلفا هما سويا للخارج ،  كان تفكير فارس منصباً علي كيفية إبعاد الشبهه عنه وعن زوجته ..  فرمق الحارس بنظرات ذات مغزي ثم هتف له 


فارس : النهاردة أخر يوم ليك هنا

الحارس قاطبا جبينه بعدم فهم : أفندم! ؟

فارس بجدية : زي ما سمعت ،  النهاردة أخر يوم هشوفك فيه هنا ..  باقي حسابك وزيادة عليه هتاخده مني ،  ومدام راندا مبقتش محتاجه حرس علي البوابه


  _ نظر الحارس بعينه للداخل ثم أخذ يفكر ملياً بالعرض الذي عُرض عليه فوجد به ربحاً وفيراً له ..  فردد قائلا


الحارس : هتديني كام؟ 

فارس بأبتسامة ماكرة : متقلقش ،  هتتبسط

رغد : .......... 


.................................................................. 


فارس : يعني كنتي عارفة كل حاجه وساكته!! 


   _ هكذا قال فارس لوالدته التي ذهب إليها ليعلم مدي حقيقة الأمور ..  فهي كانت صديقه لهذه السيدة منذ سنوات عدة ولكن أنقطعت علاقتهم ،  فرمقته عثمت بنظرات عابسه ثم تحدثت ب..... 


عثمت : أيوة كنت عارفه ،  عشان كده قولتلك متنفعكش ،  حاولت كتير أبعدك عن الموضوع ده لكن مفيش فايدة 

فارس بلهجه معاتبه : طب ليه مقولتليش ،  يمكن ساعتها كنت قدرت أوصلها الحقيقة بنفسي

عثمت وهي تهز رأسها بأسف : أفتكرت الحقيقة دي هتعيش وتموت معايا ،  مكنتش أعرف أن صباح لسه عايشه وعينها علي رغد 

فارس  : .......... 

عثمت وهي تقترب من الأريكة الجالس عليها : وهي مراتك فين دلوقتي؟ 

فارس فاركاً وجهه بكفيه : سايبها مع عمتي ،  ونفسيتها في الأرض ..  معرفش ليه كل ده بيحصلها هي بالذات 

عثمت : فارس ،  أيه اللي بتقوله ده يابني؟  

فارس وهو يطلق زفيراً مختنقاً : أنا لازم أمشي عشان أكون جمبها ..  يمكن أكون سبب في رجوع ضحكتها

عثمت بإبتسامه عذبه : ربنا عوضها بيك ياحبيبي ،  عشان كده محدش قدر يبعدك عنها

فارس :......... 


   _ كاد يخرج من حجرة المعيشه إلا أن زوجة أخيه أستوقفته وهي تحمل صغيرها ثم أبتسمت له بعفوية ومدت يدها بالصغير نحوه ..  فأبتسم فارس بعاطفة نحو الصغير وحمله عنها وهو يقول


فارس : أهلا وسهلا يافارس بيه 

نور وهي تداعب أذن الصغير : سلم علي عمو فارس الكبير ياحبيبي

فارس وقد أنفرج فمه بأتساع : أنت بتضحكلي كمان ،  لأ كده أحنا هنبقي أصحاب جامدين أوي 

عثمت مربته علي ظهره بحنو : ما تجيب مراتك وتيجوا تقعدوا هنا يافارس ،  وأنا مستعده أفتح أوضتك علي أوضة الضيوف وأعملك أوضه ليكوا لوحدكوا

فارس عاقدا حاجبيه بذهول : تيجوا !!  

عثمت بتنهيده : خلاص كل حاجه ظهرت وبانت ،  مبقاش في داعي ولا لكره ولا لغيره

فارس مقوساً فمه : فعلا


   _ قبّل الصغير ثم وضعه بين ذراعي والدته وأنصرف عقب أن شعر ببعض الراحة ..  يقولون أن الكائنات البشرية الصغيره  ''  الأطفال حديثي الولادة   ''  قادرون علي حمل الهموم بعيداً لتتناسي معهم الدنيا ..  حقا ،  لقد أستطاع الصغير فعل هذا له 


.....................................................................


    _ سئم من كثرة أتصالاته بها ..  شعر بأنها تتهرب منه حتي لايطالبها بالسفر معه مرة أخري ،  فأشتعل داخله غيظاً لتصرفاتها وظل كابحاً لغضبه حتي يستطيع تنفيسه بها ..  وعندما وصل لبوابة ال (ڨيلا)  وجدها مفتوحه وبدون الحارس الخاص بها ..  عقد ما بين حاجبيه بدهشه ثم مرق للداخل بسيارته حتي توقف أمام الباب وترجل عن سيارته وهو ممسكاً بالمفاتيح ،  كاد يفتح الباب ولكنه تفاجأ به منفتح ..  فدفعه بتوجس ثم توجه للداخل وهو يجوب المكان ببصره حتي وقعت عينه علي حجرة الجلوس التي كان ينبعث الضوء من خلالها فتوجه نحوها ليجدها مستلقيه علي المقعد ورأسها تسقط علي جانب كتفيها في حين كانت قهوتها ملقاه علي الأرضيه ممزوجه ببقايا قطع الزجاج المكسوره علي أثر الفنجان الذي سقط ..  أقترب منها بهلع ثم هز رأسها بعنف ولكنها لم تستجيب له ،  فوضع سبابته على نبض نحرها ليتفحص ما أن كانت حية أم ميتة ..  فوجد نبضها ساكناً لا حياة فيه ..  أنتفض ذعرا ثم مال بجسده نحو القهوه المسكوبه علي الأرضيه والتي جفت ..  فمد أصبعه نحوها ليتلمسها فوجد من يهتف به بلهجه عنيفة ويردف ب...... 


أوعي تتحرك من مكانك ،  أقف عدل 

شهاب وقد تندي جبينه عرقاً وزاد شحوب وجهه : اا نا.... 

الضابط وهو يشير لأحد العساكر : شوفها حية ولا لأ و هات الأستاذ ده معانا

شهاب بنبره صادحه : أجي معاكوا فين أنت أتجننت ،  أنت مش عارف بتكلم مين ولا أيه؟! 

الضابط لاوياً فمه بإستهزاء : بكلم واحد متهم في جريمة قتل عشيقته ،  و المفتاح في أيده ووسيلة القتل مرمية علي الأرض ..  دي قضيه متقفله ياأستاذ ..  هاتوه علي بره وخلي بتوع المعمل الجنائي ييجوا يشوفوا شغلهم

شهاب وقد ثقلت الكلمات علي طرف لسانه : جج جريمة ،  قتل !!! ياليلة مش فايته... 


............................................................. 


   _ كانت تشعر بأن صحتها علي غير ما يرام ،  تخشي أن يصيب جنينها إي مكروه فقرر فارس أصطحابها للطبيب الخاص بها للأطمئنان علي صحتهم سويا . 

كانت تتابع الجهاز الألكتروني الذي يُظهر ما خلف جدار بطنها لتري صغيرها يتحرك بداخلها ..  فكانت هذه اللحظات كفيله بإنتزاع آلمها وتبديله بالسعادة ،  أبتسم لها الطبيب ثم هتف قائلا 


الطبيب : علي فكرة دي بنت

فارس بأبتسامة متسعه : الله ،  هتجيبي رغدايه صغننه

رغد بنبره فرحه : شكلها هتطلع شقيه ،  مبطلتش ضرب فيا من أمبارح 

الطبيب بنبره مازحه : فعلاً حركتها كتيره 


   _ نهض الطبيب عن المقعد ثم تحدث ب... 


الطبيب : أهم حاجه الفترة الجايه الراحه ،  أنتي دخلتي في السابع ووارد جدا تولدي فيه ..  وممكن يعدي علي خير والولادة تكون في التاسع ،  مطلوب منك تهتمي بنفسك الفتره الجايه لأنك خسيتي أربعه كيلو عن المرة اللي فاتت وده مش حلو 

فارس وهو يرمقها بنظرات معاتبه : قولها يادكتور 

الطبيب : نفسيتك مهمة جدا يامدام رغد ،  متزعليش العسوله الصغيره معاكي لأنها بتحس بيكي لما بتفرحي وبتفرح معاكي..  وبرده بتحس بيكي وأنتي زعلانه وبتزعل علي زعلك

رغد مومأه رأسها بالأيجاب :  حاضر 


.................................................................... 


      _ أنفرجت أساريرها وشعرت بالأنتعاش عندما علمت بأن مخططها قد أثمرت نتائجه بثمرات ناجحه..  الآن فقط تسطيع القول بأنها أستردت كرامتها وأتت بأنفه أرضاً 


زيزي بنبره فرحه : متأكد ،  يعني شوفتهم بعينك وهما واخدينه علي المديريه ..  تمام أوي ،  لالا شكرا ،  أختفي أنت بقي


  _ أغلقت هاتفها ثم ضغطت عليه عدة مرات للأتصال بفارس ،  رأت أن من الجيد أخباره بهذه الأخبار التي علمتها مؤخراً لعلهم يستطيعون الأستفاده من ذلك ..  في هذا الحين كان فارس قد أنتهي للتو من تناول وجبة العشاء مع زوجته وعمته ليجد أتصالات عديده منها ..  فقرر الرد عليها لعل الأمر هام 


فارس مبتلعا ريقه بتوجس : أنتي متأكده أنها ماتت يازيزي هانم؟

زيزي بنبره شامته : أيوه متأكده ،  دلوقتي أحنا خلصنا من راندا وكمان هيلبسها شهاب 

فارس محاولاً السيطره علي مخاوفه : طب وأنتي عرفتي منين أنها ماتت؟ 

زيزي بتأفف : كنت رايحة أهددها عشان تحذر شهاب  ،  وتخليه يسيب كل حاجه تخصني بالزوق خصوصا بعد ما سمعته بيرتب للسفر معاها ..  وهناك أتفاجئت أنها ميته  ،  ساعتها ومن غير ما أفكر خليت حد تبعي يعمل بلاغ يتهم فيه شهاب بقتل راندا وكده طار عصفورين بحجر واحد

فارس حاككا طرف ذقنه : الكلام ده أمتي؟ 

زيزي : أنا روحتلها امبارح بالليل ،  وعرفت ان شهاب أتقبض عليه النهارده

فارس : طيب يامدام زيزي ،  كده خلصنا من الأتنين و... 

زيزي بأستنكار : خلصنا!!  لا لسه مخلصناش ..  شهاب لازم يتنازلي عن كل حاجه وساعتها بس هنطلعه من السجن

فارس عاقدا حاجبيه بعدم فهم : انتي عايزه تطلعيه؟ 

زيزي : طالما كل حاجه هترجعلي وشهاب هيرجع شحات زي زمان يبقي معنديش مشكله أطلعه 

فارس : أزاي بقي! ؟

زيزي بنبره خبيثة : أنا هقولك أزاي ... 


......................................................................


   _ كان يقف جوار الباب الحديدي للحجز ..  يشعر بمذاق الظلم في فمه ،  فهو لم يقتلها ولا يعلم حتي الآن ماذا حدث لها ..  هل هو أنتحاراً حيث كانت بالآونة الأخيره علي غير ما يرام ،  أم قُتلت ..  وما أثار دهشته أكثر كيف تحدث هذه الصدفه ويتواجد هو بمعاد حضور الشرطة ،  لابد وأن الأمر مدبراً تدبيراً حكيما ..  زفر أنفاسه بحنق في حين بادره أحد الرجال الجالسين علي الأرضيه الصلبه


الرجل : أنت ياأخينا ،  هتفضل واقف مخايلنا كده كتير 

شهاب بنظرات محتنقنه : بقولك أيه خليك في نفسك ،  بدل ما أطلع العفاريت اللي في دماغي عليك

الرجل بلهجه متهكمه : الله الله ،  ده احنا معانا واحد ملبوس في قلب الزنزانه بقي واحنا ومنعرفش

شهاب :....... 

الرجل وهو ينهض عن جلسته : ما تنطق ياض ولا القطه كلت لسانك 

شهاب بنبره عنيفه : لو مبعدتش عني وشيلتني من دماغك هزعلك 


  _ في هذه اللحظه أستمع الجميع لصوت فتح الأقفال الحديديه ثم هتف المجند بنبره حاده


المجند : فين المسجون شهاب 

شهاب متأففا : عايز أيه؟ 

المجند : في زياره ليك يامسجون تعالي معايا 

شهاب وهو يكز علي أسنانه : أكيد شهير الزفت 


   _ خرج خلفه وتتبعه حتي وصلا لحجرة رئيس المباحث وما أن أنفتح الباب حتي لمحه بطرف عينيه ..  أزداد غيظا وشعر بأنه هو المدبر لتلك المكيده فأندفع نحوه وهدر به وهو يقول 


شهاب : يبقي أنتي اللي وراها يابن ال..... 

فارس : تؤتؤتؤ ،  عيب ياشهاب والله ،  يعني قتلت الست وكمان عايز تلزقها لغيرك ..  لا عيب والله عيب  

شهاب بنبره ثائره : جاي هنا ليه ؟ 

فارس بلهجه جامده : هساعدك تطلع من هنا ،  لكن بشروطي 

شهاب : ........


~   وكر الملذات  ~


    ( الفصل الثلاثون_ الأخيرة) 


الجزء الثاني  /


   _ رمقه بنظرات مزدريه ثم جلس علي المقعد المقابل له ووضع قدماً أعلي قدم ..  ثم تحدث والغرور يحتل نبرته


شهاب : وهتساعدني ليه وأزاي إن شاء الله 

فارس وهو يحدجه بنظرات قاتمة : انت متسألش ،  أنت تسمعني وبعدها تختار اللي يريحك

شهاب وهو يكز علي أسنانه بحنق : هات اللي عندك وخلصني

فارس مشيراً حوله : هخرجك من هنا بس بشروط ،  هتطلع من هنا علي المطار وتسيب البلد كلها ..  وده طبعاً بعد ما هتتنازل عن كل حاجة في ايدك لمدام زيزي ،  إما بقي بالنسبة لنص الشركة اللي أخذته بالنصب فنو دلوقتي بقي في قبضتي يعني مفيش لزوم أتكلم عنه..  ها ،  أيه رأيك في عرضي


  _ أنتصب شهاب في جلسته وقد أنفلت زمام الهدوء منه فبدت تقاسيمه أكثر حدة وشراسه من زي قبل 


شهاب : أنت شارب حاجة قبل ما تيجي ولا أي ،  مجنون مين قالك إني ممكن أوافق على شغل الجنان ده 

فارس بإبتسامة ساخرة : مش معقول هتضحي بحريتك وتقضي مؤبد في السجن ..  دي قضية قتل ياشوشو

شهاب وهو يصيح به بإنفعال : مقتلتهاش ،  انا مقتلتهاش 

فارس بنفاذ صبر وقد أطلق أنفاسه متأففا : أنا بصراحه معنديش خلق أسمع دفاعك عن نفسك ..  بأيدي أخرجك من هنا وبأيدي أخليك تتحسر علي عمرك اللي هتقضيه في أبو زعبل

شهاب وقد أمتلئت عينيه بالغيظ : ....   

فارس وهو ينهض عن مكانه مغلقاً لزر سترته : فكر وهابقى اجيلك تاني ،  معلش نسيت اجيبلك زياره معايا..  المرة الجايه بقى 


   _ أنصرف شامخاً رأسه يشعر بالأنتصار عليه في حين شعر شهاب بأن هذه هي المحطة الأخيرة له ،  إما أن يتركه ينتصر ويغادر البلاد بأكملها..  إما أن يظل تحت سلطته منتظراً لحكم الأعدام أو السجن المؤبد المشدد ..  إذا ما العمل !! 


....................................................................


   _ لم يقوى علي الأنتظار أكثر داخل جدران الحجز الكئيبة ،  لذا قرر وبسرعة الموافقه علي عرضه والتنازل عن كافة أملاكة لزوجته وكذلك تطليقها بعد أن رغبت هي بذلك ..  حيث رغبت وبشدة أن تراه بحالته هذه ولذلك قررت الذهاب بنفسها بصحبة المحامي الخلص بفارس لأنهاء هذا الأمر 


شهاب وهو ينظر للأوراق بتحسر : ..... 

زيزي متهكمه : مقهور اوي !!  كان لازم تفكر بدل المرة مليون قبل ما تخوني وتلعب من ورايا ..  انت كنت هتفضل عايش بقيت عمرك ملك ..  بس الأنسان دايما مش عاجبه حاله ،  دايما بيبص لفوق لحد ما يقع على جدور رقبته 

شهاب مطبقا علي جفنه بقوة : مش عايز أسمع حاجه منك

زيزي وهي تشير بيدها للمحامي : خليه يمضي ياأستاذ عشان نخلص

مكرم : اتفضل أمضي هنا 


  _ مد له بالقلم ثم أشار له علي مكان التوقيع ،  فألتقط منه القلم علي مضص ثم خط سريعاً للأنتهاء من هذا الأمر ..  في حين هتف المحامي قائلا


مكرم : تذكرة السفر هتتحجز في اليوم اللي هتطلع فيه من هنا

شهاب بسخرية : وأنت هطلعني أزاي يامحامي الغبره أنت

مكرم مبتلعاً أهانته : كل اللي عليك هتطلب ان الجثه تتشرح والمعمل الجنائي هيثبت وقت الوفاة بالظبط  ،  وأحنا علينا نثبت مكانك كان فين وقت وقوع الجريمة

شهاب وقد أنعقد حاجبيه : يعني أي !؟ 

مكرم : يعني هنجيب الشهود اللي يشهدوا بأنك كنت في شركاك وقت وقوع الجريمة ، وساعتها مفيش قضيه

زيزي وهي تنعض عن مقعدها : متنساش ورقة طلاقي بمجرد ما تطلع من هنا ..  مش عايزه أشوف وشك تاني

شهاب وهو يتعمد أهانتها : ولا أنا عايز أشوف خلقتك تاني يابومة أنتي

زيزي :............. 


................................................................ 


    _ كانت حالتها النفسية غير مستقره ،  أحياناً تبكي بصمت وأحيان أخري تعلو شهقاتها الممزوجة بالنحيب ..  لا يساعدها على تحمل كل تلك الأعباء سوى طفلها الذي تحمله برَحمها ،  كما جاهد فارس لزرع الفرحة بداخلها ورسم البسمة علي وجهها وكثيراً ما نجح بذلك ..  وذات يوم ،  أصر فارس على أن يصطحبها بنزهه للخارج ،  حيث جعلها ترتدي ثيابها ثم أعد لها كوباً من العصير الطازج لترتشفه قبيل أن يذهبا


رغد : يافارس مش قادرة أشرب تاني صدقني 

فارس وهو يرغمها علي الأرتشاف من الكوب : عشان خاطري ياماستي تكملي الكوبايه للأخر

رغد علي مضض : طيب


  _ أكملت تجرع كأس العصير ثم جلست بأريحية علي الفراش لتنتظره حتي ينتهي من إرتداء ثيابه ..  في هذه الأثناء شعرت رغد بثقل في رأسها وقد بدأت رؤيتها تتشوش قليلاً  ..  فركت عينيها لتسيطر علي حالة من النعاس أصابتها فجأة ولكن لم تستطيع  ،  فحاولت التحدث ولكن خرج الكلام من فمها متقطعاً غير واضح ..  فأبتسم فارس بإنتصار و.... 


رغد : اا ا م مش شايفه ..  اا 

فارس مراقباً لها : ....... 

رغد :......... 

فارس وقد أقترب منها ليقبل بطن كفها بعمق : معلش بقي ياماستي ،  ماأنتي مكنتيش هترضي لا و قلتلك 


.................................................................. 


   _ كان كل مايشغل نور هو كيفية الأستحواذ علي رضى والدتها مره أخري ،  مهما كلفها الأمر ..  فگثرت زيارتها لها وجعلت آمير ينصاع لرغبتها أيضا وبدأ هو في التودد لها ..  حتي أن ''  فاطمه ''  بدأت بالفعل تتناسى ما مضى وتتعايش مع واقع سعادة إبنتها ..  وترسخت العلاقة بينهما أكثر بمرور الأيام  ،  وبيومٍ تجمعت فيه أسرة آمير الصغيرة بمنزل فاطمة لتناول وجبة الغداء ،  أصر آمير على عرض أمر أنتقالها للسكن معهم عليها ولكنها قابلت الأمر بالرفض


آمير : مش فاهم أيه المانع في كده!؟ 

نور بلهجة راجيه : أرجوكي ياماما تواقفي ..  القصر كبير والله 

فاطمه وهي تؤكد علي رفضها : أستريحوا أنتوا الأتنين ،  مش هينفع يعني مش هينفع..  انا مستريحة في بيتي ومش هعرف أطلع منه

نور وهى تنظر لآمير بحزن : خلاص ياآمير..  طالما صممت يبقي مفيش فايدة من الكلام

آمير وقد قوس فمه بحنق : براحتك ياطنط 

نور وهى تنهض عن مقعدها : انا هشوف فارس صحي ولا لسه 

آمير : طيب


   _ أمسك آمير بالملعقه ثم وضعها بصحن الحساء وأغترف منه ثم أرتشفه بهدوء لحرارته الساخنه ..  رفع بصره ليجدها تنظر له بتساؤل فبادرها قائلا


آمير : عايزة تقولي حاجه ياطنط؟ 

فاطمه بنبره خافته وهي تستند بساعديها علي الطاولة : نور هينفع تتعالج ولا لأ؟ 

آمير بنبره هادئه : متقلقيش ياطنط ،  انا اتكلمت مع الدكتور وقالي ان العلاج ممكن ليها لكن مش الفترة دي خالص ..  يعتبر لسه والده فارس من شهرين بس

فاطمه بضيق : ربنا يجعله بفايدة 

آمير وهو يربت علي كفها الذي برزت به التجاعيد : متقلقيش 


  _ حضرت نور وهي تقبل الصغير بحب وتداعبه بكلماتها ثم وضعته بين يدي آمير ..  والذي نهض به وتوجه نحو الأريكة ليغمره بعاطفته الأبويه قليلاً ،  فكانت أسعد أوقاته هي التي يقضيها بجانب ذلك الصغير ..  في حين كانت تشعر نور بسعادة كبيرة عندما تراه هكذا ،  لقد أتى صبرها بنتائج مثمرة وناجحة وهى تحظى الآن بحياة سعيدة تعوضها عما مضى . 


................................................................... 


   _ ترى سحابة بيضاء علي عينيها ويصيبها بهما ثقل غريب ..  كانت تستمع لصوت أمواج البحر وتخبطه بعضه ببعض ،  فيصدر صوتاً تطرب له الأذن ..  وبعد محاولات عديدة منها لمحاولة أسترجاع أدراكها ووعيها بما يحدث ،  نجحت أخيراً بفتح عينيها لتصتدم حدقتيها بسماء زرقاء صافية ..  فحركت رأسها لليمين واليسار لتكتشف أنها على اليخت،  فأنعقد ما بين حاجبيها بذهول ثم فركت عينيها لتصدق ما تراه ثم جاهدت لتعتدل في جلستها ولكنها كانت تشعر بثقل حركتها ..  حتي وجدته ينحني عليها فجأة ليقبل جبينها ثم بدأ بمداعبة خصلات شعرها وهو يردف بنبرته الساحرة 


فارس : حمدلله على السلامة 

رغد وهى تتأمله عن كثب : أحنا فين؟ 

فارس :  أحنا في بساطة ياماستي


   _ خلل أصابعه بشعرها ثم نمق وضعيته ،  ثم بدأ بملامسة وجنتيها بظهر أصابعه وهو يبتسم لها بعذوبة .  في حين بادلته هي البسمة ورددت بمرح


رغد : يعني جبتني هنا غصب بقي؟ 

فارس وهو يهز رأسه بإيجاب : بالظبط كده ..  هنقضي يومين في عرض البحر وبعدها نرجع 


   _ جذب ساعدها برفق ليعاونها علي الأعتدال في جلستها

ثم أقترب ليكون ظهراً لها لتستند على صدره ..  طوقها بذراعيه ثم أخذ يحك بطنها المنتفخه بأصابعه وهو يتغزل بها..  حتي أظهرت رغبتها الشديدة في تناول الفاكهة فأصطحبها للطابق السفلي ليفاجأها بالمبرد الذي يحتوي على أشكالاً وألواناً مختلفه من الفواكة والخضروات والأطعمة المعلبة والجاهزة للأستخدام الفوري ..  فرغت شفتيها بعدم تصديق ثم هتفت ب 


رغد : أنت عملت كل ده أمتي؟ 

فارس غامزاً بعينيه : عيب لما تشكي في قدرات جوزك حبيبك وأبو رغد الصغيرة 

رغد بقهقهه منخفضة : لسه مصمم على الأسم دة

فارس : مينفعش أصلاً تتسمى بأسم غير ده ..  ها عايزة تاكلي أيه 

رغد وهي تتأمل ثمار الفاكهة المختلفه : أعملي طبق  fruit salad  ( سلطة فواكه) 

فارس بحركة نشطه : أنتي تؤمري 


  _ أجلسها علي المقعد الصغير المبطن ثم أنتقي بعض ثمرات الفاكهه المختلفه وبدأ بتقطيعها قطعاً متساوية الحجم بينما كانت تتأمله وتتابع أقل حركاته بصمت وأعين عاشقه ..  حتي فرغ من مهمته فأمسك بعصا بلاستيكية صغيرة بحجم الأصبع وذات رأس علي شكل فاكهة ( خلة فواكه)  ثم أقترب منها وبدأ يقوم بغرز العصا بالفاكهة و يدس القطع بفمها لتتناولها بتلذذ وشهية مفتوحة ..  وذات مرة أقترب منها فجأة وقضم القطعه من فمها ليلامس شفتيها بقبلة مسروقه ..  فعلى ثغرها إبتسامة واسعه و ...... 


.................................................................. 


    _ وقفت تراقب الطائرة من خلف نظارتها السوداء ،  والتي تركت أرض مصر متجهه نحو أحد العواصم الأوروبية ..  فلقد نجح مخططها وأستطاعت أن تجعل  ''  شهاب  ''  يقوم بتطليقها عقب أن تم الأفراج عنه لعدم ثبوت الأدلة ضده وقد تم تحويل القضية لضد مجهول ،  فحقاً القول القائل  ''  إن كيدهن  عظيم  ''  ..  كانت سنوات عمرها التي قضتها معه ما هي إلا فناء لحياتها ،  فقررت نسيان الماضي ومحوه لتعيش حياة سرمدية جديدة ستهنأ فيها بالحرية ،  زفرت أنفاسها بتمهل ثم أستدارت لتترك أرض المطار والتوجه للعقار الجديد الذي ستقطن به . 


.................................................................... 


    _ كانت تعيش أزهى أيامها معه ،  فقد صدق وعده لها بأن ما هو آتي هو الأفضل ..  أنفصل عن المحيطين به وقطع الأتصال بهم ليتفرغ إليها بضع أيام يهنأن فيهم بالعيش سويا ..... 

جلست علي الرمال الذهبية وأقتربت كثيراً من شاطئ البحر حتي كانت تلامس الأمواج قدميها ، حيث كانت تمسد علي بطنها بهدوء وتشهر بأستجابة الجنين معها والتحرك بداخلها ،  في حين آتي هو ليجلس جوارها ثم تبادلا الحديث سويا ..  وحين شعر هو ببرودة النسمة التي تداعب وجوههم فضل الدخول بها للكوخ المخصص لهم..  فنهض وعاونها للنهوض ولكنها توقفت فجأة وهى تصرخ بقوة   ،  فقد شعرت بالآم قوية أسفل الظهر وركلات قدم طفلها في الجزء الأسفل من البطن ..  فتوترت حركته وتوقف تفكيره عن العمل في مثل هذا اليوم ثم هتف بخوف بيّن 


فارس : ططط طب اي ،  يعني حاسه بأيه 

رغد وهي تصرخ بتألم : بولد بولد ،  مش قادره اآآآآآآه

فارس وهو ينظر حوله بأرتباك : طب أعمل اي ،  هعمل اي دلوقتي ! 

رغد : وديني مستشفي بسررررررررعه

فارس منتبها لها : اه اه ،  مستشفي ،  صح ..  طب يلا 


   _ سار بها مسانداً إياها ثم تركها بضع ثواني وركض للداخل ليحضر مفاتيحه وهاتفه وحافظة النقود الخاصه به ثم خرج سريعاً وتوجه بها نحو سيارته وعاونها علي الصعود للمقعد الخلفي ثم أستقل مكانه وأدار السيارة سريعاً  ..  حاول مراراً الوصول لموقع أقرب مشفى عن طريق جهاز تحديد المواقع  ( GPS)  ولكنه لم يتوصل لشئ ..  وفجأة لمح سيارة تأتي خلفه فهدأ من سرعته وأضاء المصباح عدة مرات متتالية حتي أنتبه له سائق السيارة وبدأ يخفف من سرعته أيضاً ليري ما الذي يريده هذا الشخص ..  فسارا علي نفس الخط ثم أقتربا بسيارتهم قليلا و... 


فارس : لو سمحت ياأستاذ ،  مفيش مستشفي قريبه من هنا

الشخص وهو يتأمل الطريق أمامه : مستشفي!!  اه اه  ، في مستشفي علي بعد 3 كيلو من هنا

فارس محملقا به : 3 كيلو ؟؟  مفيش حاجه أقرب من كده؟

الشخص وهو يهز رأسه نافياً : فيه مستوصف صغير بس الخدمة فيه مش ولابد ،  خليك في المستشفي أضمن 

فارس وهو يحيه بيده : شكرا ياأستاذ ..  سلام عليكم 


  _ أغلق زجاج سيارته ثم أسرع من قوة سيارته في حين كان صراخها مدويا بالسيارة  ،  فكان الآلم يهاجمها تارة ويهدأ تارة أخرى ..  وتفاوتت المسافات بين كل مره حتي تقاربت بشده فعلمت أنها علي وشك الولادة ،  هدرت به لكي يصل بها سريعاً للمشفى حتي وصل بها أخيراً بعد عدة كيلو مترات من القياده ..  فترجل عن السيارة وأستغاث بمن في المشفى ليعاونوه في نقل زوجته للداخل حتي لبوا رغبته وأصطحبوها عن طريق الفراش النقال.. 

قام بفتح هاتفه الذي أغلقه عدة أيام ليجد أتصالات متعدده ورسائل كثيرة ،  حتي على صوت الهاتف بالرنين معلناً عن أتصال ما ،  فأجاب سريعاً  و... 


فارس : أيوه ،  ايه ياعامر ..  سافرت كام يوم كده ..  مفيش حاجه ..  لأ متقلقش قلقان شوية بس ..  رغد بتولد ،  انا مش في القاهرة ياعامر ..  لالا متتعبش نفسك ،  طب تعالي عن  ( ... ) 

  _ وصف له الطريق فأنطلق عامر إليه سريعا ليكون بجانبهم ..  في حين ظلت رغد بداخل العمليات لمدة ليست بطويلة ثم أخرجوها بعد أتمام عملية الولادة ،  وأقلوها لحجرة منفصله


الطبيب بنبره مبشرة : مبروك ،  جالك ولد 

فارس محدقا به : ولد!!  أزاي ده الدكتور قال بنت 

الطبيب وهو يضع يده بالمعطف الطبي :وارد جداً يحصل أخطاء في تفسير السونار،  لأن المدام جابت ولد زي القمر 

فارس بفرحة : شكراً  ،  شكرا بجد

الطبيب : الشكر لله ،  عن أذنك


  _ توجه لحجرتها ثم جلس جوارها يتابع سكون حركتها وهي غافية ..  حتي بدأت تتململ في الفراش وصدر منها إنيناً خافتا وهي تردف


رغد : فارس ،  فف فارس

فارس وهو ينهض بسرعه عن مقعده : انا هنا أهو ياحبيبتي 

رغد وهي تتمعن النظر حولها : هى فين؟ 

فارس بقهقهه خفيفه : لأقصدك هو فين 

رغد وقد أنعقد ما بين حاجبيها : ها ،  ولد؟! 

فارس وهو يقبل جبينها بعمق : اه ولد ،  ربنا يباركلنا فيه يارب 

رغد بتلهف : طب عايزة أشو...... 


   _ لم تستكمل كلمتها حتي وجدا الممرضة تخطو للغرفة وهى تحمل المولود الصغير بين ذراعيها ..  فجاهدت رغد لتعتدل في جلستها ولكنها شعرت ببعض الآلم فأستكانت مكانها حتي دنت الممرضه منها ووضعت الوليد بين يديها ..  نوبة فرح غير عادية أجتاحتها فجأة ،  حتي كاد قلبها يقتلع من مكانه من شدة الفرح ..  فهاهي الآن تمسك به بعد أنتظار أياماً وأسابيعاً وشهوراً عديده ،  في حين كان فارس يداعب أصابعه البيضاء الصغيرة للغايه وهو يهتف


فارس : بسسس ،  أصحي يابني عايزين نلغب مع بعض شوية 

رغد : تلعب أيه بس لسه بدري

فارس : لالا ،  متدخليش بيني وبين أبني لو سمحتي..  وبعدين أنا هعلمه اللعب من بدري عشان لما يكبر يبقي محترف

رغد وهى تلامس جبينه الناعم : ده حلو أوي اوي 

فارس مقبلاً رأسها : يعني هيجيب الوحاشه منين ياماستي 


  _ بهذه اللحظه ..  أنفتح باب الغرفة ليدلف منه آمير وزوجته وطفلهم ووالدتهم أيضا ،  حيث تفاجئا بوجودهم في هذا الوقت ..  بينما تقدمت منها عثمت ومسحت علي جبين الصغير ثم حملته عنها وهي تتوق لتقبيله


فارس مشدوهاً : أنتوا عرفتوا أزاي؟ 

آمير ناظرا للصغير بتشوق : أكيد عامر مكنش هيخبي عننا ..  سببيه ياماما وهاتي أشيله شويه

عثمت وهى تبعد بذراعها عنه : لأ أبعد وخليك في ابنك ،  سيب حفيدي في حضني شوية

آمير وهو يتقدم نحوها بتلهف : ماهو ده ابني برده ،  هاتي بقي عايز أشوفه

نور بلهجه فرحة : الف الف مبروك يارغد ،  مبروك يافارس 

رغد : الله يبارك فيكي يارب 

فارس بمرح : عقبالك يانور مع انك سبقتينا


  _ حمل آمير المولود الصغير ثم غمز لوالدته وأبتعد عنها،  بينما تثدمت عثمت نحو رغد ثم مسدت على جبينها بحنو وهتفت 


عثمت : مبروك ياحبيبتي ،  يتربى في عزكوا إن شاء الله 

رغد وقد أتسع فمها بالأبتسامة : الله يبارك في حضرتك يارب 


   _ دلف عامر وهو يحمل باقة الورود البنفسجيه وعلبة من الحلوى ثم ردد بمزاح


عامر : وطبعاً وكالعادة جيت بدري 

فارس بمزاح : بدري! ؟ كداب في أصل وشك

عامر متنحنحا : عيب عليك ياأبو فراس ،  بقيت أب ياجدع ولازم تحترمني شوية ..  وإلا ابنك مش هيعملي حساب 

آمير وقد وضع قبله على جبين الصغير : سميتوه أيه يافارس؟ 

فارس بنبره عذبه : آمير ،  أتفقت أنا ورغد نسميه آمير

آمير :........ 

نور بأبتسامه واسعة : فارس وآمير الجزء التاني ..  كلاكيت تاني مره


  _ علت أصوات القهقهات بالغرفة وأنتشر جو البهجه بينهم..  في حين ألتقط لهم عامر العديد من الصور الفوتغرافيه التذكارية التي علقت بأذهانهم كما علقت بجدران القصر في لوحة خشبية كبيرة ....... 


   ( بعد مرور خمس سنوات ) 


  _ كان قد أصر آمير على عودة فارس لمقر الشركة التي كانت تجمعهم حتي أنصاع فارس لرغبته ..  بينما ظلت عثمت تلح في رغبتها لأنتقال أبنها وزوجته للعيش بالقصر حتي أنتقل للحياة بالقصر عقب أن تم تجهيز حجرة مزدوجه لهم وحجرة لآمير الصغير ..  كانت الألفه والود يملأن المكان و........ 


   ''  في مقر الشركة  ''  


  _ كان قد أنتهي للتو من أحد الأجتماعات الهامة التي كان يترأسها فأنتقل لحجرة مكتبه والأرهاق يبدو على تقاسيم وجهه المنزعجه ..  فألقي بثقل جسده علي المقعد الجلدي وهو يهتف


فارس : خلص الحوار ده ياعامر

عامر : حاضر ياأبو فراس متقلقش ،  بس أبعتلي ايميل بكل الصور وانا هشتغل عليهم 

فارس واضعا يده بجيب سترته : طب روح أستقبل ،  انا هبعتهم دلوقتي


  _ أنصرف عامر في حين ظل فارس يعبث بمحتويات جيبه حتي لامس ورقه صغيره مطوية فأنعقد حاجبيه بأندهاش ثم فتحها ليجد.. 


    ''  وگالعادة لازم أجدد زهرة حبي ليك ،  النهاردة عيد جوازنا السادس ..  بحبك يأغلي حاجة في حياتي  '' 


 _ شعر بالأنتعاش يملأ صدره وقد تبدلت ملامح وجهه العابسه بأخري سعيدة ..  فأمسك هاتفه وكتب لها رسالة نصيه .. 


   ''  كل سنة وأنتي منورة حياتي..  كل سنة وأنتي موجودة دايما ..  كل سنة وأنتي أحلي زهرة كبرت في بستاني ..  وأثمن جوهرة عايمة في بحر قلبي  '' 


  _ أرسل رسالته ثم ترك الهاتف وفتح أحد الأدراج المجاورة له ليمسك بعلبة حمراء مخملية ..  ثم فتحها لينظر للقلادة الثمينه التي تحملها العلبة ..  وكان يتوسطها فص فيروزي أخضر اللون متدلياً منها ،  رمق القلادة بنظرات راضية ثم أغلقها ووضعها بجيبه ..  ثم تحرك عن مقعده للتوجه خارج مقر الشركة


................................................................. 


   _ كانتا تجلسان سويا بحديقة القصر يرتشفون الشاي الساخن گعادة كل يوم في هذا التوقيت .. حيث تبادلا أطراف الحديث سويا و..... 


نور وهي تمسح علي بطنها : الحمد لله يارب ،  كنت فقدت الأمل إني ممكن أخلف تاني

رغد وهي تضع الكوب علي الطاولة : متقوليش كده ربنا كبير ،  وأهو عوض صبرك خير 

نور بمزاح : عقبال ما تعمليها تاني 

رغد بقهقهه خفيفه : إن شاء الله قريب ،  بس لما نطمن عليكي الأول 


  _ حضر من خلفها ثم طوق عنقها بذراعيه وطبع قبلاً كثيره علي جبينها ووجنتيها حتي خجلت وأزدادت حمرتها


فارس : أنتي مش غريبه يانور 

نور بقهقهه عاليه : خدوا راحتكوا ،  أنا هطلع أشوف آمير وآمير الصغير أحسن منسجمين مع بعض من الصبح

فارس مشيرا بيده : لالا خليكي ،  فين فارس الصغي....  


  _ لم يكمل كلمته حتي وجد فارس الصغير يقف جواره ويجذب بنطاله وهو يهتف


فارس الصغير  : عمو عمو ،  فارس بيلعب بليشتيشن  ( بلايستيشن)  من الصبح مع بابي وسايبني لوحدي

فارس وقد أنحني ليوازي طول الصغير : متزعلش نفسك ياروفي ..  سيبك منهم وتعالي معايا بس ده انا جايبلك شيكولاته هتحلف بيها

فارس الصغير وهو يهمس له : لايبقي نطلع سوا فوق بقى ،  بس متقولش لماما أحسن بتخبي مني السكولاته وتقولي سنانك هتتكسر 

فارس بخفوت : طب يلا


   _ بداخل حجرة فارس الصغير ،  أحتدت المنافسة بين الطفل وعمه بأحد ألعاب البلايستيشن الشهيره والتي قد علمه إياها عمه حتي أحترفها الصغير 


آمير وقد أرتسم الأمتغاض علي وجهه : مش معقول اللي بيحصل ده ،  ده تالت ماتش تغلبني فيه ياض انت

آمير الصغير وهو يقهقه ببراءة شديدة : عشان بس تحرم تلعب معايا

آمير وهو يلقي بذراع البلايستيشن : أحرم !!  لا ده أنت خدت عليا أوي ..  أنت هتصاحبني ولا أي 

آمير الصغير وهو يلوح بيده :  ياعمو وهو أنت تطول 

آمير فاغراً شفتيه : ..  لأ كده أنا مضطر أفرض سيطرتي قبل الموضوع ما يخرج من إيديا 


  _ جذبه إليه ثم أخذ يدغدغه حتي أحمر وجهه الصغير علي أثر الضحك ،  فقام آمير بالتوقف ثم أسنده علي صدره وهو مستلقي علي الأرضيه وظل يعبث بحواسه حتي دلفت إليهم نور وعلى ثغرها أبتسامة متسعه


نور : عيب عليك ياآمير سيب الواد ينزل لأمه عشان تأكله

آمير : لا سيبهولي شويه وهننزل سوا

آمير الصغير : طنط تعالي خديني ،  جوزك قافش فيا ومش عايز يسيبني في حالي ،  الله بقي

نور وقد أصابتها هيستريا الضحك علي أثر كلمات الصغير : سيب الولد ينزل حرام عليك 


  _ دفعه آمير من فوقه بخفه ثم هتف 

آمير : طب روح لأمك خليها تنفعك

آمير الصغير وهو يلوح بيده بعدم أكتراث : ياعم بقي 

نور بقهقهه عاليه : .... 

آمير محملقا عينيه : أنتي بتضحكي ،  الواد بيشوحلي ،  طب لما أنزلك أنت وأبوك ..  مااااشي 


............................ 


  _  بحجرة فارس ..  بعد أن بدل ثيابه دلف للمرحاض للأغتسال فتتبعه فارس الصغير ..  حيث وقف جواره وظل يقلد كل يفعل ،  حيث أمسك فارس بفرشاة الأسنان وبدأ يغسل أسنانه فقام الصغير بتقليده ..  ثم أمسك بفرشاة الشعر السميكة وبدأ يمشط شعره ،  فقام الصغير بألتقاط المشط الخشبي وقام بتمشيط شعره ..  لاحظ فارس تقليد الصغير له فأبتسم في نفسه ثم خطي خارج المرحاض ووقف أمام المرآه فتتبعه الصغير ووقف جواره ..  أمسك فارس بقنينة الغطر ثم نثر منها علي ملابسه بغزاره ..  فأمسك الصغير بقنينة عطر أخرى وكاد ينثر منها الي أن أستوقفه فارس وهو يقول 


فارس : يخرب بيتك ده برفان طنط رغد

فارس وهو يضع يده أسفل ذقنه : ولما بيتي هيتخرب أنت هتعيش، فين بقي 

فارس بقهقهه عاليه : يابني بطل مناقره،  مش خدت الشكولاته خلاص، عايز أيه تاني 

فارس وهو ينظر لأعلي بتفكير : مش هنلعب يعني ولا أيه 

فارس وقد أنحني عليه يقبله : عايز تلعب أيه؟ 

فارس بخفوت  : شيلني وأنا أقولك 


  _ حمله فارس ثم أقترب الصغير من أذنيه وهتف بخفوت شديد 


فارس : علمني بلايشتيشن عشان ألعب مع آمير وأغيظه ،  وأكسب بابا زي ما هو بيكسب

فارس بأبتسامه عذبه : ده أنت تؤمر ياأبن الغالي 

فارس عاقدا حاجبيه : غالي مين ،  لأ بابا أسمه آمير أنت نسيت ولا أيه


   _ أنفتح الباب لتطل رغد برأسها ثم أبتسمت للصغير وهي تردد 


رغد : مش هتنزل يافارس عشان آمير مستنيك تحت  ،  الغدا جاهز 

فارس الصغير : طيب نزلني ياعمو ونكمل كلامنا بعدين

رغد بنصف عين : كلام أيه ده بقي؟ 

فارس بطفوله : لأ دي اسرار ،  مش هقولك عشان بتقولي لماما كل حاجه

فارس مقبلا جبينه : طب يلا ياعم فارس أنزل أنت وأنا جاي وراك

فارس الصغير مشيرا بسبابته : أوعى تتأخر زي كل مره

فارس بقهقهه صغيره : لأ متقلقش


   _ خرج الصغير وكادت تتبعه رغد ولكنه أستوقفها وأغلق الباب بهدوء ثم حاصرها بين ذراعيه وهو يهتف


فارس : ايه؟ 

رغد : ايه؟ 

فارس وقد أسترق قبله من شفتيها : كل سنة وأنتي جمبي

رغد وهي تمسح علي وجهه بأناملها : كل سنة وأنت دايما معايا


  _ أمعن النظر لتقاسيمها ثم أنزلق بصره علي شفتيها وأقترب حتي كاد يطبق عليهما ولكنهما تفاجئا بطرقات الصغار علي الباب


آمير : يامانا ،  انا جحان  ''  جعان '' 

فارس بتهكم : مش قولت نازل ورايا ياعمو ، أتأخرت لي


 _ التوي فمه ثم تحدث بسخط 


فارس : البيت اللي فيه عيال مستحيل الواحد يرتاح فيه

رغد وقد على صوت ضحكتها :....... 

فارس بنصف عين : أضحكي أوي ياماستي ،  عموما ليكي يوم معايا 


    _ علي مائدة الطعام ،  أمتلئت المائدة بألواناً مختلفه من الأطعمة الساخنه والشهيه ..  كما أصطف الجميع حول المائدة وترأستها عثمت وهي تنظر لعائلتها بكل حب .. أبنائها وأحفادها حولها وقد أشاعوا البهجه والفرح عليها ..  كل منهم يمزح مع الأخر ويحاوره ويجادله ..  لا مجال للكراهية بهذا المكان ولا وقت يضيع بالمكائد ..  فقط عائلة سعيده قررت صنع حياتها المنفصلة عن العالم الخارجي ..  بعيدا عن دنيا الملذات ..  دنيا تلغمت بالرذائل وأندفنت فيها الفضيلة ..  إلا من رحم ربي 


 ....    تمت بحمد اللّه وفضله   ...


  

تعليقات

التنقل السريع
    close