رواية شمس الحرام البارت السادس والسابع بقلم الكاتبه آيه طه حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
رواية شمس الحرام البارت السادس والسابع بقلم الكاتبه آيه طه حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
سلمى فضلت قاعدة ع السرير، مش قادرة تنام، وكل ما تقفل عينها تشوف حسن وهو واقع قدامها. قامت ووقفت عند الشباك
في نفس التوقيت، كريم كان نازل ياخد مية من المطبخ، وسمع صوت الباب الخشب عند أوضتها بيتفتح.
وقف عند آخر السلم وشافها من بعيد، واقفة في البلكونة الصغيرة اللي جنب اوضتها.
خرج عندها من غير ما يخوفها وقال بهدوء: البرد اهنيه مش زي اللى فى البلد… الهوا بيلدغ.
هي اتلفتت بسرعة وقالت باعتذار تلقائي: معلش… ماعرفتش أنام.
ماقربش منها، بس وقف حبة خطوات بعيد وقال: العتمة ساعات أخف من الذاكريات… بس مش بتداوي.
سكتت… وبصتاله بخوف خفيف،
قال فجأة: كنتي فاكرة حسن هو اللي بيحميكي؟
سلمى بصت للأرض وقالت بصوت مخنوق: كان كل اللي ليا… مش حماية بس كان صاحبتي وكان الستر… وأنا كنت اله نفس الحاجه..
كريم شال نظره عنها لحظة، وقال جملة هادية بس تقيلة: اللي يتقتل علشان مايسلمش مرته… ده اسمه راجل آخر الخط. وستر الست اللي بعده واجب مش تضحية.
كأن الكلمة الأخيرة هزتها، فسألته بحذر: ليه بتقول اكديه؟ أنت ما تعرفناش.
رد من غير ما يلف ويدور: بس شفتكم وديه كفايه....
هي واقفة، قلبها بدأ يهدى غصب عنها، والدق اللي في صدرها قل.
كريم بص لورا وقال لها: كملي وقفتك، بس خدي ديه...
وخلع الجاكيت الخفيف اللي عليه ورماه ناحيتها من غير ما يلمسها.
هي مسكته بتلقائية وقالت بخجل: أنا مش هتقل عليك… ولا أخد حاجة ببلاش.
كريم قال وهو بيبص بعيد: ما حدش قال هتاخديه… استعارة لحد ما تدفي.
الجملة نزلت عليها بإحساس غريب… مابين الاحترام والخوف والراحة.
بعد دقيقة سألته بنبرة مترددة: إنت مش ناوي ترجعني له… صوح؟
بص لها أول مرة بطريقة مباشرة وقال بحسم : لو هو آخر راجل في الدنيا… برده لاه.
الصبح بدري قبل الفجر، نزلت المطبخ من غير ما حد يحس، وبدأت تسخن مية وتدور على كوبايات علشان تشرب شاي.
كانت بتتحرك بحرص كأنها دخلة بيت حد غريب.
لكن قبل ما تحط السكر، صوت كريم جه من وراها: الشاي مش هينفع من غير وكل… جسمك لسه تعبان....
اتخضت وقالت بسرعة: ماحبش حد يشوفني اكديه قبل ما أستر نفسي.
قال وهو بياخد الكوباية منها ويحطها على الرخامة: اللي قفل عليكي باب أمان… ما يكسرش سترك...
سكتت، بس الحرج على وشها كان باين.
وقتها حط قدامها طبق عليه عيش وحتة جبنة وخيار وقال: ما تضيعيش سلامتك مرتين… مرة في المقابر، ومرة قدام نفسك.
الجملة كسرت صلابة خوفها لأول مرة.
قعدت على الكرسي… وهو قعد قصادها من غير ما يقرب.
بعد لحظة سألته بخفوت: هتسافر إمتى؟
قال من غير مقدمات: بعد أسبوع… قبل ما العمدة يفكر يشم ريحتي.
سلمى بصت في الطبق، وقالت بحاجب متعالي شوية رغم الحزن: وهتسافرني وياك؟
رد عليها بثقة هادية: من وقت ما خرجتي من مطرحك… وجودك بقى أمانة مش عبء.
ولأول مرة، هي ما اعترضتش… ولا قالت مش هينفع.
سلمى من أول ما وصلت شقة كريم في مصر وهي تايهة… كل حاجة حواليها غريبة، المدينة سريعة، والناس مختلفة، وهي لسه مش مستوعبة إنها في أمان ومش هترجع للكفر تاني.
في مرة وهو بيحطلها الأكل على السفرة قال لها بهدوء: لو محتاجة أي حاجة، قوليلي.. أنا مش غريب.
ردت بصوت مبحوح: أنا مش رايده أتقل عليك أكتر من اكديه.
كريم: انتي مش تقل أصلا، أنا اللي جبتك بإيدي.
وسابها من غير ما يحسسها إنه بيترجاها تتكلم.
بعد كام يوم، بالليل وهي بتعيط من غير صوت في أوضتها، تعبت فجأة وحصل لها دوخة شديدة من قلة الأكل والتوتر. وقعت على الأرض، والكوباية اتكسرت. كريم سمع الخبطة وجرى عليها.
فتح الباب ولحق يشيلها قبل ما تقع على الازاز. وهي مرعوبة ووشها شاحب. قال لها وهو شايلها: إنتي صايمة ولا ناسية الوكل؟ ولا حكايتك ايه؟
سلمى بتعب: معرفاش نفسي مسدودة…ومليش نفس للوكل واصل...
دخلها على سريرها، وبدون ما يسألها تحب ولا لأ، جهز لها مشروب دافي وروق الأوضة ولم الازاز المكسور بنفسه. ولما حاولت تعتذر:
كريم: متقوليش آسفة تاني. اللي حوصول ديه مش ذنبك.... بس اللى ذنبك انك تهملي فى نفسك اكديه....
الكلمة دي خلتها تبكي بصوت لأول مرة.
تاني يوم، صحي بدري وراح الشغل، لكن قبل ما ينزل ساب لها ورقة صغيرة على باب أوضتها: هكون راجع على العصر، الفريزر فيه لحمة وفراخ لو احتجتي تطبخي حاجة، بس لو تعبتي سيبي كل حاجة وأنا أجيب أكل جاهز. متعيشيش لوحدك حتى وإنتي معايا.
الكلمة الأخيرة "متعيشيش لوحدك" علقت في قلبها.
بدأت تطبخ له من باب رد الجميل، ولما رجع لقى الأكل سخن على الترابيزة. قعد قصادها وقال وهو مبتسم خفيف:
كريم: لو دي مش أول مرة هتطبخي اهنيه… فأنا مش ناوي آكل من برة تاني.
هي بصت له بخجل: أنا معملتش حاجة…تستاهل كله من فضله خيرك...
كريم: متقوليش اكديه انتى عملتي اللي محدش عمله.
الهدوء ده كان بداية شعور مختلف.
بعد أسبوع، كانت سلمى واقفة في البلكونة بتتفرج على الشارع. أول مرة من ساعة ما جات تفتح الشباك. فجأة سمعت صوت فرامل عربية جامد وصوت خناقة تحت. اتوترت جدا وافتكرت الكفر والعمده، قفلت الشباك بسرعة ورجعت مترعشة.
كريم كان داخل في اللحظة دي، شافها بتنهج ووشها متغير. قال بهدوء: اهدى متخافيش ولا صوت من دول ممكن يقدر يقربلك… أنا اهنيه.
سلمى بخوف: أنا بخاف من الضلمة والدوشة قوي… بحس حسن واقف بيتقتل قدامي.
كريم بصوت هادي: طول ما انتي اهنيه، الماضي ملوش باب يخبط منه.متقلقيش انتى فى امان دلوك....
الكلام ده وقع في قلبها كأمان حقيقي.
بقت بتستناه لما ينزل ويرجع، حتى لو مش بتقعد معاه. وهو بقى ياخد باله هي أكلت ولا لأ، نايمة ولا لأ، ولو صحي متأخر يدخل يطمن.
في ليلة، وهو بيحضر شنطته للسفر يومين شغل برة القاهرة، قالت له فجأة: أنا مش بعرف أنام لو مفيش صوت في البيت.وهو هادي وساكت اكديه....
وقف وبص لها باستغراب محسسهاش بيه، وقال: هسيبلك التلفزيون شغال من غير صوت عالي… وتحبي أقفل الباب ولا اسيبه مفتوح؟
سلمى: لاه خليه مفتوح.
وساب النور اللي في الطرقه منور، من غير ما تقول.
سلمى لأول مرة من يوم ما جت البيت نامت بدري، يمكن لأنها حست إنها مش لوحدها خلاص.
الساعة كانت حوالي 2 بعد نص الليل، وهو رجع بهدوء عشان ما يصحيهاش. وهو بيحط الشنطة، راح يطمن، لقاها نايمة بس مش مرتاحة، بتتقلب وبتنهج، ودموع على خدها. قرب منها وهو مش عارف يصحيها ولا لأ، بس حلمها كان مرعب وهيا بتهمهم بكلام مش مفهوم غير كلمة "ما تسيبنيش".
من غير ما يصحيها، قرب الكرسي جنب السرير وقعد، بعد شوية هي هديت… وكأن وجوده جنبها طمّنها وهيا نايمة من غير ما تعرف.
الساعة 6 الصبح فاقت ولقته قاعد نايم وهو شبه محني على الكرسي. اتفاجئت وحست بضيقة في صدرها مش مفهومة.
غطته بالبطانية خفيف، وهو صحي على حركتها وقال وهو مغمض: نمتي كويس؟! انتى زينه دلوك؟!
سلمى: ايوا.... أنت اللى ما نمتش؟!
كريم: لاه أنا كنت اهنيه… عشان انتي كنتي تعبانة.
حست إن نفسها اتخطف للحظة، وردت بخجل مش قادرة تبص له: مش متعودة حد يفضل صاحي عشاني اكديه غير حسن الله يرحمه...
قال ببساطة من غير ما يطول: يبقى اتعودي.
بعد كام يوم، كريم كان لازم يروح مشوار لمناطق عشوائية مع زميله في الشغل. الجو كان زحمة وحر شديد، وهي لأول مرة تطلع من البيت من ساعة ما جات القاهرة.
في الطريق اتخضت من صوت واحد بيتخانق بالعربية جنبهم، مسكت حزام الأمان وميلت على جنب بخوف لا إرادي. هو لاحظ بس ما علقش غير لما وقفوا يشتروا مية.
كريم: انتي مش ضعيفة يا سلمى… الخوف مش عيب، العيب لما تفضلي جواه وتستسلمي له.
سلمى: أنا مش بخاف على نفسي… بخاف من اللي جاي.
كريم: اللي كنتي خايفة منه مات… واللي كان هيخطفك دفن معاه.
اتسندت على العربية وقالت بصوت متهدج: كريم… انا نفسي أصدق إني عايشة.فعلا فى امان....
رد من غير ما يبص لها: وانتى هتعيشي غصب عن أي وجع. بوعدك....
بالليل رجعوا، وهي كانت بتوضب الأكل. كريم وقع من إيده كبشة الملح في الحلة وهو بيهزر وبيقول: أنا هدوقها قبل ما تتسمميني.....يا خبر...
سلمى بتضحك: ايه ديه.... مالك عملت اكديه ليه.... شكلك بيضحك...
اتجمد لحظة وهو سامع الصوت… حس إنه مش سمع ضحكة ست، لأ… ضحكة روح طلعت من قهر سنين.
قال لها وهو مبتسم: عارفه ضحكتك دي… تليق على وش عايز يعيش مش دافن نفسه بالحياه.....
سكتت وبصت في الأرض، ووشها احمر بطريقة ما عرفتهاش قبل كده.
قبل النوم، وهو معدي قدام أوضتها، قال من ورا الباب بصوت واطي: لو حلمك خنقك تاني… ناديني. أنا مش بعيد.
هي ما ردتش… بس قعدت تحط إيديها على قلبها بارتباك وتحاول تهدي نبضها العالى.
البارت 7
بعد أسبوعين، كريم كان راجع من النيابة تعبان، ووشه مجهد من كتر الضغط. دخل البيت قبل الفجر بشويه، وافتكر إنه هيلقيها نايمة زي كل مرة.
لكنه لمح نور خفيف في الصالة. لقاها قاعدة على الكنبة، حاضنة ركبتها، وصاحية.
وقف قدامها وقال بهدوء مستغرب: انتي لسه ما نيمتيش؟
ردت بصوت هادي: كنت مستنياك.
استغرب الكلمة… حس إنها تقيلة عليه أكتر من تعب يوم كامل.
كريم: مستنانـي؟ ليه؟
سلمى: معرفش… بس ماكنتش مرتاحة وانت بره.
هو ما ردش… اكتفى إنه قرب وجاب لها بطانية وحطها على رجلها، وقعد قصادها.
كريم: تحبي تشربي حاجة؟
سلمى: لاه… إنت كول الأول.
هي قالت جملة بسيطة، لكنه حس فيها لأول مرة إن فيه حد بياخد باله منه… مش هو اللي دايما بياخد باله من الناس.
في يوم كان عنده زيارة مع زميلة محامية اسمها "ريم" بتشتغل معاه في القضية اللي تخص العمدة وأهله. راحت البيت تسلمه ملف، وكانت منتبهة زيادة لسلمى وهي بتبص عليهم من بعيد.
ريم بإعجاب واضح لكريم قالت: هي اللي قاعدة في شقتك دي تبقى مراتك؟
رد بهدوء وهو بيعدي الورق: لاه. حد تحت مسئوليتي وبس.
ريم قعدت شوية زيادة عن اللزوم، وكل شوية تضحك وتتكلم بصوت ناعم.
سلمى كانت في المطبخ بتغسل شوية أطباق، بس كل كلمة بتدخل ودنها زي معلقة نار. اتوترت من غير ما تعترف لدرجة كباية اتكسرت في إيدها.
الصوت وصل للصالون. كريم ساب الورق واتجه بسرعة، وهي طلعت صوتها ثابت: مافيش حاجة… اتزحلقت.... وانا زينه...
مسك إيدها وشاف الدم. عينه اتغيرت: مين قالك تمسكي الحوض اكديه؟ ولا حتى تشتغلي فى المطبخ؟!
ريم قالت من بعيد وهي واقفة: على فكره هى شكلها غيرانة، كويس… يبقى بتحبك.... ابقى خد بالك بقى يا استاذ كريم...
سلمى اتجمدت… وكريم رد وهو بيكتم عصبيته: انتي مالكيش صالح بحاجة مش تخصك..... يلا غوري من اهنيه وروحى على شغلك ومكتبك وكملي من هناك وانا هكلم حد تاني هيتابع معاكى غيري.....
سلمى قالت بحدة دفاعية: محدش قالك تمشيها… وانا ماليش عليك حاجه علشان تطردها اكديه عشانى؟!
بصلها وهو لسه ماسك ضماد الشاش على صباعها: مالكيش؟ يبقى ليه وشك اتقلب؟ ليه كباية اتكسرت بدل ما تتحطيها على الرخامة؟
سكتت… وكل حاجة كانت بتقول إنها اتفضحت من غير ما تنطق بكلمة.
هو قال بهدوء : مابحبش حد يبص لي بنعومة… وانتي خابره اكديه.
الجملة وقعت عليها زي أمان مش مفهوم.
في الناحية التانية… العمدة ما وقفش، وبدأ يحرك ناس في البلد علشان يلفق قضية هروب أو قتل ضد كريم ويشده من القاهرة.
واحد من رجالته قاله: ما نطلعش نجيب البت بالعافية؟
العمدة قال وهو مولع سيجارة: البت مش الهدف… اللي لازم ينكسر هو اللي شايلها على راسه.
وشه اتغير وهو بيقولها… لأن اللي كسر كبريائه ماكنش موت حسن… ده كان كريم نفسه.
كريم ما كانش بيرجع البيت قبل الضهر في العادة، لكنه خلص شغله بدري ورجع حوالي 9 الصبح.
أول ما دخل، لقى خضرة في الصالة لحالها.
قال وهو بيبص حواليه: صباح الخير.... امال هي فين؟
خضرة ردت : نزلت على السوبر ماركت تجيب طلبات البيت.يا باشا
بعد عشر دقايق، دخلت سلمى شايلة كيسين كبار وبتنهج من المشي. أول ما شافته واقف، قالت باستغراب: ايه ديه؟! انت رجعت بدري اكديه ليه؟ حوصول حاجه بعد الشر؟!
ما ردش على سؤالها، بالعكس… رفع الحاجب وبص عالكيس وقال: انتى مين قالك تنزلي لوحدك؟
قالت ببساطة: احنا بس محتاجين حاجات، و الست خضرة كانت بتنقع الغسيل.... وتعبانه من شغل البيت وانا زهقت وقولت اجيبهم انا....
خضرة دخلت المطبخ وشافته واقف بتأمل وسألته بصوت فيه تريقة خفيفة: حاسة إن البيت بقى فيه روح… مش اكديه يا باشا؟
ما ردش…
في ليلة بعدها بيومين، سلمى كانت بتحاول تغير لمبة في أوضتها ومش عارفة تركبها.
كانت واقفة على كرسي خشب، وبتحاول تمد إيدها… بس الكرسي اهتز تحتها فجأة.
ثانية واحدة وكانت هتقع، لكنه كان داخل الأوضة من غير ما تنطق ولا تستنجد.
مسكها من دراعها بقوة قبل ما تقع.
هي خافت أكتر من الوقعة وقالت بتوتر:
ايه ديه... أنا مش طفلة علشان…
قطع كلامها وهو لسه ماسكها: وانا ومش ناقص أكسر رقبتي وانتى متشعلقه اكديه وأنا بلحقك من الأرض.
ولما نزلها على الأرض… ما سابش دراعها بسرعة. فضلت عينه عليها لحظة زيادة.
وبعدين قال بصوت هادي: مش قولتلك وقت سابق لو محتاجة حاجة… ناديني.
قالت هادية: انا بس ماحبتش أزعجك.
رد تلقائي من غير تفكير: إزعاجك ليا أرحم من وقعتك على الارض.
الجملة دي هو نفسه سكت بعدها ثانيتين كأنه استوعب إنه قال حاجة مش من طبيعته.
بعدها بيوم، جالهم خبر من واحد من رجالة البلد إن العمدة بعت اتنين يدوروا حوالين البيت القديم اللي كانوا ساكنين فيه قبل السفر.
سلمى سمعت الكلمة واتجمدت… وفضلت قاعدة في أوضتها طول اليوم ماطلعتش.
على آخر الليل، كريم خبط عليها، ولما ما ردتش، فتح الباب ودخل.
لقاها قاعدة على الأرض ووشها بين ركبتها، بتنهج بخوف مش بعيط.
قال بهدوء من على الباب: متخافيش اكديه هما مش اهنيه… ولا هيقدروا يقربوا.
ردت وهي مش باصة فيه: أنا مش خايفة منه… أنا خايفة أعيش مطاردة تاني.... انا خايفه يقتلك قدامي وبسببي تاني....
ما حاولش يقرب… لكن استخدم صوته زي ما يكون حبل نجاة: طول ما أنا صاحي… محدش فيهم هيدخل لك طريق.... ولا يقرب منك ولا مني....
هي قالت حاجة لأول مرة فيها تسليم: مش دايما الرجالة بتقدر تحمي الستات اللي بتقع في إيديهم.
رد عليها بنبرة واثقة جدا وهادية: أنتي مش وقعتي… أنا اخترتك بنفسي بعد اللي حوصول… ودي مسئولية مش بطلب فيها إذن.
بعد ايام رجع البيت قبل ما يروح المحكمة، طلع السلم بسرعة وفتح الباب وقال بصوت مش ثابت: اقعدي اهنيه النهاردة… ومحدش يفتح الباب غير لما أقول.... رجاله العمدة كانو تحت وبيسالو عليكي ولاقوا اللى فيه نصيب....
هي قالت بقلق: يعني إيه؟ هيرجع يخطفني تاني؟!
بص لها من غير ما يتهرب: متخافيش انتي مش لوحدك… وأنا مش هسمح لحد يقربلك واصل
الجملة اتقالت كأمر، بس اتسمعت كاعتراف مكبوت.
الخبر وصل العمدة إن كريم ضرب رجالته… فابتسم وهو بيحضر الضربة الأخيرة.
بعت ورق للمحكمة فيه بلاغ إن كريم مخبي "جارية هاربة من حكم قضائي" وإنه استغل شغله في النيابة علشان يحميها، وكمان شهادة مزورة إن حسن ما ماتش… وإن كريم حاول يزور محضر وفاته علشان يخبي أثر الجريمة.
الضربة كانت تقيلة… لأن أي شك في نزاهته المهنية ممكن ينسفه من مكانه.
بعد يومين… اتمسك كريم باستدعاء رسمي للتحقيق في تجاوز مهني، وجاله تحذير من رئيس النيابة إنه لازم يقدم توضيح أو يتنحى مؤقتا.
وهو راجع البيت وشه ماكانش فيه لونه، وباله مشغول بصورة واحدة بس… إنها تخرج من تحت جناحه وتتسلم للعمدة الظالم....
فتح الباب وشافها بتوضب السفرة. بص لها ساعتها بنظرة مختلفة… مش خوف عليها وبس، ده خوف منها كمان.
قال بهدوء غريب: لو أي حاجة حوصولت ليا… انتي هتطلعي من اهنيه فورا… على مكان آمن.
ردت بعناد لأول مرة: لاه أنا مش هرب تاني...... انا مش هعملها واسيبك وانت اللى فيه ديه بسببي اصلا.
وقف قدامها، عينه فيها وجع مكبوت، وقال ببطء: المرة دي… الهروب مش خوف. المرة دي عشان أنا اللي بقيت السبب..... وخايف اقصر فى حمايتك ووقتها مش هسامح حالي العمر كله...
يتبع


تعليقات
إرسال تعليق