القائمة الرئيسية

الصفحات

سكريبت خداع قاسي الفصل الاول حتى الفصل الحادي عشر بقلم ديانا ماريا حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

اعلان اعلى المواضيع

 سكريبت خداع قاسي الفصل الاول حتى الفصل الحادي عشر بقلم ديانا ماريا حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات مدونة النجم المتوهج للروايات الكامله

سكريبت خداع قاسي الفصل الاول حتى الفصل الحادي عشر بقلم ديانا ماريا حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

فيه حاجة أنا كنت متردد أقولك عليها، دلوقتي لازم تعرفي أنا هتجوز.


نظرت له بعيون متسعة من الصدمة: إيه؟ هتتجوز؟ إزاي يعني تتجوز على ماما أنت اتجننت!


نظر لها بصرامة ووبخها بنبرة حادة: بنت احترمي نفسك! أنا مقدر صدمتك إنما مش هسمح لك تتكلمي معايا من غير إحترام.


لم تبال وهي تقف أمامه بجرأة وتتابع الحديث بقهر: قول بقى أنك علشان كدة طلقت ماما أكيد كان فيه حرباية بتلف عليك علشان تاخدك منها وأنت ما صدقت علطول جريت وراها ونسيت عقلك.


ارتفعت يده وهبطت على وجنتها بصفعة قاسية وتحدث من بين أسنانه محاولًا احتواء انفعاله: اخرسي يا قليلة الأدب ادي آخر الدلع اللي دلعتهولك، روحي على أوضتك ومش عايز أشوف وشك خالص أنتِ فاهمة!


وضعت يدها على وجنتها بصدمة كبيرة وناظرته بعيون دامعة لقد كانت هذه أول مرة يرفع والده يده عليها في سنوات عمرها الأربعة عشرة كلها!


أنزلت يدها وهي تنظر له بخيبة أمل قبل أن تستدير وتتوجه لغرفتها مغلقة الباب ورائها بقوة ليحدث ضجة عالية في المكان.


تنهد أمجد الذي جلس ووضع رأسه بين يديه يفكر والهم يكتنفه بسبب ابنته ذات الرأس العنيد والطباع الصعبة التي لم يستطع ترويضها رغم محاولاته العديدة، كان يحتاج لمشورة ومساعدة فلم يجد أفضل من أخته حتى يفضي إليها بما في نفسه.


أتصل على أخته التي أجابت بنبرة عفوية: أهلا يا حبيبي عامل إيه؟ جهزت نفسك علشان نروح للعروسة بالليل؟


تجهمت ملامح وجهه وأجاب بضيق: أنا قولت لداليا وزعلت جدا يا نورا.


ردت أخته نورا بسخط: ماتزعل ولا تتفلق أهم حاجة تشوف نفسك.


زفر أمجد وهو يشعر بالضغط يثقل كاهله: بس دي بنتي يا نورا ومش عايزها تكون زعلانة عايزها على الأقل تكون متقبلة اللي هيحصل علشان حياتنا في المستقبل للأسف أنا اتعصبت لدرجة ضربتها بالقلم.


أشادت به نورا بمدح: أيوا أحسن يا أمجد لازم تشد عليها شوية بدل الدلع اللي ملوش لازمة ده.


رد أمجد بنبرة منزعجة: أنتِ بتقولي إيه يا نورا دي بنتي أكيد هزعل لو ضربتها حتى لو هي غلطت أنا عمري ما مديت إيدي عليها.


انفعلت نورا قائلة: دلعتها كتير اجمد عليها شوية بقى مش كفاية كل ما بشوفها بشوف قدامي وش أمها اللي ما صدقنا خلصنا منها.


أجاب أمجد بغضب وقد استفزه الموضوع الذي تطرقت إليه أخته: نورا قولتلك ألف مرة إحنا قفلنا الموضوع ده من زمان متجبيش سيرته تاني.


هدأت نورا وحاولت تغيير الموضوع حتى لا تعكر مزاجه أكثر: خلاص يا حبيبي متضايقش نفسك المهم تفكر في نفسك دلوقتي هنروح للعروسة بالليل بإذن الله جهز نفسك من بدري.


تنهد أمجد وقال بطاعة: حاضر يا حبيبتي يلا مع السلامة.


أبعد الهاتف جانبًا وجلس يفكر في ابنته أنه مازال متضايق مما حدث ويرغب في توضيح بينه وبين ابنته ولكن سينتظر حتى تهدئ حتى تستطيع تفهمه واستيعاب كلامه.


أما داليا حين دلفت لغرفتها ارتمت على سريرها وانهمرت في البكاء بحرقة، لا تصدق أن والدها رفع يده عليها لأول مرة في حياته.


وضعت يدها على خدها وهي تفكر أن والدها تغير بمجرد أن فكر في الزواج فماذا سيفعل بعد أن يتزوج؟


تذكرت والدتها بألم لقد اشتاقت إليها كثيرا ولكن والدها منعها من رؤيتها حين انفصلا منذ ثلاث سنوات ولم ترها منذ وقتها وقد اشتاقت إليها كثيرًا والآن يجب عليها أن تتحمل إمرأة جديدة تحل محلها!


لم تدر لمن تشكي همها فاتصلت بصديقتها المقربة وهي تبكي: أيوا يا ملك أنا مخنوقة أوي يا ملك.


ردت ملك بذعر: في إيه يا داليا أنتِ بتعيطي؟ حصل إيه؟


أجابت داليا بنبرة متحشرجة من بين بكائها: بابا...بابا هيتجوز واحدة تانية غير ماما وضربني!


شهقت ملك بعدم تصديق: إيه ضربك؟ وهيتجوز؟ أنا مش فاهمة حاجة خالص.


تابعت داليا البكاء فتابعت ملك بعطف: أهدي بس واحكي لي.


هدأت داليا لتخبرها بما حدث وختمت حديثها قائلة بقهر: تخيلي يا ملك هياخد واحدة غير ماما وأنا مشوفتش ماما من سنين ليه ميرجعش لماما؟ وكمان بيضربني من أولها!


قالت ملك بحزن: معلش متزعليش يا داليا.


مسحت داليا دموعها بعنف وقد قالت بحقد: أنا مش عايزة الجوازة دي تتم أبدا أنا مش عايزاها تدخل بيتنا وتاخد مكان ماما.


قالت ملك بتساؤل: طب هتعملي إيه؟


هزت رأسها وردت بحيرة: مش عارفة بس لازم امنعه يروح لازم ألاقي حل.


فكروا قليلا حتى قالت ملك فجأة: أنا عندي فكرة!


تجهز أمجد وقد ارتدى ملابس مهندمة أنيقة مكونة من قميص أبيض وبنطال أسود رسمي، نظر لنفسه في المرآة وهو يُكمل تجهيز نفسه، فكان يبدو أصغر من عمره الذي بلغ أربعين عام منذ فترة قصيرة وشعره مازال يحتفظ بسواده مع ظهور بعض الشعيرات البيضاء على جانبيه.


كان على وشك الخروج حين نظر لغرفة ابنته وفكر أنه لا يريد الخروج وتركها حزينة ربما عليه التحدث معها قليلا الآن ربما حتى يصفي الأمور بشكل مبدئي بينهما.


دق على باب غرفتها وقال بهدوء: داليا.


لم يجد رد فطرق الباب مرة أخرى وتابع بجدية: لو سمحتِ يا داليا بلاش زعل دلوقتي وخلينا نتكلم مع بعض زي ما متعودين دايما.


تعجب وبدأ يتضايق لأنه أعتقد أنها تتجاهله فطرق بقوة أكبر حين لم تفتح جرب فتح الباب ليجده مغلق.


استغرب بشدة وحاول فتح الباب دون فائدة فقال بصوت عالي: افتحي يا داليا عيب كدة تسيبيني واقف على الباب!


تغلغل القلق داخل قلبه من عدم رد ابنته عليه ولم ينتظر ثانية أخرى وبدأ يدفع الباب بكتفه حتى كسره.


توقف مكانه للحظة حين وقعت عيناه على ابنته فصرخ بفزع: داليا!

الجزء الثاني


أسرع أمجد لابنته الممددة على الأرض ورفعها بهلع.


كان واضح أنها فاقدة للوعي فضربها أمجد بخفة على خدها محاولًا افاقتها: داليا ردي عليا!


حين وجد أن ما يفعله بلا جدوى رفعها على الفور بين ذراعيه وركض بها حتى يسعفها للمستشفى.


كان أمجد ينتظر بالخارج بعد أن أخذ الأطباء ابنته ودلفوا للداخل لقد اتصل بأخته حين تمالك نفسه قليلا ليخبرها بما حدث وحتى تعتذر من الناس الذين في انتظارهم.


أتت أخته بعد قليل مع زوجها وأولادها تقول بقلق: في إيه يا أمجد؟ داليا حصلها إيه؟


كان أمجد يقف مستند للجدار خلفه فرفع نظره لفوق وهو يردد بحزن: مش عارف دخلت لقيتها واقعة على الأرض ومش بترد عليا خالص.


ربتت نورا على كتفه تحاول مواساته: طب متقلقش يا حبيبي بإذن الله هتبقى كويسة وبخير.


تنهد أمجد دون أن يجيب وقلبه ملئ بالذنب ناحية ابنته الوحيدة بالتأكيد  لقد حزنت مما حدث حتى أثر عليها وأوصلها لتلك الحالة.


خرج الطبيب فسأله أمجد بلهفة: أخبار بنتي إيه يا دكتور؟


رد الطبيب بجدية وبوجه عابس: الحقيقة قدرنا نلحقها بس عملنا لها غسيل معدة علشان الحبوب اللي كانت واخداها.


عقد أمجد حاجبيه باستغراب شديد: حبوب إيه يا دكتور؟


حدق إليه الطبيب قبل أن يقول: لو حضرتك متعرفش فهي كانت واخدة حبوب لغرض الانتحار.


اتسعت عيون الجميع بصدمة وأمجد مازال يحدق إلى الطبيب بعدم استيعاب ثم نطق أخيرا: ا.. انتحار؟


أومأ الطبيب فتسارعت أنفاس أمجد بشدة وهو يتخيل ابنته تحاول الانتحار! ولكن لحظة لقد لمح بجانبها شريط فارغ من الحبوب لم يعره أي اهتمام لأن كامل اهتمامه كان مُنصبًا على ابنته حينها.


رفع يده لجبهته بسبب الألم الذي بدأ يطرق في رأسه، وضعت نورا يدها على كتفه بعد ذهاب الطبيب.


قالت نورا بعطف: متزعلش يا حبيبي هتبقى كويسة وبخير متعملش في نفسك كدة.


ساعدته على الجلوس فتقدم زوجها ليواسيها بينما راقبت نورا أمجد الصامت بقلق، ظلوا في انتظار الطبيب حتى خرج منرة أخرى فأسرع له أمجد وقال بخوف: بنتي عاملة إيه دلوقتي يا دكتور؟


زم الطبيب شفتيه ورفع حاجبيه قبل أن يقول بنبرة عفوية: ممكن نتكلم كلمتين على انفراد يا أستاذ أمجد؟


أصابت الحيرة أمجد من سلوك الطبيب ولكنه وافق وابتعد معه قليلا حتى يحدثه على انفراد.


ابتسم الطبيب نصف ابتسامة: بصراحة مش عارف ابدأ منين بس بنت حضرتك كويسة جدا الصراحة بس أنها كانت واخدة على خاطرها شوية منك علشان تعمل كدة.


تنهد أمجد وهز رأسه موافقًا وهو يحدق للأرض فوضع الطبيب يده على كتفه وتابع: مش عايزك تشيل الهم بنتك لما جت قالت لنا أنها واحدة حبوب علشان تنتحر وأحنا عملنا اللازم بس بعد الفحص الدقيق لقينا أنه كلامها مش صح مية في المية.


زفر أمجد بنفاذ صبر: يعني يا دكتور لو سمحت خليك واضح أعصابي مش مستحملة.


أجاب الطبيب بخفة: يعني هي محاولتش تنتحر بشكل جدي هي خدت كام حباية ميعملوش ليها أذى حقيقي من الآخر هي حبت تقلقك عليها مش أكتر.


استوعب أمجد كلام الطبيب بسرعة فظل صامتا وهو يحدق أمامه بتفكير أردف الطبيب بعطف من حالته: نصيحة ليك متتسرعش وتغضب منها أنا مقدر موقفك ومشاعرك دلوقتى بس متحكمش عليها حاليا أهدى الأول بعدين أحكم على الأمور وساعتها أتصرف.


تنهد أمجد وهو يغمض عينيه ثم فتحها مرة أخرى وهو يبتسم للطبيب بامتنان:شكرا لحضرتك يا دكتور على تعبك.


عاد مرة أخرى لأختها وزوجها التي قالت باستياء حين وصل: قالك أنه الهانم لعبت عليك صح؟ أنا سمعت ما حاجة وفهمت مش قولتلك أنت اللي دلعت على الآخر!


حدق إليها أمجد بصرامة وقال بنبرة حازمة: نورا مش عايز كلام خالص دلوقتي فاهمة؟


نفخت بضيق ولكنها أطاعته وصمتت بينما دلف أمجد لغرفة ابنته التي كانت تفكر حينها بقلق هل يمكن أن يكتشف والدها لعبته التي اتفقت عليها هي وصديقتها؟ ماذا ستكون ردة فعله حينها؟


حين سمعت الباب يفتح تظاهرت فورا بالنوم وقلبها ينبض بشدة من التوتر.


دخل أمجد ونظر لها لبرهة فتوترت أكثر وهي بالكاد تتظاهر بالنوم بشكل طبيعي حتى لا يكشفها.


أغلق الباب ورائه وتقدم ثم جلس بجانب السرير فحينها علمت داليا أنه سيكشفها إذا بقيت تتظاهر ففتحت عيونها ببطئ تتظاهر بالاستيقاظ وتنظر لوالدها بعيون شبه مفتوحة وهي تقول بنبرة تعب مزيفة: أنا فين؟


نظر لها والدها وعلى وجهه تعبير غير مقروء وتحدث بنبرة غامضة: في المستشفى وأكيد عارفة ليه.


أبعدت نظراتها بتوتر عنه وقالت بلوم: معملتش كدة بمزاجي بس حسيت بالزعل واليأس ومحسيتش بنفسي.


كانت تلك الخطة بينها وبين صديقتها أن تحاول الانتحار بشكل مزيف حتى تُشعر والدها بالذنب ويتراجع عن الزواج.


لم يرد وهو يحدق إليها متفحصا فاستدارت داليا للناحية الأخرى لأنها أحست بشيء غامض في والدها وحتى تبين له انها مازالت غاضبة منها وترفض التحدث معه.


خرجت من المستشفى بعد ساعتين وقد انزعجت من وجود عمتها التي نظرت لها بعدم رضى بسبب ما فعلت وطبعا قد أفسدت خطتهم بالذهاب لتلك العروس ولكنها كانت سعيدة بنفسها.


ذهبت لغرفتها حالما وصلت وحين خرج والدها تواصلت فورا مع صديقتها وأخبرتها بما حدث وهي سعيدة، اعتنى بها والدها في الأيام التي تليها وقد انتهزت داليا تلك الفرصة حتى تتدلل على والدها كما تريد وقد ضمنت أن فعلتها أوقفته عن ذلك الزواج.


كانت جالسة تذاكر دروسها في صالة المنزل حين دخل عليها والدها وبين حقيبة ملابس فنظرت له بتعجب.


ابتسم ثم مد يده وأمسك بيد سيدة دخلت للمنزل، كانت سيدة أنيقة في الثلاثينات من عمرها تقف وتبتسم بلطف أمام داليا التي تحدق إليها بدهشة 


ابتسم لها أمجد ثم نظر لداليا ووجه حديثه لها قائلا باعتزاز: حبيت أعملها لك مفاجأة يا داليا يا حبيبتي أقدم لك علياء مراتي.


إيه رأيكم وتوقعاتكم لرد فعل داليا يا حلوين ❤️؟


الجزء الثالث 


تصنمت داليا مكانها وهي تنقل نظراتها بين والدها وزوجته الجديدة ومع استيعاب الصدمة الجديدة ارتفع الغضب الشديد داخلها ببطء حتى ظهر على وجهها بوضوح وهي تحدق بحقد إلى زوجة والدها.


صرخت بغضب عارم: يعني إيه اتجوزت خلاص؟ ودي تبقى مراتك الجديدة؟ عملت اللي في دماغك ولا كان ليا أي اعتبار ولا حساب عندك!


نظرت باحتقار لعلياء ثم قالت باستهزاء: وأنت فاكرني بقى هقول مبارك ويلا كلنا نبقى عيلة جميلة؟ ده مستحيل مفيش واحدة هتحل محل ماما أبدا خصوصا الست دي! جيبتها منين دي هو أنت شوفتها ولا هي معندهاش مرايات تشوف فيها نفسها!


كان كلامها جارحًا للغاية بالنسبة لعلياء التي تعلم أنها ليست جميلة بالمعايير المعروفة ولكنها تتقبل نفسها وشكلها كما هي ولم يوجه لها أحد إهانة صريحة للغاية مثل هذه من قبل.


صاح أمجد بنبرة احتدام عالية: داليا!


فزعت داليا من صوته العالي ورغم ذلك لم تتراجع وهي تتابع بشراسة: إيه دلوقتي هتزعق لي تاني ولا هتضربني؟ طبعا ما هي دي البداية! بعدين ترميني في الشارع علشان الهانم ولا كأني بنتك زي ما روحت اتجوزت من غير ما تقولي للدرجة دي مليش قيمة عندك ولا مقدرتش على بُعدها أكتر من كدة!


قبض أمجد على يده بشدة ونظراته الحادة الغاضبة تتوجه لابنته التي تقف أمامه بكل بجرأة.


جز على أسنانه وهو يحاول تمالك أعصابه وقال بتحذير: روحي على أوضتك أحسن ونصيحة يا داليا أوعى تختبري صبري أبدا.


نظرت له ولعلياء بعصبية واشمئزاز ثم التفت ودلفت لغرفتها وهي تغلق الباب بقوة محدثًا رجة عالية ترددت صداها في أرجاء المنزل.


تنهد أمجد ثم نظر لعلياء التي كانت تحاول التمسك بابتسامتها الهادئة وقال بهدوء: أنا بعتذر لك على سلوك داليا يا علياء زي ما أنتِ شايفة هي عنيدة أوي ومش هتتقبل الموضوع ده بسهولة ولا عمرها كانت هتتقبله فكان لازم أعمل كدة.


وضعت علياء يدها على كتفه وقالت بوقار: أنا متفهمة اللي بتقوله يا أمجد بس في نفس الوقت تصرفك غلط طالما هي عنيدة يبقى كان لازم تحاول أكتر الأول علشان كلنا نقدر نتأقلم وننسجم سوا في حياتنا جديدة.


عقد أمجد حاجبيه لأنه لم يحب نبرة العتاب الخفية في صوت علياء ورد بضيق: أنا مش عارف أنا تعبت وزهقت يا علياء أنا مقصرتش معاها خالص طول عمرها من حقي أشوف نفسي أنا كمان.


ربتت علياء على كتفه فارتخت ملامح وجهه: معلش يا علياء أنتِ ملكيش ذنب في اللي حصل وبعتذر أني حطيتك في موقف زي ده تعالي أوريك أوضتنا.


في غرفة داليا كانت تغلي غضبا بسبب الواقع الذي فُرض عليها لا تصدق أن والدها فعلها بالفعل وتزوج من أخرى!


من شدة عصبيتها لم تجد ما تفعله إلا أن تُلقي ببعض الأشياء التي كانت على طاولة الزينة الخاصة بها لتقع وتنكسر إلا أن هذا لم يطفئ شيء من لهيب غضبها، جلست على السرير وهي تحدق أمامها دون أن ترى شيء.


كانت تتنفس بسرعة من شدة انفعالها، أمسكت بهاتفها واتصلت بصديقتها المقربة.


صاحت بها بقهر: اتجوز يا ملك عملها واتجوز!


ردت ملك بدهشة وهي لا تفهم شيء منها: فيه إيه يا داليا مين اللي اتجوز؟


وبختها داليا بسخط: مش وقت غباء دلوقتي هيكون مين؟ بابا! جابها هنا وهتعيش معانا!


قالت ملك بذهول: إزاي الكلام ده؟ وأنتِ متعرفيش؟


قالت داليا بمقت: لا معرفش حاجة خالص لقيته داخل بيها! بس أنا مش هسكت ومش هخليها تتهنى أبدا!


حاولت ملك تخفيف غضبها لأنها خافت من نبرتها: أهدي بس يا داليا.


صرخت بها داليا بثورة: مش ههدى طول ما دي موجودة هنا!


سألتها ملك بحيرة: طب هتعملي إيه؟


تغيرت ملامح وجه داليا وابتسمت بخبث وهي تناظر نفسها في المرآة: هعمل إيه بالضبط لسة مش عارفة إنما اللي متأكدة منه أني هخليها تندم على اليوم اللي فكرت تدخل فيه حياتنا!


كانت علياء ترتب حاجياتها بينما هبط أمجد ليشتري بعض الأشياء ففكرت أن تذهب لداليا وتحاول التفاهم معها ربما يصلوا لاتفاق ما حتى لا تكون بداية حياتهم الجديدة معا خاطئة كليًا.


تركت ملابسها وذهبت لتطرق باب غرفتها انتظرت لدقيقة قبل أن تفتح داليا الباب التي عبست حين رأتها وحدقت إليها بازدراء بارد.


حاولت علياء تلطيف الجو وقالت بابتسامة لطيفة: ازيك يا داليا؟ أنا عارفة أنه تعارفنا مجاش في ظروف كويسة بس أنا حابة أصلح الموضوع ونبدأ من جديد.


رفعت داليا حاجبها بينما تابعت علياء: أنا فاهمة اللي أنتِ حاسة بيه بس مش حابة نفضل كدة إيه رأيك لو تنسي كل حاجة ونبقى أصحاب؟


حدقت إليها داليا بتفكير وعلى وجهها تعبير غامض وفقط حين يأست علياء من استجابتها ابتسمت داليا بشكل مفاجئ وردت: ليه لا؟


اتسعت ابتسامة علياء بارتياح واقترحت: إيه رأيك نشرب حاجة مع بعض لحد ما بابا يجي؟ هو مش هيتأخر.


أومأت داليا ورافقت علياء للمطبخ.


قالت علياء بحماس: إيه رأيك نشرب عصير ولا شاي؟ بتحبي الشاي؟


فكرت داليا للحظة قبل أن تقول بابتسامة: بحب الشاي.


أعلمتها داليا بمكان ما تحتاج إليها فوضعت علياء البراد على النار وأعدت كوبين في انتظار غليان الماء.


استندت داليا إلى رخامة المطبخ وكتفت ذراعيها وسألتها: أنتِ عندك كام سنة؟


تطلعت لها علياء بابتسامة لأنها أرادت التعرف عليها: مش كبيرة يعني عندي 35 سنة.


ابتسمت داليا وردت باستخفاف: غريبة تباني أكبر من كدة بكتير.


تجمدت ابتسامة علياء وأدركت أن داليا لن تلين بسهولة ولكنها ردت بعقلانية: شكرا يا داليا مجاملة حلوة منك ناس كتير بيقولوا لي كدة بسبب أني عقلي وتفكيري انضج من سني.


نفخت داليا ولم ترد بينما نهضت علياء لتحضر الشاي، حضرت كوب داليا ثم ذهبت لتعطيها إياه.


ابتسمت لها داليا وهي تمد يدها لتأخذ منها الكوب إلا أنه على آخر لحظة سحبت يدها ليفلت الكوب من يد علياء ويقع متحطمًا على الأرض وقد أصاب جزء منه قدم علياء وهو يسقط مما جعلها تصرخ من الألم وسخونة الشاي.


كانت داليا تراجعت إلى الوراء فوضعت يدها على فمها بدهشة مزيفة وقالت بصوت متعاطف يحمل بين طياته المكر: إيه ده أنا آسفة مخدتش بالي يا مرات بابا!


الجزء الرابع


كانت داليا تقف جامدة تراقب علياء التي تصرخ من شدة الألم والدماء تنزف من قدمها كما أن الشاي الساخن قد تسبب باحمرار قدمها، نظرت لها داليا بفزع تراقب نتيجة فعلتها كأنها تستوعبها الآن حين دخل أمجد ليركض للداخل على صراخ علياء.


تطلع إلى المنظر أمامه بذهول ثم أمسك بداليا يبعدها قائلا بحزم: ابعدي يا داليا من هنا لتتعوري.


تقدم لعلياء بحذر حتى لا يصيبه أي من الزجاج المتناثر على الأرض ثم حملها بين ذراعيه وعلياء تبكي من ألمها، حدقت داليا للمشهد أمامها بحواجب معقودة وعيون تملأها الغيرة، أسرع أمجد خارج المطبخ ليضع علياء على الأريكة ويمسك قدمها يتفحصها بينما تبعتهم داليا بصمت.


سألها أمجد وهو يعاين قدمها بقلق: إيه اللي حصل؟


كان الألم يكسو ملامح علياء وردت بصوت متحشرج: كوباية الشاي اتزحلقت من ايدي ووقعت.


نظرت لها داليا نظرات غامضة يكتنفها قليل من الدهشة فماذا تحاول أن تفعل؟ هل تحاول التغطية على ما فعلته حتى لا يعاقبها والدها؟ إذا اعتقدت أنها ستكسب ودها بتلك الطريقة فهي حتما مخطئة!


إلا أنه في الحقيقة كان الألم الذي يلم بعلياء يجعلها غير قادرة على التفكير بشئ آخر وإذا كانت داليا قصدت ما فعلته أم لا، التفت أمجد لداليا وقال بجدية: داليا هاتي فوطة واملي طبق أو واسعة بالمية علشان أحاول انضف الجرح من الازاز والدم على ما الدكتور يجي.


تحركت داليا وأحضرت ما طلبه منها والدها ثم انسحبت لغرفتها دون أن ينتبه لأنه كان يحادث الطبيب على الهاتف.


كان هناك شيئًا ما داخلها يؤنبها على ما فعلته، جلست على سريرها وهي تفكر أن جزء منها غير راضي عن فعلتها تلك،كأن داخلها شخصان يتصارعان من ناحية أنها لم تقصد أن تؤذيها ذلك الأذى البالغ، ومن ناحية أخرى فعلت ذلك وبررتع نتيجة غضبها.


نظرت لنفسها في المرآة وهي تقول بإصرار أنها من أجبرتها على فعل ذلك فهي ليست ولن تكون أبدا جزء من حياتهم، لا حق لها في الزواج من والدها!


كانت ماتزال تجلس مكانها حين طرق الباب ثم ولج والدها  قائلا بهدوء: ممكن أتكلم معاكِ شوية يا داليا؟


نظرت له داليا بلوم قبل أن تشيح ببصرها عنه فتنهد أمجد وهو يغلق الباب ورائه ثم خطى إليها حتى جلس بجانبها.


صمت أمجد لدقيقة ثم بدأ حديثه: أنا عارفة إنك زعلانة ومضايقة مني على اللي عملته فجأة ومش قادرة تتقبلي الوضع الجديد.


تردد لثانية ثم تابع بحنان وقد أمسك بيدها بين يديه: منكرش أني غلطان أني فرضت الوضع عليك بس أنتِ كمان محاولتيش تفهميني مع أني قولت أنك أول واحدة هتفهميني، تصرفاتك وكلامك خلوني ادي رد فعل عكسي بس أنا مش عايز الخصام ده يطول بيننا يا داليا، إحنا عمرنا ما تخاصمنا أكتر من ساعة علشان ملناش إلا بعض؟


ترقرقت الدموع في عيون داليا ولكنها مازالت لا تنظر إليه فتابع: مش عايز منك غير تدي نفسك فرصة وتدي علياء فرصة كمان، يمكن تلاقي نفسنا عايشين حياة أحسن من الأول وصدقيني هي بتحاول تاخد مكان مامتك أبدا.


"وفين ماما؟" كانت تريد بشدة أن تسأله ذلك السؤال ولكنها صمتت لأنها خشيت ألا يجيبها.


نظرت له بعيون دامعة وعاتبته بقهر: لو كلامك صح مكنتش روحت اتجوزت وجيبتها معاك ازاي فجأة تبقى في حياتنا طب وأنا؟ مليش رأي؟ خلاص معنى كدة أني مليش مكان!


اقترب منها على الفور ووضع يده حول كتفها وضمها إليه نافيًا بسرعة: لا طبعا أوعي تقولي كدة أنا قولتلك أني غلطت لما جيبت الموضوع فجأة علشان كدة جيت علشان نتفاهم زي زمان.


ابتعدت عنه وقالت بتحدي: ولو متفهمناش؟ ولو مقدرتش أتقبل وجودها؟


أخذ نفسًا عميقا ثم أجاب بصراحة: مقدرش اظلمها لأني اتجوزتها بس لو مرتحتيش لوجودها أنا هاخدها لمكان تاني تسكن فيه بعيد عنك المهم تكوني مرتاحة.


بقيت صامتة فضمها أمجد له مرة أخرى وقبل رأسها مشجعًا بلطف: ادينا فرصة يا داليا صدقيني مش هتندمي ولو حصل أي تصرف من علياء ناحيتك مش كويس مش هسكت لها أبدا.


بعد أن تركها بمفردها وغادر بقيت مكانها وقد ازدادت حيرتها أكثر وتصاعد صراعها هي لا يمكن أن تقبل بتلك السيدة لا تشعر بأدنى ذرة من الرغبة في محاولة قبولها حتى! 


ولكن والدها يرجو ذلك، وضعت رأسها بين يديها وقد اتعبها التفكير، مر أسبوع كان خلاله كل شيء يسير بوتيرة هادئة خصوصا أن علياء كانت تلازم السرير ولا تخرج من غرفتها بسبب إصابة قدمها وهذا ما أراح داليا التي لم تكن راغبة في رؤيتها فرغم كل حديث والدها، كانت البغضاء والكراهية لوجودها يزيد داخلها يومًا بعد يوم فتناست وجودها وعاشت مع والدها كأن شيئًا لم يحدث ولم يضغط أمجد على داليا حتى ترى علياء أثناء مرضها.


تماثلت علياء للشفاء حتى استطاعت النهوض على قدمها، لم ترى داليا في تلك الفترة فقد تحجج أمجد أن داليا تدرس لاختباراتها الوشيكة وأصرت على عودة الحياة الطبيعية رغم أن أمجد أخبرها بأنها يجب أن ترتاح لمدة أطول.


رفضت داليا الانضمام لهم على الغداء بحجة المذاكرة، فبعد أن انتهوا من تناول الطعام هبط أمجد حتى يصلي ففكرت علياء أن تذهب بالطعام لداليا حتى لا تبقى بدون طعام وتقيم بينهم شيء من الود بدل ذلك الجفاء المسيطر على المنزل.


طرقت الباب فقالت داليا بشرود: اتفضل.


دخلت علياء لينعقد حاجبيها لأنها وجدت داليا تلهو بهاتفها فاعتقدت أنها تستريح من المذاكرة.


ابتسمت لها وقالت بنعومة: جيبت لك الأكل لأنك مجتيش تأكلي فقولت أكيد جعانة.


رفعت داليا رأسها بدهشة فهي لم تتوقع أن تأتي علياء لغرفتها بل اعتقدت أنه والدها.


نظرت لها ثم صينية الطعام التي في يدها، نهضت داليا وتقدمت لها بخطوات واسعة بينما عينا علياء تراقبها بترقب.


سرعات ما شهقت علياء من الصدمة حتى ضربت داليا بيدها صينية الطعام بعنف وطاحت فتناثر الأكل على الأرض.


صاحت بها داليا بغضب: أنتِ إزاي تتجرئي تدخلي أوضتي؟ مين سمح لك تعملي كدة؟ عاملة نفسك الأم الحنونة وجايبالي أكل وفاكرة أنه كدة الدنيا هتمشي؟ لا فوقي لنفسك أنتِ مهما عملتي عمرك ما هتكوني ست البيت ده ولا هتاخدي مكان ماما، مش هيكون ليكِ مكان بيننا أبدا أنتِ فاهمة!

الجزء الخامس


وضعت علياء يديها على فمها بصدمة وحدقت بعيون متسعة للطعام المتناثر على الأرض ثم لداليا التي كانت تحدق إليها بعيون مشبعة بالحقد.


حاولت القول بارتباك رغم أن الدموع بدأت تتجمع في عينيها وتُنذر بالبكاء: ا.. أنا...


صرخت بها داليا: أنتِ إيه ها؟ بتحاولي تاخدي مكان مش مكانك ليه؟ فاكرة أني هقبلك لو عملتِ كدة؟


لم تنتظر داليا ردها وأشارت للباب: اطلعي برة ومتدخليش هنا تاني!


نظرت علياء لداليا ثم للطعام المتناثر على الأرض قبل أن تخرج وتذهب لغرفتها.


ذهبت لغرفتها، لم تستطع السيطرة على بكائها لقد توقعت أن ترفض داليا وجودها وقد ظنت أن من الممكن كسب ودها من الأيام لكن تلك الكراهية العميقة هي لا تستطيع مواجهتها إطلاقا!


اشتدت حيرة علياء من هذا الوضع ولم تعرف كيف ستتصرف فأمسكت بهاتفها واتصلت بأختها الأكبر منها "عايدة".


أجابتها أختها ببشاشة: عاملة إيه يا لولو وحشاني.


أجابت بنبرة لم تستطع إخفاء الحزن منها: الحمدلله يا حبيبتي وأنتِ أخبارك؟


لاحظت أختها أن صوتها ليس طبيعيًا فسألتها باستغراب: مال صوتك يا علياء؟


ابتلعت علياء غصة في حلقها قبل أن ترد بصوت متحشرج: تعبانة يا عايدة ومش عارفة أعمل إيه.


ردت عايدة بصوت قلق: مالك يا حبيبتي احكي لي.


أخذت علياء نفسا عميقًا وقالت بضيق: داليا مش بتحبني ولا متقبلاني وأنا مش عارفة أعمل إيه أنا حاولت كتير بس هي مش قابلة وأنا مبقتش قادرة استحمل أي  توتر.


قالت عايدة بنبرة عقلانية يكتنفها بعض الاستياء على شقيقتها: بصي يا علياء أنا فاهماكِ يا حبيبتي بصي طالما مش نافع معاها حاجة متحاوليش معاها تاني سيبيها براحتها.


ردت علياء بحزن: أنا بس كنت عايزة كلنا ننسجم مع بعض مش نعيش متقسمين، دي مش بتطيق تشوف وشي حتى!


ردت عايدة ببساطة محاولة التخفيف عنها: معلش يا لولو كبري دماغك دي عيلة لسة والوضع جديد عليها متنسيش أنها في مرحلة مراهقة ده العيل الصغير مش بتقدري تأكليه غصب عنه ودي كبيرة أكيد مش سهل عليها، المهم الأمور بينك وبين جوزك تكون كويسة، أبوها هو اللي يعرف يتفاهم معاها خارجي نفسك من الموضوع ومع الوقت إن شاء الله تتقبلك وتبقوا زي السمنة على العسل.


تنهدت علياء وقالت بامتنان لأختها التي دائما تلجأ إليها: تسلمي لي يا حبيبتي أنا كنت محتاجة افضفض لأني احترت خالص.


قالت علياء بنبرة غامضة ممزوجة بالتحذير: علياء متحاوليش تعوضي أمومتك المفقودة في داليا، محدش هيتعب غيرك.


لم تنبس ببنت شفة فأردفت عايدة بحنان: أنا بتكلم لمصلحتك يا حبيبتي، أنتِ أختي الصغيرة وزي بنتي ومش عايزاكِ تعاني تاني.


تنهدت علياء وقالت بهدوء: حاضر يا حبيبتي، مع السلامة.


مرت بقية الأيام في شيء من الروتين والهدوء لم يكن يجتمع الكل إلا على وجبات الطعام وفي بعض الأحيان كانت داليا تتحجج بدراستها ولا تنضم لهم وفي مطلق الأحوال لا توجه أي حديث لعلياء إلا ذلك الوضع لم يستمر فسرعان مابدأت داليا تحادث علياء على وجبات الطعام بعبارات عابرة أو تجلس معهم أثناء مشاهدة التلفاز مما أثار استغراب أمجد وعلياء ولكن في نفس الوقت فرحهم لتقبل داليا للوضع الجديد.


كان أمجد قد دعى أخته وزوجها لتناول الغداء معهم، فنهضت علياء باكرًا حتى تحضر كل شيء لأنها أول دعوة لبيتها كمتجوزة وهي ترغب بأن تحسن ضيافة أخت زوجها.


بعد أن انتهت من إعداد الطعام وقد جهز كل شيء للتقديم تقريبا ذهبت لتغير ملابسها، حضرت نورا وزوجها وقد خرجت داليا لتستقبل عمتها.


ضمتها عمتها وهي تقول بابتسامة عريضة: عاملة إيه يا داليا؟ وعاملة إيه مع طنط علياء؟


ابتسمت داليا وردت بهدوء: كويسة الحمدلله.


ربتت على كتفها:طبعا أنا عارفة إنك بنت شطورة وعاقلة.


تقدم أمجد وضمها له وهو يحدق إليها بحنان: طبعا داليا شاطرة وعاقلة طول عمرها مش محتاج كلام.


توترت داليا وارتبكت فاشأحت ببصرها عن والدها.


قالت علياء بكياسة: اتفضلوا الأكل جاهز على السفرة.


تقدموا للسفرة التي كانت مرتبة بعناية وأناقة وجلسوا لتناول الطعام.


لكن ما إن بدأوا بتناول الطعام حتى انكمشت ملامح نورا من الاشمئزاز وهي تفلت الملعقة من يدها وترفعها لفمها: إيه ده! 


نظر لها أمجد وعلياء باستفهام وكانوا على وشك سؤالها حين قال زوجها بنبرة تملأها التقزز: إيه الأكل ده! أنتوا لو قاصدين تجيبوا لنا القلب مش هتأكلونا الأكل ده!


الجزء السادس


حدقت إليهم علياء بذهول دون أن تفهم فقامت بتذوق الطعام لتتسع عيونها من الصدمة، كان مذاق الطعام سئ للدرجة التي تحث على التقيؤ فقد كان ملئ بالملح حتى أن من يأكل لا يتذوق غيره.


تذوق أمجد هو الآخر لينهض للحمام بسرعة ليبصق ما أكله.


رفعت علياء رأسها وقالت بارتباك: ااا أنا آسفة معرفش ده حصل إزاي والله.. أنا كنت...


قاطعتها نورا باستياء: متعرفيش إزاي بس يا علياء هي دي غلطة تتفوت؟ ده كأننا بناكل ملح من العلبة!


عاد أمجد ليوجه حديثه لنورا بجدية: نورا علياء طباخة شاطرة أكيد اللي حصل ده غلطة غير مقصودة.


ذمت نورا شفائها بانزعاج فقال زوجها بضيق: بس نورا معاها حق يا أمجد دي لا يمكن تكون غلطة غير مقصودة أنت عزمتنا علشان تهزقنا؟


قبل أن يتكلم أمجد نهضت داليا ووقفت بجانب علياء قائلة بنبرة دفاعية: ايوا بابا معاه حق يا عمتو، طنط علياء لا يمكن تعمل كدة قصدًا، بعدين نتكلم شوية بالمنطق هي هتعزمكم مخصوص وتتعب في الأكل علشان تبوظه؟ 

الموضوع بسيط ومش محتاج كل العصبية دي.


كانت الدموع تتجمع في عيون علياء من شعورها بالإهانة حتى تفاجأت مع الجميع بدفاع داليا عنها حتى أنها نظرت لها بذهول.


ابتسم أمجد برضى واقترب من ابنته ليقبلها من رأسها ويقول بفخر لأخته وزوجها: شوفتي يا نورا داليا حليتها ببساطة مش معقول علياء تتعب في الأكل من الصبح علشان تبوظه في الآخر!


ثم أردف بنظرة صارمة لزوج أخته: وعيب الكلام ده يا إبراهيم، من امتى بعزمك في بيتي علشان اهزقك ولا أقلل منك؟


نكس إبراهيم رأسه بإحراج فتابع أمجد بهدوء: اتفضلوا اقعدوا وأنا هطلب أكل من برة، وحصل خير.


مر بقية اليوم على خير وقد عادت علياء بالتدريج لطبيعتها وتصرفات بلباقة مع ضيوفها حتى غادروا، احتارت في أمر الطعام لأنها متأكدة أنها قد أتقنت كل شيء ولم تخطئ أم ربما أخطأت سهوا؟


اتعبها التفكير في الأمر فأقنعت نفسها أنه ربما خطأها، أرادت أيضا أن تشكر داليا عن دفاعها عنها اليوم إلا أنها خشيت أن تنزعج منها وتحدث مشكلة جديدة إن ذهبت إليها فقررت أن تشكرها إذا كانت هي من بادر بالتحديث إليها مرة أخرى.


بعد مرور يومين كان كل شيء يسير كالمعتاد، كانت علياء تحضر الطعام حين دلفت داليا للمطبخ.


اقتربت منها داليا وقالت بابتسامة هادئة: تحبي أساعدك؟


رفعت علياء عينيها لها بذهول للحظات قبل أن تجيب بترحيب: أكيد طبعا لو عايزة.


نظرت داليا إلى ما في يدها وقالت بتساؤل: بتعملي محشي؟


أومأت علياء بابتسامة: أيوا سلقت ورق العنب ودلوقتي بقور الكوسة عرفت أنك بتحبي ورق العنب من أمجد صح؟


أومأت داليا ثم قالت بعفوية: طب أساعدك في إيه؟


أشارت لها علياء: شوفي الفرخة كدة استوت ولا لا علشان اطفي عنها.


ذهبت داليا من ورائها بينما أكملت علياء عملها حين قالت داليا فجأة بحماس: تعرفي سمعت عمتو بتكلم بابا امبارح كانت بتسأله أنتِ هتحملي امتى بقى يا طنط.


ثم تابعت وهي تفعل ما طُلب منها: تعرفي سمعت عمتو قبل كدة كتير بتتكلم أنه الواحدة لازم لما تتجوز تخلف وإلا ساعتها مش هتبقى مالية عين جوزها، حتى كنت بسمع الستات اللي بتقعد معاهم لأني علطول ببقى قاعدة أنا كمان أنه الست اللي مش بتخلف دي بتبقى ناقصة ومش زي أي ست ده حتى بيقولوا عليها أرض بور مش نافعة لأنها لو مقدرتش تجيب ولاد زي ما مفروض تعمل ساعتها إيه لازمتها؟


رفعت داليا كتفيها بحيرة بينما تكمل حديثها: ده حتى بيتقال عليها مش نافعة معرفش يعني إيه مش نافعة دي بس يمكن أنها مش هتقدر تسعد جوزها، المهم سمعت كلام كتير من ده قبل كدة افتكرته وعمته بتكلم بابا امبارح.


أنهت حديثها بمكر: فصحيح يا طنط أنتِ هتجيبي لي أخ ولا أخت امتى ألعب معاه؟ تعرفي ساعتها هفرح أوي!


حدقت داليا لظهر علياء بطرف عينيها والخبث يلمع فيهما بينما منذ بداية حديث داليا كانت يد علياء تتوقف عن العمل ببطء حتى تجمدت مكانها على نفس الوضعية وهي تحدق أمامها دون أن ترى شيئًا، كان هناك ألم يمزق قلبها تشعر أن لو كان هناك سكين غُرس في قلبها لما كان الألم أكبر مما هو عليه، ذلك الألم جعلها غير قادرة حتى على الحديث ولسانها عاجز عن النطق بالكلام.


كررت داليا كلماتها بانزعاج حين لم ترد عليها علياء: الفرخة استوت أعمل إيه؟


وأخيرا استعادت علياء شيء من وعيها بما حولها فازدردت ريقها بصعوبة قبل أن ترددد بصوت مبحوح: تقدري تروحي أوضتك أنا هكمل.


رفعت داليا حاجبها بتعجب إلا أنها لم تهتم وذهبت لغرفتها، وضعت علياء ما بيدها على الطاولة ثم حاولت وهي تستند إليها فقد شعرت في تلك اللحظة أنها غير قادرة على الوقوف لوحدها، تحركت بقدمين ثقيلتان حتى وصلت لغرفتها.


جلست على سريرها ثم أغمضت جفنيها رغم ذلك تسربت الدموع منها حارة على خديها فلم تعلم داليا أبدا ما أحدثته بحديثها العفوي ذلك داخل علياء.


في ذلك اليوم لم تتناول علياء الطعام معهم في أي وكبة وبقيت مستلقية في السرير وقد أخبرت أمجد أنها تشعر بقليل من التعب والإرهاق.


نظر أمجد لوجهها الشاحب بقلق: طب قومي نروح للدكتور نطمن عليكِ.


ابتسمت له ابتسامة شاحبة: متقلقش نفسك ده شوية هبوط عادي وهبقل كويسة كمان شوية.


بعد أن أحضر لها طعامها في السرير ذهب ليتناول الطعام في الخارج مع داليا حتى لا تستاء، كان يجلس وهو يفكر في شحوب علياء والحزن الذي حاولت إخفاءه عنه رغم ذلك لاحظه حين قالت داليا بضيق: مالك يا بابا مش مركز معايا ليه؟


ابتسم لها وقال معتذرا: معلش يا حبيبتي سرحت وأنا مش واخد بالي قولي لي كنتِ بتقولي إيه؟


وضعت ذراعيها على الطاولة وقالت بحماس: إيه رأيك نخرج بكرة نروح المول؟ عايزة اشتري شوية حاجات وبالمرة بقالنا كتير مخرجناش.


ثم تابعت مقترحة: وطنط علياء تقدري تيجي معانا كمان لو حابة.


عقد أمجد حاجبيه باستغراب وضحك: ده بجد يا داليا؟


أومأت داليا بسرعة: اه طبعا.


نظرت للطاولة وهي تعبث في مفرشها: صحيح مكناش متفاهمين في الأول بس مش هنفضل طول العمر بحاول يعني.


ابتسم أمجد بارتياح وهو يمد يده ويمسك بيد داليا عبر الطاولة قائلا بحنان: كنت متأكد أنه هيجي يوم وتفهميني يا داليا وأنا عارفة أنك عاقلة.


ابتسمت له داليا دون أن ترد وعيناها تشرد بتفكير.


أخبر أمجد علياء بفكرة داليا فحاولت إظهار الاهتمام لها لأنها أول بادرة من داليا بتقبلها لها وقد تحاملت على نفسها لتخرج معهم.


ساروا في المركز التجاري من متجر لآخر بسبب طلبات داليا حين توقفت فجأة فقال أمجد بتعجب: مالك يا داليا؟


ابتسمت بخجل قبل أن تتقدم لعلياء وتهمس في أذنها فابتسمت علياء لها بحنو وردت: داليا محتاجة شوية حاجات للبنات يا أمجد.


فهم أمجد فأعطى علياء بعض النقود وأخبرهم أنه سيجلس في إحدى المقاهي حتى ينتهوا.


كانت علياء تسير مع داليا ورغم جو الألفة الجديد إلا أن علياء كانت شاردة رغما عنها في كلمات البارحة فقد أحيت ذكريات ظنت أنها استطاعت دفنها ونسيانها للأبد، ذكريات بغيضة على قلبها لا ترغب في تذكر شيئًا منها أبدا.


فجأة أفاقت من شرودها لتجد أنها تسير لوحدها دون داليا، تلفتت حولها فلم تجد أي أثر لها.


توترت ولم تعرف ماذا تفعل فعادت للوراء قليلا حتى ترى إن كانت توقفت عند متجر دون أن تنتبه لها، ظلت تبحث عنها لبعض الوقت وتسأل عنها في المتاجر دون فائدة وحين تعبت من إيجادها وقفت مكانها تجوب ببصرها جميع أرجاء المركز التجاري بخوف وحيرة وهي تنادي بصوت عالي ملئ باليأس: داليا!


الجزء السابع


لم تجد علياء أي حل غير أن تتصل بأمجد فقد نفذ عقولها من الحلول وعلى الفور حضر أمجد الذي سألها بقلق: فين داليا يا علياء؟


نظرت له علياء بارتباك: معرفش يا أمجد أنا كنت ناسية فجأة ملقيتهاش جنبي.


رد أمجد بحدة: يعني إيه معرفش! مش المفروض أنتِ المسئولة عنها؟ إزاي فجأة ملقيتهاش؟ أكيد مختفيتش!


زفر أمجد بحدة ثم أخرج هاتفه ليتصل بها إلا أن قسمات وجهه تغيرت للقلق الشديد حين سمع أن هاتفها مغلق.


نظر حوله بحيرة حين عاتب علياء بشدة قائلا: المفروض داليا أمانتك يا علياء إزاي بس يحصل كدة!


توترت علياء بشدة فقد شعرت بالخوف على داليا رغم أنها لم تنبهها قبل أن تفترق عنها!


خوف جديد بدأ يطرق باب قلبها أيعقل أن تكون قد خُطفت؟!


نظرت لأمجد برعب وشحب وجهها وكانت على وشك أن تصارحه بمخاوفها حين سمعت صوت داليا من ورائها.


قالت داليا بابتسامة وهي تقترب من والدها: إيه بابا مش قولت هتستنى لحد ما نخلص ونكلمك؟


نظر لها والدها بدهشة ممزوجة بارتياح ثم تقدم وضمها له بقوة وتحدث بصرامة: كنتِ فين يا داليا وتليفونك مقفول؟


ردت داليا بتعجب: كنت بشتري حاجة ليا يا بابا وتليفوني فصل شحن.


ثم نظرت لعلياء ببراءة مصطنعة: وبعدين أنا قولت لطنط علياء أنا راحة فين مش كدة يا طنط؟ بس أنا دورت عليكِ في المكان اللي سيبتك فيه أنتِ مشيتي من غير ما تقولي لي ليه وأنتِ عارفة أني مش هعرف أكلمك؟


حدقت إليها علياء بصدمة: أنتِ قولتيلي كدة؟


كانت عيون أمجد تحدق إليها باتهام فنظرت للأرض بحيرة وهي تهز رأسها بقوة: بس أنا مش فاكرة أي حاجة من دي.


ضم أمجد داليا إليه وقال لعلياء بنبرة تأنيب خفية: يلا نروح ولينا كلام تاني مع بعض في البيت.


استدار ليسير بجانب داليا التي أخفت ابتسامة خبيثة بينما وقفت علياء مكانها تلتقط أنفاسها من الحيرة والضياع اللذان تشعر بهما، تحاول أن تتذكر حديث داليا وهل هي توجهت لها بالكلام بالفعل وهي لم تنتبه إلا أنها لم تتمكن من التذكر لأنها كانت شاردة حينها.


في النهاية تحركت ورائهما وعادوا إلى البيت بصمت، حين دلفت لغرفة النوم وراء أمجد استدار لها وقال بغضب ويديه على خصره: ممكن تفهميني اللي حصل النهاردة؟


ردت علياء بهدوء: أمجد أنا نفسي مش عارفة اللي حصل النهاردة، أنا بجد مش فاكرة أنها قالتلي!


رفع حاجبه باستنكار: والله؟ إزاي وهي قايلالك بنفسها!


جلست علياء وردت بنبرة محملة بالضيق: أيوا يا أمجد أنا بحكي لك اللي حصل وردك ده معناه أنه أنت بتكدبني.


مسح وجهه وهو يحاول تهدئة نفسه: علياء أنتِ عارفة أني مش بكدبك بس أنتٓ فاهمة قصدي كويس وفاهم أني كنت مرعوب على بنتي.


نظرت علياء للناحية الأخرى حتى لا يرى دموعها وقالت بصوت متحشرج: وهو أنت فاكر علشان مش بنتي مش هخاف عليها وهبقى مهملة فيها؟


تنهد أمجد وجلس بجانبها واضعًا يديه على كتفيها معتذرًا: علياء أنتِ عارفة أني مقصدش بس قدري موقفي أنتِ داليا عندي إيه.


أومأت برأسها وقالت بصوت خافت: أنا هرتاح شوية.


راقبها بضيق وهي تستلقي ثم خرج من الغرفة، مر اليوم بشكل متوتر حتى كان الجميع صامتًا على طاولة الطعام فيما كانت داليا تراقب الأجواء بين والدها وزوجته وداخلها سعادة منتشية لأنها نجحت في مسعاها اليوم.


كانت علياء تشعر بضرورة التحدث مع داليا فيما حدث اليوم لذلك قررت أن تذهب لغرفتها، كان الباب شبه مغلق ولكن لا يجوز أن تدخل فجأة فرفعت يدها لتطرق الباب ثم توقفت مكانها من الذهول.


كانت تسمع داليا تضحك ومن الواضح أنها تتحدث مع أحد على الهاتف.


تابعت داليا حديثها بمكر: طبعا! هي لسة شافت حاجة، لازم تعرف كويس أنها ولا حاجة وتندم على اليوم اللي دخلت فيه حياتنا!

الجزء الثامن


ذُهلت علياء مما تسمعه وفي تلك اللحظة انتبهت لها داليا فأنهت المكالمة بسرعة ثم نهضت عن سريرها وتقدمت لتفتح الباب بغضب: أنتِ إيه اللي موقفك قدام باب أوضتي بالشكل ده؟ بتتصنتي عليا؟


تحكمت علياء في تعبيراتها وقالت بوقار: أنا مش بتصنت عليكِ بس كنت جاية أتكلم معاكِ في موضوع وشوفت باب أوضتك مفتوح وصوتك كان عالي.


عقدت داليا حاجبيها بعدم اقتناع وتابعت باستنكار: لو كدة كنت نبهتيني مش وقفتي تسمعي! أنتِ أكيد قاصدة اللي بتعمليه علشان تضايقيني.


نظرت لها علياء بدهشة من تفسيرها للأمور ولكنها قالت بنبرة جدية: أنت تفكيرك عني مش سليم خالص وبعدين يا داليا أنا جيت أكلمك في موضوع مهم، اللي حصل في المول لأني حقيقي مش فاكرة أنك كلمتيني أصلا.


توترت ملامح داليا ولكن تمالكت نفسها وقالت بنبرة عصبية: والله؟ هو ده الموضوع المهم اللي بتداري بيه دلوقتي؟ أنا قولت الحقيقة أنتِ فاكرة ولا مش فاكرة دي مش مشكلتي.


شعرت علياء بوجود شيء خفي في قسمات وصوت داليا فقالت بشك: طيب أنا يمكن فعلا مخدتش بالي بس مين اللي كنتِ بتتكلمي عليها بالشكل ده؟ واضح أنها واحدة فعلا بتكرهيها.


ازداد توتر داليا وكادت أن تشحب فقالت بضيق مصطنع: يعني برضو كنتِ بتسمعيني بتكلم بس على العموم دي واحدة أعرفها عملت نفسها صاحبتي وفرقت بيني وبين أغلى صاحبة عندي علشان كدة أنا مش هسكت لها.


رغم أن شيء أشعر علياء بعدم الاقتناع الكلي إلا أنها صدقتها، ولج أمجد في تلك اللحظة وهو يقول باستغراب: مالكم في إيه؟ واقفين كدة ليه؟


انتهزت داليا الفرصة وارتمت في أحضان والدها باستياء: أنا كنت بسأل طنط علياء يا بابا ليه واقفة عند باب أوضتي وبتسمع كلامي مع صاحبتي فكرتني بزعق لها بس أنا كنت مستغربة.


اترفع حاجبي علياء بذهول بينما نظر لها أمجد بلوم: الكلام ده صحيح يا علياء؟


ردت علياء بنبرة إنكار تام لما تسمعه: لا طبعا يا أمجد أنا قولت لها مكنش قصدي كنت رايح أكلمها وسمعتها بالصدفة.


زفر أمجد بضيق: خلاص حصل خير، مش لازم نعمل موضوع على أمر تافه زي ده.


أحست علياء بشعور من الكدر لأنه من الواضح أن أمجد أقفل الموضوع دون أن يقتنع بما يسمعه منها وفي نفس الوقت نظرت لداليا وكثير من التساؤلات تدور في رأسها، هل فعلا داليا تصدق ماتقوله؟ إن كل تلك الأمور أكثر مما تحتمل إحتمال الصدفة وسوء التفاهم خاصة وأن الأمور تسوء بينها وبين أمجد، ذهبت من أمامهم بسبب ضيقها فاستغلت داليا ذلك وقالت بنبرة حزن مزيفة: ساعات يا بابا بحس أنه طنط علياء مش بتحبني.


قال أمجد بقلق: ليه بتقولي كدة يا حبيبتي؟ لا طبعا طنط علياء بتحبك.


أردفت بنفس النبرة: أنا بحاول على قد ما أقدر أتقبل الموضوع يا بابا وأنت عارف أنه مش سهل عليا خالص بس ده اللي بحسه بجد.


صمت أمجد ومسح على شعرها بحنان قبل أن يبعدها ليقبل جبينها بحنان: حبيبتي متشغليش بالك بالمواضيع دي خالص دلوقتي أهم حاجة مذاكرتك وامتحاناتك، مش أنتِ نفسك تجيبي مجموع يدخلك ثانوي أو تمريض؟


أومأت برأسها فربت على خدها: يبقى متفكريش بحاجة تانية اتفقنا؟


في اليوم التالي أخبر أمجد علياء أنه سيتأخر في عمله لبعض الظروف الطارئة ورغم الجفاء الذي بينهما إلا أن علياء طمأنته أنها ستهتم بداليا وستنتظره لحين عودتهما فقد كانت داليا ذهبت لمراجعة الدروس النهائية للاستعداد للامتحان.


أشارت عقارب الساعة للثامنة ففكرت علياء يديها بتوتر، لقد كان موعد عودة داليا هو السادسة والنصف وإن تأخرت لشيء ما فهو السابعة ولكنها لم تعد كما أن هاتفها مغلق وهي لم ترد أن تُقلق أمجد بدون داعي كما المرة الماضية.


كانت جالسة تنتظر حين رن هاتفها برقم غريب فلم ترد لأنها لا تجيب أبدا على الأرقام المجهولة ولكن حين تكرر الإتصال تنهدت بحنق وأجابت: نعم؟ مين معايا؟


أتاها صوت داليا فزعًا: طنط علياء ممكن تيجي تاخديني أنا موبايلي فصل شحن وفلوسي خلصت ومش عارفة أروح وبكلمك من تليفون صاحبتي لأنه هي كمان مش معاها فلوس تكفينا.


نهضت علياء بخوف: طب أهدي يا حبيبتي، قوليلي أنتِ فين وأنا هاجي لك.


أخبرتها داليا بمكانها فاتسعت عيون علياء بغرابة: إيه اللي وادكي هناك كدة؟ طيب أنا جاية حالا.


أسرعت علياء تبدل ملابسها وهي تتعجب داخلها من ذلك المكان البعيد الذي ذهبت إليها داليا فالمسافة بينهم وبين ذلك المكأن تأخذ من الوقت أقل شيء ساعة ونصف.


كانت علياء طوال الطريق تدعو أن تصل لداليا قبل أن يشعر أمجد بشيء ولكن الغريب أنه حين حاولت علياء الإتصال بذلك الرقم مرة أخرى وجدته مغلقًا مما زاد في قلقها، وصلت ذلك المكان وهي تتصل عدة مرات ولكن كان يعطيها نفس النتيجة فازداد خوفها وهي تبحث عنها، مر ساعة دون أن تشعر حتى فاجأها إتصال أمجد فنظرت للهاتف بارتباك قبل أن تجيب بحذر: أيوا يا أمجد.


أتاها صوت أمجد ملئ بالسخط والامتعاض: أنتِ فين يا علياء؟ وعارفة الساعة كام؟ إزاي تخرجي من غير ما تقوليلي!


صمتت بتوتر فهي لا تدري بما تجيبه فحاولت القول بتوتر: خرجت في حاجة مستعجلة يا أمجد و...


قاطعها بانزعاج شديد: وإيه الحاجة المستعجلة دي اللي تخليكي تسيبي البيت فجأة؟ ومخدتيش داليا معاكِ ليه إزاي تسيبيها لوحدها في البيت؟


رددت علياء بعدم استيعاب: داليا؟


أكد أمجد بغيظ: ايوا داليا، وأنتِ عارفة كويس أنه مينفعش تسيبي بنت في سنها لوحدها في الشقة في وقت زي ده! 


كانت علياء تستمع بعدم تصديق وكررت: داليا عندك؟


أخذ أمجد عدة أنفاس ليسيطر على غضبه: أيوا إيه اللي مش مفهوم في الموضوع؟ أنتِ فين علشان اجي أخدك؟


ردت علياء بنبرة هادئة للغاية أثارت استغرابه: مفيش داعي تيجي أنا راكبة وجاية في الطريق.


ثم أغلقت الهاتف وكل شيء يتجمع في ذهنها ليُشكل صورة منطقية أخيرا عن كل تصرفات داليا في الفترة الأخيرة من تقرُبها منها ثم المشاكل التي تحدث بينها وبين والدها بشكل غريب وبلا سبب يستحق ودون شعور انهمرت دمعتان على خدها فقد طغى عليها شعور سخيف بالخيانة منها رغم أن داليا لم تقُل شيء بشكل واضح ولكن علياء شعرت بأن حلمها بحياة طبيعية وتكون أسرة لها قد بدأ يتحقق بعد كل تلك المعاناة التي عانتها وقد اعتقدت أن صبرها كفيل بجعل ذلك يتحقق ولكنها كانت مخطئة وكان يجب أن تستمع لنصيحة أختها، لقد كانت أختها محقة حين نصحتها وحذرتها ألا تُعوض أمومتها المفقودة في داليا.


وصلت إلى البيت في وقت متأخر وبين فترات منتظمة كان أمجد يتصل حتى يعلم بمكانها وقد رفضت أكثر من مرة بإصرار غريب أن يأتي ليأخذها.


دخلت لتجد أمجد واقفًا ينتظرها بينما داليا جالسة ولا تنظر لها بل تنظر للناحية الأخرى، ثبتت عيون علياء عليها للحظات بلوم قبل أن تغلق الباب ورائها.


كتف أمجد ذراعيه بهدوء ظاهري: كنتِ فين؟


أجابت علياء بثبات: داليا اتصلت عليا من رقم صاحبتها وقالتلي أنها في مكان بعيد ولوحدها مش معاها فلوس وتليفونها فصل شحن فأنا لبست روحت لها وتقدر تسألها.


نهضت داليا على الفور تصيح بإنكار: محصلش يا بابا أنت عارف أنا كنت فين ورجعت البيت امتى وأنت جاي لاقيني هنا من بدري!


كانت علياء مأخوذة بمدى وقاحة داليا وكذبها خصوصا حين رد أمجد بعيون متسعة بعدم تصديق مما تقوله: علياء إيه اللي بتقوليه ده! داليا مراحتش في حتة غير الدرس وأنا كنت متابع معاها علطول ومعايا اللوكيشن بتاعها اللي مفيش بيننا وبينه ربع ساعة! ولما رجعت البيت كلمتني أنها ملقتكيش موجودة وأنها لوحدها كنت مفكر أنك برة بتجيبي حاجة وراجعة لحد ما كلمتني تاني أنك لسة مرجعتيش فسيبت كل حاجة وجيت!


لم تستطع علياء استيعاب كل ما تسمعه وكيف حيكت ضدها تلك المؤامرة المُحكمة من فتاة لم تبلغ بعد الخامسة عشر! 


رأت داليا أن والدها غاضب بشكل كبير فقالت بسرعة حتى لا تعطي فرصة لعلياء حتى ترد: وبعدين أنا تليفوني مفصلش شحن وريني كدة الرقم اللي بتقولي عليه لصاحبتي أو اتصلي علشان نفهم.


نظرت لها علياء وقد الجم لسانها ما يحدث فأخرجت هاتفها واتصلت بذلك الرقم لتجده مغلقًا وقد فَعَلت مكبر الصوت حتى يسمع الجميع.


تقدمت داليا لها وقالت بانتصار وهي تأخذ الهاتف منها وتطالعه ثم تديره لوالدها: ده مش رقم أي حد من أصحابي يا بابا وأنت عارف وبعدين أنا كنت بكلمك من تليفوني وكان مفتوح!


نظر أمجد للهاتف ثم لعلياء وسألها بخشونة: ها؟ معندكيش حاجة تقوليها؟


سيطر على علياء تلك اللحظة شعورًا بالظلم الشديد، ظلم لجُرم لم ترتكبه ولا ذنب لها فيه.


كانت نظرات أمجد تُدينها بقوة فردت بحدة ممزوجة بالقهر: أنا قولت كل اللي عندي ومسمحلكش يا أمجد تكلمني بالطريقة ولا تبص لي بالنظرات دي أنا قولت الحقيقة وربنا شاهد عليها، اخترت تصدق متصدقش أنت حر! أنا معنديش أي حاجة أخبيها.


حدقت داليا إلى والدها بقلق وهي تراه يفكر فشعرت أن كل ما فعلته ربما ينهدم ويصدق والدها علياء فصرخت ببكاء زائف: أنا كنت حاسة من الأول أنك لما تتجوز هتتغير عليا لأنها هتكون أهم مني لكن قولت أني مفيش أهم مني ودلوقتي كل اللي كنت بفكر فيه طلع صح هي مش بتحبني ولا أنت بقيت تحبني!


ثم ركضت لغرفتها تحت أنظار علياء الغامضة وأمجد القلق وأغلقت الباب ورائها بقوة، ذهب أمجد ورائها وهو يطرق الباب قائلا بصرامة: داليا اطلعي نتكلم مينفعش اللي قولتيه ده!


صرخت داليا: لا مش هفتح أنا عايزة أقعد لوحدي سيبوني لوحدي.


تنهد أمجد ثم ابتعد عن الباب واستدار لعلياء التي قالت بحزم: مفيش داعي نكمل نقاش دلوقتي، الوقت متأخر والجيران زمانهم سمعوا أصواتنا.


لم يرد أمجد وقد ازداد ذلك الصراع داخله بين تصديق زوجته وبين ابنته التي لم يشك بها قط ولكن في نفس الوقت زوجته لا سبب لديها حتى تختلق ذلك الأمر إلا كانت تريد التخلص منها كما قالت داليا!


فرك رأسه بتعب من الصداع ثم دلف لغرفة النوم بينما بقيت علياء مكانها تسيطر على انفعالها بشق الأنفس نظرت بيدها التي ترتجف فشدت عليها بقوة، مر بعض الوقت وهي مكانها، لم تطق أن تدخل غرفة النوم وبينها وبين أمجد تلك المعضلة الكبيرة وقد تألمت من موقفه تجاهها فهي تقدر حبه لابنته ولكن عليه في نفس الوقت أن يفكر بعقله في تصرفاتها.


نظرت لباب غرفة داليا بتصميم وهي تعلم أنها لن تنم إلا حين تحصل على إجابات لأسئلتها فتقدمت وطرقت الباب ليأتيها صوت داليا بعناد: مش هفتح الباب.


قالت علياء بعناد أشد: ده أنا يا داليا ومش همشي غير لما تفتحي وأتكلم معاكِ.


ورغم اعتقاد علياء أن داليا ستُصر على موقفها إلا أنها تفاجأت حين فتحت الباب لها وتطلعت لها بصمت.


تراجعت داليا لتسير علياء ورائها ثم وقفت علياء أمام داليا وطالبتها بشِدَّة: ممكن أفهم بقى اللي حصل النهاردة؟ أظن كل حاجة بقت واضحة ومكشوفة، ليه عملتي كدة؟


كتفت داليا يديها وطالعت علياء من أسفل لأعلى ثم قالت بنبرة باردة: وأنتِ ليه مفهمتيش أنه ده مش مكانك من الأول؟ حاولت أوريكي بس مكانتك هنا.


طالعتها علياء بعدم تصديق: بالكذب؟ بالغش؟ بالخداع والمؤامرات؟ أنا عملت لك إيه لكل ده؟ أيوا متفهمة وضعك إنما أنا مأذتكيش علشان تأذيني بالشكل ده!


للحظات كاد شعور بالذنب أن يظهر على وجهها إلا أنه تجعدت ملامح داليا بالحقد وقالت بشراسة: لا عملتي! أذتيني يوم ما دخلتي وحاولتي تاخدي مكان ماما! ودلوقتي وريتك الحقيقة أنه عمرك ما هتاخدي مكانها وأظن بابا خلاص حدد موقفه ويصدق مين ومين لا!


هزت علياء رأسها وردت باعتراض ممتعض: بس أنا عمري ما حاولت أخد مكانها! وأنتِ عارفة كدة كويس أنا بس كنت بحاول العلاقة بيننا كويسة حتى لو كنت صاحبتك علشان نعيش كلنا كويسين ومفيش مشاكل!


ثم تابعت بنبرة ثقة: معاكِ حق والدك بيحبك جدا بس في نفس الوقت هو راجل عاقل وواعي ولما يفكر مع نفسه ويوزن الأمور هيقدر يكتشف بسهولة مين ورا كل المشاكل دي ومين الغلطان.


توترت داليا لبضعة لحظات ثم وقفت صامتة أمامها وقد ابتسمت ابتسامة غامضة أثارت تعجب علياء إلا عيونها اتسعت بصدمة حين فجأة رفعت داليا يدها وشدت التيشيرت الذي ترتديه من عند الرقبة ليتمزق جزء صغير من عند الكتف ثم صفعت نفسها على وجهها وبعثرت شعرها وصرخت بألم مزيف بصوت عالي حتى يصل مسامع والدها : ااه! ليه كدة يا طنط علياء؟ ليه تضربيني أنا عملت لك إيه! متشديش شعري حرام عليكِ!


تراجعت علياء مصدومة بشدة وهي تضع يديها على فمها مما تراه أمامها.


 ركضت داليا إلى والدها حين رأته آتيا بسرعة فتبعتها علياء على الفور.


بكت داليا بدموع مزيفة: شوفت يا بابا مراتك عملت فيا إيه؟ أنا معملتش حاجة لكل ده ليه تضربني؟


تطلع أمجد لمظهرها المشعث واحمرار خدها بصدمة ثم نظر لعلياء التي هزت رأسها بقوة وهي مازالت تنظر لداليا وقد فاق كل توقعاتها ما تفعله داليا الآن.


تقدمت علياء وأنكرت بقهر: والله يا أمجد محصلش! والله..


قاطعتها داليا بحسرة: ليه كل ده؟ علشان بس قولت الحقيقة قدام بابا؟ 


ثم نظرت لوالدها بانكسار: أنا قولتلك أنها مبتحبنيش وأنت مصدقتش، طلعت أنت كمان مش بتحبني أنا محدش بيحبني!


ثم استدارت لغرفتها على الفور ثم أغلقت الباب ورائها بالمفتاح، استندت إلى الباب وهي ترتجف تستمع للأصوات الغاضبة والمشاجرة الكبيرة بين والدها وزوجته.


تقدمت إلى سريرها وهي مازالت ترتعش، لقد أحست أنها أخيرا انتصرت وقد أحدثت شق غير قابل للإصلاح بين والدها وزوجته إلا أنها مازالت لا تصدق ما تجرأت على فعله الآن.


شجعت نفسها أنها فعلت ما يجب ثم بيد مرتجفة أمسكت بهاتفها واتصلت تنتظر رد الطرف الآخر بشوق.


حين أجاب الطرف الآخر قالت داليا بابتسامة مرتجفة: أيوا؟ أنا عملت كل اللي أنتِ قولتي عليه يا ماما!


الجزء التاسع


ابتسمت حسناء بزهو وهي تتطلع للشخص الذي بجانبها بمكر: بجد يا حبيبة ماما؟ طب وحصل إيه؟


سردت لها داليا كل ما فعلته وقالته كما أوصتها من البداية حتى النهاية لتُثني عليها حسناء بتشجيع: برافو يا حبيبتي أنتِ كدة عملتي الصح وسمعتي الكلام.


سألتها داليا بتردد: طب كدة أعمل إيه لو بابا جه سألني أو كلمني في حاجة يا ماما؟


طمأنتها قائلة: هقولك ساعتها تعملي إيه كفاية كدة لحد النهاردة ونامي بكرة نتكلم.


سألتها داليا بقلق لم تخفيه: اللي بنعمله ده هو الصح يا ماما صح؟ يعني أكيد هترجعوا أنتوا وبابا بعد كل ده؟


أكدت لها حسناء على الفور بنبرة حنان مزيفة: طبعا يا روحي أمال إحنا بنعمل كل ده ليه؟ مش أنتِ واثقة في ماما؟ خلاص اطمني كلنا هنبقى مع بعض قريب خالص.


قالت الجملة الأخيرة وهي تنظر بخبث للشخص الذي بجانبها الذي كتم ضحكته ثم أغلقت معها وألقت الهاتف إلى جوارها: إيه رأيك؟


ضحك بشدة: مش سهلة طول عمرك يا حسناء.


بادلته الضحك قبل أن تتحدث قائلة بتوعد: لا ولسة اللي جاي كله على مزاجك!


تذكرت اليوم الذي عملت به بأن أمجد تزوج مرة أخرى، يومها شعرت بالغيظ الشديد ولكن عادت فهدأت وقد قررت بعد كل هذه السنوات أن تعود لتجعل حياته الجديدة جحيمًا ولكن بشكل خفي دون أن تظهر في الصورة ولم تجد أسهل من داليا التي كانت تعلم أكيدة أن أمجد لم يخبرها شيء عن سبب طلاقهم، لذلك علمت بطريقها عن تفاصيل حياة داليا ومواعيد دورسها وانتظرتها في مرة لتقابلها.


كانت داليا تسير خارجة حين نادتها حسناء فتوقفت داليا مكانها لا تصدق أذنها الصوت الذي تسمعه فعادوت حسناء مناداتها فالتفتت داليا ببطء لتجد والدتها أمامها أخيرا وبعد كل تلك سنوات الفراق.


شهقت داليا بعدم تصديق: ماما؟


فتحت حسناء ذراعيها وقالت بابتسامة مزيفة: أيوا يا روح ماما وحشتيني يا داليا.


انطلقت داليا لأحضان والدتها وقد ضمتها إليها بقوة، مسحت حسناء على شعرها ببكاء مزيف: وحشتيني أوي يا حبيبتي كبرتي وبقيتي عروسة يا داليا.


اشتدت ذراعي داليا حوال حسناء وقد انهمرت دموعها باشتياق: وأنتِ كمان وحشتيني أوي يا ماما، أنتِ سيبتيني وروحتي فين؟


قالت حسناء بحزن: غصب عني يا حبيبتي مش بإيدي حقك عليا.


بقيت متعانقين لبعض الوقت حتى ملت حسناء وأبعدت داليا عنها وهي تقول بقلق مصطنع: مالك يا حبيبتي وشك دبلان كدة ليه؟ أحكي لي أنا عايزة أعرف الحزن باين عليكِ ليه!


أخفضت داليا رأسها وقالت بنبرة منخفضة: بابا اتجوز.


شهقت حسناء بشكل مفتعل وهي تضع يدها على فمها: إيه؟ أمجد اتجوز! يعني نجحوا يفرقوا بيننا ومش هنرجع تاني!


انقبض قلب داليا وهي تستمع لكلماتها التي لم تفهمها كليا وقالت بحيرة ممزوجة بالقلق: مين دول يا ماما اللي فرقوا بينك أنتِ وبابا؟


تظاهرت حسناء بالتردد فتابعت داليا بإصرار: لو سمحتِ قوليلي أنا نفسي أفهم كل حاجة وليه أنتِ مشيتي؟ إيه اللي حصل بينك وبين بابا؟


تنهدت حسناء قبل أن تبدأ في الكلام بأسى: شوفي يا داليا أنتِ مش هتفتكري الكلام ده لأنك صغيرة بس أنا ووالدك كان بيحصل بيننا مشاكل كتير أوي والسبب أنهم مش بيحبوني وكانوا عايزين يخربوا عليا ويفرقوا بيننا وفي آخر مشكلة حصلت كانت كبيرة أوي لدرجة الطلاق لأنهم خلوا أبوكِ يصدق أني وحشة وبتاعت مشاكل وخلوه ياخدك بعيد عني ويمشي وأخيرا يا بنتي عرفت مكانك وجيت أشوفك مش مهم خلاص أننا مش هنرجع لبعض المهم أني شوفتك بخير.


أنهت حديثها بالدموع فشاركتها داليا البكاء التي كان قلبها ينفطر على ما سمعته وإن الأمل انتهى بالنسبة لرجوع والديها معًا.


أمسكت يدها وقالت بجزع: بس لازم بابا يعرف الحقيقة يا ماما ويعرف أنه الناس مش كويسة..... وترجعوا لبعض.


توقفت عن الجملة الأخيرة بيأس وهي تدرك استحالة هذا الإحتمال بعد زواج والدها.


قالت حسناء بغصة: مبقاش ينفع يا داليا الناس دول قريبين أوي من والدك ومن منك هيفضلوا يكرهوني كدة طول العمر.


عقدت داليا حاجبيها باستغراب: مين الناس دول يا ماما؟


أخفضت حسناء عيونها لتخفي الخبث الذي بهما قبل أن تجيبها: عمتك.


اتسعت عيون داليا بدهشة: عمتو؟


أومأت حسناء: عمتك طول عمرها بتكرهني وكان بتستغل الفرصة علشان تحرضه ضدي هي كدة يا داليا وحتى مش بتحبك أنتِ كمان دي الحقيقة!


كانت داليا تجد صعوبة في تقبل تلك المعلومات لأنه رغم شخصية عمتها فهي في الحقيقة إنسانة طيبة لا تحب المشاكل ورغم كل المشاكسات بينهما فهي تحبها إلا أنها عادت وفكرت أن عمتها تغيرت عليها منذ طلاق والديها فهي مازالت تحبها ولكن العلاقة بينهما لم تكن كالسابق.


كانت حسناء ترى بسعادة داخلية تأثير كلماتها على داليا فتابعت لتضع لمستها الأخيرة: ومراته الجديدة دي كانت سبب في المشاكل بيننا يا داليا كانت عايزة تاخده مني علطول!


حدقت داليا إلى والدتها بصدمة: طنط علياء؟ إزاي!


قالت حسناء بحرقة: أيوا هي أنتِ مش عارفاها هي كانت تعرف أمجد قبل كدة ولما عرفت بعد السنين دي كلها بالمشاكل بيننا استغلت الوضع علشان يسبني ويتجوزها مع أنها كانت متجوزة!


رأت حسناء صدمتها وحيرتها فأردفت بحزن: أيوا وبعد ما اتطلقنا معرفتش تتطلق غير بعدها بفترة ودلوقتي نجحت وفرقت بيننا للأبد واتجوزته.


شعرت داليا بالغضب لكل ما حدث لوالدتها وبالحقد ناحية من أساؤوا إليها لذلك التفتت إليها بنبرة ثائرة: لا يا ماما منجحتش مش لازم ينجحوا أبدا! لازم بابا يعرف الحقيقة وترجعوا لبعض تاني.


صمتت حسناء لبعض الوقت تتظاهر بالتفكير ثم قالت باعتراض: بس خلاص يا داليا اللي حصل حصل لازم نقبل بالأمر الواقع وكل واحد يعيش حياته.


هزت رأسها برفض شديد ثم عانقت والدتها قائلة بألم: لا يا ماما إحنا لازم نرجع كلنا تاني أنتِ وحشتيني أوي، أنا محتاجة لك.


ابتسمت حسناء بانتصار وقد نجحت أكثر مما تتوقع فلقد جعلت الأمر كأن داليا هي من اقترحت وأصرت على عودتهم معا والتفريق بين علياء وأمجد.


بعد ذلك كل كلمة، كل تصرف، كل الخطط كانت من تخطيط حسناء فلقد كانت تخبر داليا ماذا يجب أن تقول وماذا تفعل ولقد بدأ ذلك مباشرة في يوم عزيمة عمتها، تغير داليا التدريجي في المعاملة كان من أمر حسناء أيضا ولقد شرحت لداليا ذلك أنه حتى لا يشك بها والدها لتظهر أمامه أن علياء هي من تجلب المشاكل ولا تحب داليا، هي من أخبرها أيضا بعدم قدرة علياء على الإنجاب، كل كلمة كانت تقولها داليا في أي موقف يجمعها بعلياء كانت كلمات حسناء حتى أتى ذلك اليوم بالخطة الأكبر التي ستحدث الشق النهائي في علاقة والدها وعلياء، كانت داليا مع والدتها وهي التي أعطتها هاتف غريب وأخبرتها كالعادة ماذا تقول وماذا تفعل بعد أن تعود علياء للمنزل وحتى فتح الباب كان بأمر والدتها التي أخبرتها ببقية الخطة وأن علياء بالتأكيد ستأتي للتحدث معها بشأن ذلك الموضوع وعليها أن تستغل تلك الفرصة، ورغم طاعة داليا العمياء واقتناعها بكل ما تفعله إلا أنه في أحيانا نادرا مثل اليوم كانت تشعر ببعض التردد والذنب خصوصا أن علياء كانت مسالمة دائمة وأن تلك المشاكل تتعب أعصاب والدها وتقلق راحته فسرعان ما تخبر نفسها أننا تفعل الصحيح في الانتقام لكل ما حدث لوالدتها من معاناة وألم وأن كل شيء سيعود لنصابه الصحيح حين تخرج علياء من حياتهم، فقد نجحت حسناء بأن تقنع داليا بأن علياء هي العدو.


تذكرت داليا كل ذلك وهي مازالت جالسة على سريرها لم تنم، نظرت لنفسها ثم نهضت لتغير ملابسها التي تمزقت، نظرت لنفسها في المرآة للحظات وقد غاب عن سمعها صوت والدها وزوجته ثم تغيرت نظراتها للتصميم وأغلقت النور لتنام.


في الخارج كان أمجد يجلس مازال لا يصدق المنظر الذي ركضت به ابنته إليه كمان لا يمكنه التصديق أكثر أن علياء هي من فعلت بها ذلك!


وقفت أمامه علياء فرفع رأسه لها بصمت.


أخذت علياء نفسًا عميقًا قبل أن تقول بكل بهدوء: طلقني يا أمجد.

الجزء العاشر


هب أمجد واقفًا على الفور قائلا باعتراض: أنتِ بتقولي إيه يا علياء مستحيل!


زفرت علياء بتعب وهي لا تتحمل أي نوع من النقاش في الوقت الحالي: مش مستحيل ولا حاجة يا أمجد أنا فكرت كتير وده أنسب حل لينا كلنا.


رد أمجد بنبرة رافضة: لا طبعا مش أنسب حل علياء أنتِ كدة بتعجزيني!


أجابت علياء بهدوء: لا يا أمجد بالعكس أنا بعفيك تمامًا من أني احطك في وضع اختيار وبعفي نفسي من حاجات كتير أوي.


قطب أمجد بحيرة لا يروق له ما يسمعه: يعني إيه؟


حدقت إليه علياء بجدية: يعني يا أمجد أنا مش هستنى يحصل أكتر من كدة أنا استحملت حاجات كتير علشان خاطرك بس مش قادرة ومش هنتظر لما يبقى قدامك تختار بيني وبين بنتك لأنه أنا عارفة اختيارك إيه ومش هحط نفسي في الوضع ده!


رد أمجد بغضب: بس دلوقتي مفيش اختيار بينك وبينها يا علياء ومش هيحصل!


قاطعته علياء بقهر: لا هيحصل أمال اللي حصل الليلة دي آخرته إيه؟ هنقدر نعيش كلنا إزاي مع بعض تاني؟ تقدر تقولي دلوقتي مصدق مين؟


صمت أمجد للحظات فابتسمت علياء بألم: طبعا إجابتك معروفة بس أنا مش هعرض نفسي للموقف ده كفاية لحد كدة.


أمسك بذراعها حين استدارت لتذهب يحثها بتوسل: علياء بالله عليكِ متعمليش فيا كدة، أنا مش بكدبك بس أنا محتاج اوزن الأمور، افهميني الأمور مش سهلة عليا خالص.


انتزعت ذراعها منه بقوة: ولا سهلة عليا أنا كمان! تخيل الموقف اللي أنا محطوطة فيه دلوقتي! أنا متهمة بشيء شنيع ومش قادرة حتى أدافع عن نفسي بصورة سليمة! ليه عايزني افهمك وأنت لا؟


تجمعت الدموع في عينيها فتابعت بصوت متهدج رغمًا عنها: يا أمجد أنا تعبت كتير أوي في حياتي وأنت عارف كل حاجة كويس أوي، ارحمني من أني أعيش تاني نفس الحياة دي!


تقدم أمجد وضمها له بقوة ورغم محاولات علياء الضعيفة للمقاومة إلا أنها انهارت في أحضانه باكية بحرقة.


شد من قوة ضمه له وهو يتحدث برفق: أنا مش عايز ولا موافق نهد اللي بيننا بسهولة كدة يا علياء ولأني عارف كل حاجة مش هوافق على كلامك ده، لازم نفكر شوية بالمنطق ونقعد ونتفاهم كلنا، لو سمحتِ أديني فرصة أصلح الوضع.


كانت علياء أضعف نفسيا وجسديا من أن تُبدي رد فعل لتبتعد عنه أو تجيب على كلماته فاعتبرها أمجد موافقة مبدئية ليقبل قمة شعرها ثم تريح علياء رأسها على كتفه، تحدق إلى البعيد شاردة بعيون متورمة من البكاء.


في الصباح استيقظت داليا وبقيت منتظرة مكانها بترقب وقلق المواجهة مع والدها، كانت متأكدة من نجاح الخطة التي نفذتها حسب تعليمات والدتها ولكنها كانت تنتظر الخطوات التالية من والدتها حتى تعلم ماذا ستفعل مع والدها بدقة.


دق الباب فانتفضت قبل أن تجيب بصوت هادئ: اتفضل.


دلف والدها فحاولت التغلب على توترها الذي يزداد بشدة، تقدم ليجلس أمامها.


حدق إليه وقال بجدية: محتاجين نقعد ونتكلم يا داليا عن كل حاجة حصلت بس مش لوحدنا...


انتظر لدقيقة قبل أن يتابع وهو يحدق إليها بنظرة معينة: مع علياء كمان لازم كلنا نحل المشكلة دي.


انتفضت واقفة على الفور بغضب: مع علياء؟ يعني بعد كل اللي حصل ده وعايزني أقعد معاها تاني؟ بعد ما ضربتني! 


نهض أمجد بهدوء: الأمور متتحلش بالطريقة دي يا داليا.


تنفست بعصبية وعلى وشك أن تُجن من هدوء والدها: أمال تتحل إزاي؟ للدرجة أنا مش مهمة عندك؟ مراتك تضربني وعايزني أقعد معاها أتناقش!


قال بهدوء: يا داليا....


قاطعته بنبرة ثائرة: مش عايزة أسمع حاجة! إزاي اسمعك وأنت متساهل في حقي أوي كدة! مش عايزة أسمع حاجة!


تفحصها أمجد بنظراته للحظات قبل أن يخرج من الغرفة، أسرعت داليا لهاتفها وهي تتميز من الغيظ بسبب موقف والدها، يجب أن تخبر والدتها فورا.


قالت داليا على الفور بسخط حين أجابت حسناء: الخطة منجحتش يا ماما نعمل إيه!


ردت حسناء بصدمة: يعني إيه منجحتش؟ أنتِ متأكدة!


أجابت داليا بانزعاج: أيوا بابا جه وقالي لازم نقعد كلنا مع بعض ونحل المشكلة مش زي ما توقعنا.


استاشطت حسناء من الغيظ: شوفتي يا داليا؟ مش قولتلك إزاي هي مسيطرة على أمجد وبتخليه يسمع كلامها! حتى مع أنها المفروض ضربتك مش هامه غيرها!


أحست داليا بالكراهية تزداد تجاه علياء من كلام والدتها: طب هنعمل إيه دلوقتي؟


فكرت حسناء لبعض الوقت بغل في طريقة جديدة لتصل لغرضها قبل أن تلمع فكرة في رأسها فقالت بخبث: أنا هقولك تعملي إيه.


استمعت داليا باهتمام: إيه يا ماما؟


ابتسمت حسناء بمكر لتتابع: تهربي من البيت.


الجزء 11


صدمت داليا من كلمات والدتها فرددت بعدم تصديق: أهرب؟


حثتها حسناء متابعة: اه طبعا تهربي وتيجي عندي في البيت ساعتها أمجد هيبقى قدام الأمر الواقع ويعرف أنه خلاص هيخسرك لو فضل مع اللي اسمها علياء دي وهيطلقها ساعتها.


صمتت داليا بحيرة وهي لا تعلم هل تطيع والدتها في تلك الخطوة المتهورة أم لا، تعلم أنها خطوة كبيرة وخطيرة للغاية ربما تتسبب في استياء والدها الشديد منها.


حين أحست حسناء بأن داليا تفكر ويمكن أن تتراجع أردفت بصوت حزين متأثر: فكري يا داليا وردي عليا، إحنا دلوقتي بنعمل أي حاجة علشان نخلي أبوكِ يشوف الحقيقة وإلا لو عرف اللي عملناه ساعتها هيحرمني منك ومش هعرف أشوفك تاني أبدا وعلياء هتكون انتصرت علينا كلنا.


قالت داليا بتردد: مش عارفة يا ماما، أنا عارفة أنه معاكِ حق بس....


قاطعتها حسناء بتلهف: بس إيه؟ دلوقتي مش عايزة تساعدي ماما؟ 


سارعت داليا تنفي ذلك بلهفة: لا طبعا يا ماما أنا أعمل أي حاجة علشانك بس الموضوع كبير.


أحست حسناء أنها إن ضغطت أكثر على داليا ربما ترفض فردت بصوت كسير: خلاص يا داليا فكري وبراحتك.


أغلقت داليا الهاتف وبقيت مكانها لقد وقعت في حيرة شديدة ولا تعرف كيف تقرر أمرًا بدى أكبر من عمرها وخبرتها وقدرتها على الحكم من ناحية هي تريد عودة والدتها بشدة ومن ناحية لا تستطيع الهرب من المنزل ذلك سيُغضب والدها منها بشدة، تنهدت بشدة وهي لا تعرف كيف تحسم أمرها.


في الخارج كانت علياء تجلس صامتة أمام أمجد.


رفعت بصرها له وقالت بجدية: أنا هروح عند أهلي فترة.


حدق إليها والرفض يظهر واضحًا في عينيه إلا أنها تابعت بتصميم: لازم ده يحصل، أنا فكرت طول الليل، أي تفاهم بينك وبين داليا مش لازم يحصل وأنا موجودة وأنا كمان محتاجة أريح أعصابي شوية.


تنهد وهو يهز رأسه دون أن يتكلم، نظر لغرفة داليا بتفكير وهو يعلم أن هناك لغز يجب عليه حله وفي أسرع وقت ممكن.


طرق الباب فنهض ليفتح ليجدها نورا أخته التي بادرته بقلق: مالك يا أمجد؟ صوتك مكنش طبيعي في التليفون حصل حاجة؟


قال أمجد بهدوء: اتفضلي يا نورا بس الأول مفيش حاجة.


دلفت نورا تحمل ابنها الصغير على ذراعها ثم توقفت تنظر لعلياء التي ظهر الإرهاق على محياها، نهضت علياء لترحب بها.


سلمت عليها نورا ثم نظرت لوطنها بتفحص: مالك يا علياء؟


ثم عادت لأمجد: ماحد يرد عليا! باين خالص أنه فيه حاجة مش طبيعية!


حاولت علياء الابتسام: مفيش حاجة  يا نورا إحنا كويسين الحمد لله.


ردت نورا بعناد: لا فيه حاجة وحاجة كبيرة كمان، يعني أنا مش هعرف صوت أخويا لما يكون تعبان! ده كفاية الواحد يبص في وشكم! احكوا لي يمكن أقدر أحل معاكم.


نظرت علياء لأمجد الذي أمسك نورا من ذراعها وأجلسها: اقعدي بس ونتكلم يا نورا.


قالت علياء لأمجد: أنا هدخل أنا يا أمجد أحضر شنطتي.


أومأ أمجد بينما حدقت إليهم نورا باستغراب: تحضر شنطتها ليه؟ مسافرين؟


قال أمجد بضيق: علياء هتروح تقعد عند أهلها فترة.


شهقت نورا بذهول: ليه اتخانقتوا!


رد بتوتر: مش ده الموضوع بس حصل سوء تفاهم والفترة دي مفيش تفاهم بينها وبين داليا.


قاطعته نورا بسخط: اه قولي كدة من الأول يبقى الموضوع كله بسبب داليا!


قال أمجد بانزعاج: نورا لو سمحتِ اسمعيني الأول ولا مش بسبب داليا قولتلك مجرد سوء تفاهم وهي هتروح ترتاح فترة وترجع تاني.


قالت نورا بحنق: لا مش سوء تفاهم يا أمجد وأنا عارفة من الأول اللي هيحصل! أنا مش هسيبها تدمر حياتك زي ما أمها عملت قبل كدة!


نهرها أمجد بحدة: نورا! آخر مرة أحذرك تجيبي سيرة الموضوع ده على لسانك أنتِ فاهمة!


نهضت نورا بغضب: طيب وبعد ما أسكت؟ هتسيب حياتك تتخرب تاني! قولتلك ألف مرة أنك بتدلعها ولازم تقف لها علشان متبوظش مسمعتش كلامي، دلوقتي بقى أنا اللي هقف لها يا أمجد!


ثم أسرعت باتجاه غرفة داليا وفتحتها على غفلة منها ففُزعت داليا وهي تنظر لعمتها الغاضبة التي اتجهت نحوها وسحبتها من ذراعها لتقف صارخة: أنتِ يا بت أنتِ مش هترتاحي غير لما تخربي حياة أبوكِ!


قالت داليا بدهشة: فيه إيه ياعمتو حصل إيه؟


لحق بها أمجد وأبعدها عن داليا قائلا بحزم: خلاص يا نورا مينفعش اللي أنتِ بتعمليه ده!


حدقت إليه نورا بغيظ: لا وينفع اللي هي بتعمله أوي!


عادت نورا تحدق لها بحنق: هتستفيدي إيه لما تخربي حياته مع مراته؟ قوليلي ها؟ أنتِ شكلك وراكِ حاجة مش مظبوطة!


خافت داليا من أن يكون انكشف أمرها فقالت بارتباك حاولت إخفائه بالاستياء: يعني إيه كلامك ده مش فاهمة! أنا معملتش حاجة.


ابتسمت نورا بسخرية: لا دور الملاك تعمليه مش هيدخل عليا، الدور اللي عملته أمك زمان ما أنتِ طالعة زيها!


صدع صوت أمجد العالي في الغرفة باحتدام: خلاص! إيه مش مالي عينك يا نورا ولا إيه! قولتلك كفاية!


صمتت نورا أخيرا فأمسكها أمجد وأخرجها من الغرفة ثم أغلق الباب فجلست داليا على سريرها بخوف وتوتر من الواضح أن عمتها لن ترك الأمر يمر على خير وربما تقلب والدها ضدها أو ينكشف أمرها، فماذا ستفعل حينها؟


نظرت إلى الهاتف وتذكرت كلمات والدتها، هل يمكن أن تكون تلك الحل؟


في الخارج وبخ أمجد نورا بشدة: لو أنا مش راجل ومالي عينك يا نورا ساعتها قوليلي وأنا هسيبك تحلي مشاكلي وتزعقي في بنتي قدامي ومش عاملة أي احترام ليا!


زفرت نورا بضيق: يا أمجد أنا زعلانة علشانك علشان كدة فقدت أعصابي مش عايزة أشوفك زعلان ومضايق، مش هستحمل أبدا أشوفك تاني في الحالة اللي كنت فيها قبل كدة ولو ليوم واحد حتى!


أغمض عيناه وأخذ نفسا عميقًا قبل أن يفتحها ويرد بهدوء: أنا قولتلك أنه كل حاجة هتتحل بإذن الله، وأنا مش هسمح أنه حياتي مع علياء تتهد فمتقلقيش يا نورا واهدي شوية، أنا بزعل من اللي بشوفه منك تجاه داليا.


أشاحت بوجهها للناحية الأخرى وقالت بتبرم: أنا عايزة أدخل لعلياء.


هز رأسه بيأس من شقيقته لكنه يعلم أنها تفعل كل ذلك قلقًا عليه فأشار لها: تعالي يلا.


دلفوا للغرفة وفي ذات الوقت فتحت داليا باب غرفتها بروية وهي تتفقد بعينيها إذا كان هناك أحد في الصالة أم لا، لم تجد أحد فخرجت من الغرفة وهي تتلفت حولها بتوتر، تقدمت بخطوات ثقيلة إلى الباب، عيناها تجول في المكان بخشية، ترددت للحظة وهي تضع يدها على مقبض الباب وشعورا من الاختناق يسيطر عليها ثم فتحت الباب بهدوء حتى لا ينتبه أحد وأغلقته ورائها بتمهل.


بعد قليل خرج أمجد من الغرفة وترك علياء ونورا لوحدهما، فكر بأن يذهب ليتحدث مع داليا حتى لا تستاء من عمتها ومن حديثها.


طرق الباب لعدة مرات وحين لم يجد إجابة فتح باب غرفتها، قطب باستغراب حين لم يجدها في غرفتها فدخل وهو يناديها ظنًا منه أنها في الحمام.


انتظر لدقيقة قبل أن يقتحم الحمام معتقدًا بخوف أنها متعبة أو فقدت الوعي، وقف مكانه بذهول حين وجده فارغًا.


خرج مسرعًا من الغرفة ليبحث بصورة سريعة عنها في أرجاء المنزل ثم نادى علياء ونورا بصوت عالي مما أفزعهم فخرجوا لهم على الفور.


قال أمجد باضطراب: أنا مش لاقي داليا في أوضتها ولا في البيت كله، داليا مشيت من البيت!

يتبع.


🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹

ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇

من غير ماتدورو ولاتحتارو جبتلكم أحدث الروايات حملوا تطبيق النجم المتوهج للروايات الكامله والحصريه مجاناً من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇

روايات كامله وحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺



ادسنس وسط المقال
ادسنس اسفل المقال

تعليقات

التنقل السريع
    close
     
    CLOSE ADS
    CLOSE ADS