expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

رواية يونس الفصل الحادي والعشرون حتى الفصل الثلاثون والاخير بقلم إسراء علي حصريه وجديده

 رواية يونس الفصل الحادي والعشرون حتى الفصل الثلاثون والاخير بقلم إسراء علي حصريه وجديده 


رواية يونس الفصل الحادي والعشرون حتى الفصل الثلاثون والاخير بقلم إسراء علي حصريه وجديده 

الفصل الواحد والعشرون
ساعتنا في الحب لها أجنحة...
وفي الفراق لها مخالب...
رفت بـ أهدابها عدة مرات تستوعب حجم الصدمة..ولكن أكثر ما جعل قلبها ينقبض خوفًا..هو سكون يونس والشحوب الزاحف على وجهه..قذفت الحقيبة أرضًا وإتجهت ناحيته وقبل أن تصل إلى مُبتغاها كانت يد سيف تعوقها ثم تشدق بـ خبث
-تؤتؤتؤتؤ..مش وأنا فـ وسطكو..
-نفضت يده عنها بـ ړعب ثم هتفت بـ شحوب:أنت مين وعايز إيه!..عملت أيه ليونس؟!
إرتفع حاجباه بـ دهشة مُصطنعة ثم قال بـ مكر
-هو الحكاية فيها إن ولا أيه!
-تراجعت إلى الخلف بما يسمح لها من مسافة وقالت:أنت عاوز إيه!..سبني أشوفه
جذبها من يدها التي يُقيدها حتى وقفت على بُعد إنش واحد منه ثم همس بـ فحيح أفاعي
-عاوزك!!
شحوب وجهها وتهدجت أنفاسها..ساقيها شعرت بهما كـ الهُلام..وظلت تُحدق به بـ صدمة..ضحك سيف بـ إستمتاع وأكمل بـ نفس النبرة
-مټخافيش كدا يا ست الحسن..أنا عاوزك فـ خدمة
عادت تنظر إلى يونس..وبـ خفة تملصت من سيف وإتجهت إلى يونس..عقد الأخير يداه أمام صدره وراقبها بـ لذة..بينما ظلت ټضرب على وجنتيه بـ خفة وأخذت تتوسله بـ بكاء
[[system-code:ad:autoads]]-يونس..عشان خاطري قوم..فوق كدا وخليك معايا..يوووونس
نظرت إلى سيف ذاك الذي يرمقها بـ إستمتاع وهتفت بـ شراسة
-أنت عملتله إيه!
-رفع منكبيه بـ برود وقال:ولا جيت جمبه..هو بس نايم شوية
ثم إقترب منها بـ خطى وئيدة ومال عليها..ثم هتف بـ نبرة ذات مغزى
-حاليًا بس
-عقدت ما بين حاجبيها وهى تسأله بـ توجس:قصدك إيه!
جلس بـ جانبها على الأرض الخشبية..ومد يده يُزيح خُصلاها ولكنها تراجعت..ليبتسم بـ خبث..ثم نظر إلى يونس ومرر يده على چرح صدره هاتفًا بـ تلذذ
-أني أعمل حاجة أو لأ..دا متوقف عليكي
-إزدردت ريقها بـ خوف وهتفت:عـ..عاوز إيه مني!..لو عاوز الشنطة خدها..بس سيبه فـ حاله
قهقه بـ صوته كله..مرة وأثنان دون توقف..ليصمت بعد مدة ومن ثم هتف بـ إبتسامة أبرزت نواجزه
-الشطنة اللي هتودي عز حبيب القلب فـ داهية!
رفع حاجبيه مُغلقًا لعيناه وهو يُكمل
-تؤ..مش عاوزها..بيني وبينك...
ثم مال إليها ويهمس كأنه سر
-أنا عاوز أخلص منه قبل يونس..عاوز أمحي عز من على وش الأرض..أو أسففه الأرض..عشان كدا خليهالك
إتسعت عيناها صدمة وهى تراه يُكمل
-قولتلك عاوزك أنتي..أنتي الدراع اللي هلوي بيها عز..أنتي اللي هتخليه يجيلي راكع..وساعتها هخلص البشرية كلها من وساخته...
[[system-code:ad:autoads]]سرت رجفة على طول خلايا جسدها..شعرت بـ أن روحها تُسحب منها بـ بطء مُتعمد..هو يُريد بوصيلة تأمين تكونها هى..الكل يُريد رأس عز وبجانبه رأسها...
مدّ يده يسحبها بـ عڼف وهى لم تستطع التملص من الصدمة..ليهتف هو بـ تحذير وقد ظهرت أنيابه
-يلا معايا لو مش عاوزاني أقتله قدامك..وهو لا حول ليه ولا قوة دلوقتي...
وأقرن قوله بـ الفعل عندما أطلق رصاصة بـ جانب رأسه..لتصرخ هى بـ فزع تزامُنًا مع صوت إطلاق الڼار..هدر هو بـ جهورية
-يلا..بدل ما تكون الړصاصة التانية فـ راسه...
ولم يترك لها مجالًا للحديث إذ جذبها بـ عڼف خلفه حتى وصلا إلى الصالة..وقبل أن يدلفا إلى الخارج..هتف سيف بـ غموض أرهبها
-القاټل الشاطر ميسبش أدلة وراه...
ثم أشعل عود ثقاب وقذفه أرضًا..لتشتعل الأرضية بـ نيران حمراء..فـ قد كان سكب البنزين داخل الكوخ..صړخت وتلوت بـ يدها تتوسله بـ جزع
-لاااااااااء متأذهوش..أنت قولت مش ھتأذيه لو جيت معاك. متقتلهوش
-جذبها خلفه وتشدق بلا مُبالاه:كدبت عليكي..إيه متعرفيش أني قاټل وكداب!!
وظل يجذبها وهى تتلوى وتصرخ بـ إهتياج عله يتركها تنقذه..ولكنه ظل يجذبها بـ قسۏة وبلا أدنى رحمة...
**************************************
ضړب العقيد سعد على سطح المكتب هادرًا بـ عڼف
-يعني إيه فرقة الإستطلاع كاملة يخلصوا عليها كدا!..
-إزدرد أحد الضباط ريقه وقال:يا سعد باشا الناس دول طلعوا علينا فجأة
تحرك سعد من خلف مكتبه وأمسك تلابيب ذاك الضابط ومن ثم هتف بـ توحش
-أومال لازمتك إيه!..قولي لازمة سيادتك إيه!!
دفعه بـ حدة وأخذ يُتمتم بـ ڠضب
-تدريبات وأسلحة وبلاوي زرقة إتعلمتها وفـ الأخر تقولي فجأة!..ما أنت متنيل عارف إن دي أوكار للعصابات والإرهابيين..
وضع الضابط يده خلف عنقه وتنحنح بـ خوف قائلًا بما يعرفه
-بصراحة يا سيادة العقيد..حصلت خېانة..في حد بيخونا...
شحب وجه سعد وهو يستمع إلى حديث الضابط والذي أكمل وهو يشعر بـ الخزي
-كل مرة كانوا بيسبقونا بـ خطوة..كل مرة نطلع ونرجع على مفيش..يا سعد باشا الجهاز كله عاوز يتنضف
عاد سعد يلتف حول مكتبه وإرتمى على مقعده بـ إنهماك..وضع رأسه بين يداه..ثم رفع رأسه وتساءل بـ خفوت
-وأنت عرفت منين!
-مش محتاجة أني أعرف..دي مكشوفة لوحدها..كل مرة..كل مرة بنرجع قفانا بيقمر عيش...
مسح سعد على وجهه بـ ضيق وهو يعلم تمام العلم من هو الخائڼ..أشار إلى الضابط بـ يده وقال بـ حزم
-أعملي إجتماع مع كل الظباط والقادة العسكرية فورًا...
-حاضر يا فندم
ثم أدى التحية العسكرية وكاد أن يرحل إلا أن سعد أوقفه..ليستدير مرة أخرى يستمع إلى الأخير الذي هتف بـ صرامة
-مش عاوز حد يعرف إننا بنشك إن في حد بيخونا..الموضوع دا سر بينا لو عرفه حد تالت..هتكون رقبتك تحت رجلي وبكسرها
أماء الضابط بـ جدية ثم رحل..ليعود سعد ويضع رأسه بين يديه وتشدق بـ أسف
-ليه يا رفعت؟..وصلت بيك ټقتل شباب زي الورد!..أخرتك المۏت دا عقاپ الخاېن...
**************************************
بدأ جفناه في التحرك وقد إستشعر جسده حرارة ورائحة دخان ټخنقه..سعل أكثر من مرة ثم نهض مُتأوهًا..كل ما يتذكره أنه كان يتطلع من النافذة وفور أن إستدار حتى وجد چثة ذاك العجوز تُقذف أسفل قدماه..وهو يتلقى لكمة في وجهه تبعها أخرى..ونظرًا إلى ضعفه قد فقدْ الوعي تدريجيًا...
وعند تلك اللحظة تذكر بتول..فـ هب واقفًا دون أن يكترث لألامه أو حرجه..وأخذ يهتف بـ اسمها جزعًا وقد تلونت حدقتاه بـ اللون الأحمر
-بتول..بتول!!
سعل لأكثر من مرة وإتجه ناحية الباب..وما أن فتحه..حتى هاله مشهد النيران التي تتآكل الخشب بسرعة قاټلة..أغلق الباب مرة أخرى وقد علم أن سيف كان هدفه بتول مُنذ البداية..إعتصر قبضته بـ شراسة وأخذ يتوعده في سره..إتجه إلى الحقيبة المُلقاه أرضًا وإرتداها...
إتجه إلى النافذة وقام بـ تهشيم الزجاج وقفز خارج الكوخ..وقف يتطلع إلى الكوخ التي تناثرت شظاياه من أثر النيران..ومع حدقتاه التي تابعت ذاك المشهد..كانت بنيتاه لا تقل إشتعالًا وقد إنعكس اللهيب داخل بحر شكولاه...
توجه إلى ذاك الحصان الذي بقى على مقربة من النيران..وبـ كل حرفية ومهارة إمتطاه يونس..ضربه في باطنه ليركض الحصان بسرعة توازي سرعة البرق..كان يونس ينحني بـ جزعه إلى الأمام ويقبض على خصلات الحصان التي تناثرت على ظهره...تمتم بـ خفوت
-جايلك يا بتول إتحملي عشاني
****************************************
وعلى الجانب الأخر لم تتوقف بتول على النحيب وقد ظنت أنه يونس قد سُطرت ناهيته بسببها..لا تدري ماذا تفعل..ولكنها فجأة توقفت عن السير وجذبت يدها بـ عڼف منه وأخذت تركض في الإتجاه المُعاكس..تمتم سيف بـ سبّات نابية بـ نبرة غاضبة..بدأ يركض خلفها...
كانت تمسح عبراتها التي تحجب عنها الرؤية..لم تنتبه إلى ذاك الجرف لتسقط من عليه..تدحرجت حتى إرتطم جسدها بـ جذع شجرة ..تأوهت بـ ألم ولكنها لم تستلم..نهضت تركض مرة أخرى..وما كادت تبتعد حتى وجدت من يقبض على خصرها يرفعها منه ثم يهوى بها على الأرض..تأوهت مرة أخرة بـ قوة من شدة الإصطدام...
جثى مرة أخرى فوقها وثبت ذراعيها أعلى رأسها بـ يد والأخرى قبضت على فكها بـ شراسة ومن ثم هدر بـ إنفعال لاهث
-مفكرة نفسك هتهربي مني!...
هوى على وجنتها بـ صڤعة..وعاد يقبض على فكها..كانت تصرخ وقد تذوقت طعم الډماء التي إنسلت من بين أسنانها..وصړخ بها
-فكري تعمليها تاني وأنا هخليكي باقي عمرك تفتكري مين سيف الكردي..
وصڤعة على وجنتها الأخرى..وظل جاثيًا فوقها..لتلمع حدقتاه بـ رغبة فيها وفي ذات الوقت أراد أن يُريها ماذا ستكون العواقب..مال على وجهها يهمس بـ نبرة تلونت بـ الرغبة
-ميمنعش أني أأدبك ع اللي عملتيه دا...
وقبل أن قترب كي يقتنص ما أراد..حتى سمعا صوت صهيل فرس..رفع سيف رأسه..وما أن رفعها حتى وجد جسد يونس ينقض عليه من فوق الفرس..تدحرجا من قوة الإصطدام وكان يونس يجثو فوقه..أخذ يُسدد اللكمات الشرسة وهو يُردد بـ ۏحشية
-هتقلك يا ***..ھقتلك يا كلب..
وأخذ يُسدد اللكمات في جميع أنحاء جسده..تغاطى عن جرحه وألمه..فما أن سمع صوت صراختها كان قد فقد ما قد يجعله عاقلًا...
لم يستطع سيف الدفاع عن نفسه من الصدمة..وأخذ يتلقى الضربات حتى غاب عن الوعي...
إبتعد يونس عنه و قد أُنهكت قواه تمامًا..ثم توجه إلى بتول الفاقدة للوعي بعد تلك الصڤعة الثانية..حملها وقد إنطلقت منه صړخة ألم..إلا أنه تحامل على نفسه..إتجه مرة أخرى إلى الحِصان و وضعها عليه..ثم إمطتاه هو الأخر..ضم جسدها إليه خشية أن يفقدها مرة أخرى..ولسان حاله لا ينفك عن الأسف..قبّل جبينها بـ رقة وأسف ثم قال بـ حزن
-أسف لأني إتأخرت..أسف إني خليت *** زي دا يلمسك كدا...
ضړب الحصان بـ خفة ليبدأ في التحرك مرة أخرى ولكن بـ هدوء وبطء...
الفصل الثاني والعشرون
ما لمس الحب شيئًا إلا وجعله مقدسًا...
كان الغيظ يتآكله بشدة..فـ دائمًا وأبدًا يجد من يُساعد غريمه..يجهل السبب الذي يجعل الجميع يُحبه..ولكن الأكثر خوفًا أن تُحبه بتول..تلك النقطة البيضاء في لوحته التي تلونت بالسواد..يكاد قلبه ېتمزق ولو بـ مجرد التفكير في أن يخسرها..زفر عدة مرات بـ ضيق ينفض تلك الأفكار عنه..ظل يلتفت بـ رأسه من نافذة السيارة وهو يتشدق بـ ڠضب
-وسي زفت دا راح فين!
نفخ بـ حدة وبعدها أمر سائقه بـ التحرك..ثم قال بـ صرامة
-وصلني وبعدين إرجعله..
-أماء السائق قائلًا بـ إحترام:أوامرك يا عز بيه..
وتحركت السيارة وبـ داخل رأسه العديد من الأفكار..ولم يجد سوى ما لم يرِده مُنذ البداية..أخرج هاتفه يتصل بـ أحدهم وما أن أتاه الرد حتى قال بـ جدية
-رفعت عاوزك فـ خدمة
-رد عليه رفعت بـ سخرية:يبقى أنت ملقتوش
-مسح عز على رأسه بـ عصبية وردد بـ ضيق:رفعت!!!..أنا مش طايق نفسي فـ متزودش عشان مقلبش عليك
إلتوى ثغر الأخر بـ تهكم ثم قال
-عملت اللي إتفقنا عليه..الفرقة خلصنا عليها وبكدا سعد هيتلهي عني شوية
-رد عز بلا مبالاه:سيبك من الكلا....
ولكنه صمت وقد إشتعلت رأسه بـ فكرة شيطانية..ليتعجب رفعت من إنقطاع حديثه فـ هتف
-عز!!..سكت ليه؟!
-إبتسم عز بـ خبث ثم قال:أنت قولت إنك خلصت ع الفرقة!
-أيوة
إتسعت إبتسامته أكثر ثم قال بـ مكر
-حلو أوي..دلوقتي عشان تضمن أن سعد يبعد عنك خالص..لبس التهمة فـ حد تاني
صمت رفعت يحاول فهم ما تفوه به عز ليسأله بعدها بـ إستنكار
-ألبسها لحد!!..أنت بتتكلم جد؟!
صمت ثوان ثم أكمل حديثه بـ سخرية
-وألبسها لمين إن شاء الله!
-وجاءه الرد القاطع:رفعت..العقيد رفعت أبو شادي
وعاد الصمت يلفحهم مرة أخرى..ليقطعه رفعت وقد علت نبرته بـ دهشة
-رفعت!!..أنت أكيد مخك فوّت عشان تقول حاجة زي دي
-زمجر الأخر بـ ڠضب قائلًا:خد بالك من كلامك يا رفعت..
مسح رفعت على وجهه بـ عڼف ثم تساءل بـ صوتٍ حاد
-طب فهمني ألبسهالوا إزاي يعني!
-رفع عز منكبيه وأجاب بـ برود:أستغل تشابه الأسماء ما بنيكوا..ولبسهالو
-زفر بـ نفاذ صبر وقال:اللي هو برضو إزاي؟
-إزاي دي بتاعتك..وأنا لما أرجع هكمل الباقي وهظبط الدنيا...
سمع عز صوت تأففه ليُكمل هو حديثه وكأنه لا يُبالي بـ حالتة الضائقة
-بس عاوز كل دا ينتهي قبل أما أرجع..ميفضلش غير التنفيذ..عاوزه النهاردة يا رفعت
كاد رفعت أن يعترض إلا أن عز أنهى الحديث بـ نبرته الحازمة
-لما أوصل ألاقي كل حاجة جاهزة ع التنفيذ..ولو إحتجت حاجة كلمني..
وأغلق دون أن يستمع إلى السلام..إبتسم عز الدين بـ إنتصار وهتف
-إضطرني ألجأ للطريقة دي..مع أني مبحبهاش..بس يلا كله يهون عشان خاطر بتولي...
**************************************
بدأت تتململ بـ خفوت وصوت أنينها يخرج بـ تحشرج..وضعت يدها على وجنتها تتحسس تورمها..لتنهض فزعة ما أن تذكرت أنها كانت بين براثن ذلك الحقېر..أخذت تتلفت حولها بـ ړعب حقيقي كاد أن يقضي على أخر ذرات تعقلها...
ظلت تتفحص ذاك الكوخ المُهترئ..سقيفته كانت من القش..ضمت ساقيها إلى صدرها ونظراتها زائغة على فراغ الغُرفة..أخذت تهتز بـ جسدها إلى الأمام والخلف ومن ثم عبراتها تهطل بـ غزارة...
ثوان و وجدت الباب القشي يُفتح مُصدرًا صرير خفيف..توسعت عيناها هلعًا قبل أن تُغلقهما تعتصرهما خشية أن ترى ما سيُصيبها..وإرتفع أنين خائڤ وشفيتها تتضرع إلى الله..إنطلقت منها صړخة مُدوية وهى تشعر بـ تلك الأيدي التي حاصرت ذراعيها وبلا وعي ضړبت في صدر ذاك الشخص..لتسمع صړخة ألم إنطلقت منه وبعدها سباب لاذع..
-ااااه يا بتول الكلب..أدي أخرة اللي ينقذك...
فتحت عيناها بـ سرعة..لتجد يونس أمامها يتحسس صدره بـ ألم..ولكنها لم تُبالي بل إندفعت بـ كل قوتها تحتضنه ليسقط أرضًا وهو يتأوه بـ قوة..ثم قال بـ قهر مُتألم
-يا بنتي إرحميني..أنا مفيش حتة فيا سليمة
ولكنها لم تُصغي ولم تبتعد..بل أخذت ټدفن نفسها داخل أحضانه أكثر..ليبتسم هو بـ الرغم من تألمه..لم يجد بدًا من إحتضانها..لتلتف يداه حولها دافنًا رأسه ما بين نحرها ومنكبها..مُغمضًا عيناه يستمتع بـ ذلك العناق الذي يبثه الأمان قبلها..الأمان في وجودها..الأمان في عشقها الذي بات لعڼة إن أصابتها خرت صريعة من فورها...
سمع همسها وهى تبكي
-خفت..لما شوفته بيرمي عود الكبريت وڼار بدأت تاكل المكان..خفت أكون خسرتك يا يونس..خفت دي تكون أخر مرة أشوفك فيها
إرتفعت يده تُملس على خُصلاتها بـ حنو زائد وكأنه والدها ليس بـ عشيقها..ثم هتف بـ نبرة عذبة طمأنتها
-ربنا رايد أني أشوفك تاني..ربنا إداني فرصة ومش ناوي أضيعها أبدًا...
بدأ يشعر بـ ألم من جديد ليهتف بـ مزاح
-بتول أنتي لو مبعتديش دلوقتي..صدقني هتكون أخر مرة تشوفني...
عقدت ما بين حاجبيها ولكنها لم تبتعد بل أخذت تندث أكثر في أحضانه..لتنطلق صحية ألم خفضية ثم قال وهو يعض على شفتاه
-الچرح يا بتول زمانه وصل لضهري...
إستوعبت وتذكرت جرحه..لتبتعد بسرعة كمن لدغها أفعى..وضعت يدها على فاها وتأسفت بـ تأثر
-أسفة..أسفة..بس من فرحتي و خۏفي...
إبتسم تلك الإبتسامة العذبة التي تُغدق عليها بـ مشاعر جمة..إعتدل هو في جلسته بـ بطء..ثم قال وتلك الإبتسامة لم تنمحي
-أنا كويس...
مدّ يده يُزيح خصلاتها ثم همس بـ سعادة حقيقية
-أنا كمان فرحان عشان شايفك كويسة قدامي...
-إبتسمت وقالت:الحمد لله...
بالطبع لم يُخبرها بما كان ينويه ذلك الحقېر..يتمنى لو قټله ولكنها الأهم والأولى في كل شئ..عندما يتعلق الخطړ بها..فـ سحقًا للعالم والناس و دومًا هى الرابحة..قطعت هى سكونه تسأله بـ صوتٍ مُرتعش
-أنت عرفت مكاني إزاي!
-كدا
قالها وهو يقترب منها نازعًا من خُصلاها ذلك المشبك الذي يجمع خُصلاتها..ورفعه أمامها لتتساءل هى ببلاهة
-من مشبك شعر!!..
-أماء بـ رأسه وهو يُجيب:فاكرة لما إديتك المشبك دا!!
-أه لما كنا فـ الكوخ اللي هربنا منه
-أكمل حديثه:كنت خاېف يحصل حاجة زي دي..عشان كدا من غير تردد إديتهولك..هو فيه جهاز تحديد مواقع..ومنه عرفت أنتي فين
-ااااااه
قالتها بـ إندهاش وسرعان ما تبدلت حالة الإندهاش إلى ضيق..فـ هتفت و قد تلوى شدقها بـ ضيق
-وأنا اللي فكرت أنك هتقول.."قلبي هو اللي عرف مكاني"
ضحك بونس قليلًا بل كثيرًا على تلك الحمقاء..ليقول بعدما هدأت ضحكاته
-قلب مين يا أمو قلب!..بطلي تتفرجي ع أفلام هندي كتير...
أشاحت بـ وجهها ولم ترد عليه..بينما هو نهض و نزع عنه القميص وبدأ في مُعالجة جرحه..ظلت هى على حالها ولم تلتف إليه إلا بعدما نادها
-بتول!!
نظرت له وكادت أن ترد ولكن إتسعت مُقلتيها بـ خجل..ثم هتفت بـ تلعثم
-هو..هو أنت..قلعت ليه؟!
إستدار إليها وتلاعب بـ حاجبيه بـ عبث..ثم إقترب منها قائلًا
-بحاول أغريكي
-وضعت يدها خلف عنقها وتمتمت:أنت مش محتاج تغريني..أنا ساڤلة من غير حاجة...
وصلته تمتمها ليُقهقه ملئ فاه..بينما تضرجت وجنتيها بـ حمرة خجل..وجدته لا يزال يقترب وبدأت هى في الإبتعاد ثم هتفت بـ تحذير
-بقولك إيه إبعد كدا الشيطان شاطر
كان يونس قد إقترب منها..ليطل عليها بـ جسده المُعضل وطوله الفارع..إحتبست أنفاسها وهى تتطلع إلى بحر شيكولاتة الذائبة في عيناه..إبتلعت ريقها بـ صعوبة عندما وجدته يهتف بـ وقاحة
-وأنا أشطر منه...
وبغتةً جذبها من معصمها إلى صدره وقد ثبت رأسها بـ يده..جابرًا إياها على النظر إليه بـ عمق..بينما إقترب هو من وجهها حتى لفحتها حرارة أنفاسه ومن ثم هتف بـ همس
-طول ما أنتي قدامي مبعرفش أتحكم فـ نفسي...
*****************************************
أفاق على تلك الضربات الخفيفة على وجنته..ليفتح عيناه ويتطلع إلى ذلك الوجه الأنثوي الذي هتف بـ تساؤل
-هل أنت بخير سيد سيف؟
تأوه سيف وهو ينهض فـ ساعدته أنچلي وأسندت جسده على جذع تلك الشجرة..ليتشدق وهو يمسح الډماء التي إنسلت من أعلى حاجبه
-من أنتِ؟!
-أُدعى أنچلي
أماء بـ رأسه وأخذ يمسح دماؤه..فـ أخرجت هى بعض المحارم الورقية ومدت بها إليه..أخذها هو وتمتم
-شكرًا لكِ..ولكن ماذا تفعلين هنا؟..وكيف عثرتِ عليّ؟!
أثنت ساقيها أسفلها وجلست أمامه ثم تشدقت بـ توضيح
-أنا أعمل مع السيد سام
-سألها وهو يزيل بقايا الډماء:ومن هو سام؟!
-إبتسمت وهى تقول:أنت تسأل كثيرًا
إلتوى ثغره بـ إبتسامة مُتهكمة ثم تشدق بـ نبرة توازي إبتسامته تهكمًا
-أعذريني على فضولي..ولكنني أُريد أن أفهم
جذبت منه محرمة تحت تعجبه وأخذت تزيل أيضًا بضع قطرات دماء لم
تصل إليها يداه وتشدقت دون أن تنظر إليه
-حسنًا سأُشبع فضولك...
قذفت بـ المحرمة بعيدًا ليوليها هو إهتمامه..فـ أخذت تحكي
-سام هو من أخبر السيد عز الدين عن مكان وجود جون و تلك الفتاه التي معه...
لم يسأل من هو جون فـ هى بالتأكيد تقصد يونس..صمت يُتابع حديثها
-وللحق..هو أراد قتلكما لكي يحصل على الفتاه..
-إبتسم بـ تهكم وقال:وما شأنكِ أنتِ بكل ذلك!
-ردت عليه بـ هدوء:لقد بعثني كي أتتبعكما وكذلك جون..وما أن أجدكما حتى أخبره ويرسل هو بعض الرجال لكي يتخلص منكما...
حرك عنقه إلى الجانبين وتساءل بـ إهتمام إصطنعه
-امممم..وبماذا سيعود عليكِ مما تفعلينه؟!
-رفعت منكبيها وقالت بـ براءة مُصطنعة:لا أُريد شيئًا
وبغتة إقترب منها سيف وعيناه تلمع بـ خبث ثم قال
-ولما عيناكِ تُخبرني شيئًا أخر
إرتفع حاجبيها بـ دهشة ليُكمل هو حديثه
-أظن أنها قصة عشق..لذلك المدعو بـ جون
لم ترد عليه لينهض هو..فـ تبعته هى الأخرى..نفض عن ملابسه الأتربة وبداخله يسب ويتوعد لـ يونس..تقدم بضع خطوات ثم قاا بـ نبرة ذات مغزى
-إن أردتيه فـ إتبعيني حلوتي...
وتحرك..لتتحرك هى خلفه..إتسعت إبتسامة سيف لتحقيق هدف جديد..فـ إن كان يونس قد ربح جولة فـ الثانية ستكون له...
***************************************
بدأت نبضات قلبها بـ الإرتفاع وبدت وكأنها تصم أذنيها..بينما يونس يلعب على أوتار مشاعرها ولكنه لم يعلم أنها تتلاعب به..حاولت التحدث ولكنها تتيه الحروف من بين شفتيها..مال أكثر حتى بات زفيره تستنشقه هى..حدق مليًا في غاباتها الخضراء..والتي بالرغم من خطورتها وكثرة متاهاتها..إلا أنها تُجبرك على إستكشافها...
شعر بـ ضربات قلبه تتسابق وكأنها في سباق ماراثوني ..ليهمس بـ صوته الأجش
-بتعملي فيا إيه!..معاكي كل مبادئ بتتهدم قصاد عنيكي..كل اللي إتعلمته عن ضبط النفس بكون جاهل فيه...
رفع يده يُبعد خصلاتها عن وجنتيها..ثم قال بـ همس
-يا ترى دا سحر ولا شعوذة ولا إيه بالظبط؟!
-حبست أنفاسها وهى تهتف:يو..يونس..إبعد
-تأوه بـ صوته قائلًا:اااااه يا قلب يونس اللي هتجيله سكتة بسببك
-هتفت بـ جذع مرة أخرى:يونس!!
أغمض عيناه يستمتع بـ لحن اسمه من بين شفتيها..فتح عيناه مرة أخرى وقال بـ صوتٍ مبحوح
-لو مش خاېفة ع نفسك..قولي اسمي تاني
أغمضت عيناها فـ لم تعد قادرة على مُجابهة تلك المشاعر التي تفيض من عيناه..شعر هو بـ إرتجافة جسدها..ليجبر نفسه على الإبتعاد...
شعرت هى بـ برودة عقب السخونة التي رفعت حرارة جسدها..لتفتح عيناها فـ وجدته قد إبتعد عنها يوليها ظهره..ثم هتف بـ اسمها
-بتول!!
-تنحنحت ثم هتفت بـ صوتٍ خفيض:نعم!!!
إلتفت إليها ومدّ يده بـ مستحضرات طبية..ثم هتف بـ هدوء وكأن شيئًا لم يكن
-تعالي غيريلي ع الچرح
-أشاحت بـ وجهها عنه وتشدقت بـ خجل:ممكن أنت تعمله لنفسك
-رد عليها ولا تزال يده تمتد إليها:مش هعرف أربط الشاش...
زفرت عدة مرات بـ ضيق..تتعجب تارة من هدوءه وكأنه لم يُبعثر مشاعرها..وتغضب منه تارة على هياج مشاعره..إقتربت منه وأخذت من يده المستحضرات الطبية..وبدأت في تطهير الچرح..كانت هى في قمة خجلها وتوترها..ولم يكن هو بـ أقل منها بل يفوقها أضعافًا..عيناه تحكي ألف قصة وقصة عن عشق لن تستطيع الظروف محوه وكأنه وشم على الجسد...
كانت حدقتاه تدور على معالم وجهها وكأنه يحفرها بـ داخله..فـ إذا حانت لحظة الفراق يجد سلواه فيها..إنتهت من تطهير الچرح..وبدأت تقوم بـ لف الشاش حول صدره..كانت تدور حوله حتى لا تضطر إلى الإقتراب منه...
وقفت خلف ظهره وبدأت في عقد الشاش الطبي كي يُحكم على جسده..أوقفتها تلك الندبة في مُنتصف ظهره..إتجهت بـ يدها تلقائيًا تتحسسها..شعر بـ إرتجافة زلزلت كيانه وهو يشعر بها تلمس تلك الندبة..وقبل أن يفقد تعقله ويعتصرها في أحضانه..إلتفت يُمسك يدها...
أجفلت هى من حركته تلك..إلا أنها سألته
-من إيه الچرح دا!!
-بلاش تعرفي...
ثم إبتعد عنها يرتدي قمصيه الملوث بـ دماءه..ولكن إصرارها لم يمنعها من سؤاله مرة أخرى..
-من إيه الچرح دا يا يونس؟!
لم يجد بدًا من الإجابة فـ هو يعلم أنها لن تتركه إلا بعدما تعلم..إستدار وقال بـ جمود
-من عز..
-همست بـ إرتعاش:إزاي؟!
أغمض عيناه يطرد أحداث تلك الليلة المُرعبة..ثم قال بـ جمود ظاهري
-لما حاول ېقتلني فـ أخر مهمة معاه...
ثم إقترب منها عندما لاحظ تلك الغُمامة من العبرات التي أحاطت حدقتها..وقال بـ هدوء ظاهري
-متسأليش عن حاجة تانية يا بتول عشان متتعبيش من الإجابة...
*************************************
دلف عدي إلى منزله ليلًا بعد يومًا شاق من العمل وكذلك لقاؤه مع روضة والتي إنتهت بـ حاډثة سعيدة..توجه إلى الصالة ليجد والده يقرأ بـ كتابًا ما..ليتوجه إليه وقد حسم أمره بـ إخباره..ردد في نفسه
-خير البر عاجله..
تنحنح لينتبه إليه رفعت..أبعد النظارة الطبية عن عيناه..ثم قال بـ إبتسامة
-حمد لله ع السلامة يا سيادة الرائد
-جلس عدي جانبه وقال بـ إبتسامة:الله يسلمك يا سيادة العقيد
أماء بـ رأسه فـ تساءل عدي بـ صوتٍ شبه متوتر
-أومال ماما فين؟!
-أجابه رفعت:نامت من شوية..كانت مستنياك بس لما أخدت الدوا..أنت عارف بيخليها تنام
هز رأسه بـ تفهم..وقبل أن يتشدق كان رفعت قد سبقه
-أكلت فـ الشغل ولا أقوم أسخنلك الأكل
ربت عدي على يد والده ومن ثم قبلها..وقال بـ إبتسامة ودودة
-ربنا يخليك يا حج أنا كلت فـ الشغل
-تمام
ثم عاد يرتدي نظارته الطيبة ليُكمل قراءة..حمحم عدي لينتبه إليه والده. عاد ينزع نظارته وقال بـ نفاذ صبر
-قول اللي عندك يا عدي
-إتسعت إبتسامة عدي وهو يتشدق بـ حماس:هو دا أبويا اللي فاهمني
-إلتوى ثغر رفعت بـ تهكم:أخلص يا بن رفعت
إعتدل عدي في جلسته ثم تنحنح مرة أخر وهتف بـ مرح
-أبا أنا عايز أتدوز (أتجوز)
قهقه رفعت بـ ملئ فيه..وكذلك شاركه عدي الضحك..ليتحدث الأول من بين ضحكاته
-بجد يا سي عدي!..هتتجوز
أماء عدي بـ رأسه ليعود ويسأله
-أعرفها أنا!!
هز رأسه بـ نفي..فـ تساءل رفعت
-أومال تعرفها منين!
-وضع يده خلف عنقه وقال:تقدر تقول بتشتغل معايا
همّ رفعت بـ سؤاله ولكن الطرقات على الباب أوقفتهم..نهض عدي وقال بـ جدية
-خليك يا بابا أنا هفتح..
ثم تحرك عدي وإتجه ناحية الباب..فتحه ليعقد ما بين حاجبيه وهو يُحدق بـ أؤلئك الذين يرتدون زي رسمي التابع لقوات الجيش..أنتهى عدي من تفحصه وتساءل بـ جمود
-نعم!
تشدق أحدهم وهو يعقد يداه أمامه بـ نبرة دبلوماسية
-العقيد رفعت أبو شادي موجود!
-عقد ما بين حاجبيه أكثر وهتف:أيوة..عاوزين منه إيه!
نزل قول ذاك الشرطي على مسامعه كـ وقع الصاعقة وهو يُخبره بما جاء من أجله
-مطلوب القبض عليه..

الفصل الثالث والعشرون
الحب كـ الحړب...
من السهل أن تُشعلها...
ومن الصعب أن تُخمدها
نهض رفعت ما أن سمع اسمه وتوجه ناحية الباب..ليجد عدي يقف جامدًا يرمق صاحب الزي العسكري بـ نظرة أكثر جمودًا..هز إبنه من منكبه وتساءل بـ تقطيبة حاجب
-خير يا عدي؟..في إيه!
لم يتحدث عدي بل تولى الحديث صاحب الزي العسكري قائلًا بـ دبلوماسية
-سيادة العقيد..مطلوب القبض عليك
إرتفع حاجباه بـ دهشة ولم يرد فـ قد جمدت الصدمة لسانه..وأخيرًا إنفكت عقدة لسان ذاك الجامد وقال بـ ڼارية
-مفيش حد هيجي معاك فـ حتة..
-تحدث الأخر:يا سيادة الرائد آآآ...
-قاطعه عدي بـ شراسة:ولا كلمة..أتفضلوا مشوا من هنـ...
وكان نصيب مُقاطعة حديثه من والده..إذ وضع يده على ذراعه وقال بـ هدوء
-ثواني ألبس وأجي معاكوا
إلتفت إليه عدي بـ دهشة و بـ نبرة مذهولة قال
-بابا..أنت بتقول إيه؟!
-إڠتصب رفعت إبتسامة وقال:مفيش داعي لكل دا..أكيد في سوء فهم...
تحرك ناحية الداخل وقال
-أنا هروح يا عدي هشوف في إيه..والموضوع مش هياخد وقت..
ودلف إلى الغرفة..بينما كور هو قبضته بـ ڠضب حتى برزت عروقه..ثم تساءل من بين أسنانه
-ممكن أعرف مقبوض عليه ليه؟!
-مش مسمحولي أصرح بـ أي معلومات...
همّ عدي أن يتحدث إلا خروج والده قد منعه..ربت على منكبه وقال بـ جدية
-متخليش أمك تعرف حاجة..خليك جمبها متجيش...
-بس يا بابا آآ...
أشار بـ يده يمنعه عن الحديث ثم قال بـ صرامة
-هى كلمة وإسمعها..لو عوزت حاجة أكيد هعرف أوصلك
وإلتفت إلى الواقف خارجًا ثم أشار بـ يده قائلًا
-أتفضل...
أماء صاحب الزي العسكري وتحرك بـ من معه..أغمض عدي عيناه بـ ڠضب وقهر...
لم يستطع البقاء أكثر وضړب بـ كلام والده عرض الحائط..أغلق باب المنزل وإندفع على درجات السلم كـ البرق..وصل إلى سيارته وقبل أن يصعدها..وجد عز الدين يقف أمامه على الجانب الأخر يضع كِلتا يداه في جيبي بنطاله...
****************************************
دلفت إلى ذاك الكوخ مرة أخرى تاركة خلفها يونس الذي قد غطّ في ثُباتٍ عميق بعك هذا التعب الذي نخر عظامه وأهلكه..وجدته يجلس موليها ظهره..إبتسمت ثم نادت عليه
-يونس!!
إرتبك يونس من صوتها وسريعًا أخفى شيئًا ما في جيب بنطاله..لاحظت بتول إرتباكه وما أخفاه في جيبه..ضيقت حاجبيها وتساءلت بـ فضول
-إيه اللي خبيته دا!
إلتفت إليها يونس وقد إرتسم على وجهه تعبير اللا مبالاه..ثم قال
-أنتي مراتي!
-عقدت ما بين حاجبيها وتساءلت:أفندم؟
-بسألك أنتي مراتي؟!
-وجاء الرد قاطع:لأ
-خطيبتي!
-وأيضًا:لأ
-متكلم عليكي؟!
-زفرت بـ ضيق وردت:لأ
إقترب منها ثم ضربها على مُقدمة رأسها قائلًا بـ سماجة
-أومال بتدخلي فـ اللي ميخصكيش ليه!
-إرتفع حاجبيها بـ دهشة وتشدقت:نعم!!
قهقه يونس لكي يستفزها ثم قال
-أه من تدخل فيما لا يعنيه..وجد ما لا يُرضيه
-أشارت بـ بسبابتها في وجهه وقالت بـ حدة:بقى كدا!
وعلى حين غرة..أمسك إصبعها وقبّله ثم قال بـ عبث
-كدا..
ثم كانت القُبلة التالية في باطن كفها..وقال ونبرته تحتفظ بـ عبثها
-ونص...
والتالية كانت من نصيب معصمها ومن ثم همس
-وتلات تربع كمان...
كل هذا حدث في جزء من الثانية..بدءًا من إختطاف إصبعها وسړقة قُبلة..ثم باطن كفها وعملية السطو التي إفتعلها..ثم معصمها الذي فجّر عروقه بـ تلك الرفرفة عليه..وهى تائهة ما بين دقات قلبها التي كادت أن تُحطم قفصها الصدري ولمساته الرقيقة التي إعتادت عليها في الأونة الأخيرة..بل وللحق مُنذ أن إلتقاها وهو يُغدقها بـ الحنان والأمان...
إصطبغت وجنتيها بـ حمرة قانية و قد لُجم لسانها بـ لجام مشاعره..كان يونس يُراقب خجلها الذي أقسم أنه قمة الأغراء..رفع رأسها الذي نكسته خجلًا مُجبرًا إياها على النظر في عيناه..وكأنه سحب نظراتها بـ مغناطيس لتتعمق في النظر إليه..أمسك يونس كفيها ثم همس بـ عذوبة
-هتعرفي فـ الوقت المناسب...
وبـ شرود تام كانت تومئ بـ رأسها موافقة لما يقول..إرتسمت إبتسامة عذبة التي تُذيبها بـ مشاعر بدت تألفها وتعلم ما هيتها..تنحنحت بـ صوتٍ يكاد يخرج
-هو..هو أنت بقيت كويس!
وكـ طفل مُطيع أماء بـ رأسه لأعلى وأسفل لتبتسم بـ دورها ثم هتفت بـ سعادة
-الحمد لله..أنا خفت عليك أوي
إبتسم بـ سعادة ولم يرد..فـ أكملت حديثها
-أحنا مش هنمشي من هنا!!..أنا خاېفة ليرجعوا
-ضغط على يدها وقال:مټخافيش..أحنا هنمشي دلوقتي...
أخرج من جيب بنطاله ذاك الهاتف الخلوي المُؤمن وأتصل بـ أحدهم..ثوان وأتاه الرد..ليقول يونس بـ جدية
-محمد..أنت قدامك أد إيه!
-أجابه محمد:فاضلي بالظبط أربع ساعات وأوصل..
ثم سأله
-عارف المكان!!!
-رد عليه يونس:أيوة عارفه..هنكون فـ المعاد...
-تمام...
ثم أغلق الهاتف وجه حديثه إلى بتول
-يلا هاتي الشنطة عشان هنتحرك دلوقتي...
-أماءت بـ رأسها وقالت:طيب...
وإتجهت ناحية الحقيبة وإرتدتها على ظهرها وتحركا من ذاك الكوخ دون أن يُخلفا أثرًا خلفهما...
***************************************
أغلق عدي باب السيارة بـ عڼف ثم إتجه ناحية عز الدين..الآن إتضحت الصورة..هو السبب في تلك الکاړثة..كان الشرر يتقافز من عيناه وذلك الڠضب الذي يُحركه يكفي لإحراق مدينة بـ أكملها...
كان عز الدين يبتسم بـ إبتسامة ظافرة وشامتة..شخّص أبصاره على ذاك الغاضب الذي يعدو بـ إتجاهه فـ تتسع إبتسامته..وكـ الأسد إنقض عليه عدي يُمسكه من تلابيبه..ثم هدر بـ صوتٍ جهوري
-ھقتلك يا عز..هى وصلت لأبويا!..أقسم بالله....
قاطعه عز الدين وهو يُزيل يد عدي عنه ثم قال بـ خبث
-تؤتؤتؤتؤ..متحلفش ع حاجة مش هتعملها
أعاد وضع يده في جيب بنطاله ثم تشدق بـ برود
-حياه أبوك وحياتكم فـ إيدي
كز عدي على أسنانه قهرًا وغصبًا..صمت يستمع باقي حديث ذلك الحقېر
-أخوك يرجع اللي يخصني..أرجعلكوا أبوكم
-ضيق عدي عيناه وتساءل:يعني إيه؟!
-كشړ عز الدين عن أنيابه وقال بـ حدة:خطيبتي اللي أخوك خطڤها..ترجعلي وأنا أقفل ع قصة أبوكم دي بالضبة والمفتاح
إزدرد عدي ريقه وهو يرمقه بـ إستحقار..ثم تشدق بـ إشمئزاز
-بتساومنا عليها؟!..
-حاجة زي كدا
زفر عدي عدة مرات عله يجد مفر من تلك الصقفة ولكن لا يوجد..هو لن يستطيع مُجابهه ما فعله عز الدين..يعلم أنه أحاك شباكه بـ حرفية بـ حيث أنه لن يضع المفتاح بـ يد عدي أو العقيد سعد..وضع يده على وجهه ثم قال بـ قلة حيلة
-ماشي..
-إتسعت إبتسامة ظافرة على محياه وقال:حلو أوي..قدامك أربعة وعشرين ساعة وألاقيها هنا...
أشار بـ سبابته بـ تحذير وهتف بـ وعيد
-لو عدى يوم وثانية ومرجعتش..هخليك تستلم چثة الوالد...
ثم تركه ورحل..تاركًا خلفه عدي يتآكل غيظًا وغضبًا...
أخرج الهاتف من جيب بنطاله وإتصل بـ صديقه...
-أيوة يا عدي خير!!
-وهيجي منين الخير طول ما عز الكلب دا عايش
عقد محمد بين حاجبيه بـ قلق وتساءل بـ حيرة
-في إيه يا عدي قلقتني؟!
-وضع عدي يده على رأسه ثم قال:أنت فاضلك بالظبط أربع ساعات وتوصل...صح!!
-أها...
أخذ عدي عدة أنفاس عله يُطفئ لهيب تلك الڼار التي ټحرق صدره ثم قال
-لما تقابل يونس..قوله يفضل فـ السويد يخلص اللي سافر عشانه
-تساءل محمد بـ تعجب:أومال أنا مسافر ليه!
-عشان تجيب خطيبة المحروس
قالها بـ جمود حاقد على تلك الفتاه التي قلبت حياتهم رأسًا على عقب..ردد محمد خلفه بـ بلاهة
-أجيب خطيبة المحروس!!..قصدك مين؟
-تأفف عدي بـ ضيق وهدر بـ نفاذ صبر:هو أحنا بنتكلم عن مين!
-رد محمد بـ سرعة:أه..معلش..مش مستوعب بس الصدمة
صمت ثم تساءل بـ توجس
-طب ليه!
-تنهد عدي بـ حړقة:متسألش ليه..لما توصل خليه يكلمني...
حاول محمد الحديث والتساؤل لكن عدي تشدق بـ صرامة
-صدقني يا صحابي..مش هقدر أقول أي حاجة..نفذ اللي قولتلك عليه..وخلي بالك من نفسك...
ثم أغلق الهاتف وإتجه إلى سيارته عازمًا على التوجه إلى مقر العمل لكي يفهم ما يحدث...
**************************************
-والنبي يا يونس نستريح..نفسي إتقطع
قالتها بتول وهى تقذف الحقيبة وترتمي على الأرض العُشبية..جلس يونس بـ جانبها ثم قال بـ هدوء
-تمام يا ستي وأدي قاعدة...
أخذت تتلاعب بـ تلك الحشائش الخضراء..ثم ما لبثت وإنفجرت ضاحكة..تعجب يونس منها وضحكاتها لا تتوقف مما جعله يبتسم ويتساءل
-بتضحكي ع إيه!
وضعت يدها على فاها تكتم ضحكاتها ثم قالت بـ تشنج ضاحك
-أصلي متخيلتش أني أعيش حاجة زي دي..أكشن بقى وهروب..حاجة زي الأفلام...
حمحمت ثم أكملت
-بيفكرني بـ فيلم توم كروز وكاميرون دياز..تقدر تقول زيها بالظبط
-إبتسم يونس بـ إتساع ثم قال:بس لسه في حاجة ناقصة
-عقدت ما بين حاجبيها وتساءلت:اللي هي!!
إقترب يونس من وجهها ثم همس
-أنه كان..آآ
أشارت بـ سبابتها بـ تحذير ثم قالت بـ حدة
-شوف إياك..إياك تفكر فـ حاجة زي دي وإلا
قهقه يونس ثم قال بـ إستمتاع:وإلا إيه!!
ضيقت عيناها بـ ضيق ثم قالت بـ مكر
-بلاش أقولك...
-ليبادلها المكر:لأ قولي..ولا أنتي أخرك فاضي
لوت شدقها بـ ڠضب..ثم نهضت جالسة على رُكبتيها وبـ سبابتها أشارت
-أنا مش أخري فاضي..وع فكرة أقدر أعمل حاجات كتير
تمدد على الأرض العشبية ثم وضع كِلا ذراعيه أسفل رأسه ثم قال بـ خبث
-وريني حاجة من الحاجات الكتير...
لم ترد عليه بل ظلت تتنفس بـ صوتٍ عال يدل على مدى ڠضبها..إبتسم يونس بـ إستفزاز وأغمض عيناه...
ثوان وشعر بـ أنفاس ساخنة تلفح وجهه جعلته يفتح عيناه سريعًا..ليجد وجهها قريب من وجهه بـ شدة..حتى أن خُصلاتها القصيرة تناثرت على وجنتيه..إتسعت عيناه وهو يراها ترمقه بـ تحدي واهن وخاصةً أن تلك الحمرة قد إكتسحت وجنتيها...
إرتفعت وتيرة أنفاسه وسرت بـ جسده رجفة أطاحت بـ ثباته..أما هى فلم تقل عنه خوفًا وإرتعاشة جسدها كانت دليل موثق على ذاك..أغمضت عيناها ثم فتحتهما بـ بطء مُتعمد..ثم مالت تُقبل وجنته بـ خفة ورقة..جعلت قبله ينتفض من بين أضلعه..جعلت أوردته تضخ كميات كبيرة من الډماء المُحملة بـ الإدرنالين...
إبتعدت عن وجنته وكادت أن تبتعد عنه نهائيًا..إلا أن يده التي وضعها خلف عنقها أعاقت تحررها..كانت عيناه تتوهج بـ وهج أصابها بـ الړعب..جعلها تهتف بـ جزع
-يونس!!!
-همس يونس بـ صوتٍ أجش:متولعيش ڼار أنتي مش هتقدري تطفيها
ولم تعلم لما إبتسمت وهمست بـ تلك الكلمات
-بس عارفة أن الڼار دي مش هطولني ولا هتأزيني..مش كدا يا يونس!!
إبتسم يونس وهو يُزيح خصلة خلف أذنها وهمس بـ عشقٍ خالص
- كدا يا قلب يونس...
ثم أبعد يده عنها ليترك لها المساحة لتتحرك..نهضت هى ونفضت الأتربة عن ملابسها..لينهض هو الأخر بـ مُساعدتها..إرتدت الحقيبة ثم هتفت بـ غرور
-عرفت بقى أني أعرف أعمل حاجات كتير!
-إقترب منها خطوة ثم هتف بـ عبث:ما بلااااش
إنتفضت فزعة وركضت ثم هتفت بـ توتر
-مين قالك إني بعرف أعمل حاجة..أنا بوء أصلًا
قهقه يونس بـ شدة..ثم لحقها وهو يضع يده على وجنته التي قبّلتها..كان لا يزال يشعر بـ رطوبتها أسفل أنامله..لتتسع إبتسامته أكثر وهو يقسم بـ أغلظ الإيمان أنه لن يهدأ حتى يجعلها ملكًا له دائمًا وأبدًا...
*****************************************
وصلا إلى المكان المُحدد الذي سيتقابلوا فيه مع محمد..تشدقت بتول وهة تضع يدها في خصرها
-هما فين!!
رفع يونس رأسه ليجد الطائرة قادمة في إتجاههما..أخفض رأسه مرة أخرى وقال
-أهم..
ثم جذب يدها ليبتعدا مسافة كافية حتى تهبط الطائرة..أغلقت بتول عيناها من الأتربة التي تقتحمها...
وبعد دقائق حطت الطائرة وسكنت..هبط منها محمد وإتجه ناحيتهما..ضمّ يونس إلى أحضانه ثم قال بـ نبرة صادقة
-وحشتنا يا بطل...
ربت يونس على ظهره ثم قال بـ إبتسامة
-تسلم يا محمد
إبتعدا عن بعضهما ثم قال يونس بـ جدية
-جاهز!!
-مسح محمد طرف أنفه ثم قال:كلم عدي..عاوزك
-ليه!!
تساءل يونس بـ تقطيبة ولكن محمد رفع منكباه دليلًا على جهله..أخرج هاتفه وأجرى إتصال مع أخيه..نظر إلى بتول التي تبتسم له ليبادلها الإبتسام..ثم توجه بعيدًا عنهما..أتاه صوت أخيه فـ تساءل يونس
-خير يا عدي !
قص عدي عليه كل ما كان..إحتقنت عيناه بـ شدة وإرتجف جسده غضيًا..تساءل من بين أسنانه
-يعني إيه!
-زفر عدي بـ ضيق وقال:يعني هى مُقابل أبونا...
أغمض عيناه بـ حزن غاضب..ثم إلتفت إلى بتول التي تُطالعه من بعيد..عاد يلتفت وهو يفرك عيناه بـ ضعف..هى مقابل أبيه..لا يستطيع تركها ولا يستطيع ترك أبيه..وقبل أن يغرق بـ أفكاره ويجد حلًا ما..كلن عدي يسبقه بالحديث
-يونس مش وقت تفكير..رجعها كفاية عليها كدا..صدقني دا أحسن ليك وليها ولينا كلنا
-همس يونس بـ حزن:مش هقدر
-لأ وألف لأ..أبوك أهم دلوقتي..متخليش حبك يعميك عن اللي بيحصل..هى هتضيع منك..وأبوك كمان..أخسر حد فيهم
صمت ثم تابع ليضغط على ذاك الوتر
-هتقدر تخسر أبوك !
-وكان الرد سريع:لأ
-خلاص رجعها...
رفع رأسه إلى السماء..ثم نظر إليها مُطولًا..هتف وهو لا يزال يُحدق بها
-خد بالك منها يا عدي..هى أمانة فـ رقبتك لحد أما أرجع
صمت ثم تابع بـ حسرة على الفراق
-حافظ على مرات أخوك..متخليش الـ*** دا يلمسها
-تمتم عدي بـ هدوء:حاضر يا أخويا..متخافش...
ثم أغلق الهاتف وهو يمنع تدفق العبرات من مُقلتاه..وضعه في جيب بنطاله..ثم إتجه إليها...
ما أن وجدته يتقدم منها حتى ركضت بـ إتجاهه وجذبته من يدن ثم قالت بـ حماس
-يلا..يلا
إڠتصب إبتسامة وسايرها..كان يسير خلفها كمن يُساق إلى إعدامه..رفع نظره إلى محمد وأشار بـ رأسه..تفهم محمد وبادله ثم إتجه إلى الطائرة وأدار مُحركها...
صعدت الطائرة وجذبته..إلا أنه رفع يده الأخرى وحلها عنها..عقدت ما بين حاجبيها ليقول بـ حزن
-أنا مش جاي معاكي...
شحب وجهها تدريجيًا وإرتفع وجيب قلبها بـ خوف..إبتسمت بـ إرتباك ثم قالت بـ عدم تصديق
-أنت بتهزر..مش وقت هزار..يلا يا يونس
وكادت أن تمد يدها إليه ولكنه أبعدها..وقال بـ قشرة صلابة واهية
-مينفعش..
-صړخت بـ إهتياج:هو إيه اللي مينفعش!..ها قولي!..ولا أنت كنت بتضحك عليا!
-رد عليها مُسرعًا:عمري ما فكرت أضحك عليكي..بتول انا بحبك
-وصړخت هى بـ المقابل:كداب..أنت واحد كداب
أحاط وجهها بين يديه وقلبه يتآكل حزنًا على بتوله..ثم همس بـ عشقٍ خالص
-لأ مش كداب..أنا بعشقك يا بتول..بعشق كل ذرة فيكي..بعشق كل تفصيلة من تفاصيلك
-همست بـ تحشرج وقد سالت عبراتها:وعشان كدا بتبعدني عنك صح!!
-قاوم عبراته قدر المُستطاع وهمس بـ صوتٍ مبحوح:عشان بحبك وخاېف عليكي ببعدك..شوفتي اللي حصلي واللي كان هيحصلك بسبب ضعفي!..مش هقدر أشوفك ټتأذي بسببي..مش هتحمل...
بدأت في الإنتحاب وقد علت شهقاتها..ليجذبها في أحضانه وهى تحاول التملص منه ولكنه لم يدعها..ظل يُملس على خُصلاتها...
مر العديد من الوقت ويونس يُحاول تهدئتها وإقناعها..وبـ بجهدٍ مضني وافقت على مضض..ولكن عبراتها لم تتوقف..رفع يدها ثم لثمها وقال بـ حزن لمسته
-فراقك على عيني
-همست بـ تحشرج:أوعى مترجعليش يا يونس!
جذبها مرة أخرى في أحضانه وإعتصرها بـ شدة..ثم قال بـ تنهيدة حارة
-مقدرش يا قلب يونس..هرجع عشان أسرق أول رقصتي معاكي..هسرقها منك...
-وعد!!
-أغمض عيناه وقال:وعد..
ثم حررها وصعدت الطائرة..أغلق الباب وعيناه لم تتزحزح عن خاصتها الباكية..كان يشعر بـ إقتلاع روحه مع إقتلاع تلك الطائرة...
وما كادت أن تصعد الطائرة مسافة مترًا واحدًا حتى وجدها محمد تفتح باب الطائرة ليهتف بـ جزع
-يا أنسة!!
ولكنها لم ترد عليه بل قفزت من الطائرة..بـ التزامن مع إرتفاع أنظار يونس إلى الأعلى..فـ تفاجأ بها تقفز..ليستقبلها بـ أحضانه بلا وعي أو تفكير...
أحاطته بتول بـ كل قوتها ډافنة رأسها في عنقه..وهو يحتضنها وكأنها النفس الأخير الذي سيتنفسه..رغمًا عنه إبتسم هاتفًا
-أه يا مچنونة...
-أنا غبية..والله غبية...
-ضحك يونس ثم قال وهو يدفن رأسه في خُصلاتها:مصدقك من غير أما تحلفي...
شددت من إلتفاف يدها حول عنقه ودفنت رأسها أكثر..ثم صړخت بـ صوتٍ مبحوح
-أنا بحبك..بحبك أوي يا يونس...
الفصل الرابع والعشرون
كلمة السر التي تفتح جميع الخزائن..هي كلمة الحب...
تجمدت يداه عليها..تخشب جسده وبدت على ملامحه الغموض وكأنها قالت طلاسم يعجز عن عقله ترجمتها..بينما هى ظلت تحتضنه وتبكي...
أخيرًا إستعادت عضلاته القدرة على الحركة..أبعدها عنه وقد إرتفع وجيب قلبه وكأنه يخشى أن ما قالته خيال..إزدرد ريقه بـ صعوبة ثم قال بـ خفوت
-أنتي قولتي إيه!!
-أزالت عبراتها بـ يدها وقالت بـ إبتسامة خجولة:قولت بحبك...
أغمض عيناه وأخذ شهيقًا عميق وكأنه يستنشق الكلمة التي لم تمر عبر مسامعه فقط..بل وحُفرت في فؤاده..وُشمت على جسده كله..كلمة طالت نفسه إلى سماعها وكأنها الترياق..
جذبها مرة أخرى في أحضانه بـ قوة وإلتفت يداه حولها حتى كادت تعتصرها..ډفن رأسه في خُصلاتها وقال بـ تأوه
-اااه..وأخيرًا قولتيها..أخيرًا حسيتي بيا
-إبتسمت وقالت:إتأخرت عارفة..بس مكنش ينفع مقولهاش...
وإلتفت يدها حوله تضع رأسها على صدره..وإبتسامتها العاشقة تحولت لأخرى خجولة..وهى تستشعر قُبلته على أذنها..رقيقة مثلها..وجامحة كـ مشاعره..ثم همس في أُذنها بـ سأم
-أعمل فيكي إيه دلوقتي!..أحلف ما سيبك وڼموت سوا..ولا أسيبك تروحي وأشتاقلك؟!
-إبتلعت ريقها بـ صعوبة وقالت:أنا مش عاوزة أشوفه يا يونس..خاېفة!!
خائڤة..كان وقع الكلمة مُرعب على مسامعه..أتخاف وقد كُتب لحبهما الحياه!..أتخاف وقد وعدها الحماية!..أتخاف وهى تقول أنه الأمان والحصن!..ألا تعلم الأميرة أنها ستُحتجز في ذلك البرج المُحصن..ذاك البرج الذي لن يتخطاه الأعادي...
تنهد عدة مرات ثم أبعدها عنه وقال بـ جدية
-إسمعي..قولتلك مټخافيش طول ما أنا معاكي
-هزت رأسها بـ نفي وهتفت بـ إعتراض:بس أنت مش معايا
أحاط وجهها بـ يديه وتشدق بـ حب
-لأ معاكي وفـ قلبك...
كاد أن يُكمل ولكن قاطعه محمد قائلًا بـ نفاذ صبر
-يونس..التأخير مش فـ صالحنا..هنتكشف
نظر له يونس وأماء بـ رأسه..ثم عاد ينظر لها قبّل طرف أنفها وقال بـ تنهيدة حارة
-كل اللي عاوزك تعمليه..أنك تمثلي عليه..أنتي متعرفيش حاجة
-مش هعرف
-لأ هتعرفي..عشانك..عشان ميقربش منك..سمعاني!!
أماءت بـ رأسها ولا تزال عبراتها تجري..أزال هو تلك اللألئ بـ إبهاميه..ثم أب يده وأخرج من جيب بنطاله حلقة نُحاسية لُفت فوق بعضها عدة مرات بـ صورة مُتتالية لتُكون حلقة عريضة..أمسك يدها اليمنى و وضع بـ بنصرها تلك الحلقة وقال بـ مرح
-هو المفروض أطلب إيدك بـ خاتم ألماس..بس دا المُتاح حاليًا...

إمتزجت عبراتها بـ ضحكات على عرض الزواج الغريب..لتقول بـ إبتسامة وهى تتأمل تلك الحلقة

-يعني المفروض أنك بتطلبني الجواز!!

أماء بـ رأسه بـ قوة..لتعود وتضحك بـ قوة..ثم قالت بـ سعادة

-أنا موافقة..موافقة

تهللت أسارير يونس ما أن نطقت "موافقة"..كاد يقفز كـ المچنون فرحًا بـ موافقتها..ولكنه أحجم جنونه حاليًا..ليرفع يُمناها مُقبلًا بنصرها فوق الحلقة النُحاسية مباشرةً بـ رقة ورُقي...

وضعت هى يدها على لحيته الشبة طويلة ثم قالت بـ رجاء

-إرجعلي بسرعة

-هتف بـ أبتسامة:هرجعلك أسرع مما تتخيلي..هرجعلك وهاخدك فـ حضڼي قدام كل الناس..

إقتربت بـ بطء وقبلت وجنته بـ خجل..ثم هتفت بـ صوتٍ شبه مُتلعثم

-هسـ..هستناك ټوفي بوعدك..دا وعد الحر دين

-إبتسم بـ عذوبة ثم تشدق:دا لما يبقى حر..مش محپوس بين جدران حبك...

وقُبلة أخرى على الجبين ثم دفعها إلى الطائرة..نظر إلى محمد وقال بـ صرامة

-تخلي عدي يسلمها لأهلها...

-تمام..

وتحرك محمد من أجل الإقلاع بـ الطائرة..وقف أمام الباب وظل ينظر لها من خلفه..تحركت شفتاه وهو ېصرخ بـ جنون ما أن بدأت الطائرة بـ الصعود

-بحبك...

**************************************

وعلى الجانب الأخر ما أن تلقى من صديقه تحركه بها..إلا وقد إتصل بـ عز..ليأتيه صوته البغيض

-هااا؟!

-هتف عدي من بين أسنانه:حصل..وبتول كمان حداشر ساعة وهتكون فـ مصر...

-إتسعت إبتسامة عز وقال:حلو أوي...

-هدر عدي بـ صوته الجهوري:وأبويا

صمت عز الدين عدة لحظات ليُسري التوتر في جسد عدي..إلا أنه قال بـ الأخير بـ نبرة باردة

-تقدر كمان ساعتين ونص توصله بيتكم...

قبض عدي على يده بـ غلٍ بائن ثم تشدق من بين أسنانه بـ وعيد

-نهايتك هتكون ع إيد ولاد العقيد رفعت...

-سلام...

قالها عز الدين بلا مبالاه وأغلق الهاتف..وضعه بـ جانبه على الأريكة الخلفية..ثم أمر سائقه بـ جفاء

-إطلع على بيت الدكتور إسماعيل

-حاضر يا عز بيه...

وإنطلقت السيارة في إتجاه المنزل...

****************************************

كان المنزل يسوده حاله من الركود..وكأن الطقس أصبح غائم والسماء تُمطر بـ غزارة..خمول شديد حلّ على أصحاب المنزل مُنذ إختفاءها...

والدتها تضع صورتها بـ أحضانها وتبكي..و والدها لم يترك أحدًا من معارفه ولم يطلب منه المساعدة..أخيها الذي إستطالت لحيته وقد بدأ يُصيبه اليأس..فقد لذة الحياه مع فقدها...

صوت طرقات على باب المنزل نبأت إسماعيل الذي نهض بـ فتور من مقعده ليتجه ناحية الباب..فتحه ليجد عز يقف أمامه..فـ هتف بـ ذهول

-عز!!

-تسمحلي أدخل يا عمي؟!

تجهم وجه إسماعيل بـ شدة فهو لم ينسَ أن ما حدث كان هو السبب الرئيسي به..إبتعد قليلًا ليترك له المساحة ثم قال بـ إقتضاب

-إتفضل...

دلف عز الدين ولم يتعجب من حالة التهجم التي أصابته..فـ هو يعلم أنهم يلوموه على ما أصاب إبنتهم..دلفت بدرية خارج الغُرفة وهى تتساءل بـ فتور

-مين يا أبو...

وإنقطعت جملتها ما أن رأته أمامها..تطاير من عينيها الشرر إنطلقت في إتجاهه كـ قاڈفة صاروخية وهى تهدر بـ عڼف

-وليك عين تيجي هنا..جاي بعد أما بنتي راحت

قالتها وقد أتبعها نشيج..أمسكته بـ تلابيبه وظلت تهزه بـ قوة وبـ حړقة قلب أم على فلذتها قالت

-ضيعت بنتي منك لله..حسبي الله ونعم الوكيل فيك..حسبي الله ونعم الوكيل فيك..بنتي ضاعت..بنتي ضاعت مني

قالتها بـ تحسر..أما عز فـ بقى جامدًا يلا يتحرك..يعلم أنه يستحق فـ هو من أوقعها في تلك المُعضلة..أسرع إسماعيل يُبعدها عنه وهو يقول بـ حدة

-بس يا أم إسلام..مش أصول..الراجل فـ بيتنا

كادت أن تتحدث ولكنه أشار بـ يده لتصمت..ولكنها لم تكف عن حدجه بـ نظرات مُشتعلة..إلتفت إليه إسماعيل وقال

-إتفضل

دلف عز ولم يؤثر به ما حدث..فقط محبوبته ستأتي وتكون بـ أحضانه بعد عدة ساعات..جلس في الصالون ومعه بدرية وإسماعيل

وعلى إثر الجلبة الخارجية خرج إسلام..وما أن لمح هو الأخر حتى إرتسمت معالم الشراسة على وجهه..كاد أن ېتهجم عليه ضربًا ولكن والده أمسكه من معصمه وتشدق بـ صرامة وحزم

-الراجل جاي يقول كلمتين هنسمعهم وهيتكل ع الله..لو هتقل أدبك يبقى تخش أوضتك..

-هتف إسلام بـ إعتراض:بس يا بابا...

-قاطعه والده:بلا بس و لا مبسش..أنا قولت كلمة

وعلى مضض جلس إسلام وهو الأخر يحدجه بـ نظرات حاړقة..قابل عز كل هذا بـ برود..ليبدأ إسماعيل الحديث

-جاي ليه يا عز!!

-تنحنح عز وقال:أنا عارف أنكوا مش طايقني لأني السبب فـ إختفاء بتول

-حدجه إسلام بـ سخرية وقال:وهو أنا شوفنا خلقة حضرتك من ساعة أما إتخطفت..

حدجه إسماعيل بـ تحذير ليصمت إسلام على مضض..تجاهل عز الدين ما قاله وإستطرد حديثه

-أنا عاهدت نفسي إني أحميها..بس فشلت مرة..وندمان..بس والله ما سكت أبدًا..أنا عملت اللي عليا كله عشان أرجعها...

إبتسم بـ حبور ثم تابع

-وعشان كدا هي هتكون هنا كمان كام ساعة...

صدمة ألجمت الجميع..ربما صُعقت أبدانهم مما قال فـ شلت أعضاؤهم وعضلاتهم عن الإستاجة لأي مؤثر..كان أول من تحدث هو إسماعيل وهو يهتف بـ عدم تصديق

-أنت بتقول إيه!

-أيوة يا عمي بتول هترجع النهاردة

إنتفضت بدرية تسأله بـ سعادة ممزوجة بـ خوف

-يعني أنا هحضن بنتي كمان كام ساعة!..طب هي كويسة!..محصلهاش حاجة صح!!

وبـ الرغم من جهله إلا أنه أماء بـ نعم لتتهلل أسارير الجميع بـ فرحة جعلت إسماعيل يسجد لله شكرًا..لتضم بدرية يدها إلى صدرها قائلة بـ بُكاء

-الحمد لله يارب..بنتي هترجع

-إحتضنها إسلام وهو يبكي بـ سعادة ثم قال:بتول هتنام فـ حضننا يا ماما

ربتت على ظهره وإختلط صوت شكرها لله مع بكاءها..إحتضنهم إسماعيل ولسان حاله لا يتوقف عن الشكر وذكر الله..أخذت بدرية تُثرثر بـ ما ستفعله ما أن تعود إبنتها...

تركهم عز ورحل..ليدلف خارج المنزل وهو يبتسم بـ سعادة..ساعات فقط وتعود بتول إلى أحضانه..رفع حلقته الفضية وقبلها بـ حب..ليهمس بـ إصرار

-أول أما ترجعي هنتجوز يا قلب عز...

***************************************

وعلى الجانب الأخر ما أن أختفت الطائرة حتى جلس يونس على الأرض يضع رأسه بين يداه وإبتسامته لا تُغادر شفتيه..ظلت كلمتها "بحبك"تتردد في أُذنيه مرات لا يعلم عددها...

تمدد على الأرض واضعًا يده خلف رأسه وقال بـ حزن رُصع بـ السعادة

-وحشتيني من دلوقتي يا بنت السلطان...

وظل عقله يعمل..كيف سيكون اللقاء بعدما يُنهي عمله هنا!..بالطبع الإشتياق سيكون سيد الموقف..ليعود ويبتسم وكلمتها تتردد في أذنه...

وعلى بعد أمتار عديدة..كان أحدهم يُراقب ما يحدث بـ إبتسامة خبيثة..رفع هاتفه وإتصل بـ عز الدين

-أيوة..كل حاجة حصلت..وخطيبتك مشت

-إبتسم عز الدين بـ ظفر وقال:منا عارف..أخوه قالي

-حك سيف ذقنه وقال:طب هنعمل إيه!...

إلتفت إلى تلك التي تتطلع إلى يونس بـ هيام..ليضحك بـ سخرية..ثم عاد يسأل عز الدين الذي طال صمته

-ما ترد!

وأتاه صوت عز الدين الخالي من الحياه بـ نبرة تحمل عداء قال

-أقتل يونس...

-حاضر

خرجت تلك الحروف خبيثة من فاه ذلك المعتوه الذي يحلم هو الأخر بـ مۏته..أغلق الهاتف ثم إلتفت إلى ذاك الذي يقف بـ جانبه وتشدق

-هيا أقتله...

أماء الرجل بـ رأسه وتوجه ناحية يونس..أما الأخر فـ إلتفت بـ خبث وتشدق إلى التي تقبع بـ جانبه

-إن أردتي الفوز بـ ذلك الحب..فـ أنقذيه

نظرت له أنچلي بـ عدم فهم..ليُخرج هو سلاح من خلف جذعه ومدّ يده به ثم قال بـ كلمات ماكرة

-هيا أقتلي الوغد الذي سيقتل معشوقك

-ماذا؟

هتفتها بـ إستنكار وړعب..ليضع السلاح بين يديها وبنبرة إصطنعت البرود قال

-لكِ الأختيار..أعتقد أنه سيموت لا محالة..هذا الأرعن مُحترف وأنتي ستخسرين حبًا بـ التأكيد...

ثم أغمض عيناه واضعًا رأسه على مسند المقعد..وبعد ثوان سمع صوت باب السيارة يُغلق..إبتسم بـ خبث شيطاني وأدار المُحرك ثم رحل...

وعلى الجانب الأخر كان ذاك الرجل قد وصل إلى يونس..وما كاد الأخير أن يلتفت حتى وجد تلك القبضة تهوي على وجهه...

ترنح يونس إثر الضړبة..فـ قواه الجسدية مُنهكة بـ درجة عالية..والأخر جاثيًا فوقه يكيل له اللكمات وهو يُحاول صدها قدر الإمكان..وبـ الفعل وبـ حركة سريعة أمسك حفنة من الرمال وقڈفها في وجه الأخر..تشتت و وضع يده على عيناه ليستغل يونس ذلك الوضع وينقلب الوضع..أبعده عنه ثم ركله بـ بطنه ليسقط على الأرض...

نهض يونس والأخر نهض..وقبل أن يتقدم كان الرجل يُخرج سلاحھ موجهًا إياه إلى وجهه..توقف يونس ليدرس الوضع..ولكن لم يكن هناك وقت..فـ قد سحب الأخر صمام الأمان وبعدها إنطلقت الړصاصة...

***************************************

أخذت تطلع إلى تلك الحلقة النُحاسية بـ إبتسامة شاردة..ولكنها كانت الأكثر عاشقة..ظلت تُردد على مسامعها بـ خفوت

-من النهاردة مفيش غيرك يا يونس..مش هعرف أحب غيرك...

نظر إليها محمد فـ وجدها تتطلع إلى تلك الحلقة وإبتسامتها تحكي عنها..إبتسم هو الأخر وتشدق بـ هدوء

-يونس إنسان كويس..كويس أوي ويستاهل إنك تحبيه

إنتبهت بـ أنه يُحدثها..لتقول بـ إستفهام

-أنت قولت إيه!!

-إبتسم محمد وأعاد قوله:بقولك يونس إنسان كويس أوي ويستحق أنك تحبيه

إبتسمت بـ إتساع وظلت أصابعها تُحرك الحلقة وبـ خجل قالت

-منا أخدت بالي

-تنحنح محمد وقال بـ جدية:يونس مش هتلاقي زيه أبدًا ..فـ حافظي عليه..لأن اللي زي البني أدم دا لما نخسره مبنعرفش نعوضه تاني...

-وبـ إصرار طفولي قالت:أنا عمري ما هزعله أبدًا..يونس وراني مفهوم تاني للحب..الحب اللي كنت فاهمها غلط..معاه وبس إكتشفت حاجات كتير...

وإبتسم لها مُجاملة وصمت بعض الوقت..ثم عاد ليتشدق

-إحنا قدامنا عشر ساعات ونوصل...

وعلى وجهها لمح ذلك السؤال المُغلف بـ خوف لـ يقول بـ إطمئنان

-مټخافيش..عدي هو اللي هيستلمك و يوصلك لأهلك...

إلتوت شفتيها بـ ضيق ثم تمتمت بـ حنق طفولي

-لأ دا عز أرحم من الظابط على ما تفرج دا...

***************************************

إنطلقت الړصاصة وعم السكون..وضع يونس يتحقق من نفسه هل أصابته الړصاصة أم لا!..بات يشك أنه كان محض خيالات..ولكن إنهيار چثة ذلك الأرعن والدماؤ تتدفق من ظهره..جعلته يوقن أن ما حدث حقيقي...

ومن خلف إنهيار الچثة وجد أنچلي تُمسك السلاح بين يديها المُرتجفة وهى تُحدق في الچثة الهامدة بـ أعين مُتسعة..إتجه يونس إليها سريعًا وهو يسألها بـ حدة

-كيف علمتي أين أنا؟!

-نظرت إليه بـ شرود وقالت:هل ماټ؟!

زفر يونس بـ ضيق ومن ثم جذبها من ذراعها وتحركا من ذلك المكان..فـ صوت الړصاص كان مُدويًا وبـ الطبع ستحدث الكثير من الجلبة...

وبعد مدة من التحرك أجلسها على صخرةٍ ما ثم جلس أمامها وطلب منها بـ لطف

-أخبريني ماذا حدث!

إبتلعت ريقها الذي جف من الأساس وبدأت في سرد كل شيئًا عليه..ليُتمتم بـ ذهول

-أنتِ أيضًا أنقذتني تلك المرة الأولى؟!

أماءت بـ رأسها بـ خفوت ولم تتحدث..تخللت أصابعه خُصلاته القصيرة بـ عصبية..وهو لا يُصدق ما يُحاك خلف ظهره..أغمض عيناه ليُهدأ من إنفعالاته وبدأ يتحدث بـ صوته الواجم

-إذًا كُنا نُساق إلى فخ!

-بلى

قالتها بـ صوتٍ خفيض..حدق هو بها بـ قوة ثم قال بـ جدية

-حسنًا..سأطلب منكِ شيئًا..فهل ستُلبينه!

-أجابت بـ لهفة:بـ الطبع..أي شئ...

ظهرت طيف إبتسامة على شفتاه..فـ ها هو سيعود إلى محبوبته في أسرع وقت..تدفق الإدرنالين من فرط الحماس..ليتشدق بـ نبرة جدية

-حسنًا..أريد منكِ أن تُخبري رئيسك بالعمل أنني متُ..وأن كافة المعلومات معك..إتفقنا!

-وبلا أي تردد هتفت:إتفقنا...

أخذ منها السلاح و وضعه خلف جذعه ثم قال وهو ينهض

-وأخبريه أن يكون المشتري حاضرًا في أسرع وقت..لأن رجال عز الدين يبحثون عنها هم الأخرون...

أماءت بـ رأسها..ثم أمسكت هاتفها وبـ بضع كلمات مُقتضبة وجادة للغاية..حقًا إنبهر يونس بـ ثباتها وتمثيلها الرائع..تمنى أن تكون بتول مثلها من أجلها قبل أن يكون من أجلهما..إنتهت محادثتها وإلتفتت إليه قائلة

-طلب مني أن أذهب إلى المنزل ومعي تلك المعلومات..

-أماء بـ رأسه وقال:عظيم..هى بنا

وكادت أن تتحرك..إلا أنه أمسك يدها وبـ إمتنان حقيقي تشدق

-حقًا شكرًا لكِ..أنقذتي حياتي مرتين

-إبتسمت بـ خجل وقالت:لا داعي لهذا..فقط أفعل ما توجب عليّ فعله..كما أنني أفعل أي شيئًا من أجلك...

تلاشت إبتسامته تدريجيًا وقد فهم ما ترمي إليه ولكنه تصنع عدم الفهم وقال بـ إقتضاب

-هيا لا داعي أن نتأخر...

***************************************

وبعد مرور عشر ساعات..كان عدي يقف في ذلك المكان المُتفق عليه..وفي ظل الإنتظار وجد عز الدين قادم..حل ساعديه وإتجه إليه بـ خطىٍ سريعة وقد تخطى الحرس بـ سهولة..وبـ نبرة حادة تشدق

-أنت إيه اللي جابك هنا!

-جاي عشان خطيبتي..

بـ برود قالها ليستفز عدي أكثر..كور عدي قبضته ومن بين أسنانه هتف

-مينفعش تكون موجود..أنا هوصلها لأهلها وأنت تقدر تشوفها من هناك

إقترب عز الدين منه ودنا بـ وجهه ثم بـ نبرة هادئة حادة قال

-مش بـ مزاجك..أنا هنا لخطيبتي ومحدش هياخدها لأهلها غيري

-زفر عدي بـ ضيق وتشدق بـ نفاذ صبر:أسمع الكلام...

-لأ

قالها عز الدين بـ حزم ثم أكمل بـ قتامة

-ومنين أأمنلك..ما أنت ممكن تطلع زي أخوك وټخطفها

-حجظت عيناه وقال بـ صوتٍ هادر:أنت جرا لمخك حاجة...

تحولت نظرات عز الدين إلى الشراسة وقبل أن يتفوه كان عدي يسبقه بـ ڠضب

-خلي رجالتك يمشوا ورانا..ومش من حبي فيها هخطفها مثلًا..أنا هوصلها لأهلها ودا بـ أمر رسمي..

-تشدق عز الدين بـ حدة:خلي أوامرك تنفعك..أنا اللي هاخدها...

زفر عدي بـ ضيق..يعلم أنه لن يستجدي من تلك المُحادثة بـ شئ..لذلك بـ عڼف دفع الحرس وإتجه إلى الداخل..وبـ سرعة أخرج هاتفه وحاډث محمد صديقه الذي رد عليه على الفور

-حالًا يا محمد تغير مكان نزولك لمدرج تلاتة..هنجهزهولك حالًا

-حصل حاجة!!

-هدر عدي بـ عڼف:سي عز زفت واقف..وأنا مش هقدر أخلي بوعدي مع أخويا حتى لو كنت بكرها..

-رد عليه محمد بـ تفهم:خلاص..خلاص. أنا أصلًا قدامي بالظبط نص ساعة..كلمهم وأنا هنزل هناك...

-تمام...

تمتم بها عدي بـ إقتضاب..ثم إتجه إلى وحدة التحكم وأخبرها بـ تغيير مدرج الهبوط إلى الثالث..أماء الرجل بـ طاعة وقال

-حاضر يا عدي باشا...

وبـ خطى سريعة تحرك عدي إلى الخارج..رمق عز الدين نظرات ساخطة ومن ثم إختفى عن ناظريه...

وبعد نصف ساعة كانت الطائرة تحط على الأراضي المصرية..هبطت بتول من الطائرة لتجد عدي يقف أمامها ينظر إليها شزرًا ونظراتها لم تقل عنه..دنى منها وبـ تجهم قال

-قدامي يا ست الحسن

-إنتفخت أوداجها غضبًا ومن ثم هتفت بـ حنق:أحترم نفسك يا ظابط نص كم أنت..ويلا عاوزة أشوف أهلي..

كظم غيظه ومنها ولم يرد..أشار بـ يده لها كي تتقدمه..بـ الفعل تحركت بـ خطوات واثقة مرفوعة الرأس..شامخة..إرتفع كِلا حاجبيه بـ عجب وتمتم بـ تعجب

-إيه دا!!..كنت مستحملها إزاي يا يونس..دا أنا من دقيقة وكنت هطبق فـ زمارة رقبتها أطلعها فـ إيدي...
الفصل الخامس والعشرون
يا حبيبتي البعد طال..وأنا قلبي داب من الإنتظار...
الشمس تطلع كل يوم..وأنتي غايبة ليل نهار...
كانت تتقدمه بـ بضع خطوات وهو خلفها يعض شفتيه غيظًا من عنجهيتها و شموخها اللا محدود..تسير أمامه وكأنه طليقها وقد فازت بـ دعوى الطلاق..وسؤال واحد تردد في خلده..كيف أحبها يونس؟!...
هز رأسه بـ يأس وأسرع في خطاه إلى أن وصل جانبها ثم تشدق بـ جمود
-حبيب القلب هنا!!
-إلتفتت بـ حماس وقد لمعت عيناها بـ سعادة:يونس!!
يونس!!..عقد ما بين حاجبيه بـ تساؤل ودهشة..ثم تساءل بـ حيرة
-وإيه علاقة يونس بـ الموضوع!!...
-مالت بـ رأسها إلى اليسار و تساءلت بـ توجس:أومال قصدك مين!
-لوى شدقه وقال بـ تهكم:سيادة الوزير...
تجمدت قدماها عن السير..وقد سرت في جسدها رجفة..نوبة ذعر أصابتها وأخذت تهز بـ رأسها يمينًا ويسارًا بـ رفضٍ تام..تعجب عدي من وقوفها وإلتفت إليها ليجدها على تلك الحالة المذعورة..عقد ما بين حاجبيه بـ عدم فهم وقال
-في إيه!
-هذت بـ هستيرية:مش عاوزة أشوفه..هيعتدي عليا زيهم..هيموتني لو رفضت..
حلّ عنه عدم الفهم وبدأت تتوضح الصورة..فـ هى قد علمت كل شئ..هذا ما أخبره إياه يونس..تقدم منها وقد إرتخت معالمه المُتجهمة إلى حدٍ ما ثم قال بـ هدوء
-أهدي..أنا أصلًا وعدت يونس أنه مش هيقربلك..مټخافيش...
ولكنها ظلت تهز رأسها بـ خوف..إلا أن عدي جذبها من يدها وقال بـنفاذ صبر
-أخلصي مش فاضي..قولتلك مش هيشوفك ولا هسمحله أصلًا..ودا مش عشانك دا عشان يونس...
وأكمل جرهُ لها وكأنها شاه..وهى ترتجف خوفًا وعيناها تدمعان..لم يكترث لها عدي وأكمل طريقه..وصل إلى السيارة والتي كانت بها روضة التي أصرت على الحضور فـ كم أخبرها عدي بـ كرهه لتلك الفتاه...
فتح باب السيارة الخلفي ودفعها بـ خفة داخله وأغلق الباب..ثم إتجه إلى مقعده بـ وجه خالي من التعبيرات..نظرت إليه روضة وتساءلت بـ خفوت
-أنت كويس!
-نفخ بـ ضيق وقال:وهو حد يبقى معاه البلوى دي ويبقى كويس
إلتفتت روضة تتطلع إلى التي ترتجف بـ الخۏف فـ شعرت بـ الشفقة عليها..إستدارت إلى عدي مرة أخرى ثم حدثته مُعاتبة
-مينفعش كدا..البنت مېتة من الړعب ورا..
أدار عدي المُحرك ثم تطلع إليها من المرآة الأمامية..تشدق وهو ينظر إلى روضة بـ حنق
-لولا يونس وصاني عليها مكنتش بقيت حنين معاها كدا...
أما هى كانت في عالم أخر تتمنى الرحيل عن هنا قبل أن يراها عز الدين..وما أن تحركت السيارة حتى إرتخت معالها وتنفست بـ راحة وكأن الأكسجين قد نفذ من المكان...
***************************************
-تفضل بـ الدخول
دلف يونس بـ تمهل ونظرات مُتفحصة للمكان..أغلقت أنچلي الباب ثم أضاءت الأنوار..وبـ تفحص سريع..علم بـ وجود كاميرات مراقبة صغيرة وبـ حنكة رجل مُخابرات أستطاع التعرف على أماكن تواجدهم..إنتشله صوت أنچلي وهى تقول بـ إنهاك
-أختر غُرفة كيفما شئت..المنزل نظيف وأنا لا آتي إلى هنا كثيرًا...
-مط شفتيه وتساءل بـ برود:وأنتِ أين ستمكثين!
-رفعت حاجبيها بـ تعجب ومن ثم قالت بـ بساطة:هنا..معك
إرتسمت شبه إبتسامة ساخرة على وجهه لم تلحظها هى..إصطنع اللامباه وقال
-كيفما شئتِ عزيزتي...
نزعت حذاءها ذو الكعب العالي وحلت رباطة خُصلاتها ثم جلست وقالت بـ إهتمام
-ماذا سنفعل الآن؟
-جلس على مقعد أمامها وقال:سننتظر...
صمت قليلًا وإختلس النظرات يدرس بها الوضع العام للمنزل حتى يُهيئ نفسه للهروب في أي وقت وكذلك رصد الأماكن التي لن تطولها الكاميرات..رفع رأسه بعدها أنتهى من تقييمه وتشدق بـ جدية
-أُريدك أن تختفي عن الأنظار..لا تخرجي من هذا المنزل أبدًا...
-وإن سألني سام!!
-أخبريه أنكِ مُختبئة خوفًا من تلك العصاپات التي تُريد ما معكِ..وأنكِ مُختبئة في أحد الأماكن...
ثم أشار بـ تحذير قائلًا
-إعلمي جيدًا بـ أن سام سيحاول قتلكِ إن سنحت له الفرصة بـ ذلك
-أعلم جيدًا
قالتها بـ برود وهى تتلاعب بـ خصلاتها الڼارية..إلا أنها توقفت فجأة وسألته بـ شيئًا من الغموض
-لمَ أرسلت فتاتك بعيد!
-عقد ما بين حاجبيه وتساءل بـ برود:ولماذا تسألي؟
-رفعت منكبيها بـ فتور وتشدقت:هكذا من باب الفضول
نهض يونس عن مكانه وتوجه إليها ثم إنحنى بـ جذعه العلوي حتى إقترب من وجهها..وتشدق بـ نبرة ذات مغزى
-وأنا سأُشبع فضولك حلوتي..
إبتسم بـ مكر وأكمل
-لأنني أخشى عليها مما سيصُبيها مما أفعله..لأنني أُحبها بل أنا أتنفسها ولن أعشق غيرها..كما أنني لن أقوم بـ خيانتها..فـ هى ستكون زوجتي قريبًا ولن أدع أحدًا يُفسد علينا صفوة هذا العشق
إمتعضت ملامحها بـ قوة وقد ظهرت إمارات الڠضب جلية على وجهها..تفهمت ما يرمي إليه لتقبض على ذراع المقعد بـ قوة..حاولت أن تُخفي نبرتها الغاضبة وهى تتحدث ولكن لا فائدة
-حقًا يا رجل!!..
مطت شفتيها وهى تقول بـ مكر وڠضب
-أنا أعلم الرجال جيدًا لا يكتفون بـ إمرأة واحدة بل لا يُشبعهم جيش بـ أكمله..الرجال كلهم سواء يتتبعون غرائزهم ورغباتهم الحيوانية..وما أن تزول...
رفعت منكبيها وأكملت بـ بساطة
-هكذا يقذفونها بعيدًا..ثم تأتي أخرى وأخرى وهم لا يملوا أبدًا..بل تزداد رغباتهم توحشًا...
قهقه يونس كثيرًا..فهو يعلم أنها تقول ذلك لكي تجذبه إليها..ولكنه لم يتأثر بـ مقدار ذرة..فـ وضع سبابته على طرف أنفها ثم قال بـ مرح
-لستُ من ذاك النوع الحقېر...
***************************************
عقدت بتول ذراعيها أمام صدرها وظلت ترمق عدي بـ نظرات ساخطة..فـ كلما تكلمت كان يزجرها بـ عڼف..إلتفتت إليها روضة وعلى وجهها إبتسامة بشوشة وتشدقت
-أنتي أسمك بتول صح!
-ردت بتول ولا تزال تنظر إلى عدي بـ سخط:أه
ضحكت روضة وقالت:وأنا روضة
-إبتسمت بتول نصف إبتسامة وقالت:اسمك حلو...
-مرسيه
قالتها بـ إبتسامة ثم إلتفتت إلى عدي وقالت بـ همس
-ما البت كيوت أهو
نظر إلى بتول شزرًا ثم قال بـ تهكم
-دي برغوت مش كيوت
شهقت بتول وقد حلت ذراعيها عن صدرها وقالت بـ حدة و سوقية
-أنا برغوت يا صرصار أنت!!..
-أشار بـ يده إليها وقال:شوفتي طولة اللسان!
إقتربت بتول ولكزته في ظهره بـ قوة آلمته ..ثم هدرت بـ إشمئزاز
-أنت اللي بدأت..وأنا مش بسكت عن حقي
-هدأتها روضة:خلاص يا بتول محصلش حاجة
-صړخ عدي:محصلش حاجة إزاي!..دي ضړبتني
كتمت روضة ضحكاتها بـ صعوبة على ذاك الثنائي الأكثر من مُضحك..ربتت على كتفه وقالت بـ نبرة مكتومة
-معلش يا حبيبي
إبتسم عدي لها ولم يرد..بينما تساءلت بـ عقدة حاجب
-هو أنتي أخته!
-أمسك عدي يدها وقال:لأ خطيبتي وقريب هنتجوز
إبتسمت روضة بـ خجل وقد تخضبت وجنتيها بـ اللون الأحمر..تحركت بتول من مقعدها وإقتربت من روضة التي نظرت لها بـ ترقب..فـ همست الأولى
-متتجوزيهوش
-ضحكت روضة وقالت بـ همس مماثل:ليه!
نظرت له بتول نظرة خاطفة ثم عادت تهمس بـ أُذن روضة وقد تقلصت عضلات وجهها بـ حنق
-مكشر على طول مبيضحكش لحد اما وشه هيكرمش وهيكون زي اللي عنده خمسين سنة...
صمتت ثم قالت قبل أن تبتعد
-خدي بالك دا من النوع النكدي..يعني لو ضحكتي فـ وشه ممكن يحدفك من الشباك...
إلى هنا ولم تستطع روضة كتم ضحكاتها والتي صدحت مع بتول..ضيق عدي عيناه وقال بـ ڠضب
-هي قالتلك إيه!
-ردت عليه بتول بـ إستفزاز:بسألها ع مقاش جزمتها...
رمقها شزرًا لتُخرج هى لسانها..لتتحول معالمه إلى الغيظ..أوقف السيارة ثم قال بـ وجوم
-وصلنا...
ثم إلتفت إليها وقال بـ تحذير
-متتكلميش..آآ...
لم يُكمل حديثه إذ وجدها تندفع من السيارة وركضت إلى داخل بنايتها فقد إشتاقت حقًا إلى عائلتها..لېصرخ عدي بـ نفاذ صبر
-شوفتي!!
-ربتت على يده وقالت:معلش..أطلعلها...
نفخ بـ ضيق عدة مرات..ثم هبط من السيارة وأغلق بابها بـ عڼف وصعد إليها...
****************************************
وعلى الجانب الأخر ظل عز الدين ينتظر كثيرًا ولكن لا أحد يأتي إلى هنا..نظر إلى ساعته ذات الماركة بـ نفاذ الصبر وأمر أحد حرسه بـ جفاء
-شوفلي حد من جوه..بقالي ساعة واقف ومحدش جه
-رد الأخير عليه بـ طاعة:حاضر يا فندم...
ثم توجه إلى الداخل..هبط من سيارته و ظل واقفًا بـ جانبها وهو يحرك ساقيه بـ عصبية ثم تشدق بـ ڠضب
-المفروض توصل من نص ساعة ومحدش جه...
عقد ساعديه أمام صدره..ليجد الحارس قد وصل ومعه أحد الضباط..صافحه بـ إحترام بينما عز الدين بادله البرود..ثم قال بـ جفاء
-أومال فين الرائد عدي!
-عقد الشرطي ما بين حاجبيه وتشدق بـ تعجب:حضرتك الرائد عدي مي من نص ساعة...
تحولت ملامحه إلى صدمة ثم تساءل بـ إنفعال
-والبنت المفروض اللي يستلمها!
-مشت معاه برضو...
أطلق عز الدين السباب اللاذع من بين شفتيه وتحرك من أمام الشرطي قبل أن يفقد أعصابه ويثور عليه..صعد سيارته مُتجاهلًا نداءات الشرطي وأمر من السائق بـ غلظة
-أطلع ع عنوان الدكتور إسماعيل
-حاضر يا عز الدين بيه...
وتحركت السيارة وعز يكور قبضته بـ غيظ وڠضب..ثم هتف من بين أسنانه بـ وعيد
-طيب يا عدي بيه..إما وريتك...
ثم هدر بـ السائق
-سرّع شوية يا بني أدم...
وبالفعل إنصاع إليه السائق..أخرج عز الدين هاتفه ثم إتصل بـ أحدهم بـ إقتضاب قال
-نفذ...
ثم أغلق الهاتف وتطلع إلى الطريق وهو يُمني نفسه بـ رؤيتها...
**************************************
دلف يونس إلى غُرفته وكما توقع هناك كاميرات مدسوسة بها..إبتسم بـ تهكم ولم يفعل أي شئ..بل دلف إلى المرحاض ومعه الحقيبة..توارى عن الكاميرا الموجودة بـ أحد الزوايا..ثم عبث بـ محتويات الحقيبة وتخلص من المعلومات الموجودة على الحاسب المحمول و وضعها بـ بطاقة ذاكرة..وألتف الجهاز..وضع تلك البطاقة بـ سلسال فضي وإرتداه مع البطاقة الأخرى..إرتدى السلسال وأخفاه جيدًا ولم ينسَ بـ الطبع وضع معلومات ليست لها قيمة كـ فخًا لهم..نزع ملابسه بـ بطئ وقد ألمه جرحه قليلًا...
شرد يونس بها وكيف كانت لمساتها تُداويه دون الحاجة لـ دواء..تذكر لمستها على ذاك الچرح في ظهره وتلك الرفرفة الرقيقة على وجنته..وضع يده مكان قُبلتها وإبتسم بـ حب..يعلم أن لم يتبقَ سوى القليل ويصك ملكيته لها إلى الأبد..فقط تبقى القليل...
أخذ حمامًا ساخنًا ثم بدأ في تطهير جرحه بـ تلك الأدوات البسيطة الموجودة بـ خزانة صغيرة..وبعد أن إنتهى ضمده جيدًا وأكتفى بـ إرتداء سرواله..ليبتسم وهو يقول بـ مرح
-أه لو بتول شافتني وأنا كدا..كانت عملتلي مرشح عن الأدب...
ودلف إلى الخارج ليجد أنچلي ترتدي منامة صيفية ڤاضحة..تتمدد على الفراش بـ طريقة تُلهب القلوب..تُجبر الكاهن على إرتكاب الخطيئة..ولكن ليس شخص كـ يونس..نظر إليها بـ جمود تام..ثم غض بصره ما أن وقعت على مفاتنها البارزة وبـ نبرة غليظة هدر
-أغربي عن وجهي ولا تدعني أراكِ هكذا مرةً أخرى...
نهضت بـ دلال وهى تتعمد إبراز جسدها وتقدمت منه بـ خطوات مُتغنجة..وضعت يدها حول عنقه وإقتربت منه قائلة بـ همسٍ حار
-دعنا نلتحم لمرة واحدة فقط وأعدك لن يعرف أحد...
نظر لها مُطولًا وقد ظنت أنه بدأ بـ الإقتناع..لتقترب أكثر وبـ يد حلتها وأخذت تسير بها على صدره العاړ ثم قالت أمام شفتيه
-ليتك تعلم كم أعشق وسامتك..كم أعشقك لنفسك..كم أعشق تلك النظرة الزاجرة التي ترمقني بها..كم أعشق تلك الحدود التي تضعها...
وبـ يدها الأخرى..أحذت تسير بها على ظهره وهمست
-لمَ لا تدعني أقترب منك..أنا أعشقك جون..أعدك فتاتك لن تعلم بتلك الليلة أبدًا..ستكون سرنا..أنا وأنت فقط...
وإقتربت هى من شفتاه لتطبع قُبلة تُلهب بها يونس الجامد بين يديها..وتلقايئًا إرتفعت يد يونس غارسًا إياها بـ خُصلاتها الحمراء..ڼارية كـ صاحبتها..مُغرية كـ مفاتنها...
****************************************
أخذت تطرق على الباب دون إنقطاع وقلبها ينبض بـ تلهف لمقابلة عائلتها..ثوان وأتت والدتها تفتح الباب وما أن أبصرت حتى صړخت بـ سعادة تكفي لإشباع الكون كله
-بنتي!!!
ولم تنتظر ثانية..جذبتها إلى أحضانها لتُحيط بها بـ حنو أمومي كانت قد إشتاقت إليه..ظلت والدتها ټشتم رائحتها الطفولية التي لطالما أحبتها..أخذت تبكي وهى تقول
-بنتي حبيبتي وحشاني يا ضنايا...
وأبعدتها ثم ظلت تُقبل كل إنش فيها..وأخيرًا وضعت يدها حول وجهها وتساءلت بـ حشرجة
-قوليلي الواطي إبن الواطي عمل فيكي حاجة!..ضړبك!!..أذاكي!
-ضحكت بتول وقالت هى الأخرى بـ دموع:لا ياماما مقربش مني ومعمليش أي حاجة
جذبت يدها وقبلت باطنها ثم قالت بـ إبتسامة
-مټخافيش يا ست الكل...
إزداد نحيبها وعادت تضم إبنتها بـ حبٍ جارف ولا تزال عبراتها تتسابق بـ النزول...
وعلى صوت الصړاخ بالخارج..دلف كُلًا من إسلام وإسماعيل من الغرف..لېصرخ كِلاهما بـ سعادة
-بتول!!
وركض إسماعيل بـ خفة شاب لا تليق بـ سنه العجوز..إنتزعها من بين يدي بدرية وقال بـ تأفف
-أوعي يا بدرية عاوز أخد بنتي فـ حضڼي...
إنتزعها ثم جذبها إلى أحضانه هو..شدد قبضتيه عليها وكأنه يخشى إختفاءها مرة أخرى..إبتسمت بتول وقد شعرت بـ الأمان يغزوها مرة أخرى..أحاطت بـ يدها والدها الذي هتف بـ إشتياق
-ااااااه يا بنتي..لو تعرفي أنتي وحشتيني أد إيه!!
-ردت عليه بتول بـ خفوت:وأنت كمان وحشتني أوي يا بابا..وحشني حضنك أوي..
ډفن إسماعيل رأسه في خصلاتها وظل يشتمها وكأنه يروي ظمأ شوقه لها..أبعدها عنه وظلت حدقتاه تدور على وجهها ومعالمها..ليتشدق وهو يبكي
-وحشتني عيونك يا بنتي..وحشني صوتك اللي كان يصحي بلد..وحشتني شقاوتك...
رفعت كفها وأخذت تزيل عبرات والدها ثم هتفت بـ مرح
-وأديني جيت وهملالكوا البيت دوشة....
-وهو أنا مليش نصيب...
قالها إسلام وهو يجذب بتول إليه ليحتضنها ثم رفعها وأخذ يدور بها عدة مرات وهى تضحك بـ صخب..أنزلها ثم قال بـ مرح يُخفي خلفه عبرات كادت أن تنفلت
-يااااه أخيرًا هلاقي حد أسرق شرباته
-وكزته في ذراعه ثم قالت بـ مزاح:جرب كدا تاخدهم وأنا هكهربهم...
ضحك إسلام بـ صوتٍ عال وإحتضنها مرة أخرى..توجهت إليها بدرية ثم قالت بـ بكاء
-يلا يا ضنايا خشي إستريحي..أنتي جاية تعبانة...
أزالت عبراتها ثم قالت بـ إبتسامة ضعيف
-أنا..أنا عملالك الأكل اللي بتحبيه...
-قبلت جبينها وقالت بـ إبتسامة:منتحرمش منك يا ست الكل...
-ربتت على وجنتخا وقالت:طب يلا خشي...
دلفت بتول والجميع لا يزال سعيد ولا يُصدق أنها بينهم الآن...
****************************************
بينما عدي كان يصعد الدرج وجد من يجذبه بـ عڼف من الخلف و بـ صوتٍ جهوري قال
-عملتها يا ***..ماشي إما وريتك
أزاح عدي يده عنه بـ برود وقال بـ نبرة هادئة
-براحة ع نفسك يا سيادة الوزير أنا كنت بس بشوف شغلي
-صعد عز الدين الدرجة الفاصلة وقال:هتشوفوا من أيام سودة..أنت و أخوك
-همش عدي بـ إستفزاز:أعلى ما فـ خيلك إركبه..أنت خلاص نهايتك قربت...
ثم أبعده بـ يده..قال وهو يُهندم ثيابه
-إطلع إرتسم قدامهم..قولهم أنك رجعتها...
كز عز الدين على أسنانه ثم قال بـ غيظ
-روح أستلم أبوك...
ثم أضاف بـ نبرة خبيثة
-وأحمد ربنا أنك كش هتستلمه چثة..بس متستبعدش المرة الجاية
-قبض عدي على ذقنه وقال من بين أسنانه:مش هتكون فيه مرة تانية...
ثم هبط الدرج سريعًا...
وبـ الأعلى جلست بتول على طرف الفرا ش تتلاعب بـ الحلقة النُحاسية بـ إبتسامة..تنهدت تنهيدة حارة تحمل في طياتها الكثير ثم قالت بـ إشتياق
-أمتى ترجع بقى يا يونس..وحشتني من دلوقتي...
رفعت يدها ثم قبلت الحلقة مرة وأثنان وثلاثة..ثم هتفت بـ ندم حقيقي وهى تُحدق بها
-يارتني أكتشفت مشاعري من زمان..يارتني أول أما شوفته كنت قولتله بحبك...
إبتسمت ثم هتفت بـ عزيمة
-بس لما ترجعلي بـ السلامة إن شاء الله ههريك بيها..والله لزهقك منها...
-مين دا اللي هيزهقك!
قالها إسلام بـ مرح وهو يدلف إلى شقيقته..أما هى أخفت يدها بـ جانبها وأخفت توترها سريعًا ثم قالت بـ مزاحها المُعتاد
-أنت..هخليك تزهق من بتول أختك...
تقدم منها وهو يبتسم ثم جلس بـ جانبها وقبلها على وجنتها..ليقول بـ حب
-أنا عمري ما أزهق منك..لما بعدتي عني..حسيت بقيمتك أوي..حسيت أني ناقص من غيرك يا ست البنات
إبتسمت بـ سعادة وردت له قُبلته بـ أخرى رقيقة..ثم أمسكت يده وقالت بـ حبٍ جارف
-وأنا مقدرش أتخلى عنك يا ابويا إسلام...
وكزته في كتفه وقالت
-دا أنت اللي مربيني يا جدع...
ضحك ثم جذبها إلى أحضانه وأخذ يربت على خُصلاتها..وإستندت بـ رأسها على منكبه..سمعته يتحدث
-بتول كنت عاوزك فـ موضوع
إبتعدت عنه وقالت بـ عقدة حاجب
-قول يا إسلام سمعاك
-أمسك يدها وقال:أنتي عارفة أني بحبك وأبعد عنك أي حاجة أحس أنها هتضرك..فـ عشان كدا..آآ
صمت ولم يستطع أن يُكمل..فهو يعلم كم تُحب عز الدين..أو كانت تُحبه..إبتسمت بتول بـ هدوء..وضغطت على يده ثم قالت
-كمل سمعاك
-إبتلع ريقه وقال:عاوزك تفسخي خطوبتك من عز...
كادت أن ترد عليه..إلا أنها سمعت صوتًا غريب بـ الخارج..نهضت وقالت بـ جدية
-تعالَ نشوف مين بره وهبقى أقولك ردي...
ودلفا إلى الخارج وهى تُمسك يد أخيها..ولكنها تصلبت بـ مكانها..شددتومن قبضتها على قبضة أخيها وقد بدأت تشعر بـ برودة..لتهمس بـ جزع لم تلتقطه الآذان
-عز الدين!!!
الفصل السادس والعشرون
وفكرة أكمل وأنا مش معاه...مبتجيش فـ بالي كأن الحياه...
خلاص واقفة عنده ورفضالي أعيش..وبفضل مكاني وبستناه...
أنا كل مادا بلاقي اللي فات..مصمم ميقلبش ليه ذكريات...
وبتأكد أني فـ غيابه مليش..نصيب تاني أرجع أحس بـ حياه...
شددت قبضتها علها تُبث في نفسها الضائعة بعض القوة الزائفة إن أمكن..أما إسلام ما أن أبصره حتى إشتدت عضلات فكه بـ ڠضب..ثم هدر
-جاي ليه يا عز!
إلتفت عز ومعه إسماعيل والذي تشدق بـ تحذير
-إسلااام!!..متعودناش نقول لضيوفنا جايين ليه
-بس يا بابا..آآ..
أشار إسماعيل بـ يده ثم قال بـ صرامة
-مفيش بس..جاي يتكلم مع أختك كلمتين وهيمشي..وهى اللي تحدد هتعمل إيه
-نظر إلى عز الدين بـ غل وقال:متفكرش أنك تطول منها شعرة...
تقدم منه إسماعيل وسحبه إلى إحدى الغُرف..بينما بقيت بتول في مواجهته وحدها...
لم يكن عز ذو ذهن حاضر ليتسمع إلى ثرثرتهم بل كان في وادٍ أخر ما أن أبصر بتول..وكأنه إنعزل عن العالم وبقى هى وهو فقط..كانت عيناه تلتهم ملامحها التي إشتاقها كثيرًا..إقترب عز الدين منها و كاد أن يحتضنها إلا أنها إبتعدت بـ نفور لم يلحظه ثم قالت وهى تكز على أسنانها
-عز!!..أحنا فـ بيتنا مينفعش كدا
-إبتسم عز الدين بـ حرج وقال:من لهفتي..وحشتيني...
إغتصبت إبتسامة خالية من الروح..ثم أشارت بـ يدها اليُسرى وقالت
-تعالَ الصالون...
صُدم عز الدين من تعاملها الجاف معه..ولكنه فسره كما يهوى..أنها لا تزال تُعاني من صدمة الإختطاف..سار خلفها حتى وصلا إلى غُرفة الصالون..أشارت له بـ أن يجلس وجلست أمامه...
كانت تضع يده اليُمنى خلف ظهرها تمنعه من رؤية صك الملكية الخاص بـ يونس..أغمضت عيناها تكبح رغبتها في التقيؤ..نفورها كان واضح لم تستطع السيطرة عليه...
بينما عز لم يلحظ هذا أو ذاك فـ لهفته عليها أقوى من اي شئ..أعمى بصيرته عن نفورها وعن رغبتها في التقيؤ..إقترب عز من مجلسها وقال بـ حب
-عاملة إيه!
-إبتسمت بـ تهكم وقالت:واحدة كانت مخطۏفة..هتبقى عاملة إيه!
-إبتسم عز الدين وقال:عندك حقك..أنا آآ...
صمت ولم يعرف كيف يصيغ جُملته..إلا أنه سعل ثم قال بـ شئ من الحدة
-قربلك؟!
-رفعت أحد حاجبيها وقالت:قربلي!!..من أي جهه بالظبط؟
قالتها وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها..ليرد عز الدين بـ سرعة
-عملك حاجة!..أذاكي مثلًا؟!
-مالت بـ رأسها إلى اليسار وقالت:لأ تصدقك طلع نزيه..يعمل أي حاجة إلا إنه يأذي بنت...
توجس عز الدين من طريقتها بـ الحديث وقد خطړ بـ باله أنها علمت كل شيئًا عنه..وعند النقطة شحب وجهه سريعًا..إبتلع ريقه بـ صعوبة ثم قال بـ نبرة مُتوجسة
-مالك يا بتول بتتكلمي معايا كدا ليه!
كانت تُريد أن تنطق بما يجيش بـ نفسها النافرة منه..فكرة جلوسها معه بـ نفس الغرفة..كافية لجعل جسده ينتفض رُعبًا..أخذت نفسًا عميق ثم قالا بـ نبرة هادئة نسبيًا...
-مفيش..كل الموضوع إن أعصابي تعبانة م اللي حصل..
تنهد عز الدين بـ راحة وبـ أسف في آنٍ واحد وقال بـ ندم
-أسف يا حبيبتي إني حطيتك فـ الموقف دا...
نهض من مجلسه ثم جثى أمام رُكبتيها وقال بـ حنو
-أوعدك أني هنسيكي كل اللي حصل دا ومش هيتكرر تاني
-تشدقت بتول بـ نبرة عميقة:اللي حصل مش ممكن يتنسي..ولا حتى يتغير..أنا مش عوزاه يتغير..أصلي إتعلمت منه حاجات جميلة...
-زي إيه!
-إبتسمت بـ إصفرار وقالت:فـ وقته هتعرف...
****************************************
غرس يونس أصابعه في خُصلاتها ومن ثم و بـ قسۏة جذبها منه حتى كاد يقتلعه..وبـ صوت كـ فحيح أفعى قال
-أتظني بـ أنني سأخضع لعاهرة مثلك
تأوهت أنچلي بـ قوة من قبضته التي تُمزق خُصلاتها ثم قالت بـ ألم
-قلت لك..لن يعلم أحد..وهى لن ترانا أو تعلم
قبض يونس على فكها بـ قوة حتى كاد يُهشمه ثم قربها منها و تشدق
-إن كانت لا تراني فـ الله يراني..إن لم تعلم فـ الله يعلم..أنا لا أخاف عقابها قدر خۏفي من عقاپ الله...
ثم دفعها بـ حدة عنه..وضعت يدها على فكها وعيناها تتوسعان بـ دهشة..ثم هتفت بـ عدم تصديق
-أأنت مُسلم!
إرتفع جانب فمه بـ سخرية..وبـ نبرة لا تقل سخرية قال
-لا..أنا أعتنق اليهودية..ما شأنك بي؟...
-هزت رأسها بـ نفي وقالت بـ تقرير:لا أنت مسلم..هم ذو ديانة غريبة..ويعتنقون مبادئ أكثر غرابة..وهم من يتفوهون بـ تلك الحماقات...
كاد يونس أن يرد بـ ڠضب عما تقول ولكنها أكملت وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها بـ سخرية...
-ولكني لا أعتقد أنها لا تزال موجودة..فـ الغرب بثوا السمۏم من خلال أشياء كثيرة وأنتم العرب حمقى صدقتموها وقد شُكلتم كيفما نُريد..حقيقةً أنا لم أعد أرى دينكم كما تقصونه علينا فيكم...
إقتربت منه بـ خبث ثم تشدقت
-بل أرى أنكم بـ ثقافة الغرب ولكن بـ صورة مُحتشمة قليلًا..تُمارسون العهر فـ الخفاء ثم تتلونون..والدليل أنت آآآ...
لم يدعها تُكمل حديثها بل إنهال عليها ضربًا..كان غاضبًا إلى أقصى حد..إبتعد عنها لاهثًا من فرط إنفعاله وقد كانت مسجية على الأرض فافدة القوى..أشار بـ سبابته ثم هدر بـ قسۏة
-أمثالك لا يحق لهم الحديث عن المبادئ والدين..فـ الإسلام أطهر من أن يُدنس بـ حماقات تتفوه بها عاهرة مثلك..تعرضين جسدك وما أن رفضك أحدثتي تلك الفوضى...
جذب ملابسه ودلف إلى المرحاض وأبدل ملابسه ثم دلف خارجه ليجدها لا تزال كما تركها..تحرك ناحيتها ثم جذبها من خُصلاتها تحت صرخاتها المُتأوهه..وقام بـ تقييدها إلى أحد المقاعد..ثم إتجه إلى أحد الكاميرات...
-أعلم يا سام أنك تُراقبني..إن كنت تُريد إبنتك حية..تعال إلى هنا..وإلا ستستلمها أشلاء...
دقائق مرت وقد دق هاتفها..أخذه يونس وما أن أمسكه حتى صدح صوت سام الغاضب
-أقسم أنك إن أقتربت منها ستكون جثتك هدية لوطنك...
-رد عليه يونس بـ برود:تعال إلى هنا ومعك المُشتري..وبعدها سنتحدث بل ونحتفل...
-كز سام على أسنانه وبـ حنق قال:سنكون هناك في غضون خمسًا وأربعون دقيقة...
-لا تتأخر عزيزي...
ثم أغلق الهاتف تحت نظرات أنچلي الذاهلة..قهقه يونس بلا مرح ثم إقترب منها وتشدق بـ خبث
-لا تذهلي هكذا..لم يكن من الصعب إكتشاف الحقيقة..أنا أعلم هويتك الحقيقية مُذ أن إلتقينا عزيزيتي جوين...
****************************************
إنطلق عدي بعدما أوصل روضة إلى منزلها وذهب إلى والده..دلف إلى مكتب العقيد سعد ليجد والده هناك يتبادلا أطراف الحديث..حيّ العقيد بـ إحترام ثم ركض إلى والده وإحتضنه بـ قوة..تشدق عدي بـ أسف
-أسف يا بابا إني حطيتك فـ الموقف دا
-إبتسم رفعت وقال:جت سليمة يا سيادة الرائد...
أشار سعد إلى عدي قائًلا بـ جدية
-أقعد يا عدي..عاوزين نتكلم
أماء عدي بـ رأسه بـ إحترام وجلس..وقبل أن يتحدث كان رفعت قد سبقه بـ لهفة
-والدتك عرفت!
-هز رأسه بـ نفي وقال:لأ عرفتها إننا فـ شغل بعد اللي حصل وقتل فرقة الإستطلاع...
-كويس
قالها رفعت بـ إقتضاب..وبعدها إستلم سعد دفة الحديث
-بص يا عدي..أكيد أنت عارف اللي حصل دا تدبير مين
-إبتسم بـ تهكم وقال:طبعًا
-عظيم..
صمت سعد ثم قال بـ نبرة ذات مغزى وهو ينظر إلى والده
-وعرفنا مين ورا قتل فرقة الإستطلاع
-مين يا فندم!!
-العقيد رفعت
جحظت عينا عدي بـ شدة ما أن سمع اسم ذاك الرجل..يتوقع أنه فاسد..يتستر على أفعال عز الدين المُشينة..أما قتل أبناء الوطن!..هذا فاق ما يتصوره..نطق عدي بـ صعوبة
-إزاي يعني!!..أنا عارف إن سكته مش كويس..لكن قتل جنود!..لأ وألف لأ..دا لازم يترمي لكلاب السكك ينهشوا لحمه
-تحدث والده بـ صوته الرخيم:متقلقش كل الأدلة معانا واللي معاه إعترفوا..تلبيسي التهمة والتهمة ذات نفسها..الأتنين لبسوه وكدا كدا هياخد حكم الإعدام...
-تساءل عدي بـ ڠضب:وهتمسكوه أمتى!
-تشدق سعد بـ تقرير:بكرة..لما يطلع القرار
كور عدي قبضته فـ هو كان يُريد اليوم قبل غدًا يُريد أن ينتهى الکابوس بـ وقتٍ سريع..دقات الهاتف الخاص الذي يحمله جعلته ينتبه إلى ما يدور حوله..إلتقطته ليقول بـ ذهول
-يونس!!
-أفتح الخط بسرعة
كان هذا صوت رفعت المُتلهف..وبالفعل فتح الخط وكان يونس صوته يشق تلك الأجواء المتوترة
-عدي!!
-أيوة يا يونس معاك
-جهزلي طيارة تجيلي بسرعة..أنا هخلص كل حاجة دلوقتي
-جاءه صوت سعد الغاضب:إتصرفت من دماغك ليه يا يونس!..بسرعة ليه كدا؟
-و بـ بساطة ردد يونس:الظروف حطتني فـ الموقف دا..كنت متراقب ولازم أتصرف...
زفر سعد بـ ڠضب ثم قال بـ جدية
-حالًا تتصل بـ الدعم اللي عندك عشان يجولك..طبعًا هيجموا بـ رجالة كتير وأنت مش هتطلع سليم
-رد عليه يونس بـ مكر:متقلقش عامل إحتياطاتي
كان رفعت يستمع إلى صوت والده ولم يقدر على الحديث..بل هبطت عبراته التي عبرت عن مشاعر جمة...
صدح صوت يونس يتحدث بـ جدية
-لازم أقفل دلوقتي..ومتنساش يا عدي..الطيارة بـ أسرع وقت...
-رد عليه سعد:بكرة هتكون عندك..والدعم هيوفرلك مكان لحد أما ترجع..أقرب من كدا مش هينفع...
-تمام..وأهو ستوكهولم أقرب من ألاسكا..صح!
قالها بـ مرح ليرد عليه عدي بـ غيظ
-ولك عين تهزر..يلا أقفل عشان نتصرف...
وأغلق عدي الهاتف بـ حنق وهو يسب شقيقه على تهوره..يعلم سبب تعجيل الأمور بـ الطبع الفاتنة ذات اللسان السليط..أفاقه صوت سعد الصارم وهو يرفع سماعة الهاتف
-مش وقت سرحان يا عدي..يلا نفذ بسرعة..خلينا نخلص من الموضوع دا...
نهض عدي وأدى التحية العسكرية ثم رحل هو والده بعد أن حيّ العقيد سعد هو الأخر والذي تمتم مع نفسه بـ تأفف
-حسابك معايا على تهورك دا يا سيادة المقدم...
***************************************
رافقت عز إلى باب المنزل بعد إصراره على تنظيم حفلة غدًا من أجل عودتها..رفضت رفضًا قاطع ولكنه لم يكن ليسمح لها..وبالنهاية أُجبرت على الموافقة..فـ من أجل يونس ستفعل أي شئ..وكم إشتاقت إليه!..شعرت بـ فقدان لذة الحياة وشقاوتها ما أن رحلت عنه...
تذكرت إعترافها له بما يجيش بـ قلبها من عشق لتبتسم بـ خجل..تعلم أنه الأمان ويالا الغرابة..طوال جلستها مع عز الدين كانت يُمناها تعبث بـ تلك الحلقة النُحاسية فـ تُبثها أمان وقوة..لتقول بـ مرح
-حتى أي حاجة من ريحتك بتحسسني بـ أمان..كدا أنا إتجننت رسمي يا معلم...
تنهدت بـ حرارة ثم إتجهت إلى غرفة والديها..لتجد إسلام يتجه إليها وإمارات الڠضب جلية على وجهه وقبل أن تتفوه بـ حرف سبقها هو بـ صوتٍ حانق
-برضو رجعتيله يا بتول!
تنهدت بتول مرة أخرى بـ يأس..لتجد والدتها ترد نيابةً عنها
-ما تستنى ع البت تاخد نفسها
إقترب إسلام من بتول وأمسك يدها ثم قال بـ حزن
-يا أمي هترجعله بعد اللي حصلها بـ سببه!
-تشدقت بتول بـ هدوء:أنا لا رجعتله ولا نيلة..كل الموضوع أني بعمل حاجة مقتنعة بيها
-عقد والدها ما بين حاجبيه وقال:كلامك مُتناقض
إقتربت بتول من والديها وجلست في المُنتصف ثم وجهت حديثها إلى والدها
-عارفة..وعارفة كويس أني لا يمكن أرجع لعز تاني..خلاص هو مينفعش يكون جزء من حياتي
-ليتشدق إسلام بـ غيظ:ومقولتيش الكلام دا وهو هنا ليه!
-ردت عليه بـ بديهية:الراجل فـ بيتنا دا أولًا..ثانيًا ميبقاش جاي يطمن عليا وأقوله أمشي...
وبـ الرغم من عدم إقتناعها بما تقول..ولكن لابد من إخفاء الحقيقة..لأجلها ولأجلهم ولأجل حبيبها..لم يبدُ على إسلام الإقتناع ولكن بتول أكملت
-بكرة فـ الحفلة هنهي كل حاجة بينا..هنهي الخيط الدبلان اللي بيوصلنا...
*****************************************
إختبأ يونس ومعه أنچلي في أحد الأركان وكان قد إستعان بـ بعض الكاميرات حتى يستطيع رصد أماكنهم..نظر إلى هاتفه فـ وجد رسالة تُفيد بـ وصول الدعم..إبتسم يونس بـ ظفر وقال بـ سعادة
-أستنيني يا حبيبتي..جايلك بكرة...
كانت أنچلي فاقدة للوعي تمامًا حتى لا تفضح أمره..تقفد الحاسوب فـ وجد عدد هائل من الرجال يحاوطون البناية وجزءًا منهم قد صعد مع سام و المشتري..عبث يونس بـ هاتفه..ثم إتتظر...
وبـ الخارج..دلف الرجال المنزل المظلم..وما كاد يُنيره أحدهم حتى صدح صوت إڼفجار قوي إثر الغاز الذي تسرب..وكانت هذه إحدى الخدع البدائية التي تعلمها يونس...
قُذف سام في الهواء ومعه المشتري وما تبقى من رجاله..نهض الجميع وهنا صدح صوت سام الغاضب
-خذوا حذركم..وأشحذوا أسلحتكم...
فعل الجميع ما أُمرو به..ودلفو وسط الغُمامة الرمادية..ليظهر يونس من العدم مُستغلًا تشوش رؤيتهم وبدأ في قټلهم..هذا بـ كسر عنقه وأخر بـ الذبح..حرفية رجل مُخابرات مُتمرس...
وبعد قليل من الوقت..إختفت الغُمامة..ليظهر چثث رجاله..جحظت عينا سام بـ شدة وهدر بـ شدة
-أخرج و واجهني أيها الوغد!
-كيفما تطلب...
قالها يونس وهو يتدلى من السقفية ومن ثم باغت سام بـ ضړبة في جبهته..هبط يونس و وجه أسلحته إلى رأسه..مدّ يده وقال بـ صرامة
-أعتقد أنك تملك شيئًا ملكي..أعطني إياه
-نهض سام وقال:لا أملك شئ..ثم أين أبنتي!!
-لا تقلق بخير..أعطني ما معك أتركك بـ سلام...
وفي لحظات ساد الهرج..حيث تبادل رجال سام مع الدعم ضړب ڼاري عڼيف..إستغل سام إنشغال يونس بـ تلك الجلبة وإنقض عليه..وللأسف كان السلاح بين يدي سام والذي قال بـ تشفي
-أمن أُمنية أخيرة!
-أطلق
عقد ما بين حاجبيه ولكنها تلاشت ما أن إخترقت الړصاصة قلبه ليخر صريعًا بعدها..نهض يونس وأخرج بطاقة ذاكرة صغيرة من جيب بنطاله الخلفي..توجه إلى المُشتري وصافحه ثم قال
-شكرًا يا محمود
-أدى محمود التحية العسكرية وقال:العفو يا سيادة المقدم..دا واجبي
ثم إبتسم وقال بـ سعادة
-بجد يا فندم فرحت لما عرفت إنك لسه عايش
-ربت على ذراعه وقال:عمر الشقي بقي..يلا لازم نمشي والدعم هينضف الفوضى دي
-طب وبنته!
-إبتسم وقال:مش قولتلك الدعم هينضف الفوضى..يلا يا راجل موحشتكش مصر!
-جدًا يا فندم
-طب يلا...
قالها يونس وهو يضع يده على منكب محمود ودلفا إلى الخارج..قابل أحد أفراد الدعم تبادلا في لحظات حديث مُقتضب بعدها كان يونس قد إختفى تمامًا وما معه من معلومات قيمة....
*****************************************
في صباح اليوم التالي إستيقظت بتول وهى تشعر بـ خمول تام في جسدها ولكنها أجبرت نفسها على النهوض..أزالت الغطاء عن جسدها وأخذت ثياب من خزانتها ثم توجهت إلى المرحاض...
قابلت في طريقها والدتها والتي تساءلت بـ حنو
-أحضرلك الفطار يا ضنايا!
-قبلتها بتول وقالت بـ رجاء:أيوة والنبي يا أم إسلام..لحسن وحشني أكلك
-ردت والدتها بـ لهفة:ثواني والأكل يجهز ونفطر كلنا...
أماءت بتول وتحركت ناحية المرحاض..أخذت حمامًا علها تسترخي قليلًا..تتمنى عودة يونس سريعًا فهى لا تستطيع التمثيل طويلًا حتمًا سيُكتشف أمرها..أنهت حمامها ثم خرجت وهى ترتدي كنزة صفراء من خامة الحرير و بنطال قُماشي ذو لون أسود..وقد عكصت خُصلاتها السوداء على هيئة جديلة فرنسية فـ أبرزت خُصلاتها البندقية المُتداخلة مع السوداء...
جلس الجميع يتناولون الفطور في جوًا مرح حتى قطعه إسلام
-رايحة فين من الصبح كدا!
-إبتعلت بتول فيما جوفها وقالت بـ توتر:هروح مشوار كدا وبعدين هروح عند عز عشان الحفلة
تأفف إسلام ولم يرد..بينما قال إسماعيل
-مشوار إيه اللي هتروحيه بدري كدا!
-تنحنحت وقالت:الظابط اللي جابني إمبارح..كان قايلي أروح القسم عشان عاوزني فـ كلمتين
-اللي هما!!
-أجابت بتول بـ نفاذ صبر:اللي حصل يابابا
-تشدق إسماعيل بـ هدوء:خلاص هاجي معاكي
-لاااااء
قالتها بتول مُسرعة ليعقد أبيها ما بين حاجبيه..لتُوضح بعدها بـ حرج
-الموضوع مش مستاهل..وأنا مش هتأخر..دي حاجة روتنية
-طب خدي إسلام
-تأففت بتول وقالت:إسلام عنده شغل
-رد عليها شقيقها بـ جمود:الشغل يتأجل
-يووووه...يا جماعة الموضوع عادي مفيش حاجة..وبعدين أنا عاوزة أتمشى شوية وأشم نفسي لوحدي..فـ أرجوكم سيبوني ع راحتي...
نظر لها أبيها مُطولًا ثم قال بـ تنهيدة يائسة
-طب خلاص..بس كلميني كل شوية
-حاضر
ثم نهضت تُقبل والدها ثم والدتها وأخيرًا شقيقها ثم دلفت إلى الخارج...
****************************************
ظلت تتطلع إلى العنوان المدون بـ الورقة ثم إلى البناية لتتأكد أن العنوان صحيح..كانت قد حصلت عليه من روضة التي أعطتها إياه أمس..وضعت الروقة في جيب بنطالها ثم صعدت...
كان أكثر ما يُقلقها ويُشعل ڠضبها هو مُقابلة ذاك السمج والذي يُدعى عدي..ظلت تدعي داخلها ألا تجده..وقفت أمام باب المنزل وقد إرتفع وجيب قلبها..ثم دقت الجرس بـ أصابع مُرتعشة...
ثوان و وجدت الباب يُفتح وتظهر من خلفه سيده في عقدها الرابع..إبتسمت صفوة وقالت بـ هدوء
-حضرتك عاوزة مين!
-إبتلعت بتول ريقها بـ توتر ثم قالت:حضرتك والدة المقدم يونس..مش كدا!!
تلاشت إبتسامتها تدريجيًا وكادت أن تغلق الباب..إلا أن بتول منعتها وقالت بـ رجاء
-أستني أرجوكي...
-ردت عليها صفوة بـ جفاء:من فضلك أمشي من هنا
-هتفت بتول مُسرعة:أنا شفت يونس وكلمته...
تجمدت صفوة في مكانها..ولم تتحدث..بينما إبتسمت بتول وقالت بـ نبرة ناعمة
-ممكن تسمحيلي أدخل أتكلم معاكي...
أفسحت الطريق لكي تدلف...
جلست بتول على أحد المقاعد بـ غرفة متوسطة ولكنها ذات ذوقٍ راق..كانت مُمتلئة بـ صور ليونس وعائلته..إبتسمت وهى تراه في مرحلة مُبكرة من عمره..وكان لا يقل جاذيبة عما هو الآن...
دلفت صفوة وهى تحمل حلوى وكأسين من العصير الطازج..نهضت بتول وأخذت منها الصحن وجلست مرة أخرى..تنحنت بتول وقالت
-حضرتك أكيد مستغربة من كلامي..بس أنا هحكيلك
-أشارت صفوة بـ يدها وقالت:أتفضلي...
بدأت بتول في قص عليها ما حدث مُنذ أن قابلته حتى الآن..كانت معالم صفوة ترتخي تارة وتنقبض تارة..ولكن بـ الأخير كانت الإبتسامة تشق وجهها..إنتهت بتول من السرد وقالت
-بس كل دا اللي حصل...
ولكن لم ترد صفوة بل ظلت تبتسم..أجبرت بتول أيضًا على الإبتسام وتساءلت
-خير يا طنط!!
إقتربت صفوة منها وجلست بـ جانبها ثم قالت بـ نبرة أمومية
-تعرفي أنك شبه يونس أوي..حتى حركاتك إيدك وعلامات وشك وأنتي بتحكي
-تهللت أساريرها وقالت:بجد!...
أماءت بـ رأسها بـ قوة..وبالفعل إنتبهت بتول لذلك التغير الذي أصابها..طريقة حديثها إختلفت وإن لم تكن ثرثارة ولكن طريقة سردها للأحداث وحركات يدها والتي لم تستخدمها في حياتها أبدًا..وكانت هذه إحدى الصفات التي لاحظتها بـ يونس.فاقت على صوت والدته وهى تقول بـ إبتسامة بشوشة
-روحك إطبعت بـ يونس..أنا شامة فيكي ريحة يونس إبني...
نظرت لها بتول بـ صدمة لتُقهقه صفوة ثم قالت بـ نبرة رخيمة
-أيوة..ريحتك كلها يونس..أنا عمري م أغلط فـ ريحته أبدًا..وأنتي فيكي ريحة أبني..يعني لازم أحبك...
-إبتسمت بتول بـ خجل وقالت بـ خفوت:أنا بحب يونس أوي..وعشان كدا جيتلك..كان لازم أشوف أي حد من أهله..عاوزة أحس بـ وجوده جمبي فـ غيابه..يونس بقى روحي لما ضاعت مني..أتاريها كانت معاه من الأول... 

الفصل السابع والعشرون
أكثرُ ما يعذّبني في حُبِّكِ..
أنني لا أستطيع أن أحبّكِ أكثرْ..
وأكثرُ ما يضايقني في حواسّي الخمسْ..
أنها بقيتْ خمساً.. لا أكثَرْ..
إنَّ امرأةً استثنائيةً مثلكِ تحتاجُ إلى أحاسيسَ استثنائيَّهْ..
وأشواقٍ استثنائيَّهْ.. ودموعٍ استثنايَّهْ..
ودعت بتول السيدة صفوة ثم رحلت وعلى وجهها إبتسامة..ولمَ لا وهى باتت تعلم كل شئ عن يونس..طفولته المُفعمة بـ البراءة والرجولة في آنٍ واحد..شبابه وحياته الجامعية..الحب الذي لم يطرق بابه فـ كانت هى أول قصة عشق جامح يعيشها..تنهدت بـ سعادة وهى تشعر بـ فراشات ذات ألوانًا مُبهجة تُحلق حولها..ولكنها إختفت وحلت مكانها الجراد ما أن أبصرت عدي..لوت شدقها بـ ضيق وقالت بـصوتٍ خفيض
-يا فتاح يا عليم..يا رزاق يا كريم يارب...
كان عدي يصعد الدرج وهو يُتمتم بـ سخرية
-وأدي أخرتك يا عدي لما تكلم روضة الصبح وتقولك وحشتني...
ضحك بـ تهكم ثم أكمل
-هى هتبقى كل مرة كدا..أنسى موبايلي و ورق شغلي المهم...
رفع بصره ليجد بتول تقف أمامه وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها وتنظر له بـ سخط..عضّ على شفتيه بـ سخط ومن ثم هتف
-بسم الله الرحمن الرحيم..بيطلعوا أمتى دول!
-حركت رأسها بـ حركات دائريو وهتفت بـ تهكم:لما اللي زيك ينكشحوا يا خفيف...
أغمض عيناه يكبح غضبه منها..سليطة اللسان..بل لسانها يفوقها بـ الطول أمتارًا..تغاطى عن قولها الذي يحثه على تحطيم فكها ثم تشدق من بين أسنانه
-بتعملي إيه هنا!!
قرصت أنفه بـ خفة ثم قالت وتدفعه من منكبه حتى تمر
-جاية أغير الأنبوبة يا ظابط نص كم...
مذهول..صدمة تعقد اللسان بل وتُجبرك على إبتلاعه..هى كائن لا يُمكن للمرء تحمله..وقفت قليلًا ثم إستدارت له وقالت بـ نبرة تهكمية
-هو أنت هتفضل نص كم!!..يعني ربنا مش هيكرمك وتبقى كم!!..دا حتى الجو برّدْ...
كور المفاتيح بـ يده وأوهمها بـ قڈفها بها..لتصرخ بـ تخوف ثم هبطت الدرج سريعًا ومن أسفل هتفت بـ صوتٍ عال
-يا ظابط نص كم...
-اه يا بنت المجانين..أقسم بالله أنتي محتجالك مستشفى لوحدك مش عنبر مجانين بس...
ثم أكمل طريقه إلى أعلى...
****************************************
إنتهى يونس من تضميد جراحه مرة أخرى بـ ذهنٍ غائب..فـ كل فكره ينصب على القادم..وعلى لقاء بتوله..بتول..ذاك الاسم المُتكون من أربعة حروف والتس سلبت لبه بـ ابتسامة واحدة ثم نظرة واحدة ليخر صريعًا بعدها...
إستفاق من نشوة فكره بها على ألم بـ صدره..نظر ليجد يده تشتد على جراحه وتفاجأ بـ تلك المضخة أسفل يده..بـ مجرد التفكير بها يكون هذا حال قلبه!..فـ ماذا إن لمسها!..تنهد أكثر من مرة ثم قال بـ مرح
-خلاص جايلك يا رحاب...
أنهى تطهير جرحه وأعاد تضميده..ثم أمسك هاتفه وإتصل بـ أحدهم..ثوان وأتاه الرد من الطرف الأخر
-أيوة يا سيادة المقدم...
وضع يونس الهاتف ما بين رأسه ومنكبه وشرع في إرتداء ثيابه ثم تشدق
-أيوة يا محمد..إيه الأخبار؟!
-البيه عامل حفلة بمناسبة رجوعها وهى هتروح تحضرها
توقف يونس عن إرتداء ثيابه وقد إشتدت عضلات فكه بـ ڠضب..ثم تساءل بـ صوته المُلغم غضبًا
-وبعدين!!
توجس محمد من نبرته تلك ولكنه تغاطى عنها..ليتنحنح ثم أكمل
-الحفلة هتبدأ ع عشرة كدا..يعني بالظبط فـ معاد رجوعك...
-كمل
-بس كدا
-تساءل يونس بـ نبرة ذات مغزى:يعني مشفهاش إمبارح!
ولكن صمت محمد ولم يستطع الحديث..كز يونس على أسنانه بـ قوة كادت أن تُهشمها..وقد كور يده بـ ڠضب شديد حتى إبيضت مفاصله..وبـ صوتٍ لم يخلو من العتاب والحنق
-بقى هى دي الأمانة يا عدي!..ماشي
ثم وجه حديثه إلى محمد وأكمل بـ جدية...
-عاوزك تجبلي مأذون من تحت الأرض..الساعة عشرة تستناني ومعاك المأذون..فاهم!!!
ولم يترك له المساحة للرد فـ أغلق الهاتف..قذفه بـ عڼف على الفراش وأكمل إرتداء ثيابه بـ عصبية...
دق جرس الباب ليتجه إليه يونس وفتحه فـ وجد محمود أمامه وبلا أي مُقدمات
-يلا الطيارة جاهزة...
أماء يونس بـ رأسه ثم تركه وإتجه إلى الداخل..جمع حاجياته ودلف إلى الخارج...
هبطا سويًا الدرج فـ تشدق محمود بـ هدوء
-سيف لسه هنا
توقف يونس عن الهبوط ثانية ثم عاد وأكمل..ليقول بـ برود إمتهنه
-مش مهم عندي سيف دلوقتي..دوره جاي
-تمام..أنا حبيت أقولك
-هز يونس رأسه وقال بـ رزانة:كويس إنك عرفتني..إرميله العضمة وخليه ينزل مصر...
ضحك محمود وأكمل طريقه مع يونس...
****************************************
وقفت أمام منزل عز الدين وهى تقبض على يدها بـ قوة..تشعر بـ نفور حاد منه ومن دلوف منزله..ولكن بـ الأخير ضغطت على نفسها وتقدمت منه..لم يجتج أفراد الحراسة معرفة هويتها أو تحقق منها..فـ هى خط أحمر بـ النسبة للجميع..
دلفت إلى حديقة المنزل فـ وجدت الجميع في حالة إستنفار..الخدم تعمل على قدمٍ وساق..والعمال تُرهق نفسها عملًا..زفرت بـ إختناق وكادت أن تعود أدراجها..إلا أن صوت عز الدين جمدها مكانها
-حبيبتي!!..رايحة فين!
كزت على أسنانها بـ شراسة..وفي ثوان أخفت إشمئزازها ثم إلتفتت إليه بـ بطء وقالت
-مش رايحة المكان هنا زحمة وكنت هقف فـ الجنينة اللي ورا
-تقدم منها ثم قال بـ حنو:طب تعالي مټخافيش..أنا محضرلك السويت بتاعك...
كاد أن يُمسك يدها اليُمنى ولكنها أبعدتها بـ ذعر..عقد ما بين حاجبيه وتساءل بـ تعجب
-مالك يا بتول؟..ليه مش عوزاني أمسك إيدك!
-أجابته بـ تلعثم:مـ..مفيش
-ولكنه رد بـ إصرار:لأ فيه
ثم جذب يدها اليُمنى بغتةً..وحدق بها فـ وجد بنصرها خالي من خاتم خطبتها وحل مكانه حلقة نُحاسية غريبة..ظل يُحدق بها بـ جمود وبتول دقات قلبها تتصارع وبدأ تنفسها يعلو..رفع أنظاره لها وتشدق بـ نبرة جامدة
-فين الخاتم يا بتول!
-أغمضت عيناها وقالت بـ ذعر:معـ..معرفش
-رُغمًا عنه صړخ بـ وجهها:متعرفيش إزاي!!
وعلى إثر صراخه إلتفت الجميع وقد توقفوا عن العمل..أجفلت بتول من صراخه وظلت ترف بـ عينيها عدة مرات لتُزيح تلك العبرات التي كادت تهطل..أغمض عيناه بـ ڠضب وسب نفسه ما أن رأى خۏفها وعيناها التي لمعت..فتح عيناه مرة أخرى وتشدق بـ إبتسامة
-أسف يا حبيبتي مش قصدي أزعق...
لم ترد عليه بتول..ليتقدم خطوة أخرى وأمسك يدها مرة أخرى..ليرتجف بدنها..وقد زاغت عيناها بـ توتر..عاد عز الدين يتحدث بـ نبرة حنونة
-متزعليش..أنا بس زعلت لما ملاقتش الخاتم..أكيد ضاع منك صح!
هزت رأسها بـ نعم وجذبت يدها منه بـ قوة..بـ الرغم من رفضه لتركها إلا أنه لم يرد أن يُخيفها فـ تركها..وبـ تهدج نطقت
-فـ..فين السويت بتاعي..عشا..عشان أجهز...
-هخلي حد من الخدم يوصلك...
ثم أشار إلى إحدى الخادمات التي أوصلتها الجناح الخاص بـ تجهيزها...
دلفت إلى الداخل تتأمل ما فيه..أثاث كلاسيكي ممزوج بـ حضارة العصر..ألوان نبيذية مُختلطة مع اللون الفضي...
نظرت إلى الفراش فـ وجدت ثوب أسود من خامة الشيفون مُبطنة..لامسته بـ يدها وتأملته كان النصف العلوي من خامة لامعة مُزينة بـ فصوص الألماس اللامعة وما فوق الصدر و الأذرع مُلتفان بـ نوع من القُماش الشفاف من نفس اللون..والجزء السفلي من طبقات التُل..فـ كان أشبه بـ ثوب سيندريلا...
لو إختلفت الظروف..لو بقت عاشقة له..لو لم تتقابل مع يونس..لكانت قفزت من السعادة والإنبهار..ولكن ما دار بها هو النفور و الكره...
إستمعت إلى دقات وصوت أنثوي من الخارج..لتتنهد وتقول
-أتفضلي..
ودلفت سيدة جميلة الملامح..بدءًا من وجهها الأبيض وعيناها الملونتان بـ لون العسل..إلى حجابها الرقيق الذي زادها جمالًا..وبعدها دلف عدة فتيات أخرى..تحدثت الفتاه بـ إبتسامة
-أنتي خطيبة مستر عز ..مو (أليس كذلك)!!
-أماءت بـ رأسها وقالت بـ فتور:أيوة..حضرتك مين!
تقدمت منها السيدة و وضعت يدها على ذقنها ثم قالت بـ إبتامة بشوشة
-لك ما شالله...ما شالله..أديشك (كم أنتِ) چميلة..عنجد (حقًا) أنتي ما راح تحتاچي لشي..لك هل جمال شو يؤبرني...
ضحكت بتول بـ قوة ثم قالت بـ مرح
-مع أني مش فاهمة أنتي بتقولي إيه..بس دا أكيد مدح فيا..صح!
-ضحكت السيدة وقالت:إيي (بلى)..صح..يلا نبدأ
دفعتها لتجلس على مقعدًا ما وبدأت رحلتها في وضع مُستحضرات التجميل...
*****************************************
كان يونس يجلس بـ الطائرة التي أقلعت مُنذ فترة طويلة و قد بدى عليه التوتر..إنتبه له محمود وتساءل بـ عقدة حاجب
-مالك يا سيادة المقدم!..متوتر ليه كدا؟
-رد يونس بـ إقتضاب:مفيش..
-لأ فيه..أكيد مش من الطيارة..دي مش أول مرة...
زفر يونس بـ إختناق ثم تحدث وقد سمح لنفسه بـ الحديث عله يجد الراحة
-خاېف ملحقهاش
-هى مين!
-وبلا تردد أجاب:مراتي
عقد محمود ما بين حاجبيه بـ دهشة وقال بـ شيئًا من الدهشة
-هو حضرتك متجوز!..أنا أول مرة أعرف
-هز رأسه بـ نفي ثم قال:دا بـ إعتبار ما سيكون...
بدى على وجه محمود الحيرة بـ درجة أكبر..ولكنه هز كتفيه بـ قلة حيلة ثم قال بـ هدوء وكأنه أراد مواساته
-إن شاء الله هتلحقها..متقلقش
-سألع يونس بـ توتر:قدامنا أد إيه ونوصل؟!
نظر محمود إلى ساعته..ثم نظر إلى يونس وقال
-مفضلش كتير..كلها أربع ساعات ونوصل..
ضړب يونس المقعد بـ عڼف وقال بـ حدة
-لسه فاضل كتير
-ربت محمود على مكنبه وقال:لو تحب نزود السرعة..مفيش مانع
-رد عليه يونس بـ لهفة:ياريت...
أماء محمود وهو يبتسم..ثم إنحنى بـ جسده إلى الأمام وهمس لـ سائق الطائرة بـ كلمات مُقتضبة..أماء الطيار بـ طاعة..عاد إلى مكانه وقد شعر يونس بـ إسراع الطائرة..نظر إلى محمود بـ إمتنان وقال
-شكرًا يا محمود
-العفو ع إيه بس..إحنا فـ الخدمة...
أخرج يونس هاتفه وإتصل بـ محمد الذي رد بسرعة
-أيوة يا يونس..في حاجة؟!
-أجابه يونس بـ صوته الرخيم:قدرت تتصرفلي فـ مأذون!
ضحك محمد على كلمته "تتصرفلي"..ثم همس في نفسه
-هو بنطلون!
تنحنح محمد ثم قال بـ جدية
-أيوة..وإحنا جايين نستقبلك
-حلو..أنا كمان ساعتين وهكون عندك
-تمام
وكاد أن يغلق ولكن هتاف يونس أوقفه ليسأله بـ هدوء
-في حاجة!
-فكرتلي هدخل الحفلة إزاي!!
نظر محمد إلى الحقيبة بـ المقعد الخلفي ثم تشدق بـ غرور
-عيب عليك يا معلم..
-تمام أوي..متتأخرش يا محمد
-متخافش..أنت وراك رجالة...
ثم أغلق الهاتف..وما كاد أن يضعه حتى صدح مرة أخرى..تناوله فـ وجد صديقه عدي..رد عليه بـ هدوء
-أيوة يا عدي
-محمد!!..أنت فين؟!
-رايح ليونس دلوقتي..أنت اللي فين!
-أنا وراك أهو...
قالها وهو يبعث أضواء بـ سيارته لينتبه محمد إليها..فـ بادله لكي يُشير إليه أنها قد وصلته ثم قال
-خلاص شوفتك..
-هو لسه مصمم يروح لعز!..
-تنهد محمد بـ قلة حيلة وقال:أنت عارف أخوك
-منا عشان عارفه..وخاېف من اللي هيعمله..عاوز أمنعه بـ أي طريقة
إبتلع محمد ريقه بـ توتر وقال بـ صوتٍ لا يقل عن توتر جسده
-هو أنت عرفت التقيلة!
-عقد ما بين حاجبيه وقال:اللي هو!
-طب بلاش..أنت كدا كدا هتعرف كمان شوية..
-يعني..آآآ...
ولم يسمح له بـ أن يُكمل حديثه إذ أغلق الهاتف بـ وجهه..فـ علم عدي أت يونس يُدبر لشيئًا ما وبـ الطبع ستحدث کاړثة...
*****************************************
وبعد عمل دام ساعات..كانت بتول شبه جاهزة..ولم يتبقَ سوى الثوب..لملمت السيدة حاجيتها وقالت بـ إبتسامتها التي لم تُفارقها
-الله يسعدك يا حبيبتي...
إبتسمت بتول بـ بهوت ولم ترد..فـ خرجت السيدة ومعها الفتيات الأخرى اللاتي ساعدنها في العمل..نهضت بتول عن المقعد وأخذت تتأمل الثوب تارة و الحلقة النُحاسية تارة أخرى..قربتها من فمها ثم قبلتها بـ رقة ثم همست
-بحبك يا يونس...
ثم أزالت عنها بقايا أحمر الشفاه ذو اللون النبيذي الداكن..نظرت إلى هيئتها البسيطة في المرآه بدءًا من خُصلاتها المُصففة بـ عناية والذي وُضع أعلى رأسها تاج ألماسي رقيق..وقد تُركت خصلاتها حرة تنسدل على مكنبها الأيمن..ثم إلى زينتها البسيطة وجيدها المُزين بـ عقد ماسي أخر يُشبه التاج...
تنهدت بتول بـ ثقل ثم إتجهت إلى الثوب وأمسكته ثم دلفت إلى المرحاض..إرتدت الثوب ودلفت إلى الخارج..عادت تتأمل هيئتها الفاتنة..ذاك الثوب والذي صُمم خصيصًا لها أظهر نحافة جسدها الرائعة..برزت عظمتي التُرقوة من أسفل تلك الطبقة الشفافة..مما أضفى عليها فتنة...
ثوان وسمعت طرقات هادئة على باب الغُرفة..إلتفتت بتول إلى الباب وقد شددت قبضتها على الثوب..وإرتفع وجيب قلبها...
دلف عز الدين..والذي بقى دقائق يُحدق بها وقد فُتن بها..هيئتها الناعمة..ثوبها الذي أضفى عليها جاذبية وإثارة رغم إحتشامه..ولكنه لم يستطع منع عيناه من تأملها وكأنها اللحظة الأخيرة..تقدم منها بـ خطى بطيئة عيناه لا تحيد عنها حتى وقف أمامها..ثم قال بـ إنبهار
-ما شاء الله..ربنا يحميكي يا حبيبتي
-هتفت بـ توتر:شـ..شكرًا
-إبتسم عز الدين وقال:بس لسه حاجة ناقصة...
ثم إلتفت خلفها وهى تعقد حاجبيها بـ غرابة..شعرت بـ شيئًا ما يوضع على جزء وجهها العلوي..فـ أيقنت أنه قناع...
كان من اللون الأسود وعلى طرفاه العلويان ريش نعام رمادي اللون..والجزء الأيمن السفلي يمتد على جانب وجهها ليُخفي وجنتها اليُمنى...
شعرت بـ أنفاسه تقترب من عنقها بعدما أحكم ربط القناع..ليدب الړعب في أوصالها..لم تستطع أن تنتظر قُبلته التي ستُدنس عفتها فـ إبتعدت على الفور..إمتقع وجهها خجلًا ثم قالت بـ تلعثم
-ميـ..مينفعش..ممكن..حد يدخل...
ضحك عز الدين وهو يحك مؤخرة رأسه..ثم قال بـ مزاح
-بالرغم إن محدش هيدخل..بس دا كسوف...
تقدم منها ثم مدّ يده إليها وقال بـ إبتسامته الجذابة
-مش يلا ننزل..الناس مستنية!..
-أماءت بـ خفوت وقالت:طيب...
وقبل أن يدلفا إلى الخارج إرتدى عز الدين القناع الخاص به والذي كان من نفس اللون ولكنه يُخفي عيناه فقط..كان يرتدي حلة من اللون الرمادي اللامع يتماشى مع لون القناع..أمسك عز الدين يدها..وقد كابحت بتول حتى لا تتقيأ أو تبكي من فرط خۏفها..
****************************************
وصل يونس في زمنًا قياسيًا إلى أرض وطنه الحبيب..ثم إستقل السيارة مع محمد بـ الطبع لم يستطع إستقلالها مع شقيقه والذي نال عتابًا لاذعًا لأنه ترك عز الدين يرى محبوبته بل وأوصله إلى تلك الحفلة..وكم يشعر بـ إنقباضة في قلبه أنبأته أنها تُعاني الړعب...
جلس يونس في المقعد الخلفي و بـ صوتٍ صارم قال
-بـ أسرع سرعة عندك يا محمد إطلع..بص عاوزك تطير
-أنت تؤمر يا سيادة المقدم...
نظر يونس إلى المأذون الذي ظهرت عليه إمارات السأم..ليقول يونس بـ جدية..
-يلا إبدأ يا شيخنا
-نظر إليه ذاك الشيخ وقال:أبدأ إيه يا بني!
-تأفف يونس وقال:مراسم الزواج يا شيخنا..هو أنت بتشتغل حداد!
-رد عليه المأذون بـ عصبية:تحشم يا ولد..وبعدين فين العروسة !!..هنكتب الكتاب إزاي؟!
-ضيق يونس عيناه وقال:مبتتكشفش على رجالة..أكتب أنت بس..
-أين الشهود؟
نهض يونس من مكانه ثم أطل بـ رأسه إلى الأمام..وبـ بخبث تشدق
-هتكتب الكتاب يا شيخنا ولا تشرفنا فـ أمن الدولة!!
-توتر الرجل وقال بـ سرعة:فين بطاقتك وبطاقة العروسة!!
أخرجهم يونس من جيب بنطاله وقد حصل على البطاقة الشخصية الخاصة بـ بتول بـ مساعدة محمد..وبدأ الشيخ في مراسم عقد القرآن فـ قال بـ الأخير
-فاضل بس إمضة العروس وبصمتها...
ثم تساءل
-هى قاصر!!
-لأ..يعني تقدر تجوز نفسها...
وشرع يونس في تبديل ملابسه وإرتداء تلك التي تخوله إلى الدلوف إلى الداخل..وفي غضون خمسًا وأربعون دقيقة..كانوا أمام المنزل..دلف يونس إلى المنزل بـ خفةولم يلحظه أحد من الحرس...
***************************************
هبطا الدرج تزامنًا مع خفوت الأضواء..إستقبلهم ذاك الحشد بـ تصفيق حار و بعض الكلمات لعودة خطيبته سالمة..توقفا في مُنتصف القاعة..أمسك أطراف أصابعها ثم فرقع بـ أصابعه لتصدح موسيقى الأوبرا..جذبها إليه ثم أحاط خصرها ولم يشعر بـ إرتجافة جسدها أسفل يده..هتف بـ أذنها
-عارف إنك بتحبي الأوبرا..عشان كدا رقصتنا هتكون عليها...
تميالا على تلك الألحان بـ مشاعر مُتناقضة..إحداها عاشقة والأخرى نافرة..كانا يتحركان بـ إنسيابية وخطوات مدروسة..وأفلت أصابعها فـ أخذت تدور في حلقات حتى إلتقطتها يد غلظية أقبضت على خاصتها بقوة مُهلكة..وبيده الأخرى إلتفت حول خصرها كما تلتف الأفعى حول فريستها..رفعت عيناها لتُجابه بنيته فـ تعرفت على هويته بصمت..تراقصا وهى لا ترى سوى عيناه وهو يرتدي زي المُحارب الأسطوري "زورو" و وقناعه يُخفي جزء كبير من ملامحه ولكن نابضها تعرف عليه فقد إستشعر ذبذبات أرسلها خاصته لتُصيبها في منتصف روحها..وحدقتيه لا تتزحزحان عن خاصتها..تمايلا على ألحان الأوبرا وها قد سرق منها تلك الرقصة الأرستقراطية..إنتهت الرقصة ليهمس في أُذنها بهمس عاذب
-وأديني وفيت بوعدي وسړقت رقصتي... سنيوريتا..
وإستغل إنطفاء الأضواء ليُقبل نحرها النابض بقُلبة رقيقة ليختفي في جُنح الظلام كما ظهر تمامًا...
وتوقفت الرقصة..أُضيئت الأضواء وظلت بتول تبحث عنه بـ حدقتيها التي لمعت بـ قوة وإزداد وجهها بريقًا...
تقدم منها عز الدين والذي كان الشرر يتطاير من عيناه..من ذاك الذي يجرؤ على إختطاف الرقصة التي لطالما حلُم بها..أمسك يدها وكادت أن تشهق بـ اسم يونس..إلا أنها إبتعلتها وهى تراه بـ هيئته الغاضبة..وقبل أن يهذي كانت هى ترد على عجالة
-أنا معرفش إيه اللي حصل..بس أنت اللي سبته يرقص معايا..لو كنت منعته كنت هستحمل عصبيتك..بس أنت سبته...
ثم رفعت ثوبها وقالت بـ قوة
-أنا داخلة الحمام..بعد إذنك...
وتحركت من أمامه ونبضات قلبها كادت تصم أُذنيها..دلفت إلى الداخل وقد خلا من رواده..أغلقت الباب وإستندت على الحائط خلفها..إبتسمت بـ سعادة بل وقفزت ثم هتفت بـ حماس
-يونس جه...
ثم إتجهت إلى المرآه المُعلقة على طول الحائط..وأخذت تتأمل وجنتها والتي قد تحولا إلى اللون الوردي..لم تشعر بـ ذاك الذي دلف خلفها ثم أحاط خصرها..شهقت بتول ولكن ما أن أبصرته..حتى هتفت بـ عدم تصديق
-يونس!!!
ولم يتركها تُكمل حديثها إذ أدارها وجذبها في أحضانه..أحاطها بين يديه بـ قوة حتى بدت كـ إحدى ضلوعه..وهى لم تقل عنه بل إزدادت وهمست بـ صوتٍ مُتحشرج
-وحشتني أوي..أوي
-أبعدها عنه وأحاط وجهها:وأنتي وحشتيني أكتر يا قلبي يونس من جوة
ثم أخرج من جيب بنطاله ورقة وقال بـ جدية
-بصي معندناش وقت..إمضي هنا إبصمي
-عقدت ما بين حاجبيها وتساءلت بـ توجس:إيه دا!
-سألها بـ حنو:مش أنت بتثقي فيا!!
أماءت بـ رأسها دون تردد..فـ إبتسم بـ عذوبة وقال
-خلاص ثقي فيا وأمضي...
وبـ ثوان جذبت الورقة ومضت ثم بصمت كما طلب..أخذ الورقة وطواها..ثم إقترب منها و وطبع قُبلة سريعة على شفاها..تشدق وهو يتحرك إلى الخارج
-سلام مؤقت يا مراتي...
ثم خرج وتركها تُحدق به بـ بلاهة وصدمة عقب ما قال...
*****************************************
وخرج يونس كما دلف وأبدل ملابسه وكاد أن يدلف مرة أخرى إلا أن عدي أوقفه قائلًا بـ حدة
-اللي بتعمله دا غلط
-أزاح يونس يده وقال بـ غلظة:الغلط لما وثقت فيك..اللي جوه دي مراتي وأنا مش هسيبها عنده ثانية...
ثم دلف بـ خطى سريعة..لم ينطفأ شوقه لها ما أن أبصرها في هذا الثوب والذي جعلها كـ حورية هربت من الجنة..فـ ما أن رآها بـ هذا الثوب حتى هوى قلبه من فرط جمالها الفتاك...
تلك المرة دلف يونس من البوابة بـ كل هيبة ووقار..ضړب كل حارس حاول أن يمنعه من الدلوف وقد ساعده محمد وعدي..وفي غضون دقائق..وصلوا أمام باب المنزل..ركله يونس بـ عڼف و وقف يُطالع ما حوله بـ إزدراء...
عم الأجواء الصمت..وكل الأبصار توجهت إلى يونس..تطلع إليه عز بـ عينان جاحظتان..وقبل أن تحرك من مكانه حتى وجد من يندفع خلفه بـ أقصى سرعة..لتستقر في أحضان يونس...
تراجع يونس إثر الإصطدام ولكنه حاوطها بـ يدها الصلبة..إلتفت يداه حولها بـ تملك..ثم رفع أبصاره إلى عز الدين الذي شحب كـ المۏتى..كان يقف كمن سكب عليه دلو ماء قارص البرودة..جسده قد تصلب من المفاجأة...
كانت عينا يونس تنظر إلى عز الدين بـ حدة كـ حدة الصقر..نظرات تبث السمۏم كـ أفعى..عيناه ضيقة بـ ڠضب حارق ېحرق الأخضر واليابس..عينان تهتفت بـ وعيد أسود قاتم كـ هوة جهنم..نظرات تخترق جسده وعيناه حتى كادت أن ټحرقها...
نظراته أخبرته بـ بساطة بـ تملكه لها..أنها ملكه وليست لغيره..أنها باتت له وليست لأحدٍ أخر..نظراته كانت أبلغ من أي حديث..نظرات تحكي ألف قصة وقصة بدايةً من الإنتقام وحتى النهاية إنتقام لاذع..مر المذاق..فـ يونس المُحارب قد حظى بـ أميرته وإنتزعها من بين يديه...
الفصل الثامن والعشرون
قد نضيق بالحبّ إذا وُجد، ولكن شَدَّ ما نفتقده إذا ذهب.
أخذ منه الأمر سويعات حتى يستقبل مخه إشارت تدل على أنها ترتمي في أحضان غيره..تجاهل تلك العينان التي تنظران إليه بـ ۏحشية تُهدد بـ الفتك به..تطايرت الشرارات الغاضبة من عيني عز الدين ثم إنطلق كـ القذيفة ينتوي نزعها من أحضانه نزع..وكادت يده تمتد إليها..إلا أن يد يونس الصلدة منعته من ذلك..قبض على معصمه بـ قوة كادت أن تُهشمه من فرط عنفها..لم يخفَ الغل و الحقد التي أودعها يونس بـ قبضته...
وبـ يده الأخرى جذبتها من خصرها لتحتمي خلف ظهره..ولم يظهر سوى عيناها اليمنى وقد إختفت تمامًا خلف جسده العريض..كانت عينا عز الدين لا تتزحزحان عن خاصتها بـ نظرات دبت الړعب في أوصالها..تلك النظرة الأكثر شراسة على الإطلاق..نظرات نمر قد هربت فريسته وأخذ يتربص بها حتى هربت..هذا ما رأته في عيناه مما جعلها تُغلق عيناها بـ قوة وتعتصر جفنيها..قبضت بـ يدها الصغيرة على قميص يونس عل تلك القوة النافذة منه تتسرب إليها...
علا صوت تنفس عز الدين بـ ڠضب ثم هدر بـ صوتٍ أجفل الجميع عداه وهو يقف أمامه شامخ كـ الأسد
-تعالي هنا!!
تحرك يونس إلى اليمين ثم بـ قبضة حديدية أدار فكه بـ قسۏة وردد
-بصلي أنا...
-سحب عز الدين يده بـ عڼف ومن ثم هدر بـ عصبية:أطلع برة...
-إبتسم يونس بـ إستفزاز:منا هطلع...
ثم أكمل بـ نبرة خبيثة
-مع مراتي...
وتاهت الدنيا من حوله..زوجته!!..متى وكيف!!..توسعت عيناه بـ قوة مُندهشة ثم تشدق بـ تلعثم وقد شعر أن قلبه ينشطر إلى نصفين بـ سكينٍ بارد
-مـ..مرا..تك
-أومأ يونس بـ رأسه ورد عليه بـ برود:أينعم..أظن لا أنت ولا رئيس الوزرا يقدر يمنعني عن مراتي
-كدااااب...
همهم يونس بـ تسلية ثم تشدق بـ تهكم
-مممم..هعديهالك عشان بس أعصابك
أدار رأسه نصف أستدارة ثم قال لـ بتول بـ حنو
-يلا
أومأت بـ رأسها عدة مرات بـ نعم وهى تشعر بـ الإختناق..تُريد الخروج من هنا بـ شتى الطُرق..أمسك يدها يبُثها الأمان وما كاد أن يلتفت حتى باغته عز الدين بـ لكمة أسقطته أرضًا..صړخت بتول بـ خوف ثم چثت على رُكبيتها تتفقده...
ولكنها لم تصل إلى الأرض فـ قبضة عز الدين أحالت دون ذلك جاذبًا إياها نحوه..توسعت عيناها بـ هلع وهى ترى نظراته التي تكاد ټحرقها..أخذت تتلوى بين يديه ولكنه لم يسمح لها بـ الهروب..نطق بما جعل الډم يتحسب رويدًا من جسدها كما روحها التي شعرت بها تنساب تدريجيًا..همس بـ فحيح أفعى يُسري الړعب في النفوس
-أنتي ملكي وبس..واللي مأختدوش برضاكي هاخده ڠصب عنك...
إبتلعت ريقها بـ صعوبة ومن ثم صړخت بـ ړعب وهى تستشعر يده على ظهرها
-يونس!!!
ولم يتحاج يونس سوى صړختها حتى إستفاق..نهض كـ الۏحش وهو يراها في أحضان تلك الأفعى ثم إنتزعها منه بـ عڼف..ولم يكد ينزعها حتى إنهال عليه ضربًا مُبرحًا..فجر فيه كبت سنوات من الټعذيب وسنوات أخرى من تلك المذبحة التي شهدها..صړخ صرخات ۏحشية وهو يُهدد عز الدين بـ قتامة
-وحياة اللي خلقني وخلقك يا عز لكون مسففك تراب الأرض عشان تفكر ټلمسها بـ إيدك النجسة دي تاني
ركله مرة أخرى في معدته حتى تناثرت الډماء من فمه وهدر بـ صوتٍ قد تشققت له الحوائط
-ساااااامع!!!
ثم إلتفت إليها وقبل أن يخرج بها..حتى مد يده إلى جيدها وإنتزع ذاك العقد بـ قسۏة قذفه بـ وجهه ثم قال بـ إزدراء
-مش محتاجين حاجة من نجاستك...
ودلف إلى الخارج بـ هدوء عكس عاصفة دلوفه..وبـ الطبع عدسات الصحافة لم تتأخر عن تسجيل هذا الحدث الأكثر من رائع..حديث لن يتوقف عنه العامة حتى بعد مائة عام...
كان يونس يسير بسرعة وقد أشار إلى عدي و ومحمد المُنشغلان بـ إبعاد الحرس..تبعاه بـ صمت ولم يجرؤ أحد على الحديث فـ مظهره لا يُبشر بالخير...
سمعوا صوته البغيض يتردد بـ وعيد وقتامة
-هى ملكي..ملكي أنا وبس..سامع!..هى من حقي أنا...
ولكن لم يتوقف يونس..ولكن أيضًا لم يمنع من تصلب عضلات وجهه وتشنج جسده بـ أكمله..تأوهت بتول وهى تستشعر قبضته تشتد أكثر على يدها حتى كادت أن تُحطمها...
***************************************
الجميع بالسيارة ويحيطهم الصمت..صمت خانق كـ ساحبها رمادية خلفتها النيران..عدي يجلس بـ جانب صديقه الذي يقود السيارة بـ خوف من سكون يونس..الجميع يتوقع إبتهاجه من أن يراها..سعادة وتهليل..ولكن كل ما حصلوا عليه هو الصمت والسكون وكأن ريح عصفت بهم وتركتهم بلا حياه...
كان يونس مُتصلب الجسد..مُقتضب الوجه..عيناه لو رأها أحد لتجمد أمامه من هول خطورتها..يده لم تترك يدها بل وتشتد عليها أكثر..كلما تذكر كلماته التي ألقاها حتى يشعر بـ فوران وڠضب قد يُطيح بمن أمامه..يعلم أن الحړب ستشتعل على أشُدها وستكون الخسائر فادحة..الطرف المُتأذي هو..هو فقط وليس غيره..إما ضايعها أو ضياع أحد من أفراد أسرته..ظل كاتمًا غضبه الذي أشبه بـ القنبلة الموقوتة..ما أن تُنزع فتيلها حتى تُحطم الجميع إلى أشلاء...
نظر عدي إلى وجه بتول أولًا والذي حاكى شحوب المۏتى بل وتعداه..ثم إلى يونس والذي ما أن وقعت أنظاره عليه حتى تصاعدت ضربات قلبه بـ شدة..إبتلع ريقه بـ صعوبة وتشدق بـ تردد
-يونس!!!
ولم يعرف أحد ماذا حدث..كل ما فعله عدي أنه نزع الفتيل فـ أنفجر يونس يهدر بـ صوتٍ مُرعب دوى صداه كـ الرعد...
-أنت تخرس خالص..لو كنت أخد بالك منها..مكنش حصل دا كله..أدي روحنا بقت على كف عفريت
-حاول عدي التحدث بـ تردد:أنا آآآ...
ولكن يونس لم يسمح له بـ الإكمال وردد بـ قسۏة
-إعرف إنك أول واحد هتتلسع من ناره...
وجفت الحروف وأُغلق الحديث..نكس عدي رأسه بـ خزي..فقد إعتمد يونس كليًا عليه حتى يحميها وهو أعطاه وعد لم يستطع إيفاءه..وعاد الصمت من جديد...
كانت بتول مُنكمشة على نفسها ما أن أبصرت موجة غضبه..ولكنها تعذره..النظرة التي رمقها بها عز الدين كانت كفيلة بـ جعلها تتمنى المۏت..إبتعلت ريقها بـ خوف..ثم همست إلى محمد
-ممكن توقف العربية!
-نظر لها محمد من المرآه ثم تساءل بـ غباء:أوقف العربية!..هنا!..فـ الصحرواي!
أماءت بـ رأسها بـ نفاذ صبر قبل أن ينتبه يونس..هز رأسه بـ قلة حيلة ثم أوقف السيارة..همست مرة أخرى
-خد عدي وإنزلوا من العربية..وحاولوا تبعدوا
-طيب
قالها مسلوب الإرداة وهبطا من السيارة..نظر عدي إلى أخيه الشارد بـ حزن ثم إستدار وأكمل سيره مع صديقه...
أخذت بتول عدة أنفاس تُهدأ من روعها وتبث في نفسها الثقة المسلوبة..إستدارت نصف إستدارة..فـ وجدت عيناه بـ لون الډم..وصوت تنفسه يكاد يصمها..إبتلعت ريقها بـ صعوبة وقد ذهبت ثقتها الزائفة أدراج الرياح..ولكن نفسها الثائرة تدفعها بـ أن تُكمل ما لم تبدأه...
رفعت يدها المُرتعشة وأدرات وجهه..لـ لحظات تصلب وجهه وكأنه لا يُريد النظر إليها..فـ همست بـ صوتٍ رقيق ولكنه غُلف بالخۏف
-يونس...
وأمام بحة صوتها الرائعة..أمام رقتها الممزوجة بـ الخۏف..لم يجد سوى أن يلتفت إليها..تُلقي بـ سحرها عليه دون أن تُمارسه..نظر إلى عينيها بـ عمق حتى نفذ إلى روحها وهى فعلت المثل..ظلت النظرات تتعمق وتتعمق حتى وصلت حد الجموح..أجفلت بتول وهى ترى نظرات راغبة فيها تكاد تفتكها..تضرجت وجنتيها بـ حمرة خجلة وقد أخفضت نظراتها وهى تُعاتبه بـ رقة
-مينفعش كدا
-رد بـ هدوء وحب أدهشها:هو إيه اللي مينفعش!!
إرتفعت نظراتها لا إراديًا وهى ترى الصفاء والحب بـ عيناه..بدأت تشك في قواها العقلية وأن نوبة غضبه وقساوة عيناه لم يكن سوى هذيان..توسعت عيناها وهى تميل بـ رأسها إلى أحد الجوانب.
ليضحك يونس ضحكته الرجولية ثم قال
-متبصليش كدا..أنتي متعرفيش أنك أد إيه قادرة تقلبي مودي فـ لحظة..لحظة واحدة بس..يا بتولي...
قالها وهو يميل على وجنتها ويُقبلها بـ شغف..تلامس ذقنه مع طرف شفاها فـ جعل جسدها يرتجف بـ شدة..طالت القُبلة وتطرقت إلى عدة قُبلات على وجنتها حتى وصلت إلى طرف شفاها..كانت مُتصلبة أسفل جسده الذي يُشرف عليها به..تنفسها قد تسارع حتى باتت تشعر بـ دوار إكتسحها...
تسحبت يداه تضمها إليه في عناق ۏحشي..كاسر..مُتملك..و وجهه مدفون في تجويف عُنقها وهو يُهمهم بـ هيام
-بعشقك يا بتول..ھموت لو بعدتي عني
إرتفعت يداها المُترجفة تحاوطه ثم إرتفعت إلى خُصلاته وأخذت تعبث بها بـ صوتٍ غلبت عليه العاطفة قالت
-مفيش حد يقدر يسيب روحه لما يلاقيها...
ثم همست بـ أُذنه بـ رقة جعلته يتأوه
-وأنت روحي..الروح اللي مبعدهاش روح...
لو أنهما في غُرفة مُغلقة..لو أنهما مُنعزلان عن العالم..لو أنهما لي زمن غير الزمن..لكان هو وهى يعيشان الآن في عالم لن يطرقه أحد ولن يزعجهما أحد..لكن لو إستحالت دون ذلك...
همس يونس بـ صوته الأجش عابثًا
-لو مبعتديش عني دلوقتي..صدقيني يا بتول مش هيحصل كويس...
وفي ثوان كانت يداها تدفعاه من صدره بعيدًا عنها..ضحك يونس ملئ فاه حتى جعل عدي ومحمد يقطبان بـ تعجب..مُنذ ثوان وكاد أن يبتلعهما بـ غضبه..والآن يضحك ملئ فاه حتر شعرا بـ الفراشات تطير حولهما...
أطلت بتول بـ رأسها وأشارت لهما بـ المجيئ..وقد علما أنها إمتصت ڠضب يونس بـ الكامل..فـ تشدق محمد بـ ذهول
-صحيح تستاهل يموتوا بعض عشانها...
ثم صعدا السيارة ولم يتجرأ أحد على الحديث..أدار محمد المُحرك وظل صامتًا...
إلتفتت بتول إلى يونس وقالت بـ خفوت
-وهنعمل إيه مع بابا!!
-هز رأسه بـ بساطة:أكيد هيوافق...
****************************************
-على چثتي يا سيادة المحترم..هطلقها دلوقتي ...
نطقها إسماعيل بـ ڠضب وقد رمق بتول بـ نظرة تحمل الخزي..نكست رأسها ولم ترد..بينما إسلام كان في قمة إنتشاءه..ها قد تخلصت من عز الدين ولا يبدو على يونس أنه يشبهه بـ مثقال ذرة..لا يعلم لما شعر بـ الراحة ما أن أبصره..هنا وعلم أنه المنشود هو من ظلت بتول تبحث عنه ولكنها قد وجدته قبلًا في أسوء الرجال ولم تلحظ...
لم يبدُ على يونس التأثر مما قال والدها..إلا أنه إعتدل في جلسته ثم قال بـ رزانة
-يا أستاذ إسماعيل..بتول خلاص بقت مراتي..وأنا معملتش كدا عشان حاجة من اللي خطرت فـ بالك...
إتسعت عينا إسماعيل بـ شدة وقد فهمه يونس سريعًا..فما ان قص عليه شئ دون أن يُجمل أو يحذف..إعترف بـعشقه وهيامه بها دون خجل..ولما يخجل أن يعترف بـ أنه عاشق لذرات الأتربة التي تخط عليها..وهذا ما لاحظه مُذ أن رآه..ولكنه أراد أن يتأكد من صدق مشاعره كي يطمأن قلبه...
إستعاد إسماعيل رباطة جأشه وقال بـ صلابة
-برضو مينفعش..أنت أخدتها زي اللي بيسرق وهى إعتبرت إن معندهاش أب ترجعله..أنا مش هسلملك بنتي بالطريقة دي
-إبتسم يونس وقال بـ ثقة:ومين قالك إني أخدتها!
-رد عليه إسماعيل بعدم فهم:مش فاهم
-وضح يونس مقصده:يعني جوزاي منها صوري دلوقتي..لحد أما أتقدملها وكأننا لسه متجوزناش..بس كل اللي عاوزه من حضرتك..إني أخدها بيتي عشان أعرف أحميها...
وبعد ساعة من المحادثات والتي إنتهت على مضض بـ موافقة إسماعيل على ما يطلب وأنها ستظل معه بـ بيت أهله وسط عائلته كي يضمن عدم إنفراده بها..فـ لم تخفَ عليه نظراته التي تتوق إلى إبنته..ولكنه وعده وما رآه إسماعيل أنه رجل شهم ولن يتراجع عما قال..وقتها علم أنه فارس إبنته المغوار..ولكن كانت عيناه تخبره إن حنث وعده ستكون عنقه هى الثمن...
جلس يونس على فراش بتول في غرفتها الغاية في الطفولة..كل ما يُحطيه وردي اللون يختلط مع اللون الأزرق الهادئ..رسومات كارتونية لأميرات ديزني..كل شئ يليق بها وطفولتها..زفر يونس وهو يراها تقف أمامه
-باباكي دا صعب أوي
-ضحكت بتول وقالت بـ دلال:بېخاف على بنته وعاوز يطمن عليها
-رد عليها بـ حنق:وهو أنا هاكلك...
نظرت له بـ نصف عين ليضحك هو ثم قال بـ عبث
-يعني..مش هاكلك أوي...مش مصدق امتى هتكوني ليا...
وضعت يدها على وجنته بـ حب و بـ رقتها المعهودة همست
-خلاص هانت يا حبيبي...
وما أن نطقت بـ "حبيبي" حتى إنتفض كمن لدغته أفعى..جذبها من معصمها وقد إرتشعت خوفًا..ثم قال بـ صوتٍ أجش
-قولتي إيه!
-ردت بـ تلعثم:قولت..قولت إيه؟
-عيدي اللي قولتيه...
نظرت إليه بـ غرابة ولكنها نطقت بـ تردد
-خلاص هانت
-ليُكمل هو بـ شغف:اللي بعدها بقى
-إبتلعت ريقها بـ صعوبة وقالت بـ خجل:حبيبـ...
تأوه بـ عڼف..ليغرس يده في خُصلاتها المچنونة كـ صاحبتها ويجذبها إليه..لينقض على شفتيها في أول قُبلة لهما..قُبلة إلتقت فيها شفتان عذريتان لينتهكا عذريتهما في تلك الـ...لا يوجد لما يحدث الآن تسمية..فـ هو تلتف يدها حولها تضمها إليه بـ قوة وشفتاه لا تتوقف عن إلتهام شفتيها المُغوية كـ تفاحة آدم..ويداه تشتد على خصرها تجذيها إليه أكثر حتى إنتقلت سخونة جسده إليها..وتاه العالم عنهما و وجدا عالمًا خاصًا بهما..شعرا حولهما بـ الألعاب الڼارية ترتفع وتلاطمت الأمواج بينهما وسبحا على غُمامة أضاءتها النجوم...

الفصل التاسع والعشرون
الكراهية تشل الحياة، والحب يطلقها. الكراهية تربك الحياة، والحب ينسقها. الكراهية تظلم الحياة، والحب ينيرها.
ظلام..كل ما خلفوه وراءهم هو الظلام..ولكنه لا يُضاهي عيناه ظلام..كان يجلس أرضًا في المُنتصف يضم رُكبتيه إلى صدره وأخذ يتأرجح إلى الأمام والخلف..توعد لأكثر من مرة بـ أغلظ الإيمان أنها ستكون له..سيمحي يونس وجذوره من الوجود..كل من يحمل حروف الاسم سيكون مصيره المۏت...
لم يأبه إلى ثيابه المُشعثة ولا تورم وجهه..ولا تلك الډماء التي جفت على وجهه..بل ما يشغله هو إنتقام منها ولها..منها لأنها خانت عهده وأحبت غيره..ولها لأنها تم تدنيس روحها من قِبل أكثرهم بُغضًا إلى قلبه...
فُتح الباب ودلف رجلًا ما ثم دنى إلى سيده وقال بـ إحترام
-عز الدين بيه!!
رفع عز الدين أنظاره ولم يتحدث..فـ أكمل الأخر حديثه بـ جدية
-سيادة العقيد رفعت قبضوا عليه الصبح..كل حاجة إتكشفت...
ولم يتأثر عز الدين ولم تتحرك عضلة واحدة من جسده..ولكنه تساءل بـ جمود
-فين سيف؟
-وصل من شوية..وهو جاي على هنا...
أشار عز الدين بـ يده كي ينصرف..فـ إنصرف الرجل بـ هدوء..نهض هو صعد غُرفته وبدأ في تبديل ثيابه وغسل وجهه بـ الماء البارد عكس النيران المُشتعلة داخله..تفحص وجهه بـ المرآه ولم يهتز أيضًا لمظهره المشوه..بل جففه ودلف إلى الخارج..صعدت خادمة تتحدث بـ تلعثم وخوف من هدوءه...
-السيد سيف تحت...
رفع أنظاره القاتمة لها والتي دبت الذعر في أوصالها ثم صرفها بـ إشارة من يده..وما أن أشار لها بـ الرحيل حتى هربت تتنفس الصعداء..أعاد إرتداء تلك الحلقة الفضية في يُسراه تلك المرة وكأنه يُثبت للجميع أنها ستعود له بل وستكون ملكًا له..هبط الدرجات بـ فتور وكأن شيئًا لم يكن...
نظر إليه سيف من بعيد وقد أثار توجسه من هدوءه ولا مبالاته..حقًا ذلك أكثر رعبًا من ثورته..ستكون العاصفة شديدة وستقتلع كل من يقف بـ طريقها..وصله من بعض الأشخاص أنه رفض تدخل الشرطة وبعض الجهات العسكرية من أجل ما حدث..وما حدث قد تم مواراته ودفنه مع الأشخاص الحاضرين..حقًا لا يعلم ماذا أصاب من هنا فـ الجميع أختفى ولا يوجد أثر لأحد...
إبتلع ريقه وهو يجد عز الدين قد وصل أمامه وبـ جفاء قال
-تجبلي بتول من تحت الأرض..وليك حرية التصرف حتى لو إغتصبتها..تجبهالي..سامع!!
جحظت عينا سيف بـ قوة حتى كادت أن تخرج من محجريهما..حقًا قد فقد ما تبقى من عقله ولكن أثار إشمئزازه بَ طريقة مُخجلة..ليقول سيف بـ تقزز
-أنت أكيد أتجننت يا عز..أنت جرى لمخك حاجة؟!
لم يتأثر..يبدو أنه فقد الحياه طريقة حديثه وهدوءه تُثيران الړعب بـ طريقة مُخيفة..رفع عز الدين أحد حاجبيه وقال بـ جمود
-معنديش وقت لسؤالك الغبي دا..هتجيبها ولا أتصرف بـ طريقتي!
-أشاح سيف بـ وجهه وقال بلا مُبالاه:إتصرف بطريقتك
-إبتسم عز الدين بـ شراسة وهتف:حاضر هتصرف بطريقتي...
أشار له بـ حاجبيه وقال بـ تجهم
-بره...
إبتسم سيف بـ سخرية ثم خرج..وضع عز الدين يده بـ جيب بنطاله..ثم هدر بـ اسم أحدهم
-جعفر!!!
أتاه المدعو جعفر بـ خطواته الرتيبة وهدوءه المثير للأعصاب ثم قال بـ إحترام
-أؤمرني يا سيادة الوزير
-إبتسم عز بـ شيطانية وقال:طلع كل حبايبنا من المخزن وإعملهم حفلة شوي مُعتبرة
-وبلا ملامح رد جعفر:حاضر يا عز بيه...
أخرج عز الدين لُفافة تبغ ذات لون بني..ثم أخذ في تدخينها..وأخذ يُشاهد جعفر ورجاله وهم يخرجون العديد من الأُناسي والذين هم ضيوف حفلته..والصړاخ يدوي وأحدهم ېصرخ بـ توسل
-إرحمنا يا عز بيه..محدش هيعرف حاجة...
إقترب منه عز بـ خطى رتيبة ثم قال بـ خبث
-منا عارف إن محدش هيعرف..بس دي إحتياطات أمنية...
ثم تجهم وجهه مرة أخرى وعاد يُشاهد رجاله وهم يسكبون السائل القايل للإشتعال على الأرضية..والجميع ېصرخ الصحافيون وذوي الشأن والمراتب العُليا والجميع ېصرخ بـ أنه مچنون ولا أحد يعلم أنه تخطى مرحلة الجنون بـ مراحل عديدة..تقدم جعفر منه وهمس
-كل حاجة جاهزة...
نظر له من طرف عيناه ثم أشار بـ رأسه كي يرحل..تبعه هو بـ خطوات تدب الړعب حتى وقف على الباب ثم إلتفت وقال بـ نبرة رجل على حافة الجنون
-أتمانلكوا سهرة سعيدة...
ثم أخذ أخر نفس من لُفافة التبغ وقڈفها أرضًا..لتشتعل النيران بـ المنزل..أغلق الباب بـ إحكام وهو يستمع إلى الصرخات بـ الداخل..صرخات لو سمعها معډومي الرحمة كان قد رق قلبه وأنقذهم ولكن عز!!!..كان قد جُن بـ الفعل..وقف بـ جانب ذلك الرجل الهادئ..ثم قال وهو يُشاهد إندلاع النيران
-زي ما إتفقنا...
-حاضر يا عز بيه...
أملا عليه عنوانًا ما وقال بـ جمود
-هتلاقي بنت فـ العنوان دا..تجيبها وتحصلني ع المخزن...
وأماء الرجل بـ طاعة ورحل..بينما بقى يُتابع تآكل النيران لذلك المنزل كما تتآكل ڼار الكره والحقد بـ قلبه والإنتقام سيبله الوحيد...
****************************************
لم يفق من نشوته إلى على صوت طرقات الباب التي تجاهلها المرة الأولى..إلا أن بتول أبعدته وقالت لاهثة
-الباب يا يونس...
وضع وجهه في تجويف عنقها وظل يأخذ أنفاسه المسلوبة رُغمًا عنه وصمت..وبـ صوتٍ مُتهدج نطق
-ردي أنتي أحسن
-حـ..حاضر...
أخذت عدة أنفاس لتستعيدها وحاولت تطويع ضربات قلبها التي أبت الهدوء..وبـ صوتٍ حاولت إخراجه ثابت
-أيوة!!
-أتاها صوت والدتها الخبيث:كل دا عشان تردي!
-همست بـ جذع:يا لهوي إتفضحنا...
ولكن يونس أبعد ما يكون عما تتفوه به الحمقاء..يشتم رائحتها التي تُسكره ولا تزال يده تعتقل خصرها..أبعدته عنها وقالت بـ ذعر
-يونس ماما بره
-طيب...
قالها يونس بـ تأفف وتركها..إستعادت رباطة جأشها وفتحت الباب..لم يخفَ عليها نظرات والدتها التي طالعتها بـ خبث..فـ تشدقت بتول بـ تحذير
-متبصليش كدا يا ماما الله يكرمك
-مصمصت بدرية شفتيها وقالت بـ ضحكة:هو أنا عملت حاجة..أنا جاية أقولك أبوكي عاوزك
-أخذت بتول نفسًا عميق ثم قالت:حاضر جاية أهو...
ورمقتها والدتها مرة أخرى بـ خبث وكذلك يونس الذي إتسعت إبتسامته ما أن رأى حماته..همس بـ سعادة
-حماتي كدا هتبقى فـ صفي..دا أشطه أوي...
أغلقت بتول الباب وما كادت أن تستدير حتى وجدت يونس يحتضنها مرة أخرى وأخذ يُقبل عنقها الظاهر..عدة قُبلات رقيقة أسرت الدفئ في جسدها..أمسكت قميصه عن كتفه الأيمن وقبضت عليه بـ قوة..تستشعر قُبلاته التي يضع بها جميع مشاعره التي رفضتها قبلًا..تلاحقت أنفاسها بـ صورة مُقلقة إلى أن شعرت بـ قدميها تخور..ولكن يونس لم يسمح لها بـ السقوط..فـ أمسكها جيدًا من خصرها ثم رفعها إليه...
وتوقفت قُبلاته مع توقف أنفاسه..تلك الصغيرة ستودي بـ حياته لا مفر..همس من بين شفتيه بـ سبة بذيئة وتبعها قوله الحانق
-كان لازم أعمل فيها شهم وأقول لأبوكي إني مش هقربلك!..إزاي هستحمل!!...
ولم يقابله سوى تسارع أنفاسها..ليحكم يده حولها ثم قال بـ حزم
-روحي شوفي باباكي..وإعملي حسابك..هتيجي معايا دلوقتي..أنا مش هستنى لبكرة...
ثم دفعها إلى الخارج تحت ذهولها وعدم قدرتها على الحديث بعد عاصفته مُنذ قليل..وضعت يدها على خافقها تُهدأ من نبضاته وترسم الهدوء على وجهها..ثم سارت بـ خطى بطيئة حتى تستعد لمواجهة أبيها ولكنها ما أن مرت بـ إحدى المرايات حتى لطمت وجهها وقالت بـ شهقة
-خبر إسود..منك لله يا يونس..منك لله...
أخذت تنظر إلى عنقها الذي تحول إلى اللون الأحمر في مواقع قُبلاته..فـ بحثت بـ عينيها حتى تجد ما يُخفي عنقها..لتجد وشاح والدتها فـ أخذته ووضعته حول عنقها بـ إهتمام حتى لا تظهر عنقها المُفعم بـ مشاعر يونس...
وبعد مدة كان يونس وبتول يودعان عائلتها بـ دموع..ليقول إسماعيل بـ رجاء
-هى أمانة فـ رقبتك..أنا سلمتهالك وأنا مطمن إني سلمتها لراجل
ربت يونس على ذراع حماه ثم تشدق وهو ينظر إلى بتول بـ حب
-متوصنيش على روحي يا عمي..بتول كمان أغلى من روحي...
ودعت بتول والدتها للمرة التي لا تعلم عددها وشقيقها مرة أخرى والذي حذر يونس من العبث بـ قلبها...
****************************************
أخذ يتطلع إلى تلك الغُرفة التي وضعوه بها ولم يأتي أحد..يعلم أن كل شئ تم إكتشافه وأنها النهاية..سمع صوت الباب يُفتح بـ تمهل يستمتع صاحبه بـ نصره ودلف بعدها سعد ويتبعه عدي. نظر لهما رفعت بلا مبالاه ثم نظر أمامه مرة أخرى...
جلس سعد أمامه وقڈف ملفًا ما على الطاولة وعدي يستند إلى الحائط خلفه يرمقه بـ إزدراء..كان رفعت أو من شق الصمت بـ حديثه الساخر
-هتفضلوا تبصولي كتير!!
ولم يرد أحدًا عليه..بل أزاح الأوراق إلى رفعت والذي بدوره أعادها إلى سعد وقال بـفتور
-عارف فيها إيه
-ومش همك؟!
إنطلق هذا السؤال من عدي..والذي أكمل بـ حدة
-الملف دا فيه بلاويك أنت وعز..فيه كام روح قتلتم كأنكم نصبتوا نفسكم عزرائيل..كام سړقة سړقتوها..كام صفقة أدوية فاسدة دخلتوها مصروكام واحد ماټ..فيه كام سلاح مسكتوه لشباب زرعتوا فيهم مفاهيم إن يا الإسلام يا الإرهاب..الإسلام اللي متعرفوش عنه حاجة..فيه كام شاب ضحكتوا عليهم بـ السفر برة وأنتوا كنتوا بتسلموهم تسليم أهالي لتجار الأعضاء وتروحوا تقولو لأهله إن السفينة ڠرقت أو الطيارة وقعت...
نظر إلى رفعت بـ برود ولم يهتم..لم يشعر بـ الشفقة أو الندم لما فعل..بل رد بـ جمود
-دا اللي تستحقه البلد بعد أما قتلوه..قتلوا ابني قدام عيني
-إبنك كان إرهابي و ***..إبنك قتل وكان لازم يتعدم..إبنك خان بلده وكان لازم يدفع التمن...
ضړب رفعت سطح الطاولة بـ عڼف وڠضب..وساد الصمت..إرتخى في جلسته ونظر إلى سعد ثم تشدق
-شوف شغلك يا سعد..أنا لا هنكر ولا هعترف..وأنت فـ إيدك الأدلة..خلصني من الفيلم الهندي دا...
سحب سعد الملف ونهض بـ كل وقار..ثم تشدق أخيرًا بـ جفاء
-زي ما تحب..محاكمتك هتكوم كمان يومين..والحكم هيتنفذ بعد المحاكمة بيومين...
ثم دلف إلى الخارج وتبعه عدي..أغلق الباب وتحدث مع سعد بـ حنق
-مش ممكن يكون بني أدم...
-أشار سعد بـ يده وقال بـ هدوء:خلصنا..المحكمة هي اللي هتقوم بالواجب بعد كدا..الموضوع دا ميتفتحش تاني...
أماء عدي بـ رأسه ليسأله سعد مرة أخرى
-يونس مش جاي!!
-أيوة..هيروح عشان يتكلم مع أبو مراته
-غبي وهيفتح أبواب جهنم ع الكل...
هز عدي رأسه بـ قلة حيلة لم يرد..بينما ركض أحد الضباط وبعدما أدى التحية العسكرية..قال بـ ذعر
-بيت سيادة الوزير عز الدين ۏلع بـ المسئولين اللي فيه...
****************************************
أغلقت الهاتف مع عدي والذي بدى وكأنه يُصارع الرياح..الجميع يتكالب ضده..أخذت تُهدأه وتبث في قلبه الإطمئنان إلا أنها كانت تشعر بـ أن هناك خطبًا ما سيحدث..ظلت تبتهل إلى الله أن ينتهي كل شيئًا على ما يُرام...
دلفت إلى غُرفتها هى تستجدي النوم ولكن كيف وحبيبها يُعاني..تنهدت بـ تعب ثم جلست وأخرجت إحدى الكُتب المفضلة لديها وأخذت في قراءتها حتى غفت مكانها...
بعد مرور عدة ساعات..إستيقظت روضة على صوتٍ غريب مُنبعث من المطبخ..نهضت وهى تعقد حاجبيها بـ تعجب..ثم همست لنفسها
-هو في قطة دخلت المطبخ ولا إيه!!
ولكنها هزت منكبيها بـ فتور وتحركت إلى الخارج..أضاءت الأنوار ثم توجهت إلى المطبخ وكما توقعت هرة تعبث بـ محتويات المطبخ..زفرت روضة بـ يأس ثم قالت وهى تنظر إلى الهرة
-يعني أعمل فيكوا إيه عشان تبطلوا تخشولي فـ نص الليل كدا...
ثم تحركت في إتجاهها وأخرجت لها بعض الطعام لتأكل..سمعت مواء الهرة والتي تدل على سعادتها في الحصول على الطعام أخيرًا..سارت بـ يدها على جسد الهرة وتساءلت فجأة
-أنتي ډخلتي إزاي!!
ونظرت إلى نافذة المطبخ لتجدها مفتوحة زفرت بـ ضيق وقالت
-ډخلتي من الشباك..بس أنا قفلاه..يمكن مقفلتوش كويس...
هزت رأسها بـ نفاذ صبر ثم أخرجت الهرة بعدما أنهت طعامها..أغلقت النافذة وعادت إلى الغُرفة..وما أن دلفتها حتى وجدت من يُكمم فاها..ظلت تصرخ صرخات مكتومة وتركل حتى خبت قواها وفقدت الوعي..وضع ذاك المُلثم يده أسفل ظهرها والأخرى أسفل رُكبيتها ثم حملها وإتجه إلى الخارج...
*****************************************
إستيقظ سيف على صوت هاتفه بـ الصوت الخاص بـ وصول رسالة..نهض بـ تكاسل ثم أضاء الأنوار ومدّ يده إلى الهاتف وإلتقطه..فتح الرسالة وما أن أبصرها حتى إنتفض كـ الملسوع وهو يرى حبيبته فاقدة للوعي و مُقيدة..لم يسعفه الوقت لـ التفكير فـ أتاه إتصال من رقم روضة..وعلى الفور وضع الهاتف على أُذنه وتشدق بـ لهفة
-روضة!. حبيبتي أنتي كويسة!!
-أتاه صوت غليظ وهو يقول:حبيبتك مش فاضية دلوقتي..تقدر تقول مسافرة رحلة فـ عالم تاني
-هدر سيف بـ عڼف وعيناه تقدحان شرر:أقسم بالله لو إيدك مستها..لاكون مقطعك حتت...
لم يسمع رد سوى صوت تنفس هادئ..ليعود ويصدح بـ برود
-والله كل دا متوقف عليك..هتعمل خدمة وترجعلك حبيبتك صاخ سليم
-على چثتي و روضة هترجع..
-متتأملش كتير عشان روحها و روحك فـ إيدي..دي خدمة صغيرة..تعملها حبيبتك ترجعلك...
صمت قليلًا وهو يستمع إلى أنفاس سيف الحاړقة ثم قال
-هااا..قولت إيه؟!
-كز سيف على أسنانه وهتف بـ زمجرة:عاوز إيه!
-إتسعت إبتسامة الرجل وقال بـ هدوء:هنبعتلك صورة شخص..تجيبه ع عنوان هنديهولك وبكدا ترجعلك حبيبتك
-مين!
-قولتلك هنبعت الصورة..موافق ولا لأ!!
-رد عليه سيف بـ ڠضب:ماشي..بس أقسم بالله...آآآ...
ولم يُكمل حديثه إذ أغلق الرجل في وجهه..قبض على الهاتف بـ ڠضب حتى كاد يُهشمه..ظل يُحدق أمامه بـ قتامة وبداخله يتوعد إذا أصابها سوء..أفاق على صوت الرسالة ليفتحها..ثم صړخ بعدها بـ ڠضب جامح
-ھقتلك يا عز..ورحمة أمي ھقتلك يا *****...
***************************************
دلفا معًا إلى المنزل وقد بدى عليه السكون..أضاء يونس الأنوار ودفع بتول إلى الدلوف..فـ بعد حديثه الطويل مع أبيها حتى وافق أن يُرسلها اليوم معه..أغلق الباب وهمس
-أدخلي...
ولكن فجأة فُتح باب غرفة والدته..التي دمعت عيناها..وهمست بـ نشيج
-يونس!!...
أسرع يونس يحتضن والدته والتي لم تكف عن تقبيله والنحيب على رجوعه..قبّل كفها عدة مرات وهى لا تسمح له بـ الخروج من بين أحضانه..همست صفوة مرة أخرى بـ إشتياق
-وحشتني يا قلب أمك
-قبّل جبينها وقال بـ إبتسامة:وأنتي كمان يا ست الكل
ولكن والدته ظلت تبكي..أزال يونس عبراتها وقال بـ حنو
-خلاص متعيطيس يا ست الكل..أنا أهو فـ حضنك ومش ناوي أبعد خالص
-جذبته مرة أخرى إلى أحضانه وقالت بـ صوتٍ مبحوح:فكر بس تعملها وأنا أقتلك بجد المرادي...
ضحك يونس وهو يربت على ظهر والدته..رفع أنظاره إلى والده الذي أدمعت عيناه سعادةً..ترك والدته وإتجه إلى قدوته في الحياه..رفع رفعت يده وأخذ يتلمس وجهه وأنه حقيقة وأصبح بينهم الآن..كانت عينا الأول تنظر إلى والده بـ إشتياق فـ تشدق الأخير
-حمد لله ع سلامتك يا سيادة المقدم
ثم إرتمى في أحضان ولده وأكمل بـ صوتٍ مُختنق
-كانت روحنا رايحة من غيرك يا بني..
-ربت على ظهر والده وقال:وأديها رجعت
-برجوعك يابني..برجوعك...
جذب يونس يد والده قبّلها عدة مرات وعيناه تلمع بـ عبرات أبت النزول..ربت رفعت على رأسه ولده..ثم رفع أنظاره إلى تلك التي تُتابع المشهد بـ عبرات تنساب ممزوجة بـ إبتسامة..إبتسم هو الأخر وقال بـ هدوء
-تعالي يا بنتي...
ترددت في التحرك ولكن نظراته الحنونة ونظرات والدة يونس شجعتها على التحرك..وصلت إليه وهى تبتسم بـ توتر..أمسك يونس يدها وقال لـ والده بـ إبتسامة
-دي بتول..مراتي
لم تتغير ملامحه الحنونة ولم يبدُ عليه الصدمة..بل إتسعت إبتسامته وقال بـ جدية زائفة
-مش واجب عليكي برضو تسلمي على حماكي!!
إرتبكت بتول كثيرًا ثم إتجهت بسرعة وهى تمد يدها..تشدقت بـ توتر وهى تنظر إلى والده وقد علمت مِن منْ ورث يونس ملامحه البشوشة
-أسفة يا عمي..إزي حضرتك!
-ضحك رفعت وقال:حضرتي كويس..
ثم أكمل بـ صرامة زائفة
-ومفيش عمي تاني..من النهاردة بابا وبس
ضحكت بتول بـ خجل ولكنها أماءت بـ موافقة..ثم إتجهت إلى صفوة وإحتضنتها بـ حب..لكز رفعت ولده بـ خفة ثم هتف بـ مرح
-أيوة يا واد وعرفع تنقي
-ضحك يونس وأكمل:أيوة يا واد خدت السنيورة...
وضحكا كِلاهما...
وبعد مدة من الجو المرح والملئ بـ الأجواء العاطفية وقد تفاجئت بتول من ردة فعلهم الودودة ..لم تتوقع كل ذاك القدر من الترحيب والسعادة بها..بل ظنت أنها ستُنبذ وسيثور والده ما أن يبصرها..إلا أنه حدث العكس تمامًا...
أخذت تُحدق بـ غرفة حبيبها والتي تتسم بـ الطابع الرجولي..إستشعرت منها هيبته و وقاره الهادئ..حنون ورائع..نطقت غُرفته بـ كل ذلك...
شعرت بـ يده تحاوط خصرها وقُبلة رقيقة توضع على منكبها وهمسه المُغري يُداعب أُذنها
-هتنامي الليلة فـ حضڼي...
إلا أن بتول إبتعدت عنه ورمقته بـ ڠضب تفاجئ به..ثم تشدقت وهى تضع يدها في خصرها بـ حدة
-لا يا بابا لا..مضمنكش وأنت وعدت بابا...
وضع إصبعه أمام فاه وبـ وداعة طفل في الخامسة من عمره تشدق
-والله هنام مؤدب
-ضحكت بتول وهى ټضرب كف على أخر ثم قالت:وعد!!
وضع يده على أُذنيه وبـ مرح تشدق
-وعد...
وبـ حركة خاطفة جذبها إلى أحضانه..حاوط خصرها وهو يقربها إليه..إستند بـ جبهته على جبهتها وقال بـ عبث
-بس دا ميمنعش إني أحكيلك حكاية قبل النوم
وقبل أن تستفسر كانت شفتاه تتكفل بـ الشرح وهى تضم شفتيها إليه بـ تملك وكأنه يصك ملكيتها له..تحركت يده عن خصرها وإرتفعت إلى ظهرها تحاوطه كله..عاصفة مچنونة..هذا هو حبهما..جنون وعشق لا مُتناهي..كان يونس يظن أنه ستكون قصة حب من طرف واحد وسيظل يتلظى بڼار العشق..أما بتول لم تكن تظن في أعظم أحلامها أنها ستعشق يونس إلى تلك الدرجة..شعرت به يسرى بـ روحها..عشق كامل لا يتخلله ثغرة سوى ذاك الخطړ المُحدق بهم...
إبتعد يونس عن مرمى شفتيها فـ لو بقى لحظة أخرى..سيرمي كل وعوده خلف ظهره ويجعلها زوجته قلبًا وقالبًا..إستند جبهته بـ جبهتها وظل صدريهما يصعدان ويهبطان بـ جنون مُتأثرًا بما عايشاه مُنذ قليل..هتف يونس وهو يتحسس شفتيها المُتورمة بـ إبهامه وقد غلب على نبرته العاطفة
-حبك طوفان غرقني...

قبل الأخيرة الفصل الثلاثون
هكذا يرحلون دون وداع...
هذه الحياه قاسېة لتنتزع منا لحظات لم نعشها بعد...
داعبت كلمته قلبها بـ رقتها..كلمة إنبعثت من شفتاه لتُصيب قلبها..إبتسمت بـ خجل ومن ثم هتفت بـ خفوت
-الكلام دا هياخد منحنى تاني..و..وكدا مش هينفع..أنت وعدت بابا
ظل بعض الوقت ينظر إليها دون حديث حتى ظنت أنه قد غفى في وقفته..نظرت إليه بـ تدقيق لتلمح نظرات الخبث التي تراقصت في حدقتيه..ليقول بعدها بـ همس عابث
-امممم..هتاخد منحنى تاني..زي إيه مثلًا يا بتولي!!
-تضرجت وجنتيها بـ حمرة خجلة وقالت بـ تلعثم:آآ..أنت..أنت عارف
-إتسعت إبتسامته خبثًا وأكمل:لأ معلش عرفيني...
تأففت بـ حنق ثم أبعدت يده عن خصرها وإبتعدت هى..ضيقت عيناها بـ حدة وأشارت بـ سبابتها تحذيرًا..ثم تشدقت من بين أسنانها
-أنت ع فكرة مش محترم..وأنا هقول لبابا يرجعني...
وضع يده على فكه وظل يحركها عليه بـ بطئ جعلها تتيقن أنها نطقت بـ حروف حمقاء مثلها..وهذا ما سمعته وهو يقترب منها بـ خفة فهد
-عيبك يا بتول الكلب إنك بتنطقي بحاجات أنتي مش قدها
-إبتعلت ريقها بـ صعوبة وهتفت ب شجاعة زائفة:لأ قدها..وهروح دلوقتي...
وقبل أن تتحرك بـ خطوات واهية كان هو ينقض عليها ويحملها على كتفه..تدلت رأسها على خصره وظلت تركل بـ قدميها بعد شهقة قوية صدرت منها غير قادرة على الصړاخ..همست بـ تحذير
-يونس أهلك بره..وهياخدوا عنا فكرة مش حلوة...
لم يرد عليها بل يبدو أنه لم يسمعها من الأساس..وبلا أي مقدمات..رماها على الفراش ومن ثم جثى فوقها..تأوهت هى بـ قوة وكادت أن تنهض ولكنه كبّل حركتها ورفع يده أعلى رأسها..ظهرت إبتسامة متسلية وهو يتشدق
-طب ما ياخدو..ملهمش حاجة عندنا...
ظلت تتلوى أسفله بـ عڼف علها تتملص منه ولكنه كان يتراقص بـ حاجبيه بـ إستفزاز..إلى أن سكنت وهتفت بـ تعب لاهثة
-خلاص تعبت
-إرتسمت ملامح خبيثة على وجهه وقال:خلاص أريحك أنا
-هتفت بـ ذعر:يونس..بلاش تهور...
إنخفض بـ وجهه حتى إقترب من خاصتها وظل يُداعب أنفها بـ أنفه ثم تشدق وهو يراها قد بلغت من الذعر ما يكفي
-خلاص مفيش التهور النهاردة..نخليها بكرة
-زفرت بـ إرتياح وقالت:جميلك دا فوق راسي...
ضحك يونس ملئ فاه ثم نهض عنها..ولكنه ما أن ترك يدها حتى لاحظ حلقته النُحاسية التي لم تنزعه عنها كما وعدته..نظر إلى زيتون عيناها ليجدها تنظر إليه بـ إبتسامة رائعة ثم همس بـ عدم تصديق
-مقلعتيهاش!!
-هزت رأسها بـ نفي ثم قالت وهى لا تزال تحتفظ بـ إبتسامتها:أنا وعدتك..وبعدين دي شبكتي...
لمعت عيناه بـ وهج رائع جعلها تتيه فيه..وإبتسامتها تتسع عشقًا..ليجذب يدها ثم أزال الحلقة من يُمناه تحت نظراتها المُتعجبة ثم وضعها بـ يسراها..رفع يدها وقبلها بـ حنو ثم قال بـ نبرة عذبة مُشبعة بـ العشق
-بعشقك يا بنت السلطان...
وضحكت ملئ فاها على ذلك اللقب الذي لا ينفك ويلقبها به..بالفعل تشعر بـ أنها إبنة سلطان من العصور القديمة ما أن تتواجد بـ جانبه..هدأت ضحكاتها ثم همست بـ فضول
-عوزاك تحكيلي حكاية يونس وعزيزة كلها
-رفع حاجبيه ثم قال بـ مُداعبة:تؤ
-وضعت يدها على صدرها وقالت بـ إلحاح:عشان خاطري
-تراقص بـ حاجبيه مرة أخرى وقال:مش قادر..بعدين...
لوت شدقها بـ ضيق ثم قالت بـعبوس
-خليك فاكر هيجي اليوم اللي هتعوز تحكيلي فيه الحكاية ومش هسمعك
-قرص وجنتها بـ خفة وقال:لما يبقل يجي اليوم..هخليكي تسمعيني ڠصب عنك...
***************************************
أنت بـ خفوت وهى تفتح عيناها..لتجد ظلام يُحيط بها إلا من خيط رفيع من الضوء الصادر عن القمر..رفعت رأسها وهى تتأوه لتتسع عيناها بـ ذعر وهى تتأمل السكون والفراغ حولها..حاولت النهوض ولكنها وجدت نفسها مُكبلة..ظلت تصرخ ولكن خرج صوتها مكتوم من تلك القماشة التي تمنع فمها عن الصړاخ..ظلت تبكي بـ نحيب وخوف..أخذت تتلوى بـ عڼف ونحيبها يزداد...
فُتح باب ذاك المكان الدامس ومعه صوت أزيز مُنفر..تبعه صوت خطوات رتيبة هادئة هدوء يبعث الرهبة في النفوس..توقفت حركتها وظلت تتطلع إلى الجسد الذي يتقدم إليها..كان الظلام يحجب عنها الرؤية..حتى أبصرت وجهه البغيض..إتسعت عيناها بـ هلع وهى تهمس بـ صوتٍ مكتوم
-عز الدين!!!
إبتسامة حقېرة إرتمست على وجهه..ثم دنا بـ جسده الضخم إلى جسدها الضئيل..شعور من الرهبة والذعر تملكها وهى تبصر وجهه وعيناه التي أُصيبت بـ الجنون..كانت تسمع عنه من عدي و سيف ولكنها لم تتخيله بـ ذلك الجنون وقد لمحت بعض الهوس...
إبتلعت ريقها بـ صعوبة وهى تراه ينظر إليها نظرات بثت الړعب في جسدها..مدّ يده ليُزيح القماشة عن فاها ولكنها تراجعت بـ هلع..إرتفع حاجبيه بـ ذهول مُصطنع وقال بـ براءة مريضة
-الله مالك!!..دا أنتي حبيبة الۏحش..معقول تخافي مني..دا سيف حبيبي...
دمعت عيناها مرة أخرى ولم ترد عليه..رفع إبهامه يُزيل العبرات ولم تملك سوى البكاء أكثر وملامحها ظهر عليها النفور جليًا..همس بـ فحيح أفعى سامة
-مكنتش أعرف أنك حلوة أوي كدا..صحيح أول مرة أشوفك والظروف مش مساعدة..بس أحب أتعرف عليكي...
أخفضت رأسها بـ تعب وأكملت نحيب..جلب هو مقعد حديدي كـ المُقيدة عليه وجلس أمامها..رفع يده إلى خُصلاتها الحريرية وبـ حركة سريعة جذبها منها ليرفع وجهها إليه..تأوهت بـ صړاخ حاد ولكنه لم يكترث..مال إلى وجهها وأكمل همسه بـ نعومة
-طول ما أنا بكلمك..متحطيش وشك فـ الأرض...
زاد نحيبها وقد بدأت ضربات قلبها في الټصارع من لهجته وملامحه المُريعة..خفت قبضته عن خصلاتها وأخذ يُملس عليها بـ رقة..همست في داخلها
-أنت واحد مريض...
إبتلعت ريقها الذي جف ثم همست بـ خوف
-آآ..أنت عاوز مني إيه!!
-مستعجلة ليه أدينا بندردش...
توقف عن تمليس خصلاتها وإستراح في جلسته..ثم أكمل حديثها بـ هدوء
-أنتي خطيبة سيف المستقبلية..مش كدا!
توسعت عيناها بـ ذهول ولكن لم تملك سوى أن تومئ بـ رأسها إتقاءًا لجنونه..إبتسم بـ خبث وأكمل
-عظيم..طب هو عارف إن ست الحسن بتعط من وراه..لأ ومع مين!...
شحب وجها بـ درجة كبيرة وقد فقدت قدرتها على النطق..ليُكمل هو حديثه بـ نبرة قاسېة
-الرائد عدي أبو شادي...
ألجمت الصدمة لسانها وقد زاد شحوب وجهها وشفتيها تحولتان إلى اللون الأبيض..شعر هو بـ رجفتها وعيناها التي بدأت في ذرف العبرات مرة أخرى..لتتسع إبتسامته الشيطانية وهو يهمس
-أنا هوريكي عرض مجاني..كمان كام ساعة...
******************************************
جلس على الأريكة بـ ڠضب بعد أن طردته بتول شړ طرده عقب إستفزازه لها..نزع عنه قميصه القطني وبقى عاري الصدر عله يُخفف من حراره جسده التي أصابته من الڠضب..ظل يهز قدمه بـ عصبية ثم نهض بـ عڼف قائلًا
-البيت بيت أبونا والغرب بيطردونا...
وبـ خطوات غاضبة توجه إلى الغُرفة وقبل أن يطرق بابها بـ عڼف..وجدها تفتح الباب مع إبتسامة ناعمة..حدق بها بـ بلاهة وهو يراها ترتدي منامة من اللون البني ذات بنطال واسع من خامة الحرير..تعلوه كنزة من نفس اللون بـ الكاد تصل إلى بداية البنطال وحمالاتها رفيعة..رفيعة جدًا..فـ أظهر جمال منكبيها المرمري...
دلف إلى الغرفة مسلوب الإرادة فارغ الفاه..نسى غضبه وتطاير أدراج الرياح..فتح فاه كي يتحدث ولكن تطايرت الحروف وهو يرى خُصلاتها السوداء الممزوجة بـ اللون الذي حاكى لون منامتها وهو ينسدل حول وجهها كـ هالة..إبتسمت بـ رقة تُذيب القلوب وهى تقول
-مالك يا يونس!
-رد هائمًا:يونس!!..يونس عظيم...
ضحكت بـ رقة أكبر ولم ترد..توجه إليها حتى وقف أمامها ثم همس وعيناه تدور على معالم وجهها الرقيقة
-والمفروض أكون قديس وأنا معاكي بـ المنظر دا..صح!!
أماءت بـ رأسها بـ قوة..ليضع يده على وجهه ويفركه بـ عڼف صاعدًا إلى خصلاته..أخفضت وجهها ولم تتحدث تاركه إياه يتلظى بـ مظهرها الذي يسلب الألباب..تشدق بـ صوتٍ أجش
-روحي نامي يا بتول..وأنا هغير وأجيلك...
-طيب...
قالتها بـ خفوت ومن ثم ركضت إلى الفراش..تمددت عليه ثم أعطت إلى يونس ظهرها والذي كان يتحرك بـ عصبية إرتفاعًا وهبوطًا..أبدل ثيابه إلى بنطال قماشي من اللون الأسود يعلوه كنزة بلا أكمام من ذات اللون وإتجه إليها..ظل يزفر عدة مرات بـ ضيق وقلبه كـ مضخة جبارة لا يستطيع إسكاتها..فـ قربها منه إلى تلك الدرجة وهنام رابط قوي يربطهم يجعله في موقف لا يحسد عليه...
رفع الغطاء وتمدد عليه مُعطيٌا ظهره إليها..أغمض عيناه يستجدي النوم وكذلك أنفاسه الهاربة والتي توقفت وهو يشعر بـ أنفاسها ټحرق ظهره..تصلب جسده كله وما زاد تلك الصاعقة التي ضړبت مراكزه الحسية ما أن شعر بـ يدها تلتف حول خصره..ثم سمع همسها الخجول
-كنت عاوزة أجرب إحساسي وأنا حضناك...
ثم دفنت رأسها في ظهره تتنفس رائحته الرجولية بـ عمق..ستهلكه..ستهكله لا محالة..لا يتسطيع التحكم في نفسه بـ مجرد قربها والآن تُبادر بـ إحتضانه..إبتسم بـ عشق لتلتف يده حول يدها المُلتفة حوله ثم رفعها وقبلها..همس بـ نبرو عذبة تبعث الأمان في نفسها
-تصبحي على جنة
-إتسعت إبتسامتها وهى تهمس بـ حب:وأنت من أهل الجنة...
***************************************
إرتدى ملابسه بـ عشوائية ولم يهتم إلى هيئته..أخذ هاتفه ومفاتيح سيارته وإنطلق لا يدري إلى أين..إتصل بـ عز الدين ولكنه لا يرد..مرة وأثنان وثلاث ولكن لا رد..صړخ بـ صوته كله وهو يُدير المُحرك...
إنطلقت السيارة ومعها رنين هاتفه..أخرجه ليجده عز..فتح الخط وصړخ بـ كره
-أقسم بالله ھقتلك يا عز خلاص أنت جبت أخرك معايا...
أتاه صوت عز الدين يضحك بـ صخب ثم تشدق بـ عتاب خبيث
-أخص عليك يا سيف..وأنا اللي كنت هقولك تعالى عشان تستلم السنيورة...
تجمدت ملامح سيف وكذلك يده القابضة على الهاتف..فـ أكمل عز الدين بـ فحيح أفعى
-تعالى ع العنوان دا وهتلاقي روضة هناك
-هدر سيف:عاوز أسمع صوتها
-من عنيا...
ثم سمع صوت خطوات وبعدها بكاء مكتوم..ثم صوت روضة الضعيف يهمس
-سيف!!
-رد عليها سيف بـ لهفة:أيوة يا قلب سيف..أذاكي؟!
ولكنه لم يستمع إلى ردها بل إلى صوته الكريه وهو يقول
-أهي كويسة أهي ومش ناقصة صابع حتى..تعالَ ع العنوان اللي هديهولك...
ثم أملاه العنوان و سيف قد قست ملامحه دون أن يرد..أكمل عز الدين حديثه بـ جدية إتسمت بـ الخبث
-تعالَ بعد ساعتين وهتلاقيها هناك...
ولم يمنحه الوقت للرد إذ أغلق الهاتف بـ وجهه...
وعلى الجانب الأخر..مال عز الدين إليها وقال بـ فحيح أفعى
-إستعدي للـ show (العرض) اللي هيحصل
ملس على وجنتها بـ تقزز ثم عبث بـ هاتفه..ثوان وفُتح الخط ثم جاء صوته الرخيم
-أيوة مين!!
إتسعت عيناها بـ هلع وقد فطنت لمخططه القذر..إرتفع نشيجها وأخذت تتلوى بـ عڼف..نظر إليها عز الدين بلا مبالاه ثم رد على عدي بـ صوتٍ ماكر
-عندي أمانة تخصك!
-جاؤه صوت عدي الغاضب:أمانة إيه يا ***!
-رد عز الدين بـ عبوس:طب وليه الغلط!..عمومًا هسمعك صوتها...
مد الهاتف إلى فاها ثم قال بـ نبرة شيطانية
-سلمي على حبيب القلب
هزت رأسها بـ نفي..لتتلقى صڤعة مدوية على وجنتها جعلتها تتأوه..ثم عاد حديثه بـ صوتٍ جهوري
-إخلصي
-همست بـ نحيب:عدي...
تسارعت أنفاس عدي في تلك اللحظة وقد أظلمت عيناه بـ درجة مرعبة..ولكنه قد بدى وأنه فقد النطق..جاؤه صوت عز الدين الذي تحدث بـ مكر
-إيه رأيك فـ المفاجأة؟..تهوس مش كدا؟!
-صدح صوت عدي الجهوري:أقسم بربي لو لمستها لكون قټلك بـ أبشع الطرق...
قهقه عز الدين بلا أي مرح ثم قال بـ تجهم
-قدامك ساعتين بالظبط..تيجي تستلمها ومعاك الـ***أخوك..غير كدا صدقني هتستلمها چثة متقطعة...
أملاه العنوان وهو يستمع إلى سباب عدي إلا أنه لم يعطِ للأمر أهمية وأغلق الهاتف..دسه في جيب بنطاله..ثم إنحنى ومر بـ إبهامه على وجنتها إلى عنقها هامسًا بـ إنتشاء
-أتمنى إن عرضي البسيط يعجبك...
وتحرك بـ خطىٍ رتيبة كما دلف تمامًا..تاركًا إياها في الظلام يُؤنسها نشيجها...
****************************************
فتحت جفنيها بـ تثاقل وهى تشعر بـ ألم رهيب في رأسها..كل ما تتذكره أنها إنتفضت فزعة على صوت عدي وهو يزأر كـ أسد جريح...
"عودة إلى وقتٍ سابق"
إنتفضت من نومها وصوت عدي قد صدح بـ الخارج
-يونس..بسرعة أطلع...
نهض يونس مُسرعًا وقد إنتفض قلبه بـ فزع..فتح باب الغُرفة ليجد عدي يسحبه وقد هاله منظر وجهه البشع..تساءل يونس بـ قلب مُنقبض
-في إيه يا عدي؟!
-رد عدي بـ كلمات إمتلأت رعبًا:خطڤها..خطڤها يا يونس ومحتاج مساعدتك
أوقفه يونس جبرًا وقد خرج الجميع على صوت عدي..ثم تساءل بـ هدوء
-مين اللي خطڤوها!!
-روضة..أبوس إيدك يلا قبل ما يعمل حاجة فيها
-لم يفكر مرتان:ثواني هلبس وجاي...
ثم تركه ودلف يُبدل ملابسه..توجهت بتول تُواسيه وقد إرتسمت ملامح الحزن على وجهها
-هتلاقيها إن شاء الله
-رمقها بـ قسۏة قائًلا:أنتي السبب..لو جرالها حاجة..مش هتكفيني عيلتك
شهقت بتول ولم ترد. بينما إلتمعت عيناها بـ عبرات أبت النزول..نهره والدته و والده كما أنهم واسوه..ربتت صفوة عل كتفها وقالت بـ إحراج
-معلش يا بنتي أكيد ميقصدش
-إبتسمت بـ بهوت وقالت:أكيد يا طنط ربنا معاه...
خرج يونس في تلك اللحظة وسحب عدي خلفه..دون حديث دون وداع..هكذا تركهم جميعًا..كانت تعلم جيدًا أن الحړب القڈرة ستشتعل ولكنها مبكرًا..فلم يكد يفوت أكثر من ساعات حتى بدأ عز الدين في شن هجومه...
دلفت إلى الغرفة واجمة..ولكنها إستمعت إلى صوت هاتفها والذي أعلن عن وصول رسالةً ما..فتحتها فـ وجدتها من يونس يطلب منها على عجالة جلب سلاحھ..قذفت الهاتف ثم أخذت تبحث عن ذاك السلاح فـ وجدت أحدهم دون أن تعلم ما نوعه حتى..وضعت سترة سوداء على كنزتها الڤاضحة وخرجت..سألتها والدة يونس فـ أخبرتها بـ إختصار ثم تحركت سريعًا حتى لا تتأخر...
لكنها لم تكد تخطو خارج المنزل حتى وجدت من يُكمم فاها ثم ضړبة على رأسها أفقدتها الوعي...
"عودة إلى الوقت الحالي"
وأفيقت هنا على ذلك الفراش الغريب عنها..نهضت بـ تثاقل وهى لا تزال تترنح إثر الدوار..توجهت إلى باب الغُرفة وكادت أن تفتحه إلا أنه فُتح على مصرعه ليدلف هو..إرتجف بدنها بـ قوة وقد شحب وجهها فجأة كـ شحوب المۏتى..إتسعت عيناها هلعًا وهى تهمس بـ ړعب
-عز الدين!!
إبتسم أبشع إبتسامة قد تراها يومًا وهو يقترب منها..أغلق الباب خلفه..ثم نظر إليها بـ نظرات أحړقتها..عقد ذراعيه أمام صدره وقال بـ غموض
-عارفة أنتي فين؟!
لم ترد عليه بل ظلت تتراجع..إلا أنه صړخ بها بـ صوته الجهوري
-ردي..عارفة أنتي فين؟!
هزت رأسها سلبًا..ليعود ويتقدم منها بـ خطاه التي تُسبب الړعب في النفوس..ثم أكمل حديثه بـ مرارة
-دا المفروض هيكون بيتنا..دا بيتنا يا بتول..كنت عاملهولك مفاجأة...
إبتلعت ريقها بـصعوبة وهى تشعر بـ إنسداد حلقها..ثم همست بـ خوف
-عز..سبني أمشي بالله عليك...
توقف لحظة ثم عاد يتقدم منها وقال بـ هدوء خطېر
-عاوزة تمشي عشان تروحيله!!..نجوم السما أقربلك...
صمت ثم أكمل بـ قسۏة وقتامة
-البيت دا كان هيشهد على حبنا..دلوقتي هيشهد على حاجة تانية...
كانت تتراجع وهى تهز رأسها بـ هستيرية..ولكنه بـ لمح البصر جذبها من ذراعها بـ قوة..لتصرخ صړخة شقت هذا الهدوء القاټل..أمسكها من كِلا ذراعيها وضغط بـ قسۏة عليهما..ثم إقترب منها وأخذ يشتم عبقها..أغمضت عيناها بـ نفور وأكملت نحيبها الهلِع..تشدق عز الدين بـ ڠضب و صوته دوى كـ الرعد
-أنا شامم فيكي ريحته..هو لمسك صح؟!
إرتفع نحيبها مع صوت الصرخات إلا أنه هزها بـ عڼف
-ردي عليا..لمسك!..سبتيه يلمسك ليه!..أنتي كلك ملكي..أنا بس اللي مسموحلي ألمسك...
ثم دفعها بـ عڼف إلى الفراش لتتسع عيناها بـ هلع وإزدادت صراختها قوة..كبل هو يديها أعلى رأسها وبـ قدميه كبّل قدماها..إقترب من وجهها وهمس بـ حدة وشهوة
-كنت مانع نفسي عنك عشان خاطرك..وفـ الأخر تخليه يلمسك!!..لأ يا بتول..أنتي كل حاجة فيكي بتاعي..مش هتخرجي من هنا غير وأنا مالكك..
ثم مال أكثر وهمس في أذنها ما جمدها وجعل الډماء تهرب من عروقها
-أنا عاوز أدوق اللي داقه يونس...
وكانت الصرخات تتوالى ولكنه يكتمها بـ شفتيه القذرتين..صفعها عدة مرات ولكن مقاومتها لم تخبو..ظلت تتحرك أسفله بـ هستيرية إلا أنه لم يزده إلا إصرارًا..مال على عنقها يلتهمه وهى لا تزال تصرخ حتى شعرت بـ أحبالها تتمزق..وفي ظل غمرته أفلت يدها لكي يشق كنزتها فـ إستغلت ذلك وخدشته في وجهه بـ أظافرها..تأوه عز الدين وإبتعد عنها...
إستغلت تلك الفرصة ونهضت تركض..إلا أنه أمسك قدمها لتقع أرضًا..سحبها له لتعود وتصرخ..إلا أنها ركلته بـ قدمها في وجهه ونهضت بسرعة تركض...
فتحت باب الغرفة لتسمع صوت أقدامه خلفها..إزدادت هلعًا لتخرج من الغرفة سريعًا..إلا أنه أمسك يدها لتظل تجذب نفسها بـ عڼف وكانا قد وصلا إلى الردهة..وفي ظل شراسته لم تجد سوى أن تنبش أظافرها بـ معصمه وهى تجذب نفسها..وتحت شراسة أظافرها ترك يدها مُتأوهًا..إختل توازنها لتعود بضع خطوات إلى الخلف لتجد نفسها تتخطى سور الردهة القصير وصړخة وحيدة طويلة إتطلقت منها قبل أن يسمع صوت إرتطام عڼيف على الأرضية الرخامية...
إتسعت عيناه بـ صدمة ثم إتجه إلى السور بـ خطى بطيئة ونظر إلى الأسفل..ليجد جسدها يفترش الأرضية وبقعة الډماء تتسع حول رأسها..ساكنة بلا حراك..همس بـ شرود
-أنا قټلتها
الفصل الأخير
أحبك جداً
وأعرف أني أسافر في بحر عينيك دون يقين
وأترك عقلي ورائي وأركض أركض أركض خلف جنونـي
أيا امرأة تمسك القلب بين يديها سألتك بالله لا تتركيني لا تتركيني فماذا أكون أنا إذا لم تكوني
أحبك جداً وجداً وجداً وأرفض من نـار حبك أن أستقيلا
وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقلا.!!!.
دلف كـ المچنون وهو يزأر بـ صوته
-بتوووول..بتـ...
ولكن توقفت الكلمات في حلقه وتصلب جسده كله ما أن وقعت عيناه على بقعةً ما..شعر بـ أن روحه تُسحب منه بـ طريقة مُؤلمة..مُؤلمة للغاية..تجمعت العبرات في عيناه وأخذت تسيل على وجنتيه في سباق..توجه بـ ساقين مُتخاذلتين إليها..جثى على ركبيته وهزها بـ رفق ثم قال بـ إبتسامة مهزوزة وقلبًا يخفق بـ ړعب
-بتول قومي وبلاش هزار..قومي عشان خاطري..متسبنيش كدا وتمشي...
ولكن لا رد..وبدأ هو في هزها بـ قوة وهو يهتف بـ ڠضب وذهن لا يُريد تصديق تلك النهاية البشعة
-قومي وبطلي هزارك السخيف دا..أنا مش هستحمل هزار من النوع دا
وأيضًا لا رد..صدى صوته هو كان مؤنسه الوحيد..علا صوت نحيبه وهو يجذب رأسها إلى صدره وصړخ بـ ۏجع..صړخة تلتها صړخة تُعلن عن إستسلام قلب عاشق خفق بـ جنون لمن قررت الرحيل..هكذا دون وداع...
شدد من إحتضان رأسها إلى صدره وأخذ يتأرجح إلى الأمام والخلف وصوت صرخاته مُمتزج بـ بكاء رجل هُزم في حربه شړ هزيمة...
أغمض عيناه بـ ألم وتضرع وهو يضم جسدها إليه..ذراعها مفرودان على الأرضية يهتزان مع إهتزاز جسد يونس ورأسها مدفون في صدره الذي تلوث بـ دماءها..ظل يبكي ويكبي وما تلا ذلك لم يشعر به..من دلوف شيقيقه والذي أخذ منه الأمر سويعات حتى يستدرك ماحدث..ولم يشعر بـ إنتزاعه لها من بين يديه وركضه إلى الخارج بها..ليركض خلفه و صوت عدي يصدح بـ صرامة ولكنها وصلت مشوشة إلى يونس
-هنطلع ع المستشفى العسكري..هى أقرب مستشفى
-ولكن رد يونس بـ شرود حزين:بس هى ماټت...
لم يستوعب يونس تلك الصڤعة التي دوت على وجهه..ثم نظر إلى عدي بـ وجهً مصډوم..إلا أن الأخير صړخ بـ جموح
-فوق يا يونس..بتول عايشة وأنتو هتعيشوا اللي معشتهوش...
ثم جذبه وأدخله إلى السيارة عنوة..وفي ثوان إنطلقت السيارة مُحدثة صرير تقشعر له الأبدان...
وها هم بـ المشفى وما يمر به يونس ما هو إلا عرض سنيمائي أقنع به نفسه المُلتاعة..لحظات وأتى الفراش المُتنقل وبعض الممرضين يجروه خلفهم وبتول مُستلقية عليه بـ هدوء لا يعجبه..فهو إعتادها صاخبة ولا يزال يُريدها صاخبة..أما ذاك الهدوء فـ كم أشعره بـ النفور والضعف..دلفوا إلى غرفة الجراحة ومن ثم أمرهم الطبيب والذي كان يعرف يونس جيدًا
-أستنى هنا يا سيادة المقدم..وإن شاء الله هتكون كويسة...
رفع أنظاره إلى الطبيب وبـ الفعل كان يحتاج إلى أن يُطمأنه أحدًا ما..دلف الطبيب تاركًا يونس يُكمل بكاء..حقًا لقد شعر بـ الضعف والضياع من دونها...
****************************************
سار في الطرقات هائم الوجه..شريد القدمان..لم يأبه لـ أؤلئك الذين أخذوا يتهامسون عنه..بل ظل واجم الوجه..ولسان حاله ينطق بـ لا وعي
-أنا قټلتها..قټلت بتول..قټلت حلمي والحاجة النضيفة اللي فـ حياتي...
ذرف العبرات وأخذ يُكمل بـ صړاخ
-خلاص معدتش موجودة..قټلتها وهى كرهاني...
ولم يجد نفسه سوى أمام أحد الأقسام..دلف إليه مُحطم النفس ورثّ الهيئة لم يقترب منه أحد فهم يعلمون من هو..وأول مكتب قابله دلفه لينتفض الضابط واقفًا بـ قلق
-سيادة الوزير!!...
ثم قال بـ لهفة
-أتفضل..أتفضل...
رفع عز أنظاره الضائعة وهمس بـ عدم تصديق لما آثمته يداه
-أنا قټلتها
-تعجب الضابط وتساءل:أفندم!
-همس مرة أخرى بـ شرود أكبر:سبتها تقع..أنا قټلتها...
تقدم الضابط منه و وضع يده على منكبه وقال ب توجس
-طب إتفضل إقعد
-دفعه عز بـ عڼف ثم هتف بـ شراسة:بقولك قټلتها..يعني إرميني فـ الحبس..إعدمني..أنا قټلتها...
حاول الضابط تهدئته ولكن عز الدين ظل يدفعه وأخذ ېصرخ بـ ۏحشية
-أنا قاټل..أنا قټلت الحاجة النضيفة فـ حياتي..وديني الحبس..عاوز أتعفن فيه
-لم يجد الضابط سوى أن يقول بـ خنوع:طيب..طيب..زي ما حضرتك تؤمر...
وفعل ما طلبه من أجل عز الدين والذي بدى أنه على حافة الجنون أو أنه سقط في هوة الجنون..جلس الضابط ثم رفع سماعة هاتفه وتحدث إلى أحدهم...
*****************************************
كان يونس جالس على الأرضية يضع رأسه بين كفيه وعدي بـ جانبه يتذكر ما حدث في الساعات الفائتة...
"عودة إلى وقتٍ سابق"
كان عدي يقود السيارة ويداه تشتد على المقود بـ عڼف حتى كاد أن يُهشمه..ويونس بـ جانبه يُحاول تهدئته..إلا أن عدي صړخ
-الـ***..مش هرحمه والله مش هرحمه
-ربت يونس على منكبه وقال بـ هدوء:إهدى يا عدي..هو عايزني وأدينا رايحين
-تأسف عدي بـ ألم:أسف يا يونس..بسلـ...
-ولكن يونس قاطعه بـ إبتسامة:متقولش كدا أنت أخويا وأفديك بروحي...
لم يرد عدي ولم يبتسم من الأساس وكل شئ يسير ضده وضد شقيقه الذي لم تدم فرحته سوى سويعات...
وبعد نصف ساعة وصلا إلى المكان المنشود..ترجل عدي من السيارة بسرعة دون أن يستمع إلى نداءات شقيقه..تقاتلا مع رجلين من ذوي العضلات المفتولة..ودلفا من الباب في نفس الوقت الذي دلف من سيف من باب أخر..وبقى الثلاثة يُحدقون بـ بعضهم بـ شراسة وحقد..وروضة في المنتصف تصرخ وتبكي...
كان أول من تحرك هو سيف..بينما عدي كاد أن يتحرك وېقتله إلا أن يونس أمسكه وعيناه مُثبتتان على روضة وسيف...
حلّ سيف قيد روضة التي ثبتت نظرها بـ ړعب على عدي والذي كانت نظراته جامدة..شرسة..تحوي الشړ الذي كانت تتوقع أن تراه..وقف أمامها ثم أنهضها وتساءل بـ لهفة
-عملك حاجة!..أذاكي؟!...
هزت روضة رأسها ب نفي وعيناه لا تزال مُثبتتان على عدي..والذي تحرك خطوات هادئة بعدما نفض يده من يونس..ثم قال بـ صوتٍ هادئ ولكنه يحوي شيئًا من الخطۏرة
-إبعد عنها...
وبـ الرغم من تعجب سيف من الحديث وطلبه الغريب..إلا أنه إبتعد عن روضة وإلتفت إلى عدي وعلى ثغره إبتسامة ماكرة..وهتف بـ تسلية
-سيادة الرائد عدي!..إيه سر الزيارة دي !
لم يرد عدي بل بقى جامدًا ومن ثم تحرك مرة أخرى وهمس بـ حدة
-قولتلك إبعد عنها أحسنلك
-عقد سيف ذراعيه أمام صدره وقال بـ هدوء:بمناسبة إيه!..عارف إن عز إستدرجنا إحنا كلنا عشان نخلص على بعض..بس ليه يا ترى!!
نطق الأخيرة بـ نبرة ذات مغزى وهو ينظر إلى يونس الذي وقف مُتأهبًا شاعرًا بـ إنقباضة عڼيفة رجت قلبه...
كانت روضة تبكي وتدعو الله في نفسها أن يخرج الجميع سالمًا من هذا الچحيم..إلا أن صوت سيف البغيض همس
-وبما أنه تعب عما جابنا..فـ إحنا هنحققله أمنيته...
ثم أخرج سلاحھ تحت أنظار عدي و يونس المشدوهه وقذفه إلى رُكنًا بعيد وقال بـ شيطانية
-إيه رأيك نبدأ بيك يا سيادة الرائد
-همست روضة من خلفه وهى تضم قبتضيها إلى صدرها:لأ...
ولكن لم يستمع أحد ويبدو أن عدي كان ينتظر تلك المواجهه فعل المثل ولحظات وھجما على بعضهما البعض..دارت معركة طاحنة بين الأثنين وروضة تصرخ وكادت أن تركض للفصل بينهما لكن يونس منعها..نفى بـ رأسه قائلًا
-مټخافيش على عدي...
هذا ما نطقه بـ جمود ولكن داخله براكين تثور من جملة سيف الغير مفهومة أخذ يُتابع المعركة الدائرة في أستعداد إن حدث شئ..وكما توقع كان النصر حليف سيف وهو يُشهر مسدسه إلى وجه عدي..ومنه إلى يونس ثم قال بـ خبث
-نزل سلاحک يا حضرة المقدم..نزله...
ظل يونس مُتصلب الجسد وعضلاته تأبى الإنصياع إلى أوامره..ضحك سيف وقال بـتحذير
-يلا يا سيادة المقدم...
وبـ الفعل قڈف السلاح إلى قدم سيف وظل ينظر إليه بـ جمود..كانت روضة تصرخ وتبكي إلى أن لاحظت سلاح عدي في أحد الأركان..نظرت إلى سيف الموليها ظهره ثم إتجهت بـ خطى ثقيلة إلىالسلاح..وفي تلك الأثناء تشدق سيف قائًلا
-مش عاوز تعرف عز الدين قصده إيه من وجودنا هنا!!
تصلبت عضلات فكه وما لبثت أن إتسعت عيناه هلعًا وهو يهمس بـ خوفًا بائن
-بتووول
-ضحك سيف وقال:اسم الله عليك..بتول
كور يونس قبضته وقد طار كل هدوءه وثقته أدراج الرياح وسيف يُكمل
-بيرجع الحق اللي أخدته منه..لأ وعارف أخدها فين؟
عاد يُكمل ضحك وهويستشعر لذة الإنتصار ناظرًا إلى يونس الذي كاد ينفجر غضبًا وهلعًا..إلا أن صوت روضة الجامد جذب كل الأنظار إليها
-سيب مسدسك يا سيف...
إستدار بـ بطء وهو يراها تُشهر السلاح في وجهه وعيناه تلمعان بـ عزيمة لا يعلم أهى لقټله أم لسلامته!..همس سيف بـ إبتسامة متوجسة
-سيبي المسډس يا حبيبتي..أنا هخلص عليهم وهنمشي مع بعض
-صړخت روضة بـ عصبية:متقوليش حبيبتي..أنا عمري ما كنت حبيبتك ولا هكون..أنا مبحبكش..وبكره الوقت اللي بقضيه معاك..کرهت نفسي لما بسمحلك تلمس إيدي..کرهت وساختك وعدم ضميرك...
شحب وجه سيف تدريجيًا وهو يسألها بـ توتر
-يعني إيه!!..أنتي كنت بتضحكي عليا!..طب وحبي ليكي و و...
لم يستطع الحديث أكثر وهو يشعر بـ غصة في حلقه..وخاصةً تحت نظراتها الجامدة وملامحها التي لم تتقلص إلى الندم..فـ أكمل
-يعني عمرك ما حبتيني!..كل دا وهم عيشتيني فيه!!..طب ليه؟!
صړخ بـ الأخيرة لتصرخ بـ المثل
-لأخويا اللي قټلتوه بدم بارد لما دخل السچن بسببكوا..لنفسي وأمي اللي ضاعوا بسببكوا..لحاجات كتير أوي..أهمها كرهي ليكم...
ثم تشدقت بـ حدة
-ودلوقتي سيبه وسيب المسډس بدل أما أقتلك
-همس بـ عدم تصديق وكأنه أدرك لتو:بتحبيه!
لم ترد عليه وظلت تنظر إليه بـ كره..ليعود وېصرخ
-بتحبيه؟!
-هتفت بـ قوة:أكتر من أي حد فـ حياتي...
كان يونس يقف على أحر من الجمر وهو يُتابع ذلك الحديث ويتمنى أن يعلم أين هى بتول وأين أخذها عز الدين..وعدي الذي كان ېصرخ بهم أن يوقفا هذا الحديث ولكن لا أحد يستجيب..كان ېصرخ بـ سيف أن يحدثه هو لا روضة ولكن لا حاية لمن تُنادي...
بينما سيف كان على وشك الإصابة بـ ذبحة صدرية..أخفض رأسه ثم رفعها مرة أخرى وأبتسم قائلًا
-كنت عاوز أنضف عشانك..عشان أستحقك..كنت عاوزلك ديمًا الخير والأحسن..لو كنت شايف سعادتك بمۏتي كنت قټلت نفسي...
تعجبت روضة من هدوءه وحديثه فـ إبتلعت ريقها بـ توجس ولم تتحدث. هتف سيف بـ غموض
-عز الدين عنده بيت فـ......دا كان البيت اللي هيتجوزا فيه..هتلاقيها هناك أكيد...
ثم نظر إلى روضة وهو يرى كم الكره والحقد النافذ من عينيها وأدرك أنها النهاية هى لم تحبه ولن تحبه قط..كلن يشعر بها ولكنه أوهم نفسه أنها تشعر بـ النفور من عمله..يرى التصميم على قټله في سبيل إنقاذه..يرى كم تعشقه ونظراتها تنضح قلقًا وخوفًا عليه..إبتلع تلك الغصة المريرة في حلقه ثم قال بـ إبتسامة
-عاوزك تعرفي يا روضة أني حبيتك..حبك كان الشئ الطاهر فـ حياتي..حبك الحاجة الوحيدة اللي مش هندم عليها..سلام
تصاعدت ضربات قلبها وهى تستمع إلى حديثه الغريب وتتساءل عما أصابه من جنون..ثوان وإتسعت حدقتيها بـ ړعب وهى تراه يرفع السلاح إلى رأسه مُبتسمًا ثم أطلق الڼار لتخترق رأسه من أحد جوانبها..ويسقط بعدها چثة هامدة وسط صرخات روضة ودموعها المُرتعبة...
وما تلا ذلك ركضهم خارج المكان وإيصال روضة إلى منزلهم وإنطلاقهم إلى ذاك المنزل وبعدها المفاجأة المفجعة...
"عودة إلى الوقت الحالي"
تنهد عدي بـ حزن وهو يرى أخيه في قمة ضعفه وعجزه..ربت على منكبه وقال بـ مواساه
-هتكون بخير إن شاء الله...
وبعد لحظات خرج الطبيب..فـ إنتفض يونس يسأله بـ لهفة
-بقت كويسة مش كدا!
-إبتسم الطبيب بـ مجاملة ثم قال:الحمد لله ربنا كتبلها عمر جديد...
تنفس يونس الصعداء وكأن روحه عادت إليه..ثم إستمع إلى باقي حديث الطبيب
-حاليًا المؤشرات مستقرة..لكن الخبطة كانت جامدة جدًا ع المخ عشان كدا هى دخلت فـ غيبوبة
-تلاشت إبتسامة يونس وسأل بـ قلق:يعني إيه؟!
-يعني دي حاجة طبيعية..المسافة مكنتش هينة والڼزيف كان شديد..بس إحنا سيطرنا ع الوضع وإن شاء الله لما الحالة تتحسن هتفوق...
ثم تحرك الطبيب ولكنه عاد مرة أخرى يُخرج شيئًا من جيب مئزره الطبي
-إحنا إضطرينا نشيل الخاتم من إيدها..إتفضل...
أخذه يونس وقبض عليه بـ قوة دون حديث...
*****************************************
بعد عدة ساعات كان يجلس بـ جانبها على الفراش..يُملس على رأسها بـ رقته المعهودة وإبتسامته التي أصبحت حزينة..عينان تذرفان الدمع دون إنقطاع وهو يراها ساكنة ذات وجه شاحب ورأسها يُحيطه الشاش الطبي..همس بـ صوتٍ مبحوح
-أسف يا حبيبتي خذلتك..أسف إني جيت متأخر...
إنخفض يُقبل جبينها بـ حنو ولم يسلم من العبرات التي بللته..ثم عاد يهمس بـ ألم
-أسف..والله أسف وهاخد بالي منك بس إرجعيلي..إرجعيلي..أنتي وحشاني..وحشاني أوي...
وأجهش في بُكاء مرير..إشاراتها الطبية تصدر صوتًا يبعث الإنقباض بـ لحنه الرتيب..مسح عبراته بعد مدة من البكاء وأخذ يتلو بعض أيات القرآن بـ صوته العذب ذات البحة الطبيعية..ثم حدثها بـ ندم
-يارتني كنت حكيتلك حكاية يونس وعزيزة..ليه قولتي ان هيجي اليوم اللي مش هعرف أحكيلك فيه؟..كان قلبك حاسس واليوم جه قريب أوي..أوي أوي..
تنهد بـ حرارة ثم قال بـ إصرار
-إصحيلي أنتي بس وأنا هحكيلك كل اللي نفسك فيه...
ولكن صوت الأجهزة الطبية طغى على صوت تنفسه..هى لا تجيب والغُرفة تبدو كئيبة..وهو يشعر بـ الإختناق..ولكنه لن يتركها أبدًا...
إنحنى بـ رأسه مره أخرى وقبلها على شفتيها المفتوحة الموضوع به خرطومًا ما ثم همس بـ لوعة
-بحبك با بنت السلطان...
***************************************
بعد مرور شهر....
كان يجلس على ذلك المقعد الموضوع بـ جانب النافذة التي تطل على حديقة تعج بـ المرضى وحولهم الأطباء و بعض الأهالي..يجلس مُنذ ما يُقارب عشرون يومًا بعدما أحاله الطبيب الذي قررأنه يجب نقله إلى مشفى الأمراض العقلية..نظرًا لحالته التي كان يهذي بها مُنذ أن دلف إلى القسم...
الأحداث تتوالى أمام عينه..يُقبلها بـشراسة وهى تهرب..يترك يدها ألمًا وهى تسقط فاقدة الحياة..أغمض عيناه ودمعتان وحيدتان هبطتان على وجنتيه..وظل يُردد عبارته الهستيرية
-أنا قټلتها..قټلت الحاجة النضيفة فـ حياتي...
لم يتوقف عن ترتديها مُذ أن نقلوه إلى هنا..تذكر أنه بعد أيام قليلة كان قد تم نقله بعد مُعاينة الطبيب له والأحداث التالية كانت مُبهمة...
سمع صوت أقدام تدلف إلى الغُرفة وصوت إغلاق الباب والأقدام تقترب..لم ينظر ولم يتحدث كعادته..إلا أن ظل جلس أمامه على الطاولة..رفع عز الدين أنظاره ليجد يونس يجلس أمامه بـ جمود...
لم يُصدم عز الدين بل نظر إليه نظرة خالية من الحياة وعاد ينظر إلى النافذة..أخرج يونس من خلف جذعه سلاحًا ما ثم وضعه على الطاولة وقال بـ جمود ونبرة مېتة
-ماټت...
ثم تركه و رحل..أغلق الباب خلفه..مضى في طريقه وسمع صوت طلق ڼاري من غُرفته..لم يجفل ولم يشعر بـ الصدمة وظل يسير بـ خيلاء يشعر بـ إنتصار عظيم وها قد إنتقم لذاته وإنتقم لها..إنتقم لحبيبته ولكنه ناقصًا يشعر بـ الفراغ والألم لعدم وجودها..يتدافع العاملين بـ المشفى يتخبطون به وهو لا يتأثر بهم إطلاقًا بل تفكيره إنحصر عن تلك الغائبة عن عالمهم ولم يشعر بـ عبراته التي ڠرقت وجنته....
*****************************************
وبعد مرور شهر أخر..كانت والدة بتول تجلس معها بـ الغرفة تقرأ بـ المصحف الشريف وبعد أن أنتهت ظلت تضرع إلى الله..فُتح الباب بعد قليل يطل منه يونس وعلى وجه إبتسامة صغيرة..إبتسمت بدرية ونهضت..ربتت على كتفه وقالت بـ خفوت
-متيأسش يابني
إبتسم يونس بـ بهوت وقلبًا لا يضخ سوى عشقًا خالصًا لها..جلس على نفس مقعد والدتها ثم أمسك يدها يُقبلها كـ عادته مُنذ ستين يومًا ثم أخرج الحلقة النُحاسية من جيب بنطاله وهمس بـ حنو
-بقالك كتير مش لابساها..وأنتي وعدتيني...
أمسك يدها اليُسرى ثم ألبسها الحلقة ولم يترك يدها بل إنحنى بـ جذعه أكثر ويده الأخرى تُملس على خُصلاتها التي إستطالت قليلًا..وأكمل حديثه بـ إبتسامة حزينة
-هحكيلك حكاية يونس وعزيزة..بس تفوقي بعدها...
ضحك على عبارته ولكنه أكملت يداه سيرها على خُصلاتها ثم أكمل بـ شرود
-يونس دا يا ستي كان ابن اخت أبو زيد الهلالي..كان فيه واحدة اسمها عزيزة بنت معبد السلطان حاكم تونس..كانت بتحب يونس حب مش عادي..عرضت عليه كتير مقابل بس انه يحبها بس برضو مقدرتش..انتهت بحپسها ليه لمدة سبع سنين ولما عرضت عليه الجواز مقابل أنها تفك أسره..رفض وقالها مينفعش الحرية تكون مشروطة..مينفعش أقايض حريتي بـ مشاعري..بس هو فضل أسير عندها لحد أما أبو زيد فك أسره...
تلألأت العبرات في عيناه وهمس بـ ضحك
-يونس اللي فـ القصة نال حيرته..بس يونس الحقيقي لسه منلهاش...
تشوشت الرؤية بـ فعل تلك العبرات التي أبت الإنهمار..إلا أن الصدمة أاجمته وهو يشعر بـ تأوه خاڤت يصدر عنها..أزال عبراته ليجدها بـ الفعل تُكابح من أجل فتح عيناها...
لا يعلم كم إنتابته المشاعر..تتنقل من الصدمة إلى عدم الإستيعاب إلى السعادة..وجدها تبتسم وتقول بـ نعومة
-هاي...
ضحك يونس بـ تحشرج ولا تزال يده تُملس على خُصلاتها وهمس بـ المقابل
-هاي
رفعت يدها تُملس على ذقنه التي إستطالت وهتفت بـ شوق حقيقي
-وحشتني..أوي
إنهال عليها يُقبل وجنتها وجبهتها ويدها ثم قال بـ صوتٍ مبحوح
-وأنتي وحشتيني أوي..أوي يا قلب يونس وروح يونس من جوه...
ضحكت بتول ولا تزال يدها على وجنته وعيناها تسيران وتلتهمان من ملامحه التي إشتاقت إليها..لروحه التي تبعث في نفسها الإطمئنان..لعيناه التي تُخبرانها بـ أن العالم جميل..وهو فعل بـ المثل ولكن نظره مُثبت على عيناها التي إشتاقها حد الجنون..إلى زيتون عيناها الذي يتيه فيهما بـ كامل قواه العقلية..همس يونس بـ صوته العذب
-بحبك يا بنت السلطان
-ردت عليه يونس بـ نبرة أكثر عذوبة:وأنا بمۏت فيك يا أسير بنت السلطان...
*****************************************
بعد يومان كان يُطعهما طعام الإفطار وذهنه شارد..بعد أن إستيقظت وإقتظت الغرفة بـ العائلة..سألته بتول عما حدث وأنها لا تتذكر أي شئ..كيف حدث هذا لا تعلم..إلا أن يونس أخبرها بـ إبتسامة متوترة
-عملتي حاډثة...
وعندما سأل الطبيب عن حالها أخبره بـ إختصار
-حصلها إرتجاج فـ المخ وأكيد لازم تنسى اللي حصل..دا طبيعي...
وبعدها لم يُثير معها مرة أخرى ذاك الحديث ولم يُحاول تذكيرها..ربما القدر يقف بـ صفه كي يجعلها تنسى اللحظات الذي خذلها فيها...
أفاق من شروده ثم نظر إليها مُطولًا وقال بـ نبرة حذرة وقلب يخفق بـ جنون
-عز ماټ...
تبعها صمت ثقيل..لحظات مرت عليه كـ سنون..لم يجرؤ على رفع عيناه لها وينظر إلى عمق عيناها..إلا أن ردها جعل الذهول يرتسم بـ حرفية على وجهه مُصطحبًا معه مشاعر أخرى لم يستطع تحديدها
-مين عز!!
حينها رفع رأسه سريعًا ينظر إلى حاجبيها المعقودان بـ تساؤل..وملامح البراءة مُرتمسة على وجهها..صمت يستشف ما أن تصتنع الجهل أم حقيقي..إلا أنه تنهد وقال بـ هدوء نسبي
-حد مش مهم
-هزت كتفيها بلامبالاه وقالت:طيب...
ظل يُراقبها ولكنها لم تتوتر ولم تهتز حدقيتها..لا شئ سوى أن القدر حليفه بـ أن تنسى أسوء الشخصيات التي عرفها يومًا..ذلك الحقېر الڈب قتل قرية كاملةً من أجل النفط فقط..من أجل بضع قطرات تُهرب إلى بلاد لا تعرف سوى إراقة الډماء...
إبتسم يونس لها بـ حنان قبل أن يدنو منها مرة أخرى وهمس بـ عبث
-هو أنا قولتلك أني بحبك!
-هزت كتفيها بـ دلال وقالت:امممم..دلوقتي!..لأ
-ليقول بـ عبوس:لأ إخص عليا..غلطة وهصلحها حالًا...
ثم مال على شفتيها يمتص رحقيًا لا يرتوي منه أبدًا..وكأن حياته تتوقف على تلك القطرات التي ينهلها منها..وهى لا تسطيع مُجابهه جموح عشقه وعنفوانه..لا تجد بدًا سوى الإنجراف وراء عشقه الذي تتعلم أبجادياته على يديه وهى حقًا محت تلك الفترة السابقة وكان يونس هو أول عشق عذري يكتسحها بـ براءة وطهارة....
*****************************************
بعد مرور ستة أشهر...
كانت بتول تقف بـ المطبخ الخاص بـ منزل عائلة يونس وبـ جانبها روضة التي عُقد قرانها قبل شهران بـ حضور والدتها لمدة يومًا واحد خارج دار رعايتها..واليوم يعدان مأدبة يحضر بها الجميع..إحتفالًا بـ زوال المحڼة وترقية يونس إلى رتبة نقيب..وقد تم طمس الحقائق المُتعلقة بـ مۏت وزير البترول وأنتهى بـ مۏته على أنه أحد أبطال الوطن الشُرفاء...
سمعت بتول صوت روضة يأتي من خلفها
-بتول..أنا هشوف ماما صفوة إتأخرت ليه
-غمزتها بتول بـ وقاحة:ماما صفوة برضو!
إشتعلت وجنتي روضة بـخجل ثم هتفت بـ حنق مُفتعل
-بتول كدا عيب..مش مصدقاني يعني!
-رفعت منكبها وهتفت بـ نبرة ذات مغزى:لأ مصدقاكي..حتى هتلاقي ماما صفوة فـ البكلونة مع عمو رفعت ويونس بتلعب طاولة معاهم...
وكزتها روضة ثم خرجت من المطبخ وقبل أن ترنو إلى داخل أحد الغُرف كانت يد صلبة تلتف حول خصرها وتسحبها إلى المرحاض..شهقت روضة بـ هلع ثم هتفت بـ توتر
-عدي..إفرض حد...
ولم تُكمل حديثها وهى تجد شفتاه تُسكتها كما تعود مُنذ عقد قرانها..لا يشبع منها ولا يمل من إغضابها ومُصالحتها كما يعشق..مرت العاصفة ليضع جبهته على جبهتها ثم هتف بـ عشق
-بعشقك يا روضتي
-قبلت وجنته بـ نعومة وتشدقت بـ نبرة توازي نبرته:وأنا بعشقك...
****************************************
بحث بـ عيناه عنها وقد إشتاقت إليها كثيرًا وقد تحجج بـ أن يذهب للإستراحة قبل ميعاد الغداء..ولكن عيناه تبحث عنها بـ كل السبل حتى وجدها تقف بـ داخل المطبخ وخصرها يتمايل مع دندنة خاڤتة من بين شفتيها بـ أغنية شعبية...
كانت تُقلب محتويات القدر وهى تتمايل مع نغمتها الخاڤتة...
-دا تاعبني وبرضو عجبني وأنا لا حول ليا ولا قوة...
لتتفاجئ بعدها بيد صلبة تُحيط خصرها بـ قوة يضمها إليه بـ قوة أكبر وهو يهمس بـ عبث
-دا مين دا اللي تاعبك وأنا أقطعه؟!
أغلقت الشُعلة بعد نضوج الطعام ثم إلتفتت إليه ليجدها تُحيط عنقه وتتحدث بـ دلال يغوي القديس
-أقطعلك إيدك لو مديتها عليه..وبعدين هو عاجبني
-رفع أحد حاجبيه وتساءل بـ تسلية:عاجبك!
-غمزته بـ أحد عينيها وقالت:جدًا...
ضحك يونس ملئ فاه وعيناه تبعثان لها معاني العشق السامية..لم يقترب منها طيلة الستة أشهر إلتزامًا بـ وعده لأبيها وهو يُخبره أن حفل زفافه سيكون مع أخيه..ولكنه لا ينفك ويبُثها العشق بـ طرقه الخاصة...
تشدق بـ مرح
-اممم..طب أغنيلك أنا!
-تحمست بتول وهى تتعلق بـ عنقه أكثر:أيوة أيوة..
-ضحك يونس بـ خبث وقال:هغنيلك أغنية"هاتي حتة يا بت"
إمتعضت ملامحها وقد خبت حماستها ثم قالت بـ تقزز
-حتة إيه اللي أجيبها!!
شهقت وهى تراه يحملها ثم يتجه إلى الخارج..هتفت بتول بـ جزع
-رايح فين يا مچنون!
-غمزها بـ وقاحة:هقولك حتة إيه اللي عاوزها...
ثم إتجه إلى باب المنزل وفتحه..كادت أن تعترض بتول ولكنها تاهت مع شفتاه التي تنثر حبات القُبل بـ نعومة على وجهها و شفتيها الورديتين و وجنتيها الناعمتين وهو يبثها كلمات الغرام حتى وصل إلى سقفية المنزل..دفع الباب بـ قدمه وقد عمل على إلهاءها عن مفاجأته...
شعرت به يتجه إلى ركنًا ما ثم أنزلها وهو يهمس بـ إبتسامته التي تُذيبها
-بصي هناك...
نظرت إلى ما أشارت له رأسه..لتتسع عيناها بـ دهشة وهى ترى أرجوحة في مُنتصف السقيفة المنزل..حبلان قويان يلتف حولهما أفرع من النبات المُتسلق ذو زهرات جذابة والمقعد خشبي قد أصطبغ لونه بـ الوردي...
شهقت بتول وهى تضع يديها على فاها من الصدمة والسعادة..نظرت إليه بـ عينان مغروقتان بـ الدموع..ليبادلها الإبتسامة الحانية والنظرة التي تختصها هى فقط..ثم إتجه إليها وجذبها من يدها ليجلس أولًا وبعدها أجلسها على قدماه..أخذ يتأرجح بها بـ واسطة قدمه ولم يقدر أحدهما على الحديث فـ قد تكفلت العيون بـ ذلك..دفنت رأسها في صدره القوي وأحاطت خصره بـ قوة خشية أن يهرب..وهو ماثلها في فعلته إذ إلتفت يداه حول خصرها والأخر تُحيط بـ عنقها ثم همس بـ نبرة تحمل في طياتها عشق أبدي
-كان نفسي أعملك حاجة مميزة بـ إيدي..حاجة رقيقة زيك..ملقتش غير دي
-تشدقت وهى لا تزال مُختبئة في صدره:من النهاردة دي مملكتنا ومحدش هيدخلها
إنحنى يُقبل عنقها وهمس بـ تأكيد
-دي مملكتنا الصغيرة..اللي بينا وبين أطفالنا هتكبر..بحبك يا بنت السلطان وهفضل لأخر نفس أحبك...
وما كان منها أن تزداد في ضمھ لها وكأنها تُخبره بـطريقتها عن مدى عشقها له...
ربما يأتينا العشق مُتأخرًا عن ألا يأتي أبدًا..والحكمة أن نستغل الفرصة المُتاحة لنا لربما لا يُعيدها القدر..تمسك بما تؤمن وحافظ على من تُحب فـ الحياه قد تغدر بنا في لحظة وتسرق منها أجمل اللحظات....
تمت بحمد الله

 

تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close