أخر الاخبار

روايه لا تترك يداي بقلم هند رفاعي حصريه علي مدونه النجم المتوهج للرويات والمعلومات الفصل 22|23

روايه لا تترك يداي بقلم هند رفاعي حصريه علي مدونه النجم المتوهج للرويات والمعلومات الفصل 22|23



جرت مريم لشقتها ودخلت غرفة خالد فور سماعها نداء فريدة. جلست مريم بجانب السرير القرفصاء لتفحص ساق خالد بعينيها ثم رفعت نظرها لوجهه وسألته بإلتهاف. +

"حصل إيه يا خالد؟ سلامتك الف سلامة."

استند خالد على كوعيه واعتدل في جلسته على السرير ونظر لها بحنان مشفقا عليها من قلقها.
"مفيش حاجة يا مريم. ده شرخ بسيط يا ماما. عادي خالص الموضوع مش كبير ولا حاجة."

نظرت له مريم بعيون دامعة وسألته.

"بتوجعك؟ أعمل لك حاجة؟"

مد خالد يده ومسح دموعها من على وجهها.

"بس يا حبيبتي ما تعيطيش. بقول لك مفيش حاجة."

وقفت مريم على قدميها ثم انحنت بجذعها وسحبت وسادة موضوعة بجانبه ووضعتها خلف ظهره. اقتربت منه وحاوطت جذعه بذراعيها لتسنده للوراء. ساعدها خالد بإستناده على كفيه على السرير وعاد بجسده للخلف.

"أسند ظهرك كدة."

مالت مريم وحملت قدمه بحرص شديد ورفعتها على السرير أمامه.

"أنت مرتاح كدة؟"

"أيوة الحمد لله."

وقفت فريدة تراقبهم بصمت تبتسم فقط وتشعر بالسعادة للألفة الجلية بينهم.

"محتاج مني حاجة يا خالد ولا هتنام زي ما قولت لأصحابك؟"

"لا تصبحي على خير أنت يا طنط. معلش تعبناك معنا. أنا هغير هدومي وأنام على طول."

"مريم لو احتجت أي حاجة في أي وقت خبطي علي بس وأنا هأجي على طول."

"ربنا ما يحرمنا منك يا ماما أبدا."

لاحظت مريم الألم على تعبيرات وجه خالد.

"خالد أنت موجوع؟"

"شوية شكل المسكن مفعوله أنتهى."

"أنا عندي مسكن قوي هأروح شقتي أجيبه لك علشان تعرف تنام."

"مش مشكلة يا طنط. أنا هأستحمل مش بحب المسكنات."

أعترضت مريم على كلام خالد.

"لا أزاي مش هتعرف تنام من الوجع. معلش يا ماما هاتي المسكن."

"حاضر يا حبيبتي."

"مش لاز..."

قاطعته مريم قبل أن يعترض.

"ماما هتجيب المسكن لو احتجناه يكون جنبنا. بدل ما نخبط عليها نصحيها نص الليل."

"ماشي براحتكم."

ذهبت فريدة لشقتها لتحضر المسكن. توجهت مريم لدولاب خالد وأخرجت منه قميص وبنطال مريحيين ليبدل ملابسه. ناولت مريم الملابس لخالد وخرجت من غرفته. بعد عدة دقائق سمعته ينادي عليها. دخلت مريم وجدته بدل القميص ولكنه لم يبدل البنطال.

"عاوز حاجة يا خالد؟"

"مش عارف أغير البنطلون من غير ما أقف على رجلي. ممكن تساعديني؟"

دخلت مريم الغرفة وأغلقت الباب خلفها وساعدته في خلع بنطاله. قبل أن يرتدي خالد الآخر سمعا جرس الباب. +

"ده أكيد ماما فريدة جابت المسكن. أنا هأروح أفتح الباب."

"ماشي."

خرجت مريم من غرفته وأغلقت الباب عليه. لم تهتم مريم بربط حجابها الذي خلع من رأسها في محاولاتها لمساعدة خالد. فتحت باب الشقة على مصرعيه وصدمت بمن يقف على عتبة الباب. أغلقت الباب على الفور ولفت حجابها ثم فتحته مرة أخرى.

"السلام عليكم."

ردت مريم السلام.

"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. حضرتك عاوز خالد؟"

"لا مش لازم. شكلي جيت في وقت مش مناسب. أنا بس نسيت الموبايل بتاعي جوا عند خالد. لو سمحت لو تناوليه لي."

"حاضر دقيقة واحدة."

تركت مريم الشاب واقفا ودخلت غرفة خالد بحثت بعينيها على المحمول ووجدته على مكتب خالد. أخذت المحمول وخرجت ثانياً. أقتربت من باب الشقة لتعطيه الموبايل ولكن وجدت فريدة خرجت من شقتها نظرت للشاب ومريم ثم قالت.

"روحي أنت يا مريم نامي وأنا هأدي خالد المسكن."

"حاضر يا ماما."

ابتسم الشاب ابتسامة خفيفة عندما سمعهم. خرجت مريم من شقتها ووقفت أمام الشاب وناولته محموله.

"أتفضل الموبايل."

أخذ منها المحمول وشكرها.

"متشكر قوي. أسف على الإزعاج اللي سببته."

"لا أبدا مفيش أي إزعاج. لو سألني خالد أقول له مين؟"

"حسام. قولي له حسام."

توجه حسام للمصعد ودخله. بعدما نزل المصعد سألت فريدة مريم.

"رجع تاني ليه ده؟"

"كان ناسي موبايله. مش عارفة هيقول ايه دلوقت."

ربتت فريدة على ظهر مريم وتحركا الاثنان لداخل شقة خالد.

"ما تقلقيش إن شاء الله خير. مش هيحط في باله."

"المصيبة أني لما فتحت كنت فاكرة أن حضرتك اللي على الباب وفتحت وأنا بشعري."

"نعم! خير. قدر الله وما شاء فعل. ما تفكريش دلوقت في حاجة. المهم خالد المسكن أهه. محتاجة مني أي حاجة تاني ولا أروح أنا علشان عندي صداع من الصبح."

"لا روحي أنت يا ماما تصبحي على خير. ومعلش تعبناك معنا."

"ما تقوليش كدة. لو احتجت أي حاجة في أي وقت خبطي علي."
"حاضر."

غادرت فريدة ودخلت مريم لغرفة خالد. +

"أيه يا بنتي كل ده علشان تفتحي الباب وتاخدي البرشام."

اقتربت منه مريم وجلست بجواره على السرير.

"معلش أتأخرت عليك. أنت عرفت تلبس البنطلون؟"

"الحمد لله عرفت أتصرف أنا. ما قولت ليش أتأخرت كدة ليه؟"

"واحد من أصحابك كان ناسي الموبايل بتاعه. لما سأل عليه أنا لاقيته هنا وأديته له."

عقد خالد حاجبيه وسألها.

"مين؟"

"قال أسمه حسام."

"حس بحاجة لما أنت اللي فتحتي له؟"

"ما أعرفش يا خالد. أنا أسفة خالص. أنا كنت فكراه ماما فريدة ففتحت على طول من غير ما أخد بالي."

"قصدك أيه فتحت على طول مش فاهم."

نظرت مريم للأسفل وأجابته.

"فتحت وأنا بشعري."

"نعم! يعني أيه فتحت بشعرك."

جفلت مريم من إرتفاع صوته ونظرت له مستعطفة.

"والله يا خالد كنت فكراه ماما فريدة. أنا أسفة خالص. وممكن كمان ما يكونش أخد باله. أنا أول لما شوفته قفلت الباب على طول وربطت الحجاب على رأسي. أنا أسفة."

هدأت ثورة خالد عندما رأى الدموع في عينيها. فربت على خدها بحنان وقال لها.

"ممكن بعد كدة تاخدي بالك وما تفتحيش الباب أبدا إلا وأنت بحجابك. سواء أنا ولا طنط فريدة ولا العفريت الأزرق. ما تفتحيش الباب أبداً إلا بحجابك."

"حاضر مش هأفتح الباب أبدا إلا بالحجاب."

نظرت له مريم وحاولت تخفيف التوتر فقالت.

"لكن لو العفريت الأزرق مش هأفتح الباب خالص حتى لو بالحجاب."

نظر لها خالد وضحك وقال لها.

"علشان أنت جبانة."

"جبانة. جبانة يا سيدي لكن ربنا يبعدهم عني."

"ربنا يبعد عنك وعنا شياطين الإنس والجن."

"آمين يا رب."

"شوفي لي أي حاجة خفيفة أكلها علشان أخد عليها المسكن. يحسن رجلي بجد وجعاني قوي."

"حاضر دقيقتين بس وأجيب لك الأكل."

بعد دقائق معدودة عادت مريم تحمل صينية عليها بعض الشطائر. جلست بجانب خالد وتناولا معا الطعام. بعدما أنتهيا وتناول خالد دواءه سألته مريم.

"محتاج حاجة تاني يا خالد؟"

"ينفع تسنديني لغاية الحمام؟"

"طبعاً قوم معي."

أنحنت مريم عليه وعاونته على القيام. وقف خالد ولف ذراعه حول كتفي مريم ليستند عليها. مشيا معا للحمام ودخلا معا. +

"خلاص يا مريم روحي أنت ولما أحتاجك هناديك."

"محتاج أي مساعدة مني هنا؟"

"لا أنا هأتصرف روحي أنت."

"طيب أنا واقفة جنب الباب لو احتجتني نادي بس."

"ماشي."

خرجت مريم وأغلقت الباب وبعد دقائق نادها خالد لتعاونه ليعود لغرفته. بعدما ساعدته لينام على سريره أخذت غطاء من الخزانة وفرشته على الأرض.

"بتعملي أيه؟"

"هنام هنا علشان لو احتجتني بالليل."

"يا بنتي ما تنامي في غرفتك وأنا لو أحتجتك أنادي عليك."

"لا مش هأعرف أنام هناك وأنت هنا موجوع. خليني هنا أحسن."

"طيب تعالي على السرير. الدنيا برد أنك تنامي على الأرض. أحنا في شهر يناير."

ضحكت مريم ضحكة خفيفة وقالت له.

"أنت ناسي أن ده أول شتا أنام في بيت أو على سرير. يعني جسمي متعود على نوم الشوارع. نومي هنا على الأرض وعلي غطاء ده كان حلم مستحيل أحلمه."

"طيب أسمعي الكلام بس وتعالي على السرير."

"معلش سيبني براحتي. سريرك صغير وممكن أخبطك وأنت نايم في رجلك."

"براحتك يا ستي. لكن أتغطي كويس."

"حاضر. تصبح على خير."

"وأنت من أهله."

أطفأت مريم الأنوار ونامت على الأرض في غرفة خالد. في الفجر أستيقظت مريم وتوضأت لصلاة الفجر. دخلت مريم غرفة خالد وأحتارت في أمرها. هل توقظه للصلاة أم تتركه مستسلم لسطان النوم. قررت بعد دقائق تفكير أن تناديه بصوت منخفض.

"خالد. خالد قوم للفجر."

تململ خالد في نومه فناداته ثانياً.

"خالد هتقوم للفجر ولا أسيبك نايم."

فتح خالد عينيه ونظر لها.

"هو الفجر أذن؟"

"آه من عشر دقائق. قوم صلي."

"حاضر."

ساعدته مريم للنهوض والذهاب للحمام حتى يتوضأ ثم عاونته للعودة لغرفته والجلوس على كرسي ليصلي فرضه. بعدما أنتهيا من الصلاة وقراءة وردهما من القرآن أتجهت مريم للمطبخ لتجهييز الإفطار. أثناء تناولهما الطعام سمعا صوت جرس الباب.

"البسي الإسدال وشوفي مين على الباب."

"حاضر."

لبست مريم إسدال الصلاة وفتحت الباب. وجدت شاب طويل من أصحاب خالد ومعه عكازين.

"صباح الخير."

"صباح النور." +

"خالد صاحي؟"

"أيوة أتفضل."

تنحت مريم لتعطيه مجال ليدخل الشقة. دخل وهو مغض بصره لغرفة خالد. سمعت خالد مهللا به ومرحباً به.

"سي جاسر. يا مراحب يا عمنا."

"مرحب بك يا اخويا. جبت لك العكازين اللي كنت جايبهم الكسر اللي فات. قولت اكيد ينفعوك."

"شكرا يا سيدي. تعالى افطر معي. حماتك بتحبك."

"وانا مش بحب بنتها."

ضحكا الإثنان معا. دخلت مريم الغرفة وسألت خالد.

"تحبوا تشربوا أيه؟"

"ولا حاجة. جاسر جه أهه هيعمل كل حاجة هو. شكرا خالص على الفطار. روحي أنت شقتك."

"حاضر. لو احتجتوا أي حاجة خبطوا علينا."

"شكرا خالص ممكن تتفضلي أنت تروحي وأنا قاعد مع خالد."

خرجت مريم وتركت الشابان معا وذهبت لشقة فريدة لتمكث فيها حتى يذهب صاحب زوجها. ظل جاسر مع خالد طوال اليوم ومريم مع فريدة في شقتها. في الظهيرة أعدت مريم الطعام في شقة فريدة وأخذت منه لخالد ولجاسر وتركتهما. بعدما تناولا خالد وجاسر الطعام دخل جاسر الحمام وخرج منه على الفور وهو غاضب.

"خالد. مين مريم ده؟"

تعجب خالد من سؤاله المفاجئ وأجابه.

"ما طنط فريدة قالت لكم إمبارح."

"خالد ما تكدبش علي. أنا أول مرة أعرف أن طنط فريدة عندها بنت غير هاجر. وكمان الحمام فيه حاجات حريمي. هي مريم ده عايشة معك هنا ولا أيه؟"

تلجلج خالد وارتبك ولم يجد ما يجيبه به. زادت ثورة جاسر برؤية خالد مرتبك فصاح فيه.

"ما ترد يا خالد. مين مريم ده؟"

"مراتي."

أضطر خالد أن يصارحه بالحقيقة. صدم جاسر مما سمع وجلس بجوار خالد على السرير.

"نعم؟ مين يا أخويا؟"

"مراتي. أنا أتجوزت مريم قبل ما أرجع من البلد. يعني بقالنا ثلاث شهور متجوزين."

"طيب ما قولت لناش ليه؟"

"وأقول أيه؟ أنت عارف أن حسام وأحمد معي في المدرسة. ولو الموضوع أتعرف في المدرسة فيها فصل."

غمز له جاسر ونكزه في كتفه بكتفه.

"أيوة يا عم. عريس وكدة بقى."

"أسكت خالص. مفيش حاجة من الكلام ده. عمي صمم أنه يجوزني علشان ما أقعدش لوحدي. بس كدة."

"ومنين مريم بقى من هنا ولا من البلد؟"

تهرب خالد من السؤال. فلم يرد أن يخبر أحد بطريقة تعرفه على مريم.

"هي معرفة عمي. وبنت كويسة ومؤدبة."

"غريبة. مع أن لهجتها مش صعيدي خالص."

"مش كل الصعايدة بيتكلموا صعيدي يا جاسر. ما أنا بأتكلم مصري أهه."

"لكن أنت عايش هنا في مصر. لكن المفروض هي عايشة هناك."

"جرى أيه يا جاسر أنت حتحقق معي ولا أيه. أنا قولت لك أنت بس علشان أنت أعز صديق لي. أنت زي أخويا وأكتر وما قدرتش أخبي عليك الموضوع أكتر من كدة. لكن بالله عليك بلاش أي حد تاني يعرف أي حاجة عن الموضوع ده علشان ما تحصلش مشاكل."

"خلاص يا ابني مش هأقول حاجة. طيب أقوم أمشي أنا علشان المدام تقدر تيجي وتاخد راحتها بدل ما هي قاعدة عند الجيران كدة."

"ما تخليك قاعد مستعجل ليه؟"

"لا يا سيدي أتكل على الله أنا. عاوز مني حاجة؟"

"سلامتك. ما تنساش بس بكرة تعدي علي علشان أروح الإمتحان."

"ماشي يا سيدي. إن شاء الله بكرة الساعة سابعة الصبح هتلاقيني هنا عندك. لحظك الحلو أنت هتخلص إمتحانات قبل ما أبدأ أنا بيومين بس."

"معلش يا جاسر أنا عارف أني بتقل عليك."

"ما تقولش كدة أنت أخويا يا خالد."

"وأنت والله أكتر من الأخ."

"طيب يا سيدي سلام."

"في حفظ الله وآمنه. معلش خبط على طنط فريدة قول لهم أنك ماشي علشان مريم تيجي."

"حاضر يا سيدي. مش محتاج حاجة تاني. لاحظ أن طلباتك كترت قوي كدة. بعد كدة الطلب بعشرة جنيه. حسابك تقل."

"الحساب يوم الحساب يا عم."

ضحكا الشابان معا ترك جاسر خالد وغادر المكان.
الفصل الثالث والعشرين
مريم وفريدة كانا يتحدثان مع ابنتها هاجر عبر الانترنت مكالمة فيديو. فقد توطدت علاقة مريم بهم وكانت هاجر ممتنة لمريم واعتنائها بوالدتها وهي وحيدة وبعيدة عنها. أيضا مريم وبسملة ابنة هاجر وحفيدة فريدة تجمعهما علاقة صداقة عن بعد فهما يتحدثان معا شبه يومي للساعات. قطع حديثهما طرق على الباب. أحكمت مريم حجابها وجرت على الباب تفتحه ووجدت جاسر سألته بقلق.
+

"خير يا أستاذ جاسر. خالد جرى له حاجة؟"

"لا أبدا مفيش حاجة. هو بس طلب مني وأنا ماشي اخبط عليكم وأقول لك علشان تروحي له."

اندهشت مريم مما سمعت وسألته.

"نعم!"

أبتسم جاسر إبتسامة خفيفة وقال لها.

"صح نسيت أبارك لك يا مدام. ألف مبروك."

توردت وجنتي مريم ونظرت للأرض بخجل وأجابته.

"الله يبارك فيك."

"نمرتي مع خالد لو أحتجتوا أي حاجة خليه يتصل بي وما يترددش. السلام عليكم."

"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته."

غادر جاسر واستأذنت مريم من فريدة وذهبت لزوجها. وجدته يصلي المغرب فجلست بجواره وانتظرته.

"تقبل الله."

"منا ومنكم إن شاء الله."

"عامل أيه دلوقت؟ لسة رجلك وجعاك؟"

"الحمد لله أحسن بكتير من إمبارح. الالم محتمل."

"الحمد لله. إن شاء الله هتخف بسرعة ومش هتوجعك تاني."

"إن شاء الله."

"صح يا خالد. أنت قولت لصاحبك إننا متجوزين؟"

"أيوة. شاف هدومك اللي في الحمام. وما كانش نافع أنكر وجودك هنا معي في الشقة. كمان جاسر ده أكتر من الاخ بالنسبة لي وكنت مضايق أصلا أني مخبي عليه."

"طيب هو مش هيعمل مشاكل؟"

"لا يا مريم بقول لك زي أخويا. ده أحنا متربيين مع بعض من وأحنا صغيرين."

"غرببة لكن أنا ما شوفتهوش زارك قبل كدة."

"ما تنسيش أنا ما كنتش عاوز حد فيهم يجي يزورني. كمان جاسر مش بيحب أبدا يجي العمارة هنا. على طول لما نحب نتقابل يكون في أي مكان برا أو اروح له أنا البيت لكن هو مش بيجي هنا أبدا. لولا رجلي ما كانش جه برضه."

"غرببة إشمعنى مش بيحب يجي العمارة؟"

"ده حكاية طويلة. قومي جهزي لي اكل علشان ميعاد الدواء."

"حاضر. تحب أعمل لك أيه؟ أحمر لك بطاطس واعمل لك هامبرجر. ولا أعمل لك مكرونة؟"

"لا ايه كل ده. أنا مش جعان أصلا بس علشان ميعاد الدواء. اعملي سندوتش جبنة وبس."

"حاضر يا سيدي دقيقة واجيبه لك."

"ماشي لكن صلي المغرب الاول يحسن تضيع عليك."

"الحمد لله صليتها عند ماما فريدة." +

"الحمد لله."

تركته مريم في غرفته ودخلت المطبخ اعدت شطائر الجبن وسخنت كوب لبن واحضرته لخالد في غرفته.

"خد السندويشات اهه وبعدها كوباية اللبن ده."

"أنا هأكل السندوتشات بس. مش بحب اللبن وأنت عارفة."

"يا خالد ما ينفعش. لازم تشرب لبن. عرفت من على النت أن اللبن حلو للعظم. علشان تخف بسرعة."

"يا دي النت اللي كل يوم تجيبي لي وصفة جديدة ونصيحة جديدة من عليه."

"يعني ايه الكلام ده مش صح؟"

"لا يا ستي صح. لكن مش كل حاجة على النت صح."

"خلاص مدام الكلام صح يبقى تشرب اللبن وأنت ساكت."

"حاضر يا ماما."

ناولته مريم كوب اللبن وشربه مع شطائر الجبن بعدما أنتهى من عشائه أعطته مريم دواءه.

"تحب نتفرج على فيلم ولا هتنام؟"

"مش هينفع خالص عندي إمتحان بكرة وعاوز أذاكر. ما ذاكرتش حاجة من أمبارح بسبب اللي حصل."

"خلاص أقعد أنت ذاكر."

"اتفرجي أنت على أي حاجة برا أو لو عاوزة تتفرجي من على اللاب اختاري الفيلم اللي أنت عاوزاه."

"لا بلاش علشان ما اشوشرش عليك. ذاكر أنت وأنا هخلص المفرش اللي شغالة فيه بقالي أسبوع."

"براحتك خالص. ناوليني الكتاب الأخضر اللي على المكتب."

"حاضر."

ناولته مريم الكتاب وجلست بجواره تطرز في صمت وهو يذاكر.

في اليوم التالي مر عليهما جاسر وأخذ خالد للإمتحان وعندما عاد خالد من إمتحانه كانت مريم ملاصقة له تهتم به وبكل شئونه بدواءه وبطعامه كأنه ليس زوجها فقط بل أم تعتني بطفلها. مرت الايام على نفس المنوال بالرغم من تحسن حالة خالد وإعتماده على نفسه فالالم تدريجيا اختفى ولا يعيقه إلا الجبيرة التي تحاوط قدمه. حاول رفض مساعدة جاسر ولكن الاخير لم يقبل أبدا وظل يصاحبه لإمتحاناته وأيضا زيارات الطبيب. أنتهت الإمتحانات على خير وتخلص خالد من الجبيرة وعاد لمنزله بمفرده أخيرا. أستقبلته مريم مرحبة به بإبتسماتها تفترش وجهها بأكمله وذراعيها مفرودان ليقابل حضنها أول شيء عندما فتح الباب. أحتضنته مريم بسعادة غامرة ولفت ذراعه حول كتفها لمعاونته لأول كرسي.

"ألف حمد الله على سلامتك يا خالد."

رفع خالد ذراعه من على كتفها ومشى بمفرده.

الله يسلمك يا مريم. يا حبيبتي أنا أقدر أمشي لوحدي."

أخذت مريم يدها في يده وجلست بجواره على الكنبة. +

"عامل ايه دلوقت؟ لسة رجلك بتوجعك؟"

"لا الحمد لله. ألم بسيط بس لما أدوس عليها. لكن الدكتور قال إن شاء الله أسبوع بالكتير وأتحرك عادي."

"الحمد لله. ربنا يتمم شفاءك بخير يا رب ويبعد عنك كل مكروه ويجعله في ميزان حسناتك يا رب."

ابتسم خالد لها وقال.

"آمين يا رب."

"جعان؟ أجهز لك الأكل؟"

"لا يا قمر. مش جعان الحمد لله."

"هو جاسر روح ولا أيه؟ أنا كنت فاكرة هيجي معك زي كل مرة."

"بالعافية خليته يروح. ما كانش عاوز يسيبني أبدا. لكن عنده امتحان بعد بكرة وما ينفعش كدة أبدا."

"كتر ألف خيره. ما سابكش يوم واحد تخرج فيه لوحدك. فعلا صاحبك ده طيب قوي وبيحبك قوي."

"هو فعلا بيحبني جدا. زي ما قولت لك احنا متربيين مع بعض. هو كان ساكن هنا في العمارة زمان لكن الله يجازيها بقى اللي كانت السبب ساب العمارة من أربع سنين."

"مين ده؟ وازاي خليته يسيب العمارة."

"بصي يا ستي. هو كان ساكن في الدور الخامس تحتنا. هو أبوه وأمه. وزي ما بقول لك كنا متربيين مع بعض. هو أكبر مني بثلاث سنين وبابا الله يرحمه كان بيحبه جدا. وكان يسبني اقعد عندهم أو هو يقعد عندنا عادي جدا."

"أمال ايه اللي حصل؟"

"في يوم أبوه اتجوز على أمه. بنت صغيرة يا دوب اوئل العشرينات. ضحكت على ابوه واجبرته يطلق مراته ويطردهم من البيت."

"لا حول ولا قوة إلا بالله. وأبوه أزاي يوافق كدة."

"مش بيقولوا الحب أعمى. المهم جاسر وأمه راحوا قعدوا عند أهل أمه في الزاوية. وكان جاسر بيجي يزور أبوه كل فترة بالاخص أن أبوه تعب بعد ما طرد مراته وطلقها. نفسيته بقت في الحضيض لكن الكبر والعناد منعوه أنه يرجع في قراره. مراته الجديدة أتهمت جاسر أنه بيبص لها بطريقة مش كويسة. وخلت أبوه يمنعه يجي يزوره تاني أو يشوفه خالص."

"الرجل ده أتجنن خالص. يطرد أبنه علشان مراته."

"الكبر عبر. المهم بعد ما قطعت الرجل من مراته وابنه. مضته على توكيل عام بحجة تعبه وانه مش قادر يباشر أشغاله. وراحت بيعته كل اللي وراه وقدامه وطردته هو كمان من الشقة وهو تعبان. فضل يومين قاعد عند عم علي البواب في غرفته تحت. لما بابا عرف اللي حصل طلع الرجل وقعده هنا واتصل بجاسر وقال له. جاسر جه علشان ياخد أبوه والرجل بقى يبكي بدل الدموع دم ندم على اللي عمله في مراته وابنه. أتجوز مراته الاولى تاني وراح قعد مع جاسر وأمه عند أهلها لغاية لما مات. علشان كدة جاسر بيكره يجي العمارة هنا. كل ما يعدي على الشقة القديمة بتاعتهم يفتكر اللي حصل ويتحرق دمه."

"يعني بنت الحرام ده أخدت الورث كله؟"

"آه. وجاسر مضطر دلوقت أنه يشتغل في مطعم بالليل والصبح في الكلية علشان يقدر يصرف على أمه. وخاله بيساعدهم ماديا." +

"حسبنا الله ونعم الوكيل. ربنا على الظالم والمفتري."

"أيوة مفيش أحسن من حسبنا الله ونعم الوكيل."

"بس جاسر ده شكله طيب. وإن شاء الله ربنا هيعوضه خير على اللي حصل له."

"أكيد. أحنا هنقعد طول النهار نتكلم عن جاسر ولا أيه. النهاردة خلصت أمتحانات وكمان اتخلصت من التهمة اللي كانت على رجلي ده. لازم نحتفل. الليلة خمر ونساء."

"نعم؟ يعني هنعمل ايه يعني؟"

"أنا هانزل أجيب لب وسوداني وشبسي ونظبط القاعدة وانت قومي اعملي لنا فشار ونقضيها أفلام النهاردة للصبح."

"ماشي يا سيدي. هي ده الخمر والنساء بالنسبة لك."

"طبعا أمال أنت أفتكرت أيه؟"

ضحكت مريم وأجابته.

"ولا حاجة. هأقوم أظبط القاعدة وأنت أنزل جيب الحاجة."

بعد ثلاثين دقيقة جلسا الإثنان معا أمام شاشة التلفاز يشاهدان الأفلام التي أختراها وهم يتناولان التسالي. ظلا يضحكان ويتناقشان في أحداث الأفلام ومضيا وقتا مسليا معا.

* * *

في الصباح التالي رن هاتف خالد أثناء تناولهما وجبة الإفطار. قامت مريم وأحضرت المحمول من غرفته وناولته له.

"مين اللي بيتصل؟"

"عمي إبراهيم."

أخذ خالد منها المحمول وتلقى الإتصال.

"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته."

"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أزيك يا ولدي عامل أيه؟"

"الحمد لله يا عمي أنا كويس. أخبار حضرتك أيه؟ وصحتك عاملة أيه؟"

"الحمد لله على كل حال يا ولدي. أنت خلصت إمتحانات؟"

"أيوة يا عمي. خلصت أمبارح."

"وعملت أيه؟"

"الحمد لله. إن شاء الله خير."

"بإذن الله يا ولدي. ربنا هيكرمك أحسن كرم. كنت عاوزك في موضوع يا خالد."

"خير يا عمي؟"

"خير إن شاء الله. لكن مش هينفع في التليفون. عاوزك تيجي البلد في أسرع وقت."

"قلقتني يا عمي. في أيه؟ أنت بخير؟ حد جرى له حاجة؟"

"كله مليح يا ولدي. أنا بس عاوزك في موضوع مهم وما ينفعش يتأجل."

"حاضر يا عمي. هشوف حجز وأجي لك."

"عاوزك النهاردة هنا يا خالد. لو ما لاقيتش حجز اركب الاتوبيس وتعالى."

"حاضر يا عمي. إن شاء الله النهاردة أكون عندك."

"تيجي بالسلامة يا ولدي."

"الله يسلمك يا عمي."

"روح بقى جهز حالك للسفر. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته."

"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته."

أنهى خالد الإتصال ووضع المحمول على المنضدة أمامه ونظر لمريم الحائرة.

"في أيه يا خالد؟ سفر أيه اللي هتسافره بسرعة كدة؟"

"مش عارف يا مريم. عمي بيقول عاوزني النهاردة ضروري في البلد. ربنا يسترها. بصراحة مكالمته قلقتني."

"خلاص أقوم أجهز الشنط وأجهز."

"جهزي شنطتي أنا بس. لكن أنت هتفضلي هنا."

"نعم! أسيبك تسافر أزاي لوحدك يا خالد وانت رجلك لسة تعباك."

"أنا هسافر لوحدي وأنت هتفضلي هنا. أنا مش هاقعد كتير هناك. لو الموضوع هيطول هأجي وأخدك."

"يعني هتسيبني لوحدي هنا؟"

صاح فيها خالد.

"العفريت هياكلك يا مريم. أنا مش عاوزك تسافري معي البلد. أنت نسيت هشام واللي حصل منه. منعا للمشاكل هتفضلي أنت هنا. أقعدي مع طنط فريدة طول النهار. ولو عاوزة تباتي معها كمان ممكن تباتي معها مفيش مشاكل. لكن يا ريت تباتي هنا في الشقة. وأنا إن شاء الله مش هأتأخر."

نظرت مريم للأسفل وقالت له بصوت منكسر.

"اللي تشوفه يا خالد."

"قومي بسرعة جهزي الشنطة عقبال لما أجهز أنا علشان أنزل وألحق أوصل البلد قبل الليل."

"حاضر."


يتبع
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close