expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

روايه لا تترك يداي بقلم هند رفاعي حصريه علي مدونه النجم المتوهج للرويات والمعلومات الفصل 20|21

روايه لا تترك يداي بقلم هند رفاعي حصريه علي مدونه النجم المتوهج للرويات والمعلومات الفصل 20|21



اليوم التالي، ذهب خالد لمدرسته وأنهت مريم أعمالها وتوجهت لشقة فريدة لتطمئن عليها وعلى صحتها. فتحت فريدة الباب بعد عدة دقائق من طرق مريم لبابها.

"مريم، أدخلي يا بنتي."

دخلت مريم وساعدت فريدة لتجلس على كنبة في الصالة.
"أزيك يا طنط عاملة أيه النهاردة؟"

"الحمد لله. النهاردة احسن بكتير من أمبارح."

"فطرت؟ ولا أدخل أجهز لك فطار؟"

"لا فطرت يا حبيبتي واخدت الدوا كمان." +

"الحمد لله. أدخلي ريحي في السرير."

"لا أنا زهقت من نومة السرير. خليني قاعدة هنا معك شوية. أنت وحشتيني قوي."

"وأنت كمان وحشتيني. خليك قاعدة هنا ومريحة وأنا هأدخل أنظف جوا وأجي لك."

"يا بنتي مالهوش لزوم. خليك قاعدة معي."

"نص ساعة بس وأجي أقعد معك براحتي. اليوم كله هنقضيه مع بعض النهاردة."

"ليه خالد فين؟"

"خالد يا ستي هيطلع من المدرسة على درس وبعده درس تاني وبعد كدة تمرين يعني هيرجع بالليل إن شاء الله."

"يجي بالسلامة يا حبيبتي."

"إن شاء الله."

"ممكن أسألك سؤال؟"

"طبعا يا طنط."

"أنت ليه أتجوزت خالد دلوقت؟ أنت لسة صغيرة. وأزاي اهلك وافقوا؟"

لمعت دمعة في عين مريم وأجابت السيدة فريدة.

"أهلي ما وافقوش ولا يعرفوا أصلا أني أتجوزت."

صعقت فريدة لما سمعت وسألتها.

"يعني أيه؟ أتجوزت من ورا اهلك؟ أزاي خالد يعمل حاجة زي كدة؟"

"أنا ما هربتش منهم. أنا ما اعرفش هم فين."

"نعم؟ يعني ايه؟"

"هأحكي لك كل حاجة."

قصت مريم للسيدة فريدة قصتها. كيف قابلت خالد وأنقذ حياتها وخدمتها في منزل عمه ثم ظروف زواجهما. أستمعت لها فريدة وتأثرت جدا بما سمعته. انهت مريم قصتها بصوت متحشرج من البكاء ورفعت رأسها وجدت فريدة غارقة في دموعها. أحتضنتها فريدة وبكيا الأثنان معا بشدة وتعالت شهقاتهما.

فقد قابلت فريدة الكثير من أطفال الشوارع من قبل. أعتادت أن تعطف عليهم وتتصدق عليهم بالمال. ولكنها لم تفكر في معاناتهم من قبل ولم تهتم بما يحدث لهم. كانوا مجرد وجوه مجهولة تقابلها في الطريق بعيدين كل البعد عنها وعن عالمها. لم تتوقف للحظة لتفكر ماذا لو كانت أبنتها خطفت منها أو تاهت عنها وأصبحت واحدة منهم. ألن يكون مصيرها مثلهم. ألن تعيش في الشوارع وتنام تحت الكباري في العراء مثلهم.
انسحبت مريم من حضن فريدة بعدما هدأ بكائهما. مسحت فريدة دموعها ثم مسحت دموع مريم. أبتسمت لمريم وقالت لها.

"ممكن من هنا ورايح تعتبريني امك؟"

أتسعت عيني مريم من الدهشة وسألتها.

"نعم؟ أزاي؟"

"زي الناس. من هنا ورايح أنت هتبقي بنتي."

"أزاي؟ أنا مجرد بنت من الشارع." +

"لأ أنت مش بنت من الشارع. أنت زوجة خالد محمود قناوي وبنت المهندسة فريدة السيد."

"أنا مش عارفة أقول لك أيه يا طنط. ده شرف كبير قوي لي إنك تعتبريني بنتك."

"تقولي لي يا ماما. مش عاوزة أسمع منك كلمة طنط ده تاني. فاهمة ولا لأ؟"

"فاهمة."

"فاهمة يا ايه؟"

أبتسمت مريم لفريدة وأجابتها.

"فاهمة يا ماما."

ضحكا الأثنان معاً.

"عارفة اني ما كنتش بنام من وقت ما عرفتك لغاية لما خالد قال عليك مراته؟"

"ليه كدة يا طنط؟"

"من قلقي ومن خوفي عليك. كنت بسهر طول الليل يحسن تحصل حاجة بينك وبين خالد او يضايقك و تحتاجيني. كنت مرعوبة عليك جدا. وقال ايه انت كنت بتضحكي علي وتقولي لي انك بتنامي في غرفة المرحومة أمه وهو بينام في غرفته."

"لكن أنا ما كدبتش عليك. أنا فعلا بنام في غرفة أمه وهو بينام لوحده في غرفته."

"يا سلام؟"

"أيوة بجد. خالد معتبرنا اصحاب مش متجوزين بالمعنى الحرفي."

"بصي يا مريم. أنا هكلمك بصراحة. أنتم لسة صغيرين. مش عارفة اتكلم اقول لك ايه."

تلجلجت فريدة في الكلام وهربت بعيونها من مريم. فنظرت لها مريم بعيونها الزرقاء البريئة متسائلة.

"مش عارفة حضرتك عاوزة تقولي ايه."

"هقول لك بصراحة. أنتم لوحدكم اللي تحددوا امتى تبدأوا حياتكم الزوجية. لكن إذا ما كانش النهاردة هيبقى بكرة. أنتم لسة صغيرين وعادي لما تفكروش في الكلام ده دلوقت. لكن ده مش هيكون الحال على طول. الحياة الزوجية لازم تكون متكاملة. خايفة يكون خالد متجوزك لمجرد انه يشفق عليك وتعيشي معه لكن مش متقبلك كزوجة."

توردت وجنتي مريم من الخجل ونظرت للأسفل.

"أنا مش عاوزة أحرجك. أنسي اللي أنا قولته لك. لكن اللي عاوزة أقوله لك وتتأكدي منه أنك من النهاردة أنت بنتي والبيت ده بيت أهلك. لو خالد ضايقك او حصل اي حاجة لا قدر الله بيتي مفتوح لك لأخر نفس في عمري."

رفعت مريم نظرها لفريدة.

"بعد الشر عليك يا ماما. ربنا يبارك لي في عمرك ويديك الصحة يا رب."
ربتت فريدة على خد مريم برفق وابتسمت لها.

"ربنا ما يحرمني منك يا قمر. قومي بقى هاتي المفرش اللي كنت بتطرزيه. ولا هنقعد كدة نرغي طول النهار." +

ابتسمت مريم ووقفت على الفور.

"حالا ساعة واحدة بس أخلص الشقة علشان متربة ونقعد نطرز ونتسلى."

"يا بنتي ما تتعبيش نفسك. أم مصطفى هتيجي تعملها النهاردة."

"مش أنت أعتبرتيني بنتك. وده بيتي. يبقى مفيش حد غريب هيحط ايده فيه. من النهاردة البيت ده بيتي وأعمل كل حاجة فيه. ماشي يا أحلى ماما."

"ماشي يا قمر اللي يريحك."

بعدما أنهت مريم تنظيف شقة فريدة وأعدت لها الطعام، أحضرت عدة التظريز وجلست بجوارها لتتعلم من خبراتها. وجدت فريدة تنظر إلى شاشة الحاسب المحمول ومستغرقة تماما فيما تتصفحه. جلست مريم بجانبها بهدوء ولم ترد أن تزعجها. بعد عدة دقائق شعرت بها فريدة وهي جالسة بجوارها.

"أنت خلصت يا ستي. أخيرا هتقعدي معي."

"أيوة خلصت كل حاجة. وأدي عدة التطريز علشان نكمل المفرش."

"ماشي يا ستي. لكن قبل ما نكمل المفرش أنا عاوزة أخد رأيك في حاجة."

نظرت لها مريم بفضول وسألتها.

"خير؟"

"بصي كدة على الطقم ده وقولي لي رأيك فيه أيه؟"

أزاحت فريدة الحاسب المحمول تجاه مريم ونظرت مريم على الشاشة ووجدت طقم ملابس غاية في الأناقة.

"الله شكله جميل قوي. البلوزة لونها رقيق قوي. والجاكيت ألوانه جميلة جدا. كله جميل بصراحة."

"يعني عجبك؟"

"رقيق قوي. جيباه لبسملة حفيدتك؟"

"لا يا ستي ده لك انت."

أتسعت عينين مريم وسألتها.

"لي أنا؟ لا شكرا خالص. أنا الحمد لله عندي هدوم كتير."

"مريم مش أنت بقيت بنتي. بصراحة مش عاجبني طريقة لبسك. سواء لبس البيت ولا لبس الخروج. شكله مش حلو خالص. الأول ما حبتش أتكلم ولا أحرجك. لكن أنت زوجة خالد ولبسك وشكلك مهم. أنت بسم الله ما شاء الله زي القمر. أنا عارفة أنه مش بيعرف يشتري ولا ينقي هدوم للبنات. لما كان يحب يشتري عباية لوالدته الله يرحمها كان يجي لي يطلب مني اشتري لها أنا ويديني الفلوس هو."

قالت مريم بصوت منخفض.

"بصراحة الهدوم ده اللي اشترتها لي مرات عمه من أسيوط. وأنا ما أعرفش أشتري منين ولا أشتري أيه. ومن وقت لما جينا هنا ما خرجتش معه غير مرة واحدة علشان هو على طول مشغول في مدرسته ودروسه."

"ولا يهمك يا قمر. بصي يا ستي. الطقم ده هدية مني لك. وده من حقي كأمك وما ينفعش ترفضي خالص. بعد كدة أستأذني خالد وممكن ننزل مع بعض أشتري لك هدوم للبيت وهدوم للخروج. ولو مش عاوزة تخرجي من غيره ممكن نشتري اونلاين. أنا أغلب حاجتي بأشتريها أونلاين."

نظرت مريم لها ببلاهة.

"يعني أيه أونلاين؟"

"يعني أشتريها من على النت. زي ما حجزت لك دلوقت الطقم ده. إن شاء الله هيوصل بكرة أو بعده بالكتير." +

"بجد؟ يعني أنا ممكن أشتري هدوم وأنا قاعدة في البيت؟"

"أيوة ومش هدوم وبس. أي حاجة عاوزة تشتريها ممكن تشتريها من على النت."

"طيب ممكن تعلميني؟"

"طبعا. إن شاء الله هأعلمك كل حاجة أعرفها. النت ده عالم كامل ممكن تتعلمي منه أي حاجة أنت عاوزاها في الدنيا ده. أنت قولت أن خالد علمك القراءة والكتابة."

أحرجت مريم لتذكرها أميتها.

"أيوة لكن خفيف. خطي مش حلو خالص."

"ولا يهمك. الكمبيوتر والنت مش محتاجين خط. محتاجين بس تعرفي الحروف ويا سلام بقى لو تعرفي انجليزي."

دهشت مريم لما سمعت وقالت لها.

"نعم! إنجليزي؟ أزاي؟ أنا ممكن أتعلم أنجليزي وأعرف أفهم الأفلام زي خالد. ده أوقات بيتفرج على الفيلم من غير ترجمة."

ضحكت فريدة لسذاجتها وبراءتها.

"أيوة يا حبيبتي. إن شاء الله هأعلمك كل حاجة. هتتعلمي أزاي تستخدمي الكمبيوتر وأعلمك أنجليزي. وبعد كدة أنت بقى تقدري تتعلمي أي حاجة في الدنيا ده كلها عن طريق النت والكمبيوتر."

لمع الأمل في عيون مريم وقامت من مكانها وأحتضنت فريدة بشدة.

"شكرا خالص يا ماما. ربنا يخليك لي وما يحرمني منك أبداً. ربنا يبارك فيك وفي صحتك يا رب. ربنا يسعدك دنيا وأخرة ويا رب تزوري بيت الله."

ضحكت فريدة وربتت على رأسها وقالت لها. "ولك مثلها يا قمر."

* * *

وصل خالد إلى النادي الرياضي المنضم له. توجه لملعب الكرة وأقترب من اللاعبين والمدرب. عندما لمحه أحد اللاعبين جرى عليه صاح بأعلى صوته.

"خالــــــــــــد. أيه يا ابني وحشتنا جدا."

أحتضن الشاب خالد بشدة ورفعه من الأرض. رد خالد عليه الحضن لثواني معدودة ثم ربت على كتف الشاب لينزله أرضاً.

"جاسر مش قادر أتنفس."

وقف خالد بقدميه على الأرض بثبات بجانب جاسر الذي حاوط خالد بذراعه. أقترب من خالد بعض اللاعبين وأستقبلوه بحفاوة.

"أيه يا خالد كل ده غيبة؟"

"معلش يا حسام أنت عارف الظروف."

أقترب شاب هزيل الجسم من خالد وحضنه.

"يا عم ولا ظروف ولا جوابات. المهم أنك رجعت لنا تاني. وحشتني قوي ووحشتني لمتنا."

ابتسم خالد له وقال.
"وحشتني يا ياسين. ربنا ما يحرمني منكم أبدا."

نكز جاسر خالد بكتفه وهمس له.

"تعالى سلم على الكوتش. ما ينفعش كدة."

نظر خالد للرجل الأربعيني الذي يقف على بعد مترات قليلة منهم يراقب المشهد وترتسم على وجهه إبتسامة رضا. فأقترب منه وتبعه باقي اللاعبين. مد خالد يده لمصافحة الرجل.

"أزيك يا كابتن محمد. عامل ايه؟"

صافح محمد خالد ثم جذبه لحضن أبوي حنون.

"أزيك يا خالد. لسة فاكر تسأل علينا دلوقت."

نظر خالد للأسفل محرجاً ثم قال.

"أعذرني والله يا كابتن كانت ظروف فوق طاقتي."

ربت محمد على ظهره وقال له.

"ولا يهمك. ربنا يقدرك ويعوضك خير بإذن الله."

لمعت دمعة في عين خالد وتمتم بصوت منخفض سمعه جاسر فقط لقربه منه.

"الأم ما تتعوضش."

ربت جاسر على كتف خالد وأراد أن يغير الموضوع.

"أنت جي زيارة يا أستاذ ولا هتتمرن معنا؟"

ابتسم خالد له وأجابه.

"لا يا سيدي إن شاء الله نازل التمرين."

نظر خالد لمحمد وأستأنف.

"طبعا بعد أذن الكوتش. لو يعني ينفع."

فأجابه محمد بإبتسامة.

"أكيد يا خالد. الفريق عمره ما يستغنى عنك. أنت ناسي أنك أحسن لاعب وسط عندي. هتبدا النهاردة ولا من بداية الاسبوع؟"

"يا ريت لو النهاردة." ملس خالد على بطنه قليلا ثم أردف.

"أصل بصراحة البيه ده أبتدى يظهر وأنا مش بحبه خالص."

ضحك الجميع على مزحته.

"أصل في حاجة عندي مش هأقدر أخبيها."

نظر الجميع لياسين متسائلا عما يقصد فأجابهم مغنياً بصوته الحاد.

"أنا خبيت عليك كتير. أصل أنا عندي كرش كبير."

عندما سمعه خالد هجم عليه أسقطه على الأرض وركبعليه وأنهال عليه بالضربات. ضحك الجميع على منظره

الفصل الواحد والعشرين
أستيقظت مريم على صوت طرق خفيف على باب غرفتها. أضائت المصباح بجانب سريرها ونظرت في الساعة وجدتها تخطت منتصف الليل بنصف ساعة. رفعت عن جسدها الغطاء ونزلت من السرير وفتحت الباب.

"خالد؟ في حاجة؟"

فركت مريم عينيها من النوم وسألته. تلجلج خالد من الإحراج وأجابها.

"أسف يا مريم أني صحيتك من النوم. أنا بس جسمي كله واجعني ومش عارف أنام."

تنحت مريم عن طريقه ليدخل غرفتها وسألته.

"جسمك واجعك ليه بعد الشر؟"

أقتربت مريم منه بعدما جلس على سريرها وجست جبهته بظهر كفها.

"أنت مش سخن ولا حاجة."

أبتسم خالد لها ومسك يديها وأجلسها بجانبه.

"أنا مش عيان. أنا بس علشان بقالي شهور مش بلعب ولا أتمرن فعضلاتي وجعاني."

نظرت له مريم بنظرة حانية.

"طيب تاخد مسكن ولا حاجة؟"

"لا مش بحب المسكنات. أنا بس بأدهن بالمرهم ده. لكن مش عارف أدهن كتافي. معلش ينفع تدهني لي كتافي؟"

أخذت مريم المرهم من يده خلع خالد قميصه وأدار لها ظهره. رفعت مريم غطاء المرهم ووضعت بعضا منه على كتف خالد. دلكت مريم كتفي خالد بالمرهم وبعدما اختفى المرهم تماما ارتدى خالد قميصه ثانيا والتفت لمريم ليشكرها ولكنه تفاجأ بها تنظر للاسفل والحمرة تكسو وجهها فاقترب منها ورفع رأسها بأطراف أصابعه وسألها.

"مالك مكسوفة كدة ليه؟"

هربت مريم بعيونها من نظراته وحمحمت لتستجمع قوتها لتجيبه بصوت خافت يكاد الا يخرج من حلقها.

"مفيش."

جعلها خالد تنظر له ثانيا وقال لها بعيون حانية.

"مريم أنت مراتي. أحنا آه مش عايشين في غرفة واحدة لكن ده علشان ما كناش متعودين على بعض قبل كدة وكمان ده ما كانش الغرض من جوازنا وأنا حبيت اسيبك على راحتك خالص. لكن لازم تعرفي أنك مراتي مش قاعدة معي هنا وبس ولا متجوزك علشان تقعدي معي وتونسيني وبس. إن شاء الله لما الظروف تسمح هنعيش زي أي زوجين."

نظرت له مريم بتساؤل وسألته

"ظروف أيه؟"

أبتسم خالد وأجابها.

"يا حلوة أنت. لو عشنا زي أي زوجين مش ممكن يحصل حمل؟ أزاي هنقدر نثبت الولد اللي هيجي ده واحنا لسة ما أثبتناش زواجنا. وقبل ما تقولي أن في وسائل لمنع الحمل. أنت بسنك ده هتقدري تدخلي عيادة دكتورة أمراض نساء وتقولي لها محتاجة وسيلة منع حمل من غير ما تفكر فيك وحش. ولا أنا أقدر أدخل اي صيدلية وأشتري أي وسيلة من غير ما يبصوا لي بطريقة مش مظبوطة. يبقى الاحسن أننا نصبر على قد ما نقدر."
أكتفت مريم بالصمت ولم تجبه فسألها.

"فهماني؟"

أومأت بسيط برأسها فنهض خالد ونظر لها للاسفل وقال. +

"أسيبك أنا تكملي نومك. وسامحيني أني صحيتك."

رفعت مريم رأسها وأجابته.

"ما تقولش كدة يا خالد. إحنا مالناش غير بعض."

"تصحبي على خير."

"تصبح على خير."

تركها خالد وتوجه لغرفته وابتسمت مريم لتذكرها خجلها منه. استلقت على السرير ودفنت جسدها الهزيل تحت الغطاء ماعدا وجهها. تذكرت كلام السيدة فريدة لها واطمئنت أن خالد يعتبرها زوجة وليست مجرد شفقة أو حتى صديقة.

* * *

بعد أسبوعين

كانت مريم ممسكة بإبرة الكوريشيه وامامها الحاسب المحمول تنظر إلى شاشته وتتبع خطوات الفيديو بحرص وتمعن لتنسج كوفيه لخالد. وفريدة بجانبها ممسكة بمصحفها تحاول حفظ سورة الطور.

"مريم أنا مش قادرة أحفظها. كل ما أجي أسمعها أغلط. ممكن أحفظها بكرة بعد الفجر."

"لا. أحنا متأخرين قوي يا ماما في الحفظ. أنا مش همشي النهاردة من غير ما تسمعيها صح كلها."

"أوعدك بكرة بعد الفجر دماغي هتكون رايقة وأعرف أحفظها كويس. لكن دلوقت دماغي مصدعة ومش عارفة أركز."

تنهدت مريم وقالت لها.

"ماشي يا ستي. لكن أوعد..."

قطع كلامهما صوت بعض الشباب خارج باب الشقة. سمعت مريم صوت خالد وهو يتأوه من الألم.

"آه مش تحاسب يا ياسين. أنت على طول كدة غشيم."

"معلش يا خالد. أسند على كتفي وسيبك من الواد ده."

"يعني أنا قاصد أخبطه يا جاسر؟"

فزت مريم من جلستها ورمت ما بيدها وفتحت الباب لترى ما يحدث بالخارج. وجدت خالد متكئ على كتف أثنين من الشباب ويحاوطه ثلاث شباب آخرين. ولاحظت ساقه اليمنى مغطاه بطبقات من الجبس. جرت مريم على خالد غير عابئة للشباب حوله وسألته.

"خالد مالك ايه اللي حصل؟"

لاحظ الشباب لهفة مريم على خالد وتهرب خالد من عيونهم وإرتباكه أمامهم.

"مفيش حاجة يا مريم. شرخ بسيط بس في رجلي."

سال جاسر خالد.

"مين ده يا خالد؟"

"ده... ده.... آه مش تدخلوني ولا هتخلوني واقف كدة. رجلي مش مستحملة."

تراجعت مريم خطوات بعيدا عنه ونظرت للاسفل لتهرب من عيون الشباب.
"خالد هات مفاتيحك علشان أفتح الباب."

همت مريم لتخرج مفاتيحها من جيب عباءتها فنظر لها خالد بعينيه ألا تفعل. +

"المفاتيح في الجيب الصغير في الشنطة."

أجابهم خالد وأخرج حسام المفاتيح وفتح الباب. دخل الشباب بخالد الشقة ووقفت مريم على عتبة الباب لا تدري ما تفعل. فهي تريد أن تجري على زوجها لتطمئن عليه وتسانده في إحتياجه لها وآلامه ولكنها غير مسموح لها بذلك لأن أصدقائه لا يعلمون شيئا عن زواجهما. بعدما جلس خالد على أقرب كرسي من الباب نظر جاسر لمريم الواقفة بجوار الباب وسأل خالد.

"أديك قعدت وأرتحت. مين ده يا خالد؟"

"ده بنتي."

أجابتهم السيدة فريدة التي تبعت مريم وخرجت من شقتها لتتفقد ما يحدث. همست فريدة لمريم وهي بجانبها.

"ما تقلقيش أنا هأخد بالي منه."

لم تجبها مريم ونظرت لها نظرة شكر وعرفان. اقتربت فريدة من خالد لتطمئن عليه وقالت بصوت مسموع للكل.

"روحي أنت يا مريم شوفي اللي كنت بتعمليه."

فأجابتها مريم.

"حاضر يا ماما." وذهبت لشقة فريدة وأغلقت عليها الباب وتركت العنان لدموعها لتنهمر قلقا على زوجها ورفيقها.

"أيه يا خالد اللي حصل؟"

"مفيش يا طنط. شرخ بسيط كدة. وقعت على رجلي وهي ملوية تحتي وأنا بلعب النهاردة روحت المستشفى وعملوا إشاعة وجبسوا لي رجلي."

"مش تاخد بالك يا أبني؟"

"الحمد لله يا طنط قدر ولطف."

التفتت فريدة للشباب وقالت لهم.

"شكرا يا شباب على تعبكم معنا."

أجابها جاسر.

"الشكر لله يا طنط. على أيه أنت عارفة أن خالد ده أخويا."

ابتسم خالد لصديقه وقال.

"وأكتر من الأخ يا جاسر."

وقفت فريدة وقالت.

"ربنا ما يحرمكم من بعض. معلش يا شباب ممكن تدخلوه غرفته."

"طبعا يا طنط."

أنحنى جاسر وياسين بجانب خالد ليسنداه ليقف. فنظر خالد لياسين وقال له.

"لا بالله عليك بلاش أنت. مش كفاية خبطت رجلي في باب الاسانسير. أنت غشيم قوي وبتمشي وانت مغمض."

"يعني الحق علي أني عاوز أسندك. وكمان يعني أي بمشي وأنا مغمض. شايفني فرانكشتين."

اعتدل ياسين في وقفته ومد يده أمامه واغمض عينيه ومشي ولاحظه الجميع وهو يقترب من المنضدة الرخام ولم يحذره أحد حتى اصطدم بها وصرخ من الألم ومسك بركبته. ضحك الجميع عليه وتعالت ضحكات الشباب.
"آه... يا ولاد الذين."

نظر جاسر لياسين محذراً فعدل ياسين جملته.

"يا ولاد الذين آمنوا." نظر ياسين لجاسر وسأله.

"حلو كدة؟"

أكتفى جاسر بإماءة بسيطة برأسه. فاصطنع ياسين البكاء.

"يعني تسيبوني اتخبط ومش عاوزيني أعترض حتى."

سيطر خالد على ضحكاته بصعوبة وقال له.

"تستاهل حد قال لك تمشي مغمض."

"ماشي يا سيدي. ما كل ده بسببك أنت."

هدأت ضحكة فريدة فقالت.

"معلش يا ياسين سلامتك."

سند جاسر وحسام خالد لغرفته ووضعاه على سريره. دخلت فريدة المطبخ وقدمت عصير للجميع. بعدما شربوا العصير نهض الشباب إلا جاسر.

"أحنا هنسيبك ترتاح بقى يا خالد. عاوز مننا حاجة قبل ما نمشي."

"شكرا يا حسام. ربنا يبارك فيكم يا شباب."

"مش هتقوم يا جاسر ولا أيه؟ عجبتك القعدة هنا؟"

نظر جاسر لياسين بحزم.

"لا يا لمض. أنا هبات مع خالد. روحوا أنتم وأنا هقعد معه."

أرتبك خالد لما سمعه من جاسر وقال له.

"مالهوش لزوم يا جاسر. روح أنت أرتاح يا أبني. أنا هنام على طول."

"يا خالد لو احتجت حاجة وأنت لوحدك بالليل؟ ما ينفعش أسيبك كدة؟"

نظر خالد لفريدة يترجاها أن تساعده.

"روح أنت يا ابني. أنا هأخد بالي منه. أنا معي مفتاح شقته. وانت يا خالد لو احتجت اي حاجة في الليل رن علي بس وهتلاقيني قصادك على طول."

"أكيد يا طنط ربنا ما يحرمني منك أبدا."

"يا طنط ما تتعبيش نفسك. أنا هأقعد معه الليلة ده على الاقل. أكيد الالم هيزيد لما مفعول المسكن يروح. أنا مجرب قبل كدة وعارف. ارتاحي حضرتك في شقتك وأنا هأقعد معه."

"يا ابني خالد ده أنا اللي مربياه مع أمه الله يرحمها. يعني مفيش أي تعب. روح أنت يا ابني وما تقلقش عليه."

"جاسر ما تقلقش علي. طنط فريدة معي هنا. روح أنت لوالدتك ما تسيبهاش تبات لوحدها أنت عارف أنها مش بتعرف تنام طول ما أنت برا البيت. روح يا ابني ما تتعبش قلبي بقى."

ضحك ياسين وعلق.

"أنت مالك قلبت على ستي الحاجة كدة. ما تتعبش قلبي بقى."

نظر جاسر لياسين ليحذره للمرة العاشرة في هذه الليلة.

"أنت كل حاجة تقلبها هزار كدة. ما تعرفش تتكلم جد أبدا."

"سيبت لك الجد كله يا سيدي. أنا ماشي هتمشي معنا ولا أيه في الليلة اللي مش عاوزة تخلص ده. أنا رجلي وجعتني من الوقفة."

التفت جاسر لخالد وسأله بإهتمام.
"يعني بجد مش محتاجني هنا معك؟ أنا بصراحة مش هبقى مطمن لما أسيبك."

"لا يا سيدي اطمن خالص. طنط فريدة مش هتسيبني. واتكل على الله أنت معهم من غير مطرود. علشان بجد دماغي لفت من الدوا وعاوز أنا."

أنسحب حسام خطوتين بعيدا عن باقي الشباب وأستغلإنشغالهم بالمصافحة والسلام على خالد وفريدة قبل أن يغادروا الشقة وأخرج موبايلهمن جيب بنطاله الخلفي ووضعه على مكتب خالد. خرج جميع الشباب وودعتهم فريدة للبابوبعد ما تأكدت من مغادرتهم المكان نادت على مريم التي كانت تنتظر بفارغ الصبرلتطمئن على زوجها

يتبع
تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close