expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

رواية زهره الفصل العاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر بقلم ندي أشرف ، نجوي أشرف

رواية زهره الفصل العاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر بقلم ندي أشرف ، نجوي أشرف 

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙

الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا  

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️



رواية زهره الفصل العاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر بقلم ندي أشرف ، نجوي أشرف 


رواية زهره الفصل العاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر بقلم ندي أشرف ، نجوي أشرف 

 رواية "زهرة" (١٠) 

اتصلت بدرية بالمنشاوي وأخبرته بما حدث فمر عليهم وكذلك سليم ولكن عند وصولهم كانت الشرطة تحقق في الأمر وفي انتظار سماع أقوالها وقرروا بقاء كريم بالقسم حينما علموا بأنه من صدم فريدة بسيارته حتى صباح اليوم التالي 


قضت سماح ليلتها بجانب إبنتها في المشفى في قمة حزنها تراقبها وتنتظر منها أن تستفيق وتعود لوعيها لتفهم منها ما حدث وتجد إجابة لتساؤلاتها.. 


أما بدرية فعادت إلى المنزل هي وسليم والمنشاوي، على وعد بالعودة في اليوم التالي لضرورة بقاءها في المنزل.. عادوا إلى المنزل جلست بدرية في تعب تحادث زوجها:

- أنا مش قادرة أصدق في يوم وليلة حياتنا تتخرب بالشكل ده.. 

جلس المنشاوي بجانبها قائلاً:

- الحمد لله إنها جت على قد كدة يا بدرية. 

ردت في ضيق:

- أكتر حاجه واجعة قلبي في الموضوع لما سماح كان أكتر شيء مزعلها إن بنتها مش هتقدر تمشي على رجليها تاني وكدة مش هتلاقي حد يرضى يتجوزها.. هي قالت كدة وكانت منهارة وكلامها وشكلها مقطع قلبي ومش بتغيب عن بالي..

رد المنشاوي في حنق:

- الله! هيا في إيه ولا إيه.. هوا دا وقته تفكر بالطريقة دي ما كل واحد بياخد نصيبه يابدرية..

نظرت له في رجاء قائلة:

- أنا في حاجه بتدور في بالي من إمبارح ولازم ناخد خطوة فيها عشان قلبي يرتاح.. 

تسائل المنشاوي:

- حاجة إيه دي؟ 

ردت في توتر:

- أول ما فريدة تفوق والوضع يستقر شوية نخلي سليم يخطبها.. بكدة أختي هتطمن والبنت هتفرح وهيا وسليم مع بعض من صغرهم فـ أكيد هيكون سعيد معاها ويتحملها وهوا أولى بيها من أي حد تاني! 

نظر لها منشاوي في غضب شديد ثم قال:

- انتي واعية لكلامك ده! عارفه يعني انتي بتقولي ايه؟ 

- بقول إيه يعني؟ بقول اللي كان لازم يتعمل من زمان.. هوا مش من زمان ومعروفة سليم لفريدة! وكمان.. 

قاطعها منشاوي قائلاً: 

- بصي انتي أحسنلك تقفلي على الموضوع ده لإنك مش بتفكري بعقلك وبتفكري بعواطفك، وأنا هعتبرك ماقولتيش حاجه خالص عشان مش إبني فالآخر اللي يشيل ذنب حد تاني وبعدين وهيا سليمة أو مش سليمه.. إبنك عمره ما كان حاببها ولا ميال ليها. 

- بتتكلم يعني وكإن فريدة وحشة! مالها فريدة بنت جميلة وغنية.. انت ناسي إن باباها سايبلها ورث كتير أوي وإبننا أولى بيها من الغريب! 

رد المنشاوي في حزن: 

- تعرفي! انا عشت معاكي سنين كتيرة أوي بس أول مره أعرف إن تفكيرك كدة.. 

أحب أقولك إن كلامك ده كله ماينفعش لأسباب كتيرة.. أولاً لان إبنك بيحب زهرة ومش بيحب فريدة.. ولو هندور عالأولى بقى هتبقى زهرة مش فريدة وانتي عارفة الفرق بينهم كويس أوي.


قامت بدرية عن مقعدها في غضب قائلة:

- إنت إزاي تقارن بنت أختي بنت العز بالبنت دي؟ ومعلش مين دي اللي إبني أنا يتجوزها؟! 

أسند ظهره للخلف فقال بهدوء :

- زهرة مش غريبة وسبق قولتلك كدة.. وجميلة ومحترمة وهتبقى دكتورة، وإبنك بيحبها أنا متأكد إنه ميال ليها.

صمت قليلاً ثم استطرد قوله:

- أنا سعادة إبني أهم عندي من أي حاجه.. 

تنـهد ثم قام عن مقعدة قائلاً:

- وفوق كل ده.. أغنى من فريدة بمراحل بس الفلوس مش كل شيء، وعموماً لو سليم اتفق ووافقك الرأي أنا كمان هوافقك على كلامك..  تصبحي على خير ياحبيبتي. 


قالها ثم غادر إلى غرفته لينام تاركاً بدرية خلفه تتسائل في حيرة: " غنية! ازاي دي حتى عايشه في مكان وبيت بيدل على مستواهم المادي القليل، لبسهم وشكلهم مابيقولش إنهم أغنية أبداً.. الموضوع فيه حاجه غامضة وانا مش هرتاح ولا يهدالي بال غير لما أفهمها.." .

                                 ٭٭٭


في صباح اليوم التالي، يوم جديد في حياة سنية وابنتها زهرة مليئ بالسعادة والأمان..

قامت زهرة تزيح الستائر وتطلق العنان لآشعة الشمس بغزو المكان بأكمله وملئه بالنور والدفء قائلة:

- صباح الخير يا أجمل أم في الدنيا..

ابتسمت سنية قائلة:

- صباح النور ياقلب ماما.. إيه عملالنا فطار أيه النهاردة! 

ردت في حماس:

- زي ما حضرتك شايفة كدة.. فطار ملوكي يستاهل بقك، هتاكلي زي الشطورة وتاخدي علاجك.

ضحكت سنية فقالت:

- هوا مين فينا أم مين.. 

زهرة:

- يا ستي اعتبري نفسك إبنة إبنتها.. 

- ربنا ما يحرمني منك..

بدأت سنية في تناول فطورها ثم تسائلت في قلق:

- تفتكري يازهرة الجماعة عاملين إيه! من امبارح لا حس ولا خبر وحاسة إني مش متطمنة..

أجابت زهرة:

- ربنا يستر ماتكونش اللي إسمها فريدة دي سببت مشاكل لسليم.. أنا خايفة نخسر المنشاوي بيه أو يزعل من اللي حصل، تفتكري يا ماما اتسرعنا؟

أجابت سنية بتردد:

- والله ما أنا عارفة يابنتي بس بعد ما نفطر اتصلي بسليم إتطمني وطمنيني. 

- لأ.. أنا مش هتصل بسليم.. 

تسائلت في تعجب:

- ليه بقى إن شاء الله!

- أنا بصراحه مش مرتاحه للي حصل إمبارح ده.. 

يعني ازاي قدرت أعمل كدة واقبل أن نقرا فاتحة مع سليم من غير علم باباه ومامته.. أضمن منين إني مش هكون بقل من كرامتي وأهله يرفضوا الموضوع، شوفي هما فين واحنا فين وانتي عارفة الناس اللي مستواها كدة بيرتبطوا بطبقات تناسب مستواهم الاجتماعي، أنا إيه يدخلني بينهم! 

أضمن منين إن سليم بيحبني بجد مش بيشفق عليا، أكيد انا صعبت عليه.. 

نظرت لها سنية في صدمه قائلة:

- إيه ده إيه ده كله، وتصعبي عليه ليه بقى إن شاء الله انتي مش أقل من حد وكفاية تعليمك وبكرة تبقى دكتورة قد الدنيا.. 

زهرة:

- يا ماما يا حبيبتي إفهميني، رحم الله إمرئ عرف قدر نفسه.. خلينا إحنا برا كل ده وهوا يتصرف مع أهله، إن كان من نصيبي هيجيلي مع أهله غير كدة لأ! 

- اللي يريحك يازهرة أهم حاجه يابنتي تكوني قلبك مرتاح ورايق بالك وتركزي في مذاكرتك، وانا مش طالبة منك أكتر من كدة.. أنا الحمد لله شبعت هاتي العلاج بقى...

                                 ٭٭٭


استيقظت بدرية والمنشاوي وسليم ذهبوا جميعاً إلى المستشفى، وصلوا إلى غرفة فريده كانت  مستيقظه تبكي من الألم وعلى حالها هذا عندما علمت بما تسبب له الحادث وبجانبها سماح تحاول مواساتها لكنها ما زالت تشعر بالغضب فعنفتها  قائلة:

- كدة بردو يافريدة توجعي قلبي عليكي يابنتي ليه مسمعتيش كلامي شوفتي حصلك ايه من ورا تهورك ده

ردت فريدة في حنق من وسط دموعها:

- اللي حصل بقى يا ماما انا مش حمل تأنيب وعتاب، آديكي شايفه حالي إيه واللي فيا مكفيني.. 

انا هموت من التعب يا ماما نفسي أروّح البيت و مش عايزه حاجه من الدنيا غير إني أرتاح وأعيش في سلام وبس أنا مبحبش الدكاترة والمستشفيات والعلاج والحاجات دي كلها أرجوكي خليهم يمشوني..


دخل عليهم المنشاوي والدكتور المختص بحالة فريدة والممرضة أحضرت كرسي متحرك 


المنشاوي: 

- ألف سلامه عليكي يافريدة، متخافيش ياحبيبتي إحنا معاكي لحد ما تبقي زي الفل وتمشي على رجليكي تاني.. 

نظرت إليهم فريدة بعد أن لاحظت كرسي متحرك بين يدي الممرضة ثم قالت في غضب:

- إيه ده الكرسي ده أكيد أنا مش هتحرك بيه 

هتفت سماح في ضيق:

- يابنتي حرام عليكي بقى ماتعمليش فيا كدة.

تقدمت منها بدرية وأخذت تربت عليها في حنان قائلة:

- فريدة حبيبتي إهدي عشان خاطري، إحنا هنستعمل الكرسي ده مؤقتاً وهنكشف عليكي ونروح لكل دكاترة مصر وبرا مصر كمان لو اضطرينا 

صدقيني مش هنسيبك! وعد.. ماشي يافريدة؟ 

اومأت فريدة إيجاباً وهي تبكي في حزن قائلة بصوت خافت:

- بس أنا هتكسف أمشي بيه يا خالتو، سليم لو شافني كدة مش هعجبه وأصحابي هيتريقوا عليا..


هتف الطبيب قائلاً:

- أنا أعرف دكاترة كويسين برا مصر هيفيدونا في حالة فريدة بإذن الله والموضوع مش مستحيل يعني.. أنا كتبتلها على علاج و تقدر تروّح البيت بس بعد ما الظابط يحقق معاها، هيا هتفضل ٣ شهور نايمة على ضهرها لحد ما الكسور في جسمها تخف وترجع لطبيعتها.. وبعدها نبدأ نمشي في حل مشكلة الفقرات ونسفرها تعمل العملية، عايز أقولكم إن الحادثة مكانتش هينة والحمد لله إنها لسة عايشة بعد اللي حصلها.. 

هتفوا جميعاً بالحمد لله ثم استأذنهم الطبيب وخرج..

في تلك اللحظه دخل عليهم والد كريم ووالدته  بعد أن أطرقوا على الباب عدة طرقات..


نظرت لهم فريدة وتسائلت باستنكار:

- مين دول؟ 

أجابت سماح في حنق:

- دول أهل الشاب اللي خبطك بعربيته.. 

انهارت فريدة وأخذت تصرخ في غضب وبكاء شديدين قائلة: 

- حسبي الله ونعم الوكيل فيه، ربنا ينتقم منه ويحصله نفس اللي عمله فيا.. 

تنحنح المنشاوي وهتف سريعاً:

- خلاص يافريدة ميصحش كدة، مهو مكنش قاصد يدمر حياتك ومسقبله يعني..! 


أجاب والد كريم "الشربيني":

- معلش سيبها أنا عارف ان صدمة الموضوع كبيره عليها..

بس دلوقتي ياأنسة فريدة العلم اتطور ومافيش حاجه مالهاش حل، احنا معاكي وأنا مستعد أتكفل بأي حاجه هتحتاجيها علشان تقدري تمشي على رجليكي تاني.. بس أنا ليا عندك رجاء. 


نظرت له فريدة تنتظر منه أن يُكمل حديثه فقال:

- في ظابط هييجي يحقق معاكي، لما ييجي  يحقق معاكي عن الحادثة قوليله إن كريم إبني كان ماشي بسرعة طبيعية و...  وإنك خرجتي قدامة فجأة.. أنا آسف إني بطلب منك كدة بس أنا رجل أعمال ليا إسمي في السوق مش عايز حاجه تأثر على سمعتي لمجرد حادثة قضاء وقدر! 


ثم أخرج دفتر شيكات من جيب سترته وقال:

- وياستي لو عايزة تضمني حقك أنا مستعد أمضيلك شيك على بياض تحطي فيه الرقم اللي يعجبك وأنا معاكي في أي مصاريف تحتاجيها.. 

ها قولتوا ايه..؟ 


ردت فريدة في غضب:

- يعني إيه عايزني اطلع نفسي غلطانة وهوا ملاك بريئ معملش حاجه! 

لأ لازم يتربى وياخد عقاب اللي عمله فيا..


هتفت والدة كريم برجاء:

- أرجوكي يابنتي ساعدينا ومتخليش مستقبل الولد يضيع.. يا استاذة سماح إنتي أم وهتحسي بيا إبني لو مش كويس مكانش وقف وفضل جنبها واستسلم لأمر القضاء.. خلوه يخرج بس من القسم واحنا هنعمل كل شيء يرضيكم.

صمتت فريدة ونظرت سماح إلى بدرية في حيرة وكأنها تحاول أن تستعين برأيها فيما يُقال.. 


أومأت لها بدرية إيجاباً تعبر لها عن موافقتها..

فقالت:

- خلاص يافريدة اعملي زي ما بيقولوا يابنتي وسيبي أمرك لله

ردت بدرية:

- يمكن ده يكون سبب لشفاكي وتيسير أمورك يافريدة

اومأت إيجاباً

فأخرج الشربيني شيك على بياض وقدمه إلى فريدة فسحبته ونظرت به ثم وضعته جانباً في صمت فقال:

- أنا متشكر جداً على تفهمكم.. وأنا على وعدي. 

استطرد قوله:

- طيب إحنا هنخرج نشوف تفاصيل الحالة من الدكتور وهنرجع تاني.. بعد إذنكم.


                               ٭٭٭

في بيت سنية رن جرس المنزل قامت لترى من الطارق فوجدت أمامها سليم.. 

هتفت في ترحيب: 

- أهلاً يابني اتفضل اتفضل.. 

دخل سليم ثم جلس على الأريكة وتسائل: 

- شكراً لحضرتك.. أمال هي فين زهرة، بكلمها ومش بترد عليا، قلقت وجيت اتطمن بنفسي لا يكون حصل حاجه.. هيا كويسة؟ 

أجابت:

- آه يابني كويسة الحمد لله، استنى هدخل أناديلك عليها تتكلم معاها بنفسك..


ذهبت سنية لتنادي على زهرة، رفضت مقابلته في بادئ الأمر لكنها اضطرت للخروج من غرفتها بعد إصرار سنية عليها وإخبارها بضرورة التحدث معه في أمرهم.. 

خرجت زهرة من غرفتها بعد أن وضعت الحجاب فقالت: 

- السلام عليكم 

- وعليكم السلام.. أزيك يا زهرة؟

تركتهم سنية يتحدثون وذهبت لإعداد الشاي.

جلست زهرة إلى جانبه فقالت:

- الحمد لله في نعمة..

تسائل:

- ولما هوا الحمد لله في نعمة مش بتردي على اتصالاتي ليه؟ 

تعجبت زهرة من أسلوبه ثم أجابت:

- بص ياسليم انا هكلمك بصراحه، أنا حاسة إننا استعجلنا في اللي عملناه إمبارح.. مكنش ينفع نعمل كدة من غير علم باباك ومامتك.. وكان لازم الأول تتأكد من موافقتهم قبل موافقتي..


أنا حالياً رافضة ارتباطي بيك لعدة اسباب.. 

أول وأهم سبب:

- إننا مش مناسبين لبعض.. وقلبي حاسس إن مامتك وباباك هيرفضوني وأنا مستحيل أجي على كرامتي.. 

رد سليم:

- زهرة أنا بحبك! عارفة يعني إيه بحبك؟ يعني لو كل الدنيا وقفت قصادي في طريقك هتجاوزهم وأبقى جنبك.. 

شعرت بسعادة بالغة لما سمعت ثم أجابت في جمود: 

- الحب مش كل حاجه يا سليم.. ياريت لو تعتبر اللي حصل ده محصلش لحد ما تتكلم مع أهلك وتشوفهم موافقين ولا لأ، ولحد ده مايحصل أنا بحلك من أي وعد من اللي اتقال إمبارح.. أرجوك بلاش تحطني في موقف وحش مع باباك ومامتك أو تكرههم فيا. 


رد سليم في صدمه:

-  بس إنتي كنتي مبسوطة إمبارح ليه النهاردة بتقولي كدة؟! 

- راجعت نفسي ياسليم ولقيت إني كدة بفكر صح حفاظاً على كرامتي وقلبي ودا مش وقت مناسب أبداً لكل اللي بيحصل ده. 


تنـهد ثم قال في ضيق:

- طيب ياستي اللي يريحك.. عموماً أنا هعمل اللي عليا لآخر نفس، وعمري ما هبطل أتمسك بيكي مهما حصل.. لإني زي ما قولتلك حبيتك واختارتك ليا وانا عارف إني عمري ما هلاقي بنت زيك دلوقتي أقدر ءآمنها على نفسي وتشيل إسمي وتبقى أم ولادي.. 

دلفت سنية تحمل بين يديها الشاي فـ هَم قائماً عن مجلسه ليذهب فقالت سنية:

- على فين مش لما تشرب الشاي..

نظر إلى زهرة نظرة عتاب فقال:

- لا بعدين بقى.. لما يبقى وقت مناسب إن شاء الله.. 

غادر حزيناً وكانت زهرة في هذه اللحظة تشعر بأن قلبها مقهور تخاف أن تخسره للأبد لكنها مقتنعة بأن ما فعلته هو الصواب قائلة في نفسها..

" آجى على قلبي وأوجعه أحسن ما أجي على كرامتي وأخسرها، ولو كان قلبي سلمة هترفعني لفوق درجة هدوس عليه ولا إني أسمح لحد يدوس عليا ويطلعها.." 

                           

بقلم/ ندى أشرف ، نجوى أشرف

رواية "زهرة" (١١)

    ٭٭★٭٭


خرج سليم من منزل زهرة غضبان آسفاً يشعر بالضيق، يتذكر حديث زهرة ويختلط بحديث والده حينما أخبره بأن لا يفكر بالارتباط من زهرة، لا يعلم ما هي وجهته ولكن كان يقود سيارته بسرعة شارد الذهن.. يشعر بالألم في داخله يتمنى لو أن يعود إليها ويأخذها بين أحضانه وتخبره أنها لن تتركه أبداً ولن تكن لأي شخص غيره ويتمنى لو أن يسمع منها ما بداخلها تجاهه.. 

يتسائل لما رفضته بعد أن وافقت وإذا كانت لا تبادله نفس الشعور لماذا وافقت على طلبه أمس.. أتحبه كما يُحبها أم هو بالنسبة إليها شخص عادي! 

اعتلى صوت الموسيقى فوق صوت أفكاره يتغنى..


"أوقات بيجي الصح في الوقت الغلط..

والقلب زي السهم لو شده فلت..


وبصراحة الدنيا بتغيرنا بالراحة..

وما بين شعور بالذنب والراحة كله إختلط..


بقى عادي ناس يختاروا صح ويتأذوا..

والحب مش محكوم بحاجة تميزه..


مش أي إحساس بالسعادة بيتقبل..

ولا أي وعد بناخده سهل ننفذه.. "


جاء صوت زهرة في ذهنه قائلاً:

" أنا بحلك من أي وعد اتقال إمبارح.." 


أعلن هاتفه عن إتصال من صديق له كان دائما ما يحاول الابتعاد عنه لأنه صديق سوء، فأجاب في سرعة كأنه المنقذ الذي سيخرجه من حزنه..

- الو ..

أيمن:

- إيه يا برو انت نسيتنا ولا إيه؟ عامل ايه محدش شايفك يعني.. 

- مافيش اهو عايش.. ايه فينك كدة!

- في النادي، بنخلص حوار كدة وطالعين عالبار انا والشلة، مش ناوي تفك عن نفسك بقى وتيجي معانا وتعزمنا عزومة حلوة من بتوعك.

أخذ سليم يُفكر قليلاً فقال:

- i'm in..

نصاية ونتقابل هناك وعايزك تظبطني عالآخر.. يلا باي.

٭٭٭

*في المستشفى*

كانت فريدة تشعر بالضجر والضيق وتريد العودة إلى منزلها في أقرب وقت ممكن لكن سماح أخبرتها بضرورة بقائها في المستشفى لتتلقى الرعاية اللازمة وأنها لن تستطيع التعامل معها على حالتها تلك كما قال الطبيب عندما سمح لها بالخروج إن أرادت، فردت قائلة:

- بس يا ماما المكان هنا كئيب وحاسة اني مخنوقة، أنا محتاجه أرجع أوضتي.. 

- يابنتي ماتوجعيش قلبي معاكي خليكي حتى إسبوع بس لحد ما تبقي خفيتي شوية ونقدر نحركك ونتعامل معاكي، محدش هيتألم ويتعذب غيرك.. 

صمتت فريدة غاضبة وأزاحت بصرها بعيداً وقررت أن لا تتحدث ولا تأكل ولا تشرب وتمتنع عن كل شيء كأن تُعبر بذلك أنها فقدت رغبتها في الحياة بأكملها.. 


فدلف الضابط على حين غرة بعد طرقات بسيطة على الباب وطلب من الجميع المغادرة وبدأ يتحدث مع فريدة ويوجه لها عدة تساؤلات ولكنها أقرت بعكس ما لديه في الإبلاغ وأخبرته أن كريم لم يكن متعمد لما حدث وأنها هي المخطئة الوحيدة وعلى ذلك قرروا إخلاء سبيله وإغلاق المحضر بعد ان حاول التأكد منها أن ذلك الكلام لم يكن تحت ضغط من أي أحد لما فيه من إهدار لحقها إذا كان كريم مذنب تجاهها.


وبعد ذلك غادر الجميع كلاً إلى وجهته ماعدا بدرية وسماح.. 


عاد المنشاوي إلى الفيلا بمفرده ولاحظ عدم تواجد سليم منذ الصباح وكلما حاول الاتصال به لم يستطع الوصول إليه.. حتى راوده شعور بأنه ليس بخير وأنه هناك شيئاً ما يحدث لا يعلمه مما زاد من قلقه وحيرته.. 

مر الوقت ولم يعد سليم وكذلك لم يعاود الاتصال بوالده، قرر المنشاوي أخيراً أن يتصل بزهرة ويسألها إن كانت رأت سليم أو تحدثت معه.. 

- السلام عليكم

- وعليكم السلام 

- ازيك يازهرة عاملين إيه انتي ومامتك بخير؟ 

أجابت في قلق:

- بخير الحمد لله.. 

تسائل:

- بقولك إيه يازهرة هوا سليم مجاش عندكم النهاردة أو اتصل بيكي؟

ردت في حرج:

- اه هوا كان عندنا، كان بيتطمن على ماما ومشي على طول.. خير في حاجه؟

- أصل هوا من بدري مختفي وبكلمه مش بيرد عليا، طيب في حاجه حصلت عندك!


شعرت زهرة أنها ستكون السبب إذا تأذى سليم بأي شكلٍ كان، صمتت ولم تجد ما تُجيب به وتلعثمت فقال:

- يبقى حصل أنا جايلك أفهم في إيه بالظبط.. 


أغلقت زهرة الخط وهي لا تعلم كيف ستخبره بما دار بينها وبين سليم وكيف ستكون ردة فعله، فكرت بأنه بكل تأكيد سيبتعد عنهم ليحافظ على إبنه منهم وكأن الدنيا ضاقت بعينيها فجأة ولا يوجد أمامها سوى أن تترك أمرها بيد الله.. 


تسائلت سنيه في قلق: 

- خير يابنتي كنتي بتكلمي مين ومال وشك مخطوف كدة! 

أجابت في ضيق:

- المنشاوي بيه يا ماما.. بيقول سليم مختفي من الصبح ومراحش الشركة ولا البيت وبيكلمه مش بيرد عليه، أنا السبب أكيد هوا دلوقتي مش بخير بسببي.. 

تسائلت سنية في توتر:

- وبعدين إيه العمل؟

- المنشاوي بيه جاي فالسكة وأنا مضطرة أحكيله عن كل حاجه.. 

- بس انتي كدة هتسببي مشاكل بينهم!

- مافيش قدامي حل تاني.. 

٭٭٭

في أحد البارات جلس سليم واضعاً هاتفه على وضع الصامت كئيب المنظر سيء الحال هتف صديقه أيمن قائلاً: 

- إيه يابني كفاياك شرب أنت أول مرة تشرب كتير كدة.. هيجرالك حاجه.

ثم سحب الكأس من يده، عاد سليم يأخذه منه في غضب قائلاً بحديث متقطع:

- وانت مالك بيا.. سيبني.. أنا مش عايز أحس بأي حاجه حواليا.. عايز أرتاح من التفكير.. وآخد أجازة من الدنيا شوية.. أنا عايز أنسى كل حاااجه..

رد أيمن في حنق:

- أجازة من الدنيا شوية إيه دي كدة هتبقى أجازة أبدية..

نظر له سليم في سخرية فقال:

- ياريت تخليك في نفسك وانت كمان إنساني.. 


تعجب أيمن من حال صديقه الذي لأول مرة يراه على هذة الحالة، ظن في بادئ الأمر انه وافق بالذهاب معهم إلى البار ليحظى بالقليل من المتعة.. لكن ما يراه الآن في أفعال سليم من كثرة شرب ورقص كأنه ينتقم من نفسه فقرر أن يجد حلاً ليوقفه عما يفعل..

٭٭٭


دلف المنشاوي إلى منزل زهرة ألقى السلام وجلس أمام زهرة يستائل:

- ها احكيلي إيه اللي حصل؟ 

- اللي حصل إن امبارح في المستشفى سليم طلب إيدي من ماما.. 

تعجب المنشاوي واتسعت حدقتا عينيه ورفع حاجبيه مصدوماً من فعلة إبنه دون أن يُخبره أو يستشيره فاستطردت قولها.. 

- أيوة ده اللي حصل وماما سألتني وأنا بصراحة وافقت.. فقال نقرا فاتحة ربط كلام بينا لحد ما يكلمكم في الموضوع ويجي يتقدم رسمي، وإنه كان حابب يعرف إني موافقة ولا لأ، بس أنا حسيت إن اللي حصل ده مش صح.. وإنه بدون علمكم بالشيء فـ كأنه لم يكن! 

فقررت إني امتنع عن الرد على اتصالاته ولما عملت كدة جه يتطمن ويعرف السبب فقولتله إني مش موافقة على اللي حصل، و.. إننا مش مناسبين لبعض، وإن فرق المستوى الاجتماعي بينا بكل تأكيد سبب كافي إننا مش هنكون لبعض وأنك مش هتوافق على الكلام ده وكذلك طنط بدرية.. 

أنا حبيت أحفظ كرامتي عشان منخسرش حضرتك وطنط بدرية.. 

تسائل المنشاوي:

- وبعدين إيه حصل! 

- اتفقنا على كلامي ده وطبعاً هوا مكنش موافقني الرأي فمشي وكان زعلان.. 


أشار المنشاوي على هاتفها قائلاً:

- اتصلي بيه وهاتي أكلمه.. أكيد هيرد عليكي انتي بالتحديد.. يلا.

أمسكت زهرة هاتفها وأتصلت به مرة والأخرى لم يُجيب.. عادت الاتصال للمرة الأخيرة أجاب أيمن.. 

- ألو..

أجاب المنشاوي في غضب وتسائل عندما لاحظ اختلاف الصوت:

- الوو.. مين إنت؟

- أنا أيمن صاحب سليم..

أجاب:

- إنت تاني؟ أنا مش محذرك تقرب من إبني وتبعد عن طريقه! 

أجاب أيمن بثقل لسان أثر كثرة شرب المخـدرات:

- إهدى عليا بس يا انكل يعني أنا غلطان إني رديت! 

تسائل المنشاوي في حزم:

- فين سليم؟

- سليم موجود في البار وشارب ومتدهول خالص.. ده بيشرب بطريقه أوڤر أوي يا أونكل لدرجة أنه مش حاسس بنفسه.. 

رد المنشاوي في غضب قائلاً:

- أنا هوديك في ستين داهية ابعتلي اللوكيشن حالاً 

- الله! وانا مالي يا انكل، سليم هوا اللي جه بنفسه، أنا مضربتهوش على إيده يعني.. 


أغلق المنشاوي الخط وانتظر رسالة الموقع ليذهب إليهم، لقد أحزنه ما سمع لكنه شعر بأريحيه لمجرد أن عرف مكان سليم.. 

وصل إليه الموقع فـ هَم ذاهباً دون أن ينطق بكلمه. 


استوقفته زهرة قائلة:

- استنى.. انا هاجي معاك لازم أشوفه وأتطمن عليه، يمكن وجودي يفرق ولو شوية! 

لم يستطع منشاوي منعها فوافقها وكذلك سنية، ذهبت وجلس ينتظر أن تستعد للذهاب معه.. 

هتفت سنية في حرج قائلة:

- انا بعتذر عن اللي حصل وإني طاوعته في اللي طلبه مني بس انا كانت بالنسبالي بعيش بين الحياة والموت وبتمنى قشاية بس أتعلق بيها تطمني على زهرة

أجاب المنشاوي:

- لا لا متحمليش هم على بنتك طول ما أنا على وش الدنيا وياستي ربنا يبارك في عمرك لحد ما تفرحي بيها وتشوفي أولادها كمان.. 

لعلمك زهرة بنت مميزة ولو لف الدنيا كلها مش هيلاقي في أدبها وأخلاقها وجمالها وعلمها، مش عايزك تحملي هم أبدا وسيبي كل حاجه على الله


تنهدت سنية في راحة قائلة بامتنان:

- أنا مش عارفة أشكرك ازاي على وقوفك جنبنا يامنشاوي بيه من ساعة وفاة عبد الحميد الله يرحمه، بس أنا والله بدعيلك دايما ربنا يجازيك عنا كل خير..


قطع حديثهم خروج زهرة قائلة:

- أنا خلاص جهزت يلا نمشي.. 


ذهبوا حيث الموقع الذي أرسله صديق سليم..

دقائق ووصلوا إلى مكان البار توقف فهمّت زهرة ذاهبة هي الأخرى استوقفها قائلاً:

- على فين إنتي أخرك هنا.. انا هدخل أجيبه وآجي..

اومأت إيجاباً في هدوء وضربات قلبها في تسارع مع الزمن خائفة من أن ترى سليم في وضع تكره أن تراه عليه.. 

دلف المنشاوي فوجده أيمن استوقفه يسأله:

- انت انكل منشاوي صح؟

نظر له في ضيق وكره قائلاً:

- إنت أكيد أيمن.. 

- أيوة انا أيمن تعالى شوف إبنك محدش هيقدر عليه غيرك.. 

انتبه المنشاوي على صوت سليم يقول بأعلى صوته:

- إيه انت مبتفهمش بقولك هات إزازة تاني.. 

توجه والده إليه في حزم ثم سحبه من يده غاضباً:

- سليم..! 

نظر له سليم في صدمه فقال:

- بابا..! إنت.. إنت إزاي هنا؟

- تعالى معاية..

سحبه المنشاوي إلى داخل الحمام وألقى برأسه تحت المياة الباردة ليجعله يعود إلى وعيه، شعر بالغثيان الشديد فتقيئ كل ما بداخله.. 

توقف متعب يشعر بالدوخه والإرهاق الشديدين فقال له منشاوي:

- كدة بردو يابني تعمل في نفسك كدة! من إمتى ياسليم وانت بتعصي ربنا بالمنظر ده! أنا ربيتك على كدة؟ 

أخفض سليم بصره في حزن وقال:

- أنا آسف يا بابا سامحني.. 

- هنشوف الموضوع ده بعدين المهم يلا خلينا نمشي عشان زهرة مستنية برا في العربية..


رفع سليم بصره في دهشة ينظر إليه في تعجب وعيناه حمراء يتسائل:

- زهرة.. زهرة! برا هنا؟ ليه

- هبقى أحكيلك بعدين يلا عشان اتأخرنا عليها...

                            ٭٭٭

٭في المستشفى٭ 

ذهب كريم مباشرة بعد إخلاء سبيله إلى المستشفى واطرق الباب على فريدة حاملاً بين يديه باقة من الورود وأنواع عديدة من العصير والفاكهة.. 

عندما رأته فريدة تعجبت لرؤيتة وكادت أن تتسائل من هو حتى أجاب عن تساؤلات عقلها:

- أنا كريم الشربيني.. 

تحولت قسمات وجهها من التعجب للغضب والضيق وأزاحت بصرها بعيداً عنه

هتف برجاء:

-  ممكن تقبلي اعتذاري وتديني فرصة أتكلم معاكي وأوضح موقفي.. 

اجابت وهي لازالت على حالتها الغاضبة:

- لأ مش ممكن.. إنت مكنش ليك عندي غير إني اقول عن نفسي أنا الغلطانة عشان سيادتك تطلع من السجن.. 

لا إعتذارك هيرجعني سليمة ولا الورد اللي إنت جايبه ده هيطيب خاطري اللي اتكسر حزن على حالي.. فـ إمشي. 


وضع الورود جانباً وكذلك العصير والفاكهة ثم سحب الكرسي وجلس بالقرب منها، نظرت له باستنكار وتعجب، أسند ظهره للخلف فقال:

- أنا كريم الشربيني، شاب متهور وطايش، عايش حياته بالطول والعرض ومسابش حاجه في الدنيا دي إلا وعملها، تخيلي بقى إن اللي حصلك بسببي ده كان قلم كبير أوي أخدته يفوقني ويفكرني إن حياتي دي ممكن في لحظة واحدة تنقلب رأساً على عقب ولا تنتهي حياتي فنفس اللحظة دي وملحقش أصلح من نفسي وأعدل طريقي..


أنا عايز أقولك إن اللي حصلك ده ممكن يكون حاجه ليكي إنتي كمان بتفوقك من حاجه كنتي بتعمليها في حياتك..


أنا فالليلة اللي قضتها جوا الحبس دي اتقابلت بشيخ كبير في السن شوية كان في موقف شبه موقفي بس بيسوق مقطورة، ومن ضيقتي اتكلمت معاه وفضفضت له وكنت مستغرب هدوئه ورضاه رغم الموقف اللي هوا فيه..

 حكيت له اللي حصلك بسببي وهوا قالي إن اللي حصلك واللي حصلي وحصله؛ كله عبارة عن بلاء ورحمة من ربنا وعلى قد ما كنت غضبان وبلعن اللحظة اللي خبطتك فيها على قد ما قعدت أفكر أنا ممكن ليه يكون ربنا عمل فيا كدة وحسيت إن خلاص بقى كفاية عك وجنان وبنات وسهر وأحاول أكون راضي عن نفسي شوية بدل ما أنا عايشها كدة وخلاص.. 


أجابت في حنق:

- طب وأنا مالي بكل اللي انت بتقوله ده، إنت واحد حياته خربانه أنا ذنبي إيه حياتي ومستقبلي يتدمروا بسببك!


- فريدة صح؟

تعرفي إن إسمك جميل اوي..  لأ واكيد إسم على مُسمى.

صمت لثواني ثم استطرد قوله:

- ذنبك إن ربنا بيحبك.. 

مهو الشيخ قالي بردو إن الله إذا أحب عبداً ابتلاه و زي ما البلاء مغفرة للذنب ساعات بيكون رفعة للشأن..

أتمنى ربنا يرفع شأني بالتوبة وصلاح الحال وليكي كمان..

ردت:

- سبحان الله مايجيش من واحد شبهك كلام زي ده أصلا.. وبعدين إنت جاي تقولي كلمتين لسة حافظهم و ولا هتعدل من نفسك ولا نيلة، هوا يومين بس تفوق من صدمة الموقف وهترجع ريمة لعادتها القديمة.. إنت مشوفتش نفسك كنت سايق زي المجنون ازاي ومش شايف حد قدامك!

اجاب في غضب:

- وانتي ماشوفتيش نفسك كنتي ماشية باصة في الموبايل ازاي ولا كإنك على طريق عربيات! لا وبتعيطي كمان..

تلاقيكي كنتي عايزة تنتحري ومعرفتيش، مهو بصراحة كدة واحدة زيك متستحملش تعيش بشخصيتها دي يوم كمان..


عمال أكلمك وأقنع فيكي واخليكي تهدي عن غضبك ومش مدياني فرصة أتكلم من الأساس، إنتي إيه يابت إنتي محدش مالي عينك ولا إيه؟


أجابت في غضب وعناد:

- ولا.. أقسم بالله أرجعك السجن تاني، هبلغ عنك وأقولهم كان قاصد يخبطني وكان بيعاكسني ولما حاولت أجري منه جري ورايا بالعربية وخبطني بالقصد والترصد!


أجاب في هدوء وهو يضحك:

- ياساتر عليكي أنا بهزر معاكي، ولا تزعلي نفسك، أنا هقوم أمشي من وشك خالص..

هم ليغادر استوقفته قائلة:

- إستنى..

أجاب في حماس:

- إيه غيرتي رأيك ورجعتي لعقلك؟

أجابت 

- خد شوية الجرجير اللي انت جايبه معاك ده ويستحسن مشوفش وشك تاني هنا..

تنحنح في حرج فقال:

- الله يكسفك.. حد يقول على ورد بالجمال ده كله وغالي بالشكل ده جرجير! 

دا أنا مني لله إني وقعت في طريقك ياشيخه.. 

تسائلت بنبرة تهديد:

- بتقول حاجه؟

- لا ياستي مبقولش.. أما الورد ده إبقي إعمليه سلطة ياأنسة جرجير..

سلام


وقف ليفتح الباب اصطدم بـ سماح وخلفها بدرية فألقت السلام ورد السلام هو الآخر فقالت:

- إنت هنا بتعمل إيه

اجاب:

- لأ مافيش كنت حابب أشكر أنسة فريدة على إنها كانت سبب في إخلاء سبيلي وأتطمن عليها بالمرة..

ثم نظر إليها فقال:

- بس واضح إنها بخير جداً ماشاء الله

تعجبت بدرية فضحكت خلسةً فقالت في نفسها:

- " يبقى اكيد فريدة عملت معاه الواجب وزيادة" 

فقالت سماح:

- آه، الحمدلله على كل حال

فاستأذن وغادر على وعد بالعودة مرة أخرى.

                         

بقلم/ ندى أشرف

رواية "زهرة" (١٢)

        ٭٭★٭٭

خرج المنشاوي بصُحبة إبنه إلى السيارة وهو في قمة حزنه وأسفه على الحالة التي وجد عليها ابنه بعد كل تلك السنين من السعي وراء جعله شاب صالح بعيداً عن سلوك الشباب السيئ..

 تقدم سليم من السيارة لاحظ وجود زهرة بالكرسي الأمامي استقبلته بلهفة تحاول الاطمئنان عليه فجلس بالكرسي الخلفي دون أن يتفوه بكلمة حتى أنه لم يُجيب على أي من تساؤلاتها معتبراً اياها سبب كل ما هو فيه من حزن وكسرة قلب.. 


هبطت من مكانها وعادت للخلف بجانبه بقى على ثباته ولم يعرها أي اهتمام وجلس بالكرسي الخلفي فهبطت لتطمئن عليه وجلست بجانبه، بدأ المنشاوي في إدارة محرك السيارة مغادراً ذلك المكان

هتفت زهرة في خفوت:

- سليم.. طمني عليك إنت كويس؟

أجاب في جمود:

- أنا كويس.

حدثته مُعاتبة إياه في ضيق:

- ينفع الخضة اللي خضتهالنا دي؟ بتعمل في نفسك كدة ليه؟

نظر لها بطرف عينيه في صمت ثم أعاد النظر بعيداً عنها لتفهم من تلك النظرة ما تريد ولا يهتم..


شعرت بالضيق فقالت:

- عموماً المهم إني اتطمنت عليك ولينا كلام تاني بعدين.. 

أجاب:

- على فكرة مكنش له لزوم تيجي وتتعبي نفسك الحكاية مش مستاهلة يعني.. 

شعرت زهرة بالحرج فقالت:

- فعلاً إنت معاك حق.. مكنش لازم آجي. 


أسند سليم رأسه في تعب ولم ينطق.. كان يبدو عليه التعب الشديد..

تسائل المنشاوي:

- سليم إنت كويس؟ أطلع على المستشفى؟

- كويس كويس وديني على البيت أنا محتاج أرتاح.. 


وفجأة ارتعش جسده وارتفعت حرارته شعرت به زهرة فوضعت يدها على جبهته في تلقائية تتحسس درجة حرارته لما بدا عليه من إعياء فوجدت أن حرارته مرتفعة بشدة..

فقالت في ذعر:

- سليم سخن جامد يا منشاوي بيه، درجة حرارته عالية أوي! 

هتف المنشاوي في قلق:

- خلاص أنا هطلع على المستشفى..

هتف سليم في ضيق:

- مش عايز أروح المستشفى قولتلكم أنا كويس.. 

رد المنشاوي:

- خلاص، هاخدك على بيت زهرة ونكلم دكتور خالد يحصلنا على هناك يكشف عليك..

بدرية لو شافتك كدة مش هتبطل أسئلة وانا مش عايز حد يعرف باللي حصل..

أطرق سليم رأسه في حزن وتعب.


كذلك زهرة التي شعرت بالذنب وخانتها دموعها فمسحت بها وفجأة سحب سليم يدها واحكم قبضته عليها بقوة، نظرت له في دهشة وهو يحدق بها كأن يقول لها " لا تتركيني بدونك ينتهي معنى الحياة ولذتها، تمسكي بي كأني طوق نجاتك من شرور الدنيا وأنتِ مؤنستي في الحياة وطوق نجاتي، أنا أحتاجك كما تحتاجين إليّ فلا تتجاهلي نبضة قلب تناديكي وترى فيكي السكن والسكينة.." 

شعرت بالدماء تسري في جسدها واحمرت وجنتاها فسحبت يدها بهدوء وأخفضت بصرها في حرج تتمنى لو كان بإمكانها احتوائه وتعويضه عما حدث وإخباره بأنها تبادله الشعور نفسه لكنه النصيب!. 


أما المنشاوي فقد أجرى أتصالاً بالطبيب خالد وطلب منه ملاحقتهم إلى المنزل كما وضح له حالة الإعياء لدى سليم ليُحضر معه العلاج المناسب.. 


دقائق وتوقفت السيارة عند منزل سنية، أسند المنشاوي سليم حتى وصل به إلى داخل المنزل استقبلتهم سنية وهي تتسائل ألف سؤال وسؤال فأخبروها بسوء حالة سليم الصحية وأنه الطبيب خالد على وصول ليفحصه.. 


لم يستطع سليم الجلوس فكان يود أن يستلقي على الفراش فكانت حالة الإعياء به تتزايد أكثر فأكثر ويرتعش جسده.. 


استضافته زهرة على فراشها حتى مجيئ الطبيب، كذلك أسنده المنشاوي وألقى به على الفراش فاستلقى في تعب وهو يتوهج حرارة.. 


ذهبت زهرة وعادت تحمل بين يديها ماء فاتر لتضع له الكمادات على جبهته حتى تنخفض حرارته، كان مغمض العينين يتألم في صمت وهي تتأمل ملامحه في حب وحنان وتتمنى له السلامة كي يطمئن قلبها ويزول الحزن على حالته تلك التي تسببت فيها هي..


 كانت أول مرة تراه فيها بهذا القرب وتتحقق من ملامحه.. كان خمري البشرة لحيته خفيفة متوسط قوامه وعالية قامته، عيناه بنيتان ورموشه كثيفة كانت شفتاه حمراء من أثر ارتفاع درجة حرارته وكذلك وجنتاه.. 


بدأت الحرارة تؤثر عليه وينطق بكلمات هلوسة غير مفهومة حاولت زهرة استيعاب الأمر والسيطرة عليه فما كانت تفهم من جملة كاملة سوى كلمة " زهرة" 

فترد في عفوية:

- أنا جنبك ياسليم.. 

حتى غط في ثبات عميق.. 


ذهبت سنية لتعد الطعام من أجل سليم..  وحضر الطبيب خالد معتذراً وأخبرهم بما لديه من مشاغل وضغوط في العمل مما تسببت في تأخيره.. 


ثم توجه إلى سليم وقام بفحصه وقياس درجة حرارته ولاحظ انخفاض ضغطه كما كان يشكو من آلام في رأسه ودوار..

كتب له روشتة بالأدوية اللازمة وأخبرهم بأنه سوف يتحسن سريعاً بعد أخذ الدواء والطعام بعناية وحذرهم إذا استمرت حرارته مرتفعة بضرورة ذهابة إلى المستشفى..


انصت المنشاوي إلى تعليماته تلك ثم صاحبه في الطريق ليقوم بشراء الدواء

لكن سليم حاول النهوض بصعوبة قائلاً في ضجر: 

- فين بابا أنا محتاج أروّح، انا بقيت كويس! 

دلفت سنية تحمل بين يديها حساء الخضار مع اللحم قائلة:

- مش هتمشي قبل ما تشرب الشوربة دي كلها.. 

أجاب:

- انا مش هقدر معلش خليني أروح البيت لو سمحتي إندهيلي بابا..

هتفت سنية في حزن:

- يعني هتضيع تعبي على الفاضي؟ ينفع أعملك حاجه مخصوص وترفضها؟ 

توجهت زهرة صوب والدتها سحبت منها الطعام قائلة:

- خلاص يا ماما هوا هياكل ومش هيكسر بخاطرك وكمان عشان يقدر ياخد العلاج..

سمعت صوت طرقات على الباب فعلمت أنه المنشاوي عاد فتركت الطعام جانباً وذهبت لتفتح الباب.. 

تنهد سليم فقال:

- انا مقصدش والله بس أنا مش حابب أتعبكم معايا وأنا هبقى كويس.. 

سنية:

- لا تعب ولا حاجه دا إنت زي زهرة بالظبط ويهمني سلامتك يابني وبعدين مايجيش حاجه من جمايلكم علينا.. 

دلف المنشاوي بعدما تنحنح كنوع من الاستئذان وخلفه زهرة فقال:

- مافيش حاجه اسمها جمايل ياأم زهرة إحنا أهل وبعدين لولا إني مش عايز بدرية تعرف باللي حصل أو تتخض عليه كنت روحت بيه البيت وكلمت خالد.. أصلك متعرفيش سليم دا عندها إيه، وحيدها ولو حست بحاجه فيه بتنهار وانا مش حمل اتنين مرة واحدة.

اجابت:

- ربنا مايجيبش حاجه وحشة ابداً يارب ويشفيك ياسليم

وضع المنشاوي الأدوية جانبا فقال:

- كل الأول وبعدين خد العلاج وانا قاعد برا لحد ما تفوق شوية ونمشي.

اومأ سليم في هدوء فقدمت له زهرة الطعام قائلة:

- اتفضل بالهناء والشفاء.. 

ثم غادرت الغرفة خلف المنشاوي وسنية.. 

أعدت لهم الشاي كما طلب المنشاوي قهوة فهو يُحب طريقتها في إعدادها..

وبعدما انتهت دلفت غرفتها لتطمئن على سليم وتساعده في أخذ علاجه..  

وحينما شعر بها توقف عن الطعام وسحب منديلاً مرره على فمه ثم قال:

- الحمد لله.. 

قدمت له الدواء فأخذه منها وهمت لتغادر استوقفها قائلاً:

- زهرة استني.. 

اجابت بهدوء:

- نعم. 

- اقعدي عايز اتكلم معاكي.

وضعت الكرسي بجانب السرير وجلست فقالت في حرج:

- مش كنت تكمل أكلك

 أجاب:

- سيبك من الأكل دلوقتي وبهدوء كدة فهميني..

ليه غيرتي رأيك مع إنك كنتي فرحانة وموافقة، وبصراحه يا زهرة ها بصراحه! 


تنـهدت فأجابت:

- بصراحة انا عندي أسباب كتيرة، يعني مثلا اللي حصل من فريدة في المستشفى وبعدين إختفت أنا حسيت بالذنب وحسيت إن وجودي هيدمر عيلة مكنش لازم اتدخل بينهم وأكون سبب في مشاكل كتيرة.. محبتش أكون أنانيه و أبني سعادتي على تعاسة غيري قولت خليني اركز في مستقبلي وأسيب كل حاجه تمشي زي ما كانت.. دا غير إن زي ما قولتلك فكرت في فرق المستوى بيني وبينك وإن رأي باباك ومامتك مش هيكون على هوانا.. 


صمتت زهرة تنتظر منه رد فقال:

- وانتي مين اشتكالك! هوا ايه اللي سعادتي وتعاسة غيري والكلام الفاضي ده.. أنا فريدة عمري ما بصيتلها غير على إنها أختي، وأي حاجه تانية تبقى في خيالها هيا وبس! 

انتي كدة بتتعسيني أنا، أنا اللي بحبك ومستعد أواجه الدنيا عشانك بس لواحدي مش هقدر، مش هينفع إنتي لو مش عايزاني مش هجبرك بس أنا اللي مجنني إنك كنتي موافقة.. 

- بس أنا فعلا خايفة من المواجهة دي.. خايفة من مواجهة مامتك وباباك وفريدة حتى خالتك، مش عايزة حد يبصلي بصة وحشة ويفكر فيا بشكل سلبي ولا يقولوا طمعانة فيك و...

أعتلت نبرة صوته في نفاذ صبر قائلاً:

- لو كنتي بتحبيني مش هيفرق معاكي الكلام اللي بتقوليه ده يا زهرة! بس انتي مش بتحبيني..


أجابت بانفعال هي الأخرى:

- أنا بحبك بس صدقني مش هقدر هوا انت دخلت جوا قلبي عشان تقرر بحبك أو لأ!


صمت لثوانٍ وهو يحدق في وجهها وعينيها..


ثم قال في دهشة:

- انتي إيه؟ 

أجابت في حرج:

- أنا إيه.. اللي سمعته.. وبعدين إنت بتبصلي كدة ليه! 

شعرت بالحرج والخجل الشديد لم تسطتع تحمل نظراته فقامت لتغادر هاربة فجذبها من يدها بقوة ليمنعها من الذهاب فهو لم ينتهي من حديثه، كانت أضعف من أن يجذبها من يدها بتلك الطريقة فسقطت بين أحضانه وامسك بها بقوة حتى لا تسقط فشعر كلاً منهما بالكهرباء تسري في جسديهما.. فنهضت سريعاً وانتفضت في خوف حينما دلفت سنية قائلة:

- إيه ياولاد طمنوني.. عامل إيه دلوقتي يا سليم.. 

تنحنح ثم أجاب:

- لأ انا بخير الحمد لله.. بقيت كويس، تسلم إيدك على الأكل. 

- تسلم ياحبيبي من كل شر وربنا يتم شفاك على خير، مش عايز أي حاجه أعملهالك؟ 

اجاب:

- متشكر تعبتك معاية.. 

ابتسمت في حنان قائلة:

- تعبك راحه.. 

غادرت سنية الغرفة ونظرت زهرة في غضب ثم لكمته بضربة قوية على كتفه في غيظ قائلة:

- إيه اللي انت عملته ده.. تخيل لو كانت شافتنا على الوضع ده كانت فهمت إيه! 


ضحك سليم فقال:

- صدقيني مكنتش أقصد وبعدين إنتي بترمي نفسك في حضني كدا ليه أنا مكنتش أقصد أشدك أوي كدة.. 

وبعدين زمانها عرفت بخدودك الحمرا دي.. كل دا كسوف؟ 

شعرت زهرة بالغيظ فقالت في حزم:

- والله؟ يعني بقيت أنا اللي برمي نفسي في حضنك.. تمام.. ولما أروح بقى لباباك أقوله على اللي عملته ده؟ 

ضحك سليم بصوت عالي وغمز لها قائلاً:

- لو تقدري تحكيله اللي حصل ده.. روحي قوليله.. 

اتسعت حدقتا عينيها وهي تنظر له وتسمع لما يقول:

- تصدق إنت معندكش دم! 

ضحك سليم بصوت عالي فدلف المنشاوي قائلا:

- يا سلام عالضحك ياسلام.. اللي يشوفك قبل ما تيجي مايقولش إن دي حالتك دلوقتي.. بقى كل ده عشان زهرة؟ 


انصدمت زهرة وعبرت ملامحها عن الصدمة والحرج كذلك سليم الذي بدا عليه نفس رد الفعل.. فاستطرد المنشاوي قوله:

- إنت فاكرني نايم على وداني؟ ما أنا عارف سبب كل اللي انت فيه إيه.. بتحبها أوي كدة! 

نظر إلى زهرة قائلاً:

- لا وهيا تستاهل بردو انها تتحب بالشكل ده

هتف سليم قائلاً:

- طيب كفاية بقى لحسن زهرة وارك هتموت من الكسوف.. 

ضحك المنشاوي فقال:

- طيب ياسيدي.. يلا خلينا نمشي وعايزين نجيب بدرية من المستشفى.. 

دلفت سنية فتسائلت:

- خير مدام بدرية في المستشفى ليه؟ 

أجاب:

- آه انا مقولتلكوش، دي فريدة عملت حادثة ومحجوزة في المستشفى..

سنية:

- لا حول ولا قوه الا بالله طب وهيا عاملة ايه دلوقتي؟

اجاب:

- والله حالها ماسيرش لا عدو ولا حبيب.. جالها إصابة في العمود الفقري وممكن ماتمشيش على رجليها تاني وموالها موال.. يلا خير ان شاء الله..

حزنت زهرة وكذلك سنية فقالت:

- الله يقومها بالسلامة يارب ويعافيها.. 


استعد سليم للذهاب وخرج المنشاوي ينتظره بالخارج أوصلته زهرة إلى الباب وقبل خروجه من باب المنزل قال لها بصوت خافت: 

- سريرك مريح جداً على فكرة.. ويابخته بيكي. 

لكمته على كتفه قائلة: 

- إحترم نفسك.. 

فقال بصوت خافت:

- طب هتوحشيني..

شعرت بالخجل فقالت:

- يلا يا سليم، يلا يا بابا توصل بالسلامة.. 

 

اعتبر سليم أن كل ماحدث معه كان كابوس وأنه الآن أصبح في واقع جميل لا يريد أن ينتهي.. 

أما زهرة كانت مصدومه من جرائة سليم معها لكنها كانت سعيده جداً كلما تذكرت حركاته وكلماته ومواقفهم إبتسمت بفرحه، كانت شاردة الذهن في كل ما حدث بالتفصيل.. 

نظرت لها سنيه فقالت:

- يا نهار أبيض ايه يا زهرة اللي واخد عقلك إنتي اتجننتي بتضحكي مع نفسك كدة ليه! 

انتبهت على صوتها فقالت:

- هاه.. ايه يا ماما انتي كنتي بتقولي حاجه؟ 

ضحكت سنية قائلة: 

- ولا أي حاجه.. انتي مش في الدنيا خالص، يلا ربنا يعوض عليا عوض الصابرين.. 

                             ٭٭٭

*في المستشفى*

جلست سماح بالقرب من بدريه قائلة: 

- تفتكري فريده هترجع زي الأول انا قلبي مش متطمن للي إسمه شربيني ده بصراحة.

اجابت بدريه في حزن: 

- والله انا ما عارفه هيحصل ايه بالظبط بس هوا كتبلك شيك على بياض يبقا أكيد كلامه صح 

ردت في ضيق وهي تبكي: 

- انتي عارفه يا بدرية انا خلفت فريده دي بعد كام سنه جواز وشفت المر عشانها وباباها مات وهي لسه في اللفه وانا كرّست حياتي ليها وكان أملي إني أجوزها لسليم وانتي عارفه كدة..

- والله ياسماح ما حد بياخد غير نصيبه ولو ليهم نصيب في بعض محدش هيقدر يمنعه، بس مفيش قلب بينجبر على قلب.. بالذات في الجواز.

ثم أكملت بتوتر: 

- انا كان في موضوع كدا كنت عاوزه اقولك عليه 

- احكيلي خير يا بدريه 

- من يومين كدا كنت بتكلم مع منشاوي في موضوع زهرة وسليم 

- اه وبعدين.. 

- في وسط الكلام لقيت منشاوي بيقولي ان زهرة غنيه ويمكن وضعها أحسن مننا كمان..  

أجابت بتعجب:

- غنيه!! دا لا شكلها ولا منظرها يوحي بكدة إزاي غنية بقى؟

- ماهو دا اللي انا بقوله دا أبوها كان شغال معاه في الشركة وظروفهم وحشه..

كمان قبل كدا قالي عنها انا مرميش لحمي وبعدها حكالي قصه كدا والله ما داخلة دماغي، بس الموضوع في إنّ.. 

- طب متحاولي تفهمي منه ايه الحكايه او من أم زهرة نفسها..

- أنا عمري ما اتعاملت معاها ومش هقدر أكلمها في موضوع صعب زي ده..

ثم أخفضت صوتها قائلة:

- طب اسكتي دلوقتي عشان المنشاوي جه ومعاه سليم، بعدين نشوف حل.. 


هتف المنشاوي قائلاً: 

- السلام عليكم ..

ردت كل من بدريه وسماح السلام فقالت بدريه : 

- عامل ايه ياسليم وحشتني ياحبيبي، غاطس فين طول اليوم بعيد عن ماما كدة.. 

قبّل سليم يدها قائلاً :

- معلش ياماما كان ضغط شغل بس.. 

- ولا يهمك ياحبيبي بس مالك وشك شاحب كدة؟ معلش انا مقصرة معاكوا اليومين دول بس غصب عني.. 

رد المنشاوي في ضجر:

- جرا ايه يا بدريه قلبتيها دراما ليه ماكفاياكي أسئلة.. 

تنهدت قائلة :

- طيب طيب.. ثم سحبت سليم من يده قائلة مش هتطمن على بنت خالتك سألت عليك كتير النهاردة.. 

أجاب في تعب: 

- حاضر..

أطرق الطبيب إيهاب على الباب ثم دلف قائلاً:

- السلام عليكم.. 

سماح:

- وعليكم السلام خير يادكتور ؟

منشاوي : 

- طمنا يادكتور في حاجه جديدة في حالة فريدة؟ 

أجاب:

- اه انا اتصل بيا الدكتور المتابع معايا حالة فريده من لندن وبلغني دلوقتي على ميعاد سفر فريدة لاتخاذ اللازم وتحديد ميعاد العمليه.. 

سماح : بجد طيب هوا إمتى وعدد قد ايه ممكن يروح معاها 

ايهاب : الحقيقه معنديش فكره بالموضوع ده لكن لو اتنين مثلا بالكتير أوي تلاته يبقى تمام.. أما بقا معاد السفر ممكن من لحد آخر الأسبوع لكن تأخير أكتر من كدا مش هينفع.. 

المنشاوي : تمام ألف شكر

إيهاب : العفو عن إذنكوا.


تسائلت فريدة في خوف وعلى أمل أن يكون سليم معها في هذا السفر: 

- طيب مين هيسافر معايه.. 

دلف كريم في تلك اللحظه على خروج الطبيب فأخبرونه بما قال الطبيب..

كريم: 

- فعلا ! يعني خلاص قررتوا السفر يوم الخميس؟ طيب مين هيروح معاها؟

منشاوي : للأسف أنا عندي شغل مهم جداً الفتره دي و بعمل صفقة جديدة ماينفعش تضيع..

حتى سليم كمان محتاجه جداً بس هندبرها.. 

كريم :

- خلاص أنا معاهم في السفرية دي، عشان التعاملات المالية كلها، فـ اعتبرني أنا مكانك ومتحملش هم الموضوع ده..


منشاوي : 

ولازم تكون معاها سماح وكذلك بدرية.. وأنا لو قدرت أتصرف وأسافر انا أو سليم مش هتروح انت. 

أجاب سليم بعدم إقتناع:

- طيب تمام.. 

شعرت فريدة بالضيق وكانت قلقة وخائفة ألا يكون معها سليم ويصاحبها في المشوار كريم بدلا عنه وهي لازالت لا تطيقه وتكره وجوده.. 

هتف سليم بخفوت:

- مش يلا يا بابا نروح بقى أنا تعبان ومش قادر أستنى أكتر من كدة..

- حاضر حاضر يلا، أخبر بدرية بالأمر وعادت معهم إلى الفيلا.. 


توجه كريم إلى فريدة وقال بصوت خافت:

- ازيك يا أنسة جرجيرة

رمقته بنظرة غاضبة، لوت شفتيها ولم تُجيب فقال:

- يارب دايماً..

وضع يده في جيب سترته وأخرج منها نوع غالي من الشوكولاتة وقدمها إليها قائلاً:

- بصي أنا جبتلك معاية إيه..

نظرت لها في سعادة واخذتها منه في دهشة قائلة:

- الله دي النوع اللي بحبه.. ميرسي اوي بجد

- اخيرا شوفت ضحكتك؟

 فتحتها والتقمت منها قطعة ثم نظرت له قائلة:

- مممم مش أوي يعني، الفكرة بس إني بعشق النوع ده.. 

جلس بجانبها قائلاً:

- اه وبتعشقي إيه كمان..

- بحبـ.. إيه ده! إنت بتسأل ليه أصلاً، هوا عشان أخدت منك الشوكولاته يبقى خلاص.. هتصاحبني ولا إيه 

أسند كريم ظهره للخلف فقال:

- على أساس إنك تطولي أوي، دا نص بنات البلد بتجري ورايا

أجابت وهي تنظر للشوكولاتة وتأكل منها في شغف:

- تلاقيك كنت حرامي شنط.. 

- اه دا إنتي دمك خفيف أوي وبتحبي تحلوي

استطرد قوله في ثقة:

- انتي مش مقدرة قيمة النعمة اللي في إيدك بس، دا أنا كنت بسهر في أماكن متحلميش تعدي من قدامها بس.. بنات إيه وجمال إيه..

ردت في سخرية:

- أمال راح فين الشيخ ياسيدنا الشيخ..

دا أنا كانت الدمعة هتفر من عيني وانت بتكلمني امبارح، راح فين كل ده اتبخر!

- ياستي لا اتبخر ولا حاجه بقول كنت كنت.. 

بس تعرفي، رغم طولة لسانك ودمك التقيل ده أنا حاسس إن اكيد جواكي جانب حلو.. بس انتي اللي بتحبي تبيني الجانب السيء منك بس..

رفعت بصرها إليه في صمت وتعجبت له ثم تبدلت ملامحها للحزن فقال:

- مالك مستغربة كدة ليه

تنهدت قائلة:

- لا مافيش.. أصل انا عمري ما حسيت إن في حد فاهمني أو شايف فيا حاجه كويسة، من زمان وانا بتعرض للانتقاد بس بيني وبينك كنت بتمادى وبحاول أثبت لكل واحد أي حاجه وحشة قالها فيا..

كدة كدة مش هاممني حد وعايشة حياتي براحتي.

اجاب:

- لا واضح واضح.. 

- خليك في حالك

- منا في حالي أمال هكون في حالك انتي، انسانة لسانها أطول منها..

صحيح انتي طولك كام؟

- طولي ١٥٦ 

- أوزعة أوي يا فريدة، بقى الشبر ونص ده يعمل فينا كلنا كدة..

بس تصدقي رغم كلامك ده لاحظت إن أهلك بيحبوكي وكانوا خايفين عليكي أوي

- بجد؟ بيحبوني.. يمكن!

- شكرا يافريدة

أجابت:

- على إيه؟

رد في هدوء:

- على تفهمك لموقفي وانك سمحتي إن يكون ليا فرصة تانية أصلح فيها غلطي بعد ما حسيت إن فعلا مستقبلي إتدمر

ردت في حنق:

- فرصة تانية مين يا دراما إنت، كل ما في الموضوع إن باباك كتبلي شيك على بياض وطلب مني أعمل كدة، بالإضافة لإنو هيتحمل تكاليف سفري والعملية بالكامل..

اجاب في تعجب:

- أصلاً ؟! 

- آه أصلاً، أكيد مش عشان جمال عيونك الزرقاء دي خالص يعني ولا شكلك الحلو ده..

إنت أصلاً مش نوعي المفضل.

نظر لها وقال في حنق:

- تصدقي بالله؟ ياريتها كانت عدت على لسانك..

اجابت:

- هيا إيه!

- العربية يا فريدة.. العربية وكانت خلصتنا من طولة اللسان دي .

اجابت في غضب:

- طب يلا قوم من وشي وقتك خلص مع السلامة

وقف وهم ليغادر قائلاً:

- انا فعلاً ماشي هوا انا فاضيلك.. دا كان يوم إسود.

سلام...

غادر فضحكت ولم تهتم لما قال ثم استلقت لتنام.. 

                       

بقلم/ ندى أشرف


رواية "زهرة" (١٣)

     ٭٭★٭٭


في صباح اليوم التالي خرجت فريدة من المستشفى عائدة إلى فيلا المنشاوي استعداداً للسفر..  هتفت بدرية بصوتٍ عالي:

- عثمان.. تعالى عايزاك.. وجمع الخدامين كمان والشيف.

أجاب:

- حاضر يا ست هانم دقيقة ويكونوا عندك.. 

عاد عثمان السائق بهم جميعاً وقفوا أمامها فتسائل عثمان:

- خير يا بدرية هانم، في حد مننا غلط في حاجه لا سمح الله؟ 

أجابت مبستمة:

- لا لا كل واحد فيكم بيأدي واجبه على أكمل وجه، كتر ألف خيركم.. أنا بس كنت عايزة أعرفكم إن أنا وسماح أختي مسافرين بكرة وهنطول شوية في السفر.. 

عاوزاكم تخلوا بالكم من كل حاجه كإني موجودة بالظبط.. 

ثم وجهت بصرها إلى الطباخ والخادمه قائلة:

- وانتوا عايزاكم تخلوا بالكم من المنشاوي وسليم، الأكل في معاده وانت عارف هما بيحبوا إيه يا شيف حسن.. وانتي يا أم أحمد عايزاكي تشوفي طلباتهم، دا أصلا لو قعدوا فالبيت.. هما بيرجعوا يتعشوا ويناموا وأحياناً بيجوا وقت الغداء ويرجعوا الشركة تاني.. 

أجابوا:

- اللي حضرتك تؤمري بيه هيتنفذ إن شاء الله.. 

كذلك هتف عثمان: 

- ترجعوا بألف سلامة ان شاء الله يابدرية هانم..  

أجابت:

- الله يسلمك يا عثمان.. يلا كل واحد يرجع يكمل شغله.


ذهبت سماح إلى بدرية فقالت لها:

- يلا يابدرية تعالي ساعديني في شنطة فريدة محتارة اخدلها ايه.. 

تقدمت منها بدريه قائلة: 

- حاضر حاضر جاية اهو..  أنا هقولك تاخدي إيه ولو في أي حاجه محتاجاها نخلي عم عثمان يجيبها.

                            ٭٭٭

٭في بيت زهرة٭

عادت سنية تشعر بالتعب يتزايد عليها ووقفت ممسكة بأحد جانبيها في تعب وإرهاق شديدين.. 

هتفت زهرة في توتر: 

- مالك ياماما.. إنتي كويسة؟ 

أجابت سنيه في تعب: 

- مفيش يابنتي أنا كويسة.. 

هتفت زهرة: 

- لا انتي مش كويسة.. أنا حساكي مش طبيعيه، تحبي أكلم دكتور خالد ؟ 

ردت في تعب: 

- لا يابنتي مش مستاهلة والله.. 

تقدمت منها وامسكتها من ذراعها برفق تتبعها إلى غرفتها قائلة:

- طب تعالي أدخلك أوضتك تستريحي شوية..

أجابت:

- ربنا يريح قلبك يابنتي.. 

ساعدتها على الاستلقاء ثم خرجت قائلة:

- لحظه ياماما وهجيلك..

أرادت زهرة أن تتحدث مع دكتور خالد ومعرفة الموعد القادم لجلسة الغسيل الكلوي.. حاولت الاتصال به ولكن كان هاتفه مغلق.. حاولت اكثر من مرة ولكن بدون جدوى فـ قررت أن تلجأ إلى سليم.. 

اتصلت به فأجاب:

- زهرة بنفسها بتتصل عليا، لا مش معقول..

- سليم إنت فاضي دلوقتي؟ 

شعر بأنه هناك شيئاً ما فتسائل:

- ولو مش فاضي أفضالك، خير في حاجه ولا إيه! طنط سنية بخير؟

- لا شكلها تعبانة وبكلم دكتور خالد مش بيرد عليا، ينفع تروحله وتجيبه وتيجي؟ 

-الف سلامة عليها دي كانت زي الفل امبارح.. حصلها إيه؟

- والله ماعارفة فجأة تعبت، وشها شاحب كدة ومش قادره تاكل خالص وكمان ماسكه جنبها بتتألم وانا مش متطمنه خالص ياسليم خايفة تدخل في غيبوبة تاني.

- خلاص أنا هجيبه وآجي.. سلام. 

                             ٭٭٭

  ٭في فيلا الشربيني٭

عاد كريم من الخارج يحمل بين يديه حقيبة تحوي بداخلها أشياء للسفر، ألقى السلام على والدته ودلف إلى غرفته فوراً، كان يبدو عليه التعب ومشاعر مختلطة غير مفهوم منها بما يشعر به.. دلفت خلفه والدته تتسائل: 

- مساء الخير ياحبيبي مالك.. شكلك كدة مش مطمني.. 

-مساء النور يا ماما تعالي..

جلست هي على الكرسي بينما يبحث هو بين أشيائه ويستخرج حقيبة سفره..

أجاب:

- والله يا ماما أنا ما عارف أقولك إيه.. أنا بإيدي هدمت حياة بنت في عز شبابها والله أعلم هتقوم تاني على رجليها ولا لأ.. مسافرين عشان تعمل العملية وخايف أوي متنجحش..

أجابت في أسى:

- لا حول ولا قوة إلا بالله.. هيا الخبطة كانت قوية أوي كدة!

أجاب في تعجب:

- دي الخبطة كانت عنيفة لدرجة إنها اتشالت من على الأرض ورجعت اترمت عليها تاني.. متتصوريش يا ماما منظرها مش بيغيب عن بالي وتعبان أوي كل ما بفكر بس فالموضوع.. 

فريدة إنسانة جميلة ومكانتش تستاهل اللي حصلها ده.. هيا اه لسانها طويل بس هيا طيبة، عموماً هما مسافرين الصبح وانا رايح معاهم.

ردت عبير في تفهم لمشاعر أبنها المختلطة: 

- حبيبي انت مكنتش تقصد إن ده يحصل، إرادة ربنا فوق كل شيء وآديك بتعمل اللي عليك فمتحملش نفسك فوق طاقتها وسيب الباقي على الله.. 

أجاب في ضيق:

- لا طبعا مكنتش أقصد بس بردو أنا غلطان كنت ماشي بسرعه أوي ومش حاسس بنفسي، محستش بغلطي غير بعد فوات الأوان.. 

تنهدت فأجابت:

- عموماً هيا مقدرلها إن ده يحصل وإنت مجرد سبب سواء انت أو غيرك كان هيحصلها كدة، كل حاجه بتحصل بتكون ليها حكمه.. ودا يعلمك الانضباط بعد كدة والحمد لله إنها جت معاك سليمة.


تنـهد قائلاً: الحمد لله على كل حال ويارب كل ده يعدي على خير. 


ثم استطرد قوله:

- أمال هو بابا فين؟

- عنده شغل وقال هيتأخر شويه، تحب أحضرلك العشا؟

- لا أنا هستناه عشان عايزه في موضوع.. 

وأدهم وساره فين؟ 

- أختك في أوضتها بتذاكر وأدهم مع باباك فالشركه هيرجعوا مع بعض.. 

اومأ لها في صمت قائلاً:

- محدش هيوحشني قد المفعوصة الصغيرة دي.. 

همت لتغادر الغرفة قائلة:

- بكرة ترجع بالسلامة وتزهق منها وتزهقها منك. 

ثم أغلقت الباب خلفها.

                            ٭٭٭

٭في بيت زهرة٭

وصل سليم بصحبة الطبيب خالد، ألقى السلام ثم دلف وتسائل خالد عن مكان سنية..

ردت زهرة في توتر : 

- وعليكم السلام اتفضلوا.. اتفضل يا استاذ خالد ماما في الأوضة.. 

تقدم خالد بالخطوات بينما سألت زهرة سليم في عتاب:

- ايه ياسليم اتأخرت كده ليه ماما بتتألم جامد جوا ومكنتش عارفة اعملها أي حاجه تهون عليها.. 

سليم : انا اسف والله دي مسافة السكة وكنت عندك..

- طب تعالى نشوف هيقول إيه ربنا يستر.


طرق خالد على الباب و عندما جاءه الصوت من الداخل فتح الباب قائلاً.. 

ازيك يا مدام سنية، ما انتي زي الورد أهو أمال في إيه بقى.. 

أجابت سنيه في تعب: 

- الحمد لله على كل حال.. جنبي هيموتني ألم شديد غير كل مرة. 


قام الطبيب بفحصها فقال:

- مغص كلوي شديد كتبتلك على مسكن قوي لازم تمنعي المية العادية وتشربيها معدنية زي ما سبق وقولتلك وكتبتلك على علاج بديل وبكرة جلسة الغسيل الكلوي، بلاش توهمي نفسك بحاجه بسيطة وهتبقي زي الفل.


تنهـدت في تعب فقالت:

- اللي فيه الخير يقدمه ربنا.. 


خرج دكتور خالد وخرجت خلفه زهرة تتسائل بصوت يملؤه التوتر والخوف: 

- إيه يا دكتور خالد طمني.. أنا خايفة تجيلها غيبوبة تاني هيا حالتها صعبة اوي كدة؟

- ان شاء الله مش هيحصل انا مش عايز ازود قلقك بس الكلى لما بتوصل للمرحلة دي بيبقى التعب الناتج عنها صعب التحمل وبيوصل للغيبوبة وربنا يبارك في عمرها وصحتها.

وضع يده في حقيبته وأخرج منها قائمة بالأكلات الممنوعة والأكلات المفيدة وكذلك روشتة العلاج. 

ثم نظر في ساعة يده قائلاً:

- أنا يا دوب أمشي ولو حصل أي حاجه عرفيني. 

                             ٭٭٭

في تلك الأثناء وحينما خرجت زهرة من غرفة والدتها تحدث سليم قائلاً:

- ألف سلامة على حضرتك، إن شاء الله هتبقي بخير..

 نظرت سنية له قائلة في خوف:

- بصراحة أنا حاسة إني خلاص أيامي معدودة في الدنيا.. 

هتف سليم في هدوء:

- لا اله الا الله.. بتقولي كدا ليه بس يا ماما سنية..

 مسحت الدموع عن وجنتيها ثم قالت:

- محمد رسول الله.. هيا زهرة اللي واجعة قلبي ونفسي أتطمن عليها قبل ما أموت.

دلفت زهرة وجلست بالقرب من والدتها وقبلت يدها في حنان وهي تتمنى لها السلامة، اخذ سليم منها روشتة العلاج وذهب لإحضاره بينما جلست زهرة بجانب والدتها فهتفت سنية قائلة:

- سمعت إن فريدة مسافرة بكرة تعمل العملية.. 

- الله يسهلها..

- شكلك لسة شايلة منها..

- بصراحة اه.. هيا كسرت بخاطري واتعدت عليا بالضرب وبوظت فرحتي بيكي وبطلب سليم الزواج مني.. دا غير معاملتها ليا وأنا عندهم في الفيلا ومكنش في منها أي مراعاة لظروفي، أنا مش شمتانة فيها والله ربنا يعلم بس ربنا جابلي حقي. 


أجابت سنية:

- طيب أنا عايزاكي ترمي كل ده ورا ضهرك وتزوريها وكمان بالمرة هاتي حاجتك اللي في الفيلا عندهم من وقت ما كنتي قاعدة معاهم.. 

نطقت قسمات وجه زهرة بالاشمئزاز والضيق فقالت سنية:

- ياحبيبتي انتوا هتبقوا أهل ان شاء الله، بلاش يبقى بينكم عداوة، طيبي خاطرها وحسسيها إن قلبك عليها وانك مش بتكرهيها ومسامحاها..  


- بس أنا جوايا زعل منها ومش قادرة أصفالها، غصب عني.

- معقولة يا زهرة! دا مافيش أحن من قلبك أنا ربيتك على التسامح يابنتي.. انتي ماتعرفيش إن الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ربنا بيستر ذنوبهم ويتجاوز عنها وليهم فالآخره جنات تجري من تحت قصورها الأنهار.. بلاش ياحبيبتي تشيلي في قلبك من حد مهما حصل وإعتبري نفسك دايماً بتعاملي ربنا مش الناس لإن الخير اللي بتعمليه لله ثوابك فيه محفوظ، إن الله لا يُضيع أجر المحسنين إنما اللي بتعمليه للناس بيروح ويمكن ينكروا فضلك فيه كمان.. 

- حاضر يا ماما أنا هعمل زي ما قولتي بس لو أحرجتني أنا هزعل منك أوي.. 

عاد سليم وذهبت زهرة لتفتح له الباب فقدم إليها الأدوية وكاد أن يذهب فطلبت منه زهرة ان يصطحبها لزيارة فريدة فتعجب قائلاً:

- فعلاً ؟ بعد اللي حصل منها!

- ماما ياسيدي فضلت مصممة وتقنعني ازورها وانا هعمل بكلامها وربنا يستر من مقابلتها ليا. 

- طيب أنا هستناكي هنا إجهزي وتعالي..


ذهبت وارتدت ملابس تناسب ذهابها لزيارة مريضة ووضعت ميكاب رقيق يكاد لا يُلاحَظ مما زاد من جمالها كما لو أنها لم تضع شيئاً على وجهها من مساحيق التجميل.. ذهبت بيديها تجاه إحدى البرفانات الخاصة بها ثم أعادتها فارغه لأنها تذكرت حديث الرسول " صلى الله عليه وسلم حينما قال: أيُما إمرأه تعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية " .. ثم خرجت لسليم تخبره بأنها أنتهت .

تعجب قائلاً:

- معقول بالسرعة دي؟ امال ليه بيقولوا البنات بتاخد وقت كتير فاللبس دنا كنت بفكر أريح شوية.. 

ضحكت زهره وقالت:

- لا لا انا مش باخد وقت كتير.. هما بيتأخروا بسبب تفاصيل الميكب الكتيرة دي انما انا ماليش طولة بال ليها..

نظر لها نظرة إعجاب قائلاً:

- لا ما انتي زي القمر من غير حاجه.. 

شعرت زهرة بالخجل مما إنعكس على وجنتاها بالإحمرار فقالت:

- لا متبصليش كدة أنا بتكسف على فكرة.. 


ثم دلفت غرفة سنية قبلت يدها ثم قالت:

- مش هتأخر عليكي هيا نص ساعه بالظبط وتلاقيني قدامك.. ثم قبلت يدها وغادرت. 


ذهبت بصُحبة سليم وقبل أن تصل إلى السيارة هتف سليم قائلاً:

- بقولك إيه انتي مش خطيبتي؟ 

اجابت في تعجب:

- يعني يعتبر خطيبي.. 

فقال:

- طب هاتي إيدك.. 

- ليه؟ 

- كدة.. حابب نمشي جنب بعض وانا ماسك إيدك، فيها إيه دي! 

ردت في قلق:

- لا فيها كتير.. وياريت تشيل الأفكار دي من دماغك ليه بقى قولي ليه..

اجاب:

- ليه يا ست زهرة هانم

- لإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: 

" لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له" 

وأنا مش حلالك يا سليم وعلى فكرة امبارح لما مسكت إيدي والموقف اللي حصل بينا دي حاجات أتمنى إنها ماتتكررش، عشان ربنا يباركلنا في العلاقة دي ويجعلني زوجة صالحة ليك ويرزقنا ذرية صالحة..

ابتسم لها في سعادة قائلاً:

- ماشي ياستي حقك عليا ولا تزعلي نفسك خالص.. بس لما تبقي حلالي أنا مش هسيب إيدك من إيدي أبداً...

وبعد مرور بضع دقائق توقف سليم أمام باب الفيلا.. هبطت زهرة من السيارة وتوجهت مباشرةً صوب باب الفيلا وخلفها سليم. 


فتح سليم الباب ثم دلف أولاً وخلفه زهرة.. 

قابلتهم سماح بنظرة مليئة بالحقد وتعجبت، تتسائل بداخلها عن سبب مجيئ زهرة بصُحبة سليم بمفردهما فنطق سليم في حرج:

- زهرة أصرت تيجي تطمن على فريدة بنفسها ياخالتو فـ عرفيها بعد إذنك إن احنا برا وعايزين ندخلها.. 

ذهبت سماح وعادت بعد بضع ثواني اخبرت زهرة بالدخول وكان خلفها سليم فاستوقفته قائلة:

- لا خليك إنت وسيبهم بنات مع بعض، عايز تدخل مع زهرة عند فريدة وتجلطها بزيادة ما كفاية اللي هيا فيه..


تسائل سليم متعجباً:

- نعم؟ أنا مش فاهم حاجه، أزاي نجلطها وهيا جاية تطمن عليها يعني.. عموما ماشي خلاص خليهم على راحتهم.


أما زهرة فدلفت في خوف، توجهت إليها وألقت السلام عليها ثم قالت:

- الف سلامة عليكي يا فريدة.. أنا سمعت باللي حصلك وزعلت عشانك جداً بس إن شاء الله هتبقي كويسة والله وهتقفي على رجليكي تاني.. 


ردت في جمود:

- جاية تشمتي فيا صح؟ 

جال بخاطر زهرة أن هذا ما كانت تخشى حدوثة فأجابت في ثبات:

- مهما حصل أنا عمري ما أتمنى الأذية لحد ولا أفرح بأذية حد، أنا اه كنت واخدة على خاطري منك بسبب اللي حصل بس دا مايمنعش إني مكنتش أتمنى أبداً إن يحصلك كدة.. وبتمنى ليكي الشفاء من كل قلبي. 

- فعلاً ؟! طيب ياستي شكراً.. 

بس مكنتيش تعبتي نفسك وجيتي لحد هنا، يلا مش مهم..

وعلى كدة بقى جيتي لواحدك ولا سليم اللي جابك؟

- لأ انا جيت مع سليم بس مش عارفة هوا مدخلش معايا ليه.

اشتعلت نيران الغيرة في قلب فريدة فتسائلت من جديد في حنق:

- لواحدكوا؟ جاية لواحدك معاه! 

أجابت زهرة بنفاذ صبر:

- أيوة يا فريدة لواحدي، وسايبة ماما تعبانة في البيت لواحدها.. 

أجابت فريدة:

- ليه ما كنتي خليتي انكل المنشاوي يقعد معاها يونسها، وتبقى البنت للولد والستـ..

هبت زهرة واقفة في غضب قائلة:

- لأ لحد كدة وكفاية، أنا أمي أشرف ست في الدنيا دي كلها حتى لو أمثالك فكروا فيها بالشكل ده، ودا مش عشان هيا وحشة لا سمح الله لأ.. دا عشان كل إناء بما فيه ينضَح، وانتي من جواكي...

ولا على إيه أوسخ لساني وانزل لمستواكي، الحق مش عليكي الحق عليا إني جيت لحد عندك أزورك بس هوا ربنا بيدي كل إنسان على قد نيته.. 


ثم غادرت غاضبة استقبلها سليم يتسائل عن سبب هذا التغير المفاجئ لكنها لم تُجيب فذهب خلفها وحينما وصل إليها وجدها تبكي في حرقة فتسائل عن السبب أجابت:

- أنا ندمانة إني جيت لإنسانة زي دي، دي مش إنسانة مستحيل تبقى بني آدمة زينا وعندها قلب.. 

- ليه بس ياحبيبتي احكيلي حصل إيه..


ولما قصت عليه الحوار الذي دار بينهم قال:

- أنا آسف حقك عليا، كنت فاكر إن ربنا هداها وبقت أحسن من الأول بس للأسف، ديل الكلب عمره ما يتعدل..

أوعدك اني هجيب حقك لحد عندك وأخليها تعتذر منك كمان


مسحت زهرة الدموع عن عينيها وهي تقول:

- لا لا خليها في اللي هيا فيه وربنا يعينها على سواد قلبها، يلا روّحني .

- اروحك ازاي بس وانتي بالحالة دي، تعالي اركبي العربية هنتمشى شوية وبعدين اروحك عشان مامتك لو شافتك في الحالة دي أكيد هتزعل واحنا مش عايزينها تزعل أو تتعب تاني.. قولتي إيه؟

- ماشي بس مش هتتأخر تمام!

- تمام. 


" #زهرة " (١٤)

بقلم / #ندى_أشرف

  ٭٭★٭٭

استقلت زهرة السيارة بجانب سليم فأراد أن يُخرجها من ذلك الشعور السيئ فقام بتشغيل الأغاني الرومانسيه ثم حدق بها فقال:

- تعرفي إن انتي بوشين؟

نظرت له بدهشة فتسائلت:

- نعم؟

- وانتي فرحانة ووانتي زعلانة، والاتنين أجمل من بعض الحقيقة.. إيه اتخضيتي!

زمت شفتيها في ضيق فقالت:

- أنا متضايقة وانت بتهزر صح.. 

أجاب:

- بس أنا مش بهزر إنتي فعلاً جميلة أوي يا زهرة، إسم على مُسمى.. بقيتي زي الوردة البلدي وانتي بتعيطي وخدودك ومناخيرك بقى لونهم أحمر كدة..

تنهدت فقامت بمسح وجهها بالكامل واخذت تستنشق نسيم الهواء البارد حتى تستعيد روقان وجهها وتعود إلى طبيعتها ثم قالت:

- سليم هوا أنا.. قصدي يعني أنا وانت لما نتجوز لو لينا نصيب، هكون مضطرة أتعامل مع فريدة طول الوقت وأشوفها دايما وكدة؟

زم شفتيه في حيرة وهو ينظر للطريق أمامه ثم قال:

- مش عارف بصراحة، أنا شخصياً من وقت ما باباها اتوفى وانا مضطر أتعامل معاها وبقت مفروضة علينا.. 

أنا عايز أقولك إن فريدة دي وهيا صغيرة مكانتش وحشة كدة بس من وقت ما اعترفلتي بحبها ليا وأنا مكنش في جوايا أي مشاعر ليها غير الأخوة وهيا اتبدلت، بقت سليطة اللسان وشخصية مُتحكمة وأنانية..


خالتو سماح حاولت تعرضها على دكتور نفسي ومكانتش بترضى كان على الأقل قدرنا نفهم تصرفاتها..

فـ أنا عايزك تعتبريها مريضة وليس على المريض حرج.


اوقف سليم السيارة أمام إحدى الكافيهات ثم هبط منها واغلقها ووقف بجانب زهرة فتسائل:

- تحبي نقعد في القاعة اللي جوا ولا هنا برا؟

أجابت:

- لأ انا محتاجة أقعد في الهوا شوية فـ خلينا برا احسن..


دلفت زهرة وخلفها سليم كان المكان ذو إضاءة خافتة وهادئ الأصوات حتى صوت الموسيقى لم يكن صاخباً سحبت الكرسي وجلست فكانت المنضدة ذو ذوق رفيع وعليها فازة بسيطة تتوسطها وردة حمراء وبجانبها شموع عطرية رقيقة، وكذلك جلس سليم وجاءه النادل ليرى طلباتهم فطلب سليم قهوة فرنساوي وطلبت زهرة قهوة بنكهة البندق وحينما غادر النادل صمتت زهرة لثوانٍ تُفكر ثم قالت:

- بس دي فريدة كدة بتحبك أوي ياسليم.. وبتغير عليك بطريقة صعبة فعلاً، مش يمكن إنت حسستها إنك بتبادلها نفس الشعور ومعاملتك ليها من وقت كنتوا صغار حسستها إنك بتحبها! 

أجاب:

- بس أنا كنت بعاملها عادي، اه كنت بحافظ عليها من أي حد غريب وكنت بجيبلها أي حاجه نفسها فيها ويوم عيد ميلادها ده كنت ببقى محضرلها هدايا ومفاجئات ولينا مواقف كتيرة حلوة مع بعض بس أنا كنت بإحساسي ده معاها كأختي، بنت خالتي، انما أنا عمري ما حسيتها حبيبتي مثلاً.


ردت زهرة في هدوء:

- بص يا سليم أنا هكلمك كـ اتنين أصحاب.. أي بنت في الدنيا لما بتكون متقبلة وجود حد في حياتها بتديله اهتمام بسيط زي العادي ودا عشان هوا بالنسبالها مقبول مش كارهة التعامل أو الكلام معاه تمام..!


اومأ برأسه إيجاباً فاستطردت قولها:

- في الوقت ده بالتحديد بتبتدي تحدد نوع علاقتها بالشخص اللي قدامها ده هتكون على إيه.. يعني مثلاً جت في مرة تتكلم معاه في موضوع يخصها لقت إهتمام منه وسمعها للآخر وبدأ يتفاعل مع كلامها ومواقفها ويهتم بالتفاصيل وحست إنه خايف عليها ومحاوطها بكلامه واهتمامه وسؤاله ووجوده.. 


هوا بيكون شايف نفسه بيتعامل عادي لو مش ناوي من الأساس على الارتباط بيها،  إنما تفكير البنت وقتها بيفسر مجرد إهتمامه إنه يسمعها إعجاب، وبتفسر إهتمامه بتفاصيل يومها وأحداثها حب، وبتفسر خوفه عليها غيرة.. 


بتكوّن جواها مشاعر تجاهه وممكن يكون هوا أصلاً في عالم تاني وولا على باله، وتفضل تستنى منه إنه يبادلها نفس الشعور والاهتمام وتفسر كمية اللطف اللي في كلامه محبة ليها وتبقى عايزاه ليها لواحدها وغيرانه عليه من كل البنات، وتبتدي تحاول تختبر غيرته عليها وتاخد ردة فعله إنه فعلاً بيحبها وغيران أو بيغير عليها وتقلان عمرها ما هتاخد تصرفاتك بعيدة عن مشاعر الحب طالما فيها شيء من الاهتمام.


استوقفها سليم قائلاً:

- لأ استني ما هيا كدة دا عيب منها هيا لإني أنا طبيعي أعمالها حلو لأني مش مفروض أعاملها وحش.. ماينفعش تاخد مني أي حاجه إلا باعتراف رسمي مني لإني كـ شاب وكأي شاب في الدنيا لو حبيت بنت وأعجبت بيها مبعرفش أخبي او أكتم في قلبي او افضل تقلان عليها زي ما بتقولي لأ أنا هاروح اصارحها بمشاعري وأطلبها من أهلها بالذات لو كنت متأكد من مشاعري وشايف إن دي البنت اللي عايز أكمل معاها باقي حياتي.


قطع حديثهم النادل وهو يضع القهوة أمامهم، شكرته زهرة بابتسامة لطيفة ثم غادر فقال سليم:

- زي دلوقتي كدة مثلاً.. إنتي ابتسمتي بلُطف للجرسون وشكرتيه على إنه جابلك طلبك، إنتي عملتي كدة لأنك مش مفروض تكوني سيئة في تعاملك مع الغير وذوقياً منك شكرتيه مايفهمش هوا بقى من حاجه بسيطة زي دي إنك معجبة بيه مثلاً او مهتمه!

دا بغض النظر عن إنك لو ابتسمتي لأي واحد تاني او وجهتيله كلام أساساً هخليكي متعرفيش تبتسمي تاني خالص..

ثم سحب قهوته وبدأ يتذوقها فقال:

- لا لا مش حلوة.. 

ابتسمت زهرة في خجل فتذوقت خاصتها فكانت رائعة فقالت:

- الله على الجمال، تجنن. 

رمقها سليم بنظرة نارية مليئة بمشاعر الغيرة فوجد اتصالاً من والده أجاب وبعدما أنهى حديثة تسائلت زهرة:

- إيه كل حاجه تمام ولا..

أجاب:

 - لأ دا بابا بيقولي على معاد اجتماع مهم بكرة عشان الصفقة الجديدة، دعواتك بقى إنها ترسى علينا ووعد مني لو ده حصل ليكي مني هدية حلوة. 

دقائق وانتهوا من احتساء قهوتهم فقالت:

- يلا نمشي بقى عشان اتأخرت على ماما وعشان عندنا شغل بكرة. 

- حاضر يلا.. 

ثم غادرت عائدة إلى المنزل وكذلك سليم.

                              ٭٭٭


وفي صباح اليوم التالي عاد سليم والمنشاوي إلى الشركة لمباشرة أعمالهم من بعد توصيل فريدة وبدرية وسماح وكذلك كريم إلى المطار.. 

وها قد انطلقت طائرتهم على أمل أن يكون كل شيء على ما يرام..

*في الطائره*

كانت فريده تخاف من المرتفعات وبناءً على ذلك قررت أن تجلس بعيداً عن النافذة وبجانبها كريم من جهة النافذة وعلى اليسار تجلس والدتها وعلى الجانب الآخر بدرية.. 


أخذت فريدة تفكر في خوف وقلق ثم مالت على والدتها قائلة بخفوت:

- ماما أنا خايفة أوي، تفتكري العمليه دي هتنجح؟

أجابت سماح بتوتر تُخفيه لكي لا تؤثر على ابنتها بالسلب: 

- حبيبتي متقلقيش اللي ربنا كاتبه هيكون وبعدين احنا رايحين لدكاتره مشهورين بأنهم بينجحوا دايماً في النوع ده من العمليات، متقلقيش ماشي!

ثم وضعت يدها في حقيبتها وأخرجت مصحف صغير وقدمته لها قائلة:

- خدي المصحف ده اقرأي فيه شوية يمكن ترتاحي وتطمني وربنا ييسرلك..

بس لو حسيتي انك دايخه متكمليش.


أخذته منها وبدأت تقرأ فيه.. 


كان كريم لا يستطيع مقاومة منظر الطائرة وهي مرتفعة، يشاهد الأرض وشكلها كلما ارتفعت الطائره وبعدت عنها أكثر بقى المنظر أروع ولم يلحظ ما يدور بين فريدة ووالدتها، ثم إلتف لفريدة في سرعه قائلاً:

- فريده بصي إحنا جنب السحاب.. 

نظرت له فريدة في غضب قائلة:

- إنت شايف إن أنا دلوقتي في وضع يخليني استمتع بجو زي ده! أنا رايحة أعمل عملية صعبة وخايفة من الطيارة وحالتي حالة.. 

رد كريم بحنق:

- إيه حيلك حيلك ايه العُقد دي كلها هوا انتي عشان رايحة تعملي عملية يبقى تعيشي كل لحظاتك متوترة وخايفه لحد ما ترجعي منها! استمتعي بوقتك وشوفي أماكن جديدة بتركيز في تفاصيلها وجمالها وشمي هوا جديد كأنك رايحة تتفسحي مش تعملي عملية أساساً.. 

ثم أسند ظهره للخلف وقال في خفة وهدوء:

- انتي أكيد محدش علمك تستمتعي بكل لحظه في حياتك بحلوها ومرها وإن كل حاجه بتحصلك لازم تدوري على الحلو اللي فيها وتعيشيه بكل تفاصيله!

اتأملي في كل حاجه من حواليكي، من أول دلوقتي لحد ما نرجع تاني بالسلامة إن شاء الله اتكلمي معايه بكل اللي في قلبك، هزري اضحكي غني.. بس إنسي أسوء ما في يومك.. تمام ! 

أجابت بلا مبالاة:

- تمام.. 

تسائل كريم على أمل أن يكون غيّر في تفكيرها بشكل إيجابي في شيء:

- ناوية تعملي إيه بقى؟ 

اجابت بغباء: 

- هعمل ايه يعني بفكر ياترى العملية هتنجح واقدر أمشي على رجلي تاني ولا خلاص كدة..


نظر لها كريم بنفاذ صبر ثم صمت قليلاً فقال وهو يكز على أسنانه:

-  هوا أنا كنت بتكلم في إيه دلوقتي يافريدة! 

- الله! انتا عايز تجنني؟ أمال احنا جايين هنا ليه هوا لولا انك خبطتني وسودت عيشتي كنا بقينا هنا أساساً..


ضرب كريم على الكرسي في غضب من هذا الغباء والتشاؤم بطريقه جعلت الناس تنظر له في تعجب، نظر لهم بإحراج ثم أعاد نظره لها قائلاً في هدوء: 

- بقولك ايه يافريدة.. أنا آسف، آه وأستاهل ضرب النار كمان اعتبريني متكلمتش أصلاً ارتاحتي كدة؟..


تأملت فريدة قسمات وجهه التي تنطق غضباً وغيظاً ضاحكة على إنفعاله قائلة:

- تصدق شكلك بيبقى حلو اوي وانت متعصب.. بقيت تخليني عايزة أعصبك أكتر وأتابع ردة فعلك كدة

زم شفتيه ثم أجاب بتفهم: 

- اممم قولتيلي.. بتحبي تنرفزيني صح، طيب تمام إنتي اللي بدأتي أهو متبقيش تزعلي من اللي هيحصل هناك بقى.. 

- نعم قصدك ايه يعني!

- لا مفيش أصل البنات هناك إيه يجننوا.. بينوروا في الضلمه كدة.. هستمتع بكل لحظة وهركز في كل تفصيلة واحاول انبسط على قد ما أقدر.. 

أجابت فريدة في تماسك وجمود:

- طبعاً طبعاً.. 

نظر لها في تعجب وظل صامتاً حتى استطردت قولها:

- مهو بردو الشباب هناك حاجه تانيه خالص، عيون إيه وجمال إيه بينوروا في الضلمة بردو، دا ربنا يستر بس وأعمل العملية وأرجع لواحدي.. 

رد في حنق:

- طب وأنا مالي! ان شاللة حتى ترجعي بأولاد.. 

- كريم.. أنا مستحملة الظروف اللي بتجمعني بيك بالعافية فـ عديها معايا على خير أوكي؟

- قال يعني أنا اللي كنت هموت وابقى معاكي في مكان واحد.. اتلهي اتلهي.


بعد مرور بضع دقائق

ظلت فريدة صامتة وعادت ملامحها للجمود والخوف فتسائل كريم:

- ها مالك.. 

اجابت بتلقائية: 

- كريم أنا بصراحة خايفة ومش عارفة أعمل اللي بتقول عليه، مش قادرة كل ما أحاول أصرف تفكيري في أمور بتخوفني وانبسط يرجع الخوف يتملك من قلبي وافتكر العملية وأخاف مقدرش أمشي على رجلي تاني.. 

- متقلقيش خليكي واثقة في ربنا وعندك يقين، ربنا مش هيخذلك أبداً وهيشفيكي بإذن الله.. 

أجابت:

- إن شاء الله .. 

ماما وطنط بدرية ناموا وفي سابع نومة.. 

- الطريق طويل ممكن تنامي إنتي كمان لو حابة.. 


لم تجيب لكنها في تلقائية أسندت رأسها على كتفه  لتنام لبعض الوقت.. ابتسم ثم أسند ظهره للخلف وأغمض عينه هو الآخر.. 

                             ٭٭٭

*في بيت عبد الحميد*

كانت سنيه جالسه على الأريكه بجانب زهرة ونظرها ثابت على الأرض لا يتحرك 

 نظرت لها زهرة في تعجب قائلة:

- ماما مالك انتي سرحانه في ايه 

انتبهت سنيه وقالت في عدم تركيز:

- لا لا مفيش يابنتي، عملتي إيه في زيارتك لفريدة أمبارح؟ 

أجابت:

- ولا حاجه.. يلا عشان نروح المستشفى؟ دكتور خالد مستنينا لجلسة الغسيل.

- حاضر يابنتي دقيقة وتلاقيني جهزت على طول.


أجرت زهرة اتصالاً بـ سليم لتخبره بأنها ستصطحب والدتها إلى المشفى قبل مجيئها إلى العمل:

زهره : 

- الو صباح الخير 

كان سليم في اللحظات الأخيرة قبل بدء الاجتماع فأجاب:

- صباح النور.. ايه يا زهره في حاجه ولا ايه؟

تعجبت زهره من طريقة حديثه معها : 

- لا مفيش أصل رايحين انا و ماما المستشفى وهتأخر شوية.. 

أجاب:

- ماشي يا حبيبتي انا ورايا اجتماع مهم أول ما اخلص هاجي أروحكوا ودلوقتي هبعتلك عم أحمد السواق يوصلكوا وانتوا رايحين متمشيش لواحدك.. 

- لا مالوش لزوم عادي احنا هنروح..

أجاب: 

- زهره اسمعي الكلام انا هقفل دلوقتي وخمس دقايق يكون عندك، خلي بالك من نفسك سلام..

- حاضر سلام .


استعدوا للنزول ووصل السائق الذي اصطحبهم إلى المستشفى...


* في الطائرة * 

مرت الساعات عليهم حتى استيقظوا جميعاً على ميعاد وجبة الغداء 

تسائلت فريده في تعب:

- كريم فاضل قد ايه ونوصل

- ساعه ونص ونوصل هانت اهو.. 

اجابت سماح :

- يااه دا احنا نمنا كتير أوي 

شاركتهم بدريه الحديث قائلة: 

- أنا بكره السفر بسبب مدته الكتيره دي..


قطع حديثهم مضيفة الطيران حينما رحبت بهم ثم عرضت عليهم  إحضار وجبة الغداء ووافقوا جميعاً.. 

بعد مرور ساعه و نصف كانوا قد وصلوا إلى المطار 

ثم استقلوا سياره متجهين إلى المستشفى المنشودة..

كان دكتور يوسف في إنتظارهم لأنه هو من سيكون المسؤول عن حالة فريده ،

أخذه كريم في مكان بعيد عنهم ثم حاول أن يفهم منه ما سيتم فعله ..

دكتور يوسف : دلوقتي هننقلها غرفة خاصة هتقعد فيها وبعد ما تجهيزات العمليه تتم هننقلها على غرفة العمليات ودا بيتم بسرعه عموماً عالأقل هتكونوا ارتاحتوا بس بعد ما العمليه تخلص ضروري تفضل الـ patient موجوده عالأقل اربع أيام من بعد العمليه.. 

كريم : ليه ؟! 

دكتور يوسف : عشان نتابع حالتها أصل نجاح العمليه بنحدده أكتر بعد العمليه بكام يوم لأن عمليات العمود الفقري أحياناً بترجع تاني زي ما كانت ودا نادراً متقلقش هوا للأطمئنان اكتر بس.. 

كريم : تمام يا دكتور متشكر جداً لحضرتك

أجاب بابتسامة: 

you are welcome.


عاد إليهم كريم وحاول أن ينقل لهم ما أخبره به الطبيب وكانت فريدة تنتظر فوات كل لحظة في خوف وتوتر ودائماً ما يسعى كريم في التخفيف عنها ولكن دون جدوى.. 

                            ٭٭٭


انتهت سنيه من جلسة الغسيل الكلوي ذهب إليها دكتور خالد:

- ها يا مدام سنيه عامله ايه دلوقتي 

أجابت:

- الحمد لله بخير بس حاسه إيدي بتوجعني وفي دوخة بسيطة.. 

أجاب: 

- متقلقيش من حاجه دا بس أثر الوصله وهتبفي كويسة المهم انا كنت عايز أقولك شوية حاجات كدة، احنا خلال الإسبوع الواحد هنعمل ٣ جلسات غسيل كلوي كل جلسة أربع ساعات زي النهارده كدا ما عملنا..

 كل اللي أنا محتاجه منك إنك تمشي على نظام غذائي كويس جداً وبلاش زعل عايز  ضغطك مظبوط بلاش انفعالات أو إهمال في مواعيد الجلسات عشان نتفادى أي أثر جانبي للغسيل..

 أنا بقولك الكلام دا عشان الشفا مش هيتم إلا بمساعدتك ليا بإنك تعملي اللي هقولك عليه بالحرف.. وأنتي معايه يا زهرة؟

أجابت باهتمام: 

- معاك يا دكتور حاضر..

أكمل حديثه معهم مما جعل زهرة في حماس زائد لكي تهتم بوالدتها أكثر وبصحتها مما زاد من شعورها بالإطمئنان عليها.. 


انتهوا ثم خرجوا من الغرفه حينما أخبرها سليم بأنه في انتظار خروجهم لوصل سنية إلى البيت عائداً بزهرة لمواصلة العمل في سعادة لما لديه من أخبار جيدة في تلك الصفقة التي طالما كان يحلم بالحصول عليها..

  

      " #زهرة " (١٥)

بقلم/ #ندى أشرف

    ٭٭★٭٭


عادت سنية إلى البيت في تعب وإجهاد شديدين، كانت تشعر بسوء حالتها يزداد في كل مرة ذهبت فيها لقضاء تلك الجلسة، بدأت تتيقن بأن أيامها في هذه الحياة الدنيا معدودة..

وأنها يجب أن تطلب من المنشاوي بسرعة أخذ خطوة في أمر زواج سليم من زهرة وأن يخبرونها بما لها من حقوق في زمة المنشاوي..

فسحبت هاتفها واتصلت به لتخبره بما يدور في رأسها فقال في إيجاب:

- خلاص النهاردة بليل احنا هنجيلكم عشان أتكلم مع زهرة وأفهمها كل حاجه وأعرفها باللي ليها، أما بقى موضوع جوازهم فمش هنفتح كلام فيه رسمياً إلا لما ترجع بدرية من السفر وتكون موجودة بينا وحاضرة كل الكلام من أوله.

ردت سنية في تفهم:

- معاك حق بردو يا منشاوي بيه، ربنا يقدر اللي فيه الخير...

                            ٭٭٭

انتهى يوم العمل لدى زهرة وعادت إلى البيت من جديد فأخبرتها سنية بأن المنشاوي سيأتي للتحدث معها فقالت:

- معايا أنا؟ عايز يتكلم في إيه ياترى، بس غريبة ما أنا قدامه طول النهار لو في حاجه يقولهالي كان قالي.. 

أجابتها سنية:

- لأ مهو أكيد بيحب يفصل بين الشغل والأمور الخاصة وبعدين إنتي مستعجلة على إيه كلها ساعتين وهتفهمي كل حاجه!

تسائلت:

- طب انتي متعرفيش هوا عايز يكلمني في إيه؟

أجابت:

- يستحسن تستني وتسمعي منه اللي عايز يقوله وبلاش استعجال. 

اومأت في إيجاب وغادرت لتستريح قليلاً قبل أن تستعد لاستقبالهم..

مر الوقت حتى ما بقى إلا القليل على مجيئ المنشاوي وسليم..


استعدت زهرة وفجأة سمعت صوت طرقات على الباب فعلمت أنهم قد وصلوا ففتحت لهم الباب، استقبلتهم بالترحيب ثم اصطحبتهم إلى غرفة الضيوف ثم غادرت لتُحضر لهم شيئاً تضايفهم به..

وفي ذلك الأثناء دلفت إليهم سنية، ألقت عليهم السلام ثم جلست..


تحدثوا في أمور عادية حتى عادت زهرة تحمل بين يديها القهوة المفضلة لديهم كما اعتادت أن تفعل.. 


وبمجرد أن جلست حتى بدأ المنشاوي يتحدث قائلاً:

- طبعاً يا زهرة ماما قالتلك إني جاي النهاردة مخصوص عشان عايز أكلمك في موضوع يخصك..


ظنت زهرة في داخلها أنه أراد أن يتحدث بشأن ارتباطها بسليم فأومأت في خجل قائلة:

- آه قالتلي.. اتفضل أنا سامعاك.

ارتشف رشفة من القهوة خاصته ثم قال:

- عمرك سألتي نفسك أنا ليه مش شايفة أي حد من أهل بابا مثلا.. 

أجابت في تعجب:

- بصراحة سألت نفسي كتير السؤال ده وأحياناً كنت بسأل بابا الله يرحمه وماما ومكنتش بلاقي رد..

- طيب شوفي.. إنتي عيلة أبوكي كبيرة أوي وللأسف مافيش ولا مرة حصل صدفة واتقابلتي بحد فيهم.. غيري!


تسألك في تعجب:

- غيرك ؟! حضرتك تبقى قريب بابا ؟

اومأ في صمت وكذلك حدق به سليم في دهشة متسائلاً:

- عم عبد الحميد قريبنا؟ إزاي وإيه صلة القرابة بينك وبينه.. ثم نظر إلى زهرة فقال في حماس:

- يعني زهرة قريبتي! 

رد المنشاوي:

- أيوة بالظبط كدة، عمك عبد الحميد يبقى إبن عمي لزم.. بس في خلافات بسيطة في الموضوع.. 

تسائلت زهرة في حيرة:

- خلافات ايه ؟

ردت سنية بعدما أشارت للمنشاوي أنها ستُجيب:

- بصي ياحبيبتي جدتك الله يرحمها كانت زوجة تانية وفي السر ، يعني موضوع جوازها من جدك محدش عرف بيه إلا بعد وفاته.. وطبعاً كان في ميراث كتير أوي لأن عندهم اراضي وأملاك تكفي بلد، بس جدتك كانت نفسها عزيزة شوية ومرضيتش تخلي أبوكي عبد الحميد يطالب بورثه وهوا دا سبب الخلاف اللي خلانا بعيد عن العيلة الكبيرة دي.. 

ما عدا طبعاً عمك المنشاوي!

هتف سليم في صدمة موجهاً حديثه إلى المنشاوي:

- يعني عم عبد الحميد يبقى إبن عمك يابابا!! 

أجابت سنية:

- أيوة بالظبط كدة، واللي حصل بقى زمان إن جدك الكبير كان حقاني ولما عرف وقتها إن إبنه الكبير متجوز في السر ومخلف ومرات إبنه رافضة الميراث استأمن المنشاوي بس على نصيبه وكتب حق عبد الحميد للمنشاوي..

أجاب المنشاوي وهو يرتشف آخر رشفة بفلجان قهوته قائلاً:

- جدك كان بيثق فيا دوناً عن أي حد تاني وعارف إني هفضل محافظ على حق إبن عمي ومش هقبل قرش حرام يدخل على بيتي، بس طول السنين دي وكان عبد الحميد رافض ياخد ورثه عن أبوه مني عشان ميبقاش كسر كلمة والدته مع إن كان بينه وبينها خلاف بسببه لكن بعد ما صالحها أخد عهد على نفسه إن عمره ما هيلمس ولا جنيه من الفلوس دي.. وكان مصمم يشتغل معاية زيه زي أي عامل في الشركة، بس أنا كنت عامل حسابي على كل حاجه وعامل شراكة بينه وبيني في الشركة والمصنع وكل حق ليه عندي.. 

أجاب سليم:

- يعني زهرة دلوقتي هيا الوريثة اللي أصبحت شريكة ليك في كل أملاكنا؟ 

أومأ إيجابا فقال:

- أيوة بالظبط كدة..

بقيت زهرة صامتة لا تتحدث تشعر وكأنها في حلم، يدور في رأسها الكثير من الأفكار والتساؤلات: " فلوس وشركات وأملاك! وبابا من زمان سايبنا عايشين في الفقر والتعب ده ورافض حقه! وسليم يبقى قريبي وأنا شريكة في الشركة والمصنع وهتبقى حياتي غير في لحظة! " 

 تغير لون وجهها وبدا عليه الوجوم وهي لازالت تُفكر شعرت بالأشياء تدور من حولها.. كأن عقلها لم يستوعب الأمر فلاحظ المنشاوي الأمر فطلب منها ان تذهب إلى غرفتها تستريح إذا شعرت بأنها متعبة، اومأت بالإيجاب فذهبت فقال موجها حديثه إلى سنية:

- أنا مقدر إنها مصدومة دلوقتي وطبيعي تبقى مش مستوعبة النقلة اللي هتحصل في حياتها فجأة كدة فـ خليها لحد ما ترتب أفكارها وتهدا خالص وبعدين نكمل كلامنا..

ردت سنية:

- إن شاء الله.. 

أجاب:

- أما بقى موضوع سليم وزهرة زي ما قولتلك لما بدرية ترجع بالسلامة.. 


ابتسم سليم في فرحة فسمعت زهرة ما قيل فابتسمت في سعادة هي الأخرى فما كان منها إلا أن خرت ساجدة تشكر ربها على ما يحدث لها من نعم وتمنت من قلبها أن يتم كل شيء كما تمنت وتخيلت حدوثه.


انتهوا من حديثهم فـ هم المنشاوي ليغادر وطلب سليم من سنية أن تجعل زهرة تتصل به ليطمئن عليها، ثم غادر. 

                           ٭٭٭

*في لندن بالتحديد في المشفى خارج غرفة العمليات*


جلست سماح تنتظر في خوف تبكي وتدعو الله ولم يفارقها المصحف لحظة وهي تقرأ في خوف ورجاء.. 

وبجانبها بدرية تجلس في صمت تدعو الله تارةً وتواسي أختها وتهدئ من روعها تارةً أخرى، أما كريم فكان يتابع تحركات الأطباء ويرى إذا كانوا يريدون إتمام شيئاً من الإجراءات، كان شديد القلق ليس فقط تحملاً للمسئولية وإنما لأنه سيتحدد مصير فريدة وإذا كان سيئاً سيتحمل هو ذلك الذنب طيلة حياته..


وبعد عدة ساعات من الانتظار لاحظت سماح حركة في المكان وقلق واضح على الدكاتره الموجودين والممرضات ثم تسائلت في توتر وعصبية:

- هوا في إيه بنتي جرالها إيه، اتأخرت كدا ليه يا بدرية.. إتأخرت كدا ليـه! 

اجابت بدرية في خفوت: 

- إهدي بس يا سماح ميصحش كدة ياحبيبتي الناس بتتفرج علينا دلوقتي هنتطمن ونعرف في إيه بالظبط..


 توجهت سماح نحو كريم وهي تشير إليه في غضب قائلة: 

- إنت ربنا ينتقم منك.. أشوف فيك يوم زي اللي أنا شايفاه في بنتي بسببك دلوقتي..


اعترضت بدرية طريقها قائلة:

- ياسماح أرجوكي إهدي اللي بتعمليه ده مش صح ولا وقته المناسب.. 

ثم نظرت إلى كريم قائلة:

- معلش ياكريم متاخدش عليها بس روح شوف إيه اللي بيحصل وطمنا 

نظر لهم كريم في إرتباك وقلق ثم ذهب 

فنظرت إليه سماح تقول في حُرقة:

- حسبي الله ونعم الوكيل.. يارب. 


غادر كريم و ذهب لإحدى الطرقات يبحث عن الطبيب المختص ثم وجده أمام عينيه و ذهب إليه مسرعاً يتسائل: 

- دكتور يوسف.. 

أجاب:

- إنت هنا دا أنا كنت بدور عليك..

رد كريم في خوف:

- طمني الله يكرمك فريدة عاملة إيه، وليه اتأخرت كل الوقت ده وفي حركه مُريبه في المكان خصوصاً عند غرفة العمليات بتاعتها..! 


أجابه الطبيب يوسف بوجه بشوش و سعاده لا توصف قائلاً: 

- الحمد لله العملية إنتهت بنجاح غير متوقع! 

 وخلصت في وقت أقل من المتوقع كمان..  حالة فريدة حالة مميزه وهنا معروف عن المستشفى دي إنها من أكبر مستشفيات لندن وبتضم مجموعة من المتدربين حول العالم، والحالات النادرة اللي زي فريدة كدة بتتعرض عليهم مع كامل المراعاة لظروف المريض.. البنت دي حقيقي محظوظة! 


أجاب كريم في غضب متسائلاً: 

- مش فاهم يعني محظوظة من أي اتجاه، إنكوا سبتوا أهلها ينهاروا من غير ما تطمنونا و لا إنكوا خلتوها فُرجه للناس! 

هوا إنتوا هتبطلوا إمتى تتعاملوا معانا على إننا فران تجارب..  لو سمحت المهزلة دي لازم تنتهي فوراً.


أجاب في ندم:

- انا متأسف جداً كنت متوقع انكوا هتفرحوا، أهالي الحالات اللي زي دي هنا مش بيكون موقفهم كدا لكن هحترم إنك راجل شرقي وهحاول أنهي اللي بيحصل فوراً وأنا آسف للمره التانية.. 

- اوكي حصل خير، عن إذنك أروح أنا أطمن أهلها وأنا اسف إني من قلقي مقدرتش أشكرك على الإنجاز اللي قدرت تحققه في حالة فريدة.. 

أجاب بابتسامة:

- ولا يهمك يا أستاذ كريم إحنا معملناش غير اللي علينا وأي حاجه تانية كانت بفضل الله، عن إذنك.


عاد كريم إليهم وقرر أن لا يخبرهم بما حدث منعاً لإثارة غضب والدتها أكثر بسبب ما حدث فقال بجدية: 

- الحمد لله ياجماعة عملية فريدة نجحت.. هتفوق على بليل كدة، الدكتور قال هتمشي تاني على رجليها بإذن الله بس هتحتاج تعمل متابعة مع دكتور علاج طبيعي وطبعاً هتفضل تحت الملاحظة ومعنى كدة إن هنقعد كمان أربع أيام.. 


هتفن سماح وبدريه في سعادة:

- الحمدلله، 

رفعت سماح يدها إلى السماء قائلة وهي تبكي في فرح:

 - اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك.. 

 

هم كريم ليغادر المكان فذهبت إليه سماح في سرعة وأمسكت بذراعه قائلة: 

- استنى يا كريم.. أنا أسفه اعذرني على اللي حصل مني أنا أم وقلبي كان هينخلع من مكانه خوف على بنتي الوحيدة..


ابتسم كريم بأريحية ثم قال: 

- أنا مش شاغلني دلوقتي غير إن فريدة هتقوم بالسلامة وتبقى بخير، أي حاجه قبل اللحظة دي انا اعتبرتها كإنها محصلتش، وبعدين حضرتك زي ماما فـ ولا يهمك اي حاجة وحمداللة على سلامة فريدة..


أجابت وهي لازالت دموع الفرح عالقة بعينيها قائلة:

- الله يسلمك.. 

ثم عادت لأختها من جديد و ظلت تتمتم بالحمد لله..

                           ٭٭٭


بعدما ودعت سنية المنشاوي وسليم عادت إلى غرفة زهرة وجدتها مستلقية في فراشها تنظر إلى السقف في شرود تام حتى أنها لم تلحظ وجود والدتها، فاقتربت منها سنية وجلست بجانبها وأخذت تُربت على شعرها في حنان ثم قالت بهدوء:

- حبيبتي إنتي كويسة؟

تنهدت زهرة مُجيبة:

- كويسة يا ماما.. بس أنا مش قادرة أستوعب حاجه من اللي سمعتها.

ابتسمت سنية في حنان فقالت:

- شوفتي بقى إن دايماً ربنا بيعوض وبيهون ازاي؟ شوفتي نصيبك من الدنيا كان حلو قد إيه بس إنتي متعرفيش!

قامت زهرة وقالت في جدية:

- بس يا ماما الفلوس الكتيرة دي بتخوف.. أنا بحسها لعنة! 

ردت سنية:

- يابنتي ربنا يكفيكي شرها ويرزقك خيرها ويجعلها حُجة ليكي مش عليكي..

أجابت في عدم فهم:

- يعني إيه بقى حُجة ليا مش عليا..

ردت:

- يعني مثلا تصرفيها بما يرضي اللة، تساعدي منها المحتاج، تعرفي يازهرة إن أحسن حاجه في الدنيا إن ربنا يجعلك باب رزق لغيرك! والرزق اللي بيطلع منك برضاكي لغيرك ربنا بيرزقك أضعافه.. 

ياما في ناس مديونة وناس محتاجة وناس مريضة.. 

وناس ربنا بيكرمها من وسع بس فيهم اللي بيستغل رزق ربنا ليه أحسن استغلال للدنيا وكمان الآخرة وناس زي ما قولتي الفلوس بتكون عليهم لعنة وشر وبتاخدهم للنار وغضب ربنا..


أجابت زهرة:

- فعلاً يا ماما حتى في حديث للرسول صلى الله عليه وسلم بيقول فيه:

" لا تزول يوم القيامة قدما عبدٍ حتى يُسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن علمه ماذا عمل فيه، وعن ماله من أين أخذه وفيما أنفقه "

  

أجابت سنية في حماس:

- قوليلي بقى ناوية تعملي إيه لنفسك بالفلوس دي؟ 

- لأ أنا مش شاغلة بالي بالحكاية دي خالص دلوقتي.. خلي كل حاجه ماشية زي ما هيا وفي الوقت المناسب هنشوف هنعمل إيه..


بس تعرفي يا ماما أنا أكتر حاجه نفسي فيها إيه؟

- ايه ياقلب ماما..؟

- إني أخليكي تعيشي في مكان أحسن من هنا، وأشتريلك كل حاجه جديدة في البيت، وأشتريلك لبس جديد وأخليكي تعملي كل حاجه كان نفسك فيها.. عارفة نفسي في إيه كمان؟

لمعت عيني سنية متأثرة بمشاعر طفلتها فقالت:

- إيه كمان؟

ألقت بنفسها بين أحضان والدتها فقالت:

- نفسي ربنا يشفيكي ومايحرمنيش من وجودك جنبي طول عمري.. فـ أول حاجه هعملها صدقة لأي مؤسسة خيرية بنية إن ربنا يشفيكي ويخليكي ليا.. 

احتضنتها سنية في سعادة فقالت:

- ربنا ما يحرمني منك ياقلب ماما أنا مش عايزة حاجه من الدنيا غير إن قلبي يتطمن عليكي وأشوفك أحلى عروسة في الدنيا.. 


آه صحيح بالمناسبة سليم مشي قلقان عليكي وطلب مني أخليكي تكلميه تطمنيه عليكي.. 

اومأت زهرة في إيجاب قائلة:

- حاضر هكلمه.. 

ثم تركتها سنية وغادرت في رضا وسعادة وأمل.. 

                             ٭٭٭

استفاقت فريدة من أثر المخدر وهي تشعر بتعب شديد كانت تتفوه بكثير من العبارات التي لم يفهمها أحد حتى استعادت وعيها بالكامل..

جلست بجانبها سماح تطمئن عليها في لهفة فأخذت تبكي فريدة قائلة:

- أنا تعبانة أوي ياماما.. أنا عمري ما خُفت بالشكل ده وحسيت إن الدنيا دي صغيرة أوي كدة وممكن تروح في ثانية.. 

نفسي أرجع لحياتي الطبيعية من غير وجع ولا خوف وعمري ما هزعل حد مني ولا ءأذي حد أبداً.. 


 أخذت تُربت عليها سماح في حنان فقالت:

- متخافيش ياحبيبتي كل حاجه هتبقى تمام..

هتفت بدرية في سعادة:

- ألف حمدللة على سلامتك يا حبيبة خالتو..

- الله يسلمك ياخالتو بدرية، على كدة سليم متصلش خالص؟ 

تسائل كريم في نفسه:

- إيه حكاية سليم ده ويبقى بالنسبالها إيه بالظبط!

قبل أن تُجيب بدرية دلف الطبيب يوسف يحمل بين يديه نتائج التحاليل قائلاً:

- ها عروستنا عاملة إيه دلوقتي..؟ 

أجابت فريدة:

- الحمدلله، أنا مش حاسة بالجزء اللي تحت دا كله أصلا.. 

أجاب:

- لسة تأثير المخدر، ولما يروح هتحسي بوجع مش عايزك تتحركي كتير ممكن أوي تاخدي مسكنات عادي هتخفف التعب وأنا من وقت للتاني هتلاقيني بعدي عليكي أتطمن. 

وكمان هرشحلكم دكتور كويس أوي في مصر للعلاج الطبيعي.. 

اجابت سماح:

- متشكرين لحضرتك أوي يادكتور.. تعبناك معانا.

أجاب:

- مافيش تعب ولا حاجه، وألف سلامة عليها..

قالت سماح:

- الله يسلمك.. شكراً.

تركهم وغادرت خلفه سماح وتبعتها بدرية، فأشارت فريدة إلى كريم بأن يذهب إليها فذهب.. 

أشارت له أن يقترب منها أكثر

اقترب منها فقالت بصوت خافت:

- عايزة منك طلب قبل ما يرجعوا بسرعه..

فقال في حماس:

- اطلبي اللي انتي عايزاه أنا تحت أمرك.. عايزة كام واحدة؟

هتفت فريدة في تعجب:

- كام واحدة إيه؟

فقال:

- هوا انتي مش هتبوسيني! 

لكمته على كتفه قائلة:

- ماتحترم نفسك أنا عايزة منك حاجه تانية خالص غير اللي جت في بالك..

وضع كريم يده على فمه في دهشة فقال:

- يالهوي! لأ بقولك إيه أنا ولد ولود ولو عايزاني يبقى في الحلال لكن الشغل ده مبياكلش معايا..!

ضحكت فريدة فقالت:

- يامجنون إنت إديني فرصة أتكلم.. أنا عايزة منك تروح تشتري هدية مميزة جداً مهما كان التمن وأنا هحاسبك..

ابتعد كريم ونطقت قسمات وجهة بالضيق فقال:

- عايزة الهدية دي لمين! 

لـ.. سليم! 

أجابت:

- لا لا عايزاها هدية تناسب بنت مش ولد..

تنهد في راحة وعاد يقترب منها فقال:

- ياشيخه كنتي قولي كدة من الصبح، لأ بصي أنا في هدايا البنات معنديش ياما إرحميني..

نظرت له ولوت فمها في حنق فقالت:

- طبعاً مهو باين عليك أوي.

يلا روح إعمل اللي قولتلك عليه..

أجاب في غضب:

- بت انتي بتكلميني كدة ليه هوا حد قالك إني شغال عندك !

ابتسمت فأجابت:

- خلاص ياسيدي بعد إذنك هتعبك معايا وتجيب الطلب اللي قولتلك عليه.. حلو كدة!

قال:

- حلو جداً.. يلا سلام.

استقبلته سماح وبدرية حيث كانوا يتحدثون مع الطبيب بشأن فريدة فأخبرهم بأنه ذاهب لقضاء امر.. 

 

شعرت فريدة بالنعاس فغطت في ثباتٍ عميق فتركوها لتنعم بنوم هادئ وذهبوا هن الأخريات لشراء بعض الأطعمة والعصائر وكانوا قد اطمئن قلبهم متمنين أن يمر الوقت سريعاً ليعودوا إلى البيت من جديد. 

                         

الفصل السادس عشر من هنا


❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙

الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا  

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️



تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close