أخر الاخبار

سوق إبليس ༺الفصل الثالث بقلم ولاء رفعت علي༻ كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات

سوق إبليس 

 ༺الفصل الثالث بقلم ولاء رفعت علي༻

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات 

بعد مرور احدى عشر عاماً... 


"ماما، يا أمي؟" 

تركض و تبحث عن والدتها داخل المنزل، و الفرح يغزو ملامحها الفاتنة، فقد كبرت و ترعرعت و أصبحت علي مشارف أن تتم السابعة عشر ربيعاً، كلما كبرت أزداد جمالها الأخاذ، كم من رجال ذهبوا إلي خالها لطلب يدها، لكن والدتها كانت ترفض أن تتزوج في سن مبكرة، بل تريدها أن تتعلم و تصبح ذات شأن، فهي الآن انتهت من مرحلة التعليم الثانوي الفني. 


خرجت أمينة من المرحاض تردد الإستغفار، ركضت ابنتها نحوها: 

"بارك لي يا أمي جبت ٩٥٪،  و المستر قالي كده ممكن تدخلي كلية مش معهد". 


رفعت يدها في وضع الدعاء: 

"الحمد و الشكر لله، الحمدلله يارب ما ضيعتش تعبي و لا تعبها علي الفاضي، ألف مبروك يا ضنايا". 


قالتها و عانقتها بفرح و سعادة، فقالت سندس: 

"عارفة يا أمي أول ما أتخرج و أشتغل أول حاجة هاعملها نروح أنا و أنتِ نعمل عمرة، عمري ما أنسي دموعك لما بتنزل كل ما تشوفي الكعبة في التلفزيون، ربنا يقدرني و أحقق لك حلمك". 


قامت بتقبيل ظهر يد والدتها التي عانقتها مرة أخري: 

"يا قلب أمك ربنا يبارك لي فيكِ،  أنا مش عايزة حاجة من الدنيا غير إن أشوفك أحسن حاجة، تتعلمي و تبقي مهندسة قد الدنيا و ربنا يرزقك بابن الحلال اللي يصونك و يشيلك جوه عينيه،  ناوليني التليفون أكلم خالك مرعي أفرحه". 


نظرت إليها الأخري بامتعاض و قالت برفض: 

"ما تقوليش ليه حاجة، تفرحيه بأمارة إيه!، لما أول ما جينا له خلاكِ تشتغلي خدامة في الفلل و البيوت و هو باني بيته علي حقك و نصيبك أنتِ و خالتي!، و يوم ما ربنا فتحها عليه من وسع ما بقاش يعبرنا، ده سأل علينا أخر مرة من سنة و كل ده و إحنا عايشين في حارة واحدة!". 


نظرت أمينة إلي أسفل بحزن و قالت: 

"ما تنسيش إنه كرمنا في بيته يجي شهر عقبال لما لاقينا سكن، و برضو لولاه مكنتش هلاقي شغل عرفت أعلمك و أعيشك منه و بإذن الله هجوزك و أجيب لك أحلي جهاز". 


"حضرتك شايفة كدة!، ماشي أنتم أحرار مع بعض أنتم أخوات، أنا بقي خليني علي جمب ملكوش دعوة بيا". 

قالتها و دلفت إلي غرفتها ثم صفقت الباب بقوة تحت نظرات أمينة التي تبكي رغماً عنها. 

ــــــــــــــــــــــ

في صباح اليوم التالي، خرجت من غرفتها وجدت والدتها داخل المطبخ تعد طعام الفطور، تذكرت ما حدث بالأمس، دخلت إليها و وقفت بخجل معتذرة: 

"أنا آسفة يا أمي، حقك عليا مكنش قصدي أزعق معاكِ إمبارح". 


و قامت بمعانقة والدتها،  فقالت الأخري: 

"عمري ما بزعل منك يا ضنايا، أنا كل اللي عايزاه من الدنيا أشوفك مبسوطة و أطمن عليكِ". 

قالتها و قد باغتها ألم في رأسها فتأوهت رغماً عنها، سألتها ابنتها بخوف و قلق: 

"مالك يا أمي إيه اللي تاعبك؟". 


أجابت الأخري بوهن: 

"دول شوية صداع و هايروحوا لحالهم". 


أمسكت بيد والدتها: 

"طب تعالي أدخلي أوضتك و أرتاحي، أنا هعمل الفطار و هانزل أجيب لك برشام للصداع ". 


انتهت من إعداد الفطور و وضعت الصينية فوق المنضدة أمام والدتها: 

"اتفضلي أفطري، عقبال ما أنزل للصيدلية اللي جمبنا و طالعة علي طول". 


أرتدت إسدال الصلاة الذي ينقذها في تلك المهام السريعة و غادرت المنزل لشراء الدواء، وجدت الصيدلية التي ذكرتها منذ قليل مغلقة بسبب أعمال حفر أمامها، أخذت تتلفت يميناً و يساراً

"ده كده مفيش غير أروح الصيدلية اللي في الشارع اللي ورانا و دي فيها الواد الملزق الرخم ". 


سارت و في كل خطوة تجد أعين الشباب و الرجال تلاحقها بالنظرة أول القول، لم تكترث لهم و تابعت السير حتي وصلت إلي الصيدلية و قامت بشراء الدواء. 


"اتفضلي العلاج يا قمر". 

كان هذا الشاب التي تمقته هي،  اخذت منه الدواء و رمقته بازدراء و ألقت في وجهه المال و قالت بصوت خافت: 

"يخربيت تقل دمك يا أخي". 


غادرت الصيدلية علي الفور و كادت تعبر الشارع الملئ بالماء الراكدة، عبرت سيارة سوداء فارهة قامت عجلاتها بنثر المياه عليها، شهقت و صاحت: 

"إيه الغباء ده يا أعمي". 


توقفت السيارة فجأة ثم عادت ببطئ حيثما تقف سندس التي رفعت طرف الإسدال قليلاً و تنظر بضيق إلي بقع المياه علي ثيابها، أنتبهت إلي صوت رجولي أجش: 

"إيش بتقولين؟". 


رفعت وجهها و نظرت إلي صاحب الصوت الذي يرتدي نظارة سوداء قاتمة،  يبدو من مظهره و لهجته غير مصري. 


خلع نظارته ليتمكن من رؤيتها جيداً، غر فاهه يتأمل عينيها اللوزية ذات اللون العسلي تزينها أهداب سوداء كثيفة،  يحاوط وجهها المستدير و وجنتيها المكتنزة و شاحاً باللون الأسود و كأنها بدر منير تحيطه سماء مظلمة. 


"ماشاء الله تبارك الله، سبحان ما أبدع و سوي هذا الچمال، بس يا خسارة". 


رمقته بإمتعاض و صاحت في وجهه: 

"أنت أتهبلت يعني غلطان باللي عملته فيا بسبب عربيتك و كمان بتعاكس! ". 


رفع يديه و قال: 

"أنا ما صبي لأچل أعاكس كيف ما بتقولين، ممكن إيش هو اسمك؟". 


اتسعت عيناها بغضب، لم تجد إجابة سوي الصمت و همت بالذهاب، لكن منعها من الذهاب بفتح باب السيارة أمامها ثم نزل من السيارة و وقف أمامها مباشرة، تراجعت إلي الخلف ثم تعثرت في حجرة بارزة من الأرض، كادت تقع فأمسك عضديها و عيناه كانت تخترق روحها و ليست عيناها.


"أنتِ بخير؟". 

أومأت إليه بنعم ثم نفضت يديه عن ذراعيها و ركضت في الإتجاه المعاكس، بينما هو كان مازال يقف يتابعها بنظرة غريبة، رفع زاوية فمه جانباً بإبتسامة ذئب قد وجد فريسته، و عقب قائلاً: 

"يا خسارة". 

ـــــــــــــــــ

صعدت علي الدرج بسرعة الريح، أخذت تضغط علي زر الجرس عدة مرات حتي فتحت والدتها: 

"مالك بترني الجرس كذا مرة ورا بعض ليه كدة؟". 


دخلت و جذبت حجابها: 

"أصل، أصل كنت عطشانة أوي". 

قالتها و ذهبت إلي غرفتها، كانت تنظر إليها والدتها بتعجب: 

"علي فكرة التلاجة في المطبخ". 


و بعد مرور وقت، كانت تمكث داخل غرفتها، مازالت نبضات قلبها تخفق بشدة منذ رؤيتها إلي هذا الغريب، أدركت من لهجته إنه من سكان الخليج العربي، أنتابتها ضحكة لا تعلم سببها عندما تذكرت الموقف مرة أخري. 


طرق علي باب غرفتها و أتبعه دخول والدتها: 

"لسه نايمة؟". 


نهضت سندس و أزاحت الغطاء من فوقها: 

"تعالي يا ماما". 


جلست أمينة بجوارها و كانت عيناها تنضح بسؤال تلفظ به لسانها: 

"مش عايزة تقولي إيه اللي جابك من برة مستعجلة و زي ما بتقولي عطشانة و جيتي لا شربتي و لا حتي فطرتي معايا، دخلت لاقيتك نايمة، حد ضايقك برة؟". 


هزت رأسها برفض ثم تابعت: 

"لاء مفيش، بس كنت تعبانة شوية و عايزة أنام". 


أطلقت الأخري تنهيدة: 

"ماشي براحتك، أنتِ من نفسك هتيجي تحكي لي، أنا أصلاً بصحيكي عشان أقولك خالك عازمنا علي الغدا بمناسبة نجاحك ". 


رفعت زاوية فمها بسخرية و قالت: 

"و جاي علي نفسه ليه كدة؟، هتلاقيكِ بعد ما عرفتيه إن نجحت افتكر إنك مستنية منه هدية ليا، أنا هقوم و هاروح معاكِ بس مش واخدة منه أي حاجة، عايزة يديكِ أنتِ براحتك أنا لاء". 


ضربتها والدتها بخفة علي ظهرها و قالت: 

"قومي يا غلباوية جهزي نفسك عشان ما نتأخرش عليه". 


نهضت من الفراش و ذهبت إلي الخزانة و أنتقت ثوب أسود و حجاب أحمر قرمزي. 

و بعد قليل وقفت أمام المرآة تنظر إلي مظهرها و تضبط من وضع حجابها، كلما ترتدي شيئاً تزيده جمالاً من حُسنها و بهائها الخلاب. 

ـــــــــــــــــــــ

و في منزل مرعي، يجلس في غرفة الضيوف مع زائر لديه

"و الله يا فراس باشا لو كان بإيدي كنت جبت لك طلبك، لكن أنا بطلت الشغلانة دي من زمان بسبب وجع الدماغ و المشاكل اللي بتحصل بين أهل العروسة و جوزها ده غير بقي عندكم البهوات صعبين أوي في المعاملة، و أنا الحمدلله دلوقت بقيت صاحب عقارات عندي اللهم بارك برجين و شغال في التالت". 


أخذ الأخر يضحك و قال: 

"الله يطول عمرك حاچ مرعي، أنا چيت لك بعد ما خبرني الشيخ مرشود أن هلاجي طلبي عندك، أنا بصراحة لاقيتها، بس ما عارف هي مين ممكن تكون چارتك". 


قطب مرعي ما بين حاجبيه: 

"جارتي!، هو أصلاً مفيش حد في الشارع أو الجيران عندهم بنات للجواز غير الولية أم حسونة و دي بنتها بعيد عنك مجذوبة، و الباقي يا بنات صغيرين يا إما متجوزين، ألا قولي مش غريبة أن حضرتك شاب في التلاتينات و جاي عايز تتجوز بنت ١٦ سنة، أصل معظم زبايني كانوا من سن الـ ٤٥ لحد ٨٠ سنة، عمري ما جالي شاب في سنك، ما تروح أتجوز كتكوتة روسي شقرا علي الأقل مش هتحتاج تركب كهربا خالص". 


رمقه فراس بعدم فهم و سأله: 

"ليش؟ ". 


أجاب الأخر: 

"عشان بتنور لوحدها يا خفيف". 


و أطلق قهقهة، فأتاه صوت زوجته: 

" مرعي، يا مرعي". 


أخفض صوته و أشار له بيده: 

"أعوذ بالله الولية مراتي بتشم علي طول، مجرد لما بجيب سيرة أي كائن انثي إن شاء الله تكون سحلية تعرف علي طول، و لا أجدعها كلب بوليسي،  عن أذنك هاروح أشوفها عايزة إيه". 


ضحك الأخر: 

"تفضل ". 


ذهب مرعي إلي زوجته التي ترمقه بغضب قائلة من بين أسنانها: 

"لما أنت عندك ضيوف عزمت أختك و بنتها ليه علي الغدا؟". 


"ما تهدي يا مديحة، الراجل كان جاي في مصلحة و ماشي، عايزاني أطرده!، خلاص كلها دقيقتين و هيمشي". 


في تلك الأثناء جاء إتصال هاتفي إلي فراس، فخرج يتحدث خارج المنزل، بينما في الشرفة بالأعلي كانت تقف تنظر إلي المارة في الشارع، 

أنتهي من المكالمة و قبل أن يدلف إلي البناء لفت نظره رؤيتها و هي تقف خلف سور الشرفة، تلاقت عينيها في عينيه و قال: 

"أخيراً لاقيتك يا بدر البدور". 


تكملة الرواية حتى آخرها من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close