expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

رواية وهبني القدر بدرا الفصل الثاني بقلم نسمه مالك

رواية وهبني القدر بدرا  الفصل الثاني بقلم نسمه مالك


رواية وهبني القدر بدرا  البارت الثاني بقلم نسمه مالك


وهبني القدر بدرًا..

✍️نسمة مالك✍️..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..


ضم كفيها بين راحتي يده، و جذبها برفق أجلسها على أقرب مقعد، جلس أمامها أرضًا على ركبتيه، مستند على فخذيها بمرفقيه.. 


كتمت شهقة خافتة من فعلته هذه التي اخجلتها و جعلت قلبها يرفرف بين ضلوعها، كانت تنظر إليه نظرة المنهكة ترجوه لتستريح من التعب، تخبره بنظرتها إنها تلجأ إليه، فعندما تلجأ إليك امرأة مُت من أجلها فالمراة لا تلجأ إلا لأعظم الرجال، 

بينما هو يمرر لها من الزحام حنانًا يظللها ككرمات العنب.. 


"عايزة تعرفي ليه إختارتك أنتي بالذات يا هبة؟!".. 

حركت رأسها بالايجاب بخجل شديد، ليبتسم لها ابتسامته التي تُزيد من وسامته مغمغمًا.. 

"دي حكاية طويلة أوي بس هحاول اختصارها لك دلوقتي و هبقي أحكيلك بالتفصيل الممل لما نروح بيتنا"..

صمت لبرهةً و تابع بتنهيدة حزينة قائلاً.. 


"بعد وفاة والدتي من كذا سنة مّر عليا أنا ووالدي موقف بشع كنت هخسر أبويا بسببه.. قلبه وقف و كان هيموت من شدة الصدمة و لولا فضل الله عليا قدرت ألحقه على أخر لحظة.. بس بعدها حالته النفسية بقت سيئة لأبعد حد.. قولت مافيش غير أني أطلعه الحج عشان نفسيته تتحسن شوية، و فعلاً طلعت أنا و هو عمرة رمضان و هناك في وسط الزحام و أنا واقف قدام الكعبة المشرفة ".. 

توقف عن الحديث و رفع يديه احتضن وجهها بين كفيه أجبارها على النظر لعينيه التي ترمقها بنظرات مُتيمة مكملاً بجملة زلزلت كيانها كله دفعة واحدة حين قال بمنتهي الصدق استشفته هي بقلبها .. 

" شوفتك يا هبة.. شوفتك هناك واقفه قدام الكعبة شايلة طفل صغير على أيدك و حاضنة الكعبة و بتبكي بكا بكى قلبي قبل عيني".. 


اعتلت الدهشة ملامحها، و نظرت له بأعين ترقرقت بها العبرات، و هامست بتعجب قائلة.. 

"شوفتني هناك إزاي بس يا بدر و أنا مروحتش ولا مرة أصلًا؟!..رغم أنها أمنية حياتي بس للأسف متحققتش.. أكيد اللي شفتها دي واحدة شبهي ".. 


قطع حديثها صائحًا بثقة عمياء.. 

" اللي شفتها أنتي يا هبة.. أنتي اللي كنتي هناك.. أنتي و سفيان"..


"سفيان!! شوفت سفيان ابني هناك!! ".. نطقت بها بتقطع و قد بدأت أنفاسها تتلاشى شيئًا فشيئًا من عنف الألم الذي ينهش روحها عند ذكر إسم عزيز قلبها..


سقطت على الأرض فأصبحت كلها داخل حضنه،حملها هو بمنتهي الخفة محاوطها بجسده بحماية، و نهض واقفًا بها، تعلقت بياقة قميصه كالغريق الذي وجد طوق نجاته بعد صراع طويل مع الغرق، و تابعت بنبرة متوسلة..

" وديني عنده يا بدر"..


انهمرت الدموع من عينيها كالشلال و أكملت بتقطع من بين شهقاتها الحادة..

"أبوس إيدك وديني عند إبني.. وحشني أوي يا بدر.. وحشني نفسي اشوفه واخده في حضنه.. وأشم ريحته"..


"هوديكي يا هبة.. ده وعد مني ليكِ..بحول الله وقوته هنروح نعتمر سوا أنا وأنتي في أقرب وقت"..

ختم جملته بطبع قبلة عميقة على جبهتها، 

ظهرت شبة إبتسامة على ملامحها المتألمة و ظلت مستندة بجبهتها على شفتيه، و تحدثت بغصة مريرة كادت أن تزهق روحها قائلة..

" لو كان عايش كان هيبقى عنده دلوقتي 4 سنين "..


رفعت رأسها و نظرت له بعينيها نظرتها التي تُذيب عظامه و أشارت على موضع قلبها بأناملها..

"بس هو عايش في قلبي.. و بيجيلي في المنام و هو بيحبي و أوقات بيجري و بيلعب و بيضحك وفرحان يا حبيبي و بيحضني .. حضنه حنين أوي و دافي زي حضنك يا بدر"..


كان يستمع لحديثها بقلب يتمزق من وجعه عليها، و قد لمعت الدموع بعينيه من شدة تآثره، لثم جبهتها مجددًا مرات متتالية، و احتوي جسدها الهزيل بين ذراعيه بعناق محموم، و يده تربت على ظهرها بحنانٍ بالغ مرددًا بلهفة..

" هششش.. أهدي يا هبة.. كفاية عياط.. كله إلا دموعك أنتي"..


استكانت داخل حضنه ملتفة بكلتا يدها حول عنقه، دافنه رأسها بكتفه تبكي و تآن و تهمس بصوتٍ مكتوم..

"أنا آسفة أني حرمتك مني و حرمت نفسي من حضنك و فضلت في بيت بابا كل الشهور دي بعد كتب كتابنا.. أنا آسفة يا بدر"..


ابتعدت برأسها قليلاً لتتمكن من النظر في عينيه و تابعت بستحياء قائلة..

"حضنك حلو أوي و حنين أوي أوي"..


"ملكك.. حضني ده ملكك أنتي لوحدك "..

ضمها له بقوة محببة لصقها بها أكثر حتي أصبحت قدميها لا تلمس الأرض ، و تابع بشقاوة ..

" و مش حضني بس.. بدر كله بتاعك يا هبة"..


توردت وجنتيها بحمرة قانية حين رفع إحدي ذراعيه و زال دموعها وهبط بأصابعه حتى وصل لشفتيها، مرر أبهامه عليها بمنتهي البطء، فأسرعت بإخفاء و جهها بين حنايا صدره هروبًا من نظرة عينيه المصوبة نحو شفتيها بنظرة يملؤها رغبة عاشق أرهق قلبه الشوق..


أخذ نفس عميق يملأ رئتيه بأكبر قدر من عبقها، و تحدث بكل ما يملك من لين قائلاً..

"ممكن بقي تجهزي عشان نخرج نفطر سوا قبل ما اوديكي الكوافير".. 


"أقعد أفطر أنت معانا هنا عشان بابا و ماما مستنيني على الفطار و كمان حبيبة زمانها جاية هتروح معايا "..همست بها و هي تحاول الإبتعاد عن حصاره حولها، 


خفف ذراعيه حولها رويدًا رويدًا و أخرجها على مضض من داخل حضنه مدمدمًا.. 

" اممم.. طيب هسيبك تفطري انهاردة مع أهلك و بليل نبقي نتعشى أنا و أنتي سوا في بيتنا"..


.......................... صلِ على الحبيب.........


بمنزل "أيوب"..


تهللت أسارير "حبيبة"  بفرحة غامرة و هي تقول..

"بجد يا أيوب لقيت أسطي يبقي مكانك و هتسيب شغل الفاعل و تكتفي بشغلك في المستشفى؟! "..


" أيوه بجد يا حبيبة مش دي كانت رغبتك ".. غمغم بها" أيوب بابتسامة دافئة..

لتهرول" حبيبة" إليه و تقف أمامه مباشرةً و تتحدث بقلق قائلة..

" أوعى تكون زعلان مني يا أيوب.. أنا والله خايفة عليك و أنا شيفاك شايل هم و طاقة فوق طاقتك و مصمم تكمل شغل الفاعل عشان متقطعش رزق الصنايعية اللي بيشتغلوا معاك و الحمد لله أنت لقيت أسطي يبقي معاهم مكانك عشان تركز أنت في الجراحة و ربنا يكرمك من واسع فضله و تفتح عيادة خاصة بيك "..


" بس أنا لو فتحت عيادة مش هتكون هنا في مصر"..


بهتت ملامح" حبيبة" و ابتلعت لعابها بصعوبة و هي تقول بتساؤل..

" أمال هتفتح عيادة في أنهى بلد يا أيوب؟! "..


التزم الصمت لعدة لحظات كانوا بمثابة أعوام مّرت على تلك الواقفة ترتجف بوضوح و قد أصبحت قدميها غير قادرة  على حملها..


" جالي عقد عمل في مركز كبير في أسوان و وافقت عليه"..

أردف بها بنبرة متوترة حين رأي زوجته تستلم لتهاوي قدميها و جلست بوهن على الفراش خلفها..


"وفقت!!.. و عشان كده سبت شغل الفاعل؟! و أنا الهبلة اللي فكرتك هتقضي أخيراً يوم الإجازة معايا أنا وولادك  طلعت هتسافر و تبعد عني خالص".. لتستطرد دون إعطاءه فرصة للرد..

"مبروك يا أيوب.. ربنا يوفقك ويحقق لك كل ما تتمنى"..


جذب "أيوب" مقعد ووضعه بجوار الفراش الجالسه عليه "حبيبة" .. 

جلس أمامها، وأمسك يديها بين يديه، وضغط عليهما برفق، وتحدث بصوته الحنون قائلاً.. 

"بصيلي يا حبيبة".. 


سحبت يدها من يده، ليسرع هو و يمسك بها ثانيةً،  رفعت وجهها ببطء، ونظرت له بعتاب لا يخلو من عشقها الشديد له.. 

ابتسم لها ابتسامته التي تخطف أنفاسها، ورفع يدها على شفتيه قبلها بحب مدمدماً.. 

" اممم قلبك بقي قاسي عليا أوي يا أم أحمد".. 


اعتلت ملامح "حبيبة" الدهشه، و أشارت بيدها المحتضنه يد زوجها تجاه قلبها مرددة بذهول.. 

"قلبي أنا اللي قاسي يا أيوب؟!"..


عادت بيدها نحو قلبه، واراحت كفها على صدره مكمله.. 

"أمال قلبك أنت اللي طاوعك وهيخليك تسافر وتسبني هنا من غيرك يبقي ايه؟! ".. 


"اجابها "أيوب" بلهفه قائلاً.. 

"يا حبيبتي قولتلك هما تلت شهور بس بإذن الله وهرجعلك، وممكن أرجع قبلهم كمان لو مقدرتش أثبت كفاءة.. لأن مش أي حد بيقبلوه في المستشفى دي".. 


أبتسمت له إبتسامة هادئة، وبثقة قالت.. 

"بأمر الله هتنجح، وبجداره كمان يا دكتور أيوب، وهيختاروك وهتفضل هناك على طول.. مش تلت شهور بس، وأنت عارف كده كويس"..


أخذ"أيوب" نفس عميق، وتحدث بأسف قائلاً.. 

"دي حقيقه فعلاً.. أنتي عندك حق فيها"..

جحظت أعين "حبيبة" وتطلعت له بنظرات منذهلة.. ليتابع هو بتعقل.. 

" حبيبة انتي مدركة يعني أيه أكون جراح في مستشفي الدكتور مجدي يعقوب أكبر مستشفي خيري في مصر؟، ويمكن العالم كمان! ".. 


احتضن وجهها بين كفيه.. 

"متخيله إني ممكن أرفض عمل إنساني كبير زي دا؟!، ولو فعلاً قبلوني أكيد هبعتلك تيجي أنتي والولاد تقعدوا معايا مره، وأنا هاخد إجازات واجلكم مره.. لأنك اكيد عارفه ان أمي مستحيل تعيش بره بيتها، ومش هكون مطمن عليها غير وأنتي معها.. بس ادعيلي يا حبيبة يقبلوني معاهم.. دي أمنيتي".. 


"أطمن أنا هفضل هنا مع ماما زينب، و هدعيلك دايمًا أن ربنا يوفقك،ويحققلك كل اللي بتتمناه يا أيوب".. 

قالتها "حبيبة" وهي تبعد يده عنها برفق مكمله.. 

" هدخل الحمام اخد شاور سريع علشان متأخرش على هبة أكتر من كده".. 

أنهت جملتها،وهبت واقفه، وسارت نحو الحمام بخطوات مسرعة .. 


ليوقفها صوت" أيوب" يقول بقلق.. 

" حبيبة انتي ناويه على أيه بالظبط؟! .. لأن بصراحة هدوئك دا مخوفني".. 

اجابته "حبيبة" دون أن تلتفت له.. 

"متخفش يا أيوب مش هعمل زي حد واسيب لك البيت وأمشي ".. 


كانت تلك أخر كلماتها قبل أن تغلق باب الحمام ووقفت خلفه مستنده عليه بظهرها.. واضعه كف يدها على فمها تكتم شهقاتها الناتجه عن بكائها الشديد محدثه نفسها.. 

"انا خلاص مبقتش عايزه الدكتور أيوب اللي دايماً بعيد عني دا"..


تأوهت بصوت خفيض مكمله بشتياق.. 

"واحشني الاسطي أيوب اللي مكنش يقدر يبعد عني لحظه واحده".. 


بينما "أيوب" يقف أمام الباب مستند بكلتا يده وجبهته عليه.. يستمع لصوت بكائها بقلبه، وبرجاء تحدث قائلاً.. 

"افتحي يا حبيبة أيوب.. أفتحي لو ليا عندك خاطر"..


فتحت على الفور بعد جملته هذه، لتصدمه بعينيها التي تنهمر منها الدموع بلا توقف، صك أسنانه بعنف كاد أن يهشمها، و بلمح البصر قطع المسافة بينهما حتى أصبح معاها داخل الحمام، و خطفها من خصرها داخل حضنه بلهفة شديدة غالقًا الباب بقدمه..

أنتهي الفصل..

نكمل بكره ان شاء الله..

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..


الفصل الثالث من هنا

تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close