expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

※ الفصل السابع ※ 🐺 غابة الذئاب «ما بعد العهد» 🐺 "الجزء الثالث من رواية صراع الذئاب" بقلم: ولاء رفعت علي

  الفصل السابع 

 غابة الذئاب «ما بعد العهد» 

"الجزء الثالث من رواية صراع الذئاب" 

بقلم: ولاء رفعت علي



تجلس أمام المرآة و تضع الحمرة علي شفتيها ثم أطبقت إياها ليتم توزيع الحمرة بشكل متناسق، رفعت عينيها المزينة بالكحل الأسود لتنظر إلي الذي وضع يديه علي كتفيها، يتأمل ملامحها التي يحفظ بها كل إنش، عقدت ما بين حاجبيها و بإبتسامة وديعة سألته: 

"بتبص لي كده ليه؟". 


ابتسم و أنحني ثم أستند برأسه علي كتفها قائلاً: 

"أصل أول مرة أشوف قمر طالع الصبح". 


وضعت يديها علي خاصته قائلة: 

"صاحي مزاجك رايق، أنت النهاردة أجازة و لا إيه؟". 


نظر إليها عبر المرآة مبتسماً: 

"هو أنا مزاجي ما بيروقش غير في الأجازات! ". 


نهضت و ألتفت إليه تكمل هندام ربطة العنق خاصته: 

"بصراحة مش علي طول، هو يمكن الفترة الأخيرة بقينا قليل لما بنتكلم أو بنقعد مع بعض، المستشفي واخدة وقتك و أنا المركز نفس الحكاية، إحنا فعلاً محتاجين وقت راحة و نرجع نقرب من بعض تاني". 


أطبق شفتيه و أخذ يفكر ثم قال: 

"مش إحنا إتفقنا هنقضي مع بعض الـ weekend و هنسافر!". 


نظرت إلي أسفل تتهرب من التحديق إليه و هي تخبره: 

"بصراحة عندي اليوم دي حالتين ولادة ما ينفعش يتأجلوا ". 


بالخارج في الرواق، خرجت من غرفتها للتو و توقفت أمام غرفة والديها قبل أن تطرق الباب، راقبت الأجواء من حولها لتطمئن أن لا يشاهدها أحد و هي تتصنت علي والدها و زوجته. 


نعود إلي يوسف الذي تراجع جانباً و وضع يديه علي جانبي خصره، يعتصر شفته السفلي أسفل أسنانه و يهز رأسه قائلاً: 

"تمام يا دكتور علياء، براحتك خالص بس ما ترجعيش تشتكي و تقولي أنت مش بتقعد معايا ليه". 


اقتربت منه و حاوطت عنقه بذراعيها قائلة: 

"بالله عليك يا چو ما تزعل مني، أنت أكتر واحد المفروض يكون مقدر ظروفي عشان هي نفس ظروف شغلك، و عارف إن تخصصي بالذات وقتي ما بيبقاش ملكي". 


"طب و بالنسبة لجوزك مالهوش حق من وقتك ده خالص!". 

قالها و يحدق إليها بنظرة عتاب، فأجابت بدلال: 

"يا حبيبي وقتي و كل ما أملك حقك، و أوعدك إن شاء الله هارجع بدري من الشغل هعدي عليك و نروح نسهر في أي حتة، و أنت اللي هتختار المكان بنفسك". 


"عارفة يا لولو أنتِ أحسن واحدة تقدر تثبت اللي قدامها، أوك موافق بس تسعة بالدقيقة ألاقيكي مستنياني قدام المستشفي، تسعة و دقيقة مفيش خروج". 


أومأت إليه بإبتسامة ظهرت أسنانها البيضاء المتناسقة: 

"أمرك يا دكتور". 


رفع حاجبه الإيسر و بتوعد زائف مازحاً يخبرها: 

"عارفة لو ماجتيش بقي و أعتذرتي أصل عندي حالة و الكلام ده عارفة هعمل فيكِ إيه؟ ". 


أنزلت يديها و أبتعدت خطوة إلي الوراء و سألته بجدية و بمزاح: 

"هاتعمل إيه؟". 


جذبها من ذراعيها و أرتطمت علي صدره قائلاً: 

"هعمل كده". 


كاد يقبلها لكن أوقفه طرق الباب و يعقبه صوت ابنته: 

"داد؟"


أطلق زفرة بحنق فأبتسمت علياء و أبتعدت، و قالت إليه بصوت خافت حتي لا يصل إلي صغيرته المراهقة: 

"لما نرجع بالليل هعوضك". 

و قامت بتقبيل خده و ألتفت دون أن تلاحظ أثر الحمرة علي شكل شفتيها الذي تركته علي خده. 


بينما هو صاح مجيباً علي نداء صغيرته: 

"أدخلي يا لوچي". 


فتحت الباب و ولجت، ألتفت إليها علياء مبتسمة: 

"good morning لوچي ". 


قبل أن تجيب الأخري علي التحية، لاحظت أثر الحُمرة علي وجنة و الدها، عادت ببصرها إلي علياء و حدقت بطيف ابتسامة لا تخلو من نظرة حقد أدركتها الأخري، فقالت علي عجلة من أمرها: 

"طب أنا هستأذنكم عشان أتأخرت، باي". 


رد زوجها ينظر نحو إثرها: 

"باي". 


بينما ابنته، اقتربت منه و قامت بمعانقته قائلة: 

"good morning Dad ". 


ربت عليها بحنان قائلاً: 

" good morning ". 


و كأنه تذكر شيئاً، عقد ما بين حاجبيه و سألها: 

"مش المفروض تكوني في المدرسة دلوقت؟". 


أنسحبت من بين ذراعيه و قالت: 

"صحيت متأخر، و تعبانة شوية". 


مسك يدها و بإهتمام و ضع يده الأخري علي جبهتها، يتفحص ملامحها: 

"حاسة بإيه بالظبط؟". 


أومأت بنفي و أجابت: 

"حضرتك فهمت غلط، أنا حاسة بس بإرهاق". 


تركها و ذهب يبحث عن سترة حُلته السودا: 

"الإرهاق ده سببه ما بقتيش تروحي النادي و علي طول قافلة علي نفسك، ياريت ترجعي لتمارين السباحة اللي بعدتي عنها بقي لك أكتر من خمس شهور". 


"أوك، أنا بس هستأذن حضرتك هاروح أزور مامي و هاقضي عندها اليوم النهاردة". 


ظل ينظر بضيق، بداخله يرفض تلك الزيارة لكن عندما رأي رغبة صغيرته في رؤية والدتها، فوافق علي مضض: 

"خلي عم محسن يوصلك و يستناكِ لحد ما تروحي من هناك". 


ابتسمت ابنته و عانقته مرة أخري قائلة بإمتنان: 

" thank you dad". 


بادلها العناق ثم ابتعد و أخبرها: 

"أنا مضطر أمشي أنا كمان عشان ما أتأخرش، و لما ترجعي أتعشي و نامي عشان هتأخر أنا و ماما علياء بره". 


هزت رأسها في صمت، و وسوس إليها الشيطان بأن والدها لا يكلف عناء نفسه بإخبارها عن موعد العشاء الذي بينه و بين زوجته مما أشعل النيران بداخلها أكثر. 


كاد والدها يغادر، لمحت هاتف علياء فوق طاولة الزينة، قامت بأخذه سريعاً و ذهبت مسرعة خلف والدها: 

" dad,  dad". 


توقف قبل أن ينزل علي الدرج،  وجدها ترفع الهاتف لتعطيه إياه: 

"طنط علياء نسيت الفون بتاعها، ياريت تعدي عليها و تديهولها". 


أخذه و وضعه في جيب سترته الداخلي قائلاً: 

"تمام، هعدي عليها، خدي بالك من نفسك". 


أومأت إليه بعينيها و أكتفت بإبتسامة، أزدادت و تتخيل ردة فعل والدها عندما يري صديقه لدي زوجته في المكتب دون أن يعلم و لا يوجد سبب لزيارته إليها! 

༺༻

"آسر؟". 

قامت بالنداء عليه و تقوم بإغلاق زر قميص صغيرها، أجاب زوجها الذي يقف لدي الطاولة الرخامية، يرتشف فنجان القهوة و يتصفح هاتفه في آن واحد: 

"نعم؟". 


انتهت من ما كانت تفعله و تقدمت منه لتخبره: 

"منة بنت خالتي الحنة بتاعتها بكرة و بعد بكرة الفرح". 


أنتهي من شرب القهوة و ترك القدح فوق الطاولة، أغلق شاشة الهاتف ثم وضعه في جيب سترته الداخلي، فقال لها: 

"يعني حنة و فرح بنت خالتك طلعوا مرة واحدة كدة، اللي هم قرروا فجأة تتجوز، اللي أعرفه الطبيعي الناس بتعزم قبل بفترة علي الأقل أسبوع". 


رفعت إحدى حاجبيها و عقدت ساعديها أمام صدرها: 

"ما أنا قايلة لك من شهر حتي بالأمارة كنت قاعد نفس القاعدة بتاعتك دي و عشان ماسك الفون و مش مديني ربع اهتمام بالتأكيد مش هتفتكر". 


زفر بضيق فسألها و قد أوشك صبره علي النفاذ: 

"و المطلوب مني إيه يا هاجر؟". 


حدقت إليه بنظرة مطولة ثم أجابت: 

"كل اللي طلباه منك، ياريت تركز مع بيتك و أولادك زي ما أنت مركز مع ولاد غيرك". 


"أنا مش هتكلم في الموضوع اللي بتلمحي ليه ده تاني، عشان عيب عليكي لأنك عارفاني كويس، إما بالنسبة لفرح بنت خالتك، أتفضلي روحي". 

شعرت بالحرج لما تفوهت به، كاد يولي ظهرها إليها، ركضت نحوه و أوقفته لكي تسأله: 

"طب و أنت مش هتيجي الفرح؟". 


تناول نظارته الشمسية المعلقة في جيب سترته الخارجي و قام بإرتدائها قائلاً: 

"هابقي أكلمك قبلها، يلا أمجد أنت و كارما". 


أمسكت يده و أوقفته مرة أخري تنظر إليه بأسف و تخبره مُعتذرة: 

"آسر، أنا آسفة و الله ما قصدي حاجة من اللي فهمته". 


استدار و وقف أمامها وضع يده علي خدها ليضغط بإبهامه و سبابته عليه، قائلاً بإبتسامة: 

"أنا أصلاً ما باخدش علي كلامك و أنتِ متضايقة، لأن بعتبرك طفلة". 


لكزته في صدره قائلة بحنق طفولي: 

"طفلة إيه اللي عندها ٣٤ سنة!". 


أطلق قهقه: 

"حتي لو عندك ١٠٠ سنة و شعرك أبيض و سنانك واقعة و وشك مكرمش، برضو بالنسبة ليا طفلة، الطفلة اللي عيني عمرها ما شافت و لا هاتشوف غيرها، اللي خطفت قلبي و عقلي و جننتني معاها و نفسي دلوقتي أخطفها بين إيديا و نطلع أوضتنا و... 


هبط بشفتيه إلي خاصتها، سرعان منعته بوضع كفها علي فمه و أشارت إليه بنظرة إلي طفليها اللذان يقفان و يشاهد كليهما ما يحدث و كأنهما يشاهدان فيلماً رومانسياً. 


تنحنح آسر و أعتدل قائلاً: 

"كنت هقولك في ودنك كلمة سر". 


فقال صغيره أمجد بمشاكسة: 

"و إحنا كمان عايزين نعرف كلمة السر يا بابي".


و عقبت شقيقته كارما:

"و أنا كمان عايزة أعرف". 


همس الأخر إلي زوجته: 

"ما تقولي لهم أنتِ يا مامي". 


تهربت من نظرات صغيريها و حدقت إليهما بنظرة جدية: 

"يلا يا ولد أنت و أختك أتأخرتوا علي المدرسة ". 


أشار إليهما والدهما إلي الخارج: 

"يلا قدامي علي العربية". 


و بعد أن خرج الصغيران، اقترب منها علي حين غرة و بيد واحدة ضغط علي وجنتيها و شفتيها فأختطف قبلة 

"تصبيرة لحد ما أرجع لك بلليل، سلام". 


ضحكت الأخري و سارت خلفه، و أشارت إلي صغيريها بيدها: 

"باي، في حفظ الله يا حبايبي". 


عادت إلي الداخل و سارت نحو الدرج، أوقفها تنبيه رسالة واردة، تراجعت و سارت إلي الأريكة حيث تركت الهاتف و أخذته، وجدت الرسالة صادرة من رقم مجهول، قامت بفتحها لتجد المحتوي كالآتي

«خلي بالك من جوزك لأن الضربة مش بتيجي غير من أقرب الناس ليكِ حتي لو من دمك»

༺༻ 

في مكتب الخاص بالشئون داخل إحدي الجامعات الخاصة، تمسك تلك السيدة بأوراق و تضعها أمام الأخري: 

"أتفضلي يا مدام خديجة، أملي بياناتك هنا". 


نظرت خديجة إلي آدم بإبتسامة يشوبها التوتر، أومأ لها بأن تفعل ما طلبته منها السيدة، أخذت تكتب حتي انتهت من ملأ البيانات المطلوبة ثم أعطت الورقة إلي الأخري و سألتها: 

"هل في أي إجراء تاني أعمله؟". 


أجابت الأخري: 

"لاء، كده كله تمام، طبعاً الدراسة هتبدأ من السنة الدراسية الجديدة، لكن ممكن تيجي تحضري courses في التنمية البشرية و الـ English و Icdl، دول الجامعة بتقدمهم علي مدار السنة كلها و بتمنح الطلاب شهادات بعد ما بينتهي كل course ". 


ضحك آدم معقباً: 

"دي خديجة هي اللي تيجي تدي عندكم دروس في التنمية البشرية". 


حدقته الأخري بتوعد، فقالت السيدة: 

"ده شرف لينا يا آدم بيه". 


بينما خديجة التي شعرت بالحرج، أخفت هذا خلف بسمة ارتسمت علي ثغرها حينما قالت: 

"آدم بيه بيهزر، أنا بس لما بتحصل مشكلة ما بين أي إتنين بحاول أحلها علي قد ما أقدر، ده أنا غير كنت إن قرأت كتب كتير لدكتور إبراهيم الفقي الله يرحمه". 


عقبت السيدة: 

"الله يرحمه، طيب دي حاجة كويسة جداً كونك إنك بتنجحي تصلحي و تحلي مشاكل اللي حواليكِ ده في حد ذاته نجاح، علي العموم هنكلم حضرتك و هنبلغك عن المواعيد  ". 


"تمام". 

قالتها خديجة و بعد إلقاء السلام و غادرت بوابة الجامعة برفقة آدم الذي أمسك بيدها و حدق إليها بسعادة: 

"ألف مبروك يا حبيبتي، عقبال الشهادة و أول ما هتخلصي هاجيبك تشتغلي معايا". 


"بجد يا آدم؟". 

سألته و الفرح يقفز من عينيها، فأجاب الأخر بزهو: 

"و أنا من إمتي بضحك عليكِ، ده أنتِ هتبقي سكرتيرة آدم البحيري، و مكتبك هيبقي جوة أوضة مكتبي". 


ضحكت و قالت: 

"إيه جو الروايات ده!، ناقص تقولي و هتلكك ليكِ علي أي غلطة عشان تتخانق معايا و هتعاقبني ببوسة و جو مدير الشركة و السكرتيرة". 


أخذ يضحك و لم يستطع التوقف عن الضحك: 

"لاء يا ديجا ده أنتِ الروايات خربت تفكيرك خالص، فين ديجا حبيبتي المتدينة". 


لكزته في كتفه و قالت: 

"و حد قالك إن اللي بيحب دينه و بيطبقه في حياته لازم يكون إنسان مُعقد و ما بيهزرش، بالعكس بقي، دول أكتر ناس عايشين حياتهم صح، هي مسألة وقت الجد جد و الضحك ضحك من غير ما نغضب ربنا و لا نأذي حد بكلمة تجرحه". 


وقف أمامها، يتأملها بفرح و كأنه ظفر بكنز  لايقدر بثمن: 

"كل مدي و بندم إن معرفتكيش عن قرب من زمان، أنا ساعات بحسد نفسي عليكِ". 


بينما كان يتحدث إليها لفت انتباهها فتاة تصيح في شاب يمسك بيدها عنوة، لاحظ آدم شرود زوجته فألتفت إلي ما تنظر إليه


"بحذرك لآخر مرة يا باسم، أبعد عني أحسن لك، أنت إيه ما بتفهمش قولت لك أنا ما بحبكش، و لا عمري حبيتك". 

صاحت بها الفتاة و جذبت يدها من قبضة المدعو باسم و الذي صاح بغضب أيضاً: 

"بس أنا بحبك يا فجر، و هاتحبيني سواء بمزاجك أو غصب عنك". 


أثار تهديده غضب الفتاة فصرخت بسخط: 

"ده في أحلامك، واضح واخد مقلب في نفسك أوي، مفيش راجل يفرض نفسه علي واحدة مش طايقه تبص له، لكن واضح جداً ما تعرفش حاجة عن الرجولة". 


باغتها بصفعة قوية و يليها الأخري: 

"أنا راجل غصب عنك يا بنت... 


لم يكمل سبه البذئ بسبب ما فعله آدم به، حيث قام بتسديد لكمة في وجهه أطاحت به علي الأرض: 

"أنت مين عشان تضربني؟". 


كان حراس أمن بوابة الجامعة يكتفون بالمشاهدة فقط، بينما آدم قام بتوبيخ الشاب: 

"أنا واحد شاف حتة عيل زيك بيمد إيده علي واحدة بنت". 


نهض الشاب و كاد يهجم علي آدم فتدافع نحوه الحارسان اللذان كان في إنتظار سيدهما لدي سيارته، أوقفهما الأخر بإشارة من يده

و أردف: 

"أبقي أعملها و هادفنك مكانك". 


كانت خديجة تحتضن الفتاة التي تبكي أثر الصفعة التي تلقتها، تربت عليها: 

"ما تخافيش مش هانسيبك، تحبي نروح نعمل فيه محضر عشان ما يتجرأش عليكِ تاني!". 


رفعت فجر رأسها و أبتعدت لكي تنظر إليها بتوسل قائلة: 

"بلاش بالله عليكِ، مش عايزة فضايح". 


تعجبت خديجة من موقف الفتاة العجيب: 

"فضايح إيه!، يا بنتي ده ضربك بالقلم قدامنا و عمال يهددك، إحنا هنشهد معاكِ". 


هزت الأخري رأسها برفض قائلة: 

"لاء مش عايزة، و شكراً لحضرتك و للأستاذ". 


و أبتعدت ثم دلفت إلي الداخل، فأبتعد الشاب أيضاً و صعد أعلي درجاته النارية و أنطلق بها. 


أمسك آدم خديجة من يدها و قال: 

"يلا بينا عشان أوصلك للقصر و أطلع أنا علي الشركة". 


و بداخل السيارة التي يقودها إحدي الحارسين و الآخر يجلس بجواره، و كلا من خديجة و آدم يجلس في الخلف،  كانت الأخري شاردة، تنظر إلي الطريق في صمت، وضع آدم يده علي يدها و سألها: 

"حبيبتي مالها سرحانة في إيه؟". 


نظرت إليه و بشبه إبتسامة و إقتضاب قالت: 

"مفيش". 


سألها و قد أدرك السبب: 

"أوعي تكوني لسه شاغلة بالك باللي حصل مع البنت!". 


نظرت إليه بحزن: 

"أكدب عليك لو قولت لك لاء، بصراحة مستغربة لموقفها الضعيف و الخوف اللي شوفته في عينيها لما قولت لها نعمل فيه محضر ". 


"ديجا حبيبتي، مش كل الناس تملك الجرأة، و ممكن تكون من عيلة الأمر ده عندهم إنها تبلغ أو تعمل محضر ده فضيحة في حد ذاته، أنتِ لو تلاحظي كمان كلامهم قبل ما يضربها إنهم يعرفوا بعض، ممكن كانو مرتبطين و سابته، الله أعلم إيه اللي بينهم و ممكن ده سبب خوف البنت". 


استدارت إليه بزاوية و قالت: 

"بابا الله يرحمه ديماً كان بيقولي صاحب الحق ما بيخافش و لو حد جه عليكِ و ظلمك و أنتِ سكتي عن الظلم مهما كان السبب يبقي أنتِ زيك زي اللي ظلمك، ومفيش حد هيدفع ضريبة السكوت غيرك". 


عقب آدم بعدما تنهد قائلاً: 

"الله يرحمك يا عم سالم، بقولك إيه إحنا هنقضي باقي اليوم كله عن البنت اللي انضربت!، عايزين نحتفل بمناسبة إنك بقيتي طالبة جامعية حالياً، و سكرتيرتي الخاصة مستقبلاً". 


ابتسمت رغماً عنها ثم ضغطت بيدها علي يده و أشارت إليه بعينيها نحو السائق و الحارس، كدلالة أن يتوقف عن التغزل بها أمامهما. 


أنحني نحو موضع أذنها التي يغطيها الحجاب، همس إليها: 

"بكرة و بعده و بعده أنا معنديش حاجة في الشركة و هاخدهم أجازة، إيه رأيك نخطف لنا اليومين دول في شاليه الجونة، فاكراه؟". 


غمز إليها بعينه فضحكت و أجاب: 

"عمري ما نسيته". 


خلل أنامله بين أناملها و وضع يدها علي منتصف صدره و أخبرها: 

"إن شاء الله هيبقوا من أجمل أيام حياتنا، بحبك أوي يا ديجا". 

༺༻

تضع المساعدة أمامها دفتر ورقي قائلة: 

"أتفضلي يا دكتور، دي أسماء و مواعيد حالات الولادة لحد آخر الأسبوع". 


ردت علياء و هي تنظر إلي المواعيد قائلة: 

"أتصلي علي كل حالة فيهم تبلغيهم ما ينسوش عمل التحاليل المطلوبة منهم قبل العملية". 


"أمرك يا دكتور". 

قالتها الأخري و ذهبت لتفتح الباب و تغادر فوجدت أمامها آسر الذي طرق الباب قائلاً: 

"صباح الخير". 


رفعت وجهها و نظرت إلي صاحب الصوت و ابتسمت، نهضت قائلة: 

"صباح النور، إيه المفاجئة الحلوة دي؟". 


جلست و حدق إليها بتعجب و عدم فهم ما يحدث، فأخبرها: 

"مفاجئة إيه يا دكتور!، ده أنتِ اللي بعتالي رسالة علي الواتس إمبارح، آسر أنا عايزاك بكرة في المركز، قلقت و قولت فيه حاجة بخصوص لوچي". 


قطبت ما بين حاجبيها و تحاول أن تتذكر إنها أرسلت إليه كما قال أم لا

"أتفضل أقعد". 


أخذت تبحث عن هاتفها و لم تجده فقالت له: 

"معلش يا دكتور آسر، أنا بعت لك الرسالة دي إمتي بالظبط؟، شكلي نسيت الفون في العربية". 


فتح الرسالة في هاتفه و أعطاها إياه: 

"أتفضلي". 


ضبطت من وضع نظارتها الطبية جيداً ثم نظرت إلي توقيت الرسالة، زادت دهشتها أكثر لأنها تذكرت في هذا الوقت كانت نائمة، كيف حدث ذلك! 


"غريبة، أنا الوقـ... 

قاطعها طرق الباب ثم فتحه ليظهر يوسف الذي كان مبتسماً و كاد يتحدث و عندما رأي آسر تجلت الدهشة في نظرات عينيه: 

"ده أنا كنت فاكرك في المستشفي و المفروض عندك عمليات بعد ساعة!". 


قالها و عاد ببصره إلي علياء التي حدقت إليه بتوتر لا تعلم لما تشعر بهذا، ربما نظراته المبهمة و التي لم تستشف منها شيئاً، رسمت علي شفتيها ابتسامة زائفة و قالت: 

"لاء كده المركز نور بالحبايب، ده دكتور آسر لسه جاي دلوقتي". 


جلس يوسف علي الكرسي المقابل لصديقه، وضع هاتفها أمامها علي المكتب: 

"أنا جيت عشان أديلك موبايلك اللي نستيه". 


أمسكت بالهاتف و قالت: 

"و أنا اللي كنت فاكرة إن نسيته في العربية، لاء ده أنا كدة خلاص محتاجة أخد علاج لتنشيط الذاكرة". 


عقب آسر بمرح: 

"بالعكس أنتِ أكتر واحدة فينا ذاكرتك قوية، أومال أعمل إيه مع بنت خالتك اللي ذاكرتها زي ذاكرة السمكة أقولها علي الحاجة تنساها بعد دقايق". 


ضحكت الأخري رغماً عنها و دوت ضحكتها دون قصد منها مما جعل زوجها يحدقها بنظرة تحذيرية جعلتها تتوقف عن الضحك، فرت من نظراته إليها و قالت إلي صديقه: 

"جوجو من زمان و هي كدة، احمد ربنا إنها فاكرنا و فاكراك أنت شخصياً". 


رفعت سماعة الهاتف الأرضي و سألت كليهما: 

"تشربوا قهوة معايا؟". 


أجاب آسر: 

"شكراً، أنا سبقتكم". 

نهض و أردف: 

"أنا هستأذنكم عشان يا دوب أوصل للمستشفي و عندي كام حالة همر عليهم قبل ما أبدأ العمليات، جاي معايا يا چو؟". 


حدقه الأخر ببرود قائلاً: 

"لاء أنا قاعد مع مراتي شوية، أتفضل أنت روح شوف اللي وراك". 


لم يعلق آسر علي حديث صديقه و أكتفي بإبتسامة: 

"سلام عليكم". 


ردت علياء التحية و كانت تنظر نحوه و بعد أن ذهب و أغلق الباب خلفه، تحولت ملامح يوسف الهادئة إلي غاضبة جعلت زوجته تشعر بالتوتر و الخوف: 

" آسر كان بيعمل إيه عندك؟". 


غرت فاهها و شردت في سؤالها الذي يحمل ألف معني، أجابت و الصدمة تنضح من عينيها: 

"أنت أكيد بتهزر، و إيه نبرة صوتك اللي بتحمل إتهام ليا!". 


"أنا ما بهزرش يا علياء، و ما وجهتش أي إتهام ليكِ، سؤالي واضح جداً، بسألك هو هنا ليه؟ إيه السبب؟". 


لم تعلم هي أيضاً السبب، لذا أجابت بصدق: 

"معرفش، هو لسه واصل قبل ما أنت تيجي بدقيقة و لسه ما أتكلمناش لاقيتك جيت، و زي ما شوفت بعينك ما أتكلمش في أي حاجة". 


أومأ لها و يطبق شفتيه: 

"تمام". 


نهض و أردف: 

"بمناسبة موضوع الذاكرة بأكد عليكِ ميعاد العشا بالليل ياريت ما تنسيش، سلام". 


أتجه إلي الباب فأوقفته: 

"يوسف أستني بس لسه مخلصناش كلامنا". 


ألتفت إليها و نظر في ساعة يده: 

"معنديش وقت، نبقي نكمله بالليل في السهرة ما تقلقيش، سلام يا دكتور". 


غادر و تركها حائرة، تخشي إن ما وراء غضبه سوء فهم و غيرة واضحة إليها، كما تذكرت أمر الرسالة، أمسكت هاتفها و أخذت تبحث عن الرسالة، لم تجد أي رسائل علي تطبيق الدردشة بينها و بين آسر، فكيف وصلت إليه تلك الرسالة من الحساب خاصتها! 

༺༻

تقف داخل الشرفة المليئة بالأزهار و الزرع، تستنشق رائحة عبيرها و الهواء قائلة: 

"ياه يا ملك، الريحة دي بتفكرني بتمن سنين فاتت، و لما كنا بنروح الجامعة الصبح، بيبقي فيه ريحة في الجو مميزة تحسسك بالدفا و قد إيه مهما سافرتي و لافيتي في أي بلد حتي لو أحسن من هنا مش هتحسي بالإحساس ده غير في مصر". 


عقبت صديقتها و تعطيها كوب مشروب القهوة بالحليب: 

"فعلاً مصر زي الأم اللي أولادها مهما بعدوا عنها يشتاقوا لحضنها، و ده كان نفس إحساسي لما سافرنا أنا و مصعب و قضينا أسبوع في روما في أول سنة جواز، برغم كانت رحلة جميلة و أنبسطنا فيها بس برضو مكنتش حاسة بالراحة و أول ما رجعت فرحت كأني كنت في غربة، ما قولتليش بقي ناوية تعملي إيه الأيام الجاية غير الشغل و رسالة الدكتوراة اللي بتحضريها". 


ابتلعت رشفة من الكوب ثم أجابت: 

"و الله يا ملك مش عارفة أبدأ منين، حاسة كأني تايهة، ده غير بقي مطلوب مني حاجات كتير تبع الرسالة اللي لازم أكون مطبقاها عملي علي حالة حقيقية". 


نظرت إليها الأخري و كأنها تذكرت شيئاً فسألتها: 

"إزاي صح أنا و أنتِ كنا بندرس Economy و أنتِ دلوقت بتحضري دكتوراة في مجال علم النفس اللي هو إزاي؟". 


تركت رودينا الكوب فوق المنضدة لتجيب علي سؤال صديقتها: 

"أنا لما سافرت لكندا دخلت الجامعة هناك و أختارت المجال ده عشان أنا كنت حباه من زمان، و بابي رفض أدرسه لما كنت صغيرة و صمم علي الإقتصاد، و لما سافرت قولت أنا عملت اللي هو عايزه و جه الوقت أحقق اللي نفسي فيه، و هناك في كندا دخلت كذا إختبار زي القدرات، الحمدلله عديت و نجحت و خلصت دراسة و عملت ماچيستير و برضو نجحت و أتقبل، قولت لازم أكمل طريقي للأخر  و ده اللي خلاني رجعت هنا". 


علقت ملك التي شعرت بالفرح من أجل نجاح صديقتها رغماً من حزنها الدفين من أجل إنها لم تحقق أي إنجازاً يُذكر سوي إنها تزوجت من حبيبها و أنجبت. 

"براڤو عليكِ يا رودي، حققتي اللي نفسك فيه و وصلتِ لحلمك، كان نفسي أعمل زيك بس أحقق نجاح في career بحبها، لكن مصعب للأسف وأد لي أي حلم بحجة إنه بيغير عليا". 


ألتفت الأخري و نظرت إليها: 

"مصعب بيحبك و حب يقفل باب عليه عارف إنه هيجي من وراه مشاكل كتير، أقولك علي حاجة برغم اللي وصلت ليه ده بس نفسي يكون ليا حد بيحبني و أحبه و بيت يجمعنا سوا و يكون عندنا ولاد و بنات". 


"هيحصل إزاي و أنتِ أي حد يقرب منك بتبعدي أو أي عريس يتقدم لك بترفضيه من غير ما حتي تعرفي هو مين، خليتي مامتك كل شوية تسألني من وراكِ هي رودي مرتبطة بحد، طيب فيه حد في حياتها". 


أطلقت الأخري ضحكة و تتذكر هذا: 

"أنا فعلاً حبيت مرة واحدة في حياتي، و الحب ده قفلت قلبي عليه، و للأسف مش عارفة أحب تاني، حاولت أفهم مامي كده و هي أخر ما زهقت مني قالتلي خليكِ أنتِ اللي هاتتعبي و هيجي اليوم هاتبقي وحيدة زي حبك اللي من طرف واحد". 


انتبهت ملك إليها جيداً و تركت الكوب من يدها علي المنضدة، سألتها بحماس: 

"اه يا سوسة، طلعتِ بتحبي و مخبية من ورايا، لاء تعالي لي هنا و الله ما هاسيبك غير لما تقولي لي مين فارس أحلامك؟". 


قاطع تلك اللحظة رنين جرس المنزل، فأردفت: 

"هاروح أشوف مين و راجعة لك". 


ألقت نظر في المرآة لتتأكد من وضع الحجاب بشكل جيد ثم نظرت عبر الفتحة الصغيرة التي تتوسط الباب، ابتسمت و فتحت بترحاب و حفاوة: 

"ياسين!". 


قامت بمعانقته و أردفت: 

"فينك كده مختفي بقي لك يومين و أتصل عليك ما بتردش". 


أجابت صغيرته بدلاً منه: 

"كان في البيت يا عمتو و علي طول قاعد لوحده و مش عايز يخرجني". 


حدقت شقيقها بعتاب ثم نظرت إلي ابنته: 

"معلش يا حبيبة عمتو، إحنا لازم نعاقبه عشان كده مش هاتروحي معاه النهاردة لحد الـ weekend كمان". 


"بس كده بابي كده هيقعد لوحده من غيري، لاء أنا هاروح معاه لما يرجع من الشغل و ياخدني". 

قالتها و تمسك بيد والدها الذي ربت علي رأسها بحنان: 

"حبيبتي يا ياسمينا و أنا كمان مقدرش أقعد من غيرك". 


"يا سيدي علي الحنية و الدلع، اللي يسمعكم يقول واحد و حبيبته". 


ابتسم شقيقها و نظر إلي ابنته التي أخذت من والدتها ملامحها و كأنها توأمها الصغير: 

"هي فعلاً حبيبتي و بنتي و كل حاجة". 


"ربنا ما يحرمكم من بعض، يلا روحي يا ياسمين غيري هدومك عقبال ما نور و مليكة يرجعوا من المدرسة". 


فقال ياسين و يهم للذهاب: 

"و أنا بقي هامشي قبل زحمة المرور". 


أوقفته شقيقته و تمسك يده:

"ماشي فين تعالي أنا محضرالك فطارك لأن عرفاك ما بتاكلش حاجة الصبح، و كمان فيه مفاجأة ". 


"استني بس فهميني بدل ما أنتِ سحباني وراكِ". 

وصلت إلي الشرفة و أشارت إلي صديقتها التي تنظر إلي الخارج: 

"المفاجأة هي يا سيدي، رودينا صاحبتي، لسه إمبارح راجعة من كندا". 


ألتفت إليهما و عندما تلاقت عيناها بعينيه تسمرت، دقات القلب لديها متسارعة و كأنها تعدو بكل قوتها في سباق مارثون، تتأمل ملامحه التي تغيرت قليلاً، لكنه أصبح أكثر وسامة من ذي قبل، عيناه ما زالت تحتفظ بنظرته الساحرة و التي اختطفت قلبها منذ زمن بالرغم من الحزن الساكن بداخلهما و تعلم سببه جيداً. 


"أزيك يا رودي؟". 

انتبهت إلي يده الممدودة إليها، بادلته المصافحة و بمجرد ملامسة يدها في يده سرت قشعريرة في جميع خلايا جسدها جعلتها جذبت يدها علي الفور، أجابت بصوت هادئ: 

"الحمدلله بخير". 


لاحظت ملك نظرات صديقتها إلي شقيقها و أخبرها حدسها بأمر ما، فقالت: 

"رودي يا ياسو، ماشاء الله هتاخد الدكتوراة". 


عقبت الأخري: 

"أدعي لي ربنا يوفقني و أخدها". 


تحدث ياسين بدلاً من شقيقته: 

"بإذن الله ربنا يوفقك، لكل مجتهد نصيب". 


نظرت إليه بإمتنان و قالت: 

"شكراً ". 

و من فرط ما تشعر به الآن و هي تراه أمام عينيها، يغلبها الشعور بالخجل و الحرج، أردفت: 

"أنا هستأذن بقي، و إن شاء الله نتقابل مرة تانية". 


أوقفتها ملك: 

"رايحة فين؟، مش سيادتك متفقة معاكِ هنقضي اليوم كله مع بعض و لا مكسوفة من ياسين؟". 


حدقت إليها بتوعد دون أن يلاحظ الأخر، و قالت بتردد: 

"أنا، أنا بس... 


قاطعها الأخر قائلاً: 

"خدوا راحتكم أنا كدة كدة ماشي عشان ما تأخرش علي شغلي، سلام يا رودي". 


أومأت إليه و قالت بصوت خافت: 

"سلام". 


ذهبت شقيقته خلفه و أخبرته قبل أن يغادر: 

"بقولك قبل ما أنسي،  عيد ميلاد ياسمين بعد كام يوم و هانعمله لها إن شاء الله في القصر". 


نظر إليها بإمتعاض و ضيق قائلاً: 

"و أنا يا ملك ما بحضرش أعياد ميلاد و أنتِ عارفة و فاهمة". 


"حرام عليك يا ياسين، بنتك ملهاش ذنب تنكد عليها في يوم زي ده، و لا ليها ذنب في اللي حصل، تعالي بس خليك جمبها و هي بتطفي الشمع و أقعد معاها شوية و بعدين أمشي براحتك". 


أطلق زفرة من أعماقه و أجاب علي مضض: 

"اللي أنتِ شيفاه، بس ما وعدكيش هاحضر و لا لاء، سلام عليكم". 


ردت التحية و أغلقت الباب خلفه، تشعر بالحزن من أجله، تريده أن يخرج من تلك الدائرة السوداء التي يحيط بها ذاته و لا يسمح لأي أحد أن يقترب من منطقة أحزانه التي أصبح بداخلها أسير. 


عادت إلي صديقتها و التي كانت شاردة في الفراغ و انتبهت إلي ملك و هي تلوح بيدها أمام وجهها تسألها بمكر: 

"ما قولتيش يا رودي مين بقي اللي خطف قلبك؟". 


أجابت الأخرى دون أن تنتبه إلي السؤال جيداً: 

"ماله ياسين؟". 


عقدت ساعديها أمام صدرها و بخبث تحدثت: 

"أنا ما جبتش سيرة ياسين، أنا بقولك مين اللي خطف قلبك؟". 


غرت فاها و لا تعلم بماذا تخبرها فأردفت: 

"يبقي اللي شوفته و حسيته صح". 

༺༻

في وسط غرفة ذات إضاءة خافتة و أثاث قديم تجلس و تحتضن صغيرها الذي يبكي و يردد جملة واحدة منذ مجيئه: 

"ماما، حمزة عايز يخرج". 


يرددها من بين بكائه مراراً و تكراراً، تزيد من ضمها إليه و تقول بصوتها الحنون لعله يهدأ و لو قليلاً: 

"هنخرج يا حبيبي، بس كفاية عياط عشان خاطري، حمزة قوي و شجاع ما بيخافش، فيه بطل بيعيط؟". 


هز رأسه بالنفي و قال: 

"أفتحي الباب ده، حمزة عايز يخرج". 


نظرت إلي عيون صغيرها الباكية و إلي المكان من حولها، ما كانت تهرب منه و تخشاه قد حدث، تعلم إنها في هذا المنزل الذي أتت إليه مرة واحدة و ابنها كان حينها مازال جنيناً داخل رحمها، و هذا لكي تواجه والد حازم بالأثم الذي أقترفه ابنه في حقها و نتج عنه حمل، و كان في هذا الوقت تم قتل ابنه و ما بداخل أحشائها سوف يولد بلا أب، كانت تسعي بشتي الطرق أن تحتفظ بحق ابنها بأن يصبح مثل بقية الأطفال، تستخرج له شهادة ميلاد و ما يترتب عليها بتلقي التطعيمات و التعليم، كل هذا يحتاج إلي شهادة و ذلك كان الهدف من التواصل مع والد حازم الذي صدقها و شعر بالشفقة عليها خاصة بعد أن قابل شقيقها صالح و الذي أخبره إنه و شقيقته كليهما لا يطمع في أمواله، قرر الأخر أن يقف معها حتي يضمن حياة آمنة لحفيده عندما يأتي للحياة، كان يرسل كل حين أموال لها من خلال العم صابر و ذلك بعد أن علم بإختفاء شقيقها صالح بدون أسباب. 


و في المكتب يجلس المحامي و أمامه أوراقه و في الجهة المقابلة له تجلس السيدة شيريهان و ابنها أحمد جالساً خلف المكتب، يزفر بضجر و يقول بحدة: 

"بقي لك ساعة بتفر في الأوراق اللي قدامك، هو فيه إيه بالظبط؟". 


توقف المحامي عما كان يفعله و قال بهدوء و برود أعصاب: 

"و أنا من أول ما جيت قولت لك وصية يسري بيه الله يرحمه بيقول مفيش ميراث هيتقسم غير في وجود حفيده، و أنا جيت بناءً علي كلام مدام شريهان لما بلغتني إن حفيدكم موجود". 


نهضت شيريهان و أخبرته بابتسامة تخفي خلفها دهاء و مكر: 

"ثواني هخلي حد من الشغالين يجيبه". 


ذهبت بالفعل و أبلغت إحدي الخادمات و التي ذهبت فقامت بفتح الباب بالمفتاح، انتفضت علا عند سماع المفتاح ضمت ابنها بقوة، ظهرت لها الخادمة تخبرها: 

"شيري هانم عايزة حمزة". 


صاحت الأخري بها و كأن الخادمة سوف تخطف الصغير: 

"روحي قولي لها اللي هيقرب من ابني هاكله بسناني". 


صعقت الخادمة من ردة فعل علا، نظراتها العدائية و نبرتها الشرسة جعلتها تخشي أن تقترب، ركضت و ذهبت مسرعة إلي سيدتها لتخبرها ما حدث

"طيب روحي أنتِ و أنا هاتصرف". 


ذهبت إلي ابنها و دنت منه ثم أخذت تخبره بهمس خافت لا يسمعه سواه، ضيق عينيه و تحفز لما قد سمعه للتو، فمنذ أن جاء بها رجاله إلي هنا لم يلتق بها و تركها تنتظر و تخشي من المجهول، و عليه الآن أن يذهب إليها خاصة بعد ما سمعه من والدته. 


"أنا هاروح لها بنفسي". 


نهض تحت أنظار المحامي الذي كان يراقب الأجواء في صمت و يشعر أن هناك خطب ما. 

لحقت به والدته في خارج غرفة المكتب: 

"أحمد أستني". 


توقف و استدار إليها فأردفت إليه بتحذير: 

"إياك تأذيها، إحنا مش ناقصين مصايب، خلي الموضوع يعدي علي خير و أول ما ينتهي إعلان الوراثة هناخد الولد و هنرميها". 


نظر إلي والدته و أومأ لها قائلاً: 

"أطمني مش هعملها حاجة". 


و بالعودة إلي علا التي تبكي و تحتضن صغيرها الخائف و هي لن تقل حالاً عنه: 

"ما تخافش يا حبيبي، محدش يقدر ياخدك مني". 


انفتح الباب فجأة علي مصرعه، انتفضت بفزع و نظرت إلي الذي يقف لدي الباب، ظلت تحدق إلي هيئته بخوف و قوة في آن واحد، فالخوف سببه هيئته البدنية حيث يمتلك جسد رياضي فارع الطول و عريض المنكبين، نظرة عيناه حادة ترهب قلبها رعباً، بينما القوة  لاحظها في نظرتها و كيف تحتضن صغيرها بقوة لحمايته. 


ظل هو أيضاً ينظر إليها في صمت يتأمل كل إنشاً بها، عينيها البنية الضيقة قليلاً و ذات أهداب كثيفة، أنفها الطويل و المنمق، شفتيها المكتنزة و لونها الوردي الداكن، ترتدي حجاباً باللون الأسود و ثوب فضفاض يخبئ جسدها دون تجسيد مما زاد من فضوله، ود أن يري تلك اللوحة الفنية التي أمامه كاملة. 


وضع يديه في جيوبه و وقف بكبرياء و ألقي عليها أمره دون نقاش: 

"هاتي الولد". 


تحولت ملامحها في لحظة إلي وحش كاسر، صاحت بتحذير: 

"اللي هيقرب من ابني مش هسيبه غير و روحه في إيدي". 


اعتلت ثغره بسمة ساخرة، أخرج يديه من جيب بنطاله و تقدم منها بخطي جعلت دقات قلبها كقرع الطبول: 

"أعتبر ده تهديد!". 


خبأت ولدها خلفها و أخذت تتراجع: 

"أفهمه زي ما تفهمه، عايزين مني إيه أنا بعدت أنا و ابني عنكم كافية غيري شري، و لو علي الميراث مش عايزة أي حاجة و ربنا ما يحوجنا لحد". 


ها إذاً يبدو أن أحدهم أخبرها بموضوع الميراث، رفع إحدى حاجبيه مُردداً بدهشة: 

"الميراث!". 


وقف صغيرها بجوارها يتشبث بيدها، بينما هي ارتطم جسدها في الخزانة فأصبحت محاصرة بينها و بينه

"أهبل أنا عشان أصدق كلامك، قال إيه مش عايزة حاجة مننا و إن ابنك اللي لزقتيه لأخويا الله يرحمه، عارفة إنه هيورث حق أبوه، لكن ده بُعدك ". 

صاح بصوت مرتفع و ضرب قبضته بجوارها في ضلفة الخزانة فوقعت مما سبب ذعر للصغير و أجهش في البكاء، ربتت عليه و نظرت إلي الذي أمامها بقوة و إصرار: 

"أنا ما لزقتش حاجة لأخوك، و يسري بيه الله يرحمه جه بنفسه معايا و سجلنا حمزة في الصحة بعد ما عمله تحليل DNA و أتأكد إن ما بكذبش و لا بتبلي علي أخوك". 


كان ينصت إليها بعينين ضيقة و أظهر لها عدم صدقه، نظراته تخترق روحها لكنها مازالت تحتفظ بقوتها الزائفة أمامه

"و لما هو ابن حازم، ليه أخويا مكنش متجوزك رسمي أو حتي عرفي، بالتأكيد كنتِ واحدة من إياهم و... 


قاطعته صفعة قوية دوي صداها بين جدران الغرفة! 

༺༻

تعالت صوت ضحكاتهم داخل السيارة التي توقف سائقها أمام القصر للتو

"يعني ملك خافت تقول لمصعب إن سبب طلاق يونس و كارين إن أخوها راح إتجوز عليها، خافت ليعمل زيه، يخربيت التفكير". 


تفوهت بها صبا من بين ضحكاتها، رد قصي قائلاً: 

"ليه نسيتِ اللي كانت بتعمله فيه، لما كانت كل شوية تطب عليه خايفة ليكون علي علاقة بمنار السكرتيرة؟". 


"يا نهار أبيض، ما تفكرنيش دي كانت معينة جواسيس بينقلوا لها كل حاجة، و أطمنت لما عرفت إنه نقلها في العلاقات العامة و شغلها بعيد عن مكتبه، و طبعاً الأخبار يومياً بتبقي عندها". 


"خلاص هو أرتاح من منار خالص". 


ترجل من السيارة و تبعته هي أيضاً تتذكر أمر قد نسته تماماً: 

"بمناسبة منار، ياريت تنقلها أنت كمان". 


ابتسم بخبث دون أن تراه، يعلم ما سيخبرها إياه الآن، سوف يجعلها تفتك به

"خلاص ما ينفعش أنا خليتها السكرتيرة الخاصة بشغلي كله". 


تسمرت مكانها و صاحت قائلة: 

"خلتها إيه!". 


حك ذقنه و تأهب للفرار ثم أجاب بشجاعة: 

"السكرتيرة بتاعتي". 


غمز بعينه إليها، بينما هي غرت فاها و تعيد إجابته علي مسامعها من جديد، بهدوء الذي يسبق العاصفة و الزلازل: 

" أنت فهمتني إن شغلها بعيد عن مكتبك زي ما كانت عند مصعب، قصي أنت بتتكلم بجد و لا بتهزر عشان تغيظ فيا؟". 


ألتفت إلي السائق الذي سار بالسيارة نحو المرآب

"بكره حضر الفيراري السودة". 

و أسرع من خطواته إلي الداخل،  و خلفه صبا تركض لتلحق به و تصيح: 

"ده أنت اللي ليلتك سودة، تعالي هنا يا قصي". 


ولجت إلي الداخل فوجدته يحمل ابنته: 

"كنت فين أنت و الست مامي و سايبني أنا و لوكا لوحدي أوعي أنا زعلانة منك أوي". 


عقدت ساعديها و عقدت حاجبيها ثم زمتت شفتيها إلي أسفل

"يا حبيبتي أنا و مامي كان عندنا شغل و لازم نخلصه، و بعدين أنتِ و لوكا معاكم دادة زينات ". 


"كنت خدني أنا أشتغل معاك، مامي ما بتعرفش تعمل حاجة". 


عقبت صبا بسخرية و تحدق زوجها بتوعد: 

"ما خلاص يا زوزو يا حبيبتي، بابي ما بقاش محتاجنا لأنه جاب ست منار". 


حدقها بتحذير و قال لها: 

"صبا، خلاص خلصنا". 


وضعت الصغيرة يدها علي خده لتجعله ينظر إليها، فسألته ببراءة: 

"مين نار دي يا بابي؟". 


اجابت والدتها واضعة يديها علي جانبي خصرها تتشدق بسخرية: 

"هي فعلاً نار يا بنتي، و اللي أبوكِ جايبها لحد عنده عشان أولع أنا". 

قالتها و ألقت حقيبة يدها بغضب علي الأريكة و ذهبت مسرعة إلي الدرج لكي لا يرى عبراتها. 


أغمض قصي عينيه نادماً، لا يعلم بأن مجرد مزحة ستؤلمها إلي هذا الحد، كان يعتقد إنها مجرد غيرة عابرة، يبدو إنه ليس لوحده من يمتلك الغيرة الشديدة هنا، فهي أيضاً مثله بل أكثر منه، يكفي نبرتها التي تخللها الحزن و عينيها التي كانت علي وشك البكاء. 


"زوزو حبيبتي أنا هطلع أغير هدومي و راجع لك تاني". 

قالها و أنزل صغيرته علي الأريكة


"بتضحك عليا، أنت طالع تصالح مامي عشان زعلانة و بتعيط، ماشي ماشي". 


ضحك رغماً عنه من ذكاء و فطنة ابنته التي ورثته من والدتها و منه أيضاً، صعد خلف صبا  و ولج إلي الغرفة لم يجدها، لكن وجد باب المرحاض مغلق، ذهب إليه و قام بفتح الباب فوجده أيضاً موصد من الداخل، طرق قائلاً: 

"صبا أخرجي من الحمام، ما ينفعش تعيطي عندك، تعالي بس هنتكلم مع بعض و هنتفاهم  ". 


صاحت من الداخل و تبكي: 

"ملكش دعوة بيا، أنا لو بهمك أوي كدة مكنتش عملت حاجة عارف إنها هتضايقني". 


زفر بسأم و ندم ثم قال: 

"عشان خاطري أخرجي و هعملك اللي أنتِ عايزاه". 


مرت ثواني فوجد المقبض يتحرك و انفتح الباب، خرجت بوجه باكي، أعين تذرف دموعاً كالنهر الجاري، و طرف أنفها شديد الحمرة، جذبها بين ذراعيه و في عناق قوي أخبرها معتذراً: 

"حقك عليا، هزاري كان تقيل عمري ما قصدت إن الأمر يوصل إنك تعيطي و تزعلي جامد بالشكل ده، أنا عارف إنك بتحبيني أوي و بتغيري عليا أكتر، بس المفروض فيه حاجة اسمها ثقة، و عارفة جوزك إن اللي جوه قلبه و مالية عينيه هي واحدة بس، أنتِ يا صبا". 


كانت كلماته بمثابة مهدئ جعل بكائها يخبو رويداً رويداً، نظرت إليه برجاء: 

"طب عشان خاطري أنا، مشيها من الشركة خالص أو خليها تشتغل في أي حتة تانية بعيد عنك". 


قطب ما بين حاجبيه و أخبرها: 

"أنتِ مش شايفة إنك مدية الأمر أكبر من حجمه، ما أنا بيشتغل عندي اللي أجمل من منار، إشمعنا ما اتكلمتيش عليهم؟". 


"كل اللي عندك أنا عارفاهم و شاغلين معاك من زمان و نصهم متجوزين و النص التاني يا مخطوبة يا مرتبطة". 


وضع كلا كفيه علي خديها، و أخذ يجفف دموعها بإبهاميه: 

"حبيبتي، أنا عارف قد إيه بتغيري عليا و الموضوع ده ما تعرفيش مفرحني إزاي، لكن أنا دلوقت محتاج حد في مهارتها في الشغل، غير إنها خبرة في مجالنا و ليها علاقات كتير بشركات تانية هتنفعنا وقت الصفقات". 


ابتلعت غصتها بعد أن رأت إصراره داخل عينيه و كم الأعذار التي لا تعني لها شيئاً، ابعدت يديه عن خديها قائلة: 

"أنا عارفة إنك عنيد و لما بتصمم علي حاجة مهما أتحايلت أو أترجيتك برضو هتفضل علي موقفك، كده وصلتني لأمر مكنتش حابة أقوله، يا أنا يا هي يا قصي". 


حدق إليها بإمتعاض و تحولت ملامحه من الهدوء إلي الغضب: 

"مالك يا صبا إيه اللي جرالك!، أنتِ فاكرة لما بتخيريني يبقي هتلوي دراعي و أعملك اللي أنتِ عايزاه!". 


ولت ظهرها إليه و أتجهت نحو غرفة الثياب: 

"أنا ما بفرضش عليك حاجة زي ما بتعمل معايا ديماً، لكن يوم ما بطلب منك حاجة تفضل تخدني علي قد عقلي و تنفذ اللي في دماغك، و بعديها بمزاجي كل مرة، بس المرة دي مش هاسكت". 


جذبها من ساعدها و حدقها بنظرة نارية جعلتها تتذكر سابق عهده في السنة الأولي من زواجهما، سألها بتهكم: 

"هاتعملي إيه يا صبا هانم؟". 


لحظة من الصمت و هي تنظر إلي قبضة يده علي ساعدها تارة و إلي ملامحه الغاضبة تارة أخري، قاطع هذا الصمت طرق علي الباب، ترك ذراعها بحدة و ذهب ليفتح الباب، وجدها الخادمة و الفزع يغزو ملامحها، التقطت أنفاسها و تحدثت بخوف: 

"زز، زينب جيت أحط لها كوباية اللبن، لاقيتها بتعيط و تصرخ من بطنها و جمبها شريط برشام فاضي شكلها بلعته". 


مدت يدها بالشريط إليه، أختطفه من يدها و ركض إلي صغيرته ليري ما حدث لها، ذهبت خلفه صبا و التي لم تفهم شيئاً، و عندما وصل إلي ابنته وجدها بالفعل تصرخ بألم و بجوارها حقيبة والدتها مفتوحة و كل ما كان بداخلها مبعثر علي الأريكة


"زوزو حبيبتي، أنتِ بلعتي الدوا ده؟". 

أكتفت ابنته بالنظر إليه و ما عليها سوي البكاء،

رأت صبا الشريط في يده، شهقت و جحظت عينيها في آن واحد، وضعت كفيها علي فمها، 

ألتفت زوجها إليها يرفع الشريط الذي يجهل نوعه و فيما يستخدم أمام عينيها يسألها بغضب كالنيران تحرق الأخضر و اليابس: 

"الزفت ده كان فيه كام حباية؟". 


أجابت بتردد و خوف: 

"أنا كنت واخدة منه تلات حبيات بس". 


صاح في الخادمة: 

"خلي السواق يحضر العربية بسرعة". 

حمل ابنته و ركض بها إلي الخارج و ذهبت زوجته خلفه، قلبها يرتجف من الرعب، خوفها علي ابنتها و الأمر الأخر الذي بمثابة الكارثة التي وقعت فوق رأسها. 


و في المشفي، يجول ذهاباً و إياباً، قلبه يأكله علي ابنته، و صبا تقف جانباً تبكي مما جعلته يزداد توتراً أكثر، فصاح بها: 

"أسكتي بقي". 


وضعت يدها علي فمها لتمنع شهقات بكائها، و أخذت تهز رأسها بنعم. 

خرج الطبيب الذي قام بفحص الصغيرة و فعل لها كل ما يلزم: 

"أطمن يا قصي بيه، البنت الحمدلله بخير، هي مجرد ما دخلت أوضة الفحص رجعت كل الحبوب اللي بلعتها، كل الحكاية هتشرب لبن كتير، و هتبقي تحت الملاحظة كام ساعة، و الحمدلله إن الحبوب مكنتش لدوا شديد زي المضادات الحيوية أو المسكنات". 


أخرج قصي الشريط الفارغ من جيب بنطاله: 

"ده اللي لاقيناه جمبها يا دكتور". 


أخذه الطبيب و بمجرد النظر إليه قال: 

"كنت لسه هقول لحضرتك، ده برشام منع الحمل". 


في تلك اللحظة العصيبة استدار إليها و نظر نحوها، ودت حينها أن يُلقنها صفعة قوية أرحم من التحديق إليها بتلك النظرة القاتلة! 


يتبع... 


اقرأو الروايات الكامله من هنا 👇👇👇


الصفحه الرئيسيه للمدونه



روايه أسرني كنج الصعيد كامله



رواية حلم ساره كامله جميع الفصول



رواية عشق الزين الجزءالاول كامله



رواية مجنونة كبير الصعيد كامله



رواية لهيب الهوي كامله



رواية زوجتي من الريف كامله



رواية حبيبي عبر الزمن كامله



رواية غدر الزين كامله



رواية المتمرده كامله



سكريبت بنت المقابر كامل




تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close