![]() |
غزوة حب
الفصل الثامن والتاسع والعاشر
بقلم أسماء إيهاب
في حفل هادئ بسيط بـمنزل اكرم كان تقيم خطبة فيروز و احمد خطيبها الحالي التي تجلس جواره بـفستانها الازرق و حجابها الابيض و مساحيق تجميل خفيفة تبرز ملامحها وجهها الملائكية وجهها لا يظهر عليه اي تعبير حتي ابتسامتها الخفيفة التي تزين ثغرها لا تظهر ما هو داخلها مدت يدها اليمني المرتجفة امامه لـ يضع تلك الحلقة الذهبية بها التي اصبحت الرابط بينهما لم يدري احد بـذلك الذي ينظر اليهم من بعيد مختبئ عن انظار الجميع و جواره شريف شقيقه الذي اصر ان يبقي جواره بـهذا اليوم يعلم انه ليس بـخير و لكن ما بـاليد حيلة ، اعينه الثاقبة تراقب و تلك الوخزات تزداد بـشكل مؤذي له ضغط علي صدره محل الألم و لكن لا يهدئ اطلقت الزغاريد تدوي بـالارجاء و احمد يقبل يدها بـرقة استند بـرأسه علي الحائط و هو يشعر انه قد انتهي الأمر ابتسامتها التي توزعها بين الحين و الآخر تعلمه انه لم يعد يفرق معها شعر بـالارض تهتز أسفله و تسحب من تحت قدميه ، تقدم منه شريف يضع يده علي كتفه يربت عليه لـ يلتفت اليه و يشير إلي موضع جلوسها و هو يقول بـخفوت :
_ اتخطبت
ابتلع لعابه بـصوت مسموع و هو يبتسم ساخراً قائلاً :
_ غريبة الدنيا دي اوي يا اخي اهو انا كنت بحلم بيوم زي اللي عايشه خطيبها دلوقتي
نظر اليها و هي تحتضن زينة التي تبتسم بـفرحة عارمة بـصديقتها ثم اعاد بصره نحو شقيقه قائلاً :
_ بس مكنتش اتوقع اني هكون متفرج
اغمض عينه بـقوة حين تشوشت الرؤية لديه لـ يكمل بـصوت مختنق و نبرة متمزقة ألماً :
_ أحلامنا راحت حبنا راح قصدي حبها راح انا حبي ليها عمره ما هيروح .. معدليش حق في اي حاجة حتي النظرة مش من حقي يوم ما يكون في ايد تانية مع ايدها تكون ايد واحد تاني مش ايدي
نظر شريف اليه بـحزن قائلاً بـعقلانية :
_ متصعبش الامور عليك يا شهاب
فتح عينه ينظر إليها تميل راقصة مع اصدقائها و عائلتها لـ يهمس من جديد :
_ هي صعبة اصلاً يا شريف صعبة اوي
انتهي من جملته قبل ان يضغط اكثر علي صدره و يغمض عينه من جديد يستقبل الظلام الدامس الذي كان يختفي و يظهر أمام عينه قدمه لم تعد تحمله و قبل ان يسقط لحق به شقيقه مسنداً له قبل ان يسقط و يجلسه علي المقعد القريب منه و هو يراه غائباً عن الوعي انحني يحاول افاقته و هو يربت علي وجنته و يفرك فوق صدره و هو يهمس له بـقلق :
_ شهاب فوق شهاب فوق بلاش فضايح شهاب
لكن لا رد و كأنه جثمان قد فارقته الروح للـتو بحث شريف بـعينه عن اي شئ يستطيع ان يجعله يفيق و لكن لم يجد شئ امسك بـيده من جديد يفركها بين يديه و هو ينادي بـاسمه حتي يستيقظ شعر بـالخوف الشديد عليه لـ يضع يده علي العرق النابض بـرقبته تنهد حين وجده ينبض دس يده بـجيب بنطاله و اخرج هاتفه يحادث شقيقه الاصغر (اياد) و حين اتاه الرد هتف شريف سريعاً :
_ الو اياد انت لسة في شقة شهاب .. كويس تعالي علي بيت حماه بسرعة شهاب اغمي عليه
اغلق الهاتف دون اي كلمة اخري حتي يتحرك شقيقه بـشكل اسرع و بـالفعل ما مرت سوا ثلاث دقائق و كان شادي بـالشقة يبحث عن شهاب لـ يخرج له شريف نحو شقيقه لـ يتحدث اليه بـسرعة قائلاً :
_ عايزين نخرجه من غير ما حد يشوفه ابعد الناس اللي هنا دي و تعالي
انصرف شريف الي شقيقه في حين اصطنع حجة لكي لا يبقي احد امام الباب الجانبي للشقة و ذهب لـ يحمل شقيقه الاكبر مع شريف نحو الاسفل سريعاً قبل ان يلاحظ احد ...
وقفت زينة جوارها تربت علي كتفها حين وقفت فجأة مالت تهمس بـاذنها :
_ مالك يا فيروز
نظرت اليها فيروز بـتوتر جالي علي ملامحها و هي تقول :
_ قلبي اتقبض حاسة اني فيه حاجة
نظرت زينة حولها تتفحص الجميع حولها و من ثم همست لها :
_ طب اهدي مفيش حاجة انتي بس متوترة
اقترب احمد منها ينظر اليها بـابتسامة و هو يقول بـهدوء :
_ في حاجة يا فيروز
نظرت إليه مبتسمة و هي تهز رأسها بـنفي قائلة :
_ لا ابدا يا احمد مفيش حاجة صدعت شوية بس
_ لو عايزة نخلص الحفلة كفاية كدا
تحدث احمد بـجدية لـ تبتسم هي تقول بـاحراج :
_ لو مش هتضايق ياريت
هز رأسه بـنفي يقول بـهدوء :
_ لا ابدا مش هضايق و لا حاجة ثواني
ذهب لـ يتحدث مع اكرم لـ ينهي هذا الحفل لـ تنظر زينة الي فيروز موبخة إياها :
_ انتي غبية يا فيروز يا بنتي افرحي شوية بلاش نكد
تأففت فيروز و هي تنكزها قائلة :
_ افرح اية انتي كمان انا عايزة ارتاح و بعدين هفرح ازاي و قلبي مقبوض كدا خلينا نخلص الحفلة بدل ما تحصل حاجة تنكد علينا كلنا
_ ربنا يستر روحي بقي يا عروسة سلمي علي حماتك العزيزة
دفعتها زينة بعد جملتها لـ تتقدم من والدت احمد لـ مصافحتها و انتهي الحفل علي خير و ذهب الجميع حتي والدت احمد اصرت علي الرحيل جلس احمد جوار فيروز علي الاريكة في حين اشارت اليه بـالطعام الموجود اعلي الطاولة امامهم و هي تقول :
_ مبتكلش لية يا احمد الاكل مش عجبك
نظر اليها مبتسماً و هو يقول :
_ ابداً الاكل جميل بس انا كدا كفاية عليا هروح بقي
_ بس انت مأكلتش و لا قعدت
وقف يرتدي سترته و قد خلعها قبلاً و هو يقول :
_ بجد تعبان جدا و عايز انام هكلمك لما اروح
تقدم منه اكرم حين رأي احمد يقف مستعد للـمغادرة نظر اليه بتساؤل قائلاً :
_ اية يا احمد مستعجل كدا لية
_ معلش يا عمي انا همشي بقي
ربت اكرم علي كتفه مودعاً و هو يقول بـحنو :
_ علي راحتك يا حبيبي
ودع احمد الجميع و ذهب حيث منزله في حين نظر اكرم الي ابنته مبتسماً بـسعادة لها قائلاً :
_ مبارك يا حبيبتي
تقدمت منه فيروز بـطفولية و هي تزم شفتيها قائلة :
_ مبارك علي النتيجة و لا علي الخطوبة عشان انا زعلانة منك جداً
ضحك اكرم و هو يفرد يديه اليها حتي ركضت اليه لـ يحتضنها والدها يقبل قمة رأسها و هو يقول :
_ مبارك علي الاتنين يا حبيبتي انا كنت واثق في ربنا انك هتنجحي و هتبقي احلي دكتورة في الدنيا
قضمت شفتيها السفلية بـاحراج و هي تبتعد عن والدها قائلة :
_ احم طب و الشغل يا بابا
قرص اكرم وجنتها مداعباً اياها بـمرح و هو يقول :
_ بكرا ان شاء الله هنروح المستشفى اللي قولتلك عليها
انصرف والدها حين لمعت عينها بـفرحة عارمة و دق قلبها بـسعادة و أخيراً قد يكون سوف تصبح طبيبة كما تمنياه هما .. عند تلك النقطة غامت عينها الي الازرق الداكن ثم رفعت رأسها بـشموخ و هي تثبت لـ نفسها انها اصبحت ما تريد هي فقط هي من اجتهدت هي من سهرت الليالي هي من نجحت لا هو هي من حققت لا هو هي من نالت من تمنت لا هو كلمة هو لم تعد موجودة بـحياتها سوا لـ زوجها المستقبلي "احمد" و انه لا يستحق منها الا كل الاحترام و الحب و لا يستحق اي شئ يزعجوا منها .. خلعت حجابها الذي اخنقها بعد تلك الافكار و دلفت الي غرفتها مغلقة الباب خلفها و استندت علي الباب متنهدة بـقوة و هي تغمض عينيها تهمس لـ نفسها بـهدوء :
_ احمد كويس يا فيروز ميستحقش منك انك تفكري في غيره
تقدمت من خزانة ملابسها تخرج منها ملابس منزلية خفيفة علي جسدها المرهق اثر المجهود التي بذلته فترة التحضير لـ خطبتها الا ان انقباضة قلبها لا تنزاح عنها بل تشعر بـاغلال تقيد قلبها و تعتصره بـقوة ، شرعت في تبديل ملابسها و هي تزفر بـقوة قائلة :
_ استرها يارب
***********************************
خرجت من سيارة الاجرة نحو البناية التي تقتن بها ما ان دلفت حتي وجدت من قطع عليها طريق عبورها واقفاً امامها نظرت اليه بـضيق من غيره سـيفعل جاءت لـ تعبر من جوار لـ يقف امامها مرة اخري تأففت و هي تنظر اليه لـ يتحدث بـهدوء قائلاً :
_ جاية منين دلوقتي
دحرجت بؤبؤت عينها بـملل و هي تصيح به :
_ ملكش دعوة خليك في خطيبتك
ابعدته عنها و تخطته ذاهبة من امامه الا انه اسرع يقفز من جوارها لـ يصبح امامها بـلحظة شهقت بتفاجأة لـ يتحدث هو مرة اخري قائلاً :
_ اسف
عقدت ذراعيها أمام صدرها و هي تنظر اليه بـصمت لـ يتحدث هو مرة اخري قائلاً :
_ ما قولت اسف بقي خلاص كنت بضايقك لما رميتي عليا الماية
ازاحته بـيدها و هي تقول بـحدة :
_ ابعد لو سمحت
امسك بـيدها قبل ان تبعدها لـ يبقل باطن كفها قبل ان تسحبها سريعاً من يده لـ تسمع يتحدث قائلاً :
_ ابعد و لو سمحت زينة انا عارف انك زعلانة اني قولتلك كدا او يمكن غيرانة بس انا بصالحك اهو
صكت علي اسنانها و هي تتحدث بـغيظ :
_ انا لا زعلانة من حد و لا غيرانة علي حد اعمل اللي انت عايزه انا مليش دعوة بيك
اكملت طريقها نحو الاعلي لـ يتنهد هو قائلاً :
_ طب علي فكرة انا بحبك و عمري ما هحب غيرك و علي فكرة كمان محدش يلمي مكانه في قلبي زيك
ابتسمت بـاتساع و هي لازالت تواليه ظهرها و من ثم اكملت صعودها الي الاعلي و هي تكاد تقفز من الارض من شدة فرحتها بـحديثه و قد تناسي هو انه كان من يقاطعها و لا يتحدث اليها
***********************************
بـاقرب مشفي لـ منزل السيد اكرم كان يقف شريف مع شقيقه اياد يتحدثون في حالة شهاب و الذي حدث له فجأة كان شريف يعلم انه ليس شئ مفاجاة حدث ذلك من اثر فقدانه لـ تلك صاحبة العيون الفيروزية و لكنه تحدث بـهدوء قائلاً :
_ مفيش حاجة يا اياد الدكتور طمني هو ضغطه عالي بس و هيبقي كويس
تحدث اياد بـضيق من شعوره ان شقيقه يعامله أنه لازال طفل صغير :
_ انا مش صغير يا شريف و عايز اعرف اية اللي حصل لـ شهاب و لية اغمي عليه كدا فجأة و اساساً كان عندهم خطوبة
تنهد شريف و هو يتحدث قائلاً :
_ شوية ارهاق و اديك قولت كان عندهم خطوبة و كان في مجهود عليه و كدا يعني
نظر اياد اليه بـعدم تصديق و هو يعقد ذراعيه امام صدره و هو يقول :
_ ماشي يا شريف متقولش بس انا هعرف اية اللي حصل لاخويا
دفعه شريف نحو الغرفة و هو يتحدث بـضيق :
_ طب تعالي نشوفه زمانه فاق
دلفوا الي الداخل وقف اياد بـجانب شقيقه يربت علي كتفه و هو يقول :
_ شهاب انت فايق
آن شهاب بـتعب شديد و كأنه دهس اسفل عجلات قطار جسده مفكك اضلاعه يشعر انه غير قادر علي تحريك اصبعه الصغير حتي تنهد شريف و هو يربت علي كتفه قائلاً :
_ شهاب انت كويس الدكتور طمني
بـالفعل هو لا يريد الافاقة من ما هو به يريد الإطالة بـنومته لا يريد رؤية ما ال اليه الواقع ، نظر اياد الي شريف و هو يقول :
_ انا عايز افهم يا شريف في اية طالما شهاب مفيهوش حاجة مفاقش لية
غربت اعين شريف و هو يقول بـضيق :
_ ما خلاص بقي يا اياد وقعت دماغي مش كفاية اللي احنا فيه
زفر اياد و هو يذهب الي جانب شقيقه يميل نحوه و هو يهمس بـهدوء :
_ شهاب لو زعلان من حاجة الدنيا متسواش حاجة عشان تزعل يا حبيبي فوق كدا احنا جنبك اهو
تأوة متألم خرج من شهاب و هو يضغط علي جفنيه بـشدة حتي فتح عينه بـبطئ شديد نظر الي شقيقه بـنظرة ضعيفة لم يراها من قبل لـ ينظر الي شريف بـتساؤل في حين نظر شريف الي الاسفل متهرباً من نظرات شقيقه لـ يهمس شهاب بـتعب :
_ انا كويس يا اياد متقلقش
نظر اياد اليه بـحزن قائلاً :
_ انا متعودتش عليك كدا يا شهاب انت فيك اية انت متخانق مع ياسمين طيب
اغمض شهاب عينه بـعصبية شديدة و قد وتيرة أنفاسه و صدره يصعد و يهبط بـقوة حتي نظر اليه اياد بـقلق قائلاً :
_ خلاص بلاش كلام يتعبك .. قادر تروح
هز رأسه بـنفي لـ يسرع شريف قائلاً :
_ لا بلاش يروح النهاردة احنا هناخده معانا البيت يرتاح احسن معانا
نظر اياد بـريبة فيما بينهم و هو يهز رأسه بـايجاب موافقاً ، عاونه اياد علي القيام لـ يسند ظهره علي الفراش و هو يقول :
_ ياريت اروح بيتنا احسن
***********************************
في صباح يوم جديد تجلس ياسمين بـالردهة تهز قدمها بـعصبية فـهو لم يعود منذ البارحة و لم تراه لقد كانت تفكر انها تخلصت من الكابوس الخاص بها المسمي "فيروز" لـ تراه ما هو الكابوس التالي في حياتها لا يرد علي هاتفه و لا احد من عائلته يرد عليها زفرت بـضيق و هي تقف تنظر الي ساعة الحائط تصك علي اسنانها بـغضب ظلت تثور داخلها و تدور حول نفسها بـعصبية شديدة حتي دلف شهاب الي الداخل تجاهل وجودها و توجه نحو غرفته لـ تبرق هي بـعينها و هي تقف امامه قائلة بـصراخ حاد :
_ كنت فين يا شهاب من امبارح و مبتردش عليا لية لا انت و لا حد من اهلك
زفر بـضيق و هو يتجاهلها تماماً يفتح باب غرفته و يدلف الي الداخل غير مهتم بـالرد عليها في حين ركضت هي تسبقه قبل ان يغلق الباب وضعت يدها علي خصرها و هي ترفع حاجبها لاعلي قائلة :
_ كنت فين يا شهاب
كشر عن انيابه كـ اسد يريد التهام فريسته صك علي اسنانه و هو يتقدم منها بـغضب و قد نسي كل ما به من تعب و ظهر ما بـداخله من كره و حقد امسك بـذراعها بـقوة حتي تألمت و صدر صوت تأوة عالي منها متألمة من شدة قبضة يده علي لحم ذراعها لـ يصرخ بها بـكل ما داخله من غضب :
_ اياك تتكلمي معايا بالطريقة دي و تفكري انك تعملي فيها مراتي بجد انتي نسيتي نفسك و لا اية انتي متفرقيش حاجة عن اي كلبة ماشية تدور علي واحد و تستلقط رزقها في الشارع لو فكرتي في مرة تعمليها فيها مراتي او تكلمني كدا تاني انا قولتلك قبل كدا هعمل اية و لا تحبي اكرر
امسك بها بـقسوة اكثر من السابق و القاها بـعنف خارج الغرفة و اصدر سبابته امام وجهها قائلاً بـتحذير :
_ مش عايز اشوف خلقتك النهاردة غوري روحي عند اهلك
اغلق الباب بـقوة بـوجهها و هو يتنفس بـصعوبة من فرط الانفعال استند علي الباب و هو يضع يده علي صدره و هو يقول بـغل :
_ يارب مشوفش وشك تاني يا شيخة
هزت رأسها بـايجاب متوعدة و هي تغادر نحو غرفتها فتحت خزانة الملابس و اخذت منها ملابسها و ابدلت ملابسها سريعاً و وقفت تضع حجابها و هي تقول بـحقد :
_ اقسم بالله هنكد عليك و عليها دلوقتي حالاً يا ابن ميرفت
خرجت من الغرفة حاملة حقيبتها متوجه نحو منزل والدها وقفت امام الشقة ترن جرس الباب فتحت لها والدتها مرحبة بها بـحفاوة و هي تقول :
_ تعالي يا حبيبة ماما ادخلي
دخلت ياسمين الي الداخل بـدلال قائلة :
_ عاملة اية يا مامتي
_ كويسة يا حبيبتي اقعدي
ابتسمت والدتها مشيرة نحو المقعد لـ تجلس ياسمين بـاريحية و هي تقول :
_ نادي لـ بابا بقي و فيروز عشان عندي ليكوا خبر حلو اوي
ابتهج وجه والدتها و هي تنادي علي والدها و فيروز خرج اكرم من الغرفة و استقبل ابنته بـترحاب في حين خرجت فيروز بـتكاسل لـ تجلس جوار والدها و هي تنظر الي ياسمين التي تتفحصها بـمكر قائلة :
_ صباح الخير يا عروسة لسة نايمة
هزت فيروز رأسها بـنفي و هي تقول بـهدوء عكس ما داخلها من تأفف :
_ لا يا ياسمين صاحية من زمان شغلة بالك لية يعني صاحية و لا نايمة
ربتت هناء علي ساق ياسمين و هي تقول بـتفاؤل :
_ اية الخبر الحلو اللي عندك يا حبيبتي
ابتسمت بـكيد و هي تنظر بـداخل اعين فيروز قائلة بـدلال :
_ هيبقي عندكوا حفيد قريب انا حامل
بهت وجهه تلك المسكينة الجالسة أمامها تري الدلال و الغنج التي تتحدث بهم تشك انها هي ذاتها ياسمين شقيقتها العزيزة التي كانت تعشقها ازدردت لعابها بـصعوبة و هي تستمع الي التهنئة من والديها و الفرحة العارمة التي طغت عليها لكنها بـعالم اخر عالم كان من نسج خيوط خيالها و احلامها الوردية سقطت الخيوط بل تمزقت و اصبح كل ما هو وردي اطلي بـاللون الرمادي ، نظرت اليها ياسمين من اعلي الي أسفل و هي تقول :
_ اية يا روز مفيش مبروك
ابتسمت فيروز رغماً عنها و تحدثت بـهدوء تتمتم بـتمني :
_ مبروك يا حبيبتي ربنا يقومك بالسلامه و يجعله ذرية صالحة
ابتسمت ياسمين بـسماجة و هي تقول :
_ يارب يا حبيبتي عقبال ما نشيل عيالك انتي و احمد
ابتسمت فيروز ترجع خصلة متمردة مالت علي عينها و هي تقول :
_ تسلمي يا حبيبتي صحيح فكرتيني ادخل أكلمه بعد اذنكوا
لـ يقف والدها عن المقعد ممسكاً بـهاتفه قائلاً :
_ و انا هبارك لشهاب
ضحكت ياسمين قائلة :
_ دا فرحان جدا يا بابا قعد يفكر في اسم للبيبي معايا طول الليل مش مصدق نفسه
انسحبت الي غرفتها بـهدوء و اغلقت الباب خلفها وقفت امام المراه تنظر الي نفسها لـ تبتسم بـسخرية و هي تقول بـخفوت الي نفسها :
_ حبيب العمر هيبقاله ولد من غيرك ... ميستهلش و لا ضفر منك يا فيروز دا اكتر واحد اذاكي في الدنيا اياكي تخوني احمد حتي لو بتفكيرك احمد ميستهلش منك تفكري في واحد زي دا يا فيروز ميستهلش
***********************************
يجلس "علي" جوار والدته بـسيارة احد الاقارب الذي كان السبب بـخروجه من القسم متوجهين نحو القاهرة مسدت والدته علي شعره و هي تقول بـعتاب :
_ كدا يا علي تعمل كدا و تخسرني اخويا و تخسر يا حبيبي
تأفف بـضيق و هو يقول بـحدة :
_ ماما بلاش بقي كلام في ام الموضوع دا انتي شايفة بقالي اد اية في القسم طالع عيني
احتضنته والدته بـحنان و هي تقول :
_ معلش يا حبيبي علي ما عرفت اطلعك و ادينا هنرجع القاهرة
تنهدت و هي تقول :
_ علي الله بس اخويا يرضي يكلمني تاني
اعتدل علي مبتعداً عن والدته و قد ظهرت ابتسامة بـجانب شفتيه و هو يهمس قائلاً :
_ و اللي لبستني الليلة و مسألتش عني انا هوريها
ربتت والدته علي كتفه و هي تتسائل قائلة :
_ بتقول اية يا علي
ابتسم اليها و هو يغمز بـعينه قائلاً :
_ متشغليش بالك انتي يا ماما
رأيكوا توقاعتكوا و تفاعل كبير بقي
الفصل التاسع
غزوة حب
بـالمشفي الخاصة بـصديق السيد اكرم قد تم تعيين فيروز قبل قليل و تسير الآن الي جوارها زميلة لها تريها المشفي بـالكامل و القسم الخاص بها و هم يتحدثان معاً علي النظام العام للمشفي حتي ودعتها زميلتها و ذهبت الي العمل حين رن هاتف فيروز اخرجت الهاتف من جيب سترة العمل ابتسمت حين وجدته احمد فتحت الاتصال واضعة الهاتف علي اذنها و استمعت الي صوت الهادئ من الطرف الأخر لـ ترد عليه قائلة بـهدوء :
_ الحمد لله يا احمد بقيت دكتورة رسمي في المستشفى
استمعت الي صوته مرة اخري و هو يتحدث و حين انتهي ردت هي قائلة :
_ يعني هتتأخر .. عادي ممكن اروح لوحدي .. طب خلاص هستناك .. سلام
انتهت مكالمتهم و وضعت فيروز الهاتف مرة اخري بـجيبها و بدأت بـالسير من جديد تشاهد تفاصيل المشفي و تصميمها حتي وصلت امام غرفة انتبهت الي نفسها و نظرت حولها لـ تجد انها بـالعناية المشددة قضبت حاجبيها بـاستغراب و هي تمد يدها الي باب الغرفة فتحتها بـبطئ و اطلت بـرأسها الي الداخل لـ تجد شاب متسطح علي الفراش محاوط بـالاجهزة و يبدو انه غافي نظرت اليه مطولاً حتي شعرت بـاحد يضع يده علي كتفها التفتت لـ تجدها احدي الممرضات تقف خلفها مبتسمة اغلقت فيروز الغرفة و بادلتها ابتسامتها و هي تقول :
_ ازيك انا فيروز دكتورة في قسم الاسنان
مدت الممرضة يدها نحو فيروز قائلة :
_ اهلاً يا دكتور انا شيماء
هزت فيروز رأسها مبتسمة و هي تصافحها .. اشارت الممرضة الي الغرفة خلف فيروز و هي تقول :
_ هو حضرتك تعرفي المريض اللي جوا دا
هزت فيروز رأسها بـنفي و هي تقول بـاستغراب من ذاتها :
_ و لا عمري شوفته و لا عارفة اية اللي جابني عنده اصلاً .. هو ماله عنده اية
_ دا عامل حادثة العربية اتقلبت بيه ٣ مرات و عامل عمليتين و من ساعتها و هو في غيبوبة
ادلت شيماء بـالتفاصيل لـ تنظر فيروز نحو الغرفة و من ثم نحو شيماء و هي تقول بـتنهدة :
_ ربنا يشفي كل مريض يارب
ذهبت فيروز الي قسم الاسنان لـ تبدأ عملها بـنشاط تزيح عن رأسها تفكيرها بـ لما اخذت قدميها الي تلك الغرفة بـالتحديد لما العناية المشددة و من بـداخلها هي حتي لا تعلم من يكون او اي شئ عنه ، هزت رأسها بـنفي تنفض افكارها المستمرة بـصراخ داخل عقلها و توجهت لـ بدأ عملها و التركيز به فقط
**********************************
خرج شهاب من غرفة العمليات يرفع يديه قليلاً الي الاعلي بعد ان اغرقها بـالمعقمات الطبية و توجه نحو غرفته خالعاً زيه الطبي و يرتدي ملابسه لـ يجلس علي المقعد التابع لـمكتبه تنهد بـتعب و هو يريح ظهره الي الخلف تمتم بـالحمد لله عز و جل فقط نجحت العملية رغم ارهاقه تلك الايام و عدم توازنه ، لاحت ابتسامة طفيفة علي شفتيه و هو يستمع الي صوتها الذي يطن بـاذنه دون مبرر و بـشكل متتابع مبهج لـ قلبه المحطم و روحه المهلكة صوتها و صوت ضحكتها و كأنها تهمس بـاذنه الآن :
_ مش قولتلك انك هتنجح فكر فيا دايما هتنجح يا شهاب
زادت ابتسامته اتساعاً و هو يرد عليها بـنبرة اكثر سعادة و كأنها بـالفعل جواره و كأنها بـالفعل تهمس له الآن و كأنها تشجعه و تزيد من حماسه :
_ خليكي دايما جنبي و انا هنجح يا عيون الفيروز
التفت الي الجهة اليسري مبتسماً و لكن تلاشت ابتسامته رويداً رويداً و هو يجد الغرفة خالية الا منه كل هذا و كان يتهئ له فقط انها جواره و انها تحدثه ، انطفأت روحه و عاد الحزن يخيم علي ملامح وجهه الرجولية الصلبة قضب حاجبيه بـحدة و عاد الي ذاته و هو يغمض عينه بـقوة و يلتفت الي الامام من جديد اخرج هاتفه علي غرفة الدردشة الخاصة بهما راجع كل كلمة بينهما حتي وجد رسالة صوتية منها فتحها و وضع الهاتف علي اذنه حتي يكون صوتها بـداخل روحه قبل اذنه استمع الي صوتها الضاحك قائلة :
_ فاكر لما قعدت تعاكس و انا مش عايزة ارد لحد ما زهقت منك كان في ايدي شنطة في الشوز بتاعي الجديد رميتها فيك و جريت
انتهت الرسالة الصوتية و بدأ هو بـالقهقهة بـصوت عالي و ذات بحة مميزة لديه كرر الرسالة عدة مرات و بـكل مرة يضحك بـذات الطريقة نظر إلي الهاتف يفتح احد الرسائل الاخري لـ يستمع الي صوتها الباكي هذه المرة و هي تتحدث قائلة :
_ مش هعرف انام و انت زعلان مني عشان خاطري يا شهاب متزعلش مني رد عليا و ريحني بقي
استند علي الهاتف بـجبهته و هو يغمض عينه بـألم هذه هي فتاته الصغيرة حبيبته الرقيقة كانت تبكي لاسباب لا تذكر بينهم فـماذا حدث لكي صغيرتي بعد ما فعلته بكي ، ضغطت جبهته علي رسالة اخري دون ان ينتبه و هذه المرة كان الألم يمزقه الي اشلاء صوتها السعيد الذي يشدو بـاذنه و فرحتها العارمة الظاهرة بـنبرتها قائلة :
_ خلاص وعد مش هنزعل من بعض تاني ابداً روحي كانت بتروح مني لما مردتش عليا اياك بعد كدا متردش عليا يا شهاب اياك افتكرت انك هتبعد عني و دي اكتر حاجة كانت هتوجعني يا شهاب
ابعد الهاتف عنه ينظر إليه مطولاً حتي اغلقت شاشته الابتعاد فقط كان سـيؤلمها اذا ماذا عن ما حل بها ماذا عن زواجه من شقيقتها ماذا عن علمها بـحمل ياسمين ماذا عن خذلانها و ألمها الآن ، بـالفعل هو تألم عند خطبتها بـالفعل لم يتحمل و لكن مهما كان من شعر او سـيشعر به لن يكون بـمثابة واحد في المائة من ما شعرت هي به من شعورها بـالصدمة من ما فعله يعلم انها تحتقره الآن و لكن هو لازال يعشقها و لن تكون بـحياته انثي من بعدها حين شرد بـتفكيره بـزواجها كان يريد ان يدفن تحت سابع ارض قبل ان يري ذلك اليوم فـماذا عنها و عن ما عانته ، صرخ متأوهاً بـقوة و كأنه زئير من ليث جريح ليس بـيده حيلة و هو يلقي الهاتف من يده بـقوة علي سطح المكتب اعاد ظهره الي الخلف و هو يتنفس بـقوة حد اللهاث واضعاً يده علي صدره و هو يشعر بـالاختناق لـ يهب واقفاً عن المقعد يدور حول نفسه بـالغرفة و هو يجذب خصلات شعره هو لا يتحمل كيف هي تتحمل لاحت الي ذاكرته مشهدها امام احمد و هو يضع بـيدها تلك الحلقة الذهبية التي تسمي رابط زواج هز رأسه نافياً يرفض الاستسلام لـ تلك الفكرة و هو يهمس مقتنعاً :
_ انا مش اناني يا فيروز انا موجوع موجوع اوي و حاسس بـوجعك لو ليا الحق اقولك لو ليا الحق ارجعك لحضني تاني لو ليا حق هاخدك و نمشي نروح دنيا بعيد عن العالم المقرف دا صدقيني مش اناني يا فيروز
ظلت يتمتم بـألم بـكلمات عديدة مشابهة لـ تلك الكلمات و كأنه يحدثها هي و كأنها امام عينه الآن ابتسم بـبهوت و هو يهمس :
_ دا انتي عيون الفيروز
**********************************
في جلسة عائلية بسيطة احتفال بـاستلام فيروز للـعمل وقف الجميع حول الطاولة المستديرة الموضوع عليها الكعك و به شمعة علي شكل رقم واحد انحنت قليلاً و نفخت الهواء لـ تطفئ الشمعة و يصفق الجميع لها ابتسم اكرم و هو يقبل رأسها قائلاً :
_ مبروك يا حبيبتي
احتضنته فيروز و هي تقول بـسعادة :
_ الله يبارك فيك يا بابا .. شكراً انك دايما جنبي و بتساعدني
مسد علي رأسها لـ تبتعد و تلقت التهاني من والدتها السعيدة أيضاً و بـفتور من قبل ياسمين و بـهدوء من قبل شهاب التي لم ترد بـأي حرف بل اكتفت بـ امأ صغير من رأسها التفتت الي احمد حين سمعت صوته الهادئ الحنون قائلاً :
_ مبروك يا روز
نظر الي والدها لـ يجده غير منتبه لـ يرفع يدها يقبل كف يدها بـرقة وسط خجل فيروز الشديد و هي ترد بـهدوء :
_ الله يبارك فيك يا احمد
سحبت يدها قبل ان يراها والدها و لكن كانت هناك اعين اخري مراقبة بل مدققة بـشدة بـكل حركة تصدر عنهم ابتعد عنهم و هو يشعر بـالضيق و قد زادت وتيرة أنفاسه لكن ايضاً غير مسموح له حتي التعبير و التنفيث عن ما بـداخله نظر نحوهم من جديد بـطرف عينه لـ يجدها تضحك الي جواره و تبدو سعيدة للغاية فرك وجهه بـغضب في حين ذهبت إليه ياسمين بـصحن يوجد به بعض من الكعك و الحلوي و وقفت امامه مبتسمة قائلة :
_ اتفضل يا حبيبي
تنفس بـقوة و هو يقول بـحدة :
_ مش عايز حاجة
وضعته امامه علي الطاولة امامه و جلست بـالمقعد المجاور له و تتحدث اليهم بـهدوء قائلة :
_ مش احمد كلم بابا علي التجهيزات يا حبيبي عارف قولتله انك ذوقك حلو اوي و انك ممكن تروح معاه تنقي عفش الشقة
صمت و لم يتحدث حتي تقدم منه احمد جالساً بـالقرب منهم و خلفه الجميع ، مدت فيروز يدها بـالملعقة لـ والدها تطعمه في حين تحدث احمد قائلاً :
_ انا فعلا ناوي انزل اجيب العفش و هيبقي مبسوط لو كنت معانا يا شهاب بما انك جهزت شقتك قبلي و فاهم
تلقائياً وجهت أنظاره نحوها لـ يجدها تتبادل المزاح و الضحك مع والدها لـ يعود بـبصره نحو احمد متسائلاً بما يلوح بـخاطره قائلاً :
_ هو مش لسة بدري علي العفش يعني ممكن تجيب العفش قبل الفرح بشهر مثلاً
يتسأل متمزقاً يريد اجابة لما العجلة بـالامر هو بـالتأكيد لن يذهب معه الي اي مكان و يعلم ما ترمي اليه ياسمين و لكن هذا السؤال يلح عليه لـ يجيب احمد بـهدوء و هو يضع الصحن الخاص به علي الطاولة :
_ لا مش بدري و لا حاجة مانا اتفقت مع عمي الخطوبة ٦ شهور بس باذن الله و انا عايز انزل اشوف الانترية و السفرة و اوضة النوم عشان لو مفيش حاجة عجبت روز هنعمله عمولة
سـيتوقف قلبه حتماً الآن تأكله نيران ثائرة بـداخله جملة تخرج من احمد بـبساطة و سلاسة الا انها بـمثابة خناجر تغرز بـقلبه بلا رحمة الخطبة ستة اشهر و يريد ان يشتري غرفة نوم يشترك بها مع حبيبته و يدللها امامه ايضاً ، اندفعت الدماء بـاوردته و هو يهب واقفاً قائلاً بـاقتضاب :
_ ان شاء الله
التفت الي اكرم و هو يقول بـهدوء :
_ انا مروح بقي يا عمي
لـ ينظر اليه اكرم بـاهتمام قائلاً :
_ لية يا ابني لسة بدري
فرك شهاب عينه و هو يتحدث قائلاً :
_ معلش عندي عملية بكرا بدري و لازم انام .. تصبحوا علي خير
تقدم شهاب نحو الباب و لحقته ياسمين و هي تسحب حقيبتها تتعجل بـالرحيل خلفه ، توجهت انظارها نحوه تعلم ما تقوله ملامح وجهه تعلم نفضت جسده تنبعث منها الغضب الشديد تنهدت بـضيق و هي تنظر نحو الباب الذي خرج منه و قد شردت في شئ ما حتي انتبهت الي احمد الذي وقف يستعد للـرحيل هو الاخر
***********************************
وقف يراقب من داخل سيارته حين وصلت الي المشفي محل عملها و حين نزلت من سيارة احمد بعد ان ودعته كان داخله يثور و كأنه يريد ارتكاب جريمة الآن هل يصح ان يذهب إليه و يشرع بـقتله يقسم انه سـيرتاح و لن يندم بـمثقال ذرة واحدة علي ما فعله ، صك علي اسنانه بـغضب و هو يخرج من سيارته يلحق بها بعد أن ذهب احمد و قبل ان تخطي خطوة داخل المشفي نادي اسمها بـحدة ، دق قلبها بـقوة بين ضلوعها لا تعلم هل بـالفعل ينادي بـاسمها ام انه مجرد تهيئ انه موجود اغمضت عينها بـقوة و هي تتنفس ثم فتحت عينها قبل ان تلتفت بـبطئ و هدوء الي الخلف وجدت امامها هيئته غاضبة لكنه لا يقل و لو نسبة بسيطة عن غضبها الآن صكت علي اسنانها و هي تقول بـغضب :
_ نعم جاي هنا لية .. عايز مني اية ؟
طالعها بـأعين متفحصة و بـقلب مفتور تحدث :
_ هتتجوزيه مبسوط و انتي معاه وافقتي بسهولة انك تتجوزي بعد ٦ شهور
قطعته فيروز بـحدة و هي تنظر اليه بـذهول لازال يتحدث كيف له ان يكون وقحاً الي ذلك الحد رفعت سبابتها أمام وجهه و هي تصيح به بـعصبية :
_ ملكش دعوة بيا انت سامع انا بجد مشوفتش في بجاحتك ليك عين تيجي و تكلمني اصلاً انا بكره نفسي كل ما ابص في وشك و افتكر اني في يوم كنتـ ...
صمتت و هي تصك علي اسنانها بـغضب من نفسها قبل منه نكست رأسها الي الاسفل و هي تتنهد قائلة بـهدوء :
_ ابعد عني لو سمحت كفاية اوي اللي حصل كفاية اوي اللي انا عيشته بسببك
حاول امساك يدها و هو يقول بـاعين مترجية :
_ هتعرفي النهاردة كل حاجة يا فيروز
ابعدت يدها بل و ابتعدت عنه خطوتين الي الخلف و قد بدأت بـالبكاء بعد ان كانت تحاول كبح دموعها و لكنها لم تستطع فقط نظرت اليه و هي تقاوم ضعفها متحدثة اليه :
_ انا مش عايزة اعرف حاجة و لا هعوز اعرف منك حاجة انا ليا اللي شوفته و اللي عيشته و مش هسمح بـأي تاني تأذيني ارحمني بقي و سيبني اعيش مع انسان بيحبني و يحافظ عليا
اقترب منها و امسك بـذراعها رغماً عنها بـرفق و هو يقول بـصوت ضعيف :
_ انا بحبك يا فيروز و انتي عارفة .. اتكلمي عاتبي اشتمي اضربي انا موافق بأي حاجة بس بلاش جوازك منه انتي بتموتيني بـالبطئ
ابعدت يدها عنه بـحدة و هي تتحدث قائلة :
_ انت اناني اوي دلوقتي همك نفسك بس و انا كنت اية بس تعرف عادي مش مستغرباك دلوقتي خالص و بخصوص العتاب فالعتاب يعني عشم و العشم يعني حب و انا لا عشمانة و لا بحب
لـ يسرع هو قائلاً بـصوت ملهوف :
_ بس انا عشمان يا عيون الفيروز
أغمضت عينها بـقوة و هي تضع يدها علي اذنها تضغط عليها بـشدة و من ثم نظرت اليه داخل عينه نظرة انتشلتها من داخل روحها القوية التي اكتسبتها بـفضله و هي تهمس :
_ بكرهك اياك تنطق الاسم دا تاني .. انت اكتر حد انا بكره في الدنيا كلها يا جـــوز اخــتــي
ضغطت علي حروف كلماتها الاخيرة و التفتت لـ تغادر لـ يتحدث هو سريعاً قبل مغادرتها داخل المشفي بـانفاس عالية :
_ و انتي اكتر حد انا بحبه في الدنيا كلها يا عيــون الفــيــروز
فعل مثلما فعلت لـ تسرع هي نحو باب المشفي و هي تضع يدها علي فمها باكية بـحرقة حرقة قلب عاشق سبع سنوات عاشت بيهم بـحلم وردي لطالما ارادت ان يطول و الا تفيق من غفوتها المسمي بـالعشق كانت غارقة حد النخاع بـحبه و فاقت علي اسوء كابوس تتمني ان تراه في حياتها سبع سنوات من الخداع سبع سنوات من كلمات العشق و اللقاءات و النظرات كان كل هذا خدعة و لا تصف ذلك إلا انها جريمة بـأسم العشق
**********************************
ركضت علي الدرج مسرعة سعيدة فـهي سـتخرج للـتنزه و شراء ما يلزمها قطع سعادتها و صوت غناءها البشع ظهره امامها فجأة مما جعلها تشهق متوقفة عن نزول الدرج حين تحدث هو قائلاً :
_هوب هوب رايحة فين كدا
نظرت اليه بـسماجة و هي تعقد ذراعيها أمام صدرها و هي تقول بـضيق :
_ ملكش فيه ابعد عايزة اعدي
فرد ذراعيه امامها يمنعها من تجاوزه و هو ينظر اليها مبتسماً و هو يقول :
_ مفيش نزول غير لما تنطقي يا حبيبتي
شتمت بـخفوت الا انه سمعها جيداً لـ يضيق عينه بـتوعد و هو يصيح بها :
_ لما تعوزي تقولي حاجة سمعيني اسمع اللي بتقولي كدا
زمت شفتيها و هي تنظر إليه بـاقتضاب قائلة :
_ مقولتش
نظر اليه متسائلاً بـضيق :
_ رايحة فين
اجابت بـصدق و هي ترفع طرف حجابها الذي انسدل عن كتفها :
_ راحة اشتري شوية حاجات
نزل عن الدرج من امامها و هو يقول :
_ يلا هاجي معاكي
لحقت به و وقفت امامه ترفع يدها امام وجهه و هي تقول :
_ تيجي معايا فين انا راحة اجيب حاجات بنات انت تيجي معايا لية
تقدم منها خطوة بعد أن رأت العبث جالي بـنظراته لـ تبتعد هي عنه خطوتين حتي وقف ينظر إليها قائلاً بـخبث :
_ عادي انقي معاكي مش انتي هتجبيهم تلبسيهم ليا يبقي انقي
اتسعت أعينها منذهلة من حديثه الخبيث و كست الحمرة وجنتيها بـقوة و هي تقول بـضيق منافي لـ خجلها :
_ البس اية ليك و تنقي اية يخربيت قلة الأدب بجد
تقدم منها مرة اخري لـ تخطو هي مبتعدة عنه حتي وضع يده علي الحائط خلفها محاصراً إياها و هو يغمز بـعينه قائلاً :
_ و انتي تموتي في قلة الادب
رفعت سبابتها أمام وجهه و رغم ارتجافة يدها الا انها صاحت به غاضبة :
_ حسام احترم نفسك و ابعد عني خليني امشي
امسكت بـيده تبعده عنها الا انها لم تقدر علي فعل ذلك كأنه تصلب و لم تعد قادرة علي جعله يتحرك رفع حاجبيه و هو ينظر اليها قائلاً :
_ ما هو لو تعقلي شوية هتبقي ست البنات و الله بس انتي علي طول الجنونة شغالة
اعتدل بـوقفته عاقداً ذراعيه أمام صدره و هو يتحدث قائلاً :
_ و اقولك علي حاجة لو مجتش معاكي مش هتنزلي و لا هتخطي خطوة برا العمارة
_ نعـم !! انا مستأذنة من بابا و ميهمنيش اللي بتقوله دا
وضع يده بـجيب بنطاله و اشار اليها بـاليد الآخري الي اتجه باقي الدرج و هو يقول :
_ طب اتفضلي كدا جربي و هنشوف عمي نفسه هيقول اية لما يعرف انك خرجتي و انا قولت لا
دبت بـقدمها بـالارض متأففة بـانزعاج منه :
_ يا حسام بقي
ابتسم و هو ينظر إليها قائلاً :
_ ايوة كدا أنتي تقولي يا حسام بقي و انا اقولك دا اخر كلام عندي و في الاخر هاجي معاكي يا زينة
تأففت بـصوت مسموع و هي تركض علي الدرج نحو الخارج و هو نزل خلفها حتي وقف امام سيارته و هو يقول :
_ تركبي بالذوق و انتي مبتسمة و تقوليلي ميرسي يا حبيبي
ابتسمت بـاقتضاب و هي تصعد الي السيارة و هي تقول من بين أسنانها :
_ حسبي الله .. انت متر انت انت نص متر ربع متر و متحصلش كمان
ظهر الغضب علي وجهه و هو يتقدم منها لـ تشهق بـخوف و هي تمسك بـباب السيارة تغلقه سريعاً ضرب علي سطح السيارة و هو يقول بـغيظ :
_ صبرني يارب
***********************************
خرج اكرم من محل عمله بـموقع للـمعمار الي الخارج حين ابلغه احد العاملين ان يوجد شخص ينتظره بـالخارج و يلح علي رؤيته ما ان خرج اكرم و رأي "علي" هو من ينتظره لـ يسرع نحوه و قد تحولت ملامحه من الهدوء الي الغضب الشديد تقدم منه و امسك بـتلابيب ملابسه و هو يهزه بين يديه قائلاً بـصراخ :
_ ليك عين تيجي هنا ادامي يا كلب بس المرادي انا مش هسيبك
امسك "علي" بـيد اكرم ينزلها عنه و هو يقول بـنبرة باردة استفزت اكرم و كاد ان يفتك به :
_ براحة عليا يا خالي دا انا حتي جاي اصلح غلطي
صفعة قوية تلقاها علي يد اكرم الغاضب لـ يضع يده علي وجهه و قد تشرست ملامحه قائلاً :
_ لا يا خالي متعملش فيها مربي الاجيال و اللي مفيش منه دا انا جاي اقولك علي حتة مفاجأة
لم تلين ملامح اكرم بل كانت تزداد غضب و عصبية اكثر من السابق مع كل كلمة ينطقها "علي" الذي ابتسم بـمكر قائلاً :
_ و لاني عرفت غلطي جاي اقولك علي كل حاجة يا خـالـي
لازال ينظر اليه اكرم بـصمت حتي القي بـوجهه قنبلة موقوتة كانت المُدمر الحقيقي لـ اكرم حين نطق قائلاً :
_ اصل خلاص في حد صلح غلطتي مع ياسمين و لبسها فانا جاي اقولك علي حاجة يهمك تعرفها عشان تعرف ان مش ابن اختك بس اللي وحش لا يا خالي انا جاي اقولك ان ياسمين كانت علي علاقة بيا قبل جوازها دا حتي انا شاكك ان اللي في بطنها ابني
اتسعت اعين اكرم بـصدمة شديدة كانت بـمثابة خنجر مسموم بـالنسبة له غرز بـقلبه بـشكل مؤذي اهتز كيانه و اصبحت الدنيا تدور من حوله لـ يسنده "علي" و هو يقول بـخبث :
_ لا لا يا خالي اجمد شوية دا انا مقولتش غير حاجة بسيطة توقعك كدا
نظر اليه اكرم بـاعين حمراء و الشياطين يتراقصون أمام عينه الآن دفعه بـقوة حتي كاد "علي" ان يسقط الا انه تمسك جيداً لـ يصرخ بـكل ما لديه من قوة و يشعر ان قلبه سـيخرج من قفصه الصدري :
_ انت كداب ياسمين بنتي انا لا يمكن انا هموتك بايدي يا ابن الكلب
هجم عليه اكرم و كاد ان يفتك به الا ان الصدمة التالية كانت بـمثابة الضربة القاضية له حين انزل "علي" يد خاله بـحدة و هو يقول بـحدة :
_ متفكرش ان كل حاجة عندك مثالية يا خالي ياسمين خدت شهاب من اختها شهاب بيحب فيروز و كان هيتقدملها ياسمين راحت قبل ما يتقدم لفيروز و قالتله علي حملها منه و اضطر يتجوزها
رأيكوا و توقاعتكوا و تفاعل .. المواعيد بعد كدا سبت و تلات ان شاء الله
الفصل العاشر
غزوة حب
اوقف السيارة امام احدي المولات التجارية نظرت اليه منتظرة ان تعلم ماذا سـيفعل ما كاد أن يفتح باب السيارة حتي اوقفته هي حين اصدرت صوت من حنجرتها لـ يلتفت ناظراً اليها بـاستفهام لـ تنفي بـرأسها و هي تقول :
_ اوعي تكون نازل معايا كمان
هز رأسه بـايجاب و هو يفتح باب السيارة و يترجل منها بـهدوء لـ تخرج هي سريعاً و تقف امامه قائلة :
_ استني يا حسام متهزرش مينفعش تدخل معايا هشتري حاجات بنات
امسك بـيدها و هو يجذبها معه بعد أن اغلق السيارة الي الداخل و هو يقول مبتسماً :
_ عارف و داخل معاكي
غربت عينها و هي تسحب يدها منه و تذهب بـخطي سريعة نحو احد محلات بيع الملابس الحريمية لـكي لا يلحق بها الا انها لم تدري الا و هو يسحبها من الخلف بـحدة صرخت بـصوت خافت و هي تلتفت اليه تزيح يده عنها في حين كان يتحدث هو صاكاً علي اسنانه :
_ ياريت نبطل حركات العيال دي
تأففت بـضيق لـ يدفعها نحو المحل بـخفة و هي ترمقه بـغضب وقفت بـأعين زائغة تنظر نحو ما تحتاجه و لا تستطيع الاقتراب منه اغمضت عينها بـقوة لقد ندمت اشد الندم انها اباحت بـمكان ذهابها في حين وقف هو يعقد ذراعه خلف ظهره يكبح ضحكته علي مظهرها المتوتر و اكثر منه غاضب ، وقفت امامهم احدي البائعات تبتسم متحدثة بـلباقة نحو زينة :
_ تحت امرك يا فندم بتدوري علي حاجة معينة
قضمت زينة شفتيها السفلية بـاحراج و ما كادت ان تميل نحو اذن الفتاه لـ تجلب لها ما تريد حتي قطعها حسام قائلاً ببـساطة متناهية :
_ كنا عايزين كل حاجة العروسة بتاخدها .. عايزين نجهز القمر يعني
التفتت زينة اليه بـوجهها الذي ازدادت الحمرة به تبرق عينها نحوه و هي تقول غاضبة :
_ انا لا عروسة و لا نيلة علي دماغي سيبني بقي في حالي
ظل مبتسماً ببـرود استفزها و هو ينظر إليها و كأنها لم تكن تقول شئ ، اشارت البائعة نحو الداخل و هي تقول بـبشاشة :
_ طب اتفضلي نقي الحاجات اللي علي ذوقك
تقدمت البائعة و ما كادت ان تتقدم زينة حتي لمحته يستعد للـذهاب معها لـ تقف امامه تدفعه بـصدره و هي تقول بـحدة :
_ حسام احنا مش صغيرين علي لعب العيال دا
نظر الي يدها التي علي صدره و الي وجهها الغاضب و رفع حاجبه لاعلي بـمعني و ماذا بعد لـ تسحب يدها سريعاً عنه و هي تتحدث بـرفق عله يلين :
_ يعني انت ترضي ان حد يختار لمراتك حاجات بنات يعني اللي مترضهوش عليك مترضهوش علي غيرك
علم ما ترمي اليه و داخله يعلم سبب ثورته اثر حديثها الا انه ابتسم ببـرود و هو يعدل لها حجابها الساقط دائماً عن كتفها قائلاً :
_ متخافيش يا حبيبتي محدش هيختار لبس مراتي غيري
اشار اليها عند كلمة "مراتي" و اشار الي نفسه عند كلمة "غيري" ثم غمز بـعينه لـ تتفهم مقصده لـ تنظر اليه بشموخ قائلة :
_ مش يمكن حد غيرك
التفتت بـرأسه عنها يـغمض عينه بـقوة و هو يسبها بـداخله لا يريد فقدان السيطرة علي نفسه و خاصة انها تضغط علي تلك النقطة كثيراً لـ يعود ملتفتاً إليها و هو يقول من بين اسنانه :
_ اطمني مش حد غيري
تركته و خرجت من المحل سريعاً لـ يسرع هو خلفها يمسك بـحقيبتها يلحق بها لـ تترك الحقيبة بـكامل ارادتها و من ثم تبتعد عنه مضيقة عينها و تبدأ بـالصراخ بـصوت عالي مستغيثة :
_ الحقوني حرامي خطف الشنطة من دراعي الحـقـونـي
نظر اليها بـصدمة و لم يكاد أن يصدر اي ردة فعل حتي التف حوله مجموعة من الشباب بـهدف الدفاع عن تلك الفتاه الضعيفة التي تمت سرقتها ، دفعه أحد الشباب بـكتفه و هو يقول بـحدة :
_ مش عيب عليك تسرق و انت شكلك ابن ناس كدا
جذب منه الحقيبة و مد يده بها نحو زينة التي نظرت الي حسام الغاضب و بـشدة و عينه الحمراء التي تدفع لها بـشرارات الغضب الشديد داخله ، ابتلعت ريقها و هي تقول بـهدوء :
_ خلاص يا جماعه محصلش حاجة دا ..
قاطعها ذات الشاب و هو ينظر إليها قائلاً :
_ متخافيش يا ست البنات مش هيقدر يعملك حاجة
ابتسم حسام بـعصبية و هو يمرر سبابته علي عينه في حين لطمت زينة وجنتيها و هي تعلم ما معني تلك الحركة الصادرة منه كادت ان تتحدث مكذبة ما قالت و انه لم يسرقها انه ابن عمها لـ تجد حسام يمسك بـتلابيب ذلك الشاب قائلاً بـابتسامة :
_ بس هعملك انت
ضرب حسام رأسه بـرأس ذلك الشاب بـقوة لـ يبتعد عنه و ما كاد أحد اخر ان يقترب منه لـ يرفع يده و هو يشير نحوها قائلاً بـصوت جهوري :
_ البت دي بنت عمي و خطيبتي
نظر الجميع اليها لـ تهز رأسها بـايجاب قبل ان تحني رأسها الي الاسفل لـ يتقدم منها جاذباً اياها بـعنف الي الخارج و هي لم تعترض لقد اكلها الندم بـكل مرة تدمر علاقتها بـه اكثر من السابق و بـالفعل ما قالته لها فيروز صحيح ان دلالها لن يجدي سوا الابتعاد و الافتراق و يمكن ان يمل من طفولية تصرفاتها ، صعدت الي السيارة معه بـهدوء دون ان تنطق بـبنت شفه حتي وصل الي المنزل ركضت خارج السيارة سريعاً و منها الي داخل البناية الا انه لحق بها امسك بـرسغها يبتسم قائلاً :
_ لا معلش استني الحرامي عايز يرجع اللي سرقه
ابتلعت ريقها بـصعوبة و هي تهمس بـارتجاف :
_ حسام و الله انا
اخرس حديثها حين حملها من خصرها يعلقها من ثيابها بـبوابة البناية من الداخل شهقت بتفاجأة ثم صرخت به بـخوف :
_ حسام نزلني
تأمل مشهدها هكذا و من ثم صعد تاركاً اياها خلفه في حين صرخت هي به بـخوف غالقة عينها بـشدة :
_ انا اسفة و الله اسفة مكنش قصدي
لكنه لم يعيرها اي انتباه و صعد الا انه دخل من بوابة البناية احد جيرانهم لـ تسرع هي بـالصياح به بـتحذير :
_ متهبدش البوابة الله يخليك
نظر اليها الشاب بـصدمة و هو يقول مذهولاً :
_ انسة زينة اية اللي معلقك كدا
تمسكت حتي لا تسبه الي متي سـيتسأل ذلك الغبي لـ تتحدث إليه بـرجاء :
_ الله يخليك نزلني من هنا
وضع الشاب الحقائب الموجودة بـيده علي الارض و هم بـالاقترب منها إلا ان صوت حسام من اعلي الدرج جعله يتراجع حين تحدث اليه غاضباً :
_ علي الله تمسكها تنزلها من مكانها هحطك مكانها
تحدث محذراً لـ يحمل الشاب الحقائب مرة اخري و يصعد الدرج و لك يلتفت الي هؤلاء المجانين مرة أخري ، نظرت اليه بـتوسل و هي تقول :
_ حسام عشان خاطري نزلني من هنا
هز رأسه بـنفي و هو يجلس علي الدرج قائلاً بـغبظ :
_ خليكي كدا عشان تتربي شوية و تعمليلي فيها عيلة دا حتي العيال عندهم عقل عندك
اخرج هاتفه يقوم بـالعبث به متنهداً بـاريحية غير عابئ بـصوتها المترجي و توسلاتها بـان ينزلها و انها بـالفعل خائفة و بـشدة
***********************************
وصل الي البناية المقيمة بها ابنته و هو بـالاصل لا يعلم كيف وصل بعد ما شعر به من ألم الصدمة ابنتاه بـذات الوقت واحدة تحادث شاب من خلف ظهره و الأخري اخذته منها بـافعالها المشينة المخجلة يا لـروعة تربيته ابنته كانت تفعل ما حرمه الله و هو لا يعلم و مع من ..
مع من امنه علي شرفه و عرضه لقد خانوا ابن اخته و كان اول من طعنه بـظهره ، ركض سريعاً علي الدرج و هو لا يدري بـنفسه ما يفعل تنفس بـلهاث و هو يطرق بـكلتا قبضتيه علي الباب بـقوة و غضب شديد استمع الي صوت ابنته من الداخل تطلب من الطارق الانتظار لـ يزيد من طرقه بـقوة حتي فتحت الباب ، ابتسمت بـوجه والدها و هي تقول بـسعادة :
_ بابا تعالي يا حبيبي اتفضل
نظر اليها اكرم بـاعين حمراء يطلق منها الشرار الغاضب لـ يبهت وجهها و هي تري والدها غاضب و بـشدة و بـطريقة لم تراها من قبل انقبض قلبها بـخوف و هي تنظر إليه قائلة :
_ في حاجة يا بابا
تلقت صفعة قوية علي يد والدها أطاحت بها علي الارض تصرخ بألم واضعة يدها علي بطنها و لكن لم يهتم اكرم بما سـيحدث لها إنما يريد ان يريح داخله لـ ينحني يمسك بـخصلات شعرها و يجذبها بـعنف نحو الداخل و يغلق الباب خلفه بـقوة و هي تزحف بـقدميها لـ تجاري جذب والدها لها و بدأت بـالبكاء و هي تقول و هي تصرخ بألم :
_ ابعد يا بابا عشان خاطري في اية بس
جذبها اكرم بـقسوة اكبر حتي وقفت علي قدميها و هو لازال يمسك بـخصلاتها يجذبها من جذورها قائلاً :
_ انا تعملي فيا كدا يا بنت الكلب
تأوهت بـألم شديد و هي تمسك بـيد والدها تبعده عنها و تسقط دموعها بـغزارة علي وجنتيها قائلة :
_ انا عملت اية يا بابا ايدك بتوجعني عشان خاطري
نظر اليها بـشر و هو يصفعها مرة أخرى يهزها بـيده بـقوة و هو يقول من بين اسنانه :
_ زنا يا بنت الكلب زنا دا انا ربتكوا بـرموش عيني كنت اعمل معاكي اية تاني عملت الغلط من الصح انت بنتي تضربيني في ضهري
قال جملته و لم يستوعب بعد انه يقول ذلك لـ ابنته العزيزة حتي عندما شهقت بـحدة و جحظت عينها بـصدمة لـ معرفة والدها بما فعلت لم ينتظر اي كلمة منها انما انهال عليها بـاللكم و الصفع حتي أبعدها عنه بـحدة فقط بسبب حملها لا شئ اخر يخشي ان يزهق روح ليس لها اي ذنب ان لم تكن حاملاً لـكانت بـعداد الموتي الآن صفعها مرة اخري و هو يصيح بها :
_ انا في اخر عمري اقف اسمع عن بنتي كلام زي دا قصرت معاكي في اية عشان تعملي فيا كدا يا بنت الكلب
دارت عينه و هو يقول بـتيهة :
_ و انا اقول شهاب مستعجل كدا لية علي الجواز
نظر اليها مضيقاً عينه عليها و هي تبتعد زاحفة الي الخارج و هي علي الارض تبكي بـقوة ناظرة الي والدها بـخوف و هي تحاول ان تحمي نفسها من بطشه لـ يركلها بـقدمها و هو يقول بـصوت عالي غاضب :
_ مخطرش علي بالي ان بنتي تكون زي اي واحدة لا اتربت و لا عرفت التربية دي شكلها اية
القي بـالمقعد بـقدمه حين دفعه بـحدة و هو يقول :
_ يا بنت الكلب ضيعتي شرفك و كرامتك و عفتك عشان اية .. انا هتجن عشان اية تضحكي علي الراجل اللي عايز اختك عشان اية تضيعي نفسك عشان اية تضيعيني لية
امسك بـمزهرية موجودة بـجواره و القاها عليها لـ تصطدم بـذراعها بـقوة و تحطمت الي قطع صغيرة مع جرحها جُرحاً غائراً و لم يهتم والدها بـصراخها المتألم بل ألم قلبه و صدمته بـابنته كان اقوي بـكثير لـ تنظر الي الدماء الغزيرة النازفة من ذراعها و هي تبكي متوسلة ابيها قائلة :
_ يا بابا بـ..
قطعها قبل ان تكمل واضعاً سبابته علي شفتيه و هو يقول بـتحذير :
_ اوعي تنطقي بابا دي تاني انتي سامعة انتي من النهاردة لا بنتي و لا اعرفك و لا يشرفني تبقي انتي بنتي
ما كاد أن يغادر حتي اتي بـذات الوقت شهاب من العمل و يبدو علي وجهه الارهاق الشديد ابتسم حين التقي بـوجه اكرم و تحدث مرحباً و هو يغلق الباب قائلاً :
_ اهلا و سهلا يا عمي
تلاشت ابتسامته حين رأي ياسمين متسطحة علي الارض تتأوه بألم و ينزل من ذراعها الدماء تسيل بـغزارة نظر الي اكرم و هو يتقدم منها قائلاً :
_ في اية يا عمي حصل اية
اقترب منه اكرم ببـطئ لـ شعوره بـأنه سـيسقط بـأي لحظة و هو يشعر بـنغزات متتالية بـقلبه لا تتوقف نظر إليه و هو يقول :
_ لو كنت جيت قولتلي كنت دفنت بنت الكلب دي كنت دفنتها في سابع ارض
نظر اليه شهاب مطولاً و لم يتحدث لـ يكمل اكرم بـحدة :
_ مقولتليش لية انك عايز فيروز و انا كنت منعتك تكسر قلبها من الاول لية مقولتليش مكنتش الاخوات خسروا بعض
وقف شهاب بعد ان كان يري وضع ياسمين و ما كاد ان يتحدث الا ان اكرم قاطعه صارخاً :
_ حرمك و ابن عمتها كانوا في علاقة مع بعض قبل جوازكوا
صرخت ملامحه بـالغضب الشديد و هو يهدر صارخاً :
_ نـعــــــم !!!! انت بتقول اية يا عمي
تقدم اكرم من ياسمين و ركلها بـقوة بـقدمها و هو يقول بـاشمئزاز :
_ اهي عندك اهي اسألها و علي فكرة هي و علي اللي حطولك حاجة في الاكل و اتفقوا عليك و كانت فكرة علي انها تروح لـعمك مش ابوك و فكرته بردو انها تصور نفسها معاك و يا عالم الواد اللي في بطنها ابنك و لا لا
بصق عليها اكرم و تركها و فتح الباب لـ يلتفت اليه و هو يقول :
_ و اياك اي حد يعرف علي الاقل علي ما احمد يكتب علي فيروز الاسبوع دا
كان الألم يقتل و يدمره يسحق به و هو يغلق الباب و يخرج من الشقة في حين التفت شهاب نحو ياسمين و هو يرمقها بـشراسة غير عابئ بـصوت بكاءها او تأوهها او اي شئ اخر يشعر بـنفسه لا يمت للـرجولة بـصلة بعد ان خدع من تلك الحقيرة عار والديها لـ ينحني علي ركبته امامها يمسك بـذراعها موضع الجُرح يقبض عليه بـقوة في حين صرخت هي متألمة لـ يجذبها تجلس لـ ينظر الي داخل عينها بـاعين متسعة يخـرج منـها شرار غاضب و هو يسحق اسنانه غاضباً ، نظرت اليه بـخوف و هي تهمس بـألم :
_ اسمعني يا شهاب بالله عليك
جذب خصلات شعرها يقرب وجهها منه و هو يصرخ بـوجهها بـزئير حاد :
_ انا اضرب علي قفايا يا بت انا اصلح غلط مش غلطي
صرخت بـفزع من رؤية وجهه الغاضب قريب منها وجهها الذي امتلئ بـالدموع و هي ترتعد لـ يقف و لازال ممسك بـخصلاتها يـجرها خلفه وسط توسلات و ترجي ان يتوقف حتي لا تتأذي وصل بها الي المطبخ و تركها بـقوة و يذهب لـ يأخذ سكين حاد النصل و يتقدم منها من جديد نحوها ، حاولت التراجع و هي تصرخ بـالنفي و الا يفعل بها ذلك الا ان قواها لم تساعدها علي هذا لـ يصل اليها يجلس علي ركبتيه امامها يمسك بـذراعها بـقوة و يضع السكين علي رقبتها موضع العرق النابض بـالحياة و هو يتحدث اليها بـقسوة قائلاً :
_ و ديني و ايماني ان ما نطقتي بكل حاجة من الاول لحد دلوقتي هكون دبحك من غير تفاهم
***********************************
فتح اكرم باب الشقة و اغلق الباب خلفه بـعنف و القي ما بـيده علي الارض و هو يبحث بـأعين ضيقة داخل الشقة لـ يهدر صارخاً :
_ فــيــروز
اجابته فيروز من داخل غرفتها بـانها قادمة اليه رغم قلقها من نبرة صوت والدها ما كادت ان تخرج حتي وجدت والدها يـدلف الي الغرفة بـعنف لاول مرة نظرت الي وجه والدها بـقلق و هي تتقدم نحوه قائلة :
_ مالك يا بابا
جاءت هناء زوجته علي صوته العالي الحاد الذي ينادي به علي فيروز علي غير العادة و هي تقول متسائلة :
_ بتزعق لية يا اكرم
تنفس لـ ثانية و بـالثانية الأخري كان يصفع فيروز بـقوة حتي سقطت علي الفراش خلفها شهقت هناء بـخضة عند صرخت فيروز بـألم ، دفعت هناء اكرم و تقدمت نحو فيروز تحتضنها حين اجهشت بـالبكاء و هي تضع يدها علي وجهها ربتت هناء علي ظهرها و هي تقول بـحدة :
_ انت اتجننت يا اكرم عملت اية عشان تضربها
تقدم منها اكرم و بوجه حزين تحدث و عينه دامعة لم يعد يسيطر علي ألمه بعد ذلك :
_ انا هكتفي بالقلم دا بس عشان عرفتي شهاب من ورايا لاني مش هساويكي بـالـ*** ياسمين كسرته فرحتي بتربيتكوا خونته ثقتي فيكوا
تنظر إليه هناء منذهلة مما يقول و قد اتسعت عينها و هي تنظر ما بين فيروز و اكرم و لم تجد سوا الصمت و البكاء من ابنتها لـ تبتعد عن فيروز و هي تقول بـصدمة :
_ انت بتقول اية يا اكرم في اية فهمني
مسح اكرم عينه بـعنف و هو يشير نحو فيروز قائلاً بـخيبة امل :
_ اقولك اية يا هناء اقولك ان فيروز نن عيني و روح قلبي كانت بتكلم شهاب و من زمان من ورانا و لا اقولك ان ياسمين اول ما العين شافت و اول ما القلب حب خانت كل سنين تربيتي ليها و باعت نفسها لابن اختي و خدت اللي بيحب اختها منها اقولك اية
ضربت هناء علي صدرها بـصدمة و فجعة مما يقول زوجها ثم ارتمت علي الفراش جالسة و هي تضرب بـكلتا يديها علي قدميها و هي تصيح بـصراخ عالي و قلب يدق بـعنف من شدة رعبها من ما سمعت :
_ يا خيبتك يا هناء يا خيبتك
ثم نظرت الي زوجها و هي تبكي لـ تقف تتقدم نحوه تمسك بـذراعه و هي تقول :
_ عرفت منين يا اكرم الكلام دا معقول يا اكرم ياسمين .. مش معقول
اشاح اكرم بـرأسه بـالجهة الاخري و هو يقول بـحسرة :
_ بقي معقول يا هناء بنتك حطت رقبتي تحت جذمة اللي يسوي و اللي ميسواش
ثم التفت نحو فيروز يحادثها بـقسوة لاول مرة تشاهده بها :
_ اسمعي احمد هيكتب عليكي الاسبوع الجاي
صرخت بـاستنجاد و هي تركض لـ تقبل يد والدها و هي تقول بـرجاء :
_ ابوس ايدك يا بابا انا بحاول اتعود علي احمد عشان خاطري يا بابا متخلنيش اكره
سحب يده منها لـ تربت هناء الباكية علي كتفه و هي تقول :
_ لا يا اكرم كدا هنظلمها العمر كله
رمق فيروز بـطرف عينه و خرج من الغرفة لـ تحتضن والدتها التي لم تكف عن البكاء لقد تحطمت سنوات التعب و السهر علي تربيتهم تملك منها القهر لـ تبدأ بـالبكاء بـصوت مرتفع و شهقاتها تعلو و تعلو و ينتفض قلبها بـحزن شديد و هي تحتضن فيروز التي كانت تبكي بـقوة هي الأخري
***********************************
نظرت إليه بـخوف بعد ان اتمت حديثها و اعترافها بـكل شئ ابعد السكين عن رقبتها بعد ان اطالتها بـحرج صغير و هو يقول بـألم :
_ يا ولاد الكلب ضيعتونا يا شوية ****
القي السكين بعيدة عنها و قبل ان يقف كان من نصيبها صفعة قوية تلقتها هي منه حتي طرقت رأسها بـالحائط بـعنف و ازداد بكاءها و انكمشت علي نفسها اكثر اصطك علي اسنانه و هو يقول بـغضب شديد و هو يقبض علي يده بـقوة :
_ و الله و بالله هندمكوا علي اللي عملته و هخليكي تتمني اللي جري ما كان بس مش هتطولي
اشار الي بطنها و هو يقول بحدة :
_ الواد اللي في بطنك ابني و لا لا
صمتت بـبكاء لـ يهزها بـقدمه و هو يصرخ بها من جديد بـذات الجملة لـ تشهق هي بـبكاء مجيبة :
_ ابنك انت و الله ابنك
مسح العرق عن جبهته و هو يقول بـاستحقار :
_ و انت هيفرق معاكي اية مانتي لعبتي لعبة حلوة اوي عشان تلاقي اللي يستر عليكي
ازداد بكاءها و هي تضع يدها علي اذنها قائلة :
_ كفاية بقي كفاية انا كدا كدا لازم انزله عشان لازم استئصل الرحم ارتاح بقي
رأيكوا ... تفاعل .. تشجيع
البارت الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من هنا 👇👇👇
بداية الروايه من هنا 👇👇👇