أخر الاخبار

فردوس الشياطين بقلم مريم غريب إعـلان 1 والفصل الاول



فردوس الشياطين

بقلم مريم غريب

 إعـلان 1

والفصل الاول

كان الحر شديدا هنا ، و كان العرق يبلل شعرها عند صدغيها و ينساب حتي رقبتها ببطء أشعرها بأنها تنصهر


و كأن درجة الحرارة هي المشكلة ، لا وجودها مع هذا الشخص الخطير الذي يمثل الخبث بعينه .. كان خطأ عظيم هو مجيئها إلي هنا


إرتعش فكها و هي تواصل النظر إليه بخوف واضح


ليبتسم هو بوداعة شديدة ، ثم يقول بلطف متناهى :


-أنا آسف علي سوء التفاهم إللي حصل

أرجوكي تسامحيني يا أنسة .. بس كان لازم تديني خبر إنك جاية . المكان هنا لا يصلح للإستهلاك الآدمي

هو صحيح إللي ساكنين هنا بني آدمين . بس زي ما بيقولوا الأشياء لا تعكس كل الحقيقة .. و إقترب برأسه قليلا و أكمل بلهجته الناعمة :


-إنتي هنا في محمية طبيعية . و مش أي حد يقدر يدخل زيك كده

كل إللي هنا همج مالهمش نظام و لا مالكة و أنا أطيب واحد فيهم

نصيحة يا أنسة . إوعي أشوفك هنا تاني

المرة الجاية إحتمال مابقاش موجود . ساعتها هتبقي في مشكلة حقيقية ...... 

مريم_غريب

{{ فردوس الشيــــاطيـن }}


الفصل ( 1 )


~¤ الثأر ¤~ :


المكان : كفـر الدواغـرة , طاميـة / الفيــوم

الزمان : مساء 23 أغسطس 2016


تشق تلك السيارة الفـارهة طريقها وسط كفر بنـي داغر المهيب ... أو الذي كان مهيبا


قبل إنتشار الفوضى و الإنفلات الأمني و تفشى جرائم القتل و السرقة و قطع الطرق و كل هذا لأسباب مجهولة


توالت الحوادث الواحدة تلو الأخرى و من كثرتها حفظت بالملفات بقسم الشرطة و لم يهتم أحد بالتقصى خلف الدلائل أو تتبع المجرم لأنه كما يبدو ليس مجرم واحدا ، بل أنهم مجموعة مجرمون


و في ظل هذه الأجواء المكهربة ضاعت شخصية و هيبة العمدة بعد هيبة الشرطة ، بالإضافة إلى الانفلات الأخلاقى و أصبح الجميع دون انكسار و كثرت المشاكل


خاصة الثأرية التى تنتهى بضحايا كثيرة ، حيث كان لبعض الأجهزة الأمنية دور كبير فى هذه المشاكل ، بالإضافة إلى البلطجة و الاستيلاء على الأراضى ... إلخ


تتوقف السيارة السوداء بعيدا عن دوار العمدة بقليل فلا تميزها من شدة الحلكة بالمكان ..


يترجل منها ذاك الرجل الملثم المفتول بمنتهي الحرص و الحذر


يتسلل في هدوء الليل إلى الداخل قافزا بمهارة من فوق السور الحجري


شاهد الخفراء يجلسون ضمن حلقة نار قرب البوابة الضخمة يحتسون الشاى و يتسامرون


وثب واقفا بخفة كي لا يجذب إنتباههم و أكمل طريقه منطلقا بين الشجيرات بسرعة غير مرئية ، حتي وصل عند غرفة خلفية في الحديقة تفضي إلي داخل البيت


ولج بسهولة و صعد الدرج للطابق العلوى و إتجه لغرفة عمه ... "منصـور الداغـر" عمدة كفر الدواغــــرة


أمسك بمقبض الباب و أداره ، ثم دفعه بهدوء و دخل و أغلق من خلفه بالمفتاح ...


كان العم مستيقظا في فراشه


إنتبه لتكة المفتاح في قفل الباب فنظر ناحيته صائحا :


-ميــن ؟ .. كان صوته متحشرجا


-أنا ! .. قالها الرجل و هو يخلع شماغة وجهه 


العم و هو يدقق النظر عبر الظلام :


-إنت مين ؟! .. و أشعل ضؤ الأباچورة بجانبه


-سفيــان !! .. هتف العم بدهشة


ليبتسم "سفيان" إبتسامة ودية و هو يقول :


-أيوه يا عمي أنا سفيان .. كويس و الله إنك لسا فاكرني


العم و هو يكفكف دموعه في كم جلبابه :


- طبعا فاكرك يابني . معقول هنساك !

ده أني كنت مستنيك أصلا . إتأخرت أوي كده ليه ؟ إنت مادرتش بإللي حصل ؟


يتقدم "سفيان" من سريره و هو يقول ببرودة أعصاب :


-دريت .. دريت يا عمي

البقاء لله


كان جسد العم هزيلا و وجهه مترهل تملأه التجعيدات ، تغير كثيرا عن أخر مرة قابله "سفيان" .. مرت سنوات بعد أخر لقاء ليكون عمر العم الآن فوق الثمانون عاما بقليل


كان شاحب و جسده أبيض تخالطه الزرقة ، تماما كالأموات


لكنه حى أمامه ... جسد فقط ، بلا روح


-كسرولي ضهري يا سفيان .. قالها العم بصوت كالأنين و هطلت دموعه من جديد


إلتوى ثغر "سفيان" بإبتسامة هازئة و قال :


-هما مين دول يا عمي ؟ إنت عرفت مين إللي قتل ولادك ؟


العم و هو يبكي بحرقة :


-لأ لسا يابني . بس هعرفه . و رحمة الغاليين لأعرفه و ساعتها هاجيبه هنا قدام البلد كلها و هقطع من جتته حتت

هرميه للكلاب و هو حي و هشرب من دمه . و الله لو كان أخر يوم في عمري لأعمل كده


يضحك "سفيان" ضحكة مجلجلة ، ثم يقول ساخرا :


-مافتكرش يا عمي .. مافتكرش هتقدر تعمل كده


توقف العم عن البكاء و نظر إلي إبن أخيه متسائلا بدهشة :


-إنت بتضحك علي إيه يا وله ؟ و بعدين قصدك إيه ؟

مش هقدر ليه يعني ؟!


سفيان : أنا آسف شكلي إستخدمت تعبير مش واضح

نخليها مش هتلحق !


العم : و مش هلحق ليه يابني ؟؟!!


حني "سفيان" رأسه قليلا و أتت نبرته مغناة تطير في الغرفة كالريشة :


-لأنـي هقتــــــلك .. أه هقتلك دلوقتي يا عمي


جحظت عينا الأخير و هو يقول بصدمة :


-إنت . جاي عايز تقتلني ؟؟؟


سفيان بإبتسامته الشيطانية : إسم الله عليك . أيوه يا عمي أنا جاي عشان أقتلك

و أقولك الكبيرة كمان ؟ أنا إللي قتلت ولادك . ياسر و بدر و خيري .. أنا إللي عملت القلق في البلد و قومتها عشان ماخليش دليل ورايا و بعدين بعتلهم ناس محترفين مخصوص عشان يقتلوهم علي حياة عينك و يحرقوا قلبك عليهم


العم بصدمة مضاعفة :


-إنت .. إنت إللي قتلتهم ؟ ليــه ؟؟؟؟؟


سفيان و قد إكتسح الغضب ملامحه و نبرات صوته :


-هو إيه إللي ليه ؟ إنت نسيت إنت عملت إيه ؟

نسيت عملت إيه فيا و في أبويا و أمي و أخواتي يا عمي ؟ ده أنا صممت أخلي حسابك إنت للأخر عشان أدوقك من نفس الكاس و أعيشك يومين غم قبل ما أبعتك لربنا هو بقي يكمل بقيت حسابك


العم بإنفعال : حســاب إيــــه يا وله ؟ ده أني إللي هقطع خبرك و آا ...


-بـــس إهدا علي نفسك شوية ! .. قاطعه "سفيان" بصرامة ، و أكمل بخبث :


-ماتتعصبش أوي كده . أنا محتاج أوي لتركيزك الشوية الفاضلين دول .. و هجم عليه ممسكا به


هم العم بالصراخ ، فكمم "سفيان" فمه و أنهضه من فراشه ملقيا به علي كتفه ... وضعه علي الكرسي المتحرك الذي وجد بجوار السرير


قيد يديه خلف ظهر الكرسي و أحضر منشفة صغيرة و حشرها بفم العجوز العصبي ليسكت صراخه المزعج ..


إعتدل في وقفته أمام عمه و مد يده و سحب مسدسه المزود بكاتم الصوت من جيب بنطاله الخلفي ، ثم أشهره في وجه العم و أكمل كلامه :


-أنا مش هقتلك غدر. حتي لو إنت عارف الأسباب لازم تسمعها مني قبل ما أنفذ إللي جيت عشانه

من 17 سنة .. كان عمري وقتها 21 سنة و كنت مسافر أدرس في أمريكا . جدي ذكريا الداغر مات و هو بيعمل عملية في قلبه . مافاتش علي موته 40 يوم و كنت بتتعارك إنت و أبويا علي العمودية

العركة كبرت و وصلت للقتل . قتلت أخوك يا عمي و طلعت منها بعيار طايش . عن طريق الغلط . بعدها إتجوزت أمي غصب قبل حتي ما العدة تخلص . إخواتي الصبيان يوسف و محمد إللي كانوا أطفال و مالهمش ذنب في أي حاجة

غرقتهم في السواقي منغير ماتحس بذرة شفقة عليهم . و إللي لحقت تهرب منك قبل ما تقتلها وفاء أختي . جاتلي علي أمريكا و حكتلي علي كل حاجة

بعديها بفترة سمعنا إنك حبلت أمي و جبت منها عيال من نسلك . عاشت معاك 5 سنين و من القهرة ماتت في الأخر


صمت "سفيان" للحظات ، و أردف بجدية :


-عارف رغم إن ولادك التلاتة يعتبروا إخواتي .. بس أنا مش ندمان أبدا إني قتلتهم و لا حتي زعلان عليهم

دول كانوا زرعة وسـ×× في أرض طاهرة و كان لازم أمحيهم من الوجود . دلوقتي أمي تقدر ترتاح في تربتها

فاضل أبويا و إخواتي . يوسف و محمد


و أحكم قبضته علي المسدس ، شد صمام الأمان ليهئ خروج الطلقة التي إدخرها لسنوات من أجل هذه اللحظة ..


شخص العم ببصره و غمغم بالرفض و هو يتلوي في الكرسي


ليضحك "سفيان" و يقول بإسلوبه الماكر :


-نفس العيار إللي ضربت بيه أبويا . جبتهولك مخصوص يا عمي . بالله عليك ماتنساش لما تشوفه تسلملي عليه و تقوله سفيان إبنك .. هو إللي خدلك حقك


ثم ضغط علي الزناد ضغطة وحيدة حاسمة ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


كانت درجة الحرارة لا تطاق في الشوارع عندما أوقفت "يارا" سيارتها داخل المرآب و هرولت مسرعة نحو منزلها الذي تظلله الأشجار ذات الأوراق الكبيرة


شعرت "يارا" أن الطقس قاتم و مكفهر مثل مزاجها تماما بعد العراك الذي نشب بينها و بين رئيس تحرير الجريدة التي تعمل بها كصحفية


لقد إشترطت علي ذلك الأرعن الرزيل قبل أن تلتحق بعملها بأنها لن تسافر إلي أي قرى أو نجوع لتغطية أي خبر كان


كانت توافق علي السفر إلي خارج البلاد أحيانا و ضمن فريق كامل من زملائها ، كانت تهوى تغطية الحفلات و المهرجانات و المؤتمرات ، هذا ما تفهم فيه أكثر


و لكن رئيسها لم يعجبه ذلك ، فأوكل إليها مهمة تغطية تحقيق مقتل عمدة إحدي القرى بالفيوم


لن تذهب ، لقد عقدت العزم علي هذا و إن وصلت إلي حد فصلها من الجريدة ، لن تسـافــــر ...


غمغمت "يارا" بتذمر و هي تبحث في حقيبتها عن مفاتيح المنزل ، و ما أن أصبحت بالداخل حتي غمرتها الراحة النفسية


بحثت عن أمها و هي تهتف :


-مـامآااا .. مـامآااا . يا ميرڤــــت . إنتي فين يا حجة ...


-إيه يابنتي الغاغة دي ؟ .. قالتها الأم بإنزعاج و هي تدخل من باب الشقة


تلتفت "يارا" لها و تقول بتبرم :


-إنتي كنتي فين يا ماما ؟ أنا كل ما أجي من برا ألاقاكي في حتة شكل . كنتي فين يا ميرڤت ؟


ميرڤت بضيق : سبيني في حالي ونبي يا يارا

لسا جاية من عند خالتك سعاد و مغمومة علي أخري و الله


يارا و هو تلوي فمها بإمتعاض :


-إيه إللي حصل تاني . مين المرة دي ؟ أحمد و لا كريم و لا هشام ؟


ميرڤت : هشام


يارا : و عمل إيه سي هشام ؟ إشجيني


ميرڤت : سرق طبنجة ظابط


يارا و هي تشهق بصدمة :


-يخربيته .. نهاره إسوود و عمل كده ليه ؟؟؟


ميرڤت : هو و صحابه كانوا صايعين إمبارح في الشارع لحد أخر الليل شافوا بنت ماشية بعربيتها مشيوا وراها و فضلوا يضايقوها لحد ما وقفهم أمين دورية . الظابط نزلهم و إداهم كام شتيمة فمسكوا فيه . واحد عوره و التاني كسرله إيده و إبن خالتك الباشا سرق طبنجته و جري هربان علي البيت


يارا بغضب : الحيوآان .. ده يستاهل قطع رقبته . طبعا خالتي مخبياه دلوقتي و البوليس بيدور عليه


ميرڤت بسخرية : البوليس قبض عليه يا حبيبتي

صاحبه الوحيد إللي إتمسك قر عليهم من أول ألم


يارا : يا نهآااار إسووود .. طيب محدش راح يخرجه و لا حد عمل أي حاجة ؟؟؟


ميرڤت بضيق شديد : لأ محدش عرف يعمله حاجة حتي الكفالة عشان يخرج ماينفعش . هيتحبس 15 يوم علي ذمة التحقيق و الله أعلم هترسي علي إيه

منه لله الواد ده هيجيب أجل أمه


يارا بتهكم ممزوج بالغيظ الشديد : لأ و إنتي الصدقة يا والدتي الـ3 مع بعض هيشلوا أختك عن قريب .. ثم أخرجت هاتفهها مكملة :


-عموما أنا هتصرف كلمي خالتو و طمنيها


ميرڤت بتلهف : بجد يا يارا ؟ هتعملي إيـــه ؟؟؟


نظرت "يارا" لها و قالت بتأفف :


-هعمل إيه ! هعصر علي نفسي فدان لمون و هكلم مستر هتلر


ميرڤت بإستغراب : هتكلمي مين ؟ إيه هتلر ده ؟!


يارا بضيق : الأستاذ شكري .. رئيس الزفت التحرير !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


هنا في هذا الحى القاهري الراقي و الذي يتميز بالعزلة و الهدوء بعيدا عن ضجيج المدينة ... تبرز مساحة من الأرض


تقع في الجزء الجنوبي الغربي للمنطقة ، توضعت عليها ڤيلا آل"داغر" الفخمة الشامخة


الحراسة تطوق المنزل و الحركة ساكنة بالحديقة إلا من تمايل أغصان الشجر و زقزقة العصافير


تظهر إمرأة في العقد الرابع من عمرها عند الشرفة العلوية للمنزل ، تلقي نظرة قلقة علي مرآب السيارات و تطمئن فجأة حين لمحت سيارة أخيها في مكانها


تترك الشرفة و تنطلق صوب غرفته ، تفتحها دون أن تدق علي الباب و تدخل ..


كان الأخ مستغرقا في نومه بملابسه الداخلية ، أو تحديدا بالسروال الداخلي فقط كما هي عادته منذ صغره


إقتربت الأخت منه و وضعت يدها علي كتفه العاري ، هزته بلطف و هي تناديه :


-سفيـان .. سفيـان . يا سفيان إصحـي


يتململ "سفيان" مغمغما بضيق :


-إيــه يا وفـاء في إيـه علي الصبح

سبيني نايم شوية أنا ماكملتش ساعتين


وفاء بنبرة خفيضة : أنا بس كنت جاية إطمن عليك . خلصت الموضوع بهدوء زي ما إتفقنا ؟!


سفيان بصوت ناعس : أيوه . كله تمام ماتقلقيش .. يلا بقي إخرجي عايز أنـآاام


وفاء : طيب يا حبيبي هاسيبك . بس هبلغك رسالة من المتر سامح الأول . بيقولك ميرا خرجت من المستشفى من ساعة


و هنا هب "سفيان" من فراشه ناسيا نعاسه تماما :


-خرجت و راحت علي فين ؟ مين إللي خرجها ؟؟؟


وفاء : أمها .. أمها إللي خرجتها و خدتها علي البيت هو لسا مكلم المحامي إللي وكلناه في أمريكا و هو بنفسه إللي بلغه بالخبر ده


سفيان و هو يتوقد غضبا : و إزاي بنت الـ××××× دي تخرجها بدون علمي ؟

دي نهارها أزرق . أنا هسافرلها و هطلع ميـ××× أمها .. و كاد يمضي نحو خزانته


لتستوقفه أخته : إستني يا سفيان . الأمور مش بتتاخد كده


سفيان بعصبية : أومال بتتاخد إزآااي ؟

إنتي عايزاني أستني لحد ما بنتي تضيع عشان أتحرك ؟!!

مش كفاية سبتها مع أم مستهترة و بنت ستين كلب 16 سنة بحالهم ؟

البت أكيد شربت منها حاجات كتير لو سبتها أكتر من كده مش هتنفع لازم أجبها هنا في أسرع وقت


وفاء و هي تحاول تهدئته : ماتقلقش يا حبيبي هانجبها

إهدا إنت بس هي هتروح فين يعني ؟

أمها ماتقدرش تنقلها من مكانها في قضية شغالة و المحكمة كمان إسبوع و بعدين الشرطة هناك مش بتهزر .. إهدا بقي كله هيبقي تمام


زفر "سفيان" حانقا و قال بخشونة :


-لأ . مش هاهدا .. إطلبيلي سامح خليه يجي حالا

أنا داخل أخد دوش بسرعة .. و أكمل و هو ينطلق صوب المرحاض الملحق بالغرفة :


-و خلي حد يجبلي القهوة بتاعتي هنا


تنهدت "وفاء" و تمتمت يائسة :


-مافيش فايدة . لا بيرتاح و لا بيهدا أبدا . نآاار قايدة و مابتنطفيش !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في قسم الشرطة ... داخل مكتب وكيل النيابة


تجلس "يارا" بجوار "شكري العبيدي" رئيسها في العمل ، تستمع بفتور إلي حواره الثقيل مثله مع الضابط


شكري بلهجته الرسمية : سيادة اللوا باعتلك سلام معايا يا حضرة الظابط و بيقولك تستعجلنا محضر الصلح لو تكرمت .. و ناوله كارت اللواء


الضابط و هو يلقي بالكارت فوق مكتبه بحركة إستخفاف : يا أستاذ شكري إنت مش محتاج كارت . يكفي مجيتك لحد هنا إنت شرفت القسم و الله


شكري بحبور : الله يخليك يافندم متشكر


الضابط : بس العيال دي لازم تتربى .. سبهملي يومين هنا و أنا هخلي سبيلهم و هراضي الأمين إللي إضرب بس بعد ما يتأدبوا شوية


إرتبك "شكري" و هو ينظر نحو "يارا" المستنكرة ، فعاد بنظره للضابط و قال بلطف :


-يا باشا إحنا طمعانين في كرمك . دول مجرد شباب صغيرين و غلطوا غصب عنهم . إعتبرهم زي إخواتك و هما كويسين و ولاد ناس و الله

معلش عشان خاطري أنا تخرجهم إنهاردة !


صمت الضابط لبرهة ، ثم قال بفم ممتعض :


-ماشي يا أستاذ شكري

عشان خاطرك إنت .. و الله ما بعملها مع حد عشان تبقي عارف بس


شكري بإمتنان : متشكر يا باشا . و إحنا كمان في الخدمة لو عوزت أي حاجة


الضابط : يا سيدي ربنا يبعدنا عنكم . الصحافة بالذات إحنا في حالنا و إنتوا في حالكوا


شكري و هو يضحك : برضو في الخدمة يا باشا


و خرج كلا من "شكري" و "يارا" بعد أن حصلا علي وعد من الضابط بإخلاء سبيل "هشام" .. في المساء سيعود إلي بيته


-أنا مش عارفة أشكرك إزاي يا ريس ؟ .. قالتها "يارا" بلهجة فاترة


ليرد "شكري" بصرامة تامة :


-لأ يا أستاذة يارا إنتي عارفة ممكن تشكريني إزاي .. التحقيق ده مهم و لازم يتغطى خصوصا إن بقيت الجرايد ماكتبتش عنه لغاية دلوقتي كله خايف يسافر بسبب الفوضى و الإنفلات الأمني إللي هناك دي فرصتنا


يارا بغضب ممزوج بالدهشة : يعني حضرتك بتقول الناس خايفة تسافر و فوضي و إنفلات أمني و ما شاء الله الجرنال مليان زملا رجالة ضاقت بيك أوي و عايز تبعتني أنا هناك ؟؟!!


شكري بجدية : إنتي بالذات لازم تسافري . إنتي مش مجرد صحافية شاطرة عندي لأ . إنتي كمان أحسن مصورة في الجرنال . و يا ستي لو كنتي خايفة من السفر لوحدك هبعت معاكي الأستاذ شمس محرر باب الحوادث و الوفيات أهو يساعدك في كتاية التقرير هو راجل خبرة برضو


يارا و هي تحتدم غيظا : هاخد معايا الأستاذ شمس الكفيف ؟ ده أنا كده إللي هشتغله داده طول الرحلة

إنت عايز توديني في داهية يافندم ؟!


زفر "شكري" و قال بضيق :


-إسمعيني . مش عايز جدال . إللي عندي قولته

يا تسافري بكره تغطيلي التحقيقات يا تدوري علي جرنال تاني تشتغلي فيه


يارا : بقي ده كلام يعني يا ريس ؟


شكري : هو ده الكلام بالنسبة لي . مهنة الصحافة لها ضريبة و الصحفي الناجح هو إللي بيكون مغامر و قلبه ميت حتي لو واحدة ست هتبقي بـ100 راجل و حواليكي أمثلة كتير يا أستاذة يارا


نظرت "يارا" له و قالت بصوت جاف :


-ده أخر كلام عند حضرتك ؟


زم "شكري" شفتاه و قال بصرامة :


-أيوه . و عايز ردك بكره الصبح عشان لو رفضتي ألحق أتصرف .. و أكمل بسخرية :


-و تلحقي إنتي كمان تشوفيلك جرنال خايب تشتغلي فيه علي كيفك و تفضلي صحفية درجة تالتة طول عمرك

عن أذنك يا أستاذة .. و رحل


ليزيد غضبها و غيظها إضطراما و هي تغمغم :


-صحفية درجة تالتة !!

طيب و الله لأوريك يا شارلوك هولمز إنت . هعرفك مين هي يارا الزهيري ........... !!!!!!!!!!!!


يتبـــــع ...


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close