أخر الاخبار

رواية سل الغرام كامله عندنا وبس للكاتبه مريم غريب من بارت 36 حتي بارت 40

 


بارت السهرة زي ما وعدتكم و بعتذر لو قصير شوية، و كل سنة و إنتوا طيبين ❤


( 36 )


_ تخبّط ! _


إبتلع "نبيل الألفي" حبة قرنفل حارة بمشروب الشاي الأحمر الساخن.. ثم أعاد الفنجان فوق الطاولة و تطلع إلى "فريال" من جديد و هو يقول باسلوبه المرح :


-جه في وقته. بيقولك القرنفل من التوابل الحرّاقة و مفيد في أجواء الكورونا إللي إحنا فيها.. أهو بردو أحسن بكتير من الزنجبيل بعد ما بشربه مابحسش بأحبالي الصوتية أصلًا !


ضحكت "فريال" ضحكة مقهقهة فظهرت تجاعيد بسيطة ببشرتها الناصعة الناعمة، نظرت إليه ثانيةً و قالت برقة :


-يااه على خفة دمك يا نبيل.. ماتغيرتش أبدًا. بس بجد أنا اتبسط إنك رجعت. الأخبار عن إيطاليا كانت مرعبة في الشهور الأولى


وافقها "نبيل" بإيماءة صغيرة و قال ماطًا فمه بأسف :


-فعلًا و الله يا فريال هانم.. الوضع كان صعب جدًا.. أنا كنت بنزل الـDown Town في عز الضهر كنت بشوف الناس ماشية عادي و فجأة يقعوا من طولهم.. ناس كتير أوي راحوا منهم أعز أصدقائي


رمقته "فريال" بتعاطف و قالت :


-ربنا يرحمهم.. و يبعد عنك و عننا السوء يا نبيل. معلش هي شدة و محنة كبيرة.. ربنا يعدينا منها على خير


-آمين يا فريال هانم آمين ! .. ثم قال مغيّرًا مسار الحديث و هو يرسم على ثغره إبتسامة بسيطة :


-المهم.. أنا كنت جاي لعثمان عشان عاوزه في موضوع مستعجل. بس واضح إنه Nervous إنهاردة أوي و مش هاينفع ...


توترت "فريال" بعض الشيء و هي تبرر له بلطفٍ :


-لأ مش حكاية عصبي و لا حاحة يا نبيل.. هو بس مضغوط أوي اليومين دول. يعني مشاكل مع مراته. و كده ..


نبيل بلؤم مبطن :


-آه ما أنا عندي علم.. هالة قالتلي إن عثمان إتجوز إتنين. الله يكون في عونه و يقويه و الله. ده أنا كنت مصاحب بنت إيطالية بقالي 10 سنين كرهتني في الجواز و التفكير فيه حتى


-معقول يا نبيل بعد 10 سنين العلاقة تفشل ؟!

طيب ليه كده ؟؟


-مارتحتش يا فريال هانم.. هي كانت بنت جميلة و باباها رتبة في البلد هناك و هي كمان سيدة أعمال شاطرة جدًا و كانت بتحبني و كل حاجة.. بس ماحستش إنها مختلفة !


عبست "فريال" و هي تسأله باهتمام :


-مش مختلفة إزاي يعني ؟


نبيل موضحًا : يعني دمها حامي يا فريال هانم. زي الستات الشرقية بالظبط.. ماقصدش من ناحية العادات و التقاليد. رغم إن عادات و أعراف الطلاينة مشابهة لمجتمعاتنا العربية بشكل كبير


-طيب فين المشكلة !!


تنهد "نبيل" قائلًا :


-المشكلة في طباعها. في قلبها.. كانت غيورة أوي أووي بطريقة تخنق و على أتفه الأسباب. مع إن العكس هو إللي لازم يحصل. المفروض الغيرة دي تبقى بتاعتي أنا


فريال بدهشة : و دي حاجة تزعلك يا نبيل.. البنت إللي معاك غيرانة عليك يعني بتحبك !


نبيل بدعابة : تغير عليا أوكي لكن ماتخنقنيش يا فريال هانم. دي حتى ماكانتش خطيبتي أومال لو كنت اتجوزتها بقى كانت عملت فيا إيه ؟!


فريال ضاحكة : لأ بقى يا نبيل يبقى إنت إللي ماكنتش جاد من الأول و تلاقيك مادخلتش على إرتباط رسمي


شاركها الضحك و هو يرد :


-رسمي إيه يا فريال هانم بقولك كنت مصاحبها.. يلا أهي راحت لحالها !


هزت "فريال" رأسها بيأس و قالت و هي لا تزال تضحك :


-يخرب عقلك يا نبيل.. ماتغيرتش خالص. بس إن شاء الله هاتيجي إللي توقعك على وشك و تحبها و تتجوزها و رجلك فوق رقبتك زي ما بيقولوا


-يارب. أنا أتمنى و الله يا فريال هانم ماكرهش حاجة زي دي ! .. ثم قال بجدية :


-المهم دلوقتي بقى.. أنا زي ما قولتلك كنت جاي لعثمان. في حاجة مهمة تمت و المفروض حساباتي تتقاس عليها الفترة الجاية و مهم إنه يعرف. و حضرتك كمان بردو.. بما إنه مضغوط زي ما قولتي ف أنا مش هتقل عليه أكتر. ممكن أشرحلك كل حاجة و إنتي تبلغيه بمعرفتك


-خير يا نبيل ؟ .. تساءلت "فريال" بشيء من الريبة لما إستشعرته بلهجته


تنحنح "نبيل" منظفًا حنجرته، بلل شفاهه بطرف لسانه، ثم نظر إلى عينيها مباشرةً و قال بصوته العميق :


-هالة يا فريال هانم.. هالة باعتلي نصيبها في تِركة العيلة بالكامل


فريال بعدم فهم :


-تِركة إيه ؟!!


نبيل بثقة : تِركة عيلة البحيري.. أنا دلوقتي بملك حصة هالة في القصر و الشركة و كل العقارات التابعة ليكوا في اسكندرية و براها يا فريال هانم !


جحظت عينا "فريال" بشدة و هي تردد باستنكار كبير :


-إيـــه !!!


_______________


مد "عثمان" ساقيه بانهاك و هو يجلس فوق السرير... كان تعبًا.. لكنه لم يكن تعب جسماني أكثر منه نفسي و عصبي


و رغم الهدوء الذي يلف غرفة النوم السفلية التي بقى فيها بمفرده حتى الآن، إلا أن ضجيج رأسه كان متضخمًا و لا يطاق.. كان صراع مميت... جزء منه يؤنبه.. و جزء آخر يود لو يجتاز الجدران تكسيرًا ليصل إليها و يعنفها بقسوة على ما فعلته


هو يعلم بأنها لم تقصد أن تظهر هكذا أمام رجلًا آخر.. و لعله الآن تعرَّف عليه حين لاحظه بطرف عينه... إذ لم يكن سوى "نبيل الألفي".. الخال المهاجر لأبناء عمه


لقد وصل كما رآى.. لماذا جاء ؟ ماذا يريد ؟ .. لا يعرف "عثمان" و لا يود أن يعرف... إنه فقط حانقًا عليه لأنه شاهد زوجته المحرمة على جميع الرجال سواه هو، شاهدها على شاكلة لا يفترض بأن تظهر عليها أمام غيره هو.. زوجها


رباه !


كلما يتذكر ذلك تزداد النيران بصدره توقدًا.. ماذا يفعل الآن ؟ المسكينة مثل قطعة النقاق.. لو ضغط عليها أكثر ستنفطر من فورها... في الواقع هو يحبها حتى و لو كانت كسيرة إلى مئة قطعة.. يحبها بكل ما فيها من ضعفٍ و رقةٍ و حنان... هو الوحيد الذي يحوز شيفرتها.. هو و لا غيره


كما هي له فقط.. له هو و لا غيره ...


يدق هاتفه في هذه اللحظة و تعلو نغمته الصاخبة.. يفيق "عثمان" من شروده، فيستل الهاتف من جيب سرواله


يلقي نظرة على رقم المتصل، تلقائيًا أشرق وجهه فجأة و رد على الفور بلهجة منفرجة :


-دكتور أدهــم !

إيه المفاجأة العظيمة دي


يجيئ صوت الطرف الآخر لا يقل إنشراحًا :


-السلام عليكم يا أستاذ عثمان !


-أستاذ إيه راجل بقى. مش قولنا آخر مرة تشيل التكاليف دي.. أنا عثمان عادي منغير أستاذ. دي حتى كلمة تقيلة أوي يا دكتور


يضحك "أدهم" قائلًا :


-ما أنا لو شيلت التكاليف و قولتلك عثمان منغير أستاذ يبقى إنت كمان هاتقولي أدهم منغير دكتور.. هه. إيه رأيك ؟


-ممم أوكي أنا موافق. يا أدهم بيه.. حلو كده !


علت ضحكة "أدهم" أكثر و هو يرد عليه :


-حلو.. حلو يا عثمان باشا. متشكر أوي


-العفو يا سيدي على إيه.. ده أنا إللي متشكر إنك سمعتني صوتك. الله يعلم بقيت عزيز عليا أد إيه لله في لله كده


-الله يحفظك يا سيدي


-بجد و الله مش مجاملة


-أنا عارف. و إنت كمان و الله منغير حاجة قلبي إتفتحلك. و إلا ماكنتش دخلت بيتك و في إيدي مراتي و عيالي ! .. ثم قال بتساؤل :


-بس حضرتك من أخر مرة لا جيت و لا حتى إتكلمت. رغم إني مبلغك بخبر جواز مراد و أختي إيمان


يخبط "عثمان" بكفه على جبينه في هذه اللحظة متمتمًا :


-آخخخ.. تصدق بالله. نسيت بجد !!!


-يا راجل.. ده الفرح الليلة. على كده مش جاي بقى ؟!


أجاب "عثمان" مجفلًا :


-لأ إزاي..جاي. جاي طبعًا. حتى لو قعدت ساعتين و مشيت في نفس الليلة


-إنت بس تعالى و نبقى نشوف حكاية المشي و القعاد دي. بس بالله عليك.. ماتنساش تجيب مدام سمر معاك. مراتي كلت دماغي خلاص كل يوم تسألني عزمتكوا و لا لأ لدرجة إني شكيت في نفسي


صمت "عثمان" للحظات، ثم قال بعدم ثقة :


-بصراحة مش عارف يا دكتور أدهم.. مش واثق يعني إذا كانت سمر هاتقدر تسافر معايا للقاهرة و لا لأ !


-لأ من فضلك ماتوقعنيش في الغلط ده.. أنا ماليش دعوة. أنا بلغتك و إنت مش ممانع إنها تيجي صح ؟


-لأ طبعًا ماعنديش مانع


-خلاص.. لو تسمح مراتي تكلم المدام و تتفاهم معاها. أصل المواضيع دي عند سلاف مافيهاش هزار و مش عايز أقولك إتألفت بمراتك إزاي و حبيتها أوي


عثمان برحابة : لأ في أي وقت تكلمها طبعًا. ياريت يفضلوا كده على تواصل أساسًا لو مش هابزعجك. أصل مراتي تقريبًا مالهاش صديقات خالص و أنا مقفل عليها أوي. لكن حضرتك ثقة طبعًا و مدام سلاف ربنا يباركلك فيها عمري ما أقلق و هي معاها أبدًا


-يا سيدي شكرًا على الثقة.. طيب تمام. إتفقنا. أنا كده ماجبتش سيرة لمراد إنك جاي و خليها مفاجأة بقى لحد ما يلاقيك قصاده إنهاردة.. و بإذن الله سلاف هاتكلم المدام و تتفق معاها


-تمام يا دكتور.. أشوفك على خير إن شاء الله. مع السلامة !


و أغلق "عثمان" معه ...


كأن حجرًا ثقيلًا سقط من فوق كاهله.. إن لذاك الـ"أدهم" مفعول السحر فعلًا، بمجرد سماع نبرة صوته الشجية العذبة يتغير المزاج و كل شيء من تلقائه.. إنه مُبارك حقًا


أطلق "عثمان" نهدة مشحونة بكم هائل من المشاعر، طردها كلها الآن.. قام من مكانه و مشى ناحية الباب ليخرج، أمسك بالمقبض و إجتذبه ...


ليصطدم بأمه فجأة، إذ كانت تقف كالتمثال أمام باب الغرفة، جامدة التعابير بشكل أثار قلقه عليها ...


-ماما ! .. هتف "عثمان" متفاجئًا


-مالك يا ماما ؟ فيكي حاجة و لا إيه ؟!!!


و أعاد الهاتف إلى جيبه، ليرف يداه و يحيط بكتفيها مضيقًا نظراته و هو يكرر بقلق أكبر :


-ماما ! مابترديش عليا ليه ؟ مالك يا حبيبتي كلميني !!!


شحب وجهه مع تأخرها عليه في الرد كما كان قلبه يخفق كمطرقة.. إلى أن أتى صوتها أخيرًا بأحرف متثاقلة :


-آ. أنا.. أنا كويسة.. كويسة يا حبيبي ماتقلقش عليا !


عثمان بعدم إقتناع :


-طيب مالك كده.. واقفة كده ليه و وشك مصفر أوي. إنتي تعبانة أجبلك دكتور ؟ و لا أوديكي المستشفى علطول ؟؟؟


-لأ لأ أنا كويسة. صدقني ! .. و ابتلعت ريقها بصعوبة، ثم قالت بلهجة كافحت لتبدو طبيعية :


-بس كنت عاوزة أتكلم معاك في موضوع كده. لو فاضي !


عثمان بجدية : يا حبيبتي لو مش فاضي أفضالك.. موضوع إيه موضوع يخصك يعني ؟!!


هزت "فريال" رأسها سلبًا و قالت :


-لأ.. يخصك إنت !


نظر لها لبرهة... وأعتقد بأنها ربما تود أن تحدثه بشأن زوجته و ما فعله معها منذ قليل... فتنهد بعمق و قال بفتورٍ :


-أوك يا حبيبتي.. أنا طبعًا عندي استعداد أقعد معاكي و نتكلم للصبح في إللي إنتي عايزاه. بس طالما الموضوع مايخصكيش إنتي إسمحيلي نأجله لبكرة الصبح بس. عشان أنا يدوب أحضر نفسي !


و رفع معصمه العريض لُيلقي نظرة بساعته الضخمة ...


-تحضر نفسك لإيه ؟ .. سألته "فريال" بفضول


نظر لها مجددًا و قال بصوتٍ هادئ :


-مشوار كده للقاهرة و راجع في نفس اليوم.. فرح مراد يا فريال هانم. و إحتمال أخد معايا سمر !


-سمر !! .. تمتمت "فريال" رافعة حاجبيها


لكنها ما لبثت أن قالت مستحسنة صنيعه و مشجعة إياه :


-طيب دي حاجة كويسة أوي. ياريت و الله. خدها و روحوا فعلًا.. فرصة تصفوا إللي بينكوا كله


أومأ لها موافقًا و قال :


-أيوة.. بس يارب هي توافق. أنا مش هاضغط عليها. لو قالت لأ من أول مرة خلاص


طمأنته "فريال" بلطفٍ :


-إن شاء الله هاتوافق.. و هاترجعوا متصالحين و زي الفل يا حبيبي. بس إنت ماتقساش عليها يا عثمان. البنت دي بتحبك بجد


-أنا عارف يا ماما. عارف ! .. و أضاف مبتسمًا :


-أول ما أرجع هاجيلك.. ماتقلقيش مش هانسى !


_______________


يصل "فادي" إلى المنزل في موعده عند المغيب.. كان محملًا بالأغراض كعادته... دق الجرس مرارًا


لكن زوجته لم تستجيب.. فوضع الأكياس أسفل قدميه ليستخدم مفتاحه الخاص... و بالفعل فتح و قام بإدخال الأغراض، ثم اغلق الباب خلفه و هو يصيح مناديًا :


-هــالة.. هـــالة.. يا هـــالة !


لكنها أيضًا لم تستجيب ...


-نايمة دي و لا إيه !! .. تمتم "فادي" لنفسه


إتجه من فوره نحو غرفة النوم و هو يهتف :


-إيه يا هالة معقول نايمة لحد دلوقتي من ساعة ما سيبتك ؟ إيه النوم ده كله يا حبيبتي إحنا بقينا المـ آ ا ...


بتر عبارته فجأة ..


حين ولج إلى الغرفة لترصد عيناه خزانة الملابس مباشرةً... حيث إنهالت عليه الصدمة.. عندما رآها مفتوحة على مصراعيها و فارغة تمامًا.. إلا من ثيابه و أغراضه هو فقط


أما "هالة"... فلا أغراضها.. و لا هي نفسها.. لهم وجود من حوله.. خواء... محض خواء تام !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ................................................... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


يتبع ...


هانكمل إنهاردة كمان إن شاء الله 🌹

( 37 )


_ هدنة قصيرة ! _


بحث عنها في كل مكان بالقصر.. كان شيئًا عجيب !


ألا يجدها بغرفتهما... أو حتى بغرفة الأولاد.. و لم تكن برفقة أمه.. إذ تركها للتو ليصعد إلى زوجته و يطلعها على دعوة الزفاف التي تلقاها الليلة و إياها


لكنه لم يعثر عليها ...


كان القلق قد بدأ يساوره، حتى أنه هبط للأسفل و خرج إلى الباحة باحثًا عنها.. فتش في كل مكان و جاب أرجاء الحديقة الشاسعة بوجهاتها الأربعة... كاد يذهب نحو البوابة ليسأل عنها أفراد الحراسة.. لعلها غافلته و خرجت رغم أنه لا ينفك يشدد على الأمن بألا يسمحوا لها بالخروج إذا لم يكن هو برفقتها، و أن يمنعوها أيضًا بطريقة مهذبة غير مباشرة حتى يعطونه خبرًا أولًا ...


يراها "عثمان"... و هو يستدير فجأة.. رفع وجهه لأعلى أكثر، فقد كانت تقف بأعلى قمة بالمنزل، السطح المسيّج و الذي يتفرد بالطابق الخامس و الأخير للقصر المنيف


لم تلاحظه كما يرى، و كانت تعتمر حجابها الآن.. تنفس "عثمان" الصعداء مطمئنًا لوجودها أمامه.. و بدون أن ينتظر أكثر إنطلق ذاهبًا إليها ...


كان السطح له بابًا.. و كان هذا الباب مواربًا، فدفعه "عثمان" برفق كي لا يصدر له صوت... و مشى ناحيتها بخطوات صمّاء.. كان يقف إلى جوارها في أقل من ثوانٍ


وجوده صار ملحوظًا الآن.. لكنها بدت غير عابئة... فطنت إلى حضوره.. إنما ظلت على حالتها الغريبة.. فقط تقف و تستند بمرفقيها إلى السور العريض.. و تسبح بنظراتها في الأفق الملبّد بغيوم الخريف الساحلية تارة.. و تراقب أمواج البحر البعيدة الثائرة تارة أخرى


من مبهجات و رفهيات ساكني قصر "البحيري" هي إمكانية رؤية بعض المعالم الأبرز للمدينة من علوٍ.. و خاصةً الروضة الزرقاء الواسعة هناك.. البحر الذي لا يوجد له شبيه أو مثيل بأيّ مكان سوى هنا، بتلك المدينة الساحرة على الدوام ...


-عايز إيه يا عثمان ؟


تفاجأ "عثمان" من لهجتها الثابتة أكثر من سؤالها.. كان صوتها يتحلى بجمودٍ، ربما هو تبلّد، و لعل ذلك أكثر ما يخشاه.. لا يجوز أن ينال أيّ فتور من علاقتهما.. خاصةً بهذا الوقت.. لا يجوز أبدًا ...


-جهزي نفسك الليلة ! .. خرج صوته صلبًا بدوره، و أردف باقتضاب :


-معزومين على فرح في القاهرة ..


تلتفت له هنا.. فيقابل نظراتها الجوفاء بنظراتٍ باردة، بينما تقول بنفس الاسلوب المتبلّد :


-ماعنديش فستان !


عثمان عاقدًا حاجبيه بذهول :


-إيه ؟!


كررت "سمر" بايضاح أكثر :


-ماعنديش فستان مناسب.. كلهم وسعوا عليا أوي. إنت مش شايف جسمي خس إزاي !


عبس "عثمان" أكثر و هو ينقل ناظريه ليقيس جسمها من أعلى لأسفل و يتحقق من إدعائها... كانت ملابسها فضفاضة فلم يتبين بدقة.. لكنها أيضًا لم تبدو لعينيه أكثر نضارة و جمالًا... ربما لأنه يحبها.. يراها جذابة و جميلة حتى بأسوأ الظروف !!


-أوك ! .. تمتم "عثمان" هازًا كتفيه بخفة


مد يده إلى جيبه الخلفي، سحب جزدانه الجلدي، أخرج منه حفنة سخية من الأوراق النقدية ذات الأرقام العالية.. ثم قدمهم إلى زوجته قائلًا :


-إتفضلي.. هابعت معاكي السواق و إنزلي إشتري كل إللي نفسك فيه. بس أهم حاجة تكوني جاهزة قبل الساعة 6


لم تنظر "سمر" إلى النقود حتى.. إنما قالت بصرامة :


-رجع فلوسك في جيبك. أنا مش هاخد منك فلوس تاني. مش عايزة منك حاجة أصلًا !


-نعم ! قولتي إيه ؟!


سمر بصرامة أكبر :


-قلت مش هاخد منك فلوس.. مهما حصل ليا مش همد إيدي تاني لفلوسك و لا هاطلب منك حاجة


إزداد تعبير الذهول على وجهه و هو يستمع إلى كلماتها.. حتى فرغت... رفع يده و مسح على وجهه بقوة مغمغمًا :


-آاااه.. الجنان ده أنا عرفه. و الحالة إشتغلت تاني شكلها !


-بتقول حاجة ؟ .. تساءلت "سمر" بتجهم


أفلتت منه ضحكة معابثة فشل بالسيطرة عليها، لكنه سرعان ما قمعها حين شاهد العبوس ينتشر على قسماتها.. أخذ نفسًا عميقًا، ثم قال بصوت أكثر هدوءً :


-طيب يا سمر.. إيه رأيك ننزل سوا ؟ مش هاديكي فلوس حاضر. هانزل معاكي و هادفع الفلوس بنفسي.. تمام كده ؟!


لم ترد عليه، فاعتبر ذلك بمثابة الموافقة و أستطرد :


-يبقى متفقين . إتفضلي قدامي لو سمحتي ! .. و مد ذراعه للأمام بحركة لبقة


سمر بجمود : أغير هدومي الأول !


نهاها باشارة من يده :


-لأ زي ما إنتي كده.. إنتي زي الفل. يلا من فضلك عشان ننجز !


°°°°°°°°°°°°


و بالفعل... رافقت "سمر" زوجها حتى الأسفل بفمٍ مطبق.. إستقلّت إلى جواره السيارة التي تتسع لفردين فقط، كانت تلك السيارة بالنسبة له لا غنى عنها خاصةً بنهزاته معها، كان يفضلها دائمًا.. و هي أيضًا، حتى وقتٍ قريب !!!


-ما سألتنيش يعني هانروح فرح مين ! .. هكذا تساءل "عثمان" أثناء قيادته و بعد إجتيازه أسوار القصر


حانت منها إلتفاتة صغيرة نحوه، ثم قالت بجفاف و هي تحدق عبر زجاج النافذة بجانبها :


-عارفة.. فرح مراد صاحبك. سلاف مرات دكتور أدهم كلمتني من شوية و عزمتني بنفسها. لولاها ماكنتش وافقت أنزل معاك دلوقتي أساسًا


يرفع "عثمان" حاجبه مرددًا :


-لا و الله !


تمر لحظاتٍ على تعليقه الاستنكاري.. لتصدر عنها زفرة حانقة مفاجئة، ثم تعاود النظر إليه مغمغمة بانفعال مكبوت :


-أنا نفسي أعرف.. إنت إزاي بتقدر تعمل كده ؟!!!


أخذ "عثمان" ينقل نظراته بينها و بين الطريق و هو يتساءل :


-بعمل إيه مش فاهم !!


فتحت فاها لتنفجر بوجهه بشدة ...


لكنها أمسكت غضبها بأخر لحظة.. أغلقته ثانيةً و هزت رأسها للجانبين، أشاحت بوجهها عنه من جديد مغمعمة :


-و لا حاجة !


أطلق "عثمان" سبّة خافتة لم تنتبه "سمر" إايها مطلقًا... لم ينقصه كل هذا هو الآخر.. إذ كان غضبه لا يقل حدةً عن غضبها ...


لكنه رغم هذا عمد إلى تهدئة أعصابه و تحدث إليها برفقٍ :


-يعني إنتي يا سمر.. مش شايفة إنك غلطانة خالص ؟


علت زاوية فمها بابتسامة تهكمية و قالت بسخرية دون أن تنظر إليه :


-أنا دايمًا غلطانة يا عثمان.. إنت مش محتاج تفكرني كل شوية أو تثبتلي حاجة زي دي. أنا المعنى الحرفي للغلط !


تنهد بثقل و قد عجز عن مجادلتها.. لم يعرف كيف يتصرف أو كيف يفتتح الحوار معها مرةً أخرى... سدت المنافذ كلها بوجهه.. لتقع عيناه على مذياع السيارة أمامه، أشرق وجهه في هذه اللحظة بإبتسامة محمّلة بمشاعره القوية التي يكنَّها لها


و من دون ترددٍ مد يده ضغط زر التشغيل، ثم أمسك بهاتفه و أوصله لا سلكيًا بالمذياع.. أستغرقه الأمر بضع لحظات حتى عثر على الغنوة التي لطالما آنسته و أسهدته أيضًا خلال فترة بعدها عنه لعامٍ و أكثر ...


-إسمعي معايا الغنوة دي ! .. قالها "عثمان" بصوتٍ عالٍ بعض الشيء لتسمعه جيدًا وسط النغمات الصاخبة


و تابع بحنينٍ مفعمًا بالشوق الجارف الدائم إليها :


-سمعتها بالصدفة بعد ما سبتيني علطول و روحتي تقعدي مع أخوكي ساعة الحادثة.. مابطلتش أسمعها كل يوم من ساعتها. حنى لما رجعتيلي تاني !


حركت "سمر" رأسها قليلًا لترمقه بطرف عينها، عندما تغلغلت الألحان بأذنيها و لمست شيئًا شديد الحساسية بداخلها.. و لا شعوريًا، إندمجت كليًا مع الكلمات ...


مَغْرَم . . مَغْرَم أَنَا بيك 


علطول و أَنَا صَابِر و صَبْرِي فِي هوايا 


دَلِيلٌ 


لَيْل وَرَا لَيْل 


و لَا دوقت النَّوْم 


شَوْقٌ و غَرَام 


لَا عِتَابَ و لَا لَوْمَ 


دَارِي أَنَا دَارِي 


حَيْرَتِي و مراري 


و أَنْت و لَا دَارِي 


يَا لَيْل . . يَا لَيْل . . يَا عَيْنُ 


أَنْت الحبيته 


و أَنْت اللَّيّ نَادِيَتِه 


مِنْ بَيْنِ النَّاسِ 


و أَنَا قُلْت خَلَاص 


و أَنْت بتهواني 


و فِي يَوْمِ تَنْسَانِي 


و أَنَا دوقت معاك 


طَعْمٌ الْإِحْسَاس 


و آه يَا زَمَان . . يَا زَمَانِي آه 


آهِ مِنْ الْعَيْنِ و اللَّيْلِ وَ الَآهٌ 


الصَّبْر جَمِيل 


قَالُوهُ فِي المواويل 


و الْقَلْب يَا دَوب 


يادوب يَرْتَاح 


ليّل يَا شَوْقٌ 


مَع صَبْرِي صَبَاح 


قَادِرٌ تَنْسَانِي ؟! 


طَيَّب إِنْسانِيٌّ ..


صَعُب أَنَا أَنْسَاكٌ 


و أَنَا رُوحِي معاك 


و أَفْضَل أَنَا إِدَارِيٌّ 


حَيْرَتِي و مراري 


و أَنْت و لَا دَارِي 


يَا لَيْل . . يَا لَيْل . . يَا عَيْنُ يَا لَيْل 


مَغْرَم . مَغْرَم أَنَا بيك علطول 


و أَنَا صَابِر 


و صَبْرِي فِي هوايا دَلِيلٌ ...


كانت في حالة غير متزنة.. بعد سماع هذا... و كأنها كانت بعالم آخر.. و عادت فجأة لأرض الواقع


حيث إرتعدت بقوة حين إنفتح باب السيارة من جهتها، أفاقت على الفور، لتكتشف بأنه قد توقف.. لا بد أنهما وصلا إذن !


تطلعت "سمر" إليه ...


كان يقف أمامها مادًا يده إليها، عبست في وجهه مجددًا و أعرضت عن مساعدته و العون المحبب الذي يقدمه لها، تمسكت بإطار السيارة و ترجلت بنفسها متجاهلة إياه ...


أومأ "عثمان" مبتسمًا و تجاوز تصرفها بسعة صدر.. أقفل سيارته، ثم إستدار لاحقًا بها تجاه ذلك الممر المفضي لهذا الصرح الخاص بأزياء النساء فقط، و ليست أيَّة نساء.. بل ذوات الجاه و سليلات العائلات الكبرى فاحشة الثراء


كان هذا بناء مكوّن من طابق واحد فقط... لكن مساحته الضخمة كانت باذخة الواجهة و كافية جدًا.. لو لم تكن "سمر" برفقة "عثمان" لما دخلت هذا المكان بسهولة.. و كأنه معروفًا من طريقة تعامل الجميع معه، بدايةً من أفراد الأمن الذين أمطروه بالتحيات الحارة و العاملات الشابات بالداخل، وزعن عليه الابتسامات الرقيقة و الترحيبات


بينما هو كان شديد التحفظ رغم أنه لكان يرتأيها فرصة ذهبية لإثارة غيرة زوجته بعد ما رآه اليوم من برودٍ في تعاملها معه... لكنه لم يفعل ذلك، لأنه أيضًا يدرك بأنه أساء إليها في المقابل، و عوض التفكير بالتسبب لها بأيّ مضايقة.. ها هو قد أمسك بيدها أمام الجميع و سار بها للداخل.. حتى ظهرت هذه فجأة !


-مش ممكن عثمان البحيري بحاله عندنا !!!


كانت امرأة في أواسط الخمسينيات تقريبًا، مليحة الوجه إلى حدٍ ما، شعرها قصيرًا و مصبوغًا بشقرة تميل للبياض.. ما إن رأت عثمان حتى هرولت إليه فعليًا و أمام نظرات "سمر" الخاوية غير المقروؤة دنت منه لتحتضنه و تقبله على خديه ..


-أهلًا يا عثمان. خطوة عزيزة يا حبيبي ! .. أسرفت السيدة الجميلة في الترحيب به على هذا النحو


ليبتسم "عثمان" في وجهها قائلًا بكياسة :


-متشكر جدًا يا مدام شكيرة. أخبارك إيه ؟


-أنا كويسة.. بس إيه مدام شكيرة دي يا بابا ؟ أنا طنط شكيرة يا ولد. و لا إكمنك كبرت و بقيت راجل ملو هدومك و أطول مني هاتعاملني بالرسميات ؟ ده أنا كنت بغيرلك البامبرز و إنت بيبي !


ضحك "عثمان" معلقًا بحرج :


-Ops ! طيب بليز بلاش نمنشن الذكريات دي دلوقتي. أنا جايلك بمراتي يا طنط !!


نظرت "شكيرة" حيث أشار، نحو تلك الفتاة الضئيلة التي وقفت بجواره واجمة تمامًا ...


-أهلًا أهلًا يا حبيبتي ! .. رحبت بها بحفاوةٍ أيضًا


-بسم الله ما شاء الله. زي القمر يا عثمان. مراتك أحلى منك بكتير


عثمان مبتسمًا : أيوة عارف. و دي حاجة ماتزعلنيش.. سمر أحلى طبعًا


لم تعير "سمر" أيّ منهما إهتمامًا، كانت تعلم بأنهما لا يتفوهان سوى بالمجاملات.. و هي بالفعل قد شبعت منها حتى أصابتها التخمة و الغثيان !


-و عشان هي أحلى مني و في نظري أحلى ست في العالم كمان. جبتهالك بقى عشان تلبسيها أحلى حاجة عندك. حاجة قيّمة و في نفس الوقت محتشمة.. زي ما إنتي شايفة هي محجبة !


بقيت "سمر" تتابع حديثهما كمستمعة فقط، بينما ترد "شكيرة" كمن بوغتت :


-أنا كنت فكراك جاي توصي على حاجة لمامتك زي كل مرة. فاجئتني بصراحة لأني مش بصمم للمحجبات خالص و ماعنديش حاجة تناسب الحجاب مية في المية !!


-لأ أنا ماعرفش الكلام ده. إتصرفي يا شكيرة هانم.. إنتي أحسن Fashion designer في البلد. إن شاالله تعمليلها فستان و هي واقفة قدامك Special Piece. أنا مش هامشي من هنا بيها إلا و هي لابسة من عندك حاجة ماحصلتش. إحنا عندنا معاد الليلة و أنا مستعجل. و تحت أمرك في التكلفة طبعًا إللي تقولي عليه موافق


شكيرة بحيرة : مش حكاية تكاليف يا عثمان.. طيب. طيب أنا هاشوف هقدر أعمل إيه


عثمان بحزم : مش هاتشوفي. حضرتك هاتلبسي سمر أحسن حاجة ممكن تخرج من تحت إيدك ! .. و نظر بساعة يده معلنًا :


-معاكي ساعتين بالظبط


تنهدت "شكيرة" بعمق، ثم قالت بعد تفكير قصير مستسلمة :


-أوكي يا عثمان. عشان خاطر عيونك إنت.. و عيون القمر قبلك طبعًا !


و رمقت "سمر" بابتسامة حلوة، ثم نظرت له مستطردة :


-بس بالنسبة لك. مش محتاج حاجة و لا إيه ؟


عثمان بدهشة : إنتي بقيتي تصممي رجالي و لا إيه يا شكيرة هانم ؟!


قهقهت "شكيرة" بمرحٍ و قالت :


-لأ حبيبي دي بنتي تالا.. قسمت الآتيليه بينا و هي أخدت نصه و بتصمم للجنسين. حريمي و رجالي. بس إيه يا عثمان. ماقولكش على جمال شغلها


-لأ كده شوقتيني.. تمام. خدي إنتي سمر و اعملي اللازم. و أنا هاروح أبص على الشغل التاني


-أوكي. إتفضلي معايا يا حبيبتي !


يترك "عثمان" يدها هنا، لم تشأ أن تبين له إنزعاجًا مِمّ سمعت للتو.. ذهابه للتعامل مع فتاة أخرى، فتاة تكون إبنة هذه السيدة التي رغم كبر سنها تحوز جمالًا خارقًا... فماذا عن إبنتها يا ترى !!!


و كأنها وضعت حجرًا على قلبها... مضت مع السيدة من غير أن تلقي عليه نظرة.. بينما أخذتها الأخيرة إلى غرفة مستديرة... لم تكن سوى مكانًا للقياس تقريبًا.. أو ورشة لتنفيذ التصميمات، شيئًا من هذا القبيل


و بعد مرور ساعتين أو أقل.. اقتحمت العاملات المكان بدزينة من الفساتين و أدوات الأزياء، و كانت "شكيرة" تمارس عملها بمهارة منقطعة النظير.. حيث تمكنت بسهولة و بقدرٍ من التركيز أن تبدع قطعة خاصة بالفعل كما قال "عثمان"... في وقتٍ قياسي، قامت بتحويل ذلك الفستان الزهري نصف المكشوف إلى آخر يلائم امرأة محجبة كالتي أمامها.. أغلقته عليها باحكام و جعلته يبدو و كأنه خيط من البداية من أجلها


كان مبهرًا للجميع... و ل"سمر" أيضًا، عندما نظرت لنفسها بالمرايا المحيطة بها.. لم تستطع أن تنكر مدى روعة الشيء الذي ترتديه... رغم ذبولها و شحوبها، كانت فيه كالحورية في أوج اشتعالها !


لم تنتبه حتى تناهى صوته إلى سمعها فجأة بأنه قد عاد ...


إستدارت كليًا للخلف، لتجده يلج إلى الغرفة في حلة زرقاء و ربطة عنقه محلولة.. رأته يخاطب "شكيرة" و في نفس الوقت يبحث بعينيه عنها.. حتى وجدها علة يمينه، ليجمد بمكانه في الحال ...


-إيه رأيك يا عثمان ! .. تساءلت "شكيرة" و هي تعقد ذراعيها أمام صدرها و تعاين صنع يديها على جسم "سمر" بتفاخر


نظرت "سمر" إلى زوجها، لتجده يومئ برأسه مثنيًا على ما يراه :


-Perfect ! جميل جدًا يا شكيرة هانم. بجد تسلم إيدك


تمتمت "شكيرة" برقة :


-You welcome يا سيدي.. طيب. طالما عجبك أروح أحضر الفاتورة. و بالمرة أشوفلها شوز عندنا يمشي مع الفستان !


-إتفضلي ! .. ردد "عثمان" دون أن يحيد بعينيه عن زوجته


و في خلال ثوانٍ كانا بمفردهما.. فلم يعد يطيق صبرًا، و إتجه نحوها !!!


رفرف قلبها بشدة.. حين رأته مقبلًا عليها ببطء و نظراته تشملها بتفحصٍ لا يخلو من الإعجاب ...


و تلقائيًا علقت أنفاسها بصدرها و هي تستشعر الذبذبات الحارة المنبعثة من جسمه الآخذ بالاقتراب منها، حتى توقف أمامها مباشرةً.. المسافة بينهما لا تُذكر، لكنها لا يتلامسان... إلى أن أحست بكفه يقبض على يدها فجأة و أصابعه تتخلل أصابعها و تشتبك بهم بقوة دفعتها للإنهيار داخليًا و أطلقت أنفاسها المحبوسة برئتيها


أطبقت جفونها فورًا خشية أيّ خطوة يقدم عليها تاليًا، بينما يرفع "عثمان" كفه الآخر و يضعه على مؤخرة رأسها.. يقربها منه بتمهلٍ، ليفاجئها بقبلة رقيقة مطوّلة فوق جبينها.. ثم يبعد وجهه قليلًا لينظر بوجهها المحاط بحجابها الجميل و الذي أضفى عليها براءة و وقارًا في آن ...


-بحبك يا سمر ! .. قالها "عثمان" هامسًا بحميمية أيقظت كل مشاعرها الخامدة تجاهه مرةً واحدة


فتحت عيناها على وسعهما في هذه اللحظة، لتتصلا بعينيه الحادتين فورًا... إزدردت لعابها بتوتر و هي تمتثل رغمًا عنها للسحر الذي يبثه لها بنظراته، و من جديد أجبرت نفسها على تصديقه، خاصةً و هو يكرر نفس الكلمة ثانيةً و لكن بلهجة أكثر خشونة و كأنه يثبت لها مشاعره و ملكيته وحده إياها :


-بحبك !


و للمرة الواحدة... بعد الألف تقريبًا... فشل التظاهر و التمسك بالثبات، خانتها دموعها و فرت من عينها دون أدنى محاولة منها لمنعها، لكنها عندما حاولت إزالتها بظاهر يدها منعها


قبض "عثمان" بيده الأخرى على يدها الحرة.. دنى بوجهه من وجهها و طفق يقبل تلك اللآلئ المنتثرة على خديها، ثم يتمتم بحرارة أذابتها :


-أنا آسف.. و الله آسف. كل ما بوعدك إني هاتغير و هاخد بالي منك.. مابوفيش يا سمر. بس و الله غصب عني. وحياتك عندي !


إبتلعت "سمر" غصة باكية، و تركت لدموعها العنان تمامًا... لكن من دون عويلٍ كشيمتها أو حتى نشيجٍ ...


ضمها "عثمان" إلى صدره، أخذ يربت عليها و بمسح على رأسها بحنان و هو يقول بلطفٍ :


-طيب هاعملك إللي إنتي عايزاه.. و الله ما هازعلك تاني. بحلفلك. المرة دي لو على رقبتي.. مش هاعمل حاجة غير برضاكي.. بس نعدي الفترة دي. إديني فرصة أخيرة. هدنة قصيرة. و بعد كده مش هايبقى في مشاكل.. أوعدك يا سمر !


وعد ! وعد مجددًا !!!


لقد قالها بنفسه للتو... إنه لم يفي يومًا بوعده.. كيف تصدقه هذه المرة ؟ كيف تضمن حقيقة صدقه ؟


في الواقع ما من ضمانات... و هو كالعادة يعلم بأن لا خيار أمامها.. فما الفائدة من جوابها ؟ ما الفائدة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ..................................................... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


يتبع ...

( 38 )


_ سيئة الحظ ! _


لقد تغيّرت مئة و ثمانين درجة بالفعل كما يقولون.. ليس من بداية تعرفها إليه أو حبها و تعلّقها به.. و لا حتى لحظة إقترانهما ببعض... بل التغيّر الحق كان منذ اختبرت بنفسها عالم السحر و الما ورائيات ! 


إكتسبت مهارة خلال السنوات القليلة التي تلت زواجها في صد تلك الأشياء و التعامل معها بحكمة، كما ساعدت خبرة زوجها و علومه الصقيلة القيّمة في توجيهها إلى المسارات الصحيحة


لكن مع مرور الوقت، و خاصةً بعد رحلة عمرها كما أطلقت عليها، حيث ذهبت إلى" مكة المكرمة" برفقة زوجها لتأدية فريضة الحج.. منذ ذلك الحين و هي تزعم بأنها قد مُنحَت هبة.. هبة تخولها إستشعار المكاره و الأشخاص الأشرار السيئون.. يكذبها البعض.. و لكن زوجها يصدقها دائمًا.. رغم أنها تبالغ كثيرًا في بعض الأحيان و ما عليه هو إلا أن يجاريها و يتجاوب معها أيضًا.. و إلا فهي... !!!! 


كان منزل آل "عمران" يعج بالضيوف و الأقرباء، لقرابة الساعتين لم يبارح المدعوين التوافد الواحد تلو الآخر... و بينما تصدح المكبرات الصوتية من الأسفل تبث بعض الأناشيد و المدح الملائمة للزفاف الاسلامي المقام هذه الليلة، كانت "سلاف" تقف أمام الموقد تعد جمرات الفحم لتضعها بالمبخرة المصنوعة من الفخار 


أضافت بعض أعواد الصندل ذات الرائحة الشذية النفاذة، و قد أحدثت دوامة هائلة من الدخان.. فسارعت من فورها إلى الخارج تبحث عن أولادها.. الأخوة الذكور التوائم 


كانوا الصغار برفقة أبيهم بغرفة نومه... يباشرون بارتداء بذلاتهم إلى جانبه و يلهون يقنينة عطره الفاخرة أمام بصره المبتهج بهم.. و أثناء ما كان يعقد "أدهم" ربطة عنقه قبالة المرآة... شاهد إنعكاس زوجته و هي تأتي من خلفه بالمبخرة و تتجه مباشرة نحوه و نحو الصغار هاتفة بصوتٍ أجش لا يخلو من الجزع : 


-اللهم أخرج كل عين و حسد

اللهم أصرف كل داء عن الروح و الجسد

اللهم أخرج كل عين من حيث دخلت

اللهم رد البصر خاسئًا حسيرًا

اللهم أذهب حر العين و بردها و وصبها

لا حول و لا قوة إلا بالله.. لا حول و لا قوة إلا بالله.. لا حول و لا قوة إلا بالله ... 


طفق الصغار يسعلون من شدة إنتشار الدخان داخل الغرفة.. و قد بدأ "أدهم" يشعر بالاختناق هو الآخر، ليقول من حيث يقف بلهجته الهادئة : 


-يا سلاف.. أنا بحب البخور و الله و خشب الصندل بالأخص. بس بالطريقة دي هانتخنق يا حبيبتي.. من فضلك طفيه دلوقتي عشان الولاد ! 


لوت "سلاف" فمها ممتعضة، لكنها أطاعته و استدارت مولّية صوب الخارج.. عادت بعد لحظات من دون المبخرة، أخرجت الصغار من الغرفة و مضت نحو زوجها قائلة : 


-إيه يا أدهم ! و بعدين معاك يعني ؟!!! 


يلتفت "أدهم" إليها رافعًا حاجبيه بدهشة ... 


-بسم الله الرحمن الرحيم ! .. تمتم بتعجب 


-جرالك إيه يا حجة. أنا جيت جمبك ؟! 


عبست "سلاف" مغمغمة : 


-مش ملاحظ إن بقالك فترة بتقفلي على أقل تصرف بعمله !!! 


أدهم بذهول : كل ده عشان قولتلك طفي البخور ؟ يا حبيبتي الدخان كان مالي الأوضة و الولاد بيكحوا ! 


ردت بشيء من الانفعال : 


-و أنا يعني هأذي ولادي ؟ أنا بحصنهم و بحصنك قبل ما تشوفكوا العين 


ابتسم "أدهم" لها، و بلطفٍ رفع يداه و أمسك بكتفيها مقربًا إياها منه بالقدر الكافٍ.. ثم دنى بوجهه قليلًا من وجهها و تمتم : 


-يا سلاف الله يهديكي. أنا علمتك إن لفظ الجلالة لوحده حصن. الحكاية مش مستاهلة بقى بخور و ذعر مالوش مبرر يا حجة.. إنتي مؤمنة بربك الواحد الأحد و ماشية في الدنيا بارشاداته صح ؟ 


أومأت له دون أن تفه بكلمة، فاستطرد ببشاشته المحببة : 


-يبقى لما تتحصني بيه يكون باسمه لوحده. منغير بخور و الجو ده.. ماعلمتكيش كده يا سلاف. التصرفات دي بدعة.. و كل بدعةٌ ضلالة. و كل ضلالة .... 


-كل ضلالة في النار ! .. هكذا أكملت جملته بصوت أكثر هدوءً 


-الله ينور عليكي ! .. أثنى عليها بحبور شديد 


مسح على رأسها بحنان قائلًا : 


-خلي بقى خشب الصندل يوم الجمعة بعد الصلاة أحسن زي ماتعودنا. إنما الليلة فرح لازم ننزل نضايف الناس مش معقول هانبخرهم يا حجة و لا إيه ! 


ضحكا الإثنان معًا.. لتصيح "سلاف" فجأة كأنما لم تذكر له الأمر للمرة المئة : 


-أدهم إللي إسمه عثمان البحيري ده جاي و جايب مراته زي ما قولتلي مش كده ؟؟؟ 


قلب "أدهم"عيناه و هو يغمغم بسأم : 


-أستغفر الله.. و الله يا حبيبتي جاي. الراجل مأكد عليا من الصبح. ماتقلقيش جايين 


سلاف بعدائية سافرة : 


-ده يا ويله مني لو جه منغيرها. الراجل الرمرام ده ! 


يرمقها "أدهم" بنظرات مستنكرة و هو يقول : 


-ثانية بس كده.. سيبنا من رمرام دي دلوقتي. لكن إيه خير يعني. لو جه منغيرها هاتعملي إيه يا سلاف ؟! 


سلاف بحدة : لو جه منغيرها هاعرف إنه نكد عليها و بهدلها بزيادة.. و ساعتها هاياخدله مني إللي في النصيب 


-إللي هو إيه بقى إن شاء الله !! 


-إنت عارف إني فيا شيء لله. و أنا مش بدعي على حد و لا بتمنى الآذى حاشا لله ! .. و رفعت كفيها أمام ناظريه متظاهرة بالبراءة 


ثم أضافت بخبث ضمني : 


-كل إللي هاقوله حسبي الله و نعم الوكيل. و هقضي ليلتي كلها أصلي و أدعي للمسكينة مراته و ربنا يتصرف فيه بقى ! 


نظر لها "أدهم" عاجزًا عن الكلام و التعبير للحظاتٍ... ثم ضرب كفًا بالآخر و هو يقول بلهجة يائسة : 


-لا إله إلا الله.. ده ذنب الراجل و جزاؤه عشان سمحلي أدخل حياته ؟ هاتجيبه أجله يا سلاف. لا حول و لا قوة إلا بالله !!! 


______________


-إنتـي بـتقـولـي إيـــه يـا فـريــال هــانــم ؟!!! .. قالها "صالح البحيري" هادرًا بعنف شديد 


إنتفضت الرضيعة "ديالا" بين أحضان أمها إثر صراخ أبيها مباشرةً ... 


أنبته "صفية" بتوبيخٍ حاد : 


-إيه يا صالح إللي بتعمله ده وطي صوتك. فزعت البنت ! 


و قامت على الفور منسحبة من المجلس العائلي الصغير، غادرت غرفة المعيشة المجاورة للصالون الكبير بالأسفل و هي تهدهد رضيعتها الباكية لتهدأ قليلًا دون جدوى.. و لم تفطن أثناء مرورها إلى ذلك الظل الأنثوى المنعكس تحت قدميها.. ما إن توارت بالأعلى، حتى خرج الظل إلى النور ... 


تلك لم تكن سوى "نانسي الحداد".. وقفت بمحاذاة الجدار تسترق السمع للحديث المضرم بالداخل بين "فريال" و إبن شقيق زوجها .... 


-من فضلك يا صالح لازم تهدا شوية ! .. تمتمت "فريال" بتماسك عجيب 


لينفعل "صالح" أكثر و هو يهتف : 


-أهـــدا ! يعنـي إيــه أهـــدا ؟ و إزاي أهـــدا ؟ دي كـارثــــة.. إللــي عملتـه هــالة ده هــايقضـي علينــا كلنــا. مـش هـو خـالي ؟ أنا بقـى بـقولك خـلاص كلنـا روحنـا فيهــا


فريال بصرامة : لازم تهدا يا صالح عشان نعرف نفكر. العصبية عمرها ما هاتجيب نتيجة بالذات في الوضع ده.. إحنا كلنا في مركب واحدة. و أصبح دلوقتي بينا طرف غريب. لازم نتعامل مع الموقف بعقل و إلا هانخسر بجد


كاد "صالح" يفقد عقله و هو يرد عليها غير مستوعبًا : 


-أنهي عقل ؟؟؟ ردي عليا يا مرات عمي أنهي عقل ؟؟؟ العقل بيقول إن أبويا يشكر وزع نصيبه عليا أنا و أختي على حياة عينه عشان يضمن حقوقنا و مايبقاش فيه خلافات بين الأخوات زي ما كان بينه و بين عمي يحيى الله يرحمه. ده كلام العقل... لكن أنا عايز أعرف. فين العقل هنا في إللي عملته هالة ؟؟؟ تسلم شقانا و تعبنا لحد مش مننا. و لو جنية واحد مش من حقها تتصرف فيه و تكتبه على إسم حد برانا.. لكن هي باعت أساس. أساااااااس عيلتنا. إنتي عارفة خالي نبيل ممكن يعمل إيه خصوصًا بعد ما راحت الهانم و حكيتله البلاوي إللي عملتها ؟ طلعت نفسها شهيدة قدامه و صدرته لينا.. إوعي تستهوني بيه يا فريال هانم. نبيل الألفي مابيحطش حد في دماغه إلا و يجيبه الأرض !!! 


فريال بحزم : مهما كان إنت و هالة ولاد أخته. عمره ما هايفكر يجي عليكوا في أي حاجة.. أنا كل خوفي على عثمان. خالك مصمم يجي يقعد وسطنا. مش عارفة عثمان هايستقبل كل الأخبار دي إزاي. أو لما يلاقيه في وشه هنا.. هايتصرف معاه إزاي !!! 


و ظهر الهلع على قسمات وجهها بوضوح أكثر ... 


في المقابل يرد عليها "صالح" باستهجان فظ : 


-أسخم من ستي ألا سيدي !!!

الإتنين أ××× من بعض.. مع احترامي ليكي يا مرات عمي 


غضت "فريال" الطرف عن الإساءة و قالت بقلق : 


-عثمان مش هايسكت على إللي حصل. و عمره ما هايسمح لنبيل إنه يدخل البيت بصفة مالك أبدًا.. آنا خايفة على إبني يا صالح. حاسة إني هموت كل ما بفكر إنه ممكن يـ ... 


و لم تكملها ... 


أطبقت "فريال" فمها و هي تغمض عيناها بشدة محاولة إيقاف تدفق السيناريوهات السوداء بعقلها.. لتفاجأ بـ"صالح" باللحظة التالية يجثو فوق ركبته أمامها و يمسك بيديها قائلًا بلطفٍ : 


-فريال هانم.. يا مرات عمي. بليز هدي أعصابك. الموضوع خارج عنك.. ماتعمليش في نفسك كده لو سمحتي. إنتي لسا بتقولي نحلها بالعقل ! 


فريال بصوت مرتعش : 


-خارج عني إزاي يا صالح ؟ بقولك إبني.. إبني مش هايسكت. إبني الوحيد. عمري كله .. 


تنفس "صالح" بعمق و قطع لها وعدًا في الحال : 


-أوعدك.. مافيش حاجة وحشة هاتحصلنا. عثمان أخويا. مش إبن عمي بس.. و صدقيني أنا هاعرف أحل الموضوع ده منغير ما نقدم أي خساير. أو نخسر حد مننا.. بس إطمني و متخافيش. الضغط العصبي مش كويس عليكي يا فريال هانم. كلنا هنا عايشين بحسك إنتي ! 


تطلعت "فريال" بوجهه في هذه اللحظة.. رأت بعينيه تلك النظرة الصاغرة اللامعة... فأبتسمت رغمًا عنها و رفعت كفها لتربت على خده برفقٍ، و لم تتكلم بعد ذلك .... 


في الجهة الأخرى.. تتراجع "نانسي" بخطوات كالريشة، تفر إلى غرفتها و تغلق عليها الباب و هي لا تنفك عن التفكير بِمَ سمعت 


فعلى ما يبدو، أنها ليست الوحيدة التي تحيك المؤامرات ضد إبن "البحيري"... ما العمل الآن ؟ 


هذا خطبًا جلل بالطبع... يغير كل شيء !!!! 


______________ 


ساعة و سبع و خمسون دقيقة ... 


تلك كانت المدة التي قطعها "عثمان" من بداية طريق السفر من الأسكندرية إلى القاهرة.. و كانت هذه الزيارة الأولى لـ"سمر" بالمدينة التي لا تنام كما يطلقون عليها


كانت جميلة.. الشوارع و الضواحي الشهيرة منمقة، و بعضها مؤسس و مصمم على الطراز الإنجليزي، حيث بعض المناطق و الأبنية التي يعود تاريخ إنشاؤها إلى عصور الاحتلال.. فكم شهدت هذه البلد اعتداءات من كل شكلٍ و صنف ! 


لكن تظل الأسكندرية الأجمل بالنسبة لها على الإطلاق.. لا ترى أفضل أو أجمل منها ببحرها و شواطئها الفيروزية الساحرة ... 


مرةً أخرى، تمد "سمر" يدها إلى سقف السيارة الأمامي لتنزل غطاء المرآة الصغيرة حتى تتمكن من رؤية نفسها و إصلاح الفاسد من زينة وجهها، أو تعديل وشاح رأسها.. فقد مكثت طويلًا بالطريق معرضة للهواء تارة و متململة بمقعدها تارة 


رفعت الغطاء ثانيةً عندما تأكدت من حسن مظهرها و ضبط حمرة شفاهها الفاقعة.. فقد أصرت على إختيار هذا اللون عندما أخذها زوجها إلى أشهر صالون تجميل نسائي بالمدينة لتتجهز من هناك و ترتدي ثوبها الثمين الذي أشتراه لها بعد تعديله ليكون ملائمًا لامرأة محجبة مثلها.. و قد كلفه ذلك مبلغ و قدره 


لكنه بدا سعيدًا و هو ينفق عليها، كعهده دائمًا... يتمنى في كل مرة لو تطلب منه شيء بنفسها، ألا أنها لم تفعل قط، كل ما تطلبه منه يكون لغيرها و ليس لها هي !!! 


ارتعدت "سمر" فجأة، حين شعرت بيده الغليظة تحط فوق يدها الملقاة فوق مسند المقعد بجوارها... و من جديد نظرت إليه، شملته بنظرة فاحصة و الانتصار يلمؤها 


إذ تدخلت لأول مرة و بدافع من الغيرة في مظهره، عندما كانا بالآتيليه و رأت فتاة فائقة الجمال تلحق به و هو يقف معها بغرفة القياس.. تبيّنت لاحقًا بأنها تكون إبنة المديرة و علمت أيضًا بأن ما كان يرتديه هناك من إختيار تلك الفتاة، فخرجت عن صمتها فورًا و ذهبت لتختار له بنفسها ذلك القميص السماوي الفاتح و هذا السروال الأسود المصنوع من قماش القنب الناعم ... 


و للحق.. كان جذابًا أكثر في تلك الثياب التي أبرزت بنيته الرياضية و عضلات بطنه السداسية و صدره الواسع... كان هناك معطف له بالخلف، تحسبًا لتقلبات الجو، لكن بدا أن الطقس بالقاهرة معتدلًا، يميل للحرارة على عكس الأسكندرية .. 


أفاقت "سمر" مجددًا و صحى عقلها أكثر و هي تشعر بكفه و أصابعه تضغط حول كفها بشدة.. تحوّل تنفسها إلى لهاث خفيف و تفرست بملامحه الحادة الجميلة، و لم ينقصها سوى صوته ليذيب قلبها تمامًا، و هذا ما حصل فعلًا عندما فتح فمه ليهمس لها بعشقٍ : 


-بحبك ! 


اختلج النبض بشرايينها مرةً واحدة يعد سماع تصريحه المتجدد... إنه يكرر هذه الكلمة كثيرًا بالآونة الأخيرة.. أتراه يعنيها ؟ .. لو لم يكن يعنيها فلن يقولها... رجل مثله لا يكذب، بل أنه لم يكذب عليها أبدًا منذ عرفته، لم يحاول و لا مرة أن يخدعها أو يكذب في شيء... هذه الفضيلة الوحيدة التي تشهد له بها !! 


هل ذكرت بأن كل شيء بهذه المدينة منمق و مرتب ؟ 


لعل هذا صحيحًا... في بعض الأماكن.. لكن حركة المرور مكتظة بطريقة فظيعة... بالرغم من هذا وصلا في الأخير 


بالسير على الوصفة التي أملاها "أدهم" على "عثمان"... ها هو يتوقف أمام المنزل المضاء كليًا بستار من الأنوار الملونة، و الأناشيد الدينية، يستطيع أن يسمعها من مكانه 


سحب "عثمان" من درج السيارة كمامتان مغلفتان، ناول زوجته إحداهما و هو يقول أمرًا : 


-حطي الكمامة دي على وشك. لما ندخل حاولي ماتسلميش على حد بإيدك و ماتقربيش أوي من الناس.. معاكي كحول ؟ 


أومأت له مررة واحدة، فأردف و هو يضع الكمامة لها بنفسه : 


-أنا جيبتك معايا عشان تغيري جو و تشوفي ناس جديدة. بس من فضلك خدي بالك من نفسك كويس أوي.. إحنا مش هانطول هنا. ساعتين و هانمشي. و محضرلك مفاجأة.. مش هانرجع بيتنا إلا و إنتي راضية عني إن شاء الله ! 


عقدت "سمر" حاجبيها و هي ترنو إليه بنظرات ذاهلة ... 


يلاطفها و يعدها بالمفاجآت.. يفترض بها أن تسعد... و لكن بعد كل ما مرت به معه.. لا تريد أن تصدق اللحظة و الوعد.. لئلا تصحو على الواقع.. و واقعها مريرًا على الدوام... تلك لعنتها الأبدية.. محض فتاة سيئة الحظ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! .......................................... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


يتبع ...


هانكمل بكرة بإذن الله ❤

( 39 )


_ إنها الفتنة ! _


لم يتردد "صالح البحيري" لحظة عندما قرر المجيئ إلى هنا فور إنهاؤه الحديث الهام الذي دار بينه و بين زوجة عمه، و الذي يتعلق بمستقبل و مصير العائلة ... 


في الحقيقة أنه لم يدخر الكثير من الوقت و إنطلق مسرعًا بملابسه المنزلية المؤلفة من سروال و سترة يحملان توقيع أفخم علامة تجارية رياضية 


كان الحي الشعبي الذي يعرفه جيدًا صاخب كالمعتاد، الحركة فيه مستمرة و المتاجر المتنوعة لا تخلو من الناس.. بديهي، في زمن الوباء هذا يكون الإقبال على السلع الطبية و الغذائية تاريخيًا ! 


ركن "صالح" سيارته أمام المنزل الذي أمست تقطن فيه أخته، ترجل في الحال و سارع تجاه البوابة الصدئة غير عابئًا حتى بإغلاق السيارة ... 


إرتقى درجات السلم بسرعة فائقة، كان أمام باب شقتها في غضون ثوانٍ.. أخذ يقرع الجرس و يطرق الباب بقوة و إلحاح... و لكن لا مجيب 


إلى أن ظهرت تلك السيدة من ورائه فجأة ... 


-إيه يا حضرة إنت ده !!! 


إستدار "صالح" نحو الصوت الأنثوي، كانت امرأة ثلاثينية، متواضعة الهيئة و عادية الجمال.. وقفت أمام باب الشقة المقابلة ..


تطلع إليها عابسًا و هو يقول بصوتٍ أجش : 


-أنا آسف على الإزعاج.. بس بقالي شوية بخبط و محدش بيفتح ! 


السيدة بحدة : و ده خبط ده ! إنت فاضلك حبة و كنت هاتهلع الباب.. ماتعرفش تصطبر شوية !! 


-أصطبر ! .. ردد "صالح" رافعًا حاجبه بدهشة 


لكنه تجاوز أسلوبها المتدني و تابع بلهجته الجادة : 


-طيب حضرتك ساكنة هنا مش كده ؟ ماشوفتيش الأستاذ فادي و مراته خالص أنهاردة ؟! 


-البشمهندز فادي لسا نازل من مافيش. و الست هالة مراته نزلت من الصبح مع واحد بيه كده قالت إنه قريبها ! 


-أوكي متشكر أوي. عن إذنك ! 


و تقدم يعدو من جانبها مهرولًا و متجاهلًا صياحها المليئ بالعبارات السوقية ... 


كان قد أخرج هاتفه ليجري الاتصال برقم شقيقته أثناء هبوطه للأسفل.. إنقطع الرنين لحظة وصوله إلى سيارته، فضرب الباب بقبضته العنيفة و السباب ينهمر من فمه بصخب إجتذب إليه أنظار المارة 


تمالك أعصابه بجهد، إستقل خلف المقود ثانيةً و شغل محرك السيارة و هو لا ينفك يغمغم من بين أسنانه : 


-قافلة موبايلك كمان يا هالة ؟ .. طيب. و رحمة أمي.. بس لما أشوفك. لما أشوفك ! 


و إنطلق عائدًا أدراجه نحو القصر .... 


_____________ 


الاحتفال على أشدّه.. خاصةً لحظة إتمام عقد القران، إنفجر الجمع الغفير صائحًا و تداخلت زغاريد النسوة.. رغم إن الحفل منقسم، الرجال في جهة و للنساء في جهة أخرى كما كان حفل زواج الدكتور "أدهم عمران" و إبنة خاله الفاتنة و الفتنة.. "سلاف البارودي" ... 


كان العريس... "مراد" يستقبل التهاني و المصافحات من الجميع راسمًا إبتسامة كبيرة على وجهه.. بدت عليه السعادة حقًا 


ما جعل "عثمان" سعيدًا لأجله بدوره، و مرتاحًا و هو يقبل عليه برفقة "أدهم".. و من دون مقدمات، مد يده و أمسك بكتفه مجتذبًا إياه للخلف بلطفٍ.. لم تكن تلك سوى حركة خفيفة للفت إنتباهه فقط


يستدير "مراد" باللحظة التالية، فتختفي إبتسامته فورًا، حين وقعت عيناه على صديقه المقرب... يكاد لا يصدق نفسه.. و الارتباك قد أبقاه صامتًا بشكلٍ كوميدي 


ليتخذ "عثمان" الخطوة التالية و يشده نحوه بقوة ليعانقه رابتًا على ظهره مرارًا و هو يتمتم له بصوته الخشن : 


-بتتجوز تاني من ورايا ؟ لو ماكنش الدكتور أدهم عزمني مش عايز أقولك كنت هاعمل فيك إيه... واحشني. واحشني يالا ! 


لم يستطع "مراد" أن يحجم من شوقه إلى صديقه أكثر من ذلك ....


رفع ذراعاه و عانقه هو الآخر بشدة و قد طارت كل العداوات و الخلافات السابقة كورقة بمهب الريح... و تلك الريح القوية ما كانت سوى صداقتهما، صداقة دامت عمرًا، و يبدو أنها مستمرة، إلى أجلٍ طويلٍ جدًا ....


°°°°°°°°°°°°°°°°° 


على الطرف الآخر ... 


الصوان الخاص بالنساء، جميعهن الآن حول العروس.. و الجدة التي نال منها الهرم بشكل محلوظ جدًا، كانت تدفعها "سلاف" بالمقعد المتحرك لتوصلها عند "إيمان" التي تزدان الليلة بالأبيض 


بالرغم من أنها تزوجت مرة من إبن عمتها و أقامت زفاف أسطوري و لديها طفلة أيضًا تلهو حولها بفستانٍ يلائم حجمها الصغير... لقد أقسمت بعد أن ترملت بأنها لن تتزوج و لن يمسسها رجلًا بعد زوجها و حبيبها، كان شابًا فاسقًا و لا خير يرجى منه .. 


لكنها أحبته و وقفت أمام الجميع من أجله.. حتى توفى، و حتى قابلت "مراد".. و يكون قريبًا منها أيضًا... من العائلة.. آتى منذ وقت قريب ليقيم بمنزلهم لفترة، و سرعان ما وقعت بحبه.. هكذا من غير إستئذان وطأ قلبها 


لماذا ؟ و كيف ؟ .. لا تعرف... كل ما تعرفه بأنه قد فاز بقلبها، و أنها الآن تحبه و لا ترى غيره.. لا تريد غيره ! 


تترك "سلاف" جدتها عند العروس، تمضي عائدة نحو ضيفتها الخاصة.. تمكنت "سمر" من رؤية عيناها الضاحكتان من أسفل النقاب 


تبسمت لها بدورها و ألقت عليها التحية فور وصولها مصافحة إياها و متجاهلة تعليمات زوجها الوقائية : 


-مساء الورد يا سوفا. ألف ألف مبروك عليكوا يا حبيبتي ! 


قبلتها "سلاف" على خديها و شدت كرسي لتجلس بجوارها و هي تقول : 


-الله يبارك فيكي يا أم يحيى.. خطوة عزيزة. بجد فرحت لما شوفتك 


سمر بإمتنان : ربنا يحفظك يارب. أنا ماحبتكيش من شوية. إنتي غلاوتك في قلبي كبيرة. عمري ما هانسى إللي عملتيه معايا.. كنتي أخت بالظبط


-القلوب عند بعضها و الله يا حبيبتي .. ثم قالت بلهجة ذات مغزى :


-و إن شاالله تكوني بخير و أحوالك تمام دلوقتي ! 


رمقتها "سمر" بنظرة مجفلة ... 


توقعت أن تسألها عن تلك الخصوصيات التي ترمي إليها الآن، لكن ليس بهذه السرعة... لقد بوغتت !!! 


-شكلك مش كويسة يا أم يحيى ! .. قالتها "سلاف" بحذاقة لا تخيب 


و كشيمة "سمر" الهشة دائمًا، لم تستطع السيطرة على مشاعرها الدفينة.. و كأنها بركان يهدد بالانفجار 


بإعجوبة واصلت قمعها، فقط راحت تحملق بعيني الأخيرة بصمتٍ و الدموع الساخنة تترقرق بمآقيها ... 


تمتمت "سلاف" و هي تهز رأسها بشيء من العصبية : 


-و الله كنت عارفة.. طيب. خلاص. خلاص إهدي ! 


و تطلعت حولهما للحظاتٍ، ثم أمسكت بيدها و قامت قائلة : 


-تعالي معايا يا أم يحيى ! 


-على فين يا مدام سلاف ؟! .. تساءلت "سمر" و هي ترفع رأسها صوبها 


أجابت "سلاف" بحزمٍ : 


-البيت مليان على آخره. و أنا عايزاكي في كلمتين.. تعالي نطلع برا شوية ! 


لم تجد "سمر" فرصة للإعتراض أو حتى التفكير.. سحبت حقيبة يدها و مشت مع مضيفتها بفمٍ مطبق ....


°°°°°°°°°°°°°°°°° 


تحوّل العرس بين لحظة و الأخرى إلى نادٍ رجالي حقيقي ... 


كان الجميع يتراشقون بالنكات و المداعبات حول العريس تارة، و بين بعضهم بعض تارة.. كان هناك مرح كبير، لكنه بالطبع خلا من أيّ تجاوزات في حضور الدكتور "أدهم" بالأخص 


ليستحوذ "عثمان" فجأة على صديقه، فيذهب ليجلس بجواره.. و بعد وصلة من العتاب و الاعتذارات المتبادلة.. يقفز المرح بينهما، فيقول "عثمان" مشاكسًا بوقاحةٍ : 


-إيه يا عريس.. قاعد منشّي كده ليه ؟ مش أول مرة دي. أساعدك طيب ؟! 


أدار "مراد" رأسه نحو "عثمان" و قال بلهجة زاجرة : 


-بقولك إيه يابن البحيري. ماتهزرش في الحاجات دي معايا. أنا بتجوز مش بلعب ! 


إنفجر "عثمان" مقهقهًا و قال : 


-ياض قصدي أساعدك.. أديك نصايح يعني إنت فهمت إيه ؟ 


-لا ياخويا وفر نصايحك دي. أنا تمام 


-يا رااااجل ! فكر طيب. أنا هامشي و هاسيبك !! 


و غمر له بشقاوة 


مراد بنظرة مغترة : 


-شايفني عيّل و لا إيه ؟ و لا ناسي عمايلنا السودا قبل ما ربنا يهديك و تتجوز ؟ ماتقلقش عليا.. شد من هنا و إنت مطمن يا حلاوة ! 


أمال "عثمان" رأسه صوبه و هو يهمس له محذرًا : 


-طيب احترم نفسك. بدل ما أقوم وسط الرجالة دي و أقولك الحلاوة دي تعمل بيها إيه يالا !!! 


ضحك "مراد" بانطلاق و سارع بكم فاه صديقه خوفًا من أن ينفذ تهديده بالفعل.. فهو يعرفه جيدًا ... 


-بتعمل إيه يا مراد باشا !! .. قال "أدهم" هذا و هو يلتفت مقبلًا عليهما 


تطلع الصديقان إليه، بينما يقول بابتسامته العذبة و لهجته الوقورة اللطيفة : 


-أنا سمعت كل حاجة خلاص.. الله يهديكوا. بس أد إيه إنت كنت مؤدب منغير صاحبك.. على رأي المثل. حلة و لاقت غطاها ! 


أزال "عثمان" كف "مراد" عن فمه، و قال ضاحكًا و يسدد له لكمة خفيفة بكتفه : 


-ده صديق السوء ده يا دكتور.. سبحان الذي هدانا لهذا. و ما كنا لنتهدي لولا أن هدانا الله ... 


ضحك "أدهم" بدوره و قال موافقًا : 


-آه و الله عندك حق.. يهدي من يشاء و كله بمشيئته. ربنا يثبتكوا ! 


عثمان / مراد : آمين يارب ! 


و على حين غرَّة... و كأنها قوة جذب مغناطيسية، لمح "عثمان" و هو يجلس مكانه طيف زوجته و هي تعبر إلى خارج المنزل إلى جانب ظلًا أسودًا ... 


عبس بشدة و قد تلاشى مرحه في ثانية، و من دون أن يقول كلمة.. قام من مكانه منسحبًا ورائها كلمح البصر !!!


°°°°°°°°°°°°°°°°° 


-يعني إنتي عاملة في نفسك كل ده على مافيش !!! .. قالتها "سلاف" بلهجة ملؤها الدهشة 


كانت "سمر" تقف مقابلها مستندة إلى سيارة زوجها التي لا تزال دافئة... كانا ذراعيها معقودين أمام صدرها.. لقد أجابت على أسئلتها حتى الآن بشقّ الأنفس، رغم أنها أسئلة خاصة جدًا.. فلم تشأ إلتزام الصمت وصولًا إلى تلك النقطة 


ردت فقط حفاظًا على أعصابها الماضية نحو الانهيار ... 


-ما إنتي سمعتيني دلوقتي و أنا بقولك.. أنا خوفت ! 


سلاف باستنكار : خوفتي من إيه يا سمر ؟؟؟ 


أخذت "سمر" تتململ بمكانها و هي تقول بصعوبة : 


-خوفت من رده.. هو قالي مستعد يشرحلي كل حاجة. مستعد يجاوبني و يقولي ليه عمل كده.. بس أنا مش واثقة في كلامه. مش واثقة في إللي ممكن يقوله. إذا كان مقنع و لا لأ. إذا كان شيء يستحق إللي عمله !! 


قطبت "سلاف" حاجبيها قائلة بتعجبٍ : 


-يعني هاتفضلي كده كتير ؟ أنا عارفة إني مدخلة في حياتك جامد.. بس ده مش من فراغ. أنا يا سمر لما شوفتك في حاجة جوايا زعقت و قالتلي لازم أفضل جمبك.حتى قبل ما أشوفك أقسملك بالله. أنا مؤمنة إن ربنا بيسخر عباد لعباد. و إنتي زي ما عرفت منك وحدانية قدام جوزك و عيلته.. من حسن حظك إنك قابلتيني ! 


نظرت "سمر" لها و قالت بريبة : 


-يعني إنتي عايزاني أعمل إيه ؟ أنا مش أد إني أقف قصاده أصلًا.. و أنا مابحبش المشاكل أيًا كانت 


-إنتي إيه السلبية إللي فيكي دي !!! .. غمغمت "سلاف" بغيظ شديد 


-ما تاخدي موقف بقى. إطلبي الطلاق ! 


علّقت "سمر" على الفور و الذعر ملء صوتها : 


-طلاق إيه ! لأ.. لأ طبعًا. أنا مقدرش أعمل كده ... 


رمقتها "سلاف" بنظرات ذاهلة و قد أخرستها صدمة الرد... بينما تستطرد "سمر" بلهجة متوترة : 


-هو صحيح أكتر راجل أناني و إستغلالي و عديم الرحمة قابلته في حياتي.. بس في طفل بينا. و كمان أنا. أنا بحبه ! 


-طيب ياستي كتر خيرك و الله على آخر كلمة دي مش عارف أقولك إيه بجد !!! 


جمدت الدماء بعروقها حين تناهى صوته إلى مسامعها في هذه اللحظة.. لم تكن لديها شجاعة كافية لتستدير خلفها الآن... حيث بالتأكيد هو يقف هناك 


لكنها فعلت في الأخير... إذ سرعان ما أدركت بأن المواجهة بينهما دائمًا حتمية.. مهما كافحت لتتفادى ذلك ... 


حبست أنفاسها عندما رأته بوجهها هكذا.. كان أقرب مِمّ توقعت... و نظراته الفتّاكة لم تكن تشملها هي فحسب، لقد كان يرشق "سلاف" لأول مرة علانيةً و كأنه يناصبها عداء قديم 


كان يبدو أن الشيء الوحيد الذي يمنعه عن دق عنقها هو أن امرأة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ............................................................... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


يتبع ...


هانكمل بكرة تاني إن شاء الله ♥️ 


هو المفروض #بارت إمبارح و الليلة و بكرة يكونوا سوا مرة واحدة.. لكن بجد في مشغوليات و إلتزامات كتير الفترة دي، أخلص إللي ورايا بإذن الله و أتفرغ ليكوا تمامًا ♥️♥️

( 40 )


_ النهاية ! _


ينفجر هدير محرك السيارة عاكسًا غضب سائقها، ليطير الغبار من الخلف بالجوانب لحظة إنطلاقها.. بينما يقف "أدهم".. بجواره زوجته أمام منزلهم الذي لا يزال يضج بأجواء الاحتفال 


كان يلوّح بيده مودعًا لصديقه الجديد و حرمه، ملامحه تتسم بالدهشة، لقد غادر أسرع مِمّ ينبغي.. حتى أنه لم يستأذن "مراد" و لم يلج ليراه قبل أن يذهب من فوره هكذا 


لولا أن تبعه "أدهم" بعد أن رآه ينسحب من مجلس الرجال بطريقة تسير الريبة.. وجده يقف أمام المنزل إلى جوار زوجته، و كانت "سلاف" معهما ... 


"سلاف" ! 


نعم "سلاف" ... 


-هو إيه إللي حصل يا سلاف ؟! .. قالها "أدهم" متسائلًا و قد استدار بالكامل نحو زوجته 


رفعت "سلاف" عيناها متطلعة إلى وجهه ذي التعابير الجادة، أخذت نفسًا عميقًا من أسفل النقاب و أجابته بهدوء : 


-ماحصلش حاجة يا حبيبي. زي ما الراجل قالك.. مش عامل حسابه يتأخر و لازم يرجعوا بسرعة 


أدهم بعدم اقتناع : 


-بس كده ؟ إيه إللي حصل قبل ما أطلع ؟ إيه أصلًا إللي طلعك مع مراته تقفوا هنا ؟؟؟ 


تأففت "سلاف" و قالت بضيق : 


-أدهم إنت بتحقق معايا ليه ؟ أنا هاخبي عنك حاجة مثلًا !!! 


-أنا ماقصدتش كده ! .. تمتم "أدهم" مجفلًا، لكنه عاد ليقول بحيرة : 


-بس إللي حصل غريب.. طيب ممكن تقوليلي إيه إللي طلعكوا هنا ؟!! 


سلاف بنفاذ صبر : 


-الست كانت مضايقة و شوية و كانت هاتعيط جوا قدام الناس. خدتها و طلعنا تشم هوا و تفضفض.. جوزها منه لله منغص عليها حياتها و قاهرها و هي لا بتهش و لا بتنش 


حملق "أدهم" فيها بقوة قائلًا : 


-الراجل سمعكوا و إنتوا بتتكلموا عليه ؟؟؟ 


لقلقت "سلاف" و هي تتهرب منه بنظراتها : 


-لأ ماظنش إنه سمع حاجة يا أدهم.. و بعدين إنت مكبر الموضوع ليه مشيوا خليهم يمشوا براحتهم. إحنا كده كده هانزورهم قريب 


فغر "أدهم" فاهه قائلًا : 


-نعم ! نزور مين ؟!! 


-أنا وعدت سمر نعملهم زيارة قريب في بيتهم إن شاء الله 


-في إسكندرية ؟!!! 


-أيوة يا أدهم.. بعدين بعدين أبقى أحكيلك على التفاصيل دي. يلا دلوقتي ندخل مايصحش نسيب ضيوفنا كده ! 


و تركته موّلية إلى الداخل، بينما يظل بمكانه محدقًا في إثرها دون أن يتخلى عن آثار الدهشة المستبدة به كليًا ....


°°°°°°°°°°°°°°°°° 


بجوار جسرًا نيليًا مضاء بالمصابيح الملوّنة.. اختار "عثمان" مكانٍ جانبي قليلًا خالٍ من الناس، و فرمل سيارته فجأة 


أطلقت "سمر" شهقة قوية عندما ارتطمت بمقعدها بعنف، لولا حزام الأمان لكانت طارت عبر الوجهة الأمامية للسيارة ... 


لم تكد تلتقط أنفاسها من أثر المفاجأة المفزعة، لتسمع صوت زوجها من جانبها ينطلق بلهجة خفيضة لا تخفي غضبه المشحون أبدًا : 


-عشان كده وافقتي تيجي معايا رغم كل إللي عملته معاكي اليومين إللي فاتوا.. عاجباكي مدام سلاف يا سمر ؟ ده أنا إللي طلعت غبي. و قال إيه مطمنلها و مآمن عليكي معاها.. أتاريها بتشحنك ضدي !!! 


تجمّدت "سمر" مكانها، لا تدري كيف تتصرف أو بِمَ ترد حتى .. 


تفاقم شعوره بالحنق مع استمرار صمتها المثير للأعصاب، فامتدت يده نحوها و قبض على ذراعها ليديرها صوبه صائحًا : 


-بوصيلي و أنا بكلمك. الست دي بتعصيكي عليا من إمتى ؟ و إنتي بتسمعيلها !!!! 


سارعت "سمر" تنكمش على نفسها في هذه اللحظة و قد خالت بأنه سيضربها حقًا.. إرتبك "عثمان" لوهلة لرؤية ردة فعلها 


تمالك أعصابه معبئًا نفسًا عميقًا إلى رئتيه، أرخى قبضته حول ذراعها و عاد يقول بصوت أكثر لينًا : 


-سمر.. من فضلك قوليلي إنك ماكنتيش بتسمعي نصايح الست سلاف هانم الفترة إللي فاتت. قوليلي إن تصرفاتك الخشنة و الوش الخشب إللي كنتي مصدراه طول الوقت كل ده مش بسببها و تنفيذ لوصاياها.. ردي عليا يا سمر !!!! 


-يعني إنت إطـرشـــت ؟؟؟ .. قالتها "سمر" بصراخٍ مقهور و قد تلوّن وجهها بحمرةٍ قاتمة في ثوانٍ 


أدارت رأسها إليه ...


نظر لها بصدمة في البادئ.. لتستطرد دون أن تمنحه فرصة للرد : 


-ما إنت سمعتني و أنا برد عليها.. جيت بالظبط و أنا بقولها إني مقدرش أسيبك و لا أطلب الطلاق. سايب كل إللي قولته و ماسك في كلامها هي ؟؟؟؟؟ 


-نسيتي أهم حاجة قولتيها ! .. تمتم "عثمان" بهدوءٍ غريب 


رمقته بنظراتٍ عابسة، لشدة غضبها لم تفك لغز ما يرمي إليه بسهولة... حتى قال من جديد دون أن يقاوم ابتسامة انبلجت على محياه الوسيم فجأة : 


-قولتي إنك بتحبيني... صحيح يا سمر ؟! 


كشرت "سمر" في وجهه و لم ترد، جاءت لتشيح عنه للجهة الأخرى، فلحق بها قبل أن تفعل تمامًا و أمسك بذقنها بين سبابته و إبهامه، و أجبرها على النظر إليه مرةً أخرى ... 


-أنا سمعتها قبل كده كتير ! .. قالها بضحكة خافتة، و أكمل بشيء من الجدية : 


-بس كل مرة كنتي بتقوليها في وشي... أول مرة تقوليها في ضهري. و إنتي فكراني مش سامعها.. ممكن تقوليها تاني عشان خاطري ؟!! 


أطلقت "سمر" زفرة نزقة و دفعت يده بعيدًا عنها، لكنه لم يسمح لها بذلك و أخذ يستخدم كلتا يداه للسيطرة عليها خاصةً عندما بدأت تقاومه أكثر ... 


-إوعى بقى. ماتخنقنيش !!! .. غمغمت بغصة ملؤها الأسى 


ضحك "عثمان" و هو يقول محاوطًا إياها بذراعيه رغمًا عنها : 


-أخنقك يا سمر ؟ كمان اتعلمتي الردود دي ؟ سرها باتع أوي الست سلاف ... 


نطق آخر كلمة بغيظٍ عارم.. بقى ممسكًا بها حتى همدت حركتها تمامًا و استكانت بين ذراعيه، فتنهد بقوة مغمغمًا بخفوتٍ : 


-طيب ياستي حقك عليا.. أنا غلطان. أنا آسف يا سمر حتى لو مافيش حاجة أتأسف عليها دلوقتي ! 


أحس بسخونة متزايدة تغزو بشرتها، و سرعان ما تلمس بأنامله سيل دموعها المنساب على خدها ببطء شديد .. 


أغمض عينيه بشدة و صمت لهنيهة، ثم قال متعهدًا : 


-أقولك حاجة يا سمر ؟ هاقولك على كل حاجة.. المرة دي وعد. كل حاجة هاتعرفيها. بس مش الليلة. الليلة بتاعتنا.. بكرة الصبح هانقعد و هاقولك على كل حاجة 


رفعت "سمر" وجهها لتنظر إليه، كانت نظراتها مكسوّة بالدموع، و لكن صوتها خرج طبيعيًا حياديًا : 


-لو كلامك هايزعلني.. أو مش هايقنعني. يبقى أحسن ماتقولوش خالص يا عثمان. أنا عارفة إن مش بتكدب.. لكن مش شرط يكون معاك حق في كل حاجة ! 


كانت أصابعه تجد طريقها إلى رأسها، من أسفل وشاح رأسها.. تسللت يده ببطء، و عقد أنامله بشعرها 


ضربتها ذكربات الأبام الخوالي على الفور... تلك حركته المفضلة.. كانت دومًا ما تثيره بغلافها الذي يصعّب عليه امكانية وصوله إليها بسهولة ... 


تحركت يده الأخرى على عنقها، ثم إلى صدرها، ثم إلى خصرها.. ليهمس لها في الأخير بينما كانت قد تحوّلت إلى قطعة حديد منصهرة بين يديه بالفعل : 


-أنا واثق إني هاقنعك.. طالما بقيت واثق من حبك ليا يا سمر. أي حاجة تانية مش قلقان منها ! 


إزدردت ريقها بتوتر تحت وطأة ما يفعله بها، هنا.. في الخلا هكذا... و كأنه قد قرأ أفكارها، رأته يتطلع ورائها مدمدمًا : 


-بس نمشي من هنا الأول. قبل ما يكبس علينا أمين شرطة و لا حاجة و أنا مش شايل معايا القسيمة. هانتبهدل في أقسام القاهرة .. 


و أبعدها عنه برفقٍ ليقوم بتشغيل المحرك من جديد و ينطلق إلى الوجهة التالية... كانت تسيطر على ضحكتها بصعوبة الآن، فقالت بدعابة ذات مغزى : 


-إبقى طلعلهم الورقة العرفي ! 


رمقها "عثمان" من طرف عينه قائلًا بلهجة حادة : 


-الورقة العرفي إتحرقت من زمان يا بيبي 


ندت عنها نهدة مقتضبة قبل أن تسأله بفضول و هي تزيل الدمع العالق بأهدابها بظاهر يدها بحركة طفولية محضة : 


-طيب إحنا رايحين فين دلوقتي ؟ 


تحركت السيارة بهما، إتجه "عثمان" نحو الجسر ليعبر من فوق نهر النيل المهيب.. أجابها و هو يصوّب ناظريه إلى نقطة شاهقة بعيدة و تحفة معمارية عظيمة : 


-Four Season Cairo Nile Plaza !

أحسن آوتيل في القاهرة.. أنا قلت ماينفعش نعدي أول زيارة ليكي في القاهرة عادي كده. و أخترتلك جناح تقدري تشوفي منه المدينة كلها ... 


و حانت منه إلتفاتة قصيرة نحوها و هو يضيف مبتسمًا بحب : 


-مش هاسيبك تغمضي عينك خالص الليلة دي.. لازم أثبتلك كويس أد إيه أنا كمان بحبك يا سمر ! 


______________


شعر بتيارٍ من البرودة يجتاح الأجواء فجأة ... 


لقد عتمت السماء على آيَّة حال، منذ ساعات و هو يجلس و يراقب العتمة و هي تحل شيئً فشيء.. يراقب بلا هدف 


هنا... بأحد أرقى الأحياء بالمحافظة قاطبةً.. "سان ستيفانو"... محل إقامة زوجته الجديد 


هاتفته "هالة" بعد عودته إلى البيت مباشرةً، و كأنها تضبط ساعتها على مواعيد حضوره.. لم تمهله فرصة، حتى أنه لم يفيق من الصدمة بعد... صدمة هجرانها إليه 


لعله بقى جالسًا بهذا الشكل لأجل ذلك السبب ! 


كان المنزل خلفه تمامًا، جاء إليها فورًا، لكنه لم يصعد حتى الساعة.. إنما اختار أن يجلس فوق ذلك المقعد العريض، أمام الشاطئ، يسمع و يرى مويجات البحر الثائرة من على بعدٍ.. و يفكر... يشرد كثيرًا 


لكن كما يبدو، لا شيء خرج به من كل هذا التفكير المضنٍ، و يظن أيضًا بأنه لو أطال أكثر لن يأتِ بأيّ نتيجة.. فماذا ينشد الآن ؟ ما الذي ينتظره ؟ لقد أوضحت زوجته موقفها بكل وضوح... كل شيء صار واضحًا 


بقيت خطوة واحدة فقط... هو من عليه أن يتخذها، هو لا غيره !!! 


تحسس "فادي" جيب سترته الخارجي، أستل هاتفه و قام بتشغيله بدون تردد... و ما إن نشطت بياناته حتى وجد رقمها يقفز على الشاشة 


رباه ! 


لقد حاولت الاتصال به لمئات المرات حرفيًا.. يا لصبرها، ماذا تريد منه بحق الله ؟ لِمَ كل هذه اللهفة عليه بعد الذي فعلته ؟!!! 


ابتسم "فادي" بسخرية و هو يرفض الاتصال من جديد .. 


تنهد بثقل، ثم قام من مكانه بتباطؤ و توجه نحو بوابة المنزل... أخذ المصعد، ليصل عند الطابق الذي أملته عليه 


توقف أمام باب شقتها، همّ بقرع الجرس بيده السليمة، لكنه لم يلحق القيام بذلك... ليجد الباب ينفتح فجأة و تظهر هي من ورائه بطلتها الآخاذة 


كانت تعبيرًا عن اللهفة حقًا، كانت مدهشة بالنسبة إليه.. لكنها كانت موقرة، أنيقة و جميلة.. كشيمتها، كما هي في الأصل.. مثالية و فاتنة دون أدنى مجهود ... 


-فادي ! .. نطقت إسمه بلوعةٍ لا تخلو من الانفعال المكبوت 


-قافل موبايلك ليه ؟ قلقتني عليك أوووي !!! 


أجفلت باضطراب و هي تنظر إلى وجهه صلد التعابير، تنحت جانبًا في الحال و دعته للدخول بلهجة غير واثقة : 


-إدخل يا فادي.. في كلام كتير لازم نقوله. و أنا كنت عاملة حسابك معايا على الغدا بس إنت إتأخرت شوية. مش مشكلة أنا ثواني و آ ا ... 


-لميتي هدومك و مشيتي بعد ما نزلت علطول !! 


هكذا قاطعها بصوت خالٍ من المشاعر ... 


تطلعت "هالة" إليه، منعتها غصة مريرة من الرد عليه.. لينفرج ثغره بلحظة عن ابتسامة مبهمة و هو يقول : 


-يعني كل كلمة قولتيها كانت كدب ؟ حياتك معايا.. و الأيام إللي فاتت. كلها تمثيلية ؟ كنتي بتكدبي عليا يا هالة رغم إني خيرتك و قولتلك مستعد أرجعك لأهلك و أسيبك بالمعروف ؟!!! 


تلاحقت أنفاسها و ترددت بصدرها على غير هدى.. لا زالت غير قادرة على النطق أمام عبارته القادحة مرارةٍ على طريقته... لقد كسر عزيمتها حتى الكلام الذي حضرته لتلقيه على مسامعه.. نست كل شيء الآن 


لكنه هو لم ينسى ... 


-أنا حبيتك يا هالة ! .. قالها "فادي" بلهجة غير متزنة 


-و أنا حبيتك !! .. ردت أخيرًا بلا تردد


-ممكن تديني فرصة ؟ خلينا نتكلم.. أنا مغدرتش بيك زي ما إنت فاكر. أنا حاولت أحمي نفسي. منغير ما أحمي نفسي لا هقدر أحبك و لا هقدر أقف على رجليا و أكمل حياتي عادي.. نفسي تفهمني يا فادي. أنا مش وحشة أوي صدقني ..


ذعرت "هالة" عندما رأت عينيه تلتمعان بشيء من الدموع ... 


تركت مقبض الباب و كادت تهرع إليه... ليوقفها بإشارة من يده.. جمدت محلها بالفعل، بقيت بانتظار خطوته التالية 


استغرقه الأمر بضع لحظات، ما لبث أن أحكم السيطرة على نفسه ثانيةً.. رفع بصره إليها و رمقها بنظرة تحمل قسوة لم تعرف الطريق إليه قبل الآن 


إرتعش فكه السفلي و حشرجة كلماته تتصاعد بصدره، قبل أن يفتح فمه ليقول بغلظةٍ : 


-إنتي طالق يا هالة ! 


فغرت شفاهها عند نطقه بذلك.. وقعت تلك الكلمة عليها كالسوط، لكنها لم تفيق رغم ذلك من الصدمة.. و لم يعبأ "فادي" لشيء بعد هذا 


بل أولاها ظهره فورًا و مضى هذه المرة نحو الدرج... كان بحاجة لتفريغ أقل طاقة لديه.. و إلا فسينفجر بأيّ لحظة.. لقد كتب نهاية هذا الفصل من حياته و إنتهى، مع أن إنهاؤه لم يكن سهلًا كما بدا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ................................................ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


يتبع ...


أدعولي أقدر أنزل #بارت كمان بكرة أنا حبيت التدبيسة و الله طلعت أسهل 😂♥️♥️

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close