![]() |
( 21 )
_ ما من عودة ! _
لم يلتفت "فادي" مطلقًا لينظر إليها حتى.. بقى ساكنًا مكانه فقط، بانتظار أن تتكلم و تفشي حقيقة ما فعله بها أمام أبيها
كان هادئًا و يهيئ نفسه تمامًا لذلك، لكنه لم يكن يعرف كيف عساه يتصرف ما إذا طالب والدها بعودتها معه !
بالتأكيد أيّ أب يرى إبنته على تلك الحالة لن يصمت و سيكون رده رادعًا.. أقله سيأخذها منه... إنما هو في الحقيقة.. لن يسمح بذلك.. لا يدري ماذا سيفعل بالضبط و كيف.. إلا أنه لن يسمح لها بالخروج من منزله أبدًا
فهو على يقين بأنها إذا غادرت اليوم و بالأخص بعد الظروف القاسية التي عاشتها على يديه.. فأنها لن تعود ثانيةً، و هو لا يزال بحاجة لوجودها معه، لا يعرف أسبابًا أخرى غير تلك التي دفعته للزواج منها.. لكنه متأكد من وجود دوافع أخرى يجهلها حاليًا، أو لعله يتعمد ذلك ...
-بابي.. أخيرًا جيت تزورني. وحشتني أوي !
كان صوتها يقترب من خلفه، فظل صامتًا مكانه، مدهوشًا و مترقبًا خاصةً عندما شاهد تعبيرًا غريبًا ظهر على محيا "رفعت".. حتى رآها تمر من أمامه متجاوزة إياه نحو أبيها
استقرت بين أحضان "رفعت".. بينما ينظر إليها "فادي" ذاهلًا، إذ كانت تتصرف بطبيعة شديدة و كأن شيئًا لم يكن.. و أيضًا.. كانت تضع مئزرها الحريري الفضفاض فوقها، فلم يبدو منها سوى الرأس و اليدين !
ماذا تفعل هذه بحق الله ؟ هل تخفي آثار اعتدائه عليها ؟ لماذا ؟؟؟؟
-قلب بابي ! .. تمتم "رفعت" و هو يحتضنها و يمسح على شعرها بحنان
-وحشتيني.. عاملة إيه ؟ طمنيني عليكي يا روحي !
أفلتت نبضة من قلب "فادي" خارج الإيقاع و هو يرهف سمعه الآن لما ستقوله.. و كأنما شعرت "هالة" به... ابتعدت عن أبيها بالقدر الكافٍ و قالت بابتسامة مشرقة :
-أنا كويسة.. كويسة أوي يا بابي !
تجهم وجه "رفعت".. بينما تدير "هالة" رأسها لتقابل نظرات زوجها المشدوهة، ابتسمت بسخرية مبطنة و هي تشمله بنظراتها.. و كأنها تقارن بين حالته في هذه اللحظة و بين حالته في وقتٍ خلا .....
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
قبل دقائق قليلة ...
استيقظت من نومٍ عميقٍ.. حيث شعرت بأنها قد نامت طويلًا جدًا.. كان جسمها متيبسًا كما لو أنها لم تتحرك خلال نومها أبدًا... عقلها يعمل ببطء قليلًا بينما تباعد جفنيها بتثاقل و هي تطلق زفرة متألمة
كان ثقل أسفل بطنها يزعجها كثيرًا، فمدت يدها لتزيله.. لعلها وسادة أو ما شابه وضعتها بالخطأ بأحدى حركاتها اللاوعية أثناء النوم، لكن كفها اصطدم بمادة جلدية، فيها شيئًا من الرطوبة !
عقدت حاجبيها و مدت يدها الأخرى لتستكشف جيدًا، لكنها علقت فجأة و وخزتها آلة حادة على ظاهر يدها وخزة حارقة، فتآوهت و هي ترفع رأسها مستطلعة ما الذي يحدث معها... لتفاجأ بكانولا طبية موصولة بمحلولًا فارغًا معلق فوق رأسها !!!
و في هذه اللحظة أدركت تمامًا كل شيء و قد استعاد عقلها أخر الأحداث التي مرت بها دفعةً واحدة ...
تلقائيًا تجمعت دموع القمع و الحزن بعينيها، فتركتها تنهمر كالسيول و هي تنتزع نصل الكانولا الحاد برفقٍ، ثم تعتدل نصف جالسة و تعض على شفتها لتكتم صيحة ألم قوية.. فمن ضمن الأشياء التي وعت إليها أيضًا اصابتها بالنزف الشهري قبيل فقدانها للوعي مباشرةً.. و لكن ما هذا ؟!!
وقعت عيناها الآن على قِربة الماء التي كانت تجثم فوق بطنها، لم تكن وسادة إذن !
محلول و قِربة ماء و ملابس و شراشف كلها نظيفة !!!
لقد كانت متسخة كثيرًا، كانت حالتها مزرية و لوثت ملابسها بالفرش و الدثائر.. من الذي فعل لها كل هذا ؟ أيعقل أن يكون هو ؟؟؟
لم تنتظر ردًا راجحًا من تخميناتها، فقد آتاها فورًا صوت أنينه الغريب و المميز فجعلها تنتفض في مكانها مذعورة ...
تتبعت صوته في الحال، حتى مالت برأسها أسفل السرير من جهة اليمين.. لتراه نائمًا فوق الأرض إلى جانبها و يصدر هذا الصوت الذي اعتادت عليه أثناء نومها إلى جواره منذ أن تزوجته
و لكن.. لماذا ؟ ما الذي دفعه لفعل كل هذه الأشياء لأجلها ؟ و لأجلها أيضًا افترش الأرض و غفى طوال الليل !!!
ارتعدت بذعر أكبر في هذه اللحظة، عندما سمعت جرس الباب يدق و يدق بإلحاح.. لا بد أنه سوف يستيقظ الآن بسببه... و هذا ما رأته فعلًا، فقد بدأ يتململ بمكانه
مددت جسمها بسرعة من جديد و هي تسحب الغطاء عليها متظاهرة بالنوم.. فهي ليست مستعدة حاليًا لمواجهته، يلزمها بعض الوقت لترتب أفكارها على الأقل لترى كيف ستتعامل معه !
سرعان ما شعرت به ينهض مغمغمًا بكلماتٍ لم تسمعها جيدًا حتى خرج من الغرفة، و بعد ثوانٍ.. التقطت أذنها صوت أبيها، ففتحت عيناها على سعِتهما ...
هل جاء حقًا ؟ لقد وبخها البارحة عندما هاتفته لتشكو له ما صنعه بها زوجها..حتى أنه لم ينتظر لتشرح له بالتفصيل، أغلق معها فورًا بعد أن أسمعها كلامًا جرح مشاعرها في الصميم لدرجة تمنت لو أنها تختفي من الوجود، بأيّ طريقة، بعد أن نجح الجميع بأشعارها بأنها ليست محبوبة.. و أن لا جدوى من محاولاتها كسب القلوب التي تنجذب إليها و يغمرها الحنين لقربها منهم !
ما العمل الآن ؟ كيف تتصرف ؟ .. هل تخرج لأبيها و تستجدي منه العودة معه إلى البيت أمام زوجها ؟ .. هل تذل نفسها و تحط من كرامتها على مرآى و مسمع من الجميع ؟؟؟؟
لم تكن هذه شخصيتها أبدًا.. لم تحني رأسها بهذا الشكل لمخلوقٍ طوال حياتها، و لم يشهد أحدٍ على ضعفها سوى الرجل الوحيد الذي أحبته من كل قلبها و نبذها هو بدوره ...
هل تقبل بالذل و تعود ؟ ... لا.. ما من عودة أبدًا، هذا الجحيم أكرم لها بكثير الآن، رغم كل ما عانته حتى الساعة !
°°°°°°°°°°°°°°°°°°
أجفل "فادي" بشيء من التوتر مع شدة تحديقها به كل هذا الوقت، لتزداد تعابير السخرية على وجهها و هي تنظر إليه فقط، بينما يعلو صوتها الرقيق قليلًا ممتدحًا به :
-فادي راجل مافيش زيه يا بابي.. بجد واخد باله مني و مش مخليني محتاجة أي حاجة. و تصدق.. مدلعني أكتر منك !
و ضحكت بانطلاق و هي تنتقل من بين ذراعي أبيها إلى حضن زوجها، تعلقت برقبته و شبت على أطراف أصابعها لتطبع قبلة شقية على خده المشعر مغمغمة :
-شوفت يا بابي جه إللي ينافسك على قلبي !
تصلب "فادي" مذهولًا أمام تصرفاتها العجيبة، لا يفهم شيء.. حقًا لا يفهم أيّ شي !!!
على الطرف الآخر.. لا يقل "رفعت" عنه دهشةً، لكن في هذه اللحظات لم يسعه إلا أن يبتسم بهدوء متابعًا ما يجري حتى النهاية، لتترك "هالة" زوجها و تعود إلى أبيها مطوقة خصره و هي تقول برقةٍ :
-أنا واحدة كدابة طبعًا !
توترت الأجواء من جديد إثر نطقها بذلك... فشعرت بنشوة كبيرة و هي تراقب تعابير الأثنان المتقلبة قبل أن تستطرد بتمهلٍ :
-مش ممكن أبدًا.. مافيش حد يقدر ينافسك على قلبي يا بابي. أنت أول و أكبر حب في حياتي يا حبيبي
تمكنت من سماع زفرة حنق خفيفة تصدر عن "فادي" من خلفها، ثم ما لبثت أن سمعت صوته الأجش يقول :
-طيب أنا محتاج أعمل فنجان القهوة بتاعي عشان أفوق كويس. أظن رفعت بيه لسا ماشربش قهوته بردو !
إلتفتت "هالة" نحوه قائلة بنعومةٍ :
-خليك يا حبيبي ماتتعبش نفسك.. أنا هاعملهالكوا بنفسي
فادي بحزم لا يخلو من اللطف :
-لأ يا حبيبتي أنا إللي هاعملها. باباكي جاي مخصوص عشان يشوفك و إنتي وحشاه أوي. خليكوا براحتكوا شوية و أنا مش هتأخر عليكوا !
هالة بابتسامة حب :
-أوكي يا قلبي.. ربنا يخليك ليا
لم يستطع "فادي" أن يحجم نظرة استنكار أخرى أطلت من عينيه، قبل أن يستدير متوجهًا نحو غرفة المطبخ ...
-هالة !
هل احتدت لهجة والدها الآن ؟!!
إلتوى ثغر "هالة" ببسمة تهكمية و هي ترفع نظراتها لتشتبك مع نظرات أبيها العابسة ...
-إيه إللي حصل بالظبط ؟ .. تساءل "رفعت" بجمودٍ
هزت "هالة" كتفيها قائلة ببلاهة :
-إيه إللي حصل يا بابي ؟ في حاجة حصلت ؟!
كز "رفعت" على أسنانه بحنق شديد و كرر :
-هالة ! بقولك إيه إللي حصل ؟ قبل ما تكلميني إمبارح و بعد ما قفلت معاكي.. جوزك عملك إيه و ضربك إزاي ؟ و إيه معنى كلامك و تصرفاتك معاه دلوقتي ؟ هو مهددك و لا إيه ؟ إنتي خايفة منه ؟ ماتخافيش يا حبيبتي أنا جيت و عايز أسمع منك كل حاجة. و تأكدي إن حسابه هايكون عسير معايا !
تصنعت "هالة" الدهشة و هي تقول :
-ضرب إيه و تهديد إيه يا بابي ؟ بقولك فادي كويس معايا أوي و حنين عليا جدًا.. ده مش بيخليني أشيل كوباية تقوم تقولي بيضربك !!
رفعت باستنكار منفعل :
-إنتي بتهرجي صح ؟ أومال مكالمة إمبارح دي كانت إيه ؟ مش إنتي قولتيلي بعضمة لسانك الحيوان ضربني و حابسني في الأوضة ؟ و كنتي مفطورة عياط !!!
ضحكت "هالة" بعذوبةٍ، و قالت و هي تعض على شفتها بخجل :
-معلش يا بابي إنت فهمتني غلط و أنا كنت غلطانة لما كلمتك. بس كنت مصدومة شوية.. هو مش ضرب ضرب يعني. هو كان بيهزر. إنت عارف حركات العرسان دي بقى. مراد كان كده بس مش أوي. بصراحة فادي راجل ماحصلش.. بصراحة أكتر هو راجل أوووي !
ثم قالت معتذرة :
-أنا آسفة بجد لو كنت قلقتك عليا.. بس إنت بتستحملني. طول عمرك بتقوم معايا بدور الأب و الأم ف دايمًا بشغلك بكل حاجة تخصني حتى لو كانت تافهة.. أوعدك مش هاخضك كده تاني
ما زال العبوس يملأ وجهه و هو ينظر إليها بعدم اقتناع، لكنه لم يجد بدًا من مسايرتها.. أولًا و أخيرًا هو لا يتمنى أبدًا أن يُهدم استقرارها مجددًا، لذلك، فلتسير الأمور كما هي، طالما لم يحدث أمرًا جلل ...
-إتفضل القهوة يا رفعت بيه !
إنتبه "رفعت" إلى صوت "فادي" في هذه اللحظة.. إلتفت إليه متخلصًا من مزاجه السيئ بلحظة، قابله بابتسامة و هو يقول ملقيًا نظرة بساعة يده الضخمة :
-حبيبي تسلم إيدك. أنا هادوقها بس عشان يدوب أطلع على الشغل.. مع الأسف اجازتي مش إنهاردة زيك !
و ضحك و هو يتناول فنجان القهوة ليرتشف منه القليل بسرعة ...
فادي بجدية : ده كلام يا رفعت بيه.. أول زيارة في بيت بنتك و تمشي منغير ما تتغدا معانا على الأقل ؟ مايصحش !
رفعت ببشاشة : معلش يا فادي. أنا نفسي أقعد معاكوا و الله. بس الشغل مش بيستنى.. أكيد هازوركوا تاني قريب و هاتغدا و اتعشا كمان
و أعاد الفنجان كما هو تقريبًا إلى الصينية التي يحملها زوج إبنته بيده السليمة ...
فادي بتهذيب : تآنس و تنور في أي وقت !
إستدار "رفعت" ليضم "هالة" مرة أخيرة مغمغمًا :
-يلا يا حبيبتي أشوف وشك بخير.. هابقى أكلمك أطمن عليكي. و إنتي إبقي كلميني !
و قبّلها بين عينيها، ثم ربت على كتف "فادي" مودعًا و توجه نحو باب الشقة منصرفًا من فوره ...
ساد صمت ثقيل للحظات بعد رحيله.. حتى صّوبت "هالة" ناظريها إلى وجه زوجها الخالٍ من التعابير و قالت بنفس اسلوبها الرقيق مِمّ ضاعف حيرته :
-تحب تفطر دلوقتي ؟
إختلجت شفتاه للحظة بشيئًا من الاضطراب، لكنه أجابها بصوته القوي :
-ماتتعبيش نفسك.. أنا هاحضر الفطار إنهاردة. خليكي مرتاحة إنتي
هالة بتصميم لطيف :
-لأ.. أنا إللي هاحضره. إديني عشر دقايق بس !
و منحته ابتسامة حلوة، ثم تجاوزته متجهة نحو المطبخ لتعد له طعام الفطور.. بينما يستدير بجسمه محدقًا في إثرها بنظرات مستفهمة !!!!!! ......................... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
يتبع ...
معادنا مع #بارت تكميلي بكرة بإذن الله 🌹
( 22 )
_ بلا ألم ! _
كانت تشعر بسعادة مفرطة.. و هي ترى و تشعر باستقرارها من جديد، بالمرة السالفة لم يدم هذا الاستقرار ليلة واحدة، لكنه هذه المرة تجاوز ذلك و قد بدا حقيقيًا، حقيقيًا على نحو مذهل و بقدر ما أسعدها.. أخافها... أجل تخاف
لطالما كانت مؤمنة بأنها سيئة الحظ، حتى الأشياء الجميلة التي تحدث بحياتها لها ثمن دائمًا، يمكن أحيانًا أن يفقدها جمالها... و بالنسبة لهذا الاستقرار الذي تسعد به، إلا أنها لم تستطع أن تمنع نفسها عن التفكير بثمنه، أو الشيء الذي سيفقده معناه !!!
وقفت "سمر" بمطبخ قصر "البحيري" الذي صارت له إحدى سيداته.. بعض الخادمات يعملن ورائها، و لكن الطاهية الرئيسية بقيت إلى جوارها تحضر معها قائمة الغداء دون أن تساعدها بالطبق المخصوص الذي أرادت صنعه لزوجها بيديها، كانت ترشدها فحسب إلى أماكن بعض الأدوات و التوابل
و في خضم هذا كله، أحست باهتزاز هاتفها المعلق على خاصرتها بغلافه الجلدي.. انتزعته "سمر" و أشرق وجهها بابتسامة جذلى عندما رأت كُنية زوجها تضيئ الشاشة الكبيرة، في الواقع كانت كُنية قد أطلقها بنفسه عليها منذ بداية تعارفهما.. "Baby" ...
-آلو حبيبي ! .. ردت "سمر" و هي تحاول السيطرة على الضحكة في صوتها
جاء صوت "عثمان" جذابًا مستغربًا :
-إيه ده في إيه ؟ إنتي كويسة يا سمر ؟!
سمر بفكاهة محببة :
-مافيش حاجة يا عثمان أنا كويسة خالص ماتقلقش
عثمان مشككًا : فعلًا ! أومال صوتك بيترعش كده ليه كأن حد بيزغزغك !!
ضحكت "سمر" قائلة :
-يا حبيبي أفتكرت حاجة كده !
-أفتكرتي إيه ؟
-لما تيجي هاقولك
سمعت تنهيدته العميقة، ثم صوته الهادئ يقول :
-أوك.. أومال إنتي فين كده ؟
ابتسمت "سمر" و هي تلتفت إلى عملها و تحادثه بآن :
-أنا في المطبخ بقالي شوية
-في المطبخ !!
بتعملي إيه في المطبخ يا سمر ؟!
-هاعمل إيه يعني.. بطبخلك بإيدي طبعًا. مش أنت بتحب أكلي ؟
-بحبه أكيد.. بس تتعبي نفسك ليه ؟ في ناس عندك يعملوا بدالك. ده شغلهم يا بيبي
-لأ أنا مزاجي تاكل كل يوم على الأقل صنف واحد من إيدي
-امممم.. طيب إنتي عاملالي إيه بقى ؟
سمر بلهجة مغناجة :
-مش هاقولك. بس هي حاجة بتحبها أوي !
عثمان مشاكسًا : إيه ده معقول طبختي نفسك ؟ إذا كان كده أنا أسيب كل إللي في إيدي و أجيلك فورًا !
كركرت "سمر" ضاحكة، فلاحظنها بعض العاملات مما أخجلها قليلًا، لتخفض صوتها و هي تقول له هامسة :
-بطل بقى أنا واقفة وسط ناس هنا
آتى صوته بعد برهة خافتًا مثيرًا :
-معناها تخلصي إللي بتعمليه و تأكدي عليهم يطلعوا الغدا في أوضتنا. طالما بتخافي من الفضايح أوي كده !
أخذت "سمر" بعض الوقت لتفيق من صدمة كلماته و غزله الصريح، ثم قالت بقدر من الجدية :
-غدا إيه إللي في الأوضة يا حبيبي ؟ إحنا إنهاردة سوا على العشا عند فادي. إنت مش هاتطلع الأوضة إلا على تغيير هدومك بس لأن لو حاجة تانية مش هانطلع من البيت خالص إنهاردة
إتسم صوته بجدية مماثلة :
-عشا عند فادي ؟ إنتي ماجبتليش سيرة عن حاجة زي دي !
أجفلت "سمر" قائلة بشيء من التوتر :
-احنا راجعين من أجازتنا بقالنا أسبوعين يا عثمان. لو ماكانتش صافي ولدت كنت هاروح أزور أخويا و أباركله و كده كده عرفنا إن هالة تعبانة لما ماجوش يباركوا على ديالا ف قلت دي فرصة نروح نباركلهم و نطمن على هالة بالمرة.. و لا أنت شايف إيه ؟ لو مش عاوز أو مش هتقدر خلاص !
-لا لا مش قصدي. أنا مش مضايق أنا اتفاجئت بس ! .. ثم قال بعد صمت قصير و كأنه قد حسم فكرة ما :
-خلاص أوكي. العشا عند فادي.. بس لما نرجع أعملي حسابك. ماتقوليليش نوم بدري و مدرسة ملك و الكلام ده كله
سمر بضحكة واعدة :
-لأ مش هاقولك حاجة.. خلاص كده و لا عاوز تقول حاجة تاني ؟ أنا مشغولة دلوقتي
-حاضر ياست المهمة قوليلي أقفل ماتتكسفيش.. يلا باي مؤقت يا بيبي !
و أقفل معها
لتعيد الهاتف إلى مكانه، و تعود هي إلى عملها من جديد، و لكن بحماسة و حب أكثر ...
_____________________
هذه الحياة الجديدة التي يعيشها كزوج حقيقي.. لا يدري أتعجبه أم لا !
في البادئ.. كان قد تعهد بأن تحيا معه زوجته حياة كالجحيم بسبب رفضها الزواج منه بطرق فجة، و الإهانات التي أخذت تكيلها له باستمرار حتى ذلك النهار الذي خرجت فيه من دون أذنه و بملابس مبتذلة، فكان عقابها ضربًا مبرحًا أرقدها بالفراش ليلة كاملة قضتها تنزف و تئن من الألم
و كم كانت عنيدة، كما عرفها من أول وهلة، عاندت آلامها و عاندت ظنونه و قامت من رقدتها تلبي طلباته و متطلباته كاملةً دون كلل أم ملل حتى هذا اليوم... لكنه.. حتى هذه اللحظة.. لم يجرؤ على معاشرتها مرةً أخرى، لقد فعلها مرة واحدة فقط، و كي ما يثبت لها بأنها لم تتزوج بنصف رجل كما أشارت له مراتٍ عدة بطرق غير مباشرة لتجرحه، و لكن هل يا ترى نجح في ذلك بعد كل شيء أقترفه بحقها ؟
أهي تستحق كل ذلك ؟ مهما كان خطاؤها إزائه !!!
تناول "فادي" قميصه المطوي بعنايةٍ بعد كيَّه، خرج بصورة مقبولة من تحت أيدي زوجته.. ارتداه و هو يقف وراء باب الغرفة الموارب، يراقبها و هي تقف بالخارج، تقوم بإعداد مائدة العشاء باحترافية منقطعة النظير،و كأن حياتها متوقفة على هذا العمل.. كان هذا دأبها منذ مدة، تحديدًا منذ أسبوعًا أو أكثر، كانت تهتم بشئون المنزل أكثر مما يجب و تعلمت الكثير عن أمور الطهي حتى صار الطعام من يدها شهيًا إلى حدًا ما.. كانت تحاول كسب رضاه متبعة خنوعًا أذهله و أبعده عنها رغم أنه يتوق للوصال !
أغلق "فادي" زر رسغ القميص لذراعه الاصطناعية و هو يعاين شكلها و المظهر الذي بدت عليه.. كانت جميلة كالعادة.. و ذلك الفستان ذي اللون الأبيض الباهت قد عزز بياض بشرتها الناصعة، خاصةً بعريه و قصره حتى منتصف الفخذ، مع شعرها الحريري المسدل إلى ما بعد خصرها.. كانت كتلة من الفتنة، بل هي فتنة تمشي على قدمين بذلك الجسم الكاريكاتوري الفظيع، حقًا فظيع إلى درجة تدفعه أحيانًا ليسأل نفسه... هل هو كفؤ كفايةً ليكون زوجًا لها ؟ كل المؤشرات تفيد بأن الاختلاف بينهما كاختلاف السماء و الأرض.. المشرق و المغرب... و لكنه.. للأسف لا يستطيع أن يفلتها من يده، لقد فات الآوان !
-مش محتاجة مساعدة ؟
أصابتها رعدة خفيفة عندما سمعت عبارته من خلف ظهرها تمامًا، تركت "هالة" آنية الفاكهة من يدها و إلتفتت إليه قائلة بابتسامتها العذبة :
-لأ خالص. أنا وضبت كل حاجة.. و الأكل جاهز على الغرف. ماتقلقش إنت
فادي بحيادية : أنا مش قلقان أنا حبيت أساعدك بس. من الصبح و انتي واقفة على رجليكي !
هالة برقة : أنا واقفة على رجلي من الصبح عشان أشرفك.. أختك ماينفعش تيجي و تحس إن إللي كانت بتعمله معاك أكتر من إللي بعمله. و لا إنت إيه رأيك ؟
حمحم "فادي" مطرقًا رأسه و لم يرد عليها.. شملها بنظرة فاحصة من أسفل لأعلى، ثم نظر بعينيها قائلًا بحزم هادئ :
-مش إحنا إتفقنا اللبس العريان و القصير ده ماينفعش قدام حد ؟
تلاشت ابتسامتها فورًا و هي تقول :
-تحب أغير الفستان !
-ياريت.. سمر مش هاتيجي لوحدها
أومأت "هالة" له و قالت :
-دقيقة واحدة و راجعة !
و تحركت متجهة نحو الغرفة.. لكنها لم تكد تتجاوزه، ليقبض على معصمها هاتفًا :
-إستني يا هالة !
أدارت رأسها نحوه :
-في حاجة ؟
شدها "فادي" بلطفٍ لتقف في مواجهته ثانيةً، كانت محاصرة الآن.. المائدة خلفها و هو أمامها، لم يفلتها مطلقًا.. حتى عندما فتح فمه ليتكلم على نحو متروٍ :
-أنا عارف.. و حاسس بيكي. ورا كل إللي بتعمليه ده. من بعد إللي حصل و إنتي بتتصرفي كده.. و فكراني مش واخد بالي أو عديت الموضوع !
بقيت محدقة به و لم تفه بكلمة.. ليستطرد و هو يرجف من شدة الانفعال و قد ارتفعت يده السليمة لتحيط بوجهها :
-أنا عمري ما مديت إيدي على واحدة. حتى سمر أختي.. رغم إللي عملته في نفسها و فينا كلنا. عمري ما أذيتها.. مش عارف ليه إنتي بالذات إللي طلعتي مني تصرفات زي دي. مش عارف عملتي إيه. إستفزتيني و لا إيه بالظبط.. بس كل إللي أعرفه إني مش هقدر أعمل فيكي كده تاني. بغض النظر إنتي شايفاني إزاي أو أنا إيه بالنسبة ليكي.. بكلمك دلوقتي بصراحة يا هالة و بقولك. لو حاسة فعلًا إنك كتيرة عليا. لو شايفاني مش كفاية أنا ممكن أتحمل النتيجة كلها و أروح آ ا ..
وضعت إصبعها فوق شفاهه قبل أن يتم عبارته ...
-أششششش.. ماتكملش. إيه كل إللي قولته ده أصلًا ؟ إنت الفترة دي كلها ساكت و بتفكر إزاي تسيبني ؟!!
رأى تلك الدموع التي لا يتحملها تتراقص بعينيها و هي ترمقه بنظرة أذابت عظامه، ليقول بتأثر بالغٍ و هو يمسح على رأسها براحته :
-أنا مش عايز أسيبك.. لكن تقدري تقولي إني فوقت متأخر. للأسف يا هالة أنا مانفعش أكون زوج ليكي.. إنتي كبيرة أوي. إنتي مختلفة و حياتك مختلفة عن حياتي. و مستقبلي كمان غامض و مطفي. خايف أتعسك معايا. و إنتي ماتستاهليش كده. أنا مش قادر أسامح نفسي على إللي عملته فيكي
-بس أنا سامحتك ! .. قالتها بصوتٍ شبه هامس
و هي تقبض على كفه و تنقله إلى فمها لتلثمه بثغرها الدقيق دون أن تحيد ناظريها عن عينيه لحظة ...
إزدرد "فادي" لعابه بتوتر و هو يستشعر ملمس شفتها و حرارة قُبلتها الناعمة.. ثم قال بعد ثوانٍ بصوتٍ متهدج :
-لو فضلتي معايا هاتندمي.. هاتكرهيني أكتر بكتير من دلوقتي !
جلست "هالة" على طرف المائدة و ألقت بذراعيها حول عنقه، إجتذبته إليها بقوة فتلاصقا تقريبًا، لترفع وجهها تاليًا مقابل وجهه متمتمة بلهجة مستثارة :
-و مين قالك إني بكرهك دلوقتي أصلًا ؟ إنت حاسس إني كده بكرهك !!!
لم يطيق "فادي" صبرًا على مشاعره العنيفة الآخذة بالإلحاح عليه، ليطبق فمه على فمها بقبلة طويلة.. عبر من خلالها عن حجم شوقه و لوعته بها، و الأهم من ذلك يأسه المرير على بذل المزيد من كل شيء لأجلها، و لتشعر بأنه حقًا يعتز بها و يريدها.. يريدها بشدة !!!!
________________
ارتأى "عثمان" أن أمسية الليلة لا تحتاج لسيارة مخصصة لفردين، أو حتى لأربعة، و حتى هو لن يتولى القيادة.. لذلك أختار سيارة "lada largus" العائلية.. التي انضمت للسوق المصرية حديثًا و التي تحمل سبعة من الركاب أيضًا
كان السائق ينتظر، بينما تسير "سمر" متأبطة ذراع زوجها، و لم تفارق البسمة محياها و هي تراقب شقيقتها الصغيرة تمشي و تتقافز بمرح حول عربة الصغير "يحيى" التي تدفعها المربية للأمام برفقٍ و حرص ...
كان المنظر بهجة لعينيها، و كادت تحلّق من فرط السعادة.. ليدق هاتف زوجها فجأة و يفصلها عن الواقع الجميل في وضع نادرًا كهذا
اعتذر "عثمان" منها و هو يتوقف للحظات، ترك يدها و أستل هاتفه من جيب سترته الداكنة.. كان المتصل عمه "رفعت" مِمّ أدهشه، فقد كانا معًا قبل قليل.. لكنه أجاب فورًا :
-آلو.. أيوة عمي !
جاء صوت "رفعت" مترعًا بالذعر :
-عثمان إنت مشيت ؟ ارجعلي. ارجعلي حالًا في كارثة !!!! ................................... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
يتبع ...
( 23 )
_ ألا ينتهي ! _
تم إنشاء مقاعد مريحة حقًا لركاب الصف الثالث بالسيارة الـ"lada lagrus" و تم تجهيز كل من صفوف المقاعد الثلاثة بمجاري هواء لتدفئة أقدام الركاب
و لكن سائق زوجها المخصوص قد أزال الصف الثاني من السيارة ليحوّل الجهة الخلفية إلى صالون.. يتيح للسيدة الجلوس بأريحية مع زوجها و أطفالها و أيضًا تلك المربية التي جاءت معهم لتهتم بالصغيرين
لكنهم لم يتحركوا بعد، كانت السيارة لا تزال تقف وسط باحة القصر، و كانت "سمر" ترمق ساعة يدها من حينٍ لآخر و هي تهز قدمها على غير هدى، تنتظر مجيئ زوجها الذي طلب منها استباقه إلى السيارة ريثما يعود ليرى عمه و يعرف ماذا يريد منه بالضبط !
تأففت "سمر" فجأة و أخرجت هاتفها من حقيبة يدها الصغيرة، أجرت الاتصال بزوجها، فأتاها صوته فور أن وضعت الهاتف فوق أذنها ...
-أيوة يا سمر !
أجفلت "سمر" قليلًا عندما سمعت لهجته الجافة المقتضبة... لترد بحذر :
-إيه يا حبيبي إتأخرت ليه ؟ في ناس مستيينا !
ما زال صوته يكنف تلك اللهجة المريبة مع رنة حزم مفاجئة :
-طيب معلش يا سمر قولي للسواق يطلع بيكوا و أنا كمان ربع ساعة و هحصلكوا
استبد بها القلق الآن و هي تسأله :
-في حاجة و لا إيه يا عثمان ؟!
-مافيش حاجة يا حبيبتي مشكلة صغيرة في الشغل بحلها مع عمي. خدي الولاد و اسبقيني و أنا مش هتأخر عليكوا
عبست "سمر" قائلة بامتعاض :
-ينفع ندخل البيت منغيرك يعني يا عثمان !!
عثمان بلطفٍ صارم :
-مش هايجرى حاجة يا سمر دي مسافة ربع ساعة زي ما قولتلك و كده كده راجعين مع بعض.. يلا يا حبيبتي مع السلامة. و إبقي طمنيني لما توصلي !
لم تكد ترد على جملته الأخيرة حتى.. ما لبث أن أغلق الخط، لتصدر عنها نهدة حارة من أعماقها، تنظر بوجه الصغيرين الهادئين بيأسٍ.. ثم تصيح آمرة في السائق :
-إطلع يا أسطى كرم على بيت الأستاذ فادي !
رد السائق بتهذيب :
-تحت أمرك يا هانم
و انطلق متجهًا على الفور إلى منزلها القديم ...
____________________
يا لألاعيب الأقدار !
لم يمضِ على تفكيره بلقائهما الحميمي الأول و الأوحد ساعة واحدة.. ليجد الأوضاع قد انقلبت رأسًا على عقب و صار عكس ما توقعه تماماً
لم يخيّل إليه إطلاقًا أن يفضي حوار قصير بينهما إلى هذا.. لم تكن مجرد قبلة هذه... بل أنها كانت أكبر من قوى التجاذب العظمى حتى.. حيث لم يستطع كليهما مقاومة ما جاء بعدها إلى أن وجدا نفسهما قد وصلا إلى تلك النقطة في الأخير.. حيث الذروة.. منتهى الوصال و التوق !
كان الوسط مبعثرًا.. فوضويًا... مائدة العشاء التي وضبتها خربت بصورة كليّة.. الآواني و أدوات الطعام إنتثرت في كل إتجاه.. المفرش يتدلى يكاد يسقط فوق الأرض
مثلهما تمامًا ...
كانا مستلقيان فوق الأرض الآن.. إلى حدًا ما عرايا... تنام هي فوق صدره و يداعب هو شعرها بيده السليمة غير مصدقًا ما حدث للتو.. هذه أول مرة يراها مقبلة عليه بتلك الحماسة.. أول مرة يستشعر لهفتها و تجاوبها و عطائها المذهل
كانت له ما أراد و تمنى، لدرجة أنه لم يعد يفكر بأيّ شيء، لقد صارت هي كل شيء بالنسبة له في هذه اللحظات، حرفيًا كل شيء ...
-أنا مش فاهم إزاي نزلنا على الأرض كده !! .. قالها "فادي" مغمغمًا و هو يقرب أنفه من رأسها ليتنشق عبيرها أكثر
سمعها تتغنج عليه بضحكتها الصاخبة الرنانة، ثم وجدها تعدل وضعيتها فتستند إلى مرفقها و تطل عليه بوجهها مبتسمة بملاحةٍ و هي تقول :
-و لا أنا In fact.. بس بجد It was amazing !
رمقها "فادي" بنظرات مغرمة.. رفع يده ليحيط بجانب وجهها قائلًا :
-أنا مش مصدق إللي حصل.. لو فضلت من هنا للصبح. مش مصدق !!!
زحفت يدها التي حطت فوق صدره العاري إلى عنقه ثم توقف، لتتلمس بأناملها حدود فكه المثالي و خطوط فمه و هي ترنو إليه برومانسية متمتمة :
-صدق.. كل إللي حصل بجد. صدق يا حبيبي !
فادي بدعابة : كمان حبتيني بالسرعة دي ؟؟؟
بقيت "هالة" هادئة و هي تقول بجدية لا تدع مجالًا للشك :
-لأ.. ماحبتكش بسرعة. بالعكس. أنا ماكنتش طايقاك.. لحد ما اتجوزك.. تحديدًا لحد ما دخلت بيتك. ماعداش عليا يوم واحد إلا و كنت فعلًا بدأت أحس بحاجة ناحيتك. أنت مختلف يا فادي. و مش قصدي بالإختلاف ده المعنى البديهي إللي هاتفكر فيه.. لأ. أنت نموذج من راجل أنا عمري ما قابلته في حياتي. مسؤول و طيب و عدواني شوية. غامض و مش ممكن أفهمك و لا أفهم بتفكر في إيه. يمكن هو ده إللي شدني ليك !
-يعني بعد كل إللي عملته فيكي.. لسا مشدودة ليا ؟ مانزلتش من نظرك خالص يا هالة ؟!!
ابتسمت "هالة" من جديد و دنت منه كأنما ستقبله و هي تهمس :
-إنت عمرك ما نزلت من نظري.. بالعكس. إنت بقيت جوايا. جوا قلبي !
قاطع قبلتهما الوشيكة جرس الباب الذي دوى فجأة دون سابق إنذار.. تباعدا فورًا بينما يصيح "فادي" بتوتر كبير :
-يا خبر أبيض.. سمر.. إزاي نسيت سمر !!!
كان قد وثب واقفًا بلحظة و يرتدي ملابسه الملقاة بجانبه على عجالة، أما "هالة" فلم تبقى ثانية إضافية معه، إنما إندفعت نحو الغرفة حاملة ثيابها على ذراعها، صفقت الباب خلفها بعنف.. و أستغرق "فادي" دقيقة كاملة ليعود إلى حالته السابقة فقط
مضى ناحية باب المنزل هاتفًا ليسكت ذاك الذي يضغط على الجرس بإلحاح :
-أيوة أيوة أيوة.. جاي أهو يا إللي على الباب !
و فتح راسمًا على وجهه ابتسامة خفيفة لا تخلو من التوتر ...
-سمر !
-مبرووووك يا عريس ! .. صاحت "سمر" و هي ترتمي عليه بدون مقدمات
عانقته بقوة و هي تهدل بشوق :
-آه يا فادي.. وحشتني أوي أووي أووووي
بادلها "فادي" العناق و هو يقول ملقيًا نظرة شاملة ورائها :
-إنتي وحشتيني أكتر يا حبيبتي.. أومال فين جوزك ؟
أجابته "سمر" و هي ترتد إلى الخلف ببطء :
-جوزي على وصول. قالي أسبقه أنا و ملك و يحيى لحد ما يخلص حاجة كده مع عمو رفعت
أومأ "فادي" بتفهم قائلًا :
-طيب أدخلي يا حبيبتي. أدخلي أهلًا و سهلًا بيكي ! .. و أفسح لها
تسللت "ملك" في هذه اللحظة من جانب أختها و قفزت على "فادي" صارخة بحماسة و سعادة طفولية، راحا يتبادلان العناق و القبلات الأبوية الحلوة.. بينما تلتفت "سمر" نحو المربية الفلبينية قائلة :
-إدخلي إليانور. خدي يحيى في الليفينج إللي هناك ده و سيبيه نايم زي ما هو. أقعدي جمبه بس و لو صحي ناديلي أجي أخده بنفسي
ردت المربية بعربيتها الركيكة :
-حاتر ( حاضر ). تهت ( تحت ) أمرك مدام !
و دخلت "سمر" في الأخير، أغلقت الباب و سارت وراء أخيها الذي حمل "ملك" على ذراعه.. كان هو أول من صعق لمرآى الفوضى التي حلت بمائدة الطعام التي نسى أن يرتبها بأيّ شكل قبل أن يفتح الباب، لم يتسنى له وقت ليشرح.. صيحة "سمر" المصدومة ألجمته بنفس اللحظة :
-إيـــه ده !!!
إيه إللي حصل هنا ؟ الدنيا مقلوبة كده ليه و السفرة مالها ؟ إيه إللي حصل يا فادي ؟؟؟
تغلب "فادي" على ارتباكه بجهد و هو يستدير في مواجهتها قائلًا برصانة :
-دي حاجة بسيطة يا سمر. هالة بس كانت داخلة تغير هدومها ف مفرش السفر علق في ساعة ايدها و هي ماشية. بعد ما وضبت كل حاجة حصل إللي إنتي شايفاه ده
كانت "سمر" تستمع إليه و هي تنحني ململمة الأشياء المتساقطة فوق الأرض، ثم تنهض و تعدل كل شيء بنفسها قائلة :
-حصل خير.. أنا اتفاجئت بس و اتخضيت. قلت لا تكونوا اتخانقتوا و لا حاجة !
ابتسم "فادي" من قلبه هذه المرة و هو يقول :
-لأ. إطمني.. أنا و هالة تمام مع بعض. تمام أوي !
__________________
لقد مر الوقت دون أن يشعر... المهلة التي طلبها من زوجته ليلحق بها ولّت... مرت ساعة.. اثنان.. و بدأت تنهال عليه اتصالاتها.. لكنه ظل يتجاهلها متعمدًا.. حتى أغلق هاتفه تمامًا
أمسك بهاتف عمه فقط، و كلما أعاد ذلك المقطع الإباحي المحض !!!
إزداد غضبه الدفين و امتلأ صدره حقدًا و غلًا يكاد يفجر غرفة المكتب هذه بكل ما فيها ...
على الطرف الآخر.. بقى "رفعت" صامتًا، مطرق الرأس، الخزي يكم فاهه... حتى انتفض "عثمان" واقفًا فجأة و هو يهدر بغضبٍ شديد :
-دي مش كارثة يا عمي. مش كارثة يا رفعت بيه. دي فضيـحــة. إحنا خلاص إتفضحنا. سامعني ؟ عيلة البحيري. أقدم عيلة في البلد كلها. سمعتنا بقت في الأرض بسببك. بسببك إنت.. إزاي تقع في حاجة زي دي ؟ إزااااااااي ؟؟؟؟
تحمّل "رفعت" توبيخ إبن أخيه مطبقًا فمه و كأنه طفلًا في السابعة تعاقبه أمه.. لم يجرؤ على التفوه بكلمة، حتى وجه إليه هذا السؤال
شعر بضغط دمه يرتفع حين تطلع إليه قائلًا بلهجة كسيرة :
-أنا.. أنا ماكنتش أعرف. أنا إتلعب عليا يا عثمان !
-إتلعب عليك !!! .. علّق "عثمان" مستهجنًا، ثم انفجر ضاحكًا بقوة أثارت ريبة "رفعت" عليه
لكنه ما لبث أن عاود النظر إليه بقساوة أكبر و بصوتٍ غليظٍ و قاتم قال :
-حلوة إتلعب عليك دي. فكرتني ببنات الجامعة الشمال و الله.. بس يا ترى إللي لعبت عليك دي خدرتك و لا عشمتك بالجواز و بعدين خلعت !
رفعت بضيقٍ : إنت بتهزر يا عثمان.. ده وقته ؟ بدل ما تشوف معايا حل للمصيبة دي و آ ا ...
-إنت تقفل بؤك ده خااااالص ! .. قاطعه "عثمان" صائحًا برعونة فجة، و أردف بفظاظة :
-يا راجل عيب على شيبتك دي. رايح تسرح مع زغلاليل أد بنتك و كمان تتـ ...
بتر "عثمان" عبارته كابحًا نفسه بصعوبة كي لا يتممها.. ثم قال بعد أن تمالك أعصابه :
-طب لو كنت شاب صغير كنت قلت طيش. لكن المصيــبـة إنك رااااجل شايب و كبير..ده أنت بقيت جد. أعمل إيه ؟ لو حاجة زي دي إتسربت أتصرف إزاي ؟ أقول إيـه للناس ؟ بلاش الناس.. أقول إيه لأمي و عيالك و لمراتي و أخوها ؟ إحـنا كـنا نـاقصيـن فضيـحـة زي دي ؟؟؟؟؟
-كفـــااااايــة !!! .. صرخ "رفعت" بوجهه و هو يقوم ليقف مقابله
إنفعل كثيرًا حتى تجمعت كل دمائه برأسه :
-أنا كلمتك عشان نحلها مع بعض. مش عشان تديني محاضرة طويلة عريضة.. ماتنساش نفسك يا عثمان. إياك تكلمني بالإسلوب ده تاني. أنا راجل مسؤول عن تصرفاتي و لو إللي في إيدك ده إنتشر أنا المسؤول بردو و إبقوا إتبروا مني كلكوا ساعتها لو عاوزين.. لكن لما تقف قدامي تعرف كويس إنت بتتكلم إزاي. أنا مش عيل صغير معاك !!!
عثمان هازئًا : ياريتك كنت عيل صغير !
استشاط الأخير غضبًا و هو يحملق فيه، ليتجاوزه "عثمان" غير مباليًا بحالته العصبية التي صارت على المحك إلى درجة قد تودي بصحته و صموده الواهٍ
جلس "عثمان" من جديد غائصًا بكرسي الصالون الوثير، وضع ساق فوق الأخرى و شبك كفيه أمام وجهه متمتمًا باقتضاب :
-إتفضل أقعد و أحكيلي إللي حصل
رد "رفعت" بجفاف دون أن ينظر إليه :
-أنا حكيتلك كل حاجة.. عايز تعرف إيه تاني ؟
نظر "عثمان" إليه قائلًا بصوت أجش يحمل الكثير من السلطة الآمرة :
-من الأول.. إحكيلي كل حاجة من الأول. البت إللي كنت معاها دي أصلًا وشها مش غريب عليا !!!!! ................................... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
يتبع ....
( 24 )
_ كأنه حلم ! _
لم ترى وجهه أبدًا منذ ليلة البارحة.. لم يفي بوعده و لم يلحق بها إلى منزل شقيقها... فجلست هي و تناولت العشاء مع "فادي" و زوجته و أكملت السهرة محاولة ألا تبين حزنها من تصرفات زوجها و خاصةً أمام إبنة عمه.. "هالة" !
عندما عادت إلى البيت تبيّنت بأنه قضى كل هذا الوقت برفقة العم "رفعت".. مع ذلك انتظرته حتى يفرغ.. لكنه لم يعرج على غرفتهما اطلاقًا، بل بقي بالأسفل حتى غفت رغمًا عنها و استيقظت بالصباح التالي و لم تجده
ساورها القلق قليلًا، لكن غضبها لا يزال بمحله.. فقررت أن تنزل و تبحث عنه لترى ما الأمر بالضبط.. تركت صغيرها "يحيى" إلى المربية و ولجت إلى غرفة الحمام لتغتسل... ثم خرجت و هي تشد زنار روب الاستحمام على وسطها
توجهت نحو غرفة الملابس و هي تباشر تجفيف شعرها بالمنشفة السميكة، لكنها سرعان ما جمدت قبل أن تتجاوز عتبة الغرفة... حين رأته يقف أمام خزانته الخاصة عاري الجزع و يهم بارتداء كنزة رمادية فوق هذا السروال الرياضي الغامق ...
-صباح الخير يا سمر !
هكذا بمنتهى الهدوء و البساطة !!!
يلقى تحية الصباح من وراء كتفه ...
رفعت "سمر" حاجبها و مالت مستندة إلى إطار الباب و هي تقول بتعجبٍ :
-لا بجد ! صباح الخير يا سمر !!
هو ده كل إللي عندك ؟ بجد يعني ؟!!!
راقبته و هو يجلس فوق كرسي صغير لينتعل جزمته الزوج تلو الآخر و هو يقول بفتورٍ :
-إنتي عاوزة تنكدي يا بيبي ؟ بقولك صباح الخير عادي.. مالك بقى اتعصبتي أوي كده ليه !
و تطلع إليها ...
-إنت مش حاسس إنك عملت حاجة خالص !! .. سألته مدهوشة
تأفف "عثمان" و هو يقوم واقفًا و قال بضيق :
-عشان ماجتش و إتعشيت عند أخوكي.. عاملة كل ده ؟ مافكرتيش تعذريني أبدًا.. و أنا كام مرة عذرتك !
و أزاحها بلطف حازم من طريقه ليعبر إلى الخارج، ما لبثت "سمر" أن أفاقت من تأثير كلماته الغريبة و تبعته مسرعة و هي تقول ممسكة بذراعه :
-عثمان.. عثمان أقف لو سمحت. أنا بكلمك !
توقف "عثمان" على مضض تحت إلحاحها، استدارت حوله لتقف مقابله.. نظرت له جيدًا و هي تقول بقلق :
-مالك يا عثمان ؟ أنا آسفة طيب.. إنسى كلامي. إنسى عزومة إمبارح خالص.. أنا ماكنش قصدي أجي عليك و أكيد عذراك و هاعذرك يا حبيبي. بس أنا مش فاهمة حاجة.. قولي حصل إيه ماتقلقنيش أكتر من كده !!
أطلق "عثمان" أنفاسًا محتقنة بصدره، رفع يده و مسح على وجهه بقوة.. ثم عاود النظر إليها و هو يقول بصوت أجش :
-سمر.. في حاجة مهمة عاوز أقولهالك
علقت أنفاسها بصدرها فجأة.. حين رأت تلك النظرة الغادرة تطل من عينيه لأول مرة منذ وقتٍ خلى... تنسى أيّ شيء و لا تنسى تلك النظرة أبدًا !!!
-قول يا عثمان ! .. تمتمت "سمر" بصعوبة و بصوت خالي من الحياة
-أنا سمعاك
لم يتأثر تعبير وجهه الصلد أمام انهيارها الوشيك، بل أردف ليحسم الأمر حسمًا صارمًا بحكمًا نهائيًا لا رجعة فيه :
-أنا هاتجوز يا سمر !!!
________________
قبل بضعة ساعات ...
بعد مكالمة هاتفية أجراها عمه و كان إلى جواره يستمع إلى كل شيء.. إلى كل ما قالته الفتاة التي تورط معها... دوّن عنوان منزل قد لقّن عمه بأن يطالبها به ليتقابلا خلال ساعةٍ
لم ينتظر "عثمان" أن يغلق "رفعت" معها و انطلق مسرعًا بسيارته بعد منتصف الليل إلى العنوان المنشود.. وصل في زمنٍ وجيز عند فيلا مؤلفة من طابقين على الساحل مباشرةً
كان يسمع أمواج البحر المتلاطمة قريبة جدًا منه و هو يقف أمام الباب الرئيسي، دق الجرس و انتظر.. ليسمع خلال لحظات صوتًا أنثويًا يصدر عن الانتركم المجاور له :
-اتفضل.. افتح الباب و ادخل !
مد "عثمان" يده إلى المقبض، فانفتح الباب بالفعل من أول محاولة.. ولج و أغلق من خلفه، ثم جذ الخطى صوب باب المنزل
لكنه قبل أن يدق جرس هذا أيضًا وجد الباب يسحب للداخل و تظهر نفس الفتاة التي رآها مع عمه بذلك المقطع المخزي.. و لم يستطع إلا التفرس فيها خلال تلك المدة القصيرة محاولًا معرفة أين رآى وجهها المألوف.. و لكن بلا جدوى... لم يخرج بأيّ شيء !!!
-أهلًا أهلًا يا عثمان باشا ! .. قالتها الفتاة المتبرجة بحفاوة شديدة و هي تقف في استقباله
كانت ابتسامتها الرقيقة واثقة، كما نظراتها التي إتسمت بجرأة غريبة، إذ كانت تشمله بعينيها من أعلى لأسفل بطريقة أثارت اشمئزازه منها، ناهيك عن ملابسها الفاضحة المكونة من قطعة واحدة تمثلت بفستانٍ قصير أسود اللون بالكاد ستر أجزاء بسيطة من جسمها ...
-خطوة عزيزة. منور و الله. اتفضل ادخل !
هكذا دعته للدخول مفسحة له المجال
رماها "عثمان" باحدى نظراته السامة المشهور بها، لكنه لبّى الدعوة بالأخير و دخل متبعًا إرشاداتها، حتى أخذته إلى غرفة المعيشة المطلة على البحر تمامًا ...
-كنت متأكدة إن رفعت بيه هايستنجد بيك أول واحد !
إلتفت "عثمان" إلى عبارتها المتهكمة، لتكمل و هي تعقد ذراعيها العاريين أمام صدرها نصف المكشوف :
-و كنت متأكدة بردو إنك إنت إللي هاتيجي.. مش هو
-إنتي مين و عايزة إيه ؟
سؤال واحد طرحه "عثمان" باسلوبه الهادئ المنذر بالشر ...
ابتسمت الأخيرة بلطفٍ و هي تدعوه للجلوس مرفرفة بعينيها الناعستين :
-طيب اتفضل أقعد. هانتكلم و هاجاوبك على إللي إنت عايزه. بس أقعد تحب تشرب إ آ آاااااااه ...
في لحظة.. كان ظهرها مقابلًا لصدره و ملتصقًا به تقرببًا، بينما ذراعيها محبوسين بقبضته الفولاذية الغاضبة ...
-مابحبش أكرر كلامي مرتين ! .. همس "عثمان" بأذنها بصوتٍ كالفحيح، ثم هدر بعنف :
-انطقي يابت.. إنتي مين و مين إللي زقك علينا ؟ جاية عايزة إيه ؟؟؟
-عايزة انتقم يا عثمان باشا !!!
أجابته رغم صيحة الألم التي كتمتها بسبب ضغطه الشديد على ذراعيها الملتويان خلفها ...
عثمان برعونة فجة :
-تنتقمي من مين يا ××××××.. إنتي مين أصلًا يحطك في دماغه عندنا ؟ إنتي حتة ×××× أخرك تلحسي جزمتي. آل تنتقمي. إنطقي و قولي الحقيقة أحسنلك
ضحكت فأشعلت غضبه أكثر، بينما تقول بلهجة يمزقها الانفعال :
-أنا فعلًا كل إللي إنت قولته.. أنا ××××× و ×××××× كمان بس ما سألتش نفسك ليه ؟ ما سألتش نفسك إللي حصل ده رد فعل لإيه ؟ معقول ماجاش في بالك إللي عملته من 3 سنين ؟ طيب أنا عملت كده مخصوص عشان ألفت انتباهك. كنت تلميذة شاطرة و قلدتك بالظبط. و في الأخر ماتفهمش.. لا يا عثمان. أزعل و الله !
كانت كلماتها تزداد وضوحًا في كل مرة.. حتى اكتملت الصورة تقريبًا بعقله... لكنه رفضها فورًا و هو يدفعها بعيدًا عنه صائحًا :
-إنتي مــين ؟؟؟؟
تستدير إليه في هذه اللحظة، و بابتسامة تنطق بالانتصار قالت :
-نانسي.. نانسي رشاد الحداد يا قلبي. افتكرتني ؟ ده أنت كنت بتجيبلي شوكولاتة و انا لسا بنت صغيرة في المدرسة !
أجفل "عثمان" و هو يرمقها بنظرات غير مصدقة.. أجل تذكرها الآن... تلك الفتاة المراهقة.. الجميلة الرقيقة التي لم تشبه شقيقتها قط _ طليقته _ كانت بعينيه نقيّة، عذبة، هشة مثل حلوى القطن .. ماذا صار لها الآن ؟ كيف آلت بها الحياة إلى كل هذا !!!!
-إنتي.. إنتي إزاي !
لم يستطع اتمام جملته، فضحكت هي و قالت نيابة عنه :
-عايز تقول إزاي وصلت لكده صح ؟ بسيطة أوي يا عثمان باشا.. تعالى نعكس الأدوار و تخيّل مثلًا إني بالتسجيل إللي معايا لعمك و إللي كان معاك أخوه من 3 سنين لأختي. تخيل إني نشرته في كل حتة و فضحته و فضحتكوا كلكوا معاه..و إنه ماستحملش الفضيحة دي يا حرام و مات بحسرته زي أبويا بالظبط من سنتين. تخيل الناس كلها بتعايرك بعمك و بتعاير ولاد عمك بأبوهم زي ما حصل معايا و اتعايرت بأختي و اتمسحت بيا الأرض مع كل راجل دخل حياتي بعد إللي حصل. مش جايز جدًا هالة مثلًا تعمل زيي ؟ هاتبقى عايزة تنتقم زيي طبعًا.. و أيّ حد هايعمل أكتر من إللي عملته. أصل Sorry. دي مش صفقة خسرانة و شركة بنصفيها سوا.. دي حياة و عيلة كاملة دمرتها بإيدك يا عثمان باشا.. و لازم أدفعك التمن لو كان أخر يوم في عمري
-الــCD بتاع أختك اتسرق مني ! .. غمغم "عثمان" عاقدًا حاجبيه بشدة
-أنا مانشرتوش في حتة. إتسرق ضمن حاجات كتير في خزنة شركتي من سنتين. أنا عمري ما أفضح واحدة بالشكل ده. لازم تفهمي ده كويس.. يا نانسي !
قهقهت بخشونة و قالت :
-تعالى إمسح الريالة من على بؤي يا عثمان.. بقولك أنا تلميذتك. الكلمتين دول أضحك بيهم على حد تاني مش عليا أنا. أنا جاية على خراب ببتكم و ناوية دمار ليكوا كلكوا. كلكوا مرة واحدة. زي ما حصل معانا بالظبط
اقترب "عثمان" خطوتبن منها، فأحست بأنفاسه الساخنة تتردد على بشرتها و هو بقول بخفوتٍ خطير :
-أنا مش هاسمحلك.. حياتي كلها قصاد إللي ناوية عليه ده. فاهماني ؟ فاهمة أنا ممكن أعمل فيكي إيه كمان ؟
صمتت "نانسي" لبرهة و هي ترمقه بتفكيرٍ، ثم قالت و ابتسامة مرحة تتراقص على شفتيها :
-بص يا حبيبي.. In Fact ده مش كل حاجة. أنا بس حبيت أعرفك حجمي كويس عشان تعملي حساب و تفتكر أنا في إيدي إيه و ممكن أتصرف بيه إزاي.. مبدئيًا تهديدك مايلزمنيش. أنا مابقتش أخاف خلاص. مابقاش عندي حاجة أخاف عليها. أبويا و مات. و أختي بتتعالج في مصحة نفسية في أمريكا و الدكاترة فاقدين فيها الأمل. من الأخر أنا واحدة بايعة. و مافيش حاجة ممكن توقفني إلا الموت.. لو هاتقدر تموتني أعملها. أما لو مش هتقدر. ف أنا عندي Option تاني. لو وافقت عليه. اعتبر التسجيل ده ماحصلش أصلًا
بردت عينا "عثمان" في هذه اللحظة و عاد الفتور يطل منهما، ليسألها بجمودٍ :
-عايزة إيه يا نانسي ؟
تنفست "نانسي" بعمقٍ، ألقت بذراعيها حول عنقه و تعلقت به مقربة وجهها من وجهه، ثم قالت و هي تركز نظراتها الغاوية بنظراته المرتقبة :
-تتجوزني.. مافيش راجل محترم.. عليه القيمة زي ما بيقولوا هايقبل بيا أنا. غيرك إنت يا عثمان.. هه. قلت إيه !
أطبق الهدوء فجأة
لم يمنحها ردًا... لكنها كانت واثقة، كانت تعرف جيدًا أن مآل الخطة كلها لصالحها، هي المسيطرة، و هو يعلم ذلك ...
________________
الآن ...
ساد صمت متوقع بينهما... صمتٍ سحيق.. حدقت بعينيه دون أن تفهم.. فحدق بعينيها دون أن يتراجع خطوة.. خطوة واحدة عن تصريحاته الأخيرة
كانت إلى حدًا ما مذهولة.. مفغرة الفاه... و قد تاهت الكلمات من عقلها و لم تعد تفهمها.. بالكاد قبض لسانها على كلمتين اثنتين :
-قلت.. إيه ؟!
بدأ الوعي يتملكها و يغزو أعصابها شيئًا فشيء ...
كرر "عثمان" بجدية تكنف قساوةٍ رهيبة :
-قولتلك هاتجوز يا سمر.. هاتجوز. و يوم الخميس الجاي كتب كتابي هنا في القصر. لو مش عايزة تحضري مش هاجبرك طبعًا بس قبل ما عقلك يوديكي و يجيبك في أي مكان لازم تعرفي إن قراري نهائي و إني مضطر أعمل كده. و في نفس الوقت مش مضطر أبرر لك أي حاجة. يكفي تعرفي بس إنها خطوة لازم أخدها بسبب شيء لو ماكنش حصل عمري ما كنت هفكر أعملها و أتجوز عليكي ...
نظر باتجاه الشرفة المفتوحة و أردف بثباتٍ :
-لو عندك ثقة فيا هاتقبلي الوضع و هاتسانديني كمان. لو بتحبيني بجد يا سمر مش هتسألي و هاتفضلي جمبي لأخر لحظة ! .. و نظر لها من جديد مضيفًا بحزم :
-لو الحب إللي بينا مش كفاية هاتفضلي بردو جمبي في كل الأحوال.. مش مسموحلك تبعدي. و أنا عمري ما هاسيبك تبعدي المرة دي زي ما سيبتك قبل كده و احترمت رغبتك و ارادتك.. المرة دي مش هقدر اديكي الميزة دي. مش هاسيبك تخرجي من حياتي أبدًا. سامعة ؟
كانت تستمع إليه و هي تقف كالصنم.. لم تحرك ساكنًا حتى عندما تحرك و ولّى خارجًا من الغرفة كلها... امرأة غيرها لكانت انهارت منذ الوهلة الأولى
لكنها... لم تستوعب بعد.. تعتقد بأنه حلم.. بالتأكيد حلم سوف تستيقظ منه الآن... لماذا لا تستيقظ ؟ لماذا ؟؟؟؟؟
يتبع ...
في #بارت تكميلي بكرة بإذن الله 🌹
تكميل #بارت إمبارح 🌹
( 25 )
_ منفى ! _
مضى زمنٍ طويل منذ أخر مرة جلست لتحيك "التريكو".. فقد كانت تلك هوايتها خلال وقتٍ خلى... في الماضي كانت تنسج الملابس و الأغطية لأبنائها عندما كانوا أطفال
أما اليوم فهي تصنع بيديها جوارب و قبعات صوفية لأجل حفيدها العزيز، فقد أقبل فصل الشتاء، و هي أحبت أن تمنحه الدفء مع الحب بكافة السُبُل.. ذاك "يحيى" الصغير أغلى عندها مِمن سواه.. رغم وجود أبيه و عمته و حفيدتها الأخرى.. لكنه وحده من يستحوذ على قلبها و اهتمامها، بل و حياتها كلها ...
لم تكف أصابع "فريال" عن الحياكة و هي تجلس فوق الكرسي الهزاز أثري الطراز، بينما عيناها تتابعان الصغير "يحيى" و هو يضحك و يمرح بألعابه أمامها و قد جلست المربية إلى جواره تعتني به
كانت الابتسامة تملأ وجهها... إلى أن دفع باب غرفتها فجأة، و انتفضت مذعورة على صراخ زوجة إبنها و أم حفيدها :
-إنتي لسا قاعدة ؟ لسا قاعدة يا فريال هانم ؟؟؟
قـومـــي.. قـومــي شوفي و إسمعي أخر الأخبار. شوفي عمايل إللي قولتيلي سامحيه و عيشي عشانه و عشان إبنك.. قـومـــي شـوفـي عـمل فــيا إيـــه !!!
كانت "فريال" قد قفزت من مكانها من شدة فزعها، حتى "يحيى" راح يجهش بالبكاء فورًا، بينما تقترب جدته من أمه قائلة بقلقٍ جمّ :
-إيه يا سمر في إيه ؟ إللي حصل يابنتي قوليلي ؟!!!
خشت "فريال" عليها كثيرًا عندما رأت وجهها المحتقن يزداد احمرارًا بصورة خطرة، ثم يعلو صوتها مدويًا بعنف شديد بكل ما فيها من قهرًا و خيبات لا تنتهي :
-إبـــنك.. إبـــنك هايـتـجـوز عليـــا يا فريـــال هانـــم. هايـتـجـوز عليـــا !!!
فريال باستنكار : إنتي بتقولي يا حبيبتي بس.. إهدي يا سمر مش كده. لو متخانقين فهميني جرا إيه عشان أعرف أتدخل لكن كده آ اا ..
-إنتي لسا هاتدخلي !!! .. قاطعتها "سمر" صائحة بضراوةٍ
-بقولك هايتجوز.. هايـتـجـوز. قالهالي بعضمة لسانه دلوقتي. روحي باركيله يا هانم كتب كتابه هنا يوم الخميس الجاي و لا لسا ماتعرفيش ..
أخرست الصدمة "فريال" و جعلت عيناها تجحظان بشدة و هي ترمق "سمر" بعدم تصديق.. تأكيدها و غضبها أرعبها.. بينما الأخيرة تقف مقابلها هائجة الأنفاس مستوحشة النظرات.. و ما هي إلا لحظاتٍ أخرى و جاءت "صفية" على إثر تلك الأصوات مهرولة يتبعها زوجها و قد تجلل وجهيهما بعلائم القلق و الهلع معًا ...
________________
نفس الخزي و الخجل.. لم يتبدل حال "رفعت" عنهما... حتى عندما استمع إلى قرار إبن أخيه.. لم يجرؤ على الاعتراض أو حتى مناقشته
و أيضًا و هو يُلقي عليه هذه التعليمات الحادة الآن.. لم يجسر على مجرد رفع عينيه إلى وجهه لشدة العار الذي يجثم فوق كاهله ...
-اتفضل باسبورك ! .. هتف "عثمان" بغلظةٍ و هو يدفع جواز السفر إلى عمه، و أستطرد بصرامة :
-حجزتلك أول طيارة طالعة على لندن. الليلة و قبل الساعة 8 لازم تكون في المطار. لما توصل هاحولك فلوس و كده كده هاتقعد في البيت إللي أشتراه بابا في "جرينوتش" من خمس سنين. أول كل شهر هابعتلك مبلغ تصرف منه.. إوعى تفكر تنزل هنا. و لو زيارة حتى. مش عايز أشوف وشك في البيت ده تاني يا رفعت بيه.. فاهمني ؟
يتطلع "رفعت" إليه لأول مرة منذ طلب في مجيئه قبل ساعة.. ينظر إلى بطاقة سفره، ثم ينظر إلى "عثمان" ثانيةً و هو يقول بلهجة ملؤها الأسى :
-إنت بتحكم على بالنفي من بلدي و بيتي يا عثمان ؟ طيب ولادي.. حفيدتي.. مش مسمحولي أشوفهم ؟!!
عثمان بجمودٍ : تشوفهم هناك. يسافرولك و تبقى تشوفهم براحتك. لكن هنا لأ ! .. و أضاف بخشونة تحاكي قتامة نظراته :
-إنت عارف كويس أنا إتنازلت أد إيه عشان ألم وراك فضيحة كانت ممكن تضعينا كلنا.. لو إنت بقى مش مستوعب الوضع إللي أنا فيه و إني هاتجوز واحدة عمي كان ماشي يريل عليها و Already عمل معاها علاقة ف دي حاجة أنا مضطر أحشرها في دماغك بالعافية.. أنا مش هاقبل بوجودك في بيت تكون في مراتي و لو بالإسم بس و أنا عارف إن كان ليكوا سابقة قذرة مع بعض. و إنت مالكش عين تقعد و تطول معايا في الكلام أكتر من كده يا رفعت بيه.. أحسنلك تسكت بدل ما تزعل زيادة
-إنت محملني الذنب كله لوحدي ليه ؟!! .. غمغم "رفعت" بإنفعالٍ مكبوت
-إنت ناسي إنك كنت الهدف أصلًا ؟ مش هي اعترفتلك بنفسها ؟ نانسي الحداد عملت كل ده و لعبت عليا عشان كانت قصداك إنت يا عثمان
ابتسم "عثمان" بإزدراء قائلًا :
-أنا لو مكانك أتكسف من نفسي و الله.. و لا دلوقتي و لا بعدين. مافيش واحدة تقدر تلعب عليا. أنا مش خفيف و مراهق زيك يا.. عمي !
أستشاط "رفعت" غضبًا، لكنه تساءل مرغمًا نفسه على الخضوع :
-طيب افرض اتجوزتها.. و فضحتنا بردو بالتسجيل إللي معاها. هايبقى إيه العمل ساعتها ؟ مافيش حل غير جوازك منها ؟؟
تلوى فم "عثمان" و هو يرد عليه متكدرًا من ذكر هذا الأمر أكثر من اللازم :
-مافيش حل تاني قدامي في الوقت ده.. و كفاية أسئلة. إنت مش من حقك تقعد كده و تحقق معايا أصلًا.. أحسنلك ماتضيعش الوقت إللي باقيلك هنا في الكلام معايا. روح قضيه مع حفيدتك و سلم على عيالك. الله أعلم هاتشوفهم تاني إمتى ..
يقاطع حديثهما المشحون دخول "صالح" المفاجئ بتعبيره الشاحب ذاك ...
-إلحق مراتك يا عثمان ! .. هتف "صالح " و هو يقف عند باب غرفة المكتب متكئًا عليه
هب "عثمان" واقفًا و هو يسأله بقلق :
-إيه مالها سمر ؟؟؟
صالح مشيرًا للأعلى :
-دخلت على طنط فريال أوضتها و ماسكة في يحيى. الأتنين ماسكينه و سمر حالفة تاخده و تمشي. أمك و إبنك فوق منهارين ..
لم ينتظر "عثمان" لحظة أخرى و انطلق مسرعًا إلى غرفة والدته... كان هناك في غضون لحظات و قد استطاع سماع صراخهما من الطابق السفلي.. حتى صار هناك صارت الكلمات واضحة تمامًا و المشهد كالآتي كما وصفه "صالح" ...
أمه و زوجته.. كلتيهما تقفان قبالة بعضهما.. و طفله بينهما تتنازعان عليه و "صفية" تحاول جاهدة إنقاذ الصغير الذي يكاد قلبه يتفطر من شدة البكاء و الصراخ الملتاع !!!
--لأ يا سمر. يحيى لأ مش هاسيبك تاخديه.مش هاتاخديه مني ! .. قالتها "فريال" بصوتٍ باكي
ردت "سمر" و هي تجتذب إبنها بتصميمٍ لا يخلو من حرقتها :
-ده إبني يا فريال هانم. إبني أنا. و مش هاسيبه يتربى مع أب مايعرفش في حياته غير الكدب و الغدر. المرة دي هاخد منكوا إبني. هاخده و مش هاتشوفوه تاني أبدًا لا إنتي و لا إبنك ..
-ســمــــــــــر !!!!
سكن كل شيء للحظات بعد ذلك النداء الهادر، ما عدا صراخ الطفل المفزوع... إلتفت الجميع نحو المصدر، ليجدوا "عثمان" مقبلًا مستطير غضبًا
و بدون مقدمات، حال بين أمه و زوجته، ثم وقف أمامها و أمسك بطفله بيدٍ و بيده الأخرى قبض على رسغها بقوة قائلًا بحدة :
-سيبي الواد يا سمر !
صرخت "سمر" بوجهه :
-مش هاسيبه. مش هاسيبهولك يا عثمان. مش هاسيب إبني المرة دي هاخده و هامشي من هنا و مش هاتشوفنا عمرك كله !
-سـمــــــــــر !!! .. صاح "عثمان" بعنف أكبر
-بقولك سيبي الواد.. سيــبـيــه !
و إنتزع منها الطفل بحزم دون أن يستعمل القوة كي لا يزداد هلعًا.. أخذه بين أحضانه على الفور و راح يمسد على ظهره بحنان حنى هدأ نوعًا ما.. استدار و أعطاه لجدته.. ثم إلتفت نحو "سمر" و قبض على ذراعها مجتذبًا إياها خلفه و إتجه بها صوب الخارج ...
كانا داخل غرفتهما خلال برهة قصيرة.. أقفل الباب عليهما و وقفا يتواجهان طويلًا.. قبل أن يتكلم ثانيةً ...
-إنتي إيه إللي عملتيه ده ؟؟ .. قالها "عثمان" بهدوء لا يخفي غضبه الكامن بداخله أبدًا
-إزاي تقفي قصاد أمي و تتكلمي معاها بالاسلوب ده ؟ إزاي تتصرفي بالشكل ده قدام إبنك أصلًا ؟ إنتي شوفتي حالته كانت عاملة إزاي ؟ إزاي مافكرتيش فيه ؟؟؟
سمر بعصبية كبيرة :
-إنت كمان ليك عين تتكلم و تعدل على تصرفاتي ؟ تصرفاتي إللي هي مرايا عكست إللي عملته و بتعمله فيا ؟ زعلان إني عايزة أخد إبني و أمشي ؟ دي أقل حاجة.. أقل حاجة هاعملها بعد كلامك ليا. عايز تتجوز عليا ؟ بعد كل ده ؟ بعد كل وعودك و كلامك إللي مليت دماغي بيه لحد ما صدقتك و رجعتلك مرة و إتنين.. لو فاكرني هاصدقك تاني تبقى بتحلم. إنت مافيش فايدة فيك. إنت أناني زي ما إنت مش هاتتغير. كان لازم أعرف من البداية إنك مش هاتتغير. و عمرك هاتكتفي بيا و لا بحبي ليك. كان لازم أصدق إن هايجي اليوم إللي هاتبصلي فيه باحتقار و تدوس عليا و تروح تدور على واحدة من مستواك. تناسبك و تشرفك. مش واحدة زيي أنا. ضحكت عليها و استغليتها و ضيعتها و في الأخر فضلت تلعب بيها و هي زي الهبلة كانت ماشية وراك و بتصدقك.. كنت متصور لما تيجي و تقولي قرار زي ده إني هاسكت و هاقبل ؟ لا و الله. و حياة حبي ليك. و كل لحظة عايشتني فيها واهمة إني مراتك و إنك بتحبني بجد. المرة دي غير يا عثمان.. المرة دي مش هاتعرف تضحك عليا. سامع ؟ مش هاتعرف تضحك عليـــا !
-خلصتي ؟
هكذا استقبل "عثمان" ثورتها و كلامها المتدافع من حلقها كالقنابل المدوية.. أستقبل إنفعالها و حنقها المتفاقم بمنتهى الهدوء
و هدوئه لم يزيدها إلا إشتعالًا و هي تقف و ترتجف من شدة الغضب أكثر فأكثر... و عندما لم تجيبه قال بنفس الهدوء دون أن يحاول لمسها أو التقرب خطوة واحدة منها :
-أنا مقدر وضعك.. عشان كده مش هاحسبك على الكلام إللي قولتيه ده.. بس أقسم بالله يا سمر.. جربي تعلي صوتك تاني دلوقتي أو تتعرضي لأمي أو إبنك بالطريقة دي مرة تانية. هاتشوفي مني أسوأ رد فعل في حياتك.. أنا هاسيبك دلوقتي لحد ما تهدي خالص. و لما أرجعلك هانتكلم بهدوء.. غير كده مش هاسمعلك و أي كلمة منك مالهاش لازمة بالنسبة لي.. أعقلي يا بنت الناس عشان أنا أصلًا مش ناقص. لو ماعندكيش قلب يحس فيكي عنين تشوف.. أنا مش هاستحمل ضغط أكتر من كده !
و صمت عند هذا الحد، ثم إستدار مغادرًا دون أن يزيد حرفًا آخر ...
بينما تهاوت ساقيها لتستقر فوق الأرض بشدة آلمتها.. لكنها لم تعبأ للألم.. لم تعبأ لأيّ شيء سوى ذاك الخنجر المغروس بصدرها... تكاد تفقد عقلها و هي تحاول عبثًا تخفيف المعاناة التي يسببها لها.. لكن كيف ؟ كيف و هي لا ترى و لا تفهم ؟ لا تفهم بالمرة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ......................................................... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
يتبع ...


تعليقات
إرسال تعليق