رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الثالث والأربعون شارع_خطاب بقلم fatma_taha_sultan حصريه وجديده في مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الثالث والأربعون شارع_خطاب بقلم fatma_taha_sultan حصريه وجديده في مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.
هذهِ أنا
بكامل ودادي أعترف لك
بإنني معك
أصبحتُ امرأةً أُخرى
أُحبها
بكل مافيها
من الألف للياء.
مقتبسة
وأُخبرك بأنني مُتعبة
لا تقول لي ما بكِ
ولا تسأل عن ليالي الحُزن
عانقني، فأنَّ الكلامَ هباءً منثورَ .
مقتبسة
وجودك في حياتي
هو الشيء
الوحيد الذي يجعلني
أستمر في مُقاومة
كل الأشياء السيئة
حتى الآن .
مقتبسة
_________________
" أنا عايز اتجوزك ".
صمت خيم عليهما...
صــدمــة كبيرة..
الأمر بات مؤكدًا ليس مجرد إحساس غريب يراودها عندما يمر أمامها و يلقي التحية، أو حتى في اللقاءات القليلة جدًا جدًا التي جمعتهما، يبدو أن حدس النساء في أغلب الأحيان لا يخطئ...
في الحقيقة أنها ليست هي وحدها التي شعرت بالصدمة بل هو كذلك، نعم كان يفكر في الأمر منذ مدة لكنه لم يستوعب أو حتى يتخيل بأنه سوف ينطقها بتلك السلاسة والسهولة، نعم طوال أمره كان واضحًا في حياته العملية أو حتى في علاقاته السابقة...
لكن الأمر هنا مختلف تمامًا هو يتعامل فقط بمشاعره وعواطف جديدة أحتلته بسببها...
هل كانت العملية ذات الساعات الطويلة والصعبة هي من أثرت عليه وعلى قواه العقلية؟!
رُبما هذا هو السبب، واتخذ فؤاده القرار، فؤاده الذي يعمل بشكل جيد منذ رؤيته إياها..
هل أحاديث أحمد الطويلة والتي منذ مدة مستمرة هي سبب من ضمن الأسباب؟؟!
لا يعلم..
حتى أن الطب الذي يعرفه وقد درسه لم يجعله يعرف هل من أمامه هي مستيقظة الآن أم لا؟!...
هي لم تنطق بحرف فقط كل ما تفعله هو أنها تنظر له في صدمة رهيبة...
حاول جواد تلطيف الأجواء متحدثًا بنبرة راقية مثله وهادئة:
-أنا عارف إني قولتها مرة واحدة من غير أي مقدمات، بس الحقيقة أنتِ مسبتيش ليا أي فرصة لأي حاجة، دايما في اتهام منك على أي حاجة بفكر أعملها معاكي وواخدة عليا حكم مسبق معرفش ليه؟ علشان كده حسيت أنه من الأفضل تتقال مرة واحدة.
يؤكد ما قاله!!
هذا ما كان يأتي في عقلها بأنه يؤكد ما قاله...
إذن هذه ليست مزحة أو أضحوكة...
سألته إيناس بعدما أنفكت عُقدة لسانها التي ظنت بأنها فقدت قدرتها على الحديث بعد كلامه وعرضه الغريب:
-أنتَ عارف أنا مين؟!.
لم يفهم سؤالها!!!
هو فقط شعر بأنها قامت بإلغاء الألقاب وهذا شيء لم يزعجه على العكس أعجبه...
رد عليها جواد بنبرة عادية جدًا وهو مازال يحافظ على بسمته ونبرته:
-يعني أعرف شوية حاجات بسيطة سواء من كونك بتشتغلي هنا، أو من شيرين أو من القضية وظروف حياتك لكن كل ده ميمنعش إني أحب أسمعك أنتِ واتعرف عليكي عن طريقك أنتِ مش طرف تالت ده لو سمحتي أنتِ بده....
صدمته وهي تخبره بهدوء شديد ومميت:
-لو مش عارف أنا مين بجد، فأنا هقول لحضرتك يا دكتور، أنا صاحبة أحلام، والمفروض إني كنت أقرب صاحبة ليها، في شقتي قبل ما أطلق كنت موجودة وقت اتصالاتك بيها، أو خناقاتكم حتى، تقريبًا أعرف تفاصيل علاقتك بيها أكتر من أي حد...
هو يتذكر بأن والدتها جارة لـ أحلام حينما طلبت منه المساعدة من أجل الحجز عند الطبيب...
لكنه لم يعرف أي شيء أخر...
أحلام كانت متحفظة في شأن علاقاتها، ليست من النساء التي قد تخبر شريكها باسم صديقتها، أو حتى أي شيء عن معارفها بشكل خاص، دومًا كانت كتاب مغلق معه..
حاول الحفاظ على هدوئه وهو يخبرها بنبرة جادة:
-كويس أنك تعرفي كل حاجة وياريت تكوني تعرفيها بشكلها الصح وأنتِ المفروض تسمعيني لأن من الطبيعي إني هحكيلك عن حياتي وأنا مش شايف أن...
نهضت إيناس من مكانها متمتمة بنبرة ظهرت فيها خجولة ومتوترة، لكن الانفعال كان يطغى على أي شعور أخر، حاولت الحفاظ على نبرتها كونها لا تخاطب رجل فقط يعرض الزواج عليها بل تخاطب رب عملها، هي قاطعت حديثه:
-بعد إذنك انا هعتبر نفسي مسمعتش حاجة لأسباب كتيرة أوي، وأنا لسه عند الطلب اللي جيت علشانه وهو أن حضرتك متدخلش في أي حاجة تخصني...
رحلت ولم تستجب حتى إلى ندائه تاركه أياه يشعر بالانزعاج الشديد من أجل حديثها وبسبب ذكر أحلام؛ او أنها صديقتها، الأمر ازعجه جدًا...
هي العائق حتى بعد رحيلها يبدو أنه لا يتخلص من أثر أي أمرأة دخلت حياته بسهولة....
يبدو أن عليه أن يذهب إلى المنزل ويستريح بعد ساعات طويلة قضاها في غرفة العمليات ومنذ ليلة أمس لم يذهب إلى منزله.....
انتهى يومه بـ رفض صريح وأمل تم تحطيمه...
____________
في اليوم التالي..
يجلس في مكتبه يقوم بتدخين سيجارته وفي الفترة الأخيرة أصبح التدخين بالنسبة له هو ما يخرج فيه انزعاجه وغضبه، أصبح لديه شراهية أكثر من السابق، تضاعف الأمر بالنسبة له....
الهاتف على أذنيه يستمع إلى الجانب الأخر؛ يسمعه بهدوء وتركيز كبير كعادته منذ مدة...
لم تبرد ناره، لم يمرر أبدًا ما سمعه.....
أردف زين بنبرة هادئة:
-خلاص سهله الدنيا زي ما هو عايز وأكتر من ما هو عايز كمان؛ اديله القرض...
في ذات الوقت..
تحديدًا في أحدى البنيات السكنية القديمة والعتيقة لكنها في حي راقي..
أردفت ياسمين وهي تضع الطعام على الطاولة بينما يجلس أمامها بحالة غاضبة:
-بليل خضتني جيت من غير ما تقول حاجة يعني ألاقيك نايم في اوضتك والمفروض إني لوحدي في الشقة..
ضحك حمزة ساخرًا وهو يخرج السيجارة من العلبة الخاصة بها ويقوم بإشعالها:
-والله هو مش بيت أهلك بس، ده بيتي أنا كمان وأجي وقت ما أحب وأبات وقت ما أحب، وبعدين لو مش عاجبك العيشة بالنظام ده، روحي حاولي ترجعي جوزك بما أنك في فترة العدة..
تمتمت ياسمين بانفعال بعد تنهيدة خرجت منها:
-خليك في حالك ملكش دعوة بيا...
نظر لها حمزة ذات معنى ثم هتف باهتمام:
-أنتِ حامل؟؟
ضيقت ياسمين عيناها وسألته بسخرية وعدم فهم مغذى سؤاله:
-أنتَ مالك هو إيه اللي أنا حامل دي؟..
تمتم حمزة وهو يفسر لها لماذا يسأل هذا السؤال:
-قبل ما تطلقي بفترة قولتي أنك روحتي للدكتورة وأنك وقفتي موانع الحمل ولا مش فاكر قولتي إيه، المهم يعني قولت يمكن تفرحينا وتكوني حامل يمكن ساعتها جوزك يرجعك تاني..
قالت ياسمين وهي تجلس على المقعد تقضي على آماله وهي تخبره:
-لا مش حامل أكيد لو كنت حامل كان زمانك عرفت وهو عرف كمان، للأسف كل اللي بتفكر فيه بيدمر يا عيني...
للحق هي أحبته كثيرًا...
قررت التراجع عن قرارها بتأجيل تلك الفكرة وهي الإنجاب لكن لم يكن هناك وقت لتخبره بقرارها...
ولم يعد لها وجه لفعل أي شيء...
صدقًا هي تخجل من فكرة الحديث معه مرة أخرى رغم اشتياقها الشديد له، هي أصبحت أمامه كتاب مفتوح...
مفتوح ليس بشكل قد يُشرف بل يؤلم ..
الموجع في الأمر بأنه لم يعاتبها، لم يرفع صوته، لم يُهينها، بل حتى في انفصالهما كان رحيمًا وأعطاها كامل حقوقها...
هذا يؤلمها أكثر...
تمتم حمزة يحاول السيطرة على نفسه وأعصابه مستخدمًا طريقة أخرى معها:
-أنا دلوقتي مش عايز منك حاجة ولا هتقدري تفيديني بحاجة، أنا عايز مصلحتك بجد واحد زي زين بيحبك وفعلا مفيش فيه عيوب تخليكي تفرطي فيه، أنتِ اللي هتخسري لو شاف غيرك وواحدة عرفت توقعه صدقيني أنتِ اللي هتخسري أنا بنصحك وأنتِ حرة...
هتفت ياسمين بنفاذ صبر:
-حمزة حل عني، الموضوع ما بينا منتهي..
-قوليلي بالظبط إيه اللي حصل ولو عايزة ترجعي أنا أساعدك عادي ونلاقي ليها ألف مخرج وطريقة...
لم يأتِ في عقل حمزة بأن تكون قد أخبرت زين بشيء لأنه يظن بأنها لا تمتلك تلك الجراءة الكافية وفي الوقت ذاته لن يصمت هو بالتأكيد بعد معرفته شيء هكذا....
لقد خاب ظنه...
كادت أن تصرخ في وجهه بأن يتوقف ويتركها في حالها لكن لحسن ظنها صدع صوت هاتفه يعلن عن اتصال ما...
نظر في البداية حمزة إلى الهاتف بدون اهتمام واضح إلى أن وجد ذلك الرجل هو المتصل....
أجاب على الفور ليسمع الخبر الذي أسعده جدًا تمت الموافقة على القرض الذي يريده ويطمح به....
___________
يقوم بضبطه الأرجيلة الخاصة به، ويشعل الفحم في الجهاز المخصص له ثم أخذ هاتفه وأخذ يبحث عن رقم زوجة أخيه "انتصار" ثم قام بالاتصال بها مغمغمًا...
-صباح الخير يا انتصار...
-صباح النور يا زهران...
كانت تشعر بالاستغراب ليس من عادة زهران الاتصال بها مبكرًا...
-ازيك..
-الحمدلله في نعمة.
ولج زهران إلى صلب الموضوع هاتفًا:
-الراجل جابلك الحمام ونضفه وهيبعت حد بيهم كمان شوية، وبتاع التكيفات هيجي بليل هبعتهولك مع نضال، هيجي ينظف ويغسل التكيفات من برا والفلاتر فاعملي حسابك يعني....
-ماشي يا زهران...
وضع زهران القهوة في الفنجان وهو يحدثها:
-البت سامية كلمتك ولا كلمت أخوكي من ساعة الخناقة؟؟.
قالت انتصار بغضب وحرج كبير:
-لا ولا اتصلت ولا أنا عايزة اكلمها وهو قالي أسيبها تتربى شوية وتعرف غلطها...
تحدث زهران معترضًا:
-لا غلط كده يا انتصار طريقتك أنتِ واخوكي غلط، بنتك مش هتعرف غلطها لما تسبيها، بالعكس كلميها وروحي شوفيها كمان، متسبيش البت لدماغها، بالعكس هتسوق فيها وهتبقى مورهاش حاجة غيره، كده أنتِ بتديله الفرصة على الجاهز، متتكلميش معاها في حاجة من اللي حصل بس روحي واتصلي بيها..
قالت انتصار شيئًا لكن ارتفع صوت على صوتها وهو صوت نضال الذي جاء من خلفه مغمغمًا:
-صباح الخير..
تمتم زهران بعدما استدار له:
-صباح النور يا ابني..
ثم وجه حديثه إلى انتصار:
-يلا زي ما قولتلك بقا سلام...
أنتهت المكالمة ورغم سماع نضال بعض الكلمات إلا أنها لم تجعله يسمع أو يفهم ما يحدث كاملًا...
تمتم نضال بفضول:
-في حاجة ولا إيه؟؟؟!.
خرج زهران من المطبخ ليتبعه نضال، رد عليه الأول بنبرة عادية:
-لا مفيش حاجة، أنا بقولها أن الراجل هيجي يغسل التكيفات بقا ويشيك عليها، بليل فضيلي نفسك علشان تطلع معاه عند مرات عمك وبعدين عند مرات أخوك...
ضيق نضال عينه ثم غمغم ساخرًا:
-طب ما تطلع حضرتك، وراك حاجة بليل يعني؟؟!
جلس زهران على الأريكة ووضع قدم فوق الأخرى مغمغمًا بسخرية:
-مواريش حاجة، هكون قاعد تحت عادي بس أنا خلفتكم ليه؟ مش علشان تعملوا انتم كل حاجة، أنا خلفتكم علشان أقعد أشرب الشيشة سواء كريمة أو أصيلة وأنا متمزج كده وأنتم تعملوا كل حاجة...
جلس نضال هو الأخر مغمغمًا بنبرة متهكمة:
-معاك حق أقتنعت خلاص...
سأله زهران باهتمام:
-سلمى عاملة إيه؟ أنا بكلمها كل يوم حتى لو مطلعتش عندها بس كالعادة بتقولي أنها كويسة، لسه متكلمتش مع حد؟؟..
تمتم نضال بنبرة هادئة:
-هي محتاجة وقت وأنا جنبها، هي كل يوم بحال، وأنا قلقان و مش عاجبني الوضع..
هتف زهران بعدم فهم وهو ينظر له بتركيز:
-قلقان ومش عاجبك الوضع إيه؟؟ قصدك على حالة سلمى لو قصدك كده ده الطبيعي يا ابني الصدمة مش سهلة يعني هو في بعد الأم..
أردف نضال بتفسير لما يفكر فيه:
-أنا عارف أنها هتاخد وقت عقبال ما ترجع حياتها الطبيعية تاني أنا بس قلقان من قعدتها لوحدها، السلم صعب وجهاد رجعت امبارح ، وكمان وفاء برضو الله أعلم هتتحمل لغايت أمته وأنا قلقان من فكرة أنها تكون لوحدها...
تمتم زهران يحاول الحديث بطريقة منطقية والتفكير في كل النقاط:
-هي جهاد بتقول هتقعد شوية هنا وشوية هناك بسبب السلم، وبعدين يعني حتى لو سلمى فضلت لوحدها فترة كده ولا حاجة مش مشكلة يعني دي في نفس الشارع و.....
قاطع نضال حديث والده وهو يخبره ما يفكر فيه:
-أنا مش خايف عليها في أنها تكون لوحدها علشان حاجة معينة ما انا عارف أنها في نفس الشارع، أنا بس علشان نفسيتها هي لسه مش مستقرة أصلا وأكيد القعدة لوحدها هتتعبها حتى لو هي مقالتش...
أردف زهران بالحل المثالي من وجهه نظره:
-خلاص يعدي شهرين ولا حاجة تخلص أنتَ الشقة فيهم وتجيب العفش وهي تيجي ومش لازم نعمل فرح ولا حاجة ندبح ونعمل إشهار أنها بقت في بيتك وخلاص....
-سلمى تعبانة نفسيا ومش هتوافق على حاجة زي دي أنا عارفها، وبعدين لازم تاخد وقت علشان تتخطى اللي حصل...
تمتم زهران بنبرة عادية:
-والله أنا شايف أن ده أنسب حل من وجهه نظري، بالعكس أن جوازتكم تتم ده اللي هيشغلها ويمكن ربنا يكرمكم بحتة عيل يملى عليها حياتها، لكن المماطلة دي هي اللي مش صح...
أردف نضال بنبرة حائرة:
-إني أتكلم في موضوع زي ده دلوقتي سلمى هتفكر بطريقة مختلفة مش زي ما حضرتك بتتكلم، يعني هتفتكرها تحكم او إني معنديش دم أو أي حاجة انا فاهمها، وحتى لسه معداش أسبوعين حتى...
تنهد زهران ثم تحدث بأخر حل توصل إليه بعدما شعر بأن حديث ابنه من الممكن أن يكون صحيحًا:
-خلاص هي تيجي تقعد مع جهاد وأنا هتكلم مع جهاد ممكن هي اللي تقنعها وتتحجج بموضوع السلم وأنها لوحدها وهي اختها ولازم تكون جنبها، وتقعد معاها منها قلبك يطمن أنها معاك، ولغايت ما تحس أن عدت فترة مناسبة وهي بقت قابلة الكلام؛ تخلص حوار المطبخ والتعديلات تفرش الشقة وتدخلوا.
_______________
استيقظت منذ الصباح الباكر وقامت بتوصيل أطفالها إلى الحضانة ثم ذهبت لشراء بعض الخضروات وأحتياجات المنزل من السوق...
هبطت معها والدتها ثم أخذت الطريق متوجهة صوب شقيقتها "سمر" هي تذهب مبكرًا لأن الطريق يأخذ وقت طويل أما في المساء سوف يذهب لها دياب ليرافقها ويعيدها إلى هنا...
وضعت الخضروات بعدما غسلتهم وقامت بتجفيفهم في الثلاجة بطريقة قد تحفظهم بها إلى أطول فترة ممكنة...
غسلت الصحون ورتبت المنزل بعدما تناول دياب فطوره وهبط للذهاب إلى القسم من أجل تجديد البطاقة الشخصية الخاصة به....
ذهبت إلى حجرة والدتها التي ترافقها فيها حور، وضعت يدها على ذراعيها متمتمة:
-حور، يلا قومي الساعة داخلة على حداشر علشان تلحقي المراجعة..
فتحت حور عيناها مرة واحدة كأنها لم تكن مستغرقة في النوم هذه الحالة ترافقها تقريبًا منذ أن بدأت امتحاناتها، بدأت تستوعب ما يحدث فجلست في نصف جلسة مغمغمة بصوتٍ ناعس به بقية نومٍ:
-أنتِ بتعملي إيه هنا دلوقتي أنتِ المفروض تكوني روحتي شغلك من بدري؟!..
تنهدت إيناس ثم أردفت بنبرة منزعجة:
-مش رايحة النهاردة، اتصلت اعتذرت...
تمتمت حور بعدم فهم:
-ليه مروحتيش؟ ما العيال في الحضانة، ومحدش في البيت حتى أمك مش هنا، أنتِ تعبانة ولا إيه؟؟.
تحدثت إيناس بنبرة مكتئبة منذ الحديث الذي دار بينهما؛ هي شعرت بمشاعر غريبة، هز كل شيء في حياتها بعرضه، عرضه التي مازالت لا تصدق هل هو حقيقة أم أن الأمر كله كان مزحة؟!..
-لا مش تعبانة في عندي انترفيو في مستشفى الصفا اللي عند الموقف هروح اشوف الدنيا الساعة اتنين ميعادي، هشوف الدنيا هتروح على فين اهو يمكن ربنا ييسر الأمور وأسيب هناك.
لم تكذب عند عودتها أول أمس تأخرت عن المعتاد فهي ذهبت إلى ثلاث مستشفيات منهما أثنين في منطقة مجاورة للمنطقة التي تقطن بها، وأخرى هنا؛ أمام موقف النقل العام..
سألت فيهما عن وظيفة تشابة وظيفتها؛ لعل هناك من يحتاج؛ حتى تُنهي هذا الأمر بأكمله تحديدًا بعد رسائل أحلام الطويلة التي تقص العديد من المشاكل التي مرت بها هناك وأنها على الأغلب ستعود قريبًا..
تمتمت حور باعتراض:
-هو في حد يسيب مستشفى زي اللي كنتي شغالة فيها؟ ده أنتِ مكنتيش تحلمي أن أول مرة تشتغلي في حياتك يكون هناك، ده أنا بدخل هناك بحس إني داخلة فندق عشر نجوم مش خمسة، هتسيبها علشان مستشفى الصفا...
تنهدت إيناس بانزعاج جلي وهي تحاول قول سبب واقعي:
-المشوار بعيد عليا أنا بقضي في المواصلات وقت أكتر ما بشتغل، مهما كان هنا هيكون أقرب بكتير ده اروحها مشي، بلاش بس تفقري...
شهقت حور بطريقة درامية ثم قالت:
-أوعي تكوني عملتي مصيبة هناك وعايزة تهربي، لو كنتي ممرضة كنت قولت اديتي حد حقنة هواء ولا حاجة، أوعي تكوني سجلتي حد على السيستم عملية بواسير وهو هيعمل الزايدة؛ زي ساوند التيك توك، فهما طرودكي....
-اسكتي وبطلي هبل الله يرضى عليكي علشان أنا مش ناقصة...
تحركت حور وجلست بجوارها مغمغمة:
-قوليلي في إيه طيب مش يمكن اساعدك؟ ده أنتِ لو قتلتي قتيل هاجي ادفن معاكي الجثة، قوليلي حصل إيه؟؟ أصل أنتِ كنتي اتعودتي على المشوار والشغل أيه اللي يخليكي تنزلي من السماء للارض مرة واحدة كده؟..
قالت إيناس كلمات لم تفهمها حور لكنها زادت من فضولها لأنها تؤكد لها بأن هناك شيء:
-يمكن كان شغلي هناك من الأول غلط، ويمكن كده أحسن في كل الأحوال أنا هسيب الشغل هناك حتى لو مقبلونيش هنا...
تحدثت حور بنبرة جادة:
-لا يا إيناس ابوس ايدك اتكلمي أنا عايزة الحق المراجعة ومستقبلي بيضيع وأنا في فترة امتحانات فاتكلمي بسرعة مفيش وقت بجد لكل الفلسفة والحكمة اللي في غير وقتها دي أرجوكي..
-قولتلك مفيش حاجة قومي اغسلي وشك واجهزي وأنا هعملك شاي بلبن وسندوتشات...
منعتها حور من الهروب وهي تمسكها من ذراعها مغمغمة:
-لا اقعدي مش هسيبك تفلتي مني وبعدين لسه المراجعة الساعة واحدة ونص وأصلا هو مش بيبدأ في الوقت، والمكان قريب قولي بقا في إيه...
نظرت لها إيناس نظرة فهمتها جيدًا فحاولت الدفاع عن نفسها في رد فعل تلقائي من الدرجة الأولى:
-لا والله أنا مش فتانة وكتومة، المرة اللي فاتت متكلمتش ساعة موضوع عمرو وصاحبه، صدقيني أنا كتومة بلاش تظلموني أكتر من كده...
قالت إيناس بنفاذ صبر وخضوع إلى فضول شقيقتها الصغرى أو من أجل رغبة بداخلها هي لا تدركها بأنها ترغب في أن تخبر أحدهما؛ ترغب في التكلم حول ما حدث ولا يتواجد شخص قد تستطع مشاركته ما يحدث:
-أنا هقولك علشان أنا مش لاقية حد غيرك ممكن أقوله...
-وجعتني دي بس مش مشكلة المهم أنك تتكلمي وتقولي مش هاخد على خاطري منك أنا...
أخبرتها إيناس ملخص بسيط جدًا ويكاد يكون سطحي عن علاقة أحلام به، وعن عرضه...
مما جعل حور تحتج، تنهض من مكانها تصيح بنبرة منفعلة وهائجة:
-يعني أنتِ رفضتي شخص زي ده قمور وغني، وناقص ينور في الضلمة وعينه عسلي علشان خاطر أحلام؟ ما تتحرق أحلام أكتر ما هي محروقة..
قالت إيناس بانزعاج جلي:
-أنتِ عيلة سطحية...
-لا أنا مش سطحية يا حبيبتي أنتِ اللي غبية...
هي لا تفهم ماهية عرضه؟
هل يريد الزواج منها كونه يريد الإنجاب مثلا وهي أمراة قد سبق لها الانجاب؟؟
صدقًا هي تفكر في كل الأسباب التي تجعله يعرض عرض هكذا سواء سبب منطقي أو غير منطقي...
هو أطاح الباقي من عقلها، ليس بينهما ولو شيء وحيد قد يجمعهما!!
على الأقل كانت أحلام طبيبة مثله؛ تعمله معه لفترة طويلة؛ اعتاد عليها، هناك عامل مشترك بينهما حتى ولو الطبقة الاجتماعية مختلفة اختلاف جذري..
لكن ما الشيء الذي قد يجعله يفكر بها هي لا تظن بأنها لديها ما يجعله يعرض عليها عرض هكذا؟!!...
هتفت إيناس بانزعاج وغضب كبير يحتلها أساسًا كونها تشعر بتلك الذبذبة:
- أنا غلطانة أني بتكلم معاكي قومي يلا علشان هتتاخري كده، و والله يا حور لو حد عرف بالكلام ده أنا مش هقولك هعمل فيكي ايه....
______________
مر يومين تقريبًا على رحيله لا يجب على تصالاتها حتى شعرت باليأس منه...
فتوقفت عن الاتصال في نهاية الأمر.....
ذهبت في الصباح من أجل عروس قد قامت بالحجز معها ثم عادت مرة أخرى وأتت بطعام من الخارج لها فهي ليس لديها أي طاقة لفعل شيء، هي تفعل كل شيء من أجله هو فقط...
لكنه مختفي....
تناولت الطعام وظلت تجلس في مكانها على الأريكة حتى أنها استلقت وغفيت عليها ولا تدري كم من الوقت مر عليها وهي نائمة إلا أن استيقظت بسبب قُبلات متفرقة على أنحاء وجهها وعنقها...
فتحت عيناها منتفضة ثم ابتعدت عنه وهي تشعر بالذعر، كانت نظراتها في البداية خائفة ثم تحولت إلى أخرى غاضبة..
-خضيتك يا قلبي ولا إيه؟؟
أعتدلت في جلستها ليصبح بجوارها هناك مكان يجلس فيه، وبالفعل جلس من تلقاء نفسه في رد فعل عفوي وأخذ يمرر يده على خصلاتها وهي تبعد يده عنها....
لم يغضب بل على العكس تمامًا تحدث بـرفقٍ فهو لديه مزاج رائق جدًا بعد المكالمة التي أتت له:
-لسه زعلانة مني؟؟..
رددت كلماته باستنكار شديد وهي تنظر له:
-زعلانة منك؟؟...
ثم صاحت بنبرة غاضبة:
-بقالك يومين سايب البيت ومعرفش عنك حاجة، وبتصل بيك مبتردش عليا، اتصلت بيك بدل المرة مئة، ولا بترد عليا ولا غيره لغايت ما فقدت فيك الأمل وبطلت اتصل، سايبني لوحدي مرمية زي الكلبة وكل ده ليه؟؟ أحمد ربنا إني مكبرتش الموضوع ولا عرفت أهلي بأنك سايبني...
قاطعها حمزة بهدوء وهو يلتقط كف يدها ويقوم بتقبيله بحنان بالغ:
-حقك عليا، والله حقك عليا وعارف إني غلطت وأني مكنش المفروض اتصرف كده، بس أنا مجرد رد فعل يا سامية، أنا رد فعل على جرحك ليا وأنك خليتي صورتي قدام أهلك إني طمعان فيكي وأنا أصلا عمري ما طلبت منك حاجة ومش متعود أصلا أطلب حاجة من حد علشان أطلبها منك أنتِ اللي المفروض أنا اديكي مش العكس...
قالت سامية بإصرار:
-أنا معملتش حاجة لكل ده يا حمزة أنا كنت حابة اساعدك..
وضع أصبعه على فمها مغمغمًا بجدية:
-خلاص يا قلبي مش لازم نتكلم في اللي حصل اللي غلط غلط وخلاص المهم أننا نتصالح والخلاف ميكبرش عن كده، وصدقيني أنا مشيت غصب عني خوفت اقعد تحصل مشكلة أكبر ما بينا، لازم كنت أنا اهدى وأنتِ تهدي...
لم تكن تلك الحياة التي تريدها أو حتى تنتظرها!!
لم تتخيل بأن أولى أشهر زواجها سوف تمر بهذا الشكل الكئيب، شجارات لا تنتهي، حتى أنه دومًا يُنهي الشجار بطريقة غريبة وكأنه هو الذي يمتلك الرأي الصحيح والسديد دومًا أما هي لا تفقه شيئًا...
اكتشفت عنه شيء هي حتى الآن لم تتقبله ولم تجده أمرًا هينًا، مهما حاولت أن تمرره إلا أنه لا يذهب من مخيلتها، لكنها منذ ذلك الوقت تشهد بأنها لم تمسك عليه أي شيء وهي ليست من النوعية التي تقوم بالتفتيش خلف زوجها بل حتى في المرةٍ الأولى هو من كشف نفسه...
أقترب منها وقبل رأسها ثم غمغم:
-حقك عليا يا حبيبتي، أحنا لسه بنحاول نفهم بعض ودي مشاكل عادية وواردة تحصل بين اتنين لسه متجوزين وبياخدوا على العيشة مع بعض...
هكذا يُنهي الخلاف في كل مرة!!
وهل حقًا بأن كل ما يحدث طبيعي؟!!
هي أصبحت لا تعرف أي شيء...
أسترسل حديثه يحاول التأثير عليها بأي طريقة:
-وحشتيني أنا غبي بجد إني مشيت بس أنا بحس أن كده أحسن علشان منتخانقش أكتر، إيه رأيك تقومي تاخدي دش كده وتلبسي وننزل نتعشى مع بعض برا، أنا جعان جدًا وحرفيا مكنتش عارف أكل خالص من غيرك...
سألته سامية بطريقة غريبة:
-أنتَ كُنت بايت فين اليومين دول؟.
ابتسم لها ثم غمغم:
-أول يوم في الكافية، وامبارح روحت ونمت في الشقة بتاعت العيلة قولت أنام هناك أحسن وبالمرة اطمن على ياسمين لأنها قاعدة لوحدها.
أسترسل حديثه بنبرة مشاغبة:
-لو شاكة فيا أو مش مصدقاني ممكن تسألي ياسمين........
قالت بنبرة لم تكن متيقنة منها مئة بالمئة وثقتها به لم تعد كالسابق لكنها قالتها بطريقة مجاملة كونها تعرف بأنه لن يكذب ويدخل شقيقته في الأمر:
-أنا واثقة فيك مش محتاجة أسال حد لأنك أكيد مش هتكدب عليا...
ابتسم لها فأسترسلت حديثها:
-بكرا الست اللي بتروح لماما هتيجي تساعدني وتنظف معايا البيت فهتيجي بدري شوية...
شعرت بالارتباك وهو يخبرها:
-ومقولتيش ليه من بدري؟؟..
-ما اديني بقولك أهو هو أنتَ كنت بترد عليا يعني، وبعدين هو في إيه؟
تحدث حمزة وهو يبتسم ببساطة شديدة فهو سوف يحاول حل الأمر:
-مفيش، خلاص يلا قومي خدي دش وشوفي هتلبسي إيه علشان ننزل يا حبيبتي وبلاش عطلة....
_____________
يقف في الشرفة يشاهد الصورة التي قامت بحفظها على هاتفه...
يشاهدها للمرة التي لا يعرف عددها...
يشاهدها ويحاول أن يُحللها وأن يعرف أية معلومات عن الشخص التي قامت بالإشارة إليه لكنه فشل الحساب خاص ومغلق ليس عليه أية معلومات قد تفيده...
حتى أن التعليقات على الصورة كانت أغلبها رموز تعبيرية وتعليقات عامة لا تظهر أي شيء أو شيء خاص....
حتى تجعله يعرف هويته؛ كان الأمر مزعجًا ومستفزًا جدًا، اغضبته الصورة بشكل افقده عقله، حتى أنه طوال اليوم يُراقب حسابها...
الغريب أنها لم تقم بمشاركة أي منشور بعد تلك الصورة كأنها تقصد بأن لا يرى غيرها في حسابها حينما يراقبها....
كأنها تقصد أن تشعله ولقد نجحت...
كانت الساعة لم تتجاوز الثامنة والنصف مساءًا لذلك قرر أن يصل بها...
قرار متهور لا يدري مدى صحته أو حتى صوابه لكن هناك بعض اللحظات قد تفعل فيها أشياء خارجة عن منطقك...
حاول الاتصال بها عبر الهاتف؛ هو معه رقمها لم يمسحه منذ الشجار الذي حدث بينهما وقت المقاطع التي فعلتها من أجله...
هاتفها لا يعطي شيئًا مرة والمرة الثانية أعطاه بأنه مغلق...
دياب القديم الذي يعرفه كان من الممكن أن يتوقف عند هذا الحد لكنه لم يتوقف بل أرسل لها رسالة...
هو أصبح شخص جديد لا يعرفه يتصرف بطريقة لم يتعهدها...
-موبايلك مقفول ومش مجمع ليه؟..
...على الجانب الأخر...
في الوقت ذاته كانت جالسة على الفراش على وشك أن تقتل نفسها، تبكي منذ ليلة أمس، تفكر فيما يحدث...
قد نشرت الصورة تقصده، تقصده هو لا أحد غيره....
لكنه لا تتخذ أي رد فعل.....
تتمنى أن يكون لم يراها، فإذا شاهدها ولم يتخذ رد فعل هذا سوف يدمرها أكثر...
لأن وقتها ستكون لا تعني له أي شيء وهي فقط تعيش بين الأوهام وأن رسالته بعد العزاء الخاص بأم سلمى ليست إلا فراغ....
هي ليست أي شيء بالنسبة له وهذا شعور يجرحها، لطالما كانت مرغوبة حاول الكثير الاقتراب منها، لكنها كانت ترفض الدخول في أي علاقة، نعم كان لديها العديد من الأصدقاء، منهم الشباب في محيط الجامعة لكن الأمر لا يتخطى الاجتماعات والتنزة معهم في مجموعة كبيرة....
الآن هي تخاطر بمشاعرها معه، وقلبها بشكل عذري لم يسبق لها من قبل...
أسودت ملامحها وكادت أن تلقي بالهاتف في الحائط لولا صوت وصول رسالة أنقذ كل شيء وأعاد لها الثقة وهي تجد تلك الرسالة منه، لم تنتظر كثيرًا لم ترغب في أن تكون تلك الفتاة الصعبة، هي أصلا كانت ترغب في أن تطلق زغروطة مصرية أصيلة بسبب تلك الرسالة لكن ما اوقفها ليس المكان بل لأنها لا تعرف فقط...
ردت عليه ووصله الرد سريعًا..
"أنا مش في مصر، معايا خط مش مصري دلوقتي ومحولتش التاني، لو عايز تكلمني أو في حاجة رن واتس أو ماسنجر، أو انستا"..
هي أعطت له أكثر من حل...
شعرت بالندم كونها تعطيه كل الصلاحيات...
لكن ندمها ذهب إلى الجحيم البعيد وهو يتصل بها لتجب عليه على الفور....
-الو..
"ازيك عاملة إيه؟!".
ردت عليه ريناد ببساطة:
-الحمدلله؛ في حاجة ولا إيه؟؟..
أجابها بطريقة ازعجتها نوعًا ما:
-مفيش حاجة بس جيتي على بالي قولت أسلم عليكي، كنتي بتقولي برا مصر...
تمتمت ريناد بانزعاج جلي:
-اه سافرت كانت عندي event اتعزمت عليه تبع شركة بعملهم marketing وقولت اقعد كام يوم.....
ألن يسأل عن الصورة؟؟
سوف تقتل حالها إذا لم يفعل...
سوف يخيب آمالها حقًا تلك المرة، حسنًا هي أدركت أنه لا يرغب في ارتباط جادي بها لأسباب كثيرة جدًا لذلك يقاوم مشاعره...
لكن كل ما تريده أن تطمئن من أن تلك المشاعر موجودة؛ شيء قد يعزز بداخلها الكثير والكثير......
تحدث دياب بنبرة مقتضبة:
-ألف مبروك...
قالت ريناد بانزعاج:
-على إيه؟؟؟.
-قصدي ربنا يوفقك يعني في حياتك الجديدة...
تحدثت ريناد ساخرة:
- إيه اللي جاب ألف مبروك لـ ربنا يوفقني؟؟.
ضحك دياب من قلبه وهو ينفث دخان سيجارته ثم غمغم:
-عادي زلة لسان وبعدين مش يمكن دي علامة علشان نفرح بيكي قريب ان شاء الله، متنسيش تعزمني...
-يوم ما اعملها مش هعزمك أنتَ مش قريبي يعني...
-بس جارك..
المحادثة أصبحت سخيفة؛ سخيفة بشكل لا تقبله حقًا.........
إلى أن سألها سؤال مباشر:
-مين اللي معاكي في الصورة؟...
ردت عليه بغضب وغيظٍ رغم فرحة قلبها لكنه استنفذ صبرها:
-وأنتَ مالك.
انزعج ولكنه لم يحاول أن يرد عليها رد قد يزيد الأمر سوءًا لذلك غمغم:
-مجرد سؤال يعني علشان لو في حاجة نبارك، بس حاسس أنه كبير عليكي شوية..
-ملكش دعوة ده أنتَ مستفز صحيح متصل تعصبني...
قال لها بنبرة لا تحمل المزيد من المكابرة في تلك اللحظة هو فقط يرغب في إجابة قد تبث فيه الراحة:
-لا متصل علشان أعرف مين اللي معاكي في الصورة...
شعرت بالرجاء في نبرته أصبحت تشعر به وتعرفه جيدًا، تحفظ ردود أفعال، تستشعر بما يريد قوله دون أن يبوح به...
فهمته لذلك ردت بهدوء لا مزيد من المراوغة هي فعلت ما أرادته في النهاية..
-خالو، هو عايش هنا مع مراته وأنا جيت قعدت معاهم كام يوم بعد ما خلصت الـ event.
سمعته يعقب بطريقة جعلتها تبتسم بسبب عفويته فيها:
-ومراته مدخلتش معاكم في الصورة ليه؟؟.
قالت مرواغة تلك المرة كونها فعلت هذا تحديدًا من أجله:
-كده مبتحبش التصوير، بس شكل الصورة ضايقتك وغــ...
تحدث دياب بنبرة واضحة وهو يقاطع حديثها:
-ضايقتني وغيرت جدا...
يا ليته يستطيع رؤية بسمتها وتسارع دقات قلبها، نطق بما أرادات وهذا كان اكثر مما تتمنى حقًا لكنها قالت:
-ماشي.
كأنه لم يقل شيئًا وشيئًا كبيرًا جدًا فأسترسل حديثه بهدوء:
-خلي بالك من نفسك، وترجعي بالسلامة يارب، ليكي وحشة مش لاقي حد تحت مني يسمعني بليل أو أوقع على لبسه شاي الحياة رجعت مملة تاني...
-علشان تعرف قيمتي بقا..
ثم أسترسلت حديثها:
-يلا تصبح على خير...
-وأنتِ من أهل الخير..
انتهت المكالمة العبثية من الدرجة الأولى...
انتهت المكالمة التي كان غرضها الوحيد هو معرفة من هذا الشخص...
هي على العهد الذي لم ينطق به أحد لكن القلوب نطقت به منذ مدة...
هل سيجمعهما لقاء جديدٍ؟؟ أم ستعود الأيام مملة وروتينية تتوقف على المراقبة وهي يراقب كلاهما الأخر على مواقع التواصل الاجتماعي؟!..
______________
لم تصعد جهاد اليوم حتى تبيت في الشقة مع سلمى بسبب شعورها بالاعياء ولأن الطبيبة أخبرتها بألا تصعد كثيرًا إلى الأدوار المرتفعة...
لذلك قررت أن تذهب في الغد وتظل هناك حتى موعد الطبيبة القادم ولن تهبط من شقة والدتها إلا إذا كان هناك حاجة إلى هذا...
تحدثت مع سلمى طوال اليوم تقريبًا بأن تأتي وتجلس معها لكنها رفضت أن تترك المنزل متحججة بأنه مازال الناس والمعارف يأتون خلال اليوم من أجل تقديم واجب العزاء، لأن هناك من عرف متأخرًا أو من لم يسعفه الأمر وقت العزاء، أو حتى من لديه رغبة في الاطمئنان عليها...
كانت حججها كلها واهية لكنها لم تستجب إلى نوع من أنواع الإلحاح...
جاءت إلى انتصار في منتصف اليوم جلست لمدة ساعة ثم غادرت؛ وبعد العشاء جاءت وفاء من أجل المبيت معها بعدما طلب منها نضال ذلك وفي الحقيقة أنها لم تتأخر أبدًا بالرغم من أن علاقتها مع سلمى ليست جيدة أو حتى سيئة، الحديث بينهما قليل نوعًا ما، العلاقة القوية هي بينها وبين جهاد..
لكنها في كل الأحوال لم تكن تريد تقييم مدى عمق الصداقة والعلاقة بينهما، هي كانت تريد الوقوف بجوارها، ومساندتها في هذا الظرف الصعب التي تعرفه هي جيدًا كونها مرت به من قبل..
استقبلتها سلمى استقبال جيد نوعًا ما، بل شكرتها على تعبها في الفترة الماضية معهما، وأخبرتها بأنها سوف تفعل بعض الأشياء وترتب الغرفة ثم تصنع لهما العشاء سويًا ووافقت وفاء، مما جعلها تغير ملابسها وتنتظرها.......
اختفت سلمى لمدة نصف ساعة تقريبًا وهذا أثار قلقها تحديدًا حينما نادت عليها ولم تجب عليها، تحركت وفاء وتركت الأريكة ثم توجهت صوب الغرفة وكان المشهد بشع ومؤلم نفسيًا...
صدقًا هي التي عادت إلى نقطة الصفر ليست سلمى وحدها..
كانت سلمى تحتضن ملابس والدتها وعند تلك اللحظة الثبات التي كانت تدعيه منذ تلك الليلة التي عقبت خروجها مع نضال، ذهب في مهب الريح..
هي تحضتن الملابس لكن دون أن تكون فوق جسد والدتها وأن تشعر بروحها، فقط هناك مشاهدة قصيرة في ذهنها لوالدتها بتلك الملابس...
الأمر كان صعبًا حتى أن وفاء تحركت إلى الداخل أخذتها في أحضانها وكانت سلمى ترتعش وتبكي، هي راضية..
ترضى بالقضاء لكن الحزن والفراق مؤلم...
مؤلم جدًا.....
بعد مرور ساعة تقريبًا توقفت ارتعاشة جسدها واقنعتها وفاء -التي كانت تبكي هي الأخرى بالمناسبة- فهي تشعر بها أكثر من أي شخص....
اقنعتها بأن تذهب إلى حجرتها وتستلقى حتى أن تقوم هي بتحضير العشاء لهما، وافقت سلمى لأنها هدأت قليلا لكنها لم تتوقف عن البكاء وشعرت بأنها قد فقدت قواها...
وقفت وفاء في الشرفة بعدما مسحت دموعها، فتحت هاتفها وقامت بالاتصال بـ نضال.....
بعد مرور ثلث ساعة.
تقريبًا كان نضال أمام الباب فتحت له شقيقته بعدما اتصل بها يخبرها بأنه في الخارج دون أن يقرع الجرس...
نضال سألها نضال بلهفة قد تظهر حتى للأعمى وهو يخلع حذائه مغمغمًا:
-هي فين؟؟..
أردفت وفاء بحزن حقيقي:
-في اوضتها هي متعرفش إني كلمتك، بس أنا حاسة أنها هتكون محتاجة لوجودك لولا أن جهاد زمانها نايمة وحملها كنت كلمتها تيجي، أنا كمان حاسة اني مش لاقية كلام أقوله رجعت لنقطة الصفر ومن كتر ما أنا حاسة بيها مش لاقية كلام أقوله..
أقترب منها نضال تاركًا قُبلة على جبهتها مغمغمًا بامتنان حقيقي وحنان كانت تحتاجه وتأخر لكن الجميع يحاول الاعتياد على الظروف الذي لم يتدخل بها أحد بإراداته..........
- ان شاء الله كله هيعدي...
ثم ختم حديثه قائلا:
-شكرًا أنك هنا...
ابتسمت له ثم ربتت على كتفه وولج هو صوب حجرة سلمى التي يعرف طريقها جيدًا...
اندهشت سلمى مما جعلها تسحب منديل ورقي لا تعرف عدده وتمسح دموعها سريعًا تسأله دون أن تتحرك من مكانها فهي فقدت قواها حقًا:
-إيه اللي جابك متأخر كده؟!..
جلس بجوارها في الفراش الصغير مستندًا بظهره على ظهر الفراش:
-معلش بقا وأنا نازل محدش وقفني في بيتنا قالي الوقت اتأخر واقعد يا نضال عيب تنزل دلوقتي...
لم يحتاج الأمر الكثير من الذكاء وهي ترد عليه ولحسن الحظ تلك المرة كانت تربط على رأسها وشاح لم يكن كبيرًا ولكنه يرضيها، كان سبب ربطه هو أنها شعرت بألم في الرأس من كثرة البكاء..
-وفاء هي اللي قالتلك...
قالتها بضيق لكنه أحتوى الموقف وهو يضع ذراعه خلف ظهرها يضمها إليه نوعًا ما، هاتفًا:
-معلش احنا عيلة فتانة، سواء هي أو اخوها وأقولك سر كمان بس متقوليش لحد
نظرت له بفضول فأخبرها بنبرة خافتة:
-أبوهم كمان كده..
ابتسمت سلمى رغم أن الدموع مازالت تهبط من عيناها، أسترسل نضال حديثه بنبرة جادة:
-أنا اكتر حد في العيلة دي كتوم، يعني أكتر حد ينفع تعملي معاه أي حاجة وتقولي قصاده أي حاجة....
أخذت سلمى نفس طويل ثم غمغمت وهي تنظر له:
-أنا كويسة يا نضال تقدر تمشي..
عبست ملامحه وهو يتمتم:
-أنا عمر ما حد طردني كده، بس مقبولة منك..
ثم استرسل حديثه بنبرة هادئة:
-وبعدين أنا جاي اتعشى معاكي، إيه رأيك أخدك أنتِ ووفاء ونروح نتعشى في أي حتة، واهو تغيري جو...
أردفت سلمى بنبرة خافتة وهي بين أحضانه:
-لا حاسة أني مش قادرة أنزل ومخنوقة جدًا ارجوك امشي وأنا هحاول أنام خلاص مش قادرة لأي حاجة.
ترك نضال قُبلة على رأسها ثم غمغم:
-لو ده أخر قرار أنك مش هتنزلي مش مشكلة ممكن نأجلها ليوم تاني؛ انا عندي اختيار تاني لأني جعان ومتغدتش أصلا لغايت دلوقتي.
-ولا اختيار تاني ولا اختيار تالت...
أسترسل نضال حديثه وكأنه لم يسمع منها شيئًا:
- أنا هقوم اشوف في إيه واحضرلك أنا العشاء ونأكل كلنا مع بعض ووقت ما أنا بعمل كده هتقومي تاخدي دش وتغسلي وشك وتفكي البتاعة اللي على رأسك والله أنا مشوفتش ستي بس أنا متأكد أنك شبهها وهي رابطة رأسها كده...
كانت مذبذبة كل يوم بحالة..
حالتها النفسية ليست مستقرة أبدًا...
هزت رأسها على مضض، ونهضت ثم أخذت ملابس لها متوجهة صوب المرحاض وأثناء ذلك كان هو ووفاء يحضران عشاء بسيط بما وصلت إليهم يديهما من أشياء...
تناول الثلاثة العشاء سويًا إلى أن أصبحت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل كانت وفاء تغسل الصحون بينما نضال يقف عند الباب يقوم بتوديعها...
بادرت هي باحتضانه مغمغمة بنبرة قصدت كل حرف بها:
-أنا معرفش لو أنتَ مكنتش موجود كان ممكن يحصل إيه معايا الفترة دي يا نضال، شكرًا على كل حاجة...
هبطت دموعها وهي تتحدث كأنها تدرك بأنه ليس عليها أن تتأخر في قول ما تريد..
كل شيء يجب أن تقوله في وقته، ليس عليها التأجيل فيما يخص أي شخص في حياتها تحبه، قد يكون ليس هناك وقت للتأجيل من الأساس...
شدد نضال من احتضانه لها مغمغمًا بنبرة هامسة:
-أنا جنبك ومعاكي مش هسيبك، ومعاكي، كل حاجة هتعدي.
هي لا تظن بأنها من الممكن أن تتخطى أبدًا!!
شعور مؤلم..
مؤلم إلى الحد الذي يجعلها تشعر بأن قلبها ينزف.....
ترك قُبلة على جبهتها ورأسها مغمغمًا وهو يحاوط وجهها بكفيه:
-نامي ومتسهريش أكتر من كده، لو في حاجة اتصلي بيا مش لازم حد يفتن عليكي..
ابتسمت من وسط ألمها متمتمة:
-حاضر...
-لو منمتيش كلميني، وأنا هعدي عليكي أول ما اصحى خلي بالك من نفسك....
____________
تقلبت سامية في الفراش الذي كان خاليًا...
كانت وحدها فيه...
نهضت ثم ارتدت المئزر فوق منامتها الحريرية خرجت من الغرفة لشعورها بالعطش سوف تذهب ناحية المطبخ وكانت تظن بأنه في المرحاض رُبما...
لكن عند خروجها من الغرفة كان المرحاض فارغًا.....
ولم يكن موجودًا في حجرة المعيشة...
فتحت باب الحجرة الثانية وجدته...
كما وجدت الهاتف بين يديه في وضع جعلها تصرخ كالمجنونة....
_______يتبع________
إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل الروايات اللي بيدور عليها من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا
انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺