expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

يونس الفصل الأول حتى الفصل العاشر بقلم إسراء علي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

 يونس الفصل الأول حتى الفصل العاشر بقلم إسراء علي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

يونس الفصل الأول حتى الفصل العاشر بقلم إسراء علي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات


الفصل الأول
نزع عنه النظارة الطبية بعدما أنهى تدقيق بعض الأوراق..لتدلف بعدها سكرتيرته وهى تحمل بذلته الخاصة بـ حفل اليوم قائلة بـ إبتسامة روتينية

-مستر عز..البدلة بتاع حضرتك وصلت..حضرتك هتجهز هنا ولا أبعتها لحضرتك ع القصر!
-نظر لها بـ هدوء تنم عن رزانته:لأ سبيها هنا

تحركت بـ خطى واثقة ثم وضعتها بـ مكانها المُخصص وقبل أن تدلف إلى الخارج تشدقت بـ عملية

-تأمرني بـ حاجة تانية يا فندم!!
-بعتي العربية للهانم زي ما قولتلك؟
-أماءت بـ رأسها وقالت:أيوة يا فندم من زمان

هز رأسه بـ رضا ثم أشار بـ يده كي ترحل..أغلقت هى الباب فـ نهض هو من مكانه ودلك رقبته فـ قد ألمته من كثرة العمل..نزع عنه سترته ودلف إلى المرحاض حتى يغتسل...

بعد خمسة عشر دقيقة خرج ونظر إلى ساعة الحائط وقال بـ إبتسامة مُتهكمة

-ربع ساعة بس..والست هانم بتقولي ساعة مش كفاية..عبيطة البت دي

ثم ضحك وقال بـ سخرية

-والله جاتلك اللي تخليك تكلم نفسك يا عز الدين بيه

[[system-code:ad:autoads]]

وبدأ في إرتداء ثيابه من إحدى الماركات الشهيرة..وضع عطره وأنهى طلته الجذابة بـ وضع تلك الحلقة الفضية التي تُزين يُمناه وقد نُقش عليها أحرف اسمها بـ حرفية..أمسك هاتفه وإتصل بها وهو يتأمل هيئته في المرآه..ثوان وأتاه صوتها الناعس

-صباح الخير يا عز
-إبتسم بـ مزاح وقال:صباح الخير!!..حضرتك الساعة إتنين الضهر..صباح إيه بقى؟
-ردت عليه بـ تأفف:يا عز أبوس إيدك إرحمني هو كل ما تتصل بيا هتسمعني الكلمتين دول..أنا يا سيدي واحدة لسه متخرجة وعاوزة أستمتع بـ شبابي اللي راح فـ كلية الهم والغم دي
-قهقه عز بـ إستمتاع وقال:خلاص يا حبي مش قصدي ياستي عشان تسمعيني المرشح دا..ثم إني بصحى من الفجر عشان شغلي وأنتي بتفضلي نايمة منا لازم أحس بـ القهر
-تشدقت هى بـ تشفي:أحسن..حد قالك تدخل سلك السياسة يا سيادة الوزير
-هتف هو بـ حزن مصطنع:هى بقت كدا!!..

ضحكت هى بـ إستمتاع لترتسم إبتسامة عفوية على وجهه ليُكمل حديثه بعدها بـ جدية أجادها

-عمومًا إعملي حسابك يا ست البنات أنتي هتيجي لوحدك عشان مخلصتش شغل ومش هعرف أجيلك..يعني هخرج من الوزارة ع الفيلا ع طول
[[system-code:ad:autoads]]-أتاه صوتها الحانق:لأ أحنا متفقناش ع كدا..مليش دعوة يا عز أنت قولا هتيجي تاخدني..
-هدأها بـ صوته الرخيم:حبيبتي..أنا أسف بس مينفعش أجيلك وأسيب الشغل..صدقيني مش هينفع
-ردت هى بـ عنفوان:عنك ما جيت..إيه رأيك بقى مش جاية الحفلة وأعلى ما فـ خيلك إركبه!
-ضحك بـإستفزاز ليقول بعدها بـ ثقة:هتيجي يا حبيبتي هتيجي..هتلاقي عربية مستنياكي قدام بيتك هياخدك..يلا سلام...

ثم أغلق الهاتف وهو يبتسم على معشوقته..طفلة يعلم أنه يعشق طفلة فلا أحد غيرها إستطاع إختراق فؤاده سواها..عشقها مُنذ سنوات ليأتي بعدها ويُصمم على خطبتها قبل أن يُصبح وزيرًا للبترول..تفاجئ بـ تصريحها بـ عشقها له مُنذ الولهة الأولى..مُنذ أن إلتقاها في كليتها دار العلوم ليشعر بعدها أنه إمتلك العالم بـ أكمله....

***************************************

وعلى الجانب الأخر قذفت هى الهاتف بـ حنق..ثم عقدت يدها أمام صدرها وقالت بـ ڠضب

-كدا يا عز!!..بتخون ثقتي فيك!!..بعد ما يعشمني إنه هيجي ېغدر بيا..وعشان مين!..شغله الحقېر فـ الوزارة..ماشي يا عز
-بتوووول..أنتي يا زفتة قومي بقى قرفتيني يا بنت بطني..
-وأكملت بتول بـ صوت خفيض:قومي يا فاشلة..مفيش وراكي غير النوم لحد ما تعفني

وضعت يدها في خصرها الدقيق وقالت بـ مزاح

-إسطوانة كل يوم يا ست أم بتول

ثم نهضت بـ رشاقة تتناسب مع جسدها النحيف..نظرت في المرآه تتأمل بشرتها الخمرية وعيناها الخضراوتان وكأنهما غابات من الزيتون..شفاها الممتلئة بـ لونها الأحمر الطبيعي خُصلاتها السوداء كـ سواد الليل يتداخل معه خُصيلات بُنية داكنة..لتقول هى بـ تكبر مازح

-والله الجمال دا خسارة فيك يا عز

سمعت صوت والدتها يصدح بـ ڠضب لترد هى مُسرعة

-أيوة يا ست بدرية جيالك

ثم ركضت خارج غُرفتها لتُقابل والدتها الخارجة من المطبخ وهى تتبرم بـ القول وصوتها العالي يصدح فـ المكان

-خليكي كدا أكل ومرعة وقلة صنعة
-إقتربت بتول تحضتنها ثم قالت بعدما قبّلت وجنتيها:جرى إيه يا ام إسلام..حنني قلبك عليا دا شوية..دا أنا زي بنتك ولا إيه النظام!
-أزاحت يدها عنها وقالت بـ سخط:لأ جيباكي من قدام باب جامع
-وكزتها بتول بـ مزاح وقالت:لأ وأنتي الصادقة من قدام معبد اليهود

وفي تلك الأثناء خرج أخيها الأكبر والذي يُشبه شقيقتها في لون بشرتها والذي روثاه عن أبيهما وعيناه السمراوتان بـ جسد نحيف وهو يقول بـ مزاح

-والله محصلتيش يهود..شكلك كدا بيقول من الماجوس
-هتفت بـ عصبية:شايفة يا ماما!!..شايفة إبنك بيقول عليا من الماجوس
-تحركت والدتها من أمامها وقالت:ياختي أوعي ..دا ظلمهم لما شبهكم بيكي

صدحت ضحكات شقيقها..لتصرخ هى بـ حنق..ثوان و وجدت أباها يدلف إلى المنزل لتركض ترتمي في أحضانه قائلة بـ نبرة حزن أجادتها

-شوفت يا بابا..شوفت مراتك وأبنك بيغلطوا فيا وفيك
-فغر إسلام و والدته فاهيهما وقالا في ذات الوقت:غلطنا فيه!!
-نظرت لوالدها بـ براءة مصطنعة وقالت:أه يا بابا..قالوا عليا إني من اليهود وإنك ماجوسي

نظر والدها إليهما بـ صدمة مصطنعة فهو يعلم إبنته تمام العلم..ليقول بـ ذهول مصطنع

-أنا ماجوسي؟
-هرولت إليه بدرية وقالت بـ دفاع:أبدًا والله..بنتك دي ڼصابة

ثم وكزتها بـ حدة..لتصرخ بتول وهى تتأوه ثم إرتمت مرة أخرى في أحضانه

-شوفت يا بابا!!..يرضيك كدا يا حج إسماعيل؟..أهي بتضربني أهيه
-لأ كله إلا كدا..بدرية

هتف الأخيرة لتنظر له بدرية بـ توجس..أما بتول فـ قد ظهرت إبتسامة لئيمة على وجهها ليردف بعدها إسماعيل وهو يقول

-قولتيلي إنك قولتلها إنها من اليهود

حدقت به بدرية بـ سكون فلم تستطع الحديث..ليُكمل بعدها بـ مرح

-يهود إيه بس حرام عليكي..دا أنتي ظلمتيهم

إختفت إبتسامتها تزامنًا مع صدوح ضحكات الجميع..لټضرب قدميها بـ عڼف الأرضية وركضت إلى غُرفتها وقبل أن تغلها قالت بـ ڠضب طفولي

-أنا هسيبلكم البيت دا وأرحل

ثم أغلقت الباب وبدأت في إرتداء ملابسها من أجل الحفل....

***************************************

ضړب على طاولة مكتبه بـ عڼف حتى إهتز ما عليه..ثم هدر بـ.ڠضب

-يعني إيه يا محمد!!..حط راسي فـ الأرض زي النعام وأسكت!
-ضړب صديقه كف على أخر وهو يقول:يا بني أنا قولت كدا؟..أنا بقولك نهدى عشان نعرف نتصرف صح
-ليُصيح بـ حدة:وأنا لسه هفكر..بقولك أخويا مُختفي من سنتين ومحدش يعرف عنه حاجة..مش كفاية أمي ماټت بـ حسرتها عليه..

قال الأخيرة بـ تهدج..ليربت محمد على يد صديقه قائلاً بـ تأثر

-الله يرحمها ويجعل مثواها الجنة..
-اللهم أمين

صمت قليلاً ثم أكمل محمد حديثه بـ تريث

-يا عدي الراجل دا مش سهل و عنده حصانة..أنا عارف اللي بقوله صعب عليك لكن أي غلط مش هتروح أنت لوحدك ورا الشمس...دا أنت وأخوك وأبوك وأمك..فـ نهدى و نركز عشان نعرف نوقعه
-حك عدي رأسه بـ عڼف وقال بـ قهر:مش قادر يا محمد..أنا بشوف أمي وهى بټموت من حسرتها عليه..أخويا ومش قادر أوصله..وأبويا زي ما يكون عايش مېت..إبنه راح منه فـ ثانية..متخيل أنا عايش إزاي!..
-أماء محمد بـ رأسه وقال بـ رزانة:عارف والله عارف..بس أنت عارف أخوك ظابط مخابرات شاطر..ومحدش قدر يوقعه قبل كدا..فـ كون إنه مختفي كدا أكيد دا من تخطيطه..مش دا اللي يوقعه كدا
-تحدث عدي بـ عصبية:ودا اللي مجنني..ليه مرجعش لحد دلوقتي؟..ليه قاعد تحت رحمته؟
-أنت متأكد أصلاً أنه هو اللي حابسه!!..يعني..يكون..آآآ...

نظرة ڼارية من عدي ألجمته قبل أن يقول بـ قتامة

-متكملش يا محمد..بلاش تكملها عشان منخسرش بعض
-تنحنح محمد وقال بـ حرج:مش قصدي..أنا قصدي هو بسهولة يقدر يهرب منه..ليه بقى مرجعش!!
-أغمض عدي عيناه وهتف بـ يأس:معرفش..بس كل اللي أعرفه إن الكلب دا ليه يد في إختفاء أخويا..ومش هسكت إلا لما أعرف هو حصله إيه...

***************************************

وضعت اللمسات الأخيرة من مساحيق التجميل الخفيفة..ألقت نظرة راضية على هيئتها فـ إبتسمت بـ سعادة وقالت بـ مكر نساء

-دا أنا هجنن أمك يا عز عشان تحرم تخل بوعودك معايا...

حيث كانت ترتدي ثوب من خامة الحرير ينسدل على جسدها بـ نعومة سلسة..ذو لون أروجواني يُلائم بشرتها..من أعلى بـ حمالة واحدة عريضة على كتفها الأيسر والأخر عاري..ضيق من الصدر إلى الخصر ثم ينسدل بـ إتساع طفيف يحده من الخلف ذيل يفترش الأرضية..عدلت خُصلاتها القصيرة التي تنتهي عند نهاية نحرها..وضعت الشال من نفس الخامة على ظهرها ومنكبيها ألقت نظرة أخيرة..

-يا سلام عليا و ع حلاوتي..تهوسي يا بت يا بتول...

ثم خرجت لتقول والدتها ما أن رأتها

-بسم الله ما شاء الله قمر يا روح قلب أمك

دارت حول نفسها ثم قالت بـ تلهف

-بجد حلو يا ماما؟
-إقتربت بدرية منها وإحتضنتها وقالت:طبعًا يا قلبي..دا أنتي تقولي للقمر قوم وأنا اقعد مكانك

أتاهم من الخلف صوت والدها يهتف بـ عبوس

-مش شايفاه عريان أوي يا بتول!!

جذبت بتول الشال الخاص بـ الثوب ثم وضعته عليها ليُخفي ما ظهر من جسدها وقالت بـ مرح

-طب وكدا!!
-مط والدها شفتيه وقال:ماشي..بس متقلعيش الشال
-إقتربت تُقبل وجنة ابيها وقالت بـ ثقة:متخافش يا حج..هفضل قافشة فيه لحد ما أرجع
-ضحك والدها ثم قال:طيب ما ام نص لسان..عز مش جاي!
-لوت شدقها بـ ضيق وقالت:لأ يا بابا..البيه عنده شغل هيطلع منه ع الحفلة
-قطب ما بين حاجبيه وتساءل:طب وهتروحي إزاي!!
-تكرم عليا وبعتلي عربية بـ سواق..شوفت يا بابا بـ سواق
-ربت على وجنتها وقال:معلش يا حبيبتي هو برضو وراه مصالح وأشغال..مينفعش يقولهم لأ
-هتفت بـ حنق:أنت كمان بدافع عنه يا بابا!!!!
-قاطعتها والدتها وهى تقول بـ نزق:يلا يا بت عشان متتأخريش على خطيبك..وبعدين الراجل عنده شغل زي ما أبوكي قال..فـ متعتبيش عليه
-جذبت حقيبتها بـ عڼف وقالت بـ تبرم:حد قاله يبقى وزير..أووووف

ثم خرجت وصفقت الباب خلفها..طوال نزولها الدرج ظلت تُهمهم بـ سخط وتسب عز الدين..وصلت إلى مدخل البناية القاطنة بها فـ هى من أسرة ميسورة الحال أبيها يعمل دكتور بـ كلية الفنون و والدتها ربة منزل..تقطن في حي أغلب قاطنيه متوسطي الدخل...

تحركت بـ خطى وئيدة وهى ترى السيارة..ويقف أمامها عز الدين..وعند تلك النقطة تسمرت في مكانها وأخذت ترف بـ عينيها عدة مرات بـ دهشة حقيقية..لمح هو تلك الدهشة..ليقترب منها وعلى وجهه إبتسامة جذابة..لتقول وهى تراه يقترب

-دا هو اللي خسارة فيا مش أنا

وعلى الرغم من أن عز الدين لا يمتلك وسامة مُهلكة..إلا أنه يمتلك شخصية جذابة بـ هدوئها ورزانتها..طلة باهرة بـ تلك البشرة السمراء كـ أغلب المصريين ولكنه بـ جسد رياضي وقامة طويلة وبشدة..فاقت من شرودها عليه وهو يجذب كفها ويُلثمه بـ طريقة راقية إقشعر بدنها لها..ثم همس في أُذنها

-مكنش ينفع أسيب القمر دا يجي لوحده
-إبتسمت بـ عذوبة ثم قالت بـ عشق:هو أنا قولتلك إني بحبك؟
-إبتسم إبتسامة جذابة وقال:لأ
-إرتفعت علها تصل إلى قامته الطويلة:طب أنا بحبك

أغمض عيناه يستمتع بـ لحن تلك الكلمة التي تُلحنها شفتيها..ثم قال هو بـ همس عذب

-وأنا بعشقك يا بتول قلبي

ثم قبّل وجنتها بـ رقة..لتتورد وجنتيها..فـ قالت بـ خجل

-عز..إحنا..فـ الشـ..ارع..والناس بتتفرج
-أمسك يدها وجذبها معه ثم قال بـ ضحك:وأنا عاوزهم يتفرجوا عشان يشهدوا على عشقي ليكي

أخفضت رأسها وهى تبتسم بـ عشق لذلك الكائن الخرافي الذي يسير بـ هيبة و وقار بجانبها..فتح لها باب السيارة..لتدلف ثم دلف هو..تبعه حرسه وتحرك ذلك الموكب الذي شاهده الناس..منهم من يُشاهد بـ سخط..ومنهم من يُشاهد بـ حسد وأخرون بـ غيرة واضحة...

****************************************

وصلت السيارات إلى منزل عز الدين..ترجلا من السيارة ودلفا إلى المنزل المُحاط بـ عدة رجال شرطة وأخرون من شركات الحراسة..إستقبله العديد بـ حبور..ظل عز الدين فترة يُرحب بـ الجميع..وهى واقفة على إحدى الطاولات تنتظره..ليأتيها بعد قليل..فـ قالت هى بـ ضيق

-هو أنت مش بتشوف الناس دي كل يوم؟
-إبتسم بـ إرهاق وقال:بيزنس بقى يا قلبي..معلش
-زفرت بـ حنق وقالت:منا مش عارفة أقعد معاك شوية

جذب يدها يُقبلها كما إعتاد أن يفعل ثم قال بـ هدوء

-معلش يا بتول..إستحملي شوية بس
-إبتسمت هى الأخرى وقالت:عشان خاطرك أنت بس
-تسلميلي يا حبيبتي

قالها ثم وضع يده على وجنتها

-عز الدين باشا!!

إستدار عز الدين ليجد أحدم يتحدث إليه..إبتسم بـ مجاملة

-أيمن باشا..أخبارك إيه!!
-تمام يا عز باشا

وتقدمت منهم سيدة فـ وضع أيمن يده على كتفها وقال بـ إبتسامة

-حرمي
-أهلاً يا فندم
-أحنى ايمن رأسه وقال:مش تعرفنا يا عز باشا

جذب عز الدين بتول..ثم حاوط خصرها وقال وهو ينظر إلى خضراوتيها بـ عمق

-دي حبيبتي وخطيبتي..بتول
-إبتسمت بـ خجل وقالت:تشرفت بيكو
-ردت زوجة أيمن بـ مجاملة:الشرف لينا

ثم بدأو يتجاذبون أطراف الحديث وعز الدين لم يتخلى عن قيد خصرها..تقدم منهم أحد حرسه وهمس في أُذنه بـ عدة كلمات..ليومئ هو بـ رأسه..ثم نظر إلى بتول وهمس في أُذنها

-حبيبتي أنا مضطر أروح المكتب عندي شغل شوية
-أماءت بـ تفهم وقالت:خلاص يا حبيبي روح أنا هستناك
-جذب يدها يُقبلها ثم قال بـ أسف:أنا أسف يا حبي
-ولا يهمك يا حبيبي

ثم رحل عنها..وبقيت هى مع أيمن و زوجته..تحدثوا في عدة مواضيع ولكنها شعرت بـ ملل..فـ إعتذرت هى بـ طريقة راقية ثم إبتعدت..خرجت إلى الحديقة..فـ قد شعرت بـ إختناق..نزعت عن قدميها حذائها ذو الكعب العالي..وبدأت تتحرك بـ خفة..شردت قليلاً وهى تسير حتى وصلت إلى الحديقة الخلفية..إصطدمت بـ شجرةً ما..لتقول بـ تألم

-اااااه..مين اللي حط الشجرة دي هنا!!

ثم أخذت تتلفت حولها لتجد نفسها في مكان مجهول..تشدقت بـ توجس

-أنا رحت فين!!

وبدأت تتلفت مرة أخرى ولكن بـ منزل كـ منزل عز الدين فـ من الأكيد أن تضيع بـ ذلك المنزل..زفرت بـ ضيق وقالت بـ سخط

-أوووف..يعني خلصت البيوت فـ مصر عشان ميعجكبش إلا بيت قد كفر محمد أبو سويلم دا!

ثم أخذت تتجول علها تحد مخرج من هنا..لتفلت نظرها تلك الغُرفة الصغيرة..دققت النظر بها ولكنها لم تجد أحد يقف أمامها..تقدمت منها وأخذت تُنادي بـ صوتٍ عال ولكن لم يجب أحد..وضعت يدها على المقبض لتجده يُفتح بـ يسر..وجدتها غُرفة رثة بها العديد من الأثاث القديم..والأخشاب المتكسرة..كادت أن تدلف إلى الخارج..ولكنها وجدت أسفل شُعاع القمر..جسد يتدلى من قيود تُقيد يداه إلى أعلى..شهقت بـ جزع..وتقدمت منه..لتجده شاب ويبدو أن فاقد الوعى...

تقدمت منه أكثر ثم أخذت تربت على وجنته وقد تملك الړعب منها..لتقول بـ صوت مهزوز

-آآ..أنـ..ت..أنت..!!

ولكنه لم يرد..فـ أكملت ما تفعله..لتجده يفيق رويدًا..زفرت بـ إرتياح وخوف في آن واحد..لتهتف بـ صوت متوجس

-أنت..أنت..مين؟؟

رفع رأسه لتتقابل بنيته مع خضراوتيها..ثم همس بـ خفوت

-يونس!!! 
الفصل الثاني
أتساءل أكنت أسيرًا للقيود أم أسيرًا لعيناكِ!!
حاولت تنظيم أنفاسها وهى تسأله مرة أخرى
-يونس!!!..دا أسمك!!
-ليرد هو بـ تهكم:لأ اسم سندوتش...طبعًا اسمي
نظرت له بـ ضيق وتأفف..في ظل هذه الظروف ويمزح..تحدث معها بـ جدية
-تعرفي تفكيني!!!
-عقد ما بين حاجبيها ثم همست بـ بلاهة:أفكك!!..إزاي يعني؟
هز رأسه بـ يأس..ثم رفعها ليُحدق في دبابيس شعرها..حدثها بـ غموض
-هاتي دبوس من شعرك
-هااااه
-رد عليها بـ حدة:مش وقت هااااه..هاتي زفت من شعرك قبل ما حد يجي
نزعت أحدهم ليسترسل شعرها القصير بـ تموجاته الرائعة حول وجهها..ثم أعطته إياه..وفي أقل من ثوان كانت قد فُكت قيوده...
*************************************
-كدا إتفقنا يا سيادة الوزير
قالها أحدهم قبل أن يُصافحه عز الدين بـ برود..ثم قال
-إتفقنا يا سيادة العقيد
دقائق وإنفض ذلك الإجتماع المُغلق الذي دام لمدة ساعة..خرج عز الدين سريعًا وهو يتنفس بـ قوة والآن حان موعد رؤيتها..
إقترب منه أحد رجاله بعد أن أشار له ثم سأله بـ جدية
-فين بتول هانم؟
-توجس الحارس وهو يرد:هى..خرجت..تتمشى فـ الجنينة..وبعدين آآآ...
-ضيق عيناه ثم هدر به بـ عڼف:وبعدين إيه؟؟..إنطق
تنحنح الحارس ليُنظف حنجرته ثم هتف بـ خوف
-وبعدين..ملاقينهاش
-جذبه عز الدين من تلابيبه بـ شراسة ثم هتف بـ من بين أسنانه:إزاي يعني مش لاقينها؟..غابت عن عنيكو فين يا أغبية!!!
ثم دفعه بـ حدة وتحرك بضع خطوات تبعه الحارس بـ خوف وهو يضع نظراته أرضًا..إلتفت عز الدين على حين غرة وهدر بـ ڠضب وصل إلى عنان السماء
-فورًا تجمع كل الحرس يدوروا عليها..ومحدش يرجع غير لما يلاقيها..ماذا وإلا كل واحد يتشاهد ع روحه...بسرعة
هدر بـ الأخيرة بـ قوة وڠضب..إنتفض لها جسد الحارس ليومئ بعدها عدة مرات بـ طاعة ثم إنطلق يركض لتنفيذ ما أمر به سيده..تحرك عز الدين بـ عڼف وهو يهتف بـ توجس
-يعني تغيبي عن عيني ساعة أرجع ملاقيكيش...
************************************
إقترب منها ليُعطيها دوائها كـ عادته مُنذ سنتان..تحديدًا مُنذ إختفاء فلذة كبدها..وضع قرص الدواء في فاها ثم أعطاها الماء..ليسمعها تُهمهم بـ حړقة وقهر على إبنها
-أنت فين يا يونس؟..رحت فين يا ضي عيني!!
-جلس بـ جانبها وهو يمسح على كفها ثم قال بـ أسى:هيرجع يا أم يونس..هيرجع
-نظرت له بـ ضياع وقالت:بقالك سنتين بتقول كدا..لا هو بيرجع ولا أنت بتبطل الكلمة دي
-وضع يده على صدره وقال:قلبي بيقولي أنه عايش و هيرجع..
بكت..كما تفعل بكت وتبكي وستبكي فـ فُقدان الإبن و والداه على قيد العڈاب..يعُد أقوى الآلام..يُشعراه بـ أنهما يكبُرا عمرهما وينقصم ظهرهما...
مسح رفعت عبراتها وقال بـ صوت خرج مهزوز من قلب أب ملكوم
-صدقيني يا أم يونس هيرجع..يونس عايش وهيرجعلنا وهيفرح قلبنا..هو..هو بيخدم بلده وعشان خاطرها بيغيب وهيرجع
-هتفت هى بـ أسى:وهو عمره ما غاب عليا كدا..عمره ما عملها وسابنا كدا
-هتف بـ إصرار:هيرجع ولو بعد عشر سنين مش سنتين..ويلا نامي عشان ترتاحي...
قالها ثم نهض من أمامها كي لا تنزل عبراته ويظهر ضعفه أمامها..دلف إلى الخارج وأغلق باب الغرفة في نفس الوقت ولج إبنه الأصغر عدي إلى المنزل...
شاهد عدي خروج والده من غرفتهم فـ سأله بـ حزن
-أخدت الدوا
-هز رأسه بـ تعب وقال:أه..ونامت..
دلف إلى غرفة الصالون تبعه والده الذي سأله بـ خفوت
-تحب أحضرلك الغدا!!
-إبتسم عدي وقال بـ مزاح:إيه يا سيادة العقيد!!..هو أنت هتقوم بدور الحاجة صفوة ولا إيه!!..دا أنت بقيت شبهها
إبتسم والده نصف إبتسامة..ليُكمل عدي حديثه بـ ۏجع
-لو يونس كان هنا مكنش عتقك..
-تشدق رفعت بـ تألم:هو فين!!..راح فين وسابنا
-هرجعه يا بابا..هرجعه حتى لو هرمي نفسي فـ الڼار
-هز أبيه رأسه بـ نفي وهتف بـ توسل:لا يا بني..متبقاش أنت وهو لا أنا هستحمل ولا أمك المسكينة هتستحمل..مش كفاية عليها واحدة وزي ما أنت شايف..متبقاش أنت كمان علينا
تقدم عدي من أبيه وجثى على رُكبتيه وهتف بـ إصرار
-متخافش عليا يا حج..أنا هرجع وأرجعه..أنا عارف هو فين بس مش قادر أتحرك
-وضع رفعت يده على رأسه إبنه وقال:أخوك سابنا أمانة فـ رقبتك لما يرجع..متخلش بوعدك معاه وتمشي وتسبينا..حسبي الله ونعم الوكيل محدش عارف وساخة الراجل دا غير اللي عايش جوة الڼار
تنهد تنهيدة حارة ثم أكمل
-مش هيرحمك ولا هيرحم أخوك ولا هيرحم أي حد له علاقة بـ يونس...بلاش تروح وتخذل أخوك..هو بطل وهيرجع وأنا متأكد إن ربنا مش هيكسر قلبي عليه...
*************************************
وفقت أمامه وهى ترتجف من نظراته لها..لم يخفَ عليه إرتعاشة جسدها ولا خۏفها منه..إلا إنه إبتسم بـ تهكم وحدق بها بـ بنيته ثم هتف بـ نبرة جافة
-أنتي إزاي وصلتي لهنا!!
أخفضت نظراتها ولم ترد..فـ أكمل حديثه وهو يتفحصها ويتفحص ثيابها
-باين من هدوم وشكلك إن سيادة الوزير عامل حفلة
-تجاهلت لكنته الساخرة..وقالت بـ تساؤل:أنت إيه اللي وصلك هنا وبتعمل إيه!!
فتح فاه كي يرد ولكنه سمع وقع أقدام تقترب..بحث بـ عيناه في الأرضية حتى وجد إحدى الزجاجات ليقوم بـ كسرها...
إنتفضت هى بـ ذعر مما فعله..و تحولت نظراتها إلى الهلع..أمسك هو يدها وجذبها بـ قوة إليه وقد تحولت عيناه إلى ظلام وقتامة شرسة...
في الخارج إستمع الحرس وعز الدين إلى صوت ټحطم زجاج في داخل تلك الغُرفة..إتسعت عيناه بـ صدمة ثم هتف بـ جزع
-بتوووول!!!
وإندفع بـ سرعة تبعه الحرس..ليدفع الباب بـ قدمه وقد إتسعت عيناه بـ دهشة حقيقية وهو يراها بين يديه ويضع على رقبتها تلك الشظية الحادة..إبتلع ريقه بـ صعوبة ثم هتف بـ محاولة في الهدوء
-سيبها وهنتفاهم..هى ملهاش دعوة بـ أي حاجة
-إبتسم يونس بـ سخرية وقال:عز الدين باشا بنفسه يقول نتفاهم!!..ياراجل دول مكانوش سنتين حابسني هنا...
أغمض عز الدين عيناه..بينما بتول قد نزلت عبراتها على وجنتيها خوف و فزع..بينما أكمل يونس بـ نبرة ټهديدية
-قولهم ينزلو سلاحهم!!..يلااا..وإلا ھڨتلها
قال الأخيرة وهو يضغط على عُنقها بتلك الشظية مُتسببة في جرحه..لتنطلق صړخة ألم منها وهى تهتف بـ عز الدين بـ توسل
-عز الدين؟
-صړخ بـ رجاله وقال:نزلوا سلاحكم بسرعة..
وإمتثل الجميع لما أمرهم به..مال يونس يهمس في أُذنها بـ مكر
-مكنتش أعرف إنه بيحبك كدا
أغمضت عيناها ونزلت عبراتها..وعز الدين يُراقبها وعيناه تُطلقان الشرر..فـ أكمل يونس حديثه
-إحدفوا المسدسات عندي..يلا يلا بسرعة
نظروا لسيدهم ليومئ لهم..فـ فعلوا ما طلبه بـ صمت..إبتسم يونس بـ رضا ثم قال بـ غموض
-إمسكها بسرعة
ثم دفعها ليلتقطها عز الدين في أحضانه..وفي ثوان ھجم يونس على أفراد حراسته يضربهم بـ قسۏة وكأنه ينتقم منهم..كانت هى تُتابع ما يحدث بـ رهبة وخوف..وتُشدد من إحتضانها له..نظر لها يونس ثوان كانت كفيلة بـ تشتيت تركيزه..ليأتي أحدهم ويلكمه في وجهه..نهض يونس ومسح خيط الډماء ثم إقترب من الرجل وبحركة سريعة قام بـ كسر عنقه...
في تلك الأثناء أبعد عز الدين بتول عنه وقال وهو يبتعد عنها في إتجاه يونس
-خليكي هنا متتحركيش
وإقترب من يونس وكاد أن يلكمه إلا أن الأخير إستدار وعيناه ترمقانه بـ قتامه ولا يعلم عز الدين في ثوان كان يونس يوجهه له اللكمات..إبتعد عنه ثم أخذ سلاحٍ ما على الأرضية الخرسانية..و وجهه إلى عز الدين..فـ صړخت بتول بـ جزع..لم يهتم هو لها ثم قال بـ فحيح أفاعي
-أنا مش ھقتلك لأن المۏت أرحملك مني..بس ميمنعش إني أسيبلك تذكار
ثم أطلق رصاصتان إحداهما في كتفه والأخرى في جانبه الأيسر..ثم ضړب رأسه بـ مؤخرة السلاح ليفقد بعدها عز الدين وعيه..رفع نظراته الغاضبة لها..ثم إتجه ناحيها فـ إنكمشت على نفسها بـ خوف...
جذبها من يدها ثم وجهه السلاح ناحية رأسها وهتف من بين أسنانه
-هتمشي معايا دلوقتي ومسمعش صوتك
كادت أن تصرخ ولكنه كمم فاها ثم أكمل بـ تحذير
-قولت صوتك مسمعهوش..يلااا
صړخ بـ الأخيرة ليركض وهو يجذبها..وكل من قابله في طريقه للخروج كان ېقتله بـ برود قاټل..لتُغمض هي عيناها من مشهد الډماء..خرج من المنزل ثم توجه إلى إحدى السيارات..وقام بـ كسر النافذة الزجاجية وأدخلها..ثم دلف هو وقام بـ تشغيل السيارة كما تعود أن يفعل..وإنطلق بها...
*************************************
كانت تجلس بـ جانبه وتشهق بـ قوة..نظر لها يونس بـ قتامة وهتف بـ حدة
-بطلي عياط
-هتفت بـ شراسة وقد تناست خۏفها:أومال أعمل إيه وأنا مخطۏفة!!
-بت أنتي. أخرسي خالص..
ذمت شفتيها بـ ضيق..وأكملت بُكاءها..زفر بـ قوة ونظر لها ليجد چرح نحرها ېنزف..مد يده بـ عفوية إليه ليُزيل الډماء..فـ إبتعدت عنه مُرتعدة..ليعود ويجذبها مرة أخرى وقام بـ إزالة الډماء..نظرت له بـ غرابة ولكنها لم تتوقف عن البكاء..تدارك هو ما فعله وأبعد يده عنها...
دقائق وأوقف السيارة ثم أمرها
-إنزلي
-هتفت بـ تساؤل:هنروح فين!!
لم يرد عليها بل فتح باب السيارة وجذبها بـ عڼف..لتتأوه بـ قوة..جذبها خلفه وهو يقول
-هنكمل الحتة دي مشي
ولكنه سمع صوت صافرات الشرطة ليُمسك يدها ويركضا في الظلام..هتفت هى بـ سخط
-براحة مش عارفة أجري من الفستان
أوقفها بـ حدة..ثم نظر لها وكاد أن يضربها إلا أنه تراجع..جثى على إحدى رُكبتيه ثم شق الثوب حتى رُكبتيها ومن ثم أزال ذلك الجزء السفلي..شهقت هى بـ فزع وقالت بـ صړاخ
-عملت إيه يا مچنون!!
نهض ثم جذبها إليه بـ قوة وتشدق بـ ټهديد
-أقسم بالله لو لسانك طوّل لهكون مبسوط وأنا بقصهولك...
كادت أن تعترض إلا أنه أكمل وهو يسير
-أنتي بوصلة أماني..يعني لما أخرج من مصر بعدها أنتي حرة..طول ما أنتي معايا هيفكر بـ كل خطوة هيقوم بيها..
-تشدقت بـ تساؤل و ڠضب:بينك وبين عز الدين إيه عشان تكرهه كدا!!..أكيد أنت حرامي أو قتّال قټله وعشان كدا كان حابسك عنده
توقف هو فجأة لتتوجس هى خفية..إلتفت هو وملامحه تحولت إلى القتامة..جذبها مرة أخرى لتصطدم بـ صدره..زرع بنيته في غابات الزيتون خاصتها..وهتف بـ نبرة شرسة
-أنا مش هعاقبك ع سذاجتك دي..ولا إتهامك..بس قسمًا بالله لو غلطتي مرة كمان هعاقبك بـ طريقة مش هتعجبك...
أبعدها عنه بـ حدة ثم أكمل سيره وهو يعتقل يدها..بينما هى لم تجرؤ على التفوه بـ حرف فـ يكفي ملامحه القاتمة والتي بثت أعلى درجات الړعب بها...
كانا يسيران بـ هدوء إلا من صوت تنفسه العالي والتي تكاد تجزم أنه غاضب ويُخرج الڼار من أنفه..توقف في أحد الشوارع الجانبية وهتف دون النظر إليها
-هنروح نركب أي حاجة توصلنا ع وجهتنا اللي جاية
كاد أن يتحرك إلا أنها امسكت يده وهتف بـ تذمر وسخط
-أستنى رايح فين!!..هنروح كدا إزاي؟
-قطب حاجبيه وتساءل:كدا إزاي؟
-أشارت إلى جسده:اللي هو كدا...
نظر إلى جسده ليجد جزعه العلوي عار..نسى أنهم قد نزعوا عنه ملابسه أثناء تعذيبه والذي أبرز ندبات في جسده..ثم نظر إلى قدماه الحافيتان..إنتهى من تأمل نفسه ليتاملها بعدها..فـ وجد شعرها قد تشعث و وجهها قد تشوه بـ فعل مساحيق التجميل..وكذلك عراء جسدها من أسفل ثوبها وقدميها الحافيتان..
-هتفضل كدا تتاملنا كتير!!!
-أغمض عيناه يتحكم بـ غضبه التي تثيره تلك الفتاه..ثم هتف بـ هدوء عكس البراكين الثائرة بـ داخله:تعالي معايا...
الوقت قد تعدى الثانية صباحًا..والمِحال مُغلقة..مرة أخرى قام بـ شق ثوبها..لتصرخ بـ هلع قائلة
-هو أنت أستحلتها ولا إيه!!..إيه دا؟
جذب قطعه القماش التي مزقها..ثم وضع سبابته على فاه وهتف بـ ضيق
-خمسة هدوء..ممكن!!..
أشاحت بـ وجهها بعيد عنه..ليهز هو رأسه بـ يأس..أمسك قطعة القماش ثم لفها حول وجهه ليُخفي ملامحه..وكذلك فعل معها..تعجبت وقالت
-إيه شغل قطاعين الطرق دا!!
-كور يده على هيئة قبضة وقال بـ ڠضب:إهمدي يا بت
ثم جذبها خلفه وتوجه إلى أحد المِحال..إلتقط حجرً ما ثم قذفه ليُحطم الواجهه الزجاجية..أخفت هى وجهها لتتفادى الشظايا..بينما هو سار بين الحطام بـ كل برود متفاديًا بـ مهارة قطع الزجاج..وهى فعلت مثله..دلفا إلى المحل وبدأ في إنتقاء ثياب له ولها..تحرك بها حتى وصل إلى غُرف تبديل الثياب وقڈف الثياب في وجهها وقال آمرًا
-قدامك خمس دقايق تخلصي لبسك..لو مطلعتيش هدخلك
-توسعت عيناها بـ دهشة وحنق قائلة:يا قليل الأدب
ثم دلفت لتقوم بـ تبديل ثيابها..بينما بقى هو خارجًا وأبدل سرواله المُهترئ بـ أخر..وأخذ إحدى قطع الثياب يقوم بـ تنظيف جسده...
في تلك الأثناء خرجت بتول وهى تُعدل تلك الكنزة السوداء على جزعها العلوي..ليفغر فاها عن أخره وهى تراه يفعل ذلك..حدقت به دون إستيعاب لما تفعله بدئًا من خُصلاته السوداء القصيرة وبنيتاه الساحرة..وكذلك بشرته الخمرية..ثم إلى عنقه والتي تبرز بها "تفاحة أدم" بوضوح..إبتلعت ريقها وهى تتفحص عضلات جسده البارزة بـ جاذبية...
إنتبه لها وأنها تُحدق به..فـ إبتسم بـ سخرية وقال لها وهو ينظر من فوق كتفه بعدما إستدار ليوليها ظهره
-لو خلصتي فرجة يلا نمشي قبل ما حد يجي
إنتبهت هى على نفسها لتتخضب وجنتيها بـ خجل..بعدها تنحنحت لتُجلي حنجرتها ثم قالت بـ خفوت
-يلا..
إرتدي كنزته القطنية ثم أمسك سلاحھ و وضعه خلف جذعه لتقول وهى ترمق السلاح بـ خوف
-هو لازم المسډس دا!!..شكله مش حلو
-إلتفت لها ثم قال وهو يحاول حث نفسه على التحلي بـ هدوء:بصي يا بنت الناس..مهمتك معايا إنك هتبقي أمان ليا
أمالت رأسها إلى اليسار ونظرت له بـ إستفهام..ليُكمل حديثه
-أنا مش هأذيكي لو فضلتي مطيعة..زي ما قولتلك قبل كدا أنتي بوصلة أماني..أخرج من مصر وبعدها هسيبك لحالك..
ولم ينتظر ردها بل أمسكها من مرفقها وجذبها خلفه..تحرك بـ الطريق لتقول هى بـ تذمر دون التعليق على حديثه بـ الداخل
-هنفضل حافيين كدا كتير!!
-رد عليها بـ نفاذ صبر:يابنتي أعملك إيه إرحميني؟
-هتفت هى بـ سخرية:إقتحملنا أي محل شوزات وناخد إتنين ونجري
توقف ونظر لها بـ ذهول..وقال بـ دهشة
-ناخد أتنين ونجري؟..أنتي عبيطة يا بت أنتي!!..
ثم أكمل بـ حدة
-بت أنتي نقطيني بـ سُكاتك أحسن
لوت شدقها بـ ضيق..ليرتفع حاجبيها بـ تعجب وهى تراه يتلفت في المِحال..فـ سألته وهى عاقدة جبينها
-بتدور ع إيه!!
تجاهل سؤالها وأكمل بحثه الذي دام ثوان ليقف أمام صيدلية..أمسكها من كتفيها وقال بـ تحذير
-تخشي الصيدلية وتخلي البنت اللي جوه دي تعالجلك الچرح..بس خدي بالك أي حركة كدا ولا كدا هخلص عليكي وعليها
إبتعلت ريقها بـ تخوف وهى تومئ بـ طاعة..ودلفت لتستقبلها الفتاه بـ إبتسامة..رفعت بتول رأسها وقالت بـ تألم.
-لو..لو سمحت عاوزة أعالج الچرح دا
إقتربت منها الفتاه تتفحص الحرج..لتسألها وهى تتحرك إلى أحد الأركان
-من إيه الچرح دا؟
-توترت وهى تُجيب:آآ..إزازة البرفان بتاعي..يعني..إتكسرت و أنا بلمها..آآآ..نسيت إن في..حتة فـ إيدي..و و عورتني...
-عادت لها الفتاه ونظرت بـ عدم إقتناع ولكنها قالت:مفيش مشكلة..الچرح سطحي...
وبدأت في تعقيم جرحها ثم وضعت لاصقة طبية عليه..ورحلت بعدما دفعت لها مبلغ بسيط كان يونس قد أخذه من محل الثياب..خرجت إليه لينظر إلى نحرها ثم أمسك يدها وقال
-يلا عشان مقدمناش وقت
-سألته وهى تسير خلفه:هو المفروض نروح فين دلوقتي؟
-أجابها دون أن ينظر لها:الواحات...تبع

الفصل الثالث
في الحقيقة لا أعلم، ربما نعم، وعلَّه كان بلى، لكنني أعلم أمرًا واحدًا، هو أنِّي أهيم في "فوضى المشاعر".
ساد الهرج والمرج في ذلك المشفى الخاص بعد وصول الوزير إثر إصابته بـ طلق ڼاري..دلف إلى غُرفة العمليات وبقى الجميع في الإنتظار...
وصلت عائلة بتول إلى المشفى فـ سمح لهم الحرس بـ الدلوف فهم على علم بـ هويتهم..كانت بدرية تبكي على إختفاء إبنتها والذي دام ساعات فقط..بينما تحلى إسلام و والده القوة حتى معرفة ما يحدث...
تقدم منهم ضابط وسألهم بـ جمود
-أنتوا مين؟
-رد عليه إسماعيل بـ هدوء نسبي:أنا والد بتول خطيبة سيادة الوزير
تفحصهم الضابط بـ دقة..ثم تشدق بـ نبرة روتينية
-عندكوا علم بـ عدواة سيادة الوزير مع حد!!
-رد عليه إسلام بـ تهكم واضح:حضرتك دا وزير وله اسمه وأعداءه كتير
-رمقه الضابط بـ حدة ثم وجهه حديثه إلى والده:طب بنت حضرتكوا مختفية من ساعة أما حصل ضړب الڼار.. واللي عمل كدا أكيد هو اللي له يد في إختفاءها
-إنتحبت بدرية وهى تقول:رجعولي بنتي مليش دعوة بـ أي حاجة..أنا مش عاوزة غيرها
-وضع إسلام يده على كتف والدته وقال بـ مواساه:إن شاء الله هترجع..بس أنتي إهدي...
قطع حديثهم الدائر دلوف الطبيب خارج الغُرفة ليقترب منه الجميع..وقبل أن يتشدق أحدهم بـ سؤاله كان الضابط يسأله
-حالته إيه يا دكتور؟
-شابك الطبيب أصابعه وتنهد قائلاً:كويس إن شاء الله..اللي ضړب الڼار محترف مصابش جزء عضوي أو حيوي من جسمه كلها چروح عادية..
-عقد حاجبيه وقال:يعني قصدك اللي ضربه پالنار مكنش عشوائي!!
-أماءالطبيب بـ تأكيد:أيوة بالظبط كدا..اللي ضړب عارف هو بيعمل إيه..عن إذنكوا
ثم تركهم ورحل..لطمت بدرية وجهها وقالت بـ نحيب
-يعني بنتي وقعت فـ إيد قتّال قتلة!!
-تأفف إسماعيل بـ ضيق:بس يا بدرية خلينا نشوف هيحصل إيه
وتوجه بـ سؤاله الرزين إلى الشرطي قائلاً
-هنضطر نستنى لما سيادة الوزير يصحى؟
-أماء الشرطي بـ رأسه وقال بـ برود:مقدمناش حل تاني عشان هو اللي شاف وشه..اللي عمل كدا حاجة من إتنين يا قاټل مأجور يا ظابط سابق
قال كلماته ثم رحل تاركًا خلفه أسرة تُعاني صدمة فقدان إبنة بل والأنكى أنه في نظرهم قاټل خارج عن القانون...
**************************************
كانا يسيران بـ صمت و حذر..وصلا إلى منطقةٍ ما..وقف أمام مقهى شعبي تصطف أمامه سيارةٍ ما..لتهتف بتول بـ خوف
-متقوليش إنك هتسرقها هى كمان!!
نظر لها شزرًا ولم يرد..جثى على رُكبتيه ومد يده إلى إطار السيارة وأخرج منه مفتاح السيارة..إرتفع كِلا حاجبيها بـ دهشة وقالت بـ عدم تصديق
-لأ دماغ بجد..
-تجاهلها كُليًا وفتح السيارة..ثم هتف بـ جمود:إركبي
تأففت بـ ضيق ثم دلفت إلى داخل السيارة..قام هو بـ تشغيل المُحرك وإنطلق بـ السيارة..نظرت هى له بـ تفحص فـ فاجأها بـ حديثه
-عندك سؤال أسأليه عشان أشبع فضولك
إتسعت عيناها بـ دهشة ثم هتفت بـ ذهول
-لأ ومكشوف عنك الحجاب
إبتسم بـ سخرية..لتتنهد هى وتسأله بـ جدية
-أنت مين!!
-أجابها بـ بساطة:يونس
-تأففت بـ ضجر ثم أكملت بـ سخرية:أيوة نوعه إيه يونس دا!!
رفع أحد حاجبيه..ثم رمقها بـ حدة لتتنحنح هى بـ خفوت..فـ أجابها دون النظر لها وملامحه بلا تعبير
-ظابط مخابرات
-رددت خلفه بـ ذهول:ظابط مخابرات!!!..وإيه اللي كنت بتعمله عند عز الدين!
-مط شفتيه بـ عدم إكتراث وأجاب:الإجابة مش هتعجبك
عقدت ذراعيها أمام صدرها ثم هتفت بـ إصرار
-أظن أنا بساعدك وإتورط معاك فـ ع الأقل لازم أفهم أنا مع الصح ولا الغلط
نظر لها بـ عمق..نظرة أربكتها..ضيق عيناه وقال بـ هدوء ما قبل العاصفة
-إجابتي مش هتعجبك وع أي حال مش هتصدقيني..
-أشارت بـ سبابتها بـ تحذير:بقولك إيه أنا لازم أفهم مش هبقى زي الأطرش فـ الزفة
أوقف سيارته بـ حدة وبـ شكل مُفاجئ..ليرتد جسدها إلى الأمام..إلتفت لها بجسده كاملاً وعلى حين غُرة جذبها من يدها بـ قوة آلمتها ثم هتف بـ شراسة
-عاوزة تفهميني إنك هتصدقي اللي هقوله عن حبيب القلب!!..بصي لنفسك فـ المراية وقوليلي..كفاية نظرة الحب اللي فـ عنيكي ليه..عمرك ما هتصدقي إنه...
ولكنه صمت ولم يُكمل..فـ نظرة عيناها كانت كفيلة بـ إخراسه..ولكنه إبتلع ريقه وأكمل فلا مجال للعودة
-متبصيش كدا..سيادة الوزير المحترم عمل أبشع جرايم فـ حق البلد وحق الغلابة وحق ناس كتير..سيادة الوزير قاټل..قاټل فاهمة يعني إيه!!
-همست بـ نبرة مُفعمة بـ الكره:كداب
إبتسم بـ سخرية وترك يدها بـ حدة ثم قال بـ تهكم
-مش قولتلك..
أعاد تشغيل مُحرك السيارة وتحرك بها ليُكمل بـ نبرة جامدة
-أنا برضو لو مكانك مش هصدق..راجل بيعرف يتلون كويس..بيعرف يبان قدام الناس أنه ملاك أُنزل..أنا كـ ظابط مخابرات مش هصدق إلا بـ أدلة
لم ترد عليه ولكنها حدقت أمامها بـ جمود ولم تلتفت له..نظر هو لها فـ وجدها جامدة..ولكنها تساءلت بـ نبرة خالية
-عندك دليل!
-حاليًا لأ
إلتفتت هى له بـ حدة و هدرت بـ عڼف
-وطالما معندكش دليل بتتهمه ع أساس إيه!!..مش دا شغل الظباط إنهم بيشتغلوا بـ الأدلة وبس!..عز الدين أشرف راجل عرفته فـ حياتي مفيش منه إتنين..وأنا مش هصدق واحد معرفش هو إيه أصلاً
صمتت تستجمع أنفاسها اللاهثة ثم أكملت بـ ڠضب
-عمري ما هصدق عليه حاجة من اللي قولتها وأنا بحكم عليه من اللي شوفته فيه..وأنت..أنت مجرد واحد منافق وقتًال خطفتني عشان تضمن خروجك من مصر..ودا ملوش غير معنى واحد..إنك خاېن وهو سجنك عشان متبعش بلده...
ثم صمتت تستشف ردة فعله..كانت تعتقد الڠضب والثورة..على أقل تقدير..أو ربما القټل..ولكنه فاق توقعاتها بـ قوله الهادئ دون النظر لها ولكنها إستشفت جمود ملامحه..أو ألم إرتسم على وجهه
-صح أنتي صح..أنا مجرد قتّال قټله متعرفيش عنه حاجة...
سكنت هى وعادت تنظر إلى الأمام مُصابة بـ الضيق لما قاله عن حبيبها..هو أشرف الرجال وأكثرهم رحمة..يكفي ما تُشاهده منه..هى تعشقه ولا تستطيع التشكيك في نزاهته..إن خاڼها عقلها وأصابه الشك فـ قلبها دائمًا ما تُصدق ما يشعر به فـ هو لم يُخطئ من قبل..وهى تصدقه بـ قلبها...
****************************************
في صباح اليوم التالي إستيقظ عز الدين على صوت قرع أقدام تقترب من فراشه..فتح عيناه بـ تثاقل ليرى شبح شخص أمامه..أغمض عيناه مرة أخرى ثم إعتدل بـ ألم ليفتح عيناه بعدها..طالعه الأخر بـ هدوء ثم قال
-حمد لله ع السلامة يا سيادة الوزير
-تمعن عز الدين في خلجاته وتساءل:مين حضرتك!!
جلس الشرطي ثم وضع ساق على أختها وتساءل
-أنا عارف إن حضرتك تعبان..بس أفهم إيه اللي حصل؟
نظر له عز الدين مُطولاً دون نبث حرف..وكذلك عيناه ذلك الشرطي لم تتزحزح عنه مقدار إنش..ليتشدق الشرطي بـ سخرية مُستترة
-هو سؤالي صعب يا سيادة الوزير!!
-تنفس عز الدين بـ عمق ثم قال بـ هدوء واهي:أظن إني لسه ما فقتش أوي عشان حضرتك تستجوبني..أنا لسه مش مركز وعاوز أستوعب اللي حصل إمبارح وأقدر أفيدك
كاد أن يرد ولكن فُتح الباب ليدلف منه شخص..يبدو من ثيابه الرسيمة أنه الشرطة..نهض الشرطي وقام بـ تحيته بـ إحترام ليقول بـ نبرة رسمية
-سيادة اللوا..أنا جيت أخد أقوال سيادة الوزير
-أشار اللواء بـ يده وتشدق بـ جدية:بعدين يا حضرة الظابط..سيادة الوزير لسه تعبان
-بس..آآآ...
-قاطعه اللواء:مبسش..أتفضل ع شغلك
كز ذاك الشرطي على أسنانه ولكنه كظم غيظه..قام بـ تحية اللواء مرة أخرى وإنصرف سريعًا..
تابع كلاً من اللواء وعز الدين خروجه..ومن ثم جلس اللواء على نفس المقعد..سأله عز الدين بـ لهفة
-لاقيته يا رشاد!!
-هز رأسه بـ نفي وقال:لأ طبعًا أنت عارف إحنا بنتكلم عن مين!!
-هدر عز الدين بـ ڠضب وقال:ميهمنيش مين..المهم عندي إنه يرجع اللي أخده مني
-مط رشاد شفتيه وقال:خلاص ننزل صوره فـ التلفزيون والجرايد وساعتها هتقدر تلاقيه بسهولة
-هز رأسه بـ نفي ثم قال بـ عصبية:لأ مستحيل أعمل كدا
-ليه!!
-أغمض عيناه ثم قال:لأنه فـ نظر المخابرات والجيش والدولة كلها مېت..فلما أنزل صورته أنه عايش كدا هينقلب السحر ع الساحر
أماء رشاد رأسه بـ تفهم ثم أكمل هو حديث عز الدين
-وبدل ما تتحول الأضواء عليه..هتتحول عليك أنت..ليه ظابط رجع من المۏت أول ما يرجع يحاول يغتالك لا ويخطف خطيبتك
-كور قبضته بـ ڠضب ثم تحدث بـ عصبية:نقول مختل..أو الجهات اللي خطڤاه وجهته أنه ېقتلني
قهقه اللواء بـ شدة..ليرمقه عز الدين بـ ضيق..سكنت ضحكات الأول وهتف بـ تهكم
-ودا فـ عُرف مين إن شاء الله!!..مُتخيل يونس ظابط المخابرات اللي الكل يشهدله بـ الوطنية..وقصدي بـ الكل أنه من أكبر راس فـ أجهزة الدولة لأصغرها..مُتخيل أنهم يصدقوك أنت وېكذبوه
مط شفتيه ثم رفع منكبيه ورد بـ بساطة
-معتقدش يا سيادة الوزير
-أنت بتقفلها فـوشي!!!
-رد عليه رشاد بـ هدوء:مبقفلهاش ولا حاجة..كل الموضوع إن يونس شخص أهم منك شخصيًا..إنهم يقتولك دا شئ عادي بالنسبالهم..إنما هو يفكروا ألف مرة
مسح عز الدين بـ يده على وجهه بـ عصبية ثم قال بـ حدة
-طب أعمل إيه!!..لازم بتول ترجع
-شابك رشاد أصابعه ثم قال بـ برود:غلطتك من الأول أنك حبسته عندك..ولو أني معتقدش إن دي شطارة منك
-عقد ما بين حاجبيه وتساءل:مش فاهم
-إبتسم رشاد وهو يُجيب:يعني دي رغبته من الأول..هو سابك تمسكه..ليه بقى؟..الله يعلم
-قصدك أنه كان بيلعب بيا من سنتين!!
-مش لوحدك بينا كلنا..ودا معناه أنه يعرف كتير جهاز المخابرات نفسه ميعرفوش.
صمت يُتابع تجهم ملامح عز الدين..لينهض هو بعدها..ربت على كتفه ثم تشدق
-أنت لعبت مع شيطان إستحمل اللي هيحصل..وحمد لله ع السلامة يا سيادة الوزير...
**************************************
وصلا أمام مطعم صغير في طريقهما..ليصف السيارة بـهدوء وعناية..إلتفت لها ليجدها تغط في ثُبات عميق..حدث نفسه كيف لها أن تنام وتأمن معه!!..إبتسم بـ سخرية ثم قال بـ تهكم
-هستنى إيه من واحدة قبلت ترتبط بـ واحد زي عز الدين!
ترجل من سيارته ثم أغلقها بـ القفل الإلكتروني حتى لا تستطيع الهرب..دلف إلى المطعم و وقف أمام العاملة يطلب منها بعض الطعام..إبتسمت العاملة بـ مجاملة وقالت
-دقايق يا فندم والطلب يجهز
أماء بـ رأ بـ خفوت ثم تحرك ليجلس على أحد المقاعد..قام أحد العمال بـ تشغيل التلفاز وبدأ في التنقل بين محطاته..جذب إنتباه يونس ذلك الخبر المُتعلق بـ حاډث أمس..ليُشير إلى العامل وهتف
-سيبه لو سمحت
-حاضر يا فندم
وبدأت المُذيعات في بث الأخبار والتصريحات بـ شأن حاډث أمس..وكان ما سمعه كـ التالي
-و صرح المهندس عز الدين وزير البترول أنه قد حاول أحدهم إغتياله أمس أثناء جلوسه مع خطيبته المدعوة بتول والتي إختطفها ذلك الإرهابي في محاولة لـ إبتزازه...
هنا وصدحت ضحكات يونس الخاڤتة..ليهز رأسه بـإنتصار ليقول بعدها بـ تهكم
-كنت عارف إنك هتحسب كل خطوة توصلك ليا..
-يافندم!!
إنتبه يونس على صوت العاملة..ليتجه ناحيتها وأخذ منها الطعام..ليتشدق بـ هدوء وإبتسامة
-معلش ممكن علبتين عصير!
-أكيد يا فندم
ثوان وأتت العاملة بما طلب..ليرحل بعدها مُتوجهًا ناحية السيارة..وجدها لا تزال تغط في ثُبات عميق..فتح السيارة ودلف إلى داخلها وأغلق الباب..وضع الطعام جانبًا ثم إلتفت لها وراقب خلجاتها الساكنة لبرهة من الزمن..مد يده وهزها بـ رفق وهمس
-بتول!!..بتول فوقي عشان تاكلي
تململت بتول بـ ضيق ثم همهمت دون أن تفتح عيناها
-يووووه شوية يا ماما وبلاش إسطوانة كل يوم
ضحك يونس عليها وهو يضرب كف على الأخر..ليهزها مرة أخرى هاتفًا بـ مرح
-قومي يا ضنايا في مواعين عاوزة تتغسل
-ضغطت على جفني عيناها وهتفت دون أن تعي أين هي:طب خلي إسلام النهاردة
-مال يونس يهمس في أُذنها بـ صوت رخيم:بس مفيش هنا إسلام ولا ماما ولا حتى مواعين
رفت بـ عينيها عدة مرات لتستوعب ذلك الصوت الرخيم..توسعت عيناها بـ دهشة وهى تراه يرمقها بـ تسلية..إنتفضت بـ عڼف ليبتعد عنها..إبتلعت ريقها بـ حرج وهتفت بـ تلعثم
-آآ..أسفة..
-إبتسم من جانب فمه وقال:مفيش مشاكل ليس على النائم حرج
ضيقت عيناها بـ ضيق ولم ترد..جذب الحقائب البلاستيكية وأعطى أحدهم لها وهتف بـ جدية
-جبتلك أكل..فـ كلي
-مش عاوزة
جاءه صوتها المُمتعض..ليهز كتفيه بلا مبالاه ثم تشدق وهو يلتهم إحدى شطائره
-براحتك..
أغمضت عيناها بـ ڠضب ولم ترد..ليقول وهو يرتشف من عُبوة العصير الخاصة به
-سيادة الوزير عمل تصريح إن في هجوم إرهابي حصل لما كنتي قاعدة معاه في فيلته..والإرهابي اللي هو أنا خطڤك
أشار على نفسه بـ بساطة وكأنه شئ عادي..توسعت عيناها بـ صدمة وهتفت بـ ذهول
-مش فاهمة..تقصد إيه بـ كلامك!
-رد عليها بـ براءة مصطنعة:مقصدش دا أنا بحكيلك بس...
لم ترد عليه وهو أكمل طعامه بـ هدوء وكأنه لم يقل شئ..أنهى طعامه ونظر لها وجدها شاردة وتحدق في الفراغ..أدار مُحرك السيارة وإنطلق بها ثم قال بـ جدية تامة
-مش هنقف تاني ع الطريق عشان إتعرفتي خلاص
-يعني إيه؟
-وضح لها دون النظر إليها:يعني نشروا صورك فـ كل حتة..عشان كدا مش لازم تظهري كتير..
-طب وأنت!!
لم يرد عليها..لتُعيد سؤالها بـ حدة و صوتٍ عال
-رد عليا وأنت!!
-مط شفتيه وأشار بـ يده على نفسه..ثم تشدق بـ برود:أنا فـ نظر البلد مېت..فـ مينفعش أظهر فجأة..لأ وكمان خاطف خطيبة سيادة الوزير
نظرت له مُطولاً وهو يشعر بـ نظراتها ولكنه لم يُعقب..زفرت بـ يأس وهتفت بـ ضجر
-أنا مش فاهمة أي حاجة..حاسة إني فـ دوامة
-رد عليها بـ غموض:هتفهمي كل حاجة فـ وقتها
لوت شدقها بـ ضيق..نظر لها هو بـ طرف عينه..ولكنه لم يُبالي..تشدق بعدها بـ نبرة آمرة
-كلي..الطريق طويل...
*************************************
في الساعة الثالثة عصرًا وصلا إلى وجهتيهما..أطفئ المُحرك ثم أرجع رأسه إلى المقعد وأغمض عيناه..رفعت حاجبيها وتساءلت
-إيه!!
-رد عليها وهو مُغمض العينان:هو إيه اللي إيه!
-عقدت ذراعيها أمام صدرها وتشدقت بـ ضيق:مش وصلنا للواحات تقريبًا زي ما أنت عاوز!
-أها
-لتنتفض عروقها وهى تسأل:طب ليه مش هندخل؟
زفر بـ ضيق ثم إستغفر بـ صوتٍ عال وقال بـ نفاذ صبر
-مش هندخل دلوقتي
-وضعت يدها في خصرها وقالت:ليه بقى إن شاء الله؟
-هتف بـ إستفزاز:مش شغلك
-يباااي عليك واحد بارد..
إمتعضت ملامحه من لسانها السليط ولم يرد عليها..بل عاد وأغلق عيناه دون أن يُعيرها إهتمام...
مرت ساعة وأثنان وثلاثة ولم يدلفا إلى الداخل..كزت على أسنانها بـ غيظ من بروده ذاك..إلتفتت له لتجده نائم..جالت بـ عينيها عليه..لتجد مفتاح السيارة يتدلى جزء منه خارج جيبه..لمعت في رأسها فكرة وهى إنتشال المفاتيح والهرب منه..إمتدت أياديها بـ حذر إليه وهى تدعو في سرها أن يوفقها الله..قبضت على المفتاح وبدأت في جذبه بـ روية..وقبل أن يخرج كاملاً كانت يد يونس قابضة على يدها جاذبًا إياها إليه بـ قوة..شهقت هى بـ فزع وتقلصت معالمها إلى الهلع..كل ذلك ويونس مُغمض العينان..تحدث بـ تسلية
-بتعملي إيه يا كتكوتة!!..هى ماما معلمتكيش إن السړقة غلط؟
-تلعثمت في حديثها وهى تقول:أنا..آآ..بس..
هنا وفتح جفنيه لتظهر بنيته الساحرة..لتصطدم نظراته بـ نظراتها الهلعة..حدق ثوان بـ تيه داخل زيتون عيناها دون نبث حرف..وهى كذلك شعرت أن عيناه كـ بحر شيكولاتة ذائبة ټغرق بها...
تنحنح يونس وهو يترك يدها قبل أن يُسحر بها كُليًا..وضع يده خلف رقبته وتحدث بـ صوت أجش
-هاتي المفاتيح عشان هندخل دلوقتي...
أعطته المفاتيح بـ يد مُرتعشة ليجذبها هو سريعًا من يدها..فتح السيارة ثم ترجلا منها بـ صمت..شاردًا هو بـ سحر عيناها..وهى شاردة بـ أن نظراته التي أسرتها هى خېانة عُظمى لـحبيبها عز الدين...
تحرك يونس بـ خفة معها في الظلام..يستغل ذلك الهدوء حتى لا ينكشف أمره..وبعد دقائق طويلة وصلا إلى منزل صغير..وقف أمامه قليلاً ثم طرق الباب بـ خفوت..سألته بتول بـ همس
-بيت مين دا!!
-هششش أسكتي
ثوان وإنفتح الباب ليخرج منه رجل قد تآكلت خُصلاه شيبًا..إنفرجت أسارير الرجل وهو يرحب بـ يونس
-صجر (صقر)!!..كيفك يا ولدي!!
-إبتسك يونس وهو يحتضنه:أنا كويس يا شيخ ابو عواد..
إبتعد أبو عواد وهو يقول بـ ترحيب
-إتقضلوا..إتفضلوا..يا مراحب
دلف يونس وكذلك بتول التي ترمقه بـ تعجب من ذاك الاسم..توجهوا إلى صالة التي هى على الطراز البدوي..ليجلسوا..رحب بهم كثيرًا وقدم لهما الطعام والشراب بـ بذخ..إبتسم يونس وهو يقول
-كنت عارف إني هلاقيك هنا مش فـ البيت الكبير
-أنت بتعرف ياصجر ما برتاح غير بهالبيت
-إبتسم يونس وقال:عارف عشان كدا جيتلك ع هنا
-تقلصت معالمه إلى القلق وهتف:كّنك!(ما بك)
-ربت على رُكبته وقال بـ إطمئنان:مفيش حاجة..بس أنا عاوز أبات عندك كام يوم وهفهمك كل حاجة
-زفر بـ إرتياح:يا لطييف رعبتني..أنا عينا إلك يا ولدي
أشار له ليقترب فـ فعل ليسأله
-ومين هاذه يا ولدي!
نظر له بـ إبتسامة ماكرة..ثم عاد بـ رأسه وأسمك بـ يدها والتي إنتفضت على إثرها وقال بـ خبث
-مراتي يا شيخ أبو عواد...
الفصل الرابع
ستبقى عبقريًا حتى تقع في الحب...فـ تتحول تلقائيًا إلى كتلة غباء تمشي فوق الأرض....
شهقت بتول ومن ثم هدرت بـ سوقية
-نعم يا عمر!!
إرتفع حاجبي الشيخ أبو عواد..أما يونس فـ قد حدجها بـ نظرة ڼارية..جعلتها ترتعب..فـ عادت وهتفت بـ توتر ونعومة أُنثى
-مـ..مراتك بس يا عمري!!
-مش فاهم!
-كزت على أسنانها ولكنها أكملت بـ نفس النبرة الناعمة:دا أنا مراتك وحبيبتك وصاحبتك..أنا بس إنفعلت عشان مقولتش كدا
أدار يونس وجهه إلى الجهه الأخرى كابحًا ضحكاته التي كادت أن تنفلت..ليبتسم ذاك الشيخ وهتف بـ مكر
-والله يا بنيتي ما كنت بعرف إن فيه بنته تجدر (تقدر) تفوت على جلب (قلب) الصجر
-نظر لها بـ غموض إعتادت هى عليه:لأ فيه يا شيخ أبو عواد..
ثم ضغط على يدها وهو يحدجها بـ نظرة ذات مغزى وهو يهتف
-مش كدا يا حبيبتي!!
-ضيقت عيناها بـ توعد ولكنها هتفت بـ إبتسامة صفراء:طبعًا طبعًا
سبته سباب لاذع في سرها ليميل عليها هاتفًا بـ تحذير
-بطّلي شتيمة ولمي لسانك
-نظرت له بـ صدمة ثم هتفت بـ عفوية:بس أنا بشتم فـ سري عرفت إزاي؟
-داقق عصافير..وإتلمي يا بلائي الأسود
قالها وهو يحدجها بـ تسلية..ليعود ويلتفت إلى ذاك الشيخ وهتف بـ جدية
-بس إحنا هنحتاج مكان نبات فيه يا راجل يا طيب
-ربت الشيخ بـ إبتسامته التي لا تفارق وجهه ثم تشدق:داري مفتوح إلك بأي وقتْ..تعال معي جوم (قوم) نروح الدار الكبيرة..
نهض يونس تليه بتول ثم ساعداه لكي ينهض..وتوجهوا جميعًا إلى المنزل الكبير...
************************************
كان عز الدين شاردًا فيما حدث..ولكن الجزء الأكبر من تفكيره إستحوذت هى عليه..ثوان وأحس بـ أحدهم يدلف..نظر له فـ وجده ذات الشرطي الذي أتى صباحًا تأفف هو بـ ضيق ثم إعتدل في جلسته وهو يقول بـ تهكم
-جرى إيه يا حضرة الظابط هو أنت مواركش غيري!!
-لوى الشرطي شدقه بـ سخرية وقال:وهو حضرتك مستقل بـ نفسك!
رمقه عز الدين بـ ضجر ولم يرد..جلس الشرطي و وضع ساق على أختها ثم تشدق بـ جدية
-أنا عاوز أعرف إيه اللي حصل عشان نقدر نرجع خطيبتك بسرعة
إلتفت إليه عز الدين فجأة وإتسعت عيناه بـ دهشة..وقتها علم الشرطي أنه أصابه في مقټل..فـ قرر السير على هذا الوتر..فـ أكمل بـ مكر رزين
-حضرتك التصريح كان بيقول إنه هجوم إرهابي صح؟
-أماء بـ خفوت:أيوة
-نظر له الشرطي بـ نظرة ذات مغزى وأكمل:إزاي هجوم إرهابي من شخص واحد يدخل بيت زي حضرتك لأ وېقتل العدد دا
ضيق عز الدين عيناه ليبتسم الأخر ويُكمل حديثه
-مع إن الچثث كلها كان وشها ناحية جوه مش بره..مش دي حاجة غريبة؟
-أنت عاوز توصل لإيه!..إن الموضوع مدّبر أو في حاجة أنا ليا يد فيها
-حك طرف ذقنه وقال:أنا مقولتش كدا..أنا بقول إن الھجوم حصل من جوه مش من بره ودا معناه إنه دخل بـ حرفية
ضغط عز الدين على يده الغير مصاپة بـ غيظ من ذاك الشرطي الذي يتلاعب به..فـ أكمل الشرطي حديثه بـ نبرة ذات مغزى
-معناه إنه متدرب كويس إن يدخل فـ فيلا زي فيلتك لأ ومعاد الحفلة اللي فيها شخصيات مهمة..دا ميدلش غير ع حاجة واحدة إنه مترتب..أو...
ولكنه لم يُكمل عبارته التي أثارت عز الدين ليهتف بـ تساؤل
-أو إيه؟ كمل يا حضرة الظابط
-ليُكمل الشرطي حديثه الغامض:أو اللي عمل كدا كان قصده يلفت النظر لحاجة معينة..ودا ميعملوش غير حد ليه عداوة معاك
-هز عز الدين كتفيه وقال بـ فتور:ودا شئ عادي ومين ملوش عداوة معايا
-نفى بـ رأسه سلبًا وقال:لأ اللي عمل كدا ليه عداوة كبيرة معاك ومش عادية
-مسح على فمه وتساءل:مش فاهم قصدك إيه!!..دا حاډث إرهابي عادي
نهض الشرطي بـ بطئ ثم إقترب من عز الدين وتشدق بـ ثقة وهو يُثبت عيناه في عينا الأخير
-كدب..كل اللي إتقال كدب دا مش حاډث إرهابي عادي
-لم يرمش لعز الدين جفن وتساءل بـ جمود:وحضرتك عرفت منين!
-إبتسم من زاوية فمه وأجاب:المذيعة كانت عينها بترمش كتير ودا يدل ع حاجة من إتنين..يا إما حد محفظها الكلمتين دول أو متوترة..
مط شفتيه بعدم إهتمام وأكمل
-بس رائي كـ ظابط..أنها كانت الأتنين مع بعض...
رمقه عز الدين بـ ڼارية تجاهلها الشرطي..الذي إعتدل في وقفته وتشدق بـ نبرة جافة
-أنا هسيبك تعيد حسباتك وتفكر فـ اللي قولته..يمكن تفكر تقولي الحقيقة وأقدر أنقذ خطيبتك من إيد الـ..الإرهابي
قال الأخيرة بـ سخرية وتقدم خطوتان ثم إستدار قبل أن يخرج وقال
-لو غيرت رأيك قول لحد من بره يكلمني..قوله عاوز الرائد عدي أبو شادي...
***************************************
وصلا أمام ذلك المنزل الكبير والذي يتوسط بلدة صغيرة في الواحات..همست بتول بـ نزق
-هو إحنا هنقعد فـ البيت دا!
-أجاب هو بـ سخرية:لأ هنقف فيه
-ما تبطل سئالة و ترد عليا زي الناس
قالتها بـ سخط على سُخريته منها..ليرد عليها بـ تهكم
-لما تسألي زي الناس الأول..إنكتمي بقى إحنا داخلين ع الناس...
صمتت على مضض ولم تتحدث ولكنها كانت ترمقه بـ نظرات ساخطة وممتعضة من ذاك الشخص السمج الذي يقف بـ جانبها...
ثوان ودلف الجميع المنزل..وما أن دلفوا حتى إندفع من فيه يُرحب بـ يونس بـ طريقة حميمية وكأنه إبنًا لهم..تعجبت بتول من ذلك ولكنها أثرت الصمت..
-صجر ولدي!
قالتها إمرأة تبدو في الخمسون من عمرها ليهرول لها يونس وإنحنى يُقبل يدها..كانت بتول تتعجب وأكثر لتتساءل في نفسها
-دول أهله؟..أنا مش فاهمة حاجة
-تعالي يا بتول
فافت بتول على صوت يونس الذي يحثها على القدوم..سارت ناحيتهم مُسيرة وقفت أمامه الذي قال بـ أمر
-سلمي على الحاجة
-هاااه
قالتها بـ بلاهة..ليزجرها بـ عڼف
-مفيش هاااه
رمقته هى بـ ضيق..لتضحك السيدة وهى تقول بـ مرح
-براحة يا ولدي مش هيك..لا ټرعب البنية..كون حليم معها..أنت بدك (تريد) إياها تكرهك!!
-إبتسمت بتول بـ بشاشة لتلك السيدة لتميل ټحتضنها وقالت:مش بټرعب منه يا حاجة..هو ميقدرش أصلاً يعمل حاجة
قالت العبارة الأخيرة بـ همس لتضحك السيدة وهى تقول بـ همس مُماثل
-وليش عم تجولي (تقولي) بهمس هيك!!..أنتي مّرة جوية (قوية) كيف ما تجولي..
إبتعدت بتول وهى تضحك بـ توتر..ولم ترد..ربتت على وجنتها بـ حنو ثم هتفت بـ صرامة
-يلا يا صجر تعوا (تعالوا) عشان تاكلوا
-وضع يونس يده على معدته وهتف بـ إبتسامة:والله مش هقدر يا أم عواد عمي قام بالواجب وزيادة..حتى مفيش مكان أحط شوية ماية
ضحكت..وعقبت بـ
-طيب هلا فوتوا ع غرفتك ياللي كنت تنام فيها جبل (قبل)..وأنا شويّ وراح أبعتلك هدمات يا بنيتي..
-تسلمي يا حاجة..
-هتف أبو عواد:يلا يلا..إستريحوا..
أماء يونس بـ رأسه ثم أمسك يد بتول وسحبها خلفه وصعد إلى غرفته التي يمكث بها قبلاً...
***********************************
دلف عدي إلى منزله مُبتسم الثغر..رآه والده على غير عادته المُتجهمة دائمًا..فـ سأله رفعت بـ تعجب
-أنت بتضحك يا عدي!
-إتسعت إبتسامته وإتجه إلى والده قائلاً بـ نبرة سعيدة:طبعًا يا سيادة العقيد..النهاردة إتطمنت ع يونس
إزدادت ضربات رفعت وسأله بـ نبرة مُرتعشة
-يعني إيه!!
أمسك يد والده يُقبلها وربت بعدها عليها..ثم قال بـ إبتسامة
-يعني إبنك بخير وزي الفل يا حج رفعت
-زجره والده بـ حدة:يا بني قول نشفت دمي
-ضحك عدي وقال:إهدى يا حج صحتك..المهم أنت شوفت الأخبار!
هز رأسه بـ لا..فـ بدأ عدي في الشرح لوالده الذي قال بـ دهشة
-يعني هو خطڤ بنت ملهاش ذنب دلوقتي!
-هز رأسه بـ نفي ثم أكمل:مسمهاش خطڤها..هي بوصلة تأمين أنا عارف يونس بيفكر فـ إيه
-وهو بيفكر فـ إيه!!
-حك عدي جبهته ثم قال:مش هقدر أجزم ع كلامي إلا لما أشوفه
-قطب ما بين حاجبيه وتساءل:هتشوفه إزاي؟
-ضحك عدي بـ مكر:لأ دي سبهالي يا سيادة العقيد..أهم حاجة ماما مش لازم تعرف حاجة دلوقتي
-عندك حق..ممكن يجوا هنا و هى تقع بـ لسانها وتعرفهم كل حاجة
أماء رأسه بـ الإيجاب ثم أكمل حديثه
-مش عارف والله يا بابا إذا هما هيجوا ولا لأ!
-يعني!!
-وضع مرفقيه على رُكبيته ثم تشدق بـ شرود:هو فـ نظر الكل مېت..أه قلة اللي عارفين أنه عايش..بس كلنا حبكنا القصة عشان مش عاوزين غلطة تضيع كل حاجة حصلت..
صمت قليلاً ثم أكمل
-الناس عارفة إنه مجرد حاډث إرهابي عادي..وعشان كدا عز الدين الكلب مش هيتصرف بـ غباء..بس برضوا منستبعدش إنه مخلي حد يراقب البيت..
نهض والده و قال وهو يتوجه ناحية غرفة زوجته
-قفل ع الكلام دا دلوقتي وميتفتحش كتير لا مع أمك ولا غيرها عشان نعرف هنعمل إيه
ثم تركه ودلف إلى الغُرفة..بينما ظل عدي على وضعيته وهتف بـ عزم وتصميم
-أول حاجة لازم أسافر الواحات وأقابل يونس...
*************************************
ما أن دلفا إلى الغُرفة حتى جذبت يدها عنوة عن يده..ثم هتفت بـ عصبية
-عاوزة أعرف إزاي تسمح لنفسك تقول إني مراتك!
لم يرد عليها يونس أو بـ الأحرى تجاهلها وإلتفت بـ ظهره..لتتحرك وتقف أمامه بـ عصبية وزعقت بـ حدة
-أنا مش بكلـ...
ولم تُكمل عباراتها إذ وضع يده خلف رقبتها وجذبها إليه يُكمم فاها بـ قبضته..وحدق في عيناها بـ ڠضب ثم هتف بـ فحيح أفعى
-صوتك يا حلوة ميعلاش عليا..أنا لحد كدا طيب معاكي ومش عاوز أقل أدبي عليكي...
أماءت بـ رأسها ونظراتها الهلعة لا تتزحزح عنه..أبعد يده عنها وإبتعد عنها كليًا..إلتقطت هى أنفاسها..ثم سألته بـ همس
-لو سمحت ممكن أعرف أنت ليه قولتلهم إني مراتك؟
-إلتفت لها عاقدًا لحاجبيه وتساءل بـ نبرة ساخرة:موطية صوتك ليه!
-تقدمت منه وأكملت بـ همس:عشان قولتلي متعليش صوتك عليا
إنفلتت منه ضحكات..لتعقد هى حاجبيها بـ ضيق..سكنت ضحكاته وتشدق مازحًا
-هو أنتي حافظة مش فاهمة!!..نفسي أفهم إيه اللي جوه دماغك!..مخ زيينا ولا محشي ورق عنب!
-هتفت بـ حدة:إحترم نفـ..سـ..ك
قالت الأخيرة ونبرتها تخبو ما أن لاحظت نظراته الحادة لها..تنحنحت بـ خفوت وأسبلت جفنيها بـ براءة لتصرف تفكيره الحاد عنها
-ممكن تجاوبني بليييز!!
-هز رأسه بـ يأس ثم هتف بـ نفاذ صبر:أنا وقعت نفسي فـ مصېبة سوده..أقسم بالله أنتي عملي الأسود
مسح على وجهه وأجابها بـ هدوء ظاهري
-بصي أنا مينفعش أدخل بيت ناس عرب وأنا ساحب مزة فـ إيدي
-أشارت لنفسها وقالت:أنا مزة!!..الله يكرمك..شكلك بتفهم
وضع سبابته على فاه في إشارة أن تصمت..لتغلق فمها على مضض وأكمل وهو ينظر لها شذرًا
-وأقولهم خاطڤها..فـ كان لازم أقولهم مراتي..وإتصرفي ع هذا الأساس..
-لوت شدقها بـ ضيق ثم تساءلت:طب وإيه صقر دا!
-فصيلة دمي
-ضيقت عيناها بـ ثم هتفت بـ ضيق:الله إتكلم عدل يا جدع أنت
-زفر بـ نفاذ صبر وهتف من بين أسنانه أسمي يونس وبيدلعوني يقولولي يا صقر..إرتحتي!!
-زمت شفتيها ولم ترد..ثم أكملت:طب و دول مين؟
كور قبضته وتأفف قائلاً
-يا دين النبي ع الأسئلة اللي مبتخلصش
-هتفت بـ توسل وهى ټضرب صدرها عدة مرات بـ خفة:عشان خاطري..عشان خاطري
-دول مش أهلي بس تقدري تقولي بعتبرهم كدا
كاد أن تتفوه بـ مزيد من الأسئلة إلا أنه قاطعها بـ صرامة
-مش عاوز أسمع أسئلة تانية..وإرحمي دماغ أمي العيانة
إمتعضت ملامحها ثم وضعت يدها أسفل وجنتها وصمتت وهى تنظر له بـ ضيق من وقت لأخر...
ثوان وسمعا طرق على باب الغرفة..ليتقدم يونس ويفتحه..فـ ظهرت فتاه صغيرة وهى تقول بـ براءة
-ستي بعتت إلكوا هاذه الدبشات (الملابس)
-وضع يده على رأسها ثم قال بـ إبتسامة:شكرًا ياقمراية
إبتسمت بـ طفولة ثم ركضت..أغلق هو باب الغرفة ثم إلتفت لها قاذفًا الثياب في وجهها..لتُبعدهم بـ ضيق..لم يُعرها إهتمام وقال دون أن ينظر لها
-قومي غيري هدومك فـ الحمام وأنا هغير هنا
-عقدت ذراعيها أمام صدرها بـ ضيق طفولي وتشدقت:مش عاوزة
-أشاح بـ يده:عنك..
أمسكت إحدى الوسادات قاصدة قذفه بها إلا أنه أشار بـ يده دون أن يستدير وهتف بـ تحذير
-أنا لو منك أفكر مليون مرة قبل ما أعملها
رفت بـ عينيها عدة مرات علها تستوعب ما تفوه به حتى الآن..أُلجم لسانها من الدهشة وسكنت..أما هو إرتسمت إبتسامة تسلية على وجهه وهو يُحدث نفسه بـ مرح
-لأ مُسلية بجد
وشرع في نزع ثيابه عنها بدئًا من قمصيه ليظهر جذعه العلوي عار..صكت هى صدرها ثم تبعتها شهقة زاجرة إياه بـ عڼف
-هى حصلت!!
-إلتفت لها على حين غُرة وتساءل بـ عقدة حاجب:إيه دي اللي حصلت؟
-أشارت بـ يدها و وجنتيها تشعان خجل:كدا..تعمل اللي أنت بتعمله دا
-مش فاهم
-أغمضت جفنيها وأعتصرتهما وهى تقول:بتقلع قدامي!..مش خاېف ع مشاعيري كـ بنت!!
وضع يده على عيناه يكتم نفسه من سبها بـ سباب لاذع..تقدم منها بـ خطى وئيدة..وهى لا تزال مُغمضة العينين..شعرت بـ سخونة فجأة تلفح بشرتها..لتفتح عيناها التي إتسعت بـ هلع وهى تراه وجهه على بُعد إنش منها..بـ الإضافة إلى يداه التي تُحاصرها من كِلا الجانبين..عادت بـ جسدها إلى الخلف..ليميل عليها أكثر..لم تستطع الحديث مما يحدث..فـ همس هو
-أنا مش خاېف ع مشاعيرك كـ بنت!..أنا عشان خاېف عليكي شخصيًا مكنتش طولت صبري عليكي
-تساءلت بـ إرتعاش:مش..مش فاهمة
-إبتسم بـ جاذبية وهو يتأمل خجلها:مش من عادتي إني أصبر ع طولة لسان حد..أه هادي لكن أنتي بتجننيني..محدش يقدر يعصبني بس أنتي بتخليني حاسس بـ بركان جوايا وببقى عاوز أخنقك بـ إيديا...
أغمضت عيناها ثم فتحتهما مرة أخرى..ليأسر عيناها بـ بنيته الساحرة التي تعمقت النظر بها..ظل لحظات لا يستطيع السيطرة على تلك المشاعر الهوجاء التي ضړبته بـ قوة..تلك الصغيرة تبعث في نفسه ذبذبات عڼيفة تُطيح بـ كل ما تعلمه عن السيطرة على النفس..عدة ساعات كانت كفيلة بـ أن تقلب موازين يونس ذلك الضابط إلى يونس المُراهق...
إستعاد توازنه مرة أخرى وإبتعد عنها بـ بطئ كما إقترب منها..إستدار وهتف بـ نبرة ثابتة
-خشي غيري هدومك يا بتول..خشي وإتمسي
-قبضت على ثيابها بـ قوة ثم ركضت وهى تقول بـ نبرة لاهثة:أوامرك
دلفت إلى المرحاض وأغلقت الباب من خلفها..بينما هو نظر مكان فراغها بـ نظرات قاتمة وهو يهتف في نفسه..
-وبعدهالك يا يونس مش حتة عيلة تعمل فيك كدا..دول حيالله كام ساعة قضتهم معاها...

الفصل الخامس
حينما وجدت اشباه ملائكه البشر تسكن ارضي
تغيرت مشاعري
اصبحت فوضى تبعثرني بين ساعه واخرى
متعه العڈاب في حيرة الغرام
رائعه هي معزوفة اللقاء
ظل عقله يُفكر في أمر تلك الجنية التي غزته بسرعة أخافته..تلك أول مرة يتحادث معها ولكنها لم تكن الأولى بـ رؤيتها...
أما هى في داخل المرحاض تضع يدها على صدرها الذي يعلو ويهبط بـ شدة من فرط التوتر و...بعض المشاعر التي دغدغتها..وقفت أمام المرآه تتأمل ملامحها..مسحت على وجهها ثم وضعت يدها على فاها..لمحت خاتم خطبتها من عز الدين..ظلت تتأمله قليلاً قبل أن تهتف بـ فزع
-إيه اللي أنا بعمله دا؟..المفروض مشاعري ملك عز الدين وبس..مش هسمحله يـ..يعمل كدا تاني.مش هخليه يلغبطني كدا...
حسمت أمرها وأبدلت ثيابها..التي سُرعان ما تأملتها بـدهشة..وهتفت بـ خجل وهى ترى هيئتها
-أنا هطلع قدامه كدا!!..
إعتدل على الفراش مُستندًا بـ جذعه العلوي على الفراش..يجلس نصف جلسة ثم وضع قدم على أخر وتشدق وهو يعقد ذراعيه أمام صدره
-دلوقتي لازم أتحرك لأني مش لازم أقعد فـ مصر كتير..
وما أنهى عبارته حتى وجد باب المرحاض يُفتح بـ بطئ..إشرأب بـ عنقه ليرها..وبالفعل خرجت وهى تُخفض رأسها إلى أسفل..إتسعت عينا يونس بـ دهشة حقيقية ثم ما لبث أن أنفجر ضاحكًا على هيئتها..رمقته هى بـ ضيق وهتفت بـ إنفعال
-متضحكش
-وضع يده على معدته وقال من بين ضحكاته:وعيزاني مضحكش ع شكلك دا وأنتي شبه بهانة كدا!
قالها وظل يضحك..فـ كانت ترتدي إحدى عباءات تلك السيدة البشوش ذات الجسد الممتلئ لټغرق هى فيها..كما أن ساقيها حتى ما بعد رُكبتيها نظرًا لقِصر قامة العجوز.. زمت شفتيها بـ عبوس وقالت بـ دفاع
-طنط أم عواد هى اللي إدتهولي أعمل إيه!..أقولها مش عاجبني؟
-وضع يده على عيناه وهتف بـ سخرية:لأ طبعًا..بس شكلك لايق فيها...والله شبه بتوع السرايا الصفرا
-ضيقت عيناها وضړبت الأرض بـ قدميها ثم قالت بـ حدة:أهو أنت يا يونس الكلب
وجاءت عند "الكلب"وأخفضت صوتها..ليقول هو بـ تحذير
-أهو الكلب دا هيجي يعرفك الكلاب بتعمل إيه
-إتسعت حدقتيها بـ ړعب وهتفت بـ توسل:لالالالا..أنا مقولتش كلب أنت ياللي بيتهيقلك..
-ضړب كف على آخر وهتف:نفسي أفهم لما أنتي بټموتي فـ جلدك كدا بـ تتهبي تطولي لسانك ليه!!
-أهو أنت اللي بتتهبب
نهض هو ليُخيفها..فـ ركضت هى إلى داخل المرحاض وأغلقت عليها..إبتسم ثم قال بـ خفوت
-مچنونة..أنا وقعت فـ مچنونة...
تقدم من باب المرحاض ثم طرق عليه..ليأتيه صوتها المُرتعب
-أنا اللي بتهبب مش أنت..عشان خاطري متدخلش
-ضغط على فكه السفلي بـ غيظ ثم قال:يا أم مخ جزمة..أنا بخبط عليكي عشان أقولك أنا نازل شوية..ومتطلعيش من الأوضة
-تشدقت بـ صوتٍ عال:مش هطلع من الحمام أصلاً...
-يارب
هتف بها يونس بـ تضرع ثم رحل وتاركًا إياها ترتعب وحدها في المرحاض....
**************************************
بـ الأسفل كان أبو عواد و زوجته يتحدثان عنهما..إرتشف أبو عواد من قدح الشاي الخاص به ثم قال
-لا تدخلي يا أم عواد..يونس وبنثج (بنثق) فيه..مرته أو لأ..ما يعنينا
-هتفت هى بـ ذهول:كيف ما يعنينا يا شيخ!!..ديّ بنية وهو رچال..وما بينهم رابط ولا زواج..كيف بينتركوا لحالهم؟
-نظر لها مُطولاً ثم تشدق بـ إصرار:جولتلك (قولتلك) أنا بثج إبيونس كيف ما بثج بحالي ويمكن أكثر..وأنا بعرف إنه ما راح يجرب (يقرب)منها لو مش مرته
صمت قليلاً ثم أكمل حديثه بـ صرامة
-مش عاوزك تحكي معه بـ هذا الموضوع..جفلي (قفلي)..و لاتفتحي معهم هذا الموضوع...
قاطع حديثهم يونس وهو يتقدم بـ إبتسامة..وهتف
-السلام عليكم
-ردد الإثنان:وعليكم السلام يا ولدي..تعال إجعد (أقعد)
-تنحنح وقال:معلش يا عم أبو عواد..أنا رايح مشوار
-سألته أم عواد:وين رايح؟
-لعند عواد..هو فـ الديوان صح!!
أماء أبو عواد بـ رأسه ولم يتحدث..فـ أكمل يونس حديثه
-طب أنا هروحله عاوزه فـ موضوع
-إبتسمت أم عواد وقالت:روح يا ولدي..الله معك..ودير(خلي) بالك الدينا سواد
-إبتسم قائلاً:مټخافيش عليا يا أم عواد..مش هتأخر..بعد إذنكوا..
ثم تركهم ورحل..لتنظر أم عواد إلى زوجها نظرات ذات مغزى..ليُبادلها بـ أخرى مُطمأنة....
************************************
-محمد أنت فين؟
هتف بها عدي الذي هاتف صديقه..فـ رد عليه الأخير
-أنا لسه مخلص شغل..خير فيه حاجة!
-أه كنت عاوزك فـ خدمة
-عقد محمد ما بين حاجبيه وتساءل:أأمر يا سيدي
-تشدق عدي بـ جدية:أنا ناوي أروح سفرية كدا مستعجلة وعاوزك تحاول بكرة تتصرفلي فـ أجازة يومين
صمت صديقه قليلاً وهتف بـ جدية
-يونس!!
-تنهد عدي وقال:أه..بس مش هقدر أقولك فين
-أماء صديقه بـ تفهم وقال:وأنا مش عاوز أعرف..أنا فاهم أنت بتفكر فـ إيه
أخذ محمد أنفاسه ثم أكمل بـ نبرة جادة
-هتصرفلك بكرة فـ أجازة متقلقش
-تشدق عدي بـ إمتنان:شكرًا يا محمد هتعبك
-ليقول محمد بـ مرح:تعب إيه بس!!..أصله مش ببلاش يا سيادة الرائد
ضحك عدي ثم قال بـ مزاح
-طالما إستغلال بـ إستغلال..يبقى كمل جميلك بقى وإعمل اللي هقولك عليه
-هااا قول يا سيدي
أخذ عدي نفس عميق ثم زفره على مهل وهتف بـ نبرة قاتمة
-عز الدين
-قطب محمد حاجبيه وقال:ماله عز الدين؟
-مسح عدي على وجهه وقال:لعبت فـ دماغه والمفروض ودا طبعًا إحتمال ضئيل إنه هيقول شوية حاجات بس أكيد فيها تغيير جذري بس ع الأقل نعرف حاجة وآآ..
-قاطعه محمد بـ ضيق:من غير الموشح دا..قول ع طول
-تأفف عدي وقال:تابع معاه وراقبه كويس وقوله إني إتبعت مأمورية..وإعرفلي بيكلم مين وبيروح فين وكل حاجة
-طيب يا سيدي
-معلش بتقل عليك
إبتسم صديقه ثم صمت قليلاً وقال بعدها بـ نبرة صادقة
-خلي بالك من نفسك وإعرف إنهم هيراقبوك..
-وضع يده على عيناه وقال:عارف عشان كدا عامل إحطياطاتي..كل اللي عاوزه بكرة تشتيت فكرهم عنها حتى عما أبعد
-تمام..وأنا قبل ما أروح لشغلي بكره..هطلع لعز الدين واقوله أنك فـ مأمورية بحيث يكون المراقبة ع البيت بس
-رد عليه عدي بـ تحذير:دا بعد أما تظبط الدنيا مع العقيد
-تساءل محمد:العقيد رفعت؟
-هتف عدي مُسرعًا:لأ أنا مبثقش فيه زي يونس ما بيثقش فيه
-أومال مين قصدك!
-العقيد سعد..هو اللي هيقدر يظبطلنا الدنيا..خصوصًا لما تعرفه حكاية يونس..
-تمام يا صاحبي..ربنا يرجع يونس بخير وتتظبط الدنيا بقى
-تشدق عدي بـ رجاء:يارب والله..عشان أنا تعبت
-قال محمد بـ مواساه:خلاص هانت يا معلم إجمد أنت بس..
-إن شاء الله..يلا سلام
ثم أغلق الهاتف و أراح ظهره على الوسادة وهو يُفكر كيف ستكون المقابلة بينه وبين ذاك الغائب مُنذ عامان...
***********************************
دلف يونس إلى ذلك الديوان..وسأل العامل عند عواد فـ أشار بـ يده إلى مكانه..إتجه إليه ثم وضع يده على منكبه هاتفًا بـ مزاح
-كيفك يا رچال؟
إلتفت عواد لذلك الشخص الذي يُحدثه وما أن رأى يونس حتى هتف بـ سرور
-صجر!!..إبن العم!..إشتقتلك يا صجر
ثم عانقه بـ قوة ليُبادله يونس العناق..ثم قال بـ ترحيب
-إجعد..إسترح..چيت لهون أمتى؟
-جلس يونس وقال:لسه مبقاليش ساعتين
-ربت على رُكبته وهتف:يا مراحب..يا مراحب..والله إشتقنالك يا صجر
-إبتسم يونس وهو يقول:وعشان كدا قولت أزوركم
إبتسم عواد ثم نادى أحد العاملين وطلب منه إحضار بعض المشروبات والفاكهه..إنصرف العامل وساد الصمت قبل أت يكسره عواد بـ سؤاله
-كيف كان الأسر يا صجر؟!
-ضحك يونس وقال:ممتع..مقدرش أقولك الخدمة كانت إيه..حكاية..إتوصوا بيا ع الأخر
قالها وهو يحك مؤخرة عنقه..لتصدح ضحكات عواد الذي قال بـ مزاح
-ظاهر بـ وشك..حتى أنت مختلف عن سابج (سابق)
إبتسم يونس من زاوية فمه..ليأتي بعدها العامل ويضع المشروبات والفاكهه ثم رحل في صمت..مال يونس على عواد وسأله بـ همس
-الأمانة لسه معاك!
نظر له عواد..ثم مد يده إلى عنقه وأخرج قلادة ونزعها عنه ثم أعطاها إلي يونس قائلاً بـ جدية
-ما جلعتها (قلعتها) من يومها..أنت وصيتني وأمنتني وأنا كنت جد (قد) هذه الأمانة
-أخذها منه ثم ربت على فخذه وقال بـ نبرة صادقة:عارف عشان كدا مأمنتش غيرك
-تسلم يابن العم
إرتدى يونس القلادة مرة أخرى والتي كانت تتدلى منها ناب صغير لإحدى النمور البرية..ثم قال عواد
-وبعدن إيش (ماذا) تساوي (تفعل)؟
-تنهد يونس وأجاب:هقعد هنا كام يوم وبعدها هسافر برة مصر..بـ اللي معايا دامش هقدر أقعد أكتر من أسبوع
هز عواد رأسه بـ تفهم..ليسأله يونس وهو يتفحص القلادة
-أومال فين كارت الميموري!
-حك عواد رأسه وقال بـ حرج:مع وداد!!
-عقد حاجبيه وتساءل:مين وداد؟
-قال عواد بـ ذهول:الغازية (الراقصة) يا صجر
ضړب يونس جبهته ثم تساءل بـ شئ من الڠضب
-وحاجة مهمة زي دي تبقى مع رقاصة ليه يا عواد!!
-وضع يده على ذراعه ثم قال بـ تبرير:يا رچال لا تعصب..أنا فكرت أن شئ مهم مثل هذا لا يجوز يضل إمعايا كله..جولت لو لا قدر الله وحصل شي..لا تروح كلها
صمت يونس وكذلك عواد يلتقط أنفاسه ثم عاد يوضح
-وأنا طلبت من وداد إنها تحتفظ فيها..والحجيجة (الحقيقة) ما جصرت (قصرت)..
-حدثه يونس بـ تحذير:أوعى تكون قولتلها حاجة..تودينا فـ داهية
-إبتسم عواد وقال:لا..ما جولت شي..أنا طلبت وهى نفذت إوبس
-خلاص هنروح بكرة نجيبها
-كيف ما تأمر
أماء يونس بـ رأسه بـ رضا ثم هتف بـ إبتسامة وحرج
-متزعلش مني يا عواد دي حاجات تودي ورا الشمس
-ربت على منكبه وقال:مش واخد على خاطري..لا تجلج (تقلق)
-حيث كدا يلا نرجع البيت..عم أبو عواد مستنيك
-يلا...
ثم تحركا كِلاهما في إتجاه المنزل...
**************************************
كانت هى جالسة تُفكر في الإتصال بـ عز الدين..قبل أن تفيق على صوت يونس وهو يقول بـ سخرية
-متفكريش تعملي كدا ولا تطلبي من حد
رفعت رأسها بـ سرعة لتراه أمامها يهذي بـ تلك الكلمات وهتفت بـ عفوية
-أنت بتعرف منين!..هو أنا بفكر بـ صوت عالي؟
نزع تلك القلادة و وضعها في جيب بنطاله ..إلتفت إليها ثم قال بـهدوء
-مش محتاجة..أنا عارف بتفكري فـ إيه يا بتول
إنتفضت كـ من لدغتها أفعى وإتجهت ناحيته بـ سرعة جعلته يجفل..وقفت أمامه ثم أشارت بـ سبابتها المُرتعشة
-أنت عرفت اسمي منين!
عض على شفتيه بـ غيظ..أكل ذلك الخۏف والإنتفاضة لمعرفته اسمها..كور قبضته وحاول أن يضبط أعصابه ولكنها لم تسمح له إذ سألته بـ صوت مُرتعب وكأنها تقف أمام جني
-عـ..عرفت اسمي..منين..أنا..أنا مقولتلوش
-جذبها من تلابيبها ثم هتف بـ زمجرة:هو أنتي حد مسلطك عليا!!..دا لو ربنا بيخلص مني ذنب مش هيبتليني بيكي...
لاحظ إرتجافة شفتيها..وعيناها التي بدأت تدمع..ليستغفر بـ صوتٍ عال ثم قال
-هو أنا مش قولتلك نزلو صورك فـ التلفزيون..وطبعي ينزلوا معلومات عنك يا بلائي الأسود..وعرفت اسمك منه..خلصت مش قضية
إرتخت معالمها..ليترك هو تلابيبها..فـ عدلت من ثيابها وهتفت بـ مرح وكأنها لم تكن مُنذ لحظان ستصاب بـ نوبة قلبية
-ما تقول كدا خضتني يا راجل
هز رأسه بـ يأس وأخذ يمسح على بـ عڼف وهتف بـ تضرع
-يارب خلصني منها ع خير
نظر لها فـ وجدها تجلس على طرف الفراش وتساءلت بـ ثقة وكأن ما حدث لم يكن
-ها بقى كنت فين!
-وحياه أمك!!!
هتف بـ هذه العبارة بـ شئ من الحدة والذهول..ليرتفع كِلا حاجبيها وهى تنهره كما تنهر طفل صغير
-بس كدا عيب..ترضى حد يحلف بـ أمك!
-إنتفض بـ ڠضب:نعم!!
-أشارت بـ سبابتها في وجهها وقالت:شوفت شوفت..أهو أنت مترضاش..ليه بقى تقولي كدا؟..عيب يا يونس
هذه الفتاه ستصيبه بـ جلطة رُباعية الأبعاد..جلس على أحد المقاعد وقال بـ إمتعاض
-أنا أسيبهم يمسكوني أسهل وأرحم..
-تجاهلت عبارته الأخيرة وتساءلت:قولي بقى بتشغل إيه!..طالما مش هتجاوبني كنت فين
-أنتي عندك عته ولا تأخر ذهني!
-هتفت بـ توضيح:ع فكرة الأتنين واحد
رمقها بـ نظرات ڼارية تشي بـ نفاذ صبره..فـ أردفت مُسرعة
-خلاص مش واحد متزعلش أوي كدا..
-تأفف بـ ضيق وتساءل:أنتي عاوزة إيه!
-عقدت ذراعيها أمام صدرها وتشدقت بـ بساطة:بتعرف عليك..عاوزة أشوف أنا مع حد خير ولا شړ!
-رفع حاجبه وهتف بـ برود:تفرق معاكي!
-أماءت بـ قوة:أه تفرق..عاوزة أعرف هعمل حاجة صح ولا غلط!
-نظر لها مُطولاً ثم قال:أنتي شايفة إيه!
-رفعت كتفيها بـ فتور ثم تشدقت:أنا مش شايفة حاجة..أنا معرفكش أساسًا من ساعة أما عرفتك..عرفت أنك هربان وقټلت ناس كتير..كفاية اللي عملته فـعز
حدق بها ثوان..ولم يرد لتُكمل هى وقد بدأت نبرتها في الإنفعال
-أنا مبثقش فيك..وكون إني بسألك وبحاول أتعامل معاك بتلقائيتي فـ دا عشان أتأقلم مع الوضع وأقدر أسايرك كويس...
نهضت لتقف أمامه..ليقف هو الأخر واضعًا يداه في جيبي بنطاله يُطالعها بـ برود..فـ أكملت حديثها وهى تلكزه في صدره
-إنما لو جاتلي فرصة أهرب مش هتردد ثانية..أنا معرفش عنك أي حاجة..أنت كلك ع بعضك غامض..بعكس عز..عز الدين أنا بثق فيه أكتر من نفسي..وبحبه أكتر من نفسي..وبكره الوقت اللي مقضياه معاك وأنا بعيد عنه..هو عنده نزاهة مش عندك..بيحب و آآآ...
ولم يدعها تُكمل عبارتها..إذ أمسك معصميها بـ قوة وضغط عليها بـ طريقة آلمتها..ثم جذبها ناحيته وهدر بـ شراسة
-أوعي..شوفي أوعي تكمليها..أنتي لسه صغيره عشان تفهمي الناس..حقك متثقيش فيا أنتي عشتي معايا قد أيه!..تعرفيني من أمتى!..عارفة عني إيه!!..ولا حاجة طبعًا
حدق في عيناها المُرتعبة وأكمل بـ نبرة حادة
-مسألتيش نفسك أنا مقربتش منك ليه!..مع أنه كان فـ إيدي؟..
-هدرت بـ إنفعال:ولا عز الدين عمل كدا..بالعكس عمره ما لمسني بـ طريقة مش كويسة..عشان بيحبني وبيحافظ عليا
-أكمل هو:وعشان عرفاه ومش متوقعة منه الغلط..أما أنا فـ ليه!..أنا فـ نظرك قتّال قتلة ومبتثقيش فيا..وزي ما بتقولي خاېن..فـ واحد بمواصفاتي ليه ميرقبش منك..ليه معملش معاكس بـ اللي يكسر عز الدين!!
حدقت بـ ذهول..إلا أنه مُصيب في كونها تشعر معه بـ الأمان..لا تشعر بـ رهبة من وجوده جوارها..صمتت ولم تجد من الحديث ما تتفوه به..أرخى يداه عنها ثم تشدق بـ نبرة هادئة بعض الشئ
-أنا مش كدا يا بنت الحلال..أنا واحد برضي ضميري وربي قبل أي حاجة..بحط عقاپ ربنا قبل عقاپ البشر..بخاف من ربنا قبل ما أخاف البشر..أنا لو فيا ذرة من اللي قولتيه واللي أنتي مش حساه منه..كنت قتلتك و محدش عرف وكدا كدا هو مفكر إنك لسه تحت إيدي...
-هو..هو أنت ممكن تقتلني!
-تنهد يونس وهو يترك يدها:لو كنت عاوز أعملها كنت عملتها..أنا قولتلك من الأول إني محتاجك أخرج بس من البلد وبعدها أنتي حرة تروحي لعز الدين تروحي للعفريت الأزرق مليش دعوة..
إبتعدت عنه ولم تتحدث ولكن بـ رأسها مئات الأسئلة..ولكن أيضًا لا تستطيع التفوه بها قبل أن تُرتب أفكارها المُشتتة وأولها..لما هذا الأمان مع ذلك الغريب والذي لم تشعر به مع عز الدين!!!....
الفصل السادس
الحب أعمى والمحبون لا يرون الحماقة التي يقترفون...
-خطڤوها
قالها إحدى الفتيات التي دلفت على شخصًا ما والذي كان يقوم بـ تدقيق بعض الورق..وبعدما سمع هذا الخبر حتى رفع رأسه وتساءل
-مين دي!!
-رفعت الفتاه أحد حاجبيها وتساءلت:أنت مسمعتش الأخبار!
-لأ..بقالي كام يوم مش متابع ومخترجش من المكتب بقالي يومين..في إيه يا روضة ومين اللي إتخطفت دي؟
جلست المدعوة روضة على مقعد أمام مكتبه وتشدقت بـ توضيح
-البنت خطيبة سيادة الوزير في حد خطڤها
-إبتسم بـ سخرية وقال:بجد!..طب كويس
-عقدت ما بين حاجبيها وتساءلت:كويس إزاي!
ألقى ما بـ يده وطالعها بـ سوداوتيه بـ نظرات شيطانية
-كدا رقبة عز هتيجي تحت رجلي
-إرتفع كِلا حاجبيها بـ إعجاب وقالت:قول كدا..أيوة وساعتها اللي أنت عاوزة هيتم
أماء بـ رأسه وهو بيتسم..فـ أكملت
-بس محدش يعرف مين خطڤها..قال أنه حاډث إرهابي
-طبعًا لازم يقول..عمومًا هو هيعرفني
إرتسمت ملامح التساؤل على وجهها فـ رد على سؤالها الصامت
-هيقولي عشان أرجعهالوا..
-قالت بـ رضا:دا شئ كويس..وساعتها هتضغط بيها عليه..لأ بجد برافو
-يلا مش وقته الكلام دا..أخلص الشغل اللي فـ إيدي وأبقى أفوق لعز الدين..وأنتي كملي شغلك..
-نهضت روضة وقالت:تمام..هروح أشوف الشركة التانية
-أشار لها:كويس فكرتيني..لو وافقوا ع البنود إمضي معاهم
-تحركت ناحية الباب وقالت:تمام..أول لما أخلص هجيلك...
ودلفت إلى الخارج وتركته يتحرك بـ مقعده بـ إستمتاع هاتفًا بـ تشفي
-وأخيرًا وقعت تحت إيدي يا عز الكلب...
*************************************
تأملها وهى تائمة تتكوم على نفسها كـ الجنين في طرف الفراش..لا يدري أيترك لـ فؤاده العنان ويعشقها!..أم يروضه عنها؟..فهى تعشق أخر الرجال المحترمين من وجهه نظرها..تنهد بـ حرارة لما يختلج قلبه من مشاعر تُرهقه ثم نهض عن موضعه وتوجه إليه..إنحنى بـ جزعه ليحملها ويُعدل من وضعيتها..وقبل أن يعتدل لثم جبينها بـ قُبلة رقيقة وهتف بـ همس وهو يتأملها
-طلعتيلي زي الجنية وشقلبتني كياني فـ كام ساعة..
ثم جذب عليها الغطاء ودثرها جيدًا..توجه هو إلى الأريكة وتمدد عليها وحاول أن يحث جفونه على الإنغلاق..ليُداعبه النوم بعد دقائق فقدْ أُرهق اليوم...
في صباح اليوم التالي شعر بـ شئ يوضع عليه ويدًا ما تتلمسه بـ لمسات خفيفة..ليطبق هو على تلك اليد بـ سرعة و قوة فتاكة لتصرخ بتول بـ ألم ثم قالت
-إيدي يا متوحش
أرخى يده عنه ثم أعتدل في جلسته لينسدل الغطاء عنه..بينما يده تفرك وجهه والناعس فـ هتف بـ صوت مُتحشرج من النوم
-بتعملي إيه!
-أجابته وهى تفرك يدها موضع الألم:كنت بغطيك الحق عليا..خيرًا تعمل كسرًا تلقى
-زفر بـ إستياء ثم قال:أسف يا ستي..وبعدين أنا ظابط يعني همس أو لمس لازم أفوق وأعمل اللي عملته
نظرت له شزرًا ولم ترد..نظر هو في ساعة يده وقال بـ إندهاش
-ياااه الساعة تسعة!..الواحد نايم بقاله عشر ساعات!
نهض من موضعه وهو يضرب على فخذيه..لتتراجع هى بـ ړعب..تعجب من رد فعلها ذاك فـ سألها
-مالك؟
-ردت بـ توتر:هو أنت مش قايم تضربني!!
-عض على شفتيه بـ غيظ ثم قال بـ سخرية:لأ كفاية عليكي إيدك اللي كانت هتتكسر دي
-رمقته بـ حنق ثم قالت بـ ضيق:متوحش
أغمض عيناه وتجاهلها ثم توجه إلى المرحاض..فـ هتفت بـ غيظ
-يارب تقع فـ البلاعة
-جاءها صوته العالي:سمعتك يا بتول
شهقت بـ فزع..ثم قالت بـ رجاء
-معلش متزعلش مني عيلة وغلطت
دلف خارج المرحاض وهو يتخلل يده في خصلاته القصيرة والتي تُقطر ماءًا..ثم قال وهو ينظر لها بـ تهكم
-خليكي راجل كدا فـ نفسك وإبقي أد كلمتك
تقدمت منه بـ خطى غاضبة أحس منها أنها ستلُقنه درسًا..أشهرت هى سبابتها في وجهه وهتفت بـ ڠضب جعل وجنتيها يشعان حُمرة
-لو سمحت أنا بنت مش راجل
لا يعلم أيصفعها!..أم يقوم بـ خنقها!..أم ماذا!..أكل ذلك الڠضب من أجل أنها فتاه لا رجل!..حك طرف ذقنه وتشدق
-بتول!!..يلا ننزل نفطر الناس شكلهم مستنينا
-إرتخت معالمها في لحظات ثم هتفت بـ حماس:يلا
ضړب كف بـ أخر ولم يُعقب..إلتفت وكادت أن تحرك..إلا أنه أمسكها من مؤخرة عنقها وقال من بين أسنانه
-هتنزلي إزاي بـ منظرك السِمح دا..خشي إغسلي وشك وغيري هدومك يا ست زفتة..
ثم دفعها ناحية المرحاض..لتلفت له بـ حدة هاتفة
-طب متزقش
-أشار بـ حاجبيه وتشدق بـ صرامة:خشي
أغلقت الباب في وجهه بـ حدة..ليزفر هو بـ قوة وتضرع إلى الله وهو يضع يديه في خصره
-يارب صبرني على ما بلتني...
*************************************
دلفت إلى مركز الشرطة في خفية وصعدت إلى مكتبه الخاص..طرقت عدة طرقات ولكن لم يجبْ أحد..توجهت إلى أحد العسكر وهى تتأفف بـ ضيق..ثم سألته بـ جدية
-هو الرائد عدي أبو شادي مش موجود!
-تفحصها العسكري ثم قال بـ جمود:لأ يا ست واخد أجازة
-وضعت يدها عل جبهتها ثم قالت:طب متعرفش هيجي أمتى؟
-أجابها بـ جفاء:لأ معرفش..
نظرت له شزرًا ولم تُجبه..تحركت عدة خطوات في نفس الوقت الذي دلف فيه محمد مركز الشرطة..لتلحقه قائلة بـ لهفة
-سيادة الرائد!!
إلتفت محمد على ذلك الصوت الأنثوي الرقيق..ليقطب ما بين حاجبيه وهو يقول بـ جدية
-أفندم!
-حضرتك مش فاكرني!!
تطلع إليها محمد وهو يتأمل ملامحها الرقيقة عينان بندقيتان وخُصلات ذهبية..ذات بشړة سمراء فاتنة..قصيرة القامة ذات جسد مُمتلئ بعض الشئ..
تشدق محمد بـ نبرة عادية:الحقيقة مش فاكرة
-مدت يدها بـ إبتسامة عذبة:أنا روضة الشِهدي..المفروض أني كنت أقابل الرائد عدي بس هو فـ أجازة
-أماء بـ رأسه وقال:أه هو فـ أجازة
-أكملت حديثها:هو قالي لما ملاقيهوش..أقدر أتكلم مع حضرتك
-أشار بـ يده إلى صدره:أنا!
-أه
تلفتت حولها ثم قالت بـ صوت خفيض
-بس مش هينفع نتكلم هنا..ممكن نتدخل المكتب!!
-أه طبعًا إتفضلي
إبتسمت ثم تبعته إلى مكتبه..دلفا وأخذت تتأمل الغُرفة ليقطعه بـ صوته
-إتفضلي..إقعدي
-نظرت له ثم قالت:مرسيه
جلست أمامه على المقعد المواجهه لمكتبه..وضعت حقيبتها بـ جانبها ثم أخرجت بضعة أوراق..ليهتف هو قبل أن تتحدث
-تشربي إيه؟
-نفت بـ أدب قائلة:ملوش لزوم..أنا أصلاً هقول اللي عندي وأمشي لأنه مينفعش أفضل هنا كتير
قطب من عبارتها فـ أوضحت وهى تمُد بـ يدها الأوراق
-من فترة وأنا بشتغل مع الرائد عدي بـ شركة سيف الكردي وأجبله معلومات..أي معلومات أعرفها
-أمسك الأوراق من يدها ثم قال بـ تقطيبة عميقة:من فترة!!..بس أنا معرفش أي حاجة من دي..عدي مقليش حاجة
-إبتسمت بـ هدوء وقالت بـ تفهم:هو معرفش حد لأنه دا كان شغل خاص شوية..بس هو قالي فـ حال عدم وجوده اقدر أثق فـ حضرتك
تفحص محمد الأوراق وهو يستمع لها ولكنه لم يرد..أغلق ما بـ يده ثم تشدق بـ هدوء
-المعلومات دي حلوة جدًا..بس أنا المفروض أثق إن دا مش ملعوب!
-حقك يا سيادة الرائد..بس حضرتك ممكن تكلم الرائد عدي وهو هيفهمك..
نهضت تحت نظراته المُتعجبة وأكملت حديثها
-عمومًا كل حاجة مع حضرتك تقدر تتأكد منها كويس..
-طب لو سمحت رقمك واسمك عشان لو إحتاجتك
أخذت قلم و ورقة ودونت معلومات عنها بـ جانب اسمها ورقم هاتفها..ثم تشدقت بـ هدوء وإبتسامة
-دي شوية معلومات عني عشان لو حبيت تتأكد..بس لو سمحت يبقى فيه سرية فـ الموضوع لأن حياتي أنا اللي هتكون فـ خطړ..
خطت خطوتان ثم عادت وهتفت بـ تذكر
-أه..سيادة الوزير هيطلب من سيف أنه يدور ع خطيبته المخطۏفة..ولو خطيبته وقعت فـ إيده..قال أنه هيساوم عليها..بعد إذنك...
ثم تركته ورحلت...
**************************************
عاونه أحد رجاله في الدلوف إلى السيارة..ثم وتوجه إلى مقعده وتحرك بها تحت كاميرات الصحافة..أخرج هاتفه من جيب بنطاله ثم إتصل بـ سيف على مضض..ولكنه من أجل رجوع بتول..جاءه صوت سيف الظافر وهو يقول
-عز باشا!..حمد لله ع السلامة
-رد عليه عز الدين بـ جمود:الله يسلمك يا سيف..أخبارك!
-جاءه صوت سيف وهو يقول بـ مكر:أكيد متصلتش عشان تعرف أخباري
أبعد عز الدين الهاتف عن أُذنه ثم أطلق السباب اللاذع..أعاد الهاتف إليه ثم تشدق بـ ضيق
-عاوز أشوفك يا سيف
-امممم..عشان السنيورة اللي إتخطفت ولا إيه؟
-هدر عز الدين بـ ڠضب:إتكلم بـ أدب يا سيف الكلب عنها..وإعرف أنت بتكلم مين
-حدثه سيف بـ إستفزاز:براحة يا عز باشا أنت اللي محتاجلي مش أنا
-تأفف عز الدين وهتف بـ جفاء:قصره هتيجي ولا أشوف غيرك!!
-رد عليه الأخر بـ خبث:أجي طبعًا..دا أنا تحت أمرك
-تلوى شدق عز الدين بـ إبتسامة ساخرة وهو يقول:قصدك أما صدقت أقع تحت ضرسك..
-مط سيف شفتيه وقال:تفرق معاك!..أظن أهم حاجة بـ النسبالك أن خطيبتك ترجع..مش كدا؟
-زفر عز الدين بـ نفاذ صبر وقال:عاوز إيه يا سيف؟
صمت سيف قليلاً ليتأفف عز الدين..تحدث الأخير بعد برهة قائلاً
-خليها لما أشوفك..عشان الكلام يبقى ع نور
-ماشي يا سيف..أي حاجة بس أهم حاجة بتول ترجع..
-خلاص يا باشا..هجيلك النهاردة لما أخلص الشغل..فـ مكانا المعتاد
أكد على العبارة الأخيرة بـ تحذير..فـ هتف عز الدين
-خلاص ع عشرة بالليل نتقابل هناك...
-إتنفقنا..سلام
ثم أغلق الهاتف وعلى الجانب الأخر إبتسم سيف بـ خبث وقال بـ نبرة كـ فحيح افاعي
-وأخيرًا لاقيت نقطة ضعفك يا عز الكلب..الأيام بينا....
************************************
في المساء ظلت تجوب الغُرفة ذهابًا وإيابًا وهى تحدث نفسها بـ توتر
-كل دا وراح فين!..معقولة سبني هنا وخلع..واطي ويعملها
وما أن أنهت عبارتها حتى دلفت فتاه صغيرة..نظرت لها بتول بـ تعجب وتساءلت
-في حاجة يا شاطرة
أشارات لها الفتاه أن تنخفض..فـ فعلت بـ تأفف واضح فـ سألتها بتول بـ نفاذ صبر
-في إيه!!
-وضعت الفتاه يدها على فاها ثم تحدثت بـ صوت خفيض:أنا شوفت الصجر وهو خارچ من هون مع الخال عواد
-عقدت ما بين حاجبيها وقالت:راح مع عواد!..عواد مين؟
-أوضحت لها الفتاه:الصجر و الخال عواد يعرفوا بعض من زمان..ولهيك الصجر بيوثج (يثق) بالخال
-أمسكت يدها وسألتها:طب هما راحوا فين؟
-رفعت كتفيها وقالت بـ براءة:الخمارة
أغضمت بتول عيناها ثم فتحتهما مرة أخرى..وفعلت ذلك عدة مرات علها تعي ما وشت به تلك الفتاه..فـ عاودت سؤالها مجددًا
-قولتي إيه يا قمر!
-أعادت الطفلة العبارة مرة أخرى:بالخمارة
-حدثت بتول نفسها بـ تعجب:الخمارة!..اللي بيبقى فيها رقصات وخمرا ومنكر!!
صمتت تعض على شفتيها غيظًا ثم إنفجرت بـ ڠضب
-وعاملي فيها شيخ وبيخاف من ربنا!..دا أنا هطلع عينك يا زفت أنت..ماشي
نظرت إلى الفتاه ثم سألتها
-وأنتي عرفتي منين إني مش عارفة هو فين!
-ردت عليها بـ بساطة:سمعت من باب الغرفة..ودخلت أجولك
-أماءت بـ رأسها وتساءلت:تعرفي مكان البتاعة دي فين!
أماءت بـ رأسها بـ قوة..فـ أمسكت بتول يدها وهتفت بـ إصرار
-يلا..بس براحة
ثم تسللا خيفة ودلفا خارج المنزل..دقائق من الخطوات الواسعة وكانا أمام تلك "الخمارة"..على بعد خطوات منها..هتفت الصغيرة بـ حماس
-أهو الصجر هنيك
أشارت بيدها لتتطلع بتول مكان إشارتها..لتجحظ عيناها مما تراه..فـ كان يقف أمام فتاهٍ ما ويضع يده على وجنتها..لتضيق عيناها بـ وعيد..إنخفضت إلى الفتاه وقالت بـ صرامة
-روحي أنتي يا قمر عشان متتلوثش برائتك من اللي شيفاه دا..بس متعمليش صوت وأنتي داخلة ولا تقولي لحد عن مكانا
أماءت الفتاه بـ رأسها ثم ركضت..لتنهض بتول وتحركت بـ عزيمة وعيناها تُطلقان الشرر..
-بتعمل إيه يا صقر هنا!!
إلتفت كُلاً من يونس وتلك الفتاه والتي يظهر من ملابسها أنها إحدى الراقصات في ذلك المكان..لتتسع عينا يونس بـ دهشة قبل أن تضيق بـ ڠضب..ترك الفتاه ثم أمسكها من مرفقها وهزها بـ عڼف زاجرً إياها
-بتعملي إيه هنا يا مصېبتي السودة!
-حاولت إخراج يدها من براثنه وهى تقول بـ شراسة:بشوفك ع حقيقتك يا كداب..وعمّال تقولي بخاف ربنا ومش عارف إيه..و واقفلي مع رقاصة!..رقاصة!..طب إستنضف
-ردد ما قالته بـ ذهول:أستنضف؟..أنتي أتخبلتي فـ عقلك ولا إيه!
همت بـ الرد ولكن أتت تلك الراقصة وهتفت بـ توجس
-فيه حاچة يا فهد!
-رفعت حاجبيها وهتفت بـ عصبية:ويطلع إيه فهد دا كمان!
-مال عليها وهتف من بين أسنانه:حسابنا لما نرجع
لم يُمهلها الرد وإلتفت إلى وداد وقال بـ إبتسامة مُصطنعة
-مفيش حاجة يا وداد..بتكلم مع مراتي بس
-أماءت بـ رأسها بـ تفهم ثم قالت:طيب يا فهد..لا تتأخر.وجفتنا (وقفتنا) هون مو (مش) صح
-رد عليها بـ هدوء:حاضر يا وداد..دقيقة بس
ثم إلتفت إلى تلك الواقفة بـ تذمر وتُهمهم بـ كلمات لم يلتقط منها سوى تلك الجُملة
"إيه جنينة الحيوانات اللي بينادوك بيها دي"
-همس بـ جانب أذنيها بـ حدة:جنينة حيوانات!!..ماشي يا بتول إما حطيتك للأسد عشان ياكلك وأرتاح منك ميبقاش اسمي يونس
-أشاحت بـ يدها بلا مبالاه:يا جدع أسكت بقى..دا تحت السواهي دواهي صحيح
-كز على أسنانه وهو يُجيب:بلاش تختبري صبري...
وقطع جُملته على صوت ذلك الرجل وهو يقول
-أنتوا مين وإيش تساوا هون!
إختبأت بتول خلف يونس بـ خوف..من هيئة تلك الرجل المفزعة..بالإضافة إلى حمله بندقية ويوجهها ناحيتهم..وقبل أن يتشدق يونس كانت وداد تتسلم دفة الحديث
-عايد!!..ها دول الناس إمعايا..لا تجرب منهم
ألتفتت وداد لهم وقالت بـ هدوء
-عايد..زوجي
-وداد!!
هتفها الرجل بـ ذهول ثم تقدم منها بـ ڠضب وصاح بها
-إيه چابك هون وتاركة الخمارة؟وجفالي مع رچال!
-لطمت بتول على وجنتها وتشدقت بـ جزع:يا لهوي الراجل هيغسل عاره بينا
-نظر لها شزرًا ثم إلتفت إلى الرجل وقال بـ هدوء:إحنا زباين يا أخ عايد
نظر لهم الرجل بـ تفحص دقيق ثم قال
-زبون!!..طيب خلاص فوتوا معي
-فتحت بتول فمها بـ بلاهة وقالت:عادي كدا!..طالما زباين ندخل..إيه الراجل دا؟
خرجت من خلف يونس ثم تشدقت بـ ذهول
-هو أنت هدخله عادي!..أنت من شوية كنت هتقتله عشان كان واقف مع الأستاذة
-ليقول الرجل بـ بساطة:هو بيجول زبون..وين المشكل؟
-رفعت حاجبيها و تشدقت:اااااه..كنت هتقتله من شوية مع الزوجة الفاضلة ولما طلع زبون و برضو مراتك هترقص لنفس ذات الشخص.. إيه المشكلة!..إيه الراجل القفا دا؟
وصل إلى مسامعه ما قالت..ليضحك يونس بـ خفوت ثم قال بعدها
-طب يلا ندخل
-نظر عايد إلى بتول وقال وهو يقبض على فكه:بس البنية ما يصح تفوت..هون ما بيفوت حريم
-وضعت يدها في خصرها ثم تشدقت بـ تذمر:ليه إن شاء الله!..دا ع أساس إن مراتك من فصيلة القرود!
ضحك يونس مرة أخرى..وما أن لاحظ تجهم قسمات الرجل..حتى أخفى إبتسامته ولكزها بـ حدة في ذراعها وحذرها بـ صوتٍ عال
-لمي لسانك بقى..ويلا عشان ندخل
ثم رفع نظراته إلى الرجل وقال بـ إبتسامة
-معلش هى تبعي يا أستاذ عايد
-نظر لها بـ عدم رضا ثم قال:خلاص تفوت..بس أنا مو رايد مشاكل الله يرضى عليك
-متقلقش..مش هتتنقل من جمبي
ثم تحركوا جميعًا وهو يجذبها من مرفقها قائلاً بـ وعيد
-ماشي يا بتول..لو عملتي مشكلة أنا اللي هخلص عليكي..
-براحة عليا..
قالتها بـ صوتٍ ضاجر..ليتأفف هو بـ ضيق..وما كادا أن يدلٌفا حتى سمعا صوت من خلفهما وهز يهتف
-يونس!!!

الفصل السابع
قمة الخذلان، أن أحفظ عهدكِ، وأصون ودَكِ وأُذكر نفسي بأنني يجب أن أراعي ما بيني وبينك، وفجأة يضيع في لحظةٍ كل شيء.
إلتفت يونس و بتول على ذلك الصوت ليتفاجئ بـ شقيقه عدي..ترك يونس يدها وإتجه ناحية عدي وإحتضنه بـ قوة وكذلك الأخير بادله الإحتضان..إبتعد يونس عنه وتساءل
-عرفت إني هنا إزاي!
-إبتسم عدي بـ مكر وقال:تلميذك يا معلمي
-ربت يونس على كتفه وأكمل:عامل إيه وسيادة العقيد وأمك؟
-تنهد عدي بـ أسى وتشدق:أمك بټموت يا يونس لازم تروح تشوفها..
أخفض يونس وجهه وإرتسمت علامات الألم على وجهه ولم يرد..وعلى الجانب الأخر وجهت وداد سؤالها إلى بتول
-مين هاذا؟
-مطت بتول شفتيها وقالت بـ جهل:علمي علمك يا شابة
إلتفتت إلى الخلف فـ وجدت ذلك "اللطخ" كما لقبته الآن..ينظر لهم بـ نفاذ صبر..لتربت على ظهر وداد قائلة بـ سخرية
-روحي يا شابة لجوزك الناس كلت وشه جوه..دا حتى بقى أد اللقمة..خشي يا ضنايا
كانت وداد تستمع لها فارغة فاها لما تقول تلك المچنونة التي أمامها..لتعود بتول وتُكمل
-خشي يا ست جوزك هيطق..
نظرت وداد إلى زوجها ثم عادت بـ نظرها إلى بتول وتشدقت
-طيب..أنا راح أدخل مع عايد..وأنتم لا تتأخرون..
-طيب يا ماما يلا وإحنا هنحصلك...
دلفت وداد ثم إتجهت بتول بـ نظرها إلى يونس وذاك الشخص الغريب الذي يقف جانبه بالنسبة لها..وعزمت على التوجه إليهم...
-طيب هتعمل إيه يا يونس!
-حك يونس مؤخرة عنقه وقال بـ حيرة:مش عارف..بس حاليًا مش هعرف أجي أشوف أمي..أكيد عز الكلب مراقب الدينا وأكيد مراقبينك وبـ كدا مش هعرف أتحرك وهى معايا..
تحرك عدي بـ نظره إليها لتمتعض ملامحه سريعًا وهتف بـ ضجر
-وليه واخدها معاك!..
-زفر يونس بـ ضيق ثم قال:محتاجها عشان أخرج بره مصر..بس والله إبتلاء
-جاءه صوتها المُمتعض:مين دي اللي إبتلاء يا عنيا!
وضع يونس يده على عيناه ولم يرد..بينما عدي قد إرتسم على ملامحه التعجب و بـ إمتعاض أكبر تشدق
-بقى دي خطيبة وزير!!..
-وجهت نظراتها لذلك الشخص و قالت بـ حدة:ومكنش خطيبة وزير ليه مشبهش ولا مشبهش
-تحدث عدي بـ سخرية: من ناحية كدا فـ أنتي فعلاً متشبهيش
كادت أن تنفعل أكثر و ترد بـ حدة..إلا أن يونس إلتفت لها على حين غرة وأمسك رسغها قائلاً بـ تحذير
-كلمة تانية يا بتول الكلب..وھدفنك مكانك
-لوت شدقها بـ ضيق ثم قالت بـ صوت خفيض:هو اللي بدأ..وبعدين مين الكائن دا؟
-كز على أسنانه بـ غيظ ثم قال:أخويا...
إرتفع كِلا حاجبيها بـ ذهول..ثم نظرت إلى عدي نظرات ضيقة..عادت بـ نظرها مرة أخرى إلى يونس وأكملت بـ تبرم
-أنا قولت كدا برضو..سبحان الله نفس السماجة
-إنفجر في وجهها قائلاً بـ صوتٍ عال:ياااارب
عادت بـ رأسها إلى الخلف ورفت بـ عينيها خوفًا..تركها يونس وإلتفت إلى عدي هاتفًا بـ جدية
-عدي يلا ندخل عندنا شغل جوه...
أماء بـ رأسه وتوجه خلف يونس الذي رحل..رمقت بتول عدي بـ نظرات ضيقة وهو يمر بـ جانبها..ليضرب عدي كفًا على أخر من تلك المچنونة...
*************************************
جلس عز الدين على مقعد حديدي بـ نفاذ صبر فـ قد تأخر ذلك السيف كثيرًا..نظر إلى ساعته للمرة التي لا يعلم عددها وهو في الإنتظار..وضع يده على رأسه يدلكها من ذاك الصداع الذي داهمه..ليسمع صوت إنفتاح الباب وإنغلاقه بـ هدوء..وبعدها صدح صوت سيف الساخر
-باشا!..وأنا أقول البار منور ليه!
تلفت حوله ثم قال بـ مرح
-لأ و مفضي المكان..أحسن برضو عشان نبقى براحتنا
-أشار له عز الدين مُتجاهلاً حديثه:تعالى يا سيف نقعد مفيش وقت
-أوي أوي
قالها سيف وهو يسحب أحد المقاعد ثم جلس عليه أمام عز الدين..ليقول الأول بـ جدية
-سامعك يا باشا
أخرج عز الدين صورة من جيب سترته ثم وضعها أمامه..أخذها سيف وحدق بها ليقول الأول بـ جدية
-يونس
-رفع سيف نظراته المذهولة ثم قال:لسه عايش؟
أماء بـ رأسه بـ بطئ..ليهتف سيف بـ عدم تصديق
-طب إزاي؟
-تجاهل سؤاله وأكمل:تراقبلي أي حاجة تخصه..أخوه..أبوه..أمه..أي حد .وتعرفلي هو فين..يعني من الأخر عاوز رقبته تحت رجلي ويكون فـ نفس الوقت قدام عيني
-وضع سيف الصورة في جيب بنطاله وتشدق بعدما أُزيلت صډمته:يعني من الأخر..تلوي دراعه عشان يرجعلك خطيبتك..عاوز ټخنقه
-بالظبط كدا..بحيث يكون مجبر يرجعها من غير أما أظهر فـ الصورة
-حك سيف طرف ذقنه بـ طرف إبهامه وقال:محلولة..بس لازم تديني خيط أبدأ منه..متحطنيش وسط صحرا وتسبني
إعتدل عز الدين في جلسته ثم مط شفتاه بـ جهل قائلاً
-معنديش فكرة..أنتو كنتوا فـ فرقة واحدة وأكيد عارف خطواته
-إبتسم من جانب فاه وقال:أكيد!!..جايب الثقة دي منين يا باشا؟..يونس محدش يعرف عنه أي حاجة..لا بيقول ولا بيعمل..عامل زي الشبح..يظهر فجأة و يختفي فجأة..
-تنهد عز الدين بـ نفاذ صبر:مليش دعوة..إتصرف
نظر له سيف شزرًا ولم يرد..بينما نهض عز الدين وأغلق زر حلته وتشدق بـ هدوء...
-ممكن تبدأ من فيلتي..من غير أما حد يعرف
-ماشي
-أكد عليه عز الدين قائلاً:الموضوع دا ينتهي بسرعة..ومن غير شوشرة
أشار له سيف بـ يده وكأنه يوافقه على حديثه..بينما رحل عز الدين....
*************************************
كانت بتول تُشاهد ما يحدث في الداخل فارغة الفاه..لا تُصدق أن تلك الأماكن المشبوهه والبدائية لا تزال موجودة..نظرت إلى تلك الراقصات والفتيات التي يتدللن على الرجال من أجل المال أو الرغبة..والرجال تسيل لُعابها بـ طريقة تقشعر لها الأبدان..كان يجلس بـ جانبها عدي يُراقب دهشتها..مال على أُذنها وهمس بـ سخرية
-هو البيه المحروس مدخلكيش أماكن زي دي ولا إيه!!
-إلتفتت إليه فجأه وتشدقت بـ عدم فهم:قصدك إيه!
-رد عليها بلا مُبالاه:ولا حاجة
إلا أنها لم تتحمل ذلك الحديث الغامض والذي يتلوى بـ معانٍ جعلت عروقها تنفر..فـ هتفت بـ عصبية
-هو إيه الشغل دا!!..أنت وأخوك عمالين تتهموا عز الدين بـ حاجات غريبة بدون وجه حق..ولا حتى عندكوا دليل..عز الدين أشرف راجل عرفته ولا هتتهز ثقتي فيه بـ اللي بتقولوه
أمسكها من رسغها وأجلسها عنوة وهتف من بين أسنانه
-صوتك والناس
-أشاحت بـ يدها في وجهه وقالت:أنا مالي ومال الناس..أنا مش عارفة أنتو ليه كارهين عز الدين!..واحد مفيش زيه وبني أدم محترم..
-تلوى شدقه بـ تهكم ثم قال:محترم؟..لأ وسعت منك دي..
وقبل ان ترد أكمل عدي حديثه بـ حدة
-بصي أنا مش هقولك هو عمل إيه..عشان مخك الصغير دا مش هيستوعبه..
قال العبارة الأخيرة وهو يُشير إلى رأسها ثم هتف مرة أخرى
-ثم أنك هترجعي لحبيب القلب بعد أما يونس يقدر يسافر برة مصر وخلاص فُضت الحكاية..بس أنا هكون أكتر من مبسوط وأنا بشوف رد فعلك وهو بيتقبض عليه..وساعتها هتعرفي هو محترم أد إيه
وأشاح وجهه عنها..وهى نظرت أمامها دون رد..تركته وتحركت من جانبه إلى أحد الزوايا علها تُصفي ذهنها...
ومن بعيد كان أحد الرجال الثملين يُراقب تلك المشاحنة بين رجلاً ما وفتاه جميلة..صور له عقله أنه يُريد تلك الفتاه ولكن بـ سعرٍ بخس وهى تُريد أكثر..إلتوى فمه بـ شهوة وهو يتأمل جسدها بـ رغبة فتاكة..ترك الكأس من يده وتوجه إليها بـ خطوات مُترنحة...
كانت تضع كِلتا يديها على وجهها وتبكي بـ صمت..ذاك الشخصان يضربان خطيبها في سمعته ونزاهته..وقلبها لا يُصدق ويُعميها عن حقائق جمة..وفي خضم أفكارها وحزنها..شعرت بـ يده تسير على طول ظهرها..لتنتفض بـ فزع وهى تلتفت إلى ذلك الثمل الذي ينظر لها نظرات دبت الړعب في أنحاء جسدها..هتفت بـ حدة مهزوزة
-عاوز إيه يا راجل أنت!!
-إبتسم بـ خبث ثم قال بـ ثمالة:عاوز اللي هو كان عاوزه
-نظرت له بـ عدم فهم وقالت بـ توتر:مش..مش..فـ..فاهمة
-إتسعت إبتسامه لتظهر أسنانه الصفراء وهو يقول:وماله..نفهمك...
من هيأته يبدو أنه ليس من البدو..وهذا ما جعلها تتشنج خوفًا أكثر..ضمت يديها إلى صدرها بـ ړعب وعيناها تتحرك هنا وهناك علها تجد من ينقذها من براثن ذلك القذر..ولكن لم تجد..سلطت نظراتها عليه لتجد يده تمتد إليها أغلقت عيناها بـ..هلع وهى تدعو الله أن ينجدها أحد..
إمتدت يده إليها وعلى وجهه إبتسامة خبيثة..وكاد أن يتلمس وجنتها إلا أن يد صلبة كـ الحديد أعاقت وصوله إليها..ومن ثم باغته بـ لكمة أطاحت بـ الرجل أرضًا مُتأوهًا من شدة اللكمة..فتحت عيناها على صوت تأوه ذاك الرجل و صوته الغاضب يسبه بـ أقذع الشتائم
-متفكرش للحظة يا *** إنك تمد إيدك النجسة دي عليها...
رفعت نظراتها لتجده يقف أمامها كـ السد المنيع بـ جسده العريض..إختبأت خلفه بـ خوف..بينما أكمل يونس وهو يضرب الرجل في معدته بـ قدمه
-لو شفت خلقة أمك دي بتتعرضلها تاني ****...
إرتعب الرجل من نظرات يونس القاتمة وحروفه التي تخرج من جوفه تقتله وتبث فيه الړعب..لينهض سريعًا راكضًا من أمامه..إلتفت يونس إليها ليجدها تنكمش على نفسها بـ خوف..ليضع يده على منكبيها..فـ إنتفضت فزعة..ليقول بـ حنو مهدئًا إياها
-هششش مټخافيش محدش هيقرب منك
-رفعت أنظارها لعيناه وهى تتنفس بسرعة ثم قالت بـ خوف:هو..هو مشي؟
-تنفس بـ عمق وقال بـهدوء:مشي..وبعدين فين عدي سبتيه ليه!
لم ترد عليه ولكن إكتفت بـ تنكيس رأسها إلى أسفل..أبعد يده عن منكبيها وقال بـ هدوء ظاهري
-يلا نخرج من المكان دا
أماءت بـ رأسها وإتجها إلى الخارج..ليجدا عدي يتحدث في هاتفه..
أغلق عدي هاتفه ما أن لاحظ دلوفهما إلى الخارج..سلط أنظاره على بتول لينعقد ما بين حاجبيه وهو يقول
-مالها يا يونس..وشها أصفر ليه!
-مسح يونس على وجهه وقال مُعنفًا إياه:أنت إزاي تسيبها فـ مكان زي دا وتخرج!..إفرض كان جرالها حاجة وأنا ملحقتهاش؟
-تشدق عدي بـ برود:وأديها صاخ سليم ولا حصلها حاجة
كاد يونس أن يتحدث ولكن بتول منعته بـ قولها المرهق
-عاوزة أروح
-إلتفت لها يونس وقال:حاضر هروحك أهو..
إلتفت إلى أخيه الذي ينظر لهما بـ ضجر وقال بـ صرامة
-هروح أوصلها وأجيلك هنا..متتحركش
-طيب
أمسك يدها الباردة وقال بـ إبتسامة و هدوء لأول مرة يُخاطبها به
-يلا
-وجفْ (وقف) يا صجر
إلتفت يونس على صوت عواد..ليتساءل يونس
-في حاجة يا عواد؟
-إبتسم وهو يقول:لاه..روح أنت ويا خوك (أخوك)..وأنا باخذها معي
-نظر لها وتساءل:إيه رأيك!
نظرت إلى عواد ثم إلى يونس وقالت بـ خفوت
-طيب
-هز رأسه ثم قال:معلش يا عواد
-عيب تجول هيك يا صجر..والله بزعل يابن العم
إبتسم يونس بـ إمتنان..تحركت بتول بـ صمت غير مُعتادة عليه..وخلفها عواد..وما أن مر بجانب يونس سأله الأخير بـ صوت خفيض
-الحاجة وديتها!
-أماء عواد بـ رأسه وقال:أيوة يا صجر..لا تقلق
-مش قلقان..ويلا روحوا..
وتحرك كِلاهما بـ صمت...
*************************************
-يا حبيبتي يا بنتي رحتي فين يا ضنايا!
هتفت بها بدرية وهى تنتحب على إبنتها الضائعة..في نفس الوقت دلف إبنها و زوجها لتهرع إليهم تسألهم في تلهف
-وصلتوا لحاجة!
نكسا رأسهما ولم يجب أحدهم..لتعود وصلة النواح من جديد..ليحاوط إسلام والدته هاتفًا بـ ترجي
-أبوس أيدك يا ماما خلاص متعمليش كدا..لازم تبقي قوية عشان نقدر نواصل
ثم سحبها معه ليجلسوا جميعًا على الأريكة في الصالة..جلس إسماعيل بجانب زوجته التي سألته بـ توجس باكي
-طب عملتوا إيه فـ القسم!
-تنهد إسماعيل وهو يقول بـ إنهاك:تابعنا مع كذا ظابط..وكلهم بيدورا عليها
-ردت عليه بـ نشيج:طب وبعدين؟..بنتي هتفضل تحت رحمة قاټل؟
-تأفف إسماعيل وهو ينهرها:يا ستي صلي ع النبي وإدعيلها ربنا يسترها معاها
-وهو أنا مبدعليهاش..أنا والله ليل نهار بدعي ربنا يرجعهالي بـ السلامة
-يارب..
صمت الجميع ليقول إسلام بعدها
-طب متكلم حد من معارفك يا بابا؟
-عملت وكلهم نفس المجهود ومحدش قصر..
نهض إسلام بـ عصبية وتشدق
-كله من تحت راسه
-نهره والده:إسلاااام!!..ملوش لزوم الكلام دا
-هز رأسه بـ نفي وقال:لأ..لو جرالها حاجة مش هرحمه
-صړخت بدرية بـ قوة..وهتفت بـ ڠضب:فال الله ولا فالك..أختك هترجع صاخ سليم إن شاء الله..
-ليردد بـ قوة:إن شاء الله..بس لما ترجع هنفسخ الخطوبة دي ومش هترجعله..ودا أخر ما عندي...
ثم تركهم في حالة ذهول ورحل...
**************************************
-خلاص يا عدي..حاول تتصرفلي كمان يومين فـ حاجة تودينا السويد
-وإشمعنا السويد!
-رد عليه يونس بـ جدية:الظابط اللي هنديله المعلومات هناك..وهنتصرف هناك ع أنه مشتري..يعني أنا ببيع البلد عشان مستكشفش
-أكمل عدي حديثه وهو يحك طرف ذقنه:وبكدا هتعرفوا باقي الجواسيس اللي جوه مصر وباقي الدول العربية!
-أماء يونس بـ رأسه وقال:أيوة..عشان كدا لازم نتحرك بسرعة وهدوء عشان أي غلطة هتودينا السودان
ضحك عدي ونهض ثم قال وهو ينظر في ساعته
-حيث كدا أنا لازم أرجع وأكلم العقيد سعد يظبط الأمور فـ الدِرا..
-ربت على كتفه وقال:طب كويس..روح وخلي بالك من نفسك
إحضتنه عدي ثم إبتعد عنه وقال بـ جدية
-متقلقش ع أخوك..خلي بالك أنت من نفسك وحرص من البت دي
-ربت مجددًا على كتفه ثم قال:متقلقش أنت..خلي بالك من أمك وأبوك..وفرح قلبها وقولها إبنك عايش وهيرجعلك..
إبتسم عدي ثم رحل..إنتظره يونس حتى رحيله وأكمل هو طريقه إلى منزل أبو عواد...
وعلى الجانب الأخر كانت بتول تنظر إلى تلك الأشياء الموضوعة الخاصة بـ يونس والتي جلبها عواد ونسى نقلها إلى غُرفته قبل دلوف بتول..كان فضولها يدفعها إلى معرفة ذلك الغموض الذي يُحيط به..نهضت وقالت بـ عزيمة
-أنا لازم أفهم كل حاجة مش هقعد زي الأطرش فـ الزفة
توجهت إلى تلك الحقيبة وتلك القلادة التي يحتفظ بها كـ عيناه..أخذت تتلاعب بها لتنفتح من بين يديها وتظهر على هيئة
-فلاشة؟
هتفت بها بـ تعجب وهى تُحدق بها..ثم توجهت إلى الحقيبة وفتحتها لتجد صندوق مُغلق..بحثت عن مفتاحه ولكنها لم تجده..تأفف بـ ضيق ولكنها أيضًا لم تتوقف..أخرجت ذلك الحاسوب المحمول..وقررت أن تعرف ما تحتويه هذه الـ "فلاشة"
جلست على الأرضة وفتحت الحاسوب ومن ثم أوصلتها به..كانت تُعطي ظهرها إلى الباب..وبدأت في تشغيل ما تحتويه من مشاهد..جعلتها تتصلب في جلستها وكأنها على وشك فُقدان روحها...
في تلك الأثناء صعد يونس بـ هدوء فـ كان الجميع نيام..فتح باب غُرفته بـ بطئ وهدوء ظنًا منه أنها نائمة..ولكنه ما أن فتح الباب وجدها جالسة ولكنه لاحظ تصلب جسدها وتشنجه..إقترب منها فـ وجدها تحمل الحاسوب وتُشاهد تلك المقاطع..هتف بـ جزع
-بتووول
ثم هرع إليها يضع يده على عيناها ليمنعها من مُشاهدة المزيد..شعر بـ برودة جسدها وإرتجافته..أزاح الحاسوب أرضًا ثم أوقفها وأدارها إليه..ليجد وجهها قد شحب كـ شحوب المۏتى وعيناها مُثبتتان على الفراغ..هتف بـ اسمها بـ توجس
-بتول!!
-رفعت أنظارها الضائعة إليه وهى تقول بـ شرود:هو اللي شوفته دا حقيقة!!
ولم تنتظر جوابه إذ سقطت بين يديه فاقدة الوعي مُعلنة إستسلامها لتلك الهوة العميقة حالكة الظلام.... الفصل الثامن
لا أتذكر قلبي إلّا إذا شقه الحب نصفين أو جف من عطش الحب.
حملها سريعًا بعدما فقدت وعيها بين يديه..ووضعها على الفراش وقد تقصلت ملامحه رعبًا عليها..ماذا لو فقدها!..ماذا لو ذهبت؟..ماذا إن أصابها مكروه!..لا يجد إجابه..كل ما بات يعلمه بل بات يتيقنه أنها إذ أصابها مكروه فـ إنه سيفقد علقھ لا محالة..
بـ يد مرتعشة أخذ يربت على وجنتها بـ رفق حتى تفيق وبـ همس أخذ يُردد اسمها من بين شفتيه
-بتووول..بتول فوقي عشان خاطري...
ولكن لا رد..أغمض عيناه بـ ڠضب وسبه من بين شفتيه..أمسك يدها بـ كفيه وهتف بـ توسل
-عشان خاطري فوقي..هو كلب ميستاهلش..قومي!!..
إبتلع ريقه بـ صعوبة وهو يجد الرد عليه سكون..نهض بعدها سريعًا مت مكانه وفتح الباب وخرج هاتفًا بـ صوت قد صدى صداه في جميع أرجاء المنزل
-عم أبو عواد!!..عوااااد؟!!
وعلى إثر صوته خرج الجميع من الغرف وقد هرع إليه عواد ويسأله بـ توجس
-خير إيش صار يا صجر؟
-أمسكه من كتفاه وقال بـ مُسرعًا:دكتور..عاوز دكتور فورًا
-هّلا بيكون الطبيب هون..لا تجلج (تقلق) يا صجر
كان هذا صوت أبو عواد الذي تحدث بـ رزانة..نظر له يونس بـ إمتنان ولم يتحدث..بل ترك الجميع ودلف إلى الداخل ليكون بـ جانبها..أمسك يدها وأخذ يمسح عليها بـ حنو وهو ينظر لها بـ تضرع علها تنهض..بعد مرور قليل من الوقت حضر الطبيب بـ رفقة أم عواد التي قالت وهى تربت على منكبه بـ حنو
-جوم يا ولدي الطبيب هّلا بيفحصها
-طيب
قالها بـ تعب..ثم رمى بتول بـ نظرة مُتألمة من أجلها وإنحنى على جبينها يُلثمه بـ رقة ثم دلف إلى الخارج..ونزل على الدرج فـ وجد عواد و والده جالسان بـ الأسفل وما أن رآه الأول حتى نهض مُسرعًا وسأله بـ إهتمام
-كيفها!
-وضع يونس يده على جبينه وقال:الدكتور فوق بيكشف عليها..
ثم جلس و نظر إلى أبو عواد وقال بـ أسف
-أنا أسف ع اللي حصل يا عم أبو عواد
-ربت على ساقه ثم قال بـ إبتسامة:لا تجول هيك..هي مثل بنتي..الله يشفيها
-يارب
قالها وإلتفت إلى عواد وقال بـ صوتٍ خفيض
-تعالى بره عاوزك
-أييه طيب
ثم دلفا إلى الخارج..وقف يونس أمام عواد وسأله بـ هدوء
-ليه مأخدتش الحاجة اللي إديتهالك أوضتك أنت!
-ليش!!.إيش صار؟
-أمسكه يونس من تلابيبه وهتف من بين أسنانه:إيش صار؟..أقولك إيه اللي حصل!!..عرفت كل حاجة..شافت بعنيها إيه اللي حصل
إرتسمت ملامح الذهول على وجه عواد ثم ما لبث أن قال بـ إعتذار
-أعذرني يا صجر..نسيت أنجلها (أنقلها) عندي..وبعدين ليش زعلان هيك؟..مو كنت تريد أنها تعرف؟
-تركه يونس وهو يهتف بـ تقرير:أيوة كنت عاوزة تعرف..بس مش بالطريقة دي..أنا حتى متمناش لعدوي أنه يشوف مشاهد زي دي..
وجلس فوق الأرض الرملية وبجانبه عواد..الذي وضع يده على رُكبته يواسيه ثم قال بـ هدوء
-كمل..إيش صار يا ضجر جلب حالك هيك!!..ما كنت هيك جبّل
-وضع يونس يده على وجهه وقال بـ جمود:مقدرش أحكي يا عواد..أنا لسه منستش اللي حصل..لسه حاسس بـ ډم الناس على إيدي..لسه حاسس باللي حصل وكأني محپوس جواه..اليوم دا ميتنسيش ومينفعش يتنسي..عز الدين لازم يتحاسب ع اللي عمله فيا و فـ فرقتي و فـ الناس
-هتف عواد بـ مؤازرة:خلص لا تحكي..أنا مو رايد أحزّنك..الله يكون بعونك..بعرف إنك رچال وهتعرف إيش تساوي...
أماء يونس بـ رأسه ثم صمت..لتأتي فتاهً ما تُخبرهم أن الطبيب قد إنتهى من فحصها..ليهرع يونس إليه وفؤاده يسبق قدماه...
**************************************
أخذت تتفحصه وهو يتجرع كوب الشاي الساخن الخاص به بـ تلذذ وكأنه يحتفل بـ إنتصارٍ ما..لتسأله وهى تعقد حاجبيها
-خير يا سيف مالك مبسوط ليه!
-مد يده لها وقال بـ إبتسامة:تعالي هنا وأنا أقولك
ترددت في إمساك يده ولكنها فعلت..ليجذبها تجلس جانبه ثم حاوط كتفيها ومال على أُذنها هامسًا وكأنه سر يرفض البوح به
-أصل النهاردة بس عرفت أحط السکينة على رقبة عز
-وضعت يدها على ساقه وتساءلت:إزاي يعني؟
أخذ رشفة من الكوب ثم مال بـ جذعه إلى الأمام ليضع الكوب على الطاولة الزجاجية ثم عاد إليها وعاد يحاوطها ثم أكمل بـ إبتسامة ماكرة
-النهاردة فكرت أن خطيبته بس هى نقطة ضعفه..بس...
وترك عبارته مُعلقة..لتلتفت إليه بـ جسدها ومن ثم تشدقت
-بس إيه!..كمل
-إرتفع حاجبيه بـ دهشة مُصطنعة وتساءل:الله!..ليه الأسئلة دي؟
توترت لثانية ولكنها إستجمعت ثقتها ثم هتفت بـ قوة
-ومن أمتى وانا مبسألش!!..أنا من سنتين رهنت حياتي..آآآ..
-قاطعها وهو يضع يده على فاها وقال بـ ضحك:بس..بس..مالك قلبتيها دراما ليه!..أنتي عارفة يا روضة إني مبخبيش عنك حاجة..أنا بس حبيت أهزر معاكي
-إبتسمت بـ بهوت وقالت:ماشي يا سيدي..ها قولي بقى
-أعاد خُصلة وراء أُذنها وقال:حاضر يا ستي..فاكرة قائد الفرقة اللي قولتلك عليه..اللي كنت بدرب تحت إيده!
-قطبت حاجبيها وأجابت بـ نفي:لأ مش فاكرة
-ضحك وقال:مش مهم..المهم الكل فكر أنه ماټ
-مالت بـ رأسها إلى اليسار وقالت:وهو ماممتش؟
-هز رأسه بـ نفي وقال:طبعًا لأ..ودا اللي أكتشفته النهاردة..
إتسعت عيناها بـ دهشة وهى تقول في نفسها.."إذا يونس شقيق الرائد عدي لا يزال على قيد الحياه"..ولم تُفصح عما يدور بـ خلدها..لتستفيق على صوته الذي أكمل وكأنه يستدعي الأحداث في عقله
-أهو القائد دا معاه حاجات توديه فـ ستين ألف داهية..عشان كدا بما فكرت..قولت إني هلاقي القائد دا وأقتله وأخد الحاجات اللي معاه..وبدل ما يكون ټهديد واحد يكون أتنين..تلاتة..أربعة..خمسة..أهو ع حسب...
-نظرت له بـ مكر قد إكتسبته منه وقالت:حلوة دماغك يا سيف
-غازلها بـ قوله:مفيش أحلى منك يا روضتي
ومال يُقبل وجنتها ولكنها نهضت بـ توتر وقالت وهى تفرك كفيها بـ إرتباك ملحوظ
-سـ..سيف..آآ..أنت..عـ..ارف..آآآ..
نهض عن مجلسه ثم إتجه ناحيتها وأمسكها من يديها وإبتسم بـ حنو وقال
-خلاص إهدي يا روضة..مش هقربلك إلا لما نتجوز..أنا مكنتش هقرب أصلاً..كنت عاوز بس أحس بيكي جمبي
-إبتسمت بـ توتر وقالت بـ صوت خفيض:مـ..معلش يا سيف..أستحملني
ضمھا له ووضع ذقنه على رأسها وهتف بـ حب
-وإن مكنتش أستحملك هستحمل مين!
أبعدها عنه ثم أحاط وجهها بـ راحتيه وهتف بـ وعد
-هتجوزك بس لما أخلص موضوع عز دا..وبعدين أنا وأنتي حياتنا هتبدأ..
إكتفت بـ إبتسامة لم تصل لعيناها..فـ سيف يعشقها بل يهيم بها..ولكنها تنفر منه وبـ شدة..أُجبرت على ذاك الوضع حتى تُقوم بـ تصحيح ما أفسدن شقيقها..إبتعدت عنه بعدما أخرجت نفسها من هذا التفكير ثم قالت وهى تتحرك بعيدًا عنه
-هروح أجيب شنطتي وأمشي عشان مينفعش أتأخر؟
-طيب يلا وأنا هجهز العربية..
ودلفت إلى إحدى الغرف وأغلقت الباب..ثم أخرجت هاتفها وقامت بـ حفظ ما سجلته..وضعت الهاتف في حقيبتها وأخذتها..سمعت صوت سيف يصدح بـ الخارج
-يلا يا حبيبتي إتأخرنا
-ردت عليه بـ صوت يشوبه الإرتباك:آآ..أيوة..جاية
ثم عدلت ثيابها ودلفت إلى الخارج..أجبرت نفسها على الإبتسام وقالت بـ إعتذار
-أسفة يا سيف كنت بظبط هدومي
-أمسك يدها وقال بـ حب:ولا يهمك يا روحي..يلا عشان متتأخريش...
***************************************
وقف الطبيب أمام يونس وقال بـ عملية ونبرة عادية
-زوجتك چاتها صدمة..وبعتجد (بعتقد) إنها جوية..و لهيك لازم يكون هنيك رعاية..أنا كتبت علاج..وإن شالله تجوم بخير...
-شكره عواد وقال:تسلم يا طبيب تعبناك
-وضع يده على صدره وقال بـ مجاملة:لا تعب ولا شي..أنا هون بساعدكم..الله يشفيها
ثم رحل..ربتت أم عواد على ظهره وقالت بـ إبتسامة بشوشة
-روح طُل على مرتك وطمن جلبك اللي كيف المطرقة
نظر لها يونس بـ عدم فهم..ليجدها لا تزال تبتسم..لم يعي ماذا تقول إلا عندما وضع يده على صدره..ليجده حقًا يخفق كـ المطارق بـ داخل ضلوعه هاتفًا بـ لوعة لكي يطمأن عليها..وبدون أن ينطق تركهم ورحل..وصوت ضربات قلبه تعلو..ربما خوفًا..أو لهفة لرؤيتها..أو حتى عشقًا لها!..وعند تلك النقطة توقف أمام باب الغرفة وسأل نفسه متى عشقها!..ليُجيب قلبه سريعًا أنه ما أن أبصرها مُنذ سنتان وقد خر قلبه صريعًا لهواها..أخذ يونس نفسًا عميق ليطرد تلك الأفكار عن رأسه ودلف إلى الداخل..
وجدها نائمة كـ الملاك..تقدم ناحيتها بـ خطى بطيئة وهو يزدرد ريقه بـ صعوبة..جلس بـ جانبها ثم أمسك يدها وحدثها بـ خفوت
-مكنتش عاوزك تعرفي بـ الطريقة دي..خصوصًا...
إبتلع تلك الغصة في حلقه وأكمل
-خصوصًا أنك بتحبيه..عارف إنها هتكون صدمة..بس أنت هتتخطيها..وأنا مش هسيبك وهكون جمبك خطوة بخطوة
ثم لثم جبينها بـ حب و وضع رأسه على كفها وهتف بعد مدة ما بين الصحوة والنعاس
-معرفش ډخلتي قلبي أمتى بس أنا خلاص بقيت أسيرك يا بنت السلطان..يونس بقى أسيرك...
*************************************
في صباح اليوم التالي إستيقظ يونس على صوت شهقات..فتح عيناه سريعًا ليجد نفسه قد غفى في مكانه..رفع أنظاره لها فـ وجدها تضم ساقيها إلى صدرها و تحاوطهم وعيناها لا تكفان عن زرف العبرات..وعند تلك اللألئ لم يستطع أن يتحمل..فـ تقدم منها وجلس أمامها وتشدق بـ هدوء
-بصي يا بتول..أنا مش هقولك متعيطيش ولا أي حاجة..لأ بالعكس لازم تطلعي كل اللي جواكي..هو خذلك وأنتي إتخدعتي فيه..لازم يكون فيه رد فعل..وفـ حالتك أنتي مقداكيش إلا كدا..فـ خرجي اللي جواكي
نظرت له بـ عنيان دامعتان ولم ترد..أخفضت رأسها مرة أخرى و وضعتها عل رُكبتيها تُخفيها وأكملت نحيبها..فرك يونس وجهه بـ عڼف ألا تعلم أن تلك العبرات تنخر في عظامه!..ألا تعلم مقدار الألم الذي تسببه تلك اللألئ المتساقطة من عيناها!!..إقترب منها أكثر ثم مسد بـ يده على خُصلاتها وتحدث بـ حنو
-أنا جمبك وهفضل جمبك..اللي شوفتيه دا إمسحيه من دماغك..عارف إنه صعب بس حاولي..آآ
-قاطعته بـ شراسة وهى ترفع رأسها فجأة:أنسى!!..هو أنا شوفته بيسرق جزم من قدام الجامع..دا إڠتصب!..عارف يعني إيه إڠتصب!..
أحاطت جسدها ثم قالت بـ تقزز
-إزاي يجيله قلب يعمل كدا!!..أنا متخيلتش أنه يكون بالحقارة دي؟..هو فيه ناس تقدر تخدع كدا بسهولة!..طب هو ضحك عليا ليه؟..أنا بحبه وهو عارف كدا!!..بيستغله مثلاً!
كان يونس يستمع إليها بـ أسى وهو لا يقدر على فعل شئ..الخذلان قد ذاقه أيضًا..أن يكون أحدهم قدوتك وتكتشف يومًا ما أنه لم يكن سوى حقېر..قاټل..مُغتصب!..هو أيضًا إختبر ذلك الشعور ويعلم مدى ألمه..وجدها تمسك ذراعيه وتهتف بـ عصبية
-رد عليا ساكت ليه؟..معندكش رد طبعًا..وهيكون عندك منين..أنا خلاص مبقتش عارفة أصدق مين ولا أعمل إيه..أكتر واحد حبيته طلع **** راجل عرفته..
-وضع يده على وجنتها وحاول تهدئتها:هشششش..خلاص أنا معاكي...
نفضت يده عنها وأبتعدت عنه وصړخت بـ حدة
-أنت كمان تبعد عني..إذا كان هو وطلع كدا وكنت مفكرة إني أعرفه..أومال أنت هتطلع إيه؟..كفاية كدب بقى..أنت أكيد متفرقش عنه حاجة...
نهض يونس مُسرعًا إليها..هو يعلم أن مصابها كبير ولكن عليه إحتوائها..وقف أمامها وأشار بـ يده أن تهدأ وحاول طمأنتها بـ قوله
-إهدي يا بتول..أنتي عندك حق..أنتي متعرفنيش بس كل اللي هقدر أقوله إني مقدرش أأذيكي...
نظرت له بـ تعجب ولكن لم تهدأ إنتفاضة جسدها..ليقترب يونس خطوة صغيرة وأكمل بـ نبرة صادقة أجبرتها على الهدوء
-أيوة..بخاف عليكي حتى من نفسي يا بتول..لو كنت وحش أو حد مش كويس كنت أذيتك..لكن لأ مقدرش يا بتول..أنا من ساعة أما شوفتك حسيت إنك مسئولة مني..حسيت إنه لازم احميكي وأكون ضلك..أكون أمانك..عشان كدا مقدرش أخذلك أبدًا
صمت يُتابع سكون جسدها و لكن عبراتها لا تزال تسقط بـ صمت..تقدم منها حتى وصل أمامها ومد إبهامه يُزيل عبراتها بـ حنو ثم تشدق بـ هدوء وحذر
-أنتي بتثقي فيا حتى لو مش مبينة..بس باين أوي فـ عنيكي..عارفة اول ما أخدتك..فكرت أنك هتثوري وهتصرخي وتعملي ازعرينة..اللي أنتي أصلاً مش مبطلاها..لكن إتفاجأت بـ سكونك وهدوئك..ولما قولتلك إني مش هأذيكي أنتي صدقتيني من غير أما تقولي..شوفت إنك بتثقي فيا وأنا مقدرش أخون ثقتك
-سمع صوتها المُتحشرج يقول:يعني أنتي مش هتأذيني؟!
-إبتسم بـ حنو وقال:عمري ما أقدر أصلاً
مسحت عبراتها وعادت تسأله بـ خفوت
-ولا حتى زيه!
-وضع يده في خصره وقال:ولا حتى زيه
نظرت له بـ إمتنان..نظراتها أرسلت ذبذبات جعلت خافقه يقرع بـ عڼف من جديد..ليهتف هو بـ إبتسامة تخفي الكثير
-يلا خشي إغسلي وشك عشان تفطري وتاخدي دواكي
-ردت عليه بـ إستسلام:طيب
ثم دلفت فـ كانت مُنهكة القوى ولم تستطع المجادلة..ظل ينظر في إثرها بـ حزن..رغم قدرته على تهدئة روعها..إلا أن شعوره بـ أنها لا تزال تعشقه يجعله يشعر بـ غصة مريرة عالقة في حلقة..و تلك الوخزة في مُنتصف ضلوعه..ليهتف بـ إستسلام وتقرير
-بعترف يا بنت السلطان أنك دوبتيني فـ حبك..وقعت فـ غرامك وعارف أني مش هطلع منه سليم...

الفصل التاسع
سألت عقلي فـ أصغى وقال لا لن تراها...
وقال قلبي أراها ولن أُحب سواها...
دلفت روضة مركز الشرطة..ثم نزعت عنها الوشاح ونظارتها الشمسية وتوجهت إلى مكتب الرائد عدي..وقفت أمام العسكري وسألته
-الرائد عدي جوه!
-أجابها العسكري بـ جفاف:أيوة..أقوله مين!!
-تنحنحت وقالت:روضة الشِهدي
تفحصها جيدٌا ثم توجه إلى الداخل..ثوان ثم عاد وقال لها
-إتفضلي..
أماءت بـ رأسها ثم دلفت وعلى وجهها إبتسامة..لينهض عدي ما أن أبصرها وقال بـ إبتسامة واسعة
-إتفضلي يا أنسة روضة
-مرسيه
ثم جلست وجلس هو..أمسك الهاتف وتشدق
-تحبي تشربي إيه؟
-أشارت بـ يدها نافية وهتفت:لأ مش هقدر يا سيادة الرائد..أنا مينفعش أتأخر
-وضع سماعة الهاتف وقال بـ جدية:إتفضلي سامعك
فتحت حقيبتها وأخرجت من بطاقة ذاكرة صغيرة وأعطته إياها..ثم تشدقت بـ هدوء
-كارت الميموري دا في كل حاجة قالها سيف إمبارح..ممكن تكون ملهاش لازمة بس قولت يمكن تنفعك
-أخذ منها بطاقة الذاكرة وتحدث:أي حاجة لو تافهه..بالنسبالي هتكون مهمة..
إبتسمت ونهضت من مكانها..وقالت
-أنا لازم أمشي دلوقتي..ولو فيه أي جديد أكيد هكلم حضرتك
-نهض وتشدق:ممكن أسألك سؤال؟
-إتفضل
-أخذ نفس عميق ثم سألها:ليه بتعملي كل دا!!..جيتي من فترة وعرضتي مساعدتك فـ ليه؟
نظرت له مُطولاً وقد مر بـ عقلها ذكرى جاهدت كثيرًا أن تدفنها..أخرجها صوت عدي المتساءل
-سؤالي ضايقك؟
-إبتسمت بـ بهوت وقالت:لأ أبدًا بس بحاول أصلح اللي أخويا بوظه
-اللي هو!!
-إبتلعت ريقها وقالت:صدقني مش عاوزة أحكي..بعد إذنك
ورحلت سريعًا من أمامه..أما هو فـ ضړب مكتبه بـ قبضته..ثم جلس على مكتبه بـ ڠضب وهو يقول
-أوووف..هقدر أقرب منك أمتى يا روضة!..يا ترى هقدر أعرف مالك وتحبيني زي ما بحبك؟..
وكان للعقل رأيًا أخر فـ كيف له أن يعشق فتاه تعشق أخر؟!..لا يعلم من ولكنه سعيد الحظ بها..وكيف له أن يتجاوز دقات فؤاده الصاخبة التي تُنادي بـ أسمها؟...
*************************************
فتحت هى باب المرحاض ودلفت خارجه لتجده يجلس مُنتظرًا إياها..فـ سألته وهى تعقد حاجبيها
-ليه منزلتش!
-نهض وهو يبتسم ثم قال بـ مرح:مستنيكي ترفعيلي الضغط
نظرت له بـ نصف عين ولم ترد عليه..ليقترب هو منها بـ هدوء وقال بـ إبتسامة عذبة
-يلا ننزل الناس مستنينا تحت
-ردت هى بـ فتور:بس أنا مش عاوزة أكل
-زفر بـ صوتٍ خفيض وقال بـ هدوء ليحتويها:وأنا مبقولكيش تعالي إفطري..تعالي إقعدي معانا بس..هما قلقانين من اللي حصل إمبارح لما تعبتي
-فـ قالت بـ تردد طفيف:بس آآآ..
-قاطعها هو بـ صرامة:مفيش بس..يلا
ثم مد كفه لها..وزعت نظراتها ما بين بنيته التي تحثانها على الموافقة و الوثوق به وبين يده التي لا تقل عن عيناه بل تكاد تتوسلها..مدت يدها بـ تردد لتضعه في كفه الكبير..ليبتسم هو بـ إرتياح قابضًا على كفها بـ رقة..ولكن أكثر ما أثار حفيظته هو أنها لاتزال تحتفظ بـ خاتم خطبتها منه..لا يزال يشوه بـ بنصر يُمناها..أغمض عيناه بـ ڠضب وأخذ يسب و يلعن ذلك القذر في سره...
شعرت هى بـ تصلب يده..لتنظر له بـ تساؤل..ثم تشدقت بـ رقة
-مالك يا يونس!!
مُنذ متى وهو يتذوق حلاوة اسمه!..الآن بات يعشق حروف اسمه المعزوفة من بين شفتيها..نظر لها في محاولة يائسة في إخفاء طوفان مشاعره..ثم هتف بـ هدوء لا يشعر منه مثقال ذرة
-مليش يا بتول..أنا كويس..بس يلا ننزل عشان إتأخرنا ع الناس..
-هزت كتفيها وقالت:طيب
وتحركا إلى الأسفل..كان يونس يتحرك بـ بطئ مُتعمد حتى يشعر بـ قربها منه..وكأن الثوان التي ينعم بها معها..تكفيه مدى الحياه...
**************************************
وفي الأسفل كان الجميع يجلس على طاولة الطعام على الطريقة البدوية..وأبو عواد يترأس هذا المجلس..نظر عواد له وتساءل
-بوي!!
-نظر له والده وقال:إيش بدك يا عواد؟
-عِرس الحاچ ناصر بو فراس..راح يتم هون!
-إيّ يا ولدي..
هز عواد رأسه بـ موافقة ولم يرد..وفي تلك الأثناء نزل يونس وهو يمسك يد بتول..ليبتسم عواد بـ خبث وكأنه قرأ ما يدور..تقدما الثنائي منهما لتسأل أم عواد بـ لهفة حقيقية
-كيفيك يا بنيّتي؟..إن شالله صريتي بخير!
-أماءت بتول بـ رأسها وقالت بـ إبتسامة صغيرة:الحمد لله
-ليقول أبو عواد بـ إبتسامة واسعة:الحمد لله..يلا إجعدو..خير الله كثير
-جلس يونس وقال بـ إمتنان:تسلم يا أبو عواد...
وجلست بتول أيضًا وشرعوا في تناول الطعام وسط أحاديث خفيفة..ولم تُشارك منها بتول إلا لمامًا..وكان يونس ېختلس النظرات لها من وقت لأخر دون الحديث معها فـ هو يعلم ما يدور بـ خلدها..وجه عواد حديثه إلى يونس قائلاً
-إي صحيح..راح يكون اليوم عِرس حدا من معارفنا..وبدنا تشرفونا اليوم يا صجر..إيش تجول!
نظر يونس إلى بتول ثم عاد بـ نظره إلى عواد وهتف بـ هدوء
-والله لو بتول موافقة..أنا معنديش مشكلة
-نظرت له بتول بـ صدمة ثم مالت عليه وهمست:وأنت بتدخلني ليه!!..مش عاوزة أحضر حاجة
حدق بها يونس طويلاً دون نبث حرف جعلها تتوجس من سكونه..ليبتعد عنها ونظر في إتجاه عواد قائلاً بـ خبث
-خلاص مفيش مشاكل..بتول هتقدر تحضر
كتمت شهقتها حتى لا تقوم بـ إحراج الجميع وفضلت الصمت ولكنها رمقت يونس بـ ڠضب ليُقابلها بـ أخرى مُتسلية..لتهتف أم عواد بـ حبور وقد حصلت على إنتباه بتول
-وأنا راح أجول للبنيات إيساعدوكي تلبسي ملابسك..
-لتتساءل بتول بـ تعجب:طب ليه!..ما أنا لابسة أهو
-تولى يونس الحديث وأوضح لها:مينفعش تحضري الفرح كدا..هما عندهم مينفعش تطلعي أصلاً كدا قدام راجل..
تلوى شدقها بـ ضيق ولكنها لم تظهره..إلتفتت إلى السيده العجوز وقالت بـ إبتسامة باهتة
-طيب يا طنط..
-إبتسمت أم عواد وقالت بـ سعادة:ربنا يطيبلك خاطرك يا بنيتي
-يااارب
خرجت من يونس بـ رجاء حار..وتشدق بـ مرح
-إدعيلي يا أم عواد أنا كمان..أحسن أنا محتاج دعاكي جوي جوي
قال الأخيرة وهو يرمق بتول بـ نظرات لم تفهمها هى..لتضحك أم عواد وقد فهمت ما يرمي إليه لترفع كفيها إلى السماء وهتفت بـ تضرع
-ربنا يكتبلك ويجدملك (يقدملك) كل خير يا صجر يا ولدي
-يااارب...
وإكتمل الطعام في جو يسوده المرح والحب..ولكن بتول هى في عالم أخر...
**************************************
كان جالسًا على تلك الصخرة التي إعتاد القدوم إليها ليختلي بـ نفسه ويصفي ذهنه ولكن أتاه إتصال على هاتف مُأمن قد أعطاه له عدي في زيارته الأخيرة..ليُخرجه من جيب بنطاله..و وضع الهاتف على أُذنه ثم قال
-عدي باشا إزيك!
-أتاه صوت عدي:بخير يا حضرة المقدم..أنت إيه أخبارك!
-تنهد يونس وقال بـ فتور:كويس زي ما أنت شايف
-مالك يا يونس!!
تجاهل يونس سؤاله والذي لا يعي إجابته بالفعل..ثم سأله هو بـ إهتمام
-إيه أخبار أبوك وأمك!!
-تفهم عدي تغييره للحديث ليقول:كوييسين..أنا لسه مقولتش لأمك ولا عرفتها إني شوفتك
-رد عليه يونس بـ جدية:ودا أحسن ..ومتقولهاش إلا لما أسافر السويد
-ليقول عدي بـ تذكر:أه صحيح..جهز نفسك بكرة ع الساعة واحدة بالليل عشان تسافر..أنا كلمت واحد من طرف العقيد سعد وهو إتصرفلي فـ طيار والموضوع هيتم فـ الخباثة
إنقبض قلب يونس ليس خوفًا من السفر..بل لأنه سيتركها..هو تعلق بها بـ قوة..يشعر بـ سريانها في جسده وكأنها سُم يأبى الخروج من جسده..فاق من شروده على صوت أخيه وهو يهتف
-روحت فين يا يونس!
-مسح يونس على وجهه بـ حزن ثم قال:معاك..هـ..هكون مستعد بكرة فـ المعاد
أحس عدي بـ أن أخيه حزين..فـ سأله بـ توجس
-خير يا يونس!..حاسس إن فيه حاجة؟
-أخرج يونس زفيرًا حار من فمه ثم قال بـ يأس:مش عارف يا عدي..تعبان..تعبان وبس
-أنت بتحبها يا يونس!!
قالها عدي بـ جمود..ليتفاجئ يونس بـ إفتضاح مشاعره حتى دون مواجه شقيقه..وضع يده في خُصلاته القصيرة وتشدق بـ تقرير
-مش بس بحبها..أنا بعشقها
-هتف عدي بـ ذهول:أنت بتهزر صح!..قولي إنك بتهزر؟..أنت تعرفها من يومين بس..لحقت تحبها أمتى!
-نفى يونس بـ رأسه وقال:لأ مش من يومين..أنا أعرفها من سنتين
-إزاي يعني؟
-حك طرف أنفه وقال:لما كنت براقب عز الدين..شوفتها مرة واحدة بس..بنت بريئة وډمها خفيف..ضحكتها وعنيها..كل دول أول أما شوفتهم عشقت صاحبتهم..بس مكنتش عارف...
صمت قليلاً يأخذ أنفاسه ويُرتب حديثه المُبعثر ثم أكمل وهو يبتسم
-مكنتش محتاج غير إني اشوفها تاني عشان أثبت لنفسي إني بحبها من أول لحظة شوفتها..صحت الحب اللي كان نايم من سنتين وأنا مش عارف...
-أتاه رد عدي:بس هى بتحب واحد تاني
تقلصت عضلات وجهه إلى الڠضب..وضغط على فكيه بـ قوة..ومن ثم هتف وهو يكز على أسنانه
-المشكلة إن قلبها مش ملكها ولا ملكي
-يبقى تبعد عنها يا يونس عشان متتوجعش..هى مصرة إن عز الدين راجل نزيه
-رد يونس بسرعة:هى عرفت كل حاجة
-ردد عدي خلفه بـ ذهول:عرفت!!..أنت قولتلها!
-لأ هى بس شافت..حاجة من ضمن الحاجات اللي عملها..الحمد لله إني لحقتها قبل أما تكمل
-عقد عدي ما بين حاجبيه وتساءل بـ عدم تصديق:وأنت مبسوط عشان معرفتش كل حاجة!..المفروض تسيبها تشوف كل وساخته وتعرف كل حاجة
-هز رأسه بـ نفي عدة مرات هاتفًا بـ قوة:مش بالطريقة دي يا عدي. إذا كان أنا ولسه بخاف من الليلة دي..هواجسها بتطاردني..بيجيلي كوابيس بسبب ليلة ملعۏنة زي دي..أجي أنا وأعيشهالها..لأ يا عدي
صمت عدي ولم يرد ليستمع إلى باقي حديث يونس والذي إلتمس بها الحزن
-حتى لو بحبها مينفعش أعيشها ۏجع..مينفعش تتألم لمجرد إني عاوزها تكره واحد..أنا قابل أكون ضل وبس..أكون جمبها..مش عاوز حبها..اللي بيحب حد ميطقش وجعه أبدًا
-إبتسم عدي وهتف:ما أنت هتكون جمبها تخفف ۏجعها
-وإبتسم يونس بـ سخرية مُتألمة ثم تشدق:مينفعش أوجعها وأفضل جمبها أواسيها..بتول بريئة ونقية جدًا وهشة جدًا جدًا..لمجرد إنها شافت جزء من اللي عمله كانت هتروح فيها ولو تشوفها دلوقتي يا عدي..اااااه
أخرجها بـ ألم حقيقي ومن ثم أكمل
-فقدت كل حاجة..روحها..لسانها السليط..تصرفاتها اللي تجيب جلطة..وللأسف إكتشفت إني مشتاق لكل دا...
لم يجد عدي ما يرد به فـ يبدو أن شقيقه يُعاني مما يُعانيه هو..كِلاهما يكتويان بـ ڼار العشق..كان يونس أول من شق هذا الصمت ليقول بـ هدوء
-أنا لازم أقفل دلوقتي عشان عندي حاجة مهمة..
-طيب..هكون موجود بكرة قبل ما تمشي
-أوكيه مفيش مشاكل..بس خد بالك من نفسك
-إبتسم عدي وقال:متقلقش يا عم يونس..أنا تلميذك..
-تمام يا تلميذ..يلا مع السلامة
وهمّ أن يغلق هاتفه إلا أن صوت عدي وهو يعتف اسمه على عجالة أوقفه فـ هتف بـ ضجر
-إيه يا عدي!
-هو أنت ليه صحيح قولتلها اسمك الحقيقي..ليه مقولتلهاش صقر أووأي اسم حركي ليك؟
-إبتسم يونس وقال بـ حيرة:مش عارف..بس مسير الأيام توضحلي..يلا بقى مع السلامة...
ثم أغلق هاتفه و صمت قليلاً يُفكر في إجابة لهذا السؤال..لما أخبرها بـ هويته الحقيقية؟!!...
***************************************
في المساء إنتهت الفتيات من وضع الزينة لبتول والتي إردت الزي التقليدي لهذه البلدة..نظرت إلى نفسها في المرآه..رغم بهوت ملامحها إلا أنها لا تزال تحتفظ بـ لمحة الجمال الإلهي..شكرتهم بـ إبتسامة لترحل الفتيات وهن يتحدثن عن جمالها الفتّان والذي أبرزه ذلك الزي...
قابل يونس الفتيات وسألهم
-خلصتوا!!
-إيّ..وراح يطير عجلك (عقلك) فيها يا رچال..
ثم ضحكت الفتيات وركضن من أمامه..نظر يونس في إثرهم بـ تعجب ودلف إلى الحجرة وهو يُعدل من زيه هو الأخر حيث إرتدى زي الرجال الخاص بهم ولكم أظهرت جاذيبة ذلك الشاب الثلاثيني..كاد أن يهتف بـ اسمها ولكن ظل فاه مُعلق عند أول حروف اسمها وهو يرى تلك الجنية في ثوب بدوي..تقدم منها مسحورًا بـ طلتها ولم ينبث بـ حرف واحد...
لم تنتبه على وجوده وأخذت تُعدل من هندامها..وما كادت أن تلتفت إلا وأطلقت شهقة مڤزوعة..فقدْ كان يقف خلفها على بُعد خطوات..وقبل أن تتفوه بـ حروف مُعاتبة..كان هو يسبقها في الحديث قائلاً وعيناه تلتهم جمالها الأخاذ
-مفيش حرف واحد يوصف الجمال اللي قدامي دلوقتي
-أخفضت رأسها بـ خجل و ردت بـ تلعثم:شـ..شكرًا...
أغمض يونس عيناه عنها وقد لمح ذلك الخجل الذي سافر على وجنتيها..ليبتعد عنها خطوات كثيرة وقال بـ هدوء عكس البراكين الثائرة داخله
-طب مش يلا ننزل..الحفلة بدأت تحت وأنا كنت طالع أناديلك
-تفادت النظر إليه وقالت بـ خفوت:طيب..يلا
ولم يمد يده ليُمسك خاصتها حتى لا تخجل أكثر..سمع صوتها وهو يقول بـ صوتٍ خجِل خفيض
-وآآ..أنت طالع..حلو فـ..فـ هدومك دي
-ضحك يونس ملئ فِيه وقال بـ تسلية:حلو!!
-ردت بـ براءة:أه حلو
-نظر لها وهو يتراقص بـ حاجبيه:دا أنت اللي حلو يا حلو أنت
شهقت بـ خجل وتحركت من أمامه بـ خطى مُتعجلة وهو يضحك بـ إستمتاع خلفها...
***************************************
دلفت إلى مجلس النساء وهى توزع نظراتها عليهن جميعًا..جلست بجانب أم عواد والتي أخذت تمطرها بـ وابل من الكلمات التي تصف مدى جمالها..وهو تبتسم على إستحياء..ومر بعض الوقت فـ تساءلت بتول وهى تميل عليها
-أومال فين العروسة!
-نظرت لها أم عواد بـ دهشة وقالت وهى تُشير إلى العروس:هاذه يا بنيتي..
نظرت في إتجاه إشارتها..لتجحظ عيناها من أن ابصرتها..ونهضت كـ من لدغتها أفعى وبـ صوتٍ عال هتفت بـ إستنكار
-دي إزاي يعني!!..دي عروسة إزاي يعني؟
توقفت النسوة عن النساء على إثر صوت بتول الغاضب..لنتهض أم عواد وتسألها بـ توجس وهى عاقدة حاجبيها
-إيش فيه يا بتول!..
-نظرت لها بتول بـ تقطيبة عميقة وهى تقول:بتسأليني ليه ..بجد يعني
خطت نحو العروس وأمسكت يدها وقالت بـ هتاف أجفل الجميع
-طفلة!!..العروسة طفلة شكلها ميجبش تلاتشر سنة!!..أنتو واعيين لـ اللي بتعملوه..
-تقدمت منها إحدى السيدات وهتفت:هاذه عاداتنا وتجاليدنا (تقاليدنا)..
-أشاحت بتول بـ يدها في وجهها وصړخت:عادات إيه وزفت إيه!!..أنتو بترموا بنتاكوا فـ الڼار وتقولولي عادات وزفت
تقدمت منها أم عواد وهتفت بـ خجل مما يحدث
-عيب يا بنيتي..هيك يا ما يصير..هاذاه مثل ما جالت..عادات وتجاليد..إيش فيه!..ليش أنتي ڠضبانة هيك؟
لم تعي بتول ما تقول تلك السيدة ليزداد إهتياجها
-ڠضبانة ليه؟..دا حرام البنت بتقتلوا طفولتها..بتحرموها تعيش طفولتها وحياتها..أنتوا بټدفنوها بالحيا..الظلم دا ميتسكتش عليه...
وفي تلك الأثناء دلف عجوزًا ما ومعه أبو عواد ولده وكذلك يونس..ومن خلفهم شخصان أخران..ليتفاجئ الجميع من توتر الأجواء..ليهتف أبو عواد بتساؤل
-إيش عم يصير هون!
-تقدمت منه بتول وهى تقول بـ ڠضب:في إن بيحصل چريمة هنا ومينفعش يتسكت عليها
توجس يونس من ڠضبها وتساءل بـ قلق
-في إيه يا بتول!
-نظرت له بتول وهى لا تزال على ڠضبها وقالت:في إنهم بيقتلوا طفلة هنا..
زادت عقدة جبين يونس ولم يختلف عنه الرجال الأخرين..لتُكمل حديثها
-بيجوزا بنت لسه مبلغتش..تصور يا يونس!!..
وقبل أن يرد يونس والذي إستنكر ما يحدث هنا فـ قد ظن أنها فتاه في ريعان شبابها..ليرد عليها ناصر"العريس"
-وإيش فيكي بـ مرتي!!..تتجوز وهى طفلة ولا تتجوز..إيش غاضبك هيك!
-جحظت عينا بتول وهي تقول بـ صدمة:أنت عريس الغفلة!
-ليقول أبو عواد بّ تعجب:إيّ هو..إيش يا بنيتي !..إيش فيكي؟
ضړبت بتول كفًا على أخر ونظرت إلى الجميع بـ ڠضب عاصف ومن ثم هدرت
-ولا أي حاجة..طفلة لسه مشافتش الحياه تتجوز واحد رجله والقپر..وتبقى ليلة دخلتها هى و خارجته هو بـ إذن الله
-هتف ناصر بـ ڠضب:لمي لسانك جوات خاشمك يا حرمة
-أشاحت بـ يدها في وجهه وهتفت:يا راجل إتلهي..مش مكسوف من نفسك وأنت ساحب عيالك وجاي تتجوز واحدة أد حفيدتك عشان ترضي رغباتك القڈرة!..يا أخي حس ع دمك
كان يونس يُتابع ما يحدث في صمت ولكنه مُتأهب إذا حدث تطاول..ولكن يبدو أن الجميع يحترم وجود أبو عواد..تقدمت بتول منه وقالت بـ توسل
-يا عم أبو عواد..دي چريمة..دا زواج قاصرات..حرام تضيعوا مستقبل بنت عشان واحد يومين وهياخد أستمارة ستة
-هرولت سيدة وقالت بـ حدة:بجولك إيه..إحنا ناس على جد حالنا ولا تخربي دارنا عاد..الحاچ ناصر الله يبارك بـ عمره..جال يساعدنا وبيتجوز بنيتي..وهّلا روحي من هون..لا تخربي عرسنا
-إشمئزت منها بتول وهتفت وهى تنظر إلى الجميع:بنتك مش صفقة عشان تتباع مقابل حاجة..وبدل أما تقتليها كدا خليها تكمل تعليهما يمكن تطلع حاجة وتساعدك..محدش بېموت من الجوع..ليكي رب يدبرلك أمرك..مش هو اللي هيرحمك من الفقر..وهو لو حابب يساعد هيعمل كدا من غير مقابل..إعمل حاجة حلوة تقابل بيها ربك..
قالت جملتها الأخيرة وهى ترمقه شزرًا..تجاهلت بتول بعض الهممات والسباب الذي إنهال عليها..تجاهلت تشاجر ناصر و ولديه مع ابو عواد..ومن ثم هتفت بـ صوتٍ عال لتخرس الجميع
-بس بطّلوا كلكم..كلمة ربنا هيحاسبني عليها...
نظرت إلى ابو عواد وقالت
-معلش يا عم أبو عواد أنا لازم أرضي ضميري
أماء بـ رأسه بـ هدوء و ثغره يرتسم عليه إبتسامة راضية وكذلك يونس أخذ يُشجعها ويُرسل لها نظرات بثت الطمأنينة بـ نفسها..أخذت بتول نفس عميق ثم ذفرته وقالت
-الرسول عليه الصلاه والسلام قال"من رأى منكم منكرًا فليغيره"..وأنا مقدرش أشوف حاجة زي دي وأسكت عليها..أنتو هتتحاسبوا ع اللي بتعملوه فـ بنتاكوا دا..الضنا غالي وأنتوا بترموهم رمية الكلاب لواحد مريض زي الأخ..يرضي رغباته وحقارته بيها..وبعدين شهرين ترجعلكوا ما هو خلاص أخد اللي عاوزه..دا مش عدل دا زي قتلكم ليها حيه..مذنبهاش حاجة تخسر طفولتها عشان خاطر حاجات تافهه..فقر!!..يعني إيه فقر!..الفقر الحقيقي فـ عقولنا وتفكيرنا..الفقر فـ إننا يبقى عندنا القدرة نحارب ونختار الأسهل ونقعد نلطم بعدها..الفقر إن يبقى فـ إيدك تتغلب ع الفقر بس بتستسهل تمد إيدك للناس..
صمتت قليلاً تُتابع تعبيرات وجوه المُحيطين بها ما بين راضٍ وناقم..لتُكمل حديثها
-البنت دي جايز ربنا يكتبلها تكون حاجة فعلاً وتغير حياتكوا..بدل ما يجي اليوم اللي بنتكِ تبصلكِ فيه وتقولك مش مسمحاكي..لأ دا تيجي وتبوس إيدك عشان حاميتيها..بلاش ترموا الغلط ع العادات والتقاليد..وبلاش جهل..مش فـ التعليم لأ دا فـ الأخلاق والدين اللي بقى بيتفسر ع مزاجنا..خافوا من ربنا..خافوا ع ولادكم وراعو ربنا فيهم..لو مش خايفين من عقاپ الدولة والقانون خافوا من عقاپ ربنا...
أنهت حديثها ثم جست أمام الطفلة وإبتسمت بـ حنو وسألتها
-أنت عاوزة تتجوزي!!
نفت الطفلة بـ وجهها..لنتهض بتول وإتجهت إلى أبو عواد وقالت بـ توسل
-عم أبو عواد..الناس كلها بتحترمك وبتعتبرك كبيرهم..البنت رافضة المهزلة دي..فـ أرجوك قول كلمة الحق وأنا واثقة أنك مش هتظلم حد....
الفصل العاشر
مشيت وياكي للآخر...وأتاري وأولك أخر...
عنيكي خدتني للحلم اللي مبيكملش كلام خلا أحلامي تشوفني و أشوفها قدامي...
إرتفعت الهمهمات من الجميع..وبتول توزع أنظارها على أبو عواد و ناصر..إحتضنت الفتاه بـ قوة خشية أن يأخذها أحد..ظل أبو عواد صامتًا يستشف ردود فعل الناس..وفجأة ضړب بـ عصاه الأرض ليسود الصمت..تشدق أبو عواد وهو يرمق بتول
-بتول يا بنيتي..أنا رچال علامي على جدي (قدي) لكن أعرف ربي كيف ما بعرف كفي..وأنا مرضاش الظلم لأي صبية فـ جبيلتي (قبيلتي)..
نظر إلى ناصر وهو يستند بـ عصاه وهتف بـ جدية
-ما في چواز..الله الغني يا أبو عبدالله..لا تزعل ولكن الصبية صغيرة وما بجدر أرد لبتول بنيتي كلمة..ما في
-زمجر ناصر بـ ڠضب وقال:هاذه الحُرمة حديثها بيصير سيف على رجابنا..لا يا بو عواد..لاه أنا راح إتجوز هاذه الصبية وما راح أفوتكم من دونها
-تقدم منه يونس و وضع يده على منكبيه ثم تشدق:يلا يا جدي من هنا..مفيش بنات عندنا للجواز..خلاص جبرنا
وأبتعد عنه ليقف بـ جانب بتول يُؤازرها..بينما نظر له ناصر بـ ڼارية ولكنه قابلها بـ تحدي صريح وكأنه يخبره إن تجرأت على الرفض سيكون قپرك أسفل قدماك..شق السكون صوت أبو عواد يقول بـ صرامة
-فوّت هاذه الدار يا بو عبدالله..ما في چواز الله يرضى عليك
أشار إلى ولديّ ناصر وهتف
-خذوا بوكم الدار..وعجلوه...
ثم إلتفت إلى السيدة والدة الطفلة ثم قال بـ صوتٍ آمر
-هاذه الصبية راح تكمل علامها إذا رادت (أرادت)..مصاريها عليّ..أنا بساعدها لله وما بقبل شئ مجابيله (مقابيله)..هذا شئ لله..ولا حدا من هذه الجبيلة يفكر في عِرس لصبية لساها قاصر..وهون وإنجفل الحديث ..ما راح نحكي عاد بهاذه الحكاية مرة تانية...يلا فوتوا ع داركم...
وإلتفت ليرحل ومعه الباقين..نظر لها ناصر بـ ڠضب قبل أن يرحل..لتقول في محاولة لـ إستفزازه
-يلا يا راجل من هنا دا لو عطست فـ وشك هتموتك...
ليبتسم يونس على لسانها السليط الذي لا يرحم عدوًا كان أو حبيب..وإنفض الزفاف وإنتهت ليلة قد حُكم بها على فتاه بالمۏت..إنحنت بتول قبل أن ترحل و تشدقت بـ حنو
-دلوقتي هتكملي تعليمك وعوزاكي تكوني دكتورة ترفعي راسك لفوق ديما..خليكي عارفة إن ربنا هيعوضك وهيقف جمبك...
أماءت الفتاه بـ رأسها بـ قوة وهى تبتسم بـ سعادة..لتُقبل جبينها بـ حب ثم نهضت لتجد يونس يحدق بها بـ نظرات أغرقتها في بحر الخجل..همست بـ صوتٍ خفيض وقالت
-أحم..مش..مش يلا إحنا كمان
-إبتسم وقال:يلا إحنا كمان...
أفسح لها المجال لكي تخطو إلى الخارج وهو يتبعها..ليُسرع في خطواته و وقف أمامها مما جعلها تتعجب من تصرفه..وسألته
-خير فيه حاجة!
-أماء بـ رأسه وقال بـ إبتسامة:ممكن تسمحيلي أخطفك لمكان ونتكلم لوحدنا شوية؟!!
-ضحكت وقالت:ع أساس أنك مش خاطفني مثلاً!.
-ضحك وقال بـ مزاح:ممكن أخطفك تاني!!
-أماءت بـ رأسها وهتفت بـ رقة:ممكن جدًا...
**************************************
وقف بـ سيارته أمام منزلها وأغلق محرك السيارة ولكنه لم يسمح لها بالنزول..تعجبت روضة منه ولكنه أمسك يدها ومن ثم تشدق بـ هدوء
-إتأخرتي النهاردة الصبح ليه؟..أنا معرفتش أسألك عشان الشغل والناس اللي كانوا موجودين
-رفت بـ عينيها عدة مرات وهتفت بـ ذهول:متأخرتش غير خمس دقايق بس
-فـ قال هو بـ بساطة:بس إتأخرتي
-إبتسمت وقالت:خلاص إتأخرت...
-أخر يُحرك يده على ظاهر كفها وتساءل بـ حنان:ها إتأخرتي ليه!!
كانت تعلم أنه سيسألها وأنه لن يرتاح إلا أن ينول إجابة يرضاها..أخذت نفس عميق ثم قالت بـ ثبات ظاهري
-كنت فـ القسم
-سألها بـ قلق:ليه في حاجة حصلت!..طب ليه مقولتليش!!!
-نفت بـ رأسها وقالت بـ هدوء:مفيش حاجة صدقني..الموضوع كله إن كان في واحدة خبط فـ عربيتها وحبت نعمل محضر وكنا بنخلصه
-وضع يده على وجنتها وسألها:طب ليه متصلتيش بيا عشان أجيلك!
-هزت كتفيها وقالت:مكنش له لزوم الموضوع خلص بسرعة..والست محترمة وحليناها ودي
-سألها مجددًا بتأكيد:يعني مفيش حاجة حصلت!!
-أمسكت يده التي على وجنتها وقالت:لأ..متقلقش
إبتسم لها سيف بـ دفئ ثم قال بـ تذكر
-بصي يا حبيبتي أنا هغيب كام يوم عشان أخلص موضوع عز
-شحب وجهها وتشدقت بـ تساؤل:يـ..يعني إيه؟
-طمأنها سريعًا:مټخافيش الموضوع مش هياخد فـ إيدي يومين..بس عاوز أربي عز ع مزاجي
إبتلعت ريقها بـ صعوبة..ولم ترد عليه وقد ظنه إن صمتها خوفًا عليه أو ربما قلق..أمسك يدها مجددًا بـ قوة حانية
-مټخافيش يا روضة..الموضوع سهل ومفهوش قلق
-هتفت بـ رجاء:من فضلك متأذيش البنت
-إبتسم وقال:عشان خاطرك
ثم ترك يدها وحدثها بـ جدية
-يلا إنزلي مينفعش تفضلي معايا فـ العربية كتير
-طيب
قالتها ثم حلت عنها حزام أمانها وقبل أن تترجل من السيارة هتف بـ حب
-هتوحشيني
نظرت له بـ إبتسامة وسرعان ما تلاشت عندما أدارت ظهرها له..دلفت إلى داخل البناية ثم إستدارت له ولوحت ليُبادلها وتحرك بـ سيارته..هتفت في نفسها وهى تصعد درجات السلم "يجب أن أكون أكثر حذرًا معه"..أخرجت مفاتيح منزلها وفتحت الباب ثم دلفت..أضاءت الأنوار ليأتيها صوتٍ خلفها
-نورتي بيتك...
**************************************
كانا جلسان على تلك الصخرة التي جلس عليها صباحًا وهى بجانبه..تنظر إلى القمر الذي أستحال بدرًا وهى صامتة..غير واعية إلى نظراته التي تلتهمها إلتهامًا..لكم العشق مؤلم!..هتف يونس بـ خفوت خروف اسمها
-بـ..تـ..و..ل
-نظرت له بتول بـ دهشة وقالت بـ عفوية
-هو أنت حاطط موس فـ بوقك!!..
-هز رأسه بـ يأس وقال:مفيش فايدة فـ لسانك اللي عاوز يتقص منه حتت مش حتة..
-رفعت حاجبيها بـ دهشة وقالت:الله!!..مش أنت اللي مش عارف تقول اسمي وعمال تستهجاه
أجبرته على اللطم على وجهه كـ النسوة..ماذا يقول لها!..أيقول أنه كان يتذوق اسمها في فمه!..أيقول أنه لأول مرة يستشعر لذة في نطق اسم فتاهً ما!..بل و الأنكى أنه يشعر بـ مذاقه بين شفتيه..تعجبت من صمته فـ تشدقت بـ حيرة
-مالك يا يونس؟..ساكت ليه!
-رد عليها ساخرًا:وبالنسبة لـ اللطمة اللي لطمتها من شوية دي إيه نظامها!. مش هتسأليني لطمت ليه؟
-رفعت منكبيها وأجابت:أنت حر تلطم ما تلطمش دي حاجة ترجعلك..
وما كان منه أن سبها في نفسه..يعلم أنها مصابه...رفع يداه وهتف بـ تضرع
-يارب إرفع مقتك وغضبك عنا يارب
-أمنت على دعاؤه دون أن تفهم:يارب
نظر لها بـ نصف عين..وصمت..ليعود ويهتف بـ جدية
-عارفة أنا مبسوط باللي عملتيه من شوية..فخور بيكي يا بتول..اي حد غيرك كان هيقول وأنا مالي..لكن أنتي مش أي حد
-إبتسمت بـ خجل ثم قالت:شكرًا..بس الموضوع أن بابا علمني إني مشوفش غلط وأسكت..حتى لو مش هغير حاجة بس مقدرش أشوف غلط وأغمي عيني..عارف نص مشاكلنا بسبب أننا شايفين الغلط وساكتين
صمتت قليلاً ثم أكملت بـ تنهيدة
-عارفين الغلط والحرام وبنروحلهم..ونروح نكتب ع السوشيال ميديا (مواقع التواصل الإجتماعي) الناس بقت وحشة وقمة النفاق يعني..اللي مخلينا فـ القاع إننا مبنحاولش نغير نفسنا ولا نصلح عيوبنا..لأ الأسهل إننا نرمي الغلط ع ناس تانية...
نظر لها يونس بـ عمق ونظرات طفرت بـ عشقه لها..ربما هى عفوية مرحة وذات لسان سليط لم يرى مثله..ولكنها ذو عقلية ناضجة و فكر واسع..تعي الخطأ والصواب وتسير في الطريق وهى تعلم عواقبه ولكنها ټموت دفاعًا عما تؤمن به...
أخرجها من صمتها وتأملها القمر..نظراته التي تخترق روحها وتقتلعها من جذورها..إلتفتت له لتأسر بنيته غابات الزيتون خاصتها بها..يعلم انه يُسحب إلى تيار وأنه لن ينجو منه أبدًا..تسللت يداه تُمسك يدها وهتف بـ صوت أجش
-عنيكي لوحدها فتنة...
إزدردت ريقها بـ توتر وقد أخذ وجيب قلبها يعلو بـ صورة أصمتها..رفع كفها ولثمه بـ رقة كـ نسيم رقيق يُداعب أنوثتها وأكمل حديثه
-روحك أسرتني يا بنت السلطان...
-أغمضت عيناها وهتفت بـ تلعثم:يـ..يو..نس
إبتسم وهو يسمع لحن اسمه منها وكأنه معزوفة بيت هوفن..وقرر كسر تلك اللحظة حتى لا يُخيفها أكثر..نظر لها بـ عمق قبل أن يترك يدها وينظر أمامه..وهى سحبت يدها إلى صدرها الذي كاد أن يُحطم ضلوعها ..تشعر بـ سخونة ألهبت وجنتيها...
تمنى يونس في داخله أن تعي مقدار واحد بـ المائة مما يشعر به نحوها..عشقها إقتحمه كـ إعصار وضربه بـ قوة جعلته يخر صريعًا..وضع يده على وجهه وقرر مصارحتها بما جاء من أجله..إلتفت لها ثم قال بـ جمود مُصطنع
-أنا مسافر بكرة...
**************************************
كادت أن تصرخ من هول الفزع الذي إنتاب جميع خلايا جسدها..إلا أنه أسرع وكمم فاها وتشدق بـ هدوء
-إهدي يا أنسة روضة..أنا الرائد عدي
إزدردت ريقها بـ خوف وأماءت بـ رأسها عدة مرات ليقول وهو ينزع يده عن فاها
-أنا أسف إذا كنت خضيتك!
-رفعت حاجبيها وهتفت:إذا!!..حضرتك أنا قطعت الخلف
ضحك عدي ملئ فاه وهى أخذت تتأمل ملامحه الرجولية البحتة..سكنت ضحكات الأول ولاحظ تحديقها به..إبتسم عدي ولم يُعلق..لن يرد كسر تلك اللحظة..وساد الصمت حتى قطعته روضة بـ إستفاقتها من تلك الغفوة..وهتفت بـ حرج ما ان لاحظت نظراته العميقة لها
-أحم..أسفة..
-إتسعت إبتسامته وقال:لا أبدًا مفيش حاجة..
وضعت حقيبتها وتوجهت إليه..ثم قالت
-تحب تشرب إيه!
-ولا أي حاجة..أصلاً مش هطول عشان لازم أسافر الواحات كمان كام ساعة
هزت كتفيها ولم تصر كثيرًا فهى مُنهكة من كثرة العمل اليوم..جلست وأشارت له بـ الجلوس وتشدقت
-إتفضل يا سيادة الرائد..هو حضرتك دخلت شقتي إزاي؟
-جلس عدي وهو يبتسم ثم قال بـ مرح:مينفعش تسألي ظابط هو دخل بيت إزاي. عيبة فـ حقه
إبتسمت مجددًا ولم تُعلق..ليقول هو بـ هدوء
-أكيد بتسألي أنا جيت ليه!
-حركت رأسها إلى اليسار وقالت:يعني حاجة زي كدا
-حك جبهته وقال بـ حيرة:وأنا بدور فـ ملفات قديمة عن شركة الكردي اللي الورق إديتيه لمحمد..لاقيت أسم كريم الشِهدي..أعتقد إن دا اسم عيلتك
شحب وجهها بـ التدريج وأخذت تتنفس بـ سرعة..جعلته يتوجس مما يحدث..نهض من مقعده وإتجه لها ثم سألها بـ تقطيبة
-مالك في إيه!!..أنا قولت حاجة غلط..تخبي أجبلك ماية؟
هزت رأسها بـ نفي. ليسألها بـ إنفعال
-طيب ليه حالتك دي!!..
-هقولك...
ثم أخذت تتنفس بـ عمق..ليعود ويجلس..نظر لها وحواسه مُتأهبة لما ستقول..مالت بـ جذعها العلوي إلى الأمام وقالت بـ حزن
-كريم دا يبقى أخويا
-ردد خليها بـ ذهول:أخوكي!!
-أماءت بـ رأسها وقالت:أيوة..هو كان بيشتغل مع سيادة الوزير عز الدين..تهريب اسلحة وغيره..وفـ مرة حصل مشكلة وأخويا إتقبض عليه وعشان ميعترفش قتلوه...
تهدج صوتها وبدأت قطرات ملحية تُبلل ساقيها..أما عدي فـ كانت عضلات وجهه تقلصت إلى ڠضب..أكملت حديثها بـ صوتٍ مبحوح
-بعدها بابا ماټ من اللي حصل..وأمي مستحملتش وتعبت جامد..ولمل خفت طلبت مني إني أصلح اللي كريم بوظه لأنها مش مسمحاه..وكمان قالتلي أحطها فـ دار رعاية..هى مكانتش عاوزة تشوف حد يفكرها بـ بابا...
-أكمل هو حديثها:عشان كدا إشتغلتي معانا...
-أماءت بـ رأسها وتشدقت:مكنش قدامي غير إني أخاطر..الناس دي مش سهلة ولما دورت أكتر عرفت إني هكون فـ أمان لما أشتغل مع سيف...
أشعلت جمرات الڠضب و الغيرة لدى عدي ليقبض على كفه بـ قوة كابحًا غضبًا أسود من الإنطلاق..سألها بـ صوت حاول إخفاء الحدة
-طب وعرفتي دا كله منين!!
-كريم حب يأمن نفسه لو غدروا بيه..وأي حاجة كانت بتحصل سجلها..وكله طبعًا كان بعيد عن عز الدين..هو أه عارف و كتب الكلام دا..بس بدون أي دليل..ومكنش حد هيصدقه ولا هيصدقني إن وديته لحد مش موثوق فيه...
-وجيتلي أنا بذات ليه!
-تشدقت بـ جدية:سيف لما قربت منه قالي شوية معلومات..وكنت أنت بداية شغلي مع البوليس..مقدرتش أثق غير فيك بعد اللي هو قاله...
هم عدي بالرد إلا أن صوت طرقات على باب منزلها جعلها تنتفض..أشار لها عدي أن تهدأ وترد..أماءت بـ رأسها ولكن رُغمًا عنها خرج صوتها مُرتعش
-مـ..مين!!
-أنا سيف
شقهة مُنعت بـ واسطة يد عدي وحذرها بـ عيناه..وهتف بـ همسٍ آمر
-ردي عليه وشوفيه عاوز إيه
أماءت بـ رأسها عدة مرات ثم توجهت إلى الباب وفتحته فتحة ضيقة..وقالت بـ حدة زائفة
-سيف مينفعش تجيلي هنا فـ وقت زي دا
-رد هو عليها بـ هدوء:عارف..بس أنتي نسيتي موبايلك وكان لازم أديهولك
-أخذته منه وإبتسمت بـ إصفرار:شكرًا..بس إعذرني مش هينفع أدخلك الوقت إتأخر
-إبتسم هو وقال بـ تفهم:أنا عارف..وكدا كدا مينفعش أدخل..يلا عشان وقفتي غلط..تصبحي ع خير يا قلبي...
ثم رحل..لتُغلق هى الباب..تنفست الصعداء وبحثت عن عدي لتجده إختفى..إنعقد ما بين حاجبيها ولكنها وجدت ورقة كُتب فيها "أنا لازم أمشي وهنكمل كلامنا لما أرجع..خدي بالك من نفسك"..إبتسمت بـ سعادة ثم طوت الورقة و وضعتها في جيب بنطالها ودلفت لكي تنعم بـ نوم هانئ...
*************************************
- يا بتول ردي عليا..من إمبارح وأنتي مبتكلمنيش
نظرت له بـ ڼارية ولم ترد عليه..زفر هو بـ إستياء..وكاد أن يخطو خطوة في إتجاهها إلا أنها باغتته بـ قڈف الوسادة ليتفادها وهو يقول بـ إستنكار
-يا بنت المچنونة
-وقفت أعلى الفراش وصړخت بـ حدة:أنا فعلاً مچنونة إني صدقت واحد زيك..صدقت أنك مش زيه...
نطقت الأخيرة وقد تهدج صوتها وسقطت عبارتها..أشفق يونس على حالها ولما يُسببه من ألم لها..جلست هى وبدأت تنتحب وهى تقول بـ شهقات
-أنت وعدتني أنك هتفضل جمبي..ليه بقى متكونش أد وعدك!!
-جلس على الفراش ومسح على خُصلاتها بـ حنان بالغ وقال:وأنا وعدتك إنك هتفضلي معايا لغاية لما أقدر أطلع برة مصر..وخلاص جه الوقت وكان لازم أكون أد وعدي
وفي ثوان أزاحت يده عنها بـ قوة وأعطته ظهرها ثم قالت بـ جمود
-روح يا يونس..بس مش مسمحاك...
أغمض يونس عيناه بـ حزن..ألا تعتقد أنه يتألم لتركها!..إنها تُشبه مُفارقة الروح للجسد..لا يستطيع أخذها لما هو مُقبل عليه..إما أن يعود سالمًا أو لا يعود..وهو لا يقدر على المخاطرة بها..ولكنه أقسم أنها ستكون ملكه ما أن يعود...
وبعد فترة من تفكيره وجد إنتفاضة جسدها قد هدأت وأنفاسها مُنتظمة..ليُمسد على خُصلاتها وظل مُحدقًا بها لوقت طويل ولم يشعر بـ طول المدة..وأفاق على صوت الهاتف الذي أعلن عن ميعاد وصول طائرته..إنقبض فؤاده لفكرة فقدانها وقد بدأ يشعر بـ تعلقها به..أغمض عيناه ليقضي على تردده..ثم مال ليُلثم خُصلاتها...وهمس بـ حزن
-خليكي عارفة إن أنا مش هتحرر من أسرك إلا بيكي...
ونهض يُلملم حاجياته ودلف إلى الخارج بـ هدوء نظر لها نظرة أخيرة تشي بـ مشاعر جمة ومن ثم أغلق الباب..نزل إلى الأسفل و وقام بـ توديع الجميع وسط الدمعات والوعود بـ إرجاعها سالمة..إلتفت إلى عواد وتشدق بـ رجاء
-خد بالك منها ورجعها لأهلها ي عواد
-ربت على منكبه وقال:لا تجلج هى بعيني يا وِلد عمي...
إبتسم يونس ورحل وقلبه مُحمل بـ الهموم لتركها وحيدة...
وصل يونس إلى المكان المُتفق عليه وإنتظر الطائرة..رمى بـ نظره إلى مكان جلوسهم أمس لتشق وجهه إبتسامة عندما تذكر ما حدث أمس..ومر بعض الوقت وشعر بـ تلك الرياح التي هبت فجأة مُعلنة عن وصول الطائرة..تأهب يونس في وقفته..وما أن حطت الطائرة حتى نزل أخاه منها وبعد حديث تركه وما كاد أن يصعد حتى سمع صوتًا من خلفه ېصرخ بـ جنون
-يوووووونس!!!!تبع



تكملة الرواية من هنا



روايات كامله وحصريه من هنا



تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close