دموع ممنوعه
الفصل الأول
انطلقت الذكريات داخل عقلها وهى صامتة ودمعتها محبوسة داخل مقلتيها خوفا أن يفتضح أمرها ويعلم من حولها بمدى الحسرة والألم والغضب الكامن داخلها ، مجرد فتاة عائقها الوحيد فى الحياة ليش كم ما تمر به من أحزان ، وإنما أزمتها هى أنها لا تستطيع البكاء ، لا تزف عينيها الدموع ، لا تستطيع تخفيف حزن أو غضب أو ضغط بالدموع كما يفعل باقى الناس ، فهى لم تبكى حتى على أعز الناس عندما تركتها وماتت ،تعودت على أع حياتها بدون دموع ، ،،دموع ممنوعة، ،،،
مجرد فتاة فى الخامسة والعشرين من عمرها ، تزف لرجل من أرقى العائلات فى المنصورة ، يجب أن تكون سعيدة لهذا ، لكن للأسف شعلة الفرحة داخلها انطفئت منذ وفاة والدتها منذ أكثر من 9 أعوام ،حيث كانت لا تتعدى السادسة عشر من عمرها ،
وقفت أمام المرآة تتأمل نفسها فى فستان زفافها ، ملامح مصرية جذابة ، عيون واسعة ، أنف صغير ، وفم صغير مكتنز الشفاة ، ليست جميلة بالمعنى المفهوم ولكنها حقا جذابة . هى ايضا فتاة تعشق التغيير والقوة والتحكم فى كل شئ فى مسار حياتها. كانت تتمنى أن تكمل دراستها العليا قبل الارتباط بأى رجل ، بعد أن أنهت مؤهلها والتحقت بإحدى الوظائف الحكومية ،ولكن أسرتها لم تعطيها هذه الفرصة فبالنسبة لهم ، الفتاه نهايتها بيت زوجها وبين أطفالها.، بالرغم من أنهم أصروا على تعليم جميع أبنائهم وألحاقهم بالجامعة والوظيفة أيضا إلا أن عقليتهم الريفية والصعيدية مازالت هى المسيطرة . وبالطبع هذا هو الصراع الدائم بينها وبينهم ، لأنها تصر على استقلاليتها حتى أنها انتقلت لتعيش وحدها لفترة ، وساعدها على ذلك كره زوجة أبيها لها ،
وتحت وطأة هذا الضغط ، كانت تقابل كل من يتقدم لها طلبا للزواج ثم تبحث عن عيوبه لتتعلل بها لترفض،
إلا معه ،فعندما تلاقت عيناها بعيناه، تناست كل ما تفعل ولأى سبب، فهى لا تنكر تأثره به من أول نظرة كما يقال ، جلست أمامه بعدما أفرغت لهما غرفة الجلوس كالعادة وجلس الجميع فى الغرفة المجاورة ، جلست تنظر له وتسمع كلامه عن نفسه،وكأن الله عماها عن كل العيوب الموجودة به فلم تجد سببا تتعلل به للرفض،،،،،،،،،،،،،،، ، غير أنها من داخلها لا تريد أن ترفضه ،،،،.فوقتها لم تكن تعلم أن هذا الرجل سيكون سبب فى أكبر جرح فى حياتها.......
فهو كعريس لا غبار عليه ، عيبه الوحيد هو عائلته ، أكثر عائلة كرهتها فى حياتى ، كرهتها وكرهت من فيها دون أن أعرفهم ،،،،عائلة المصرى ،،،
لكن للأسف ، داخلها شغف قاتل لتتعرف عليهم ، تريد أن تعيش بينهم مثل أمها ، كيف هى الحياة معهم ، تريد أن ترى الأشخاص التى حكت عنها أمها ، هل مازالوا كما هم أم غيرهم الزمن ، أرادت أن تنتقم ممن آذى أو جرح والدتها طوال سنين حياتها داخل هذه العائلة ، لقد سبق وفعلتها من آخرين بأشد طرق الانتقام ، وها هى ستفعلها مرة أخرى .
.
يالا هذا القرار الصعب ،لقد أرهقتها كثرة التفكير حتى هديت لقرار معين ، فقد قررت ات تتوسط العصا من منتصفها ،، قررت أن توافق وترتبط بهذا الرجل وترضى شغفها وتدخل عائلة المصرى ، وأن تكمل ما أرادت من تقدم فى عملها ودراستها فى أن واحد ،ولكن هذا الارتباط سيكون بشروطها الخاصة ويجب أن يوافق عليها أولا حتى تخبر الجميع بموافقتها ،،فاخبرت والدها انها تريد أن تقابله قبل أن تعطى الموافقة له .
وافق الوالد ، واتصل به تيليفونيا وأخبره برغبتها ،
وافق هو بدوره على هذه المقابلة رغم أنه تعجب كثيرا ،لقد كان يتوقع أنها ستوافق من أول مره ...،هداه غروره لذلك !؟
وحان الموعد المتفق عليه ،،وهى متردده كثيرا فى كيف ستتجرأ وتخبره بهذه الشروط ؟
دق جرز الباب وذهب أخيها ليفتح وبقت هى تفكر !! المهم انها قررت الدخول بعد أن أخبرها أخاها انهم فى انتظارها .
دقت الباب وجلست بجوار أبيها فقام أبيها من مجلسه ونظر لأخيها فقام هو الأخر وخرج وترك الباب مفتوحا ،،
ظلت صامته لا تعرف من أين تبدأ ، وهو يحدق بها وكأنه يستوضح تفاصيل وجهها وجسدها فى نظرات سريعة ، فبدأ هو الحديث ،فهو الرجل ويجب أن يحترم خجلها كامرأة .
،،كنت عايزة تشوفينى، خير ان شاء الله ،، اصلى حاولت أتخيل السبب لكن فشلت وأخيرا قلت أنك ممكن تكونى عايزة تشوفى وشى ، المرة اللى فاتت مبصتليش اصلا ،،
فوجئت بكلامه فهو يتخيل أنها لم تنظر أليه ، رغم أنها استوضحت تفاصيله جيدا ، ولكن يبدوا انه لم يلاحظ
رفعت وجهها إليه ، ولأول مرة يرى نظرة عينيها بوضوح ..فقد كانت خلابة ،مع أنها ليست من العيون الخضراء أو غيرها ولكنها كانت عين واسعة وسمراء كعيون المها ،ونظرات ذات ثقة عالية ومملوئة بالقوة ، أخذته هذه النظرة وشدته صاحبتها .
،،كنت عايزة اشوفك عشان اقولك أنى موافقة على جوازك منى لكن بشروط ، ولو موافقتش عليها ، اعتبر أنى موافقتى كأن لم تكن ، يعنى الموضوع معتمد عليك ،،
رد فى تعجب،،،،،،عليا انا ؟!
،،ايوة ،انت ،،
،،اتفضلى ، انا سامعك ..
ترددت أكثر مما وجدت منه من استعداد كامل للإنصات لما ستقوله ولكنها استجمعت شجاعتها قائلة
.. طبعا عارف أنى بشتغل ، وانى بكمل دراسة ..
فأشار لها بالاماء بالموافقة
فاكملت. ..أنا مش هسيب شغلى مهما كانت الظروف ، ومش هوقف الرسالة ، ده الشرط الأول . .
قال..والشرط الثانى
قالت.. ماليتى الخاصة ، ممنوع تدخل فيها ولا تفرض عليا أى شئ بخصوصها. .
فابتسم ثم قال ..والثالث
فتعجبت من هذا الهدوء الذي تراه بل وهرب منها كل الكلام التى جهزته لتخبره به .
فقالت .. التالت ، إجابة سؤال وبصراحة ..
..إيه هو ؟
...أنت مجبر على جوازك منى ؟
اندهش من سؤالها بتساؤل
.. ليه بتقولى كدة ؟
.. أولا ، لأنك متعرفنيش ، ووافقت على جوازك منى من غير حتى ما تتكلم معايا ولا تحاول تعرفنى ، ثانيا ، كنت مكشر اوى وساكت المرة اللى فاتت ، وطبعا دى كانت المرة الوحيدة اللى شفتنى فيها ، كأنك كنت موجود غصب عنك ، ثالثا وده طبعا الأهم ، انت فى مقام خالى ، تبقى ابن عم أمى ، واللى انا اعرفه أن باباك ومامتك كانوا بيكرهوا أمى اوى ، وتحديدا مامتك، وافقت ازاى عليا ..
زادت حيرته مما تقول وارتبك ولم يعلم بما يرد عليها .
فهو بالفعل مجبر على زواجه ، فلم يستطع رد كلمة عمه ، فهو بالنسبة له كوالده بل أكثر ، فقد اهتم به أكثر ما اهتم به والده الفعل ، لكن كيف سبخبرها بهذا ؟ يبدوا أنها تعلم الكثير ، وأن لم يكن ، فهل ستتبين كذبه أن فعل وكذب عليها ؟ كيف سيخبرها أن من يريد تزويجها له ، هو والد حبيبته وطليقته فى آن واحد ، كيف ؟
يتبع
تعليقات
إرسال تعليق