القائمة الرئيسية

الصفحات

الفصل الخامس من رواية ماذنب الحب الجزء الثاني لرواية ضحايا الماضي حصريه وجديده وكامله على مدونة النجم المتوهج


الفصل الخامس من رواية ماذنب الحب الجزء الثاني لرواية ضحايا الماضي حصريه وجديده وكامله على مدونة النجم المتوهج 



الفصل الخامس من رواية ماذنب الحب الجزء الثاني لرواية ضحايا الماضي حصريه وجديده وكامله على مدونة النجم المتوهج 


ملخص احداث الجزء الأول

ليلى الجارحي ويوسف العمري كانوا متجوزين وبيحبوا بعض جدًا وعندهم خمس أولاد آدم أوس ريان أمير وحياة لكن يوسف اضطر يتجوز بنت صاحب أبوه عشان شرط أساسي لاستلام الورث البنت دي لعبت لعبة كبيرة بينهم وأوهمته إن ليلى بتخونه مع راجل غريب في أوضة نومهم وخلته يشوفهم بعينه يوسف صدق الكذبة وكره ليلى وعياله الخمسة ورفض يسمع لحياة اللي كانت شاهدة على كل حاجة وهي متكتفة شايفة اللي بيحصل لأمها


السنين عدت والعيال عاشوا مع أهل أمهم ولما كبروا بدؤوا يكشفوا الحقيقة ويثبتوا براءة أمهم ليلى


حياة كانت بتحب ابن عمها إلياس بس كانت خايفة منه لأنه شبه أبوها في طباعه في نفس الوقت كانت بتحس بالأمان مع بدر ابن عم والدتها رغم إنها اختارت إلياس في الأول إلا إنه اتهمها بالخيانة زي ما أبوها اتهم أمها لما شافها مع الدكتور النفسي عمر اللي كانت بتتعالج عنده بعد الاتهام ده بعدت عنه وسافرت مع بدر وعيلتها عشان تكمل تعليمها بره وقدر بدر يكسب قلبها ويخليها تحبه


آدم اتجوز بنت خاله زينة

أوس اتجوز مهرة بنت أخت الست اللي ربتهم

أمير اتجوز فرح بنت الست اللي ربتهم

ريان اتجوز ندى بنت عمه وأخت إلياس


سارة بنت زوجة أبوهم اللي دمرت حياتهم قدرت تزرع كاميرات في غرفة نوم أوس وصورته مع مراته وهددته إنها هتفضحه لو ما اتجوزهاش خوفًا على مراته وافق ودي كانت صدمة للكل إنه اتجوز بنت الست اللي قتلت أمه ومع الوقت العيلة اكتشفت حقيقة سارة وحصل لها حادث قلب حياتها بدأت تفكر بطريقة مختلفة وطلبت السماح من الجميع


سارة بعد الحادث قابلت الدكتور النفسي عمر اللي كانت حياة بتتعالج عنده وكان هو نفسه ضحية ليها زمان لما كانوا في الجامعة سارة كانت عملت رهان مع صحابها على عمر وخلته يحبها وبعدين سابته لما تقابلوا تاني عمر ساعدها بس رفض يسامحها رغم إنه كان لسه بيحبها عمر كان متجوز بنت خالته بس هي توفت يوم ولادة بنتهم في النهاية سامح سارة بعد ما شاف إنها فعلاً اتغيرت


أما أدهم الجارحي ابن خال الأخوة الخمسة وأخو زينة كان بيحب هنا قريبتهم من بعيد وكان ناوي يتقدم لها بس في نفس اليوم شافها نايمة في سرير صاحبه فبعد عنها ما كانش يعرف إن دي لعبة من سكرتيرته وخطيبته سمر اللي ارتبط بيها عشان ينسى هنا


الجد أجبر أدهم وهنا على الجواز لكن بعد كام يوم من الفرح أدهم اعتدى على هنا وهو سكران فكرهته بعد كده اتواجهوا بالحقيقة اللي كان مخبيها في قلبه في النهاية قدر يثبت براءتها لكنها رفضت تسامحه واتطلقوا بعد ما ولدت ابنهم سليم بعد خمس سنين من الانفصال قدرت هنا تسامحه ورجعوا لبعض


في النهاية مات يوسف العمري بمرض خبيث وكان الندم بينهش في قلبه على كل اللي عمله في أولاده ومراته اللي كانت الحب الوحيد في حياته يوسف حس بالذنب إنه رمى أولاده في الشارع في وقت كانوا محتاجينه فيه وإنه صدق الكذبة اللي دمرت حياته وحياة أولاده وفي نفس الوقت كان عايش مع سارة بنت الست اللي دمرت عيلته كلها


الياس ونسرين

نسرين شخصية طرف ثالث في علاقة بدر وحياة، وبيحصل بينهم علاقة وينتج عنها حمل


سمر ورجل الأعمال

بعد ما أدهم يكتشف حقيقتها، ختدخل السجن

بعد خروجها، تتجوز رجل أعمال مش كويس

هتكتشف بعد الجواز إنه مريض وبيعذبها

للرجل ده ليه بنت اسمها بسمة لكنها فاقدة النطق وعنده ولد اسمه نوح

لكن الراجل اتوفى في ظروف غامضة في الجزء الأول هنعرف تفاصيلها في الجزء التاني

➖➖➖➖➖➖

الأبناء في الجزء الثاني معظمهم شخصيات ثانوية ⬇️

عائلة حياة وبدر :

يوسف/مروان/عشق وعاصم "توأم"


عائلة آدم وزينة :

ياسين/صافي


عائلة أوس ومهرة :

مالك/حمزة/ليلى


عائلة ريان وندا :

ليلة/شريف


عائلة أمير وفرح :

ثائر/جوان وجوري "توأم"


عائلة أدهم وهنا :

سليم/قمر


ابناء إلياس ونسرين :

سيدرا/يونس "تؤام"


عائلة عمر وسارة :

جومانا من زواجه الأول

ريماس/كارما وليان "توأم"


معظم الابناء دورهم ثانوي ❤️ 

في شخصيات جديدة هتظهر قدام وهتتعرفوا عليها

مفيش لخبطة ان شاء الله هبسطها ليكم

المخلص هنشره ليكم اول كل بارت جديد

............

الفصل الخامس


بعد ضجيج الساعات الماضية، ساق يوسف ليلى في صمت ثقيل حتى وصلا إلى فيلّا ضخمة يلفها سكون مريب، توقفت السيارة، فنزلت ليلى أولًا بخطوات ثابتة، رأسها مرفوع كأنها تتحدى العالم كله، تجاهلته تمامًا وتقدمت نحو الباب، فتحته ودخلت بخطوة واثقة، بينما تبعها يوسف ببطء، على وجهه ابتسامة ساخرة تخفي وراءها مكرًا دفينًا

لقد بدأت لعبتها، لكنه أقسم أن النهاية ستكون له


جلست ليلى على كرسي فخم في بهو الفيلا، وضعت ساقًا فوق أخرى، تنظر إليه ببرود متعمد، اقترب منها يوسف ووقف أمامها، يرفع حاجبه استعدادًا للكلام، لكنها قطعته قائلة ببرود قاتل :

الأوضة بتاعتي فين؟


ابتسم يوسف باستهزاء دون أن يجيب، ثم نادى الخادمة كي ترافقها، لكن قبل أن تتحرك، التفت إليها بوجه يقطر غلًا وقال:

نسيت أقولك مبروك ع الأيام الزفت اللي هتعيشيها من النهارده معايا 


ردت عليه ليلى بلسان لاذع، قاصدة اهانته :

وهو فيه زفت أكتر من إني أشوفك قدامي؟


غلت الدماء في عروقه، كاد أن ينقض عليها، لولا أن خادمه استوقفه قائلًا إن صديقه ماجد اتصل يسأل عنه، زفر يوسف بضيق، فقد نسي أمر ماجد كليا، وهو يعلم أن رفيقه لا يحتمل الوحدة، وربما يجده بمصر الآن، لكنه أجل التفكير فيه، وغص غضبه في صدره حتى فاض


صعد خلفها إلى الغرفة دون أن يطرق الباب، كانت جالسة على السرير، تتصفح القنوات ببرود وكأن وجوده معدوم يوسف أغلق الباب بالمفتاح، ثم أخذ يقترب منها بخطوات بطيئة، خلع سترته، وبدأ يفك أزرار قميصه واحدًا تلو الآخر

رفعت ليلى عينيها نحوه، الارتباك واضح رغم محاولتها إخفاءه، فقامت بغضب وهي تصرخ عليه :

انت بتعمل إيه، أوعى تقرب مني، والله لو لمستني هقتلك


ابتسم باستهزاء وهو يرمي قميصه أرضًا، ثم دفعها بعنف إلى الحائط، تأوهت من شدة الألم، فهمس في أذنها باحتقار :

الله يرحم زمان، كنتي بتتمني مني نظرة، مش بس لمسة


رمقته بعينين متحديتين، وقالت بحدة :

قولتها بلسانك دلوقتي كنت وزمان، يعني حاجة وراحت لحالها خلاص


ثم تابعت باحتقار :

كفاية اوي انك مبقتش في عيني زي الأول


ضحك، لكن ضحكته كانت مجروحة، مليئة بالغضب، اقترب منها يمرر يده على خصرها، يقرب وجهه من وجهها، لكنها صرخت فيه بغيظ ونفور :

قولتلك ابعد عني


اقترب أكثر وهمس في أذنها بغِل مكتوم :

قديم اوي حركات ابعد عني وما تلمسنيش، ايه، فاكراني حقير زيك، أنا لا يمكن أنزل نفسي لمستواك، ولازم تفهمي إني حتى لو لمستك، الشرع والقانون معايا، إنتي مراتي، بس انا اللي بقرف 


دفعته بعنف، وقالت باحتقار:

وأنا كمان بقرف، مش من لمستك بس، من كل لحظة ضيعتها في حب واحد زيك، انت واحد ساذج وغبي، كلمة توديك، كلمة تجيبك، من يوم ما اروى دخلت حياتك، وانتي ماشي وراها زي الأعمى، ماتت وانت لسه برده دلدول ليها، انتي طلعت اغبى مما كنت اتصور، انت كنت في عيوني حاجة كبيرة اوي، كنت شايفاك حلم بعيد بتمناه، ولأول مرة احس ان احلامي تافهه كده، انا بندم على حبك، وبندم على اي قرابة بينا، انا مش لاقيه ليك مبرر، مش قادرة احط سبب لكل اللي بتعمله ده واصدقه


ثم تابعت بخيبة امل وهو يستمع لها بصمت :

انا وانت اتربينا زي بعض اهلنا هما هما، متربين نفس التربية، ازاي تصدق عني كده، ازاي تصدق ان ليلى اللي عمرها ما اذت نملة تقتل وبالوحشية دي، طب سيبك مني ازاي تصدق على امك وابوك كده، مش دول اللي ربوك، شوفت منهم حاجة طول عمرك تخليك تقتنع انهما وحشين زي ما صدقت عليهم، انت بتتكلم بقلب جامد كأنك شوفتنا بعيونك واحنا بنقتلها


تنهدت بعمق ثم قالت بحدة :

اهلنا تعبوا عشان يأسسوا العيلة دي، وانت بغباء وسذاجة منك دمرت كله ده، من غير ما تفكر، رميت ورا ضهرك وولعت الدنيا بينا، ومشيت، بس اللي غايب عنك ان احنا كتير يا يوسف، وانت لوحدك، يوم ما تعرف الحقيقة هتندم اوي، هتتمنى بس تقعد وسطينا دقيقة، هتخسر الكل حتى نفسك


ضاقت عيناه، وصوته خرج ممزوجًا بالغضب والمرارة :

هشوف ايه اكتر من اللي شوفته، انا سمعت وشوفت بنفسي، هتبرروا ايه، وهتقولوا ايه، انتوا حرمتوني منها، من غلك قتلتلها عشان رفضت اكون ليكي، عشان فضلتها عليكي، واختارتها وانتي لا، وابويا وامي اللي عاوزين يفرضوا سيطرتهم عليا ويجوزوني ليكي لمجرد انك بنت خالي، مش فارق معاهم اذا كنت بحبك ولا عاوزك ولا لأ، أهم حاجة رأيهم هو اللي يمشي، كل حاجة بتدينكم، ايه اللي انتوا شايفينه انا مش شايفه، ايه اللي انا تايه عنه، هتتبرري تقولي اي؟!!!


نظرت إليه بصلابة، وقالت ببرود :

انت من زمان خسرت حق التوضيح يا يوسف، خسرت حق انك تسمع يوم ما اتهمت، وحكمت، وجاي تنفذ الحكم، دور ع الحقيقة بنفسك، عشان تعرف قد ايه انت غبي، وساذج، كل اللي هقوله ليك، يا ألف خسارة ع اللي انت بقيت فيه


ثم فتحت باب الغرفة وأشارت له أن يخرج، خرج يوسف، عاصفة من الغضب تحرق صدره، وفي طريقه حطم الطاولة بضربة هوجاء، أغلقت ليلى الباب خلفه وهي تتوعد له، فيما الغليان يعصف به هو أيضًا

يوسف منذ موت أروى صار ثورًا هائجًا، لا يسمع ولا يبصر، يضرب في الجميع، أسير أوهامه وغضبه، لا يرى إلا ما يريد أن يصدقه، وكأنه يخشى ان يعلم الحقيقة......فيندم!!!

..........

في اللحظة التي غادر فيها يوسف وليلى، تقدمت مهرة بخطوات غاضبة نحو حياة وبدر، واشتعلت النار في عينيها كبركان هائج لا يعرف السكون، ارتجف المكان من صوتها وهي تصرخ، كأنها أمٌ ترى فلذة كبدها تنتزع من بين يديها


قالت بصوتٍ يملؤه الغيظ والوعيد :

ابنكم خد بنتي بالعافية، ابنكم لو لمس من بنتي شعره، مش هتكفيني حياتك إنتي وجوزك وولادك يا حياة، لو جرى لبنتي حاجة انا مش هرحم حد سامعين!!


صرخ أوس بغضبٍ عارم، محاولًا إسكاتها :

مهرة، اسكتي خالص، مش وقته


لكنها لم تهدأ، بل زاد صراخها وهي توجه كلماتها كسهامٍ مسمومة إلى حياة :

واسكت ليه؟! اسكت وأنا شايفة بنتي بتتاذي يوم بعد يوم بسبب اللي عمله ابنهم، سكت كتير، بس المرة دي مش هسكت، ياخد بنتي ويمشي وسطكم كده وانتو واقفين تتفرجوا


زفر آدم بحدة، وقد ضاق صدره من حديثها، فقال بنفاد صبر :

اوس، سكت مراتك، احنا مش ناقصين نواح دلوقتي، لازم نفكر في حل للمصيبة اللي وقعنا فيها دي


لكن مهرة لم تزل ثائرة، تصرخ بحرقة :

أنا عايزة بنتي، رجعولي بنتي، وإلا والله العظيم ما هرحم حد


اقترب مالك منها، يحاول تهدئتها بصوتٍ أكثر رفقًا :

خلاص يا ماما، عمي عنده حق لازم نهدى ونفكر كويس، الصريخ مش هيحل حاجة


تابع آدم بعصبية وهو يراقب أوس يتحرك في المكان كالأسد المحبوس في قفص ضيق، ومهرة لا تهدأ :

بنتك راحت معاه برجليها، ووافقت من غير ما تعترض، ولا حتى استنت تشوف إحنا هنعمل إيه


اشتعل غضب أوس أكثر، خطف مفاتيح سيارته وهم بالمغادرة باندفاع، لكن آدم أوقفه بصرامة :

استنى إنت رايح فين؟ هتعمل إيه؟ إهدى بقى، خلينا نفكر بعقل، بلاش غضبك يعميك، وبلاش لعب عيال، خلينا نقعد نحلها بالعقل


صرخ أوس بجنون، وهو يكاد يفقد عقله :

اي عقل ده، بنتي معاه، ويا عالم هيعمل فيها إيه دلوقتي


تدخل ريان بصوتٍ هادئ، يحاول أن يسكب ماءً باردًا على النار :

يوسف مش هيأذيها مهما حصل دي بنت خاله، وليلى كمان مش قليلة، هتعرف تتصرف معاه، وإلا ما كانتش راحت معاه برضاها، بنتك في دماغها حاجة يا اوس عشان كده راحت


لكن كلمات ريان كانت كالملح على جرح مفتوح، فصرخ أوس بجنونٍ أكبر :

هي مكنتش بنت خاله لما لعب بيها ورسم عليها الحب وخلاها توافق تتجوزه، وسابها يوم الفرح، مكنتش بنت خاله لما حاول يقتلها وكانت هتموت بين إيديه، مكنتش بنت خاله لما ظن فيها وصدق إنها ممكن تقت


قالها وهو يكاد ينهار، ثم دخل الفيلا بخطواتٍ غاضبة، واتجه مباشرة إلى المكتب، أغلق الباب خلفه بعنف، يحاول أن يحبس صرخاته ويهدئ العاصفة المشتعلة داخله


في الخارج، لم تهدأ مهرة، بل تقدّمت نحو حياة وبدر مرة أخرى، كأنها تنفث لهيبًا لا يبرد :

روحي يا حياة، روحي احكمي على ابنك زي ما بتحكمي علينا، رجعيلي بنتي لحضني، ولا إنتِ مش شاطرة غير في تمشية كلامك علينا، وتفرضي رأيك وتدخلي في حياتنا؟!


كان صوتها كالنواح الممزوج بالغضب، كلماتها كالسهام، تفضح جرحها المفتوح الذي لم ولن يندمل !!


اقتربت سارة من حياة بحزن، وضمتها إلى صدرها بحنان كأنها تسند قلبها المرهق، لم تكن تتخيل يومًا أن تكون حياة أقرب إنسانة إليها في هذه العائلة، لكنها أيقنت أن الأقدار تمزج الأرواح كما تشاء، وكما يقال "ما محبة إلا بعد عداوة"


رفعت سارة عينيها نحو مهرة، وقالت بنبرة عتابٍ رقيقة لكنها حازمة :

كفاية يا مهرة... الصوت العالي والغلط مش هيرجعلك بنتك، آدم قالها لازم نهدى ونفكر كويس، ليلى بنت العيلة دي زيها زي يوسف، ولو هنلحق، هنلحقهم هما الاتنين مش واحد بس، فاهدي، وفكري بعقل


لكن مهرة، وقد غلبها غضبها، صرخت باحتقارٍ ساخر :

شوفوا مين اللي بيتكلم، الست سارة جاية تدينا حكم ومواعظ الله يرحم زمان......


قبل أن تكمل وتنبش الماضي على الملأ، قاطعها آدم بصوتٍ غاضبٍ كالرعد، وصبره قد بلغ مداه :

مهرة، لآخر مرة بحذرك حاسبي على كلامك، أنا ساكت عشان انتي مراة أخويا لكن لو زودتيها......


واجهته مهرة بعينين متقدتين بالتحدي، وقالت بحدةٍ متهورة:

هتعمل إيه؟ بدل ما تهددني، رجعلي بنتي


زفر آدم بقوة، وقد أوشك أن ينفجر، ثم صرخ بنفاد صبر :

هو إنتي مدية لحد فرصة يفكر يتصرف إزاي؟! يوسف ماخطفش بنتك، بنتك اللي راحت برجليها وقالت جاية، فكرك يوسف كان هياخدها بالعافية؟! يوسف كان بيهوش بس لكن عمره ما يعملها، إنما بنتك زي ما ريان قال في دماغها حاجة، ومش هترتاح غير لما تنفذها


لم تحتمل مهرة سماع كلماته، فصرخت من جديد على حياة التي يغلب عليها الصمت، ومعها بدر، بانفعالٍ لم يعد يُحتمل:

هما السبب، هما اللي معرفوش يربوا ابنهم


كانت كلماتها كطعنةٍ غادرة، تُلقي باللوم على حياة وبدر، لتعود الجراح القديمة للنزيف من جديد


جلس بدر صامتًا، يعتصره إحساسٌ غريب بالعار  لأول مرة يتذوق مرارة هذا الإحساس وبشاعة ما حل به، كانت حياة تقف إلى جانبه، ودموعها كأنها خطابٌ مفتوح للخيبة، لم تكن تتخيل أن ابنها الذي ربته سيضعها في موضعٍ بهذا القسوة


ربت ابنها مروان على كتفها بلطفٍ مواسيًا اياها، وفعل مع والده نفس الشيء، وقد امتلأ صدره بغضب على يوسف، لكن بدر كظم غيظَه وخرج من الفيلا متثاقل الخطى، قائلاً لولديه عاصم ومروان بصرامة :

روحوا أمكم وأختكم ع البيت


انسحب الجميع واحدًا يلو الآخر، ولم يلاحظ أحدُ أن الياس لحق ببدر، وقلبه يفيض بشفقةٍ عليه وعلي حياة معًا


بقيت مهرة وحيدة، تحرك ساقيها بغل وخوف على ابنتها، اقتربت منها فرح زوجة أمير وابنة خالتها، ونطقت بنبرةٍ تحمل الأسف والصدق، وبصوت مليء بالأسف والعتاب :

هو انتي بجد مش واخدة بالك من اللي بيحصل، مش واخدة بالك قد إيه محدش بقى طايقك؟! مش واخدة بالك إنك عمالة تزودي في كره العيلة ليكي، نظراتك بتفضحك حتى لو حاولتي ملتبينيش، بس أنا واخده بالي، واخده بالي إنك اتغيرتي من بعد جوازك من أوس، وكل مرة الموضوع بيزيد معاكي، لحد ما الكل مبقوش قادرين يتحملوكي، كلامك مع حياة كله هجوم، كأنك عاوزة تنتقديها وخلاص، مش بتدافعي عن بنتك.!!


ثم تابعت بصدمة :

إيه اللي حصللك؟ ولا انتي كده من الأول؟ وأنا اللي مش واخده بالي؟ قلبك بقى مليان غل وسواد ليه؟ بقيتي قاسية اوي، سارة اتغيرت، والكل شايف إنها اتغيرت، واهي اتجوزت وخلفت، وبقى عندها بنات، وانتي لسه مش قادرة تسامحيها، محدش اجبرك تسامحي، بس اي لزومه تجرحيها بالكلام كل شويه، ليه مصرة تفكريها بماضي انتهى خلاص، ليه مصرة تقللي منها قدام الكل، وتفضحيها قدام بناتها، وهي ربنا سترها، اعتذرتلك ألف مرة، وانتي لسه قاسية، وقلبك أسود، مش قادرة تسامحي ولا تنسي، ولا تسبيها تعيش بسلام، إنتي عايزة إيه بالظبط يا مهرة، بتفكري في إيه، كارهة اللي حواليكي ليه، وبتكرهيهم فيكي


نظرت مهرة إليها بهدوء، كأنها تحاول تبرر ما بدا :

أنا كنت رد فعل، مش فعل يا فرح، انتي مش مكاني ولا زيي عشان تحسي بيا


ابتسمت فرح بمرارةٍ خافتة، وملامحها تفيض شفقة وهي تقول بأسى :

وما احبش اكون زيك، الكل كارهني وبيتفادى لساني اللي بينقط سم، انتي مش مستوعبة انك بجد بقيتي مكروهة، الاولاد نفسهم كرهوكي، يوم عن يوم بتنزلي من نظر الكل، بسبب المشاكل اللي بتخلقيها بدون سبب خصوصًا في وجود حياة وسارة، كأنهم قاتلين ليكي قتيل


ثم تركتها فرح ومشت، تاركة مهره واقفة في مكانها، دموعها تتساقط بلا توقف، قلبها متعب على بنتها، وعقلها مشغول باللوم على حياة، التي تراها سبب كل ما أصابها، كانت كل دقيقة تمر، وكل دمعة تسقط، تزيد دعواتها الغاضبة تجاه حياة، بينما تتشابك مشاعر القلق والحزن في أعماقها

.........

دخلت ريما من باب الفيلا بخطواتٍ متعبة، وما ان دخلت رأت وليد خطيبها يجلس مع والدها، وفور أن التقت عيناها بعينيه، بدا وكأنه كتلة من النار، ينتظر لحظة انفجار


ألقت السلام على والدها الجالس على كرسي متحرك، فبادرها بصوتٍ يحمل عتابًا حنونًا :

انتي فين يا ريما من بدري؟ وليد مستنيكي بقاله كتير


أجبرت ابتسامة باهتة على شفتيها، وردت بهدوء :

مفيش يا بابا، كان عندي شغل ولسه راجعة حالاً


رمقها وليد بابتسامة ساخرة، بينما تحرك الأب نحو الحديقة وهو يتمتم بهدوء :

أنا هسيبكم شوية سوا، وهروح أقعد في الجنينة


أومأت ريما برأسها، وحين غاب والدها عنهما، التقت عيناها بوليد، فاشتعلت بينهما نظرات أشبه بسهام مسمومة

بلا مقدمات، جذبها وليد بعنف من يدها، واقتادها خارج الفيلا رغم صرخاتها المتكررة عليه أن يوقف السيارة، لكنه تجاهلها، حتى أوصلها إلى شقة يعرفانها الاثنان جيدًا، ودفعها إلى الداخل ثم أغلق الباب خلفه بقوة


صرخت ريما في وجهه بحدة :

انت اتجننت، ايه اللي بتعمله ده؟


اقترب منها وهو يكاد يفقد السيطرة على نفسه من شدة الغضب الذي يشعر به :

الجنان هو اللي إنتي بتعمليه مش انا 


تراجع قليلًا ثم سألها بغِل :

انتي روحتي تجيبي يوسف من المطار؟


أجابته ببرود متعمد، وكأنها تصب الزيت على النار :

آه فيها حاجة؟


اقترب منها أكثر، وقبض على كتفيها بقوة، وقال بغضب :

ماكانش ده اتفاقنا يا ريما، ماكانش في اتفاقنا إنك تشوفيه تاني، وكفاية اوي اللي حصل من سنتين


أزاحت يديه ببرود وقالت :

قولتلك أنا استقبلته، خلصنا خلاص، وبلاش كل ما تزعل مني تفضل تلقح، وتفتح في القديم


ركل الطاولة بقوة حتى تحطمت إلى شظايا متناثرة، وخرج صوته كزئيرٍ غاضب :

ده التلقيح كله لسه جاي، اتقي شري انا كل ده لسه معملتش حاجة، اسمعي أنا هروح لأبوكي وأحدد معاه ميعاد الفرح، وعلى الله أسمع منك اعتراض، وإلا أقسم بالله مشوار واحد ليوسف، أو مكالمة واحدة، وأفضحك قدامه 


صرخت هي الأخرى، وقد غلب الغيظ صوتها :

افضحني، وافضح نفسك معايا، احنا شركا في كل حاجة، والفضيحة هتطولك زي ما هتطولني


اقترب منها بجنون، وقال بصوت يخنقه الغيظ :

أنا عملت كل حاجة عشانك، وفي الآخر عايزة تبيعيني؟! إنتي بتقربي من يوسف ليه، طب مكالماته وهو بره مصر عديتها، لما قولتلي بيتطمن ويقفل، لكن تروحي تستقبليه في المطار، لأ مش هسمح بده، يوسف الجارحي مش هيكون في حياتنا ابدًا، لا في حياتي ولا في حياتك، خليه يطلع بالذوق بدل ما اطلعه انا بالعافية......خافي مني يا ريما


رفعت رأسها متحدية، والدماء تغلي في عروقها :

لا خاف انت مني


ثم أكملت ببرود قاتل، تقصد أن تستفزه حتى الجنون :

وعلى فكرة، أنا ما استقبلتوش بس، ده أنا كمان رحت معاه الأوتيل وفطرنا سوا وقعدنا شوية، وناوية أتجوزه يا وليد، واخبط راسك في الحيط، لا تهمني ولا تهز فيا شعرة، انت ناسي أنا مين؟


ثم ابتسمت ببرود وأضافت :

وما تعملش نفسك البطل المضحي، انت قبضت تمن كل حاجة، فلوس عمرك ما كنت تحلم بيها، شقة في منطقة عمرك ما كنت تتخيلها، شغل مكنتش تحلم تشتغله، إنت خدت نصيبك وزيادة، متنساش فضلي عليك، انا اللي لميتك من الشوارع ونضفتك


اشتعلت عيونه بغيرته، وصوته خرج مبحوحًا :

بس لسه ما طولتكيش، الاتفاق إنك تتجوزيني، إنك تكوني ليا مش ليه


ردت عليه ببرود :

والله انا ماحلفتش


ثم تابعت بسخرية :

مش ذنبي إنك غبي وصدقتني، انا ماعملتش كل اللي عملته ده عشان اتجوزك انت في الآخر، واسيب يوسف، يوسف بو بعد عني، انا احرق الدنيا باللي فيها، ابعد عني واتقي شري اللي انت سبق وشوفته، اصلك مش هتبقى اعز من اللي راحوا، والله عاوز تفضل زي الكلب تاخد فتافيت الفلوس اللي برميها ليك وتحط جزمة في بوقك وتسكت، اهلاً وسهلاً، مش عاوز في ستين داهية، لكن جواز انا عمري ما اتجوز واحد زيك، في احلامك 


كل كلمة تنطقها سلاحٌ بارد، ريما هي شرٌ مُخطط، لا يرحم، ولا يتراجع، وكل من ظن أنه يعرفها، لم يلمس سوى القمة الحادة للشر والغل الذي يسكن روحها !!!!

...........

خرج بدر من الفيلا دون أي تعليق، والغضب ينهش صدره، لحظات، وفُتح باب سيارة من الجهة الأخرى وركب إلياس!!!


فردد بدر بغضب، ونبرة لا تقبل النقاش :

ايه اللي جابك؟


رد عليه إلياس بهدوء :

جاي معاك، أطلع


زفر بدر بحدة، قائلاً :

انزل، انا مش ناقص ومش عاوزه اتخانق، اللي فيا مكفيني


تنهد إلياس ببطء، وقال بصوت عقلاني اكتسبه من السنين :

محدش غيرك يقدر ينقذ ابنك يا بدر. روحله، عرفه الحقيقة، قول له إزاي أروى ماتت، قوله كل اللي حصل من الأول


رد عليه بدر بسخرية :

مش لما أبقى أعرف أنا إيه اللي حصل؟ من يوم وليلة لقينا الزفتة دي ماتت وابني بيتهمني أنا وأمه وبنت خاله، هقوله ماتت ازاي، وانا نفسي مش عارف


أكمل إلياس بهدوء مطمئن، رغم الحزن الذي يكتنف قلبه :

ع الأقل قوله اللي كانت بتعمله معاك، قول له إنها لما فشلت تقرب منك، دخلتلك من سكة ابنك عشان تكون قريبة منك، قوله انها كانت بتهددك، يا تتجوزها يا هتتجوز ابنك، وتستغفله، وتعيش معاه وهي قلبها مع ابوه


صمت بدر لبرهة، ثم قال بألم :

يوسف ماشي في سكة غلط، يوسف شغال في الممنوعات مع ناس ما تعرفش الرحمة


رد عليه إلياس بجدية رغم صدمته :

اطلع من حزنك ده يا بدر، واقف على رجليك من تاني، ابنك محتاجك، وحياة كمان، مينفعش تضعف، حزنك مش هيرجعلك ابنك زي ما كان، ولا هيرجع الماضي، الحق ابنك بنفسك قبل ما تقضي عمرك كله مقهور عليه، ابنك لو عرف الحقيقة هيرتاح، وهيبعد عن القرف ده كله، ريح قلب ابنك، وبعدين اتعاتبوا وصلحوا اللي بينكم، وبعدها اعملوا اللي تحبوه، يوسف مجروح، وجرحه لسه بينزف وعلاجه في انه يعرف الحقيقة


ارتاح بدر قليلًا، وربت على كتف إلياس بامتنان، وكأن كلمات إلياس أعادت له بعض القوة :

أهم حاجة دلوقتي، ليلى ترجع بيتها، وبعدين أي حاجة هتتحل


ابتسم إلياس له وقال :

عندك حق


بعد وقت طويل، كان بدر يعبر باب الفيلا التي يقيم فيها يوسف، قرر أن يذهب إليه بعد أن تركه إلياس، بمجرد أن عرف الحراس أنه والده، سمحوا له بالدخول!!


نزل يوسف الدرج ما ان علم بوجود والده، التقط نظراتهما في صمت طويل، كلاهما ينظر للآخر بألم، لكن بدر تمالك نفسه وردد بقوة :

بنت خالك فين؟!!!!


رد يوسف بنفس القوة ونبرة ساخرة :

قصـدك مراتي


أخذ بدر نفسًا عميقًا، وقال بهدوء يسبق العاصفة :

هات بنت خالك من سكات عشان أخدها ونمشي


ضحك يوسف بسخرية، ثم توقف، فهاج غضب بدر، وقبض بدر على ياقة قميص يوسف وصرخ بنظرات تكاد تحرقه :

من غير كلام كتير، هات بنت خالك، لحد هنا أشوفها بعيني، ولو مسها خدش واحد بس، متراهنش على حبي ليك، لأني هنسى كل ده وهمحيك من على وش الدنيا، انا بدر الجارحي يالا قبل ما أكون ابوك


ابتسم يوسف بسخرية مرة أخرى، وقال :

مراتي مش هتمشي من هنا


رد بدر بسخرية أعنف :

مراتك هتمشي، ورجلك فوق رقبتك، وابقى فكر تعارضني، يا يوسف وانا أربيك من أول وجديد، وجربني لو تقدر


من صوتهم العالي، نزلت ليلى من غرفتها، اقتربت من بدر تعانقه، فسألها بقلق :

انتي كويسة، عملك حاجة يا بنتي؟!!


ردت عليه صدق :

لا يا عمي، نا كويسة، كله تمام والله


تنفس بدر براحة، وسحب يدها لتمشى معه، لكن يوسف منعه قائلاً بحدة، وهو ينظر إلى ليلى :

مراتي مش هتمشي من هنا، احنا لسه بينا حوار طويل اوي


ردت عليه ليلى بقوة :

عندك حق طويل اوي، فضيحتي وسط الناس زمان مش هتعدي بالساهل يا بن عمتي


نظر بدر إلى ليلى بصدمة، وقال :

ليلى، ابوكي وأمك هيتجننوا عليكي، مينفعش تفضلي هنا


أجابته بهدوء :

عمي، أنا جيت هنا بإرادتي، سامحني بس مش همشي


نظر إليها بدر بحدة، وقال :

بلاش لعب عيال، عاوزة تفضلي هنا مع ده، نسيتي اللي عمله


ردت عليه ليلى وهي تبادل نظرات نارية مليئة بالغضب مع يوسف :

انا أصلاً هنا عشان مانسيتش، يا عمي


ثم تابعت بهدوء :

انا جاية مع حضرتك.....بس راجعة تاني


وقف يوسف أمامها، وضحك بسخرية، ونظر إليها بازدراء بينما خرجت ليلى مع بدر، نظر بدر إلى ابنه بقرف وخيبة أمل، لكن ما أن وصلت للفيلا الخاصة بعائلتها وصلتها رسالة قلبت كيانها، وزلزلت عالمها كله، سنوات من الشقاء والاجتهاد تحترق امام عينيها، وهي ترى الفيديو المُرسل لها !!!!!

.........

على الناحية الأخرى، بعد تلك المشاجرة الكبيرة، ذهبت قمر أدهم الجارحي إلى الجامعة لتحضر تلك المحاضرة الاستثنائية بذلك اليوم


بعد وقت، خرجت قمر من قاعة المحاضرات، اخذت

تلتفت بعينيها يمينًا ويسارًا، قلبها يسبق عينيها في البحث عن حبيبها "نوح" تشتاق إلى رؤيته دائمًا، فهو عشقها الأول والأخير


لكن اليوم كان مختلفًا لم تجده ينتظرها كما اعتادت، ارتسم الحزن على وجهها وهي تدرك سبب غيابه لقد رفضت طلبه الجريء بالزواج العرفي، وهذا ما جعله يغضب منها جزء منها يشعر بالذنب، والآخر في حيرة، كيف يطلب منها ذلك؟

كيف يقبل أن تكون زوجته بتلك الطريقة !!!


خطواتها قادتها إلى المكان الذي اعتادت الجلوس معه فيه، بعيدًا عن الأنظار، خاصة عن أعين والدها وأخيها، رغم كل شيء، ما زالت لا تعرف سر كرههم العميق لنوح، ولا سبب العداء المستمر بينهما


جلست هناك تائهة في أفكارها، ودموعها تنساب على وجنتيها بحزن كانت حائرة بين حبها لنوح وواجبها نحو عائلتها قلبها يتألم، فهي تدرك أن ما تفعله خطأ لقاءاتهما السرية كانت مليئة بالذنب والخوف لكنها في نفس الوقت كانت عاجزة عن مقاومة حبها الجارف له !!!


إنها تعشقه، وفي الوقت ذاته، تحب عائلتها حبًا كبيرًا هذا الصراع كان يحطمها ببطء أي قرار تتخذه سيؤذي أحدهم ولكن في النهاية هي من سيدفع الثمن، وهي من ستتحمل الحزن والخسارة


فجأة شعرت بيد تمسح دموعها، وصوت دافئ همس في أذنيها :

انتي اتخلقتي أميرة، والأميرة متبكيش على حد الأميرة هي اللي يتبكي عليها، دموعك متساويش كنوز الدنيا كلها يا قمر !!


رفعت رأسها ببطء، لتجد نوح واقفًا أمامها، كعادته، بعينيه الحنونتين التي عشقتها تنهدت، وقالت بصوت مليء بالحزن :

أنا تعبت يا نوح....تعبت من كل حاجة من بابا وسليم ومنك ومن الدنيا كلها، ليه بتخيروني بينكم لو اخترتك، هخسرهم....ولو اخترتهم هخسرك، ليه محدش عايزني أعيش مبسوطة


اقترب منها أكثر، حاوط وجهها بيديه ثم مسح دموعها بلطف قائلاً بهدوء وهو يحاول تبرير موقفه :

أنا خيرتك لما لقيت نفسي قدام حيطة سد خيرتك، ومش بإيدي حاجة تانية أعملها رغم اللي بيني وبين أهلك، انا اتنازلت عشانك، وقولت حبها كفاية، لكن هما ماقبلوش، أنا اتنازلت وهما اللي عاندوا لوميهم هما مش أنا يا قمر


نظرت إليه بدموع، وقالت بعذاب :

مش هقدر أقبل باللي بتقوله يا نوح....مش هقدر


تراجع للخلف بغضب يدور حول نفسه يصرخ غاضبًا :

قوليلي أعمل إيه....نفسي أحس إنك بقيتي ليا نفسي أحس إنك بتاعتي، محدش ليه فيكي زيي، انا تعبت مفيش حل ماجريتش عليه، مفيش حاجة معملتهاش عشان نكون سوا، ارحميني يا قمر شوية حسي بقلبي وحسسيني انك نفسك نكون سوا، انا حاسس ان انا بس اللي بعافر عشان علاقتنا، وحبنا


نظرت إليه وهي تشعر بثقل الكلمات على قلبها، كانت تعلم أن ما يقوله صحيح لكنه يطلب منها اختيارًا مستحيلًا كانت تعرف أن قرارها سيحطم قلبها أيًا كان اختيارها 


توقف نوح عن الدوران فجأة وكأن فكرة خطرت له، تقدم نحوها بعزم وقلبه يفيض بالإصرار أمسك بيديها، ناظراً في عينيها وكأنه يستنجد بما تبقى له من أمل، ثم قال بصوت مليء بالصدق والعاطفة :

طيب....لو ده اللي مقلقك، أنا هضمن ليكي كل حقوقك مش هتكوني مجرد زوجة عرفي وخلاص أنا هكتب كل اللي أملكه باسمك، كل اللي ورثته عن أبويا، كل حاجة تحت رجلك، كل اللي ملكي هيكون ملكك عايزك تبقي مطمئنة، مش هتخسري حاجة دول ولا حاجة قدام دمعة من عيونك !!


كانت كلماته تشق طريقها إلى قلبها المتعب شعرت بصدقه وعزمه على التضحية من أجلها وقفت صامتة، مترددة، تكاد تصدق ما تسمعه، لكن في أعماقها كانت تعرف أن المشكلة أعمق من المال او تلك الاشياء


نظرت إليه بحيرة وقالت ببطء :

انا مش خايفة منك بالعكس ثقتي فيك كبيرة، المشكلة مش في الفلوس أو الضمانات المشكلة اني كده بدوس على اهلي هما ميستاهلوش مني كده


شدد قبضته على يديها وكأنه يحاول أن يتمسك بما بقي بينهما قائلاً بإصرار :

انا مش فارق معايا غيرك لو الدنيا كلها ضدي مش مشكلة وانا معاكي دايماً كسبان، أنا ممكن أعيش من غير اي حد واكتفي بيكي لكن مش هقدر أعيش من غيرك يا قمر هما مش هيفهموا الحب اللي بينا، ولا هيفهموا اني مستعد أضحي بأي حاجة عشانك !!


تنهدت وهي تنظر في عينيه المليئة بالتوسل :

وأنا كمان بحبك يا نوح....بس مش قادرة أعيش كده بين نارين نار أهلي، ونار حبي ليك، انا تعبت من كل حاجة، وكل يوم بحس إن الموضوع بيصعب أكتر، لكن انا مش......


ساد الصمت بينهما، وكأن الزمن توقف للحظة كان يعلم أن حمله في هذه المعركة أصبح أثقل مما يمكن احتماله وقف نوح للحظات وكأنه كان ينتظر منها كلمة أخيرة تغير كل شيء، لكن الصمت خيم بينهما لم تكن تملك الجرأة على أن تختار، وعيونها التي كانت تفيض بالدموع لم تمنحه الرد الذي كان ينتظره


تراجع بضع خطوات إلى الخلف، نظراته مليئة بالحزن والخذلان ثم قال بصوت مكسور :

أنا عرفت ردك خلاص....انتي مش مقدرة حبي ليكي كل اللي بقدمه ليكي مش كفاية، أنا كنت مستعد أعمل أي حاجة عشانك حتى لو ضد رغبتي بس انتي مش شايفة ده....أو يمكن مش عاوزة تشوفيه


صمت للحظة، وكأن قلبه يحاول التقاط أنفاسه المتعبة، ثم أضاف وهو يشير إلى قلبه :

كنت فاكرك هتفهمي، كنت فاكرك هتحسي بكل حاجة قدمتها عشانك تضحي شوية زي ما بضحي بس واضح إن حبك ليا مش بالقوة اللي كنت فاكراها


نظرت إليه بعينين تائهتين، لم تجد الكلمات المناسبة لترد عليه أرادت أن تخبره أنها تحبه، لكنها لا تستطيع التضحية بعائلتها لكنه لم يمنحها فرصة أدار ظهره ثم ذهب مبتعدًا عنها، خطواته مثقلة بالحزن والخيبة


سمعته يقول بصوت خافت قبل أن يختفي عن ناظريها :

أنا خلاص تعبت


مع كل خطوة ابتعد فيها، شعرت وكأن قلبها ينكسر ببطء، وكأنها فقدت جزءًا من نفسها !!!!!!

......

عادت قمر إلى البيت وهي تحمل على كتفيها ثقل الحزن الذي أصبح رفيقها الدائم دخلت إلى القصر بخطوات بطيئة وعيناها المنطفئتان تحكيان قصة قلب مكسور كعادتها، وجدت والدتها "هنا" في انتظارها كما تفعل كل يوم


ما إن رأت وجه ابنتها الشاحب، حتى قفز القلق إلى قلبها سألتها بصوت يمزج بين اللهفة والقلق :

مالك يا قمر، مالك يا حبيبتي، فيه إيه، إيه اللي حصل....مالك !!


لم تستطع قمر تحمل المزيد ارتمت في حضن والدتها ثم بدأت تبكي بصمت كانت دموعها تنساب على صدر والدتها كأنها تحكي كل ما تعجز الكلمات عن وصفه كانت تشكو بصمتها ودموعها وجعها وقلة حيلتها 


شعرت هنا بألم ابنتها، وبثقل الحزن الذي يضغط على قلبها ربتت عليها بحنان، تمسح برفق على خصلات شعرها، وكأنها تحاول تهدئتها دون الحاجة إلى الكلام


بعد لحظات من الصمت الثقيل، خرجت قمر من حضن والدتها، لتسألها للمرة التي لا تعرف عددها فجأة وبصوت مخنوق بالدموع :

ليه بابا بيكره نوح أوي كده وليه هو وسليم بيبعدوه عني يا ماما....ليه العداوة دي ؟


وقعت كلمات قمر على قلب والدتها كالصاعقة لم تكن مستعدة لهذا السؤال بهذا الوقت سكتت للحظات، تبحث عن إجابة تليق بالموقف، لكنها عرفت أن الموضوع أعقد مما يمكنها شرحه لابنتها أدهم زوجها لم يرغب أبدًا في كشف هذا الجزء من ماضيه لأبنائه، خاصة قمر


أما سليم، فقد عرف بالصدفة جزءًا من الحكاية التي تتعلق بشيء حدث منذ أكثر من خمسة عشر عامًا، حدث قلب حياتهم رأسًا على عقب، لكن أدهم فضل دفن هذا السر وعدم ذكره مرة أخرى


بعد لحظة من التردد، قالت هنا بصوت هادئ يخفي خلفه توترها :

مشاكل في الشغل من زمان بين أهل نوح وباباكي، من ساعتها أدهم كره العيلة دي وهما كمان كل واحد فيهم شايف نفسه صح والتاني غلط والمشكلة كبرت طول السنين لحد ما بقت عداوة !!


نظرت إليها قمر بعينين مملوءتين بالحزن والألم، ثم سألتها بمرارة :

يعني يدمروا سعادتي عشان سوء فهم وعناد يا ماما


تنهدت هنا بعمق، وشعرت أنها ارتكبت خطأ في تبريرها كانت تعلم أن الأمر أعقد من ذلك، لكن كيف يمكنها أن تشرح لقمر أن ما حدث بين والدها وأهل نوح يتجاوز مجرد مشاكل في العمل

فقالت لها بحنان وهي تحاول إخفاء قلقها :

حبيبة ماما، بابا عمره ما هيلاقي حاجة فيها مصلحتك وسعادتك ويرفضها....انتي لسه صغيرة و العمر قدامك طويل هتحبي اللي يستاهلك واللي تستاهليه بكرة تفتكري الأيام دي وتضحكي ، بابا أدرى بمصلحتك


لكن قمر لم تقتنع، صمتت وهي تسترجع نفس الكلام الذي سمعته من والدتها مرات ومرات "بابا أدرى بمصلحتك" !!


نعم، لكن هل هو أدرى بما يشعر به قلبها، هل هو أدرى بالحب الذي ملأ حياتها وجعلها ترى في نوح الشخص الذي لا يمكنها العيش من دونه؟

تحب نوح بصدق، وتشعر بحبه لها، لكنها كانت عالقة بين نارين، بين حبها الذي يمزق قلبها وبين العائلة التي تخاف عليها


ساد الصمت بينهما، مليئًا بالمشاعر المكبوتة والأسئلة التي لا تملك أحدهما إجابة عنها، لكن مصرة على ان ذلك الزواج وبتلك الطريقة أكبر خطأ !!!!

........

بينما عاد إلياس إلى القصر، جلس مع أولاده يحاول أن يستعيد أنفاس يومٍ مثقلٍ بالهموم، لم يدم هدوء اللحظة طويلًا، إذ دخل من الباب فجأة، سددة في منتهى الجمال رغم ما تركته السنين على ملامحها، جمالها كان جريئًا، وصوت خطواتها يحمل ثقة وكبرياء


تجمد جسد إلياس مكانه، والذكريات القديمة صفعت قلبه قبل عينيه، فسأل يونس السيدة بتهذيب :

مين حضرتك؟


اقتربت بخطوات ثابتة من إلياس، نظراتها مليئة بالغموض، والتحدي، وهي تقول :

قولهم أنا مين يا.....يا إلياس باشا؟


اصفر وجه إلياس، ارتجفت يده وهو يحاول أن يستعيد رباطة جأشه، نظر إلى أولاده بخوفٍ غامض، وردد بحدة :

جاية ليه؟


أدارت عينيها نحو يونس وسيدرا، وقالت بتفحص :

شبهك اوي، ماخدوش حاجة مني خالص


ارتبك يونس، وارتجفت أنفاس سيدرا، قلبهما بدأ يلتقط خيوط المعنى قبل أن يُقال، حتى جاءت كلماتها كقنبلة فجرت السكون ة

انا، نسرين......امكم !!!

.........

البارت خلص 😍 

انا ابتديت اتشائم من يوم الأحد والخميس بتحصل حاجات غريبة نص البارت تقريبًا اتحذف مطبقة لحد دلوقتي عشان انزله ليكم والله بفكر اغير المواعيد 😂

مستنية رأيكم يا حلووووين ♥️ 

توقعاتكم ايه للقادم.....؟؟

البارت الجاي فلاش باك للي عملته نسرين زمان عشان كده إلياس طلقها دمااااار وهنعرف مين الظالم والمظلوم في العلاقة دي 🔥

تفاعل جامد يلا انهارة هصفي بنفسي 300 عضوة اللي هيتفاعل ع البارت ده مش هيتحذف اعملوا ريفيوهات كتير ولايكات وكومنتات حلوة زيكم 🥹

دمتم سالمين يا قمرااااتي 😚


أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التنقل السريع
    close